تفسير سورة فصّلت

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
تفسير سورة سورة فصلت من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم .
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

لَمَّا ذكر أحوال المكذبين وما حل بهم، أتبعها بقصة ما جرى من شنائع أقوالهم وأفعالهم وهددهم بما حل على من كان يعمل مثل أعمالهم فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * حـمۤ ﴾: هذا ﴿ تَنزِيلٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ﴾: أفاد بالوصفين أنه مناط مصالح الدارين ﴿ كِتَابٌ ﴾: خبر ثان ﴿ فُصِّلَتْ ﴾: بينت لفظا ومعنى ﴿ آيَاتُهُ قُرْآناً ﴾: نصب مدحا ﴿ عَرَبِيّاً ﴾: كائنا ﴿ لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾: العربية، أو لأهب العلم والنظر ﴿ بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ ﴾: عن تدبيره ﴿ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ ﴾: سماع طاعة ﴿ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ ﴾: أي: أغطية ﴿ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ ﴾: فلا نفقهه ﴿ وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ ﴾: صمم ﴿ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ ﴾: يمنعنا عن التواصل والتوافق، وهذه تمثيلات لامتناع أتباعهم، وأفاد بـ " مِن " استيعاب المسافة المتوسطة ﴿ فَٱعْمَلْ ﴾: على دينك ﴿ إِنَّنَا عَامِلُونَ ﴾: على ديننا ﴿ قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ﴾: فكيف لا تفهمون كلامي ﴿ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَٱسْتَقِيمُوۤاْ ﴾: استووا ﴿ إِلَيْهِ ﴾: بطاعته ﴿ وَٱسْتَغْفِرُوهُ ﴾: مما سلف ﴿ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ * ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ ﴾: من المال، أفلد أن الكفار مخاطبون بالفروع، أو لا يطهرون أنفسهم ﴿ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾: ولذا يشحون ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾: بيلا منة أو غير مقطوع ﴿ قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ﴾: أي: قدرها وفي الحديث:" أنهما الأحد والإثنين "﴿ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ﴾: شركاء ﴿ ذَلِكَ ﴾: القادر ﴿ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾: خلقها ﴿ وَجَعَلَ فِيهَا ﴾: جبالا ﴿ رَوَاسِيَ ﴾: ثوابت ﴿ مِن فَوْقِهَا ﴾: ليظهر منافعها للناس وليستبصر بها ﴿ وَبَارَكَ فِيهَا ﴾: بخلق المنافع ﴿ وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا ﴾: فعين لكل نوع ما يعيش به ﴿ فِيۤ ﴾: تتمة ﴿ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ﴾: قدرها، وورد أنها الثلاثاء والأربعاء، و أفاد بإيثارها على يومين اتصالهما، والتصريح بالفذلكة، وقدرنا التتمة لتوافق خلق السموات والأرض في ستة أيام فاستوت الأربعة ﴿ سَوَآءً ﴾: هذا الحصر ﴿ لِّلسَّآئِلِينَ ﴾: عن مدة خلقها، أو متعلق قدر، إذ كل يسأل الرزق، ولكن خلق هذه الأشياء قبل دَحْوِهَا، فلا يرد السؤال المذكور في البقرة، ولا يحتاج إلى جعل خلق الأرض بمعني الحكم بأنها ستوجد، ثم الحكمة في الخلق السماء وما فيها مع عظمها بيومين، واالأرض وما فيها من صغرها بأربعة، التنبيه على أن الثاني في خلق الأرض وما فيها ليس لعجز بل لحكم، وكذا خلق العالم الأكبر في ستة أيام، والإنسان في ستة أشهر ﴿ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ ﴾: قصد ﴿ إِلَى ﴾: نحو ﴿ ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ ﴾: مرتفع من الماء الذي كان عليه العرش ﴿ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا ﴾: بما أريد منكما ﴿ طَوْعاً ﴾: طائعتين ﴿ أَوْ كَرْهاً ﴾: مكرهتين، أراد بيان كمال قدرته ﴿ قَالَتَآ أَتَيْنَا ﴾: استجبنا لك ﴿ طَآئِعِينَ ﴾: والمتكلم موضع الكعبة وما يسامته من السماء، والجمع للمعنى أو باعتبار من فيهما، والتذكير لإخبارهما عن انفسهما وجمع العقلاء لمخاطبتهما ﴿ فَقَضَٰهُنَّ ﴾: أي: السماء، أي: أحكم خلقهن خلقا بدعيا حال كونهما ﴿ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ فِي يَوْمَيْنِ ﴾: كما مر، أو الخميس للسماء، والجمعة للنجوم بتأويل ﴿ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا ﴾: شأنها، أي: حملها على ما يتأتي منها ﴿ وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ ﴾: الكواكب بظهورها منها ﴿ وَ ﴾: حفظناها ﴿ حِفْظاً ﴾: من المسترقة ﴿ ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ﴾: قدرة ﴿ ٱلْعَلِيمِ ﴾: بالكل ﴿ فَإِنْ أَعْرَضُواْ ﴾: قريش بعد هذا البيان ﴿ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً ﴾: عذابا ﴿ مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ * إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ﴾: أي: جميع جوانبهم ﴿ أَنْ ﴾: بأن ﴿ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا ﴾: إرسال رسول ﴿ لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً ﴾: لرسالته ﴿ فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ ﴾: على زعمكم ﴿ كَافِرُونَ * فَأَمَّا عَادٌ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ﴾: قدرةً ﴿ وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾: ينكرونها عارفين أنها حق ﴿ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً ﴾: شديد الصوت أو البرد ﴿ فِيۤ ﴾: ثمانية ﴿ أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ ﴾: مشئومات عليهم من آخر شوال من الأربعاء إلى الأربعاء، وما عذب قوم إلا في قوم الأربعاء ﴿ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْيِ ﴾: الذل ﴿ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَخْزَىٰ ﴾: وصفة به مبالغة ﴿ وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ * وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ ﴾: دللناهم إلى الهدى بلسان صالح ﴿ فَٱسْتَحَبُّواْ ﴾: اختاروا ﴿ ٱلْعَمَىٰ ﴾: الضلالة ﴿ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ ﴾: المهين، الصيحة والرجفة كما مر، أضاف ووصف مبالغة ﴿ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * وَنَجَّيْنَا ﴾: منها ﴿ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يتَّقُونَ * وَ ﴾: اذكر ﴿ يَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴾: يساقون ﴿ حَتَّىٰ إِذَا مَا ﴾: صلة أو للتحقيق ﴿ جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾: شهادة حقيقَّية
﴿ وَقَالُواْ ﴾: تعجبا ﴿ لِجُلُودِهِمْ ﴾: يخصصونها لأن شهادتها أعجب ﴿ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوۤاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾: فلا عجب ﴿ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ ﴾: عند المعاصي مخافة ﴿ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ ﴾: كما كنتم تَتِرُون من الناس ﴿ وَلَـٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ ﴾: فاجترأتم بها ﴿ وَذَلِكُمْ ﴾: الظن ﴿ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ ﴾: أهلككم ﴿ فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ ٱلُخَاسِرِينَ ﴾: في كون كلها من تتمة كلام الجلود خلافٌ ﴿ فَإِن يَصْبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثْوًى ﴾: منزل ﴿ لَّهُمْ ﴾: لا ينفعهم صبرهم ﴿ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ ﴾: يطلبواْ به العتبى، أي، الرجعة إلى الدنيا أو الرضا ﴿ فَمَا هُم مِّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ ﴾: المجابين إليها ﴿ وَقَيَّضْنَا ﴾: قدرتنا أو خلينا ﴿ لَهُمْ ﴾: للكفرة ﴿ قُرَنَآءَ ﴾: من الشياطين ﴿ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ﴾: معصيهم الماضية والآتية ﴿ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ ﴾: بالعذاب ﴿ فِيۤ ﴾: جملة ﴿ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ ﴾: مضت ﴿ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ * وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ ﴾: حين يقرؤه محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ ﴾: عارضوه بنحو الشعر والمكاء والصفير، من لغا إذا خلط الكلام، أولغا: إذا تكلم ﴿ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾: فيسكت ﴿ فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾: أي: لنذيقنهم ﴿ عَذَاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ ﴾: جزاء ﴿ أَسْوَأَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾: كما مر ﴿ ذَلِكَ ﴾: الجزاء ﴿ جَزَآءُ أَعْدَآءِ ٱللَّهِ ﴾: بيانه ﴿ ٱلنَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ ﴾: الإقامة يجزون ﴿ جَزَآءً بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ * وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾: في النار ﴿ رَبَّنَآ أَرِنَا ﴾: نوعي الشيطان ﴿ ٱلَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ ﴾: أوهما إبليس وقابيل سنا الفساد ﴿ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا ﴾: ندسها انتقاما ﴿ لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ ﴾: ذُلًّا ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ ﴾: في العمل ﴿ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ ﴾: عند الموت وفي القبر والبعث ﴿ أَلاَّ تَخَافُواْ ﴾: ما تقدمون عليه ﴿ وَلاَ تَحْزَنُواْ ﴾: على ما خلفتموه ﴿ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ﴾: بقول: لا إله إلَّا الله ﴿ نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾: بإلهام الخير ﴿ وَفِي ٱلآخِرَةِ ﴾: بالكرامة والشفاعة ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا ﴾: في الآخرة ﴿ مَا تَشْتَهِيۤ أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾: تطلبون حال كون المذكور ﴿ نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ ﴾: فكيف بضيافتكم ﴿ وَمَنْ ﴾: أي: لا ﴿ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ ﴾: بطاعته ﴿ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ ﴾: مفاخرة به، الآية عاملة أو في المؤذنين ﴿ وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ ﴾: في الجزاء ﴿ ٱدْفَعْ ﴾: السئية ﴿ بِٱلَّتِي ﴾: بالخصلة التي ﴿ هِيَ أَحْسَنُ ﴾: الغضب، مثلاً بالصبر والإساءة بالعفو، وقيل: هو التبسم عند اللقاء وهو فرد منه ﴿ فَإِذَا ﴾: فعلته صار ﴿ ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ ﴾: صديق ﴿ حَمِيمٌ ﴾: شفيق، كابي سفيان ابن حرب مع النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا ﴾: يؤتى هذه الخصلة ﴿ إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ ﴾: على مخالفة النفس ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَآ ﴾: يؤُتى هذه الخصة ﴿ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾: من كمال النفس ﴿ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ ﴾: يَنْخَسك ﴿ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ ﴾: نازع، مجاز عن وسوسته، يصرفك عن هذه الخصلة ﴿ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ ﴾: من شره ﴿ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ﴾: لاستعاذتك ﴿ ٱلْعَلِيمُ ﴾: بنيتك ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلَّيلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ ﴾: الآيات الأربع ﴿ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * فَإِنِ ٱسْتَكْبَرُواْ ﴾: عن الامتثال ﴿ فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ ﴾: من الملائكة ﴿ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ ﴾: أي: دائما ﴿ وَهُمْ لاَ يَسْئَمُونَ ﴾: يملون
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ ﴾: السفلية ﴿ أَنَّكَ تَرَى ٱلأَرْضَ خَاشِعَةً ﴾: يابسة استعارة من التذلل ﴿ فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ ﴾: تحركت بالنبات ﴿ وَرَبَتْ ﴾: زادت ﴿ إِنَّ ٱلَّذِيۤ أَحْيَاهَا لَمُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾: ومنه الإعادة ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ ﴾: يميلون عن الاستقامة ﴿ فِيۤ آيَاتِنَا ﴾: نحو الطعن والتأويل الباطل ﴿ لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ ﴾: وعيد شديد ﴿ أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي ٱلنَّارِ ﴾: وهو الملحد ﴿ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِيۤ آمِناً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ ﴾: تهديد ﴿ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكْرِ ﴾: القرآن ﴿ لَمَّا جَآءَهُمْ ﴾: سيجزون ما لا يحيط به الكلام ﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ﴾: منيع لا يبطل ولا يحرف ﴿ لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ ﴾: ما يبطله ﴿ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ ﴾: قبله ﴿ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾: في كل فعاله ﴿ مَّا يُقَالُ لَكَ ﴾: القائل قريش ﴿ إِلاَّ مَا ﴾: مثل ما ﴿ قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ ﴾: فاصبر مثلهم ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ ﴾: لأوليائه ﴿ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ ﴾: لأعدائه، ولما قالوا: هلّا نزل القرآن بلغة العجم نزل: ﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ ﴾: الذكر ﴿ قُرْآناً أعْجَمِيّاً ﴾: بغير لغة العرب ﴿ لَّقَالُواْ لَوْلاَ ﴾: هلَّا ﴿ فُصِّلَتْ ﴾: بينت ﴿ آيَاتُهُ ﴾: لنفهمها ﴿ ءَاعْجَمِيٌّ ﴾: أكلام أعجمي، وهو من لا يفهم كلامه ﴿ وَ ﴾: مخاطب ﴿ عَرَبِيٌّ ﴾: وعلى الإخبار ظاهر ﴿ قُلْ هُوَ ﴾: أي: القرآن ﴿ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى ﴾: إلى الحق ﴿ وَشِفَآءٌ ﴾: من الجهل ﴿ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ ﴾: منه ﴿ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ﴾: فلا يفهمونه ﴿ أُوْلَـٰئِكَ ﴾: في عدم انتفاعهم به كأنهم ﴿ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ﴾: فلا يسمعون إلا نداء بلا فهم ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ فَٱخْتُلِفَ فِيهِ ﴾: تصديقا وتكذيبا كقومك في القرآن ﴿ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ ﴾: بتقدير الآجال ﴿ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ﴾: باستئصال المكذبين ﴿ وَإِنَّهُمْ ﴾: مكذبيه ﴿ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ﴾: أي: الكتاب ﴿ مُرِيبٍ ﴾: موقع في الربية ﴿ مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾: كما مر ﴿ إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ ﴾: فكل من يسئلُ عنها يقول: الله تعالى اعلم ﴿ وَمَا ﴾: أي: لا ﴿ تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا ﴾: أوعيتها جمع كم ﴿ وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَ ﴾: اذكر ﴿ يَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِي قَالُوۤاْ آذَنَّاكَ ﴾: أعلمناك ﴿ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ ﴾: شاهد بشريك لك فيتبرءون عنهم ﴿ وَضَلَّ ﴾: ضاع ﴿ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ ﴾: يعبدون ﴿ مِن قَبْلُ وَظَنُّواْ ﴾: أيقنوا ﴿ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ ﴾: مهرب ﴿ لاَّ يَسْأَمُ ﴾: لا يمل ﴿ ٱلإِنْسَانُ ﴾: جنسه ﴿ مِن دُعَآءِ ٱلْخَيْرِ ﴾: كالمال والصحة ﴿ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ ﴾: كالفقر والمرض ﴿ فَيَئُوسٌ ﴾: من فضله ﴿ قَنُوطٌ ﴾: من رحمته ﴿ وَ ﴾: الله ﴿ لَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً ﴾: كغني وصحة ﴿ مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ ﴾: أي: شدة ﴿ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَـٰذَا لِي ﴾: لفضلي أو دائما ﴿ وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّيۤ ﴾: على فرض الساعة ﴿ إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ ﴾: للحالة الحسنى، لظنه أن هذه النعم لفضله فلا يَنْفَكُّ عنه ﴿ فَلَنُنَبِّئَنَّ ﴾: نخبرن ﴿ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ ﴾: بمجازاتهم ﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾: شديد ﴿ وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ﴾: جنس ﴿ ٱلإِنسَانِ أَعْرَضَ ﴾: عن الشكر ﴿ وَنَأَى ﴾: بعد ﴿ بِجَانِبِهِ ﴾: بنفسه عنه كأنه مستغن عنا، فالجانب مجاز عن النفس، أو ثنى عطفه متبخترا ﴿ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ فَذُو دُعَآءٍ ﴾: بإزالته ﴿ عَرِيضٍ ﴾: كثير ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ ﴾: أخبروني ﴿ إِن كَانَ ﴾: القرآن ﴿ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ ﴾: خلاف ﴿ بَعِيدٍ ﴾: عن الحق، أي: منكم ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا ﴾: الدالة على حقيته ﴿ فِي ٱلآفَاقِ ﴾: من وقوع كل ما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم من الفتوح وغيرها ﴿ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ ﴾: مما يحل بهم أو الآفاق أمثال الشمس والقمر والأنفس، ما في أبدانهم من عجائب الصُّنْع ﴿ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ﴾: القرآن أو التوحيد هو ﴿ ٱلْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ ﴾: الباء صلة، أي: أو لم يكفك ﴿ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾: مطلع فيعلم حالك وحالهم ﴿ أَلاَ إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ ﴾: شك ﴿ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ ﴾: بالعبث ﴿ أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ ﴾: علما وقدرة لا يفوته شيء منه.
Icon