تفسير سورة القصص

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
تفسير سورة سورة القصص من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم .
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

لَمَّا بَّينَ أنه مأْمورٌ بتلاوة القرآن وبَيَّن اهتداءَ مَنْ يتبعه، أتبعه بذكر شرف مَتْلُوّه فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * طسۤمۤ * تِلْكَ ﴾: الآيات ﴿ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ ﴾: القرآن أو اللوح ﴿ نَتْلُواْ ﴾: نقص ﴿ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ ﴾: ملتبسا ﴿ بِٱلْحَقِّ ﴾: الصدق ﴿ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾: فإنه ينتفعون به ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ ﴾: تكبر ﴿ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: نَصْر ﴿ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً ﴾: فرقا، صرف كل فرقة لخدمته ﴿ يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةً مِّنْهُمْ ﴾: هم بنو إسرائيل ﴿ يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ ﴾: لسماعة من الكهنة أن ذهاب ملكة بيد مولود منهم ﴿ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ﴾: للخدمة ﴿ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ * وَ ﴾: الحال أنا ﴿ نُرِيدُ أَن نَّمُنَّ ﴾: نتفضل بعد ذلك ﴿ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: بإنقاذهم منه ﴿ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ﴾: يُقْتدَى بهم ﴿ وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ ﴾: لملكه ﴿ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ ﴾: استعارة للتسليط ﴿ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: مصر والشام ﴿ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ ﴾: من بني إسرائيل ﴿ مَّا كَانُواْ يَحْذَرُونَ ﴾: من ذهاب ملكهم بما مر ﴿ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ ﴾: إلهاما ﴿ أَنْ أَرْضِعِيهِ ﴾: ولا تسترضعي له ليأتيك فلا يقبل غيرك ﴿ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ ﴾: من جواسيس فرعون ﴿ فَأَلْقِيهِ فِي ٱليَمِّ ﴾: بحر النيل ﴿ وَلاَ تَخَافِي ﴾: عليه من الغرق ﴿ وَلاَ تَحْزَنِيۤ ﴾: بهجره، ومضى الفرق بينهما ﴿ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴾: فأرضعته ثلاثة أشهر، فلما خافت وضعته في تابوت وألقته في النيل ﴿ فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ ﴾: لام العاقبة ﴿ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ ﴾: فلا عجب في قتلهم أُلُوْفاً لأجله ثم تربيته ﴿ وَقَالَتِ ٱمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ﴾: حين وجد التابوت ورأت فيه غلاما بهيا وهم بقتله هو: ﴿ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ ﴾ إذ أحباه حين رأياه ﴿ لاَ تَقْتُلُوهُ ﴾: فإنه كبير ليس ابن تلك السنة ﴿ عَسَىٰ أَن يَنْفَعَنَا ﴾: إذ في جبينه أثر اليمن ﴿ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً ﴾: إذ مالنا ابن ﴿ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾: بأنه مهلكهم ﴿ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغاً ﴾: خاليا عن لصبر باستماعها أنهم التقطوه ﴿ إِن ﴾: إنها ﴿ كَادَتْ ﴾: قربت ﴿ لَتُبْدِي ﴾: القول ﴿ بِهِ ﴾: بأنه ابنها ﴿ لَوْلاۤ أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا ﴾: بالصبر، وجواب " لولا " مدلول كادت... ألى آخره ﴿ لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾: المصدقين بوعدنا برده إليها ﴿ وَقَالَتْ ﴾: أم موسى ﴿ لأُخْتِهِ ﴾: مريم: ﴿ قُصِّيهِ ﴾: اتبعي أثره، وتتبعي خبره ﴿ فَبَصُرَتْ بِهِ ﴾: أبصرته ﴿ عَن جُنُبٍ ﴾: بعد كأنها لا تريده ﴿ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾: أنها أخته ﴿ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ﴾: منعناه ﴿ ٱلْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ ﴾: قبل رده إلى أمها ﴿ فَقَالَتْ ﴾: أخته ﴿ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ ﴾: بالإرضاع وغيره ﴿ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ﴾: لا يقصرون في تربيته، فأجيبت: فأتت بأمه فالتقم ثديها عن سبب قبوله ثديها، والامتناع عن الغير فقالت: لطيب لبني ما أوتيت بصبي إلا قبلني فأعطوه إياها مع عطاء جزيل ﴿ فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا ﴾: برؤيته كما مرَّ ﴿ وَلاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ ﴾: مشاهدة ﴿ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ ﴾: هم الناس ﴿ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾: ذلك فيرتابون ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ﴾: منتهى قوته ثلاثين سنة ﴿ وَٱسْتَوَىٰ ﴾: عقله ببلوغ أربعين ﴿ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً ﴾: أي: علم الحكماء والعلماء ﴿ وَكَذَلِكَ ﴾: الجزاء ﴿ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ * وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ ﴾: مصر حين خرج من فصر فرعون ﴿ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا ﴾: وقت القيلولة ﴿ فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَـٰذَا ﴾: إسرائيلي ﴿ مِن شِيعَتِهِ وَهَـٰذَا ﴾: قبطي ﴿ مِنْ عَدُوِّهِ ﴾: والإشارة على الحكاية ﴿ فَٱسْتَغَاثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى ٱلَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ﴾: فقال له موسى: خل سبيله، فلم يقبل ﴿ فَوَكَزَهُ ﴾: ضربه ﴿ مُوسَىٰ ﴾: بجميْع كفه ﴿ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ ﴾: قتله، ثم دفنه في الرمل ﴿ قَالَ ﴾: موسى: ﴿ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ ﴾: إذ لَمْ يُؤْمر بقتل الكفَّار ﴿ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ ﴾: بين الضلال ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِ ﴾: بقتله ﴿ فَٱغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ * قَالَ رَبِّ بِمَآ أَنْعَمْتَ ﴾: بحق إنعامك ﴿ عَلَيّ ﴾: اعصمني ﴿ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً ﴾: معينا ﴿ لِّلْمُجْرِمِينَ ﴾: لمن أردت مظاهرته إلى الجرم ﴿ فَأَصْبَحَ فِي ٱلْمَدِينَةِ خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ ﴾: ينتظر ما يناله من جهة القتل ﴿ فَإِذَا ﴾: الاسرائيلي: ﴿ ٱلَّذِي ٱسْتَنْصَرَهُ بِٱلأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ﴾: يستغيثه على قبطي ﴿ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ ﴾: لما فعلت وتفعل ﴿ فَلَمَّآ أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِٱلَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا ﴾: أي: القبطي ﴿ قَالَ ﴾: الإسرائيلي: ﴿ يٰمُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِٱلأَمْسِ ﴾: ظن أنه يبطش به لما قاله له ﴿ إِن ﴾: ما ﴿ تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي ٱلأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِينَ ﴾: فلما سمعه القبطي أخبر فرعون فأمر بقتل موسى
﴿ وَجَآءَ رَجُلٌ ﴾: مؤمن من آل فرعون اسمه حِزقيل ﴿ مِّنْ أَقْصَا ٱلْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ ﴾: يسرع ﴿ قَالَ يٰمُوسَىٰ إِنَّ ٱلْمَلأَ ﴾: من قوم فرعون ﴿ يَأْتَمِرُونَ ﴾: يتشاورون ﴿ بِكَ ﴾: أي: فيك ﴿ لِيَقْتُلُوكَ فَٱخْرُجْ ﴾: من البلدة ﴿ إِنِّي لَكَ مِنَ ٱلنَّاصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا ﴾: من البلدة ﴿ خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ ﴾: لحوق شر ﴿ يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ * وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ ﴾: قبالة ﴿ مَدْيَنَ ﴾: قرية شعيب لم تكن تجت حكم فرعون وبينهما ثمانية أيام، وكان هناك ثلاث طرق، فتحير ﴿ قَالَ عَسَىٰ رَبِّيۤ أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ ﴾: فأخذ الطريق الوسط الأعظم، وهم طلبوه من الآخرين ﴿ وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ ﴾: بئرا لهم ﴿ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً ﴾: جماعة ﴿ مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسْقُونَ ﴾: مواشيهم ﴿ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ﴾: قبل أن يصل إليهم ﴿ ٱمْرَأَتَينِ تَذُودَانِ ﴾: تمنعان غنمهما من الماء لئلا تختلط بأغنامهم اسمهما: صفروا وصفرا ﴿ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ﴾: أي: شأنكما: لا تسقيان؟ ﴿ قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ ﴾: يصرف ﴿ ٱلرِّعَآءُ ﴾: مواشهم ﴿ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾: لا يقدر على الخروج للسقي ﴿ فَسَقَىٰ لَهُمَا ﴾: مواشيهما ورفع مع تعبه وجوعه حجرا حطوه على رأس البئر لم يكن يرفعه إلا عشرة أنفس ﴿ ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى ٱلظِّلِّ ﴾: من حر الشمس ﴿ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَآ ﴾: أي: لأي شيء ﴿ أَنزَلْتَ إِلَيَّ ﴾: قليلا أو كثيرا ﴿ مِنْ خَيْرٍ ﴾: طعام ﴿ فَقِيرٌ ﴾: محتاج سائل، إذ بات ثمان ليال خاويا، أو إني لما أنزلت إلى من خير الدين فقير في الدنيا، فيكون شكرا فرجعتا، وأخبرتا أباهما بما جرى فأرسل إحداهما تدعوه ﴿ فَجَآءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى ٱسْتِحْيَآءٍ ﴾: تَسْتُر وجهها بكُمّ درعها وهي امرأة موسى ﴿ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ﴾: فأجابها تركا برؤية الشيخ لا للأجرة، ولذا امتنع من أكل طعامه إلى أن بين أنه ليس للأجرة، روي أنه أمرها بالمشي خلفه رأى أن الريح تكشف ساقها ﴿ فَلَمَّا جَآءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ ٱلْقَصَصَ ﴾: ما جرى، مصدر بمعنى المفعول ﴿ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ * قَالَتْ إِحْدَاهُمَا ﴾: المرسلة ﴿ يٰأَبَتِ ٱسْتَئْجِرْهُ ﴾: لرعي غنمنا ﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَئْجَرْتَ ٱلْقَوِيُّ ﴾: كما شاهدته من أمر الحجر ﴿ ٱلأَمِينُ ﴾: كما شاهدنه في المشي قدامها ﴿ قَالَ إِنِّيۤ أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ٱبْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ﴾: تكون أجيرا لي في رعي غنمها، أشار إلى نفسه لولايته ﴿ ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ ﴾: عملت لي ﴿ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ ﴾: تفضل، والظاهر أنه استدعاء عقدة بالأجل الأول نظرا إلى شرعنا، ويمكن كونه عقدا صحيحا عندهم ﴿ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ ﴾: للتبرك ﴿ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾: في الوفاء ﴿ قَالَ ﴾: موسى ﴿ ذَلِكَ ﴾: العهد ﴿ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا ٱلأَجَلَيْنِ ﴾: المذكورين ﴿ قَضَيْتُ فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ ﴾: بطلب الزيادة ﴿ وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ﴾: شاهد فتزوج ثم أمر شعيب بنته بأن تعطى موسى عصا من عصيه لرعي الغنم فوقع في يدها عصا آدم، وأعطته ﴿ فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلأَجَلَ ﴾: الأطول ومكث عشرا أخر وعزم الرجوع ﴿ وَسَارَ بِأَهْلِهِ ﴾: زوجته ﴿ آنَسَ ﴾: أبصر ﴿ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَاراً ﴾: في ليلة مظلمة وقد ضل الطريق ﴿ قَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّيۤ ﴾: مر بيانه ﴿ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ ﴾: عن الطريق ﴿ أَوْ جَذْوَةٍ ﴾: عود غليظ ﴿ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ﴾: تستدفئون ﴿ فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِىءِ ﴾: جانب الواد ﴿ ٱلأَيْمَنِ ﴾: كما مر ﴿ فِي ٱلْبُقْعَةِ ٱلْمُبَارَكَةِ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ ﴾: العناب أو العوسج ﴿ أَن يٰمُوسَىٰ إِنِّيۤ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾: هذا لا يخالف طه والنمل في المقصود على أنه يمكن الجمع ﴿ وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ﴾: فالقاها ﴿ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ ﴾: تتحرك بسرعة ﴿ كَأَنَّهَا جَآنٌّ ﴾: حية صغيرة مع عظمها ﴿ وَلَّىٰ مُدْبِراً ﴾: خوفا ﴿ وَلَمْ يُعَقِّبْ ﴾: لك يرجع، فنودي ﴿ يٰمُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ ٱلآمِنِينَ ﴾: فرجع إلى المكان الأول ﴿ ٱسْلُكْ ﴾: أدخل ﴿ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ﴾: كما مر ﴿ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ ﴾: عيب ﴿ وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ ﴾: يديك المبسوطتين بإدخال اليمني تحت عضد اليسرى وعكسه ﴿ مِنَ ﴾: أجل ﴿ ٱلرَّهْبِ ﴾، أو كناية عن التَّجلُّط ﴿ فَذَانِكَ ﴾: العصا واليد ﴿ بُرْهَانَانِ ﴾: حجتان واضحتان، من برة إذا ابيض ﴿ مِن رَّبِّكَ ﴾: مرسلا ﴿ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ ﴾: بها ﴿ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً ﴾: كما مر ﴿ فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً ﴾: معينا ﴿ يُصَدِّقُنِي ﴾: يصير سبب تصديقي، فإن خبر الاثنين أوقع ﴿ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ * قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ ﴾: نقويك ﴿ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً ﴾: تسلطا ﴿ فَلاَ يَصِلُونَ ﴾: بأذي ﴿ إِلَيْكُمَا ﴾: ملتبسين ﴿ بِآيَاتِنَآ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلْغَالِبُونَ * فَلَمَّا جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا ﴾: اليد والعصا ﴿ بَيِّنَاتٍ ﴾: واضحات ﴿ قَالُواْ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى ﴾: مختلق لم يسبق إليه ﴿ وَمَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا ﴾: السحر والدعوى ﴿ فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ * وَقَالَ مُوسَىٰ ﴾: هذا العطف لإظهر الفرق ﴿ رَبِّيۤ أَعْلَمُ بِمَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ ﴾: العاقبة المحمودة في ﴿ ٱلدَّارِ ﴾: تَعُمُّ الدارين ﴿ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ * وَقَالَ فِرْعَوْنُ يٰأَيُّهَا ٱلْملأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي ﴾: نفي العلم به بعدم جزمه بعدمه أو لإرادة نفي المعلوم كما في العلوم الفعلية كعلمه -تعالى- ﴿ فَأَوْقِدْ لِي يٰهَامَانُ عَلَى ٱلطِّينِ ﴾: ما قال: اطبخ الآجُرّ لجهلهم به، فإنه أول من صنعه ﴿ فَٱجْعَل لِّي صَرْحاً ﴾: قصرا عاليا ﴿ لَّعَلِّيۤ أَطَّلِعُ ﴾: انظر ﴿ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ ﴾: كأنه ظن بقوله: رب السموات.... إلى آخره، أنه فيها ﴿ وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ ﴾: في وجوده ﴿ وَٱسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ﴾: كما مر ﴿ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ ﴾: بالعبث ﴿ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ ﴾: طرحناهم ﴿ فِي ٱلْيَمِّ ﴾: كما مر ﴿ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلظَّالِمِينَ ﴾: وحذر أمتك ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ ﴾: بحملهم على الإضْلال ووصفهم به ﴿ أَئِمَّةً ﴾: قدوة للكفار ﴿ يَدْعُونَ إِلَى ﴾: موجبات ﴿ ٱلنَّارِ وَيَوْمَ ٱلْقِيامَةِ لاَ يُنصَرُونَ ﴾: بدفع عذابهم ﴿ وَأَتْبَعْنَاهُم فِي هَذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً ﴾: من كل لاعن ﴿ وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مِّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ ﴾: المطرودين من الرحمة
ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ ﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗ ﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ ﰿ ﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇ
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ ﴾: التوراة ﴿ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ ﴾: القبط وثمود وغيرهم ﴿ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ ﴾: أنوارا لقلوبهم ﴿ وَهُدًى ﴾: إلى الحق ﴿ وَرَحْمَةً ﴾: لمن عمل به ﴿ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾: به ﴿ وَمَا كُنتَ ﴾: يا محمد ﴿ بِجَانِبِ ﴾: الطور ﴿ ٱلْغَرْبِيِّ ﴾: حاضرا، هو موضوع تكليمه ﴿ إِذْ قَضَيْنَآ ﴾: أوحينا ﴿ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ ﴾: الرسالة ﴿ وَمَا كنتَ مِنَ ﴾: جملة السبعين ﴿ ٱلشَّاهِدِينَ ﴾: فلا تعرفه إلا بوحينا، فكيف يكذبونك؟ ﴿ وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً ﴾: بعد موسى ﴿ فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ ﴾: فنسوا العهد واندرست العلوم، فلذا يكذبونك بجهلهم ﴿ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً ﴾: مقيما ﴿ فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ ﴾: قوم شعيب ﴿ تَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ﴾: تعلما منهم لتحكي ﴿ وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴾: إليك أخبارهم ﴿ وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا ﴾: موسى لإعطاء التوراة.
﴿ وَلَـٰكِن ﴾: علمناك ﴿ رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ ﴾: من زمان عيسى، وبينهما ستمائة سنة، أو زمن إسماعيل، إذا لم تعم دعوة موسى وعيسى ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَلَوْلاۤ ﴾: امتناعية ﴿ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ ﴾: عقوبة ﴿ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾: من أعمالهم ﴿ فَيَقُولُواْ ﴾: حين أصيبوا ﴿ رَبَّنَا لَوْلاۤ ﴾: هلا ﴿ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾: لما أرسَلْناك، فإرسالك لقطع عذرهم ﴿ فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ ﴾: محمد ﴿ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ ﴾: عنادا: ﴿ لَوْلاۤ ﴾: هلَّا ﴿ أُوتِيَ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ ﴾: كالعصا وغيره أَ لم يؤت موسى ذلك ﴿ أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ ﴾: أبناء جنسهم ﴿ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ قَالُواْ ﴾: في موسى وهارون ومحمد أو في كتابيهما: ﴿ سِحْرَانِ ﴾: على الأول للمبالغة ﴿ تَظَاهَرَا ﴾: تعاونا في الخوارق ﴿ وَقَالُواْ إِنَّا بِكُلٍّ ﴾: منهما ﴿ كَافِرُونَ * قُلْ فَأْتُواْ بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَآ ﴾: الكاتبين ﴿ أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾: فيه ﴿ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ ﴾: في طلب الإتيان به ﴿ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ ﴾: لا الحجة ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى ﴾: بلا أصل ﴿ مِّنَ ٱللَّهِ ﴾: للتأكيد أو التقييد ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ ﴾: باتباعهم هواهم إلى النجاة ﴿ وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ ﴾: القرآن، اتبعنا بعضه بعضا في الإنزال ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾: فيطيعون ﴿ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ ﴾: قبل القرآن ﴿ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾: نزلت في مؤمني أهل الكتابين ﴿ وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ﴾: القرآن ﴿ قَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّنَآ إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ﴾: لما عرفنا حقيته في كتابنا ﴿ أُوْلَـٰئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ ﴾: على الإيمانين ﴿ وَيَدْرَؤُنَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ ﴾: منهم ﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴾: في الخير ﴿ وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغْوَ ﴾: كشتم الكفار لهم ﴿ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ ﴾: للاعنين ﴿ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ ﴾: سلام متاركة ﴿ لاَ نَبْتَغِي ﴾: طريقة ﴿ ٱلْجَاهِلِينَ * إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ﴾: هدايه كأبي طالب ﴿ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ ﴾: بمن يستعد للهداية ﴿ وَقَالُوۤاْ ﴾: قريش عذرا ﴿ إِن نَّتَّبِعِ ٱلْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ ﴾: نخرج بسرعة ﴿ مِنْ أَرْضِنَآ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ ﴾: نجعل مكانهم ﴿ حَرَماً آمِناً ﴾: هم آمنون فيه من السطوات ببركة البيت مع كفرهم، فكيف إذا أسلموا ﴿ يُجْبَىٰ ﴾: يحمل ﴿ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾: مجاز عن الكثرة ﴿ رِّزْقاً ﴾: لهم ﴿ مِّن لَّدُنَّا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾: جهلة ولذا يعتذرون بذلك ﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن ﴾: أهل ﴿ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ ﴾: طغت ﴿ مَعِيشَتَهَا ﴾: في معيشتها ﴿ فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ ﴾: سكنا ﴿ قَلِيلاً ﴾: للمسافرة ﴿ وَكُنَّا نَحْنُ ٱلْوَارِثِينَ ﴾: لا ستئصالهم ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ ﴾: بظلم أهلها ﴿ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِيۤ أُمِّهَا ﴾: أصلها لتنشر الأخبار منها إلى القرى تتبعها ﴿ رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ﴾: فإن أنكرو نعذبهم ﴿ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي ٱلْقُرَىٰ إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ﴾: بمعصية الرسول ﴿ وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ ﴾: دنيوي ﴿ فَمَتَاعُ ﴾: فَتمتعٌ في ﴿ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ ٱللَّهِ ﴾: ثوابه ﴿ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾: أن الباقي خيرا ﴿ أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً ﴾: بحسن الموعود كالجنة ﴿ فَهُوَ لاَقِيهِ ﴾: مدركه ﴿ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ ﴾: للحساب ﴿ وَ ﴾: اذكر ﴿ يَوْمَ يُنَادِيهِمْ ﴾: الله ﴿ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾: شركتهم ﴿ قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ ﴾: وجب ﴿ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ ﴾: بالعذاب من رؤساء الضلالة ﴿ رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَاهُمْ ﴾: فغووا ﴿ كَمَا غَوَيْنَا ﴾: أي: باختبارهم بلا إكراه منا ﴿ تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ ﴾: منهم ﴿ مَا كَانُوۤاْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ ﴾: بل عبدوا أهواءهم ﴿ وَ ﴾: لما أجابوا غير مطابق ﴿ قِيلَ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ ﴾: آلهتكم لينجوكم ﴿ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ ﴾: لعجزهم ﴿ وَرَأَوُاْ ﴾: كلهم ﴿ ٱلْعَذَابَ لَوْ ﴾: أي: تمنوا ﴿ أَنَّهُمْ كَانُواْ يَهْتَدُونَ * وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ ﴾: الله ﴿ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبْتُمُ ٱلْمُرْسَلِينَ * فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَنبَـآءُ ﴾: المنجية لا يهتدون إليها، وأصله: عموا عنها، فعكس مبالغة ﴿ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لاَ يَتَسَآءَلُونَ ﴾: أي: بععضهم بعضا للدهشة ﴿ فَأَمَّا مَن تَابَ ﴾: من الشرك ﴿ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَىٰ أَن يَكُونَ مِنَ ٱلْمُفْلِحِينَ ﴾: كما مر ﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ ﴾: للمشركين ﴿ ٱلْخِيَرَةُ ﴾: التخيير إذا اختيارنا بخلقه -تعالى- أو اختيار شيء عليه إذ نزل لقولهم:﴿ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ﴾[الزخرف: ٣١] إلى أخره ﴿ سُبْحَانَ ٱللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ * وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ ﴾: تخفي ﴿ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ * وَهُوَ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلأُولَىٰ ﴾: الدنيا ﴿ وَٱلآخِرَةِ ﴾: لأنه المنهم فيهما ﴿ وَلَهُ ٱلْحُكْمُ ﴾: القضاء النافذ ﴿ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾: بالنشور
﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ ﴾: أخبروني ﴿ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلْلَّيْلَ سَرْمَداً ﴾: دائما، من السرد: المتابعة ﴿ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ ﴾: بإسكان الشمس تحت الأرض أو تحريكها فوق الأفق الغابر ﴿ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ ﴾: سماع تبصر ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ ﴾: بجعل الشمس على ضد ما مر ﴿ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ ﴾: خصه بالوصف لأن الضوء نعمة في ذاته مقصود في نفسه بخلاف الليل، وخص الأول بالسمع لأكثرية استعمال كالبصر في الثاني ﴿ وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ ﴾: في الليل ﴿ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ ﴾: بالنهار ﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾: كرره ليبتنى عليه ﴿ وَنَزَعْنَا ﴾: أخرجنا ﴿ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ﴾: هو نبيهم ﴿ فَقُلْنَا ﴾: للأمم ﴿ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ ﴾: على صحة ما تدينتم به ﴿ فَعَلِمُوۤاْ ﴾: حينئذ ﴿ أَنَّ ٱلْحَقَّ ﴾: في الإلهيَّة ﴿ لِلَّهِ وَضَلَّ ﴾: ضاع ﴿ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾: من الأباطيل ﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ ﴾: ابن عنه، نافق كالسامري حسدا على رسالة موسى، وأمامة هارون مع كونه احفظ بني إسرائيل للتوراة وأقرأهم ﴿ فَبَغَىٰ ﴾: ظلم ﴿ عَلَيْهِمْ ﴾: بالكبر ﴿ وَآتَيْنَاهُ مِنَ ٱلْكُنُوزِ مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ ﴾: تثقل ﴿ بِٱلْعُصْبَةِ ﴾: الجماعة ﴿ أُوْلِي ٱلْقُوَّةِ ﴾: قيل: سبعين، اذكر ﴿ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ ﴾: بالدنيا ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ ﴾: بها ﴿ وَٱبْتَغِ ﴾: اطلب ﴿ فِيمَآ آتَاكَ ٱللَّهُ ﴾: من الدنيا ﴿ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ ﴾: بإنفاقه في البر ﴿ وَلاَ تَنسَ ﴾: لا تترك حينئذ ﴿ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا ﴾: بأخذ كفايتك ﴿ وَأَحْسِن ﴾: إلى الناس ﴿ كَمَآ أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ ٱلْفَسَادَ ﴾: بالمعاصي ﴿ لْفَسَادَ فِي ٱلأَرْضِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ ﴾: في الأرضِ ﴿ قَالَ ﴾: قارون: ﴿ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ ﴾: المال ﴿ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ ﴾: الكيمياء وهو الإكسير المزيل لعيوب حدثت لبعض الفلزات من معادنه أو علمه بالتوراه ﴿ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ ﴾: بعض ﴿ ٱلْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً ﴾: للمال ﴿ وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ ﴾: فيدخلون النار بلا حساب لعلمه تعالى بهم ﴿ فَخَرَجَ ﴾: قارون ﴿ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ﴾: في تسعين ألفا، عليهم المعصفرات والحلي، وقيل: غير ذلك ﴿ قَالَ ﴾: المؤمنون ﴿ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا يٰ ﴾: للتنبيه ﴿ لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ ﴾: أي: لا عَيْنه حذرا من الحسد ﴿ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾: من الدنيا ﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ ﴾: أحبارهم ﴿ وَيْلَكُمْ ﴾: كلمة زجر ﴿ ثَوَابُ ٱللَّهِ ﴾: في الآخرة ﴿ خَيْرٌ ﴾: من ذلك ﴿ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقَّاهَآ ﴾: يعطي هذه النصيحة أو المثوبة ﴿ إِلاَّ ٱلصَّابِرُونَ ﴾: على حكم الله، فآذى موسى إلى أن أعطى مالا لفاجرة لتنسيه إلى الزنا، بنفسها فرمته يوم العيد فناشدها موسى حتى صدقت، فأمر الأرض بأخذه بأمر الله ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ ﴾: ﴿ وَ ﴾: كذا ﴿ بِدَارِهِ ﴾: لقولهم: إنما فعله ليرثه ﴿ ٱلأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ ﴾: أعوان ﴿ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ ﴾: بنفسه ﴿ وَأَصْبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ ﴾: مرتبته ﴿ بِٱلأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ ﴾: كلمة للتنبيه أصلها: ويك أن، أو: وي، اسم أعجب أنا والكاف للتعليل، أي: أعجب لأن ﴿ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ﴾: يضيق على ما يشاء، لا لكرامةٍ [تقتضي البسط، ولاَ لهوانٍ يُوجِب القبض] ﴿ لَوْلاۤ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا ﴾: لأننا تمنينا مكانه ﴿ وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ ﴾: لنعم الله كقارون ﴿ تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً ﴾: غلبة ﴿ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً ﴾: ظلما، علق حصوبهما على ترك الميل، فتنبه ﴿ وَٱلْعَاقِبَةُ ﴾: الحسنى ﴿ لِلْمُتَّقِينَ ﴾: عن المعاصي ﴿ مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا ﴾: ثوابها مع عشر أمثالها ﴿ وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى ٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ ﴾: أي: لا يجزون ﴿ إِلاَّ ﴾: مثل ﴿ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ ﴾: أي: تبليغه ﴿ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ ﴾: مكة، أو المقام المحمود ﴿ قُل رَّبِّيۤ أَعْلَمُ مَن ﴾: أي: بمن ﴿ جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾: فخروجي منها لا يدل على ضلالتي كما زعمتم ﴿ وَمَا كُنتَ تَرْجُوۤ أَن يُلْقَىٰ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابُ ﴾: القرآن ﴿ إِلاَّ ﴾: لكن ألقي إليك ﴿ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ﴾: فكذلك نعيدك إلى مَعَادكَ ﴿ فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً لِّلْكَافِرِينَ ﴾: بمداراتهم ﴿ وَلاَ يَصُدُّنَّكَ ﴾: الكفرة ﴿ عَنْ ﴾: تبليغ ﴿ آيَاتِ ٱللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَٱدْعُ إِلَىٰ ﴾: توحيد ﴿ رَبِّكَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ﴾: بمداراتهم ﴿ وَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ ﴾: هذا وما قبله للتهييج، وقَطْع طمع الكفرة عن مُداراته معهم ﴿ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ﴾: ذاته تعالى أو ما عمل لوجهه لبقاء نفعه ﴿ لَهُ ٱلْحُكْمُ ﴾: القضاء النافذ ﴿ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾: للجزاء، واللهُ أعْلَمُ بالصّواب.
Icon