تفسير سورة سورة القصص من كتاب التفسير البسيط
المعروف بـالبسيط للواحدي
.
لمؤلفه
الواحدي
.
المتوفي سنة 468 هـ
ﰡ
ﮝ
ﰀ
تفسير سورة القصص (١)
١، ٢ - ﴿طسم (١) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ قد تقدم ما ذكر في هذا (٢)، و ﴿الْمُبِينِ﴾ يجوز أن يكون من: أبان إذا أظهر، ومن بان: إذا ظهر.
قال قتادة في هذه الآية: (مُبِينِ) والله بركته وهداه ورشده (٣).
وقال مقاتل: بين ما فيه (٤). وهذا من أبان المطاوع.
وقال أبو إسحاق: (مُبِين) الحق من الباطل، والحلال من الحرام، ومبين قصص الأنبياء (٥). وهذا من أبان الواقع.
٣ - ﴿نَتْلُو عَلَيْكَ﴾ قال ابن عباس: يريد: نوحي إليك ﴿مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ﴾ أي: من خبرهما وحديثهما ﴿بِالْحَقِّ﴾ الذي لا ريب فيه {لِقَوْمٍ
١، ٢ - ﴿طسم (١) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ قد تقدم ما ذكر في هذا (٢)، و ﴿الْمُبِينِ﴾ يجوز أن يكون من: أبان إذا أظهر، ومن بان: إذا ظهر.
قال قتادة في هذه الآية: (مُبِينِ) والله بركته وهداه ورشده (٣).
وقال مقاتل: بين ما فيه (٤). وهذا من أبان المطاوع.
وقال أبو إسحاق: (مُبِين) الحق من الباطل، والحلال من الحرام، ومبين قصص الأنبياء (٥). وهذا من أبان الواقع.
٣ - ﴿نَتْلُو عَلَيْكَ﴾ قال ابن عباس: يريد: نوحي إليك ﴿مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ﴾ أي: من خبرهما وحديثهما ﴿بِالْحَقِّ﴾ الذي لا ريب فيه {لِقَوْمٍ
(١) سورة القصص مكية، وعدد آياتها: ثمان وثمانون آية "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٣٩ ب. وقد أورد الواحدي في كتابه "الوسيط" ٣/ ٣٨٩، في صدر هذه السورة حديث أبي ابن كعب، في فضائل السور، وهو حديث موضوع، سبق الحديث عنه في أول سورة الفرقان. وقد تبع الواحديُّ في ذلك الثعلبي ٨/ ١٣٩ ب.
(٢) في أول سورة الشعراء.
(٣) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٢٦.
(٤) "تفسير مقاتل" ٦٣ أ.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣١.
(٢) في أول سورة الشعراء.
(٣) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٢٦.
(٤) "تفسير مقاتل" ٦٣ أ.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣١.
يُؤْمِنُونَ} يصدقون بالقرآن (١). يعني: أن (٢) صدق هذا الكتاب لمن آمن به وصدقه، فأما من لم يؤمن به (٣) فليس عنده بحق.
٤ - قوله تعالى: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا﴾ قال الليث: العلو: العظمة والتجبر، يقال: علا الملك علوًا إذا تجبر (٤)، ومنه قوله تعالى: ﴿لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ﴾ (٥) [القصص: ٨٣] قال المفسرون: استكبر وتجبر وبغى وتعظم وطغى. كل هذا من ألفاظهم (٦).
وقوله: ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ يعني: أرض مصر (٧) ﴿وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا﴾ يعني: أحزابًا وفرقًا (٨)، كقوله: ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا﴾ [الأنعام: ٦٥] وقد مر (٩).
٤ - قوله تعالى: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا﴾ قال الليث: العلو: العظمة والتجبر، يقال: علا الملك علوًا إذا تجبر (٤)، ومنه قوله تعالى: ﴿لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ﴾ (٥) [القصص: ٨٣] قال المفسرون: استكبر وتجبر وبغى وتعظم وطغى. كل هذا من ألفاظهم (٦).
وقوله: ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ يعني: أرض مصر (٧) ﴿وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا﴾ يعني: أحزابًا وفرقًا (٨)، كقوله: ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا﴾ [الأنعام: ٦٥] وقد مر (٩).
(١) "تفسير مقاتل" ٦٣ أ.
(٢) "حرف: أن، ساقط من نسخة (ج).
(٣) به، في نسخة (ج).
(٤) في نسخة (ب): إذا تكبر وتجبر.
(٥) كتاب "العين" ٢/ ٢٤٥ (علو)، بنحوه.
(٦) "تفسير مقاتل" ٦٣ أ، بلفظ: تعظم. وابن جرير بلفظ: تجبر. "تاريخ الطبري" ١/ ٣٨٨. وأخرجه في التفسير ٢٠/ ٢٧، عن السدي بلفظ: تجبر في الأرض. وعن قتادة بلفظ: بغى في الأرض. وذكره الثعلبي ٨/ ١٣٩ ب، عن ابن عباس، بلفظ: استكبر، وعن السدي، بلفظ: تجبر.
(٧) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٣٩ ب، ولم ينسبه.
(٨) "تفسير مقاتل" ٦٣ أ. و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٩٧. أي: فرق بني إسرائيل فجعلهم خَوَلًا للقبط. "وضح البرهان" ٢/ ١٤٥. وأخرج ابن جرير ٢٠/ ٢٧، نحوه عن قتادة خولاً: عبيدا. "تهذيب اللغة" ٧/ ٥٦٤ (خال).
(٩) قال الواحدي في تفسير هذه الآية: الشيع جمع: شيعة، وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة، والجمع شيع وأشياع، قال الله -عز وجل-: ﴿كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ﴾ [سبأ: ٥٤] وأصله من التشيع وهو التتبع، ومعنى الشيعة: الذين يتبع بعضهم بعضًا.
(٢) "حرف: أن، ساقط من نسخة (ج).
(٣) به، في نسخة (ج).
(٤) في نسخة (ب): إذا تكبر وتجبر.
(٥) كتاب "العين" ٢/ ٢٤٥ (علو)، بنحوه.
(٦) "تفسير مقاتل" ٦٣ أ، بلفظ: تعظم. وابن جرير بلفظ: تجبر. "تاريخ الطبري" ١/ ٣٨٨. وأخرجه في التفسير ٢٠/ ٢٧، عن السدي بلفظ: تجبر في الأرض. وعن قتادة بلفظ: بغى في الأرض. وذكره الثعلبي ٨/ ١٣٩ ب، عن ابن عباس، بلفظ: استكبر، وعن السدي، بلفظ: تجبر.
(٧) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٣٩ ب، ولم ينسبه.
(٨) "تفسير مقاتل" ٦٣ أ. و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٩٧. أي: فرق بني إسرائيل فجعلهم خَوَلًا للقبط. "وضح البرهان" ٢/ ١٤٥. وأخرج ابن جرير ٢٠/ ٢٧، نحوه عن قتادة خولاً: عبيدا. "تهذيب اللغة" ٧/ ٥٦٤ (خال).
(٩) قال الواحدي في تفسير هذه الآية: الشيع جمع: شيعة، وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة، والجمع شيع وأشياع، قال الله -عز وجل-: ﴿كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ﴾ [سبأ: ٥٤] وأصله من التشيع وهو التتبع، ومعنى الشيعة: الذين يتبع بعضهم بعضًا.
330
والمعني: جعلهم فرقًا وأصنافًا في الخدمة (١)، والتسخير (٢) ﴿يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ﴾ قال ابن عباس: وهم أسباط النبوة، يعني: بني إسرائيل (٣).
ثم فسر ذلك الاستضعاف فقال: ﴿يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ﴾ قال المفسرون: يقتل أبناءهم، ويترك بناتهم فلا يقتلهن (٤)؛ وذلك لأن بعض الكهنة قال له: إن مولودًا يولد في بني إسرائيل يكون سبب ذهاب ملكك (٥).
قال أبو إسحاق: والعجب من حمق فرعون؛ إن كان هذا الكاهن عنده صادقًا فلا ينفع القتل، وإن كان كاذبًا فما معنى القتل (٦).
وقوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ أي بالعمل في الأرض بالمعاصي. قاله ابن عباس ومقاتل (٧). وقال الكلبي: من المفسدين بالقتل (٨).
ثم فسر ذلك الاستضعاف فقال: ﴿يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ﴾ قال المفسرون: يقتل أبناءهم، ويترك بناتهم فلا يقتلهن (٤)؛ وذلك لأن بعض الكهنة قال له: إن مولودًا يولد في بني إسرائيل يكون سبب ذهاب ملكك (٥).
قال أبو إسحاق: والعجب من حمق فرعون؛ إن كان هذا الكاهن عنده صادقًا فلا ينفع القتل، وإن كان كاذبًا فما معنى القتل (٦).
وقوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ أي بالعمل في الأرض بالمعاصي. قاله ابن عباس ومقاتل (٧). وقال الكلبي: من المفسدين بالقتل (٨).
(١) "غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٢٨.
(٢) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٣٩ ب، ولم ينسبه. وأخرج ابن جرير ٢٠/ ٢٧، عن قتادة في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا﴾ أي: فرقًا، يذبح طائفة منهم، ويستحيي طائفة منهم، ويعذب طائفة، ويستعبد طائفة.
(٣) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٣٩ ب، و"غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٢٨، ولم ينسبه. وأخرجه ابن جرير ٢٠/ ٢٧، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٣٩، عن السدي في خبر طويل.
(٤) "تفسير مقاتل" ٦٣ أ. وأخرجه ابن جرير ٢٠/ ٢٧، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٣٨، عن السدي.
(٥) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٧ عن قتادة. و"تفسير مقاتل" ٦٣ أ. و"تاريخ الطبري" ١/ ٣٨٧، عن ابن إسحاق.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٢.
(٧) "تفسير مقاتل" ٦٣ أ. و"تفسير الطبري" ٢٠/ ٢٨، ولم ينسبه.
(٨) "تنوير المقباس" ٣٢٣. وما ذكره الواحدي هنا أمثلة لإفساد فرعون؛ قال ابن جرير ٢٠/ ٢٨: إنه كان ممن يفسد في الأرض بقتله من لا يستحق القتل، واستعباده من ليس له استعباده، وتجبره في الأرض على أهلها، وتكبره على عبادة ربه.
(٢) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٣٩ ب، ولم ينسبه. وأخرج ابن جرير ٢٠/ ٢٧، عن قتادة في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا﴾ أي: فرقًا، يذبح طائفة منهم، ويستحيي طائفة منهم، ويعذب طائفة، ويستعبد طائفة.
(٣) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٣٩ ب، و"غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٢٨، ولم ينسبه. وأخرجه ابن جرير ٢٠/ ٢٧، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٣٩، عن السدي في خبر طويل.
(٤) "تفسير مقاتل" ٦٣ أ. وأخرجه ابن جرير ٢٠/ ٢٧، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٣٨، عن السدي.
(٥) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٧ عن قتادة. و"تفسير مقاتل" ٦٣ أ. و"تاريخ الطبري" ١/ ٣٨٧، عن ابن إسحاق.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٢.
(٧) "تفسير مقاتل" ٦٣ أ. و"تفسير الطبري" ٢٠/ ٢٨، ولم ينسبه.
(٨) "تنوير المقباس" ٣٢٣. وما ذكره الواحدي هنا أمثلة لإفساد فرعون؛ قال ابن جرير ٢٠/ ٢٨: إنه كان ممن يفسد في الأرض بقتله من لا يستحق القتل، واستعباده من ليس له استعباده، وتجبره في الأرض على أهلها، وتكبره على عبادة ربه.
331
٥ - قوله تعالى: ﴿وَنُرِيدُ﴾ لفظ استقبال أريد به حكاية حال قد مضت. وقد ذكرنا هذا عند قوله: ﴿فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ﴾ (١) [يوسف: ١١٠] وهو أيضًا حكاية حال.
قوله: ﴿أَنْ نَمُنَّ﴾ قال مقاتل: نُنعم ﴿عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا﴾ مصر، وهم بنو إسرائيل (٢). ﴿وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً﴾ قال ابن عباس: يريد في الهدى، ونحوه (٣).
قال مقاتل: يُقتدَى بِهم في الخير (٤).
وقال قتادة: ولاة ملوكًا (٥). وهو اختيار أبي إسحاق؛ قال: نجعلهم ولاة يؤتم بِهم (٦).
وقال مجاهد: دعاة إلى الخير (٧). ﴿وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ لملك فرعون، يرثون ملكه، ويسكنون مساكنهم، ويرثون ما يترك فرعون ويخلف بعده (٨).
قوله: ﴿أَنْ نَمُنَّ﴾ قال مقاتل: نُنعم ﴿عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا﴾ مصر، وهم بنو إسرائيل (٢). ﴿وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً﴾ قال ابن عباس: يريد في الهدى، ونحوه (٣).
قال مقاتل: يُقتدَى بِهم في الخير (٤).
وقال قتادة: ولاة ملوكًا (٥). وهو اختيار أبي إسحاق؛ قال: نجعلهم ولاة يؤتم بِهم (٦).
وقال مجاهد: دعاة إلى الخير (٧). ﴿وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ لملك فرعون، يرثون ملكه، ويسكنون مساكنهم، ويرثون ما يترك فرعون ويخلف بعده (٨).
(١) قال الواحدي في تفسير هذه الآية: قال أبو علي: هو حكاية حال ألا ترى أن القصة فيما مضى، وإنما حكى فعل الحال على ما كانت كما أن قوله: ﴿هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ﴾ [القصص: ١٥] أشار إلى الحاضر والقصة ماضية لأنه حكى الحال.
(٢) "تفسير مقاتل" ٦٣ أ. وأخرجه ابن جرير ٢٠/ ٢٨، عن قتادة. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٣٩ ب.
(٣) ذكره الثعلبي ٨/ ١٣٩ ب، عن ابن عباس، بلفظ: قادة في الخير يقتدى بهم.
(٤) "تفسير مقاتل" ٦٣ أ.
(٥) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٢٨، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤١. وذكره الثعلبي ٨/ ١٣٩ ب.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٢.
(٧) ذكره الثعلبي ٨/ ١٣٩ ب، عن مجاهد.
(٨) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٣٩ ب، بنحوه. وأخرج ابن جرير ٢٠/ ٢٨، عن قتادة: يرثون الأرض بعد فرعون وقومه.
(٢) "تفسير مقاتل" ٦٣ أ. وأخرجه ابن جرير ٢٠/ ٢٨، عن قتادة. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٣٩ ب.
(٣) ذكره الثعلبي ٨/ ١٣٩ ب، عن ابن عباس، بلفظ: قادة في الخير يقتدى بهم.
(٤) "تفسير مقاتل" ٦٣ أ.
(٥) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٢٨، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤١. وذكره الثعلبي ٨/ ١٣٩ ب.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٢.
(٧) ذكره الثعلبي ٨/ ١٣٩ ب، عن مجاهد.
(٨) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٣٩ ب، بنحوه. وأخرج ابن جرير ٢٠/ ٢٨، عن قتادة: يرثون الأرض بعد فرعون وقومه.
٦ - وقوله: ﴿وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ قال ابن عباس: نملكهم ما كان يملك فرعون. يقال: مكنته ومكنت له، قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ [الأعراف: ١٠] (١)، وقال: ﴿مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ﴾ [الأنعام: ٦] وقد مر (٢).
﴿وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ﴾ الآية، أي مولود بني إسرائيل الذي يذهب ملكهم على يده، ويهلك القبط بسببه. وقرأ حمزة والكسائي: ﴿وَيرَى﴾ بالياء ﴿فِرْعَوْنَ﴾ وما بعده رفعًا، على معنى: أنَّهم يرونه إذا أُروه؛ والاختيار قراءة العامة؛ ليكون الكلام من وجه واحد (٣).
٧ - قوله: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ﴾ قال قتادة: أي قذفنا في قلبها، وليس بوحي إرسال (٤).
﴿وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ﴾ الآية، أي مولود بني إسرائيل الذي يذهب ملكهم على يده، ويهلك القبط بسببه. وقرأ حمزة والكسائي: ﴿وَيرَى﴾ بالياء ﴿فِرْعَوْنَ﴾ وما بعده رفعًا، على معنى: أنَّهم يرونه إذا أُروه؛ والاختيار قراءة العامة؛ ليكون الكلام من وجه واحد (٣).
٧ - قوله: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ﴾ قال قتادة: أي قذفنا في قلبها، وليس بوحي إرسال (٤).
(١) لم يتكلم الواحدي في تفسير هذه الآية عن دخول اللام في مكن، بل اقتصر على قوله: قال الزجاج: معنى التمكين في الأرض: التمليك والقدرة وهو قول ابن عباس قال: يريد: ملكناكم في الأرض؛ يريد: ما بين مكة إلى اليمن، وما بين مكة إلى الشام.
(٢) قال الواحدي في تفسير هذه الآية: قوله تعالى ﴿مَكَّنَّاكُمْ﴾ ثم قال: ﴿مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ﴾ ولم يقل: نمكنكم، وهما لغتان؛ تقول العرب: مكنته، ومكنت له، كما تقول: نصحته، ونصحت له. قال صاحب النظم: العرب تتسع في الأفعال التي تتعدى بحروف الصفات، فربما عدوها بغيرها كقوله تعالى: ﴿فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ﴾ [التكوير: ٢٦] المعنى: فإلى أين تذهبون.. أ. هـ.
حروف الصفات هي: حروف المعاني.
(٣) "السبعة في القراءات" ٤٩٢. و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤١١، ولم يذكر هذا الاختيار. وإعراب القراءات السبع ٢/ ١٦٨، و"النشر" ٢/ ٣٤١.
(٤) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٧، وابن جرير ٢٠/ ٢٩، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤١، =
(٢) قال الواحدي في تفسير هذه الآية: قوله تعالى ﴿مَكَّنَّاكُمْ﴾ ثم قال: ﴿مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ﴾ ولم يقل: نمكنكم، وهما لغتان؛ تقول العرب: مكنته، ومكنت له، كما تقول: نصحته، ونصحت له. قال صاحب النظم: العرب تتسع في الأفعال التي تتعدى بحروف الصفات، فربما عدوها بغيرها كقوله تعالى: ﴿فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ﴾ [التكوير: ٢٦] المعنى: فإلى أين تذهبون.. أ. هـ.
حروف الصفات هي: حروف المعاني.
(٣) "السبعة في القراءات" ٤٩٢. و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤١١، ولم يذكر هذا الاختيار. وإعراب القراءات السبع ٢/ ١٦٨، و"النشر" ٢/ ٣٤١.
(٤) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٧، وابن جرير ٢٠/ ٢٩، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤١، =
333
وقال مقاتل: أتاها جبريل بذلك (١).
قال أبو إسحاق: قيل: إن الوحي هاهنا إلهام؛ والآية تدل على أنه وحي إعلام؛ وهو قوله: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ وجائز أو يُلقي الله في قلبها أنه مردود إليها، وأنه يكون مرسلًا، ولكن أن يكون الوحي هاهنا إعلامًا أبين (٢).
قال الكلبي ومقاتل (٣): لما ولدته أرضعته ثلاثة أشهر، فلما خافت أن يسمع الجيران بكاء الصبي اتخذت لها تابوتًا من بَردي وقَيَّرته (٤)، ووضعت فيه موسى ثم ألقته في نيل مصر، وذلك قوله: ﴿أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ﴾ (٥) ونحو هذا قال ابن جريج؛ إنَّها ألقته في اليم بعد أن أرضعته أشهرًا (٦).
قال أبو إسحاق: قيل: إن الوحي هاهنا إلهام؛ والآية تدل على أنه وحي إعلام؛ وهو قوله: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ وجائز أو يُلقي الله في قلبها أنه مردود إليها، وأنه يكون مرسلًا، ولكن أن يكون الوحي هاهنا إعلامًا أبين (٢).
قال الكلبي ومقاتل (٣): لما ولدته أرضعته ثلاثة أشهر، فلما خافت أن يسمع الجيران بكاء الصبي اتخذت لها تابوتًا من بَردي وقَيَّرته (٤)، ووضعت فيه موسى ثم ألقته في نيل مصر، وذلك قوله: ﴿أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ﴾ (٥) ونحو هذا قال ابن جريج؛ إنَّها ألقته في اليم بعد أن أرضعته أشهرًا (٦).
= واقتصر عليه ابن قتيبة، في "غريب القرآن" ٣٢٨، وقال: ومثله ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ﴾ [المائدة: ١١١].
(١) "تفسير مقاتل" ٦٣ ب.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٢. وقيل: إنه كان رؤيا منام. "وضح البرهان" ٢/ ١٤٥.
(٣) ومقاتل. في نسخة (ج).
(٤) البردي، بفتح الباء: نبات معروف، واحدته: بردية، ترتفع ساقه إلى نحو متر، أو أكثر، ينمو بكثرة في منطقة المستنقعات بأعالى النيل. "لسان العرب" ٣/ ٨٧، و"المعجم الوسيط" ١/ ٤٨، مادة: برد. قيرته: مأخوذ من القار، أو القِير: كل شيء يطلى به، وهو مادة سوداء تطلى بها السفن لمنع الماء أن يدخل. "تهذيب اللغة" ٩/ ٢٧٧. مادة: قرى.
(٥) "تفسير مقاتل" ٦٣ ب. و"تاريخ الطبري" ١/ ٣٨٩. واليم: النيل، في قول السدي أيضًا؛ أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣٠.
(٦) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣٠. وفيه تحديد الأشهر بأربعة.
(١) "تفسير مقاتل" ٦٣ ب.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٢. وقيل: إنه كان رؤيا منام. "وضح البرهان" ٢/ ١٤٥.
(٣) ومقاتل. في نسخة (ج).
(٤) البردي، بفتح الباء: نبات معروف، واحدته: بردية، ترتفع ساقه إلى نحو متر، أو أكثر، ينمو بكثرة في منطقة المستنقعات بأعالى النيل. "لسان العرب" ٣/ ٨٧، و"المعجم الوسيط" ١/ ٤٨، مادة: برد. قيرته: مأخوذ من القار، أو القِير: كل شيء يطلى به، وهو مادة سوداء تطلى بها السفن لمنع الماء أن يدخل. "تهذيب اللغة" ٩/ ٢٧٧. مادة: قرى.
(٥) "تفسير مقاتل" ٦٣ ب. و"تاريخ الطبري" ١/ ٣٨٩. واليم: النيل، في قول السدي أيضًا؛ أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣٠.
(٦) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣٠. وفيه تحديد الأشهر بأربعة.
334
وقال السدي: أُمرت أن ترضعه بعد ولادها، وتلقيه في اليم (١). والقول الأول أليق بمنظم الآية؛ للفصل بين الإلقاء والإرضاع بالخوف (٢)، وخوفها ما ذكروا أنها خافت أن يسمع الجيران بكاء الصبي (٣).
قوله: ﴿وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي﴾ قال مقاتل: قالت المرأة: رب إني قد علمت أنك قادر على ما تشاء (٤)، ولكن كيف لي أن ينجو صبي صغير من عمق البحر، وبطون الحيتان؟ فأوحى الله إليها: ﴿وَلَا تَخَافِي﴾ عليه الضيعة فإني أوكل به ملكًا يحفظه في اليم (٥) ﴿وَلَا تَحْزَنِي﴾ لفراقه ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ﴾ لتمام رضاعه لتكوني أنت ترضعيه ﴿وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ إلى أهل مصر (٦).
قوله: ﴿وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي﴾ قال مقاتل: قالت المرأة: رب إني قد علمت أنك قادر على ما تشاء (٤)، ولكن كيف لي أن ينجو صبي صغير من عمق البحر، وبطون الحيتان؟ فأوحى الله إليها: ﴿وَلَا تَخَافِي﴾ عليه الضيعة فإني أوكل به ملكًا يحفظه في اليم (٥) ﴿وَلَا تَحْزَنِي﴾ لفراقه ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ﴾ لتمام رضاعه لتكوني أنت ترضعيه ﴿وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ إلى أهل مصر (٦).
(١) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣٠.
(٢) قال ابن جرير ٢٠/ ٣٠: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أمر أم موسى أن ترضعه فإذا خافت عليه من عدو الله فرعون وجنده أن تلقيه في اليم، وجائز أن تكون خافتهم عليه بعد أشهر من ولادها إياه، وأي ذلك كان فقد فعلت ما أوحى الله إليها فيه، ولا خبر قامت به حجة، ولا فطرة في العقل لبيان أي ذلك كان.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٢، عن ابن عباس.
(٤) قدرة الله تعالى إذا ذكرت على أنها صفة فلا تقيد بالمشيئة حتى لا يوهم التقييد اختصاصها بما يشاؤه الله تعالى فقط، قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: ٢٠] وإذا ذكرت المشيئة لتقرير أمر واقع فلا مانع من تقييدها بالمشيئة؛ لأن الواقع لا يقع إلا بالمشيئة. المجموع الثمين من فتاوى ابن عثيمين ١/ ١١٨، باختصار.
(٥) "تفسير مقاتل" ٦٣ ب.
(٦) "تفسير مقاتل" ٦٣ ب. في هذه الآية خبران، وأمران، ونهيان، وبشارتان. "وضح البرهان" ٢/ ١٤٦.
(٢) قال ابن جرير ٢٠/ ٣٠: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أمر أم موسى أن ترضعه فإذا خافت عليه من عدو الله فرعون وجنده أن تلقيه في اليم، وجائز أن تكون خافتهم عليه بعد أشهر من ولادها إياه، وأي ذلك كان فقد فعلت ما أوحى الله إليها فيه، ولا خبر قامت به حجة، ولا فطرة في العقل لبيان أي ذلك كان.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٢، عن ابن عباس.
(٤) قدرة الله تعالى إذا ذكرت على أنها صفة فلا تقيد بالمشيئة حتى لا يوهم التقييد اختصاصها بما يشاؤه الله تعالى فقط، قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: ٢٠] وإذا ذكرت المشيئة لتقرير أمر واقع فلا مانع من تقييدها بالمشيئة؛ لأن الواقع لا يقع إلا بالمشيئة. المجموع الثمين من فتاوى ابن عثيمين ١/ ١١٨، باختصار.
(٥) "تفسير مقاتل" ٦٣ ب.
(٦) "تفسير مقاتل" ٦٣ ب. في هذه الآية خبران، وأمران، ونهيان، وبشارتان. "وضح البرهان" ٢/ ١٤٦.
335
٨ - قوله تعالى: ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ﴾ أي: من البحر، والالتقاط إصابة الشيء من غير طلب (١). والمراد بآل فرعون هاهنا: جواري امرأته اللاتي أخذن تابوت موسى من البحر على ما ذكره المفسرون (٢).
﴿لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾ وقرئ: (وَحُزْنًا) (٣) وهما لغتان، [مثل السَقَم والسُقْم، والعَرَب والعُرْب، وبابه (٤).
قال أبو إسحاق:] (٥) ﴿لِيَكُونَ لَهُمْ﴾ أي: ليصير الأمر إلى ذلك، لا أنهم طلبوه وأخذوه لهذا، كما تقول للذي كسب مالاً فأداه ذلك إلى الهلاك: إنما كسب فلان لحتفه، وهو لم يطلب المال طلبًا للحتف. ومثله:
فللموت ما تلد الوالدة (٦)
﴿لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾ وقرئ: (وَحُزْنًا) (٣) وهما لغتان، [مثل السَقَم والسُقْم، والعَرَب والعُرْب، وبابه (٤).
قال أبو إسحاق:] (٥) ﴿لِيَكُونَ لَهُمْ﴾ أي: ليصير الأمر إلى ذلك، لا أنهم طلبوه وأخذوه لهذا، كما تقول للذي كسب مالاً فأداه ذلك إلى الهلاك: إنما كسب فلان لحتفه، وهو لم يطلب المال طلبًا للحتف. ومثله:
فللموت ما تلد الوالدة (٦)
(١) "تهذيب اللغة" ١٦/ ٢٤٩، مادة: لقط. ويطلق الالتقاط على الأخذ فجأة. "وضح البرهان" ٢/ ١٤٦.
(٢) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣١، عن السدي. وذكر قولين آخرين: ابنة فرعون، أعوان فرعون. قال ابن جرير: ولا قول في ذلك عندنا أولى بالصواب مما قال الله -عز وجل- ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ﴾. وأخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٣، عن أبي عبد الرحمن الحبلي. وذكره في خبر مطول الثعلبي ٨/ ١٤٠ أ.
(٣) قرأ حمزة والكسائي: (وَحُزْنًا) بضم الحاء، وتسكين الزاي، وقرأ الباقون بفتح الحاء، والزاي. "السبعة في القراءات" ٤٩٢، و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤١٢، و"النشر في القراءات العشر" ٢/ ٣٤١.
(٤) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤١٢.
قال الفراء: وكأن الحُزْن الاسم، وكأن الحزَن مصدر، وهما بمنزلة: العُدْم، والعَدَم. "معاني القرآن" ٢/ ٣٠٢.
(٥) ما بين المعقوفين زيادة من نسخة (ج).
(٦) عجز بيت لشتيم بن خويلد، يرثي أولاده الثلاثة، وصدره:
فإن يكن الموت أمتاهم
(٢) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣١، عن السدي. وذكر قولين آخرين: ابنة فرعون، أعوان فرعون. قال ابن جرير: ولا قول في ذلك عندنا أولى بالصواب مما قال الله -عز وجل- ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ﴾. وأخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٣، عن أبي عبد الرحمن الحبلي. وذكره في خبر مطول الثعلبي ٨/ ١٤٠ أ.
(٣) قرأ حمزة والكسائي: (وَحُزْنًا) بضم الحاء، وتسكين الزاي، وقرأ الباقون بفتح الحاء، والزاي. "السبعة في القراءات" ٤٩٢، و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤١٢، و"النشر في القراءات العشر" ٢/ ٣٤١.
(٤) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤١٢.
قال الفراء: وكأن الحُزْن الاسم، وكأن الحزَن مصدر، وهما بمنزلة: العُدْم، والعَدَم. "معاني القرآن" ٢/ ٣٠٢.
(٥) ما بين المعقوفين زيادة من نسخة (ج).
(٦) عجز بيت لشتيم بن خويلد، يرثي أولاده الثلاثة، وصدره:
فإن يكن الموت أمتاهم
وهي لم تلد طلبًا أن يموت ولدها، ولكن المصير إلى ذلك (١). قال مقاتل: ليكون لهم عدوًا في الهلاك، وغيظًا في قلوبهم (٢). ثم أخبر عنهم فقال: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ﴾ إلى قوله: ﴿خَاطِئِينَ﴾ أي: عاصين آثمين (٣).
٩ - وقوله: ﴿وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ﴾ قال ابن عباس: أتت جواري امرأة فرعون يستقين فوجدن التابوت، فذهبن بالتابوت إليها، فلما فتحت امرأة فرعون التابوت فإذا موسى فيه، فألقى الله له المحبة من جميعهم، فحملته حتى أدخلته على فرعون، فهو قوله: ﴿وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ﴾ (٤).
قال الفراء والمبرد والزجاج: رفعت ﴿قُرَّتُ عَيْنٍ﴾ بإضمار: هو، أو:
٩ - وقوله: ﴿وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ﴾ قال ابن عباس: أتت جواري امرأة فرعون يستقين فوجدن التابوت، فذهبن بالتابوت إليها، فلما فتحت امرأة فرعون التابوت فإذا موسى فيه، فألقى الله له المحبة من جميعهم، فحملته حتى أدخلته على فرعون، فهو قوله: ﴿وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ﴾ (٤).
قال الفراء والمبرد والزجاج: رفعت ﴿قُرَّتُ عَيْنٍ﴾ بإضمار: هو، أو:
(١) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٣. و"تفسير ابن جرير" ٢٠/ ٣٢، وذكره الثعلبي ٨/ ١٤١ أ، بمعناه. وفي "الدر المصون" ٨/ ٦٥١: في اللام الوجهان المشهوران: العِلِّيَّة المجازية بمعنى: أن ذلك لما كان نتيجة فعلهم وثمرته شبه بالداعي الذي يفعل الفعل لأجله، أو الصيرورة.
(٢) "تفسير مقاتل" ٦٣ ب. قال ابن جرير ٢٠/ ٣٣: عدوًا في دينهم، وحزنًا على ما ينالهم منه من المكروه.
(٣) "تفسير ابن جرير" ٢٠/ ٣٣.
(٤) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣٥، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٤. والثعلبي ٨/ ١٤٠ أ. وهو جزء من حديث الفتون؛ الذي أخرجه النسائي، في "السنن الكبرى" ٦/ ٣٩٦، رقم: ١١٣٢٦، وقال عنه ابن كثير بعد أن ساقه بطوله في تفسير سورة: طه: هكذا رواه النسائي في سننه الكبرى، وأخرجه أبو جعفر بن جرير، وابن أبي حاتم، في تفسيريهما، كلهم من حديث يزيد بن هارون به، وهو موقوف من كلام ابن عباس، وليس منه مرفوع إلا قليل منه، وكأنه تلقاه ابن عباس رضي الله عنهما مما أبيح نقله من الإسرائيليات عن كعب الأحبار، أو غيره. والله أعلم. وسمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي، يقول ذلك أيضًا. "تفسير ابن كثير" ٥/ ٢٩٣
(٢) "تفسير مقاتل" ٦٣ ب. قال ابن جرير ٢٠/ ٣٣: عدوًا في دينهم، وحزنًا على ما ينالهم منه من المكروه.
(٣) "تفسير ابن جرير" ٢٠/ ٣٣.
(٤) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣٥، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٤. والثعلبي ٨/ ١٤٠ أ. وهو جزء من حديث الفتون؛ الذي أخرجه النسائي، في "السنن الكبرى" ٦/ ٣٩٦، رقم: ١١٣٢٦، وقال عنه ابن كثير بعد أن ساقه بطوله في تفسير سورة: طه: هكذا رواه النسائي في سننه الكبرى، وأخرجه أبو جعفر بن جرير، وابن أبي حاتم، في تفسيريهما، كلهم من حديث يزيد بن هارون به، وهو موقوف من كلام ابن عباس، وليس منه مرفوع إلا قليل منه، وكأنه تلقاه ابن عباس رضي الله عنهما مما أبيح نقله من الإسرائيليات عن كعب الأحبار، أو غيره. والله أعلم. وسمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي، يقول ذلك أيضًا. "تفسير ابن كثير" ٥/ ٢٩٣
337
هذا الصبي قرةُ عين لي ولك يا فرعون (١). قال أبو إسحاق: ويقبح رفعه على الابتداء، وأن يكون الخبر ﴿لَا تَقْتُلُوهُ﴾ فيكون كأنها عرفت أنه قرة عين لها. ويجوز ذلك على بُعدٍ على معنى: إذا كان قرة عين لي ولك فلا تقتله (٢).
قال مقاتل: قالت لفرعون: لا تقتله فإن الله أتانا به من أرض أخرى، وليس من بني إسرائيل ﴿عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا﴾ فنصيب منه خيرًا (٣).
﴿أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا﴾ قال المفسرون: وكانت لا تلد، فاستوهبت موسى من فرعون فوهبه لها (٤).
قوله: ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ أكثر المفسرين على أن هذا ابتداء من كلام الله تعالى، أخبر أنهم لا يشعرون أن هلاكهم في سببه، وهذا قول قتادة ومجاهد ومقاتل (٥).
وقال آخرون: هذا من تمام كلام المرأة، ومعنى: ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ يعني: بني إسرائيل لا يدرون أنا التقطناه؛ هذا قول محمد بن قيس (٦).
قال مقاتل: قالت لفرعون: لا تقتله فإن الله أتانا به من أرض أخرى، وليس من بني إسرائيل ﴿عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا﴾ فنصيب منه خيرًا (٣).
﴿أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا﴾ قال المفسرون: وكانت لا تلد، فاستوهبت موسى من فرعون فوهبه لها (٤).
قوله: ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ أكثر المفسرين على أن هذا ابتداء من كلام الله تعالى، أخبر أنهم لا يشعرون أن هلاكهم في سببه، وهذا قول قتادة ومجاهد ومقاتل (٥).
وقال آخرون: هذا من تمام كلام المرأة، ومعنى: ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ يعني: بني إسرائيل لا يدرون أنا التقطناه؛ هذا قول محمد بن قيس (٦).
(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٠٢. و"معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٣.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٣، وا لإشارة في قوله: ويجوز ذلك، أي: رفعه على الابتداء.
(٣) "تفسير مقاتل" ٦٣ ب.
(٤) أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" ٦/ ٣٩٧. وهو جزء من حديث الفتون، الذي سبق الحديث عنه قريبا. وأخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣١، عن السدي.
(٥) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٧، عن قتادة وابن جرير ٢٠/ ٣٤، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٥، عن قتادة، ومجاهد. و"تفسير مقاتل" ٦٣ ب ورجحه ابن جرير ٢٠/ ٣٥.
(٦) أخرج ابن جرير ٢٠/ ٣٥. والثعلبي ٨/ ١٤١ ب، عن محمد بن قيس. وهو الأسدي، الوالبي، الكوفي، روى عن الشعبي، وأبي الضحى، وروى عنه: شعبة، وأبو نعيم، وثقه ابن حجر، وقال عنه الذهبي: صدوق. "الكاشف" ٣/ ٨١، و"تقريب التهذيب" ٨٩٠.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٣، وا لإشارة في قوله: ويجوز ذلك، أي: رفعه على الابتداء.
(٣) "تفسير مقاتل" ٦٣ ب.
(٤) أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" ٦/ ٣٩٧. وهو جزء من حديث الفتون، الذي سبق الحديث عنه قريبا. وأخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣١، عن السدي.
(٥) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٧، عن قتادة وابن جرير ٢٠/ ٣٤، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٥، عن قتادة، ومجاهد. و"تفسير مقاتل" ٦٣ ب ورجحه ابن جرير ٢٠/ ٣٥.
(٦) أخرج ابن جرير ٢٠/ ٣٥. والثعلبي ٨/ ١٤١ ب، عن محمد بن قيس. وهو الأسدي، الوالبي، الكوفي، روى عن الشعبي، وأبي الضحى، وروى عنه: شعبة، وأبو نعيم، وثقه ابن حجر، وقال عنه الذهبي: صدوق. "الكاشف" ٣/ ٨١، و"تقريب التهذيب" ٨٩٠.
338
وقال الكلبي: ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ لا أنه ولدنا (١).
١٠ - وقوله: ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا﴾ قال أكثر المفسرين: ﴿فَارِغًا﴾ من كل شيء من هم الدنيا والآخرة إلا هم موسى وذكره؛ وهذا قول ابن عباس في جميع الروايات، ومجاهد ومقاتل وعكرمة وقتادة والحسن وسعيد بن جبير والكلبي (٢)، واختيار الفراء وأبي إسحاق؛ قال الفراء: ﴿فَارِغًا﴾ لهمِّ موسى، فليس يخلط همّ موسى شيء (٣).
وقال محمد بن إسحاق، وعبد الرحمن بن زيد: ﴿فَارِغًا﴾ من الوحي الذي أوحى الله إليها، والعهد الذي عهده إليها أن يرده عليها؛ وذلك أنها لما رأت موسى يرفعه موج، ويخفضه آخر جزعت، وأتاها الشيطان فوسوس لها، وقال: لو قتله فرعون كان للآخرة، وقد توليت قتله بالإلقاء في اليم. ثم لما أتاها الخبر بأن موسى وقع في يد آل فرعون (٤)، قالت: قد
١٠ - وقوله: ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا﴾ قال أكثر المفسرين: ﴿فَارِغًا﴾ من كل شيء من هم الدنيا والآخرة إلا هم موسى وذكره؛ وهذا قول ابن عباس في جميع الروايات، ومجاهد ومقاتل وعكرمة وقتادة والحسن وسعيد بن جبير والكلبي (٢)، واختيار الفراء وأبي إسحاق؛ قال الفراء: ﴿فَارِغًا﴾ لهمِّ موسى، فليس يخلط همّ موسى شيء (٣).
وقال محمد بن إسحاق، وعبد الرحمن بن زيد: ﴿فَارِغًا﴾ من الوحي الذي أوحى الله إليها، والعهد الذي عهده إليها أن يرده عليها؛ وذلك أنها لما رأت موسى يرفعه موج، ويخفضه آخر جزعت، وأتاها الشيطان فوسوس لها، وقال: لو قتله فرعون كان للآخرة، وقد توليت قتله بالإلقاء في اليم. ثم لما أتاها الخبر بأن موسى وقع في يد آل فرعون (٤)، قالت: قد
(١) ذكره عنه الثعلبي ٨/ ١٤١ ب. وذكر الوجهين الفراء. "معاني القرآن" ٢/ ٣٠٣. وفي "تنوير المقباس" ٣٢٤: بنو إسرائيل لا يعلمون أنه ليس منا، ويقال: وهم لا يشعرون أن هلاكهم على يديه. والقول الأول الذي عليه أكثر المفسرين هو الأقرب. والله أعلم.
(٢) نسب الثعلبي ٨/ ١٤١ ب هذا القول لأكثر المفسرين. وذكره البخاري عن ابن عباس معلقًا بصيغة الجزم ٨/ ٥٠٦. وأخرجه عنه الحاكم ٢/ ٤٤١، رقم ٣٥٢٩. وأخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٨، عن قتادة، وأبي عمران الجوني. وهو في "تفسير مقاتل" ٦٣ ب. و"تنوير المقباس" ٣٢٣. وأخرجه أبو يعلى ٥/ ١٢، من طريق سعيد بن جبير. وهو جزء من الحديث الطويل حديث الفتون، الذي سبق الحديث عنه قريبا.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٠٣. و"معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٤. واختاره ابن الأنباري، في كتابه "الأضداد" ٢٩٩.
(٤) أخرجه عنهما وعن الحسن ابن جرير ٢٠/ ٣٦، وأخرجه ابن أبيِ حاتم ٩/ ٢٩٤٦ عن ابن إسحاق فقط. وذكره عن الحسن وأبو إسحاق وابن زيد الثعلبي ٨/ ١٤١ ب.
(٢) نسب الثعلبي ٨/ ١٤١ ب هذا القول لأكثر المفسرين. وذكره البخاري عن ابن عباس معلقًا بصيغة الجزم ٨/ ٥٠٦. وأخرجه عنه الحاكم ٢/ ٤٤١، رقم ٣٥٢٩. وأخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٨، عن قتادة، وأبي عمران الجوني. وهو في "تفسير مقاتل" ٦٣ ب. و"تنوير المقباس" ٣٢٣. وأخرجه أبو يعلى ٥/ ١٢، من طريق سعيد بن جبير. وهو جزء من الحديث الطويل حديث الفتون، الذي سبق الحديث عنه قريبا.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٠٣. و"معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٤. واختاره ابن الأنباري، في كتابه "الأضداد" ٢٩٩.
(٤) أخرجه عنهما وعن الحسن ابن جرير ٢٠/ ٣٦، وأخرجه ابن أبيِ حاتم ٩/ ٢٩٤٦ عن ابن إسحاق فقط. وذكره عن الحسن وأبو إسحاق وابن زيد الثعلبي ٨/ ١٤١ ب.
339
وقع في يد عدوه الذي فررت به منه، فأنساها عظيم البلاء ما كان من عهد الله إليها. وهذا أيضًا قول مرضيّ.
وقال أبو عبيدة: ﴿فَارِغًا﴾ من الحزن، لعلمها أنه لم يقتل، ولم يغرق (١).
قال ابن قتيبة: وهذا من أعجب التفسير، كيف يكون فؤادها فارغًا من الحزن في وقتها ذاك، والله تعالى يقول: ﴿لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾ وهل يربط إلا على قلب الجازع المحزون؟ قال: والعرب تقول للجبان، والخائف: فؤاده هواء. لأنه لا يعي عزمًا، ولا صبرًا، وقد خالفه المفسرون إلى الصواب؛ فقالوا: ﴿فَارِغًا﴾ من كل شيء إلا من أمر موسى؛ كأنها لم تهتم بشيء مما يهتم به الحيُّ إلا أمرَ ولدها. انتهى كلامه (٢).
ووجه قول المفسرين ما ذكر؛ وهو: أن قلبها صار فارغًا من الصبر والعزم، وإنما قال المفسرون: إلا (٣) من ذكر موسى، لدلالة باقي الآية عليه؛ وهو قوله -عز وجل-: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾ قال ابن عباس في رواية عطاء: كادت تخبر أن هذا (٤) الذي وجدتموه في التابوت هو ابني.
وقال أبو عبيدة: ﴿فَارِغًا﴾ من الحزن، لعلمها أنه لم يقتل، ولم يغرق (١).
قال ابن قتيبة: وهذا من أعجب التفسير، كيف يكون فؤادها فارغًا من الحزن في وقتها ذاك، والله تعالى يقول: ﴿لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾ وهل يربط إلا على قلب الجازع المحزون؟ قال: والعرب تقول للجبان، والخائف: فؤاده هواء. لأنه لا يعي عزمًا، ولا صبرًا، وقد خالفه المفسرون إلى الصواب؛ فقالوا: ﴿فَارِغًا﴾ من كل شيء إلا من أمر موسى؛ كأنها لم تهتم بشيء مما يهتم به الحيُّ إلا أمرَ ولدها. انتهى كلامه (٢).
ووجه قول المفسرين ما ذكر؛ وهو: أن قلبها صار فارغًا من الصبر والعزم، وإنما قال المفسرون: إلا (٣) من ذكر موسى، لدلالة باقي الآية عليه؛ وهو قوله -عز وجل-: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾ قال ابن عباس في رواية عطاء: كادت تخبر أن هذا (٤) الذي وجدتموه في التابوت هو ابني.
(١) "مجاز القرآن" ٢/ ٩٨. وذكر هذا القول ابن الأنباري، "الأضداد" ٢٩٨، عن بعض أهل اللغة، ولم يسمه، وجعل هذا الاختلاف مما يفسر من القرآن تفسيرين متضادين، وذكر القولين النيسابوري، "وضح البرهان" ٢/ ١٤٦، وصدر القول الثاني بـ: قيل.
(٢) "غريب القرآن" ٣٢٨. ويشهد له ما ذكره الفراء بإسناده عن فضالة بن عبيد -رضي الله عنه- أنه قرأ: ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا﴾ من الفزع. "معاني القرآن" ٢/ ٣٠٣، وذكر هذه القراءة ابن جرير ٢٠/ ٣٧، ورد قول أبي عبيدة بقوله: وهذا لا معنى له؛ لخلافه قول جميع أهل التأويل.
(٣) كلمة: إلا، ساقطة من نسخة: (ب).
(٤) هذا، ساقطة من نسخة: (ب).
(٢) "غريب القرآن" ٣٢٨. ويشهد له ما ذكره الفراء بإسناده عن فضالة بن عبيد -رضي الله عنه- أنه قرأ: ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا﴾ من الفزع. "معاني القرآن" ٢/ ٣٠٣، وذكر هذه القراءة ابن جرير ٢٠/ ٣٧، ورد قول أبي عبيدة بقوله: وهذا لا معنى له؛ لخلافه قول جميع أهل التأويل.
(٣) كلمة: إلا، ساقطة من نسخة: (ب).
(٤) هذا، ساقطة من نسخة: (ب).
340
وقال في رواية عكرمة، وسعيد بن جبير: كادت تقول (١): وابناه، من شدة وجْدِها به (٢).
وقال مقاتل: خشيت عليه الغرق، وكادت تصيح شفقة عليه، فذلك قوله: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾ تقول: إن همت لتشعر أهل مصر بموسى أنه ولدها (٣).
وعن مُغِيثِ بن سُمَيّ: كادت تقول: أنا أمه (٤).
وقال أبو إسحاق: إن كادت لتظهر أنه ابنها (٥).
وقال الفراء: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾ يعني: باسم موسى أنه ابنها؛ وذلك أن صدرها ضاق بقول آل فرعون: هو ابن فرعون، فكادت تبدي به؛ أي: تظهره (٦).
وهذا معنى قول الكلبي (٧)؛ فالكناية من ﴿بِهِ﴾ تعود على اسم موسى على قول هؤلاء؛ وهو الصحيح. وسبب الإبداء مختلَف فيه، فعند بعضهم:
وقال مقاتل: خشيت عليه الغرق، وكادت تصيح شفقة عليه، فذلك قوله: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾ تقول: إن همت لتشعر أهل مصر بموسى أنه ولدها (٣).
وعن مُغِيثِ بن سُمَيّ: كادت تقول: أنا أمه (٤).
وقال أبو إسحاق: إن كادت لتظهر أنه ابنها (٥).
وقال الفراء: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾ يعني: باسم موسى أنه ابنها؛ وذلك أن صدرها ضاق بقول آل فرعون: هو ابن فرعون، فكادت تبدي به؛ أي: تظهره (٦).
وهذا معنى قول الكلبي (٧)؛ فالكناية من ﴿بِهِ﴾ تعود على اسم موسى على قول هؤلاء؛ وهو الصحيح. وسبب الإبداء مختلَف فيه، فعند بعضهم:
(١) تقول، ساقطة من نسخة: (ب).
(٢) رواية عكرمة أخرجها ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٧، والثعلبي ٨/ ١٤١ب ورواية سعيد ابن جبير أخرجها ابن جرير ٢٠/ ٣٧، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٧، والحاكم ٢/ ٤٤١، رقم: ٣٥٢٩. ولم أجد رواية عطاء.
(٣) "تفسير مقاتل" ٦٣ ب.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٧.
مغيث بن سُمي، الأوزاعي، أبو أيوب الشامي، ثقة، روى عن عمر -رضي الله عنه- مرسلاً، وروى عن ابن عمر وطائفة، وروى عنه: زيد بن واقد، وعبد الرحمن بن يزيد، وغيرهم. "الكاشف" ٣/ ١٤٧، و"تقريب التهذيب" ٩٦٤.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٤.
(٦) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٠٣. و"تفسير ابن جرير" ٢٠/ ٣٨.
(٧) ذكره عنه الثعلبي ٨/ ١٤١ ب. وهو في "تنوير المقباس" ٣٢٣.
(٢) رواية عكرمة أخرجها ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٧، والثعلبي ٨/ ١٤١ب ورواية سعيد ابن جبير أخرجها ابن جرير ٢٠/ ٣٧، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٧، والحاكم ٢/ ٤٤١، رقم: ٣٥٢٩. ولم أجد رواية عطاء.
(٣) "تفسير مقاتل" ٦٣ ب.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٧.
مغيث بن سُمي، الأوزاعي، أبو أيوب الشامي، ثقة، روى عن عمر -رضي الله عنه- مرسلاً، وروى عن ابن عمر وطائفة، وروى عنه: زيد بن واقد، وعبد الرحمن بن يزيد، وغيرهم. "الكاشف" ٣/ ١٤٧، و"تقريب التهذيب" ٩٦٤.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٤.
(٦) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٠٣. و"تفسير ابن جرير" ٢٠/ ٣٨.
(٧) ذكره عنه الثعلبي ٨/ ١٤١ ب. وهو في "تنوير المقباس" ٣٢٣.
341
وَجْدًا به. وعند مقاتل: شفقةً عليه من الغرق. وعند الكلبي ضيق صدرها (١) بما تسمع من قولهم: موسى بن فرعون (٢).
ويقال أبدى الشيء، ودخلت الباء هاهنا؛ لأنه أريد بالإبداء: الإخبار والإشعار، يدل على هذا ما روي في حرف عبد الله: إن كادت لتشعر به (٣).
﴿لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾ بالصبر واليقين والإيمان؛ قاله ابن عباس ومقاتل وقتادة (٤).
قال الزجاج: ومعنى الربط على القلب: إلهام الصبر وتشديده وتقويته (٥). وذكرنا هذا عند قوله: ﴿وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ﴾ [الأنفال: ١١] (٦).
وقوله: ﴿لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي: من المصدقين بوعد الله حين قال لها: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ قاله مقاتل والمفسرون (٧).
ويقال أبدى الشيء، ودخلت الباء هاهنا؛ لأنه أريد بالإبداء: الإخبار والإشعار، يدل على هذا ما روي في حرف عبد الله: إن كادت لتشعر به (٣).
﴿لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾ بالصبر واليقين والإيمان؛ قاله ابن عباس ومقاتل وقتادة (٤).
قال الزجاج: ومعنى الربط على القلب: إلهام الصبر وتشديده وتقويته (٥). وذكرنا هذا عند قوله: ﴿وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ﴾ [الأنفال: ١١] (٦).
وقوله: ﴿لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي: من المصدقين بوعد الله حين قال لها: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ قاله مقاتل والمفسرون (٧).
(١) في النسخ الثلاث: ضيق صدر.
(٢) ذكره عنه الثعلبي ٨/ ١٤١ ب.
(٣) ذكر هذه القراءة الفراء ٢/ ٣٠٣.
(٤) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٨، عن قتادة. وكذا ابن جرير ٢٠/ ٣٨، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٧. و"تفسير مقاتل" ٦٣ ب.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٤. وذكره القاضي عبد الجبار في "متشابه القرآن" ٥٤٣.
(٦) قال الواحدي: معنى الربط في اللغة: الشد، ذكرنا ذلك في قوله: ﴿وَرَابِطُوا﴾ [آل عمران: ٢٠٠] ويقال لكل من صبر على أمر: ربط قلبه، كأنه حبس قلبه عن أن يضطرب، ويقال: رجل رابط الجأش؛ قال الأصمعي: هو الذي يربط نفسه يكفها بجرأته وشجاعته.
(٧) "تفسير مقاتل" ٦٣ ب. وأخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣٨، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٧، عن سعيد بن جبير والسدي. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٢ أ.
(٢) ذكره عنه الثعلبي ٨/ ١٤١ ب.
(٣) ذكر هذه القراءة الفراء ٢/ ٣٠٣.
(٤) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٨، عن قتادة. وكذا ابن جرير ٢٠/ ٣٨، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٧. و"تفسير مقاتل" ٦٣ ب.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٤. وذكره القاضي عبد الجبار في "متشابه القرآن" ٥٤٣.
(٦) قال الواحدي: معنى الربط في اللغة: الشد، ذكرنا ذلك في قوله: ﴿وَرَابِطُوا﴾ [آل عمران: ٢٠٠] ويقال لكل من صبر على أمر: ربط قلبه، كأنه حبس قلبه عن أن يضطرب، ويقال: رجل رابط الجأش؛ قال الأصمعي: هو الذي يربط نفسه يكفها بجرأته وشجاعته.
(٧) "تفسير مقاتل" ٦٣ ب. وأخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣٨، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٧، عن سعيد بن جبير والسدي. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٢ أ.
342
١١ - قوله: ﴿وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ﴾ لأخت موسى ﴿قُصِّيهِ﴾: اتبعي أثره (١). يقال: قصصت الشيء إذا تتبعت أثره شيئًا بعد شيء قصًا وقصصًا.
قال المبرد: فلان يقص أثر الجيش أي: يتبعه متعرفًا (٢).
وقد ذكرنا هذا الحرف في القصاص والقصص (٣).
قال ابن عباس: تريد: اطلبي أثره، وانظري أين وقع، وإلى من صار (٤). وقال مجاهد: اتبعي أثره كيف يصنع به (٥).
وقال مقاتل: قصي أثره حتى تعلمي علمه من يأخذه (٦).
وقال ابن إسحاق: انظري ماذا يفعلون به (٧). هذا قول المفسرين.
قال المبرد: فلان يقص أثر الجيش أي: يتبعه متعرفًا (٢).
وقد ذكرنا هذا الحرف في القصاص والقصص (٣).
قال ابن عباس: تريد: اطلبي أثره، وانظري أين وقع، وإلى من صار (٤). وقال مجاهد: اتبعي أثره كيف يصنع به (٥).
وقال مقاتل: قصي أثره حتى تعلمي علمه من يأخذه (٦).
وقال ابن إسحاق: انظري ماذا يفعلون به (٧). هذا قول المفسرين.
(١) أخرجه الحاكم ٢/ ٤٤١، رقم: ٣٥٢٩، عن ابن عباس. و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٩٨. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٢ أ. و"وضح البرهان" ٢/ ١٤٧.
(٢) لم أجده في "التهذيب"، مادة: قص، وفي "الكامل" ٢/ ١٠١٨: تقصه: تتبعه، قال الله -عز وجل-: ﴿وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ﴾ أي: اتبعي أثره.
(٣) قال الواحدي في تفسير قول الله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: ١٧٩]: القصاص في اللغة: المماثلة، وأصله من قولهم: قصصت أثره إذا تتبعته، ومنه قوله تعالى: ﴿وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ﴾ [القصص: ١١].
(٤) ذكره البخاري عن ابن عباس، معلقًا بصيغة الجزم ٨/ ٥٠٦، بلفظ: اتبعي أثره. وباللفظ الذي ذكره الواحدي هنا أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣٨، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٨، وفي رواية عندهما عن ابن عباس: قصي أثره واطلبيه، هل تسمعين له ذكرًا؟ أحي ابني أم أكلته الدواب؟ ونسيت ما كان الله وعدها به.
(٥) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣٨.
(٦) "تفسير مقاتل" ٦٣ ب. واقتصر الأخفش على قول: قُصي أثره. "معاني القرآن" ٢/ ٦٥٢. وكذا قتادة، تفسير عبد الرزاق ٢/ ٨٨. وهو كذلك في "تاريخ الطبري" ١/ ٣٨٩.
(٧) في نسخة: (أ)، (ب): أبو إسحاق. وخبر ابن إسحاق أخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٨، وأخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣٩، عن قتادة.
(٢) لم أجده في "التهذيب"، مادة: قص، وفي "الكامل" ٢/ ١٠١٨: تقصه: تتبعه، قال الله -عز وجل-: ﴿وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ﴾ أي: اتبعي أثره.
(٣) قال الواحدي في تفسير قول الله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: ١٧٩]: القصاص في اللغة: المماثلة، وأصله من قولهم: قصصت أثره إذا تتبعته، ومنه قوله تعالى: ﴿وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ﴾ [القصص: ١١].
(٤) ذكره البخاري عن ابن عباس، معلقًا بصيغة الجزم ٨/ ٥٠٦، بلفظ: اتبعي أثره. وباللفظ الذي ذكره الواحدي هنا أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣٨، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٨، وفي رواية عندهما عن ابن عباس: قصي أثره واطلبيه، هل تسمعين له ذكرًا؟ أحي ابني أم أكلته الدواب؟ ونسيت ما كان الله وعدها به.
(٥) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣٨.
(٦) "تفسير مقاتل" ٦٣ ب. واقتصر الأخفش على قول: قُصي أثره. "معاني القرآن" ٢/ ٦٥٢. وكذا قتادة، تفسير عبد الرزاق ٢/ ٨٨. وهو كذلك في "تاريخ الطبري" ١/ ٣٨٩.
(٧) في نسخة: (أ)، (ب): أبو إسحاق. وخبر ابن إسحاق أخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٨، وأخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣٩، عن قتادة.
343
ودل كلامهم على أن القص: تتبع الأثر مع التعرف؛ كما قال المبرد.
قوله: ﴿فَبَصُرَتْ بِهِ﴾ قال ابن عباس: أبصرته (١).
قال المبرد: بصرت بالشيء، وأبصرته واحد في المعنى (٢). والفصل بينهما مع اجتماعهما في المعنى أن: بصرت به، معناه: صرت بصيرًا بموضعه. وهكذا فعلت، معناه: انتقلت إلى تلك الحال. قوله تعالى: ﴿عَنْ جُنُبٍ﴾ أي: عن بعد (٣). وهو مصدر، ثم وصف به. وكذلك قالوا: رجل جنب، ورجال جنب، ومنه قوله تعالى: ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ [النساء: ٣٦] وقد مر (٤).
وقال المبرد: وقد يجمع أجنابًا، كما تقول (٥) في شُغل، وهو مصدر مثله: أشغال. قالت الخنساء ترثي (٦):
قوله: ﴿فَبَصُرَتْ بِهِ﴾ قال ابن عباس: أبصرته (١).
قال المبرد: بصرت بالشيء، وأبصرته واحد في المعنى (٢). والفصل بينهما مع اجتماعهما في المعنى أن: بصرت به، معناه: صرت بصيرًا بموضعه. وهكذا فعلت، معناه: انتقلت إلى تلك الحال. قوله تعالى: ﴿عَنْ جُنُبٍ﴾ أي: عن بعد (٣). وهو مصدر، ثم وصف به. وكذلك قالوا: رجل جنب، ورجال جنب، ومنه قوله تعالى: ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ [النساء: ٣٦] وقد مر (٤).
وقال المبرد: وقد يجمع أجنابًا، كما تقول (٥) في شُغل، وهو مصدر مثله: أشغال. قالت الخنساء ترثي (٦):
فابْكي أخاكِ لأيتامٍ وأرملةٍ | وابكي أخاكِ إذا جاورتِ أجنابا (٧) |
(١) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣٩، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٨، كلاهما بمعناه.
(٢) في "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٩٨: هما لغتان. ولم أجد قول المبرد في "التهذيب". وذكر قول المبرد، الشوكاني "فتح القدير" ٤/ ١٥٦.
(٣) ذكره البخاري عن ابن عباس، معلقًا بصيغة الجزم ٨/ ٥٠٦. و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٩٨. وحكاه عنه ابن الأنباري، في كتابه "الزاهر" ١/ ٤٣٠. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٢ أ.
(٤) قال الواحدي في تفسير الجنب في سورة النساء: الجُنُب نعت على: فُعُل، مثل: أُحُد.. وأصله من الجنابة ضد القرابة، وهو البعد.. ورجل جنب إذا كان غريبًا متباعدًا عن أهله.
(٥) كما تقول: ساقط من نسخة (ج).
(٦) ترثي، في نسخة (ج).
(٧) "ديوان الخنساء" ٧. تخاطب في هذا البيت عينها. واستشهد به المبرد "الكامل" ٢/ ٩٠٤، على أنه يجمع: جُنُب: أجناب.
(٢) في "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٩٨: هما لغتان. ولم أجد قول المبرد في "التهذيب". وذكر قول المبرد، الشوكاني "فتح القدير" ٤/ ١٥٦.
(٣) ذكره البخاري عن ابن عباس، معلقًا بصيغة الجزم ٨/ ٥٠٦. و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٩٨. وحكاه عنه ابن الأنباري، في كتابه "الزاهر" ١/ ٤٣٠. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٢ أ.
(٤) قال الواحدي في تفسير الجنب في سورة النساء: الجُنُب نعت على: فُعُل، مثل: أُحُد.. وأصله من الجنابة ضد القرابة، وهو البعد.. ورجل جنب إذا كان غريبًا متباعدًا عن أهله.
(٥) كما تقول: ساقط من نسخة (ج).
(٦) ترثي، في نسخة (ج).
(٧) "ديوان الخنساء" ٧. تخاطب في هذا البيت عينها. واستشهد به المبرد "الكامل" ٢/ ٩٠٤، على أنه يجمع: جُنُب: أجناب.
344
قال ابن عباس في رواية سعيد بن جبير ﴿عَنْ جُنُبٍ﴾ قال: عن جانب (١). [وقال مجاهد: عن بُعد (٢). وقال عكرمة وقتادة: بصرت به وهي مجانبة لم تأته (٣)] (٤).
وقال مقاتل: ﴿عَنْ جُنُبٍ﴾ كأنها مجانبة له ترقبه، وعينها إلى التابوت وهي معرضة عنه بوجهها (٥). وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء: أبصرته من شق عينها اليمنى.
وقال أبو إسحاق: ﴿عَنْ جُنُبٍ﴾ أي: عن بُعد، تُبصره، ولا تُوهم أنها تراه (٦).
وقال ابن قتيبة: ﴿فَبَصُرَتْ بِهِ﴾ من بُعد منها عنه، وإعراض لئلا يفطنوا (٧)، والمجانبة من هذا (٨). وقال الفراء: يقول: كانت على شاطئ البحر حين رأت آل فرعون قد التقطوه (٩). ولم يذكر الفراء ما ذكره غيره من أنها تجتنب أن يفطنوا بها؛ واقتصر من تفسير قوله: ﴿عَنْ جُنُبٍ﴾ على البعد فقط. وليس المعنى في قوله: ﴿عَنْ جُنُبٍ﴾ بُعد المسافة كما توهمه؛ وإنما
وقال مقاتل: ﴿عَنْ جُنُبٍ﴾ كأنها مجانبة له ترقبه، وعينها إلى التابوت وهي معرضة عنه بوجهها (٥). وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء: أبصرته من شق عينها اليمنى.
وقال أبو إسحاق: ﴿عَنْ جُنُبٍ﴾ أي: عن بُعد، تُبصره، ولا تُوهم أنها تراه (٦).
وقال ابن قتيبة: ﴿فَبَصُرَتْ بِهِ﴾ من بُعد منها عنه، وإعراض لئلا يفطنوا (٧)، والمجانبة من هذا (٨). وقال الفراء: يقول: كانت على شاطئ البحر حين رأت آل فرعون قد التقطوه (٩). ولم يذكر الفراء ما ذكره غيره من أنها تجتنب أن يفطنوا بها؛ واقتصر من تفسير قوله: ﴿عَنْ جُنُبٍ﴾ على البعد فقط. وليس المعنى في قوله: ﴿عَنْ جُنُبٍ﴾ بُعد المسافة كما توهمه؛ وإنما
(١) أخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٨. وذكره الثعلبي ١٤٢ أ.
(٢) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣٩، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٨.
(٣) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٨، عن قتادة. وكذا ابن جرير ٢٠/ ٣٩، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٨.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من نسخة (ج).
(٥) "تفسير مقاتل" ٦٣ ب.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٤. ونحوه في "وضح البرهان" ٢/ ١٤٧.
(٧) لها. غير موجودة في النسخ الثلاث.
(٨) "غريب القرآن" ٣٢٩.
(٩) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٠٣.
(٢) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣٩، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٨.
(٣) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٨، عن قتادة. وكذا ابن جرير ٢٠/ ٣٩، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٨.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من نسخة (ج).
(٥) "تفسير مقاتل" ٦٣ ب.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٤. ونحوه في "وضح البرهان" ٢/ ١٤٧.
(٧) لها. غير موجودة في النسخ الثلاث.
(٨) "غريب القرآن" ٣٢٩.
(٩) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٠٣.
345
هو: التباعد والمجانبة أن يعلموا بحالها، وأنها ترقبه، كما ذكره المفسرون، وأهل المعاني، ولا تستعمل الجنب والجنابة في بعد المسافة، ألا ترى إلى قول علقمة بن عبدة:
أراد بعد النسب لا بعد المسافة. فمعنى قوله: ﴿عَنْ جُنُبٍ﴾ أي: عن تجنب منها وتباعد أبصرته.
قوله تعالى: ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ قال ابن عباس: وهم لا يعلمون أنها أخته (٢).
وقال مقاتل: ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ أنها ترقبه (٣).
وقال ابن إسحاق: لا يعرفون أنها منه بسبيل (٤).
١٢ - قوله -عز وجل-: ﴿وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ﴾ الآية، ﴿الْمَرَاضِعَ﴾ يجوز أن يكون جمع امرأة مُرْضِعة (٥)، أو مُرْضِع: ذات ولد رضيع. ويجوز أن يكون
فلا تَحْرِمَنّي نائلًا عن جَنَابةٍ | فإني امرؤٌ وَسْطَ القِبابِ غريبُ (١) |
قوله تعالى: ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ قال ابن عباس: وهم لا يعلمون أنها أخته (٢).
وقال مقاتل: ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ أنها ترقبه (٣).
وقال ابن إسحاق: لا يعرفون أنها منه بسبيل (٤).
١٢ - قوله -عز وجل-: ﴿وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ﴾ الآية، ﴿الْمَرَاضِعَ﴾ يجوز أن يكون جمع امرأة مُرْضِعة (٥)، أو مُرْضِع: ذات ولد رضيع. ويجوز أن يكون
(١) "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٩٨، ونسبه لعلقمة بن عبدة وكذا المبرد، "الكامل" ٢/ ٩٠٣، وقال: جنابة: غربة وبعد. وأنشده الزجاج ٤/ ١٣٤، ولم ينسبه. ونسبه لعلقمة: الأزهري ١١/ ١٢٣، وهو في "ديوان علقمة" ٣٠، آخر بيت من قصيدة له يمدح فيها الحارث بن جبلة الغساني، وكان قد أسر أخاه فرحل إليه يطلبه فيه. يقول: لا تحرمني العطاء بعد غربة وبعد عن دياري، فإنني امرؤ غريب. "حاشية الديوان".
(٢) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٠، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٩، عن السدي. وأخرجه ابن جرير في التاريخ ١/ ٣٨٩، عن السدي، عن ابن عباس، وابن مسعود. وذكره الفراء ٢/ ٣٠٣، ولم ينسبه.
(٣) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ.
(٤) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٠، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٩.
(٥) في نسخة (ج): راضعة.
(٢) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٠، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٩، عن السدي. وأخرجه ابن جرير في التاريخ ١/ ٣٨٩، عن السدي، عن ابن عباس، وابن مسعود. وذكره الفراء ٢/ ٣٠٣، ولم ينسبه.
(٣) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ.
(٤) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٠، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٩.
(٥) في نسخة (ج): راضعة.
346
جمع مَرْضِع منى: الإرضاع، ويجوز أن يكون جمع: مَرْضَع من قولهم: رَضَع يَرْضَع بمعنى: المصدر. ذكر ذلك المفضل والمبرد (١). وكلام المفسرين أيضًا يدل على نحو ما ذكرنا؛ قال ابن عباس في رواية عطاء: إن امرأة فرعون كان همها من الدنيا أن تجد له مرضعة تأخذه منها ترضعه، فكلما أتوه بمرضعة لم يأخذ ثديها. وقال في رواية سعيد بن جبير: لا يؤتى بمرضع فيقبلها (٢).
وقال محمد بن إسحاق: جمعوا له المراضع حين ألقى الله محبتهم عليه، فلا يؤتى بامرأة فيقبل ثديها (٣). فهذا يدل على أن المراضع ذوات الإرضاع.
وقال مجاهد ومقاتل: لم يقبل موسى ثدي امرأة (٤).
وقال قتادة: كان لا يقبل ثديًا (٥).
وقال الفراء: يقول معناه: من قبول ثدي إلا ثدي أمه (٦). وهذا يدل على أن المراد بالمراضع [المرضعات، أو يراد: رضاعات.
وأما ابن قتيبة فقال: ﴿وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ﴾] (٧) معناه: أن يَرْضَع، والمراضع: جمع مُرْضِع (٨). يعني: الإرضاع. والمراد بالتحريم هاهنا
وقال محمد بن إسحاق: جمعوا له المراضع حين ألقى الله محبتهم عليه، فلا يؤتى بامرأة فيقبل ثديها (٣). فهذا يدل على أن المراضع ذوات الإرضاع.
وقال مجاهد ومقاتل: لم يقبل موسى ثدي امرأة (٤).
وقال قتادة: كان لا يقبل ثديًا (٥).
وقال الفراء: يقول معناه: من قبول ثدي إلا ثدي أمه (٦). وهذا يدل على أن المراد بالمراضع [المرضعات، أو يراد: رضاعات.
وأما ابن قتيبة فقال: ﴿وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ﴾] (٧) معناه: أن يَرْضَع، والمراضع: جمع مُرْضِع (٨). يعني: الإرضاع. والمراد بالتحريم هاهنا
(١) لم أجد قول المبرد والمفضل في "التهذيب" مادة: رضع. ولا في "لسان العرب".
(٢) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٠، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٩.
(٣) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤١. وأخرجه الحاكم ٢/ ٤٤١، رقم ٣٥٢٩، عن ابن عباس.
(٤) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ. وأخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٠، عن مجاهد.
(٥) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٨. وأخرجه بمعناه ابن جرير ٢٠/ ٤١.
(٦) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٠٣.
(٧) ما بين المعقوفين زيادة من نسخة (ج).
(٨) "غريب القرآن" ٣٢٩.
(٢) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٠، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٩.
(٣) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤١. وأخرجه الحاكم ٢/ ٤٤١، رقم ٣٥٢٩، عن ابن عباس.
(٤) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ. وأخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٠، عن مجاهد.
(٥) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٨. وأخرجه بمعناه ابن جرير ٢٠/ ٤١.
(٦) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٠٣.
(٧) ما بين المعقوفين زيادة من نسخة (ج).
(٨) "غريب القرآن" ٣٢٩.
347
تحريم المنع، وليس هناك نهي، ولكنه منع بالتبغيض، كالمنع بالنهي، وهذا كما يقال: حَرَّم فلانٌ على نفسه كذا بالامتناع بالأكل منه كالامتناع بالنهي (١).
قوله: ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ قال المفسرون: من قبل أمه، ومن قبل أن تأته أمه، ومن قبل أن نرده على أمه (٢). وذلك أن الله تعالى أراد أن يرده إلى أمه فبغض المراضع إليه حتى يُؤتى بأمه.
وقال صاحب النظم: قوله: ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ أي: من قبل أن يولد في القضاء والقدر السابق، حرمنا عليه المراضع، وكان تحريم إرضاعهن عليه أن لا يقبل ثدي امرأة. والقول ما قال المفسرون؛ لأن المراضع لو حرمت عليه في القضاء السابق لحرم عليه رضاع أمه أيضًا؛ لعموم اللفظ، ولكن المعنى: حرمنا عليه المراضع قبل إرضاع أمه؛ وذلك أنه إذا رُدَّ إلى أمه فأرضعته يجوز أن يقبل ثدي مرضعة غير الأم.
وقوله: ﴿فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ﴾ قال المفسرون: لما تعذر عليهم رضاعه، ورأت حرصهم على ذلك، قالت: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ﴾ أي: يكفلون لكم رضاعه، ويضمنون لكم القيام به (٣).
قال ابن عباس: قالوا لها: مَنْ؟ قالت: أمي، قالوا: ولأمك لبن؟
قوله: ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ قال المفسرون: من قبل أمه، ومن قبل أن تأته أمه، ومن قبل أن نرده على أمه (٢). وذلك أن الله تعالى أراد أن يرده إلى أمه فبغض المراضع إليه حتى يُؤتى بأمه.
وقال صاحب النظم: قوله: ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ أي: من قبل أن يولد في القضاء والقدر السابق، حرمنا عليه المراضع، وكان تحريم إرضاعهن عليه أن لا يقبل ثدي امرأة. والقول ما قال المفسرون؛ لأن المراضع لو حرمت عليه في القضاء السابق لحرم عليه رضاع أمه أيضًا؛ لعموم اللفظ، ولكن المعنى: حرمنا عليه المراضع قبل إرضاع أمه؛ وذلك أنه إذا رُدَّ إلى أمه فأرضعته يجوز أن يقبل ثدي مرضعة غير الأم.
وقوله: ﴿فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ﴾ قال المفسرون: لما تعذر عليهم رضاعه، ورأت حرصهم على ذلك، قالت: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ﴾ أي: يكفلون لكم رضاعه، ويضمنون لكم القيام به (٣).
قال ابن عباس: قالوا لها: مَنْ؟ قالت: أمي، قالوا: ولأمك لبن؟
(١) قال النيسابوري: تحريم منع لا شرع. "وضح البرهان" ٢/ ١٤٧.
(٢) "تفسير ابن جرير" ٢٠/ ٤٠. و"معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٥، بمعناه.
(٣) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤١، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٩، عن ابن إسحاق. و"غريب القرآن"، لابن قتيبة ٣٢٩، و"معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٥. و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٩٩. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٢ أ.
(٢) "تفسير ابن جرير" ٢٠/ ٤٠. و"معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٥، بمعناه.
(٣) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤١، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٩، عن ابن إسحاق. و"غريب القرآن"، لابن قتيبة ٣٢٩، و"معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٥. و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٩٩. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٢ أ.
348
قالت: نعم، لبن هارون. وكان هارون ولد في سنةٍ لا يقتل فيها صبي، فقالوا لها (١): صدقتِ والله.
وقوله: ﴿وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ﴾ قال مقاتل: هم أشفق عليه، وأنصح له من غيره (٢). وقال السدي وابن جريج: لما سمعوا قولها: ﴿وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ﴾ قالوا: قد عرفتِ أهلَ هذا الغلام فدلينا على أهله، فقالت: لا أعرف، ولكني عَنيتُ: وهم للملِك ناصحون (٣)، فدلتهم على أم موسى، فدُفع إليها تربيه لهم (٤)، فلما وجد الصبي ريح أمه قبل ثديها (٥)، وأتم الله لها ما وعدها.
١٣ - قوله: ﴿فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ﴾ قال ابن إسحاق: بلغ لطف الله له ولها أن ردَّ عليها ابنها، وعَطَفَ عليه بقلب فرعون وأهل بيته، مع أمانها عليه (٦) من القتل الذي يُتخوَف على غيره، وكأنهم كانوا من بيت آل فرعون في الأمان والسعة (٧)؛ فذلك قوله: ﴿كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا﴾ أي: بولدها ﴿وَلَا تَحْزَنَ﴾ على فراقه (٨) ﴿وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ﴾ برد ولدها إليها ﴿حَقٌّ﴾.
قال صاحب النظم: هي كانت عالمة بأن وعد الله حق قبل أن ردَّ إليها
وقوله: ﴿وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ﴾ قال مقاتل: هم أشفق عليه، وأنصح له من غيره (٢). وقال السدي وابن جريج: لما سمعوا قولها: ﴿وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ﴾ قالوا: قد عرفتِ أهلَ هذا الغلام فدلينا على أهله، فقالت: لا أعرف، ولكني عَنيتُ: وهم للملِك ناصحون (٣)، فدلتهم على أم موسى، فدُفع إليها تربيه لهم (٤)، فلما وجد الصبي ريح أمه قبل ثديها (٥)، وأتم الله لها ما وعدها.
١٣ - قوله: ﴿فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ﴾ قال ابن إسحاق: بلغ لطف الله له ولها أن ردَّ عليها ابنها، وعَطَفَ عليه بقلب فرعون وأهل بيته، مع أمانها عليه (٦) من القتل الذي يُتخوَف على غيره، وكأنهم كانوا من بيت آل فرعون في الأمان والسعة (٧)؛ فذلك قوله: ﴿كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا﴾ أي: بولدها ﴿وَلَا تَحْزَنَ﴾ على فراقه (٨) ﴿وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ﴾ برد ولدها إليها ﴿حَقٌّ﴾.
قال صاحب النظم: هي كانت عالمة بأن وعد الله حق قبل أن ردَّ إليها
(١) لها. زيادة من نسخة: (ب).
(٢) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ.
(٣) رواه ابن جرير ٢٠/ ٤١، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٩. وذكره عنهما الثعلبي ٨/ ١٤٢ أ.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٥.
(٥) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ، من قوله: فلما وجد الصبي. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٢ أ.
(٦) عليه. ساقطة من نسخة (ج).
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٠.
(٨) في النسخ الثلاث: فراقها.
(٢) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ.
(٣) رواه ابن جرير ٢٠/ ٤١، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٤٩. وذكره عنهما الثعلبي ٨/ ١٤٢ أ.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٥.
(٥) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ، من قوله: فلما وجد الصبي. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٢ أ.
(٦) عليه. ساقطة من نسخة (ج).
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٠.
(٨) في النسخ الثلاث: فراقها.
ولدها، لقوله تعالى: ﴿لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أيَ: المصدقين بوعد الله، فهي مصدقة بوعد الله بربط الله على قلبها؛ ومعنى: ﴿وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ لتعلم كون ذلك ووقوعه مع علمها بأن الله منجزها ما وعدها. وهذا الفرق بين العيان والخبر، وهو مثل قوله: ﴿قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ [البقرة: ٢٦٠] لأن للمعاينة من ثَلَج اليقين ما ليس لغير المعاينة، وإن كان يقينًا (١).
قوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ يعني: أهل مصر لا يعلمون أن الله وعدها رده إليها (٢).
١٤ - قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ قال مقاتل: يعني لثمان عشرة سنة إلى أربعين سنة (٣)، واستوى وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة. وهذا قول الكلبي (٤).
وقال مجاهد: ولما بلغ أشده: ثلاثًا وثلاثين سنة، واستواؤه: أربعين سنة (٥).
قوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ يعني: أهل مصر لا يعلمون أن الله وعدها رده إليها (٢).
١٤ - قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ قال مقاتل: يعني لثمان عشرة سنة إلى أربعين سنة (٣)، واستوى وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة. وهذا قول الكلبي (٤).
وقال مجاهد: ولما بلغ أشده: ثلاثًا وثلاثين سنة، واستواؤه: أربعين سنة (٥).
(١) ثَلَجَتْ نفسي بالأمر: إذا اطمأنت إليه وسكنت وثبت فيها ووثقت به. "تهذيب اللغة" ١١/ ٢١ (ثلج)، و"لسان العرب" ٢/ ٢٢٢.
(٢) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٢ أ.
(٣) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ، بلفظ: ولما بلغ موسى أشده، يعني: لثمان عشرة سنة، واستوى يعني: أربعين سنة.
(٤) "تنوير المقباس" ٣٢٤. وذكره عنه الثعلبي ٨/ ١٤٢ أ، بلفظ: الأشد: ما بين ثماني عشرة سنة إلى ثلاثين سنة.
(٥) في نسخة: (ج): واستوى وهو ابن أربعين سنة. وخبر مجاهد أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٢، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥١. ونسب الثعلبي ٨/ ١٤٢ أ، هذا القول لسائر المفسرين بعد أن ذكر قول الكلبي.
(٢) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٢ أ.
(٣) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ، بلفظ: ولما بلغ موسى أشده، يعني: لثمان عشرة سنة، واستوى يعني: أربعين سنة.
(٤) "تنوير المقباس" ٣٢٤. وذكره عنه الثعلبي ٨/ ١٤٢ أ، بلفظ: الأشد: ما بين ثماني عشرة سنة إلى ثلاثين سنة.
(٥) في نسخة: (ج): واستوى وهو ابن أربعين سنة. وخبر مجاهد أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٢، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥١. ونسب الثعلبي ٨/ ١٤٢ أ، هذا القول لسائر المفسرين بعد أن ذكر قول الكلبي.
350
وهو قول ابن عباس وقتادة (١).
وقوله: ﴿آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ قال مجاهد: الفقه والعقل والعلم قبل النبوة (٢).
قال محمد بن إسحاق: آتاه الله علما وفقهًا في دينه، ودين آبائه، وعلمًا بما في دينه من شرائعه، وحدوده (٣)، وكانت له من بني إسرائيل شيعة يسمعون منه، ويقتدون به، ويجتمعون إليه. وقال أبو إسحاق: فَعَلِم موسى -عليه السلام- وحكم (٤) قبل أن يُبعث (٥). والعالم الحكيم من استعمل علمه، ومن لم يعمل بعلمه فهو جاهل.
وقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ قال مقاتل: يقول: هكذا نجزي من أحسن، أي: من آمن بالله (٦).
وقوله: ﴿آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ قال مجاهد: الفقه والعقل والعلم قبل النبوة (٢).
قال محمد بن إسحاق: آتاه الله علما وفقهًا في دينه، ودين آبائه، وعلمًا بما في دينه من شرائعه، وحدوده (٣)، وكانت له من بني إسرائيل شيعة يسمعون منه، ويقتدون به، ويجتمعون إليه. وقال أبو إسحاق: فَعَلِم موسى -عليه السلام- وحكم (٤) قبل أن يُبعث (٥). والعالم الحكيم من استعمل علمه، ومن لم يعمل بعلمه فهو جاهل.
وقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ قال مقاتل: يقول: هكذا نجزي من أحسن، أي: من آمن بالله (٦).
(١) أخرج عبد الرزاق ٢/ ٨٨، عن قتادة، روايتين؛ أربعون سنة، وأخرجها كذلك عن مجاهد، والثانية: ثلاث وثلاثون. وأخرج الرواية عن ابن عباس ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥١، والثعلبي ٨/ ١٤٢ ب.
قال أبو القاسم عبد الرحمن الزجاجي في هذه الآية: هو منتهى شبابه وكماله واستقراره، فلا يكون فيه زيادة قبل أن يأخذ في النقصان. "اشتقاق أسماء الله الحسنى" ٣٣٤. ويشهد لتمام الأشد أربعين سنة قول الله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾ [الأحقاف: ١٥].
(٢) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٢، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٢. وذكره الثعلبي ٨/ ١٤٢ ب.
(٣) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٣، في موضعين، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٢، وأصل الكلام في النسخ الثلاث: وعلمًا في دينه من شرائعه. وأثبت الزيادة من المصدرين السابقين.
(٤) وحكم، في نسخة (ج).
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٦.
(٦) هكذا في "تفسير مقاتل" ٦٤ أ. وفي نسخة (ج): أي: آمن باللهِ.
قال أبو القاسم عبد الرحمن الزجاجي في هذه الآية: هو منتهى شبابه وكماله واستقراره، فلا يكون فيه زيادة قبل أن يأخذ في النقصان. "اشتقاق أسماء الله الحسنى" ٣٣٤. ويشهد لتمام الأشد أربعين سنة قول الله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾ [الأحقاف: ١٥].
(٢) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٢، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٢. وذكره الثعلبي ٨/ ١٤٢ ب.
(٣) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٣، في موضعين، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٢، وأصل الكلام في النسخ الثلاث: وعلمًا في دينه من شرائعه. وأثبت الزيادة من المصدرين السابقين.
(٤) وحكم، في نسخة (ج).
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٦.
(٦) هكذا في "تفسير مقاتل" ٦٤ أ. وفي نسخة (ج): أي: آمن باللهِ.
351
وقال الكلبي: ﴿نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ يقول: الموحدين (١).
قال الزجاج: جعل الله إيتاء العلم والحكمة إياه مجازاة على الإحسان؛ لأنهما يؤديان إلى الجنة التي هي جزاء المحسنين (٢)، وهذه الآية مفسرة في سورة يوسف (٣).
١٥ - قوله تعالى: ﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا﴾ اختلفوا في هذه المدينة، وفي سبب دخول موسى المدينة؛ فقال السدي: دخلها متبعًا أثر فرعون؛ لأن فرعون ركب وموسى غير شاهد، فلما جاء موسى قيل له: إن فرعون قد ركب، فركب في أثره، فأدركه المقيل بأرض يقال لها: مَنْف (٤)، فهو قوله: ﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ﴾ (٥).
وقال ابن إسحاق: بل دخلها مستخفيًا من فرعون وقومه؛ وذلك أنه كان قد خالفهم في دينهم، وعاب عليهم ما كانوا عليه، وأنكر عليهم ذلك،
قال الزجاج: جعل الله إيتاء العلم والحكمة إياه مجازاة على الإحسان؛ لأنهما يؤديان إلى الجنة التي هي جزاء المحسنين (٢)، وهذه الآية مفسرة في سورة يوسف (٣).
١٥ - قوله تعالى: ﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا﴾ اختلفوا في هذه المدينة، وفي سبب دخول موسى المدينة؛ فقال السدي: دخلها متبعًا أثر فرعون؛ لأن فرعون ركب وموسى غير شاهد، فلما جاء موسى قيل له: إن فرعون قد ركب، فركب في أثره، فأدركه المقيل بأرض يقال لها: مَنْف (٤)، فهو قوله: ﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ﴾ (٥).
وقال ابن إسحاق: بل دخلها مستخفيًا من فرعون وقومه؛ وذلك أنه كان قد خالفهم في دينهم، وعاب عليهم ما كانوا عليه، وأنكر عليهم ذلك،
(١) "تنوير المقباس" ٣٢٤، بلفظ: المحسنين: النبيين بالفهم والنبوة، ويقال: الصالحين بالعلم والحكمة.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٦.
(٣) عند قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ [٢٢]، قال الواحدي في تفسيرها: ﴿وَكَذَلِكَ﴾ أي: مثل ما وصفنا من تعليم يوسف ﴿نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ قال ابن عباس: يريد: نفعل بالموحدين. وقال أبو روق عن الضحاك: يعني الصابرين على النوائب، كما صبر يوسف.
(٤) أخرجه ابن جرير في "التاريخ" ١/ ٣٩٠، عن السدي.
و (مَنْف)، بالفتح ثم سكون: اسم مدينة فرعون بمصر، قال القضاعي: أصلها بلغة القبط: مافه، فعربت، فقيل: منف. "معجم البلدان" ٥/ ٢٤٧. وهي الآن جنوب الجيزة، والجيزة تقابل القاهرة من جهة الغرب.
(٥) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٣، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٢. وذكره الثعلبي ٨/ ١٤٢ ب.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٦.
(٣) عند قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ [٢٢]، قال الواحدي في تفسيرها: ﴿وَكَذَلِكَ﴾ أي: مثل ما وصفنا من تعليم يوسف ﴿نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ قال ابن عباس: يريد: نفعل بالموحدين. وقال أبو روق عن الضحاك: يعني الصابرين على النوائب، كما صبر يوسف.
(٤) أخرجه ابن جرير في "التاريخ" ١/ ٣٩٠، عن السدي.
و (مَنْف)، بالفتح ثم سكون: اسم مدينة فرعون بمصر، قال القضاعي: أصلها بلغة القبط: مافه، فعربت، فقيل: منف. "معجم البلدان" ٥/ ٢٤٧. وهي الآن جنوب الجيزة، والجيزة تقابل القاهرة من جهة الغرب.
(٥) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٣، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٢. وذكره الثعلبي ٨/ ١٤٢ ب.
352
حتى أخافوه وخافهم، حتى كان لا يدخل قرية فرعون إلا خائفًا مستخفيًا فدخلها يومًا على حين غفلة من أهلها (١). وعلى هذا القول المدينة: مدينة فرعون التي كان يسكنها.
وقال مقاتل: هي قرية على رأس فرسخين من مصر تدعى: خانين (٢).
وقوله: ﴿عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا﴾ قال ابن عباس. في الظهيرة، عند المقيل (٣). وهو قول سعيد بن جبير ومقاتل والسدي؛ قالوا: دخلها نصف النهار، وليس في طرقها أحد (٤). وروى عطاء عن ابن عباس: بين (٥) المغرب والعشاء (٦). وهو قول القرظي (٧).
وعلى قول ابن إسحاق: تعمد موسى الدخول على غفلتهم عنه؛ لأنه كان خائفًا مستخفيًا. وقال ابن زيد: لما كبر موسى وأنكر على فرعون وقومه دينهم، أمرَ فرعونُ بإخراجه من مدينته، فخرج منها، ولم يدخل عليهم إلا بعد الكبر، فدخلها عليهم وقد نسوا خبره وأمره؛ لبعد عهدهم به (٨). وعلى
وقال مقاتل: هي قرية على رأس فرسخين من مصر تدعى: خانين (٢).
وقوله: ﴿عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا﴾ قال ابن عباس. في الظهيرة، عند المقيل (٣). وهو قول سعيد بن جبير ومقاتل والسدي؛ قالوا: دخلها نصف النهار، وليس في طرقها أحد (٤). وروى عطاء عن ابن عباس: بين (٥) المغرب والعشاء (٦). وهو قول القرظي (٧).
وعلى قول ابن إسحاق: تعمد موسى الدخول على غفلتهم عنه؛ لأنه كان خائفًا مستخفيًا. وقال ابن زيد: لما كبر موسى وأنكر على فرعون وقومه دينهم، أمرَ فرعونُ بإخراجه من مدينته، فخرج منها، ولم يدخل عليهم إلا بعد الكبر، فدخلها عليهم وقد نسوا خبره وأمره؛ لبعد عهدهم به (٨). وعلى
(١) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٣. وذكره الثعلبي ٨/ ١٤٢ ب.
(٢) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ. لم أجد معلومات عن هذه المدينة.
(٣) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٤.
(٤) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٣، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٢، عن السدي، وابن عباس، وقتادة. وأخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٩، عن قتادة. و"تفسير مقاتل" ٦٤ أ. و"وضح البرهان" ٢/ ١٤٨، ولم ينسبه.
(٥) بين، ساقطة من نسخة (ج).
(٦) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٤، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٣. والمراد به عطاء الخراساني كما صرح به ابن جرير.
(٧) ذكره عنه الثعلبي ٨/ ١٤٢ ب.
(٨) أخرجه بنحوه ابن جرير ٢٠/ ٤٤، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٣. وذكره الثعلبي ٨/ ١٤٢ ب.
(٢) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ. لم أجد معلومات عن هذه المدينة.
(٣) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٤.
(٤) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٣، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٢، عن السدي، وابن عباس، وقتادة. وأخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٩، عن قتادة. و"تفسير مقاتل" ٦٤ أ. و"وضح البرهان" ٢/ ١٤٨، ولم ينسبه.
(٥) بين، ساقطة من نسخة (ج).
(٦) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٤، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٣. والمراد به عطاء الخراساني كما صرح به ابن جرير.
(٧) ذكره عنه الثعلبي ٨/ ١٤٢ ب.
(٨) أخرجه بنحوه ابن جرير ٢٠/ ٤٤، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٣. وذكره الثعلبي ٨/ ١٤٢ ب.
353
هذا المدينة: مصر (١)، وغفلتهم عنه: نسيانهم إياه لطول العهد؛ وهذا القول لا يليق بسياق القصة؛ لأن عَود موسى إليهم بعد طول العهد إنما كان بعد الوحي والنبوة، ونبوته كانت بعد ما ذكر الله تعالى من قصته مع شعيب في هذه السورة. قال الفراء: أراد على غفلة من أهلها، فأدخل: ﴿حِينِ﴾ فضلة في الكلام، ولو لم يكن ﴿حِينِ﴾ فضلة، لقيل: ودخل المدينة حين غفلة من أهلها (٢).
قوله تعالى: ﴿فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ﴾ قال ابن عباس: يريد: بأن أحدهما من بني إسرائيل، والآخر قبطي. وهو قول الجماعة (٣).
قوله تعالى: ﴿فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ﴾ قال ابن عباس: يريد: بأن أحدهما من بني إسرائيل، والآخر قبطي. وهو قول الجماعة (٣).
(١) مصر، ساقطة من نسخة: (أ)، (ب).
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٠٣. لم أجد هذه المسألة عند الزمخشري، ولا ابن عطية، ولا أبي حيان، ولا أبي السعود. وأما النحاس فقال: يقال في الكلام: دخلتُ المدينة حين غَفل أهلها، ولا يقال: على حين غفل أهلها، ودخلتْ على في هذه الآية؛ لأن الغفلة هي المقصودة، فصار هذا كما تقول: جئتُ على غفلة، وإن شئت قلت: جئتُ على حين غفلة، فكذا الآية. "إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٢٣١. وكلامه تقرير لكلام الفراء؛ والأولى أن يقال: دخلت ﴿حِينِ﴾ لتأكيد معنى الدخول على غفلة؛ فإن وقت القائلة وما بين العشائين قد لا يُغفل فيه، و ﴿مِنْ أَهْلِهَا﴾ في موضع الصفة لغفلة، وما في النظم الكريم أبلغ من غفلة أهلها، بالإضافة لما في التنوين من إفادة التفخيم. "روح المعاني" ٢٠/ ٥٣.
قال ابن عاشور ٢٠/ ٨٨: ويتعلق ﴿عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ﴾ بـ ﴿دَخَلَ﴾ وعلى للاستعلاء المجازي كما في قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ﴾ [البقرة: ٥]. فإعراب ﴿عَلَى حِينِ﴾ حال من المدينة، أو حال من الفاعل. "إملاء ما من به الرحمن" للعكبري ٢/ ١٧٧، و"الدر المصون" ٨/ ٦٥٦، و"الجدول في إعراب القرآن الكريم" ١٠/ ٢٣٣.
(٣) أخرجه أبو يعلى ٥/ ١٦، عن ابن عباس. وأخرج ابن جرير ٢٠/ ٤٥، عن ابن =
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٠٣. لم أجد هذه المسألة عند الزمخشري، ولا ابن عطية، ولا أبي حيان، ولا أبي السعود. وأما النحاس فقال: يقال في الكلام: دخلتُ المدينة حين غَفل أهلها، ولا يقال: على حين غفل أهلها، ودخلتْ على في هذه الآية؛ لأن الغفلة هي المقصودة، فصار هذا كما تقول: جئتُ على غفلة، وإن شئت قلت: جئتُ على حين غفلة، فكذا الآية. "إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٢٣١. وكلامه تقرير لكلام الفراء؛ والأولى أن يقال: دخلت ﴿حِينِ﴾ لتأكيد معنى الدخول على غفلة؛ فإن وقت القائلة وما بين العشائين قد لا يُغفل فيه، و ﴿مِنْ أَهْلِهَا﴾ في موضع الصفة لغفلة، وما في النظم الكريم أبلغ من غفلة أهلها، بالإضافة لما في التنوين من إفادة التفخيم. "روح المعاني" ٢٠/ ٥٣.
قال ابن عاشور ٢٠/ ٨٨: ويتعلق ﴿عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ﴾ بـ ﴿دَخَلَ﴾ وعلى للاستعلاء المجازي كما في قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ﴾ [البقرة: ٥]. فإعراب ﴿عَلَى حِينِ﴾ حال من المدينة، أو حال من الفاعل. "إملاء ما من به الرحمن" للعكبري ٢/ ١٧٧، و"الدر المصون" ٨/ ٦٥٦، و"الجدول في إعراب القرآن الكريم" ١٠/ ٢٣٣.
(٣) أخرجه أبو يعلى ٥/ ١٦، عن ابن عباس. وأخرج ابن جرير ٢٠/ ٤٥، عن ابن =
354
قال ابن إسحاق: ﴿هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ﴾ مسلم، وهذا من دين آل فرعون كافر (١).
قال أبو إسحاق: المعنى فوجد فيها رجلين؛ أحدهما من شيعته، والآخر من عدوه، وقيل فيهما: (هَذَا) (وَهَذَا) وهما غائبان على جهة الحكاية للحضرة، أي: فوجد فيها رجلين إذا نظر إليهما الناظر قال: هذا من شيعته، وهذا من عدوه (٢).
وقال أبو علي: (هَذَا) يشار به إلى الحاضر، والقصة ماضية ولكنها حكاية حال (٣). وقد ذكرنا مثلها في قوله: ﴿فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ﴾ [يوسف: ١١٠] (٤).
وقوله: ﴿فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ﴾ أي: استنصر موسى الإسرائيلي على القبطي (٥) ﴿فَوَكَزَهُ مُوسَى﴾ الوكز: الضرب بجُمعِ الكف في الصدر (٦).
قال أبو إسحاق: المعنى فوجد فيها رجلين؛ أحدهما من شيعته، والآخر من عدوه، وقيل فيهما: (هَذَا) (وَهَذَا) وهما غائبان على جهة الحكاية للحضرة، أي: فوجد فيها رجلين إذا نظر إليهما الناظر قال: هذا من شيعته، وهذا من عدوه (٢).
وقال أبو علي: (هَذَا) يشار به إلى الحاضر، والقصة ماضية ولكنها حكاية حال (٣). وقد ذكرنا مثلها في قوله: ﴿فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ﴾ [يوسف: ١١٠] (٤).
وقوله: ﴿فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ﴾ أي: استنصر موسى الإسرائيلي على القبطي (٥) ﴿فَوَكَزَهُ مُوسَى﴾ الوكز: الضرب بجُمعِ الكف في الصدر (٦).
= عباس، وسعيد بن جبير، وقتادة، والسدي، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٤، عن ابن عباس، وقتادة، والسدي. و"تفسير مقاتل" ٦٤ أ. و"غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٢٩.
(١) أخرج ابن جرير ٢٠/ ٤٥، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٤، وقد خالف في ذلك مقاتل؛ فقال: ﴿فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ﴾ كافرين. "تفسير مقاتل" ٦٤ أ، وهو أقرب؛ لأن نبي الله موسى -صلى الله عليه وسلم-، لم يبعث بعد. وقد ذكر هذا القول الواحدي بعد ذلك، ورجح قول مقاتل. والله أعلم.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٦.
(٣) كتاب "الشعر" لأبي علي ١/ ٢٣٦.
(٤) قال الواحدي في تفسير هذه الآية: قال أبو علي: هو حكاية حال ألا ترى أن القصة فيما مضى، وإنما حكى فعل الحال على ما كانت كما أن قوله ﴿هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ﴾ [القصص: ١٥] أشار إلى الحاضر والقصة ماضية لأنه حكى الحال.
(٥) و (٦) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٦، ١٣٧. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٣ أ.
(١) أخرج ابن جرير ٢٠/ ٤٥، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٤، وقد خالف في ذلك مقاتل؛ فقال: ﴿فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ﴾ كافرين. "تفسير مقاتل" ٦٤ أ، وهو أقرب؛ لأن نبي الله موسى -صلى الله عليه وسلم-، لم يبعث بعد. وقد ذكر هذا القول الواحدي بعد ذلك، ورجح قول مقاتل. والله أعلم.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٦.
(٣) كتاب "الشعر" لأبي علي ١/ ٢٣٦.
(٤) قال الواحدي في تفسير هذه الآية: قال أبو علي: هو حكاية حال ألا ترى أن القصة فيما مضى، وإنما حكى فعل الحال على ما كانت كما أن قوله ﴿هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ﴾ [القصص: ١٥] أشار إلى الحاضر والقصة ماضية لأنه حكى الحال.
(٥) و (٦) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٦، ١٣٧. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٣ أ.
355
قال الفراء: يريد: فلكزه، وفي قراءة عبد الله: (فَنكَزهُ). وكلٌ سواء (١).
قال المفسرون: وكزه موسى وكزة بجمع كله فقتله، وهو قوله: ﴿فَقَضَى عَلَيْهِ﴾ أي: قتله. قاله ابن عباس والمفسرون (٢).
قال أبو عبيدة: كل شيء فرغت منه، فقد قضيت عليه وقضيته (٣).
قال المبرد: قضى عليه كقولك: أتى عليه، أي: صادف أجله، ومنه قول جرير:
أي: قتله. قال المفسرون: كان موسى شديد البطش، قد أوتي بسطة في الخَلْق، وشدة في البطش، ضَبَثَ (٥) بعدوه فوكزه وكزة قتله منها، وهو لا يريد قتله، فـ ﴿قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ (٦) أي: هذا القتل من تسبب
قال المفسرون: وكزه موسى وكزة بجمع كله فقتله، وهو قوله: ﴿فَقَضَى عَلَيْهِ﴾ أي: قتله. قاله ابن عباس والمفسرون (٢).
قال أبو عبيدة: كل شيء فرغت منه، فقد قضيت عليه وقضيته (٣).
قال المبرد: قضى عليه كقولك: أتى عليه، أي: صادف أجله، ومنه قول جرير:
أيُفايشُون وقد رأوا حُفَّاثهم | قد عَضَّه فَقَضَى عليه الأشجعُ (٤) |
(١) "معاني القرآن" ٣/ ٣٠٢. و"غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٣٠. وذكر قراءة عبد الله الثعلبي ٨/ ١٤٣ أ. وفي "الدر المصون" ٨/ ٦٥٧: والفرق بين الوكز واللكز: أن الأول بجميع الكف، والثاني بأطراف الأصابع، وقيل: بالعكس. والنكز كاللكز.
(٢) أخرجه أبو يعلى ٥/ ١٦، عن ابن عباس. و"تفسير مقاتل" ٦٤ أ. و"معاني القرآن" للفراء ٣/ ٣٠٢. و"غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٣٠. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٣ أ. و"وضح البرهان" ٢/ ١٤٨.
(٣) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٣ أ. بنصه، ولم ينسبه. وكذا عند ابن قتيبة، "غريب القرآن". وفي "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٩٩، أي: فقتله وأتى على نفسه.
(٤) "ديوان جرير" ٢٧٠، من قصيدة يهجو فيها الفرزدق، ومعنى الفياش: المفاخرة. "لسان العرب" ٦/ ٣٣٣، واستشهد ببيت جرير على ذلك. والحفاث: حية عظيمة. "لسان العرب" ٢/ ١٣٨ (حفث).
(٥) الضَّبْث: قبضك بكفك على الشيء. "تهذيب اللغة" ١٢/ ٧ (ضبث).
(٦) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٥، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٥، عن ابن إسحاق. وأخرجا نحوه عن قتادة، وأخرج نحوه عن ابن عباس ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٤. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٣ أ.
(٢) أخرجه أبو يعلى ٥/ ١٦، عن ابن عباس. و"تفسير مقاتل" ٦٤ أ. و"معاني القرآن" للفراء ٣/ ٣٠٢. و"غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٣٠. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٣ أ. و"وضح البرهان" ٢/ ١٤٨.
(٣) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٣ أ. بنصه، ولم ينسبه. وكذا عند ابن قتيبة، "غريب القرآن". وفي "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٩٩، أي: فقتله وأتى على نفسه.
(٤) "ديوان جرير" ٢٧٠، من قصيدة يهجو فيها الفرزدق، ومعنى الفياش: المفاخرة. "لسان العرب" ٦/ ٣٣٣، واستشهد ببيت جرير على ذلك. والحفاث: حية عظيمة. "لسان العرب" ٢/ ١٣٨ (حفث).
(٥) الضَّبْث: قبضك بكفك على الشيء. "تهذيب اللغة" ١٢/ ٧ (ضبث).
(٦) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٥، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٥، عن ابن إسحاق. وأخرجا نحوه عن قتادة، وأخرج نحوه عن ابن عباس ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٤. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٣ أ.
356
الشيطان؛ هيج غضبي حتى ضربت هذا ﴿إِنَّهُ عَدُوٌّ﴾ لابن آدم ﴿مُضِلٌّ﴾ له ﴿مُبِينٌ﴾ عداوته. قال المفسرون: لما قتله موسى ندم على القتل، وقال: لم أومر بذلك، فـ: ﴿قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ (١).
قال أبو إسحاق: هذا يدل على أن قتله كان خطأً، وأنه لم يكن أُمِر موسى بقتل ولا قتال (٢). ثم استغفر الله فقال:
١٦ - ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي﴾ بقتلي نفسًا لم أومر بقتلها ﴿فَاغْفِرْ لِي﴾ أي: استر علي هذا الذنب ﴿فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (٣).
١٧ - ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ﴾ أي: مننت عليّ إذ غفرت لي قتل هذه النفس (٤). قال مقاتل: أنعمت علي بالمغفرة (٥)؛ ولا أدري كيف علم موسى أن الله قد غفر له، وكان هذا قبل الوحي (٦)؟. وقوله: ﴿فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ﴾ قال ابن عباس: عونًا للكافرين (٧).
قال أبو إسحاق: هذا يدل على أن قتله كان خطأً، وأنه لم يكن أُمِر موسى بقتل ولا قتال (٢). ثم استغفر الله فقال:
١٦ - ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي﴾ بقتلي نفسًا لم أومر بقتلها ﴿فَاغْفِرْ لِي﴾ أي: استر علي هذا الذنب ﴿فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (٣).
١٧ - ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ﴾ أي: مننت عليّ إذ غفرت لي قتل هذه النفس (٤). قال مقاتل: أنعمت علي بالمغفرة (٥)؛ ولا أدري كيف علم موسى أن الله قد غفر له، وكان هذا قبل الوحي (٦)؟. وقوله: ﴿فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ﴾ قال ابن عباس: عونًا للكافرين (٧).
(١) أخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٥، عن ابن عباس. و"الثعلبي" ٨/ ١٤٣ أ، ولم ينسبه.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٧.
(٣) "تفسير ابن جرير" ٢٠/ ٤٧، وأخرج عن قتادة قال: عرف المخرج فقال: ﴿ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي﴾.
(٤) في "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٣ أ: أنعمت علي بالمغفرة فلم تعاقبني.
(٥) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ.
(٦) قال ابن عطية ١١/ ٢٧٦: ثم قال -عليه السلام- معاهدًا لربه -عز وجل-: رب بنعمتك علي وبسبب إحسانك فأنا ملتزم ألا أكون معينًا للمجرمين. هذا أحسن ما تُؤول. وقال ابن كثير ٦/ ٢٢٥: ﴿بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ﴾ أي: بما جعلت لي من الجاه والعزة والمنعة. وعلى هذا لا يرد الاعتراض الذي أورده الواحدي.
(٧) ذكره عن ابن عباس ابن الجوزي، "زاد المسير" ٦/ ٢٠٩، ثم قال بعده: وهذا يدل على أن الإسرائيلي الذي أعانه موسى كان كافرًا. وذكره ابن الأنباري، الأضداد، ٢٢٥، ولم ينسبه.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٧.
(٣) "تفسير ابن جرير" ٢٠/ ٤٧، وأخرج عن قتادة قال: عرف المخرج فقال: ﴿ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي﴾.
(٤) في "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٣ أ: أنعمت علي بالمغفرة فلم تعاقبني.
(٥) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ.
(٦) قال ابن عطية ١١/ ٢٧٦: ثم قال -عليه السلام- معاهدًا لربه -عز وجل-: رب بنعمتك علي وبسبب إحسانك فأنا ملتزم ألا أكون معينًا للمجرمين. هذا أحسن ما تُؤول. وقال ابن كثير ٦/ ٢٢٥: ﴿بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ﴾ أي: بما جعلت لي من الجاه والعزة والمنعة. وعلى هذا لا يرد الاعتراض الذي أورده الواحدي.
(٧) ذكره عن ابن عباس ابن الجوزي، "زاد المسير" ٦/ ٢٠٩، ثم قال بعده: وهذا يدل على أن الإسرائيلي الذي أعانه موسى كان كافرًا. وذكره ابن الأنباري، الأضداد، ٢٢٥، ولم ينسبه.
قال الأخفش: قوله: ﴿فَلَنْ أَكُونَ﴾ معناه: فلا أكونن (١). وهذا خبر في معنى الدعاء، كأنه قال: فلا تجعلني ظهيرًا. ونحو هذا ذكر الفراء؛ واحتج (٢) بأن في حرف عبد الله: (فلا تجعلني ظهيرًا)؛ على الدعاء (٣). ومذهب المفسرين أن هذا خبر وليس بدعاء؛ أخبر عن نفسه أنه لا يكون ظهيرًا للمجرمين بعد ذلك (٤).
قال ابن عباس: لم يستثن فابتُلي (٥). يعني: ما وقع له من غدِ ذلك اليوم؛ وهو قوله: ﴿فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ﴾. وقال قتادة: لم يستثن -عليه السلام- حين قال: ﴿فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ﴾ فابتلي كما تسمعون (٦). قال مقاتل: إنما قال ذلك؛ لأن الذي نصره موسى كان كافرًا (٧). وقد حكينا عن ابن إسحاق: أنه كان مسلمًا (٨).
وسياق اللفظ يدل على صحة قول مقاتل. ومعنى الظهير في اللغة: المعين (٩). وقد مر تفسيره (١٠).
١٨ - قوله تعالى: ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾ قال مقاتل: أصبح
قال ابن عباس: لم يستثن فابتُلي (٥). يعني: ما وقع له من غدِ ذلك اليوم؛ وهو قوله: ﴿فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ﴾. وقال قتادة: لم يستثن -عليه السلام- حين قال: ﴿فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ﴾ فابتلي كما تسمعون (٦). قال مقاتل: إنما قال ذلك؛ لأن الذي نصره موسى كان كافرًا (٧). وقد حكينا عن ابن إسحاق: أنه كان مسلمًا (٨).
وسياق اللفظ يدل على صحة قول مقاتل. ومعنى الظهير في اللغة: المعين (٩). وقد مر تفسيره (١٠).
١٨ - قوله تعالى: ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾ قال مقاتل: أصبح
(١) "معاني القرآن" للأخفش ٢/ ٦٥٢.
(٢) واحتج، ساقطة من نسخة: (ب).
(٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٠٤.
(٤) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ. وأخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٩، عن قتادة.
(٥) ذكره عنه الفراء، "معاني القرآن" ٢/ ٣٠٤. والثعلبي ٨/ ١٤٣ أ.
(٦) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٧.
(٧) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ.
(٨) سبق ذكره في تفسير قول الله تعالى: ﴿هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ﴾ [١٥].
(٩) "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٩٩.
(١٠) عند قول الله تعالى: ﴿وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا﴾ [الفرقان: ٥٥].
(٢) واحتج، ساقطة من نسخة: (ب).
(٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٠٤.
(٤) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ. وأخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٩، عن قتادة.
(٥) ذكره عنه الفراء، "معاني القرآن" ٢/ ٣٠٤. والثعلبي ٨/ ١٤٣ أ.
(٦) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٧.
(٧) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ.
(٨) سبق ذكره في تفسير قول الله تعالى: ﴿هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ﴾ [١٥].
(٩) "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٩٩.
(١٠) عند قول الله تعالى: ﴿وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا﴾ [الفرقان: ٥٥].
358
موسى من الغد في المدينة خائفًا أن يُقتل ﴿يَتَرَقَّبُ﴾ ينتظر الطلب (١).
وقال ابن عباس: يتوقع (٢). وقال قتادة: ينتظر ما الذي يحدث به (٣).
وقال الكلبي: ينتظر متى يؤخذ به (٤). قال سعيد بن جبير: يتلفت (٥).
وقال ابن قتيبة: ينتظر سوءًا يناله منهم (٦). والترقب: انتظار المكروه (٧).
﴿فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ﴾ قال المفسرون: فإذا صاحبه الإسرائيلي الذي استنقذه بالأمس يقاتل فرعونيًا يريد أن يسخره، وهو يستغيث بموسى (٨).
والاستصراخ: الاستغاثة والاستنصار (٩). وأمسِ: اسم لليوم الماضي الذي هو قبل يومك، وهو مبني على الكسر لالتقاء الساكنين.
وقال الكسائي: بُني على الكسر؛ لأنه فعل سمي به، وهو عنده مأخوذ من قولهم: أمسِ، فتركت السين على كسرتها، وهو اسم مبني
وقال ابن عباس: يتوقع (٢). وقال قتادة: ينتظر ما الذي يحدث به (٣).
وقال الكلبي: ينتظر متى يؤخذ به (٤). قال سعيد بن جبير: يتلفت (٥).
وقال ابن قتيبة: ينتظر سوءًا يناله منهم (٦). والترقب: انتظار المكروه (٧).
﴿فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ﴾ قال المفسرون: فإذا صاحبه الإسرائيلي الذي استنقذه بالأمس يقاتل فرعونيًا يريد أن يسخره، وهو يستغيث بموسى (٨).
والاستصراخ: الاستغاثة والاستنصار (٩). وأمسِ: اسم لليوم الماضي الذي هو قبل يومك، وهو مبني على الكسر لالتقاء الساكنين.
وقال الكسائي: بُني على الكسر؛ لأنه فعل سمي به، وهو عنده مأخوذ من قولهم: أمسِ، فتركت السين على كسرتها، وهو اسم مبني
(١) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ. و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٩٩.
(٢) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٧، بلفظ: يترقب أن يؤخذ.
(٣) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٩.
(٤) "تنوير المقباس" ٣٢٤.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٧.
(٦) "غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٣٠.
(٧) الترقُب: تَنَظُّرُ الشيءِ وتَوَقُّعُه. كتاب "العين" ٥/ ١٥٤ (رقب)، و"تهذيب اللغة" ٩/ ١٢٨.
(٨) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ، بمعناه. و"تفسير ابن جرير" ٢٠/ ٤٨، و"غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٣٠.
(٩) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٧.
(٢) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٧، بلفظ: يترقب أن يؤخذ.
(٣) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٩.
(٤) "تنوير المقباس" ٣٢٤.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٧.
(٦) "غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٣٠.
(٧) الترقُب: تَنَظُّرُ الشيءِ وتَوَقُّعُه. كتاب "العين" ٥/ ١٥٤ (رقب)، و"تهذيب اللغة" ٩/ ١٢٨.
(٨) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ، بمعناه. و"تفسير ابن جرير" ٢٠/ ٤٨، و"غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٣٠.
(٩) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٧.
359
ومعرفة بغير: (ألف)، ولا: (لام)، نحو هُنَيْدَة، وشَعُوب (١)، ونحو ذلك من المبنيات المعرَّفة بغير اللام. ومن العرب من يبنيه على الفتح، كقول الشاعر:
فإذا أضفته أو نكرته أو أدخلت عليه الألف واللام أجريته بالإعراب، تقول: كان أمسُنا طيبًا، ورأيت أَمْسَنا المبارك، وسرت بأَمْسِنا، وتقول: مضى الأمسُ بما فيه (٣).
قال الفراء: ومن العرب من يخفض الأمسِ وإن أدخل عليه الألف واللام، وأنشد:
لقدْ رأيتُ عَجَبًا مُذْ أمْسَا | عجائزًا مثلَ الأفاعي خمسا (٢) |
قال الفراء: ومن العرب من يخفض الأمسِ وإن أدخل عليه الألف واللام، وأنشد:
وإني قعدت اليومَ والأمسِ قبله | وأقعد غدًا إن تأخروا في الأجل (٤) |
(١) قال الأصمعي: هُنَيْدَة: مائة من الإبل معرِفة لا تنصرف، ولا يدخلها الألف واللام، ولا تجمع، ولا واحد لها من جنسها. "تهذيب اللغة" ٦/ ٢٠٤ (هند). وشَعُوب: المنية؛ يقال: شَعبته شَعوبُ فأشعبَ؛ أي: مات. "تهذيب اللغة" ١/ ٤٤٣ (شعب). و"القاموس المحيط" ١٣٠.
(٢) أنشده سيبويه، "الكتاب" ٣/ ٢٨٥، وأبو زيد، "النوادر" ٥٧، وفي حاشية الكتاب: هو للعجاج، والشاهد فيه: إعراب أمس مع منعها من الصرف للعلمية والعدل عن الأمس. ومذ يرفع ما بعدها ويخفض أيضًا كما هنا. وهو في "ديوان العجاج" ٤٠٠. وأنشده في "اللسان" ٦/ ١٠ (أمس) مقتصرًا على صدره، ولم ينسبه.
(٣) "تهذيب اللغة" ١٣/ ١١٨ (أمس)، من قوله: فإذا أضفته.. ونسبه للكسائي، ولم أجد فيه ما قبله من الكلام، ولا بيت الشعر.
(٤) لم أجده في "معاني القرآن" عند تفسير هذه الآية. وقد نقله الزهري في "تهذيب اللغة" ١٣/ ١١٨ (أمس)، ولم ينسبه. وأنشده في "اللسان"، في موضعين ٦/ ٨، ١٠ (أمس) ونسبه لنُصيب، والبيت بتمامه كما في "اللسان" في الموضع الثاني:
(٢) أنشده سيبويه، "الكتاب" ٣/ ٢٨٥، وأبو زيد، "النوادر" ٥٧، وفي حاشية الكتاب: هو للعجاج، والشاهد فيه: إعراب أمس مع منعها من الصرف للعلمية والعدل عن الأمس. ومذ يرفع ما بعدها ويخفض أيضًا كما هنا. وهو في "ديوان العجاج" ٤٠٠. وأنشده في "اللسان" ٦/ ١٠ (أمس) مقتصرًا على صدره، ولم ينسبه.
(٣) "تهذيب اللغة" ١٣/ ١١٨ (أمس)، من قوله: فإذا أضفته.. ونسبه للكسائي، ولم أجد فيه ما قبله من الكلام، ولا بيت الشعر.
(٤) لم أجده في "معاني القرآن" عند تفسير هذه الآية. وقد نقله الزهري في "تهذيب اللغة" ١٣/ ١١٨ (أمس)، ولم ينسبه. وأنشده في "اللسان"، في موضعين ٦/ ٨، ١٠ (أمس) ونسبه لنُصيب، والبيت بتمامه كما في "اللسان" في الموضع الثاني: