تفسير سورة القصص

النهر الماد من البحر المحيط
تفسير سورة سورة القصص من كتاب النهر الماد من البحر المحيط .
لمؤلفه أبو حيان الأندلسي . المتوفي سنة 745 هـ

﴿ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * طسۤمۤ * تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ ﴾ الآية هذه السورة مكية كلها وقيل غير ذلك * ومناسبة أول هذه السورة لآخر ما قبلها أنه تعالى أمر نبيه بحمده ثم قال سيريكم آياته وكان مما فسر به آياته تعالى معجزات الرسول عليه الصلاة والسلام وأنه أضافها تعالى إليه إذ كان هو المجري بها على يديه فقال: تلك آيات الكتاب المبين فأضافها إلى الكتاب إذ الكتاب هو أعظم المعجزات وأكثر الآيات البينات والكتاب هو القرآن.﴿ نَتْلُواْ ﴾ أي نقرأ عليك بقراءة جبريل عليه السلام ومفعول نتلو.﴿ مِن نَّبَإِ ﴾ أي بعض نبأ. و ﴿ بِٱلْحَقِّ ﴾ متعلق بنتلو أي محقين أو في موضع الحال من نبأ أي متلبساً بالحق وخص المؤمنين لأنهم هم المنتفعون بالتلاوة.﴿ عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ ﴾ أي تجبروا واستكبر حتى ادعى الربوبية والإِلهية والأرض أرض مصر * والشيع الفرق ملك القبط واستعبد بني إسرائيل.﴿ وَنُرِيدُ ﴾ حكاية حال ماضية والجملة معطوفة على قوله ان فرعون لأن كلتيهما تفسير للبناء.﴿ أَن نَّمُنَّ ﴾ أي بخلاصهم من فرعون وإغراقه.﴿ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ﴾ أي مقتدى بهم في الدين والدنيا.﴿ وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ ﴾ أي يرثون فرعون وقومهم ملكهم وما كان لهم * والتمكين التوطئة في الأرض وهي أرض مصر والشام بحيث ينفذ أمرهم ويتسلطون على من سواهم وقرىء: ونرى مضارع أرى ونصب ما بعده ويرى مضارع رأى ورفع ما بعده.﴿ وَهَامَانَ ﴾ وزير فرعون. و ﴿ يَحْذَرُونَ ﴾ أي من زوال ملكهم وإهلاكهم على يدي مولود من بني إسرائيل.﴿ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ﴾ الآية الظاهر أن الإِيحاء هنا هو إرسال ملك إليها لقوله بعد إنا رادوه إليك وأجمعوا على أنها لم تكن نبية والظاهر أن هذا الإِيحاء هو بعد الولادة فيكون ثم جملة محذوفة أي وضعت موسى أمه في زمن الذبح وخافت عليه فأوحينا وأن تفسيرية أو مصدرية.﴿ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ ﴾ من جواسيس فرعون ونقبائه الذي يقتلون الأولاد.﴿ فَأَلْقِيهِ فِي ٱليَمِّ ﴾ واليم هنا نيل مصر.﴿ وَلاَ تَخَافِي ﴾ أي من غرقه وضياعه ومن التقاطه فيقتل ولا تحزني لمفارقتك إياه.﴿ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ ﴾ وعد صادق بتسكين قلبها وتبشيرها وجعله رسولاً وقد تقدّم طرف من هذا الكلام في طه واستفصح الأصمعي امرأة من العرب أنشدت شعراً فقالت: أبعد قوله تعالى: ﴿ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ ﴾ الآية فصاحة وقد أجمع أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين.﴿ فَٱلْتَقَطَهُ ﴾ في الكلام حذف تقديره ففعلت ما أمرت به من إرضاعه ومن إلقائه في اليم واللام في ليكون للتعليل المجازي لما كان مآل التقاطه وتربيته إلى كونه عدواً لهم وحزناً وإن كانوا لم يلتقطوه إلا للتبني وكونه حبيباً يكون لهم ويعبر عن هذه اللام بلام العاقبة وبلام الصيرورة وقرة خبر مبتدأ محذوف هو قرة وتقدّم شرح القرة.﴿ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾ جملة حالية أي لا يشعرون أنه الذي يفسد ملكهم على يديه.﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ ﴾ جملة اعتراضية واقعة بين المعطوف والمعطوف عليه مؤكدة لمعنى خطئهم.﴿ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغاً ﴾ الآية وأصبح أي صار فارغاً من الصبر وذلك حين بلغها أنه وقع في يد فرعون قد همها الأمر فطاش لبها وغلب عليها ما يغلب على البشر عند مفاجأة الخطب العظيم ثم استكانت بعد ذلك لموعود الله تعالى وجواب لولا محذوف تقديره لأبدت به والظاهر أن الضمير في به عائد على موسى فالباء زائدة أي لتظهره وقيل مفعول تبدي محذوف أي لتبدي القول به أي بسببه وأنه ولدها.﴿ وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ ﴾ أي اتبعي أثره وتتبعي خبره فروي أنها خرجت في سكك المدينة مختفية فرأته عند قوم من حاشية إمرأة فرعون يتطلبون له إمرأة ترضعه حين لم يقبل المراضع وفي الكلام حذف تقديره فقصت أثره.﴿ فَبَصُرَتْ بِهِ ﴾ أي أبصرته.﴿ عَن جُنُبٍ ﴾ أي عن بعد.﴿ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾ بطلبها إياه ولا بإِبصارها وعن جنب عن شوق إليه.﴿ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ﴾ التحريم هنا بمعنى المنع أي منعناه أن يرضع ثدي إمرأة والمراضع جمع مرضع وهي المرأة التي ترضع.﴿ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ ﴾ تقدم الكلام عليه والظاهر أن الضمير في له عائد على موسى ولما قالت لهم هل أدلكم فقالوا لها: إنك قد عرفتيه فأخبرينا من هو فقالت: ما أردت إلا أنهم ناصحون للملك فتخلصت منهم بهذا التأويل وفي الكلام حذف تقديره فمرت بهم إلى أمه وكلموها في إرضاعه ولما أخبر الله تعالى وعده في الرد ثبت عندها أنه سيكون رسولاً نبياً.﴿ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ ﴾ فعلنا ذلك.﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ﴾ تقدم الكلام عليه في يوسف.﴿ وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا ﴾ الآية المدينة قال ابن عباس: هي منف ركب فرعون يوماً وسار إليها فعلم موسى بركوبه فلحق بتلك المدينة في وقت القائلة.﴿ يَقْتَتِلاَنِ ﴾ في الدين إذ أحدهما إسرائيلي مؤمن والآخر قبطي كافر.﴿ فَٱسْتَغَاثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِ ﴾ وهو الإِسرائيلي.﴿ عَلَى ٱلَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ﴾ وهو القبطي وقيل اسمه فاتون وهذا حكاية حال ماضية والظاهر أن فاعل فقضى ضمير عائد على موسى وكان موسى لم يتعمد قتله ولكن وافقت وكزته الأجل فندم موسى عليه السلام. و ﴿ قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ ﴾ وهو ما لحقه من الغضب حتى أدى إلى الوكزة التي قضت على القبطي وجعله من عمل الشيطان وسماه ظلماً لنفسه واستغفر منه لأنه أدى إلى قتل من لم يؤذن له في قتله.﴿ فَأَصْبَحَ فِي ٱلْمَدِينَةِ خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ ﴾ أي من قتل القبطي أن يؤخذ به يترقب وقوع المكروه به.﴿ فَإِذَا ٱلَّذِي ٱسْتَنْصَرَهُ بِٱلأَمْسِ ﴾ أي الإِسرائيلي الذي كان قتل القبطي بسببه وإذا هنا للمفاجأة وبالأمس يعني اليوم الذي قبل يوم الاستصراخ.﴿ يَسْتَصْرِخُهُ ﴾ يصبح به مستغيثاً من قبطي آخر.﴿ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ ﴾ الظاهر أن الضمير في له عائد على الإِسرائيلي.﴿ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ ﴾ لكونك كنت سبباً في قتل القبطي بالأمس قال له ذلك على سبيل العتاب والتأنيب.﴿ فَلَمَّآ أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ ﴾ الظاهر أن الضمير في أراد وأن يبطش هو لموسى.﴿ بِٱلَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا ﴾ أي للمستصرخ وموسى هو القبطي قال القبطي:﴿ أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِٱلأَمْسِ ﴾ دفعاً لما ظن منه.﴿ جَبَّاراً فِي ٱلأَرْضِ ﴾ وشأن الجبار أن يقتل بغير حق.﴿ وَجَآءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى ٱلْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ ﴾ قيل هو مؤمن آل فرعون وكان ابن عم فرعون قال الكلبي واسمه جبريل بن شمعون * يسعى أي يشتد في مشيه ولما أمر فرعون بقتله وخرج الجلاوزة من الشارع الأعظم لطلبه فسلك هذا الرجل طريقاً أقرب إلى موسى عليه السلام ومن أقصى ويسعى صفتان ومعنى يأتمرون يتشاورون.﴿ فَٱخْرُجْ ﴾ امتثل موسى عليه السلام ما أمره به ذلك الرجل وعلم صدقه ونصحه وخرج وقد أقبل طالبوه فلم يجدوه وكان موسى لا يعرف الطريق ولم يصحب أحداً فسلك مجهلاً واثقاً بالله تعالى داعياً راغباً إلى ربه في تنجيته من الظالمين.﴿ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ ﴾ الآية توجه رد وجهه تلقاء تقدم الكلام عليه في يونس أي ناحية وجهة استعمل المصدر استعمال الظرف وكان هناك ثلاث طرق فأخذ موسى في أواسطها وأخذ طالبوه في الآخرين وقالوا المريب لا يأخذ في أعظم الطرق ولا يسلك إلا في بنياتها فبقي في الطريق ثماني ليال وهو خاف لا يطعم الأوراق الشجر والظاهر من قوله عسى ربي أنه كان لا يعرف الطريق فسأل ربه أن يهديه أقصر الطريق بحيث أنه لا يضل إذا لو سلك ما لا يوصله إلى المقصود لتاه وعن ابن عباس قصد مدين وأخذ يمشي من غير معرفة فأوصله الله إلى مدين.﴿ وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ ﴾ أي وصل إليه والورد يكون بمعنى الوصول أي الشىء وبمعنى الدخول فيه قيل وكان هذا بئراً والأمة الجمع الكثير ومعنى عليه أي على شفيره وحاشيته.﴿ يَسْقُونَ ﴾ يعني مواشيهم.﴿ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ﴾ أي من الجهة التي وصل إليها قبل أن يصل إلى الأمة.﴿ ٱمْرَأَتَينِ تَذُودَانِ ﴾ قال ابن عباس تذودان غنمهما عن الماء خوفاً من الرعاة الأقوياء وكانتا تكرهان المزاحمة على الماء واسم الصغرى عبرا والكبرى صبورا ولما رآهما موسى واقفتين لا يتقدمان للسقي سألهما فقال ما خطبكما والسؤال بالخطب إنكا يكون في مصاب أو مضطهد أو من يشفق عليه أو يأتي بمكروه من الأمر وفي سؤاله عليه السلام دليل على جواز مكالمة الأجنبية فيمن يعنّ ولم يكن لأبيهما أجير فكانتا تسوقان الغنم إلى الماء ولم يكن لهما قوة الاستسقاء وكان الرعاة يسقون من البئر فيسقون مواشيهم فإِذا صدروا فإِن بقي في الحوض شىء سقتا فوافى موسى عليه السلام ذلك اليوم وهما يمنعنان غنمهما عن الماء فرق عليهما وقال ما خطبكما وقرىء يصدر من صدر وقرىء يصدر من أصدر والرعاء فاعل والتقدير فيمن قرأ يصدر أن يكون المعنى حتى يصدر الرعاء عن الماء بغنمهم والمعنى على من قرأ يصدر أي يصدر الرعاء عن الماء غنمهم وجمع راع على رعاء شاذ في القياس وبابه أن يجمع على فعلة كقاض وقضاة خلافاً للزمخشري إذا زعم أن جمع راع على فعال قياس وقرىء الرعاء بضم الراء وهو اسم جمع كالرجال.﴿ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾ اعتذار لموسى عن مباشرتهما السقي بأنفسهما وتنبيه على أن أباهما لا يقدر على السقي لشيخه وكبره واستعطاف لموسى عليه السلام في إعانتهما.
ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪ ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ ﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗ ﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ
﴿ فَسَقَىٰ لَهُمَا ﴾ أي سقي غنمهما لأجلهما وروي أن الرعاة كانوا يضعون على رأس البئر حجراً لا يقلّه إلا عدد من الرجال فأقله هو وحده وقيل كانت لهم دلو لا ينزع بها إلا أربعون رجلاً فنزع بها وحده وروي أنه زاحمهم على الماء حتى سقي لهم كل ذلك رغبة في الثواب على ما كان به من نصب السفر وكثرة الجوع حتى كانت تظهر الخضرة في بطنه من البقل.﴿ ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى ٱلظِّلِّ ﴾ أي ظل شجرة قيل كانت سبمرة.﴿ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ قال المفسرون تعرض لمن يطعمه لما ناله من الجوع ولم يصرح بالسؤال وأنزلت هنا بمعنى تنزل وفي الكلام حذف تقديره فذهبتا إلى أبيهما من غير إبطاء في السقي وقصتا عليه أمر السقي لهما فأمر أحدهما أن تدعوه له.﴿ فَجَآءَتْهُ إِحْدَاهُمَا ﴾ وإحداهما مبهم فقيل الكبرى وقيل الصغرى. و ﴿ عَلَى ٱسْتِحْيَآءٍ ﴾ في موضع الحال أي مستحية متحفزة قال عمر بن الخطاب قد سترت وجهها بكم درعها.﴿ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ﴾ في ذلك ما كان شعيب عليه من الإِحسان والمكافأة لمن عمل له عملاً ولم يقصد المكافأة.﴿ فَلَمَّا جَآءَهُ ﴾ أي فذهب معها إلى أبيها وفي هذا دليل على اعتماد اخبار المرأة إذ ذهب موسى عليه السلام معها كما يعتمد على إخبارها في باب الرواية.﴿ وَقَصَّ عَلَيْهِ ٱلْقَصَصَ ﴾ أي ما جرى له من خروجه من مصر وسبب ذلك.﴿ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ ﴾ أي قبل الله دعاءك في قولك رب نجني من القوم الظالمين ولما أخبره بنجاته منهم أنسه بقوله لا تخف وقرب إليه طعاماً فقال له موسى: انا أهل بيت لا نبيع ديننا بملء الأرض ذهباً فقال له شعيب ليس هذا عوض السقي ولكن هذه عادتي وعادة آبائي قرى الضيف وإطعام الطعام فحينئذٍ أكل موسى عليه السلام.﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا ﴾ أبهم القائلة قيل وهي الذاهبة والقائلة والمتزوجة.﴿ يٰأَبَتِ ٱسْتَأْجِرْهُ ﴾ أي لرعي الغنم وسقيها ووصفته بالقوة لكونه رفع الصخرة عن البئر وحده أو انتزع بتلك الدلو أو زاحمهم حتى غلبهم على الماء والأمانة لأنها حين قام يتبعها هبت الريح فلفت ثيابها فوصفتها فقال لها ارجعي خلفي ودليني على الطريق وقولها كلام حكيم جامع لأنه إذا اجتمعت الأمانة والكفاءة في القائم بأمر فقد تم المقصود وهو كلام جرى مجرى المثل وصار مطروقاً للناس وكان ذلك تعليلاً للاستئجار وكأنها قالت استأجره لأمانته وقوته وصار الوصفان منبهين عليه.﴿ قَالَ إِنِّيۤ أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ٱبْنَتَيَّ هَاتَيْنِ ﴾ قال الزمخشري هاتين فيه دليل على أنه كان له غيرهما انتهى لا دليل في ذلك لأنها كانتا اللتين رآهما يذودان وجاءته إحداهما فأشار إليهما والإِشارة إليهما لا تدل على أن له غيرهما رغب شعيب في مصاهرته لما وصفته به ولما رأى فيه من عزوفه عن الدنيا وتعلقه بالله تعالى وفراره من الكفرة وظاهر قوله ان أنكحك إن الإِنكاح إلى الولي لا حقّ للمرأة فيه خلافاً لأبي حنيفة في بعض صوره بأن تكون بالغة عالمة بمصالح نفسها فإِنها تعقد على نفسها بمحضر من الشهود وإحدى ابنتي مبهم وهذا عرض لا عقد ألا ترى إلى قوله إني أريد وحين العقد يعين من شاء منهما ولذلك لم يحد أول أمد الإِجارة والظاهر من الآية جواز النكاح بالإِجارة وبه قال الشافعي وأصحابه:﴿ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ﴾ في موضع الحال من ضمير أنكحك اما الفاعل وإما المفعول وتأجرني من أجرته كنت له أجيراً كقولك أبوته كنت له أباً ومفعول تأجرني الثاني محذوف تقديره نفسك.﴿ ثَمَانِيَ حِجَجٍ ﴾ ظرف عشراً تقديره عشر حجج.﴿ فَمِنْ عِندِكَ ﴾ خبر مبتدأ محذوف تقديره فالإِتمام إحسان من عندك.﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ ﴾ وعد صادق مقرون بالمشيئة.﴿ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ في حسن المعاملة ووطاءة الخلق ولما فرغ شعيب مما حاور به موسى.﴿ قَالَ ﴾ موسى.﴿ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ﴾ على جهة التقرير والتوثق في أن الشرط إنما وقع في ثمان حجج وذلك مبتدأ خبره بيني وبينك أشار إلى ما عاهده عليه أي ذلك الذي عاهدتني وشاطرتني عليه قائم بيننا جميعاً لا نخرج عنه ثم قال:﴿ أَيَّمَا ٱلأَجَلَيْنِ ﴾ أي الثماني والعشر وما زائدة وأي شرطية منصوبة بقضيت.﴿ فَلاَ عُدْوَانَ ﴾ جواب الشرط.﴿ وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ ﴾ أي على ما تعاهدنا عليه وتواثقنا.﴿ وَكِيلٌ ﴾ أي شاهد.﴿ فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلأَجَلَ ﴾ جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وفي أطول الأجلين وهو العشر ثم محذوف تقديره وزوجه ابنته وسار بأهله إلى مصر بلده وبلد قومه والخلاف فيمن تزوج الكبرى أم الصغرى وكذلك اسميهما وتقدّم كيفية مسيره وإيناسه النار في طه.﴿ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ﴾ أي تسخنون بها إذا كانت ليلة باردة وقد أضلوا الطريق.﴿ فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِىءِ ٱلْوَادِي ٱلأَيْمَنِ ﴾ الآية من في من شاطىء لابتداء الغاية ومن الشجرة كذلك إذ هي بدل من الأولى أي من قبل الشجرة والأيمن يحتمل أن يكون صفة للشاطىء وللوادي على معنى اليمن والبركة ووصفت البقعة بالبركة لما خصت به من آيات الله تعالى وأنواره وتكليمه لموسى عليه السلام ويتعلق في البقعة بنودي أو يكون في موضع الحال من الشاطىء والشجرة عتاب وقيل غير ذلك. وأن يحتمل أن تكون تفسيرية وأن تكون مخففة من الثقيلة وجاء في طه نودي يا موسى إني أنا ربك وفي النمل نودي أن بورك من في النار وهنا نودي من شاطىء ولا منافاة إذ حكى في كل سورة بعض ما اشتمل عليه ذلك النداء والجمهور على أنه تعالى كلمه في هذا المقام من غير واسطة.﴿ وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ﴾ تقدّم الكلام عليه وتخرج وتقدّم الكلام عليه أيضاً والظاهر حمل واضمم إليك جناحك من الرهب على الحقيقة وهو الخوف وقرىء الرهب والرهب والرهب قال الثوري: خاف موسى أن يكون حدث به سوء فأمره تعالى أن يعيد يده إلى جيبه لتعود على حالتها الأولى فيعلم موسى أنه لم يكن سوأ بل آية من الله تعالى.﴿ فَذَانِكَ ﴾ إشارة إلى العصا واليد وهما مؤنثتان ولكن ذكر التذكير الخبر.﴿ بُرْهَانَانِ ﴾ حجتان نيرتان.﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً ﴾ هو القبطي الذي وكزه فمات فطلب من ربه ما يزداد به قوة وذكر أخاه والعلة التي تكون زيادة في التبليغ. و ﴿ أَفْصَحُ ﴾ يدل على أن فيه فصاحة ولكن أخوه أفصح.﴿ فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي ﴾ وقرىء ردا بالهمز وردا بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى الدال وقرىء يصدقني بالجزم على أنه جواب الأمر وبالرفع على أنه صفة لقوله ردأ.﴿ قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ ﴾ المعنى فيه سنقويك بأخيك ويقال في الخير شد الله عضدك وفي الشر فت الله في عضدك والسلطان الحجة والغلبة والتسلط.﴿ فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ﴾ أي بسوء أو إلى اذايتكما ويحتمل بآياتنا أن يتعلق بقوله ونجعل أو بيصلون.﴿ فَلَمَّا جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا ﴾ الآية بآياتنا هي العصا واليد بينات أي واضحات الدلالة على صدقه وأنه أمر خارق كفوا عن مقاومته ورجعوا إلى البهت والكذب على عادتهم ونفوا أنهم ما سمعوا بهذا في آبائهم الأولين وقد كذبوا في ذلك لأن الرسل جاءت به قبل ولما رأى موسى ما قابلوه به من انتفاء السماع في الزمان السابق.﴿ وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّيۤ أَعْلَمُ بِمَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ مِنْ عِندِهِ ﴾ يعني بذلك نفسه ونفى فرعون علمه بما له غيره للملأ ويريد بذلك نفي وجوده أي مالكم من إله غيري واستمر في مخرقته ونادى وزيره هامان وأمره أن يوقد النار على الطين قيل وهو أول من عمل الآجر ولم يقل أطبخ الآجر لأنه لم يتقدّم لهامان علم بذلك ففرعون هو الذي يعلمه ما يصنع.﴿ فَٱجْعَل لِّي صَرْحاً ﴾ أي ابن لي.﴿ لَّعَلِّيۤ أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ ﴾ أوهم قومه ان إله موسى يمكن الوصول إليه والقدرة عليه وهو عالم متيقن أن ذلك لا يمكن وأطلع في معنى طلع يقال طلع إلى الجبل وأطلع بمعنى واحد والأرض هنا أرض مصر.﴿ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ ﴾ كناية عن إدخالهم في البحر حتى غرقوا شبهوا بحصيات قذفها الرامي من يده ومنه نبذ النواة وجعل هنا بمعنى صير أي صيرناهم أئمة أي قدوة للكفار يقتدون في ضلالاتهم اشتهروا بذلك وبقي حديثهم وعطف ويوم القيامة على في هذه الدنيا * ومن المقبوحين قال ابن عباس: من المشوهين الخلقة بسواد الوجوه وزرقة العيون.﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ ﴾ وهو التوراة وهو أول كتاب أنزلت فيه الفرائض والأحكام.﴿ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ ﴾ قوم نوح وهود وصالح ولوط ويقال لم تهلك قرية بعد نزول التوراة غير القرية التي مسخ أهلها قردة وانتصب بصائر على الحال أي طرائق هدى يستبصر بها.﴿ وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ ﴾ الآية لما قص تعالى من انباء موسى وغرائب ما جرى له أوحى تعالى بجميع ذلك إلى محمد عليه الصلاة والسلام وذكره بإنعامه عليه بذلك وبما قصه من الغيوب التي كان لا يعلمها لا هو ولا قومه فقال:﴿ وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ ﴾ والأمر قبل الحكم والنبوة الذي آتاه الله موسى وبدأ أولاً بنفي شىء خاص وهو أنه لم يحضر وقت قضاء الله لموسى الأمر ثم ثنى بكونه لم يكن من الشاهدين والمعنى والله أعلم من الشاهدين بجميع ما أعلمناك به فهو نفي لشهادته جميع ما جرى لموسى عليه السلام فكان عموماً بعد خصوص وبجانب الغربي من إضافة الموصوف إلى صفته عند قوم ومن حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه عند قوم تقديره أصله بالجانب الغربي وعلى الثاني أصله بجانب المكان الغربي.﴿ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً ﴾ أي مقيماً.﴿ فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ ﴾ هم شعيب والمؤمنون.﴿ تَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ﴾ آياتنا تقرأ عليهم تعلماً منهم يريد الآيات التي فيها قصة شعيب وقومه ولكنا أرسلناك وأخبرناك بها وعلمناكها.﴿ إِذْ نَادَيْنَا ﴾ يريد مناداة موسى ليلة المناجاة وتكليمه ولكن أعلمناك رحمة وأرسلناك لتنذر قوما العرب ولولا الأولى حرف امتناع لوجود ما.﴿ أَن تُصِيبَهُم ﴾ في موضع المبتدأ كأنه قال لولا إصابتهم.﴿ فَيَقُولُواْ ﴾ معطوف على أن تصيبهم ولولا الثانية للتخصيص جوابها فنتبع ونكون وجواب لولا الأولى محذوف تقديره ما أرسلناك منذراً لهم.﴿ فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ ﴾ هو محمد صلى الله عليه وسلم والظاهر أنه عائد على قريش الذين قالوا لولا أوتي أي محمد مثل ما أوتي موسى وذلك أن تكذيبهم لمحمد صلى الله عليه وسلم تكذيب لموسى عليه السلام ونسبتهم السحر للرسول نسبة السحر لموسى إذ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام هم من واد واحد فمن نسب إلى واحد من الأنبياء ما لا يليق كان ناسباً ذلك إلى جميع الأنبياء وتتناسق الضمائر كلها في هذا وفي قوله:﴿ قُلْ فَأْتُواْ بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ ﴾ وإن كان الظاهر من القول انه النطق اللساني فقد ينطلق على الإِعتقاد وهو من حيث إنكار النبوات معتقدون أن ما ظهر على أيدي الأنبياء من الآيات إنما هو من باب السحر وقرىء ساحران وسحران والضمير في جاءهم عائد على العرب.﴿ إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ﴾ أي بكل من الساحرين أو من السحرين ثم أمره تعالى أن يصدع بهذه الآية وفي قوله: ﴿ قُلْ فَأْتُواْ ﴾ أي أنتم أيها المكذبون بالكتب الإِلهية التي تضمنت الأمر بالعبادات ومكارم الأخلاق ونهت عن الكفر والنقائص ووعد الله عليها الثواب الجزيل إن كان تكذيبهم لمعنى فأتوا بكتاب من عند الله يهدي أكثر من هذه أتبعه معكم والضمير في منهما عائد على ما أنزل على موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام وتعليق إتيانهم بشرط الصدق أمر متحقق متيقن أنه لا يكون ولا يمكن صدقهم كما أنه لا يمكن أن يأتوا بكتاب من عند الله يكون أهدى من الكتابين ويجوز أن يراد بالشرط التهكم بهم.﴿ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ ﴾ قال ابن عباس يريد فإِن لم يؤمنوا بما جئت به من الحجج ولم يمكنهم أن يأتوا بكتاب هو أفضل والاستجابة تقتضي دعاء وهو صلى الله عليه وسلم يدعوهم دائماً إلى الإِيمان.﴿ وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ الآية الضمير في لهم عائد على قريش وقال رفاعة القرظي نزلت في عشرة من اليهود هو أحدهم ومعنى وصلنا تابعنا القرآن موصولاً بعضه ببعض في المواعظ والزجر والدعاء إلى الإِسلام وفي الحديث" ثلاثة يؤتيهم الله أجرهم مرتين رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن في الحديث ".﴿ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ﴾ أي لا تقدر على خلق الهداية فيه ولا تنافي بين هذا وبين قوله وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم لأن معنى هذا وإنك لترشد وقد أجمع المسلمون على أنها نزلت في أبي طالب وحديثه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة ان مات مشهور والضمير في وقالوا عائد على قريش وقيل الحارث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف إنك على الحق فتخاف من اتباعك ومعنى يجيء يساق.
ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ ﰿ ﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ
﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا ﴾ الآية هذا تخويف لأهل مكة من سوء عاقبة قوم كانوا في مثل حالهم من انعام الله تعالى عليهم بالرقود في ظلال الأمن وخفض العيش فغمطوا النعمة وقابلوها بالأشر والبطر فدمرهم الله تعالى وخرب ديارهم ومعيشتها منصوب على التمييز على مذهب الكوفيين أو مشبه بالمفعول على مذهب بعضهم أو مفعول به على تضمين بطرت أي خسرت أو على إسقاط في أي في معيشتها أو على الظرف على حذف مضاف أي أيام معيشتها وتقدم ذكر المساكن.﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ ﴾ تقدم الكلام عليه لما ذكر تعالى تفاوت بين ما أوتوا من المتاع والزينة وما عند الله من الثواب قال: فبعد هذا التفاوت الظاهر يسوي بين أبناء الآخرة وأبناء الدنيا والفاء في فهو لاقيه للتسبب لأن لقاء الموعود مسبب عن الوعد الذي هو الضمان في الخير وثم لتراخي حال الإِحضار عن حال التمتع بتراخي وقته عن وقته وقرىء ثم هو بضم الهاء وبسكونها أجري مجرى الفاء والواو فكما سكنوا جاء هو وهي نحو فهو وهي فكذلك سكنوها بعد ثم ومعنى من المحضرين أي المحضرين العذاب.﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ ﴾ الآية نداؤه تعالى يحتمل أن يكون بواسطة أو بغير واسطة فيقول أين شركائي أي على زعمكم وهذا الاستفهام على جهة التوبيخ والتقريع والشركاء هم من عبدوه من دون الله تعالى من ملك أو غيره ومفعولاً يزعمون محذوفان أحدهما العائد على الموصول والتقدير يزعمونهم شركاء.﴿ قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ ﴾ أي الشياطين وأئمة الكفر ورؤسه وحق أي وجب عليهم القول أي مقتضاه وهؤلاء مبتدأ والذين صفة له وأغوينا صلة للذين والعائد محذوف تقديره أغويناهم وأغويناهم خبر المبتدأ وتقيد بقوله: ﴿ كَمَا غَوَيْنَا ﴾ استفيد من الخبر ما لم يستفد من الصلة ويجوز أن يكون هؤلاء مبتدأ والذي وأغوينا خبر المبتدأ وأغويناهم استئناف أخبار مقيد بقوله: ﴿ كَمَا غَوَيْنَا ﴾.
﴿ وَقِيلَ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ ﴾ لما سئلوا أين شركاؤكم وأجابوا بغير جواب سئلوا ثانياً فقيل ادعوا شركاءكم وأضاف الشركاء إليهم أي الذين جعلتموهم شركاء لله وقوله: ﴿ ٱدْعُواْ ﴾ على سبيل التهكم لأنه يعلم أنه لا فائدة في دعائهم.﴿ فَدَعَوْهُمْ ﴾ هذه السخافة عقولهم في ذلك الموطن أيضاً إذ لم يعلموا أن من كان موجوداً منهم في ذلك الموطن لا يجيبهم والضمير في رأوا قيل للتابع والمتبوع وجواب لو محذوف والظاهر أن يقدر مما يدل عليه ما يليه أي لو كانوا مؤمنين ما رأوا العذاب في الآخرة.﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ ﴾ حكى أولاً ما يوبخهم به من اتخاذ الشركاء ثم باستعانتهم بشركائهم ثم بما يبكتون به من الإِجتماع عليهم بإِرسال الرسل وإزالة العلل ومعنى عميت أظلمت عليهم الأمور فلم يستطيعوا أن يخبروا بما فيه نجاة لهم وأتى بلفظ الماضي لتحقق وقوعه.﴿ فَهُمْ لاَ يَتَسَآءَلُونَ ﴾ أي لا يسأل بعضهم بعضاً فيما يتخلصون به إذ أيقنوا أنهم لا حجة منهم في عمى وعجز عن الجواب والمراد بالنبأ الخبر عما أجاب به المرسل إليه رسوله.﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ ﴾ نزلت بسبب ما تكلمت به قريش من استغراب أمر النبي صلى الله عليه وسلم وقول بعضهم لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم وقالت ذلك الوليد بن المغيرة.﴿ وَمِن رَّحْمَتِهِ ﴾ من هنا للسبب أي وسبب رحمته إياكم جعل لكم الليل والنهار ثم علل جعل كل واحد منهما فبدأ بعلة الأول وهو الليل وهو لتسكنوا فيه ثم بعلة الثاني وهو النهار ولتبتغوا من فضله ثم بما يشبه العلة لجعل هذين الشيئين وهو لعلكم تشكرون أي هذه الرحمة والنعمة. وهذا النوع من علم البديع يسمى التفسير وهو أن تسمي أشياء ثم تفسرها بما يناسبها والضمير في فيه عائد على الليل ومن فضله يجوز أن يكون عائدا على الله تعالى والتقدير من فضل الله أي في النهار وحذف لدلالة المعنى عليه ولدلالة لفظ فيه السابق عليه.﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ ﴾ الآية تقدم الكلام عليها وكرر هنا على جهة الإِبلاغ والتأكيد * وقارون إسم أعجمي امتنع من الصرف للعلمية والعجمة قيل ومعنى كان من قومه أي آمن به وهو إسرائيلي بإِجماع واختلف في قرابته من موسى عليه السلام اختلافاً كثيراً قال ابن عباس: أنه ابن عمه وهو قارون بن يضهر بن قاهث جد موسى لأن النساب ذكروا نسبه كذلك وكان يسمى المنور لحسن صورته وكان أحفظ بني إسرائيل للتوراة وأقرأهم فنافق كما نافق السامري.﴿ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ ﴾ ذكروا من أنواع بغيه الكفر والكبر وحسده لموسى عليه السلام على النبوة ولهارون على الذبح والقربان وظلمه بني إسرائيل حين ملكه فرعون عليهم ودسه بغياً تكذب عليه أنه تعرض لها وتفضحه بذلك بين ملأ بني إسرائيل ومن تكبره أنه زاد في ثيابه شبراً.﴿ وَآتَيْنَاهُ مِنَ ٱلْكُنُوزِ ﴾ قيل أظفره الله تعالى بكنز من كنوز يوسف عليه السلام وقيل سميت أمواله كنوزاً إذ كان ممتنعاً من أداء الزكاة وبسبب ذلك عادى موسى عليه السلام أول عداوته وما موصولة صلتها أن ومعمولاها وتقدم الكلام على مفاتح في سورة الأنعام.﴿ لَتَنُوءُ ﴾ أي لتثقل والصحيح أن الباء للتعدية أي لتنيء العصبة وتقدم تفسير العصبة والمراد وآتيناه من الكنوز ما ان حفظها والاطلاع عليها ليثقل على العصبة أي هذه الكنوز لكثرتها واختلاف أصنافها يتعب حفظها القائمين عليها.﴿ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ ﴾ نهوه عن الفرح المطغي الذي هو إنهماك وإنحلال نفس وأشر وإعجاب وإنما يفرح بإِقبال الدنيا عليه من اطمأن إليها وغفل عن أمر الآخرة قال الزمخشري: ومحل إذ منصوب بتنوء " انتهى " هذا ضعيف جداً لأن إثقال المفاتيح العصبة ليس مقيداً بوقت قول قومه له لا تفرح قال ابن عطية: وهو متعلق بقوله: فبغى عليهم " انتهى " هذا ضعيف أيضاً لأن بغيه عليهم لم يكن مقيداً بذلك الوقت وقال أبو البقاء إذ قال له قومه ظرف لآتيناه وهذا ضعيف أيضاً لأن الإِيتاء لم يكن وقت ذلك القول وقال أيضاً ويجوز أن يكون ظرفاً لفعل محذوف دل عليه الكلام أي بغى عليهم إذ قال له قومه " انتهى " ويظهر لي أن يكون تقديره فأظهر التفاخر والفرح بما أوتي من الكنوز إذ قال له قومه لا تفرح ولما نهوه عن الفرح المطغي أمروه بأن يطلب فيما آتاه الله من الكنوز وسعة الرزق ثواب الدار الآخرة بأن يفعل فيه أفعال البر ويجعله زاداً إلى الآخرة.﴿ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا ﴾ قال ابن عباس معناه ولا تضيع عمرك في أن لا تعمل صالحاً.﴿ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ ﴾ قيل هي الكيمياء وقيل هي غير ذلك.﴿ فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ﴾ قيل كان يوم السبت أي أظهر ما يقدر عليه من الملابس والمراكب وزينة الدنيا. قيل في ثياب حمر وقيل هو وحشمه في ثياب معصفرة وقيل في ثياب الأرجوان وقيل على بغلة شهباء عليها الأرجوان وعليها سرج من ذهب ومعه أربعة آلاف على زيه وقيل عليهم وعلى حيواناتهم الديباج الأحمر وعلى يمينه ثلثمائة غلام وعلى يساره ثلثمائمة جارية بيض عليهم الحلى والديباج وقيل في تسعين ألفاً عليهم المعصفرات وهو أول يوم رئي فيه المعصفر وقيل غير ذلك من الكيفيات ما الله أعلم بصحة ذلك.﴿ وَيْكَأَنَّهُ ﴾ هي كاف التشبيه الداخلة على أن وكتبت وي متصلة بكاف التشبيه لكثرة الاستعمال وأنشد سيبويه: كأن من يكن له نشب يحبب *   ومن يفتقر يعض عيش ضروحكى الفراء أن امرأة قالت لزوجها أين ابنك فقال: ويكأنه وراء البيت وقال الأخفش هي ويك وينبغي أن تكون الكاف حرف خطاب فلا موضع له من الإِعراب والوقف عليه ويك ومنه قوله عنترة*ولقد شفا نفسي وأبرأ سقمها *   قيل الفوارس ويك عنتر أقدم﴿ وَلاَ فَسَاداً ﴾ جاء النفي بلا فدل على أن كل واحد من العلو والفساد مقصود لا مجموعها.﴿ فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ ﴾ قيل العمل به.﴿ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ ﴾ قيل هي مكة أراد ردّه إليها يوم الفتح وقيل غير ذلك.﴿ قُل رَّبِّيۤ أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ ﴾ هو محمد صلى الله عليه وسلم.﴿ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾ هم المشركون.﴿ وَمَا كُنتَ تَرْجُوۤ ﴾ تذكير لنعمه تعالى على رسوله وأنه تعالى رحمه رحمة لم يتعلق بها رجاؤه.﴿ وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ ﴾ أي إلى دين ربك وهذه المناهي كلها ظاهرها أنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في الحقيقة لاتباعه والهلاك يطلق بإِزاء العدم المحض فالمعنى أن الله يعدم كل شىء سواه وبإِزاء نفي الإِنتفاع به اما للأماتة أو لتفريق الأجزاء وإن كانت باقية يقال هلك الثوب لا يريدون فناء أجزائه ولكن خروجه عن الإِنتفاع به ومعنى.﴿ إِلاَّ وَجْهَهُ ﴾ أي إلا إياه.﴿ لَهُ ٱلْحُكْمُ ﴾ أي فصل القضاء.﴿ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ أي إلى جزائه.
Icon