ﰡ
وأخرج ابن ماجة وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن عائشة قالت : تبارك الذي وسع سمعه كل شيء إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى عليّ بعضه، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله ﷺ وهي تقول : يا رسول الله أكل شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبر سني وانقطع ولدي ظاهر مني، اللهم إني أشكو إليك، فما برحت حتى نزل جبريل بهؤلاء الآيات ﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ﴾ وهو أوس بن الصامت.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن زيد قال : لقي عمر بن الخطاب امرأة يقال لها خولة وهو يسير مع الناس فاستوقفته، فوقف لها ودنا منها وأصغى إليها رأسه ووضع يديه على منكبيها حتى قضت حاجتها وانصرفت، فقال له رجل يا أمير المؤمنين : حبست رجال قريش على هذه العجوز، قال : ويحك وتدري من هذه؟ قال : لا. قال : هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سموات، هذه خولة بنت ثعلبة والله لو لم تنصرف عني إلى الليل ما انصرفت حتى تقضي حاجتها.
وأخرج البخاري في تاريخه وابن مردويه عن ثمامة بن حزن قال : بينما عمر بن الخطاب يسير على حماره لقيته امرأة فقالت : قف يا عمر، فوقف، فأغلظت له القول، فقال رجل : يا أمير المؤمنين ما رأيت كاليوم، فقال : وما يمنعني أن أستمع إليها وهي التي استمع الله لها أنزل فيها ما نزل ﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ﴾.
وأخرج أحمد وأبو داود وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي من طريق يوسف بن عبد الله بن سلام قال :« حدثتني خولة بنت ثعلبة قالت : فيّ والله وفي أوس بن الصامت أنزل الله صدر سورة المجادلة، قالت : كنت عنده وكان شيخاً كبيراً قد ساء خلقه فدخل عليّ يوماً فراجعته بشيء فغضب فقال : أنت علي كظهر أمي، ثم رجع فجلس في نادي قومه ساعة، ثم دخل عليّ فإذا هو يريدني عن نفسي، قلت : كلا والذي نفس خولة بيده لا تصل إليّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا، ثم جئت إلى رسول الله ﷺ، فذكرت له ذلك، فما برحت حتى نزل القرآن، فتغشى رسول الله ﷺ ما كان يتغشاه، ثم سرّي عنه، فقال لي : يا خولة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك ثم قرأ عليَّ رسول الله ﷺ ﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ﴾ إلى قوله :﴿ عذاب أليم ﴾ فقال لي رسول الله ﷺ : مريه فليعتق رقبة قلت يا رسول الله : ما عنده ما يعتق، قال : فليصم شهرين متتابعين، قلت : والله إنه لشيخ كبير ما به من صيام، قال : فليطعم ستين مسكيناً وسقاً من تمر، قلت : والله ما ذاك عنده، قال رسول الله ﷺ : فإنا سنعينه بعرق من تمر، قلت : وأنا يا رسول الله سأعينه بعرق آخر، قال : فقد أصبت وأحسنت فاذهبي فتصدقي به عنه ثم استوصي بابن عمك خيراً. قالت : ففعلت ».
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في السنن عن عائشة أن خولة كانت امرأة أوس بن الصامت، وكان إمرأ به لمم فإذا اشتد لممه ظاهر من امرأته فأنزل الله فيه كفارة الظهار.
وأخرج النحاس وابن مردويه والبيهقي من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : كان الرجل في الجاهلية لو قال لامرأته : أنت عليّ كظهر أمي حرمت عليه، وكان أول من ظاهر في الإِسلام أوس بن الصامت، وكانت تحته ابنة عم له يقال لها خولة فظاهر منها فأسقط في يده وقال : ما أراك إلا قد حرمت عليّ فانطلقي إلى النبي ﷺ فاسأليه، فأتت النبي ﷺ، فوجدت عنده ماشطة تمشط رأسه فأخبرته فقال : يا خولة ما أمرنا في أمرك بشيء، فأنزل الله على النبي ﷺ، فقال : يا خولة ابشري قالت : خيراً قال : خيراً فأنزل الله على النبي ﷺ فقرأ عليها ﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ﴾ الآيات.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال في القرآن ما أنزل الله جملة واحدة ﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله ﴾ كان هذا قبل أن تخلق خولة لو أن خولة أرادت أن لا تجادل لم يكن ذلك لأن الله كان قد قدر ذلك عليها قبل أن يخلقها.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ﴾ وذلك « أن خولة امرأة من الأنصار ظاهر منها زوجها، فقال : أنت عليّ كظهر أمي فأتت رسول الله ﷺ فقالت : إن زوجي كان تزوجني وأنا أحب الناس إليه حتى إذا كبرت ودخلت في السن قال : أنت عليّ كظهر أمي وتركني إلى غير أحد، فإن كنت تجد لي رخصة يا رسول الله تنعشني وإياه بها فحدثني بها، قال : والله ما أمرت في شأنك بشيء حتى الآن، ولكن ارجعي إلى بيتك فإن أومر بشيء لا أعميه عليك إن شاء الله، فرجعت إلى بيتها فأنزل الله على رسوله ﷺ في الكتاب رخصتها ورخصة زوجها فقال :﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ﴾ إلى قوله :﴿ عذاب أليم ﴾ فأرسل إلى زوجها، فقال : هل تستطيع أن تعتق رقبة؟ قال : إذن يذهب مالي كله، الرقبة غالية وأنا قليل المال، قال : هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال : والله لولا أني آكل كل يوم ثلاث مرات لكلّ بصري، قال : هل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟ قال : لا والله إلا أن تعينني، قال : إني معينك بخمسة عشر صاعاً ».
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه « أن أوس بن الصامت ظاهر من امرأته خولة بنت ثعلبة فشكت ذلك إلى رسول الله ﷺ فقالت : ظاهر مني زوجي حين كبر سني ودق عظمي فأنزل الله آية الظهار، فقال رسول الله ﷺ :» أعتق رقبة قال : مالي بذلك يدان، فصم شهرين متتابعين، قال : إني إذا أخطأني أن آكل في اليوم ثلاث مرات يكل بصري، فأطعم ستين مسكيناً قال : ما أجد إلا أن تعينني فدعا رسول الله ﷺ خمسة عشر صاعاً حتى جمع الله له أهله « ».
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن محمد بن سيرين قال :« إن أول من ظاهر في الإِسلام زوج خويلة، فأتت النبي ﷺ فقالت : إن زوجي ظاهر مني وجعلت تشكو إلى الله فقال لها النبي ﷺ : ما جاءني في هذا شيء، قالت : فإلى من يا رسول الله إن زوجي ظاهر مني، فبينما هي كذلك إذ نزل الوحي ﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ﴾ حتى بلغ ﴿ فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ﴾ ثم حبس الوحي فانصرف إليها رسول الله ﷺ فتلاها عليها، فقالت : لا يجد، فقال النبي ﷺ : هو ذاك فبينما هي كذلك إذا نزل الوحي ﴿ فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا ﴾ ثم حبس الوحي فانصرف إليها رسول الله ﷺ، فتلاها عليها فقالت : لا يستطيع أن يصوم يوماً واحداً قال : هو ذاك فبينما هي كذلك إذ نزل الوحي ﴿ فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ﴾ فانصرف إليها رسول الله ﷺ فتلاها عليها فقالت : لا يجد يا رسول الله قال : إنا سنعينه ».
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء الخراساني قال : أعانه النبي ﷺ بخمسة عشر صاعاً.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي زيد المدني رضي الله عنه أن امرأة جاءت بشطر وسق من شعير فأعطاه النبي ﷺ أي مدين من شعير مكان مدّ من بر.
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن النبي ﷺ أعانه بخمسة عشر صاعاً من شعير.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه « أن رجلاً ظاهر من امرأته على عهد النبي ﷺ وكان الظهار أشد من الطلاق وأحرم الحرام، إذا ظاهر من امرأته لم ترجع إليه أبداً فأتت النبي ﷺ، فقالت : يانبي الله إن زوجي وأبا ولدي ظاهر مني وما يطلع إلا الله على ما يدخل عليّ من فراقه، فقال لها النبي ﷺ : قد قال ما قال : قالت : فكيف أصنع ودعت الله واشتكت إليه فأنزل الله ﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله ﴾ إلى آخر الآيات فدعا رسول الله ﷺ زوجها فقال : تعتق رقبة قال : ما في الأرض رقبة أملكها قال : تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين قال يا رسول الله : إني بلغت سناً وبي دوران فإذا لم آكل في اليوم مراراً أدير عليّ حتى أقع قال : تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً قال : والله ما أجد فقال رسول الله ﷺ : سنعينك ».
وأخرح عبد بن حميد « عن يزيد بن زيد الهمداني في قوله :﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ﴾ قال : هي خولة بنت الصامت، وكان زوجها مريضاً فدعاها فلم تجبه وأبطأت عليه فقال : أنت عليّ كظهر أمي، فأتت النبي ﷺ، فنزلت هذه الآية ﴿ فتحرير رقبة ﴾ فقال له النبي ﷺ : أعتق رقبة، قال : لا أجد، قال : فصم شهرين متتابعين، قال : لا أستطيع، قال : فأطعم ستين مسكيناً، قال : لا والله ما عندي إلا أن تعينني فأعانه النبي ﷺ بخمسة عشر صاعاً، فقال : والله ما في المدينة أحوج إليها مني، فقال النبي ﷺ : فكلها أنت وأهلك ».
وأخرج ابن سعد عن عمران بن أنس قال :« كان أول من ظاهر في الإِسلام أوس بن الصامت، وكان به لمم، وكان يفيق أحياناً فَلاحَ امرأته خولة بنت ثعلبة في بعض صحواته، فقال : أنت عليّ كظهر أمي، ثم ندم فقال : ما أراك إلا قد حرمت عليّ، قالت : ما ذكرت طلاقاً فأتت النبيّ ﷺ، فأخبرته بما قال، قال : وجادلت رسول الله ﷺ مراراً، ثم قالت : اللهم إني أشكو إليك شدة وحدتي وما يشق عليّ من فراقه، قالت عائشة : فلقد بكيت وبكى من كان في البيت رحمة لها ورقة عليها، ونزل على رسول الله ﷺ الوحي فسري عنه وهو يبتسم فقال : يا خولة قد أنزل الله فيك وفيه ﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ﴾ ثم قال : مريه أن يعتق رقبة، قالت : لا يجد، قال : فمريه أن يصوم شهرين متتابعين، قالت : لا يطيق ذلك، قال : فمريه فليطعم ستين مسكيناً قالت : وأنّى له؟ فمريه فليأت أم المنذر بنت قيس فليأخذ منها شطر وسق تمر فليتصدق به على ستين مسكيناً فرجعت إلى أوس، فقال : ما وراءك؟ قالت : خير وأنت ذميم، ثم أخبرته فأتى أم المنذر فأخذ ذلك منها فجعل يطعم مدين من تمر كل مسكين ».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله :﴿ وإنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً ﴾ قال : الزور الكذب.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله :﴿ والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا ﴾ قال : هو الرجل يقول لامرأته : أنت عليّ كظهر أمي، فإذا قال ذلك : فليس له أن يقربها بنكاح ولا غيره حتى يكفر بعتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسّا، والمس النكاح، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، وإن هو قال لها : أنت عليّ كظهر أمي، فإذا قال : إن فعلت كذا فليس يقع في ذلك ظهار حتى يحنث فلا يقربها حتى يكفر ولا يقع في الظهار طلاق.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه ﴿ ثم يعودون لم قالوا ﴾ قال : يعود لمسها.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن طاووس ﴿ ثم يعودون لما قالوا ﴾ قال : الوطء.
وأخرج ابن المنذر عن طاووس قال : إذا تكلم الرجل بالظهار المنكر والزور فقد وجبت عليه الكفارة حنث أو لم يحنث.
وأخرج عبد الرزاق عن طاووس قال : كان طلاق أهل الجاهلية الظهار فظاهر رجل في الإِسلام وهو يريد الطلاق فأنزل الله فيه الكفارة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء أنه سئل عن هذه الآية من قبل أن يتماسّا قال : هو الجماع.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ﴿ فإطعام ستين مسكيناً ﴾ قال : كهيئة الطعام في اليمين مدين لكل مسكين.
وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة قال : ثلاث فيهن مد كفارة اليمين وكفارة الظهار وكفارة الصيام.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة أن النبي ﷺ أمر الذي أتى أهله في رمضان بكفارة الظهار.
وأخرج عبد الرزاق عن عطاء والزهري وقتادة قالوا : العتق في الظهار والصيام والطعام كل ذلك من قبل أن يتماسّا.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال :
وأخرج عبد الرزاق في المصنف من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن « عن سلمة بن صخر الأنصاري أنه جعل امرأته عليه كظهر أمه، حتى يمضي رمضان فسمنت وتربصت فوقع عليها في النصف من رمضان، فأتى النبي ﷺ كأنه يعظم ذلك، فقال له النبي ﷺ :» أتستطيع أن تعتق رقبة؟ فقال : لا، قال : أفتستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال : لا، قال : أفتستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟ قال : لا، فقال النبي ﷺ : يا فروة بن عمرو أعطه ذلك العرق وهو مكتل يأخذ خمسة عشر أو ستة عشر صاعاً فليطعمه ستين مسكيناً، فقال : أعليّ أفقر مني فوالذي بعثك بالحق ما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا فضحك رسول الله ﷺ ثم قال : اذهب به إلى أهلك « ».
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه والبيهقي في السنن عن أبي العالية قال :
وأخرج البزار والحاكم والطبراني وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال :« أتى رجل النبي ﷺ، فقال : إني ظاهرت من امرأتي فرأيت بياض خلخالها في ضوء القمر فأعجبتني فوقعت عليها قبل أن أكفر، فقال النبي ﷺ : ألم يقل الله ﴿ من قبل أن يتماسّا ﴾ قال : قد فعلت يا رسول الله، قال : أمسك حتى تكفّر ».
وأخرج عبد الرزاق وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم والبيهقي من طريق عكرمة عن ابن عباس « أن رجلاً قال : يا رسول الله إني ظاهرت من امرأتي فوقعت عليها قبل أن أكفر، قال : وما حملك على ذلك؟ قال : ضوء خلخالها في ضوء القمر، قال : فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله ».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ إن الذين يحادون الله رسوله ﴾ قال : يجادلون الله ورسوله ﴿ كبتوا كما كبت الذين من قبلهم ﴾ قال : خزوا كما خزي الذين من قبلهم.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن الضحاك ﴿ ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ﴾ قال : هو الله على العرش وعلمه معهم.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ﴾ قال : اليهود.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : كان بين يهود وبين النبي ﷺ موادعة فكانوا إذا مر بهم رجل من أصحاب النبي ﷺ جلسوا يتناجون بينهم حتى يظن المؤمن أنهم يتناجون بقتله أو بما يكره المؤمن، فإذا رأى المؤمن ذلك خشيهم فترك طريقه عليهم فنهاهم النبي ﷺ عن النجوى فلم ينتهوا، فأنزل الله ﴿ ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ﴾ الآية.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبزار وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان بسند جيد عن ابن عمرو رضي الله عنه أن اليهود كانوا يقولون لرسول الله ﷺ : سام عليك، يريدون بذلك شتمه - ثم يقولون في أنفسهم :﴿ لولا يعذبنا الله بما نقول ﴾ فنزلت هذه الآية ﴿ وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله ﴾.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري والترمذي وصححه عن أنس « أن يهودياً أتى على النبي ﷺ وأصحابه فقال : السام عليكم، فرد عليه القوم، فقال النبي ﷺ : هل تدرون ما قال هذا؟ قالوا : الله ورسوله أعلم يا نبي الله، قال : لا. ولكنه قال : كذا وكذا، ردوه عليّ فردوه، قال : قلت السام عليكم، قال : نعم قال النبي ﷺ عند ذلك : إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا عليك ما قلت، قال :﴿ وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله ﴾ ».
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن عائشة قالت :« دخل على رسول الله ﷺ يهود فقالوا : السام عليك يا أبا القاسم، فقالت عائشة : وعليكم السام واللعنة، فقال : يا عائشة إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش، قلت : ألا تسمعهم يقولون السام عليك؟ فقال رسول الله ﷺ : أو ما سمعت ما أقول : وعليكم، فأنزل الله ﴿ وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله ﴾ ».
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في هذه الآية قال : كان المنافقون يقولون لرسول الله ﷺ إذا حيوه : سام عليك فنزلت.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ﴿ وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله ﴾ يقولون : سام عليك هم أيضاً يهود.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان المنافقون يتناجون بينهم، فكان ذلك يغيظ المؤمنين ويكبر عليهم، فأنزل الله في ذلك ﴿ إنما النجوى من الشيطان ﴾ الآية.
وأخرج البخاري ومسلم وابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله ﷺ :« إذا كنتم ثلاثة فلا يتناج اثنان دون الثالث فإن ذلك يحزنه ».
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال :« كنا نتناوب رسول الله ﷺ يطرقه أمر أو يأمر بشيء فكثر أهل النوب والمحتسبون ليلة حتى إذا كنا نتحدث فخرج علينا رسول الله ﷺ من الليل فقال : ما هذه النجوى؟ ألم تنهوا عن النجوى؟ ».
قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا ﴾ الآية.
أخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه كان يقرأها « تفسحوا في المجالس بالألف فافسحوا يفسح الله لكم » وقال : في القتال ﴿ وإذا قيل انشزوا فانشزوا ﴾ قال : إذا قيل : انهدوا إلى الصدر فانهدوا.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس ﴾ قال : مجلس النبي ﷺ فنزلت ﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ إذا قيل لكم تفسحوا ﴾ الآية قال : نزلت هذه الآية في مجالس الذكر، وذلك أنهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلاً ضنوا بمجالسهم عند رسول الله ﷺ، فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن في الآية قال : كانوا يجيئون فيجلسون ركاماً بعضهم خلف بعض، فأمروا أن يتفسحوا في المجلس فانفسح بعضهم لبعض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : أنزلت هذه الآية يوم جمعة وجلس رسول الله ﷺ يومئذ في الصفة، وفي المكان ضيق، وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار، فجاء ناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجلس، فقاموا حيال رسول الله ﷺ، فقالوا : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فرد النبي ﷺ عليهم، ثم سلموا على القوم بعد ذلك فردوا عليهم، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم، فعرف النبي ﷺ ما يحملهم على القيام فلم يفسح لهم، فشق ذلك عليه فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار من غير أهل بدر : قم يا فلان، وأنت يا فلان، فلم يزل يقيمهم بعدة النفر الذين هم قيام من أهل بدر، فشق ذلك على من أقيم من مجلسه، فنزلت هذه الآية.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس ﴾ قال : ذلك في مجلس القتال ﴿ وإذا قيل انشزوا ﴾ قال : إلى الخير والصلاة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ وإذا قيل انشزوا ﴾ قال : إلى كل خير قتال عدوّ وأمر بمعروف أو حق ما كان.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله :﴿ وإذا قيل انشزوا فانشزوا ﴾ يقول : إذا دعيتم إلى خير فأجيبوا.
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في المدخل عن ابن عباس في قوله :﴿ يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ﴾ قال : يرفع الله الذين أوتوا العلم من المؤمنين على الذين لم يؤتوا العلم درجات.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قال : تفسير هذه الآية : يرفع الله الذين آمنوا منكم وأوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم درجات.
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود قال : ما خص الله العلماء في شيء من القرآن ما خصهم في هذه الآية، فضل الله الذين آمنوا وأوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والنحاس عن علي بن أبي طالب قال :« لما نزلت ﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ﴾ الآية قال لي النبي ﷺ :» ما ترى ديناراً قلت : لا يطيقونه، قال : فنصف دينار، قلت : لا يطيقونه، قال : فكم قلت شعيرة؟ قال : إنك لزهيد، قال : فنزلت ﴿ أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات ﴾ قال : فبي خفف الله عن هذه الأمة « ».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن علي قال : ما عمل بها أحد غيري حتى نسخت وما كانت إلا ساعة يعني آية النجوى.
وأخرج سعيد بن منصور وابن راهويه وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه عن عليّ قال : إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي آية النجوى ﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ﴾ كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم، فكنت كلما ناجيت النبي ﷺ قدمت بين يدي درهماً، ثم نسخت فلم يعمل بها أحد فنزلت ﴿ أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات ﴾ الآية.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : نهوا عن مناجاة النبي ﷺ حتى يقدموا صدقة فلم يناجه إلا عليّ بن أبي طالب، فإنه قد قدم ديناراً فتصدق به، ثم ناجى النبي ﷺ فسأله عن عشر خصال، ثم نزلت الرخصة.
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد قال : كان من ناجى النبي ﷺ تصدق بدينار، وكان أول من صنع ذلك علي بن أبي طالب، ثم نزلت الرخصة ﴿ فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال : إن الأغنياء كانوا يأتون النبي ﷺ فيكثرون مناجاته، ويغلبون الفقراء على المجالس، حتى كره النبي ﷺ طول جلوسهم ومناجاتهم، فأمر الله بالصدقة عند المناجاة، فأما أهل العسرة فلم يجدوا شيئاً، وكان ذلك عشر ليال، وأما أهل الميسرة فمنع بعضهم ماله وحبس نفسه إلا طوائف منهم جعلوا يقدمون الصدقة بين يدي النجوى، ويزعمون أنه لم يفعل ذلك غير رجل من المهاجرين من أهل بدر فأنزل الله ﴿ أأشفقتم ﴾ الآية.
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس في المجادلة ﴿ إذا ناجيتم الرسول فقدوا بين يدي نجواكم صدقة ﴾ قال : نسختها الآية التي بعدها ﴿ أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات ﴾.
وأخرج عبد بن حميد عن سلمة بن كهيل ﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول ﴾ الآية قال : أول من عمل بها عليّ رضي الله عنه ثم نسخت، والله أعلم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج ﴿ ألم تر إلى الذين تولوا قوماً غضب الله عليهم ﴾ قال : هم اليهود والمنافقون ويحلفون على الكذب، وهم يعلمون حلفهم أنهم لمنكم.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ﴿ ألم تر إلى الذين تولوا قوماً ﴾ الآية قال : هم المنافقون تولوا اليهود ﴿ يوم يبعثهم الله ﴾ الآية قال : يحالف المنافقون ربهم يوم القيامة كما حالفوا أولياءه في الدنيا.
وأخرج أحمد والبزار والطبراني وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :« كان رسول الله ﷺ جالساً في ظل حجرة من حجره وعنده نفر من المسلمين فقال : إنه سيأتيكم إنسان فينظر إليكم بعين شيطان، فإذا جاءكم فلا تكلمونه، فلم يلبثوا أن طلع عليهم رجل أزرق أعور فقال، حين رآه : علام تشتمني أنت وأصحابك؟ فقال ذرني آتك بهم، فانطلق فدعاهم فحلفوا واعتذروا فأنزل الله ﴿ يوم يبعثهم الله جميعاً فيحلفون له كما يحلفون لكم ﴾ الآية والتي بعدها ».
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ﴾ قال : كتب الله كتاباً فأمضاه.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في سننه وابن عساكر عن عبد الله بن شوذب قال : جعل والد أبي عبيدة بن الجراح يتصدى لأبي عبيدة يوم بدر، وجعل أبو عبيدة يحيد عنه فلما أكثر قصده أبو عبيدة فقتله فنزلت ﴿ لا تجد قوماً يؤمنون بالله ﴾ الآية.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال :« حدثت أن أبا قحافة سب النبي ﷺ فصكه أبو بكر صكه فسقط، فذكر ذلك للنبي ﷺ فقال : أفعلت يا أبا بكر؟ فقال : والله لو كان السيف مني قريباً لضربته »، فنزلت ﴿ لا تجد قوماً ﴾ الآية.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن ثابت بن قيس بن الشماس أنه استأذن النبي ﷺ أن يزور خاله من المشركين فأذن له، فلما قدم قرأ رسول الله ﷺ وأناس حوله ﴿ لا تجد قوماً يؤمنون بالله ﴾ الآية.
وأخرج ابن مردويه عن كثير بن عطية عن رجل قال : قال رسول الله ﷺ :« اللهم لا تجعل لفاجر ولا لفاسق عندي يداً ولا نعمة فإني وجدت فيما أوحيته إليّ ﴿ لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ﴾ » قال سفيان : يرون أنها أنزلت فيمن يخالط السلطان.
وأخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أحب في الله وأبغض في الله وعاد في الله ووال في الله فإنما تنال الله بذلك، ثم قرأ ﴿ لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون ﴾ الآية.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« أوحى الله إلى نبي من الأنبياء أن قل لفلان العابد أما زهدك في الدنيا فتعجلت راحة نفسك، وأما انقطاعك إليّ فتعززت بي، فماذا عملت في ما لي عليك؟ قال يا رب : وما لك عليّ؟ قال : هل واليت لي ولياً أو عاديت لي عدواً؟ ».
وأخرج الحكيم الترمذي عن واثلة بن الأسقع قال : قال رسول الله ﷺ :
وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله ﷺ « أوثق عرى الإِيمان الحب في الله والبغض في الله ».
وأخرج الديلمي من طريق الحسن عن معاذ قال : قال رسول الله ﷺ :« اللهم لا تجعل لفاجر عندي يداً ولا نعمة فيوده قلبي، فإني وجدت فيما أوحيت إليّ ﴿ لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ﴾ الآية ».