مكية
وآياتها ٥٤ نزلت بعد غافر
كلماتها : ٧٩٤ ؛ حروفها : ٣٣٥٠.
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ حم( ١ ) ﴾قد تكون اسما للسورة، فتكون خبرا لمبتدأ محذوف، والتقدير هذه السورة ﴿ حم ﴾، وربما تكون من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله ؛ عاملنا المولى الحكيم بها معاملة المختبر :﴿ ... فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا.. ﴾١، أو لعلها وما شابهها من فواتح السور ( ألم ) ﴿ كهيعص ﴾ وغيرها جاءت للتحدي بمعنى أن القرآن الحكيم مكون من حروف كتلك التي تنطقون بها، ولكنكم عجزتم وستظلون عاجزين عن الإتيان بآية من مثل آياته فآمنوا بأنه كلام الملك الكبير اللطيف الخبير ؛ ونقل غير ذلك٢.
٢ نقل القرطبي عن عطاء الخراساني: الحاء افتتاح اسمه﴿حميد﴾..﴿حكيم﴾ والميم افتتاح اسمه ﴿الملك﴾.. و﴿المصور﴾، يدل عليه ما روى أنس أن أعرابيا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: ما﴿حم﴾ فإنا لا نعرفه في لساننا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"بدء أسماء وفواتح سور" وقال الضحاك والكسائي: معناه قضى ما هو كائن.. المعنى: حُمّ أمر الله أي قرب... والمعنى المراد: قرب نصره لأوليائه، وانتقامه من أعدائه..
هذه السورة كبقية سور الكتاب المجيد تنزلت من رب العالمين الذي عم برحمته ونعمه في الدنيا من أطاع ومن فجر، واختص برحمته في الآخرة من اتقى وصدق وبرّ.
هذا الوحي والتنزيل كتاب عظيم بينت آياته، فتميزت في لفظها بفواصلها ومبادئ السور وخواتمها، ووضحت معنى ؛ فمنها عهود الإيمان، ومنها سنن الله التي لا تتبدل بتبدل الأزمان، وأنباء ما قد سبق، وشرع الله الذي ارتضاه-وقال قتادة :﴿ فصلت ﴾ ببيان حلاله من حرامه وطاعته من معصيته.. سفيان : بالثواب والعقاب.. حال كونها يسيرة القراءة فصيحة البيان-امتنان بسهولة قراءته وفهمه لنزوله بلسان من نزل بين أظهرهم، لقوم يعلمون منزلة القول البليغ، أو يعلمون معانيه.
أنزلناه قرآنا مبشرا المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا، وينذر من جحد وأنكر نكالا وجحيما وسعرا، ومع تبين آياته أمثالا ومواعظ، وإيمانا وأحكاما، ومع شموله لخيري العاجلة والآجلة، وتبشير المهتدين وتحذير المخالفين المعاندين، أدبر الكثير عنه فلم يتدبروه ولا اتبعوه، فبنهيهم ونأيهم عنه صاروا هم والذي لم يسمع سواء.
وقال أكابر مجرميهم-يعاندون ويعلنون إصرارهم على هجر وحي الله ورسالته- : القلوب في أغطية مما يُنَادَوْنَ إليه من الخير والرشد، وفي الآذان صمم لا تسمع ما تُنذَر به، وحجاب غليظ يستوعب ما بينهم وبين الداعي الهادي صلى الله عليه وسلم لا يتأتى أن ينفذ منه شيء إلى رءوسهم أو نفوسهم، فلم يبق لديهم- وقد عمُوا وصمّوا واستكبروا-لم يعجبهم إذ ذاك إلا أن نابذوا الرسول الخلاف، وبارزوه بالمعاداة فقالوا : اعمل لدينك ما شئت واثبت عليه فإنهم لن يتركوا دينهم ؛ أو اعمل على إبطال ديننا فإنا عاملون على إبطال دينك، أو : فاعمل لآخرتك فإنا نعمل لدنيانا١.
يقول الطبري : وأدخلت ﴿ من ﴾ في قوله :﴿ ومن بيننا وبينك حجاب ﴾ ؛ والمعنى : وبيننا وبينك حجاب- توكيدا للكلام. اه.
أمر الله تعالى نبيه أن ينذرهم بما تقوم به حجة الخالق على خلقه، فإن المولى العليم لم يرسله مَلَكا ولا جنيا يتعذر عليهم أو يتعسر التلقي عنه ؛ إنما بعثه آدميا مثلهم وأوحى إليه أن المستحق للعبادة معبود واحد.
ولا أدعوكم إلى ما تنبوا عنه العقول، وإنما أدعوكم إلى التوحيد الذي دلت عليه دلائل العقل وشهدت له شواهد السمع ؛ وهذا جواب عن قولهم :﴿ .. قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ﴾- فلا تعوجوا عن السبيل الموصلة إلى رضاه ﴿ .. إن ربي على صراط مستقيم ﴾١. وعهد الله إليكم بالاستقامة والإقامة على التوحيد مخلصين ذلك له، وبطلب العفو والصفح وستر ما كان من فسوق أو مروق ؛ والهلاك والثبور لمن أشركوا بربهم الواحد القهار، العزيز الغفار ؛ والعذاب وأسفل دركات العقاب للذين يبخلون ويمنعون، ويشحون ولا ينفقون٢ ؛ ثم هم في لقاء ربهم يرتابون ويشكّون، بل هم لأحوال الآخرة منكرون.
[ وقال قتادة : يمنعون زكاة أموالهم ؛ وهذا هو الظاهر عند كثير من المفسرين، واختاره ابن جرير، وفيه نظر، لأن إيجاب الزكاة إنما كان في السنة الثانية من الهجرة إلى المدينة.. وهذه الآية مكية ؛ اللهم إلا أن يقال : لا يبعد أن يكون أصل الصدقة والزكاة كان مأمورا به في ابتداء البعثة، كقوله تبارك وتعالى :﴿ .. وآتوا حقه يوم حصاده ﴾٣ فأما الزكاة ذات النصب والمقادير فإنما بين أمرها بالمدينة ؛ ويكون هذا جمعا بين القولين ؛ كما أن أصل الصلاة كان واجبا قبل طلوع الشمس وقبل غروبها في ابتداء البعثة، فلما كان ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة ونصف فرض الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس ؛ وفصّل شروطها وأركانها وما يتعلق بها بعد ذلك شيئا فشيئا، والله أعلم. ]٤.
٢ نقل صاحب الجامع لأحكام القرآن عن الزمخشري: فإن قلت لم خص من بين أوصاف المشركين منع الزكاة مقرونا بالكفر بالآخرة.. ؟ قلت: لأن أحب شيء إلى الإنسان ماله، وهو شقيق روحه، فإذا بذله في سبيل الله فذلك أقوى دليل على ثباته- واستقامته وصدق نيته ونصوع طويته-ألا ترى إلى قوله عز وجل:﴿ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم..﴾، أي يثبتون أنفسهم، ويدلون على ثباتها بإنفاق الأموال، وما خدع المؤلفة قلوبهم إلا بلمظة من الدنيا، فقويت عصبتهم ولانت شكيمتهم، وأهل الردة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تظاهروا إلا بمنع الزكاة، فنصبت لهم الحروب وجوهدوا. وفيه بعث للمؤمنين على أداء الزكاة وتخويف شديد من منعها، حيث جعل المنع من أوصاف المشركين، وقرن بالكفر بالآخرة. اهـ..
٣ سورة الأنعام. من الآية ١٤١..
٤ مابين العارضتين مما أورد الألوسي..
بعد إنذار الفجار بالعذاب العظيم جاءت البشرى للمؤمنين المستقيمين الصالحين بأن لهم الثواب الكريم والنعيم المقيم الذي لا ينقطع.
نقل القرطبي عن السدي : نزلت في الزمْنى والمرْضى والهرْمى إذا ضعفوا عن الطاعة كتب لهم من الأجر كأصح ما كانوا يعملون. اه.
وقال بعضهم : غير ممنون عليهم ؛ فرده عليه ابن كثير، ومما قال : فإن المنة لله تعالى على أهل الجنة ؛ قال الله تبارك وتعالى :﴿ ... بل الله يمنّ عليكم أن هداكم للإيمان.. ﴾١ وقال أهل الجنة :﴿ فمنّ الله علينا ووقانا عذاب السموم ﴾٢. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(.. إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل ). اه.
٢ سورة الطور. من الآية ٣٧..
يأمر الله تعالى نبيه أن يسوق دليلا على وحدانية البارئ المقتدر ؛ وبدأ بتوبيخ المشركين والتعجيب من حالهم وإنكار ما ذهبوا إليه ؛ فكأن المعنى : لما تكفرون بالله وهو خالق الأرض.. ومقدر أقواتها.. وخالق السماء وطباقها وهو المدبر لأمرها ؟ !
والكفر-أعاذنا الله منه- قد ينصرف إلى المعنى العام وهو الجحود، إذ هو من كفر بمعنى غطّى وستر، فالكافر يخفي حقيقة بين جوانحه تنادي أنه مخلوق والله خالقه :﴿ .. فطرة الله التي فطر الناس عليها.. ﴾١.
وإن في الأرض لعبرا، وإنها لمملوءة خيرا، فمن التراب أنشأ الله أبو البشر آدم، وفي باطنها يُقْبرُ الأناسيّ، ثم منها يكون نشورهم :﴿ منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ﴾٢. وشاء البارئ-جل علاه- أن يجعلها في حيّز لا تصلح بعيدا عنه، وبحجم لو كان أكبر أو أصغر مما هو عليه لاستحالت الحياة فوقها، ولو كان سمك قشرة الأرض أكثر- ولو قليلا- من سمكها الحالي لما وجد الأكسجين في غلافها الجوي- وبدونه لا حياة- ولو قل سمك الغلاف الغازي لما أمكن حماية الحياة على الأرض من الأشعة الكونية، ولما أمكن الاحتفاظ للأرض بمتوسط حرارتها الثابت.
فكيف يجحد الجاحدون ؟ وكيف تتراءى هذه الآيات ثم هم يصدفون ؟ !
وبعد أن أنكر على أهل الكفر في عمومهم، أبطل ما ذهب إليه المشركون من ادعائهم الأشباه والنظراء لله الخلاق-جل علاه-إذ هو رب العوالم كلها إنسها وجنها ومَلَكِها، وكوكبها وفلكها، ونباتها وحيوانها، فهل المخلوق المحتاج في وجوده إلى من يوجده ويحفظه يستطيع أن يوجد شيئا أو يخلق حبة وذرة ؟ ! العقل يحيل ذلك، والله يشهد، وأولوا العلم يشهدون أن الله هو الخلاق العليم، وكفى بالله شهيدا.
٢ سورة طه. من الآية ٥٥..
وأقرّ الله تعالى الأرض وأرساها بالجبال الثوابت المنتشرة على سطحها ؛ وفي ذلك آية على وحدانيته، وبرهان على حكمته، كما هي من فيض آلائه ونعمته :﴿ وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم.. ﴾١ إذ اضطراب حملها واختلاف أثقالها إنما يكون عند ذهاب الكون وانتهاء الحياة :﴿ يوم يكون الناس كالفراش المبثوث. وتكون الجبال كالعهن المنفوش ﴾٢ ﴿ يوم تمور السماء مورا. وتسير الجبال سيرا ﴾٣ ؛ وجعل الله تعالى في الجبال بركة، أو جعل في الأرض بركة، والبركة كثرة الخير، فبركة الجبال- فوق ما ذكرنا- في سامق طولها، ومختلف ألوانها وحيوانها، ومعادنها ونبتها، وشجرها وحجرها.
[ ومنها الأحجار المختلفة : بعضها للزينة، وبعضها للأبنية، فانظر إلى الحجر الذي تستخرج منه النار مع كثرته، وانظر إلى الياقوت الأحمر مع عزته وندرته- وانظر إلى النفع بذلك الحقير، وقلة النفع بهذا الخطير.. ولعل ما تركنا من منافع أكثر مما عددنا ]٤.
وأودع الله-تعالى- الأرض ما به قوام من يعيشون فيها إنسا وجنا، وما يدب عليها، وما تتصدع به وتنشق عنه مما فيه قوت البشر والبهائم، والطعام والأدام، والدواء والفواكه، والكساء والزينة، والسكن والمأوى.
يقول صاحب جامع البيان- بعد أن أورد نقولا مأثورة- : إن[ الأقوات ] الأرزاق والمعايش، أو المطر، أو في كل أرض قوت لا يصلح بغيره. قال : والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله تعالى أخبر أنه قدّر في الأرض أهلها وذلك ما يقوتهم من الغذاء ويصلحهم من المعاش، ولم يخصص جل ثناؤه.. قوتا دون قوت.. ومما يقوت أهلها ما لا يصلحهم غيره من الغذاء، وذلك لا يكون إلا بالمطر والتصرف في البلاد لما خص الله به بعضا دون بعض، ومما أخرج من الجبال من الجواهر، ومن البحر من المآكل والحلي.. اه.
﴿ في أربعة أيام ﴾ خلق الله الأرض ثم خلق الجبال والأقوات، فخلق الجبال والأقوات وما ينبغي لها في يومين تاليين لخلق الأرض في يومين.
نقل أبو جعفر عن بعض نحويي البصرة قال : خلق الأرض في يومين ثم قال :﴿ في أربعة أيام ﴾ لأنه يعني أن هذا مع الأول أربعة أيام.. اه.
وأقول : أبدع المولى وأنشأ ذلك وأتمه في زمن ليس بمتباعد، بل فيما نقدره بأربعة أيام من أيامنا، فذلك تقريب لأفهام البشر المخاطبين، وذلك أولى أن نفسر الآية على نسقه-إذ لم يكن حين خلقت السماوات والأرضون ليل ولا نهار، وإنما كانا بعد خلق السماء والأرض والشمس والقمر-
ومن سأل عن مبلغ الأجل الذي خلق الله فيه الأرض والجبال والبركة والأقوات فجوابه-كما أخبر الله-أربعة أيام ؛ نقل ذلك عن قتادة والسدّي ؛ وعن ابن زيد : قدر ذلك على قدر مسائلهم، يعلم ذلك أنه لا يكون من مسائلهم شيء إلا قد علمه قبل أن يكون-اه.
٢ سورة القارعة، الآيتان: ٤، ٥..
٣ سورة الطور. الآيتان: ١٠، ٩..
٤ مما أورد صاحب تفسير غرائب القرآن..
وبعد إنشائه -سبحانه- الأرض، وإتقانه صنعها اتجه مراده إلى السماء وهي هباء أو ظلام وقتار كالدخان- وذلك في طورها الأول- فأمر الله تعالى السماء والأرض أن تكونا على الحال الذي أراد والذي هو كائن ؛ فكانتا ؛ وذلك نحو قوله عز شأنه :﴿ إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ﴾١ فأحكمهن الخلاق- الذي أتقن كل شيء صنعا- وجعلهن سبعا شدادا في يومين غير الأربعة التي تم فيها إبداع الأرض بما حوت ؛ وبهذا شهد الحق-جل علاه- :﴿ إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام.. ﴾٢. وأودع كلا منها سننها الذي تقوم عليه، و﴿ أوحى ﴾ تأتي في القرآن أحيانا بمعنى الإلهام والتسخير، كالذي في الآية الكريمة :﴿ وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون. ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس.. ﴾٣ والسماء الدانية منا، وأقرب السبع الطباق إلى كوكبنا، بث الله تعالى فيها نجوما زاهرات، وكواكب مضيئة، فهي تنير جنبات الكون كما تضيء المصابيح جوانب الدار، وتنفصل عنها شهب يقذف الله تعالى بها من شاء، فكان من ذلك سبب حفظ السماء من شياطين تقترب منها لعلها تسمع ما يدور بين الملائكة من أمر الله. جاء في سورة الصافات :﴿ إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب. وحفظا من كل شيطان مارد ﴾٤ ﴿ إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ﴾٥. كل هذا الخلق والإبداع، والإحكام والإتقان، تفرّد به الملك العلام، الذي يَغْلِبُ ولا يُغْلَبُ ؛ والذي أنشأ كل شيء على سننه وبقدره لا يتجاوزه ولا يقصر عنه، إذ قد برأ سبحانه على علم محيط بالذي هو الأتمّ والأحكمّ.
٢ سورة يونس. من الآية ٣..
٣ سورة النحل. الآية ٦٨، ومن الآية ٦٩..
٤ الآيتان: ٦، ٧..
٥ الآية ١٠..
وبعد إنشائه -سبحانه- الأرض، وإتقانه صنعها اتجه مراده إلى السماء وهي هباء أو ظلام وقتار كالدخان- وذلك في طورها الأول- فأمر الله تعالى السماء والأرض أن تكونا على الحال الذي أراد والذي هو كائن ؛ فكانتا ؛ وذلك نحو قوله عز شأنه :﴿ إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ﴾١ فأحكمهن الخلاق- الذي أتقن كل شيء صنعا- وجعلهن سبعا شدادا في يومين غير الأربعة التي تم فيها إبداع الأرض بما حوت ؛ وبهذا شهد الحق-جل علاه- :﴿ إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام.. ﴾٢. وأودع كلا منها سننها الذي تقوم عليه، و﴿ أوحى ﴾ تأتي في القرآن أحيانا بمعنى الإلهام والتسخير، كالذي في الآية الكريمة :﴿ وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون. ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس.. ﴾٣ والسماء الدانية منا، وأقرب السبع الطباق إلى كوكبنا، بث الله تعالى فيها نجوما زاهرات، وكواكب مضيئة، فهي تنير جنبات الكون كما تضيء المصابيح جوانب الدار، وتنفصل عنها شهب يقذف الله تعالى بها من شاء، فكان من ذلك سبب حفظ السماء من شياطين تقترب منها لعلها تسمع ما يدور بين الملائكة من أمر الله. جاء في سورة الصافات :﴿ إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب. وحفظا من كل شيطان مارد ﴾٤ ﴿ إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ﴾٥. كل هذا الخلق والإبداع، والإحكام والإتقان، تفرّد به الملك العلام، الذي يَغْلِبُ ولا يُغْلَبُ ؛ والذي أنشأ كل شيء على سننه وبقدره لا يتجاوزه ولا يقصر عنه، إذ قد برأ سبحانه على علم محيط بالذي هو الأتمّ والأحكمّ.
٢ سورة يونس. من الآية ٣..
٣ سورة النحل. الآية ٦٨، ومن الآية ٦٩..
٤ الآيتان: ٦، ٧..
٥ الآية ١٠..
فمن أعرض بعد ما تبين له من الحجة والبرهان، والدليل والسلطان على أن المعبود بحق هو الله دون سواه-إذ هو سبحانه الخلاق الرزاق، العزيز الحكيم، الوليّ الكريم- فأنذر الصادين عن توحيده وعبادته بعذاب عاجل مهلك كالذي حل بعاد قوم هود، وبثمود قوم صالح.
مما قال اللغويون : صعق الإنسان : غشي عليه وذهب عقله من صوت يسمعه كالهدّة الشديدة ؛ أو : مات ؛ أو كل عذاب مهلك ؛ ويقال للبرق إذا أحرق إنسانا أصابته صاعقة ؛ والصاعقة : صيحة العذاب.
[ أخرج البيهقي في الدلائل، وابن عساكر عن جابر١ بن عبد الله قال : قال أبو جهل والملأ من قريش : قد التبس علينا أمر محمد صلى الله عليه وسلم فلو التمستم رجلا عالما بالسحر والكهانة والشعر فكلمه ثم أتانا ببيان من أمره ؟ ! فقال عتبة بن ربيعة : والله لقد سمعت الشعر والكهانة والسحر وعلمت من ذلك علما، وما يخفى عليّ إن كان كذلك، فأتاه فقال له : يا محمد ! أنت خير أم هاشم ؟ ! أنت خير أم عبد المطلب ؟ ! فلم يجبه. قال : فبم تشتم آلهتنا وتضلل آباءنا ؟ ! فإن كنت إنما بك الرياسة عقدنا ألويتنا لك، وإن كان بك المال جمعنا لك من أموالنا ما تستغني به أنت وعقبك من بعدك، وإن كان بك الباءة زوجناك عشر نسوة تختار من أيّ بنات قريش ؛ ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت لا يتكلم، فلما فرغ قال صلى الله عليه وسلم :﴿ بسم الله الرحمن الرحيم. حم. تنزيل من الرحمن الرحيم. كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا.. ﴾ فقرأ حتى بلغ ﴿ فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ﴾ فأمسك عتبة على فيه صلى الله عليه وسلم فأنشده الرحم أن يكفّ عنه، ورجع إلى أهله ولم يخرج إلى قريش ؛ فلما احتبس عنهم قال أبو جهل : يا معشر قريش ! ما أرى عتبة إلا قد صبأ إلى محمد-صلى الله عليه وسلم-وأعجبه طعامه، وما ذاك إلا من حاجة أصابته، انتقلوا بنا إليه !.. فأتوه، فقال أبو جهل : والله يا عتبة ما حَسِبنا إلا أنك صبوت إلى محمد وأعجبك أمره، فإن [ كنت ]٢ بك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن محمد-صلى الله عليه وسلم- فغضب وأقسم بالله تعالى لا يكلم محمدا صلى الله عليه وسلم أبدا، وقال : لقد علمتم أني أكثر قريش مالا ولكني أتيته- فقص عليهم القصة- فأجابني بشيء والله ما هو بسحر ولا شعر ولا كهانة، قرأ﴿ بسم الله الرحمن الرحيم. حم تنزيل من الرحمن الرحيم. كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا.. ﴾ حتى ﴿ أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ﴾ فأمسكت بفيه وأنشدته الرحم فكف، وقد علمتم أن محمدا-صلى الله عليه وسلم- إذا قال شيئا لم يكذب، فخفت أن ينزل بكم العذاب. ]٣.
لكن صاحب الجامع لأحكام القرآن أبا عبد الله محمد بن الأنصاري القرطبي أورده مرة هكذا: وقد روى هذا الخبر أبو بكر الأنباري في كتاب الرد له عن محمد بن كعب القرطبي. وأورده قبل ذلك قائلا: وروى أن الريان بن حرملة قال:.. فقد ساقه بضيعة التمريض [روى] ونسبه إلى الريان وليس إلى [الزيال] كما جاء في إسناد ابن حميد وأبي يعلى والبغوي..
٢ هكذا أوردت ولعلها[كانت]..
٣ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي..
ربنا –تبارك اسمه- لا يظلم الناس شيئا، ولا يعاجل بالانتقام حتى يعذر إلى خلقه، فما أحل الصاعقة بعاد وثمود إلا بعد أن تمادوا في طغيانهم، وأمعنوا في بهتانهم، فقد جاءتهم رسل الله من كل جانب يتأتى منه البلاغ والإقناع ؛ أو من أرسل إليهم ومن أرسل إلى من قبلهم، وجاءوهم بالإنذار عما جرى على أمثالهم الكفرة في الماضي، وبالتحذير عما سيحيق بهم في الآخرة [ وخص بالذكر من الأمم المهلكة عاد وثمود لعلم قريش بحالهما، ولوقوفهم على بلادهم في اليمن والحجر١ ].
وأنكرت عاد وثمود أن يرسل الله بشرا رسولا، وأنكرتا ما أرسلا به.
ثم بينت الآيتان التاليتان شيئا من نبأ عاد فإنهم أعمتهم الخيلاء، والفخر والكبرياء، حتى ألهاهم ذلك عن تذكر بأس الله الكبير المتعال، وسطوة القهار ذي الجلال ؛ وإنما قالوا ذلك تغافلا عما يتراءى للأعين والبصائر، والواو من ﴿ وقالوا ﴾ اعتراضية لا عاطفة ؛ إذ هم يعرفون قدرة الله ثم ينكرونها ﴿ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوّا.. ﴾٢ فبعث الله تعالى على هؤلاء الطاغين ريحا هائلة مدمرة-باردة أو مصوّتة- وظلت تعصف بهم سبع ليال وثمانية أيام، فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية، فلم تبقى منهم من باقية ؛ ونجى الله هودا والذين آمنوا معه برحمة منه وفضل لم يمسسهم سوء ؛ وعذبت عاد بهذا العذاب المذل في دنياهم ؛ ولعل وصف أيامه بالنحسات لشؤمها عليهم ؛ وقسما لينالنّ عذابا أشد إذلالا منه في أخراهم، ولن يُدْفَع عنهم شره ولا خزيه أبدا.
٢ سورة النحل. من الآية ١٤..
ربنا –تبارك اسمه- لا يظلم الناس شيئا، ولا يعاجل بالانتقام حتى يعذر إلى خلقه، فما أحل الصاعقة بعاد وثمود إلا بعد أن تمادوا في طغيانهم، وأمعنوا في بهتانهم، فقد جاءتهم رسل الله من كل جانب يتأتى منه البلاغ والإقناع ؛ أو من أرسل إليهم ومن أرسل إلى من قبلهم، وجاءوهم بالإنذار عما جرى على أمثالهم الكفرة في الماضي، وبالتحذير عما سيحيق بهم في الآخرة [ وخص بالذكر من الأمم المهلكة عاد وثمود لعلم قريش بحالهما، ولوقوفهم على بلادهم في اليمن والحجر١ ].
وأنكرت عاد وثمود أن يرسل الله بشرا رسولا، وأنكرتا ما أرسلا به.
ثم بينت الآيتان التاليتان شيئا من نبأ عاد فإنهم أعمتهم الخيلاء، والفخر والكبرياء، حتى ألهاهم ذلك عن تذكر بأس الله الكبير المتعال، وسطوة القهار ذي الجلال ؛ وإنما قالوا ذلك تغافلا عما يتراءى للأعين والبصائر، والواو من ﴿ وقالوا ﴾ اعتراضية لا عاطفة ؛ إذ هم يعرفون قدرة الله ثم ينكرونها ﴿ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوّا.. ﴾٢ فبعث الله تعالى على هؤلاء الطاغين ريحا هائلة مدمرة-باردة أو مصوّتة- وظلت تعصف بهم سبع ليال وثمانية أيام، فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية، فلم تبقى منهم من باقية ؛ ونجى الله هودا والذين آمنوا معه برحمة منه وفضل لم يمسسهم سوء ؛ وعذبت عاد بهذا العذاب المذل في دنياهم ؛ ولعل وصف أيامه بالنحسات لشؤمها عليهم ؛ وقسما لينالنّ عذابا أشد إذلالا منه في أخراهم، ولن يُدْفَع عنهم شره ولا خزيه أبدا.
٢ سورة النحل. من الآية ١٤..
ربنا –تبارك اسمه- لا يظلم الناس شيئا، ولا يعاجل بالانتقام حتى يعذر إلى خلقه، فما أحل الصاعقة بعاد وثمود إلا بعد أن تمادوا في طغيانهم، وأمعنوا في بهتانهم، فقد جاءتهم رسل الله من كل جانب يتأتى منه البلاغ والإقناع ؛ أو من أرسل إليهم ومن أرسل إلى من قبلهم، وجاءوهم بالإنذار عما جرى على أمثالهم الكفرة في الماضي، وبالتحذير عما سيحيق بهم في الآخرة [ وخص بالذكر من الأمم المهلكة عاد وثمود لعلم قريش بحالهما، ولوقوفهم على بلادهم في اليمن والحجر١ ].
وأنكرت عاد وثمود أن يرسل الله بشرا رسولا، وأنكرتا ما أرسلا به.
ثم بينت الآيتان التاليتان شيئا من نبأ عاد فإنهم أعمتهم الخيلاء، والفخر والكبرياء، حتى ألهاهم ذلك عن تذكر بأس الله الكبير المتعال، وسطوة القهار ذي الجلال ؛ وإنما قالوا ذلك تغافلا عما يتراءى للأعين والبصائر، والواو من ﴿ وقالوا ﴾ اعتراضية لا عاطفة ؛ إذ هم يعرفون قدرة الله ثم ينكرونها ﴿ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوّا.. ﴾٢ فبعث الله تعالى على هؤلاء الطاغين ريحا هائلة مدمرة-باردة أو مصوّتة- وظلت تعصف بهم سبع ليال وثمانية أيام، فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية، فلم تبقى منهم من باقية ؛ ونجى الله هودا والذين آمنوا معه برحمة منه وفضل لم يمسسهم سوء ؛ وعذبت عاد بهذا العذاب المذل في دنياهم ؛ ولعل وصف أيامه بالنحسات لشؤمها عليهم ؛ وقسما لينالنّ عذابا أشد إذلالا منه في أخراهم، ولن يُدْفَع عنهم شره ولا خزيه أبدا.
٢ سورة النحل. من الآية ١٤..
ولما فصلت الآيتان قبل هاتين الآيتين شيئا من أنباء عاد لأنهم أسبق من ثمود زمانا بُين في هاتين بعض ما كان من قوم صالح، فقد بيّن لهم رسولهم من هدى الله الذي بُعث به، فاختاروا الضلالة وآثروها على اتباع الهدى.
و﴿ الهدى ﴾ هديان : يأتي بمعنى الإرشاد والدلالة فيقولون : فلان يهديني الطريق، أي يدل عليه ويرشد إليه ؛ ويأتي بمعنى شَرْحُ الصدر للحق والخير، وذلك لا يملكه إلا الله وحده :﴿ إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء.. ﴾١، فكأن المعنى -والله أعلم- دلَلْنا ثمود على الإيمان والإحسان، فآثروا الطغيان على الطاعة والإذعان. فداهمتهم هلكة العذاب المذل المخزي بسبب استكبارهم وتجبرهم وكفرهم بربهم واستهزائهم بنبيهم، وعقرهم الناقة التي جاءتهم لاختبارهم، ونجّى الله رسوله صالحا والذين آمنوا معه بتقواهم وصدق يقينهم.
ولما فصلت الآيتان قبل هاتين الآيتين شيئا من أنباء عاد لأنهم أسبق من ثمود زمانا بُين في هاتين بعض ما كان من قوم صالح، فقد بيّن لهم رسولهم من هدى الله الذي بُعث به، فاختاروا الضلالة وآثروها على اتباع الهدى.
و﴿ الهدى ﴾ هديان : يأتي بمعنى الإرشاد والدلالة فيقولون : فلان يهديني الطريق، أي يدل عليه ويرشد إليه ؛ ويأتي بمعنى شَرْحُ الصدر للحق والخير، وذلك لا يملكه إلا الله وحده :﴿ إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء.. ﴾١، فكأن المعنى -والله أعلم- دلَلْنا ثمود على الإيمان والإحسان، فآثروا الطغيان على الطاعة والإذعان. فداهمتهم هلكة العذاب المذل المخزي بسبب استكبارهم وتجبرهم وكفرهم بربهم واستهزائهم بنبيهم، وعقرهم الناقة التي جاءتهم لاختبارهم، ونجّى الله رسوله صالحا والذين آمنوا معه بتقواهم وصدق يقينهم.
ويوم يجمع ويساق أعداء الله- وهم الكفار والفجار-إلى مستقرهم في جهنم فيُمنعون ويُحْبسون حتى يدرك آخرهم أولهم، فإذا تكاملت عدتهم بدئ بالأكابر فالأكابر جرما.
حتى إذا ما وصلوا إلى النار وعاينوها تكلمت أسماعهم بما كانوا يصغون بها في الدنيا ويستمعونه ؛ وأبصارهم بما كانوا إليه ينظرون ؛ وشهدت الجلود بما لامست وما اجترحت ؛ وجاء في آية كريمة أخرى أن بقية الجوارح تشهد :﴿ اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ﴾١ كما بينت آية مباركة ثالثة أن جارحة أخرى تُحدث بما كان :﴿ يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ﴾٢.
٢ سورة النور الآية ٣٤..
وقال المقبحون المفتونون-يلومون أعضاءهم وجلودهم إذ شهدت عليهم- لم شهدتم علينا ؟ ! فتجيبهم الأعضاء والجلود قائلة : أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء-مما ينطق-[ وهو الذي ركّب الحياة فيكم بعد أن كنتم نطفا، فمن قدر عليه، قدر على أن ينطق الجلود وغيرها من الأعضاء. ]١.
في صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك فقال :( هل تدرون مما أضحك ) ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم. قال :( من مخاطبة العبد ربه يقول يا رب ألم تجرني من الظلم قال يقول بلى قال فيقول فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني قال يقول كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا وبالكرام الكاتبين شهودا قال فيختم على فيه فيقال لأركانه انطقي بأعماله قال ثم يخلى بينه وبين الكلام قال فيقول بُعْداً لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل ) وفي حديث أبي هريرة ثم يقال :( الآن نبعث شاهدنا عليك ويتفكر في نفسه من ذا الذي يشهد عليّ فيختم على فيه ويقال لفخذه ولحمه وعظامه انطقي فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله وذلك ليعذر من نفسه٢ وذلك الذي سخط الله عليه ) أخرجه أيضا مسلم.
٢ من الإعذار، والمعنى ليزيل الله عذره من قبل نفسه بكثرة ذنوبه وبشهادة أعضائه عليه لم يبق له عذر [هامش مسلم]..
تقول الجوارح مخزية للكفار والفجار ؛ أو هذا من قول الله عز وجل لهم ؛ أو هو من قول الملائكة ؛ وقد وردت آثار١ في سبب النزول.
وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود قال : اجتمع عند البيت ثلاثة نفر، قرشيان وثقفي أو ثقفيان وقرشي، قليل فقه قلوبهم، كثير شحم بطونهم، فقال أحدهم : أترون الله يسمع ما نقول ؟ فقال الآخر : يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا، وقال الآخر : إن كان يسمع إذا جهرنا فهو يسمع إذا أخفينا، فأنزل الله عز وجل :﴿ وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم.. ﴾ الآية. أي ما كنتم تستخفون من أنفسكم حذرا من شهادة الجوارح والجلود عليكم، أو : ما كنتم تتقون في الدنيا أن تشهد عليكم الجلود في الآخرة فتتركوا المعاصي حذرا من هذه الشهادة، ولكن حسبتم أن قولكم وعملكم قد لا يعلم به ربكم، وذلك سبب خسرانكم، وقال عمر بن الخطاب في هذه الآية : هؤلاء قوم كانوا يدمنون المعاصي ولا يتوبون منها ويتكلمون على المغفرة، حتى خرجوا من الدنيا مفاليس ؛ ثم قرأ :﴿ وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين ﴾. وقال الحسن البصري : إن قوما ألهتهم الأماني حتى خرجوا من الدنيا وما لهم حسنة، ويقول أحدهم : إني أحسن الظن بربي، وكذب، لو أحسن الظن لأحسن العمل، وتلا قول الله تعالى :﴿ وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين ﴾.
فإن صبروا على ما يَلْقَونَ في جهنم أو جزعوا فالنار مرجعهم ومأواهم لا خروج لهم منها. يقال : إذا تعاتبوا أصلح ما بينهم العتاب، والعتبى : رجوع المعتوب عليه إلى ما يرضى العاتب ؛ أو كأن المعنى : إن يستقيلوا ربهم ليقيلهم من أوزارهم فما هم من المُقالين.
وعن معقل بن يسار عن النبي صلى الله وسلم:(ليس من يوم يأتي على ابن آدم إلا ينادى فيه: يا ابن آدم أنا خلق جديد وأنا فيما تعمل غدا عليك شهيد..).
أورده القرطبي..
تقول الجوارح مخزية للكفار والفجار ؛ أو هذا من قول الله عز وجل لهم ؛ أو هو من قول الملائكة ؛ وقد وردت آثار١ في سبب النزول.
وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود قال : اجتمع عند البيت ثلاثة نفر، قرشيان وثقفي أو ثقفيان وقرشي، قليل فقه قلوبهم، كثير شحم بطونهم، فقال أحدهم : أترون الله يسمع ما نقول ؟ فقال الآخر : يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا، وقال الآخر : إن كان يسمع إذا جهرنا فهو يسمع إذا أخفينا، فأنزل الله عز وجل :﴿ وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم.. ﴾ الآية. أي ما كنتم تستخفون من أنفسكم حذرا من شهادة الجوارح والجلود عليكم، أو : ما كنتم تتقون في الدنيا أن تشهد عليكم الجلود في الآخرة فتتركوا المعاصي حذرا من هذه الشهادة، ولكن حسبتم أن قولكم وعملكم قد لا يعلم به ربكم، وذلك سبب خسرانكم، وقال عمر بن الخطاب في هذه الآية : هؤلاء قوم كانوا يدمنون المعاصي ولا يتوبون منها ويتكلمون على المغفرة، حتى خرجوا من الدنيا مفاليس ؛ ثم قرأ :﴿ وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين ﴾. وقال الحسن البصري : إن قوما ألهتهم الأماني حتى خرجوا من الدنيا وما لهم حسنة، ويقول أحدهم : إني أحسن الظن بربي، وكذب، لو أحسن الظن لأحسن العمل، وتلا قول الله تعالى :﴿ وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين ﴾.
فإن صبروا على ما يَلْقَونَ في جهنم أو جزعوا فالنار مرجعهم ومأواهم لا خروج لهم منها. يقال : إذا تعاتبوا أصلح ما بينهم العتاب، والعتبى : رجوع المعتوب عليه إلى ما يرضى العاتب ؛ أو كأن المعنى : إن يستقيلوا ربهم ليقيلهم من أوزارهم فما هم من المُقالين.
وعن معقل بن يسار عن النبي صلى الله وسلم:(ليس من يوم يأتي على ابن آدم إلا ينادى فيه: يا ابن آدم أنا خلق جديد وأنا فيما تعمل غدا عليك شهيد..).
أورده القرطبي..
تقول الجوارح مخزية للكفار والفجار ؛ أو هذا من قول الله عز وجل لهم ؛ أو هو من قول الملائكة ؛ وقد وردت آثار١ في سبب النزول.
وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود قال : اجتمع عند البيت ثلاثة نفر، قرشيان وثقفي أو ثقفيان وقرشي، قليل فقه قلوبهم، كثير شحم بطونهم، فقال أحدهم : أترون الله يسمع ما نقول ؟ فقال الآخر : يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا، وقال الآخر : إن كان يسمع إذا جهرنا فهو يسمع إذا أخفينا، فأنزل الله عز وجل :﴿ وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم.. ﴾ الآية. أي ما كنتم تستخفون من أنفسكم حذرا من شهادة الجوارح والجلود عليكم، أو : ما كنتم تتقون في الدنيا أن تشهد عليكم الجلود في الآخرة فتتركوا المعاصي حذرا من هذه الشهادة، ولكن حسبتم أن قولكم وعملكم قد لا يعلم به ربكم، وذلك سبب خسرانكم، وقال عمر بن الخطاب في هذه الآية : هؤلاء قوم كانوا يدمنون المعاصي ولا يتوبون منها ويتكلمون على المغفرة، حتى خرجوا من الدنيا مفاليس ؛ ثم قرأ :﴿ وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين ﴾. وقال الحسن البصري : إن قوما ألهتهم الأماني حتى خرجوا من الدنيا وما لهم حسنة، ويقول أحدهم : إني أحسن الظن بربي، وكذب، لو أحسن الظن لأحسن العمل، وتلا قول الله تعالى :﴿ وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين ﴾.
فإن صبروا على ما يَلْقَونَ في جهنم أو جزعوا فالنار مرجعهم ومأواهم لا خروج لهم منها. يقال : إذا تعاتبوا أصلح ما بينهم العتاب، والعتبى : رجوع المعتوب عليه إلى ما يرضى العاتب ؛ أو كأن المعنى : إن يستقيلوا ربهم ليقيلهم من أوزارهم فما هم من المُقالين.
وعن معقل بن يسار عن النبي صلى الله وسلم:(ليس من يوم يأتي على ابن آدم إلا ينادى فيه: يا ابن آدم أنا خلق جديد وأنا فيما تعمل غدا عليك شهيد..).
أورده القرطبي..
هُيأ لهم من يقارنهم من شياطين الإنس والجن فحسنوا لهم ما بين أيديهم من شهوات الدنيا وزخرفها وغرورها وشرورها، وما خلفهم من التكذيب بأمور الآخرة، والتسويف في التزود لها، ووجب عليهم بذلك من العذاب ما يسلكهم مع الأمم الكافرة التي سبقتهم من الأناسيّ والمردة ؛ فليستيقنوا بلقاء الله.
تواصى رؤساء المشركين فيما بينه أن لا ينصتوا للكتاب العزيز، وأن يصرفوا الناس عن الإنصات له، وأن يعيبوا الذكر الحكيم ويوشوشوا عليه بما لا معنى له ولا أصل ؛ كانوا عند قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن يأتون بالمكاء بالتصفيق والصفير والصياح وإنشاد الشعر والأراجيز طمعا في أن يميتوا ذكر الكتاب الكريم ويغطوا نور هدايته ؛ وهيهات ؛ فقسما ليصلينهم مُنزلُ القرآن وموحيه أشد العذاب جزاء وفاقا لعظيم إفكهم وسوء صنيعهم، وقد عادوا ربهم فاستحقوا الخلود في دار الملامة والندامة، والحريق والسعير، إذ جحدوا البرهان، وأرادوا إطفاء نور القرآن ؛ فأعقبتهم حسرات المصير، أن يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا، ويتمنى الأتباع للمتبوعين أن يضاعف لهم العذاب، ويسخرون منهم :﴿ وقالوا مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار. أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار، إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ﴾١.
تواصى رؤساء المشركين فيما بينه أن لا ينصتوا للكتاب العزيز، وأن يصرفوا الناس عن الإنصات له، وأن يعيبوا الذكر الحكيم ويوشوشوا عليه بما لا معنى له ولا أصل ؛ كانوا عند قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن يأتون بالمكاء بالتصفيق والصفير والصياح وإنشاد الشعر والأراجيز طمعا في أن يميتوا ذكر الكتاب الكريم ويغطوا نور هدايته ؛ وهيهات ؛ فقسما ليصلينهم مُنزلُ القرآن وموحيه أشد العذاب جزاء وفاقا لعظيم إفكهم وسوء صنيعهم، وقد عادوا ربهم فاستحقوا الخلود في دار الملامة والندامة، والحريق والسعير، إذ جحدوا البرهان، وأرادوا إطفاء نور القرآن ؛ فأعقبتهم حسرات المصير، أن يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا، ويتمنى الأتباع للمتبوعين أن يضاعف لهم العذاب، ويسخرون منهم :﴿ وقالوا مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار. أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار، إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ﴾١.
تواصى رؤساء المشركين فيما بينه أن لا ينصتوا للكتاب العزيز، وأن يصرفوا الناس عن الإنصات له، وأن يعيبوا الذكر الحكيم ويوشوشوا عليه بما لا معنى له ولا أصل ؛ كانوا عند قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن يأتون بالمكاء بالتصفيق والصفير والصياح وإنشاد الشعر والأراجيز طمعا في أن يميتوا ذكر الكتاب الكريم ويغطوا نور هدايته ؛ وهيهات ؛ فقسما ليصلينهم مُنزلُ القرآن وموحيه أشد العذاب جزاء وفاقا لعظيم إفكهم وسوء صنيعهم، وقد عادوا ربهم فاستحقوا الخلود في دار الملامة والندامة، والحريق والسعير، إذ جحدوا البرهان، وأرادوا إطفاء نور القرآن ؛ فأعقبتهم حسرات المصير، أن يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا، ويتمنى الأتباع للمتبوعين أن يضاعف لهم العذاب، ويسخرون منهم :﴿ وقالوا مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار. أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار، إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ﴾١.
تواصى رؤساء المشركين فيما بينه أن لا ينصتوا للكتاب العزيز، وأن يصرفوا الناس عن الإنصات له، وأن يعيبوا الذكر الحكيم ويوشوشوا عليه بما لا معنى له ولا أصل ؛ كانوا عند قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن يأتون بالمكاء بالتصفيق والصفير والصياح وإنشاد الشعر والأراجيز طمعا في أن يميتوا ذكر الكتاب الكريم ويغطوا نور هدايته ؛ وهيهات ؛ فقسما ليصلينهم مُنزلُ القرآن وموحيه أشد العذاب جزاء وفاقا لعظيم إفكهم وسوء صنيعهم، وقد عادوا ربهم فاستحقوا الخلود في دار الملامة والندامة، والحريق والسعير، إذ جحدوا البرهان، وأرادوا إطفاء نور القرآن ؛ فأعقبتهم حسرات المصير، أن يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا، ويتمنى الأتباع للمتبوعين أن يضاعف لهم العذاب، ويسخرون منهم :﴿ وقالوا مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار. أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار، إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ﴾١.
بعد بيان خزي وخسران الكفار الفجار، بشّر الله الحق بربح وأمن وفوز المتقين الأبرار، من أقر بالتوحيد، وشهد أن لا إله إلا الله، وانتهوا إلى طاعته فيما أمر ونهى ؛ أو :﴿ استقاموا ﴾ فلم يلتفتوا إلى غيره[ وربما يكون ﴿ قالوا ربنا الله ﴾ إشارة إلى التصديقات والعلوم النظرية، وهذه رأسها وأصلها، وفي ﴿ ثم استقاموا ﴾ إشارة إلى الحكم العملية، وجملتها الاستقامة على الوسط دون ميل إلى أحد شقي الإفراط والتفريط ]. ١.
تتنزل عليهم الملائكة عند الموت قائلين : لا تخافوا ما تُقْدمون عليه بعد مماتكم، ولا تحزنوا على ما تخلفونه وراءكم من أهل وولد فإنا نخلفكم في ذلك كله، وأبشروا بالجنة التي وعدتموها في الدنيا على إيمانكم بالله، واستقامتكم على طاعته ؛ وهكذا باستقامة القول والفعل- فعل القلب والجوارح- يتحقق الإيمان.
روى مسلم في صحيحه عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال : قلت يا رسول الله ! قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك- وفي رواية غيرك- قال :( قل آمنت بالله ثم استقم )٢.
وصحح الحفاظ عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ) قلنا يا رسول الله : كلنا نكره الموت ؛ قال صلى الله عليه وسلم :( ليس ذلك كراهية الموت ولكن المؤمن إذا حُضر جاءه البشير من الله تعالى بما هو صائر إليه فليس شيء أحب إليه من أن يكون قد لقي الله تعالى فأحب الله لقاءه.. ).
ومن جملة قول الملائكة الذين ينزلون على المؤمنين حالة اللحوق بربهم : نحن نتولاكم بالحفظ في الأولى وفي العقبى، كنا قرناءكم في الدنيا نسددكم ونوفقكم بأمر الله ؛ وكذلك نكون معكم في الآخرة نؤنس منكم الوحشة في القبور، وعند النفخ في الصور، ونؤمنكم يوم البعث والنشور، ونجاوز بكم الصراط، ونوصلكم إلى الجنات، فيؤمّن الله تعالى خوفه ويُقرّ عينه، فما عظيمة يخشى الناس يوم القيامة إلا هي للمؤمن قرة عين بما هداه ربه إليه من عمل في الدنيا.
[ فللملائكة تأثيرات في الأرواح بالإلهامات الحسنة والخواطر الشريفة، كما للشياطين تأثيرات بإلقاء الوساوس والهواجس.. وإذا كانت هذه الولاية ثابتة في الدنيا بحكم المناسبة النُورية- بين الملك وبين المؤمن رباط النورانية في كل منهما، فنور الإيمان في الآدمي يربطه بالملك الذي هو نورانيّ- كانت بعد الموت أقوى وأظهر لزوال العلائق الجسمانية ؛ وقيل : في الحياة الدنيا بالاستغفار ؛ وفي الآخرة بالشفاعة ؛ وقيل : كنا نحفظكم في الدنيا، ولا نفارقكم في الآخرة حتى تدخلوا الجنة، ولكم في الجنة ما تشتهي أنفسكم من الحظوظ الجسمانية ولكم فيها ما تتمنون من المواهب الروحية ]٣ ؛ ثوابا وإكراما من رب يستر زلات من استغفره- وإن كثرت- واسع الرحمة فلا يهلك عليه إلا هالك.
٢ زاد الترمذي: قلت: يا رسول الله: ما أخوف ما تخاف علي؟ فأخذ بلسان نفسه وقال:"هذا"..
٣ ما بين العارضتين مما أورده النيسابوري؛ بتصرف..
بعد بيان خزي وخسران الكفار الفجار، بشّر الله الحق بربح وأمن وفوز المتقين الأبرار، من أقر بالتوحيد، وشهد أن لا إله إلا الله، وانتهوا إلى طاعته فيما أمر ونهى ؛ أو :﴿ استقاموا ﴾ فلم يلتفتوا إلى غيره[ وربما يكون ﴿ قالوا ربنا الله ﴾ إشارة إلى التصديقات والعلوم النظرية، وهذه رأسها وأصلها، وفي ﴿ ثم استقاموا ﴾ إشارة إلى الحكم العملية، وجملتها الاستقامة على الوسط دون ميل إلى أحد شقي الإفراط والتفريط ]. ١.
تتنزل عليهم الملائكة عند الموت قائلين : لا تخافوا ما تُقْدمون عليه بعد مماتكم، ولا تحزنوا على ما تخلفونه وراءكم من أهل وولد فإنا نخلفكم في ذلك كله، وأبشروا بالجنة التي وعدتموها في الدنيا على إيمانكم بالله، واستقامتكم على طاعته ؛ وهكذا باستقامة القول والفعل- فعل القلب والجوارح- يتحقق الإيمان.
روى مسلم في صحيحه عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال : قلت يا رسول الله ! قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك- وفي رواية غيرك- قال :( قل آمنت بالله ثم استقم )٢.
وصحح الحفاظ عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ) قلنا يا رسول الله : كلنا نكره الموت ؛ قال صلى الله عليه وسلم :( ليس ذلك كراهية الموت ولكن المؤمن إذا حُضر جاءه البشير من الله تعالى بما هو صائر إليه فليس شيء أحب إليه من أن يكون قد لقي الله تعالى فأحب الله لقاءه.. ).
ومن جملة قول الملائكة الذين ينزلون على المؤمنين حالة اللحوق بربهم : نحن نتولاكم بالحفظ في الأولى وفي العقبى، كنا قرناءكم في الدنيا نسددكم ونوفقكم بأمر الله ؛ وكذلك نكون معكم في الآخرة نؤنس منكم الوحشة في القبور، وعند النفخ في الصور، ونؤمنكم يوم البعث والنشور، ونجاوز بكم الصراط، ونوصلكم إلى الجنات، فيؤمّن الله تعالى خوفه ويُقرّ عينه، فما عظيمة يخشى الناس يوم القيامة إلا هي للمؤمن قرة عين بما هداه ربه إليه من عمل في الدنيا.
[ فللملائكة تأثيرات في الأرواح بالإلهامات الحسنة والخواطر الشريفة، كما للشياطين تأثيرات بإلقاء الوساوس والهواجس.. وإذا كانت هذه الولاية ثابتة في الدنيا بحكم المناسبة النُورية- بين الملك وبين المؤمن رباط النورانية في كل منهما، فنور الإيمان في الآدمي يربطه بالملك الذي هو نورانيّ- كانت بعد الموت أقوى وأظهر لزوال العلائق الجسمانية ؛ وقيل : في الحياة الدنيا بالاستغفار ؛ وفي الآخرة بالشفاعة ؛ وقيل : كنا نحفظكم في الدنيا، ولا نفارقكم في الآخرة حتى تدخلوا الجنة، ولكم في الجنة ما تشتهي أنفسكم من الحظوظ الجسمانية ولكم فيها ما تتمنون من المواهب الروحية ]٣ ؛ ثوابا وإكراما من رب يستر زلات من استغفره- وإن كثرت- واسع الرحمة فلا يهلك عليه إلا هالك.
٢ زاد الترمذي: قلت: يا رسول الله: ما أخوف ما تخاف علي؟ فأخذ بلسان نفسه وقال:"هذا"..
٣ ما بين العارضتين مما أورده النيسابوري؛ بتصرف..
بعد بيان خزي وخسران الكفار الفجار، بشّر الله الحق بربح وأمن وفوز المتقين الأبرار، من أقر بالتوحيد، وشهد أن لا إله إلا الله، وانتهوا إلى طاعته فيما أمر ونهى ؛ أو :﴿ استقاموا ﴾ فلم يلتفتوا إلى غيره[ وربما يكون ﴿ قالوا ربنا الله ﴾ إشارة إلى التصديقات والعلوم النظرية، وهذه رأسها وأصلها، وفي ﴿ ثم استقاموا ﴾ إشارة إلى الحكم العملية، وجملتها الاستقامة على الوسط دون ميل إلى أحد شقي الإفراط والتفريط ]. ١.
تتنزل عليهم الملائكة عند الموت قائلين : لا تخافوا ما تُقْدمون عليه بعد مماتكم، ولا تحزنوا على ما تخلفونه وراءكم من أهل وولد فإنا نخلفكم في ذلك كله، وأبشروا بالجنة التي وعدتموها في الدنيا على إيمانكم بالله، واستقامتكم على طاعته ؛ وهكذا باستقامة القول والفعل- فعل القلب والجوارح- يتحقق الإيمان.
روى مسلم في صحيحه عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال : قلت يا رسول الله ! قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك- وفي رواية غيرك- قال :( قل آمنت بالله ثم استقم )٢.
وصحح الحفاظ عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ) قلنا يا رسول الله : كلنا نكره الموت ؛ قال صلى الله عليه وسلم :( ليس ذلك كراهية الموت ولكن المؤمن إذا حُضر جاءه البشير من الله تعالى بما هو صائر إليه فليس شيء أحب إليه من أن يكون قد لقي الله تعالى فأحب الله لقاءه.. ).
ومن جملة قول الملائكة الذين ينزلون على المؤمنين حالة اللحوق بربهم : نحن نتولاكم بالحفظ في الأولى وفي العقبى، كنا قرناءكم في الدنيا نسددكم ونوفقكم بأمر الله ؛ وكذلك نكون معكم في الآخرة نؤنس منكم الوحشة في القبور، وعند النفخ في الصور، ونؤمنكم يوم البعث والنشور، ونجاوز بكم الصراط، ونوصلكم إلى الجنات، فيؤمّن الله تعالى خوفه ويُقرّ عينه، فما عظيمة يخشى الناس يوم القيامة إلا هي للمؤمن قرة عين بما هداه ربه إليه من عمل في الدنيا.
[ فللملائكة تأثيرات في الأرواح بالإلهامات الحسنة والخواطر الشريفة، كما للشياطين تأثيرات بإلقاء الوساوس والهواجس.. وإذا كانت هذه الولاية ثابتة في الدنيا بحكم المناسبة النُورية- بين الملك وبين المؤمن رباط النورانية في كل منهما، فنور الإيمان في الآدمي يربطه بالملك الذي هو نورانيّ- كانت بعد الموت أقوى وأظهر لزوال العلائق الجسمانية ؛ وقيل : في الحياة الدنيا بالاستغفار ؛ وفي الآخرة بالشفاعة ؛ وقيل : كنا نحفظكم في الدنيا، ولا نفارقكم في الآخرة حتى تدخلوا الجنة، ولكم في الجنة ما تشتهي أنفسكم من الحظوظ الجسمانية ولكم فيها ما تتمنون من المواهب الروحية ]٣ ؛ ثوابا وإكراما من رب يستر زلات من استغفره- وإن كثرت- واسع الرحمة فلا يهلك عليه إلا هالك.
٢ زاد الترمذي: قلت: يا رسول الله: ما أخوف ما تخاف علي؟ فأخذ بلسان نفسه وقال:"هذا"..
٣ ما بين العارضتين مما أورده النيسابوري؛ بتصرف..
وليس من قول ولا قائل أكرم من الداعي إلى الله تعالى وإلى سبيله، والعامل بما يرضيه، والمعتز بانتسابه إلى الإسلام، فالاستفهام قد يراد به في هذه الآية : نفي أن يكون أحد أحسن قولا وفعلا من المذكر بالحق، الدال على الخير، المبتهج باتخاذ الإسلام دينا، وكأن الآية الثانية فصلت العمل الصالح مع المخلوقين، بعدما فصلت سابقتها العمل الصالح مع الخلاق العليم، ومقابلة الإساءة بالإساءة لا تقطع السوء بل قد تتمادى به، لكن أن تعفو عمن أساء فهذا طيب، وأطيب منه أن تحسن إلى المسيء، فتُقْتَلَعَ العداوة وتُزرع في القلوب المودة، فيعود الذي عاداك مواليا مخلصا في حبه لك، وما يتلقى هذه الصفة المحمودة بالاتباع والاستمساك إلا من منحه الله صبرا على المكاره ؛ وما يثبت عليها إلا صاحب حظ عظيم ؛ ولهم البشرى من البَر الرحيم الذي لا يخلف الميعاد : جنات عرضها السماوات والأرض ﴿ .. أعدت للمتقين. الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ﴾١ ﴿ ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم.. ﴾٢.
وإما ينازعك الشيطان ويوسوس إليك بالرد على المسيء وعقوبته، ويزين لك أن تنصرف عما دعيت إليه من دفع إساءته بالإحسان فاحتم واستجر بالله من شره ووسواسه، فإنه عز وجل سميع لضراعتك، عليم بإنابتك، فسيعصمك من أذاه، ويثبتك على ما فيه رضاه، واتباع هداه.
٢ سورة النور. من الآية ٣٣.
وعلماء القرآن على أنها نزلت حين شارك قريب لأبي بكر رضي الله عنه في حديث الإفك والافتراء على أم المؤمنين عائشة بنت الصديق رضي الله عنها، فلما ساهم في اقتراف هذا البهتان حلف أبو بكر ليقطعن عنه العون الذي كان يجريه عليه، فنزلت الآية تحلله من يمينه بالكفارة، وليداوم على الإحسان إلى هذا المسيء رغبة في عفو الله وغفرانه..
وليس من قول ولا قائل أكرم من الداعي إلى الله تعالى وإلى سبيله، والعامل بما يرضيه، والمعتز بانتسابه إلى الإسلام، فالاستفهام قد يراد به في هذه الآية : نفي أن يكون أحد أحسن قولا وفعلا من المذكر بالحق، الدال على الخير، المبتهج باتخاذ الإسلام دينا، وكأن الآية الثانية فصلت العمل الصالح مع المخلوقين، بعدما فصلت سابقتها العمل الصالح مع الخلاق العليم، ومقابلة الإساءة بالإساءة لا تقطع السوء بل قد تتمادى به، لكن أن تعفو عمن أساء فهذا طيب، وأطيب منه أن تحسن إلى المسيء، فتُقْتَلَعَ العداوة وتُزرع في القلوب المودة، فيعود الذي عاداك مواليا مخلصا في حبه لك، وما يتلقى هذه الصفة المحمودة بالاتباع والاستمساك إلا من منحه الله صبرا على المكاره ؛ وما يثبت عليها إلا صاحب حظ عظيم ؛ ولهم البشرى من البَر الرحيم الذي لا يخلف الميعاد : جنات عرضها السماوات والأرض ﴿.. أعدت للمتقين. الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ﴾١ ﴿ ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم.. ﴾٢.
وإما ينازعك الشيطان ويوسوس إليك بالرد على المسيء وعقوبته، ويزين لك أن تنصرف عما دعيت إليه من دفع إساءته بالإحسان فاحتم واستجر بالله من شره ووسواسه، فإنه عز وجل سميع لضراعتك، عليم بإنابتك، فسيعصمك من أذاه، ويثبتك على ما فيه رضاه، واتباع هداه.
٢ سورة النور. من الآية ٣٣.
وعلماء القرآن على أنها نزلت حين شارك قريب لأبي بكر رضي الله عنه في حديث الإفك والافتراء على أم المؤمنين عائشة بنت الصديق رضي الله عنها، فلما ساهم في اقتراف هذا البهتان حلف أبو بكر ليقطعن عنه العون الذي كان يجريه عليه، فنزلت الآية تحلله من يمينه بالكفارة، وليداوم على الإحسان إلى هذا المسيء رغبة في عفو الله وغفرانه..
وليس من قول ولا قائل أكرم من الداعي إلى الله تعالى وإلى سبيله، والعامل بما يرضيه، والمعتز بانتسابه إلى الإسلام، فالاستفهام قد يراد به في هذه الآية : نفي أن يكون أحد أحسن قولا وفعلا من المذكر بالحق، الدال على الخير، المبتهج باتخاذ الإسلام دينا، وكأن الآية الثانية فصلت العمل الصالح مع المخلوقين، بعدما فصلت سابقتها العمل الصالح مع الخلاق العليم، ومقابلة الإساءة بالإساءة لا تقطع السوء بل قد تتمادى به، لكن أن تعفو عمن أساء فهذا طيب، وأطيب منه أن تحسن إلى المسيء، فتُقْتَلَعَ العداوة وتُزرع في القلوب المودة، فيعود الذي عاداك مواليا مخلصا في حبه لك، وما يتلقى هذه الصفة المحمودة بالاتباع والاستمساك إلا من منحه الله صبرا على المكاره ؛ وما يثبت عليها إلا صاحب حظ عظيم ؛ ولهم البشرى من البَر الرحيم الذي لا يخلف الميعاد : جنات عرضها السماوات والأرض ﴿.. أعدت للمتقين. الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ﴾١ ﴿ ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم.. ﴾٢.
وإما ينازعك الشيطان ويوسوس إليك بالرد على المسيء وعقوبته، ويزين لك أن تنصرف عما دعيت إليه من دفع إساءته بالإحسان فاحتم واستجر بالله من شره ووسواسه، فإنه عز وجل سميع لضراعتك، عليم بإنابتك، فسيعصمك من أذاه، ويثبتك على ما فيه رضاه، واتباع هداه.
٢ سورة النور. من الآية ٣٣.
وعلماء القرآن على أنها نزلت حين شارك قريب لأبي بكر رضي الله عنه في حديث الإفك والافتراء على أم المؤمنين عائشة بنت الصديق رضي الله عنها، فلما ساهم في اقتراف هذا البهتان حلف أبو بكر ليقطعن عنه العون الذي كان يجريه عليه، فنزلت الآية تحلله من يمينه بالكفارة، وليداوم على الإحسان إلى هذا المسيء رغبة في عفو الله وغفرانه..
وليس من قول ولا قائل أكرم من الداعي إلى الله تعالى وإلى سبيله، والعامل بما يرضيه، والمعتز بانتسابه إلى الإسلام، فالاستفهام قد يراد به في هذه الآية : نفي أن يكون أحد أحسن قولا وفعلا من المذكر بالحق، الدال على الخير، المبتهج باتخاذ الإسلام دينا، وكأن الآية الثانية فصلت العمل الصالح مع المخلوقين، بعدما فصلت سابقتها العمل الصالح مع الخلاق العليم، ومقابلة الإساءة بالإساءة لا تقطع السوء بل قد تتمادى به، لكن أن تعفو عمن أساء فهذا طيب، وأطيب منه أن تحسن إلى المسيء، فتُقْتَلَعَ العداوة وتُزرع في القلوب المودة، فيعود الذي عاداك مواليا مخلصا في حبه لك، وما يتلقى هذه الصفة المحمودة بالاتباع والاستمساك إلا من منحه الله صبرا على المكاره ؛ وما يثبت عليها إلا صاحب حظ عظيم ؛ ولهم البشرى من البَر الرحيم الذي لا يخلف الميعاد : جنات عرضها السماوات والأرض ﴿.. أعدت للمتقين. الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ﴾١ ﴿ ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم.. ﴾٢.
وإما ينازعك الشيطان ويوسوس إليك بالرد على المسيء وعقوبته، ويزين لك أن تنصرف عما دعيت إليه من دفع إساءته بالإحسان فاحتم واستجر بالله من شره ووسواسه، فإنه عز وجل سميع لضراعتك، عليم بإنابتك، فسيعصمك من أذاه، ويثبتك على ما فيه رضاه، واتباع هداه.
٢ سورة النور. من الآية ٣٣.
وعلماء القرآن على أنها نزلت حين شارك قريب لأبي بكر رضي الله عنه في حديث الإفك والافتراء على أم المؤمنين عائشة بنت الصديق رضي الله عنها، فلما ساهم في اقتراف هذا البهتان حلف أبو بكر ليقطعن عنه العون الذي كان يجريه عليه، فنزلت الآية تحلله من يمينه بالكفارة، وليداوم على الإحسان إلى هذا المسيء رغبة في عفو الله وغفرانه..
عادت هاتان الآيتان تدعوان إلى الإيمان، وتسوق البرهان على جلال الملك الديان، وأن الخضوع والعبادة لا يلقيان إلا للخالق دون الخلق، ومن دلائل قدرته وأحديته خلق الليل والنهار وتعاقبهما، وخلق الشمس والقمر ونورهما وسننهما، فتخلوا عن تأليه الخالق، ولا تعبدوا نجما ولا كوكبا، ولا شمسا ولا قمرا، فكلها مسخرة مقهورة ؛ وليكن سجودكم وخضوعكم وتأليهكم للخالق المهيمن الواحد القهار ؛ ولا تشركوا به شيئا، فإنه أغنى الشركاء عن الشرك، ولا يقبل إلا ما كان له خالصا ؛ فإن تعاظموا عن اجتناب ما نُهوا عنه، أو تأنفوا عن إفراد الله بالتقديس والسجود فلن يُخِل ذلك بعظمة ربنا وكبريائه، فإن الملأ الأعلى لا يستنكفون عن عبادته ولا يكِلّون، ولا يَفْتَرون ولا يملّون.
عادت هاتان الآيتان تدعوان إلى الإيمان، وتسوق البرهان على جلال الملك الديان، وأن الخضوع والعبادة لا يلقيان إلا للخالق دون الخلق، ومن دلائل قدرته وأحديته خلق الليل والنهار وتعاقبهما، وخلق الشمس والقمر ونورهما وسننهما، فتخلوا عن تأليه الخالق، ولا تعبدوا نجما ولا كوكبا، ولا شمسا ولا قمرا، فكلها مسخرة مقهورة ؛ وليكن سجودكم وخضوعكم وتأليهكم للخالق المهيمن الواحد القهار ؛ ولا تشركوا به شيئا، فإنه أغنى الشركاء عن الشرك، ولا يقبل إلا ما كان له خالصا ؛ فإن تعاظموا عن اجتناب ما نُهوا عنه، أو تأنفوا عن إفراد الله بالتقديس والسجود فلن يُخِل ذلك بعظمة ربنا وكبريائه، فإن الملأ الأعلى لا يستنكفون عن عبادته ولا يكِلّون، ولا يَفْتَرون ولا يملّون.
ومن دلائل عظمته وفيض آلائه، وبرهان القدرة على بعث كل مقبور ومحاسبته وجزائه، أن كل ذي عينين يرى الأرض مقفرة يابسة-كالخاضعة الذليلة- فإذا نشر الله عليها رحمته وأغاثها بالماء الذي يُمطرُ الخلق به تحركت الأرض الهامدة الغبراء الدارسة وعظمت وارتفعت، إن الذي حرّك الهامد، وفلق الحب والنوى، وأخرج منهما خضرا، يخرج منه الحب المتراكم، ومن النخل القنوان الدانية، ومن الحدائق البهيجة الأعناب والزيتون والرمان، لقادر على إعادة الحياة إلى الأموات ؛ إنه عز شأنه- لا يقف أمام قدرته شيء.
[ ويجوز أن يكون في الكلام استعارة تمثيلية، شبه حال جدوبة الأرض وخلوها عن النبات ثم إحياء الله تعالى إياها بالمطر وانقلابها من الجدوبة إلى الخصوبة وإنبات كل زوج بهيج بحال شخص كئيب كاسف البال رث الهيئة لا يؤبه به، ثم إذا أصابه شيء من متاع الدنيا وزينتها تكلف بأنواع الزينة والزخارف فيختال في مشيته زهوا، ويهتز بالأعطاف خيلاء وكبرا، فحذف المشبه واستعمل الخشوع والاهتزاز دلالة على مكانه.. ]١
إن الذين يطعنون فيما نسوق من برهان، ويعرضون عن دلائل القدرة والسلطان، ويغفلون أو يتغافلون عن حجتنا البالغة في إتقان الصنعة وإعجاز آيات القرآن، لن يفوتهم علمنا، وإحاطتنا واقتدارنا وجزاؤنا، فهل يستوي من يسحب على وجهه في الجحيم، ومن تتلقاه الملائكة بالبشرى والتكريم، وتنطلق به إلى جنات النعيم ؟ ! لا يستويان.
وإني أسمع وأرى عمل كل عامل، وقول كل قائل، فليعمل الجاحد والملحد ما تسول له نفسه، فإن هلاكه لن يتعداه ؛ وعيد من الله القهار الجبار-وليس المقصود حقيقة الأمر- بل سيجازيهم من جنس كسبهم.
﴿ عزيز ﴾ أعزه الله فلا يتطرق إليه باطل، ممتنع عن الإنس والجن. أن يقولوا مثله.
﴿ إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز( ٤١ )لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد( ٤٢ )ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم( ٤٣ )ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد( ٤٤ ) ﴾.
بلاغ للجاحدين وإنذار، وتثبيت للمؤمنين الأخيار، ليزدادوا إيمانا بأن الله متم نوره مهما تمادى الكفار، فالآية الأولى ترسخ أن الكافرين بالقرآن هلكى معذبون- واختار هذا القرطبي فقال : والخبر محذوف تقديره هالكون أو معذبون.. ثم قال : والأول الاختيار-أو الخبر :﴿ أولئك ينادون من مكان بعيد ﴾ وجاء بين المبتدأ والخبر قوله سبحانه :﴿ ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك.. ﴾ ثم رجعت الآية بعدها إلى ما اختص الله تعالى به هذا الذكر :﴿ ولو جعلناه قرآنا أعجميا.. ﴾ ؛ ولقد تضمن المولى- تبارك اسمه- بحفظ القرآن وخلوده نقيا حقا، شرعة ومنهاجا، ما فرط في تبيان شيء مما يُحتاج إليه، معجزا لن يستطيع الإنس والجن أن يأتوا بمثله وإن تعاونوا وتظاهروا على ذلك، لا يبطله ما أوحي من قبله، ولا يُوحي بعده ما يبطله أو ينسخه، فهو مصون محفوظ بحفظ الحكيم الذي لا يفوته الحق والخير والصواب، والمحمود على تمام النعمة بتنزيل هذا الهدى والنور.
وتأتي الآية الثالثة تسرية عن قلب النبي والمؤمنين، ووعيدا للمكذبين المستهزئين ﴿ ما يقال لك ﴾ ما يقول الكفار لك من السخرية والأذى ﴿ إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ﴾ فقد كُذبت رسل سبقتك ﴿.. فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا.. ﴾١ فاصبر كما صبروا ؛ إن ربك لصاحب غفران واسع لأوليائه، وصاحب عقاب بئيس وموجع دائم لأعدائه.
ولو أنزلنا القرآن بلغة غير لغة العرب لتعللوا في إعراضهم عنه بأنه ليس بلغتهم فهم لا يفهمونه، ولا استنكروا أن يُبعث نبي عربي بكتاب أعجمي، لكنا أنزلناه بلسان عربي مبين، فقطعنا به فرية المشككين في أنه من عند رب العالمين، فهو مكوّن من حروف كالتي يتكون منها كلامهم وبها ينطقون، وقد عجزوا عن معارضته فظهر أمر الله وهم كارهون ؛ فذكر أن الله جعله موعظة وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ﴿.. ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ﴾٢ ؛ وهكذا جعل الله القرآن هداية وشفاء من كل شك وريب وسقم لمن صدقه وقدّسه واتّبعه ؛ ومن أعرض عنه فهو في الدنيا أعمى البصيرة وفي الآخرة أضل سبيلا، وأذنه ثقيلة عن سماع القرآن، صماء، كأنما ينادون من مكان ناء، فهم لا يسمعون ولا يفهمون :﴿.. كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون ﴾٣.
﴿ ولا من خلفه ﴾ لا ينزل من بعده كتاب يبطله وينسخه.
﴿ حميد ﴾ محمود.
﴿ إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز( ٤١ )لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد( ٤٢ )ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم( ٤٣ )ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد( ٤٤ ) ﴾.
بلاغ للجاحدين وإنذار، وتثبيت للمؤمنين الأخيار، ليزدادوا إيمانا بأن الله متم نوره مهما تمادى الكفار، فالآية الأولى ترسخ أن الكافرين بالقرآن هلكى معذبون- واختار هذا القرطبي فقال : والخبر محذوف تقديره هالكون أو معذبون.. ثم قال : والأول الاختيار-أو الخبر :﴿ أولئك ينادون من مكان بعيد ﴾ وجاء بين المبتدأ والخبر قوله سبحانه :﴿ ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك.. ﴾ ثم رجعت الآية بعدها إلى ما اختص الله تعالى به هذا الذكر :﴿ ولو جعلناه قرآنا أعجميا.. ﴾ ؛ ولقد تضمن المولى- تبارك اسمه- بحفظ القرآن وخلوده نقيا حقا، شرعة ومنهاجا، ما فرط في تبيان شيء مما يُحتاج إليه، معجزا لن يستطيع الإنس والجن أن يأتوا بمثله وإن تعاونوا وتظاهروا على ذلك، لا يبطله ما أوحي من قبله، ولا يُوحي بعده ما يبطله أو ينسخه، فهو مصون محفوظ بحفظ الحكيم الذي لا يفوته الحق والخير والصواب، والمحمود على تمام النعمة بتنزيل هذا الهدى والنور.
وتأتي الآية الثالثة تسرية عن قلب النبي والمؤمنين، ووعيدا للمكذبين المستهزئين ﴿ ما يقال لك ﴾ ما يقول الكفار لك من السخرية والأذى ﴿ إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ﴾ فقد كُذبت رسل سبقتك ﴿.. فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا.. ﴾١ فاصبر كما صبروا ؛ إن ربك لصاحب غفران واسع لأوليائه، وصاحب عقاب بئيس وموجع دائم لأعدائه.
ولو أنزلنا القرآن بلغة غير لغة العرب لتعللوا في إعراضهم عنه بأنه ليس بلغتهم فهم لا يفهمونه، ولا استنكروا أن يُبعث نبي عربي بكتاب أعجمي، لكنا أنزلناه بلسان عربي مبين، فقطعنا به فرية المشككين في أنه من عند رب العالمين، فهو مكوّن من حروف كالتي يتكون منها كلامهم وبها ينطقون، وقد عجزوا عن معارضته فظهر أمر الله وهم كارهون ؛ فذكر أن الله جعله موعظة وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ﴿.. ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ﴾٢ ؛ وهكذا جعل الله القرآن هداية وشفاء من كل شك وريب وسقم لمن صدقه وقدّسه واتّبعه ؛ ومن أعرض عنه فهو في الدنيا أعمى البصيرة وفي الآخرة أضل سبيلا، وأذنه ثقيلة عن سماع القرآن، صماء، كأنما ينادون من مكان ناء، فهم لا يسمعون ولا يفهمون :﴿.. كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون ﴾٣.
بلاغ للجاحدين وإنذار، وتثبيت للمؤمنين الأخيار، ليزدادوا إيمانا بأن الله متم نوره مهما تمادى الكفار، فالآية الأولى ترسخ أن الكافرين بالقرآن هلكى معذبون- واختار هذا القرطبي فقال : والخبر محذوف تقديره هالكون أو معذبون.. ثم قال : والأول الاختيار-أو الخبر :﴿ أولئك ينادون من مكان بعيد ﴾ وجاء بين المبتدأ والخبر قوله سبحانه :﴿ ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك.. ﴾ ثم رجعت الآية بعدها إلى ما اختص الله تعالى به هذا الذكر :﴿ ولو جعلناه قرآنا أعجميا.. ﴾ ؛ ولقد تضمن المولى- تبارك اسمه- بحفظ القرآن وخلوده نقيا حقا، شرعة ومنهاجا، ما فرط في تبيان شيء مما يُحتاج إليه، معجزا لن يستطيع الإنس والجن أن يأتوا بمثله وإن تعاونوا وتظاهروا على ذلك، لا يبطله ما أوحي من قبله، ولا يُوحي بعده ما يبطله أو ينسخه، فهو مصون محفوظ بحفظ الحكيم الذي لا يفوته الحق والخير والصواب، والمحمود على تمام النعمة بتنزيل هذا الهدى والنور.
وتأتي الآية الثالثة تسرية عن قلب النبي والمؤمنين، ووعيدا للمكذبين المستهزئين ﴿ ما يقال لك ﴾ ما يقول الكفار لك من السخرية والأذى ﴿ إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ﴾ فقد كُذبت رسل سبقتك ﴿.. فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا.. ﴾١ فاصبر كما صبروا ؛ إن ربك لصاحب غفران واسع لأوليائه، وصاحب عقاب بئيس وموجع دائم لأعدائه.
ولو أنزلنا القرآن بلغة غير لغة العرب لتعللوا في إعراضهم عنه بأنه ليس بلغتهم فهم لا يفهمونه، ولا استنكروا أن يُبعث نبي عربي بكتاب أعجمي، لكنا أنزلناه بلسان عربي مبين، فقطعنا به فرية المشككين في أنه من عند رب العالمين، فهو مكوّن من حروف كالتي يتكون منها كلامهم وبها ينطقون، وقد عجزوا عن معارضته فظهر أمر الله وهم كارهون ؛ فذكر أن الله جعله موعظة وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ﴿.. ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ﴾٢ ؛ وهكذا جعل الله القرآن هداية وشفاء من كل شك وريب وسقم لمن صدقه وقدّسه واتّبعه ؛ ومن أعرض عنه فهو في الدنيا أعمى البصيرة وفي الآخرة أضل سبيلا، وأذنه ثقيلة عن سماع القرآن، صماء، كأنما ينادون من مكان ناء، فهم لا يسمعون ولا يفهمون :﴿.. كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون ﴾٣.
﴿ لولا فصلت آياته ﴾ هلا بينت آياته بلغتنا ؟ !
﴿ أأعجمي وعربي ﴾ أقرآن أعجمي ونبي عربي ؟ !
﴿ هدى وشفاء ﴾ من كل شك وريب وسقم.
﴿ وقر ﴾ صمم.
﴿ ينادون من مكان بعيد ﴾ فلا يسمعون ولا يفهمون.
﴿ إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز( ٤١ )لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد( ٤٢ )ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم( ٤٣ )ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد( ٤٤ ) ﴾.
بلاغ للجاحدين وإنذار، وتثبيت للمؤمنين الأخيار، ليزدادوا إيمانا بأن الله متم نوره مهما تمادى الكفار، فالآية الأولى ترسخ أن الكافرين بالقرآن هلكى معذبون- واختار هذا القرطبي فقال : والخبر محذوف تقديره هالكون أو معذبون.. ثم قال : والأول الاختيار-أو الخبر :﴿ أولئك ينادون من مكان بعيد ﴾ وجاء بين المبتدأ والخبر قوله سبحانه :﴿ ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك.. ﴾ ثم رجعت الآية بعدها إلى ما اختص الله تعالى به هذا الذكر :﴿ ولو جعلناه قرآنا أعجميا.. ﴾ ؛ ولقد تضمن المولى- تبارك اسمه- بحفظ القرآن وخلوده نقيا حقا، شرعة ومنهاجا، ما فرط في تبيان شيء مما يُحتاج إليه، معجزا لن يستطيع الإنس والجن أن يأتوا بمثله وإن تعاونوا وتظاهروا على ذلك، لا يبطله ما أوحي من قبله، ولا يُوحي بعده ما يبطله أو ينسخه، فهو مصون محفوظ بحفظ الحكيم الذي لا يفوته الحق والخير والصواب، والمحمود على تمام النعمة بتنزيل هذا الهدى والنور.
وتأتي الآية الثالثة تسرية عن قلب النبي والمؤمنين، ووعيدا للمكذبين المستهزئين ﴿ ما يقال لك ﴾ ما يقول الكفار لك من السخرية والأذى ﴿ إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ﴾ فقد كُذبت رسل سبقتك ﴿.. فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا.. ﴾١ فاصبر كما صبروا ؛ إن ربك لصاحب غفران واسع لأوليائه، وصاحب عقاب بئيس وموجع دائم لأعدائه.
ولو أنزلنا القرآن بلغة غير لغة العرب لتعللوا في إعراضهم عنه بأنه ليس بلغتهم فهم لا يفهمونه، ولا استنكروا أن يُبعث نبي عربي بكتاب أعجمي، لكنا أنزلناه بلسان عربي مبين، فقطعنا به فرية المشككين في أنه من عند رب العالمين، فهو مكوّن من حروف كالتي يتكون منها كلامهم وبها ينطقون، وقد عجزوا عن معارضته فظهر أمر الله وهم كارهون ؛ فذكر أن الله جعله موعظة وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ﴿.. ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ﴾٢ ؛ وهكذا جعل الله القرآن هداية وشفاء من كل شك وريب وسقم لمن صدقه وقدّسه واتّبعه ؛ ومن أعرض عنه فهو في الدنيا أعمى البصيرة وفي الآخرة أضل سبيلا، وأذنه ثقيلة عن سماع القرآن، صماء، كأنما ينادون من مكان ناء، فهم لا يسمعون ولا يفهمون :﴿.. كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون ﴾٣.
وسنتنا أن نرسل الرسل وننزل الكتب، فمن المنذَرين مصدق ومكذب، فقد أنزلنا التوراة على موسى فاستيقنت به طائفة وكفرت طائفة، وهكذا حال قومك في شأن القرآن فمنهم من آمن به ومنهم من صدّ عنه، ولولا أني قضيت أن أمهلهم لعاجلتهم بالهلاك كسابقهم، وإن قومك لفي شك مقلق من القرآن. ومن صدق وأبصر واستجاب فلنفسه كسب الخير والفوز، ومن كذب وجحد وعمي فعلى نفسه جر الخزي والعذاب، وربك لا يظلم العباد شيئا ولكن أنفسهم يظلمون.
[ وروى العدول الثقات، والأئمة الأثبات، عن الزاهد العدل، عن أمين الأرض، عن أمين السماء، عن الرب جل جلاله :( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) الحديث ]١.
وسنتنا أن نرسل الرسل وننزل الكتب، فمن المنذَرين مصدق ومكذب، فقد أنزلنا التوراة على موسى فاستيقنت به طائفة وكفرت طائفة، وهكذا حال قومك في شأن القرآن فمنهم من آمن به ومنهم من صدّ عنه، ولولا أني قضيت أن أمهلهم لعاجلتهم بالهلاك كسابقهم، وإن قومك لفي شك مقلق من القرآن. ومن صدق وأبصر واستجاب فلنفسه كسب الخير والفوز، ومن كذب وجحد وعمي فعلى نفسه جر الخزي والعذاب، وربك لا يظلم العباد شيئا ولكن أنفسهم يظلمون.
[ وروى العدول الثقات، والأئمة الأثبات، عن الزاهد العدل، عن أمين الأرض، عن أمين السماء، عن الرب جل جلاله :( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) الحديث ]١.
﴿ أكمامها ﴾ أوعيتها.
﴿ أنثى ﴾ المراد به الجمع.
﴿ آذنّاك ﴾ أسمعناك.
﴿ *إليه يرد علم الساعة وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ويوم يناديهم أين شركائي قالوا أذنّاك ما منا من شهيد( ٤٧ )وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل وظنوا مالهم من محيص( ٤٨ ) ﴾.
إلى الله دون سواه يرد علم الساعة، وعلم ما تنشق عنه الأكمام من ثمرات، وعلم ما تحمل الإناث وما يضعن١ ؛ ويوم يقوم الناس لرب العالمين، ينادي سبحانه المشركين تحسيرا لهم واستهزاءً بهم- ويسألهم : أين من زعمتموهم شركاء لي ؟ فيجيب الكفار ﴿ قالوا ﴾ يعني الأصنام، وقيل : المشركون ؛ ويحتمل أن يريدهم جميعا العابد والمعبود٢ تجيبون : أسمعناك وأعلمناك ما منا أحد يشهد أن لك شريك ؛ وغاب عنهم وانخذل الذي كانوا يدعونه في دنياهم من جِبْت أو طاغوت أو وثن أو نجم، وأيقنوا-إذ ألقوا من النار مكانا ضيقا مقرنين مقيدين-أن لا مهرب لهم منها، ولا متحول يصرفهم عنها.
﴿ وظنوا ﴾ أيقنوا.
﴿ محيص ﴾ مهرب.
﴿ *إليه يرد علم الساعة وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ويوم يناديهم أين شركائي قالوا أذنّاك ما منا من شهيد( ٤٧ )وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل وظنوا مالهم من محيص( ٤٨ ) ﴾.
إلى الله دون سواه يرد علم الساعة، وعلم ما تنشق عنه الأكمام من ثمرات، وعلم ما تحمل الإناث وما يضعن١ ؛ ويوم يقوم الناس لرب العالمين، ينادي سبحانه المشركين تحسيرا لهم واستهزاءً بهم- ويسألهم : أين من زعمتموهم شركاء لي ؟ فيجيب الكفار ﴿ قالوا ﴾ يعني الأصنام، وقيل : المشركون ؛ ويحتمل أن يريدهم جميعا العابد والمعبود٢ تجيبون : أسمعناك وأعلمناك ما منا أحد يشهد أن لك شريك ؛ وغاب عنهم وانخذل الذي كانوا يدعونه في دنياهم من جِبْت أو طاغوت أو وثن أو نجم، وأيقنوا-إذ ألقوا من النار مكانا ضيقا مقرنين مقيدين-أن لا مهرب لهم منها، ولا متحول يصرفهم عنها.
لا يملّ الإنسان ولا يفتر من تمني الزخارف والزينات والأعراض والأموال ؛ وإن أصابه الشر أدنى إصابة انقطع أمله وخاب رجاؤه وبدا الانكسار عليه فغدا قنوطا-واليئوس والقنوط من صيغ المبالغة ؛ والقنوط : أن يظهر عليه أثر اليأس فيتضاءل وينكسر، وقدّم اليأس ربما لأنه صفة القلب وهي المؤثرة فيما يظهر على الصورة من تضاءل وانكسار ولئن يسرنا عُسره وفرّجنا كربه ليقولن : أستحق هذا بتميزي، ولن يزول عني ؛ ويتمادى به الغرور فيحسب أن نعمته باقية ولن تكون آخرة، وعلى تقدير مجيئها فلن أكون إلا في المحل الأرفع ؛ هكذا حين يزيغ اليقين تزيغ العقول وتضطرب الموازين ؛ وذلك شأن الكافرين المفتونين ؛ يقول مولانا العليم الحكيم في شأن المتفاخرين المتكاثرين :﴿ وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين ﴾١. وصاحب الجنتين إذا ذهبت زهرة الدنيا بلبه ﴿ ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا. وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا ﴾٢ ؛ وذاك الذي توعده الله بالويل :﴿ الذي جمع مالا وعدده. يحسب أن ماله أخلده ﴾٣ فالله يتوعدهم :﴿ فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ﴾ فلنعلمنهم ببوار أعمالهم، وخسار سعيهم ﴿ ولنذيقنهم من عذاب غليظ ﴾ كالقيد الثقيل لا يقدرون على الفكاك منه، ولا التزحزح عنه ؛ وإذا بسطنا الرزق وأغنينا هذا الصنف من الخلق ﴿ أعرض ﴾ عن شكر المنعم وشكر النعمة برعاية حقها، ﴿ ونأى بجانبه ﴾ ترفع عن الانقياد إلى الحق واستطال على الناس، ﴿ وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض ﴾ وإذا أحللنا به المكروه وأنزلنا به الضيق والضر- مهما كان يسيرا- دعا كثيرا حتى أصبح صاحب دعاء عريض واستغاثة، والكافر يعرف ربه في البلاء ولا يعرفه في الرخاء.
[ ﴿ ونأى بجانبه ﴾ تكبر واختال ؛ على أن الجانب بمعنى الناحية.. ثم نزل جهة الشيء كناية منزلة الشيء نفسه، .. وقول الكُتّاب : كتبت إلى جانبه العزيز، يريدون نفسه.. وجوز أن يراد ﴿ بجانبه ﴾ عِطفه قال الطيبي : إن ما هنا وارد على التهكم ﴿ .. فذو دعاء عريض ﴾ أي كثير مستمر، مستعار مما له عرض متسع، وأصله مما يوصف به الأجسام، وهو أقصر الامتدادين، وأطولهما هو الطول.. ]٤.
[ أي يطيل المسألة في الشيء الواحد، فالكلام العريض ما طال لفظه وقل معناه.. ]٥.
٢ سورة الكهف الآيتان: ٣٥، ٣٦..
٣ سورة الهمزة. الآيتان: ٣، ٢.
٤ مما أورد الألوسي..
٥ مما أورد ابن كثير..
لا يملّ الإنسان ولا يفتر من تمني الزخارف والزينات والأعراض والأموال ؛ وإن أصابه الشر أدنى إصابة انقطع أمله وخاب رجاؤه وبدا الانكسار عليه فغدا قنوطا-واليئوس والقنوط من صيغ المبالغة ؛ والقنوط : أن يظهر عليه أثر اليأس فيتضاءل وينكسر، وقدّم اليأس ربما لأنه صفة القلب وهي المؤثرة فيما يظهر على الصورة من تضاءل وانكسار ولئن يسرنا عُسره وفرّجنا كربه ليقولن : أستحق هذا بتميزي، ولن يزول عني ؛ ويتمادى به الغرور فيحسب أن نعمته باقية ولن تكون آخرة، وعلى تقدير مجيئها فلن أكون إلا في المحل الأرفع ؛ هكذا حين يزيغ اليقين تزيغ العقول وتضطرب الموازين ؛ وذلك شأن الكافرين المفتونين ؛ يقول مولانا العليم الحكيم في شأن المتفاخرين المتكاثرين :﴿ وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين ﴾١. وصاحب الجنتين إذا ذهبت زهرة الدنيا بلبه ﴿ ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا. وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا ﴾٢ ؛ وذاك الذي توعده الله بالويل :﴿ الذي جمع مالا وعدده. يحسب أن ماله أخلده ﴾٣ فالله يتوعدهم :﴿ فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ﴾ فلنعلمنهم ببوار أعمالهم، وخسار سعيهم ﴿ ولنذيقنهم من عذاب غليظ ﴾ كالقيد الثقيل لا يقدرون على الفكاك منه، ولا التزحزح عنه ؛ وإذا بسطنا الرزق وأغنينا هذا الصنف من الخلق ﴿ أعرض ﴾ عن شكر المنعم وشكر النعمة برعاية حقها، ﴿ ونأى بجانبه ﴾ ترفع عن الانقياد إلى الحق واستطال على الناس، ﴿ وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض ﴾ وإذا أحللنا به المكروه وأنزلنا به الضيق والضر- مهما كان يسيرا- دعا كثيرا حتى أصبح صاحب دعاء عريض واستغاثة، والكافر يعرف ربه في البلاء ولا يعرفه في الرخاء.
[ ﴿ ونأى بجانبه ﴾ تكبر واختال ؛ على أن الجانب بمعنى الناحية.. ثم نزل جهة الشيء كناية منزلة الشيء نفسه،.. وقول الكُتّاب : كتبت إلى جانبه العزيز، يريدون نفسه.. وجوز أن يراد ﴿ بجانبه ﴾ عِطفه قال الطيبي : إن ما هنا وارد على التهكم ﴿.. فذو دعاء عريض ﴾ أي كثير مستمر، مستعار مما له عرض متسع، وأصله مما يوصف به الأجسام، وهو أقصر الامتدادين، وأطولهما هو الطول.. ]٤.
[ أي يطيل المسألة في الشيء الواحد، فالكلام العريض ما طال لفظه وقل معناه.. ]٥.
٢ سورة الكهف الآيتان: ٣٥، ٣٦..
٣ سورة الهمزة. الآيتان: ٣، ٢.
٤ مما أورد الألوسي..
٥ مما أورد ابن كثير..
لا يملّ الإنسان ولا يفتر من تمني الزخارف والزينات والأعراض والأموال ؛ وإن أصابه الشر أدنى إصابة انقطع أمله وخاب رجاؤه وبدا الانكسار عليه فغدا قنوطا-واليئوس والقنوط من صيغ المبالغة ؛ والقنوط : أن يظهر عليه أثر اليأس فيتضاءل وينكسر، وقدّم اليأس ربما لأنه صفة القلب وهي المؤثرة فيما يظهر على الصورة من تضاءل وانكسار ولئن يسرنا عُسره وفرّجنا كربه ليقولن : أستحق هذا بتميزي، ولن يزول عني ؛ ويتمادى به الغرور فيحسب أن نعمته باقية ولن تكون آخرة، وعلى تقدير مجيئها فلن أكون إلا في المحل الأرفع ؛ هكذا حين يزيغ اليقين تزيغ العقول وتضطرب الموازين ؛ وذلك شأن الكافرين المفتونين ؛ يقول مولانا العليم الحكيم في شأن المتفاخرين المتكاثرين :﴿ وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين ﴾١. وصاحب الجنتين إذا ذهبت زهرة الدنيا بلبه ﴿ ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا. وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا ﴾٢ ؛ وذاك الذي توعده الله بالويل :﴿ الذي جمع مالا وعدده. يحسب أن ماله أخلده ﴾٣ فالله يتوعدهم :﴿ فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ﴾ فلنعلمنهم ببوار أعمالهم، وخسار سعيهم ﴿ ولنذيقنهم من عذاب غليظ ﴾ كالقيد الثقيل لا يقدرون على الفكاك منه، ولا التزحزح عنه ؛ وإذا بسطنا الرزق وأغنينا هذا الصنف من الخلق ﴿ أعرض ﴾ عن شكر المنعم وشكر النعمة برعاية حقها، ﴿ ونأى بجانبه ﴾ ترفع عن الانقياد إلى الحق واستطال على الناس، ﴿ وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض ﴾ وإذا أحللنا به المكروه وأنزلنا به الضيق والضر- مهما كان يسيرا- دعا كثيرا حتى أصبح صاحب دعاء عريض واستغاثة، والكافر يعرف ربه في البلاء ولا يعرفه في الرخاء.
[ ﴿ ونأى بجانبه ﴾ تكبر واختال ؛ على أن الجانب بمعنى الناحية.. ثم نزل جهة الشيء كناية منزلة الشيء نفسه،.. وقول الكُتّاب : كتبت إلى جانبه العزيز، يريدون نفسه.. وجوز أن يراد ﴿ بجانبه ﴾ عِطفه قال الطيبي : إن ما هنا وارد على التهكم ﴿.. فذو دعاء عريض ﴾ أي كثير مستمر، مستعار مما له عرض متسع، وأصله مما يوصف به الأجسام، وهو أقصر الامتدادين، وأطولهما هو الطول.. ]٤.
[ أي يطيل المسألة في الشيء الواحد، فالكلام العريض ما طال لفظه وقل معناه.. ]٥.
٢ سورة الكهف الآيتان: ٣٥، ٣٦..
٣ سورة الهمزة. الآيتان: ٣، ٢.
٤ مما أورد الألوسي..
٥ مما أورد ابن كثير..
قل لهم يا محمد أرأيتم إن كان القرآن من عند الله- وهو كذلك- ثم جحدتم بصدقه مع تعاضد موجبات الإيمان به فأخبروني من أضل منكم في خلافكم له خلافا غاية البعد عن الحق ؟ ! [ إن في قوله تعالى :﴿ قل أرأيتم إن كان من عند الله ﴾ إشعار بأن كونه من عنده سبحانه ينافي الكفر به، وأنهم مسلّمون ذلك، لكن يطعنون في كونه من عنده عز وجل.. ]١.
سنريهم دلائل صدق آياتنا في جنبات الأرض أو آفاق السماء وفي أنفسهم حتى يظهر لهم أن القرآن هو الحق الذي لا يأتيه الباطل، أوليس يكفي المكذبين به الجاحدين تنزيله أن ربك ورب العالمين موحيه، وهو على كل شيء مطّلع، وبأحواله عليم ؟ !.
ألا إنهم في شك عظيم من البعث والحشر والحساب والثواب والعقاب الذي وعد الله ؛ ألا إنه يعلم ما تنقص الأرض منهم، وهو قادر على كل ما أراد، محيط بما ظهر وما بطن، وما يبصرون وما لا يبصرون. [ المخلوقات كلها تحت قهره وفي قبضته.. وهو المتصرف فيها كلها بحكمته ]٢.
[ ﴿ سنريهم آياتنا في الآفاق ﴾ وهي الفتوح الواقعة على أيدي الخلفاء الراشدين والتي ستقع على أيدي أنصار دينه إلى يوم القيامة ﴿ وفي أنفسهم ﴾ وهي فتح مكة وسائر الفتوح التي وجدت في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ حتى يتبين لهم أنه ﴾ أي محمدا أو القرآن أو الدين ﴿ الحق ﴾ ووجه التبين أن هذا إخبار عن الغيب فإذا وقع مطابقا دل على صدق المخبر بل إعجازه ؛ وواحد ﴿ الآفاق ﴾ أفق، وهو الناحية من نواحي الأرض والسماء ؛ وعند المحققين : الآيات الآفاقية هي الخارجة عن حقيقة الإنسان وبدنه كالأفلاك والكواكب، والظلم والأنوار ؛.. ولا ريب أن العجائب المودعة في هذه الأشياء مما لا نهاية لها.. والآيات النفسية هي التي أودعها في تركيب الإنسان وفي ربط روحه العلوي ببدنه.. ]٣.
والله تعالى أعلم.
٢ مما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم..
٣ مما نقل صاحب تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان.
.
قل لهم يا محمد أرأيتم إن كان القرآن من عند الله- وهو كذلك- ثم جحدتم بصدقه مع تعاضد موجبات الإيمان به فأخبروني من أضل منكم في خلافكم له خلافا غاية البعد عن الحق ؟ ! [ إن في قوله تعالى :﴿ قل أرأيتم إن كان من عند الله ﴾ إشعار بأن كونه من عنده سبحانه ينافي الكفر به، وأنهم مسلّمون ذلك، لكن يطعنون في كونه من عنده عز وجل.. ]١.
سنريهم دلائل صدق آياتنا في جنبات الأرض أو آفاق السماء وفي أنفسهم حتى يظهر لهم أن القرآن هو الحق الذي لا يأتيه الباطل، أوليس يكفي المكذبين به الجاحدين تنزيله أن ربك ورب العالمين موحيه، وهو على كل شيء مطّلع، وبأحواله عليم ؟ !.
ألا إنهم في شك عظيم من البعث والحشر والحساب والثواب والعقاب الذي وعد الله ؛ ألا إنه يعلم ما تنقص الأرض منهم، وهو قادر على كل ما أراد، محيط بما ظهر وما بطن، وما يبصرون وما لا يبصرون. [ المخلوقات كلها تحت قهره وفي قبضته.. وهو المتصرف فيها كلها بحكمته ]٢.
[ ﴿ سنريهم آياتنا في الآفاق ﴾ وهي الفتوح الواقعة على أيدي الخلفاء الراشدين والتي ستقع على أيدي أنصار دينه إلى يوم القيامة ﴿ وفي أنفسهم ﴾ وهي فتح مكة وسائر الفتوح التي وجدت في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ حتى يتبين لهم أنه ﴾ أي محمدا أو القرآن أو الدين ﴿ الحق ﴾ ووجه التبين أن هذا إخبار عن الغيب فإذا وقع مطابقا دل على صدق المخبر بل إعجازه ؛ وواحد ﴿ الآفاق ﴾ أفق، وهو الناحية من نواحي الأرض والسماء ؛ وعند المحققين : الآيات الآفاقية هي الخارجة عن حقيقة الإنسان وبدنه كالأفلاك والكواكب، والظلم والأنوار ؛.. ولا ريب أن العجائب المودعة في هذه الأشياء مما لا نهاية لها.. والآيات النفسية هي التي أودعها في تركيب الإنسان وفي ربط روحه العلوي ببدنه.. ]٣.
والله تعالى أعلم.
٢ مما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم..
٣ مما نقل صاحب تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان.
.
قل لهم يا محمد أرأيتم إن كان القرآن من عند الله- وهو كذلك- ثم جحدتم بصدقه مع تعاضد موجبات الإيمان به فأخبروني من أضل منكم في خلافكم له خلافا غاية البعد عن الحق ؟ ! [ إن في قوله تعالى :﴿ قل أرأيتم إن كان من عند الله ﴾ إشعار بأن كونه من عنده سبحانه ينافي الكفر به، وأنهم مسلّمون ذلك، لكن يطعنون في كونه من عنده عز وجل.. ]١.
سنريهم دلائل صدق آياتنا في جنبات الأرض أو آفاق السماء وفي أنفسهم حتى يظهر لهم أن القرآن هو الحق الذي لا يأتيه الباطل، أوليس يكفي المكذبين به الجاحدين تنزيله أن ربك ورب العالمين موحيه، وهو على كل شيء مطّلع، وبأحواله عليم ؟ !.
ألا إنهم في شك عظيم من البعث والحشر والحساب والثواب والعقاب الذي وعد الله ؛ ألا إنه يعلم ما تنقص الأرض منهم، وهو قادر على كل ما أراد، محيط بما ظهر وما بطن، وما يبصرون وما لا يبصرون. [ المخلوقات كلها تحت قهره وفي قبضته.. وهو المتصرف فيها كلها بحكمته ]٢.
[ ﴿ سنريهم آياتنا في الآفاق ﴾ وهي الفتوح الواقعة على أيدي الخلفاء الراشدين والتي ستقع على أيدي أنصار دينه إلى يوم القيامة ﴿ وفي أنفسهم ﴾ وهي فتح مكة وسائر الفتوح التي وجدت في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ حتى يتبين لهم أنه ﴾ أي محمدا أو القرآن أو الدين ﴿ الحق ﴾ ووجه التبين أن هذا إخبار عن الغيب فإذا وقع مطابقا دل على صدق المخبر بل إعجازه ؛ وواحد ﴿ الآفاق ﴾ أفق، وهو الناحية من نواحي الأرض والسماء ؛ وعند المحققين : الآيات الآفاقية هي الخارجة عن حقيقة الإنسان وبدنه كالأفلاك والكواكب، والظلم والأنوار ؛.. ولا ريب أن العجائب المودعة في هذه الأشياء مما لا نهاية لها.. والآيات النفسية هي التي أودعها في تركيب الإنسان وفي ربط روحه العلوي ببدنه.. ]٣.
والله تعالى أعلم.
٢ مما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم..
٣ مما نقل صاحب تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان.
.