كلماتها : ٤٩٣ ؛ حروفها : ١٩٩٢.
ﰡ
﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير ( ١ ) ﴾.
﴿ تجادلك ﴾ تحاجك وتناظرك، وتقابل الحجة بالحجة.
﴿ تحاوركما ﴾ تراددكما في الكلام، أو كلامكما المردد.
تحققوا أني سمعت قول المرأة التي كانت تحاجك يا محمد في شأن زوجها، وما كان بينه وبينها، وشكواها إليّ وجدها وبلاءها، وشدت كربها إن فرق بينه وبينها ؛ وربكم المعبود يسمع تراددكما في سؤالها وجوابك ؛ إن الله ذا الجلال بالغ سمعه كل مسموع، وبصره جل وعلا لا يغيب عن مرئي.
[ والذي في البخاري من هذا عن عائشة قالت : الحمد الله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة تشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول، فأنزل الله عز وجل :﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ﴾ ]١.
وقال الماوردي : هي خولة بنت ثعلبة، وقيل : بنت خويلد، وليس هذا بمختلف، لأن أحدهما أبوها والآخر جدها فنسبت إلى كل واحد منهما ؛ وزوجها أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت.
[ وروى الحسن٢ : أنها قالت : يا رسول الله ! قد نسخ الله سنن الجاهلة وإن زوجي ظاهر مني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( ما أوحى إلي في هذا شيء ) فقالت : يا رسول الله ! أوحى إليك في كل شيء وطوى عنك هذا ؟ فقال :( هو ما قلت لك ) فقالت : إلى الله أشكو لا إلى رسوله ؛ فأنزل الله :﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله ﴾ الآية. ]
ألا ما أعظم فضل الله تعالى، وأجزل عطاءه، وما أحكم شرعه ! امرأة تظهر بثها، وتذكر همها وغمها، وحزنها أن تفارق زوجها، من أجل كلمة قالها، فيستجيب الملك المهيمن ويفرج كربها، وتبقى آيات الله تعالى مسجلة شرفها، وسماحة الإسلام الذي صان حقها، ورفع ذكرها !.
فهل يعلم الذين يفترون على ديننا – سفها بغير علم- أن الله شرع لنا أقوم منهاج وأكرم سبيل ؟ وهل تعتبر النساء اللائي يخدعن عن الحق، ويصرفن عن الرشد، ويزخرف لهن القول أن الانفلات من الدين تحرير للمرأة ؟ ! ألا فليحذرن الأبالسة، وخداع المضلين، وليستقمن على صراط الله البر الرحيم، فإنه عز الدنيا وسعادة الآخرة ﴿ من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ﴾٣.
مما أورد ابن حاتم٤ -بسنده- عن جرير بن حازم قال : سمعت أبا زيد يحدث قال : لقيت امرأة عمر ؛ يقال لها خولة بنت ثعلبة، وهو يسير مع الناس، فاستوقفته فوقف لها ودنا منها وأصغى٥ إليها رأسه حتى قضت حاجتها وانصرفت ؛ فقال له رجل : يا أمير المؤمنين ! حبست رجالات قريش على هذه العجوز ! قال : ويحك ! أو تدري من هذه ؟ قال : لا ! قال : هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سماوات ! هذه خولة بنت ثعلبة، والله لو لم تنصرف عني إلى الليل ما انصرفت عنها حتى تقضي حاجتها إلا أن تحضر صلاة فأصليها ثم أرجع إليها حتى تقضي حاجتها.
وأورد القرطبي قريبا من هذا قال : وقد مر بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته- والناس معه- على حمار، فاستوقفته طويلا ووعظته وقالت : يا عمر ! قد كنت تدعى عميرا، ثم قيل لك عمر، ثم قيل لك أمير المؤمنين ؛ فاتق الله يا عمر ؛ فإنه من أيقن بالموت خاف الفوت، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب ؛ وهو واقف يسمع كلامها ؛ فقيل له : يا أمير المؤمنين أتقف لهذه العجوز هذا الوقوف ؟ ! فقال : والله لو حبستني من أول النهار إلى آخره لا زالت إلا للصلاة المكتوبة، أتدرون من هذه العجوز ؟ هي خولة بنت ثعلبة سمع الله قولها من فوق سبع سماوات، أيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر ؟ !.
٢ - وأورد ابن كثير رواية عن عائشة أنها قالت: تبارك الذي أوعى سمعه كل شيء إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تقول؛ يا رسول الله! أكل مالي وأفنى شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبرت سني وانقطع ولدي ظاهراني، اللهم إني أشكو إليك..
٣ - سورة النحل: الآية ٩٧..
٤ - نقل قريبا من هذا عنه ابن كثير.
٥ - أمال..
﴿ يظاهرون ﴾ يشبهون ظهر الزوجة وهو محلل بظهر الأم- مثلا- وهو محرم، يقول الواحد منهم لزوجته : أنت علي كظهر أمي.
﴿ نسائهم ﴾ محللاتهم وزوجاتهم.
﴿ منكرا ﴾ ينكره الشرع، وينفر منه الطبع.
﴿ وزورا ﴾ كذبا مموها مزوقا.
﴿ لعفو ﴾ لكثير الصفح وعدم العقوبة على الذنب.
﴿ غفور ﴾ عظيم الستر لخطايا المستغفرين مهما كثرت.
كان الظهار معروفا في الجاهلية، فإذا أراد أحدهم أن يحرم زوجته على نفسه يقول لها : أنت علي كظهر أمي، فتصير عليه حراما، لا يستمتع بها ولا تستمتع به، بل ولا تعتبر خلية وغير ذات زوج حتى يمكن لغيره أن يتزوجها فتبقى هكذا معلقة لا هي مزوجة ولا مطلقة ؛ فأبطل الله تعالى هذا السنن، وأكذب من قال به، إذ كيف تشبه الزوجة بالأم وأين من ولدته ممن لم تلده ؟ ! إن هذا القول كذب مموه، ويسقطه الشرع، وتأباه سلامة الطبع ؛ وإن الله المعبود، تقدست أسماؤه وعظمت نعمه وآلاؤه لكثير الصفح، واسع الحلم، يتجاوز عن المعاقبة على الذنب، وهو جل ثناؤه عظيم الستر لخطايا المستغفرين مهما كثرت.
يقول الألوسي : والآية نزلت في خولة وزوجها أوس، وذلك أن زوجها أوسا كان شيخا كبيرا قد ساء خلقه، فدخل عليها يوما فراجعته بشيء فغضب، فقال : أنت علي كظهر أمي- وكان الرجل في الجاهلية إذا قال ذلك لامرأته حرمت عليه، وكان هذا أول ظهار في الإسلام- فندم من ساعته فدعاها فأبت، وقال : والذي نفس خولة بيده لا تصل إلي وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فينا، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن أوسا تزوجني وأنا شابة مرغوب في فلما خلا سني ونثرت بطني- أي كثر ولدي- جعلني عليه كأمه، وتركني إلى غير أحد، فإن كنت تجد لي رخصة يا رسول الله تنعشني بها وإياه فحدثني بها ؟ ! فقال عليه الصلاة والسلام :( والله ما أمرت في شأنك بشيء حتى الآن )، وفي رواية ( ما أراك إلا قد حرمت عليه ). قالت : ما ذكر طلاقا ! وجادلت رسول الله صلى الله عليه وسلم مرارا ثم قالت : أشكو إلى الله تعالى فاقتي وشدة حالي، وإن لي صبية صغارا إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إلي جاعوا. وجعلت ترفع رأسها إلى السماء وتقول : اللهم إني أشكو إليك، اللهم فأنزل على لسان نبيك. وما برحت حتى نزل القرآن فيها ؛ فقال صلى الله عليه وسلم :( يا خولة أبشري ) قالت : خيرا ؟ فقرأ عليه الصلاة والسلام :﴿ قد سمع الله... ﴾ الآيات. اه.
ومما قال أصحاب الإعراب :﴿ الذين ﴾ مبتدأ خبره محذوف، تقديره : مخطئون ؛ أو ﴿ ما هن ﴾ خبره.
ومن يظاهر من زوجته١، ثم يعزم على العود للاستمتاع بها، فليحرر عبدا مملوكا يعتقه ويطلقه ليصير حرا من قبل أن يستمتع بمن ظاهر منها أو تستمتع به، فإن عجز من الوفاء بتلك الكفارة – لعدم وجود عبيد، أو وجدوا ولكن لم يجد ثمن من يطلب إليه إعتاقه- فعليه أن يكفر بصيام شهرين متتابعين من قبل أن يستمتع المظاهر بمن ظاهر منها أو تستمتع به، فإن لم يستطع الصوم فكفارته إطعام ستين مسكينا ؛ ذلك الذي شرع الله لكم من الكفارة يراد به أن تتذكروا قبح الظهار ونكره، وزوره ووزره، فيكون معتبرا لكم ومزدجرا ؛ وليكون التصديق بالله الحكيم ومنهاجه، والاتباع لوحيه وبيان رسوله، برهان يقينكم، وعلامة تقديس دينكم، وتمام إسلامكم ؛ ولمن لم يؤمن بكلمات ربه، ولم يقف عند حدود دينه، ولم يذعن لشرع مولاه ؛ لمن جحد ذلك أو لم ينقد له عذاب موجع، وألم دائم.
يقول أصحاب الإعراب :﴿ والذين ﴾ : مبتدأ ؛ وجملة :﴿ فتحرير رقبة ﴾ مبتدأ آخر خبره مقدر، أي فعليهم تحرير رقبة، أو خبر مبتدأ مقدر، أي : فالواجب عليهم تحرير رقبة ؛ وعلى كل فالجملة خبر الموصول- ﴿ والذين ﴾- ودخلت الفاء على قول الله سبحانه :﴿ فتحرير ﴾ لتضمن المبتدأ معنى الشرط.
[ نقل ابن كثير عن الإمام أحمد –بسنده- عن خويلة٢ بنت ثعلبة قالت : في والله وفي أوس بن الصامت أنزل الله سورة المجادلة. قالت : كنت عنده٣ وكان شيخا كبيرا قد ساء خلقه ؛ قالت : فدخل علي يوما فراجعته بشيء فغضب فقال : أنت علي كظهر أمي ؛ قالت : ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة ثم دخل علي فإذا هو يريدني عن نفسي٤، قالت : قلت كلا، والذي نفس خويلة بيده لا تخلص٥ إلي وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه، قالت :" فواثبني٦ فامتنعت عليه فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف فألقيته عني، قالت : ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابا، ثم خرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه، وجعلت أشكو إليه ما ألقى من سوء خلقه، قالت : فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( يا خويلة ابن عمك شيخ كبير فاتقي الله فيه ). قالت : فوالله ما برحت حتى نزل فيّ قرآن، فتغشى٧ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يتغشاه، ثم سري عنه، فقال لي :( يا خويلة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك قرآنا ) ثم قرأ علي :﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير ﴾ إلى قوله تعالى :﴿ وللكافرين عذاب أليم ﴾ قالت : فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :( مريه فليعتق رقبة ) قالت : فقلت يا رسول الله ! ما عنده ما يعتق ؛ قال :( فليصم شهرين متتابعين ) قالت : فقلت : والله إنه لشيخ كبير ما به من صيام ؛ قال :( فليطعم ستين مسكينا وسقا٨ من تمر ) ؛ قالت : فقلت : يا رسول الله ! ماذاك عنده ؛ قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( فإنا سنعينه بفرق٩ من تمر ) قالت : فقلت يا رسول الله وأنا سأعينه بفرق آخر ؛ قال :( وقد أصبت وأحسنت فاذهبي فتصدقي به عنه ثم استوصي بابن عمك خيرا ). قالت : ففعلت ].
مما أورد القرطبي في الجامع لأحكام القرآن- وقد أورد من آراء الفقهاء فيما استنبطوه من الآيات الأربع قريبا من عشرين صفحة- يقول :﴿ وإن الله لعفو غفور ﴾ إذ جعل الكفارة عليهم مخلصة لهم من هذا القول المنكر... ﴿ ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله ﴾ أي : ذلك الذي وصفنا من التغليظ في الكفارة١٠ ﴿ لتؤمنوا ﴾ أي لتصدقوا أن الله أمر به... لئلا تعودوا للقول المنكر والزور، بل تدعوهما طاعة لله سبحانه وتعالى إذ قد حرمهما، ولتجتنبوا المظاهر منها إلى أن تكفروا... فتكونوا بهذا كله مؤمنين بالله ورسوله، لأنها حدود تحفظونها، وطاعات تؤدونها، والطاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم إيمان... ﴿ وتلك حدود الله ﴾ بين معصيته وطاعته ؛ فمعصيته الظهار، وطاعته الكفارة ﴿ وللكافرين عذاب أليم ﴾ أي لمن لم يصدق بأحكام الله تعالى عذاب جهنم. اه.
جاء في [ روح المعاني.. ] :﴿ والله بما تعملون ﴾ من الأعمال كالتكفير وما يوجبه من جناية الظهار ﴿ خبير ﴾ أي عالم بظواهرها وبواطنها ومجازيكم بها، فحافظوا على حدود ما شرع لكم، ولا تخلوا بشيء منها... ﴿ لتؤمنوا بالله ورسوله ﴾ وتعملوا بشرائعه التي شرعها لكم، وترفضوا ما كنتم عليه في جاهليتكم ﴿ وتلك ﴾ الأحكام المذكورة ﴿ حدود الله ﴾ لا يجوز تعديها، فالزموها وقفوا عندها ﴿ وللكافرين ﴾ الذي يتعدونها ولا يعملون بها ﴿ عذاب أليم ﴾ على كفرهم ؛ وأطلق الكافر على متعدي الحدود تغليظا لزجره ؛ ونظير ذلك قوله تعالى :﴿ ... ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ﴾١١. اه
٢ - تصغير خولة..
٣ - أي زوجة له..
٤ - يحاول الاستمتاع بها..
٥ - لا تصل..
٦ - قفز ليستكرهها.
٧ - اعتراه وغطاه.
٨ - الوسق: ستون صاعا بصاع النبي، والصاع: خمسة أرطال وثلث..
٩ - الفرق: مائة وعشرون رطلا.
١٠ - يقول الفقهاء: لا ينبغي للمرأة أن تدع الزوج يقربها حتى يكفر، فإن تهاون حال الإمام بينهما؛ ويجبره على التكفير وإن كان بالضرب، حتى يوفيها حقها من الجماع؛ قالوا: ولا شيء من الكفارات يجبر عليه ويحبس إلا كفارة الظهار، لأن ترك التكفير إضرار بالمرأة، وامتناع من إيفاء حقها..
١١ - إذ قد جاء قول الله تعالى: ﴿... ومن كفر..﴾ في مقابل قوله الكريم في الآية المباركة: ﴿ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا..﴾ فكأن المعنى: ومن لم يحج فكأنما جحد، ومن جحد فإن الله غني عنه وعن العالمين- والله أعلم بالمراد- وما تقدم بعض الآية الكريمة رقم ٩٧ من سورة آل عمران، وتمام الآيتين قبلها: ﴿إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين، فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا..﴾.
﴿ كبتوا ﴾ أخزوا- على معنى سيخزون-.
﴿ إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم وقد أنزلنا آيات بينات وللكافرين عذاب مهين ( ٥ ) يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد ( ٦ ) ﴾.
إن الذين يضعون ويختارون حدودا غير حدود الله تعالى ورسوله، ويعادون الله تعالى ورسوله ويخالفون في الحدود، ويمانعون، ويقفون في طرف غير الطرف الذي شرع المولى سبحانه سيخزيهم الله تعالى كما أخزي الذين من قبلهم ممن شاق الله ورسوله فاختار شقا غير شق هذا الدين١ ؛ وقد نزل وحينا على خاتم أنبيائنا- كما نزل على رسل سابقين- بآيات واضحات تبين ما فيه الرشد والنجاة، لمن اهتدى بهداه ؛ وأما من جحد وأنكر، أو خالف واستكبر. فإن الله يعذبه بعذاب يذهب بكبره ويهينه ؛ واذكر يا من يتأتى منه الذكر والتذكر يوم القيامة والبعث يوم الإحياء والإعادة والنشر والحشر، يوم يساق الخلق للوقوف بين يدي الله الحق فينبئهم بما كانوا قد عملوه أو قالوه في حياتهم الدنيا، صغر ذلك وكبر ؛ وصدق الله العظيم :﴿.. إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير ﴾٢. ﴿.. وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ﴾٣ ﴿.. وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ﴾٤ ؛ ذلك أن الله القوي القدير أحصى كل شيء عددا- ومنه ما كتبته الملائكة الكتبة في صحائف أعمالهم- ﴿ ونسوه ﴾ هم حتى ذكرهم به الكتاب الذي يعرض عليهم فقالوا عندئذ ما شهد به القرآن الحكيم :﴿.. فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا ﴾٥. ليكون أبلغ في الحجة عليهم ﴿ اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ﴾٦ ﴿ والله على كل شيء شهيد ﴾ مطلع ورقيب وناظر وسميع، لا يخفى عليه شيء.
﴿ إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم وقد أنزلنا آيات بينات وللكافرين عذاب مهين ( ٥ ) يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد ( ٦ ) ﴾.
إن الذين يضعون ويختارون حدودا غير حدود الله تعالى ورسوله، ويعادون الله تعالى ورسوله ويخالفون في الحدود، ويمانعون، ويقفون في طرف غير الطرف الذي شرع المولى سبحانه سيخزيهم الله تعالى كما أخزي الذين من قبلهم ممن شاق الله ورسوله فاختار شقا غير شق هذا الدين١ ؛ وقد نزل وحينا على خاتم أنبيائنا- كما نزل على رسل سابقين- بآيات واضحات تبين ما فيه الرشد والنجاة، لمن اهتدى بهداه ؛ وأما من جحد وأنكر، أو خالف واستكبر. فإن الله يعذبه بعذاب يذهب بكبره ويهينه ؛ واذكر يا من يتأتى منه الذكر والتذكر يوم القيامة والبعث يوم الإحياء والإعادة والنشر والحشر، يوم يساق الخلق للوقوف بين يدي الله الحق فينبئهم بما كانوا قد عملوه أو قالوه في حياتهم الدنيا، صغر ذلك وكبر ؛ وصدق الله العظيم :﴿.. إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير ﴾٢. ﴿.. وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ﴾٣ ﴿.. وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ﴾٤ ؛ ذلك أن الله القوي القدير أحصى كل شيء عددا- ومنه ما كتبته الملائكة الكتبة في صحائف أعمالهم- ﴿ ونسوه ﴾ هم حتى ذكرهم به الكتاب الذي يعرض عليهم فقالوا عندئذ ما شهد به القرآن الحكيم :﴿.. فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا ﴾٥. ليكون أبلغ في الحجة عليهم ﴿ اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ﴾٦ ﴿ والله على كل شيء شهيد ﴾ مطلع ورقيب وناظر وسميع، لا يخفى عليه شيء.
﴿ تر ﴾ تعلم، إذ العلم رؤية بصيرية. ﴿ نجوى ﴾ مسارة- وأصلها من النجوة وهي ما ارتفع من الأرض- فالمتناجون يخلون بسرهم كخلو المرتفع من الأرض عما يتصل به.
﴿ أدنى ﴾ أقل، ﴿ أينما ﴾ في أي موضع.
ألم تعلم- يا من يتأتى منه العلم- وتدرك ببصيرتك أن المعبود بحق يعلم ما في السماوات وما في الأرض من أجزاء ومكونات، ومخلوقات وكائنات، ممن يعقل ومما لا يعقل، ويعلم ما بين السماء والأرض وما وراء ذلك كله ؛ ما يتناجى ثلاثة ويتسارون إلا وربنا- جل وتعالى- معهم بعلمه فيصيرهم باطلاعه على نجواهم أربعة ؛ وما يوجد ولا يتأتى من مسارة خمسة إلا سمع الله تعالى وعلمه محيطان بهم، وبصره- جل وتقدس- نافذ فيهم فصاروا ستة ؛ ولا نجوى ﴿ أدنى ﴾ من الثلاثة والخمسة- كالإثنين والأربعة بل ولو كان الفرد وحده يحدث نفسه فإن الله اللطيف الخبير يعلم سر الواحد والإثنين وما فوقهما ؛ ﴿ ولا أكثر ﴾ كالستة وما فوقها ﴿ إلا هو معهم ﴾ يعلم سرهم ونجواهم.
جاء في آية كريمة أخرى :﴿ وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ﴾١.
﴿ أينما كانوا ﴾ في أي موضع ومكان وجدوا، ﴿ ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم ﴾ يخبرهم سبحانه بالذي عملوه وقالوه- إذ القول عمل اللسان وما جاوره من الأعضاء- ويجازيهم به، إن ربنا أحاط بكل شيء علما. [ ولهذا حكى غير واحد الإجماع على أن المراد بهذه الآية معية علمه تعالى، ولا شك في إرادة ذلك، ولكنه سمعه أيضا مع علمه محيط بهم، وبصره نافذ فيهم، فهو سبحانه مطلع على خلقه لا يغيب عنه من أمورهم شيء.. قال الإمام أحمد :[ افتتح الآية بالعلم واختتمها بالعلم ]٢. ومما نقل القرطبي : وقال الفراء في قوله تعالى :﴿ ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ﴾ قال : المعنى غير مصمود، والعدد غير مقصود، لأنه تعالى إنما قصد- وهو أعلم- أنه مع كل عدد قل أو كثر، يعلم ما يقولون سرا وجهرا ولا تخفى عليه خافية ؛ فمن أجل ذلك اكتفى بذكر بعض العدد دون بعض ؛ وقيل : معنى ذلك أن الله معهم بعلمه حيث كانوا من غير زوال ولا انتقال ؛ ونزل ذلك في قوم من المنافقين كانوا فعلوا شيئا سرا فأعلم الله أنه لا يخفى عليه ذلك ؛ قال ابن عباس. اه.
يقول صاحب روح المعاني٣ : ومن هنا قال معظم السلف فيما ذكر في البين٤ من قوله عز وجل :﴿ رابعهم ﴾ و ﴿ سادسهم ﴾ و﴿ معهم ﴾ المراد به كونه تعالى كذلك بحسب العلم مع أنهم الذين لا يؤولون وكأنهم لم يعدوا ذلك تأويلا لغاية ظهوره واحتفافه بما يدل عليه دلالة لا خفاء فيها، ويعلم من هذا أن ما شاع من أن السلف لا يؤولون ليس على إطلاقه. اه.
٢ - ما بين العارضتين أورده ابن كثير..
٣ - الألوسي في تفسيره جـ ٢ ص ٢٥..
٤ - بين أول الآية ونهايتها..
﴿ والعدوان ﴾ التعدي على الحقوق.
﴿ حسبهم ﴾ كافيهم.
﴿ المصير ﴾ المرجع، وما إليه يصيرون.
﴿ ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير ( ٨ ) يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون ( ٩ ) إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون ( ١٠ ). ﴾
ألم تر ببصيرتك إلى المنافقين الذي نهاهم ربهم وحذرهم رسوله عن المناجاة التي كانوا يغيظون بها المؤمنين، يتناجى المنافقون بعضهم مع بعض فيظن المؤمن الذي يراهم يتسارون أن شرا قد وقع، أو أن ضرا يوشك أن يدركه فيغتم، فأنذر النبي صلى الله عليه وسلم المتناجين، لكنهم عادوا لما أنذروه وحذروه ؛﴿.. وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون ﴾١.
وتمادوا في بغيهم فتواصوا بالإمعان في الكيد للدين وأهله﴿ وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ﴾٢ وتناجى أهل الكيد والنفاق بالصد عن الدعوة والداعي صلى الله عليه وسلم :﴿ وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا... ﴾٣، وظنوا أن الله لا يسمع سرهم ونجواهم، لكن الله هتك سترهم وأخزاهم، ﴿ نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ﴾٤.
وتبدوا أضغانهم وأحقادهم في لحن القول حين يدخلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكون تحيتهم له عليه الصلاة والسلام تحية ملتوية، فبدلا مما شرع الله سبحانه من التحية التي تتضمن دعاء للمحيّا بالأمان والرحمة والبركة والخير الكثير، وبدلا من الدعاء للنبي بما نادى إليه المولى الحكيم في شرعه القويم السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، كانوا- عليهم اللعنة- يلوون ألسنتهم فيقولون : السام عليكم – يعنون الموت ؛ فيحلم الله تعالى عليهم ولا يعاجلهم بالعقوبة، فيقول بعضهم لبعض : لو كان محمد يوحى إليه لأعلمه ربه بما نقول، ولآخذنا بما اجترحنا ؛ لكن يكفيهم ما ينتظرهم جزاء بغيهم وسفههم من نكال أعد لهم، وسعير يصلى جلودهم، والنار مأوى لهم، وبئس المصير مصيرهم.
روي عن ابن عباس :( نزلت في المنافقين واليهود كانوا يتناجون فيما بينهم، وينظرون للمؤمنين ويتغامزون بأعينهم، فيقول المؤمنون : لعلهم بلغهم عن إخواننا وقرابتنا من المهاجرين والأنصار قتل أو مصيبة أو هزيمة، ويسوءهم ذلك، فكثرت شكواهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنهاهم عن النجوى فلم ينتهوا فنزلت ). وثبت عن عائشة أنها قالت :( جاء أناس من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليك أبا القاسم، فقلت : السام عليكم وفعل الله بكم وفعل ؛ فقال عليه السلام :" مه يا عائشة فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش " فقلت : يا رسول الله ألست ترى ما يقولون ؟ ! فقال :" ألست ترين أرد عليهم ما يقولون أقول وعليكم " فنزلت هذه الآية )... وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :( إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم )... روى الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : سلم ناس من يهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليك أبا القاسم، فقال :( وعليكم ) فقالت عائشة وغضبت : ألم تسمع ما قالوا ؟ قال :( بلى قد سمعت فرددت عليهم وإنا نجاب عليهم ولا يجابون علينا ) أخرجه مسلم.
ونوع ثان من النجوى نهى أهل الإيمان عنه، هو أن تكون المسارة بذنب أو بغي أو عصيان ومشاقة للرسول صلى الله عليه وسلم ؛ وأما التناجي بالقربات والطاعات، وما يتوقى به السخط، فإن التناجي والتواصي بمثله مطلب قرآني مادام في مرضاة الله، وابتغاء الفوز يوم نلقاه ؛ وبشرتنا آية كريمة أخرى بالنعيم المقيم، والثواب الكريم للمتناجين بالحق والهدى والرشد :﴿ لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما ﴾٥ ؛ وإن على أهل الإيمان أن يحذروا نزغات الشيطان، ويستيقنوا بولاية الله مدبر الأكوان، وأنه ما شاء ربنا- سبحانه- كان ؛ فإذا توهموا من مسارة الأعداء نذيرا بضر فليستعيذوا بالله، وإذا أحزنهم تربص المجرمين بهم وكيدهم لهم فليتذكروا أنه لن يكون إلا ما أراد الله، وعليه دون سواه يكون الاعتماد، ومنه وحده العون، وإليه يفوض الأمر، وهو حسبنا ونعم الوكيل ؛ وهكذا فنجوى الكافرين والمنافقين وخلواتهم كلها بغض وكيد، أما من أسلم فقد تسوء نجواه وقد تحسن، لكن الألوسي يرى في معنى قول الله سبحانه :﴿ فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول ﴾ ما نصه : كما يفعله المنافقون فالخطاب للخلص تعريضا بالمنافقين، وجوز جعله لهم وسموا مؤمنين باعتبار ظاهر أحوالهم. اهـ.
وفي الصحيحين عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( إذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الواحد، وفيهما عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى٦ اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس من أجل أن ذلك يحزنه ).
[ وفيه أيضا التنبيه على التعليل بقوله :( من أجل ذلك يحزنه ) أي يقع في نفسه ما يحزن لأجله ؛ وذلك بأن يقدر في نفسه أن الحديث عنه بما يكره، أو أنه لم يروه أهلا ليشركوه في حديثهم، إلى غير ذلك من ألقيات الشيطان وأحاديث النفس... وعلى هذا يستوي في ذلك كل الأعداء... وظاهر الحديث يعم جميع الأزمان والأحوال، وإليه ذهب ابن عمر ومالك والجمهور ؛ وسواء أكان التناجي في مندوب أو مباح أو واجب فإن الحزن يقع به... ]٧.
﴿ والعدوان ﴾ التعدي على الحقوق.
﴿ البر ﴾ كل خير.
﴿ التقوى ﴾ توقي ما يسخط الله سبحانه.
﴿ تحشرون ﴾ تساقون إليه، وتوقفون جميعا بين يديه.
﴿ ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير ( ٨ ) يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون ( ٩ ) إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون ( ١٠ ). ﴾
ألم تر ببصيرتك إلى المنافقين الذي نهاهم ربهم وحذرهم رسوله عن المناجاة التي كانوا يغيظون بها المؤمنين، يتناجى المنافقون بعضهم مع بعض فيظن المؤمن الذي يراهم يتسارون أن شرا قد وقع، أو أن ضرا يوشك أن يدركه فيغتم، فأنذر النبي صلى الله عليه وسلم المتناجين، لكنهم عادوا لما أنذروه وحذروه ؛﴿.. وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون ﴾١.
وتمادوا في بغيهم فتواصوا بالإمعان في الكيد للدين وأهله﴿ وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ﴾٢ وتناجى أهل الكيد والنفاق بالصد عن الدعوة والداعي صلى الله عليه وسلم :﴿ وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا... ﴾٣، وظنوا أن الله لا يسمع سرهم ونجواهم، لكن الله هتك سترهم وأخزاهم، ﴿ نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ﴾٤.
وتبدوا أضغانهم وأحقادهم في لحن القول حين يدخلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكون تحيتهم له عليه الصلاة والسلام تحية ملتوية، فبدلا مما شرع الله سبحانه من التحية التي تتضمن دعاء للمحيّا بالأمان والرحمة والبركة والخير الكثير، وبدلا من الدعاء للنبي بما نادى إليه المولى الحكيم في شرعه القويم السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، كانوا- عليهم اللعنة- يلوون ألسنتهم فيقولون : السام عليكم – يعنون الموت ؛ فيحلم الله تعالى عليهم ولا يعاجلهم بالعقوبة، فيقول بعضهم لبعض : لو كان محمد يوحى إليه لأعلمه ربه بما نقول، ولآخذنا بما اجترحنا ؛ لكن يكفيهم ما ينتظرهم جزاء بغيهم وسفههم من نكال أعد لهم، وسعير يصلى جلودهم، والنار مأوى لهم، وبئس المصير مصيرهم.
روي عن ابن عباس :( نزلت في المنافقين واليهود كانوا يتناجون فيما بينهم، وينظرون للمؤمنين ويتغامزون بأعينهم، فيقول المؤمنون : لعلهم بلغهم عن إخواننا وقرابتنا من المهاجرين والأنصار قتل أو مصيبة أو هزيمة، ويسوءهم ذلك، فكثرت شكواهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنهاهم عن النجوى فلم ينتهوا فنزلت ). وثبت عن عائشة أنها قالت :( جاء أناس من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليك أبا القاسم، فقلت : السام عليكم وفعل الله بكم وفعل ؛ فقال عليه السلام :" مه يا عائشة فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش " فقلت : يا رسول الله ألست ترى ما يقولون ؟ ! فقال :" ألست ترين أرد عليهم ما يقولون أقول وعليكم " فنزلت هذه الآية )... وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :( إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم )... روى الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : سلم ناس من يهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليك أبا القاسم، فقال :( وعليكم ) فقالت عائشة وغضبت : ألم تسمع ما قالوا ؟ قال :( بلى قد سمعت فرددت عليهم وإنا نجاب عليهم ولا يجابون علينا ) أخرجه مسلم.
ونوع ثان من النجوى نهى أهل الإيمان عنه، هو أن تكون المسارة بذنب أو بغي أو عصيان ومشاقة للرسول صلى الله عليه وسلم ؛ وأما التناجي بالقربات والطاعات، وما يتوقى به السخط، فإن التناجي والتواصي بمثله مطلب قرآني مادام في مرضاة الله، وابتغاء الفوز يوم نلقاه ؛ وبشرتنا آية كريمة أخرى بالنعيم المقيم، والثواب الكريم للمتناجين بالحق والهدى والرشد :﴿ لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما ﴾٥ ؛ وإن على أهل الإيمان أن يحذروا نزغات الشيطان، ويستيقنوا بولاية الله مدبر الأكوان، وأنه ما شاء ربنا- سبحانه- كان ؛ فإذا توهموا من مسارة الأعداء نذيرا بضر فليستعيذوا بالله، وإذا أحزنهم تربص المجرمين بهم وكيدهم لهم فليتذكروا أنه لن يكون إلا ما أراد الله، وعليه دون سواه يكون الاعتماد، ومنه وحده العون، وإليه يفوض الأمر، وهو حسبنا ونعم الوكيل ؛ وهكذا فنجوى الكافرين والمنافقين وخلواتهم كلها بغض وكيد، أما من أسلم فقد تسوء نجواه وقد تحسن، لكن الألوسي يرى في معنى قول الله سبحانه :﴿ فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول ﴾ ما نصه : كما يفعله المنافقون فالخطاب للخلص تعريضا بالمنافقين، وجوز جعله لهم وسموا مؤمنين باعتبار ظاهر أحوالهم. اهـ.
وفي الصحيحين عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( إذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الواحد، وفيهما عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى٦ اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس من أجل أن ذلك يحزنه ).
[ وفيه أيضا التنبيه على التعليل بقوله :( من أجل ذلك يحزنه ) أي يقع في نفسه ما يحزن لأجله ؛ وذلك بأن يقدر في نفسه أن الحديث عنه بما يكره، أو أنه لم يروه أهلا ليشركوه في حديثهم، إلى غير ذلك من ألقيات الشيطان وأحاديث النفس... وعلى هذا يستوي في ذلك كل الأعداء... وظاهر الحديث يعم جميع الأزمان والأحوال، وإليه ذهب ابن عمر ومالك والجمهور ؛ وسواء أكان التناجي في مندوب أو مباح أو واجب فإن الحزن يقع به... ]٧.
﴿ ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير ( ٨ ) يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون ( ٩ ) إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون ( ١٠ ). ﴾
ألم تر ببصيرتك إلى المنافقين الذي نهاهم ربهم وحذرهم رسوله عن المناجاة التي كانوا يغيظون بها المؤمنين، يتناجى المنافقون بعضهم مع بعض فيظن المؤمن الذي يراهم يتسارون أن شرا قد وقع، أو أن ضرا يوشك أن يدركه فيغتم، فأنذر النبي صلى الله عليه وسلم المتناجين، لكنهم عادوا لما أنذروه وحذروه ؛﴿.. وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون ﴾١.
وتمادوا في بغيهم فتواصوا بالإمعان في الكيد للدين وأهله﴿ وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ﴾٢ وتناجى أهل الكيد والنفاق بالصد عن الدعوة والداعي صلى الله عليه وسلم :﴿ وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا... ﴾٣، وظنوا أن الله لا يسمع سرهم ونجواهم، لكن الله هتك سترهم وأخزاهم، ﴿ نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ﴾٤.
وتبدوا أضغانهم وأحقادهم في لحن القول حين يدخلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكون تحيتهم له عليه الصلاة والسلام تحية ملتوية، فبدلا مما شرع الله سبحانه من التحية التي تتضمن دعاء للمحيّا بالأمان والرحمة والبركة والخير الكثير، وبدلا من الدعاء للنبي بما نادى إليه المولى الحكيم في شرعه القويم السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، كانوا- عليهم اللعنة- يلوون ألسنتهم فيقولون : السام عليكم – يعنون الموت ؛ فيحلم الله تعالى عليهم ولا يعاجلهم بالعقوبة، فيقول بعضهم لبعض : لو كان محمد يوحى إليه لأعلمه ربه بما نقول، ولآخذنا بما اجترحنا ؛ لكن يكفيهم ما ينتظرهم جزاء بغيهم وسفههم من نكال أعد لهم، وسعير يصلى جلودهم، والنار مأوى لهم، وبئس المصير مصيرهم.
روي عن ابن عباس :( نزلت في المنافقين واليهود كانوا يتناجون فيما بينهم، وينظرون للمؤمنين ويتغامزون بأعينهم، فيقول المؤمنون : لعلهم بلغهم عن إخواننا وقرابتنا من المهاجرين والأنصار قتل أو مصيبة أو هزيمة، ويسوءهم ذلك، فكثرت شكواهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنهاهم عن النجوى فلم ينتهوا فنزلت ). وثبت عن عائشة أنها قالت :( جاء أناس من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليك أبا القاسم، فقلت : السام عليكم وفعل الله بكم وفعل ؛ فقال عليه السلام :" مه يا عائشة فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش " فقلت : يا رسول الله ألست ترى ما يقولون ؟ ! فقال :" ألست ترين أرد عليهم ما يقولون أقول وعليكم " فنزلت هذه الآية )... وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :( إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم )... روى الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : سلم ناس من يهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليك أبا القاسم، فقال :( وعليكم ) فقالت عائشة وغضبت : ألم تسمع ما قالوا ؟ قال :( بلى قد سمعت فرددت عليهم وإنا نجاب عليهم ولا يجابون علينا ) أخرجه مسلم.
ونوع ثان من النجوى نهى أهل الإيمان عنه، هو أن تكون المسارة بذنب أو بغي أو عصيان ومشاقة للرسول صلى الله عليه وسلم ؛ وأما التناجي بالقربات والطاعات، وما يتوقى به السخط، فإن التناجي والتواصي بمثله مطلب قرآني مادام في مرضاة الله، وابتغاء الفوز يوم نلقاه ؛ وبشرتنا آية كريمة أخرى بالنعيم المقيم، والثواب الكريم للمتناجين بالحق والهدى والرشد :﴿ لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما ﴾٥ ؛ وإن على أهل الإيمان أن يحذروا نزغات الشيطان، ويستيقنوا بولاية الله مدبر الأكوان، وأنه ما شاء ربنا- سبحانه- كان ؛ فإذا توهموا من مسارة الأعداء نذيرا بضر فليستعيذوا بالله، وإذا أحزنهم تربص المجرمين بهم وكيدهم لهم فليتذكروا أنه لن يكون إلا ما أراد الله، وعليه دون سواه يكون الاعتماد، ومنه وحده العون، وإليه يفوض الأمر، وهو حسبنا ونعم الوكيل ؛ وهكذا فنجوى الكافرين والمنافقين وخلواتهم كلها بغض وكيد، أما من أسلم فقد تسوء نجواه وقد تحسن، لكن الألوسي يرى في معنى قول الله سبحانه :﴿ فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول ﴾ ما نصه : كما يفعله المنافقون فالخطاب للخلص تعريضا بالمنافقين، وجوز جعله لهم وسموا مؤمنين باعتبار ظاهر أحوالهم. اهـ.
وفي الصحيحين عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( إذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الواحد، وفيهما عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى٦ اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس من أجل أن ذلك يحزنه ).
[ وفيه أيضا التنبيه على التعليل بقوله :( من أجل ذلك يحزنه ) أي يقع في نفسه ما يحزن لأجله ؛ وذلك بأن يقدر في نفسه أن الحديث عنه بما يكره، أو أنه لم يروه أهلا ليشركوه في حديثهم، إلى غير ذلك من ألقيات الشيطان وأحاديث النفس... وعلى هذا يستوي في ذلك كل الأعداء... وظاهر الحديث يعم جميع الأزمان والأحوال، وإليه ذهب ابن عمر ومالك والجمهور ؛ وسواء أكان التناجي في مندوب أو مباح أو واجب فإن الحزن يقع به... ]٧.
﴿ تفسحوا ﴾ توسعوا.
﴿ انشزوا ﴾ انهضوا وقوموا.
وهذه تزكية أخرى يزكي الله بها أهل الإيمان، نهاهم قبل ذلك عن النجوى، أو أن يضيقوا بتناجي الأعداء ويغتموا له، فإن الله ولي المؤمنين، وفي هذه الآية الكريمة أرشدهم إلى ما به يتحابون، وأن يحسن بعضهم إلى بعض في المجالس –وكأنهم كانوا يضنون بمجالسهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم- فأمروا أن يوسع بعضهم لبعض إذا قيل لهم توسعوا، وأن يقدم الواحد منهم أخاه على نفسه إذا أمر أن يترك مكانه لغيره، فإن لأهل السبق في الإيمان، ولأهل العلم الذي يرسخ اليقين بالحق فضل وتقدم، ورفعة مقام عند الله، فلنقدم ولنوقر من أعلى المولى أقدارهم ؛ وربنا خبير بعمل كل عامل، ومجاز كل ساع بسعيه.
مما روى صاحب [ الجامع لأحكام القرآن... ] : وقال ابن عباس : المراد بذلك مجالس القتال إذا اصطفوا للحرب ؛ قال الحسن.. : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قاتل المشركين تشاح أصحابه على الصف الأول فالأول فلا يوسع بعضهم لبعض رغبة في القتال والشهادة، فنزلت... وقال مقاتل : كان النبي صلى الله عليه وسلم في الصفة وكان في المكان ضيق يوم الجمعة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار، فجاء أناس من أهل بدر فيهم ثابت بن قيس بن شماس وقد سبقوا في المجلس، فقاموا حيال النبي صلى الله عليه وسلم على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم فلم يفسحوا لهم، فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لمن حوله من غير أهل بدر :( قم يا فلان وأنت يا فلان ) بعدد القائمين من أهل بدر، فشق ذلك على من أقيم، وعرف النبي صلى الله عليه وسلم الكراهية في وجوههم، فغمز المنافقون وتكلموا بأن قالوا : ما أنصف هؤلاء وقد أحبوا القرب من نبيهم فسبقوا إلى المكان، فأنزل الله عز وجل هذه الآية..
قلت : الصحيح في الآية أنها عامة في كل مجلس اجتمع المسلمون فيه للخير والأجر، سواء كان مجلس حرب أو ذكر أو مجلس يوم الجمعة، فإن كل واحد أحق بمكانه الذي سبق إليه.. لكن يوسع لأخيه ما لم يتأذ بذلك فيخرجه الضيق عن موضعه.
روى البخاري ومسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( لا يقيم الرجل الرجلَ من مجلسه ثم يجلس فيه )... روى مسلم عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم يخالف إلى مقعده فقعد فيه ولكن يقول افسحوا )... يرفع الله الذين أوتوا العلم من المؤمنين على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم درجات في دينهم إذا فعلوا ما أمروا به... ورأى عليه الصلاة والسلام رجلا من الأغنياء يقبض ثوبه نفورا من بعض الفقراء أراد أن يجلس إليه فقال :( يا فلان خشيت أن يتعدى غناك إليه أو فقره إليك ) وبين في هذه الآية أن الرفعة عند الله تعالى بالعلم والإيمان لا بالسبق إلى صدور المجالس.
قلت : والعموم أوقع في المسألة وأولى بمعنى الآية ؛ فيرفع المؤمن بإيمانه أولا ثم بعلمه ثانيا ؛ وفي الصحيح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقدم عبد الله بن عباس على الصحابة، فكلموه في ذلك فدعاهم ودعاه، وسألهم عن تفسير :﴿ إذا جاء نصر الله والفتح ﴾ فسكتوا، فقال ابن عباس : هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه الله إياه ؛ فقال عمر : ما أعلم منها إلا ما تعلم ؛ وفي البخاري عن عبد الله بن عباس قال : قدم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر فنزل على ابن أخيه الحر بين قيس ابن حصن، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان أكثر أصحاب مجالس عمر ومشاورته، كهولا كانوا أو شبانا... وفي صحيح مسلم أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بعسفان وكان عمر يستعمله على مكة فقال : من استعملته على أهل الوادي ؟ فقال : ابن أبزى ؛ فقال : ومن ابن أبزى ؟ قال : مولى من موالينا ؛ قال : فاستعملت عليهم مولى ؟ قال : إنه قارئ لكتاب الله وإنه عالم بالفرائض ؛ قال عمر : أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال :( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين ).. اه.
قال ابن عباس : نزلت بسبب أن المسلمين كانوا يكثرون المسائل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شقوا عليه ؛ فأراد الله أن يخفف عن نبيه صلى الله عليه وسلم ؛ فلما قال ذلك كف كثير من الناس ؛ ثم وسع الله عليهم بالآية التي بعدها.
يا أهل الإيمان إذا أردتم مساررة النبي صلى الله عليه وسلم في أمر فابذلوا صدقة توسعون بها على الفقراء قبل أن تناجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي ذلك خير لكم وطهر، فإن البر والمرحمة مغنم في الدنيا ﴿ .. وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه.. ﴾١، والصدقة مطهرة للمال وأصحابه ﴿ .. تطهرهم وتزكيهم.. ﴾٢ هذا على القادر، فأما من لا يقدر فإن الله تعالى يتجاوز عنه ويدخله في رحمته ؛ .
أخفتم من البذل وشق عليكم الإنفاق كلما عزمتم على مناجاة النبي إذ أمرتم أن تسبقوا تلك المسارة بالتصدق ؟ ، ﴿ فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم ﴾ نسخ الله ذلك الحكم ؛ [ ﴿ فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ﴾، فنسخت فرضية الزكاة هذه الصدقة ؛ وهذا يدل على جواز النسخ قبل الفعل ؛ وما روي عن علي٣ رضي الله عنه ضعيف ؛ لأن الله تعالى قال :﴿ فإذ لم تفعلوا ﴾ وهذا يدل على أن أحدا لم يتصدق بشيء والله أعلم ]٤.
مما أورد الألولسي : و﴿ إذ ﴾ على بابها أعني أنها ظرف لما مضى ؛ وقيل إنها بمعنى إذ الظرفية للمستقبل كما في قوله تعالى :﴿ إذ الأغلال في أعناقهم... ﴾، وقيل بمعنى إن الشرطية كأنه قيل : فإن لم تفعلوا ﴿ فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ﴾، والمعنى على الأول : إنكم تركتم ذلك فيما مضى فتداركوه بالمثابرة على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، واعتبرت المثابرة لأن المأمورين مقيمون للصلاة ومؤتون للزكاة... ﴿ وأطيعوا الله ورسوله ﴾ أي في سائر الأوامر ومنها ما تقدم... ﴿ والله خبير بما تعملون ﴾ ظاهرا وباطنا. اه.
٢ - سورة التوبة. من الآية ١٠٣..
٣ رووا عن علي رضي الله تعالى عنه وكرم وجهه أنه قال: إن في كتاب الله تعالى لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي آية النجوى: ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول...﴾ كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم فكنت كلما ناجيت النبي صلى الله عليه وسلم قدمت بين يدي نجواي درهما ثم نسخت فلم يعمل بها أحد؛ ورواية أخرى عن الترمذي قريبة من هذه، قال يعدها أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب إنما نعرفه من هذا الوجه.
وطرق أخرى أوردت نحو هذا لكنها منقطعة وسيقت بما يدل على التمريض [روي]..
٤ - ما بين العارضتين مما أورد صاحب [الجامع لأحكام القرآن..]..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٢:﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم ( ١٢ ) أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون ( ١٣ ) ﴾.
قال ابن عباس : نزلت بسبب أن المسلمين كانوا يكثرون المسائل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شقوا عليه ؛ فأراد الله أن يخفف عن نبيه صلى الله عليه وسلم ؛ فلما قال ذلك كف كثير من الناس ؛ ثم وسع الله عليهم بالآية التي بعدها.
يا أهل الإيمان إذا أردتم مساررة النبي صلى الله عليه وسلم في أمر فابذلوا صدقة توسعون بها على الفقراء قبل أن تناجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي ذلك خير لكم وطهر، فإن البر والمرحمة مغنم في الدنيا ﴿.. وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه.. ﴾١، والصدقة مطهرة للمال وأصحابه ﴿.. تطهرهم وتزكيهم.. ﴾٢ هذا على القادر، فأما من لا يقدر فإن الله تعالى يتجاوز عنه ويدخله في رحمته ؛.
أخفتم من البذل وشق عليكم الإنفاق كلما عزمتم على مناجاة النبي إذ أمرتم أن تسبقوا تلك المسارة بالتصدق ؟، ﴿ فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم ﴾ نسخ الله ذلك الحكم ؛ [ ﴿ فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ﴾، فنسخت فرضية الزكاة هذه الصدقة ؛ وهذا يدل على جواز النسخ قبل الفعل ؛ وما روي عن علي٣ رضي الله عنه ضعيف ؛ لأن الله تعالى قال :﴿ فإذ لم تفعلوا ﴾ وهذا يدل على أن أحدا لم يتصدق بشيء والله أعلم ]٤.
مما أورد الألولسي : و﴿ إذ ﴾ على بابها أعني أنها ظرف لما مضى ؛ وقيل إنها بمعنى إذ الظرفية للمستقبل كما في قوله تعالى :﴿ إذ الأغلال في أعناقهم... ﴾، وقيل بمعنى إن الشرطية كأنه قيل : فإن لم تفعلوا ﴿ فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ﴾، والمعنى على الأول : إنكم تركتم ذلك فيما مضى فتداركوه بالمثابرة على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، واعتبرت المثابرة لأن المأمورين مقيمون للصلاة ومؤتون للزكاة... ﴿ وأطيعوا الله ورسوله ﴾ أي في سائر الأوامر ومنها ما تقدم... ﴿ والله خبير بما تعملون ﴾ ظاهرا وباطنا. اه.
٢ - سورة التوبة. من الآية ١٠٣..
٣ رووا عن علي رضي الله تعالى عنه وكرم وجهه أنه قال: إن في كتاب الله تعالى لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي آية النجوى: ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول...﴾ كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم فكنت كلما ناجيت النبي صلى الله عليه وسلم قدمت بين يدي نجواي درهما ثم نسخت فلم يعمل بها أحد؛ ورواية أخرى عن الترمذي قريبة من هذه، قال يعدها أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب إنما نعرفه من هذا الوجه.
وطرق أخرى أوردت نحو هذا لكنها منقطعة وسيقت بما يدل على التمريض [روي]..
٤ - ما بين العارضتين مما أورد صاحب [الجامع لأحكام القرآن..]..
﴿ ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون( ١٤ ) أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون ( ١٥ ) اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين ( ١٦ ) لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ( ١٧ ) ﴾.
ألم تر ببصيرتك إلى المنافقين الذي اتخذوا اليهود أولياء، فلا هم منكم أهل الإيمان ولا هم من اليهود المغضوب عليهم- إذ هم على الشرك – وقد وصفهم القرآن الحكيم بالتردد بين الفريقين فجاء في الآية الكريمة :﴿ مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء... ﴾١ ويسبون رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خلوا إلى شياطينهم فإذا جاءوه حلفوا أنهم يشهدون برسالته ؛ وقد أكذبهم الله العليم الخبير فقال سبحانه :﴿ إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ﴾٢، وقال تبارك اسمه :﴿ ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون ﴾٣، فبمسارعتهم في المغضوب عليهم. وتوليهم لليهود، وكذبهم على الله ورسوله باتوا أهلا لنزول عذاب الله تعالى الشديد بهم، فبئس ما قالوه وما عملوه، وما افتروه وكذبوه ؛ وجعلوا من ادعائهم الإيمان وحلفهم على هذا الادعاء الكاذب وقاية يستترون بها، فلا ينكشف كفرهم، ولا تزهق أرواحهم، بل ويعملون على تخذيل المسلمين، وفتنة ضعفائهم ؛ فالعذاب المذل المخزي ينتظرهم، ولن يدفع عنهم بأس الله ولن ينصرهم منه أموال ولا أولاد، بل سيحشرون على ربهم فرادى حفاة عراة ﴿.. لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا... ﴾٤ ؛ و﴿.. لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم... ﴾٥ فكيف وقد هلكت عنهم أموالهم، وخذلتهم أولادهم وأولياؤهم ؟ أولئك المبعدون في الضلال والإضلال يلازمون دار الخبال والنكال، لا يفارقون حريقها ولا يفارقهم، بل هم ماكثون فيه بغير نهاية.
مما أورد الطبري عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يدخل عليكم رجل ينظر بعين شيطان أو بعيني شيطان قال فدخل رجل أزرق فقال له : علام تسبني أو تشتمني قال فجعل يحلف، قال فنزلت هذه الآية التي في المجادلة ﴿ ويحلفون على الكذب ﴾ والآية الأخرى.. فصدوا بأيمانهم التي اتخذوها جنة المؤمنين عن سبيل الله فيهم... فالمنافقون يصدون المؤمنين عن سبيل الله فيهم بأيمانهم أنهم مؤمنون وأنهم منهم فيحولون بذلك بينه وبين قتلهم... اهـ.
ومما نقل النيسابوري : ومعنى الفاء في ﴿ فصدوا ﴾ أنهم حين دخلوا في حماية الإيمان بالأيمان الكاذبة وأمنوا على النفس والمال اشتغلوا بصد الناس عن الدخول في الإسلام بإلقاء الشبهات وتقبيح حال المسلمين. اهـ.
ألم تر ببصيرتك إلى المنافقين الذي اتخذوا اليهود أولياء، فلا هم منكم أهل الإيمان ولا هم من اليهود المغضوب عليهم- إذ هم على الشرك – وقد وصفهم القرآن الحكيم بالتردد بين الفريقين فجاء في الآية الكريمة :﴿ مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء... ﴾١ ويسبون رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خلوا إلى شياطينهم فإذا جاءوه حلفوا أنهم يشهدون برسالته ؛ وقد أكذبهم الله العليم الخبير فقال سبحانه :﴿ إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ﴾٢، وقال تبارك اسمه :﴿ ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون ﴾٣، فبمسارعتهم في المغضوب عليهم. وتوليهم لليهود، وكذبهم على الله ورسوله باتوا أهلا لنزول عذاب الله تعالى الشديد بهم، فبئس ما قالوه وما عملوه، وما افتروه وكذبوه ؛ وجعلوا من ادعائهم الإيمان وحلفهم على هذا الادعاء الكاذب وقاية يستترون بها، فلا ينكشف كفرهم، ولا تزهق أرواحهم، بل ويعملون على تخذيل المسلمين، وفتنة ضعفائهم ؛ فالعذاب المذل المخزي ينتظرهم، ولن يدفع عنهم بأس الله ولن ينصرهم منه أموال ولا أولاد، بل سيحشرون على ربهم فرادى حفاة عراة ﴿.. لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا... ﴾٤ ؛ و﴿.. لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم... ﴾٥ فكيف وقد هلكت عنهم أموالهم، وخذلتهم أولادهم وأولياؤهم ؟ أولئك المبعدون في الضلال والإضلال يلازمون دار الخبال والنكال، لا يفارقون حريقها ولا يفارقهم، بل هم ماكثون فيه بغير نهاية.
مما أورد الطبري عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يدخل عليكم رجل ينظر بعين شيطان أو بعيني شيطان قال فدخل رجل أزرق فقال له : علام تسبني أو تشتمني قال فجعل يحلف، قال فنزلت هذه الآية التي في المجادلة ﴿ ويحلفون على الكذب ﴾ والآية الأخرى.. فصدوا بأيمانهم التي اتخذوها جنة المؤمنين عن سبيل الله فيهم... فالمنافقون يصدون المؤمنين عن سبيل الله فيهم بأيمانهم أنهم مؤمنون وأنهم منهم فيحولون بذلك بينه وبين قتلهم... اهـ.
ومما نقل النيسابوري : ومعنى الفاء في ﴿ فصدوا ﴾ أنهم حين دخلوا في حماية الإيمان بالأيمان الكاذبة وأمنوا على النفس والمال اشتغلوا بصد الناس عن الدخول في الإسلام بإلقاء الشبهات وتقبيح حال المسلمين. اهـ.
﴿ جنة ﴾ وقاية يستترون بها.
﴿ فصدوا ﴾ فمنعوا غيرهم ؛ أو فأعرضوا.
﴿ سبيل ﴾ طريق.
﴿ مهين ﴾ مذل.
﴿ ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون( ١٤ ) أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون ( ١٥ ) اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين ( ١٦ ) لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ( ١٧ ) ﴾.
ألم تر ببصيرتك إلى المنافقين الذي اتخذوا اليهود أولياء، فلا هم منكم أهل الإيمان ولا هم من اليهود المغضوب عليهم- إذ هم على الشرك – وقد وصفهم القرآن الحكيم بالتردد بين الفريقين فجاء في الآية الكريمة :﴿ مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء... ﴾١ ويسبون رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خلوا إلى شياطينهم فإذا جاءوه حلفوا أنهم يشهدون برسالته ؛ وقد أكذبهم الله العليم الخبير فقال سبحانه :﴿ إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ﴾٢، وقال تبارك اسمه :﴿ ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون ﴾٣، فبمسارعتهم في المغضوب عليهم. وتوليهم لليهود، وكذبهم على الله ورسوله باتوا أهلا لنزول عذاب الله تعالى الشديد بهم، فبئس ما قالوه وما عملوه، وما افتروه وكذبوه ؛ وجعلوا من ادعائهم الإيمان وحلفهم على هذا الادعاء الكاذب وقاية يستترون بها، فلا ينكشف كفرهم، ولا تزهق أرواحهم، بل ويعملون على تخذيل المسلمين، وفتنة ضعفائهم ؛ فالعذاب المذل المخزي ينتظرهم، ولن يدفع عنهم بأس الله ولن ينصرهم منه أموال ولا أولاد، بل سيحشرون على ربهم فرادى حفاة عراة ﴿.. لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا... ﴾٤ ؛ و﴿.. لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم... ﴾٥ فكيف وقد هلكت عنهم أموالهم، وخذلتهم أولادهم وأولياؤهم ؟ أولئك المبعدون في الضلال والإضلال يلازمون دار الخبال والنكال، لا يفارقون حريقها ولا يفارقهم، بل هم ماكثون فيه بغير نهاية.
مما أورد الطبري عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يدخل عليكم رجل ينظر بعين شيطان أو بعيني شيطان قال فدخل رجل أزرق فقال له : علام تسبني أو تشتمني قال فجعل يحلف، قال فنزلت هذه الآية التي في المجادلة ﴿ ويحلفون على الكذب ﴾ والآية الأخرى.. فصدوا بأيمانهم التي اتخذوها جنة المؤمنين عن سبيل الله فيهم... فالمنافقون يصدون المؤمنين عن سبيل الله فيهم بأيمانهم أنهم مؤمنون وأنهم منهم فيحولون بذلك بينه وبين قتلهم... اهـ.
ومما نقل النيسابوري : ومعنى الفاء في ﴿ فصدوا ﴾ أنهم حين دخلوا في حماية الإيمان بالأيمان الكاذبة وأمنوا على النفس والمال اشتغلوا بصد الناس عن الدخول في الإسلام بإلقاء الشبهات وتقبيح حال المسلمين. اهـ.
﴿ خالدون ﴾ ماكثون بغير نهاية.
﴿ ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون( ١٤ ) أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون ( ١٥ ) اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين ( ١٦ ) لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ( ١٧ ) ﴾.
ألم تر ببصيرتك إلى المنافقين الذي اتخذوا اليهود أولياء، فلا هم منكم أهل الإيمان ولا هم من اليهود المغضوب عليهم- إذ هم على الشرك – وقد وصفهم القرآن الحكيم بالتردد بين الفريقين فجاء في الآية الكريمة :﴿ مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء... ﴾١ ويسبون رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خلوا إلى شياطينهم فإذا جاءوه حلفوا أنهم يشهدون برسالته ؛ وقد أكذبهم الله العليم الخبير فقال سبحانه :﴿ إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ﴾٢، وقال تبارك اسمه :﴿ ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون ﴾٣، فبمسارعتهم في المغضوب عليهم. وتوليهم لليهود، وكذبهم على الله ورسوله باتوا أهلا لنزول عذاب الله تعالى الشديد بهم، فبئس ما قالوه وما عملوه، وما افتروه وكذبوه ؛ وجعلوا من ادعائهم الإيمان وحلفهم على هذا الادعاء الكاذب وقاية يستترون بها، فلا ينكشف كفرهم، ولا تزهق أرواحهم، بل ويعملون على تخذيل المسلمين، وفتنة ضعفائهم ؛ فالعذاب المذل المخزي ينتظرهم، ولن يدفع عنهم بأس الله ولن ينصرهم منه أموال ولا أولاد، بل سيحشرون على ربهم فرادى حفاة عراة ﴿.. لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا... ﴾٤ ؛ و﴿.. لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم... ﴾٥ فكيف وقد هلكت عنهم أموالهم، وخذلتهم أولادهم وأولياؤهم ؟ أولئك المبعدون في الضلال والإضلال يلازمون دار الخبال والنكال، لا يفارقون حريقها ولا يفارقهم، بل هم ماكثون فيه بغير نهاية.
مما أورد الطبري عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يدخل عليكم رجل ينظر بعين شيطان أو بعيني شيطان قال فدخل رجل أزرق فقال له : علام تسبني أو تشتمني قال فجعل يحلف، قال فنزلت هذه الآية التي في المجادلة ﴿ ويحلفون على الكذب ﴾ والآية الأخرى.. فصدوا بأيمانهم التي اتخذوها جنة المؤمنين عن سبيل الله فيهم... فالمنافقون يصدون المؤمنين عن سبيل الله فيهم بأيمانهم أنهم مؤمنون وأنهم منهم فيحولون بذلك بينه وبين قتلهم... اهـ.
ومما نقل النيسابوري : ومعنى الفاء في ﴿ فصدوا ﴾ أنهم حين دخلوا في حماية الإيمان بالأيمان الكاذبة وأمنوا على النفس والمال اشتغلوا بصد الناس عن الدخول في الإسلام بإلقاء الشبهات وتقبيح حال المسلمين. اهـ.
لما تقدم في الآيات السابقات وعيد الله تعالى للمنافقين الذين يتولون اليهود والكافرين، ويحلفون – زورا- أنهم مع المسلمين، توعدهم الله بالعذاب الشديد في الدنيا ثم بالعذاب المهين المذل المخزي، وذلك في يوم حشرهم على الله تعالى ووقوفهم بين يديه جميعا حين لا تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا ؛ وقيل ﴿ يوم ﴾ منصوب بفعل محذوف، تقديره : واذكر يوم يبعثهم الله ؛ يحييهم سبحانه ليحاسبهم ويعذبهم بأجمعهم لا يغادر منهم أحدا فيحلفون بين يديه كاذبين١ قائلين ما شهد به القرآن الحكيم :﴿ .. والله ربنا ما كنا مشركين ﴾٢، ومثلما حلفوا لكم- زورا- أنهم مع المسلمين، وأنهم يشهدون برسالة النبي الكريم، يشهدون زورا بين يدي أحكم الحاكمين ﴿ ألا إنهم هم الكاذبون ﴾ فلن يخدعوا العليم الحكيم، حاشا.
ومهما حسبوا أن هذا الحلف الباطل يوصلهم إلى شيء فلن يصلوا إلا إلى الدرك الأسفل من النار، كيف لا ! وهم أكذب الكذابين، بلغوا في الإفك غاية ليس وراءها غاية، حيث تجاسروا على الكذب بين يدي علام الغيوب ؛ وإنما أرداهم هذا الردى أنهم تولوا الشيطان ؛ كما شهد القرآن ببراءته منهم يوم العرض على الملك الديان، في قوله تعالى :﴿ وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم... ﴾٣.
فلما استجابوا له- عليه وعليهم اللعنة- استولى٤ عليهم وغلب، وجمعهم ليكونوا من أصحاب السعير، وساقهم إلى الشرور والغرور والفجور سوقا عنيفا ؛ والأحوذي٥ : المشمر في الأمور القاهر لها لا يشذ عنه منها شيء ؛ فزين لهم سوء عملهم فرأوه حسنا، وأضلهم ضلالا بعيدا، وألهاهم التفاخر والتكاثر وحب الشهوات وعبادة الأهواء عن التصديق بالله ورسالاته، والاستجابة لعهده وأماناته وآياته، نسوا ذلك وتركوه ﴿ أولئك حزب الشيطان ﴾ هؤلاء الذين أبعدوا في الغفلة والغواية جند الشيطان وأعوانه ﴿ ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون ﴾ أنصار إبليس ودعاة فتنه، غبنوا وحق عليهم الخسار والهلاك والبوار.
٢ - سورة الأنعام. من الآية ٢٣..
٣ - سورة إبراهيم. من الآية ٢٢..
٤ روى أبو داود بسنده – عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا وقد استحوذ عليهم الشيطان فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية" قال السائب: يعني الصلاة في الجماعة..
٥ - الحوذ: أن يتبع السائق حاذي البعير، أي أدبار فخذيه فيعنف في سوقه..
﴿ حزب الشيطان ﴾ جنده وأتباعه.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٨:﴿ يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون ( ١٨ ) استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون( ١٩ ) ﴾.
لما تقدم في الآيات السابقات وعيد الله تعالى للمنافقين الذين يتولون اليهود والكافرين، ويحلفون – زورا- أنهم مع المسلمين، توعدهم الله بالعذاب الشديد في الدنيا ثم بالعذاب المهين المذل المخزي، وذلك في يوم حشرهم على الله تعالى ووقوفهم بين يديه جميعا حين لا تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا ؛ وقيل ﴿ يوم ﴾ منصوب بفعل محذوف، تقديره : واذكر يوم يبعثهم الله ؛ يحييهم سبحانه ليحاسبهم ويعذبهم بأجمعهم لا يغادر منهم أحدا فيحلفون بين يديه كاذبين١ قائلين ما شهد به القرآن الحكيم :﴿.. والله ربنا ما كنا مشركين ﴾٢، ومثلما حلفوا لكم- زورا- أنهم مع المسلمين، وأنهم يشهدون برسالة النبي الكريم، يشهدون زورا بين يدي أحكم الحاكمين ﴿ ألا إنهم هم الكاذبون ﴾ فلن يخدعوا العليم الحكيم، حاشا.
ومهما حسبوا أن هذا الحلف الباطل يوصلهم إلى شيء فلن يصلوا إلا إلى الدرك الأسفل من النار، كيف لا ! وهم أكذب الكذابين، بلغوا في الإفك غاية ليس وراءها غاية، حيث تجاسروا على الكذب بين يدي علام الغيوب ؛ وإنما أرداهم هذا الردى أنهم تولوا الشيطان ؛ كما شهد القرآن ببراءته منهم يوم العرض على الملك الديان، في قوله تعالى :﴿ وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم... ﴾٣.
فلما استجابوا له- عليه وعليهم اللعنة- استولى٤ عليهم وغلب، وجمعهم ليكونوا من أصحاب السعير، وساقهم إلى الشرور والغرور والفجور سوقا عنيفا ؛ والأحوذي٥ : المشمر في الأمور القاهر لها لا يشذ عنه منها شيء ؛ فزين لهم سوء عملهم فرأوه حسنا، وأضلهم ضلالا بعيدا، وألهاهم التفاخر والتكاثر وحب الشهوات وعبادة الأهواء عن التصديق بالله ورسالاته، والاستجابة لعهده وأماناته وآياته، نسوا ذلك وتركوه ﴿ أولئك حزب الشيطان ﴾ هؤلاء الذين أبعدوا في الغفلة والغواية جند الشيطان وأعوانه ﴿ ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون ﴾ أنصار إبليس ودعاة فتنه، غبنوا وحق عليهم الخسار والهلاك والبوار.
٢ - سورة الأنعام. من الآية ٢٣..
٣ - سورة إبراهيم. من الآية ٢٢..
٤ روى أبو داود بسنده – عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا وقد استحوذ عليهم الشيطان فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية" قال السائب: يعني الصلاة في الجماعة..
٥ - الحوذ: أن يتبع السائق حاذي البعير، أي أدبار فخذيه فيعنف في سوقه..
﴿ إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين( ٢٠ ) كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز( ٢١ ) لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ( ٢٢ ) ﴾.
والمبعدون في الضلال والخبال، المعاندون المحاربون لدعوة الحق ذي الجلال، المناوئون لما جاءهم من الرشد، الذين يقفون في شق وطرف غير الطرف والطريق الذي عليه نبي الله ورسوله ومصطفاه. أولئك في جملة من هو أذل خلق الله عز وجل- وحيث كانت عزة الله عز وجل غير متناهية، كانت ذلة من حاده – سبحانه- غير متناهية ؛ ومهما أرادوا أن يطفئوا نور ربنا القوي القاهر، فإن الهزيمة والخزي لاحق بهم ؛ والعز والنصر قضى الله تعالى وحكم أن يكونا لله ولرسله وللمؤمنين به، إن الله تعالى قوي، وهؤلاء المبطلون ضعفاء، وربنا له العزة فهو يقهر ولا يقهر ويغلب ولا يغلب ؛ يقول علماء القرآن : من بعث من الرسل بالحجة فإنه غالب بالحجة، ومن بعث بالحجة والسيف فإنه غالب بهما ؛ ولم يقتل من أصحاب الشرائع قط أحد ؛ أثبت وقضى وحكم جل علاه : لأغلبن١ بالحجة والسيف وما أجرى مجراهما ؛ وهو جار مجرى القسم. اهـ.
ولا تجد قوما كمل إيمانهم بالله الواحد القهار ولقائه يحبون أو يوالون أو يظاهرون ويناصرون من عادى الله ورسوله، وخالف دينه الذي ارتضاه، ولو كان المحادون المخالفون المناوئون للرشد والخير والهدى آباءهم أو أبناءهم، أو إخوانهم، أو أزواجهم أو عصبتهم أو أخلاءهم أو قرابتهم ؛ وكيف لا وقد توعد الكبير المتعال من قدم محبوبا – كائنا ما كان- على حبه سبحانه وحب رسوله ودينه والجهاد في سبيله، فقال تبارك اسمه :﴿ قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين ﴾٢. فالمؤثرون حب الله تعالى وحب رسوله صلى الله عليه وسلم على كل محبوب، المبغضون٣ من عصى ربه وشاق رسوله، هؤلاء خلق الله اليقين والتصديق في قلوبهم، وجمع لهم الإيمان فلم يؤمنوا ببعض ما جاءهم ويكفروا ببعض، لكنهم آمنوا بالوحي جميعا- من الكتب وهو الجمع، ومنه الكتيبة- وقد يأتي بعض ما تصرف من ﴿ كتب ﴾ في القرآن الكريم بمعنى : جعل كما في قول المولى تبارك اسمه :﴿.. فاكتبنا مع الشاهدين ﴾٤ أي اجعلنا ؛ يقول المفسرون : و﴿ في ﴾ قد تكون بمعنى على، كما في الآية الكريمة :﴿.. ولأصلبنكم في جذوع النخل ﴾٥ : أو قضى لقلوبهم الإيمان أي قضاه لهم إذ معلوم بالخبر أن المراد بالقلوب أهلها ؛ وهؤلاء الموالون لأولياء الله المعادون لأعدائه مع ما أسعدهم الله به من حيث الإيمان الجامع في صدورهم وقلوبهم وعقولهم وفي مسالكهم وخلقهم وعملهم يقويهم الله تعالى ويمدهم، ويشددهم وينصرهم برحمة منه، أو بنور وبرهان وهدى ؛ و[ من ] في ﴿ منه ﴾ ابتدائية ؛ وليست للتبعيض كما يزعم بعد المبطلين ؛ وفي آيات الذكر الحكيم تستعمل [ من ] ابتدائية، يقول الله جل علاه :﴿ وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه.. ﴾٦ ؛ وينعمهم البر الرحيم الشكور الحميد في جنات ومساكن طيبة، تجري من تحتها الأنهار، ماكثين مقيمين في دار الكرامة بغير نهاية ﴿ لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين ﴾٧، ﴿ لا يذوقون فيها الموت... ﴾٨ ؛ ﴿ رضي الله عنه ﴾ بما عملوا وصدقوا واتقوا، ﴿ ورضوا عنه ﴾ فرحوا بما أعطاهم من الفوز بالجنان، والسلامة من السخط والنيران ؛ والسعادة بما يحله عليهم من رضوان ؛ أولئك هم جند الله وأولياؤه ؛ ألا فليعلم المكلفون، وليستبشر المجاهدون، فإن حزب الله هم الغالبون، وأولياؤه٩ وأنصار دينه هم الرابحون الفائزون، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
﴿ كتب في قلوبهم الإيمان ﴾ خلق، وأثبت، وجعل، وجمع.
﴿ وأيدهم ﴾ وقاهم، وقواهم، وشدهم، ونصرهم.
﴿ خالدين ﴾ باقين بغير نهاية.
﴿ حزب الله ﴾ جنده- سبحانه- وأولياؤه.
﴿ المفلحون ﴾ الرابحون، الناجحون، الفائزون.
سورة المجادلة مدنية وآياتها ثنتان وعشرون
كلماتها : ٤٩٣ ؛ حروفها : ١٩٩٢.