وآياتها سبع وسبعون
كلماتها ٨٧٢- حروفها ٣٧٨٠
ﰡ
﴿ تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا١ ﴾
تقدس منزل القرآن، وكثر خيره، وزاد عطاؤه، ودام وثبت إنعامه.
قال النحاس : من برك الجمل إذا دام وثبت، وسمى محبس الماء بركة، لثبوت الماء فيه.
وإنما سمى القرآن فرقانا ربما لأنه فرق بين الحق والباطل، والمؤمن والكافر، أو لأنه نزل مفرقا، أو لأن فيه ما شرع من حلال وحرام، والنذير : المنذر المحذر. والعالمين : عالم الإنس وعالم الجن، جمع باعتبار أن الجمع يكون لما فوق الواحد، مما قال صاحب الجامع لأحكام القرآن : ولم يكن غيره عام الرسالة إلا نوح فإنه عم رسالته جميع الإنس بعد الطوفان، لأنه بدأ به الخلق. اه ومحمد ختم به.
واسم [ يكون ] مضمر يعود على ﴿ عبده ﴾ وهو أولى لأنه أقرب إليه، ويجوز أن يعود على﴿ الفرقان ﴾.
وأقول : فكأن المعنى على الأول ليكون محمد عبد الله ورسوله منذرا المكلفين، وعلى الثاني ليكون القرآن المبين منذرا الثقلين الجن والإنس.
ربنا منزل القرآن، مرسل المصطفى من ولد عدنان، لينذر به الإنس والجان، هو سبحانه مالك الأكوان، المهيمن عليها وحده دون أعوان، وتعالى مقام المولى الكبير عن اتخاد البنات أو الولدان، وجل عما يفتريه المجوس والثنوية وعبدة الأوثان، بل هو المتفرد بإحداث كل شيء وإيجاده، وتهيئته ليمضي وفق حكيم مراده.
- قوله تعالى :﴿ الذي له ملك السماوات والأرض ﴾ عظم تعالى نفسه، ﴿ ولم يتخذ ولدا ﴾ نزه سبحانه وتعالى نفسه عما قاله المشركون من أن الملائكة أولاد الله، يعني بنات الله سبحانه وتعالى، وعما قالت اليهود : عزير ابن الله، جل الله تعالى، وعما قالت النصارى : المسيح ابن الله، تعالى الله عن ذلك، ﴿ ولم يكن له شريك في الملك ﴾ كما قال عبدة الأوثان، ﴿ وخلق كل شيء ﴾ لا كما قال المجوس والثنوية١ إن الشيطان أو الظلمة يخلق بعض الأشياء، ولا كما يقول من قال : للمخلوق قدرة الإيجاد، فالآية رد على هؤلاء، ﴿ فقدره تقديرا ﴾... بحكمته... لا عن سهوة وغفلة... فهو الخالق المقتدر فإياه فاعبدوا٢-.
٢ مما أورد القرطبي.
﴿ واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا٣ ﴾.
- بعدما تبين أن الله هو الحق، وبارئ الخلق، والقائم على كل شأن، والمتعالي عن كل نقص وعجز، جحده الجاحدون، وأشرك به الضالون المشركون، وما الذين عبدوهم من دونه بالقادرين على خلق شيء، بل هم شيء مما خلق، ومن عجزهم عدم اقتدارهم على دفع الضر أو جلب النفع لأشخاصهم فضلا عن أن يهبوا شيئا من ذلك لغيرهم، ولا يملكون إماتة ولا إحياء ولا بعثا.
- [ ﴿ لا يخلقون شيئا ﴾ يعني الآلهة ﴿ وهم يخلقون ﴾ لما اعتقد المشركون فيها أنها تضر وتنفع، عبر عنها كما يعبر عما يعقل ] ١.
﴿ افتراه ﴾ اختلقه
بعد جدالهم في الله الكبير المتعال، جادل المشركون في الذكر الحكيم مراء وتماديا في الضلال، فقالوا : ما القرآن إلا كذب ابتدعه محمد ونسبه إلى الله، وساعده في هذا الإدعاء الاختلاق ناس ممن عندهم علم من [ تراث ] السابقين، فبئسما قالوا (... كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا( ١، كما افتروا أنه يتلقى بعض علوم الأولين، ويتلقن صباح مساء فأبطل الله تعالى زورهم وبهتانهم، وأمر نبيه أن يبطل زعمهم، وأمره أن يقول لهم : أنزل القرآن الملك الديان، عالم ما خفي واستتر – فضلا عما انكشف وظهر – في علوي الكون وسفليه، إنه الساتر ذنوب التائبين، الرحيم بالعباد المؤمنين.
[ أنزل القرآن المشتمل على أخبار الأولين والآخرين إخبارا حقا صدقا مطابقا للواقع في الخارج ماضيا ومستقبلا.. الله الذي يعلم غيب السماوات والأرض، ويعلم السرائر كعلمه بالظواهر، وقوله تعالى :﴿ إنه كان غفورا رحيما ﴾ دعاء لهم إلى التوبة والإنابة، وإخبارهم بأن رحمته واسعة وأن حلمه عظيم، مع أن من تاب إليه تاب عليه... يدعوهم إلى التوبة والإقلاع عما هم فيه إلى الإسلام والهدى، كما قال تعالى :( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم. أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم( ٢ وقال تعالى :( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق )٣ قال الحسن البصري : انظروا إلى هذا الكرم والجود ! قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والرحمة ]٤.
﴿ اكتتبها ﴾ استنسخها.
﴿ بكرة ﴾ أول النهار.
﴿ أصيلا ﴾ آخره، وقبيل غروب شمسه.
بعد جدالهم في الله الكبير المتعال، جادل المشركون في الذكر الحكيم مراء وتماديا في الضلال، فقالوا : ما القرآن إلا كذب ابتدعه محمد ونسبه إلى الله، وساعده في هذا الإدعاء الاختلاق ناس ممن عندهم علم من [ تراث ] السابقين، فبئسما قالوا (... كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا( ١، كما افتروا أنه يتلقى بعض علوم الأولين، ويتلقن صباح مساء فأبطل الله تعالى زورهم وبهتانهم، وأمر نبيه أن يبطل زعمهم، وأمره أن يقول لهم : أنزل القرآن الملك الديان، عالم ما خفي واستتر – فضلا عما انكشف وظهر – في علوي الكون وسفليه، إنه الساتر ذنوب التائبين، الرحيم بالعباد المؤمنين.
[ أنزل القرآن المشتمل على أخبار الأولين والآخرين إخبارا حقا صدقا مطابقا للواقع في الخارج ماضيا ومستقبلا.. الله الذي يعلم غيب السماوات والأرض، ويعلم السرائر كعلمه بالظواهر، وقوله تعالى :﴿ إنه كان غفورا رحيما ﴾ دعاء لهم إلى التوبة والإنابة، وإخبارهم بأن رحمته واسعة وأن حلمه عظيم، مع أن من تاب إليه تاب عليه... يدعوهم إلى التوبة والإقلاع عما هم فيه إلى الإسلام والهدى، كما قال تعالى :( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم. أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم( ٢ وقال تعالى :( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق )٣ قال الحسن البصري : انظروا إلى هذا الكرم والجود ! قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والرحمة ]٤.
ولما تمادوا في آيات الله وسقط مراؤهم، شرعوا في المراء فيمن أنزلت عليه الآيات فقالوا : عجبا لهذا الذي يدعي الرسالة كيف يمكن أن نصدق أنه مبعوث ولو شاء ربنا لأنزل ملائكة، فرد الله تعالى إفكهم بما أرشد إليه القرآن العظيم :) وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام.. )١.
﴿ وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام.. ﴾٢ ثم عابوه صلى الله عليه وسلم بأنه يتردد في الأسواق وإليها يتجر ويرتزق، وتحدوه٣ أن يستنزل ملكا من السماء يصحبه حتى يعرفوا صدقه، أو تجيئه الكنوز وتهبط عليه الأموال، أو توهب له جنة يطعم من ثمرها، بل ما هو إلا رجل ذو سحر، غلب على عقله، فدحض الله مراءهم، وسفه أحلامهم، وضلل سعيهم، إذ بين عز وجل أن الذي قالوه عجيب غريب غرابة الأمثال، ينم عن التيه والضلال، والبعد عن مناهج الحق الكبير المتعال، وربك كثير خيره، واسع فضله، لو أراد أن يجعلك من أصحاب الزخرف والمتاع لمنحك بدلا من الجنة التي اقترحوها جنات، وأسكنك القصور المشيدات، لكن سبقت مشيئته وقضت حكمته أن يجعلك وسطا، لست من المقنطرين و لامن المحرومين.
[ و﴿ ما ﴾ استفهامية بمعنى إنكار الوقوع ونفيه في محل رفع على الابتداء، والجار والمجرور بعدها متعلق بمحذوف خبر لها..... والزمخشري ذكر أنهم عنوا بقولهم﴿ ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ﴾٤ أنه كان يجب أن يكون ملكا، ثم نزلوا عن ملكيته إلى صحبة ملك له يعينه، ثم نزلوا عن ذلك إلى كونه مرفودا بكنز، ثم نزلوا فاقتنعوا بأن يكون له بستان يأكل منه ويرتزق...
٢ سورة الفرقان. من الآية ٢٠..
٣ مما أخرج ابن اسحق وابن المنذر وابن جرير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن عتبة وشيبة ابني ربيعة... والوليد بن المغيرة، وأبا جهل بن هشام.. وأمية بن خلف.. ونبيه ومنبه ابني الحجاج اجتمعوا فقال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم وكلموه وخاصموه حتى تعذروا منه فبعثوا إليه أن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك، فجاءهم عليه الصلاة والسلام، فقالوا: يا محمد إنا بعثنا إليك لنعذر منك، فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالا جمعنا لك من أموالنا، وإن كنت تطلب الشرف فنحن نسودك، وإن كنت تريد ملكا ملكناك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما بي مما تقولون ما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم ولكن الله بعثني وأنزل علي كتابا وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله تعالى حتى يحكم عز وجل بيني وبينكم" قالوا: يامحمد فإن كنت غير قابل منا شيئا مما عرضنا عليك لنفسك، سل ربك أن يبعث معك ملكا يصدقك بما تقول ويرجعنا عنك، وسله أن يجعل لك جنانا وقصورا من ذهب وفضة تغنيك عما تبتغي، فإنك تقوم بالأسواق، وتلتمس المعاش كما نلتمسه، حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك وإن كنت رسولا كما تزعم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما أنا بفاعل ما أنا بالذي يسأل ربه هذا وما بعثت إليكم بهذا ولكن الله تعالى بعثني إليكم بشيرا ونذيرا" فأنزل الله تعالى في قوله ذلك:﴿وقالوا ما لهذا الرسول..﴾ الآيتين..
٤ مما أورد صاحب الجامع لأحكام القرآن: دخول الأسواق مباح للتجارة وطلب المعاش، وكان عليه السلام يدخلها لحاجته، ولتذكرة الخلق بأمر الله ودعوته.. وفي البخاري في صفته عليه السلام:" ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق.. وتجارة الصحابة فيها معروفة، وخاصة المهاجرين كما قال أبو هريرة: وإن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق، والصفق: التبايع بالأسواق، أخرجه البخاري..
﴿ سعيرا ﴾ نارا متهيجة اللهب، متوقدة.
مما يقول الألوسى : وإسناد الرؤية إليها حقيقة على ما هو الظاهر، وكذا نسبة التغيظ والزفير.. كقوله تعالى :( يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد )١.
الضالون الخاسرون كفروا بالله العظيم، اتخذوا من دونه آلهة، وجحدوا بالكتاب الكريم وقالوا إفك مفترى، وسخروا ممن أنزل عليه الكتاب وقالوا :﴿ إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ﴾، وأنكروا لقاء الواحد القهار فاستوجبوا بذلك المصير إلى النار، وقد هيأها لهم المنتقم الجبار، ومنذ يبعثهم الله تسود وجوههم، وتعلوهم سمة الذل والصغار، ولكأنما توهب جهنم إدراكا فتعرف المجرمين، وتتلمظ وتتغيظ من قبل أن يتهاووا في دركاتها، من حين يحشرون، وفي يوم مقداره ألف سنة مما تعدون، تهددهم ألسنة اللهب، وترميهم بشرر كالقصر، فإذا سحبوا في الحميم، وسلكوا في السلاسل والأغلال، وزج بهم في الحطمة، وأوصدت عليهم، دعوا على أنفسهم بالهلاك، أو أيقنوا أن هذا السعير هو المستقر والمصير، فيناديهم خزنة النار سخرية منهم وتحسيرا لهم : ليس الذي حل بكم مجرد خسار، وإنما هو عذاب مقيم، ومهانة وبوار، ولعنة وسخط، نعوذ بالله من النار وغضب الجبار.
مما يقول الألوسى : وإسناد الرؤية إليها حقيقة على ما هو الظاهر، وكذا نسبة التغيظ والزفير.. كقوله تعالى :( يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد )١.
الضالون الخاسرون كفروا بالله العظيم، اتخذوا من دونه آلهة، وجحدوا بالكتاب الكريم وقالوا إفك مفترى، وسخروا ممن أنزل عليه الكتاب وقالوا :﴿ إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ﴾، وأنكروا لقاء الواحد القهار فاستوجبوا بذلك المصير إلى النار، وقد هيأها لهم المنتقم الجبار، ومنذ يبعثهم الله تسود وجوههم، وتعلوهم سمة الذل والصغار، ولكأنما توهب جهنم إدراكا فتعرف المجرمين، وتتلمظ وتتغيظ من قبل أن يتهاووا في دركاتها، من حين يحشرون، وفي يوم مقداره ألف سنة مما تعدون، تهددهم ألسنة اللهب، وترميهم بشرر كالقصر، فإذا سحبوا في الحميم، وسلكوا في السلاسل والأغلال، وزج بهم في الحطمة، وأوصدت عليهم، دعوا على أنفسهم بالهلاك، أو أيقنوا أن هذا السعير هو المستقر والمصير، فيناديهم خزنة النار سخرية منهم وتحسيرا لهم : ليس الذي حل بكم مجرد خسار، وإنما هو عذاب مقيم، ومهانة وبوار، ولعنة وسخط، نعوذ بالله من النار وغضب الجبار.
﴿ ثبورا ﴾ هلاكا.
مما يقول الألوسى : وإسناد الرؤية إليها حقيقة على ما هو الظاهر، وكذا نسبة التغيظ والزفير.. كقوله تعالى :( يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد )١.
الضالون الخاسرون كفروا بالله العظيم، اتخذوا من دونه آلهة، وجحدوا بالكتاب الكريم وقالوا إفك مفترى، وسخروا ممن أنزل عليه الكتاب وقالوا :﴿ إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ﴾، وأنكروا لقاء الواحد القهار فاستوجبوا بذلك المصير إلى النار، وقد هيأها لهم المنتقم الجبار، ومنذ يبعثهم الله تسود وجوههم، وتعلوهم سمة الذل والصغار، ولكأنما توهب جهنم إدراكا فتعرف المجرمين، وتتلمظ وتتغيظ من قبل أن يتهاووا في دركاتها، من حين يحشرون، وفي يوم مقداره ألف سنة مما تعدون، تهددهم ألسنة اللهب، وترميهم بشرر كالقصر، فإذا سحبوا في الحميم، وسلكوا في السلاسل والأغلال، وزج بهم في الحطمة، وأوصدت عليهم، دعوا على أنفسهم بالهلاك، أو أيقنوا أن هذا السعير هو المستقر والمصير، فيناديهم خزنة النار سخرية منهم وتحسيرا لهم : ليس الذي حل بكم مجرد خسار، وإنما هو عذاب مقيم، ومهانة وبوار، ولعنة وسخط، نعوذ بالله من النار وغضب الجبار.
مما يقول الألوسى : وإسناد الرؤية إليها حقيقة على ما هو الظاهر، وكذا نسبة التغيظ والزفير.. كقوله تعالى :( يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد )١.
الضالون الخاسرون كفروا بالله العظيم، اتخذوا من دونه آلهة، وجحدوا بالكتاب الكريم وقالوا إفك مفترى، وسخروا ممن أنزل عليه الكتاب وقالوا :﴿ إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ﴾، وأنكروا لقاء الواحد القهار فاستوجبوا بذلك المصير إلى النار، وقد هيأها لهم المنتقم الجبار، ومنذ يبعثهم الله تسود وجوههم، وتعلوهم سمة الذل والصغار، ولكأنما توهب جهنم إدراكا فتعرف المجرمين، وتتلمظ وتتغيظ من قبل أن يتهاووا في دركاتها، من حين يحشرون، وفي يوم مقداره ألف سنة مما تعدون، تهددهم ألسنة اللهب، وترميهم بشرر كالقصر، فإذا سحبوا في الحميم، وسلكوا في السلاسل والأغلال، وزج بهم في الحطمة، وأوصدت عليهم، دعوا على أنفسهم بالهلاك، أو أيقنوا أن هذا السعير هو المستقر والمصير، فيناديهم خزنة النار سخرية منهم وتحسيرا لهم : ليس الذي حل بكم مجرد خسار، وإنما هو عذاب مقيم، ومهانة وبوار، ولعنة وسخط، نعوذ بالله من النار وغضب الجبار.
بعد الوعيد والتحذير بينت هاتان الآيتان الوعد والتبشير، والكلام استفهام، وربما يكون إنكاريا، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيم الحجة على المشركين المنكرين للآخرة المستوجبين لدخول النار : أذلك العذاب المهين الذي وعدتهم خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون ؟ ! قال ابن عطية ! حيث كان الكلام استفهاما جاز فيه مجئ لفظة التفضيل بين الجنة والسعير في الخير، لأن الموقف جائز له أن يوقف محاوره على ما شاء ليرى هل يجيبه بالصواب أو بالخطأ، وقال أبو حيان إن ﴿ خير ﴾ هنا ليس للدلالة على الأفضلية – يعني أنهما اشتركتا في الفضل وزادت إحداهما فيه على الأخرى فصارت أفضل – بل هو على ما جرت به عادة العرب في بيان فضل الشيء وخصوصيته بالفضل دون مقابلة. ﴿ كانت لهم جزاء ومصيرا لهم فيها ما يشاؤون خالدين ﴾ تكون لهم جنة المكث الطويل والبقاء السرمدي جزاء ومتبوأ يصيرون إليه ينعمهم المولى البر الرحيم فيها بكل ما شاءوا من ألوان النعيم وصنوفه – مادية أو معنوية-﴿ كان على ربك وعدا مسؤولا ﴾ والوعد المذكور تضمن المولى به١ وبإنجازه مصداقا لقوله الحق :( ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك.. )٢ ) وعد الله لا يخلف الله وعده.. ( ٣.
٢ من سورة آل عمران. من الآية ١٩٤..
٣ من سورة الروم. من الآية٦..
وآياتها سبع وسبعون
كلماتها ٨٧٢- حروفها ٣٧٨٠
واذكر يوم يحشرهم الله هم وما كانوا يعبدون من دونه إذ يكون من الأهوال والأحوال ما لا يفي ببيانه المقال، فيقول عز مقامه لما اتخذوهم لله شركاء : أأنتم الذين أضللتهم هؤلاء فدعوتموهم إلى عبادتكم أم هم حادوا عن الطريق السوي، ووقعوا في الحيرة لإخلالهم بالنظر الصحيح، وإعراضهم عن وحيي ورسالاتي ؟ !
فيقول الشركاء : تنزهت يامالك الأمر كله ! ما يليق لنا أن نتخذ وليا من دونك. ويقول صاحب غرائب القرآن : وفي الآية دلالة على أنه لا تجوز الولاية والعداوة إلا بإذن الله ؛ والولاية المبنية على ميل النفس وشهوة الطبع مذمومة شرعا، ولكن أبطرتهم المتع والزخارف، وغرهم بالله الغرور، وألهاهم التفاخر بالآباء، والتكاثر بالأموال والأبناء، حتى غفلوا عن ذكرك وشكرك، والإيمان بك، والاستجابة لك، وكانوا بما أساءوا قوما هلكى، فيبكت ربنا أهل الشرك ويخزيهم بأن معبوداتهم قد تبرأت منهم وكذبت مزاعمهم، فما تملكون يا من عبدتم غير الله دفعا للعذاب عن أنفسكم، ولا عونا من عندكم أو من عند أربابكم الذين زعمتم، ولا من عند أحد أبدا، ومن يكفر من المكلفين ويستدم الكفر، نذقه ونجرعه عذابا كبيرا في كيفيته، متماديا في مدته.
وهذه المقاولة قد تكون مع من عبدوا من دون الله من العقلاء كالملائكة وعيسى وعزير، ويشهد لهذا ما جاء في قول الحق – تبارك اسمه- :) ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون. قالوا سبحانك.. )١وقوله سبحانك :).. أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك.. )٢، وينطق الله تعالى الأصنام، وقيل تتكلم بلسان الحال وليس بلسان المقال.
٢ سورة المائدة. من الآية ١١٦..
واذكر يوم يحشرهم الله هم وما كانوا يعبدون من دونه إذ يكون من الأهوال والأحوال ما لا يفي ببيانه المقال، فيقول عز مقامه لما اتخذوهم لله شركاء : أأنتم الذين أضللتهم هؤلاء فدعوتموهم إلى عبادتكم أم هم حادوا عن الطريق السوي، ووقعوا في الحيرة لإخلالهم بالنظر الصحيح، وإعراضهم عن وحيي ورسالاتي ؟ !
فيقول الشركاء : تنزهت يامالك الأمر كله ! ما يليق لنا أن نتخذ وليا من دونك. ويقول صاحب غرائب القرآن : وفي الآية دلالة على أنه لا تجوز الولاية والعداوة إلا بإذن الله ؛ والولاية المبنية على ميل النفس وشهوة الطبع مذمومة شرعا، ولكن أبطرتهم المتع والزخارف، وغرهم بالله الغرور، وألهاهم التفاخر بالآباء، والتكاثر بالأموال والأبناء، حتى غفلوا عن ذكرك وشكرك، والإيمان بك، والاستجابة لك، وكانوا بما أساءوا قوما هلكى، فيبكت ربنا أهل الشرك ويخزيهم بأن معبوداتهم قد تبرأت منهم وكذبت مزاعمهم، فما تملكون يا من عبدتم غير الله دفعا للعذاب عن أنفسكم، ولا عونا من عندكم أو من عند أربابكم الذين زعمتم، ولا من عند أحد أبدا، ومن يكفر من المكلفين ويستدم الكفر، نذقه ونجرعه عذابا كبيرا في كيفيته، متماديا في مدته.
وهذه المقاولة قد تكون مع من عبدوا من دون الله من العقلاء كالملائكة وعيسى وعزير، ويشهد لهذا ما جاء في قول الحق – تبارك اسمه- :) ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون. قالوا سبحانك.. )١وقوله سبحانك :).. أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك.. )٢، وينطق الله تعالى الأصنام، وقيل تتكلم بلسان الحال وليس بلسان المقال.
٢ سورة المائدة. من الآية ١١٦..
واذكر يوم يحشرهم الله هم وما كانوا يعبدون من دونه إذ يكون من الأهوال والأحوال ما لا يفي ببيانه المقال، فيقول عز مقامه لما اتخذوهم لله شركاء : أأنتم الذين أضللتهم هؤلاء فدعوتموهم إلى عبادتكم أم هم حادوا عن الطريق السوي، ووقعوا في الحيرة لإخلالهم بالنظر الصحيح، وإعراضهم عن وحيي ورسالاتي ؟ !
فيقول الشركاء : تنزهت يامالك الأمر كله ! ما يليق لنا أن نتخذ وليا من دونك. ويقول صاحب غرائب القرآن : وفي الآية دلالة على أنه لا تجوز الولاية والعداوة إلا بإذن الله ؛ والولاية المبنية على ميل النفس وشهوة الطبع مذمومة شرعا، ولكن أبطرتهم المتع والزخارف، وغرهم بالله الغرور، وألهاهم التفاخر بالآباء، والتكاثر بالأموال والأبناء، حتى غفلوا عن ذكرك وشكرك، والإيمان بك، والاستجابة لك، وكانوا بما أساءوا قوما هلكى، فيبكت ربنا أهل الشرك ويخزيهم بأن معبوداتهم قد تبرأت منهم وكذبت مزاعمهم، فما تملكون يا من عبدتم غير الله دفعا للعذاب عن أنفسكم، ولا عونا من عندكم أو من عند أربابكم الذين زعمتم، ولا من عند أحد أبدا، ومن يكفر من المكلفين ويستدم الكفر، نذقه ونجرعه عذابا كبيرا في كيفيته، متماديا في مدته.
وهذه المقاولة قد تكون مع من عبدوا من دون الله من العقلاء كالملائكة وعيسى وعزير، ويشهد لهذا ما جاء في قول الحق – تبارك اسمه- :) ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون. قالوا سبحانك.. )١وقوله سبحانك :).. أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك.. )٢، وينطق الله تعالى الأصنام، وقيل تتكلم بلسان الحال وليس بلسان المقال.
٢ سورة المائدة. من الآية ١١٦..
وما أرسلنا قبلك أحدا من المرسلين إلا رجالا، إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، وقال أهل المعاني : المعنى : وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا قيل إنهم ليأكلون، دليله قوله تعالى :( ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك.. )١
يرد الله تعالى على المفترين الذين نالوا من الرسول وعجبوا من شأنه يريدون الغض من قدره وقالوا﴿ ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ﴾وليزداد النبي والمؤمنون يقينا أن سنة الحكيم العليم أن يبعث الرسل بشرا يجري عليهم ما يجري على سائر البشر إلا أن الله تعالى اصطفاهم وطهرهم، يقول مولانا الحق جل علاه :) وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام.. )٢ ) ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام.. )٣.
فإن قال قائل : فإن[ من ] ليست في التلاوة فكيف قلت : معنى الكلام : إلا من إنهم ليأكلون الطعام ؟ قيل قلنا في ذلك معناه أن الهاء والميم في﴿ إنهم ﴾ كناية أسماء لم تذكر ولا بد لها من أن تعود على من كنى عنه بها، وإنما ترك ذكره[ من ]وإظهاره في الكلام اكتفاء بدلالة قوله﴿ من المرسلين ﴾عليه، كما اكتفى في قوله :) وما منا إلا له مقام معلوم ) من إظهار[ من ] ولا شك أن معنى ذلك : ومامنا إلا من له مقام معلوم. -
يقول صاحب الجامع لأحكام القرآن : هذه الآية أصل في تناول الأسباب وطلب المعاش بالتجارة والصناعة وغير ذلك... ﴿ وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ﴾ قال العلماء : أي يتجرون ويحترفون... قال بعض مشايخ هذا الزمان : إنما تناولوها لأنهم أئمة الاقتداء، فتناولوها مباشرة في حق الضعفاء فأما في حق أنفسهم فلا، وبيان ذلك أصحاب الصفة.
قلت : لو كان ذلك لوجب عليهم وعلى الرسول معهم البيان، كما ثبت في القرآن :).. وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم... ( ٤... وأما أصحاب الصفة فإنهم كانوا ضيف الإسلام عن ضيق الحال، فكان عليه السلام إذا أتته صدقة خصهم بها، وإذا أتته هدية أكلها معهم، وكانوا مع هذا يحتطبون ويستقون الماء إلى أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم، كذا وصفهم البخاري وغيره... ثبت في البخاري عن ابن عباس قال : كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون : نحن المتوكلون، فإذا قدموا سألوا الناس، فأنزل الله تعالى :).. وتزودوا.. ( ٥، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم أنهم خرجوا إلى أسفارهم بغير زاد، وكانوا المتوكلين حقا، والتوكل : اعتماد القلب على الرب أن يلم شعثه، ويجمع عليه أربه، ثم يتناول الأسباب بمجرد الأمر، وهذا هو الحق.
﴿ وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا ﴾ يكاد يكون الاختبار، وامتحان المولى للعباد-يفعل معهم فعل الممتحن يكاد يكون هذا سر الوجود، وغاية الحياة ) تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير. الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا.. ( ٦-فالغني ممتحن بالفقير، عليه أن يواسيه ولا يسخر منه، والفقير ممتحن بالغني عليه ألا يحسده، فالفتنة أن يحسد المبتلى المعافى، ويحقر المعافى المبتلى، والصبر : أن يحبس كلاهما نفسه هذا عن البطر، وذاك عن الضجر، وعن أبي الدرداء أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول :" ويل للعالم٧ من الجاهل وويل للجاهل من العالم وويل للمالك من المملوك وويل للمملوك من المالك وويل للشديد من الضعيف وويل للضعيف من الشديد وويل للسلطان من الرعية وويل للرعية من السلطان وبعضهم لبعض فتنة وهو قوله :﴿ وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون ﴾ أسنده الثعلبي تغمده الله برحمته...
﴿ وكان ربك بصيرا ﴾ أي بكل امرئ وبمن يصبر أو يجزع... وقيل :﴿ أتصبرون ﴾ أي اصبروا، مثل ).. فهل أنتم منتهون( ٨أي انتهوا-٩
٢ سورة الأنبياء. من الآية ٨..
٣ سورة المائدة. من الآية٧٥..
٤ سورة النحل. من الآية ٤٤..
٥ سورة البقرة. من الآية ١٩٧..
٦ سورة الملك. الآية ١ ومن الآية٢..
٧ ويشير إلى هذا المعنى ما جاء في صحيح مسلم عن عياض بن حمار عن رسول الله وفيه:"يقول الله تعالى إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك...".
٨ سورة المائدة. من الآية ٩١..
٩ مما أورد القرطبي ج ١٣. ص١٨-١٩..
﴿ لولا ﴾ هلا.
﴿ عتوا ﴾ ظلما فاحشا وكفرا مبينا.
ومن جدال الكافرين ومراء المنكرين الجاحدين المكذبين بالآخرة أن قالوا : هلا أنزل علينا الملائكة لتخبرنا بصدق محمد، وذلك كالذي حكاه القرآن قيلا لهم ( فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين( ١ أو نعاين الله جل علاه- جهرة، مثل ما اقترحوا عليه صلى الله عليه وسلم :).. أو تأتي بالله والملائكة قبيلا )٢، وقال أشباههم لنبيهم :).. لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة.. ( ٣ لقد أعماهم الاستكبار عن التفكر والاعتبار والتصديق والإقرار، وأمعنوا في الغي وأفحشوا في النكر والكفر، فليعلموا أنهم لا يرون الملائكة في يوم خير لهم، بل يرونهم ساعة خروج أرواحهم- وما أشدها من ساعة- :( ولو ترى إذ يتوفّى الذين كفروا الملائكةُ يضربون وجوهَهم وأدبارَهم.. )٤ وبشراهم للفجار يومئذ بالنار وغضب الجبار :).. ( ولو ترى إذ الظالمون في غَمَرات الموتِ والملائكةُ باسِطوا أيديهم أَخرجوا أنفسَكم اليوم تجزون عذاب الهون.. ( ٥ ويوم القيامة إذ يعاينون الملائكة يقولون لهم(.. ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين )٦، وتقول الملائكة لهم : حرام محرم عليكم أن تدخلوا الجنة، ولعل مما هو قريب من هذا المعنى ما بين القرآن في نداء أصحاب النار لأصحاب الجنة مستغيثين :(.. أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين )٧، وإن كانت لهم أعمال في الدنيا مثل إكرام الضيف ونصرة الحليف وصلة الرحم فإن الله تعالى يأتي عليها فيحبطها فتغدو كأنها نسفت، ولا أجر لفاعليها في الآخرة لأنهم لم يبتغوا بها وجهه، ولا امتثلوا بها شرعه، فكان من عدله ألا يظفرهم منها شيء :( مثلُ الذين كفروا بربِّهم أعمالُهم كرمادٍ اشتدّت به الريحُ في يوم عاصفٍ لا يَقدِرون مما كسَبوا على شيء.. )٨(.. كالذي ينفق ماله رِآء الناس ولا يؤمن بالله واليومِ الآخِرِ فمثلُه كمثَلِ صَفوانٍ عليه تُراب فأصابه وابِلٌ فتركه صَلدا لا يَقدرون على شيء مما كسبوا.. )٩( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعه يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا.. )١٠أما الذين أرادوا الآخرة وسعوا لها سعيها وقد آمنوا فأولئك ينجيهم الله بمفازتهم وتبشرهم الملائكة في أولاهم وفي آخرتهم ويصار بهم في دار النعيم إلى غرف من فوقها غرف في جنات ونهر، ( في مقعد صدق عند مليك مقتدر )١١فهم في مستقر أكرم وأدوم مما أدرك المكذبون في عاجلهم وآجلهم، ومجالسهم ( على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين ). ويرجعون إلى أهليهم مسرورين، فلا يستوي أصحاب النار وأولياء العزيز الغفار.. أصحاب الجنة هم الفائزون( ١٢، هذا – وإذا كان مع الرجاء جحد ذهبوا به إلى معنى الخوف فيقولون : فلان لا يرجو ربه سبحانه يريدون : لا يخاف ربه سبحانه، ومن ذلك :) ما لكم لا ترجون لله وقارا )١٣ أي لا تخافون لله تعالى عظمة -١٤
مما أورد القرطبي : قال قتادة :﴿ وأحسن مقيلا ﴾ نزلا ومأوى، وقيل هو على ما تعرفه العرب من مقيل نصف النهار، ومنه الحديث المرفوع :" إن الله تبارك وتعالى يفرغ من حساب الخلق في مقدار نصف يوم فيقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار " ذكره المهدوي... وذكر قاسم بن أصبغ من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة " فقلت ما أطول هذا اليوم ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" والذي نفسي بيده إنه ليخفف عن المؤمن حتى يكون أخف عليه من الصلاة المكتوبة يصليها في الدنيا " اهـ.
﴿ حجرا محجورا ﴾حرما محرما.
ومن جدال الكافرين ومراء المنكرين الجاحدين المكذبين بالآخرة أن قالوا : هلا أنزل علينا الملائكة لتخبرنا بصدق محمد، وذلك كالذي حكاه القرآن قيلا لهم ( فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين( ١ أو نعاين الله جل علاه- جهرة، مثل ما اقترحوا عليه صلى الله عليه وسلم :).. أو تأتي بالله والملائكة قبيلا )٢، وقال أشباههم لنبيهم :).. لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة.. ( ٣ لقد أعماهم الاستكبار عن التفكر والاعتبار والتصديق والإقرار، وأمعنوا في الغي وأفحشوا في النكر والكفر، فليعلموا أنهم لا يرون الملائكة في يوم خير لهم، بل يرونهم ساعة خروج أرواحهم- وما أشدها من ساعة- :( ولو ترى إذ يتوفّى الذين كفروا الملائكةُ يضربون وجوهَهم وأدبارَهم.. )٤ وبشراهم للفجار يومئذ بالنار وغضب الجبار :).. ( ولو ترى إذ الظالمون في غَمَرات الموتِ والملائكةُ باسِطوا أيديهم أَخرجوا أنفسَكم اليوم تجزون عذاب الهون.. ( ٥ ويوم القيامة إذ يعاينون الملائكة يقولون لهم(.. ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين )٦، وتقول الملائكة لهم : حرام محرم عليكم أن تدخلوا الجنة، ولعل مما هو قريب من هذا المعنى ما بين القرآن في نداء أصحاب النار لأصحاب الجنة مستغيثين :(.. أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين )٧، وإن كانت لهم أعمال في الدنيا مثل إكرام الضيف ونصرة الحليف وصلة الرحم فإن الله تعالى يأتي عليها فيحبطها فتغدو كأنها نسفت، ولا أجر لفاعليها في الآخرة لأنهم لم يبتغوا بها وجهه، ولا امتثلوا بها شرعه، فكان من عدله ألا يظفرهم منها شيء :( مثلُ الذين كفروا بربِّهم أعمالُهم كرمادٍ اشتدّت به الريحُ في يوم عاصفٍ لا يَقدِرون مما كسَبوا على شيء.. )٨(.. كالذي ينفق ماله رِآء الناس ولا يؤمن بالله واليومِ الآخِرِ فمثلُه كمثَلِ صَفوانٍ عليه تُراب فأصابه وابِلٌ فتركه صَلدا لا يَقدرون على شيء مما كسبوا.. )٩( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعه يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا.. )١٠أما الذين أرادوا الآخرة وسعوا لها سعيها وقد آمنوا فأولئك ينجيهم الله بمفازتهم وتبشرهم الملائكة في أولاهم وفي آخرتهم ويصار بهم في دار النعيم إلى غرف من فوقها غرف في جنات ونهر، ( في مقعد صدق عند مليك مقتدر )١١فهم في مستقر أكرم وأدوم مما أدرك المكذبون في عاجلهم وآجلهم، ومجالسهم ( على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين ). ويرجعون إلى أهليهم مسرورين، فلا يستوي أصحاب النار وأولياء العزيز الغفار.. أصحاب الجنة هم الفائزون( ١٢، هذا – وإذا كان مع الرجاء جحد ذهبوا به إلى معنى الخوف فيقولون : فلان لا يرجو ربه سبحانه يريدون : لا يخاف ربه سبحانه، ومن ذلك :) ما لكم لا ترجون لله وقارا )١٣ أي لا تخافون لله تعالى عظمة -١٤
مما أورد القرطبي : قال قتادة :﴿ وأحسن مقيلا ﴾ نزلا ومأوى، وقيل هو على ما تعرفه العرب من مقيل نصف النهار، ومنه الحديث المرفوع :" إن الله تبارك وتعالى يفرغ من حساب الخلق في مقدار نصف يوم فيقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار " ذكره المهدوي... وذكر قاسم بن أصبغ من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة " فقلت ما أطول هذا اليوم ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" والذي نفسي بيده إنه ليخفف عن المؤمن حتى يكون أخف عليه من الصلاة المكتوبة يصليها في الدنيا " اهـ.
﴿ قدمنا إلى ما عملوا ﴾أتينا عليه.
ومن جدال الكافرين ومراء المنكرين الجاحدين المكذبين بالآخرة أن قالوا : هلا أنزل علينا الملائكة لتخبرنا بصدق محمد، وذلك كالذي حكاه القرآن قيلا لهم ( فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين( ١ أو نعاين الله جل علاه- جهرة، مثل ما اقترحوا عليه صلى الله عليه وسلم :).. أو تأتي بالله والملائكة قبيلا )٢، وقال أشباههم لنبيهم :).. لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة.. ( ٣ لقد أعماهم الاستكبار عن التفكر والاعتبار والتصديق والإقرار، وأمعنوا في الغي وأفحشوا في النكر والكفر، فليعلموا أنهم لا يرون الملائكة في يوم خير لهم، بل يرونهم ساعة خروج أرواحهم- وما أشدها من ساعة- :( ولو ترى إذ يتوفّى الذين كفروا الملائكةُ يضربون وجوهَهم وأدبارَهم.. )٤ وبشراهم للفجار يومئذ بالنار وغضب الجبار :).. ( ولو ترى إذ الظالمون في غَمَرات الموتِ والملائكةُ باسِطوا أيديهم أَخرجوا أنفسَكم اليوم تجزون عذاب الهون.. ( ٥ ويوم القيامة إذ يعاينون الملائكة يقولون لهم(.. ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين )٦، وتقول الملائكة لهم : حرام محرم عليكم أن تدخلوا الجنة، ولعل مما هو قريب من هذا المعنى ما بين القرآن في نداء أصحاب النار لأصحاب الجنة مستغيثين :(.. أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين )٧، وإن كانت لهم أعمال في الدنيا مثل إكرام الضيف ونصرة الحليف وصلة الرحم فإن الله تعالى يأتي عليها فيحبطها فتغدو كأنها نسفت، ولا أجر لفاعليها في الآخرة لأنهم لم يبتغوا بها وجهه، ولا امتثلوا بها شرعه، فكان من عدله ألا يظفرهم منها شيء :( مثلُ الذين كفروا بربِّهم أعمالُهم كرمادٍ اشتدّت به الريحُ في يوم عاصفٍ لا يَقدِرون مما كسَبوا على شيء.. )٨(.. كالذي ينفق ماله رِآء الناس ولا يؤمن بالله واليومِ الآخِرِ فمثلُه كمثَلِ صَفوانٍ عليه تُراب فأصابه وابِلٌ فتركه صَلدا لا يَقدرون على شيء مما كسبوا.. )٩( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعه يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا.. )١٠أما الذين أرادوا الآخرة وسعوا لها سعيها وقد آمنوا فأولئك ينجيهم الله بمفازتهم وتبشرهم الملائكة في أولاهم وفي آخرتهم ويصار بهم في دار النعيم إلى غرف من فوقها غرف في جنات ونهر، ( في مقعد صدق عند مليك مقتدر )١١فهم في مستقر أكرم وأدوم مما أدرك المكذبون في عاجلهم وآجلهم، ومجالسهم ( على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين ). ويرجعون إلى أهليهم مسرورين، فلا يستوي أصحاب النار وأولياء العزيز الغفار.. أصحاب الجنة هم الفائزون( ١٢، هذا – وإذا كان مع الرجاء جحد ذهبوا به إلى معنى الخوف فيقولون : فلان لا يرجو ربه سبحانه يريدون : لا يخاف ربه سبحانه، ومن ذلك :) ما لكم لا ترجون لله وقارا )١٣ أي لا تخافون لله تعالى عظمة -١٤
مما أورد القرطبي : قال قتادة :﴿ وأحسن مقيلا ﴾ نزلا ومأوى، وقيل هو على ما تعرفه العرب من مقيل نصف النهار، ومنه الحديث المرفوع :" إن الله تبارك وتعالى يفرغ من حساب الخلق في مقدار نصف يوم فيقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار " ذكره المهدوي... وذكر قاسم بن أصبغ من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة " فقلت ما أطول هذا اليوم ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" والذي نفسي بيده إنه ليخفف عن المؤمن حتى يكون أخف عليه من الصلاة المكتوبة يصليها في الدنيا " اهـ.
ومن جدال الكافرين ومراء المنكرين الجاحدين المكذبين بالآخرة أن قالوا : هلا أنزل علينا الملائكة لتخبرنا بصدق محمد، وذلك كالذي حكاه القرآن قيلا لهم ( فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين( ١ أو نعاين الله جل علاه- جهرة، مثل ما اقترحوا عليه صلى الله عليه وسلم :).. أو تأتي بالله والملائكة قبيلا )٢، وقال أشباههم لنبيهم :).. لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة.. ( ٣ لقد أعماهم الاستكبار عن التفكر والاعتبار والتصديق والإقرار، وأمعنوا في الغي وأفحشوا في النكر والكفر، فليعلموا أنهم لا يرون الملائكة في يوم خير لهم، بل يرونهم ساعة خروج أرواحهم- وما أشدها من ساعة- :( ولو ترى إذ يتوفّى الذين كفروا الملائكةُ يضربون وجوهَهم وأدبارَهم.. )٤ وبشراهم للفجار يومئذ بالنار وغضب الجبار :).. ( ولو ترى إذ الظالمون في غَمَرات الموتِ والملائكةُ باسِطوا أيديهم أَخرجوا أنفسَكم اليوم تجزون عذاب الهون.. ( ٥ ويوم القيامة إذ يعاينون الملائكة يقولون لهم(.. ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين )٦، وتقول الملائكة لهم : حرام محرم عليكم أن تدخلوا الجنة، ولعل مما هو قريب من هذا المعنى ما بين القرآن في نداء أصحاب النار لأصحاب الجنة مستغيثين :(.. أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين )٧، وإن كانت لهم أعمال في الدنيا مثل إكرام الضيف ونصرة الحليف وصلة الرحم فإن الله تعالى يأتي عليها فيحبطها فتغدو كأنها نسفت، ولا أجر لفاعليها في الآخرة لأنهم لم يبتغوا بها وجهه، ولا امتثلوا بها شرعه، فكان من عدله ألا يظفرهم منها شيء :( مثلُ الذين كفروا بربِّهم أعمالُهم كرمادٍ اشتدّت به الريحُ في يوم عاصفٍ لا يَقدِرون مما كسَبوا على شيء.. )٨(.. كالذي ينفق ماله رِآء الناس ولا يؤمن بالله واليومِ الآخِرِ فمثلُه كمثَلِ صَفوانٍ عليه تُراب فأصابه وابِلٌ فتركه صَلدا لا يَقدرون على شيء مما كسبوا.. )٩( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعه يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا.. )١٠أما الذين أرادوا الآخرة وسعوا لها سعيها وقد آمنوا فأولئك ينجيهم الله بمفازتهم وتبشرهم الملائكة في أولاهم وفي آخرتهم ويصار بهم في دار النعيم إلى غرف من فوقها غرف في جنات ونهر، ( في مقعد صدق عند مليك مقتدر )١١فهم في مستقر أكرم وأدوم مما أدرك المكذبون في عاجلهم وآجلهم، ومجالسهم ( على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين ). ويرجعون إلى أهليهم مسرورين، فلا يستوي أصحاب النار وأولياء العزيز الغفار.. أصحاب الجنة هم الفائزون( ١٢، هذا – وإذا كان مع الرجاء جحد ذهبوا به إلى معنى الخوف فيقولون : فلان لا يرجو ربه سبحانه يريدون : لا يخاف ربه سبحانه، ومن ذلك :) ما لكم لا ترجون لله وقارا )١٣ أي لا تخافون لله تعالى عظمة -١٤
مما أورد القرطبي : قال قتادة :﴿ وأحسن مقيلا ﴾ نزلا ومأوى، وقيل هو على ما تعرفه العرب من مقيل نصف النهار، ومنه الحديث المرفوع :" إن الله تبارك وتعالى يفرغ من حساب الخلق في مقدار نصف يوم فيقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار " ذكره المهدوي... وذكر قاسم بن أصبغ من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة " فقلت ما أطول هذا اليوم ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" والذي نفسي بيده إنه ليخفف عن المؤمن حتى يكون أخف عليه من الصلاة المكتوبة يصليها في الدنيا " اهـ.
واذكر يوم تتشقق السماء بالغمام والسحاب الرفيق مثل الضباب، ينزل أهل الملإ الأعلى إلى الموقف ليفصل الكبير المتعال بين العباد، كالذي أشار إليه قول ربنا جل علاه( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظُلَل من الغَمَام والملائكةُ.... )١ وقوله تبارك اسمه :( والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية يؤمئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية )٢
يقول صاحب الجامع لأحكام القرآن : " ويأتي الرب جل وعز في الثمانية الذين يحملون العرش لفصل القضاء، على ما يجوز أن يحمل عليه إتيانه، لا على ما تحمل عليه صفات المخلوقين من الحركة والانتقال، يومئد تنقطع دعاوى المالكين، ويبقى الملك الحق لله وحده. "
٢. سورة الحاقة. الآيتان ١٧-١٨..
٢ سورة الحشر. الآيتان ١٦، ١٧..
٢ سورة الحشر. الآيتان ١٦، ١٧..
٢ سورة الحشر. الآيتان ١٦، ١٧..
يقول النيسابوري : سؤال : هذا النداء بمنزلة قول نوح :" .. رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرار " ٢فكيف صارت شكاية نوح سببا لحلول العذاب بأمته، ولم تصر شكاية نبينا- صلى الله عليه وسلم سببا لذلك ؟ الجواب لأن الكلام بالتمام وكان من تمام كلام نوح :" رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا " ٣، ولم يكن كلام رسولنا إلا مجرد الشكاية ولم يقتض الدعاء عليهم، وذلك من غاية شفقته على الأمة وإن بلغ إيذاؤهم إياه الغاية.
٢ سورة نوح. من الآية٥ والآية٦..
٣ سورة نوح. من الآية٢٦..
الذين يجادلون في آيات الله ويكذبون بالكتاب وبمن أنزل عليه الكتاب قالوا في القرآن منكرا من القول وزورا، فمن قولهم : إنه افتراه إلى قولهم : أساطير الأولين اكتتبها إلى قولهم : إن تتبعون إلا رجلا مسحورا، إلى قولهم : لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا فكان ذلك مما قد يحزن النبي صلى الله عليه وسلم فساق الله تعالى له من الأنباء ما يثبت فؤاده، وأن هذا سنة أهل الحق، منذ بدء الخلق، فما من نبي إلا نبعث له ونابذه العداء طائفة من المجرمين :( ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين )١( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا.. )٢، وحسب النبي والمؤمنين أن مالك أمرهم ومصلحهم يتولى هدايتهم، وعدوهم أولياء الشيطان يضلهم ويسول لهم، وكفى النبي والمؤمنين القوي القدير يؤيدهم ويظهرهم على عدوهم، والمجرمون يتولون الشيطان وهو خاذلهم مصداقا لوعد الله العليم الخبير :) إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين( ٣.
٢ سورة الأنعام. من الآية١١٢..
٣ سورة آل عمران. الآية ١٧٥..
ولج الكافرون في مناوأتهم للقرآن ومن أنزل عليه فقالوا : هلا أنزل عليه الكتاب الذي يقول إنه وحي الله إليه – مرة واحدة بجملته كما أنزلت الكتب السابقة على رسل تقدموه مرة واحدة دون تفريق مثلما أنزلت التوراة على موسى والإنجيل على عسيى، والزبور على داود ؟ فرد الله تعالى باطلهم ببيان جانب من حكمته سبحانه في تنزيل الذكر الحكيم متفرقا وليس جملة واحدة، إنما أنزلناه هكذا لنثبت به فؤادك لتزداد يقينا أنك على الحق، وتزداد صبرا على احتمال أذى الخلق، وليكون أيسر عليك أن ينتقش في قلبك ورأسك آيات هذا الفرقان وبيانه، وأيسر على أمتك أن يحفظوها ويكتبوها ويعوها وينفذوها، ولو نزلت الآيات كلها جملة لشق عليهم أن ينهضوا بكل هذه الأمانات جملة واحدة، وتبارك الحكيم العليم الرؤف الرحيم، القائل وقوله الحق الكريم :" وقرآنا فرقناه لنقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا " ١ويقرؤه ويرتله عليك أمين وحينا جبريل ترتيلا محكما-﴿ ورتلناه ترتيلا ﴾، يقول شيئا بعد شيء٢.
ولايردون عليك الأقوال العجيبة التي هي كأمثال الجهال إلا نبأناك بما هو الحق المبين للرشد، الكاشف للعمى والضلالة والغي، كالذي حكاه القرآن من قبل منكر البعث وكيف تقوم عليه الحجة والبرهان :" وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم. قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم. الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نار فإذا أنتم منه توقدون. أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم. إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون. فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون ". ٣.
وهكذا شاء الله أن ينزل القرآن نجوما متفرقا٤ حتى لا يوردوا زورا إلا أوحى تعالى إلى نبيه من الآيات ما يبطله، وتتم كلمات ربنا صدقا وعدلا، هذا يسير من كثير من حكم نزول الكتاب العزيز متفرقا وليس جملة واحدة.
مما نقل القرطبي : ولأن من القرآن الناسخ والمنسوخ، ومنه ما هو جواب لمن سأل عن أمور، ففرقناه ليكون أوعى عند النبي صلى الله عليه وسلم، وأيسر على العامل بها اه.
٢ ما بين العارضتين مما أورد القرطبي..
٣ سورة يس. الآيات: ٧٨ إلى ٨٣..
٤ كما أن الآيات قد تأتي إجابة على سؤال أو حكما في نزاع، أو ردا لافتراء، فلو نزل جملة واحدة لجاء الجواب قبل السؤال، وورد الحكم قبل أن يكون نزاع، وهكذا، فمن الأول قول المولى تبارك اسمه:) يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج..)سورة البقرة من الآية ١٨٩. ومن الثاني ما بينته الآيات المباركات:) قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير. الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور. والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير)سورة المجادلة الآيات: ١و٢و٣ ومن الثالث ما جاء في سورة آل عمران ردا على افتراء نصارى نجران في تأليه المسيح عليه السلام) إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون(.) فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين)الآيتان ٥٩، ٦١.
.
ولج الكافرون في مناوأتهم للقرآن ومن أنزل عليه فقالوا : هلا أنزل عليه الكتاب الذي يقول إنه وحي الله إليه – مرة واحدة بجملته كما أنزلت الكتب السابقة على رسل تقدموه مرة واحدة دون تفريق مثلما أنزلت التوراة على موسى والإنجيل على عسيى، والزبور على داود ؟ فرد الله تعالى باطلهم ببيان جانب من حكمته سبحانه في تنزيل الذكر الحكيم متفرقا وليس جملة واحدة، إنما أنزلناه هكذا لنثبت به فؤادك لتزداد يقينا أنك على الحق، وتزداد صبرا على احتمال أذى الخلق، وليكون أيسر عليك أن ينتقش في قلبك ورأسك آيات هذا الفرقان وبيانه، وأيسر على أمتك أن يحفظوها ويكتبوها ويعوها وينفذوها، ولو نزلت الآيات كلها جملة لشق عليهم أن ينهضوا بكل هذه الأمانات جملة واحدة، وتبارك الحكيم العليم الرؤف الرحيم، القائل وقوله الحق الكريم :" وقرآنا فرقناه لنقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا " ١ويقرؤه ويرتله عليك أمين وحينا جبريل ترتيلا محكما-﴿ ورتلناه ترتيلا ﴾، يقول شيئا بعد شيء٢.
ولايردون عليك الأقوال العجيبة التي هي كأمثال الجهال إلا نبأناك بما هو الحق المبين للرشد، الكاشف للعمى والضلالة والغي، كالذي حكاه القرآن من قبل منكر البعث وكيف تقوم عليه الحجة والبرهان :" وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم. قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم. الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نار فإذا أنتم منه توقدون. أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم. إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون. فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون ". ٣.
وهكذا شاء الله أن ينزل القرآن نجوما متفرقا٤ حتى لا يوردوا زورا إلا أوحى تعالى إلى نبيه من الآيات ما يبطله، وتتم كلمات ربنا صدقا وعدلا، هذا يسير من كثير من حكم نزول الكتاب العزيز متفرقا وليس جملة واحدة.
مما نقل القرطبي : ولأن من القرآن الناسخ والمنسوخ، ومنه ما هو جواب لمن سأل عن أمور، ففرقناه ليكون أوعى عند النبي صلى الله عليه وسلم، وأيسر على العامل بها اه.
٢ ما بين العارضتين مما أورد القرطبي..
٣ سورة يس. الآيات: ٧٨ إلى ٨٣..
٤ كما أن الآيات قد تأتي إجابة على سؤال أو حكما في نزاع، أو ردا لافتراء، فلو نزل جملة واحدة لجاء الجواب قبل السؤال، وورد الحكم قبل أن يكون نزاع، وهكذا، فمن الأول قول المولى تبارك اسمه:) يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج..)سورة البقرة من الآية ١٨٩. ومن الثاني ما بينته الآيات المباركات:) قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير. الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور. والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير)سورة المجادلة الآيات: ١و٢و٣ ومن الثالث ما جاء في سورة آل عمران ردا على افتراء نصارى نجران في تأليه المسيح عليه السلام) إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون(.) فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين)الآيتان ٥٩، ٦١.
.
كأن هذه الآية الكريمة من تتمة معنى الآية المباركة الحادية والثلاثين، فمن عاداك من المجرمين مجزى بما جوزي به أعداء إخوانك المرسلين، يغلب المجرمون في الدنيا ويحق الله تعالى الحق بكلماته فينصر رسله والمؤمنين، ويرد أعداء الله إلى النار في الآخرة، فيسحبون ويجرون إليها على وجوههم، ويلقون فيها مكبلين مقيدين بالأغلال والسلاسل، وما أتعسه من مكان، وما أشد الحيرة والضلال والخسران، وذلك جزاء المكذبين :) قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد( ١، يقول القرطبي : ونظم الآية : ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق، وأنت منصور عليهم بالحجج الواضحة، وهم محشورون على وجوههم، وعن ابن جرير-بسنده – عن قتادة : قوله :﴿ الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم ﴾ قال : حدثنا أنس بن مالك أن رجلا قال : يا رسول الله ؟ كيف يحشر الكافر على وجهه ؟ قال :" الذي أمشاه على رجليه قادر على أن يمشيه على وجهه ".
في هذه الآيات المحكمات بشرى وتسلية للنبي والمؤمنين، فكأنهما لتثبيت مزيد من اليقين بالوعد بالهداية والنصر في آية كريمة سبقت :﴿ وكفى بربك هاديا ونصيرا ﴾، كما أن فيها الوعيد والإنذار للمشركين المكذبين أن يحل المنتقم الجبار بهم ما أحله بالطاغين الأولين- كأنه قال : لست يا محمد بأول من أرسلناه فكذب، وآتيناه الآيات فرد، بل آتينا موسى التوراة وقويناه بأخيه ومع ذلك كذب، ورد١-، و﴿ وزيرا ﴾ أي معينا، أرسل الله مع موسى أخاه هارون استجابة للدعوة التي تضرع بها إلى ربه :) واجعل لي وزيرا من أهلي. هارون أخي. اشدد به أزري. وأشركه في أمري. كي نسبحك كثيرا. ونذكرك كثيرا. إنك كنت بنا بصيرا. قال قد أوتيت سؤلك ياموسى( ٢، أمرهما الله تعالى أن يدعوا فرعون وقومه إلى الهدى ودين الحق، والكف عن استعباد الخلق، وهل كان القوم قد كذبوا بالآيات قبل مجيئها ؟ والجواب : نعم إن أريد تكذيب الآيات الإلهية، إذ حشر فنادى ) فقال أنا ربكم الأعلى )٣، وإن أريد تكذيب آيات النبوة فاللفظ ماض والمعنى على الاستقبال، كما في قوله تعالى :)أتى أمر الله فلا تستعجلوه.. ( ٤- ويجوز أن يراد : إلى القوم الذين آل حالهم إلى أن كذبوا فدمرناهم.. -٥ فأهلكهم الله تعالى وأغرقهم، وجعلهم الله نكال الآخرة والأولى ( إن في ذلك لعبرة لمن يخشى( ٦، ودمرنا قبل هؤلاء قوم نوح جزاء لهم على تكذيبهم رسالة نبيهم من ربهم إليهم، والقوم وإن لم يكذبوا إلا نوحا لكن تكذيبه عليه السلام كالتكذيب لكل المرسلين لاتفاقهم على الدعوة إلى الله الواحد، وجعلنا هلكتهم موعظة للناس وعلامة على اقتدارنا، وبطشنا بالمعاندين للرشد، والمناوئين لرسلنا، وهيأنا لهم مع ما أذقناهم من الخزي والبأس العاجل- عذابا موجعا أقصى ما يكون من الوجع، وذلك مصير كل باغ ظالم، وكذلك تبرنا أقواما ظلاما غير هؤلاء وأولئك : عادا قوم هود، وثمود قوم صالح، وأصحاب البئر بعث إليهم شعيب عليه السلام- والرس : البئر غير المطوية، فهي محفورة ليست مبنية- وأهل قرون غير هؤلاء كثير- والقرن : الزمان، وكل جماعة اقترنوا في زمن واحد فهم قرن- ذكرنا كلا من هؤلاء المهلكين بعاقبة المكذبين، ومآل الطاغين، وسقنالهم على لسان رسلهم ما فيه العظة والذكرى والاعتبار، فأعرضوا فحق عليهم التدمير والهلاك والتبار والخسار، ولقد مر قومك يامحمد في رحلاتهم وتجاراتهم على القرية التي أمطرنا أهلها بالحجارة- قرية لوط عليه السلام التي كذبه أهلها وأتوا الرجال شهوة وفحشا من دون النساء، وكانت خمس قرى فاقتلعها الملك بأمر الله وقلبها وأمطر من كان خارجا من أهلها بالحجارة- أفلم يزجرهم ما شاهدوا من آثار تلك القرى، بل كانوا في يأس من مجيء الآخرة، والدمار : استئصال الهلاك، والتتبير : التكسير والإهلاك، وكل شيء كسرته وفتتته، فقد تبرته، فكأن إهلاك الفراعنة لما كان إغراقا استأصلهم وكذا قوم نوح، لكن المهلكين من غيرهم بقيت آثارهم ) فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا.. ( ٧، فالمرتابون في لقاء الله وجزائه لا يتذكرون، إنما يتذكر من يخشى، وصدق العليم الحكيم القائل في الكتاب الحكيم المجيد :" فذكر بالقرآن من يخاف وعيد " ٨.
٢ سورة طه. الآيات من ٢٩ إلى ٣٦..
٣ سورة النازعات. الآية ٢٤..
٤ سورة النحل. من الآية١..
٥ مابين العارضتين نقله النيسابورى..
٦ سورة النازعات. الآية٢٦..
٧ سورة النمل. من الآية ٥٢..
٨ سورة ق. من الآية٤٥..
في هذه الآيات المحكمات بشرى وتسلية للنبي والمؤمنين، فكأنهما لتثبيت مزيد من اليقين بالوعد بالهداية والنصر في آية كريمة سبقت :﴿ وكفى بربك هاديا ونصيرا ﴾، كما أن فيها الوعيد والإنذار للمشركين المكذبين أن يحل المنتقم الجبار بهم ما أحله بالطاغين الأولين- كأنه قال : لست يا محمد بأول من أرسلناه فكذب، وآتيناه الآيات فرد، بل آتينا موسى التوراة وقويناه بأخيه ومع ذلك كذب، ورد١-، و﴿ وزيرا ﴾ أي معينا، أرسل الله مع موسى أخاه هارون استجابة للدعوة التي تضرع بها إلى ربه :) واجعل لي وزيرا من أهلي. هارون أخي. اشدد به أزري. وأشركه في أمري. كي نسبحك كثيرا. ونذكرك كثيرا. إنك كنت بنا بصيرا. قال قد أوتيت سؤلك ياموسى( ٢، أمرهما الله تعالى أن يدعوا فرعون وقومه إلى الهدى ودين الحق، والكف عن استعباد الخلق، وهل كان القوم قد كذبوا بالآيات قبل مجيئها ؟ والجواب : نعم إن أريد تكذيب الآيات الإلهية، إذ حشر فنادى ) فقال أنا ربكم الأعلى )٣، وإن أريد تكذيب آيات النبوة فاللفظ ماض والمعنى على الاستقبال، كما في قوله تعالى :)أتى أمر الله فلا تستعجلوه.. ( ٤- ويجوز أن يراد : إلى القوم الذين آل حالهم إلى أن كذبوا فدمرناهم.. -٥ فأهلكهم الله تعالى وأغرقهم، وجعلهم الله نكال الآخرة والأولى ( إن في ذلك لعبرة لمن يخشى( ٦، ودمرنا قبل هؤلاء قوم نوح جزاء لهم على تكذيبهم رسالة نبيهم من ربهم إليهم، والقوم وإن لم يكذبوا إلا نوحا لكن تكذيبه عليه السلام كالتكذيب لكل المرسلين لاتفاقهم على الدعوة إلى الله الواحد، وجعلنا هلكتهم موعظة للناس وعلامة على اقتدارنا، وبطشنا بالمعاندين للرشد، والمناوئين لرسلنا، وهيأنا لهم مع ما أذقناهم من الخزي والبأس العاجل- عذابا موجعا أقصى ما يكون من الوجع، وذلك مصير كل باغ ظالم، وكذلك تبرنا أقواما ظلاما غير هؤلاء وأولئك : عادا قوم هود، وثمود قوم صالح، وأصحاب البئر بعث إليهم شعيب عليه السلام- والرس : البئر غير المطوية، فهي محفورة ليست مبنية- وأهل قرون غير هؤلاء كثير- والقرن : الزمان، وكل جماعة اقترنوا في زمن واحد فهم قرن- ذكرنا كلا من هؤلاء المهلكين بعاقبة المكذبين، ومآل الطاغين، وسقنالهم على لسان رسلهم ما فيه العظة والذكرى والاعتبار، فأعرضوا فحق عليهم التدمير والهلاك والتبار والخسار، ولقد مر قومك يامحمد في رحلاتهم وتجاراتهم على القرية التي أمطرنا أهلها بالحجارة- قرية لوط عليه السلام التي كذبه أهلها وأتوا الرجال شهوة وفحشا من دون النساء، وكانت خمس قرى فاقتلعها الملك بأمر الله وقلبها وأمطر من كان خارجا من أهلها بالحجارة- أفلم يزجرهم ما شاهدوا من آثار تلك القرى، بل كانوا في يأس من مجيء الآخرة، والدمار : استئصال الهلاك، والتتبير : التكسير والإهلاك، وكل شيء كسرته وفتتته، فقد تبرته، فكأن إهلاك الفراعنة لما كان إغراقا استأصلهم وكذا قوم نوح، لكن المهلكين من غيرهم بقيت آثارهم ) فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا.. ( ٧، فالمرتابون في لقاء الله وجزائه لا يتذكرون، إنما يتذكر من يخشى، وصدق العليم الحكيم القائل في الكتاب الحكيم المجيد :" فذكر بالقرآن من يخاف وعيد " ٨.
٢ سورة طه. الآيات من ٢٩ إلى ٣٦..
٣ سورة النازعات. الآية ٢٤..
٤ سورة النحل. من الآية١..
٥ مابين العارضتين نقله النيسابورى..
٦ سورة النازعات. الآية٢٦..
٧ سورة النمل. من الآية ٥٢..
٨ سورة ق. من الآية٤٥..
في هذه الآيات المحكمات بشرى وتسلية للنبي والمؤمنين، فكأنهما لتثبيت مزيد من اليقين بالوعد بالهداية والنصر في آية كريمة سبقت :﴿ وكفى بربك هاديا ونصيرا ﴾، كما أن فيها الوعيد والإنذار للمشركين المكذبين أن يحل المنتقم الجبار بهم ما أحله بالطاغين الأولين- كأنه قال : لست يا محمد بأول من أرسلناه فكذب، وآتيناه الآيات فرد، بل آتينا موسى التوراة وقويناه بأخيه ومع ذلك كذب، ورد١-، و﴿ وزيرا ﴾ أي معينا، أرسل الله مع موسى أخاه هارون استجابة للدعوة التي تضرع بها إلى ربه :) واجعل لي وزيرا من أهلي. هارون أخي. اشدد به أزري. وأشركه في أمري. كي نسبحك كثيرا. ونذكرك كثيرا. إنك كنت بنا بصيرا. قال قد أوتيت سؤلك ياموسى( ٢، أمرهما الله تعالى أن يدعوا فرعون وقومه إلى الهدى ودين الحق، والكف عن استعباد الخلق، وهل كان القوم قد كذبوا بالآيات قبل مجيئها ؟ والجواب : نعم إن أريد تكذيب الآيات الإلهية، إذ حشر فنادى ) فقال أنا ربكم الأعلى )٣، وإن أريد تكذيب آيات النبوة فاللفظ ماض والمعنى على الاستقبال، كما في قوله تعالى :)أتى أمر الله فلا تستعجلوه.. ( ٤- ويجوز أن يراد : إلى القوم الذين آل حالهم إلى أن كذبوا فدمرناهم.. -٥ فأهلكهم الله تعالى وأغرقهم، وجعلهم الله نكال الآخرة والأولى ( إن في ذلك لعبرة لمن يخشى( ٦، ودمرنا قبل هؤلاء قوم نوح جزاء لهم على تكذيبهم رسالة نبيهم من ربهم إليهم، والقوم وإن لم يكذبوا إلا نوحا لكن تكذيبه عليه السلام كالتكذيب لكل المرسلين لاتفاقهم على الدعوة إلى الله الواحد، وجعلنا هلكتهم موعظة للناس وعلامة على اقتدارنا، وبطشنا بالمعاندين للرشد، والمناوئين لرسلنا، وهيأنا لهم مع ما أذقناهم من الخزي والبأس العاجل- عذابا موجعا أقصى ما يكون من الوجع، وذلك مصير كل باغ ظالم، وكذلك تبرنا أقواما ظلاما غير هؤلاء وأولئك : عادا قوم هود، وثمود قوم صالح، وأصحاب البئر بعث إليهم شعيب عليه السلام- والرس : البئر غير المطوية، فهي محفورة ليست مبنية- وأهل قرون غير هؤلاء كثير- والقرن : الزمان، وكل جماعة اقترنوا في زمن واحد فهم قرن- ذكرنا كلا من هؤلاء المهلكين بعاقبة المكذبين، ومآل الطاغين، وسقنالهم على لسان رسلهم ما فيه العظة والذكرى والاعتبار، فأعرضوا فحق عليهم التدمير والهلاك والتبار والخسار، ولقد مر قومك يامحمد في رحلاتهم وتجاراتهم على القرية التي أمطرنا أهلها بالحجارة- قرية لوط عليه السلام التي كذبه أهلها وأتوا الرجال شهوة وفحشا من دون النساء، وكانت خمس قرى فاقتلعها الملك بأمر الله وقلبها وأمطر من كان خارجا من أهلها بالحجارة- أفلم يزجرهم ما شاهدوا من آثار تلك القرى، بل كانوا في يأس من مجيء الآخرة، والدمار : استئصال الهلاك، والتتبير : التكسير والإهلاك، وكل شيء كسرته وفتتته، فقد تبرته، فكأن إهلاك الفراعنة لما كان إغراقا استأصلهم وكذا قوم نوح، لكن المهلكين من غيرهم بقيت آثارهم ) فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا.. ( ٧، فالمرتابون في لقاء الله وجزائه لا يتذكرون، إنما يتذكر من يخشى، وصدق العليم الحكيم القائل في الكتاب الحكيم المجيد :" فذكر بالقرآن من يخاف وعيد " ٨.
٢ سورة طه. الآيات من ٢٩ إلى ٣٦..
٣ سورة النازعات. الآية ٢٤..
٤ سورة النحل. من الآية١..
٥ مابين العارضتين نقله النيسابورى..
٦ سورة النازعات. الآية٢٦..
٧ سورة النمل. من الآية ٥٢..
٨ سورة ق. من الآية٤٥..
في هذه الآيات المحكمات بشرى وتسلية للنبي والمؤمنين، فكأنهما لتثبيت مزيد من اليقين بالوعد بالهداية والنصر في آية كريمة سبقت :﴿ وكفى بربك هاديا ونصيرا ﴾، كما أن فيها الوعيد والإنذار للمشركين المكذبين أن يحل المنتقم الجبار بهم ما أحله بالطاغين الأولين- كأنه قال : لست يا محمد بأول من أرسلناه فكذب، وآتيناه الآيات فرد، بل آتينا موسى التوراة وقويناه بأخيه ومع ذلك كذب، ورد١-، و﴿ وزيرا ﴾ أي معينا، أرسل الله مع موسى أخاه هارون استجابة للدعوة التي تضرع بها إلى ربه :) واجعل لي وزيرا من أهلي. هارون أخي. اشدد به أزري. وأشركه في أمري. كي نسبحك كثيرا. ونذكرك كثيرا. إنك كنت بنا بصيرا. قال قد أوتيت سؤلك ياموسى( ٢، أمرهما الله تعالى أن يدعوا فرعون وقومه إلى الهدى ودين الحق، والكف عن استعباد الخلق، وهل كان القوم قد كذبوا بالآيات قبل مجيئها ؟ والجواب : نعم إن أريد تكذيب الآيات الإلهية، إذ حشر فنادى ) فقال أنا ربكم الأعلى )٣، وإن أريد تكذيب آيات النبوة فاللفظ ماض والمعنى على الاستقبال، كما في قوله تعالى :)أتى أمر الله فلا تستعجلوه.. ( ٤- ويجوز أن يراد : إلى القوم الذين آل حالهم إلى أن كذبوا فدمرناهم.. -٥ فأهلكهم الله تعالى وأغرقهم، وجعلهم الله نكال الآخرة والأولى ( إن في ذلك لعبرة لمن يخشى( ٦، ودمرنا قبل هؤلاء قوم نوح جزاء لهم على تكذيبهم رسالة نبيهم من ربهم إليهم، والقوم وإن لم يكذبوا إلا نوحا لكن تكذيبه عليه السلام كالتكذيب لكل المرسلين لاتفاقهم على الدعوة إلى الله الواحد، وجعلنا هلكتهم موعظة للناس وعلامة على اقتدارنا، وبطشنا بالمعاندين للرشد، والمناوئين لرسلنا، وهيأنا لهم مع ما أذقناهم من الخزي والبأس العاجل- عذابا موجعا أقصى ما يكون من الوجع، وذلك مصير كل باغ ظالم، وكذلك تبرنا أقواما ظلاما غير هؤلاء وأولئك : عادا قوم هود، وثمود قوم صالح، وأصحاب البئر بعث إليهم شعيب عليه السلام- والرس : البئر غير المطوية، فهي محفورة ليست مبنية- وأهل قرون غير هؤلاء كثير- والقرن : الزمان، وكل جماعة اقترنوا في زمن واحد فهم قرن- ذكرنا كلا من هؤلاء المهلكين بعاقبة المكذبين، ومآل الطاغين، وسقنالهم على لسان رسلهم ما فيه العظة والذكرى والاعتبار، فأعرضوا فحق عليهم التدمير والهلاك والتبار والخسار، ولقد مر قومك يامحمد في رحلاتهم وتجاراتهم على القرية التي أمطرنا أهلها بالحجارة- قرية لوط عليه السلام التي كذبه أهلها وأتوا الرجال شهوة وفحشا من دون النساء، وكانت خمس قرى فاقتلعها الملك بأمر الله وقلبها وأمطر من كان خارجا من أهلها بالحجارة- أفلم يزجرهم ما شاهدوا من آثار تلك القرى، بل كانوا في يأس من مجيء الآخرة، والدمار : استئصال الهلاك، والتتبير : التكسير والإهلاك، وكل شيء كسرته وفتتته، فقد تبرته، فكأن إهلاك الفراعنة لما كان إغراقا استأصلهم وكذا قوم نوح، لكن المهلكين من غيرهم بقيت آثارهم ) فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا.. ( ٧، فالمرتابون في لقاء الله وجزائه لا يتذكرون، إنما يتذكر من يخشى، وصدق العليم الحكيم القائل في الكتاب الحكيم المجيد :" فذكر بالقرآن من يخاف وعيد " ٨.
٢ سورة طه. الآيات من ٢٩ إلى ٣٦..
٣ سورة النازعات. الآية ٢٤..
٤ سورة النحل. من الآية١..
٥ مابين العارضتين نقله النيسابورى..
٦ سورة النازعات. الآية٢٦..
٧ سورة النمل. من الآية ٥٢..
٨ سورة ق. من الآية٤٥..
في هذه الآيات المحكمات بشرى وتسلية للنبي والمؤمنين، فكأنهما لتثبيت مزيد من اليقين بالوعد بالهداية والنصر في آية كريمة سبقت :﴿ وكفى بربك هاديا ونصيرا ﴾، كما أن فيها الوعيد والإنذار للمشركين المكذبين أن يحل المنتقم الجبار بهم ما أحله بالطاغين الأولين- كأنه قال : لست يا محمد بأول من أرسلناه فكذب، وآتيناه الآيات فرد، بل آتينا موسى التوراة وقويناه بأخيه ومع ذلك كذب، ورد١-، و﴿ وزيرا ﴾ أي معينا، أرسل الله مع موسى أخاه هارون استجابة للدعوة التي تضرع بها إلى ربه :) واجعل لي وزيرا من أهلي. هارون أخي. اشدد به أزري. وأشركه في أمري. كي نسبحك كثيرا. ونذكرك كثيرا. إنك كنت بنا بصيرا. قال قد أوتيت سؤلك ياموسى( ٢، أمرهما الله تعالى أن يدعوا فرعون وقومه إلى الهدى ودين الحق، والكف عن استعباد الخلق، وهل كان القوم قد كذبوا بالآيات قبل مجيئها ؟ والجواب : نعم إن أريد تكذيب الآيات الإلهية، إذ حشر فنادى ) فقال أنا ربكم الأعلى )٣، وإن أريد تكذيب آيات النبوة فاللفظ ماض والمعنى على الاستقبال، كما في قوله تعالى :)أتى أمر الله فلا تستعجلوه.. ( ٤- ويجوز أن يراد : إلى القوم الذين آل حالهم إلى أن كذبوا فدمرناهم.. -٥ فأهلكهم الله تعالى وأغرقهم، وجعلهم الله نكال الآخرة والأولى ( إن في ذلك لعبرة لمن يخشى( ٦، ودمرنا قبل هؤلاء قوم نوح جزاء لهم على تكذيبهم رسالة نبيهم من ربهم إليهم، والقوم وإن لم يكذبوا إلا نوحا لكن تكذيبه عليه السلام كالتكذيب لكل المرسلين لاتفاقهم على الدعوة إلى الله الواحد، وجعلنا هلكتهم موعظة للناس وعلامة على اقتدارنا، وبطشنا بالمعاندين للرشد، والمناوئين لرسلنا، وهيأنا لهم مع ما أذقناهم من الخزي والبأس العاجل- عذابا موجعا أقصى ما يكون من الوجع، وذلك مصير كل باغ ظالم، وكذلك تبرنا أقواما ظلاما غير هؤلاء وأولئك : عادا قوم هود، وثمود قوم صالح، وأصحاب البئر بعث إليهم شعيب عليه السلام- والرس : البئر غير المطوية، فهي محفورة ليست مبنية- وأهل قرون غير هؤلاء كثير- والقرن : الزمان، وكل جماعة اقترنوا في زمن واحد فهم قرن- ذكرنا كلا من هؤلاء المهلكين بعاقبة المكذبين، ومآل الطاغين، وسقنالهم على لسان رسلهم ما فيه العظة والذكرى والاعتبار، فأعرضوا فحق عليهم التدمير والهلاك والتبار والخسار، ولقد مر قومك يامحمد في رحلاتهم وتجاراتهم على القرية التي أمطرنا أهلها بالحجارة- قرية لوط عليه السلام التي كذبه أهلها وأتوا الرجال شهوة وفحشا من دون النساء، وكانت خمس قرى فاقتلعها الملك بأمر الله وقلبها وأمطر من كان خارجا من أهلها بالحجارة- أفلم يزجرهم ما شاهدوا من آثار تلك القرى، بل كانوا في يأس من مجيء الآخرة، والدمار : استئصال الهلاك، والتتبير : التكسير والإهلاك، وكل شيء كسرته وفتتته، فقد تبرته، فكأن إهلاك الفراعنة لما كان إغراقا استأصلهم وكذا قوم نوح، لكن المهلكين من غيرهم بقيت آثارهم ) فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا.. ( ٧، فالمرتابون في لقاء الله وجزائه لا يتذكرون، إنما يتذكر من يخشى، وصدق العليم الحكيم القائل في الكتاب الحكيم المجيد :" فذكر بالقرآن من يخاف وعيد " ٨.
٢ سورة طه. الآيات من ٢٩ إلى ٣٦..
٣ سورة النازعات. الآية ٢٤..
٤ سورة النحل. من الآية١..
٥ مابين العارضتين نقله النيسابورى..
٦ سورة النازعات. الآية٢٦..
٧ سورة النمل. من الآية ٥٢..
٨ سورة ق. من الآية٤٥..
في هذه الآيات المحكمات بشرى وتسلية للنبي والمؤمنين، فكأنهما لتثبيت مزيد من اليقين بالوعد بالهداية والنصر في آية كريمة سبقت :﴿ وكفى بربك هاديا ونصيرا ﴾، كما أن فيها الوعيد والإنذار للمشركين المكذبين أن يحل المنتقم الجبار بهم ما أحله بالطاغين الأولين- كأنه قال : لست يا محمد بأول من أرسلناه فكذب، وآتيناه الآيات فرد، بل آتينا موسى التوراة وقويناه بأخيه ومع ذلك كذب، ورد١-، و﴿ وزيرا ﴾ أي معينا، أرسل الله مع موسى أخاه هارون استجابة للدعوة التي تضرع بها إلى ربه :) واجعل لي وزيرا من أهلي. هارون أخي. اشدد به أزري. وأشركه في أمري. كي نسبحك كثيرا. ونذكرك كثيرا. إنك كنت بنا بصيرا. قال قد أوتيت سؤلك ياموسى( ٢، أمرهما الله تعالى أن يدعوا فرعون وقومه إلى الهدى ودين الحق، والكف عن استعباد الخلق، وهل كان القوم قد كذبوا بالآيات قبل مجيئها ؟ والجواب : نعم إن أريد تكذيب الآيات الإلهية، إذ حشر فنادى ) فقال أنا ربكم الأعلى )٣، وإن أريد تكذيب آيات النبوة فاللفظ ماض والمعنى على الاستقبال، كما في قوله تعالى :)أتى أمر الله فلا تستعجلوه.. ( ٤- ويجوز أن يراد : إلى القوم الذين آل حالهم إلى أن كذبوا فدمرناهم.. -٥ فأهلكهم الله تعالى وأغرقهم، وجعلهم الله نكال الآخرة والأولى ( إن في ذلك لعبرة لمن يخشى( ٦، ودمرنا قبل هؤلاء قوم نوح جزاء لهم على تكذيبهم رسالة نبيهم من ربهم إليهم، والقوم وإن لم يكذبوا إلا نوحا لكن تكذيبه عليه السلام كالتكذيب لكل المرسلين لاتفاقهم على الدعوة إلى الله الواحد، وجعلنا هلكتهم موعظة للناس وعلامة على اقتدارنا، وبطشنا بالمعاندين للرشد، والمناوئين لرسلنا، وهيأنا لهم مع ما أذقناهم من الخزي والبأس العاجل- عذابا موجعا أقصى ما يكون من الوجع، وذلك مصير كل باغ ظالم، وكذلك تبرنا أقواما ظلاما غير هؤلاء وأولئك : عادا قوم هود، وثمود قوم صالح، وأصحاب البئر بعث إليهم شعيب عليه السلام- والرس : البئر غير المطوية، فهي محفورة ليست مبنية- وأهل قرون غير هؤلاء كثير- والقرن : الزمان، وكل جماعة اقترنوا في زمن واحد فهم قرن- ذكرنا كلا من هؤلاء المهلكين بعاقبة المكذبين، ومآل الطاغين، وسقنالهم على لسان رسلهم ما فيه العظة والذكرى والاعتبار، فأعرضوا فحق عليهم التدمير والهلاك والتبار والخسار، ولقد مر قومك يامحمد في رحلاتهم وتجاراتهم على القرية التي أمطرنا أهلها بالحجارة- قرية لوط عليه السلام التي كذبه أهلها وأتوا الرجال شهوة وفحشا من دون النساء، وكانت خمس قرى فاقتلعها الملك بأمر الله وقلبها وأمطر من كان خارجا من أهلها بالحجارة- أفلم يزجرهم ما شاهدوا من آثار تلك القرى، بل كانوا في يأس من مجيء الآخرة، والدمار : استئصال الهلاك، والتتبير : التكسير والإهلاك، وكل شيء كسرته وفتتته، فقد تبرته، فكأن إهلاك الفراعنة لما كان إغراقا استأصلهم وكذا قوم نوح، لكن المهلكين من غيرهم بقيت آثارهم ) فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا.. ( ٧، فالمرتابون في لقاء الله وجزائه لا يتذكرون، إنما يتذكر من يخشى، وصدق العليم الحكيم القائل في الكتاب الحكيم المجيد :" فذكر بالقرآن من يخاف وعيد " ٨.
٢ سورة طه. الآيات من ٢٩ إلى ٣٦..
٣ سورة النازعات. الآية ٢٤..
٤ سورة النحل. من الآية١..
٥ مابين العارضتين نقله النيسابورى..
٦ سورة النازعات. الآية٢٦..
٧ سورة النمل. من الآية ٥٢..
٨ سورة ق. من الآية٤٥..
﴿ إذا ﴾ أداة شرط، ﴿ رأوك ﴾ فعل الشرط، ﴿ إن يتخذونك ﴾جواب الشرط وجزاؤه، يقول اللغويون :[ إذا ] تنفرد بوقوع جوابها المنفي بإن، ولا، وما، بدون فاء بخلاف غيرها من أدوات الشرط.
وحين يراك الكفار ما يرضى أهواءهم إلا أن يجعلوك محل استهزاء وسخرية حال كونهم قائلين استخفافا واستنكارا : أهذا الذي بعثه الله مرسلا- كما يزعم- من بين خلقه ؟ !
قد كاد وقارب إضلالنا عن أصنامنا وصرفنا عنها- لا عن عبادتها فقط- لولا ثباتهم واستمساكهم بهذا الباطل، وقريب من هذا ما تواصلوا به حين نفذ التوحيد إلى قلوب من سبقت لهم السعادة إذ غلبت على هؤلاء الشقوة، فتداعوا إلى العكوف على إفك وشرك الآباء والأجداد، وحكى الكتاب العزيز تآمرهم :)وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد. ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق. أأنزل عليه الذكر من بيننا.. )١ ؟ ! وهكذا يزين للكافرين سفه رأيهم وسوء عملهم فيرونه حسنا، ويعدون من دعاهم إلى الحق مضلا مفسدا، مثلما استنفر فرعون قومه لمناوأة موسى صلى الله عليه وسلم وبين القرآن الحكيم مقالته :).. إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد( ٢ومالأه قومه على طغيانه فقالوا ما أشارت إليه الآية الكريمة :) وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك.. ( ٣، وهنا لما رموا النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم بأنه أوشك أن يضلهم، سفه الله تعالى عقولهم، ورد افتراءهم، وتوعدهم بأنهم حين يرون عذابهم- ما يجعل لهم من بطش ونقمة، وما يدخر لهم- سيعلمون أنهم أضل الخلق طريقا ودينا، وأن محمدا أهدى وأقوم من دعا إلى حق، وما بعث إلا شاهدا ومبشرا ونذيرا، ومبينا لمنهاج الرشد وسراجا منيرا.
وفي تقييد العلم بوقت رؤية العذاب وعيد لهم، وتنبيه على أنه تعالى لا يهملهم وإن أمهلهم-، [ ومن جملة كفرهم وعنادهم أنهم﴿ إذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا ﴾ محل هزؤ، ثم فسر ذلك الاستهزاء بأنهم يقولون مشيرين إليه على سبيل الاستحقار﴿ أهذا الذي بعث الله رسولا ﴾هذا : الذي بعثه الله حال كونه رسولا-بزعمه- ويجوز أن يكون تسميته رسولا استهزاء آخر منهم من حيث إنه تسليم وإقرار في معرض الجحود والإنكار، وفي هذا جهل عظيم، لأنهم إن استحقروا صورته فإنه أحسنهم خلقا وأعدلهم مزاجا، مع أنه لم يكن يدعي التميز بالصورة، وإن استهزءوا بالمعنى فيه وقع التحدي بظهور المعجزة عليه، وقامت الحجة عليهم، فهم أحق بالاستهزاء منه حين أصروا على الباطل بعد وضوح البرهان على الحق، ولقد شهد عليهم بمضمون هذا التقرير ابن٤ أخت خالتهم،
٢ سورة غافر. من الآية ٢٦..
٣ سورة الأعراف. من الآية ٢٧..
٤ تعبير يقصد به: شهدوا على أنفسهم..
أرأيت يا محمد، أو الخطاب لكل من هو أهل له- وهي إما من الرؤية البصرية أو الرؤية البصيرية-والاستفهام تعجيبي، أأبصرت الذين عبدوا أهواءهم وأطاعوها، وما لهم سوى ما تهوى أنفسهم من إفك وباطل، وما أشربته قلوبهم، من اتباع١ ما تزخرفه لهم شياطينهم. فتحبب إليهم الجبت والطاغوت، وتضيق صدورهم إذا دعوا إلى البر الرحيم، الحي الذي لا يموت، وهكذا يبين القرآن الكريم مبلغ شقوتهم، فجاء في آية كريمة :) وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون )٢(.. وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا( ٣ أبعد ما شاهدت غلو هذا المفتون في طاعة الهوى ويجبره على الانقياد للرشد به شاء أو أبى أفأنت تملك أن تزجره عن الغي وترشده إلى الحق طوعا أو كرها ؟ ! فكأن الاستفهام يراد به الاستبعاد والإنكار، ثم أضرب عن الإنكار هذا وانتقل إلى إنكار حسبانه صلى الله تعالى عليه وسلم إياهم ممن يسمع أو يعقل ينبىء عنه جده عليه الصلاة والسلام في الدعوة، واهتمامه بالإرشاد والتذكير، على معنى أنه لا ينبغي أن يقع، أي !
بل أتحسب أن أكثرهم يسمعون حق السماع ما تتلو عليهم من الآيات القرآنية، أو يعقلون ما أظهر لهم من الآيات الأفاقية والأنفسية فتعتني في شأنهم، وتطمع في إيمانهم ؟.. وتخصيص الأكثر لأن منهم من سبقت له العناية الأزلية بالإيمان بعد الاتخاذ المذكور.. وقوله تعالى﴿ إن هم إلا كالأنعام ﴾.. لتكرير النكير وتأكيده، وحسم مادة الحسبان بالمرة، والضمير[ للأكثر ]﴿ من ﴾ في الآية السابقة- واكتفى عن ذكر الأكثر بما قبله أي : ما هم في عدم الانتفاع بما يقرع آذانهم من قوارع الآيات، ! وانتفاء التدبر بما يشاهدونه من الدلائل البينات إلا كالبهائم التي هي مثل في الغفلة : وعلم في الضلالة﴿ بل هم أضل ﴾ منها﴿ سبيلا ﴾ لما أنها تنقاد لصاحبها الذي يتعهدها.. وتهتدي لمراعيها ومشاربها، وتأوي إلى معاطنها ومرابضها، وهؤلاء لا ينقادون لربهم سبحانه وخالقهم ورازقهم.. ولا يطلبون الثواب الذي هو أعظم المنافع، ولا يتقون العقاب الذي هو أشد المضار والمهالك.... ولأن أحكام جهالتها وضلالتها مقصورة على أنفسها لا تتعدى إلى أحد، وجهالة هؤلاء مؤدية إلى ثوران الفتنة والفساد، وصد الناس عن سنن السداد، وهيجان الهرج والمرج فيما بين العباد-٤.
٢ سورة الزمر. الآية ٤٥..
٣ سورة الإسراء. من الآية ٤٦..
٤ ما بين العارضتين مما أورده الأولوسى، بتصرف..
أرأيت يا محمد، أو الخطاب لكل من هو أهل له- وهي إما من الرؤية البصرية أو الرؤية البصيرية-والاستفهام تعجيبي، أأبصرت الذين عبدوا أهواءهم وأطاعوها، وما لهم سوى ما تهوى أنفسهم من إفك وباطل، وما أشربته قلوبهم، من اتباع١ ما تزخرفه لهم شياطينهم. فتحبب إليهم الجبت والطاغوت، وتضيق صدورهم إذا دعوا إلى البر الرحيم، الحي الذي لا يموت، وهكذا يبين القرآن الكريم مبلغ شقوتهم، فجاء في آية كريمة :) وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون )٢(.. وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا( ٣ أبعد ما شاهدت غلو هذا المفتون في طاعة الهوى ويجبره على الانقياد للرشد به شاء أو أبى أفأنت تملك أن تزجره عن الغي وترشده إلى الحق طوعا أو كرها ؟ ! فكأن الاستفهام يراد به الاستبعاد والإنكار، ثم أضرب عن الإنكار هذا وانتقل إلى إنكار حسبانه صلى الله تعالى عليه وسلم إياهم ممن يسمع أو يعقل ينبىء عنه جده عليه الصلاة والسلام في الدعوة، واهتمامه بالإرشاد والتذكير، على معنى أنه لا ينبغي أن يقع، أي !
بل أتحسب أن أكثرهم يسمعون حق السماع ما تتلو عليهم من الآيات القرآنية، أو يعقلون ما أظهر لهم من الآيات الأفاقية والأنفسية فتعتني في شأنهم، وتطمع في إيمانهم ؟.. وتخصيص الأكثر لأن منهم من سبقت له العناية الأزلية بالإيمان بعد الاتخاذ المذكور.. وقوله تعالى﴿ إن هم إلا كالأنعام ﴾.. لتكرير النكير وتأكيده، وحسم مادة الحسبان بالمرة، والضمير[ للأكثر ]﴿ من ﴾ في الآية السابقة- واكتفى عن ذكر الأكثر بما قبله أي : ما هم في عدم الانتفاع بما يقرع آذانهم من قوارع الآيات، ! وانتفاء التدبر بما يشاهدونه من الدلائل البينات إلا كالبهائم التي هي مثل في الغفلة : وعلم في الضلالة﴿ بل هم أضل ﴾ منها﴿ سبيلا ﴾ لما أنها تنقاد لصاحبها الذي يتعهدها.. وتهتدي لمراعيها ومشاربها، وتأوي إلى معاطنها ومرابضها، وهؤلاء لا ينقادون لربهم سبحانه وخالقهم ورازقهم.. ولا يطلبون الثواب الذي هو أعظم المنافع، ولا يتقون العقاب الذي هو أشد المضار والمهالك.... ولأن أحكام جهالتها وضلالتها مقصورة على أنفسها لا تتعدى إلى أحد، وجهالة هؤلاء مؤدية إلى ثوران الفتنة والفساد، وصد الناس عن سنن السداد، وهيجان الهرج والمرج فيما بين العباد-٤.
٢ سورة الزمر. الآية ٤٥..
٣ سورة الإسراء. من الآية ٤٦..
٤ ما بين العارضتين مما أورده الأولوسى، بتصرف..
﴿ الظل ﴾ ما نسخته الشمس، أو كل ما لم تطلع عليه الشمس، وفي أكثر من اثنتى عشرة آية في القرآن الكريم ذكر الظل وما تصرف منه حيث لا شمس تطلع.
﴿ ساكنا ﴾ ثابتا على حاله.
﴿ جعلنا الشمس عليه دليلا ﴾ جعلنا طلوع الشمس دليلا على أن الظل كيفية موجودة
ألم تنظر إلى بعض آثار قدرة ربك كيف بسط الظل فطابت به النفوس، وانشرحت به الصدور، ثم يتبعه الشمس فنعرف عند طلوعها ووقوع شعاعها على الأجسام أن الظل كان شيئا زائدا على الأجسام وألوانها، ثم أزلناه بعد ما بسطناه شيئا فشيئا، ومحوناه على مهل قليلا قليلا، أو : ألم تر ذلك ببصرك ؟ فتزداد يقينا باقتدار وحكمة ربك ؟ ! والخطاب لكل من هو أهل للرؤية العلمية والبصرية، أكثر من عشرة من أئمة التفسير بالمأثور من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم قالوا : الظل من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.
[ ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ] عطف على﴿ مد ﴾ داخل في حكمه، أي : ثم جعلنا طلوع الشمس دليلا على ظهوره للحس، فإن الناظر إلى الجسم الملون حال قيام الظل عليه لا يظهر له شيء سوى الجسم ولونه، ثم إذا طلعت الشمس ووقع لونها على الجسم ظهر له أن الظل كيفية زائدة على الجسم ولونه... ، و﴿ ثم ﴾ إما للتراخي الرتبي... وإما للتراخي الزماني كما هو حقيقة معناها، بناء على طول الزمان بين ابتداء الفجر وطلوع الشمس، وقوله سبحانه :﴿ ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا ﴾ عطف على﴿ مد ﴾ داخل في حكمه أيضا.. فزوال الظل بعد عمومه تدريجي.. ، وكأن التعبير عن تلك الإزالة بالقبض وهو : جمع الأجزاء المنبسطة، لما أنه قد عبر عن الإحداث بالمد ]١
مما يقول ابن كثير : من ههنا شرع سبحانه وتعالى في بيان الأدلة الدالة على وجوده وقدرته التامة على خلق الأشياء المختلفة والمتضادة... وقوله تعالى :﴿ ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ﴾ أي لولا أن الشمس تطلع عليه لما عرف، فإن الضد لا يعرف إلا بضده،.. ﴿ ثم قبضناه إلينا قبضا ﴾ أي الظل، وقيل : الشمس، ﴿ يسيرا ﴾أي سهلا.. وقال السدي : قبضا خفيا حتى لا يبقى في الأرض ظل إلا تحت سقف أو تحت شجرة، وقد أظلت الشمس ما فوقه. اهـ.
مما نقل صاحب غرائب القرآن : ثم ذكر طرفا من دلائل التوحيد مع ما فيها من عظيم الإنعام، فأولها الاستدلال من أحوال الظل... وذلك أن الظل متغير، ولكل متغير موجد وصانع.... الظل أمر متوسط بين الضوء الخالص والظلمة الخالصة، كالكيفيات الحاصلة داخل السقوف الكاملة وأفنية الجدران، وهو أعدل الأحوال، لأن الظلمة الخالصة يكرهها الطبع، وينفر عنها الحس، والضوء الكامل لقوته يبهر الحس البصري، ويؤذي بالتسخين، وكذلك وصف الجنة به في قوله :﴿ وظل ممدود ﴾. اهـ.
- فالظل مكثه في هذا الجو بمقدار طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فإذا طلعت الشمس صار الظل مقبوضا، وخلفه في هذا الجو شعاع الشمس فأشرق على الأرض وعلى الأشياء إلى وقت غروبها-٢ وقال أبو العالية : نهار الجنة هكذا، وأشار إلى ساعة المصلين صلاة الفجر٣اهـ.
﴿ إلينا ﴾ مد الظل وقبضه موكول إلينا دون سوانا.
﴿ يسيرا ﴾ هينا متدرجا.
ألم تنظر إلى بعض آثار قدرة ربك كيف بسط الظل فطابت به النفوس، وانشرحت به الصدور، ثم يتبعه الشمس فنعرف عند طلوعها ووقوع شعاعها على الأجسام أن الظل كان شيئا زائدا على الأجسام وألوانها، ثم أزلناه بعد ما بسطناه شيئا فشيئا، ومحوناه على مهل قليلا قليلا، أو : ألم تر ذلك ببصرك ؟ فتزداد يقينا باقتدار وحكمة ربك ؟ ! والخطاب لكل من هو أهل للرؤية العلمية والبصرية، أكثر من عشرة من أئمة التفسير بالمأثور من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم قالوا : الظل من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.
[ ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ] عطف على﴿ مد ﴾ داخل في حكمه، أي : ثم جعلنا طلوع الشمس دليلا على ظهوره للحس، فإن الناظر إلى الجسم الملون حال قيام الظل عليه لا يظهر له شيء سوى الجسم ولونه، ثم إذا طلعت الشمس ووقع لونها على الجسم ظهر له أن الظل كيفية زائدة على الجسم ولونه... ، و﴿ ثم ﴾ إما للتراخي الرتبي... وإما للتراخي الزماني كما هو حقيقة معناها، بناء على طول الزمان بين ابتداء الفجر وطلوع الشمس، وقوله سبحانه :﴿ ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا ﴾ عطف على﴿ مد ﴾ داخل في حكمه أيضا.. فزوال الظل بعد عمومه تدريجي.. ، وكأن التعبير عن تلك الإزالة بالقبض وهو : جمع الأجزاء المنبسطة، لما أنه قد عبر عن الإحداث بالمد ]١
مما يقول ابن كثير : من ههنا شرع سبحانه وتعالى في بيان الأدلة الدالة على وجوده وقدرته التامة على خلق الأشياء المختلفة والمتضادة... وقوله تعالى :﴿ ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ﴾ أي لولا أن الشمس تطلع عليه لما عرف، فإن الضد لا يعرف إلا بضده،.. ﴿ ثم قبضناه إلينا قبضا ﴾ أي الظل، وقيل : الشمس، ﴿ يسيرا ﴾أي سهلا.. وقال السدي : قبضا خفيا حتى لا يبقى في الأرض ظل إلا تحت سقف أو تحت شجرة، وقد أظلت الشمس ما فوقه. اهـ.
مما نقل صاحب غرائب القرآن : ثم ذكر طرفا من دلائل التوحيد مع ما فيها من عظيم الإنعام، فأولها الاستدلال من أحوال الظل... وذلك أن الظل متغير، ولكل متغير موجد وصانع.... الظل أمر متوسط بين الضوء الخالص والظلمة الخالصة، كالكيفيات الحاصلة داخل السقوف الكاملة وأفنية الجدران، وهو أعدل الأحوال، لأن الظلمة الخالصة يكرهها الطبع، وينفر عنها الحس، والضوء الكامل لقوته يبهر الحس البصري، ويؤذي بالتسخين، وكذلك وصف الجنة به في قوله :﴿ وظل ممدود ﴾. اهـ.
- فالظل مكثه في هذا الجو بمقدار طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فإذا طلعت الشمس صار الظل مقبوضا، وخلفه في هذا الجو شعاع الشمس فأشرق على الأرض وعلى الأشياء إلى وقت غروبها-٢ وقال أبو العالية : نهار الجنة هكذا، وأشار إلى ساعة المصلين صلاة الفجر٣اهـ.
﴿ سباتا ﴾ عميقا، أو راحة، أو سكونا، أو انقطاعا عن الحركة.
﴿ نشورا ﴾ تنتشر فيه الخلائق للسعي في أداء ما طلب منها.
برهان ثان على بديع صنع الله تعالى ومزيد فضله على الخلق، بعد البرهان السابق الذي أحسن فيه الخلاق العليم إلينا بمد الظل ثم قبضه، فمن رحمته- تبارك اسمه- أن جعل الليل لراحتنا ونومنا، كما امتن بذلك سبحانه بقوله :) ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله( ١وقوله جل ثناؤه :) قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه.. ( ٢ يقول الألوسي : وكأنه جعل الليل لباسا، والنوم فيه سباتا بمجموعه مقابل جعل النهار نشورا، ولهذا كرر ﴿ جعل ﴾ فيه لما في النشور من معنى الظهور والحركة الناصبة.. اهـ.
علامة ثالثة على بالغ إتقان الحكيم سبحانه وسابغ إنعامه، فهو-دون سواه- يسخر الرياح ويسيرها كما يشاء، فتحمل السحاب المحمل بالغيث والمطر، ثم يعقبها أن ينشر الله تعالى ما به تستنقد الخلائق وتصان حياتها، بالماء الذي ينزله الله من جهة السماء رزقا مباركا، فيكون مطهرة للحس والنفس، يحيي به ربنا موات الأرض، وما قضى من جنباتها وأرجائها، وصدق الله العظيم :).. وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت.. ( ١ ).. وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون. وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب.. ( ٢ ).. وأنبتت من كل زوج بهيج( ٣، فمع ما يتحقق لنا بسبب المطر من متع مادية ومعنوية فإن فيه حياة الهامد الجامد، والنبات المبهج النافع، ﴿ ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا ﴾ وفيه السقيا للحيوان والإنسان، مما قال ابن عطية : الريح متى وردت في القرآن مفردة فهي للعذاب، ومتى كانت للمطر والرحمة جاءت مجموعة.. اه.
يقول الألوسي : وما ذكر في التفرقة بين المفرد والمجموع أكثري.. اه أقول : امتن القرآن الكريم على المؤمنين بأن الله بعث طائفة من جنده، وريحا جعلها الله تعالى سببا لنصرهم وهزيمة عدوهم، جاء في سورة الأحزاب :)يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها.. ( ٤، -﴿ بشرا ﴾.. أي أرسل الرياح مبشرات.. ﴿ بين يدي رحمته ﴾أي قدام المطر....
٢ سورة يس. من الآية ٣٣ ومن الآية ٣٤..
٣ سورة الحج. من الآية ٥..
٤ سورة الأحزاب. من الآية ٩..
واستيقنوا وتحققوا أنا صرفنا المطر الطهور المبارك بين العباد ).. فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء.. ( ١ ).. فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون. وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين( ٢ ) وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته... ( ٣ فقليل من يشكر وأكثر الناس يجحد ويكفر، قال النحاس : ولا نعلم بين أهل التفسير اختلافا أن الكفر ها هنا قولهم : مطرنا بنوء كذا وكذا، وأن نظيره : فعل النجم كذا، وأن كل من نسب إليه فعلا فهو كافر٤. اه.
أقول : والزعم أن الأسباب تؤثر بذواتها دون جاعلها ومسببها-تبارك وتعالى- إنما هو من اتخاذ الأنداد، بل جحود بالله الفعال لما أراد.
روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن زيد بن خالد الجهني قال : صلى لنا- أي صلى إماما لنا- رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء- في أعقاب مطر، ويسمى سماء لنزوله من جهتها-كانت من الليلة فلما انصرف أقبل على الناس فقال :" هل تدرون ماذا قال ربكم " ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال :" أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنوء٥كذا وكذا فذلك كافر مؤمن بالكوكب "، صحيح أن الله سبحانه جعل نزول المطر مترتبا- في أكثر الأحيان- على تقلبات فلكية. وتأثيرات كوكبية، لكن خلقه ونزوله بقدرة الله تعالى ومشيئته، والأنواء وتأثيرها في حصول الأمطار لا يعدو أن يكون سببا يعمله الله جل جلاله متى شاء، ويبطل عمله حيث يشاء، والله الفعال لما يريد قادر على إنشاء الأشياء بلا أسباب بل وبلا مواد، كما أنشأ النفوس والأسباب والمواد.
وأعاد بعضهم الضمير في قوله تعالى﴿ صرفناه ﴾على القرآن الكريم، فيكون المعنى عندهم : ولقد بينا آيات القرآن بينهم ليتدبروا ويعتبروا ويزدجروا بما فيها من هدى ورشد ووعد ووعيد فامتنعوا، ولم يكن منهم إلا الإعراض والكفران، والتكذيب والنكران.
٢ سورة الروم. من الآية ٤٨، والآية ٤٩..
٣ سورة الشورى. من الآية ٢٨..
٤ أورده صاحب الجامع لأحكام القرآن ج ١٣ ص٥٧..
٥ يطلق ويراد ما حدث من تقلبات جوية كتراكم السحب..
ولو أردنا إرسال نبي في كل حاضرة لفعلنا وما أعجزنا ذلك- لكن لم نشأ ذلك وقصرنا الأمر عليك إجلالا لك وتعظيما-١ )قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا.. ( ٢ )وما أرسلناك إلا كافة للناس.. ( ٣﴿ تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ﴾.
٢ سورة الأعراف. من الآية ١٥٨..
٣ سورة سبأ. من الآية ٢٨..
كأنما أراد المولى سبحانه-وهو أعلم بالمراد- تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين على عدم مطاوعة الكافرين- وربما كان يكفر في مداهنتهم استدعاء لهم إلى الإسلام- وذهب إلى نحو ذلك النحاس، وقل لهم ما أمرتك بقوله :) لكم دينكم ولي دين( ١وجاهدهم بالقرآن وسلطانه، وحجته وبرهانه جهادا صابرا لا فتور معه، [ فإن دعوة كل العالمين على وجه المذكور جهاد كبير لا يقادر قدره.... بعثناك نذيرا لجميع القرى، وفضلناك وعظمناك ولم نبعث في كل قرية نذيرا، فقابل ذلك بالثبات والاجتهاد في الدعوة وإظهار الحق... لما ذكر ما يدل على حرصه صلى الله عليه وسلم على طلب هداهم وتمارضهم في ذلك في قوله سبحانه :﴿ أفرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا ﴾وذنب٢ بدلائل القدرة والنعمة والرحمة دلالة على أنهم لا ينفع فيهم الاحتشاد، وأنهم يغمطون مثل هذه النعم، ويغفلون عن عظمة موجدها- سبحانه- وجعلوا كالأنعام وأضل، وختم بأنه ليس لهم مراد إلا كفور نعمته قيل :﴿ ولو شئنا ﴾ على معنى : أنا عظمناك بهذا الأمر لتستقل بأعبائه، وتحوز ما دخر لك من جنس جزائه، فعليك بالمجاهدة والمصابرة، ولا عليك من تلقيهم الدعوة بالإباء والمشاجرة، وبولغ فيه فجعل حرصه صلى الله عليه وسلم على إيمان هؤلاء المطبوع على قلوبهم طاعة لهم. وقيل : فلا تطعهم... ويستدل بالآية على الوجه المأثور على عظم جهاد العلماء لأعداء الدين بما يوردون عليهم من الأدلة، وأوفر حظا المجاهدون بالقرآن منهم ]. ٣
٢ قفى وعقب..
٣ مابين العلامتين [ ] أورده صاحب روح المعاني..
﴿ مرج ﴾ أرسل وخلى، وخلط.
﴿ فرات ﴾ شديد العذوبة، من [ فرت ]وأصله[ رفت ] إذا كسر، لأنه يكسر سورة العطش ويقمع حدة الظمأ، ويطفئها.
﴿ أجاج ﴾ شديد الملوحة، ، لأنه يؤجج العطش، أو من أجيج النار.
﴿ برزخا ﴾ حاجزا من قدرته تعالى.
﴿ وحجرا محجورا ﴾ وحائلا منعيا، وتنافرا مفرطا، يمنع تمازجهما وإن اختلطا واتصلا.
والله دون سواه هو الذي أجرى عذب البحار وملحها، ومع تلاقيهما يبقى النهر طيب المذاق، سائغا للشاربين، يحيا به النبات والحيوان والإنسان، بل والأرض الهامدة الجامدة، ويبقى الملح أجاجا زعاقا، ومع أنهما ماءان يتصلان ويختلطان، إلا أن سلطان الله وهيمنته وحكمته لا تدعهما يمزجان أبدا، فلا يغلب هذا على عذوبة ذاك١، ولا يغلب ذاك على ملوحة هذا، فسبحان من أنشأ وقدر، وهدى وسخر.
﴿ نسبا وصهرا ﴾ يكون ولدا نسيبا في ابتداء أمره، ثم يتزوج فيصير صهرا.
كانت خامسة علامات اقتدار الله تعالى ودليل حكمته وواسع رحمته وعظيم منته التي بينها في آيات متتابعات من هذه السورة الكريمة أن أجرى الأنهار والبحار، وحفظ على كل منهما ما اختصه به رزقا للعباد ونفعا، وبلاغا وبرهانا، ثم ذكرنا بديع صنعه في أن جعل تناسل البشر من ماء ضعيف قليل، فسواه وعدله، وأحسن صورته، وكمل خلقته، وجعل الزوجين الذكر والأنثى، فكان نسيبا ثم مصاهرا، كل ذلك من ماء مهين، ).. فتبارك الله أحسن الخالقين( ١وربنا كان ولا يزال بالغ القدرة، لا يقف أمام قدرته كائن، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ثم الذين عميت بصائرهم بربهم يشركون، يشركون مالا يخلق ولا يرزق، ولا يسمع ولا يبصر، ولا ينفع ولا عن نفسه أو عابديه السفاء يدفع، وهم-بشركهم – لربهم محادون، وللشيطان موالون، فهم بالباطل يؤمنون، وبنعمة الله وحقه يكفرون، قال مجاهد : يظاهر الشيطان على معصية الله ويعينه، وقال سعيد بن جبير، ﴿ ظهير ﴾ عونا للشيطان على ربه بالعداوة والشرك. اهـ. وقال الألوسي :﴿ وكان ربك قديرا ﴾ مبالغا في القدرة حيث قدر على أن يخلق من مادة واحدة بشرا ذا أعضاء مختلفة وطباع متباعدة، وجعله قسمين متقابلين. اهـ.
كانت خامسة علامات اقتدار الله تعالى ودليل حكمته وواسع رحمته وعظيم منته التي بينها في آيات متتابعات من هذه السورة الكريمة أن أجرى الأنهار والبحار، وحفظ على كل منهما ما اختصه به رزقا للعباد ونفعا، وبلاغا وبرهانا، ثم ذكرنا بديع صنعه في أن جعل تناسل البشر من ماء ضعيف قليل، فسواه وعدله، وأحسن صورته، وكمل خلقته، وجعل الزوجين الذكر والأنثى، فكان نسيبا ثم مصاهرا، كل ذلك من ماء مهين، ).. فتبارك الله أحسن الخالقين( ١وربنا كان ولا يزال بالغ القدرة، لا يقف أمام قدرته كائن، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ثم الذين عميت بصائرهم بربهم يشركون، يشركون مالا يخلق ولا يرزق، ولا يسمع ولا يبصر، ولا ينفع ولا عن نفسه أو عابديه السفاء يدفع، وهم-بشركهم – لربهم محادون، وللشيطان موالون، فهم بالباطل يؤمنون، وبنعمة الله وحقه يكفرون، قال مجاهد : يظاهر الشيطان على معصية الله ويعينه، وقال سعيد بن جبير، ﴿ ظهير ﴾ عونا للشيطان على ربه بالعداوة والشرك. اهـ. وقال الألوسي :﴿ وكان ربك قديرا ﴾ مبالغا في القدرة حيث قدر على أن يخلق من مادة واحدة بشرا ذا أعضاء مختلفة وطباع متباعدة، وجعله قسمين متقابلين. اهـ.
﴿ نذيرا ﴾ تنذر وتحذر المكذبين الضالين سوء المصير في أولاهم وعقباهم.
بدأت الآيات الكريمة بتسلية النبي صلى الله عليه وسلم وتذكيره بأنه لن يسأل عن ذنوب المجرمين. فإنه لم يبعث وكيلا ولا مسيطرا عليهم، إنما بعث داعيا إلى الله تعالى بإذنه وسراجا منيرا، وحاملا الخبر السار والوعد الحق- لمن آمن واتقى- بالحياة الطيبة والنعيم الأوفى، ومحذرا المكذبين والضالين سوء العاقبة في الأولى والأخرى، وذكر المنذرين بأنك لا تطالبهم بأجر لقاء ما تدعوهم، حتى لا يثقل عليهم ما تطالبهم به، كالذي بكتهم به القرآن في الآية الكريمة :) أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون( ١، لكن من شاء أن يسلك طريق رضوان ربه فأنفق ماله في سبيل الله فهو في تجارة لن تبور- ويجوز أن يكون متصلا ويقدر حذف مضاف، التقدير : إلا أجر﴿ من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا ﴾ باتباع ديني حتى ينال كرامة الدنيا والآخرة-٢، واتخذ الحي القيوم الذي لا ينام ولا يموت اتخذه وكيلا، واعتمد عليه في كل الأمور، وما الأسباب إلا وسائط أمر بها من غير اتكال عليها، ونزه مولاك وقدسه، وبرئه من العيب والنقص والسوء، واحمده على نعمته السابغة التي لا تحصى، واقرن بين التسبيح والشكر، وداوم على الثناء والحمد، وبحسبك أن مولاك يعلم كيد المجرمين، وفسوق المفسدين فيجازيهم به، -﴿ وتوكل على الحي الذي لا يموت ﴾ في الإغناء عن أجورهم والاستكفاء عن شرورهم-٣.
﴿ سبيلا ﴾ طريقا.
بدأت الآيات الكريمة بتسلية النبي صلى الله عليه وسلم وتذكيره بأنه لن يسأل عن ذنوب المجرمين. فإنه لم يبعث وكيلا ولا مسيطرا عليهم، إنما بعث داعيا إلى الله تعالى بإذنه وسراجا منيرا، وحاملا الخبر السار والوعد الحق- لمن آمن واتقى- بالحياة الطيبة والنعيم الأوفى، ومحذرا المكذبين والضالين سوء العاقبة في الأولى والأخرى، وذكر المنذرين بأنك لا تطالبهم بأجر لقاء ما تدعوهم، حتى لا يثقل عليهم ما تطالبهم به، كالذي بكتهم به القرآن في الآية الكريمة :) أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون( ١، لكن من شاء أن يسلك طريق رضوان ربه فأنفق ماله في سبيل الله فهو في تجارة لن تبور- ويجوز أن يكون متصلا ويقدر حذف مضاف، التقدير : إلا أجر﴿ من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا ﴾ باتباع ديني حتى ينال كرامة الدنيا والآخرة-٢، واتخذ الحي القيوم الذي لا ينام ولا يموت اتخذه وكيلا، واعتمد عليه في كل الأمور، وما الأسباب إلا وسائط أمر بها من غير اتكال عليها، ونزه مولاك وقدسه، وبرئه من العيب والنقص والسوء، واحمده على نعمته السابغة التي لا تحصى، واقرن بين التسبيح والشكر، وداوم على الثناء والحمد، وبحسبك أن مولاك يعلم كيد المجرمين، وفسوق المفسدين فيجازيهم به، -﴿ وتوكل على الحي الذي لا يموت ﴾ في الإغناء عن أجورهم والاستكفاء عن شرورهم-٣.
بدأت الآيات الكريمة بتسلية النبي صلى الله عليه وسلم وتذكيره بأنه لن يسأل عن ذنوب المجرمين. فإنه لم يبعث وكيلا ولا مسيطرا عليهم، إنما بعث داعيا إلى الله تعالى بإذنه وسراجا منيرا، وحاملا الخبر السار والوعد الحق- لمن آمن واتقى- بالحياة الطيبة والنعيم الأوفى، ومحذرا المكذبين والضالين سوء العاقبة في الأولى والأخرى، وذكر المنذرين بأنك لا تطالبهم بأجر لقاء ما تدعوهم، حتى لا يثقل عليهم ما تطالبهم به، كالذي بكتهم به القرآن في الآية الكريمة :) أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون( ١، لكن من شاء أن يسلك طريق رضوان ربه فأنفق ماله في سبيل الله فهو في تجارة لن تبور- ويجوز أن يكون متصلا ويقدر حذف مضاف، التقدير : إلا أجر﴿ من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا ﴾ باتباع ديني حتى ينال كرامة الدنيا والآخرة-٢، واتخذ الحي القيوم الذي لا ينام ولا يموت اتخذه وكيلا، واعتمد عليه في كل الأمور، وما الأسباب إلا وسائط أمر بها من غير اتكال عليها، ونزه مولاك وقدسه، وبرئه من العيب والنقص والسوء، واحمده على نعمته السابغة التي لا تحصى، واقرن بين التسبيح والشكر، وداوم على الثناء والحمد، وبحسبك أن مولاك يعلم كيد المجرمين، وفسوق المفسدين فيجازيهم به، -﴿ وتوكل على الحي الذي لا يموت ﴾ في الإغناء عن أجورهم والاستكفاء عن شرورهم-٣.
﴿ العرش ﴾ أعظم مخلوقات الله تعالى.
﴿ الرحمن ﴾ مفيض الرحمة على أبلغ وجه وأشمله.
﴿ خبيرا ﴾ عالما بما كان وما يكون، علما على الحقيقة.
سابعة علامات الإقتدار للواحد القهار في سياق هذه الآيات الكريمة أنه خالق الكون والمهيمن عليه، فهو الذي أبدع وأنشأ السماوات والأرض وأوجدهماوفطرهما على غير نظام سبق، فخلق الأرض في يومين، وقدر فيها أقواتها وأرزاق عمارها، وأسباب معايشهم في يومين تاليين، وفي ذلك يقول المولى تقدست أسماؤه :) قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين. وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين. ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين. فقضاهن سبع سموات في يومين.. ( ١ فتلك ستة أيام- أي نقدرها بستة أيام، أو فيما مدته وتقديره ستة أيام- أربعة أيام لخلق الأرض وتقدير أقواتها، ويومان لخلق السماء، ثم علا على العرش الكريم-سبحانه- ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة- وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته، وإنما جهلوا كيفية الاستواء فإنه لا تعلم حقيقته٢، إنه مفيض الرحمة والإحسان والرزق والرفق على أبلغ وجه وأشمله، حتى ليشمل سبحانه برحمته في الدنيا من كفر به وعاداه وعصاه وحاده، والرحمان بناء من أبنية المبالغة، وهو مقصور على الله عز وجل، واسم ممتنع لا يسمى غير الله به ولا يوصف، فاسأل إن شئت تحقيق ما ذكر وتفصيله معتنيا به خبيرا عظيم الشأن محيطا بظواهر الأمور وبواطنها، وهو الله عز وجل يطلعك على جلية الأمر٣ فالضمير في ﴿ به ﴾ راجع إلى ما ذكر إجمالا من الخلق والاستواء، وإذا بلغهم النبي صلى الله عليه وسلم ما أمروا به وقال لهم اسجدوا لربكم الذي وسع كل شيء رحمة، وهو خالقكم ورازقكم الذي لا رفق ولا إحسان يبلغ رفقه وإحسانه إذ هو وحده﴿ الرحمان ﴾ ردوا- توقحا وتجاهلا، وتساءلوا عن المسمى بهذا الإسم﴿ وما الرحمان ﴾ كما قال فرعون لموسى ما بينه كتاب الله :) وما رب العالمين( ٤، ثم استنكروا ما دعاهم إليه رسول الله من السجود للملك الديان خالق الأكوان، الرحيم الرحمن، ونفوا أن يستجيبوا له قائلين : أنسجد للذي تأمرنا بالسجود له من غير أن نعرفه- فما موصولة، والعائد محذوف، اشتملت عليه الجملة التي سبقت وأشرنا إليها.. ﴿ وزادهم ﴾ الأمر بالسجود للرحمن- والإسناد مجازي والجملة معطوفة على﴿ قالو ﴾ أي قالوا ذلك ﴿ وزادهم نفورا ﴾عن الإيمان-٥وتفرقا عن دعوته، وشرودا وذهابا وفرارا، كان سفيان الثوري يقول في هذه الآية : إلهي زادني لك خضوعا ما زاد أعداك نفورا، ونقل ابن كثير : وقد اتفق العلماء رحمهم الله على أن هذه السجدة التي في﴿ الفرقان ﴾ مشروع السجود عندها لقارئها ومستمعها.. والله سبحانه وتعالى أعلم. اهـ
سابعة علامات الإقتدار للواحد القهار في سياق هذه الآيات الكريمة أنه خالق الكون والمهيمن عليه، فهو الذي أبدع وأنشأ السماوات والأرض وأوجدهماوفطرهما على غير نظام سبق، فخلق الأرض في يومين، وقدر فيها أقواتها وأرزاق عمارها، وأسباب معايشهم في يومين تاليين، وفي ذلك يقول المولى تقدست أسماؤه :) قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين. وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين. ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين. فقضاهن سبع سموات في يومين.. ( ١ فتلك ستة أيام- أي نقدرها بستة أيام، أو فيما مدته وتقديره ستة أيام- أربعة أيام لخلق الأرض وتقدير أقواتها، ويومان لخلق السماء، ثم علا على العرش الكريم-سبحانه- ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة- وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته، وإنما جهلوا كيفية الاستواء فإنه لا تعلم حقيقته٢، إنه مفيض الرحمة والإحسان والرزق والرفق على أبلغ وجه وأشمله، حتى ليشمل سبحانه برحمته في الدنيا من كفر به وعاداه وعصاه وحاده، والرحمان بناء من أبنية المبالغة، وهو مقصور على الله عز وجل، واسم ممتنع لا يسمى غير الله به ولا يوصف، فاسأل إن شئت تحقيق ما ذكر وتفصيله معتنيا به خبيرا عظيم الشأن محيطا بظواهر الأمور وبواطنها، وهو الله عز وجل يطلعك على جلية الأمر٣ فالضمير في ﴿ به ﴾ راجع إلى ما ذكر إجمالا من الخلق والاستواء، وإذا بلغهم النبي صلى الله عليه وسلم ما أمروا به وقال لهم اسجدوا لربكم الذي وسع كل شيء رحمة، وهو خالقكم ورازقكم الذي لا رفق ولا إحسان يبلغ رفقه وإحسانه إذ هو وحده﴿ الرحمان ﴾ ردوا- توقحا وتجاهلا، وتساءلوا عن المسمى بهذا الإسم﴿ وما الرحمان ﴾ كما قال فرعون لموسى ما بينه كتاب الله :) وما رب العالمين( ٤، ثم استنكروا ما دعاهم إليه رسول الله من السجود للملك الديان خالق الأكوان، الرحيم الرحمن، ونفوا أن يستجيبوا له قائلين : أنسجد للذي تأمرنا بالسجود له من غير أن نعرفه- فما موصولة، والعائد محذوف، اشتملت عليه الجملة التي سبقت وأشرنا إليها.. ﴿ وزادهم ﴾ الأمر بالسجود للرحمن- والإسناد مجازي والجملة معطوفة على﴿ قالو ﴾ أي قالوا ذلك ﴿ وزادهم نفورا ﴾عن الإيمان-٥وتفرقا عن دعوته، وشرودا وذهابا وفرارا، كان سفيان الثوري يقول في هذه الآية : إلهي زادني لك خضوعا ما زاد أعداك نفورا، ونقل ابن كثير : وقد اتفق العلماء رحمهم الله على أن هذه السجدة التي في﴿ الفرقان ﴾ مشروع السجود عندها لقارئها ومستمعها.. والله سبحانه وتعالى أعلم. اهـ
﴿ نفورا ﴾ تفرقا وجزعا، وشرودا من الحق، وفرارا وذهابا.
﴿ بروجا ﴾ كواكب، أو نجوما، أو منازل فلكية.
﴿ سراجا ﴾ مصباحا زاهرا، والشمس سراج النهار.
تعالى الذي خلق الكواكب والنجوم العظام، وسخر كلا في فلكه، وخلق النيرين الشمس والقمر وأجرى كلا منهما على سننه ونسقه، )لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون( ١ وقيل :﴿ تبارك ﴾ بمعنى : دام وثبت إنعامه، ومن رحمته وحكمته أن جعل الليل والنهار يتعاقبان، يجيء هذا حين يذهب ذاك، هذا مضيء وذلك مظلم، فمن شاء أن يتقرب إلى الله تعالى في جنح الظلام والناس نيام، فما أسعده، فإن التهجد والاستغفار بالأسحار مما يكفر الخطايا ويرفع الدرجات ويتوصل به إلى مرضاة العزيز الغفار، وبهذا وصف الله المحسنين :) كانوا قليلا من الليل ما يهجعون. وبالأسحار هم يستغفرون( ٢، والسعي إلى ذكر الله والصلاة والجهاد، وإيثار ذلك على البيع والتجارة سبيل الفوز بعظيم الأجر ومزيد الفضل :).. يسبح له فيها بالغدو والآصال. رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار. ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله.. ( ٣ ).. هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم. تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون. يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم. وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب.. ( ٤، أورد صاحب[ الجامع لأحكام القرآن.. ] : وقال عمر بن الخطاب وابن عباس والحسن : معناه : من فاته شيء من الخير بالليل أدركه بالنهار، ومن فاته بالنهار أدركه بالليل، وفي الصحيح :" ما من امرئ تكون له صلاة بالليل فيغلبه عليها نوم فيصلي ما بين طلوع الشمس إلى صلاة الظهر إلا كتب الله له أجر صلاته وكان نومه عليه صدقة "، وروى مسلم عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل ".
تعالى الذي خلق الكواكب والنجوم العظام، وسخر كلا في فلكه، وخلق النيرين الشمس والقمر وأجرى كلا منهما على سننه ونسقه، )لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون( ١ وقيل :﴿ تبارك ﴾ بمعنى : دام وثبت إنعامه، ومن رحمته وحكمته أن جعل الليل والنهار يتعاقبان، يجيء هذا حين يذهب ذاك، هذا مضيء وذلك مظلم، فمن شاء أن يتقرب إلى الله تعالى في جنح الظلام والناس نيام، فما أسعده، فإن التهجد والاستغفار بالأسحار مما يكفر الخطايا ويرفع الدرجات ويتوصل به إلى مرضاة العزيز الغفار، وبهذا وصف الله المحسنين :) كانوا قليلا من الليل ما يهجعون. وبالأسحار هم يستغفرون( ٢، والسعي إلى ذكر الله والصلاة والجهاد، وإيثار ذلك على البيع والتجارة سبيل الفوز بعظيم الأجر ومزيد الفضل :).. يسبح له فيها بالغدو والآصال. رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار. ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله.. ( ٣ ).. هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم. تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون. يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم. وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب.. ( ٤، أورد صاحب[ الجامع لأحكام القرآن.. ] : وقال عمر بن الخطاب وابن عباس والحسن : معناه : من فاته شيء من الخير بالليل أدركه بالنهار، ومن فاته بالنهار أدركه بالليل، وفي الصحيح :" ما من امرئ تكون له صلاة بالليل فيغلبه عليها نوم فيصلي ما بين طلوع الشمس إلى صلاة الظهر إلا كتب الله له أجر صلاته وكان نومه عليه صدقة "، وروى مسلم عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل ".
والذين يقبلهم الرحمان- تبارك اسمه- عبادا له هم الذين طابت هيئتهم وسيرتهم ومقالتهم، فيتواضعون في مشيتهم لا يتبخترون ولا يسرعون، بل يقتصدون، وإذا أساء إليهم السفهاء لم يجاروهم في إساءتهم وسفههم، لكن قالوا :- تسلما منكم ومتاركة، لا خير بيننا وبينكم ولا شر- أو قالوا سدادا وكلاما صوابا، ويشير إلى هذا معنى الآية الكريمة :)وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين( ١.
وأهل العبودية الصادقة لربنا الرحمن يقضون معظم ليلهم يصلون، ويتلون آيات الله آناء الليل قياما، ويعبدون ربهم ركعا سجدا )تتجافى جنوبهم عن المضاجع.. ( ١وشهد الله تعالى وكفى به شهيدا أن نبينا صلى الله عليه وسلم وصفوة الصحب الكرام رضي الله تعالى عنهم كانوا يصلون بالليل أوقاتا طويلة :)إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك.. ( ٢ ) أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه.. ( ٣.
٢ سورة المزمل. من الآية ٢٠..
٣ سورة الزمر. من الآية ٩..
والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما٦٥ إنها ساءت مستقرا ومقاما٦٦ }.
والعباد الصادقون مع إحسانهم في تعاملهم مع الخلق ومع الخالق العظيم جل ثناؤه يدعون باريهم ووليهم أن يصرف عنهم عذاب النار ويتضرعون إليه خوفا من عقابه وطمعا في رضاه وثوابه، ويعوذون به سبحانه من السعير، فإنها بئست المأوى وما أتعس وأخزى من بها يستقر وإلى دركاتها يصير، فقنا يا ربنا عذاب النار.
والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما٦٥ إنها ساءت مستقرا ومقاما٦٦ }.
والعباد الصادقون مع إحسانهم في تعاملهم مع الخلق ومع الخالق العظيم جل ثناؤه يدعون باريهم ووليهم أن يصرف عنهم عذاب النار ويتضرعون إليه خوفا من عقابه وطمعا في رضاه وثوابه، ويعوذون به سبحانه من السعير، فإنها بئست المأوى وما أتعس وأخزى من بها يستقر وإلى دركاتها يصير، فقنا يا ربنا عذاب النار.
وربنا المعبود يرضى عن المعتدلين في حالهم مع أموالهم، فلا هم يبسطون أيديهم فوق المألوف حتى يصيروا مبذرين، ولا يقبضون أكفهم فيشحون ويبخلون ويمنعون، ولقد حذر القرآن الكريم من الشططين كليهما، وذلك قوله :)ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا( ١، إن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم وهو أجود الناس، وأجود بالخير من الريح المرسلة، أثر عنه صلوات الله عليه وسلامه أنه كان يوصي بالنفقة المتوازنة، وتناول الأقوات بحساب، وفيما روى عنه :" كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه ".
قال النحاس :... من أنفق في غير طاعة الله فهو الإسراف، ومن أمسك عن طاعة الله عز وجل فهو الإقتار، ومن أنفق في طاعة الله تعالى فهو القوام، وقال ابن عباس : من أنفق مائة ألف في حق فليس بسرف، ومن أنفق درهما في غير حقه فهو سرف، ومن منع من حق عليه فقد قتر، وقال عون بن عبد الله : الإسراف أن تنفق مال غيرك، قال ابن عطية : وهذا ونحوه غير مرتبط بالآية، والوجه أن يقال : إن النفقة في معصية أمر قد حظرت الشريعة قليله وكثيره، وكذلك التعدي على مال الغير، وهؤلاء الموصوفون منزهون عن ذلك، وإنما التأديب في هذه الآية هو في نفقة الطاعات في المباحات، فأدب الشرع فيها ألا يفرط الإنسان حتى يضيع حقا آخر أو عيالا ونحو هذا، وألا يضيق أيضا ويقتر حتى يجيع العيال ويفرط في الشح٢.
٢ أورد هذه النقول صاحب[الجامع لأحكام القرآن]ج ١٣ ص ٧٢-٧٣..
لكأن ما سبق من آيات في وصف عباد الرحمان كانت للتحلية، آداب يتحلون بها، وهذه الآيات الكريمات للتخلي عن خصال تناقض تلك، فالمؤمنون حقا هم الذين لا يزعمون أن مع الله آلهة أخرى ولا يجعلون له ندا ولا ضدا، وهم لا يزهقون روحا حرم الله إزهاقها إلا بالحق من كفر بعد إيمان أو زنى بعد إحصان، أوفى قصاص. وهم لا يستحلون الفروج بغير نكاح أو ملك يمين، ومن يقترف كبيرة من تلك الكبائر يجز بها، ويؤاخذ بإثمها ووزرها، فيعذب عذابا مضاعفا يوم القيامة ويبق ذليلا في النكال حسيرا، إلا من أقلع من هؤلاء عن ذنبه، ورجع إلى منهاج ربه، وصدق بكلماته ورسله وكتبه، واستكثر من الطاعات، والأفعال الصالحات، والبر والقربات، فأولئك يتفضل المولى البر الرحيم عليهم فيضع لهم مكان كل سيئة حسنة.
مما في صحيح مسلم عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة وآخر أهل النار خروجا منها رجل يؤتى به يوم القيامة فيقال اعرضوا عليه صغار ذنوبه وارفعوا عنه كبارها فتعرض عليه صغار ذنوبه فيقال عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا وعملت يوم كذا وكذا كذا وكذا فيقول : نعم، لا يستطيع أن ينكر وهو مشفق في كبار ذنوبه أن تعرض عليه فيقال له فإن لك مكان كل سيئة حسنة.. ".
وربنا كان وما يزال واسع الغفر والستر، والصفح والعفو :).. إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين( ١ ).. وكان بالمؤمنين رحيما. تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما( ٢.
روى مسلم من حديث عبد الله بن مسعود قال : قلت يارسول الله أي الذنب أكبر عند الله ؟ قال :" أن تدعو لله ندا وهو خلقك " قال : ثم أي ؟ قال :" أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك " قال : ثم أي ؟ قال :" أن تزاني حليلة جارك " فأنزل الله تعالى تصديقها :﴿ والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما ﴾.
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما٣ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه، أن ناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا وزنوا وأكثروا، فأتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن الذي تقول وتدعوا إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة، فنزل :﴿ والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ﴾ ونزل :) قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله.. ( ٤.
٢ سورة الأحزاب من الآية ٤٣ والآية٤٤..
٣ أخرجه البخاري في كتاب التفسير..
٤ سورة الزمر. من الآية ٥٣..
لكأن ما سبق من آيات في وصف عباد الرحمان كانت للتحلية، آداب يتحلون بها، وهذه الآيات الكريمات للتخلي عن خصال تناقض تلك، فالمؤمنون حقا هم الذين لا يزعمون أن مع الله آلهة أخرى ولا يجعلون له ندا ولا ضدا، وهم لا يزهقون روحا حرم الله إزهاقها إلا بالحق من كفر بعد إيمان أو زنى بعد إحصان، أوفى قصاص. وهم لا يستحلون الفروج بغير نكاح أو ملك يمين، ومن يقترف كبيرة من تلك الكبائر يجز بها، ويؤاخذ بإثمها ووزرها، فيعذب عذابا مضاعفا يوم القيامة ويبق ذليلا في النكال حسيرا، إلا من أقلع من هؤلاء عن ذنبه، ورجع إلى منهاج ربه، وصدق بكلماته ورسله وكتبه، واستكثر من الطاعات، والأفعال الصالحات، والبر والقربات، فأولئك يتفضل المولى البر الرحيم عليهم فيضع لهم مكان كل سيئة حسنة.
مما في صحيح مسلم عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة وآخر أهل النار خروجا منها رجل يؤتى به يوم القيامة فيقال اعرضوا عليه صغار ذنوبه وارفعوا عنه كبارها فتعرض عليه صغار ذنوبه فيقال عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا وعملت يوم كذا وكذا كذا وكذا فيقول : نعم، لا يستطيع أن ينكر وهو مشفق في كبار ذنوبه أن تعرض عليه فيقال له فإن لك مكان كل سيئة حسنة.. ".
وربنا كان وما يزال واسع الغفر والستر، والصفح والعفو :).. إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين( ١ ).. وكان بالمؤمنين رحيما. تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما( ٢.
روى مسلم من حديث عبد الله بن مسعود قال : قلت يارسول الله أي الذنب أكبر عند الله ؟ قال :" أن تدعو لله ندا وهو خلقك " قال : ثم أي ؟ قال :" أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك " قال : ثم أي ؟ قال :" أن تزاني حليلة جارك " فأنزل الله تعالى تصديقها :﴿ والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما ﴾.
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما٣ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه، أن ناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا وزنوا وأكثروا، فأتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن الذي تقول وتدعوا إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة، فنزل :﴿ والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ﴾ ونزل :) قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله.. ( ٤.
٢ سورة الأحزاب من الآية ٤٣ والآية٤٤..
٣ أخرجه البخاري في كتاب التفسير..
٤ سورة الزمر. من الآية ٥٣..
لكأن ما سبق من آيات في وصف عباد الرحمان كانت للتحلية، آداب يتحلون بها، وهذه الآيات الكريمات للتخلي عن خصال تناقض تلك، فالمؤمنون حقا هم الذين لا يزعمون أن مع الله آلهة أخرى ولا يجعلون له ندا ولا ضدا، وهم لا يزهقون روحا حرم الله إزهاقها إلا بالحق من كفر بعد إيمان أو زنى بعد إحصان، أوفى قصاص. وهم لا يستحلون الفروج بغير نكاح أو ملك يمين، ومن يقترف كبيرة من تلك الكبائر يجز بها، ويؤاخذ بإثمها ووزرها، فيعذب عذابا مضاعفا يوم القيامة ويبق ذليلا في النكال حسيرا، إلا من أقلع من هؤلاء عن ذنبه، ورجع إلى منهاج ربه، وصدق بكلماته ورسله وكتبه، واستكثر من الطاعات، والأفعال الصالحات، والبر والقربات، فأولئك يتفضل المولى البر الرحيم عليهم فيضع لهم مكان كل سيئة حسنة.
مما في صحيح مسلم عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة وآخر أهل النار خروجا منها رجل يؤتى به يوم القيامة فيقال اعرضوا عليه صغار ذنوبه وارفعوا عنه كبارها فتعرض عليه صغار ذنوبه فيقال عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا وعملت يوم كذا وكذا كذا وكذا فيقول : نعم، لا يستطيع أن ينكر وهو مشفق في كبار ذنوبه أن تعرض عليه فيقال له فإن لك مكان كل سيئة حسنة.. ".
وربنا كان وما يزال واسع الغفر والستر، والصفح والعفو :).. إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين( ١ ).. وكان بالمؤمنين رحيما. تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما( ٢.
روى مسلم من حديث عبد الله بن مسعود قال : قلت يارسول الله أي الذنب أكبر عند الله ؟ قال :" أن تدعو لله ندا وهو خلقك " قال : ثم أي ؟ قال :" أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك " قال : ثم أي ؟ قال :" أن تزاني حليلة جارك " فأنزل الله تعالى تصديقها :﴿ والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما ﴾.
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما٣ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه، أن ناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا وزنوا وأكثروا، فأتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن الذي تقول وتدعوا إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة، فنزل :﴿ والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ﴾ ونزل :) قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله.. ( ٤.
٢ سورة الأحزاب من الآية ٤٣ والآية٤٤..
٣ أخرجه البخاري في كتاب التفسير..
٤ سورة الزمر. من الآية ٥٣..
كأن الآية السبعين كانت في التوبة على الكافرين، وهذه في التوبة على العاصين من المسلمين، فمن أذنب ثم رجع عن ذنبه وأتبع السيئة الحسنة فإن الحسنات يذهبن بفضل الله السيآت، وهكذا بين القرآن في آية كريمة أخرى أن ربنا يتوب على من أقلع عن العصيان، وسلك سبيل الإحسان :) إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينو فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم( ١والذين لا يحضرون الكذب والباطل، ولا يقولونه، ولا يشاهدونه، ولا يشهدون به، وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه، وإذا رأوا مجالس عصيان أعرضوا عنها منكرين، لا يرضون صنيعهم، ولا يجالسونهم، ومن باب أولى لا يماثلونهم، فهذا مرور الكرام، وعباد الرحمان إذا قرئ عليهم القرآن لم يتغافلوا عنه حتى يكونوا بمنزلة من صمت أذنه وعميت بصيرته )يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها.. ( ٢ ولقد جاء في الصحيح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :".. وإن شر الناس من يقرأ كتاب الله تعالى لا يرعوي بشيء منه ". قال الفراء : لم يقعدوا على حالهم الأول كأن لم يسمعوا.
وفي الصحيحين عن أبي بكرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ألا أنبئكم بأكبر الكبائر "، ثلاثا ! قلنا : بلى يا رسول الله قال :" الشرك بالله وعقوق الوالدين " وكان متكئا فجلس فقال :" ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور " فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت.
٢ سورة الجاثية من الآية ٨..
كأن الآية السبعين كانت في التوبة على الكافرين، وهذه في التوبة على العاصين من المسلمين، فمن أذنب ثم رجع عن ذنبه وأتبع السيئة الحسنة فإن الحسنات يذهبن بفضل الله السيآت، وهكذا بين القرآن في آية كريمة أخرى أن ربنا يتوب على من أقلع عن العصيان، وسلك سبيل الإحسان :) إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينو فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم( ١والذين لا يحضرون الكذب والباطل، ولا يقولونه، ولا يشاهدونه، ولا يشهدون به، وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه، وإذا رأوا مجالس عصيان أعرضوا عنها منكرين، لا يرضون صنيعهم، ولا يجالسونهم، ومن باب أولى لا يماثلونهم، فهذا مرور الكرام، وعباد الرحمان إذا قرئ عليهم القرآن لم يتغافلوا عنه حتى يكونوا بمنزلة من صمت أذنه وعميت بصيرته )يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها.. ( ٢ ولقد جاء في الصحيح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :".. وإن شر الناس من يقرأ كتاب الله تعالى لا يرعوي بشيء منه ". قال الفراء : لم يقعدوا على حالهم الأول كأن لم يسمعوا.
وفي الصحيحين عن أبي بكرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ألا أنبئكم بأكبر الكبائر "، ثلاثا ! قلنا : بلى يا رسول الله قال :" الشرك بالله وعقوق الوالدين " وكان متكئا فجلس فقال :" ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور " فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت.
٢ سورة الجاثية من الآية ٨..
كأن الآية السبعين كانت في التوبة على الكافرين، وهذه في التوبة على العاصين من المسلمين، فمن أذنب ثم رجع عن ذنبه وأتبع السيئة الحسنة فإن الحسنات يذهبن بفضل الله السيآت، وهكذا بين القرآن في آية كريمة أخرى أن ربنا يتوب على من أقلع عن العصيان، وسلك سبيل الإحسان :) إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينو فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم( ١والذين لا يحضرون الكذب والباطل، ولا يقولونه، ولا يشاهدونه، ولا يشهدون به، وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه، وإذا رأوا مجالس عصيان أعرضوا عنها منكرين، لا يرضون صنيعهم، ولا يجالسونهم، ومن باب أولى لا يماثلونهم، فهذا مرور الكرام، وعباد الرحمان إذا قرئ عليهم القرآن لم يتغافلوا عنه حتى يكونوا بمنزلة من صمت أذنه وعميت بصيرته )يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها.. ( ٢ ولقد جاء في الصحيح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :".. وإن شر الناس من يقرأ كتاب الله تعالى لا يرعوي بشيء منه ". قال الفراء : لم يقعدوا على حالهم الأول كأن لم يسمعوا.
وفي الصحيحين عن أبي بكرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ألا أنبئكم بأكبر الكبائر "، ثلاثا ! قلنا : بلى يا رسول الله قال :" الشرك بالله وعقوق الوالدين " وكان متكئا فجلس فقال :" ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور " فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت.
٢ سورة الجاثية من الآية ٨..
﴿ ذريتنا ﴾ أولادنا ونسلنا.
﴿ قرة أعين ﴾ ما تقر به الأعين وتسكن فلا تمتد إلى ما عند الغير، أو يبرد دمعها سرورا.
﴿ إمام ﴾ يتبع ويقتدى به.
الآية الرابعة والسبعون بينت الوصف الحادي عشر لعباد الرحمان، وقد وصفوا في الآيات السابقات، وأخبر عنهم من أول قوله تعالى :﴿ وعباد الرحمان.. ﴾ بعشر صفات : التواضع، والحلم، والتهجد، والخوف، وترك الإسراف والإقتار، والبراءة من الشرك والزنى والقتل، والتوبة، وتجنب الباطل والزور والعفو عن المسيء، وقبول المواعظ، وهذه ضراعة إلى الله تعالى أن يهبنا الأزواج الصالحات، والأولاد الطائعين الصالحين، ليكونوا بركة علينا في الدنيا والدين، وتنشرح بهم صدورنا، وتهنأ أعيننا فلا تمتد إلى ما عند الآخرين- وقد يراد بقرة العين بردها وبرد دمعها وذلك لا يكون إلا عند السرور- واجعلنا ياربنا ممن يقتدى بهم في الدين، كما دعاك بهذا خليلك إبراهيم :).. قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي.. ( ١.
﴿ أولئك ﴾ خبر﴿ عباد الرحمان ﴾- على ما ذهب إليه الزجاج- يجزيهم الله تعالى مبوأ صدق، ويسكنهم المساكن الطيبة في دار الخلد والكرامة، ويؤتيهم سبحانه ما وعدهم :)لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجرى من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد( ٢ ).. إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون( ٣ ) والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين( ٤، جزاء لهم على صبرهم على طاعات الله تعالى وأداء أمانته، وصبرهم عن معاصي الله، وصبرهم على الوفاء بعهد ربهم والجهاد في سبيله وعلى السراء والضراء وحين البأس، وتتلقاهم الملائكة بالسلام، ويحيينا ربنا بالسلام ) تحيتهم يوم يلقونه سلام.. ( ٥، ويخلدون في هذا النعيم، ويمكثون أبدا في هذا التكريم، وأنعم بهذا الجوار وهذا القرار، قل يامحمد للناس جميعا : لولا ضراعتكم لربكم لم يبال بكم، ولم يعبأ بشأنكم، ولم يكن لكم عنده شأن ولا وزن، وما قدركم لو لم تدعوه ؟ ! فقد كذبتم معاشر الجاحدين، فسوف يلازمكم جزاء المستكبرين المنكرين، ويحل بكم ما أعد لكم في هذه الدنيا وفي يوم الدين، - وقيل﴿ ما يعبأ بكم ﴾ أي بمغفرة ذنوبكم ولا هو عنده عظيم﴿ لولا دعاؤكم ﴾ معه الآلهة والشركاء... وقال الطبري :﴿ لزاما ﴾ يعني عذابا دائما لازما، وهلاكا مضنيا يلحق بعضكم ببعض-٦.
[ قوله :﴿ من أزواجنا ﴾﴿ من ﴾للبيان، وتسمى في علم البيان تجريدية، كأنه قيل : هب لنا قرة أعين ! ثم فسرت القرة بالأزواج والذرية... ويجوز أن تكون ابتدائية على معنى : هب لنا من جهتهم ما تقر به عيوننا... عن محمد بن كعب : ليس شيء أقر لعين المؤمن من أن يرى زوجته وأولاده مطيعين لله... وقيل : سألوا أن يلحق الله عز وجل بهم أولادهم وأزواجهم في الجنة ليتم لهم سرورهم، وتنكير﴿ أعين ﴾... لأجل تنكير القرة فإن المضاف لا سبيل إلى تنكيره إلا تنكير المضاف إليه، أي : هب لنا منهم سرورا وفرحا.. وقال المفضل : في قرة العين ثلاثة أقوال : أحدها- برد دمعها، لأنه دليل السرور والضحك، كما أن حره دليل الحزن والغم، الثاني- قرتها أن تكون مع فراغ الخاطر وذهاب الحزن، الثالث- حصول الرضا وقوله :﴿ إماما ﴾ في معنى الجمع... كما قال :)يخرجكم طفلا.. ( ٧..... ﴿ بما صبروا ﴾... أطلق إطلاقا ليشمل كل مصبور عليه... وقال الزجاج :﴿ ما يعبأ بكم ربي ﴾ يريد أي وزن يكون لكم عنده ؟... و﴿ ما ﴾استفهامية أو نافية، والدعاء إما مضاف إلى المفعول، أي لولا دعاؤه إياكم إلى الدين والطاعة- ).. لئلا يكون للناس على الله حجة( ٨وإما إلى الفاعل، أي لولا دعاؤكم إياه في الشدائد كقوله :)فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله.. ( ٩ أو : لولا شكركم على إحسانه، كقوله :)ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم.. ( ١٠ ]١١
نقل ابن كثير عن الإمام أحمد- بسنده- عن ابن نفير قال : جلسنا إلى المقداد بن الأسود يوما فمر به رجل فقال : طوبى لهاتين العينين اللتين رأيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لوددنا أنا رأينا ما رأيت، وشهدنا ما شهدت، فاستغضب المقداد، فجعلت أعجب لأنه ما قال إلا خيرا، ثم أقبل إليه فقال : ما يحمل الرجل على أن يتمنى محضرا غيبه الله عنه لا يدري لو شهده كيف يكون فيه ؟ والله لقد حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوام أكبهم الله على مناخرهم في جهنم لم يجيبوه ولم يصدقوه، أولا تحمدون الله إذ أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعرفون إلا ربكم، مصدقين بما جاء نبيكم، قد كفيتم البلاء بغيركم ؟ لقد بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم على أشر حال بعث عليها نبيا من الأنبياء، في فترة جاهلية مما يرون أن دينا أفضل من عبادة الأوثان ! فجاء بفرقان فرق به بين الحق والباطل وفرق بين الوالد وولده، إن كان الرجل ليرى والده وولده وأخاه كافرا وقد فتح الله قفل قلبه للإيمان، يعلم أنه إن هلك دخل النار، فلا تقر عينه وهو يعلم أن حبيبه في النار، وأنها التي قال الله تعالى :﴿ والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ﴾ وهذا إسناد صحيح ولم يخرجوه. اهـ
الآية الرابعة والسبعون بينت الوصف الحادي عشر لعباد الرحمان، وقد وصفوا في الآيات السابقات، وأخبر عنهم من أول قوله تعالى :﴿ وعباد الرحمان.. ﴾ بعشر صفات : التواضع، والحلم، والتهجد، والخوف، وترك الإسراف والإقتار، والبراءة من الشرك والزنى والقتل، والتوبة، وتجنب الباطل والزور والعفو عن المسيء، وقبول المواعظ، وهذه ضراعة إلى الله تعالى أن يهبنا الأزواج الصالحات، والأولاد الطائعين الصالحين، ليكونوا بركة علينا في الدنيا والدين، وتنشرح بهم صدورنا، وتهنأ أعيننا فلا تمتد إلى ما عند الآخرين- وقد يراد بقرة العين بردها وبرد دمعها وذلك لا يكون إلا عند السرور- واجعلنا ياربنا ممن يقتدى بهم في الدين، كما دعاك بهذا خليلك إبراهيم :).. قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي.. ( ١.
﴿ أولئك ﴾ خبر﴿ عباد الرحمان ﴾- على ما ذهب إليه الزجاج- يجزيهم الله تعالى مبوأ صدق، ويسكنهم المساكن الطيبة في دار الخلد والكرامة، ويؤتيهم سبحانه ما وعدهم :)لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجرى من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد( ٢ ).. إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون( ٣ ) والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين( ٤، جزاء لهم على صبرهم على طاعات الله تعالى وأداء أمانته، وصبرهم عن معاصي الله، وصبرهم على الوفاء بعهد ربهم والجهاد في سبيله وعلى السراء والضراء وحين البأس، وتتلقاهم الملائكة بالسلام، ويحيينا ربنا بالسلام ) تحيتهم يوم يلقونه سلام.. ( ٥، ويخلدون في هذا النعيم، ويمكثون أبدا في هذا التكريم، وأنعم بهذا الجوار وهذا القرار، قل يامحمد للناس جميعا : لولا ضراعتكم لربكم لم يبال بكم، ولم يعبأ بشأنكم، ولم يكن لكم عنده شأن ولا وزن، وما قدركم لو لم تدعوه ؟ ! فقد كذبتم معاشر الجاحدين، فسوف يلازمكم جزاء المستكبرين المنكرين، ويحل بكم ما أعد لكم في هذه الدنيا وفي يوم الدين، - وقيل﴿ ما يعبأ بكم ﴾ أي بمغفرة ذنوبكم ولا هو عنده عظيم﴿ لولا دعاؤكم ﴾ معه الآلهة والشركاء... وقال الطبري :﴿ لزاما ﴾ يعني عذابا دائما لازما، وهلاكا مضنيا يلحق بعضكم ببعض-٦.
[ قوله :﴿ من أزواجنا ﴾﴿ من ﴾للبيان، وتسمى في علم البيان تجريدية، كأنه قيل : هب لنا قرة أعين ! ثم فسرت القرة بالأزواج والذرية... ويجوز أن تكون ابتدائية على معنى : هب لنا من جهتهم ما تقر به عيوننا... عن محمد بن كعب : ليس شيء أقر لعين المؤمن من أن يرى زوجته وأولاده مطيعين لله... وقيل : سألوا أن يلحق الله عز وجل بهم أولادهم وأزواجهم في الجنة ليتم لهم سرورهم، وتنكير﴿ أعين ﴾... لأجل تنكير القرة فإن المضاف لا سبيل إلى تنكيره إلا تنكير المضاف إليه، أي : هب لنا منهم سرورا وفرحا.. وقال المفضل : في قرة العين ثلاثة أقوال : أحدها- برد دمعها، لأنه دليل السرور والضحك، كما أن حره دليل الحزن والغم، الثاني- قرتها أن تكون مع فراغ الخاطر وذهاب الحزن، الثالث- حصول الرضا وقوله :﴿ إماما ﴾ في معنى الجمع... كما قال :)يخرجكم طفلا.. ( ٧..... ﴿ بما صبروا ﴾... أطلق إطلاقا ليشمل كل مصبور عليه... وقال الزجاج :﴿ ما يعبأ بكم ربي ﴾ يريد أي وزن يكون لكم عنده ؟... و﴿ ما ﴾استفهامية أو نافية، والدعاء إما مضاف إلى المفعول، أي لولا دعاؤه إياكم إلى الدين والطاعة- ).. لئلا يكون للناس على الله حجة( ٨وإما إلى الفاعل، أي لولا دعاؤكم إياه في الشدائد كقوله :)فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله.. ( ٩ أو : لولا شكركم على إحسانه، كقوله :)ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم.. ( ١٠ ]١١
نقل ابن كثير عن الإمام أحمد- بسنده- عن ابن نفير قال : جلسنا إلى المقداد بن الأسود يوما فمر به رجل فقال : طوبى لهاتين العينين اللتين رأيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لوددنا أنا رأينا ما رأيت، وشهدنا ما شهدت، فاستغضب المقداد، فجعلت أعجب لأنه ما قال إلا خيرا، ثم أقبل إليه فقال : ما يحمل الرجل على أن يتمنى محضرا غيبه الله عنه لا يدري لو شهده كيف يكون فيه ؟ والله لقد حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوام أكبهم الله على مناخرهم في جهنم لم يجيبوه ولم يصدقوه، أولا تحمدون الله إذ أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعرفون إلا ربكم، مصدقين بما جاء نبيكم، قد كفيتم البلاء بغيركم ؟ لقد بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم على أشر حال بعث عليها نبيا من الأنبياء، في فترة جاهلية مما يرون أن دينا أفضل من عبادة الأوثان ! فجاء بفرقان فرق به بين الحق والباطل وفرق بين الوالد وولده، إن كان الرجل ليرى والده وولده وأخاه كافرا وقد فتح الله قفل قلبه للإيمان، يعلم أنه إن هلك دخل النار، فلا تقر عينه وهو يعلم أن حبيبه في النار، وأنها التي قال الله تعالى :﴿ والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ﴾ وهذا إسناد صحيح ولم يخرجوه. اهـ
الآية الرابعة والسبعون بينت الوصف الحادي عشر لعباد الرحمان، وقد وصفوا في الآيات السابقات، وأخبر عنهم من أول قوله تعالى :﴿ وعباد الرحمان.. ﴾ بعشر صفات : التواضع، والحلم، والتهجد، والخوف، وترك الإسراف والإقتار، والبراءة من الشرك والزنى والقتل، والتوبة، وتجنب الباطل والزور والعفو عن المسيء، وقبول المواعظ، وهذه ضراعة إلى الله تعالى أن يهبنا الأزواج الصالحات، والأولاد الطائعين الصالحين، ليكونوا بركة علينا في الدنيا والدين، وتنشرح بهم صدورنا، وتهنأ أعيننا فلا تمتد إلى ما عند الآخرين- وقد يراد بقرة العين بردها وبرد دمعها وذلك لا يكون إلا عند السرور- واجعلنا ياربنا ممن يقتدى بهم في الدين، كما دعاك بهذا خليلك إبراهيم :).. قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي.. ( ١.
﴿ أولئك ﴾ خبر﴿ عباد الرحمان ﴾- على ما ذهب إليه الزجاج- يجزيهم الله تعالى مبوأ صدق، ويسكنهم المساكن الطيبة في دار الخلد والكرامة، ويؤتيهم سبحانه ما وعدهم :)لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجرى من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد( ٢ ).. إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون( ٣ ) والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين( ٤، جزاء لهم على صبرهم على طاعات الله تعالى وأداء أمانته، وصبرهم عن معاصي الله، وصبرهم على الوفاء بعهد ربهم والجهاد في سبيله وعلى السراء والضراء وحين البأس، وتتلقاهم الملائكة بالسلام، ويحيينا ربنا بالسلام ) تحيتهم يوم يلقونه سلام.. ( ٥، ويخلدون في هذا النعيم، ويمكثون أبدا في هذا التكريم، وأنعم بهذا الجوار وهذا القرار، قل يامحمد للناس جميعا : لولا ضراعتكم لربكم لم يبال بكم، ولم يعبأ بشأنكم، ولم يكن لكم عنده شأن ولا وزن، وما قدركم لو لم تدعوه ؟ ! فقد كذبتم معاشر الجاحدين، فسوف يلازمكم جزاء المستكبرين المنكرين، ويحل بكم ما أعد لكم في هذه الدنيا وفي يوم الدين، - وقيل﴿ ما يعبأ بكم ﴾ أي بمغفرة ذنوبكم ولا هو عنده عظيم﴿ لولا دعاؤكم ﴾ معه الآلهة والشركاء... وقال الطبري :﴿ لزاما ﴾ يعني عذابا دائما لازما، وهلاكا مضنيا يلحق بعضكم ببعض-٦.
[ قوله :﴿ من أزواجنا ﴾﴿ من ﴾للبيان، وتسمى في علم البيان تجريدية، كأنه قيل : هب لنا قرة أعين ! ثم فسرت القرة بالأزواج والذرية... ويجوز أن تكون ابتدائية على معنى : هب لنا من جهتهم ما تقر به عيوننا... عن محمد بن كعب : ليس شيء أقر لعين المؤمن من أن يرى زوجته وأولاده مطيعين لله... وقيل : سألوا أن يلحق الله عز وجل بهم أولادهم وأزواجهم في الجنة ليتم لهم سرورهم، وتنكير﴿ أعين ﴾... لأجل تنكير القرة فإن المضاف لا سبيل إلى تنكيره إلا تنكير المضاف إليه، أي : هب لنا منهم سرورا وفرحا.. وقال المفضل : في قرة العين ثلاثة أقوال : أحدها- برد دمعها، لأنه دليل السرور والضحك، كما أن حره دليل الحزن والغم، الثاني- قرتها أن تكون مع فراغ الخاطر وذهاب الحزن، الثالث- حصول الرضا وقوله :﴿ إماما ﴾ في معنى الجمع... كما قال :)يخرجكم طفلا.. ( ٧..... ﴿ بما صبروا ﴾... أطلق إطلاقا ليشمل كل مصبور عليه... وقال الزجاج :﴿ ما يعبأ بكم ربي ﴾ يريد أي وزن يكون لكم عنده ؟... و﴿ ما ﴾استفهامية أو نافية، والدعاء إما مضاف إلى المفعول، أي لولا دعاؤه إياكم إلى الدين والطاعة- ).. لئلا يكون للناس على الله حجة( ٨وإما إلى الفاعل، أي لولا دعاؤكم إياه في الشدائد كقوله :)فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله.. ( ٩ أو : لولا شكركم على إحسانه، كقوله :)ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم.. ( ١٠ ]١١
نقل ابن كثير عن الإمام أحمد- بسنده- عن ابن نفير قال : جلسنا إلى المقداد بن الأسود يوما فمر به رجل فقال : طوبى لهاتين العينين اللتين رأيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لوددنا أنا رأينا ما رأيت، وشهدنا ما شهدت، فاستغضب المقداد، فجعلت أعجب لأنه ما قال إلا خيرا، ثم أقبل إليه فقال : ما يحمل الرجل على أن يتمنى محضرا غيبه الله عنه لا يدري لو شهده كيف يكون فيه ؟ والله لقد حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوام أكبهم الله على مناخرهم في جهنم لم يجيبوه ولم يصدقوه، أولا تحمدون الله إذ أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعرفون إلا ربكم، مصدقين بما جاء نبيكم، قد كفيتم البلاء بغيركم ؟ لقد بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم على أشر حال بعث عليها نبيا من الأنبياء، في فترة جاهلية مما يرون أن دينا أفضل من عبادة الأوثان ! فجاء بفرقان فرق به بين الحق والباطل وفرق بين الوالد وولده، إن كان الرجل ليرى والده وولده وأخاه كافرا وقد فتح الله قفل قلبه للإيمان، يعلم أنه إن هلك دخل النار، فلا تقر عينه وهو يعلم أن حبيبه في النار، وأنها التي قال الله تعالى :﴿ والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ﴾ وهذا إسناد صحيح ولم يخرجوه. اهـ
﴿ يكون لزاما ﴾ يكون التكذيب وجزاؤه ملازمين للمكذبين.