تفسير سورة المائدة

معاني القرآن
تفسير سورة سورة المائدة من كتاب معاني القرآن .
لمؤلفه الأخفش . المتوفي سنة 215 هـ

قال :﴿ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ ﴾ ﴿ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ﴾ ﴿ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ ﴾ نصب ( غيرَ ) على الحال.
[ و ] قال ﴿ لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ اللَّهِ ﴾ واحدها " شعيرة ".
[ و ] قال ﴿ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ ﴾ ف " الشَنَآنُ " متحرك مثل " الدَرَجان " و " المَيَلان "، وهو من " شَنِئْتُه " ف " أنا أشنَؤه " " شَنَآناً ". وقال ﴿ لاَ يَجْر ِمَنَّكُمْ ﴾ أي : لا يُحِقَّنَّ لَكُمْ. لأَنَّ قَوْلَهُ ﴿ لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ الْنَّارَ ﴾ إنما هو حَقٌّ أَنَّ لَهُمْ النّارَ. قال الشاعر :[ من الكامل وهو الشاهد الثمانون بعد المئة ] :
وَلَقَدْ طَعَنْتُ أَبّا عُيَيْنَةَ طَعْنَةً ***جَرَمَتْ فَزارَةُ بَعْدَها أَنْ يَغْضَبُوا
أي : حُقَّ لَهٌا.
وقوله ﴿ أَن صَدُّوكُمْ ﴾ يقول : " لأَِن صَدُّوكُم " وقد قُرئت ﴿ إِنْ صَدُّوكُم ﴾ [ ١٠١ء ] على معنى " إنْ هُمْ صَدُّوكُم " أي : " إنْ هُمْ فَعَلُوا " أي : إنْ هَمُّوا* ولم يكونوا فعلوا. وقد تقول ذلك أيضاً وقد فعلوا كأنك تحكي ما لم يكن ؛ كقول الله تعالى ﴿ قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ﴾ وقد كان عندهم قد وقعت السرقة.
وقال ﴿ أَن تَعْتَدُواْ ﴾ ( ٢ ) أي : لا يُحِقَنَّ لَكُمْ شَنَآنُ قَوْم أَنْ تَعْتَدُوا. أي : لا يَحْمِلَنَّكُم ذلك َ علَى العُدْوانِ. ثم قال ﴿ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ ( ٢ ).
وقال ﴿ وَالْمَوْقُوذَةُ ﴾ ( ٣ ) من ( وُقِذَتْ ) ف " هِيَ مَوْقُوذَةٌ ".
﴿ وَالنَّطِيحَةُ ﴾ ( ٣ ) فيها الهاء لأنها جعلت كالاسم مثل " أَكِيلَةِ الأَسَدِ ". وإنما تقول : " هِيَ أَكِيلٌ " و " هِيَ نَطِيحٌ " " لأَنَّ كل ما فيه " مَفْعُولَة " ف " الفَعِيل " فيه بغير الهاء نحو " القَتيِل " و " الصَريع " إذا عنيت المرأة و " هِيَ جَريحٌ " لأَنَكَ تقول " مَجْرُوحَةٌ ".
وقال ﴿ وَمَآ أَكَلَ السَّبُعُ ﴾ ( ٣ ) ولغة يخففون " السَبْع ".
﴿ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ﴾ ( ٣ ) وجميعه : " الأنْصاب ".
﴿ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ﴾ ( ٣ ) يقول : " وَحُرِّمَ ذلك " وواحدها " زُلَم " و " زَلَمَ ".
وقال ﴿ مَخْمَصَةٍ ﴾ ( ٣ ) تقول : " خَمَصَهُ الجُوع " نحو " المَغْضَبَة " لأنَّه أَرادَ المصدر.
[ وقال ] ﴿ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ ( ٣ ) مهموزة الياء الثانية وهي من " فَعِل " " يَفْعِل " وكسر الياء الأولى لغة نحو " لِعْبَ " ومنهم من يكسِر اللام والعين ويسكنون العين ويفتحون [ ١٠١ ب ] اللام أيضاً ويكسرونها وكذلك " يئس ". وذلك أنَّ " فعل " إذا كان ثانيه احد الحروف الستة كسروا أوله وتركوه على الكسر، كما يقولون ذلك في " فعيل " نحو " شِعير " و " صِهيل ". ومنهم من يسكن ويكسر الأولى نحو " رِحْمَهُ اللهُ " فلذلك تقول : " يِئْسَ " تكسر الياء وتسكن الهمزة. وقد قرئت هذه الآية ﴿ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ ﴾ على تلك اللغة التي يقولون فيها " لِعِبَ ". وأُناس يقولون " نَعِمَ الرَّجُلُ زَيْدٌ " فقد يجوز كسر هذه النون التي في " نَعِمَ " لأن التي بعدها من الحروف الستة كما كسر " لِعِب ". وقولهم : " أن العين ساكنة من " نِعِمّا " إذا أدغمت خطأ لأنه لا يجتمع ساكنان. ولكن إذا شئت أخفيته فجعلته بين الإدغام والإظهار فيكون في زنة متحرك كما قرئت ﴿ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي ﴾ يشمون النون الأولى الرفع.
وقال ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ ( ٣ ) لأَّنَّ الإسلام كان فيه بعض الفرائض فلما فرغ الله مما أراد منه قال ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ ﴿ وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً ﴾ ( ٣ ) لا على غير هذه الصفة.
وقال ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ كأنه قال : " فإِنَّ اللهُ لَهُ غَفُورٌ رَحِيم ". كما تقول : " عبدُ اللهِ ضَرَبْتُ " تريد : ضربته. قال الشاعر :[ من الوافر وهو الشاهد الحادي والثمانون بعد المئة ] :
[ ١٠٢ ء ] ثَلاثٌ كُلُّهُنَّ قتلتُ عَمْداً فَأَخْزَى اللهُ رابعَةً تَعُود
وقال الآخر :[ من الرجز وهو الشاهد الثاني والثمانون بعد المئة ] :
قدْ أَصْبَحَتْ أُمُ الخِيارِ تَدَّعي عَلَيَّ ذَنْباً كُلَّهُ لَمْ أَصْنعِ
وقال ﴿ مَاذَا أُحِلَّ ﴾ ( ٤ ) فإن شئت جعلت " ذا " بمنزلة " الذي " وان شئت جعلتها زائدة كما قال الشاعر :[ من البسيط وهو الشاهد الثالث والثمانون بعد المئة ] :
يا خُزْرَ تَغْلِبَ ماذا بالُ نِسْوَتِكُم لا يَسْتَفِقنَ إلى الدَيْرَيْنَ تَحْنانا
ف " ذا " لا تكون ها هنا إلاَّ زائدة. [ إذ ] لو قلت : " ما الذي بال نسوتكم " لم يَكُن كَلاماً.
[ و ] قال ﴿ الْجَوَارِحِ ﴾ ( ٤ ) وهي الكَواسِبُ كما تقول : " فُلانٌ جارِحَةُ أَهْلِهِ " و " مالَهُمْ جارِحَةٌ " أي : مالَهُم مَمَالِيكُ " ولا حافِرَةْ ".
[ و ] قال ﴿ كُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ﴾ ( ٤ ) [ ف ] أدخل ﴿ مِنْ ﴾ كما أدخله في قوله : " كانَ مِنْ حَديث " و " قَدْ كانَ مِنْ مَطَرٍ ". وقوله ﴿ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ ﴾ و ﴿ يُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ ﴾. وهو فيما فسر " يُنَزِّلُ منَ السَّماءِ جِبالاً فيها بَرَدٌ ". وقال بَعْضُهُم ﴿ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ ﴾ أي : في السَّماءِ جبالٌ مِنْ بَرَد. أي : يَجْعَلْ الجِبالَ مِنْ بَرَدٍ في السَّماء، ويجعل الإِنزال منها.
وقال ﴿ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ﴾ ( ٥ ) فيعني به الرجال.
وقال ﴿ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ﴾ ( ٥ ) ( وَ ) أُحِلَّ ﴿ لَكُمْ المُحْصنات ﴾ من النساء ﴿ مُحْصِنِينَ [ ١٠٢ ب ] غَيْرَ مُسَافِحِينَ ﴾ أي : أُحِلَّ لَكُمْ في هذِهِ الحالِ.
وقال ﴿ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ﴾ ( ٦ ) فرده إلى " الغَسْل " في قراءة بعضهِم لأنه قال ﴿ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ ﴾ وقال بعضهم ﴿ وَأَرْجُلَكُمْ ﴾ على المسح أي : وامْسحوا بأَرْجُلِكُم. وهذا لا يعرفه الناس. وقال ابن عباس : " المَسْحَ على الرِّجْلَيْن يُجْزِئ ". " ويجوز الجر على الاتباع وهو في المعنى " الغَسْل " نحو " هذا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ ". والنَصب أسلم وأجود من هذا الاضطرار. ومثله قول العرب : " أَكَلْتُ خبزا ولبنا " واللبن لا يؤكل. ويقولون : " ما سَمِعْتُ برائحةٍ أطيبَ من هذهِ ولا رأيتُ رائحةً أطيبَ من هذِه " و " ما رأيتُ كلاماً أصوبَ من هذا ". قال الشاعر :[ من مجزوء الكامل وهو الشاهد الرابع والثمانون بعد المئة ] :
يا لَيْتَ زَوجَكِ قَدْ غَدا مُتَقَلِّداً سَيْفاً وَرُمْحاً
ومثله ﴿ لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ اللَّهِ ﴾ [ ٢ ] ﴿ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ﴾ ( ٢ ).
وقال ﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ ﴾ ( ٦ ) أي : ما يُريدُ اللهُ لِيجْعَلَ عَلَيْكُمْ حَرَجا.
وقال :﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ ( ٩ ) كأنه فسر الوعد ليبين ما وعدهم أي : هكذا وعدهم فقال ﴿ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾.
[ وقال ] ﴿ وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمْ الزَّكَاةَ وَآمَنتُمْ بِرُسُلِي ﴾ ( ١٢ ) ﴿ لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ﴾ ( ١٢ ) فاللام الأَولى على معنى القسم [ ١٠٣ ء ] والثانية على قسم آخر.
وقال ﴿ وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ ﴾ ( ١٤ ) كما تقول : " مِنْ عبدِ اللهِ أخَذْتُ دِرْهَمَه ".
[ و ] قال ﴿ إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ ﴾ ( ٢٢ ) فأعمل ﴿ إِنَّ ﴾ في " القوم " وجعل " جَبْارِينَ " من صفتهم لأَنَّ ﴿ فِيها ﴾ ليس باسم.
[ و ] قال ﴿ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴾ ( ٢٦ ) فهي من " أَسَي " " يَأْسىَ " " أَسَىَ شَدِيداً " وهو الحزن. و " يَئِسَ " من " اليَأسِ " وهو انقطاع الرجاء من " يَئِسوا " وقوله ﴿ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللَّهِ ﴾ : من انقطاع الرجاء وهو من : يئست وهو مثل " إِيٍس " في تصريفه. وإنْ شِئْتَ مثل " خَشِيْتُ " في تصريفه. وأما " أسَوْتَ " " تَأْسُوا " " أَسْواً " فهو الدواء للجِراحة. و " أُسْتُ " " أَؤُوسُ " أَوْساً " في معنى : أَعْطَيْتُ. و " أُسْتُ " قياسها " قُلْتُ " و " أَسَوْتُ " [ قياسها ] " غَزَوْتُ ".
[ و ] قال ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ ﴾ ( ٢٧ ) فالهمزة ل " نَبَأ " لأنها من " أَنْبَاتُهُ ". وأَلِف " ابْنَيْ " تذهب لأنها ألف وصل في التصغير. وإذا وقفت [ قلت ] " نبأ " مقصور ولا تقول " نبا " لأنها مضاف فلا تثبت فيها الألف*.
وقال ﴿ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ ﴾ ( ٣٠ ) مثل " فَطَوَّعَتْ " ومعناه : " رَخَّصَتْ " وتقول " طَوَّقْتُهُ إمْريِ " أي : عَصَبْتُه به.
وقال ﴿ أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ ﴾ ( ٣١ ) فنصب ﴿ فَأُوَارِيَ ﴾ لأَنَّكَ عَطَفْتَه بالفاء على ﴿ أَنْ ﴾ وليس بمهموز لأَنّه من " وَارَيْتُ " وإنما [ ١٠٣ ب ] كانت ﴿ عَجَزْتُ ﴾ لأنها من " عَجَزَ " " يَعْجِزُ " وقال بعضهم " عَجَزَ " " يَعْجُزُ "، و " عَجِزَ " " يَعْجَزُ ".
[ و ] قال ﴿ مِنْ أَجْلِ ذلك كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ ( ٣٢ ). وان شئت أذهبت الهمزة من ﴿ أَجْلِ ﴾ وحركت النون في لغة من خفف الهمزة. و " الأَجْلُ " : الجناية من " أَجَلَ " " يَأْجِلُ "، تقول : " قَدْ أَجَلْتَ عَلَيْنا شَرْاً " ويقول بعض العرب ﴿ مِنْ جَرّا ﴾ من : " الجَريرة " ويجعله على " فَعْلَى ".
وقال ﴿ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ ﴾ ( ٣٢ ) يقول : " أَوْ بِغَيْرِ فَسادٍ في الأَرْض ".
وقال ﴿ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ ﴾ ( ٣٦ ) يقول : " لَوْ أَنَّ هذا مَعَهُم لِلفداء ما تُقُبِّلَ مِنْهُم ".
وقال ﴿ لاَ يَحْزُنكَ ﴾ ( ٤١ ) خفيفة مفتوحة الياء وأهْل المدينة يقولون ﴿ يُحْزِنْكَ ﴾ يجعلونها من " أحْزَنَ " والعرب تقول : " أَحْزَنْتُه " و " حَزَنْتُهُ ".
وقال ﴿ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ ﴾ ( ٤١ ) أي : " مِنْ هؤُلاءِ ومِنْ هؤلاء " ثم قال مستأنفاً ﴿ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ ﴾ ( ٤١ ) أي : هم سماعون. وان شئت جعلته على ﴿ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ ﴾ ( ٤١ ) ﴿ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ ﴾ ثم تقطعه من الكلام الأول. ثم قال ﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ﴾ ( ٤١ ) على ذلك الرفع للأول وأما قوله ﴿ لَمْ يَأْتُوكَ ﴾ ( ٤١ ) فها هنا انقطع الكلام والمعنى " وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ يَسْمَعُونَ كَلامَ النَبِيّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم [ ١٠٤ ء ] لَيَكْذِبُوا عَلَيْهِ سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرينَ لَمْ يأتُوكَ بَعْد " يقول : " يَسْمَعُونَ لَهُم فَيُخْبِرونَهُمْ وَهُمْ لَمْ يَأْتُوكَ ".
وقال ﴿ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ﴾ ( ٤٥ ) إذا عطف على ما بعد " أَنَّ " نصب والرفع على الابتداء كما تقول : " إنَّ زَيْداً منْطَلِقٌ وعَمْرٌ ذاهبٌ " وإِنْ شئتَ قلت : " وَعَمْراً ذاهبٌ " نصب ورفع.
[ و ] قال ﴿ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ ﴾ ( ٤٦ ) لأنَّ بَعْضَهم يقول : " هِيَ الإِنْجيل " وبعضهم يقول : " هُوَ الإِنجيل ". وقد يكون على أنَّ " الإِنجيلَ " كتاب فهو مذكر في المعنى فذكروه على ذلك. كما قال ﴿ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى ﴾ ثم قال ﴿ فَارْزُقُوهُمْ مِّنْهُ ﴾ فذكّر و " القِسْمَةُ " مُؤَّنَّثة لأَنَّها في المعنى " الميراث " و " المال " فذكر على ذلك.
وقال ﴿ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ﴾ ( ٤٨ ) يقول : " وَشاهِداً عَلَيْهِ " نصب على الحال.
وقال ﴿ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً ﴾ ( ٤٨ ) ف " الشِّرْعَةُ " : الدينِ، من " شَرَعَ " " يَشْرَعُ "، و " المِنْهاجُ " : الطَريقُ من " نَهَجَ " " يَنْهَجُ ".
وقال ﴿ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ ﴾ ( ٥١ ) ثم قال ﴿ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ ( ٥١ ) على الابتداء.
[ و ] قال ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ ( ٥٣ ) نصب لأنه معطوف على قوله ﴿ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ ﴾ ( ٥٢ ) وقد قرئ رفعا على الابتداء. قال أبُو عمرو النصب محال لأنه لا يجوز " وَعَسى اللهُ أَنْ يقولَ الذين آمنوا " وإِنَّما ذا " عسى أنْ يقول "، يجعل ﴿ أَنْ يَقُولَ ﴾ [ ١٠٤ ب ] معطوفة على ما بعد " عَسَى " أوْ يكون تابعا، نحو قولهم : " أَكَلْتُ خُبْزاً وَلَبَنَاً " و :
....................... مُتَقَلِّداً سَيْفاً وَرُمْحاً
وقال ﴿ بِشَرٍّ مِّن ذلك مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ﴾ ( ٦٠ ) كما قال ﴿ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِك ﴾*.
وقال ﴿ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ﴾ ( ٦٠ ) أي :﴿ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ ﴾ ( ٦٠ ) ﴿ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ﴾.
وقال ﴿ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ﴾ ( ٦٣ ) وقال ﴿ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ ﴾ ( ٦٣ ) نصبهما بإِسقاط الفعل عليهما.
وقال ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ ﴾ ( ٦٤ ). فذكروا أنَّها " العَطِيَّة " و " النِّعْمَة ". وكذلك ﴿ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ﴾ ( ٦٤ ) كما تقول : " إنَّ لِفُلانٍ عِنْدِي يَداً " أي : نِعْمَةً. وقال :﴿ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ ﴾ أي : أُولى النِّعَم. وقد تكون " اليَد " في وجوه، تقول " بَيْنَ يَدَي الدارِ " تَعْني : قُدامَها، وليستْ للدارِ يدان.
وقال ﴿ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ﴾ ( ٦٧ ) وقال بعضهم ﴿ رِسالاتِهِ ﴾ وكلٌّ صوابٌ لأَنَّ " الرِّسالَةَ " قد تجمع " الرَّسائِلَ " كما تقول " هَلَكَ البَعِيرُ والشَّاةُ " و " أَهْلَكَ الناسَ الدينارُ والدِرْهَمُ " تريد الجماعة.
وقال :﴿ وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى ﴾ ( ٦٩ ) وقال في موضع آخر ﴿ والصّابِئِينَ ﴾ والنصب القياس على العطف على ما بعد ﴿ إِنّ ﴾ فأما هذه فرفعها على وجهين كأن قوله ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ ( ٦٩ ) في موضع رفع في المعنى لأنه كلام مبتدأ لأَنَّ قَوْلَهُ : " إنَّ زَيْداً مُنْطَلِقٌ " و " زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ " من غير أن يكون فيه " إنّ " في المعنى سواء [ ١٠٥ ء ]، فإن شئت إذا عطفت عليه شيئا جعلته على المعنى. كما قلت : " إنَّ زيداً مُنْطَلِقٌ وعمرٌو ". ولكنه إذا جعل بعد الخبر فهو أحسن وأكثر. وقال بعضهم : " لما كان قبله فعل شبه في اللفظ بما يجري على ما قبله، وليس معناه في الفعل الذي قبله وهو ﴿ الَّذِينَ هَادُواْ ﴾ ( ٦٩ ) أجراه عليه فرفعه به وإن كان ليس عليه في المعنى ذلك أنه تجيء أشياء في اللفظ لا تكون في المعاني، منها قولهم : " هذا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ " وقولهم " كَذَبَ عَلَيْكُمْ الحَجُّ " يرفعون " الحَجَّ " ب " كَذَبَ "، وإنما معناه " عَلَيْكُم الحَجَّ " نصب بأمرهم.
وتقول : " هذا حَبُّ رُمّانِي " فتضيف " الرُّمَانَ " إلَيكَ وإِنَّما لَكَ " الحَبُّ " وليس لك " الرُّمَانُ ". فقد يجوز أشباه هذا والمعنى على خلافه.
[ و ] قال ﴿ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ ﴾ ( ٧١ ) ولم يقل " ثُمَّ عَمِيَ وَصَمَّ " وهو فعل مقدم لأنه أخبر عن قوم أنهم عَمُوا وصَمُّوا، ثم فسر كم صنع ذلك منهم كما تقول " رأيتُ قَوْمَك ثُلُثَيْهِم " ومثل ذلك ﴿ وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ ﴾ وإن شئت جعلت الفعل للآخر فجعلته على لغة الذين يقولون " أَكَلُوني البَراغِيثُ " كما قال :[ من الطويل وهو الشاهد الخامس والثمانون بعد المئة ] :
ولكِنْ دِيافِيٌّ أَبُوهُ وأُمُّهُ بِحَوْراَنَ يَعْصُرْنَ السَّلِيطُ أَقارِبُه
[ و ] قال ﴿ لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ ﴾ ( ٧٣ ) وذلك أنهم جعلوا معه " عِيْسى " [ ١٠٥ ب ] و " مَرْيَمَ ". كذلك يكون في الكلام إذا كان واحد مع اثنين قيل " ثالِثُ ثلاثَةٍ " كما قال ﴿ ثَانِيَ اثْنَيْنِ ﴾ وإنما كان معه واحد. ومن قال : " ثالثَ اثْنَيْنِ " دخل عليه أنْ يقول : " ثَانِيَ واحِدٍ ". وقد يجوز هذا في الشعر وهو في القياس صحيح. قال الشاعر :[ من الوافر وهو الشاهد السادس والثمانون بعد المئة ] :
وَلكِنْ لا أَخُونُ الجارَ حَتّىَ يُزيلُ اللهُ ثالِثَةَ الأَثافِي
ومن قال : " ثانِيَ اثْنَيْنِ " و " ثالثُ ثَلاثَةٍ " قال : حاديَ أَحَدَ عَشَرَ " إذا كان رجل مع عشرة. ومن قال " ثالثُ اثْنَيْنِ " قال : " حاديَ عَشْرَةَ " فأمّا قَوْلُ العَرَبِ : " حاديَ عَشَرَ " و " ثانيَ عَشَر " فهذا في العدد إذا كنت تقول : " ثانِي " و " ثالث " و " رابع " و " عاشر " من غير أن تقول : عاشرَ كَذَا وكَذَا "، فلما جاوز العشرةَ أرادَ أَنْ يقول : " حادي " و " ثاني " فكان ذلك لا يعرف معناه إلا بذكر العشرة فضم إليه شيئا من حروف العشرة.
وقال ﴿ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ ﴾ ( ٩٤ ) على القسم أي : وَاللهِ لَيَبْلُوَنَّكُمْ. وكذلك هذه اللام التي بعدها النون لا تكون* إلا بعد القسم.
وقال :﴿ فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ﴾ ( ٩٥ ) أي : فعليه جزاء مثل ما قتل من النعم.
[ و ] قال ﴿ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ هَدْياً ﴾ ( ٩٥ ) انتصب على الحال، ﴿ بَالِغَ الْكَعْبَةِ ﴾ ( ٩٥ ) من صفته، وليس قولك [ ١٠٦ ء ] ﴿ بَالِغَ الْكَعْبَةِ ﴾ بمعرفة، لأن فيه معنى التنوين، لأنه إذا قال " هذا ضاربُ زَيْدٍ " في لغة من حذف النون ولم يفعل بعد، فهو نكرة. ومثل ذلك ﴿ هذا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ﴾ ففيه بعض التنوين غير أنه لا يوصل إليه من أجل الاسم المضمر.
ثم قال ﴿ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ ﴾ ( ٩٥ ) أيْ : أوْ عليه كفارةٌ. رفعٌ منون، ثم فسر فقال " هِيَ طعامُ مساكين " ، وقال بعضهم ﴿ كَفّارَةُ طَعَامِ مَساكِينَ ﴾ بإضافة الكفارة إليه.
[ و ] قال ﴿ أَو عَدْلُ ذلك صِيَاماً ﴾ ( ٩٥ ) يريد : أَوْ عَلَيْهِ مثلُ ذلك َ من الصيام. كما تقول : " عَليْها مثلُها زُبْداً ". وقال بعضهم ﴿ أَوْ عِدلُ ذلك صياما ﴾، فكسر، وهو الوجه، لأن " العِدْلَ " : المِثْل. وأَمَّا " العَدْل " فهو المصدر، تقول : " عَدَلْتُ هذا بهذا عَدْلاً حَسَنا "، و " العَدْل " أَيْضاَ : المِثْلُ. وقال ﴿ وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ ﴾ أي : مِثْلٌ، ففرقوا بين ذا وبين " عدل المتاع " ، كما تقول : " امرأَةٌ رَزانٌ " و " حَجَرٌ رَزِينٌ ".
وقال ﴿ جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِّلنَّاسِ ﴾ ( ٩٧ )، وقال ﴿ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ﴾ ( ٩٧ ) أي : وجَعَلَ لكُمْ الهَدْيَ والقَلائِدَ.
وقال ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضِرْكُمْ ﴾ ( ١٠٥ ) خفيفة، فجَزَمَ لأن جوابَ الأمر جَزْمٌ، فجعلها من " ضَارَ " " يَضِير ". وقال [ ١٠٦ ب ] بعضهم :﴿ يُضِرَّكُمْ ﴾ و﴿ يَضُرُّكْمْ ﴾ فجعل الموضع جزما فيهما جميعا، إلا أنه حرَّك، لأن الراء ثقيلة، فأولها ساكن فلا يستقيم إسكان آخرها، فيلتقي ساكنان، وأجود ذلك ﴿ لا يَضُرُّكُمْ ﴾ رفع على الابتداء، لأنه ليس بعِلَّة لقوله ﴿ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾، وإنما أخبر أنه لا يَضُرُّهُم.
وقال ﴿ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ ﴾ ( ١٠٦ ) ثم قال ﴿ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ ﴾ أيْ : شهادة بينِكم شهادةُ اثنين. فلما ألقى " الشهادة " قام " الاثنان " مقامها، وارتفعا بارتفاعها، كما قال ﴿ وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ ﴾ يريد : أَهْلَ القريةِ. وانتصب ( القريةَ ) بانتصاب " الأَهْلِ "، وقامت مقامه. ثم عطف ﴿ أَوْ آخَرَانِ ﴾ على " الاثنين ".
وقال :﴿ مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ* عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ ﴾ ( ١٠٧ ) أيْ : من الأَوَّلَيْنِ الذينَ استْحَقَّ* عليهم. وقال بعضهم ﴿ الأَوْلَيَانِ ﴾ وبها نقرأ. لأنَّه حين قال ﴿ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ ﴾ ( ١٠٧ ) كان كأنه قد حدهما حتى صارا كالمعرفة في المعنى فقال ﴿ الأَوْلَيَانِ ﴾ فأجرى المعرفة عليهما بدلا. ومثل هذا مما يجري على المعنى كثير. قال الراجز :[ وهو الشاهد السابع والثمانون بعد المئة ] :
عَلَيَّ يومَ تَملكُ الأُمُورَا صَوْمُ شُهورٍ وَجَبَتْ نُذُورا
وَبَدَناً مُقَلَّداً مَنْحُورا ........
فجعله على " أَوْجَبَ " لأنه في معنى " قَدْ أَوْجَبَ ".
وليس قولهم ﴿ هَلْ يَسْتَطِيعُ ﴾ ( ١١٢ ) لأنهم ظنوا أنه لا يطيق. ولكنه كقول العرب : أَتَسْتَطيعُ أَنْ تَذْهَبَ في هذهِ الحاجَةِ وتدَعَنا من كَلامِكَ "، وتقول : " أَتَسْتَطيعُ أَنْ تَكُفَّ عَنّي فإِنِّي مَغْمُوم ". فليس هذا لأنه لا يستطيع، ولكنه يريد " كُفَّ عَنِّي "، ويذكر له الاستطاعة ليحتج عليه، أَيْ : إِنَّكَ تستطيعُ. فإذا ذكّره إِياها علم أَنها حجة عليه. وإنما قرئت ﴿ هَلْ تَسْتَطيعُ رَبَّكَ ﴾ فيما لَدَيّ لغموض هذا المعنى الآخر و الله أعلم. وهو جائز كأنه أضمر الفعل فأراد " هلْ تَستَطيعُ أَنْ تدعوَ رَبَّكَ " أَوْ " هلْ تَستَطيعُ رَبَّكَ أَنْ تَدْعُوَهُ "، فكل هذا جائز.
و " المائِدَةُ " الطعام. و " فَعَلْتُ " منها : " مِدْتُ " " أَمِيدُ ". قال الشاعر :[ من الرجز وهو الشاهد الثامن والثمانون بعد المئة ] :
نُهْدِى رُؤوسَ المُجْرِمينَ الأَندادْ إلى أمِيرِ المؤمِنِينَ المُمْتاد
[ ١٠٧ ب ] [ و[ " المُمْتاد " ] هو " مُفْتَعِلٌ " من " مِدْتُ ".
[ وقال ] ﴿ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا [ ١٠٧ ء ] أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا ﴾ ( ١١٤ )، فجعل ﴿ تكونُ ﴾ من صفة " المائدة "، كما قال ﴿ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي ﴾، رفع إذا جعله صفة، وجزم إذا جعله جوابا، كما تقول : " أَعْطِني ثَوْباً يَسَعُني " إذا أردت واسعا، و " يَسَعِْني " إذا جعلته جوابا، كأنك تشترط أنه يَسعُك.
[ و ] قال ﴿ وَآيَةً مِّنْكَ ﴾ ( ١١٤ ) عطف على " العيد " ، كأنه قال : " يكونُ عِيداً وآيَةً " وذكر أن قراءة ابن مسعود ﴿ تَكُنْ لَنَا عِيداً ﴾.
Icon