تفسير سورة القصص

التفسير القيم
تفسير سورة سورة القصص من كتاب التفسير القيم .
لمؤلفه ابن القيم . المتوفي سنة 751 هـ

فأخبر تعالى أن ما قدمت أيديهم قبل البعثة سبب لإصابتهم بالمصيبة. وأنه سبحانه لو أصابهم بما يستحقون من ذلك لاحتجوا عليه بأنه لم يرسل إليهم رسولا ولم ينزل عليهم كتابا. فقطع هذه الحجة بإرسال الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنزال الكتاب لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل. وهذا صريح في أن أعمالهم قبل البعثة كانت قبيحة، بحيث استحقوا أن يصيبوا بها بالمصيبة. ولكنه سبحانه لا يعذب إلا بعد إرسال الرسل. وهذا هو فصل الخطاب.
وتحقيق القول في هذا الأصل العظيم : أن القبح ثابت للفعل في نفسه، وأنه لا يعذب الله عليه إلا بعد إقامة الحجة بالرسالة. وهذه النكتة هي التي فاتت المعتزلة والكلابية كليهما، فاستطالت كل طائفة منهما على الأخرى، لعدم جمعهما بين هذين الأمرين.
فاستطالت الكلابية على المعتزلة بإثباتهم العذاب قبل إرسال الرسل، وترتيبهم العقاب على مجرد القبح العقلي. وأحسنوا في رد ذلك عليهم.
واستطالت المعتزلة عليهم في إنكارهم الحسن والقبح العقليين جملة، وجعلهم انتفاء العذاب قبل البعثة دليلا على انتفاء القبح، واستواء الأفعال في أنفسها وأحسنوا في رد هذا عليهم.
فكل طائفة استطالت على الأخرى بسبب إنكارهم الصواب.
وأما من سلك هذا المسلك الذي سلكناه فلا سبيل لواحدة من الطائفتين إلى رد قوله، ولا الظفر عليه أصلا. فإنه لوافق لكل طائفة على ما معها من الحق مقرر له، مخالف في باطلها منكر له.
خص سبحانه النهار بذكر البصر، لأنه محله. وفيه سلطان البصر وتصرفه. وخص الليل بذكر السمع. لأن سلطان السمع يكون بالليل، وتسمع فيه الحيوانات مالا تسمع في النهار. لأنه وقت هدوء الأصوات، وخمود الحركات، وقوة سلطان السمع وضعف سلطان البصر. والنهار بالعكس، فيه قوة سلطان البصر، وضعف سلطان السمع.
فقوله :﴿ أفلا تسمعون ﴾ راجع إلى قوله «قل أرأيتم » أي : إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم به ؟
وقوله :﴿ أفلا تبصرون ﴾ راجع إلى قوله :﴿ قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة ﴾.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٧١:خص سبحانه النهار بذكر البصر، لأنه محله. وفيه سلطان البصر وتصرفه. وخص الليل بذكر السمع. لأن سلطان السمع يكون بالليل، وتسمع فيه الحيوانات مالا تسمع في النهار. لأنه وقت هدوء الأصوات، وخمود الحركات، وقوة سلطان السمع وضعف سلطان البصر. والنهار بالعكس، فيه قوة سلطان البصر، وضعف سلطان السمع.
فقوله :﴿ أفلا تسمعون ﴾ راجع إلى قوله «قل أرأيتم » أي : إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم به ؟
وقوله :﴿ أفلا تبصرون ﴾ راجع إلى قوله :﴿ قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة ﴾.

Icon