تفسير سورة فصّلت

تفسير ابن أبي حاتم
تفسير سورة سورة فصلت من كتاب تفسير ابن أبي حاتم المعروف بـتفسير ابن أبي حاتم .
لمؤلفه ابن أبي حاتم الرازي . المتوفي سنة 327 هـ

سُورَةُ فصلت
٤١
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ
١٨٤٤٧ - عَنِ ابن عباس رضي الله، عنهما في قَوْلِهِ: وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ قَالَ: لَا يَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَفِي قَوْلِهِ: لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ قَالَ: غَيْرُ مَنْقُوصٍ «١».
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا
١٨٤٤٨ - عَنْ عِكْرَمَةَ فِي قَوْلِهِ: وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا قَالَ: قَدَّرَ فِي كُلِّ أَرْضٍ شَيْئًا لَا يَصْلُحُ فِي غَيْرِهَا «٢».
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِئْتِيَا
١٨٤٤٩ - عَنِ ابن عباس رضي الله، عنهما في قوله: إِئْتِيَا قَالَ: أَعْطِيَا وَفِي قَوْلِهِ: إِئْتِيَا أَعْطِينَا «٣».
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ
١٨٤٥٠ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ قَالَ: بَيَّنَا لَهُمْ «٤».
قَوْلُهُ تَعَالَى: يُوزَعُونَ
١٨٤٥١ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: يُوزَعُونَ قَالَ:
يُدْفَعُونَ «٥».
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ
١٨٤٥٢ - عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تُحْشَرُونَ هَاهُنَا وَأَوْمَا بِيَدِهِ إِلَى الشَّامِ، مُشَاةً وَرُكْبَانًا عَلَى وُجُوهِكُمْ،
(١) الدر ٧/ ٣١٤- ٣١٨.
(٢) الدر ٧/ ٣١٤- ٣١٨.
(٣) الدر ٧/ ٣١٤- ٣١٨.
(٤) الدر ٧/ ٣١٤- ٣١٨.
(٥) الدر ٧/ ٣١٤- ٣١٨.
3270
وَتُعْرَضُونَ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى أَفْوَاهِكُمُ الْفِدَامُ، إِنَّ أَوَّلَ مَا يُعْرِبُ، عَنْ أَحَدِكُمْ فَخِذُهُ وَكَفُّهُ وَتَلا رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ «١».
١٨٤٥٣ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: لِابْنِ الْأَزْرَقِ: إِنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ مِنْهُ حِينَ لَا يَنْطِقُونَ وَلا يَعْتَذِرُونَ وَلا يَتَكَلَّمُونَ حَتَّى يُؤْذَنَ لَهُمْ فَيَخْتَصِمُونَ، فَيَجْحَدُ الْجَاحِدُ بِشِرْكِهِ بِاللَّهِ تَعَالَى فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ فَيَبْعَثُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ حِينَ يَجْحَدُونَ شُهُودًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ جُلُودَهُمْ، وَأَبْصَارَهُمْ، وَأَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَيَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، ثُمَّ تُفْتَحُ الْأَفْوَاهُ فَتُخَاصِمُ الْجَوَارِحُ فَتَقُولُ: أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فَتُقِرُّ الْأَلْسِنَةُ بَعْدُ «٢».
١٨٤٥٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عُبَيْدٍ الْمُكْتِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ: ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ وَتَبَسَّمَ فَقَالَ: «أَلا تَسْأَلُونُي، عَنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتُ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ؟ قَالَ «عَجِبْتُ مِنْ مُجَادَلَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ: أَيْ رَبِّي أَلَيْسَ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تَظْلِمَنِي؟ قَالَ: بَلَى فَيَقُولُ:
فَإِنِّي لَا أَقْبَلُ عَلَيَّ شَاهِدًا إِلا مِنْ نَفْسِي فيقول الله تبارك وتعالى: أو ليس كَفَى بِي شَهِيدًا، وَبِالْمَلائِكَةِ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ؟! قَالَ: فَيُرَدِّدُ هَذَا الْكَلامَ مِرَارًا قَالَ: فَيَخْتِمُ عَلَى فِيهِ، وَتَتَكَلَّمُ أَرْكَانُهُ بِمَا كَانَ يَعْمَلُ فَيَقُولُ: بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا، عَنْكُنَّ كُنْتُ أُجَادِلُ»
«٣».
١٨٤٥٥ - حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابن عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ قَالَ: قَالَ أَبُو بُرْدَةَ قَالَ أَبُو مُوسَى: وَيُدْعَى الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ لِلْحِسَابِ فَيَعْرِضُ عليه ربه عز وجل عَمَلَهُ فَيَجْحَدُ وَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ كَتَبَ عَلَيَّ هَذَا الْمَلَكُ مَا لَمْ أَعْمَلْ! فيق، ل لَهُ الْمَلَكُ: أَمَا عَمِلْتَ كَذَا فِي يَوْمِ كذا في مكان كذا؟ فيقول: لا وعزتك أَيْ رَبِّ مَا عَمِلْتُهُ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ خُتِمَ عَلَى فِيهِ قَالَ الْأَشْعَرِيُّ: فَإِنِّي لاحْسَبَ أَوَّلَ مَا يَنْطِقُ مِنْهُ فَخْذَهُ الْيُمْنَى «٤».
١٨٤٥٦ - حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا عَبْدُ الصمد بن عبد الوارث:
(١) الدر ٧/ ٣١٨.
(٢) الدر ٧/ ٣١٨.
(٣) ابن كثير ٧/ ١٥٩.
(٤) ابن كثير ٧/ ١٦٠.
3271
قوله تعالى :﴿ وقدر فيها أقواتها ﴾ آية ١٠
عن عكرمة في قوله :﴿ وقدر فيها أقواتها ﴾ قال : قدر في كل أرض شيئا لا يصلح في غيرها.
قوله تعالى :﴿ ائتيا ﴾ آية ١١
عن ابن عباس رضي الله، عنهما في قوله :﴿ ائتيا ﴾ قال : أعطيا وفي قوله :﴿ ائتيا ﴾ أعطينا.
قوله تعالى :﴿ وأما ثمود فهديناهم ﴾ آية ١٧
عن ابن عباس رضي الله، عنهما في قوله :﴿ وأما ثمود فهديناهم ﴾ قال : بينا لهم.
قوله تعالى :﴿ يوزعون ﴾ آية ١٩
عن ابن عباس رضي الله، عنهما في قوله :﴿ يوزعون ﴾ قال : يدفعون.
قوله تعالى :﴿ وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ﴾ الآية ٢٢
عن معاوية بن حيدة رضي الله، عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تحشرون ههنا وأومأ بيده إلى الشام، مشاة وركبانا على وجوهكم، وتعرضون على الله وعلى أفواهكم الفدام، إن أول ما يعرب، عن أحدكم فخذه وكفه وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ﴾.
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : لابن الأزرق : إن يوم القيامة يأتي على الناس منه حين لا ينطقون ولا يعتذرون ولا يتكلمون حتى يؤذن لهم فيختصمون، فيجحد الجاحد بشركه بالله تعالى فيحلفون له كما يحلفون لكم فيبعث الله عليهم حين يجحدون شهودا من أنفسهم جلودهم، وأبصارهم، وأيديهم وأرجلهم، ويختم على أفواههم، ثم تفتح الأفواه فتخاصم الجوارح فتقول :﴿ أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون ﴾ فتقر الألسنة بعد.
حدثنا محمد بن عبد الرحيم، حدثنا علي بن قادم حدثنا شريك، عن عبيد المكتب، عن الشعبي، عن أنس بن مالك رضي الله، عنه قال : ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وتبسم فقال : " ألا تسألوني، عن أي شيء ضحكت ؟ " قالوا : يا رسول الله من أي شيء ضحكت ؟ قال " عجبت من مجادلة العبد ربه يوم القيامة، يقول : أي ربي أليس وعدتني أن لا تظلمني ؟ قال : بلى فيقول : فإني لا أقبل على شاهدا إلا من نفسي فيقول الله تبارك وتعالى : أو ليس كفى بي شهيدا، وبالملائكة الكرام الكاتبين ؟ ! قال : فيردد هذا الكلام مرارا قال : فيختم على فيه، وتتكلم أركانه بما كان يعمل فيقول : بعدا لكن وسحقا، عنكن كنت أجادل ".
حدثنا أبي حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا إسماعيل ابن علية، عن يونس بن عبيد، عن حميد بن هلال قال : قال أبو بردة قال أبو موسى : ويدعى الكافر والمنافق للحساب فيعرض عليه ربه عز وجل عمله فيجحد ويقول : أي رب وعزتك لقد كتب علي هذا الملك ما لم أعمل ! فيقول له الملك : أما عملت كذا في يوم كذا في مكان كذا ؟ فيقول : لا وعزتك أي رب ما عملته فإذا فعل ذلك ختم على فيه قال الأشعري : فإني لأحسب أول ما ينطق منه فخذه اليمنى.
حدثنا أبي حدثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث : سمعت أبي : حدثنا علي بن زيد، عن مسلم بن صبيح أبي الضحى، عن ابن عباس : أنه قال لابن الأزرق : إن يوم القيامة يأتي على الناس منه حين لا ينطقون، ولا يعتذرون، ولا يتكلمون حتى يؤذن لهم، ثم يؤذن لهم، فيختصمون فيجحد الجاحد بشركه بالله فيحلفون له كما يحلفون لكم فيبعث الله عليهم حين يجحدون شهداء من أنفسهم جلودهم وأبصارهم وأيديهم وأرجلهم ويختم على أفواههم، ثم يفتح لهم الأفواه فتخاصم الجوارح فتقول :﴿ أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون ﴾ فتقر الألسنة بعد الجحود.
حدثنا أبي، حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا يحيى بن سليم الطائفي، عن ابن خيثم، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله قال : لما رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم مهاجرة البحر قال : " ألا تحدثون بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة ؟ فقال فتية منهم : بلى يا رسول الله بينا نحن جلوس إذ مرت علينا عجوز من عجائز رهابينهم تحمل على رأسها قلة من ماء فمرت بفتى منهم، فجعل إحدى يديه بين كفيها ثم دفعها، فخرت على ركبتيها فانكسرت قلتها، فلما ارتفعت التفتت إليه فقالت : سوف تعلم يا غدر إذا وضع الله الكرسي، وجمع الأولين والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، فسوف تعلم كيف أمري وأمرك، عنده غدا ؟ قال : يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " صدقت، صدقت كيف يقدس الله قوما لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم ؟ ".
سَمِعْتُ أَبِي: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ الْأَزْرَقِ: إِنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ مِنْهُ حِينَ لَا يَنْطِقُونَ، وَلا يَعْتَذِرُونَ، وَلا يَتَكَلَّمُونَ حَتَّى يُؤْذَنَ لَهُمْ، ثُمَّ يُؤْذَنُ لَهُمْ، فَيَخْتَصَمُونَ فَيَجْحَدُ الْجَاحِدُ بِشِرْكِهِ بِاللَّهِ فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ فَيَبْعَثُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ حِينَ يَجْحَدُونَ شُهَدَاءَ مِنْ أنفسهم جلودهم وأبصارهم وأيدهم وَأَرْجُلَهُمْ وَيَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، ثُمَّ يَفْتَحُ لَهُمُ الأفواه فتخاصم الجوارح فتقول: أنطقنا الله الذي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فَتُقِرُّ الْأَلْسِنَةُ بَعْدَ الْجُحُودِ «١».
١٨٤٥٧ - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا رَجَعَتْ إِلَى النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُهَاجِرَةُ الْبَحْرِ قَالَ: «أَلا تُحَدِّثُونَ بِأَعَاجِيبَ مَا رَأَيْتُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ؟
فَقَالَ فِتَّيَةٌ مِنْهُمْ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ إِذْ مَرَّتْ عَلَيْنَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِ رها بينهم تَحْمِلُ عَلَى رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاءٍ فَمَرَّتْ بِفَتًى مِنْهُمْ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ كَفَّيْهَا ثُمَّ دَفَعَهَا، فَخَرَّتْ عَلَى رُكْبَتَيْهَا فَانْكَسَرَتْ قُلْتُهَا، فَلَمَا ارْتَفَعَتِ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ:
سَوْفَ تَعْلَمُ يَا غُدَرُ إِذَا وَضَعَ اللَّهُ الْكُرْسِيَّ، وَجَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَتَكَلَّمَتِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ بِمَا كَانُوا يَكُسِبُونَ، فَسَوْفَ تَعْلَمُ كَيْفَ أَمْرِي وَأَمْرُكَ، عِنْدَهُ غَدًا؟ قَالَ:
يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «صَدَقَتْ، صدقت كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّهُ قَوْمًا لَا يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ؟»
«٢».
قَوْلُهُ تَعَالَى لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ
١٨٤٥٨ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ، عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِمَكَّةَ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ، فَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَطْرُدُونَ النَّاسَ، عَنْهُ وَيَقُولُونَ: لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَخْفَى قَرَاءَتَهُ لَمْ يَسْمَعْ مَنْ يَجِبُ أَنْ يَسْمَعَ الْقُرْآنَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا «٣».
١٨٤٥٩ - عَنِ ابْنِ عباس رضي الله، عنهما في قوله: والغوا فيه قال:
(١) ابن كثير ٧/ ١٦٠.
(٢) ابن كثير ٧/ ١٦١. [.....]
(٣) الدر ٧/ ٣٢٠.
بِالتَّصْفِيرِ وَالتَّخْلِيطِ فِي الْمَنْطِقِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ قُرَيْشٌ تَفْعَلُهُ «١».
قَوْلُهُ تَعَالَى رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ
١٨٤٦٠ - عَنْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ، عَنْ قَوْلِهِ: رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ قَالَ: هُوَ ابْنُ آدَمَ الَّذِي قَتَلَ أَخَاهُ وَإِبْلِيسُ «٢».
قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا يُقَالُ لَكَ
١٨٤٦١ - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: مَا يُقَالُ لَكَ مِنَ التَّكْذِيبِ إِلا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ فَكَمَا كُذِّبْتَ فَقَدْ كُذِّبُوا، وَكَمَا صَبَرُوا عَلَى أَذَى قَوْمِهِمْ لَهُمْ فَاصْبِرْ عَلَى أَذَى قَوْمِكَ إِلَيْكَ «٣».
قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا
١٨٤٦٢ - عَنِ ابن عباس رضي الله، عنهما في قوله: وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا الْآيَةَ يَقُولُ: لَوْ جَعَلْنَا الْقُرْآنَ أَعْجَمِيًّا وَلِسَانُكَ يَا مُحَمَّدٌ عَرَبِيٌّ لقالوا... ء أعجمي وَعَرَبِيٌّ يَأْتِينَا بِهِ مُخْتَلِفًا أَوْ مُخْتَلَطًا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ فَكَانَ الْقُرْآنُ مِثْلَ اللِّسَانِ، يَقُولُ: فَلَمْ يَفْعَلْ لَئِلا يَقُولُوا فَكَانَتْ حُجَّةً عَلَيْهِمْ «٤».
١٨٤٦٣ - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إن رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لولا غفر الله وتجاوزه ما هنأ أحدا العيش، ولولا وعيده وعقابه لا تكل كل أحد» «٥».
(١) الدر ٧/ ٣٢٠.
(٢) الدر ٧/ ٣٢٠.
(٣) الدر ٧/ ٣٢٠.
(٤) الدر ٧/ ٣٢٠.
(٥) الدر ٧/ ٣٢٠.
قوله تعالى :﴿ ما يقال لك ﴾ آية ٤٣
عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ ما يقال لك ﴾ من التكذيب ﴿ إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ﴾ فكما كذبت فقد كذبوا، وكما صبروا على أذى قومهم لهم فاصبر على أذى قومك إليك.
حدثنا أبي، حدثني موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب قال : نزلت هذه الآية ﴿ إن ربك لذو مغفرة ﴾ قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لولا غفر الله وتجاوزه ما هنأ أحدا العيش، ولولا وعيده وعقابه لا تكل كل أحد ".
قوله تعالى :﴿ ولو جعلناه قرآنا أعجميا ﴾ آية ٤٤
عن ابن عباس رضي الله، عنهما في قوله :﴿ ولو جعلناه قرآنا أعجميا ﴾ الآية يقول : لو جعلنا القرآن أعجميا ولسانك يا محمد عربي ﴿ لقالوا أأعجمي وعربي ﴾ يأتينا به مختلفا أو مختلطا ﴿ لولا فصلت آياته ﴾ فكان القرآن مثل اللسان، يقول : فلم يفعل لئلا يقولوا فكانت حجة عليهم.
Icon