مدنية وآياتها إحدى عشرة
ﰡ
﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) ﴾
﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ﴾ يَعْنِي الْعَرَبَ كَانَتْ أُمَّةً أُمِّيَّةً لَا تَكْتُبُ وَلَا تَقْرَأُ ﴿رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسَبُهُ نَسَبُهُمْ [وَلِسَانُهُ لِسَانُهُمْ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ] (٢) ﴿يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ أَيْ مَا كَانُوا قَبْلَ بِعْثَةِ الرَّسُولِ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ. ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ﴾ وَفِي "آخَرِينَ" وَجْهَانِ مِنَ الْإِعْرَابِ: أَحَدُهُمَا الْخَفْضُ، عَلَى الرَّدِّ إِلَى الْأُمِّيِّينَ مَجَازُهُ: وَفِي آخَرِينَ. وَالثَّانِي النَّصْبُ، عَلَى الرَّدِّ إِلَى الْهَاءِ وَالْمِيمِ فِي قَوْلِهِ "وَيُعَلِّمُهُمُ" أَيْ: وَيُعَّلِمُ آخَرِينَ مِنْهُمْ، أَيْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَدِينُونَ بِدِينِهِمْ، لِأَنَّهُمْ إِذَا أَسْلَمُوا صَارُوا مِنْهُمْ، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِمْ، فَقَالَ قَوْمٌ: هُمُ الْعَجَمُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَرِوَايَةُ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُعَلِّمُ الطُّوسِيُّ بِهَا حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ
(٢) ما بين القوسين ساقط من "أ".
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الطَّاهِرِيُّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَزَّارُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعُذَافِرِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الدَّبَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ جَعْفَرٍ الْجَزَرِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كَانَ الدِّينُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَذَهَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، أَوْ قَالَ: رِجَالٌ، مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسَ حَتَّى يَتَنَاوَلُوهُ" (٢) وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَمُقَاتِلٌ: هُمُ التَّابِعُونَ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هُمْ جَمِيعُ مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. إِلَى يَوْمِ القيامة وهي ١٦٣/ب رِوَايَةُ [ابْنُ] (٣) أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ. قَوْلُهُ ﴿لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ أَيْ [لَمْ] (٤) يُدْرِكُوهُمْ وَلَكِنَّهُمْ يَكُونُونَ بَعْدَهُمْ. وَقِيلَ: "لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ" أَيْ فِي الْفَضْلِ وَالسَّابِقَةِ لِأَنَّ التَّابِعِينَ لَا يُدْرِكُونَ شَأْوَ الصَّحَابَةِ. ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾
﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٤) مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥) ﴾
﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ يَعْنِي الْإِسْلَامَ وَالْهِدَايَةَ. ﴿وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ﴾ أَيْ كُلِّفُوا الْقِيَامَ بِهَا وَالْعَمَلَ بِمَا فِيهَا ﴿ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا﴾ لَمْ يَعْمَلُوا بِمَا فِيهَا وَلَمْ يُؤَدُّوا حَقَّهَا ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ أَيْ كُتُبًا مِنْ
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنف في كتاب الجامع، باب قبائل العجم: ١١ / ٦٦، ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضل فارس برقم: (٢٥٤٦) : ٤ / ١٩٧٢، والمصنف في شرح السنة: ١٤ / ١٩٩ - ٢٠٠.
(٣) ساقط من "أ".
(٤) ساقط من "ب".
﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٦) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٧) قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨) ﴾
﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ﴾ مِنْ دُونِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ ﴿فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ﴾ فَادْعُوا بِالْمَوْتِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾، أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ فَإِنَّ الْمَوْتَ هُوَ الَّذِي يُوصِلُكُمْ إِلَيْهِ. ﴿وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ﴾ أَيْ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ كَقَوْلِهِ: "أَرَوْنِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَيْ فِي الْأَرْضِ" [أَيْ فِي الْأَرْضِ] (١) وَأَرَادَ بِهَذَا النِّدَاءِ الْأَذَانَ عِنْدَ قُعُودِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ لِلْخُطْبَةِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كَانَ النِّدَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوَّلُهُ إِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ وَكَثُرَ النَّاسُ زَادَ النِّدَاءَ الثَّانِي عَلَى الزَّوْرَاءِ (٢)
(٢) أخرجه البخاري في الجمعة، باب الأذان يوم الجمعة: ٢ / ٣٩٣، والمصنف في شرح السنة: ٤ / ٢٤٤.
وَاخْتَلَفُوا فِي تَسْمِيَةِ هَذَا الْيَوْمِ جُمُعَةً، مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَمَعَ فِيهِ خَلْقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَقِيلَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَغَ مِنْ خَلْقِ الْأَشْيَاءِ فَاجْتَمَعَتْ فِيهِ الْمَخْلُوقَاتُ. وَقِيلَ: لِاجْتِمَاعِ الْجَمَاعَاتِ فِيهِ. وَقِيلَ: لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا لِلصَّلَاةِ.
وَقِيلَ: أَوَّلُ مَنْ سَمَّاهَا جُمُعَةً كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: أَوَّلُ مَنْ قَالَ "أَمَّا بَعْدُ" كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ سَمَّى الْجُمُعَةَ جُمُعَةً، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ يَوْمُ الْعَرُوبَةِ.
وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: جَمَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ. وَقَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْجُمُعَةَ وَهُمَ الَّذِينَ سَمُّوهَا الْجُمُعَةَ. وَقَالُوا: لِلْيَهُودِ يَوْمٌ يَجْتَمِعُونَ فِيهِ كُلَّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، وَلِلنَّصَارَى يَوْمٌ، فَهَلُمَّ فَلْنَجْعَلْ يَوْمًا نَجْتَمِعُ فِيهِ، فَنَذْكُرُ اللَّهَ وَنُصَّلِي فِيهِ، فَقَالُوا: يَوْمُ السَّبْتِ لِلْيَهُودِ، وَيَوْمُ الْأَحَدِ لِلنَّصَارَى، فَاجْعَلُوهُ يَوْمَ الْعَرُوبَةِ، فَاجْتَمَعُوا إِلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ وَذَكَّرَهُمْ فَسَمُّوهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ بَعْدُ (١).
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ كَعْبٍ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تَرَحَّمَ لِأَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَقُلْتُ لَهُ: إِذَا سَمِعْتَ النِّدَاءَ تَرَحَّمْتَ لِأَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ بِنَا فِي هَزْمِ النَّبِيتِ مِنْ حَرَّةِ بَنِي بَيَاضَةَ فِي بَقِيعٍ يُقَالُ لَهُ بَقِيعُ الْخَضِمَاتِ، قُلْتُ لَهُ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمئِذٍ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ (٢) وَأَوَّلُ جُمُعَةٍ جَمَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ عَلَى مَا ذَكَرَ أَهْلُ السِّيَرِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ مُهَاجِرًا نَزَلَ قَبَاءً عَلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَذَلِكَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ [لَيْلَةً] (٣) خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ حِينَ امْتَدَّ الضُّحَى، فَأَقَامَ بِقَبَاءٍ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ وَالْأَرْبِعَاءِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، وَأَسَّسَ مَسْجِدَهُمْ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَامِدًا الْمَدِينَةَ، فَأَدْرَكَتْهُ صَلَاةُ الْجُمُعَةُ فِي بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ فِي بَطْنِ وَادٍ لَهُمْ، وَقَدِ اتَّخَذَ الْيَوْمَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَسْجِدًا، فَجَمَعَ هُنَاكَ وَخَطَبَ (٤)
(٢) أخرجه أبو داود في الصلاة، باب الجمعة في القرى: ٢ / ١٠، والبيهقي: ٣ / ١٧٦ - ١٧٧، وابن ماجه في الإقامة، باب في فرض الجمعة برقم: (١٠٨٢) : ١ / ٣٤٣ - ٣٤٤، والحاكم: ١ / ٢٨١.
(٣) زيادة من "ب".
(٤) انظر: البحر المحيط: ٨ / ٢٦٧ - ٢٦٨.
وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقْرَأُ: فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ هِيَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ (١). وَقَالَ الْحَسَنُ: أَمَا وَاللَّهِ مَا هُوَ بِالسَّعْي عَلَى الْأَقْدَامِ، وَلَقَدْ نُهُوا أَنْ يَأْتُوا الصَّلَاةَ إِلَّا وَعَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ، وَلَكِنْ بِالْقُلُوبِ وَالنِّيَّةِ وَالْخُشُوعِ (٢)
وَقَالَ قَتَادَةُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: "فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ" قَالَ: فَالسَّعْيُ أَنْ تَسْعَى بِقَلْبِكَ وَعَمَلِكَ وَهُوَ الْمَشْيُ إِلَيْهَا (٣) وَكَانَ يَتَأَوَّلُ قَوْلَهُ: "فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ" (الصَّافَاتِ -١٠٢) يَقُولُ فَلَمَّا مَشَى مَعَهُ.
أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو [عَلِيٍّ] (٤) الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَعْقِلٍ الْمَيْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ، وَلَكِنِ ائْتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ [وَالْوَقَارُ] (٥) فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمِّوهَا" (٦) قَوْلُهُ ﴿إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ أَيْ إِلَى الصَّلَاةِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: "فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ" قَالَ هُوَ مَوْعِظَةُ الْإِمَامِ ﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ يَعْنِي الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ لِأَنَّ اسْمَ الْبَيْعِ يَتَنَاوَلُهُمَا جَمِيعًا. وَإِنَّمَا يَحْرُمُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ عِنْدَ الْأَذَانِ الثَّانِي وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: عِنْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ حَرُمَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ ﴿ذَلِكُمْ﴾ الَّذِي ذَكَرْتُ مِنْ حُضُورِ الْجُمُعَةِ وَتَرْكِ الْبَيْعِ، ﴿خَيْرٌ لَكُمْ﴾ مِنَ الْمُبَايَعَةِ ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ مَصَالِحَ أَنْفُسِكُمْ.
(٢) ذكره ابن كثير: ٤ / ٣٦٨.
(٣) أخرجه الطبري: ٢٨ / ٩٩ - ١٠٠.
(٤) ساقط من "أ".
(٥) ساقط من "أ".
(٦) أخرجه عبد الرزاق في المصنف: ٢ / ٢١١. وأخرجه البخاري في الجمعة، باب المشي إلى الجمعة: ٢ / ٣٩٠، ومسلم في المساجد، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (٦٠٢) : ١ / ٤٢٠ - ٤٢١، والمصنف في شرح السنة: ٢ / ٣١٦.
وَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمَا، لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ أَنْ يَلْزَمَهُمَا فَرْضُ الْأَبْدَانِ لِنُقْصَانِ أَبْدَانِهِمَا، ولا جمعة ١٦٤/أعَلَى النِّسَاءِ بِالِاتِّفَاقِ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلَّالُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَطْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا مِنْ بَنِي وَائِلٍ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إِلَّا امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَمْلُوكًا" (١) وَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا جُمُعَةَ عَلَى الْعَبِيدِ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالْأَوْزَاعِيُّ: تَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ الْمُخَارَجِ، وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ.
وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَالزُّهْرِيُّ: تَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ، وَكُلُّ مَنْ لَهُ عُذْرٌ مِنْ مَرِضٍ أَوْ تَعَهُّدِ مَرِيضٍ أَوْ خَوْفٍ، جَازَ لَهُ تَرْكُ الْجُمُعَةِ، وَكَذَلِكَ لَهُ تَرْكُهَا بِعُذْرِ الْمَطَرِ وَالْوَحْلِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ [حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ] (٢) أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ صَاحِبُ الزِّيَادَيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ: إِذَا قُلْتَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَا تَقُلْ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ. قُلْ: صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ. فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا فَقَالَ: فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي إِنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُخْرِجَكُمْ فَتَمْشُوا فِي الطِّينِ وَالدَّحْضَ (٣).
وَكُلُّ مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حُضُورُ الْجُمُعَةِ، فَإِذَا حَضَرَ وَصَلَّى مَعَ الْإِمَامِ [الْجُمُعَةَ] (٤) سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الظُّهْرِ، وَلَكِنْ لَا يَكْمُلُ بِهِ عَدَدُ الْجُمُعَةِ إِلَّا صَاحِبَ الْعُذْرِ، فَإِنَّهُ إِذَا حَضَرَ يَكْمُلُ بِهِ الْعَدَدُ.
(٢) ما بين القوسين ساقط من "أ".
(٣) أخرجه البخاري في الأذان، باب هل يصلي الإمام بمن حضر وهل يخطب يوم الجمعة في المطر: ٢ / ١٥٧، ومسلم في صلاة المسافرين، باب الصلاة في الرحال برقم: (٦٩٩) : ١ / ٤٨٥.
(٤) ما بين القوسين ساقط من "أ".
أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الضَّبِّيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الْجَعْدِ يَعْنِي الضُّمَيْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ" (٢)
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَوْضِعِ إِقَامَةِ الْجُمُعَةِ، وَفِي الْعَدَدِ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ، وَفِي الْمَسَافَةِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ يُؤْتَى مِنْهَا: أَمَّا الْمَوْضِعُ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ كُلَّ قَرْيَةٍ اجْتَمَعَ فِيهَا أَرْبَعُونَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ، بِأَنْ يَكُونُوا أَحْرَارًا عَاقِلِينَ [بَالِغِينَ] (٣) مُقِيمِينَ لَا يَظْعَنُونَ عَنْهَا شِتَاءً وَلَا صَيْفًا إِلَّا ظَعْنَ حَاجَةٍ، تَجِبُ عَلَيْهِمْ إِقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيهَا. وَهُوَ قَوْلُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ. وَقَالُوا: لَا تَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ بِأَقَلِّ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، وَشَرَطَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَعَ عَدَدِ الْأَرْبَعِينَ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ وَالٍ، وَالْوَالِي غَيْرُ شَرْطٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ عَلِيٌّ: لَا جُمُعَةَ إِلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ.
ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَنْعَقِدُ بِأَرْبَعَةٍ، وَالْوَالِي شَرْطٌ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ:
(٢) أخرجه الترمذي في الصلاة، باب ما جاء في ترك الجمعة من غير عذر: ٣ / ١٣ قال أبو عيسى: "حديث أبي الجعد حديث حسن"، وأبو داود في الصلاة، باب التشديد في ترك الجمعة: ٢ / ٥ -٦، والنسائي في الجمعة، باب التشديد في التخلف عن الجمعة: ٣ / ٨٨ - ٨٩، وابن ماجه في الإقامة، باب فيمن ترك الجمعة من غير عذر برقم: (١١٢٥) : ١ / ٣٥٧، والبيهقي: ٣ / ١٧٨، وصححه ابن حبان برقم (٥٥٥) : ص (١٤٧)، والحاكم: ١ / ٢٨٠ ووافقه الذهبي، والإمام أحمد: ٣ / ٤٢٤، والمصنف في شرح السنة: ٤ / ٢١٣.
(٣) زيادة من "ب".
وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ مُقِيمًا فِي قَرْيَةٍ لَا تُقَامُ فِيهَا الْجُمُعَةُ، أَوْ كَانَ مُقِيمًا فِي بَرِّيَّةٍ، فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ يَبْلُغُهُمُ النِّدَاءُ مِنْ مَوْضِعِ الْجُمُعَةِ يَلْزَمُهُمْ حُضُورُ الْجُمُعَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَبْلُغُهُمُ النِّدَاءُ فَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ. وَالشَّرْطُ أَنْ يَبْلُغَهُمْ نِدَاءُ مُؤَذِّنٍ جَهْوَرِيِّ الصَّوْتِ يُؤَذِّنُ فِي وَقْتٍ تَكُونُ الْأَصْوَاتُ فِيهِ هَادِئَةً وَالرِّيَاحُ سَاكِنَةً، وَكُلُّ قَرْيَةٍ تَكُونُ فِي مَوْضِعِ الْجُمُعَةِ فِي الْقُرْبِ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ يَجِبُ عَلَى أَهْلِهَا حُضُورُ الْجُمُعَةِ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: تَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ آوَاهُ الْمَبِيتُ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: تَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ. وَقَالَ رَبِيعَةُ: عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ. وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ: عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا جُمُعَةَ عَلَى أَهْلِ السَّوَادِ قَرِيبَةً كَانَتِ الْقَرْيَةُ أَوْ بَعِيدَةً.
وَكُلُّ مَنْ تَلْزَمُهُ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ، وَجَوَّزَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ أَنْ يُسَافِرَ بَعْدَ الزَّوَالِ إِذَا كَانَ يُفَارِقُ الْبَلَدَ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ.
أَمَّا إِذَا سَافَرَ قَبْلَ الزَّوَالِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَيَجُوزُ، غَيْرَ أَنَّهُ يُكْرَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ سَفَرَ طَاعَةٍ مِنْ حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ إِذَا أَصْبَحَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ مُقِيمًا فَلَا يُسَافِرُ حَتَّى يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِهِ مَا:
أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الضَّبِّيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فِي سَرِيَّةٍ فَوَافَقَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَغَدَا أَصْحَابُهُ، وَقَالَ: أَتَخَلَّفُ فَأُصْلِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ، فَلَمَّا صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهُ فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَغْدُوَ مَعَ أَصْحَابِكِ؟ قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ مَعَكَ ثُمَّ أَلْحَقَهُمْ، فَقَالَ: "لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا
وَقَدٍّ وَرَدَ أَخْبَارٌ فِي سُنَنِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَفَضْلِهِ مِنْهَا: مَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّرَخْسِيُّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عن مالك ١٦٤/ب عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ إِلَى [الطَّوْرِ] (٣) فَلَقِيتُ كَعْبَ الْأَحْبَارِ، فَجَلَسْتُ مَعَهُ فَحَدَّثَنِي عَنِ التَّوْرَاةِ، وَحَدَّثْتُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ فِيمَا حَدَّثْتُهُ أَنْ قُلْتُ لَهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُهْبِطَ وَفِيهِ تِيبَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ مَاتَ وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وَهِيَ مُصِيخَةٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ حِينِ تُصْبِحُ حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ شَفَقًا مِنَ السَّاعَةِ إِلَّا الْجِنُّ وَالْإِنْسُ وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ" قَالَ كَعْبٌ: ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَوْمٌ، فَقُلْتُ: بَلْ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، قَالَ: فَقَرَأَ كَعْبٌ التَّوْرَاةَ فَقَالَ: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: ثُمَّ لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَّامٍ فَحَدَّثْتُهُ بِمَجْلِسِي مَعَ كَعْبِ الْأَحْبَارِ وَمَا حَدَّثْتُهُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَّامٍ: قَدْ عَلِمْتُ أَيَّةَ سَاعَةٍ هِيَ هِيَ آخَرُ سَاعَةٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَكَيْفَ تَكُونُ آخَرَ سَاعَةٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ! وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي" وَتِلْكَ سَاعَةٌ لَا يُصَلَّى فِيهَا؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَّامٍ: أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ حَتَّى يُصَلِّيَهَا؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: بَلَى، قَالَ: فَهُوَ ذَاكَ (٤).
(٢) أخرجه الشافعي في مسنده: ١ / ١٥٠، وعبد الرزاق في المصنف: ٣ / ٢٥٠، والبيهقي في السنن: ٣ / ١٨٧.
(٣) في "ب" الطريق.
(٤) أخرجه الإمام مالك في الموطأ في كتاب الجمعة، باب ما جاء في الساعة التي في يوم الجمعة: ١ / ١٠٨ - ١٠٩، وأبو داود في الصلاة، باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة: ٢ / ٣، والترمذي في الصلاة، باب ما جاء في الساعة التي ترجى في يوم الجمعة: ٢ / ٦١٨ - ٦١٩ وقال: "هذا حديث صحيح"، والنسائي في الجمعة، باب ذكر الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة: ٣ / ١١٣ - ١١٤، والشافعي في ترتيب المسند: ١٢٨ - ١٢٩، والإمام أحمد: ٢ / ٤٨٦، والمصنف في شرح السنة: ٤ / ٢٠٦ - ٢٠٨.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَدِيعَةَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى" (٢).
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمْعَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الرَّيَّانَيُّ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ يَعْنِي سَهْلَ بْنَ حَنِيفٍ حَدَّثَاهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاسْتَنَّ وَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى يَأْتِيَ الْمَسْجِدَ، فَلَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ ثُمَّ رَكَعَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْكَعَ، وَأَنْصَتَ إِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ كَانَتْ كَفَّارَةُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهَا" (٣) قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: "مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا" (الْأَنْعَامِ -١٦٠).
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْقَاشَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ جَعْفَرٍ الْهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْلُؤْلُؤِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْجَرْجَرَائِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنِي أَبُو الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنِي أَوْسُ بْنُ أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الْإِمَامِ وَاسْتَمَعَ، وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا" (٤)
(٢) أخرجه البخاري في الجمعة، باب الدهن للجمعة: ٢ / ٣٧٠، والمصنف في شرح السنة: ٤ / ٢٢٩.
(٣) أخرجه أبو داود في الطهارة، باب في الغسل يوم الجمعة: ١ / ٢١٢، والإمام أحمد: ٣ / ٨١، وصححه الحاكم: ١ / ٢٨٣ ووافقه الذهبي. وأخرجه مسلم مختصرا من حديث أبي صالح عن أبي هريرة: ٢ / ٥٨٧، والمصنف في شرح السنة: ٤ / ٢٣٠ - ٢٣١.
(٤) أخرجه أبو داود في الطهارة، باب في الغسل يوم الجمعة: ١ / ٢١٣، والترمذي في الصلاة، باب ما جاء في فضل الغسل يوم الجمعة: ٣ / ٣ - ٤ وقال: "حديث أوس بن أوس حديث حسن وأبو الأشعث الصنعاني اسمه شراحيل بن آدة"، والنسائي في الجمعة، باب فضل المشي إلى الجمعة: ٣ / ٩٧، وابن ماجه في الإقامة، باب ما جاء في الغسل يوم الجمعة برقم (١٠٨٧) : ١ / ٣٤٦، والإمام أحمد: ٤ / ١٠٤، والمصنف في شرح السنة: ٤ / ٢٣٦.
﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١) ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ أَيْ إِذَا فُرِغَ مِنَ الصَّلَاةِ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ لِلتِّجَارَةِ وَالتَّصَرُّفِ فِي حَوَائِجِكُمْ ﴿وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ يَعْنِي الرِّزْقَ وَهَذَا أَمْرُ إِبَاحَةٍ، كَقَوْلِهِ: "وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا" (الْمَائِدَةِ -٢) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنْ شِئْتَ فَاخْرُجْ وَإِنْ شِئْتَ فَاقْعُدْ وَإِنْ شِئْتَ فَصَلِّ إِلَى الْعَصْرِ، وَقِيلَ: فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ لَيْسَ لِطَلَبِ الدُّنْيَا وَلَكِنْ لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَحُضُورِ جِنَازَةٍ وَزِيَارَةِ أَخٍ فِي اللَّهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمَكْحُولٌ: "وَابْتَغَوْا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ" هُوَ طَلَبُ الْعِلْمِ.
﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾ الْآيَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ [أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ] (٢) عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ وَعَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَقْبَلَتْ عِيرٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَثَارَ النَّاسُ إِلَّا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ: "وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا" (٣).
(٢) ساقط من "ب".
(٣) أخرجه البخاري في التفسير - تفسير سورة الجمعة - باب: (وإذا رأوا تجارة أو لهوا) ٨ / ٦٤٣، ومسلم في الجمعة، باب في قوله تعالى: (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضلوا إليها وتركوك قائما) برقم: (٨٦٣) : ٢ / ٥٩٠.
وَقَالَ الْحَسَنُ وَأَبُو مَالِكٍ: أَصَابَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ جُوعٌ وَغَلَاءُ سِعْرٍ فَقَدِمَ دَحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيُّ بِتِجَارَةِ زَيْتٍ مِنَ الشَّامِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامُوا إِلَيْهِ بِالْبَقِيعِ خَشُوا أَنْ يُسْبَقُوا إِلَيْهِ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا رَهْطٌ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ تَتَابَعْتُمْ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْكُمْ أَحَدٌ لَسَالَ بِكُمُ الْوَادِي نَارًا" (٢)
وَقَالَ مقاتل: بينا ١٦٥/أرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ قَدِمَ دَحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيُّ مِنَ الشَّامِ بِالتِّجَارَةِ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ لَمْ تَبْقَ بِالْمَدِينَةِ عَاتِقٌ إِلَّا أَتَتْهُ، وَكَانَ يَقْدَمُ إِذَا قَدِمَ بِكُلِّ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ دَقِيقٍ وَبُرٍّ وَغَيْرِهِ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ، وَهُوَ مَكَانٌ فِي سُوقِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ يَضْرِبُ بِالطَّبْلِ لِيُؤْذِنَ النَّاسَ بِقُدُومِهِ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ النَّاسُ لِيَبْتَاعُوا مِنْهُ فَقَدِمَ ذَاتَ جُمُعَةٍ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّاسُ فَلَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَامْرَأَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَمْ بَقِيَ فِي الْمَسْجِدِ؟ فَقَالُوا: اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَامْرَأَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْلَا هَؤُلَاءِ لَسُوِّمَتْ لَهُمُ الْحِجَارَةُ مِنَ السَّمَاءِ" فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ (٣) وَأَرَادَ بِاللَّهْوِ الطَّبْلَ.
وَقِيلَ: كَانَتِ الْعِيرُ إِذَا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ اسْتَقْبَلُوهَا بِالطَّبْلِ وَالتَّصْفِيقِ. وَقَوْلُهُ: "انْفَضُّوا إِلَيْهَا" رَدَّ الْكِنَايَةَ إِلَى التِّجَارَةِ لِأَنَّهَا أَهَمُّ. وَقَالَ عَلْقَمَةُ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا؟ قَالَ: أَمَا تَقْرَأُ "وَتَرَكُوكَ قَائِمًا".
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلَّالُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خُطْبَتَيْنِ قَائِمًا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ (٤).
(٢) أورده الحافظ ابن حجر في الكافي الشاف ص (١٧١) وقال: هكذا ذكره الواحدي عن المفسرين، وذكره الثعلبي ثم البغوي عن الحسن بغير إسناد.
(٣) ذكره السيوطي في الدر المنثور: ٨ / ١١٦ وعزاه للبيهقي في شعب الإيمان.
(٤) أخرجه الشافعي: ١ / ١٤٤، والبيهقي في السنن: ٣ / ١٨١، والمصنف في شرح السنة: ٤ / ٢٤٧.
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَتْ صِلَاتُهُ قَصْدًا وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا (٢)
وَالْخُطْبَةُ فَرِيضَةٌ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةَ، وَيَجِبُ أَنْ يَخْطُبَ قَائِمًا خُطْبَتَيْنِ، وَأَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْخُطْبَةِ: أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ، وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُوصِيَ بِتَقْوَى اللَّهِ، هَذِهِ الثَّلَاثَةُ فَرْضٌ فِي الْخُطْبَتَيْنِ جَمِيعًا وَيَجِبُ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ، وَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الثَّانِيَةِ، فَلَوْ تَرَكَ وَاحِدَةً مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِ لَا تَصِحُّ جَمْعَتُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِتَسْبِيحَةٍ أَوْ تَحْمِيدَةٍ أَوْ تَكْبِيرَةٍ أَجَزَأَهُ. وَهَذَا الْقَدْرُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْخُطْبَةِ، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِالْخُطْبَةِ.
أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَامَوَيْهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ مَرْوَانَ اسْتَخْلَفَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَصَلَّى بِهِمْ أَبُو هُرَيْرَةَ الْجُمُعَةَ فَقَرَأَ سُورَةَ الْجُمُعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ: "إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ" (الْمُنَافِقُونَ -١) فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَلَمَّا انْصَرَفْنَا مَشَيْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَقُلْتُ لَهُ: لَقَدْ قَرَأْتَ بِسُورَتَيْنِ سُمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقْرَأُ بِهِمَا فِي الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهِمَا (٣)
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَخْسِيُّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ سَأَلَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ مَاذَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى إِثْرِ سُورَةِ الْجُمُعَةَ؟
(٢) أخرجه مسلم في الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة برقم: (٨٦٦) : ٢ / ٥٩١، والمصنف في شرح السنة: ٤ / ٢٥١.
(٣) أخرجه مسلم في الجمعة، باب ما يقرأ في صلاة الجمعة برقم: (٨٧٧) : ٢ / ٥٩٧ - ٥٩٨ والمصنف في شرح السنة: ٤ / ٢٧٠.
أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الضَّبِّيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ بِـ "سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى" وَ"هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ" وَرُبَّمَا اجْتَمَعَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَيَقْرَأُ بِهِمَا (٢).
وَلِجَوَازِ الْجُمُعَةِ خَمْسُ شَرَائِطَ: الْوَقْتُ وَهُوَ: وَقْتُ الظُّهْرِ مَا بَيْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ، وَالْعَدَدُ وَالْإِمَامُ وَالْخُطْبَةُ وَدَارُ الْإِقَامَةِ فَإِذَا فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ يَجِبُ أَنْ يُصَلُّوهَا ظُهْرًا..
وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبْتَدِئَ الْخُطْبَةَ قَبْلَ اجْتِمَاعِ الْعَدَدِ، وَهُوَ عَدَدُ الْأَرْبَعِينَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَلَوِ اجْتَمَعُوا وَخَطَبَ بِهِمْ ثُمَّ انْفَضُّوا قَبْلَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ أَوِ انْتُقِصَ وَاحِدٌ مِنَ الْعَدَدِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمُ الْجُمُعَةَ، بَلْ يُصَلِّيَ الظَّهْرَ، وَلَوِ افْتَتَحَ بِهِمُ الصَّلَاةَ ثُمَّ انْفَضُّوا فَأَصَحُّ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ بَقَاءَ الْأَرْبَعِينَ شَرْطٌ إِلَى آخَرِ الصَّلَاةِ، [كَمَا أَنَّ بَقَاءَ الْوَقْتِ شَرْطٌ إِلَى آخَرِ الصَّلَاةِ] (٣) فَلَوِ انْتُقِصَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ يَجِبُ عَلَى الْبَاقِينَ أَنْ يُصَلُّوهَا أَرْبَعًا. وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ: إِنْ بَقِيَ مَعَهُ اثْنَانِ أَتَمَّهَا جُمُعَةً. وَقِيلَ: إِنْ بَقِيَ مَعَهُ وَاحِدٌ أَتَمَّهَا جُمُعَةً، وَعِنْدَ الْمُزَنِيِّ إِذَا نَقَصُوا بَعْدَ مَا صَلَّى الْإِمَامُ بِهِمْ رَكْعَةً أَتَمَّهَا جُمُعَةً، وَإِنْ بَقِيَ وَحْدَهُ فَإِنْ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى يُتِمُّهَا أَرْبَعًا وَإِنِ انْتُقِصَ مِنَ الْعَدَدِ وَاحِدٌ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْعَدَدِ الَّذِي شَرَطَهُ كَالْمَسْبُوقِ إِذَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً مِنَ الْجُمُعَةِ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ أَتَمَّهَا جُمُعَةً وَإِنْ أَدْرَكَ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ أَتَمَّهَا أَرْبَعًا..
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ﴾ أَيْ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى الصَّلَاةِ وَالثَّبَاتِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ ﴿وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ لِأَنَّهُ مُوجِدُ الأرزاق فإياه فاسئلوا وَمِنْهُ فَاطْلُبُوا.
(٢) أخرجه الترمذي في الصلاة، باب ما جاء في القراءة في العيدين: ٣ / ٧٦ وقال "حديث النعمان بن بشير حديث حسن صحيح"، ومسلم في الجمعة، باب ما يقرأ في صلاة الجمعة برقم: (٨٧٨) ٢ / ٥٩٨، والمصنف في شرح السنة: ٤ / ٢٧١.
(٣) ما بين القوسين ساقط من "ب".