ﰡ
! وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿الْحَمد للَّهِ﴾ يَقُول الشُّكْر والألوهية لله ﴿الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات﴾ فِي يَوْمَيْنِ يَوْم الْأَحَد وَيَوْم الِاثْنَيْنِ ﴿وَالْأَرْض﴾ فِي يَوْمَيْنِ يَوْم الثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَات والنور﴾ خلق الْكفْر وَالْإِيمَان أَو اللَّيْل وَالنَّهَار ﴿ثْمَّ الَّذين كَفَرُواْ﴾ كفار مَكَّة ﴿بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ بِهِ الْأَصْنَام
﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن طِينٍ﴾ من آدم وآدَم من طين ﴿ثُمَّ قضى أَجَلاً﴾ خلق الدُّنْيَا وَجعل أجلهَا إِلَى الفناء وَخلق الْخلق وَجعل آجالهم إِلَى الْمَوْت ﴿وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ﴾ أجل الْآخِرَة مَعْلُوم عِنْد الله بِلَا موت وَلَا فنَاء ﴿ثُمَّ أَنتُمْ﴾ يَا أهل مَكَّة ﴿تمترون﴾ تشكون بِاللَّه وبالبعث بعد الْمَوْت
﴿وَهُوَ الله فِي السَّمَاوَات﴾ وَهُوَ إِلَه من فِي السَّمَوَات ﴿وَفِي الأَرْض﴾ وإله من فِي الأَرْض ﴿يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ﴾ يَقُول يعلم السِّرّ وَالْعَلَانِيَة مِنْكُم ﴿وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾ مَا تَعْمَلُونَ من الْخَيْر وَالشَّر
﴿وَمَا تَأْتِيهِم﴾ يَعْنِي أهل مَكَّة ﴿مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ﴾ مثل انكساف الشَّمْس وانشقاق الْقَمَر والنجوم ﴿إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا﴾ عَن الْآيَة ﴿مُعْرِضِينَ﴾ مكذبين بهَا
﴿فَقَدْ كَذَّبُواْ﴾ يَعْنِي
105
أهل مَكَّة
﴿بِالْحَقِّ﴾ بِالْقُرْآنِ وَالْآيَة
﴿لَمَّا جَآءَهُمْ﴾ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بهما
﴿فَسَوْفَ﴾ وَهَذَا وَعِيد لَهُم
﴿يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يستهزؤون﴾ خبر استهزائهم وعقوبة استهزائهم يَوْم بدر وَيَوْم أحد وَيَوْم الْأَحْزَاب
106
﴿أَلَمْ يَرَوْاْ﴾ ألم يخبر أهل مَكَّة فِي الْقُرْآن ﴿كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ﴾ من الْأُمَم الخالية ﴿مَّكَّنَّاهُمْ﴾ ملكناهم وأمهلناهم ﴿فِي الأَرْض مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ﴾ مَا لم نملككم ونمهلكم يَا أهل مَكَّة ﴿وَأَرْسَلْنَا السمآء عَلَيْهِم مَّدْرَاراً﴾ مَطَرا دَائِما دريراً كلما احتاجوا إِلَيْهِ ﴿وَجَعَلْنَا الْأَنْهَار تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ﴾ من تَحت بساتينهم وزروعهم وشجرهم ﴿فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ﴾ بتكذيبهم الْأَنْبِيَاء ﴿وَأَنْشَأْنَا﴾ خلقنَا ﴿مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً﴾ قوما ﴿آخَرِينَ﴾ خيرا مِنْهُم
﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً﴾ لَو نزلنَا جِبْرِيل عَلَيْك بِالْقُرْآنِ جملَة ﴿فِي قِرْطَاسٍ﴾ فِي صحيفَة كَمَا سَأَلَك عبد الله بن أبي أُميَّة المَخْزُومِي وَأَصْحَابه ﴿فلمسوه بِأَيْدِيهِم﴾ فَأَخَذُوهُ وقرءوه ﴿لَقَالَ الَّذين كَفَرُواْ﴾ يَعْنِي عبد الله بن أبي أُميَّة المَخْزُومِي ﴿إِن هَذَا﴾ مَا هَذَا ﴿إِلَّا سحر مُبين﴾ كذب بَين
﴿وَقَالُواْ﴾ يَعْنِي عبد الله بن أبي أُميَّة المَخْزُومِي ﴿لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ﴾ هلا أنزل عَلَيْهِ ملك فَيشْهد لَهُ بِمَا يَقُول ﴿وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً﴾ كَمَا سألوك ﴿لَّقُضِيَ الْأَمر﴾ نزل بعذابهم وَقبض أَرْوَاحهم وَيُقَال فرغ من هلاكهم ﴿ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ﴾ لَا يؤجلون
﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ﴾ يَعْنِي الرَّسُول ﴿مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً﴾ فِي صُورَة رجل آدَمِيّ حَتَّى يقدروا أَن ينْظرُوا إِلَيْهِ ﴿وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم﴾ على الْمَلَائِكَة ﴿مَّا يَلْبِسُونَ﴾ مثل مَا يلبسُونَ من الثِّيَاب وَيُقَال وللبسنا عَلَيْهِم خلطنا عَلَيْهِم صُورَة الْملك مَا يلبسُونَ كَمَا يخلطون على أنفسهم صفة مُحَمَّد ونعته
﴿وَلَقَدِ استهزئ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ﴾ اسْتَهْزَأَ بهم قَومهمْ كَمَا اسْتَهْزَأَ بك قَوْمك ﴿فَحَاقَ﴾ فَوَجَبَ وَنزل وَدَار ﴿بالذين سَخِرُواْ مِنْهُمْ﴾ من الْكفَّار ﴿مَا كَانُوا بِهِ يستهزؤون﴾ عُقُوبَة استهزائهم
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لأهل مَكَّة ﴿سِيرُواْ﴾ سافروا ﴿فِي الأَرْض ثُمَّ انْظُرُوا﴾ وتفكروا ﴿كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المكذبين﴾ كَيفَ صَار آخر أَمر المكذبين بِاللَّه وَالرسل
﴿قُل﴾ يَا مُحَمَّد لأهل مَكَّة ﴿لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ من الْخلق فَإِن أجابوك وَإِلَّا ﴿قُل لِلَّهِ﴾ خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض ﴿كَتَبَ على نَفْسِهِ الرَّحْمَة﴾ أوجب على نَفسه الرَّحْمَة لأمة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَأْخِير الْعَذَاب ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ﴾ وَالله ليجمعنكم ﴿إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة﴾ ليَوْم الْقِيَامَة ﴿لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾ لَا شكّ فِيهِ ﴿الَّذين خسروا﴾ غبنوا ﴿أَنفُسَهُمْ﴾ ومنازلهم وخدمهم وأزواجهم فِي الْجنَّة ﴿فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ بِمُحَمد وَالْقُرْآن وَنزل فِي مقالتهم فِي مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ارْجع إِلَى ديننَا حَتَّى نغنيك ونزوجك ونعزك ونملكك على أَنْفُسنَا
﴿وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْل وَالنَّهَار﴾ مَا اسْتَقر فِي وَطنه فِي اللَّيْل وَالنَّهَار ﴿وَهُوَ السَّمِيع﴾ لمقالتهم ﴿الْعَلِيم﴾ بعقوبتهم وبأرزاق الْخلق
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لَهُم ﴿أَغَيْرَ الله أَتَّخِذُ وَلِيّاً﴾ أعبد رَبًّا ﴿فَاطِرِ السَّمَاوَات﴾ خَالق السَّمَوَات ﴿وَالْأَرْض وَهُوَ يُطْعِمُ﴾ يرْزق الْعباد ﴿وَلاَ يُطْعَمُ﴾ لَا يرْزق وَيُقَال لَا يعان على الترزيق ﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لكفار مَكَّة ﴿إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ﴾ أول من يكون على الْإِسْلَام وَيُقَال أول من أخْلص بِالْعبَادَة والتوحيد لله من أهل زَمَانه ﴿وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْركين﴾ مَعَ الْمُشْركين على دينهم
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد
﴿إِنِّي أَخَافُ﴾ أعلم
﴿إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي﴾ وعبدت غَيره وَرجعت إِلَى دينكُمْ
﴿عَذَاب يَوْم عَظِيم﴾ عذَابا عَظِيما
106
افي يَوْم عَظِيم وَيُقَال عذَابا فِي يَوْم عَظِيم
107
﴿مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ﴾ الْعَذَاب ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ يَوْم الْقِيَامَة ﴿فَقَدْ رَحِمَهُ﴾ عصمه وَغفر لَهُ ﴿وَذَلِكَ﴾ الغفران ﴿الْفَوْز الْمُبين﴾ النجَاة الوافرة
﴿وَإِن يَمْسَسْكَ الله﴾ يصبك الله ﴿بِضُرٍّ﴾ بِشدَّة وفقر ﴿فَلاَ كَاشِفَ لَهُ﴾ فَلَا رَافع لَهُ ﴿إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ﴾ يصبك ﴿بِخَيْرٍ﴾ بِنِعْمَة وغنى ﴿فَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ﴾ من الشدَّة والفقر وَالنعْمَة والغنى ﴿قَدُيرٌ﴾
﴿وَهُوَ القاهر﴾ الْغَالِب ﴿فَوْقَ عِبَادِهِ﴾ على عباده ﴿وَهُوَ الْحَكِيم﴾ فِي أمره وقضائه ﴿الْخَبِير﴾ بخلقه وبأعمالهم
ثمَّ نزلت فِي مقالتهم للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ائتنا بِشَهِيد يشْهد أَنَّك نَبِي ﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لَهُم ﴿أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ﴾ أعدل وأرضى ﴿شَهَادةً﴾ فَإِن أجابوك وَإِلَّا ﴿قُلِ الله شَهِيدٌ بيني وَبَيْنكُم﴾ بِأَنِّي رَسُوله وَهَذَا الْقُرْآن كَلَامه ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآن﴾ أنزل إِلَى جِبْرِيل بِهَذَا الْقُرْآن ﴿لأُنذِرَكُمْ بِهِ﴾ لأخوفكم بِالْقُرْآنِ ﴿وَمَن بَلَغَ﴾ إِلَيْهِ خبر الْقُرْآن فَأَنا نَذِير لَهُ ﴿أَئِنَّكُمْ﴾ يَا أهل مَكَّة ﴿لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ الله آلِهَةً أُخْرَى﴾ يَعْنِي الْأَصْنَام تَقولُونَ إِنَّهَا بِنَا الله فَإِن شهدُوا على ذَلِك ﴿قُل لاَّ أَشْهَدُ﴾ مَعكُمْ ﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿إِنَّمَا هُوَ إِلَه وَاحِدٌ﴾ إِنَّمَا الله إِلَه وَاحِد ﴿وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ﴾ بِهِ من الْأَصْنَام فِي الْعِبَادَة
﴿الَّذين آتَيْنَاهُمُ الْكتاب﴾ أعطيناهم علم التَّوْرَاة يَعْنِي عبد الله بن سَلام وَأَصْحَابه ﴿يَعْرِفُونَهُ﴾ يعْرفُونَ مُحَمَّد بِصفتِهِ ونعته ﴿كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ﴾ يَعْنِي الغلمان ﴿الَّذين خسروا أنفسهم﴾ غبنوا أنفسهم بذهاب الدُّنْيَا وَالْآخِرَة يَعْنِي كَعْب بن الْأَشْرَف وَأَصْحَابه ﴿فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ بِمُحَمد وَالْقُرْآن
﴿وَمَنْ أَظْلَمُ﴾ أجرا ﴿مِمَّنِ افترى﴾ اختلق ﴿عَلَى الله كَذِباً﴾ فأشركه بآلهة شَتَّى ﴿أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ﴾ بِمُحَمد وَالْقُرْآن ﴿إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ﴾ لَا ينجو وَلَا يَأْمَن ﴿الظَّالِمُونَ﴾ الْكَافِرُونَ وَالْمُشْرِكُونَ من عَذَاب الله
﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً﴾ كَافَّة النَّاس يَوْم الْقِيَامَة ﴿ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ﴾ بِاللَّه الْآلهَة ﴿أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ﴾ آلِهَتكُم ﴿الَّذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ تَعْبدُونَ وتقولون إِنَّهُم شفعاؤكم
﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ﴾ عذرهمْ وجوابهم ﴿إِلاَّ أَن قَالُواْ﴾ إِلَّا قَوْلهم {وَالله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين
﴿انْظُر﴾ يَا مُحَمَّد وَيُقَال يَقُول للْمَلَائكَة ﴿كَيْفَ كَذَبُواْ على أَنفُسِهِمْ﴾ كَيفَ أوجبوا عُقُوبَة كذبهمْ على أنفسهم ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ﴾ اشْتغل عَنْهُم بأنفهسم ﴿مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ﴾ يعْبدُونَ بِالْكَذِبِ وَيُقَال بَطل افتراؤهم
﴿وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ﴾ يَقُول من أهل مَكَّة من يستمع إِلَى كلامك وحديثك مِنْهُم أَبُو سُفْيَان بن حَرْب والوليد بن الْمُغيرَة وَالنضْر بن الْحَارِث وَعتبَة وَشَيْبَة ابْنا ربيعَة وَأُميَّة وَأبي ابْنا خلف والحرث بن عَامر ﴿وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً﴾ أغطية ﴿أَن يَفْقَهُوهُ﴾ لكَي لَا يفقهوا كلامك وحديثك ﴿وَفِي آذانهم وقرا﴾ صمما لكَي لَا يسمعوا الْحق وَالْهدى وَيُقَال ثقلاً عَن الْهدى أَن يعقلوه ﴿وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ﴾ طلبوها مِنْك ﴿لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا﴾ طلب مِنْهُ حَارِث بن عَامر ﴿حَتَّى إِذا جاؤوك﴾ جَاءُوا إِلَيْك ﴿يُجَادِلُونَكَ﴾ يَسْأَلُونَك مَاذَا أنزل من الْقُرْآن فَإِذا أَخْبَرتهم ﴿يَقُولُ الَّذين كفرُوا﴾ يَعْنِي النَّضر بن الْحَارِث ﴿إِنْ هَذَا﴾ مَا هَذَا الَّذِي يَقُول مُحَمَّد ﴿إِلاَّ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلين﴾ كذب الْأَوَّلين وأحاديثهم
﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ﴾ وَهُوَ أَبُو جهل وَأَصْحَابه ينهون عَنهُ عَن مُحَمَّد وَالْقُرْآن
﴿وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ﴾ يمْنَعُونَ عَنهُ ويتباعدون وَيُقَال هُوَ أَبُو طَالب كَانَ ينْهَى النَّاس عَن أَذَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يُتَابِعه
﴿وَإِن يُهْلِكُونَ﴾ مَا يهْلكُونَ
107
﴿إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ مَا يعلمُونَ أَن أوزار الَّذين يصدونهم عَنهُ هِيَ عَلَيْهِم
108
﴿وَلَوْ ترى﴾ يَا مُحَمَّد ﴿إِذْ وُقِفُواْ﴾ حبسوا ﴿على النَّار فَقَالُوا يَا ليتنا نُرَدُّ﴾ إِلَى الدُّنْيَا ﴿وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا﴾ بالكتب وَالرسل ﴿وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤمنِينَ﴾ مَعَ الْمُؤمنِينَ فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة
﴿بَلْ بَدَا لَهُمْ﴾ ظهر لَهُم عُقُوبَة ﴿مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ﴾ يسرون من الْكفْر والشرك ﴿مِن قبل﴾ فِي الدِّينَا ﴿وَلَوْ رُدُّواْ﴾ إِلَى الدُّنْيَا كَمَا سَأَلُوا ﴿لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ﴾ من الْكفْر والشرك ﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ لأَنهم لَو ردوا لم يُؤمنُوا بِهِ
﴿وَقَالُوا﴾ يَعْنِي كفار مَكَّة ﴿إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا﴾ أَي مَا حياتنا إِلَّا حياتنا الدُّنْيَا ﴿وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ﴾ بعد الْمَوْت
﴿وَلَوْ ترى﴾ يَا مُحَمَّد ﴿إِذْ وُقِفُواْ﴾ يَقُول حبسوا ﴿على رَبِّهِمْ﴾ عِنْد رَبهم ﴿قَالَ﴾ الله لَهُم وَيُقَال تَقول لَهُم الْمَلَائِكَة ﴿أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ﴾ أَلَيْسَ هَذَا الْعَذَاب والبعث بعد الْمَوْت حق ﴿قَالُواْ بلَى وَرَبِّنَا﴾ إِنَّه لحق كَمَا قَالَت الرُّسُل ﴿قَالَ فَذُوقُواْ الْعَذَاب بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ تجحدون بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت
﴿قَدْ خَسِرَ﴾ قد غبن ﴿الَّذين كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ الله﴾ بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت يَقُول أنظرهم ﴿حَتَّى إِذا جَاءَتْهُم السَّاعَة بَغْتَة﴾ فَجْأَة ﴿قَالُوا يَا حسرتنا﴾ يَا حزناه أَو يَا ندامتاه ﴿على مَا فَرَّطْنَا فِيهَا﴾ تركنَا فِي الدُّنْيَا يَعْنِي الْإِيمَان وَالتَّوْبَة ﴿وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ﴾ آثامهم ﴿على ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ﴾ بئس مَا يحملون من الذُّنُوب
﴿وَمَا الْحَيَاة الدنيآ﴾ مَا فِي الدُّنْيَا من الزهرة وَالنَّعِيم ﴿إِلاَّ لَعِبٌ﴾ فَرح ﴿وَلَهْوٌ﴾ بَاطِل ﴿وَلَلدَّارُ الْآخِرَة﴾ يَعْنِي الْجنَّة ﴿خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ الْكفْر والشرك وَالْفَوَاحِش ﴿أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾ أَن الدُّنْيَا فانية وَالْآخِرَة بَاقِيَة
﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿الَّذِي يَقُولُونَ﴾ من الطعْن والتكذيب وَطلب الْآيَة ﴿فَإِنَّهُمْ﴾ يَعْنِي حَارِث بن عَامر وَأَصْحَابه ﴿لاَ يُكَذِّبُونَكَ﴾ فِي السِّرّ ﴿وَلَكِن الظَّالِمين﴾ الْمُشْركين ﴿بِآيَاتِ الله﴾ فِي الْعَلَانِيَة ﴿يَجْحَدُونَ﴾
﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ﴾ كذبهمْ قَومهمْ كَمَا كَذبك قَوْمك ﴿فَصَبَرُواْ على مَا كُذِّبُواْ﴾ على مَا كذبهمْ قَومهمْ ﴿وَأُوذُواْ﴾ وصبروا على أَذَى قَومهمْ ﴿حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا﴾ بِهَلَاك قَومهمْ ﴿وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ الله﴾ لَا مغير لكلمات الله بالنصرة لأوليائه على أعدائه ﴿وَلَقدْ جَآءَكَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿مِن نَّبَإِ﴾ خبر ﴿الْمُرْسلين﴾ كَيفَ كذبهمْ قَومهمْ كَمَا كَذبك قَوْمك فصبروا على ذَلِك
﴿وَإِن كَانَ كَبُر﴾ عظم ﴿عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ﴾ تكذيبهم ﴿فَإِن اسْتَطَعْت﴾ قدرت (أَن تَبْتَغِيَ) أَن تطلب ﴿نَفَقاً﴾ سرباً ﴿فِي الأَرْض﴾ فَتدخل فِيهِ ﴿أَوْ سُلَّماً فِي السمآء﴾ أَو سَببا وطريقاً تصعد فِيهِ إِلَى السَّمَاء ﴿فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ﴾ يَقُول تنزل بِالْآيَةِ الَّتِي طلبوها فلتفعل ﴿وَلَوْ شَآءَ الله لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهدى﴾ على التَّوْحِيد ﴿فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلين﴾ بمقدوري عَلَيْهِم بالْكفْر
﴿إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ﴾ يُؤمن ويطيع ﴿الَّذين يَسْمَعُونَ﴾ يصدقون وَيُقَال يعْقلُونَ الموعظة ﴿والموتى﴾ يَعْنِي موتى يَوْم بدر وَيَوْم أحد وَيَوْم الْأَحْزَاب وَيُقَال الْمَوْتَى الْقُلُوب ﴿يَبْعَثُهُمُ الله﴾ بعد الْمَوْت ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ فِي الْمَحْشَر فيجزيهم بأعمالهم
﴿وَقَالُوا﴾ يَعْنِي كفار مَكَّة حَارِث بن عمامر وَأَصْحَابه وَأَبُو جهل بن هِشَام والوليد بن الْمُغيرَة وَأُميَّة وَأبي ابْنا خلف وَالنضْر بن الْحَارِث ﴿لَوْلاَ﴾ هلا ﴿نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ﴾ عَلامَة ﴿مِّن رَّبِّهِ﴾ لنبوته ﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿إِنَّ الله قَادِرٌ على أَن يُنَزِّلٍ آيَةً﴾ كَمَا طلبُوا ﴿وَلَكِن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ مَا لَهُم علم فنزولها
﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْض وَلاَ طَائِرٍ يطير بجناحيه﴾
108
بَين السَّمَاء وَالْأَرْض
﴿إِلاَّ أُمَمٌ﴾ خلق عبيد
﴿أَمْثَالُكُمْ﴾ أَي مَخْلُوق أشباهكم فِي الْأكل وَالْجِمَاع يفقه بَعْضهَا عَن بعض كَمَا يفقه بَعْضكُم عَن بعض آيَة لكم
﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكتاب﴾ مَا تركنَا من الَّذِي كتبنَا فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ
﴿مِن شَيْءٍ﴾ شَيْئا إِلَّا ذَكرْنَاهُ فِي الْقُرْآن
﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ﴾ يَعْنِي الطُّيُور وَالدَّوَاب
﴿يُحْشَرُونَ﴾ مَعَ سَائِر الْخلق يَوْم الْقِيَامَة
109
﴿وَالَّذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا﴾ بِمُحَمد وَالْقُرْآن ﴿صُمٌّ﴾ بالقلوب وَيُقَال يتصاممون عَن الْحق ﴿وَبُكْمٌ﴾ يتباكمون عَن الْحق وَالْهدى ﴿فِي الظُّلُمَات﴾ أَي هم على الْكفْر ﴿مَن يَشَإِ الله يُضْلِلْهُ﴾ يمته على الْكفْر ﴿وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ﴾ يمته ﴿على صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ على طَرِيق قَائِم يرضيه وَيُقَال من يَشَأْ الله يضلله يتْركهُ مخذولاً وَمن يَشَأْ يَجعله يهده ويوفقه ويثبته على صِرَاط مُسْتَقِيم على طَرِيق قَائِم يرضاه وَهُوَ الْإِسْلَام
﴿قُلْ أَرَأَيْتُكُم﴾ مَا تَقولُونَ يَا أهل مَكَّة ﴿إِن أَتَاكُم عَذَاب الله﴾ يَوْم بَدْرًا أَو يَوْم أحد أَو يَوْم الْأَحْزَاب ﴿أَوْ أَتَتْكُمْ السَّاعَة﴾ أَو يأتيكم الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة ﴿أغير الله تدعون﴾ بكشف العذبا ﴿إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ أجِيبُوا إِن كُنْتُم صَادِقين أَن الْأَصْنَام شركاؤه
﴿بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ﴾ إِلَيْهِ الَّذِي تدعون أَي أَنهم لَا يدعونَ غير الله وَإِنَّمَا يدعونَ الله عز وَجل ليكشف عَنْهُم الْعَذَاب ﴿فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَآءَ وَتَنسَوْنَ﴾ تتركون ﴿مَا تُشْرِكُونَ﴾ بِهِ من الْأَصْنَام فَلَا تدعونهم
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ﴾ كَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَى قَوْمك ﴿فَأَخَذْنَاهُمْ بالبأسآء﴾ بالخوف بَعضهم من بعض والبلايا والشدائد إِذْ لم يُؤمنُوا ﴿والضرآء﴾ الْأَمْرَاض والأوجاع والجوع ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ﴾ لكَي يَدْعُو ويؤمنوا فأكشف عَنْهُم الْعَذَاب
﴿فلولا﴾ فَهَلا ﴿إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا﴾ عذابنا ﴿تَضَرَّعُواْ﴾ آمنُوا ﴿وَلَكِن قَسَتْ﴾ جَفتْ ويبست ﴿قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَان مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ﴾ فِي كفرهم أَن حَال الدُّنْيَا هَكَذَا تكون شدَّة ثمَّ نعْمَة
﴿فَلَمَّا نسوا مَا ذكرُوا بِهِ﴾ تركُوا مَا أمروا بِهِ فِي الْكتاب ﴿فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ من الزهرة وَالْخصب وَالنَّعِيم ﴿حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ﴾ أعجبوا ﴿بِمَآ أُوتُوا﴾ أعْطوا من الزهرة وَالْخصب وَالنَّعِيم ﴿أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً﴾ فَجْأَة بِالْعَذَابِ ﴿فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ﴾ آيسون من كل خير
﴿فَقُطِعَ دَابِرُ﴾ غَايَة ﴿الْقَوْم الَّذين ظَلَمُواْ﴾ أشركوا أَي استؤصلوا بِالْهَلَاكِ ﴿وَالْحَمْد للَّهِ﴾ قل الْحَمد لله وَالشُّكْر لله ﴿رَبِّ الْعَالمين﴾ على استئصالهم
﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ﴾ مَا تَقولُونَ يَا أهل مَكَّة ﴿إِنْ أَخَذَ الله سَمْعَكُمْ﴾ فَلم تسمعوا موعظة وَلَا هدى ﴿وَأَبْصَارَكُمْ﴾ فَلم تبصروا الْحق ﴿وَخَتَمَ﴾ طبع ﴿على قُلُوبِكُمْ﴾ فَلم تعقلوا الْحق وَالْهدى ﴿مَّنْ إِلَه غَيْرُ الله﴾ يَعْنِي الْأَصْنَام ﴿يَأْتِيكُمْ بِهِ﴾ بِمَا أَخذ الله مِنْكُم ﴿انْظُر﴾ يَا مُحَمَّد ﴿كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَات﴾ نبين الْقُرْآن لَهُم ﴿ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ﴾ يعرضون يكذبُون الْآيَات
﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ﴾ يَا أهل مَكَّة ﴿إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ الله بَغْتَةً﴾ فَجْأَة ﴿أَوْ جَهْرَةً﴾ مُعَاينَة ﴿هَلْ يُهْلَكُ﴾ بِالْعَذَابِ ﴿إِلاَّ الْقَوْم الظَّالِمُونَ﴾ العاصون لما أمروا بِهِ وَيُقَال الْمُشْركُونَ
﴿وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسلين إِلاَّ مُبَشِّرِينَ﴾ بِالْجنَّةِ لمن آمن بِهِ ﴿ومنذرين﴾ من النَّار لم كفر ﴿فَمَنْ آمَنَ﴾ بالرسل والكتب ﴿وَأَصْلَحَ﴾ فِيمَا بَينه وَبَين ربه ﴿فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ إِذا خَافَ أهل النَّار ﴿وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ إِذا حزنوا
﴿وَالَّذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا﴾ بِمُحَمد وَالْقُرْآن ﴿يَمَسُّهُمُ الْعَذَاب﴾ يصيبهم الْعَذَاب ﴿بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ﴾ يكفرون بِمُحَمد وَالْقُرْآن
﴿قُل﴾ يَا مُحَمَّد لأهل مَكَّة
﴿لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ﴾ مَفَاتِيح خَزَائِن
﴿الله﴾ من النَّبَات وَالثِّمَار والأمطار وَالْعَذَاب
﴿وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْب﴾ من نزُول الْعَذَاب
109
﴿وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ﴾ من السَّمَاء
﴿إِنْ أَتَّبِعُ﴾ مَا أعمل شَيْئا وَلَا أَقُول
﴿إِلاَّ مَا يُوحى إِلَيَّ﴾ إِلَّا مَا أمرت فِي الْقُرْآن
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لأهل مَكَّة
﴿هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى والبصير﴾ الْكَافِر وَالْمُؤمن فِي الطَّاعَات وَالثَّوَاب
﴿أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ﴾ فِي أَمْثَال الْقُرْآن نزلت هَذِه الْآيَة من قَوْله
﴿قُلْ لاَ أَقُولُ لَكُمْ﴾ إِلَى هَهُنَا فِي أبي جهل وَأَصْحَابه الْحَارِث وعيينة
110
ثمَّ نزل فِي الموَالِي ﴿وَأَنذِرْ بِهِ﴾ خوف بِالْقُرْآنِ وَيُقَال بِاللَّه ﴿الَّذين يَخَافُونَ﴾ يعلمُونَ ويستيقنون مِنْهُم بِلَال ابْن رَبَاح وصهيب بن سِنَان وَمهجع بن صَالح وعمار بن يَاسر وسلمان الْفَارِسِي وعامر بن فهَيْرَة وخباب بن الْأَرَت وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة ﴿أَن يحْشرُوا إِلَى رَبِّهِمْ﴾ بعد الْمَوْت ﴿لَيْسَ لَهُمْ مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ﴾ حَافظ يحفظهم ﴿وَلاَ شَفِيعٌ﴾ يشفع لَهُم وينجيهم من الْعَذَاب غير الله ﴿لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ لكَي يتقوا الْمعاصِي وَيكون عوناً لَهُم فِي الطَّاعَة
﴿وَلاَ تَطْرُدِ﴾ يَا مُحَمَّد بقول عُيَيْنَة بن حصن الْفَزارِيّ حَيْثُ قَالَ اطرد هَؤُلَاءِ عَنْك حَتَّى يَجِيء إِلَيْك أَشْرَاف قَوْمك ويسمعوا كلامك ويؤمنوا بك وطلبوا أَيْضا من عمر أَن يَقُول للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اجْعَل مجلسك يَوْمًا لنا وَيَوْما لَهُم فَلم يرض الله بذلك ونهاهم عَن ذَلِك فَقَالَ وَلَا تطرد ﴿الَّذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ﴾ يَعْنِي سلمَان وَأَصْحَابه من الموَالِي يعْبدُونَ رَبهم ﴿بِالْغَدَاةِ والعشي﴾ غدْوَة وَعَشِيَّة بالصلوات الْخمس ﴿يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ يُرِيدُونَ بذلك وَجه الله وَرضَاهُ ﴿مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم﴾ من مؤنتهم ﴿مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ﴾ من مؤنتك ﴿عَلَيْهِمْ مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ﴾ لَا تطردهم ﴿فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمين﴾ من الضارين بِنَفْسِك
﴿وَكَذَلِكَ﴾ هَكَذَا ﴿فَتَنَّا﴾ ابتلينا ﴿بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ﴾ الْعَرَبِيّ بالمولى والشريف بالوضيع نزلت هَذِه الْآيَة فِي عُيَيْنَة بن حصن الْفَزارِيّ وَعتبَة وَشَيْبَة ابْني ربيعَة وَأُميَّة بن خلف الجُمَحِي والوليد بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي وَأبي جهل بن هِشَام وَسُهيْل بن عَمْرو وأشباههم من الرؤساء ابتلوا بِالْمَوَالِي ﴿لِيَقُولُوا﴾ لكَي يَقُول يَعْنِي عُيَيْنَة بن حصن الْفَزارِيّ وَأَصْحَابه ﴿أَهَؤُلَاءِ﴾ لسلمان وَأَصْحَابه ﴿مَنَّ الله عَلَيْهِم﴾ بِالْإِيمَان ﴿مِّن بَيْنِنَآ أَلَيْسَ الله بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ﴾ بِالْمُؤْمِنِينَ لمن كَانَ أَهلا لذَلِك
﴿وَإِذَا جَآءَكَ الَّذين يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا﴾ بكتابنا ورسولنا عمر بن الْخطاب ﴿فَقُلْ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ﴾ قبل ربكُم توبتكم وعذركم ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ﴾ أوجب ربكُم ﴿على نَفْسِهِ الرَّحْمَة﴾ لمن تَابَ ﴿أَنه من عمل مِنْكُم سوءا﴾ ذَنبا ﴿بِجَهَالَةٍ﴾ بتعمد وَإِن كَانَ جَاهِلا بعقوبته ﴿ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ﴾ من بعد السوء ﴿وَأَصْلَحَ﴾ فِيمَا بَينه وَبَين ربه ﴿فَأَنَّهُ غَفُورٌ﴾ متجاوز ﴿رَّحِيمٌ﴾ لمن تَابَ
﴿وَكَذَلِكَ﴾ هَكَذَا ﴿نفَصِّلُ الْآيَات﴾ نبين الْقُرْآن بِالْأَمر وَالنَّهْي وخبرهم ﴿وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرمين﴾ طَرِيق الْمُشْركين عُيَيْنَة وَأَصْحَابه لم لَا يُؤمنُونَ
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لعيينة وَأَصْحَابه ﴿إِنِّي نُهِيتُ﴾ فِي الْقُرْآن ﴿أَنْ أَعْبُدَ الَّذين تَدْعُونَ﴾ تَعْبدُونَ ﴿مِن دُونِ الله﴾ من الْأَوْثَان ﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لعيينة وَأَصْحَابه ﴿لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَآءَكُمْ﴾ فِي عبَادَة الْأَصْنَام وطرد سلمَان وَأَصْحَابه عني ﴿قَدْ ضَلَلْتُ﴾ عَن الْهدى ﴿إِذاً﴾ إِن فعلت ذَلِك ﴿وَمَآ أَنَاْ مِنَ المهتدين﴾ للصَّوَاب بعملي إِن طردتهم
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد للنضر بن الْحَارِث وَأَصْحَابه
﴿إِنِّي على بَيِّنَة من رَبِّي﴾ على بَيَان من رَبِّي وبصيرة من أَمْرِي وديني
﴿وَكَذَّبْتُم بِهِ﴾ بِالْقُرْآنِ والتوحيد
﴿مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ﴾ من الْعَذَاب
﴿إِن الحكم﴾ مَا الحكم بنزول الْعَذَاب
﴿إِلاَّ لِلَّهِ يَقُصُّ الْحق﴾ يحكم بِالْعَدْلِ وَيَأْمُر بِالْحَقِّ
﴿وَهُوَ خَيْرُ الفاصلين﴾ أفضل
110
القاضين
﴿قُل﴾ يَا مُحَمَّد
111
﴿لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ﴾ من الْعَذَاب ﴿لَقُضِيَ الْأَمر بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ لفرغ من هلاككم ﴿وَالله أَعْلَمُ بالظالمين﴾ بعقوبة الْمُشْركين النَّضر وَأَصْحَابه فَوَقع بالنضر بن الْحَارِث الْعَذَاب الَّذِي سَأَلَ فَقتل صبرا يَوْم بدر
﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْب﴾ خَزَائِن الْغَيْب الْمَطَر والنبات وَالثِّمَار ونزول الْعَذَاب الَّذِي تَسْتَعْجِلُون بِهِ يَوْم بدر ﴿لاَ يَعْلَمُهَآ﴾ لَا يعلم مفاتح الْغَيْب بنزول الْعَذَاب الَّذِي تَسْتَعْجِلُون بِهِ ﴿إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبر وَالْبَحْر﴾ من الْخلق والعجائب وَيُقَال وَيعلم مَا يهْلك فِي الْبر وَالْبَحْر ﴿وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ﴾ من الشّجر ﴿إِلاَّ يَعْلَمُهَا﴾ كم دوران تَدور ﴿وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْض﴾ تَحت الصَّخْرَة الَّتِي أَسْفَل الْأَرْضين إِلَّا يعلمهَا ﴿وَلاَ رَطْبٍ﴾ يَعْنِي المَاء ﴿وَلاَ يَابِسٍ﴾ يَعْنِي الْبَادِيَة ﴿إِلاَّ فِي كِتَابٍ﴾ مَكْتُوب ﴿مُّبِينٍ﴾ كل ذَلِك فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ مُبين مقدارها ووقتها
﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ﴾ يقبض أرواحكم فِي الْمَنَام ﴿وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم﴾ مَا كسبتم ﴿بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ﴾ يرد إِلَيْكُم أرواحكم ﴿فِيهِ﴾ فِي النَّهَار ﴿ليقضى أَجَلٌ مّسَمًّى﴾ لكَي يتم أجلهَا وَرِزْقهَا ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ﴾ بعد الْمَوْت ﴿ثُمَّ يُنَبِّئُكُم﴾ يُخْبِركُمْ ﴿بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ من الْخَيْر وَالشَّر
﴿وَهُوَ القاهر﴾ الْغَالِب ﴿فَوْقَ عِبَادِهِ﴾ على عباده ﴿وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً﴾ من الْمَلَائِكَة ملكَيْنِ بِالنَّهَارِ وملكين بِاللَّيْلِ يَكْتُبُونَ حسناتكم وسيئاتكم ﴿حَتَّى إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْت﴾ حَضَره الْمَوْت ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا﴾ قَبضه ملك الْمَوْت وأعوانه ﴿وَهُمْ﴾ يَعْنِي ملك الْمَوْت وأعوانه ﴿لاَ يُفَرِّطُونَ﴾ لَا يؤخرون الْمَيِّت طرفَة عين
﴿ثُمَّ ردوا إِلَى الله﴾ يَوْم الْقِيَامَة ﴿مَوْلاَهُمُ الْحق﴾ وليهم بالثواب وَالْعِقَاب بِالْحَقِّ وَالْعدْل وَيُقَال مَوْلَاهُم الْحق معبودهم بِالْحَقِّ وَلَكِن لم يعبدوه بِالْحَقِّ غَايَة عِبَادَته وكل معبود غير الله بَاطِل ﴿أَلاَ لَهُ الحكم﴾ الْقَضَاء بَين الْعباد وَيَوْم الْقِيَامَة ﴿وَهُوَ أَسْرَعُ الحاسبين﴾ إِذا حاسب فحسابه سريع
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لكفار مَكَّة ﴿مَن يُنَجِّيكُمْ مِّن ظُلُمَاتِ الْبر وَالْبَحْر﴾ من شَدَائِد الْبر وَالْبَحْر وأهوالهما ﴿تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً﴾ سرا وَعَلَانِيَة وَإِن قَرَأت بجر الْخَاء وَتَقْدِيم الْيَاء من الْفَاء يَقُول مستكيناً وخوفاً ﴿لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِه﴾ الْأَهْوَال والشدائد ﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ من الْمُؤمنِينَ
﴿قُلِ﴾ يَا مُحَمَّد لَهُم ﴿الله يُنَجِّيكُمْ مِّنْهَا﴾ من شَدَائِد الْبر وَالْبَحْر ﴿وَمِن كُلِّ كَرْبٍ﴾ غم وهول ﴿ثُمَّ أَنتُمْ﴾ يَا أهل مَكَّة ﴿تُشْرِكُونَ﴾ بِهِ الْأَصْنَام
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لَهُم ﴿هُوَ الْقَادِر على أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ﴾ كَمَا بعث على قوم نوح وَقوم لوط ﴿أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ يخسف بكم الأَرْض كَمَا خسف بقارون ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً﴾ أهواء مُخْتَلفَة كَمَا كَانَت فِي بني إِسْرَائِيل بعد النَّبِيين ﴿وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾ بِالسَّيْفِ ﴿انْظُر﴾ يَا مُحَمَّد ﴿كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَات﴾ نبين الْقُرْآن بأخبار الْأُمَم الْمَاضِيَة وَمَا فعلنَا بهم ﴿لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ﴾ لكَي يفقهوا أَمر الله وتوحيده
﴿وَكَذَّبَ بِهِ﴾ بِالْقُرْآنِ ﴿قَوْمُكَ﴾ قُرَيْش ﴿وَهُوَ الْحق﴾ يعين الْقُرْآن ﴿قُل﴾ يَا مُحَمَّد ﴿لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ﴾ بكفيل أَن أؤديكم إِلَى الله مُؤمنين
﴿لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ﴾ لكل قَول من الله ومني من الْأَمر وَالنَّهْي والوعد والوعيد والبشرى بالنصرة وَالْعَذَاب مُسْتَقر فعل وَحَقِيقَة مِنْهُ مَا يكون فِي الدُّنْيَا وَمِنْه مَا يكون فِي الْآخِرَة ﴿وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ ذَلِك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَيُقَال لكل نبأ مُسْتَقر لكل قَول وَفعل مِنْكُم حَقِيقَة وَحَقِيقَة ذَلِك فِي الْقلب وسوف تعلمُونَ مَاذَا يفعل بكم
﴿وَإِذا رَأَيْت الَّذين يَخُوضُونَ فِي آيَاتنَا﴾ يستهزؤن بك وَبِالْقُرْآنِ ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ فاترك مجَالِسهمْ ﴿حَتَّى يخوضوا فِي حَدِيث غَيره﴾ كي يكون خوفهم وحديثهم فِي غير الْقُرْآن والاستهزاء بك ﴿وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَان﴾ بعد النَّهْي ﴿فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذكرى﴾ بعد مَا ذكرت ﴿مَعَ الْقَوْم الظَّالِمين﴾ الْمُشْركين أَمر الله نبيه بذلك إِذْ كَانَ بِمَكَّة فشق على أَصْحَابه ذَلِك
فَرخص لَهُم بعد ذَلِك بِالْجُلُوسِ مَعَهم للعظة وَالنَّهْي فَقَالَ ﴿وَمَا عَلَى الَّذين يَتَّقُونَ﴾ الْكفْر والشرك وَالْفَوَاحِش والاستهزاء ﴿مِنْ حِسَابِهِم﴾ من مأثمهم وَالْكفْر والاستهزاء بهم ﴿مِّن شَيْءٍ وَلَكِن ذكرى﴾ ذكروهم بِالْقُرْآنِ ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ الْكفْر والشرك وَالْفَوَاحِش والاستهزاء بِالْقُرْآنِ وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
﴿وَذَرِ الَّذين اتَّخذُوا دِينَهُمْ﴾ يَعْنِي الْيَهُود) وَالنَّصَارَى ومشركي الْعَرَب اتَّخذُوا دين آبَائِهِم الْمُؤمنِينَ ﴿لَعِباً﴾ ضحكة ﴿وَلَهْواً﴾ استهزاء وَيُقَال دينهم عِنْدهم لعباً ولهواً فَرحا وباطلاً ﴿وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ مَا فِي الدُّنْيَا من الزهرة وَالنَّعِيم ﴿وَذَكِّرْ بِهِ﴾ عظ بِالْقُرْآنِ وَيُقَال بِاللَّه ﴿أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ﴾ لكَي لَا تهْلك وَلَا توهن وَلَا تعذب نفس ﴿بِمَا كسبت﴾ من للذنوب ﴿لَيْسَ لَهَا﴾ للنَّفس ﴿مِن دُونِ الله﴾ من عَذَاب الله ﴿وَلِيٌّ﴾ قريب يدْفع عَنْهَا ﴿وَلاَ شَفِيعٌ﴾ يشفع لَهَا ﴿وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ﴾ أَن تَجِيء بِكُل من على وَجه الأَرْض ﴿لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَآ﴾ لَا يقبل من النَّفس ﴿أُولَئِكَ﴾ المستهزئون ﴿الَّذين أُبْسِلُواْ﴾ أهلكوا وأوهنوا وعذبوا وهم عُيَيْنَة وَالنضْر وأصحابهما ﴿بِمَا كَسَبُواْ﴾ من الذُّنُوب ﴿لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ﴾ مَاء حَار يغلي قد انْتهى حره ﴿وَعَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ وجيع ﴿بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ﴾ بِمُحَمد وَالْقُرْآن
﴿قل﴾ يَا مُحَمَّد لعيينة وَأَصْحَابه ﴿أندعو﴾ تأمروننا أَن تعبد ﴿مِن دُونِ الله مَا لاَ يَنفَعُنَا﴾ أَن عبدناه فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ﴿وَلاَ يَضُرُّنَا﴾ إِن لم نعبده فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ﴿وَنُرَدُّ على أَعْقَابِنَا﴾ نرْجِع وَرَاءَنَا إِلَى الشّرك ﴿بَعْدَ إِذْ هدَانَا الله﴾ يدينه أكرامنا بِدِينِهِ ﴿كَالَّذي﴾ فَيكون مثلنَا كَالَّذي ﴿استهوته﴾ استزلته ﴿الشَّيَاطِين فِي الأَرْض حَيْرَانَ﴾ ضَالًّا عَن الْهدى ﴿لَهُ أَصْحَابٌ﴾ لعيينة أَصْحَاب وهم أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿يَدْعُونَهُ إِلَى الْهدى﴾ إِلَى الْإِسْلَام ﴿ائتنا﴾ أَطعْنَا وَهُوَ يَدعُوهُم يَعْنِي عُيَيْنَة إِلَى الشّرك وَيُقَال نزلت هَذِه الْآيَة فِي أبي بكر الصّديق وَابْنه عبد الرَّحْمَن وَكَانَ يَدْعُو أَبَوَيْهِ إِلَى دينه قبل أَن يسلم فَقَالَ الله لنَبيه قُلْ يَا مُحَمَّد لأبي بكر حَتَّى يَقُول لِابْنِهِ عبد الرَّحْمَن أتدعو تَأْمُرنَا يَا عبد الرَّحْمَن أَن نعْبد من دون الله مَا لَا ينفعنا فِي الدُّنْيَا فِي الرزق والمعاش وَلَا فِي الْآخِرَة إِن عبدناه وَلَا يضرنا إِن لم نعبده ونرد على أعقابنا نرْجِع إِلَى ديننَا الأول بعد إِذا هدَانَا الله لدين مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَالَّذي فَيكون مثلناكمثل عبد الرَّحْمَن استهوته استزلته الشَّيَاطِين عَن دين الله فِي الأَرْض حيران ضَالًّا عَن الْهدى لَهُ لعبد الرَّحْمَن أَصْحَاب أَبَوَاهُ أَبُو بكر وَأمه يَدعُونَهُ إِلَى الْهدى أَي يَدعُونَهُ إِلَى الْإِسْلَام وَالتَّوْبَة وَهُوَ يَعْنِي عبد الرَّحْمَن يدعوهما إِلَى الشّرك ويقولان لَهُ أَي أَبَوَاهُ ائتنا أَطعْنَا بِالْإِسْلَامِ ﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿إِنَّ هُدَى الله هُوَ الْهدى﴾ إِن دين الله هُوَ الْإِسْلَام وقبلتنا هِيَ الْكَعْبَة ﴿وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ﴾ لنخلص بِالْعبَادَة والتوحيد ﴿لِرَبِّ الْعَالمين﴾ لله رب الْعَالمين
﴿وَأَن أقِيمُوا الصَّلَاة﴾ أَتموا الصلوة الْخمس ﴿واتقوه﴾ وأطيعوه ﴿وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ بعد الْمَوْت فيجزيكم بأعمالكم
﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ﴾ لتبيان الْحق
112
وَالْبَاطِل وَيُقَال الفناء والزوال
﴿وَيَوْمَ يَقُولُ﴾ للصور
﴿كُن فَيَكُونُ﴾ يَعْنِي تصير السَّمَوَات صوراً ينْفخ فِيهِ مثل الْقرن وتبدل سَمَاء أُخْرَى وَيُقَال يَوْم كن يَعْنِي ليَوْم الْقِيَامَة فَتكون السَّاعَة قَوْلُهُ فِي الْبَعْث
﴿الْحق﴾ الصدْق
﴿وَلَهُ الْملك﴾ الْقَضَاء بَين الْعباد
﴿يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّور عَالِمُ الْغَيْب﴾ مَا يكون
﴿وَالشَّهَادَة﴾ مَا كَانَ وَيُقَال عَالم الْغَيْب مَا غَابَ عَن الْعباد وَالشَّهَادَة مَا علمه الْعباد
﴿وَهُوَ الْحَكِيم﴾ فِي أمره وقضائه
﴿الْخَبِير﴾ بخلقه وبأعمالهم
113
﴿وَإِذْ قَالَ﴾ وَقد قَالَ ﴿إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ﴾ وَهُوَ تارح بن ناحور ﴿أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً﴾ أَتَعبد أصناماً ﴿آلِهَةً﴾ شَتَّى صَغِيرا وكبيراً ذكرا وَأُنْثَى ﴿إِنِّي أَرَاكَ﴾ يَا أَبَت ﴿وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ﴾ فِي كفر بَين وَخطأ بَين فِي عبَادَة الْأَصْنَام
﴿وَكَذَلِكَ﴾ هَكَذَا ﴿نري إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ مَا بَين السَّمَوَات وَالْأَرْض من الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم حِين خرج من السرب ﴿وَلِيَكُونَ مِنَ الموقنين﴾ لكَي يكون من المقربين بِأَن الله وَاحِد خَالق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا فِيهِنَّ وَيُقَال أرَاهُ الله لَيْلَة أسرِي بِهِ إِلَى إِلَى السَّمَاء حَتَّى أبْصر من السَّمَاء السَّابِعَة الأَرْض السَّابِعَة وليكون من الموقنين لكَي يكون لَهُ يَقِين الخطوات
﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْل﴾ فِي السرب ﴿رَأَى كَوْكَباً﴾ وَهِي الزهرة ﴿قَالَ هَذَا رَبِّي﴾ أَتَرَى هَذَا رَبِّي ﴿فَلَمَّآ أَفَلَ﴾ غَابَ وَتغَير عَن حَاله إِلَى الْحمرَة ﴿قَالَ لَا أُحِبُّ الآفلين﴾ ربّاً لَيْسَ بدائم
﴿فَلَمَّآ رَأَى الْقَمَر بَازِغاً﴾ طالعاً ﴿قَالَ هَذَا رَبِّي﴾ أَتَرَى هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ من الأول ﴿فَلَمَّآ أَفَلَ﴾ غَابَ وَتغَير ﴿قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي﴾ لم يثبتني ربّي على الْهَدْي ﴿لأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْم الضَّالّين﴾ عَن الْهدى
﴿فَلَماَّ رَأَى الشَّمْس بَازِغَةً﴾ طالعة قد مَلَأت كلّ شيءٍ ﴿قَالَ هَذَا رَبِّي﴾ أَتَرَى هَذَا رَبِّي ﴿هَذَا أَكْبَرُ﴾ من الأول وَالثَّانِي ﴿فَلَمَّآ أَفَلَتْ﴾ غَابَتْ وتغيرت قَالَ إِبْرَاهِيم إِنِّي لَا أحب الآفلين رَبًّا لَيْسَ بدائم لَئِن لم يهدني رَبِّي لم يثبتني رَبِّي لأكونن من الْقَوْم الضَّالّين عَن الْهدى مقدم ومؤخر وَيُقَال قَالَ هَذَا رَبِّي على معنى الِاسْتِهْزَاء لِقَوْمِهِ لِأَن قومه كَانُوا يعْبدُونَ الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم فَأنْكر عَلَيْهِم فاستهزأ بهم وَقَالَ لَهُم أمثل هَذَا يكون الرب فَلَمَّا خرج من السرب وَجَاء إِلَى قومه وَهُوَ يؤمئذ ابْن سبع عشرَة سنة نظر إِلَى السَّمَاء وَالْأَرْض فَقَالَ رَبِّي الَّذِي خلق هَذَا ثمَّ مضى حَتَّى أَتَى قومه فَرَآهُمْ عاكفين على أصنام لَهُم ﴿قَالَ يَا قوم إِنِّي بَرِيء مِمَّا تشركون﴾ بِاللَّه من الْأَصْنَام
قَالُوا يَا إِبْرَاهِيم فَمن تعبد أَنْت قَالَ ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ﴾ أخلصت ديني وعملي ﴿لِلَّذِي فَطَرَ﴾ خلق ﴿السَّمَاوَات وَالْأَرْض حَنِيفاً﴾ مُسلما ﴿وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْركين﴾ على دينهم
﴿وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ﴾ خاصمه قومه فِي آلِهَتهم وخوفوه بهَا لكَي يتْرك دين الله ﴿قَالَ﴾ إِبْرَاهِيم ﴿أتحاجوني فِي الله﴾ أتخاصموني فِي دين الله لقبل آلِهَتكُم وتخوفوني بهَا لكَي أترك دين رَبِّي ﴿وَقَدْ هَدَانِ﴾ رَبِّي لدينِهِ ﴿وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ﴾ من الْأَصْنَام ﴿إِلاَّ أَن يَشَآءَ رَبِّي شَيْئاً﴾ نزوع الْمعرفَة من قلبِي فَأَخَاف مِمَّا تخافون ﴿وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً﴾ علم رَبِّي أَنكُمْ على غير الْحق ﴿أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ﴾ تتعظون فِيمَا أَقُول لكم من النَّهْي
﴿وَكَيْفَ أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ﴾ بِاللَّه من الْأَصْنَام
﴿وَلاَ تَخَافُونَ﴾ أَنْتُم من الله
﴿أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّه مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً﴾ كتابا وَلَا حجَّة وَكَانُوا يخوفونه بآلهتهم فَيَقُولُونَ نَخَاف عَلَيْك إِن شتمتهم أَن يخبلوك فَلذَلِك قَالَ لَا أَخَاف
﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ﴾ أهل دينين أَنا وَأَنْتُم
﴿أَحَقُّ﴾ أولى
﴿بالأمن﴾ من معبوده وأجيبوا
﴿إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ذَلِك فَلم
113
فَأجَاب الله مَا سَأَلَ عَنْهُم إِبْرَاهِيم فَقَالَ ﴿الَّذين آمَنُواْ وَلَمْ يلبسوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ لم يخلطوا إِيمَانهم بشرك وَلم ينافقوا بإيمَانهمْ ﴿أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْن﴾ من معبودهم ﴿وَهُمْ مُّهْتَدُونَ﴾ للصَّوَاب وَيُقَال أُولَئِكَ لَهُم الْأَمْن من الْعَذَاب وهم مهتدون إِلَى الْحجَّة
﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ﴾ هَذِه حجتنا ﴿آتَيْنَاهَآ﴾ ألهمناها ﴿إِبْرَاهِيمَ﴾ حَتَّى احْتج بهَا ﴿على قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ﴾ فَضَائِل بِالْقُدْرَةِ والمنزلة وَالْحجّة وبعلم التَّوْحِيد ﴿مَّن نَّشَآءُ﴾ من كَانَ أَهلا لذَلِك ﴿إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ﴾ بإلهام الْحجَّة لأوليائه ﴿عَلِيمٌ﴾ بِحجَّة أوليائه وعقوبة أعدائه
﴿وَوَهَبْنَا لَهُ﴾ لإِبْرَاهِيم ﴿إِسْحَاق﴾ ولدا ﴿وَيَعْقُوب﴾ ولد الْوَلَد ﴿كلا﴾ يَعْنِي إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب ﴿هَدَيْنَا﴾ أكرمنا بِالنُّبُوَّةِ وَالْإِسْلَام ﴿وَنُوحاً هَدَيْنَا﴾ أكرمنا أَيْضا بِالنُّبُوَّةِ وَالْإِسْلَام ﴿مِن قَبْلُ﴾ أَي من قبل إِبْرَاهِيم ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِهِ﴾ وَمن ذُرِّيَّة نوح وَيُقَال من ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيم ﴿دَاوُد وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ ومُوسَى وَهَارُونَ﴾ كَلاًّ هديناهم بِالنُّبُوَّةِ وَالْإِسْلَام ﴿وَكَذَلِكَ﴾ هَكَذَا ﴿نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ بالْقَوْل وَالْفِعْل وَيُقَال الْمُوَحِّدين
﴿وَزَكَرِيَّا وَيحيى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ﴾ كل هَؤُلَاءِ هديناهم بِالنُّبُوَّةِ وَالْإِسْلَام وَكلهمْ من ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيم ﴿مِّنَ الصَّالِحين﴾ يَعْنِي كَانُوا من الْمُرْسلين
﴿وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسع وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ﴾ كل هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاء ﴿فَضَّلْنَا﴾ بِالنُّبُوَّةِ وَالْإِسْلَام ﴿عَلَى الْعَالمين﴾ عالمي زمانهم من الْكَافرين وَالْمُؤمنِينَ
﴿وَمِنْ آبَائِهِمْ﴾ آدم وشيث وَإِدْرِيس ونوح وَهود وَصَالح هديناهم بِالنُّبُوَّةِ وَالْإِسْلَام ﴿وَذُرِّيَّاتِهِمْ﴾ يَعْنِي أَوْلَاد يَعْقُوب ﴿وَإِخْوَانِهِمْ﴾ يَعْنِي إخْوَة يُوسُف هديناهم بِالنُّبُوَّةِ وَالْإِسْلَام ﴿واجتبيناهم﴾ اصطفيناهم ﴿وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ يَعْنِي ثبتناهم على طَرِيق مُسْتَقِيم
﴿ذَلِك﴾ الصِّرَاط الْمُسْتَقيم ﴿هدى الله﴾ دين الله ﴿يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ من كَانَ أَهلا لذَلِك ﴿وَلَوْ أَشْرَكُواْ﴾ لَو أشرك هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاء ﴿لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ من الطَّاعَات
﴿أُولَئِكَ الَّذين﴾ قَصَصنَا من النَّبِيين ﴿آتَيْنَاهُمُ﴾ أعطيناهم ﴿الْكتاب﴾ الَّذين نزل بِهِ جِبْرِيل من السَّمَاء ﴿وَالْحكم﴾ الْعلم والفهم ﴿والنبوة فَإِن يَكْفُرْ بِهَا﴾ بسبيلهم وَدينهمْ ﴿هَؤُلَاءِ﴾ أهل مَكَّة ﴿فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا﴾ وقفنا بهَا بدين الْأَنْبِيَاء وسبيلهم ﴿قَوْماً﴾ بِالْمَدِينَةِ ﴿لَّيْسُواْ بهَا﴾ بدين الْأَنْبِيَاء وبسبيلهم ﴿بكافرين﴾ بجاحدين
﴿أُولَئِكَ الَّذين﴾ قصصناهم من النَّبِيين ﴿هَدَى الله﴾ هدَاهُم الله بالأخلاق الْحسنى ﴿فَبِهُدَاهُمُ﴾ فبأخلاقهم الْحسنى من الصَّبْر وَالِاحْتِمَال وَالرِّضَا والقناعة وَغير ذَلِك ﴿اقتده قُل﴾ يَا مُحَمَّد لأهل مَكَّة ﴿لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ﴾ على التَّوْحِيد وَالْقُرْآن ﴿أَجْراً﴾ جعلا ﴿إِنْ هُوَ﴾ مَا هُوَ يَعْنِي الْقُرْآن ﴿إِلاَّ ذكرى﴾ عظة ﴿لِلْعَالَمِينَ﴾ الْجِنّ وَالْإِنْس
﴿وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ﴾ مَا عظموا الله حق عَظمته
﴿إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ الله على بَشَرٍ﴾ من النَّبِيين
﴿مِّن شَيْءٍ﴾ من كتاب نزلت هَذِه الْآيَة فِي مَالك بن الصَّيف الْيَهُودِيّ قَالَ مَا أنزل الله على بشر من شَيْء
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لمَالِك
﴿مَنْ أَنزَلَ الْكتاب الَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَى نُوراً﴾ بَيَانا وضياء
﴿وَهُدًى لِّلنَّاسِ﴾ من الضَّلَالَة
﴿تَجْعَلُونَهُ﴾ تكتبونه
﴿قَرَاطِيسَ﴾ فِي قَرَاطِيس أَي فِي الصُّحُف
﴿تُبْدُونَهَا﴾ تظْهرُونَ كثيرا مَا لَيْسَ فِيهِ صفة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونعته
﴿وَتُخْفُونَ كَثِيراً﴾ يَعْنِي تكتمون كثيرا مَا فِيهِ صفة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونعته
﴿وعلمتم﴾ من الْأَحْكَام وَالْحُدُود وَالْحرَام وَصفَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونعته فِي الْكتاب
114
﴿مَّا لَمْ تعلمُوا أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ﴾ من قبل من الْأَحْكَام وَالْحُدُود فَإِن أجابوك وَقَالُوا الله أنزل وَإِلَّا
﴿قُلِ الله﴾ أنزل
﴿ثُمَّ ذَرْهُمْ﴾ اتركهم
﴿فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾ فِي باطلهم يعمهون يَخُوضُونَ ويكذبون
115
﴿وَهَذَا كِتَابٌ﴾ يَعْنِي الْقُرْآن ﴿أَنزَلْنَاهُ﴾ جِبْرِيل بِهِ ﴿مبارك﴾ فِيهِ الْمَغْفِرَة وَالرَّحْمَة لن آمن بِهِ ﴿مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ مُوَافق للتوراة وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور وَسَائِر الْكتب بِالتَّوْحِيدِ وَصفَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونعته ﴿وَلِتُنذِرَ﴾ تخوف بِالْقُرْآنِ ﴿أُمَّ الْقرى﴾ يَعْنِي أهل مَكَّة وَيُقَال أم الْقرى عَظِيمَة الْقرى وَيُقَال إِنَّمَا سميت أم الْقرى لِأَن الأَرْض دحيت من تحتهَا ﴿وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ من سَائِر الْبلدَانِ ﴿وَالَّذين يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَة﴾ بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت ونعيم الْجنَّة ﴿يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ بِمُحَمد وَالْقُرْآن ﴿وَهُمْ على صَلاَتِهِمْ﴾ على أَوْقَات صلواتهم الْخمس ﴿يُحَافِظُونَ﴾
﴿وَمَنْ أَظْلَمُ﴾ أَعْتَى وأجرأ ﴿مِمَّنِ افترى﴾ اختلق ﴿عَلَى الله كَذِباً أَوْ قَالَ﴾ مَا أنزل الله على بشر من شَيْء وَهُوَ مَالك بن الصَّيف أَو قَالَ يَعْنِي وَمن قَالَ ﴿أُوْحِيَ إِلَيَّ﴾ كتاب ﴿وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ﴾ من الْكتاب وَهُوَ مُسَيْلمَة الْكذَّاب ﴿وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ الله﴾ سأقول مثل مَا يَقُول مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ عبد الله ابْن سعد بن أبي سرح ﴿وَلَوْ ترى﴾ يَا مُحَمَّد ﴿إِذِ الظَّالِمُونَ﴾ الْمُشْركُونَ والمنافقون يَوْم بدر ﴿فِي غَمَرَاتِ الْمَوْت﴾ فِي نزعات الْمَوْت وغشيانه ﴿وَالْمَلَائِكَة باسطوا أَيْديهم﴾ ضاربوا أَيْديهم إِلَى أَرْوَاحهم ﴿أخرجُوا﴾ أَي يَقُولُونَ أخرجُوا ﴿أَنفُسَكُمُ﴾ أرواحكم ﴿الْيَوْم﴾ يَوْم بدر وَيُقَال يَوْم الْقِيَامَة ﴿تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهون﴾ الشَّديد ﴿بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى الله غَيْرَ الْحق﴾ مَا لَيْسَ بِحَق ﴿وكنتم عَن آيَاته﴾ عَن مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالْقُرْآن ﴿تَسْتَكْبِرُونَ﴾ أَي تتعظمون عَن الْإِيمَان بِمُحَمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالْقُرْآن فِي الدُّنْيَا
﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى﴾ صفر بِلَا مَال وَلَا ولد ﴿كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ فِي الدُّنْيَا بِلَا مَال وَلَا ولد ﴿وَتَرَكْتُمْ﴾ خَلفْتُمْ ﴿مَّا خَوَّلْنَاكُمْ﴾ أعطيناكم ﴿وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ﴾ خلف ظهوركم فِي الدُّنْيَا ﴿وَمَا نرى مَعَكُمْ﴾ لكم ﴿شُفَعَآءَكُمُ﴾ آلِهَتكُم ﴿الَّذين زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ﴾ لكم ﴿شُرَكَآءُ﴾ شُفَعَاء ﴿لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾ وصلكم يَعْنِي مَا كَانَ بَيْنكُم من الْوَصْل والود ﴿وَضَلَّ عَنكُم﴾ اشْتغل عَنْكُم بأنفسها ﴿مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ تَعْبدُونَ وتقولون إِنَّهَا شفعاؤكم يَعْنِي الْأَصْنَام
﴿إِن الله فالق الْحبّ﴾ يعين خَالق الْحُبُوب كلهَا وَيُقَال خَالق مَا كَانَ فِي الْحبّ ﴿والنوى﴾ يَعْنِي مَا كَانَ فِيهِ النواة ﴿يُخْرِجُ الْحَيّ مِنَ الْمَيِّت﴾ النَّسمَة وَالدَّوَاب من النُّطْفَة وَيُقَال الطير من الْبَيْضَة وَيُقَال السنبلة وَالثِّمَار من الْحبَّة والنواة ﴿وَمُخْرِجُ الْمَيِّت مِنَ الْحَيّ﴾ النُّطْفَة من النَّسمَة وَالدَّوَاب وَيُقَال الْبَيْضَة من الطير وَيُقَال الْحبَّة والنواة من السنبلة وَالثِّمَار ﴿ذَلِكُم﴾ الَّذِي يفعل هَذَا هُوَ ﴿الله﴾ لَا الْآلهَة تَفْعَلهُ ﴿فَأنى تُؤْفَكُونَ﴾ من أَيْن تكذبون
﴿فَالِقُ الإصباح﴾ خَالق صبح النَّهَار ﴿وَجَعَلَ اللَّيْل سَكَناً﴾ مسكنا لِلْخلقِ ﴿وَالشَّمْس وَالْقَمَر﴾ يَعْنِي خلق الشَّمْس وَالْقَمَر ﴿حُسْبَاناً﴾ منازلهما بِالْحِسَابِ وَيُقَال معلقان بَين السَّمَاء وَالْأَرْض يدوران بالدوران ﴿ذَلِك تَقْدِيرُ الْعَزِيز﴾ يَعْنِي تَدْبِير الْعَزِيز بالنقمة لمن لَا يُؤمن بِهِ ﴿الْعَلِيم﴾ بتدبيره وبمن آمن بِهِ وبمن لَا يُؤمن بِهِ
﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُوم لِتَهْتَدُواْ﴾ لِتَعْلَمُوا
﴿بِهَا﴾ الطَّرِيق
﴿فِي ظُلُمَاتِ الْبر وَالْبَحْر﴾ وأهوالهما إِذا سافرتم فِي بر أَو بَحر
﴿قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَات﴾ قد بَينا
115
الْقُرْآن وعلامات الوحدانية
﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ أَنه من الله يَعْنِي الْمُؤمنِينَ المصدقين
116
﴿وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُم﴾ خَلقكُم ﴿مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ من نفس آدم ﴿فَمُسْتَقَرٌّ﴾ فِي الْأَرْحَام ﴿وَمُسْتَوْدَعٌ﴾ فِي الأصلاب وَيُقَال فمستقر فِي الأصلاب ومستودع فِي الْأَرْحَام ﴿قَدْ فَصَّلْنَا﴾ بَينا ﴿الْآيَات لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ﴾ أَمر الله وتوحيده
﴿وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السمآء مَآءً﴾ مَطَرا ﴿فَأَخْرَجْنَا بِهِ﴾ فَأَنْبَتْنَا بالمطر ﴿نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ من الْحُبُوب وَغَيرهَا ﴿فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ﴾ أَي بالمطر من الأَرْض ﴿خَضِراً﴾ النَّبَات الْأَخْضَر ﴿نُّخْرِجُ مِنْهُ﴾ من النَّبَات الْأَخْضَر ﴿حَبّاً مُّتَرَاكِباً﴾ متراكباً فِي السنبل وَغَيره الزَّيْتُون ﴿وَمِنَ النّخل مِن طَلْعِهَا﴾ كُفُرَاها ﴿قِنْوَانٌ﴾ عذوق ﴿دَانِيَةٌ﴾ قريبَة يَنَالهُ الْقَاعِد والقائم ﴿وَجَنَّاتٍ﴾ بساتين ﴿مِّنْ أَعْنَابٍ﴾ من كروم ﴿وَالزَّيْتُون﴾ شجر الزَّيْتُون ﴿وَالرُّمَّان﴾ شجر الرُّمَّان ﴿مُشْتَبِهاً﴾ فِي اللَّوْن يَعْنِي الرُّمَّان ﴿وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ﴾ أَي مُخْتَلف فِي الطّعْم ﴿انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ﴾ انْعَقَد ﴿وَيَنْعِهِ﴾ نضجه ﴿إِنَّ فِي ذَلِكُم﴾ فِي اخْتِلَاف ألوانه ﴿لآيَاتٍ﴾ لعلامات ﴿لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ يصدقون أَنه من الله
﴿وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ الْجِنّ﴾ قَالُوا إِن الله تَعَالَى وإبليس أَخَوان شريكان الله خَالق النَّاس وَالدَّوَاب والأنعام وإبليس خَالق الْحَيَّات والعقارب وَالسِّبَاع وَهِي مقَالَة الْمَجُوس ﴿وَخَلَقَهُمْ﴾ خلقهمْ الله وَأمرهمْ بِالتَّوْحِيدِ ﴿وَخَرَقُواْ لَهُ﴾ وصفوا لَهُ ﴿بَنِينَ﴾ من الْبَنِينَ وَهِي مقَالَة الْيَهُود وَالنَّصَارَى ﴿وَبَنَاتٍ﴾ من الْمَلَائِكَة والأصنام وَهِي مقَالَة مُشْركي الْعَرَب ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ بِلَا علم وَحجَّة وَبَيَان ﴿سُبْحَانَهُ﴾ نزه نَفسه عَن الْوَلَد الشَّرِيك ﴿وَتَعَالَى﴾ تَبرأ ﴿عَمَّا يَصِفُونَ﴾ من الْبَنِينَ وَالْبَنَات
﴿بَدِيعُ﴾ خَالق ﴿السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ ابتدعهما وَلم يَكُونَا شَيْئا ﴿أَنى يَكُونُ﴾ من أَيْن يكون ﴿لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَاحِبَةٌ﴾ زَوْجَة ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ بَائِن مِنْهُ ﴿وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ﴾ من الْخلق ﴿عَلِيمٌ﴾
﴿ذَلِكُم الله رَبُّكُمْ﴾ الَّذِي يفعل هَذَا هُوَ ربكُم ﴿لَا إِلَه إِلاَّ هُوَ﴾ وَحده لَا شريك لَهُ ﴿خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ بَائِن مِنْهُ ﴿فاعبدوه﴾ فوحدوه لَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا ﴿وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ﴾ من الْخلق ﴿وَكِيلٌ﴾ شَهِيد وَيُقَال كَفِيل بأرزاقهم
﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الْأَبْصَار﴾ فِي الدُّنْيَا وَلَا يرى الْخلق مَا يرى هُوَ وتنقطع دونه الْأَبْصَار بالكيفية فِي الْآخِرَة وبالرؤية فِي الدُّنْيَا ﴿وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَار﴾ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَيرى مَا لم ير الْخلق وَلَا يخفى عَلَيْهِ شَيْء وَلَا يفوتهُ ﴿وَهُوَ اللَّطِيف﴾ فِي أَفعاله نَافِذ علمه بخلقه ﴿الْخَبِير﴾ بخلقه وبأعمالهم
﴿قَدْ جَآءَكُمْ بَصَآئِرُ﴾ بَيَان ﴿مِن رَّبِّكُمْ﴾ يَعْنِي الْقُرْآن ﴿فَمَنْ أَبْصَرَ﴾ أقرّ بِالْقُرْآنِ ﴿فَلِنَفْسِهِ﴾ الثَّوَاب ﴿وَمَنْ عَمِيَ﴾ كفر ﴿فَعَلَيْهَا﴾ عُقُوبَة ذَلِك ﴿وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ﴾ أحفظكم
﴿وَكَذَلِكَ﴾ هَكَذَا ﴿نُصَرِّفُ الْآيَات﴾ نبين الْقُرْآن فِي شَأْنهمْ ﴿وَلِيَقُولُواْ﴾ لكَي يَقُولُوا ﴿دَرَسْتَ﴾ قَرَأت وتخلقت وَيُقَال لكَي لَا يَقُولُوا تخلقت وَإِن قَرَأت دارست يَقُول لكَي لَا يَقُولُوا تعلمت من أبي فكيهة مولى لقريش وَيُقَال لكَي لَا يَقُولُوا تعلمت من جبر ويسار موليين لقريش وَإِن قَرَأت درست بِسُكُون التَّاء فَمَعْنَاه قَالُوا هَذِه أَخْبَار درست أَي تقادمت ﴿وَلِنُبَيِّنَهُ﴾ لكَي نبينه ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ يصدقون أَنه من الله
﴿اتبع مَآ أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾ اعْمَلْ بِمَا أنزل إِلَيْك من رَبك يَعْنِي الْقُرْآن من حَلَاله وَحَرَامه
﴿لَا إِلَه إِلاَّ هُوَ﴾ لَا خَالق وَلَا رَازِق إِلَّا هُوَ
116
﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْركين﴾ يَعْنِي الْمُسْتَهْزِئِينَ مِنْهُم الْوَلِيد بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي وَالْعَاص بن وَائِل السَّهْمِي وَالْأسود بن عبد يَغُوث الزُّهْرِيّ وَالْأسود بن الْحَارِث ابْن عبد الْمطلب والْحَارث بن قيس بن حَنْظَلَة
117
﴿وَلَوْ شَآءَ الله﴾ أَن لَا يشركوا ﴿مَآ أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً﴾ تحفظهم ﴿وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ﴾ بكفيل
﴿وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذين يَدْعُونَ﴾ يعْبدُونَ ﴿مِن دُونِ الله فَيَسُبُّواْ الله عَدْواً﴾ اعتداء ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ بِلَا علم وَلَا حجَّة وَهَذَا بعد مَا قَالَ لَهُم إِنَّكُم وَمَا تَعْبدُونَ من دون الله حصب جَهَنَّم ثمَّ نسخته آيَة الْقِتَال ﴿كَذَلِكَ﴾ كَمَا زينا دينهم وعملهم إِلَيْهِم ﴿زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ﴾ لكل أهل دين ﴿عَمَلَهُمْ﴾ وَدينهمْ ﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَّرْجِعُهُمْ﴾ بعد الْمَوْت ﴿فَيُنَبِّئُهُمْ﴾ يُخْبِرهُمْ ﴿بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ فِي دينهم
﴿وَأَقْسَمُواْ بِاللَّه جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ شدَّة أَيْمَانهم إِذا حلف الرجل بِاللَّه فقد حلف جهد يَمِينه ﴿لَئِن جَآءَتْهُمْ آيَةٌ﴾ كَمَا طلبُوا ﴿لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا﴾ بِالْآيَةِ ﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد للمستهزئين وأصحابهم ﴿إِنَّمَا الْآيَات عِندَ الله﴾ تَجِيء الْآيَات من عِنْد الله ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ﴾ يدريكم أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ ﴿أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ﴾ يَعْنِي الْآيَة ﴿لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ وَالله إِنَّهُم لَا يُؤمنُونَ بِالْآيَةِ
﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ﴾ قُلُوبهم ﴿وَأَبْصَارَهُمْ﴾ عِنْد نزُول الْآيَة حَتَّى لَا يُؤمنُوا بهَا ﴿كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ﴾ بِمَا أخْبرهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْآيَة ﴿أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ قبل هَذَا ﴿وَنَذَرُهُمْ﴾ نتركهم ﴿فِي طُغْيَانِهِمْ﴾ كفرهم وضلالتهم ﴿يَعْمَهُونَ﴾ عمهة لَا يبصرون
﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ﴾ إِلَى الْمُسْتَهْزِئِينَ ﴿الْمَلَائِكَة﴾ كَمَا طلبُوا فَشَهِدُوا على مَا أَنْكَرُوا ﴿وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى﴾ من الْقُبُور كَمَا طلبُوا بِأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَالْقُرْآن كَلَام الله ﴿وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ من الطُّيُور وَالدَّوَاب ﴿قُبُلاً﴾ معانة وَإِن قَرَأت قبلا يَقُول قَبيلَة قَبيلَة وَإِن قَرَأت قبيلاً يَقُول كَفِيلا على مَا تَقول انه الْحق وَيشْهدُونَ على مَا أَنْكَرُوا ﴿مَّا كَانُواْ ليؤمنوا﴾ بِمُحَمد وَالْقُرْآن ﴿إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله﴾ أَن يُؤمنُوا ﴿وَلَكِن أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ﴾ أَنه الْحق من الله
﴿وَكَذَلِكَ﴾ كَمَا جعلنَا أَبَا جهل والْمُسْتَهْزِئِين عدوا لَك هَكَذَا ﴿جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً﴾ فرعوناً ﴿شَيَاطِينَ الْإِنْس وَالْجِنّ﴾ يَقُول جعلنَا شياطين الْجِنّ وَالْإِنْس ﴿يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾ يملي بَعضهم على بعض ﴿زُخْرُفَ القَوْل﴾ تَزْيِين القَوْل ﴿غُرُوراً﴾ لكَي يغروا بِهِ بني آدم ﴿وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ﴾ يَعْنِي التزيين والغرور ﴿فَذَرْهُمْ﴾ اتركهم يَا مُحَمَّد الْمُسْتَهْزِئِينَ وأصحابهم ﴿وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ من تَزْيِين القَوْل والغرور
﴿ولتصغى إِلَيْهِ﴾ لكَي تميل إِلَى هَذَا الزخرف والغرور ﴿أَفْئِدَةُ﴾ قُلُوب ﴿الَّذين لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَة﴾ بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت ﴿وَلِيَرْضَوْهُ﴾ وليقبلوا من الشَّيَاطِين الزِّينَة والغرور ﴿وَلِيَقْتَرِفُواْ﴾ ليكتسبوا ﴿مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ﴾ مكتسبون من الْإِثْم قل يَا مُحَمَّد لَهُم
﴿أَفَغَيْرَ الله أَبْتَغِي حَكَماً﴾ أعبد رَبًّا ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ﴾ إِلَى نَبِيكُم ﴿الْكتاب﴾ جِبْرِيل بِالْقُرْآنِ ﴿مُفَصَّلاً﴾ مُبينًا بالحلال وَالْحرَام وَيُقَال مُتَفَرقًا آيَة وآيتين ﴿وَالَّذين آتَيْنَاهُمُ الْكتاب﴾ أعطيناهم علم التَّوْرَاة يَعْنِي عبد الله بن سَلام وَأَصْحَابه ﴿يَعْلَمُونَ﴾ يستيقنون فِي كِتَابهمْ ﴿أَنَّهُ﴾ يَعْنِي الْقُرْآن ﴿مُنَزَّلٌ﴾ أنزل ﴿مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ﴾ بِالْأَمر وَالنَّهْي وَيُقَال إِنَّه يَعْنِي جِبْرِيل منزل من رَبك بِالْحَقِّ بِالْقُرْآنِ ﴿فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الممترين﴾ من الشاكين أَنهم لَا يعلمُونَ ذَلِك
﴿وتمت كلمة رَبِّكَ﴾ بِالْقُرْآنِ بِالْأَمر وَالنَّهْي
﴿صِدْقاً﴾ فِي قَوْله
﴿وَعَدْلاً﴾ مِنْهُ
﴿لاَّ مُبَدِّلِ﴾ لَا مغير
﴿لِكَلِمَاتِهِ﴾ الْقُرْآن وَيُقَال وتمت وَجَبت كلمة رَبك بالنصرة لأوليائه صِدْقاً فِي قَوْله وَعَدْلاً فِيمَا يكون لاَّ مُبَدِّلِ لَا مغير لِكَلِمَاتِهِ بالنصرة لأوليائه وَيُقَال تمت كلمة رَبك ظهر دين
117
رَبك صدقا من الْعباد أَنه دين الله وعدلاً من الله من أمره لَا مبدل لَا مغير لكلماته لدينِهِ
﴿وَهُوَ السَّمِيع﴾ لمقالتهم
﴿الْعَلِيم﴾ بهم وبأعمالهم
118
﴿وَإِن تُطِعْ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْض﴾ وهم رُؤَسَاء أهل مَكَّة مِنْهُم أَبُو الْأَحْوَص مَالك بن عَوْف الْجُشَمِي وَبُدَيْل بن وَرْقَاء الْخُزَاعِيّ وجليس بن وَرْقَاء الْخُزَاعِيّ ﴿يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ الله﴾ يخطئوك عَن طَرِيق الله فِي الْحرم ﴿إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّن﴾ مَا يَقُولُونَ إِلَّا بِالظَّنِّ ﴿وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ﴾ يكذبُون فِي قَوْلهم للْمُؤْمِنين أَن مَا ذبح الله خير مَا تذبحون أَنْتُم بسكاكينكم
﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ﴾ عَن دينه وطاعته ﴿وَهُوَ أَعْلَمُ بالمهتدين﴾ لدينِهِ يَعْنِي مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأَصْحَابه
﴿فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْم الله عَلَيْهِ﴾ من الذَّبَائِح ﴿إِن كُنتُمْ﴾ إِذْ كُنْتُم ﴿بِآيَاتِهِ﴾ الْقُرْآن ﴿مُؤمنين﴾
﴿وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْم الله عَلَيْهِ﴾ من الذَّبَائِح ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ﴾ بَين لكم ﴿مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ﴾ من الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير ﴿إِلاَّ مَا اضطررتم إِلَيْهِ﴾ أجهدتم إِلَى أكل الْميتَة ﴿وَإِنَّ كَثِيراً﴾ أَبَا الْأَحْوَص وَأَصْحَابه ﴿لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم﴾ ليدعون إِلَى أكل الْميتَة ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ وَلَا حجَّة ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بالمعتدين﴾ الْحَلَال إِلَى الْحَرَام
﴿وَذَرُواْ ظَاهِرَ الْإِثْم﴾ اتْرُكُوا زنا الظَّاهِر ﴿وَبَاطِنَهُ﴾ زنا السِّرّ وَهِي المخالّة ﴿إِنَّ الَّذين يَكْسِبُونَ الْإِثْم﴾ يعْملُونَ الزِّنَا ﴿سَيُجْزَوْنَ﴾ الْجلد فِي الدُّنْيَا والعقوبة فِي الْآخِرَة ﴿بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ﴾ يَكْسِبُونَ من الزِّنَا
﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْم الله عَلَيْهِ﴾ من الذَّبَائِح عمدا ﴿وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ يَعْنِي أكله بِغَيْر الضَّرُورَة مَعْصِيّة واستحلاله على إِنْكَار التَّنْزِيل كفر ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِين لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ﴾ يوسوسون أولياءهم أَبَا الْأَحْوَص وَأَصْحَابه ﴿لِيُجَادِلُوكُمْ﴾ يخاصموكم فِي أكل الْميتَة والشرك وَأَن الْمَلَائِكَة بَنَات الله ﴿وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ﴾ فِي الشّرك وَأكل الْميتَة فأحللتموها غير مضطرين إِلَيْهَا ﴿إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾ مثلهم
﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً﴾ نزلت فِي عمار بن يَاسر وَأبي جهل بن هِشَام هَذِه الْآيَة أَو من كَانَ مَيتا كَافِرًا ﴿فَأَحْيَيْنَاهُ﴾ أكرمناه بِالْإِيمَان وَهُوَ عمار بن يَاسر ﴿وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً﴾ معرفَة ﴿يَمْشِي بِهِ﴾ يَهْتَدِي بِهِ ﴿فِي النَّاس﴾ بَين النَّاس وَيُقَال ونجعل لَهُ نورا على الصِّرَاط فِي النَّاس بَين النَّاس ﴿كَمَن مَّثَلُهُ﴾ كمن هُوَ ﴿فِي الظُّلُمَات﴾ فِي ضَلَالَة الْكفْر فِي الدُّنْيَا وظلمات جَهَنَّم يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ أَبُو جهل ﴿لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا﴾ من الْكفْر الضَّلَالَة فِي الدُّنْيَا والظلمات فِي جَهَنَّم ﴿كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ يَقُول كَمَا زينا لأبي جهل عمله الَّذِي كَانَ يعْمل
﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ﴾ بَلْدَة ﴿أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا﴾ أَي رؤساءها وجبابرتها وأغنياءها كَمَا جعلنَا فِي أهل مَكَّة الْمُسْتَهْزِئِينَ وأصحابهم أَبَا جهل وَغَيره ﴿لِيَمْكُرُواْ فِيهَا﴾ ليعملوا فِيهَا بِالْمَعَاصِي وَالْفساد وَيُقَال ليكذبوا فِيهَا الْأَنْبِيَاء ﴿وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ﴾ يَقُول مَا يصنعون من الْمعاصِي وَالْفساد عُقُوبَة ذَلِك ودماره على أنفسهم ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ ذَلِك
﴿وَإِذَا جَآءَتْهُمْ آيَةٌ﴾ أَي الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَعبد يَا ليل وَأَبا مَسْعُود الثَّقَفِيّ آيَة من السَّمَاء تخبرهم بصنيعهم
﴿قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ﴾ يَعْنِي بِالْآيَةِ
﴿حَتَّى نؤتى﴾ نعطى الْكتاب
﴿مِثْلَ مَآ أُوتِيَ﴾ أعطي
﴿رسل الله﴾ يعنون مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
﴿الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ إِلَى من يُرْسل جِبْرِيل بالرسالة
﴿سَيُصِيبُ الَّذين أَجْرَمُواْ﴾ أشركوا يَعْنِي وليداً وَأَصْحَابه
﴿صَغَارٌ﴾ ذل وهوان
﴿عِندَ الله وَعَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ عَن الله مقدم ومؤخر
﴿بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ﴾
118
﴿فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ﴾ يرشده لدينِهِ ﴿يَشْرَحْ صَدْرَهُ﴾ قلبه ﴿لِلإِسْلاَمِ﴾ لقبُول الْإِسْلَام حَتَّى يسلم ﴿وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ﴾ يتْركهُ ضَالًّا كَافِرًا ﴿يَجْعَلْ صَدْرَهُ﴾ يتْرك قلبه ﴿ضَيِّقاً﴾ كضيق الزج فِي الرمْح ﴿حَرَجاً﴾ شكّاً وَإِن قَرَأت حرجاً يَقُول لَا يجد النُّور فِي قلبه منفذاً وَلَا مجَازًا ﴿كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السمآء﴾ كالمكلف الصعُود إِلَى السَّمَاء هَكَذَا قلبه لَا يَهْتَدِي إِلَى الْإِسْلَام ﴿كَذَلِك﴾ هَكَذَا ﴿يَجْعَلُ الله الرجس﴾ يتْرك الله التَّكْذِيب ﴿عَلَى الَّذين﴾ فِي قُلُوب الَّذين ﴿لَا يُؤمنُونَ﴾ بِمُحَمد وَالْقُرْآن عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ يعذبهم إِن لم يُؤمنُوا
﴿وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ﴾ صَنِيع رَبك ﴿مُسْتَقِيماً﴾ عدلا وَيُقَال وَهَذَا يَعْنِي الْإِسْلَام صِرَاط رَبك دين رَبك مُسْتَقِيمًا قَائِما يرتضيه وَهُوَ الْإِسْلَام ﴿قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَات﴾ بَينا الْقُرْآن بِالْأَمر وَالنَّهْي والإهانة والكرامة ﴿لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ﴾ يتعظون فيؤمنون وَيُقَال نزل فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ الْآيَة فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي جهل وَيُقَال نزلت فِي عمار وَأبي جهل
﴿لَهُمْ﴾ للْمُؤْمِنين ﴿دَارُ السَّلَام عِندَ رَبِّهِمْ﴾ السَّلَام هُوَ الله وَالْجنَّة دَاره ﴿وَهُوَ وَلِيُّهُمْ﴾ بالثواب والكرامة ﴿بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ وَيَقُولُونَ فِي الدُّنْيَا من الْخيرَات
﴿وَيَوْم يحشرهم جَمِيعًا﴾ الْجِنّ وَالْإِنْس فَنَقُول ﴿يَا معشر الْجِنّ قَدِ استكثرتم مِّنَ الْإِنْس﴾ من ضلالات الْإِنْس أَي أضللتم كثيرا من الْإِنْس بالتعوذ ﴿وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم﴾ أَوْلِيَاء الْجِنّ ﴿مِّنَ الْإِنْس﴾ الَّذين كَانُوا يتعوذون برؤساء الْجِنّ إِذا نزلُوا وَاديا واصطادوا من دوابهم صيدا كَانُوا يَقُولُونَ نَعُوذ بِسَيِّد هَذَا الْوَادي من سُفَهَاء قومه فيأمنون بذلك ﴿رَبَّنَا﴾ يَا رَبنَا ﴿استمتع﴾ انْتفع ﴿بَعْضُنَا بِبَعْضٍ﴾ وَكَانَ مَنْفَعَة الْإِنْس الْأَمْن مِنْهُم وَمَنْفَعَة الْجِنّ الشّرف وَالْعَظَمَة على قَومهمْ (وَبَلَغْنَآ) أدركنا ﴿أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا﴾ وَقت لنا يَعْنِي الْمَوْت ﴿قَالَ﴾ الله لَهُم ﴿النَّار مَثْوَاكُمْ﴾ منزلكم يَا معشر الْجِنّ وَالْإِنْس ﴿خَالِدِينَ فِيهَآ﴾ مقيمين فِي النَّار ﴿إِلاَّ مَا شَآءَ الله﴾ وَقد شَاءَ الله لَهُم الخلود ﴿إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ﴾ حكم عَلَيْهِم بالخلود ﴿عَليمٌ﴾ بهم وبعقوبتهم
﴿وَكَذَلِكَ﴾ هَكَذَا ﴿نُوَلِّي﴾ نَتْرُك ﴿بَعْضَ الظَّالِمين﴾ الْمُشْركين ﴿بَعْضاً﴾ إِلَى بعض فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَيُقَال نولي نملك بعض الظَّالِمين الْمُشْركين على بعض ﴿بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾ يَقُولُونَ ويعملون من الشَّرّ
﴿يَا معشر الْجِنّ وَالْإِنْس أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ﴾ من الْإِنْس مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَسَائِر الرُّسُل وَمن الْجِنّ تِسْعَة نفر الَّذين أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتولوا إِلَى قَومهمْ منذرين وَيُقَال كَانَ لَهُم نَبِي يُسمى يُوسُف ﴿يقصون عَلَيْكُم﴾ يقرءُون عَلَيْكُم ﴿آيَاتِي﴾ بِالْأَمر وَالنَّهْي ﴿وَيُنذِرُونَكُمْ﴾ يخافونكم ﴿لِقَآءَ يَوْمِكُمْ﴾ عَذَاب يومكم ﴿هَذَا قَالُواْ﴾ يَعْنِي الْجِنّ وَالْإِنْس ﴿شَهِدْنَا على أَنْفُسِنَا﴾ أَنهم قد بلغُوا الرسَالَة وكفرنا بهم قَالَ الله ﴿وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاة الدنيآ﴾ مَا فِي الدُّنْيَا من الزهرة وَالنَّعِيم ﴿وَشَهِدُواْ على أَنْفُسِهِمْ﴾ فِي الْآخِرَة ﴿أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ﴾ فِي الدُّنْيَا
﴿ذَلِك﴾ إرْسَال الرُّسُل ﴿أَن لَّمْ يَكُنْ﴾ بِأَن لم يكن ﴿رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقرى﴾ أهل الْقرى ﴿بِظُلْمٍ﴾ بشرك وذنب وَيُقَال بظُلْم مِنْهُ ﴿وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ﴾ عَن الْأَمر وَالنَّهْي وتبليغ الرُّسُل
﴿وَلِكُلٍّ﴾ لكل وَاحِد من الْجِنّ وَالْإِنْس ﴿دَرَجَاتٌ﴾ للْمُؤْمِنين فِي الْجنَّة من الْإِنْس وَالْجِنّ ودركات للْكَافِرِينَ فِي النَّار ﴿مِمَّا عمِلُوا﴾ بماعملوا من الْخَيْر وَالشَّر ﴿وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ﴾ بساه ﴿عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ من الْخَيْر وَالشَّر وَيُقَال بتارك عُقُوبَة مَا يعْملُونَ من الْمعاصِي
﴿وَرَبُّكَ الْغَنِيّ﴾ عَن إِيمَانهم
119
﴿ذُو الرَّحْمَة﴾ بِتَأْخِيرِهِ الْعَذَاب لمن آمن بِهِ
﴿إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ﴾ يهلككم يَا أهل مَكَّة
﴿وَيَسْتَخْلِفْ﴾ يخلف
﴿مِن بَعْدِكُمْ مَّا يَشَآءُ كَمَآ أَنشَأَكُمْ مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ﴾ قرنا بعد قرن
120
﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ﴾ من الْعَذَاب ﴿لآتٍ﴾ لكائن ﴿وَمَآ أَنتُم بِمُعْجِزِينَ﴾ بفائتين من الْعَذَاب يدرككم حَيْثُمَا كُنْتُم
﴿قل﴾ يَا مُحَمَّد لكفار أهل مَكَّة ﴿يَا قوم اعْمَلُوا على مَكَانَتِكُمْ﴾ على دينكُمْ فِي مَنَازِلكُمْ بهلاكي ﴿إِنَّي عَامِلٌ﴾ بِهَلَاكِكُمْ ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّار﴾ يَعْنِي الْجنَّة ﴿إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ﴾ لَا يَأْمَن وَلَا ينجو ﴿الظَّالِمُونَ﴾ الْمُشْركُونَ من عَذَاب الله
﴿وَجَعَلُواْ لِلَّهِ﴾ وصفوا لله ﴿مِمَّا ذَرَأَ﴾ خلق ﴿مِنَ الْحَرْث والأنعام﴾ الْإِبِل وَالْبَقر والسائمة ﴿نَصِيباً﴾ حظا فَقَالَ ﴿هَذَا لِلَّهِ﴾ بِزَعْمِهِمْ ﴿وَهَذَا لِشُرَكَآئِنَا﴾ لِآلِهَتِنَا ﴿فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ﴾ لآلهتهم ﴿فَلاَ يَصِلُ إِلَى الله﴾ فَلَا يرجع إِلَى الَّذِي جَعَلُوهُ لله ﴿وَمَا كَانَ للَّهِ فَهُوَ يَصِلُ﴾ يرجع ﴿إِلَى شُرَكَآئِهِمْ﴾ إِلَى الَّذِي جعلُوا لآلهتهم ﴿سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ بئس مَا يقضون لأَنْفُسِهِمْ
﴿وَكَذَلِكَ﴾ كَمَا زينا قَوْلهم وعملهم ﴿زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْركين قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ﴾ بناتهم ﴿شُرَكَآؤُهُمْ﴾ من الشَّيَاطِين ﴿لِيُرْدُوهُمْ﴾ ليهلكوهم ﴿وَلِيَلْبِسُواْ﴾ يخلطوا ﴿عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ﴾ دين إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل ﴿وَلَوْ شَآءَ الله مَا فَعَلُوهُ﴾ يَعْنِي التزيين وَدفن بناتهم أَحيَاء ﴿فَذَرْهُمْ﴾ اتركهم (وَمَا يَفْتَرُونَ) يكذبُون على الله فَيَقُولُونَ إِن الله أَمرهم بذلك يَعْنِي بدفن الْبَنَات
﴿وَقَالُوا هَذِه أنعام﴾ يَعْنِي الْبحيرَة والسائبة والوصيلة والحام ﴿وَحَرْثٌ حِجْرٌ﴾ حرَام ﴿لاَّ يَطْعَمُهَآ إِلاَّ مَن نَّشَآءُ بِزَعْمِهِمْ﴾ يعنون الرِّجَال دون النِّسَاء ﴿وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا﴾ وَهِي الحام ﴿وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْم الله عَلَيْهَا﴾ إِذا حملت وَلَا إِذا ركبت وَهِي الْبحيرَة ﴿افترآء عَلَيْهِ﴾ كذبا على الله أَنه أَمرهم بذلك ﴿سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ﴾ يكذبُون على الله
﴿وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَذِه الْأَنْعَام﴾ يَعْنِي الْبحيرَة والوصيلة ﴿خَالِصَةٌ﴾ حَلَال ﴿لِّذُكُورِنَا﴾ يعنون الرِّجَال ﴿وَمُحَرَّمٌ على أَزْوَاجِنَا﴾ يعنون النِّسَاء ﴿وَإِن يَكُن ميتَة﴾ تلو ميتَة أَو مَاتَ بعد ذَلِك ﴿فَهُمْ فِيهِ﴾ فِي أكله ﴿شُرَكَآءُ﴾ شرع الرِّجَال وَالنِّسَاء ﴿سَيَجْزِيهِمْ﴾ وَهَذَا وَعِيد لَهُم ﴿وَصْفَهُمْ﴾ وَيُقَال مَا وَصفهم عَمْرو بن لحي رَآهُ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي جَهَنَّم يجر قصبه من دبره وَكَانَ يعلمهُمْ تَحْرِيم الْأَنْعَام ﴿إِنَّهُ حِكِيمٌ﴾ أحل لَهُم الْحَلَال ﴿عَلِيمٌ﴾ بوصفهم الْحَرَام
﴿قَدْ خَسِرَ﴾ قد غبن ﴿الَّذين قتلوا أَوْلاَدَهُمْ﴾ دفنُوا بناتهم أَحيَاء ﴿سَفَهاً﴾ جهلا ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ بِلَا علم نزلت فِي ربيعَة وَمُضر رُؤَسَاء أَحيَاء الْعَرَب الَّذين كَانُوا يدفنون بناتهم فِي الْجَاهِلِيَّة إِلَّا مَا كَانَ من بني كنَانَة فَإِنَّهُم لم يَفْعَلُوا ذَلِك ﴿وَحَرَّمُواْ﴾ على النِّسَاء ﴿مَا رَزَقَهُمُ الله﴾ مَا أحل الله لَهُم من الْحَرْث والأنعام ﴿افتراء على الله﴾ اختلاقا على الله الْكَذِب ﴿قد ضلوا﴾ أخطئوا فِيمَا قَالُوا ﴿وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ﴾ للهدى وَالصَّوَاب بِمَا وصفوا
﴿وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ﴾ خلق
﴿جَنَّاتٍ﴾ بساتين
﴿مَّعْرُوشَاتٍ﴾ مبسوطات مَا لَا يقوم على سَاق مثل الكروم وَغَيرهَا
﴿وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ﴾ غير مبسوطات مَا يقوم على سَاق مثل الْجَوْز واللوز وَغَيرهمَا وَيُقَال معروشات مغروسات
﴿وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ﴾ أَي وَغير مغروسات
﴿وَالنَّخْل وَالزَّرْع مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ﴾ فِي الْحَلَاوَة والحموضة
﴿وَالزَّيْتُون﴾ وَخلق شجر الزَّيْتُون
﴿وَالرُّمَّان﴾ شجر الرُّمَّان
﴿مُتَشَابِهاً﴾ فِي اللَّوْن والمنظر
﴿وَغَيْرَ مُتَشَابِه﴾ مُخْتَلف فِي الطّعْم
﴿كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ﴾ من ثَمَر النّخل
﴿إِذَآ أَثْمَرَ﴾ انْعَقَد
﴿وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ يَوْم كَيْله وَإِن قَرَأت بِنصب الْحَاء يَقُول يَوْم يحصد
﴿وَلاَ تسرفوا﴾ وَلَا تنفقوا فِي مَعْصِيّة الله وَلَا تمنعوا طَاعَة الله
120
وَيُقَال وَلَا تسرفوا لَا تحرموا الْبحيرَة والسائبة والوصيلة والحام
﴿إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المسرفين﴾ المنفقين فِي مَعْصِيّة الله وَالْمُشْرِكين وَيُقَال نزلت هَذِه الْآيَة فِي ثَابت ابْن قيس صرم بيدَيْهِ خَمْسمِائَة نَخْلَة وَقسمهَا وَلم يتْرك لأَهله شَيْئا
121
﴿وَمِنَ الْأَنْعَام﴾ وَخلق من الْأَنْعَام ﴿حَمُولَةً﴾ مَا يحمل عَلَيْهَا مثل الْإِبِل وَالْبَقر ﴿وفرشا﴾ مَالا يحمل عَلَيْهَا مثل الْغنم وصغار الْإِبِل ﴿كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ الله﴾ من الْحَرْث والأنعام ﴿وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَان﴾ تَزْيِين الشَّيْطَان بِتَحْرِيم الْحَرْث والأنعام ﴿إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ ظَاهر الْعَدَاوَة يَأْمُركُمْ بِتَحْرِيم الْحَرْث والأنعام
﴿ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾ خلق ثَمَانِيَة أَصْنَاف ﴿مَّنَ الضَّأْن﴾ من الشَّاة ﴿اثْنَيْنِ﴾ ذكرا وَأُنْثَى ﴿وَمِنَ الْمعز اثْنَيْنِ﴾ ذكرا وَأُنْثَى ﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لمَالِك ﴿آلذكرين حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ أجاء تَحْرِيم الْبحيرَة والوصيلة من قبل مَاء الذكرين أَو من قبل مَاء الْأُنْثَيَيْنِ ﴿أَمَّا اشْتَمَلت عَلَيْهِ﴾ أَو من قبل الِاجْتِمَاع على الْوَلَد ﴿أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي﴾ خبروني ﴿بِعِلْمٍ﴾ بِبَيَان مَا تَقولُونَ ﴿إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ أَن الله حرم مَا تَقولُونَ
﴿وَمِنَ الْإِبِل﴾ وَخلق من الْإِبِل ﴿اثْنَيْنِ﴾ ذكر وَأُنْثَى ﴿وَمِنَ الْبَقر اثْنَيْنِ﴾ ذكرا وَأُنْثَى ﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لمَالِك ﴿آلذكرين حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ أجاء تَحْرِيم الْبحيرَة والوصيلة من قبل مَاء الذكرين أَو من قبل مَاء الْأُنْثَيَيْنِ ﴿أَمَّا اشْتَمَلت عَلَيْهِ﴾ أَو من قبل الِاجْتِمَاع على الْوَلَد ﴿أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ وَلها وَجه آخر يَقُول أجاء تَحْرِيم هَذَا من قبل أَنه ولد ذكرا أَو من قبل أَنَّهَا ولدت أُنْثَى ﴿أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ﴾ حضراء ﴿إِذْ وَصَّاكُمُ الله﴾ أَمركُم الله ﴿بِهَذَا﴾ بِمَا تَقولُونَ ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ﴾ أَعْتَى وَأَجرا على الله ﴿مِمَّنِ افترى﴾ اختلق ﴿عَلَى الله كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاس﴾ عَن دين الله وطاعته ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ بِلَا علم آتَاهُ الله ﴿إِنَّ الله لاَ يَهْدِي﴾ لَا يرشد إِلَى دينه وحجته ﴿الْقَوْم الظَّالِمين﴾ الْمُشْركين يَعْنِي مَالك بن عَوْف
فَسكت مَالك وَعلم مَا يُرَاد مِنْهُ فَقَالَ تكلم أَنْت فَأَسْمع مِنْك يَا مُحَمَّد فَلم حرم آبَاؤُنَا فَقَالَ الله ﴿قُل﴾ يَا مُحَمَّد ﴿لَا أجد فِيمَا أُوْحِيَ إِلَيَّ﴾ يَعْنِي الْقُرْآن ﴿مُحَرَّماً على طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ﴾ على آكل يَأْكُلهُ ﴿إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً﴾ جَارِيا ﴿أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾ حرَام مقدم ومؤخر ﴿أَوْ فِسْقاً﴾ ذَبِيحَة ﴿أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ﴾ ذبح لغير اسْم الله عمدا ﴿فَمَنِ اضْطر﴾ أجهد إِلَى أكل الْميتَة ﴿غَيْرَ بَاغٍ﴾ على الْمُسلمين وَلَا مستحل لأكل الْميتَة بِغَيْر الضَّرُورَة ﴿وَلاَ عَادٍ﴾ قَاطع الطَّرِيق وَلَا متعمد لأكل الْميتَة بِغَيْر ضَرُورَة ﴿فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ﴾ لأكله شبعاً ﴿رَّحِيمٌ﴾ فِيمَا رخص عَلَيْهِ وَلَا يَنْبَغِي أَن يَأْكُل شبعاً وَإِن أكل يعف الله عَنهُ
﴿وَعَلَى الَّذين هَادُواْ﴾ يَعْنِي الْيَهُود ﴿حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ﴾ كل ذِي مخلب من الطير وكل ذِي نَاب من السبَاع وَمَا يكون لَهُ ظفر مثل الْإِبِل والبط والأوز ابْن المَاء والأرنب كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِم ﴿وَمِنَ الْبَقر وَالْغنم حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ﴾ يَعْنِي الثروب وشحم الكليتين ﴿إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الحوايآ﴾ المباعر ﴿أَوْ مَا اخْتَلَط بِعَظْمٍ﴾ مثل الألية فَهَذَا مَا كَانَ حَلَالا عَلَيْهِم ﴿ذَلِك﴾ الَّذِي حرمنا عَلَيْهِم ﴿جَزَيْنَاهُم﴾ عاقبناهم ﴿بِبَغْيِهِمْ﴾ بذنبهم حرمنا عَلَيْهِم ﴿وِإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ فِيمَا قُلْنَا
﴿فَإِن كَذَّبُوكَ﴾ يَا مُحَمَّد بِمَا وصفت لَك من التَّحْرِيم ﴿فَقُلْ رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ﴾ على الْبر والفاجر بِتَأْخِير الْعَذَاب ﴿وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ﴾ عَذَابه ﴿عَنِ الْقَوْم الْمُجْرمين﴾ الْمُشْركين
﴿سَيَقُولُ الَّذين أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ الله مَآ أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ﴾ من الْحَرْث والأنعام وَلَكِن أَمر وَحرم عَلَيْهِمَا
﴿كَذَلِك﴾ كَمَا كَذبك قَوْمك
﴿كَذَّبَ الَّذين مِن قَبْلِهِم﴾ رسلهم
﴿حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا﴾ عذابنا
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد
﴿هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ﴾ من بَيَان على مَا تَقولُونَ من التَّحْرِيم
121
﴿فَتُخْرِجُوهُ﴾ فتظهروه
﴿لَنَآ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّن﴾ مَا تَقولُونَ فِي تَحْرِيم الْحَرْث والأنعام إِلَّا بِالظَّنِّ
﴿وَإِنْ أَنتُمْ﴾ مَا أَنْتُم
﴿إَلاَّ تَخْرُصُونَ﴾ تكذبون
122
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد إِن لم تكن لكم حجَّة على مَا تَقولُونَ ﴿فَلِلَّهِ الْحجَّة الْبَالِغَة﴾ الْوَثِيقَة ﴿فَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ﴾ لدينِهِ ﴿أَجْمَعِينَ﴾
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لَهُم ﴿هَلُمَّ شُهَدَآءَكُمُ الَّذين يَشْهَدُونَ أَنَّ الله حَرَّمَ هَذَا﴾ يَعْنِي مَا تَقولُونَ من الْحَرْث والأنعام ﴿فَإِن شَهِدُواْ﴾ بالزور على تَحْرِيمهَا ﴿فَلاَ تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ الَّذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا﴾ الْقُرْآن ﴿وَالَّذين لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَة﴾ بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت ﴿وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ يشركُونَ بِهِ الْأَصْنَام
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لمَالِك بن عَوْف وَأَصْحَابه ﴿تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾ فِي الْكتاب الَّذِي أنزل عليّ ﴿أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً﴾ أَوله أَن لَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا من الْأَوْثَان ﴿وبالوالدين إِحْسَاناً﴾ بَرّاً بهما ﴿وَلاَ تقتلُوا أَوْلاَدَكُمْ﴾ بناتكم ﴿مِّنْ إمْلاَقٍ﴾ مَخَافَة الذل والفقر ﴿نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ﴾ يَعْنِي أَوْلَادكُم ﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِش﴾ الزِّنَا ﴿مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ يَعْنِي زنا الظَّاهِر ﴿وَمَا بَطَنَ﴾ يَعْنِي زنا السِّرّ وَهِي المخالة ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفس الَّتِي حَرَّمَ الله﴾ قَتلهَا ﴿إِلاَّ بِالْحَقِّ﴾ بِالْعَدْلِ يَعْنِي بالقود وَالرَّجم والارتداد ﴿ذَلِكُم وَصَّاكُمْ بِهِ﴾ بِمَا أَمركُم فِي الْكتاب ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ أمره وتوحيده
﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيم إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ بِالْحِفْظِ والأرباح ﴿حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾ الْحلم والرشد وَالصَّلَاح ﴿وَأَوْفُواْ الْكَيْل وَالْمِيزَان﴾ أَتموا الْكَيْل وَالْوَزْن ﴿بِالْقِسْطِ﴾ بِالْعَدْلِ ﴿لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً﴾ عِنْد الْكَيْل وَالْوَزْن ﴿إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ إِلَّا جهدها بِالْعَدْلِ ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فاعدلوا﴾ فاصدقوا ﴿وَلَوْ كَانَ ذَا قربى﴾ لَو كَانَ على ذِي قرَابَة مِنْكُم فِي الرَّحِم فَقولُوا عَلَيْهِ الْحق والصدق ﴿وَبِعَهْدِ الله أَوْفُواْ﴾ يَعْنِي أَتموا الْعَهْد بِاللَّه ﴿ذَلِكُم وَصَّاكُمْ بِهِ﴾ أَمركُم بِهِ فِي الْكتاب ﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ لكَي تتعظوا
﴿وَأَنَّ هَذَا﴾ يَعْنِي الْإِسْلَام ﴿صِرَاطِي مُسْتَقِيماً﴾ قَائِما أرضاه ﴿فَاتَّبعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل﴾ يَعْنِي الْيَهُودِيَّة والنصرانية والمجوسية ﴿فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ﴾ عَن دينه ﴿ذَلِكُم وَصَّاكُمْ بِهِ﴾ أَمركُم بِهِ فِي الْكتاب ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ لكَي تتقوا السبل
(ثُمَّ آتَيْنَا) أعطينا ﴿مُوسَى الْكتاب﴾ يَعْنِي التَّوْرَاة ﴿تَمَاماً﴾ بِالْأَمر وَالنَّهْي والوعد والوعيد وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب ﴿عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ﴾ يَقُول على أحسن حَال وَيُقَال على إِحْسَان مُوسَى وتبليغ رِسَالَة ربه ﴿وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ﴾ يَقُول وبياناً لكل شَيْء من الْحَلَال وَالْحرَام ﴿وَهُدًى﴾ من الضَّلَالَة ﴿وَرَحْمَةً﴾ من الْعَذَاب لمن آمن بِهِ ﴿لَّعَلَّهُمْ بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ﴾ بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت ﴿يُؤْمِنُونَ﴾ يصدقون
﴿وَهَذَا كِتَابٌ﴾ يَعْنِي الْقُرْآن ﴿أَنزَلْنَاهُ﴾ أنزلنَا بِهِ جِبْرِيل ﴿مُبَارَكٌ﴾ فِيهِ الرَّحْمَة وَالْمَغْفِرَة لمن آمن بِهِ ﴿فَاتَّبعُوهُ﴾ فاتبعوا حَلَاله وَحَرَامه وَأمره وَنَهْيه ﴿وَاتَّقوا﴾ غَيره ﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ لكَي ترحموا فَلَا تعذبوا
﴿أَن تَقولُوا﴾ لكَي لَا تَقولُوا يَا أهل مَكَّة يَوْم الْقِيَامَة ﴿إِنَّمَآ أُنزِلَ الْكتاب على طَآئِفَتَيْنِ﴾ على أهل دينين ﴿مِن قَبْلِنَا﴾ يَعْنِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى ﴿وَإِن كُنَّا﴾ وَقد كُنَّا ﴿عَن دِرَاسَتِهِمْ﴾ عَن قراءتهم التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل ﴿لَغَافِلِينَ﴾ لجاهلين
﴿أَوْ تَقُولُواْ﴾ لكَي لَا تَقولُوا يَوْم الْقِيَامَة
﴿لَوْ أَنَّآ أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكتاب﴾ كَمَا أنزل على الْيَهُود وَالنَّصَارَى
﴿لَكُنَّآ أهْدى مِنْهُمْ﴾ أسْرع مِنْهُم إِجَابَة للرسول وأصوب دينا
﴿فَقَدْ جَآءَكُمْ بَيِّنَةٌ﴾ بَيَان
﴿مِّن رَّبِّكُمْ﴾ يَعْنِي الْكتاب وَالرَّسُول
﴿وَهدى﴾ من الضَّلَالَة
﴿وَرَحْمَة﴾ لمن آمن بِهِ
﴿فَمن أظلم﴾ أَعْتَى وَأَجرا على الله
﴿مِمَّن كذب بآيَات الله﴾ بِمُحَمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالْقُرْآن
﴿وصدف عَنْهَا﴾ أعرض عَنَّا
﴿سَنَجْزِي الَّذين يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا﴾ يعرضون عَن مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالْقُرْآن
﴿سوء الْعَذَاب﴾
122
شدَّة الْعَذَاب
﴿بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ﴾ يعرضون عَن مُحَمَّد عَلَيْهِ السَّلَام وَالْقُرْآن
123
﴿هَلْ يَنظُرُونَ﴾ هَل ينتظروا أهل مَكَّة ﴿إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلَائِكَة﴾ عِنْد الْمَوْت لقبض أَرْوَاحهم ﴿أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ﴾ يَوْم الْقِيَامَة بِلَا كَيفَ ﴿أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ يَعْنِي طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ قبل طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا ﴿لاَ يَنفَعُ نَفْساً﴾ كَافِرَة ﴿إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ﴾ من قبل طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا ﴿أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً﴾ وَلم تخلص بإيمانها وَلم تعْمل خيرا قبل طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا لِأَنَّهُ لَا يقبل مِمَّن كَانَ كَافِر إِيمَان وَلَا عمل وَلَا تَوْبَة إِذا أسلم حِين يَرَاهَا إِلَّا من كَانَ صَغِيرا يؤمئذ أَو مَوْلُود بعد ذَلِك فَإِنَّهُ إِن ارْتَدَّ بعد مَا تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا ثمَّ أسلم قبل مِنْهُ وَمن كَانَ يَوْمئِذٍ مُؤمنا مذنباً فَتَابَ من الذُّنُوب قبل مِنْهُ يَقُول من كَانَ يؤمئد مُؤمنا مذنباً فَتَابَ أَو صَغِيرا أَو مولوداً بعد ذَلِك فَإِنَّهُ ينفع إِيمَانهم وتوبتهم وعملهم ﴿قُلِ﴾ يَا مُحَمَّد لأهل مَكَّة ﴿انتظروا﴾ يَوْم الْقِيَامَة ﴿إِنَّا مُنتَظِرُونَ﴾ بكم الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة أوقبل يَوْم الْقِيَامَة وَيُقَال قُلِ يَا مُحَمَّد انتظروا هلاكي إِنَّا منتظرون لهلاككم
﴿إِنَّ الَّذين فَرَّقُواْ دِينَهُمْ﴾ تركُوا دينهم وَدين آبَائِهِم وَيُقَال إقرارهم يَوْم الْمِيثَاق وَإِن قَرَأت فرقوا بتَشْديد الرَّاء يَعْنِي شتتوا دينهم أَي اخْتلفُوا فِي دينهم ﴿وَكَانُواْ شِيَعاً﴾ صَارُوا فرقا الْيَهُودِيَّة والنصرانية والمجوسية ﴿لَّسْتَ مِنْهُمْ﴾ من قِتَالهمْ ﴿فِي شَيْءٍ﴾ ثمَّ أمره بعد ذَلِك بقتالهم وَيُقَال لَيْسَ بِيَدِك تَوْبَتهمْ وَلَا عَذَابهمْ ﴿إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ﴾ بذلك ﴿إِلَى الله ثُمَّ يُنَبِّئُهُم﴾ يُخْبِرهُمْ ﴿بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾ من الْخَيْر وَالشَّر
﴿مَن جَآءَ بِالْحَسَنَة﴾ مَعَ التَّوْحِيد ﴿فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ بالشرك بِاللَّه ﴿فَلاَ يجزى إِلاَّ مِثْلَهَا﴾ يَعْنِي النَّار ﴿وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾ لَا ينقص من حسناتهم وَلَا يُزَاد على سيئاتهم
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لأهل مَكَّة وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى ﴿إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي﴾ أكرمني رَبِّي بِدِينِهِ وَأَمرَنِي أَن أَدْعُو الْخلق وَيُقَال بَين لي رَبِّي كَيفَ أَدْعُو الْخلق ﴿إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً﴾ صدقا ﴿مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ﴾ دين إِبْرَاهِيم ﴿حَنِيفاً﴾ مُسلما ﴿وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْركين﴾ مَعَ الْمُشْركين على دينهم
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿إِنَّ صَلاَتِي﴾ الصَّلَوَات الْخمس ﴿وَنُسُكِي﴾ ديني وحجتي وذبيحتي وعبادتي ﴿وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ﴾ فِي الدُّنْيَا فِي طَاعَة الله وَرضَاهُ ﴿رب الْعَالمين﴾ سيد الْجِنّ وَالْإِنْس
﴿لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِك أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسلمين﴾ المخلصين بِالْعبَادَة والتوحيد
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿أَغَيْرَ الله أَبْغِي رَبّاً﴾ أعبد ربّاً ﴿وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ﴾ بَائِن مِنْهُ ﴿وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ﴾ من الذُّنُوب ﴿إِلاَّ عَلَيْهَا﴾ عُقُوبَة ذَلِك ﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ لَا تحمل حاملة حمل أُخْرَى من الذُّنُوب وَيُقَال لَا تُؤْخَذ نفس بذنب نفس أُخْرَى وَيُقَال لَا تعذب نفس بِغَيْر ذَنْب وَيُقَال لَا تحمل حمالَة ذَنْب أُخْرَى بِطيبَة النَّفس وَلَكِن يحمل عَلَيْهَا بالكره ﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ﴾ بعد الْمَوْت ﴿فَيُنَبِّئُكُمْ﴾ يُخْبِركُمْ ﴿بِمَا كُنتُمْ فِيهِ﴾ فِي الدّين ﴿تَخْتَلِفُونَ﴾ تخالفون
﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْض﴾ خلف الْأُمَم الْمَاضِيَة فِي الأَرْض
﴿وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾ فَضَائِل بِالْمَالِ والخدم
﴿لِّيَبْلُوَكُمْ﴾ ليختبركم
﴿فِي مَآ آتَاكُمْ﴾ أَعْطَاكُم من المَال والخدم
﴿إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعقَاب﴾ لمن كفر بِهِ وَلَا يشكره
﴿وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ﴾ متجاوز
﴿رَّحِيمٌ﴾ لمن آمن بِهِ
123
وَمن السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا الْأَعْرَاف وَهِي كلهَا مَكِّيَّة وآياتها مِائَتَان وست وكلماتها ثَلَاثَة آلَاف وسِتمِائَة وَخمْس وَعِشْرُونَ وحروفها أَرْبَعَة عشر ألفا وثلثمائة وَعشرَة أحرف
{بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {
124