تفسير سورة القصص

الصحيح المسبور
تفسير سورة سورة القصص من كتاب الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور المعروف بـالصحيح المسبور .
لمؤلفه حكمت بشير ياسين .

سورة القصص
قوله تعالى (طسم (١) تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢))
انظر بداية سورة الشعراء (طسم)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (طسم (١) تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢))
يعني مبين والله بركته ورشده وهداه.
قوله تعالى (نتلو عليك من نبإِ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (نتلو عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون) يقول في هذا القرآن نبأهم، وقوله (لقوم يؤمنون) يقول: لقوم يصدقون بهذا الكتاب.
قوله تعالى (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)
أخرج ابن أبي حاتم والطبري بسنديهما الحسن عن قتادة (إن فرعون علا في الأرض) أي: بغى في الأرض.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وجعل أهلها شيعا) أي فرقا يذبح طائفة منهم، ويستحيي طائفة ويعذب طائفة، ويستعبد طائفة قال الله عز وجل (يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من الفاسدين).
وانظر سورة البقرة آية (٤٩).
قوله تعالى (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونُري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض) قال: بنو إسرائيل.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (ونجعلهم أئمة) أي: ولاة الأمر.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة قوله (ونجعلهم الوارثين) قال: يرثون الأرض من بعد آل فرعون.
قال الشيخ الشنقيطي: لم يبين هنا السبب الذي جعلهم أئمة جمع إمام أي قادة في الخير، دعاة إليه على أظهر القولين. ولم يبين هنا أيضاً الشيء الذي جعلهم وارثيه، ولكنه تعالى بين جميع ذلك في غير هذا الموضع، فبين السبب الذي جعلهم به أئمة في قوله تعالى: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) فالصبر واليقين، هما السبب في ذلك، وبين الشيء الذي جعلهم له وارثين بقوله تعالى (وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها) الآية وقوله تعالى (كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك وأورثناها قوما آخرين)، وقوله تعالى (فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك وأورثناها بني إسرائيل).
قال ابن كثير: قال تعالى (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثون ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) وقد فعل تعالى ذلك بهم، كما قال (وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون) وقال (كذلك وأورثناها بني إسرائيل).
قوله تعالى (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧) فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (٨) وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٩) وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠) وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ
43
لَا يَشْعُرُونَ (١١) وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (١٢))
وفيهن قصة موسى أول حياته، انظر سورة طه (٣٧-٤١).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وأوحينا إلى أم موسى) وحيا جاءها من الله، فقذف في قلبها، وليس بوحي نبوة أن أرضعي موسى (فإذا خفتِ عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني)... الآية.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي (فألقيه في اليم) قال: هو البحر النيل.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا) عدواً لهم في دينهم، وحزنا لما يأتيهم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قالت امرأة فرعون: (قرة عين لي ولك) تعني بذلك موسى.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وهم لا يشعرون) قال: وهم لا يشعرون أن هلاكهم على يديه، وفي زمانه.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن ابن عباس (وأصبح فؤاد أم موسى فارغا) قال: فارغا من كل شيء غير ذكر موسى.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة (وأصبح فؤاد أم موسى فارغا) قال: فارغا ليس بها همّ غيره.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي، قال: لما جاءت أمه أخذ منها، يعني الرضاع، فكادت أن تقول: هو ابني، فعصمه الله، فذلك قول الله (إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها).
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة، قال الله (لولا أن ربطنا على قلبها) أي: بالإيمان (لتكون من المؤمنين).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (لأخته قصيه) قال: اتبعي أثره كيف يصنع به.
44
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (عن جنب) قال: بعد.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون) أنها أخته، قال: جعلت تنظر إليه كأنها لا تريده.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (وحرمنا عليه المراضع من قبل) قال: لا يقبل ثدي امرأة حتى يرجع إلى أمه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وحرمنا عليه المراضع من قبل) قال: جعل لا يؤتى بامرأة إلا لم يأخذ ثديها، قال (فقالت) أخته (هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (فرددناه إلى أمه) فقرأ حتى بلغ (لا يعلمون) ووعدها أنه راده إليها وجاعله من المرسلين، ففعل الله ذلك بها.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتادة قوله (ولتعلم أن وعد الله حق) فوعدها أنه راده إليها و (جاعله) من المرسلين، ففعل الله بها ذلك.
قوله تعالى (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٤) وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (١٥) قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٦) قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ (١٧) فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (١٨) فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (١٩) وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (٢٠) فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢١))
في هذه الآيات قصة قتله للقبطي والبحث عن موسى لقتله، وقد ورد ذكر هذه القصة في سورة طه (٤٠) والشعراء (١٤).
45
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله (ولما بلغ أشده واستوى) قال: استوى: بلغ أربعين سنة.
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (آتيناه حكما وعلما) قال: الفقه والعقل والعمل قبل النبوة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها) قال: دخلها بعد ما بلغ أشده عند القائلة نصف النهار.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن ابن عباس قوله (ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته) -إسرائيلي- (وهذا من عدوه) -قبطي-.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قال: عرف المخرج، فقال (ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له).
أخرج عبد الرزاق والطبري بسنديهما الحسن عن قتادة (فلن أكون ظهيرا للمجرمين) يقول: فلن أعين بعدها ظالما على فجره، وقال: قلما قالها رجل إلا ابتلى، قال: فابتلى كما تسمعون.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي (فأصبح في المدينة خائف يترقب) قال: خائفا أن يؤخذ.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه) قال: الاستنصار والاستصراخ واحد.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال) : خافه الذي من شيعته حين قال له موسى (إنك لغوي مبين).
46
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي قال موسى للإسرائيلي (إنك لغوي مبين) ثم أقبل لينصره، فلما نظر إلى موسى قد أقبل نحوه ليبطش بالرجل الذي يقاتل الإسرائيلي، (قال) الإسرائيلي، وفرِق من موسى أن يبطش به من أجل
أنه أغلظ له الكلام: (يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جباراً في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين) فتركه موسى.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن ابن عباس قال (وجاء رجل) من شيعة موسى (من أقصى المدينة).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (فخرج منها خائفا يترقب) خائفا من قتله النفس يترقب الطلب (قال رب نجني من القوم الظالمين).
قوله تعالى (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (٢٢) وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (٢٣) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٥) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (٢٦) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧) قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (٢٨))
وفيها قصة موسى في منطقة مدين وزواجه هناك.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتادة قوله (ولما توجه تلقاء مدين) ومدين ماء كان عليه قوم شعيب.
47
قال الطبري: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا عباد بن راشد، عن الحسن (عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) قال: الطريق المستقيم.
وسنده حسن.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله (سواء السبيل) قال: قصد السبيل.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (أمة من الناس) قال: أناسا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله: (تذودان) يقول: تحبسان.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله (حتى يصدر الرعاء) قال: فتشرب فضالتهم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان) قال: أي حابستين شاءهما تذودان الناس عن شائهما.
قوله تعالى (فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال ربي إني لما أنزلت إليّ من خير فقير)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قال: تصدق عليهم نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فسقى لهما، فلم يلبث أن أروى غنمهما.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (من خير فقير) قال: شيء من طعام.
قال الطبري: حدثنا ابن بشار، قال ثنا عبد الرحمن، قال ثنا سفيان، عن أبي إسحاق عن نوف (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء) قال: قد سترت وجهها بيديها.
وسنده صحيح.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله لموسى (إن خير من استأجرت القوي الأمين) يقول: أمين فيما ولي، أمين على ما استودع.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله (إن خير من استأجرت القوي الأمين) قال: بلغنا أن قوته كانت سرعة ما أروى غنمهما. قال: بلغنا أنه ملأ الحوض بدلو واحدة. قال: وأما أمانته فإنه أمرها أن تمشي خلفه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي (قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت) إما ثمانيا وإما عشرا.
أخرج البستي بسنده الحسن عن سعيد بن جبير قال: سألت ابن عباس: أي الأجلين قضى موسى؟ قال: أخيرهما وأوفاهما.
قوله تعالى (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٢٩) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٣٠) وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ (٣١) اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (٣٢) قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (٣٣) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (٣٤) قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (٣٥))
وفيها قصة تكليم الله موسى وتمكينه بمعجزة العصا واليد، وقد تقدم ذكرها في سورة الأعراف (١٤٣-١٤٤) وسورة طه (٩-٢٤) والشعراء (١٠-١٥).
قوله تعالى (فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور ناراً قال لأهله امكثوا إني آنست ناراً لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (فلما قضى موسى الأجل) قال: عشر سنين، ثم مكث بعد ذلك عشراً أخرى.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (آنس من جانب الطور ناراً قال لأهله امكثوا إني آنست ناراً) أي: أحسست ناراً.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (أو جذوة من النار) يقول: شهاب.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (أو جذوة) والجذوة أصل شجرة فيها نار.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة (أو جذوة من النار) قال: شعلة.
قوله تعالى (فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة) قال: نودي من عند الشجرة (أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين).
قوله تعالى (وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ (٣١) اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (٣٢))
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (ولى مدبرا) فسارا منها (ولم يعقب) يقول: ولم يرجع على عقبه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (اسلك يدك في جيبك) أي: في جيب قميصك.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (واضمم إليك جناحك من الرهب) أي: من الرعب.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي (فذانك برهانان من ربك) العصا واليد آيتان.
قوله تعالى (قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (٣٣) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (٣٤))
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (فأرسله معي ردءا يصدقني) قال: عونا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (ردءا يصدقني) يقول: كي يصدقني.
قوله تعالى (وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين)
قال ابن كثير: يخبر تعالى عن كفر فرعون وطغيانه وافترائه في دعوى الألهية لنفسه القبيحة - لعنه الله - كما قال تعالى (فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين) وذلك لأنه دعاهم إلى الاعتراف له بالإلهية، فأجابوه إلى ذلك بقلة عقولهم وسخافة أذهانهم، ولهذا قال (يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري)
قال تعالى إخبارا عنه (فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى إن في ذلك لعبرة لمن يخشى).
وانظر سورة الزخرف آية (٥٤) وسورة النازعات (٢٣-٢٦) وسورة غافر (٣٦-٣٧).
قوله تعالى (وأتبعناهم في الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة) قال لعنوا في الدنيا والآخرة، قال هو كقوله (وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود).
قوله تعالى (وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (وما كنت) يا محمد (بجانب الغربي) يقول: بجانب غربي الجبل (إذ قضينا إلى موسى الأمر).
قوله تعالى (وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوماً ما أتاهم من ندير من قبلك لعلهم يتذكرون)
قال النسائي: أنا علي بن حجر، أنا عيسى - وهو: ابن يونس - عن حمزة الزيات، عن الأعمش، عن علي بن مدرك، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة (وما كنت بجانب الطور إذ نادينا) قال: نودي أن يا أمة محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني وأجبتكم قبل أنا تدعوني.
(التفسير ٢/١٤٣ ح٤٠٢) وأخرجه الطبري (التفسير ٢٠/٨١-٨٢) من طريق سليمان وحجاج.
وابن أبي حاتم (التفسير - سورة القصص - آية ٤٦، ح٣٣٥) والحاكم (المستدرك ٢/٤٠٨) كلاهما من طريق أبي قطن عمرو بن الهيثم، كلهم عن حمزة الزيات به، وعند الطبري عمرو بن الهيثم، كلهم عن حمزة الزيات به، وعند الطبري زيادة، وهي قوله: قال: وهو قوله حين قال موسى (واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة…). قال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم. ولم يخرجاه. وصحح إسناده كل من محقق تفسيري النسائي وابن أبي حاتم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (ولكن رحمة من ربك) ما قصصنا عليك (لتنذر قوما)... الآية.
قوله تعالى (فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ) أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله (سحران تظاهرا)
قال: يهود لموسى وهارون.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (سحران تظاهرا) يقول: التوراة والقرآن.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (قالوا سحران تظاهرا) قالت
ذلك أعداء الله اليهود للإنجيل والفرقان، فمن قال (ساحران) فيقول: محمد، وعيسى بن مريم.
أخرج ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (إنا بكل كافرون) قالوا: نكفر أيضاً بما أوتي محمد.
قوله تعالى (ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون)
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان، ثنا يزيد بن هارون، ثنا حماد، عن عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعدة، عن رفاعة القرظي، قال: نزلت (ولقد وصلنا لهم القول) في عشرة، أنا أحدهم.
(التفسير - سورة القصص/٥١ ح٣٧٠). وأخرجه الطبري (التفسير ٢٠/٥٦) من طريق عثمان بن مسلم عن حماد بن سلمة به. وأخرجه الطبراني في (المعجم الكبير ٥/٤٧) بإسنادين إلى رفاعة، قال الهيثمي عن أحدهما: متصل ورجاله ثقات (مجمع الزوائد ٧/٨٨) وصحح إسناده محقق ابن أبي حاتم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (ولقد وصلنا لهم القول) قال: وصل الله لهم القول في هذا القرآن يخبرهم كيف صنع بمن مضى، وكيف هو صانع (لعلهم يتذكرون).
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (ولقد وصلنا لهم القول) قال: قريش.
قوله تعالى (الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (٥٣) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٥٤) وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (٥٥))
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا قبله مسلمين) قال الله (أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا) وأحسن الله عليهم الثناء كما تسمعون فقال (ويدرءون بالحسنة السيئة).
قوله تعالى (أولئك يؤتون أجرهم مرتين)
قال مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا هشيم، عن صالح بن صالح الهَمْداني، عن الشعبي، قال: رأيت رجلا من أهل خراسان سأل الشعبي فقال: يا أبا عَمرو! إن مَنْ قِبلنا مِن أهل خراسان يقولون، في الرجل، إذا أعتق أمته ثم تزوجها: فهو كالراكب بدنته. فقال الشعبي: حدثني أبو برده بن أبي موسى، عن أبيه، أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "ثلاثة يُؤتون أجرهم مرتين: رجل مِن أهل الكتاب آمن بنبيه وأدرك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فآمن به واتّبعه وصدّقه، فله أجران. وعبدٌ مملوك أدّى حق الله تعالى وحق سيده، فله أجران. ورجل كانت له أمة فغذاها فأحسن غذاءها. ثم أدّبها فأحسن أدبها. ثم أعتقها وتزوجها، فله أجران".
ثم قال الشعبي للخراساني: خذ هذا الحديث بغير شيء، فقد كان الرجل يرحل فيما دون هذا إلى المدينة.
(صحيح مسلم ١/١٣٤-١٣٥- ك الإيمان، ب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ح١٥٤).
قال أحمد: ثنا يحيى بن إسحاق السيلحيني، ثنا ابن لهيعة، عن سليمان بن عبد الرحمن، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: إني لتحت راحلة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الفتح، فقال قولا حسناً جميلاً، وكان فبما قال: "من أسلم من أهل الكتابين فله أجره مرتين وله ما لنا وعليه ما علينا، ومن أسلم من المشركين فله أجره وله ما لنا وعليه وما علينا".
(المسند ٥/٢٥٩). وأخرجه الطبراني (المعجم الكبير ٨/٢٢٤ ح٧٧٨٦) من طريق: عبد الله بن صالح عن الليث عن سليمان بن عبد الرحمن به، فهذه متابعة من الليث بن سعد لابن لهيعة يتقوى بها حديثه. فيكون حسناً إن شاء الله).
54
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) لا يجارون أهل الجهل والباطل في باطلهم، أتاهم من أمر الله ما وقذهم عن ذلك.
وقده الحِلم: إذا سكنه، والوقد في الأصل: الضرب المثخن والكسر (النهاية لابن الأثير ٥/٢١٢).
قوله تعالى (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين)
قال البخاري: حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني سعيد بن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءهُ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة فقال: أي عمّ، قل لا إله إلا الله كلمةً أحاجّ لك بها عند الله. فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعرضها عليه ويُعيدانه بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول لا الله إلا الله. قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لأستغفرن لك ما لم أُنه عنك. فأنزل الله (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) وأنزل الله في أبي طالب فقال لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (إنك لا تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء).
(صحيح البخاري ٨/٣٦٥ - ك التفسير - سورة القصص ح٤٧٧٢)، (صحيح مسلم ١/٥٤- ك الإيمان، ب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت ح٢٤).
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (وهو أعلم بالمهتدين) قال: بمن قدر له الهدى والضلالة.
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لا يهدي من أحب هدايته، ولكنه جل وعلا هو الذي يهدي من يشاء هداه، وهو أعلم بالمهتدين. وهذا المعنى الذي دلت عليه الآية موضحا في آيات كثيرة كقوله (إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل) الآية، وقوله (وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ).
55
قوله تعالى (وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا) قال الله (أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء) يقول: أو لم يكونوا آمنين في حرمهم لا يغزون فيه ولا يخافون، يجبى إليه ثمرات كل شيء.
قوله تعالى (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (٥٨) وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (٥٩))
انظر سورة الإسراء آية (١٥-١٧).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (حتى يبعث في أمها رسولا) وأم القرى مكة، وبعث الله إليهم رسولا محمدا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قوله تعالى (وما أوتيتم من شيء فقاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى ألا تعقلون)
قال ابن كثير: يقول تعالى مخبرا عن حقارة الدنيا، وما فيها من الزينة الدنيئة والزهرة الفانية بالنسبة إلى ما أعده الله لعباده الصالحين في الدار الآخرة من النعيم العظيم المقيم، كما قال (ما عندكم ينفذ وما عند الله باق) وقال (وما عند الله خير للأبرار) وقال (وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع) وقال (بل يؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى) وقال الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "والله ما الدنيا في الآخرة، إلا كما يغمس أحدكم إصبعه في اليم، فلينظر ماذا يرجع إليه".
قوله تعالى (أفمن وعدناه وعداً حسناً فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (أفمن وعدناه وعدا حسناً فهو لاقيه) قال: هو المؤمن سمع كتاب الله فصدق به وآمن مما وعد الله فيه (كمن
متعناه متاع الحياة الدنيا) هو هذا الكافر ليس والله كالمؤمن (ثم هو يوم القيامة من المحضرين) : أي في عذاب الله.
قوله تعالى (ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون)
قال ابن كثير: يقول تعالى مخبرا عما يوبخ به الكفار المشركين يوم القيامة، حيث يناديهم فيقول (أين شركائي الذين كنتم تزعمون) يعني: أين الآلهة التي كنتم تعبدونها في الدار الدنيا، من الأصنام والأنداد، هل ينصرونكم أو ينتصرون؟
وهذا على سبيل التقريع والتهديد كما قال (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون).
وانظر سورة الكهف آية (٥٢).
قوله تعالى (قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ)
انظر سورة البقرة آية (١٦٦).
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى (هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا) قال: هم الشياطين.
قوله تعالى (وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون)
قال ابن كثير: وقوله (لو أنهم كانوا يهتدون) أي: فودوا حين عاينوا العذاب لو أنهم كانوا من المهتدين في الدار الدنيا وهذا كقوله تعالى (ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا).
وانظر سورة الكهف آية (٥٢-٥٣).
قوله تعالى (ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين فَعِمَيَت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون)
قال ابن كثير: وقوله (ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين) النداء الأول عن سؤال التوحيد، وهذا فيه إثبات النبوات: ماذا كان جوابكم للمرسلين إليكم؟ وكيف كان حالكم معهم؟ وهذا كما يسأل العبد في قبره: من ربك؟
ومن نبيك؟ وما دينك؟ فأما المؤمن فيشهد أنه لا إله إلا الله وأن محمدا عبد الله ورسوله وأما الكافر فيقول: هاه.. هاه. لا أدري. ولهذا لا جواب له يوم القيامة غير السكوت، لأن من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا، ولهذا قال تعالى: (فَعَميَت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (فَعَمِيَت عليهم الأنباء) قال: الحجج، يعني الحجة.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (فهم لا يتساءلون) قال: لا يتساءلون بالأنساب ولا يتماتون بالقربات، إنهم كانوا في الدنيا إذا التقوا تساءلوا وتماتوا.
قوله تعالى (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون)
قال ابن كثير: وقوله (ما كان لهم الخيرة) نفي على أصح القولين، كقوله تعالى (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم).
قوله تعالى (وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون)
قال ابن كثير: (وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون) أي: يعلم ما تكن الضمائر، وما تنطوي عليه السرائر، كما يعلم ما تبديه الظواهر من سائر الخلائق (سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار).
قوله تعالى (وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٧٠) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (٧١) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٧٢))
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (إن جعل الله عليكم الليل سرمدا) يقول: دائما.
قوله تعالى (ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون)
انظر سورة الإسراء آية (١٢).
قوله تعالى (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ)
انظر سورة الكهف آية (٥٢) فيها تفصيل عن الشيخ الشنقيطي، وانظر الآية (٦٢) من هذه السورة.
قوله تعالى (وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (ونزعنا من كل أمة شهيدا) وشهيدها: نبيها، يشهد عليها أنه قد بلغ رسالة ربه.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (فقلنا هاتوا برهانكم) قال: حجتكم لما كنتم تعبدون وتقولون.
قوله تعالى (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (٧٦) وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٧٧))
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قال: إنما بغى عليهم بكثرة ماله.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله (مفاتحه لتنوء بالعصبة) قال: كانت من جلود الإبل.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (لتنوء بالعصبة) يقول: تثقل. وأما العصبة فإنها الجماعة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (إن الله لا يحب الفرحين) يقول: المرحين.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك) يقول: لا تترك أن تعمل لله في الدنيا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (ولا تنس نصيبك من الدنيا) قال الحسن: ما أحل الله لك منها، فإن لك فيها غنى وكفاية.
قوله تعالى (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ)
قال ابن كثير: يقول تعالى مخبرا عن جواب قارون لقومه، حين نصحوه وأرشدوه إلى الخير (قال إنما أوتيته على علم عندي) أي: أنا لا أفتقر إلى ما تقولون، فإن الله تعالى إنما أعطاني هذا المال لعلمه بأني أستحقه، ولمحبته لي فتقديره: إنما أعطيته لعلم الله فيّ أني أهل له، وهذا كقوله تعالى (فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم) أي: على علم من الله بي.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد (ولا يسئل عن ذنوبهم المجرمون) كقوله (يعرف المجرمون بسيماهم) زرقا سود الوجوه والملائكة لا تسأل عنهم قد عرفتهم.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى (ولا يسئل عن ذنوبهم المجرمون) قال: يدخلون النار بغير حساب.
قوله تعالى (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ)
انظر حديث مسلم عن أبي هريرة المتقدم عند الآية (٣٧) من سورة الإسراء.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (فما كان له من فئة ينصرونه) أي: جند ينصرونه، وما عنده منعة، يمتنع بها من الله.
قوله تعالى (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ)
قال ابن كثير: وقوله تعالى (وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس) أي: الذين رأوه في زينته (قالوا يا ليت لنا مثل ما أوتى قارون إنه لذو حظ عظيم) فلما خسف به أصبحوا يقولون (ويكأن الله يبسط هذا الرزق لم يشاء من عباده ويقدر) أي: ليس المال بدال على رضا الله عن صاحبه، فإن الله يعطي ويمنع ويضيق ويوسع ويخفض ويرفع، وله الحكمة التامة والحجة البالغة، وهذا كما في الحديث المرفوع عن ابن مسعود: "إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم أرزاقكم، وإن الله يعطي المال من يحب، ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب".
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (ويكأنه) : أولا ترى أنه.
قوله تعالى (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين)
قال الطبري: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مسلم البطين (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا) قال: العلو: التكبر في الحق، والفساد: الأخذ بغير الحق.
ورجاله ثقات وسنده صحيح. ومنصور هو ابن المعتمر، وسفيان هو الثوري، وعبد الرحمن هو ابن مهدي.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (والعاقبة للمتقين) أي: الجنة للمتقين.
قوله تعالى (من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزي الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (من جاء بالحسنة فله خير منها) أي له منها حظ خير، والحسنة: الإخلاص، والسيئة: الشوك.
قوله تعالى (خير منها)
انظر سورة الأنعام آية (١٦٠).
قوله تعالى (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد)
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول لله (إن الذي فرض عليك القرآن) قال: الذي أعطاكه.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (لرادك إلى معاد) قال: يجيء بك يوم القيامة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (لرادك إلى معاد) قال: الموت.
قوله تعالى (ولا تدع مع الله إله آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون)
انظر سورة الرحمن آية (٢٦-٢٧).
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (الذين أتيناهم الكتاب من قبله هم به) إلى قوله (لا نبتغي الجاهلين) في مسلمة أهل الكتاب.