تفسير سورة سورة المائدة من كتاب تفسير القرآن العزيز
                             المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين
                        .
                            
    
                    لمؤلفه 
                                            ابن أبي زَمَنِين
                                                            .
                                             المتوفي سنة 399 هـ
                                    
                         تفسير سورة المائدة وهي مدنية كلها. 
                                                                ﰡ
قَوْله: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أَوْفوا بِالْعُقُودِ﴾ قَالَ الْكَلْبِيُّ: يَعْنِي: الْعُهُودَ الَّتِي أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ فِيمَا أَحَلَّ لَهُمْ وَحَرَّمَ عَلَيْهِمْ ﴿أُحِلَّتْ لكم بَهِيمَة الْأَنْعَام﴾ وَالْأَنْعَامُ: الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ ﴿إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُم﴾ يَقُولُ: مِمَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الخِنْزِيرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا نَهَى عَنْهُ.
                                                                            
                                                                                                                5
                                                                    ﴿غير محلي الصَّيْد﴾ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُحِلُّوا الصَّيْدَ ﴿وَأَنْتُم حرم﴾.
                                                                            
                                                                        6
                                                                    ﴿يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْت الْحَرَام﴾ وَكَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرُوا بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً.
قَوْلُهُ: ﴿وَلا القلائد﴾ يَعْنِي: أَصْحَابَ الْقَلَائِدِ، وَكَانَتِ الْقَلَائِدُ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَهْلِهِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، وَلَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ جَعَلَ فِي عُنُقِهِ قَلَائِدَ مِنْ شَعْرٍ أَوْ [وبرٍ، فَأَمِنَ] بِهَا إِلَى مَكَّةَ وَإِذَا (ل ٧٨) خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ تَعَلَّقَ مِنْ لِحَاءِ شَجَرِ مَكَّةَ، فَيَأْمَنُ بِهِ إِلَى أَرْضِهِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلا آمِّينَ الْبَيْت الْحَرَام﴾ يَعْنِي: حُجَّاجَ الْمُشْرِكِينَ، وَالْفَضْلَ وَالرِّضْوَانَ الَّذِي كَانُوا يَبْتَغُونَهُ أَنْ يُصْلِحَ اللَّهُ لَهُمْ مَعَايِشَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَأَلَّا يُعَاقِبَهُمْ فِيهَا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَاحِد ﴿امين﴾ آمٌّ؛ وَهُمُ الْقَاصِدُونَ، وَشَعَائِرُ اللَّهِ: مَا جَعَلَهُ اللَّهُ عَلَمًا لِطَاعَتِهِ، وَاحِدُهَا: شَعِيرَةٌ، وَالشَّهْرُ الْحَرَامُ (مُحَرَّمٌ)؛ يَقُولُ: لَا تُقَاتِلُوا فِيهِ.
﴿وَإِذَا حللتم فاصطادوا﴾ أَيْ: إِذَا خَرَجْتُمْ مِنْ إِحْرَامِكُمْ وَهِيَ إِبَاحَةٌ؛ إِنْ
                                                                                                                قَوْلُهُ: ﴿وَلا القلائد﴾ يَعْنِي: أَصْحَابَ الْقَلَائِدِ، وَكَانَتِ الْقَلَائِدُ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَهْلِهِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، وَلَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ جَعَلَ فِي عُنُقِهِ قَلَائِدَ مِنْ شَعْرٍ أَوْ [وبرٍ، فَأَمِنَ] بِهَا إِلَى مَكَّةَ وَإِذَا (ل ٧٨) خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ تَعَلَّقَ مِنْ لِحَاءِ شَجَرِ مَكَّةَ، فَيَأْمَنُ بِهِ إِلَى أَرْضِهِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلا آمِّينَ الْبَيْت الْحَرَام﴾ يَعْنِي: حُجَّاجَ الْمُشْرِكِينَ، وَالْفَضْلَ وَالرِّضْوَانَ الَّذِي كَانُوا يَبْتَغُونَهُ أَنْ يُصْلِحَ اللَّهُ لَهُمْ مَعَايِشَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَأَلَّا يُعَاقِبَهُمْ فِيهَا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَاحِد ﴿امين﴾ آمٌّ؛ وَهُمُ الْقَاصِدُونَ، وَشَعَائِرُ اللَّهِ: مَا جَعَلَهُ اللَّهُ عَلَمًا لِطَاعَتِهِ، وَاحِدُهَا: شَعِيرَةٌ، وَالشَّهْرُ الْحَرَامُ (مُحَرَّمٌ)؛ يَقُولُ: لَا تُقَاتِلُوا فِيهِ.
﴿وَإِذَا حللتم فاصطادوا﴾ أَيْ: إِذَا خَرَجْتُمْ مِنْ إِحْرَامِكُمْ وَهِيَ إِبَاحَةٌ؛ إِنْ
6
                                                                    شَاءَ صَادَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ.
﴿وَلَا يجرمنكم شنآن قوم﴾ لَا يَحْمِلَنَّكُمْ بُغْضُ قَوْمٍ. ﴿أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدوا﴾.
قَالَ الْكَلْبِيُّ: يَعْنِي بِالْقَوْمِ: أَهْلَ مَكَّةَ؛ يَقُولُ: لَا تَعْتَدُوا عَلَيْهِمْ؛ لِأَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانَ هَذَا حِينَ صَدُّوهُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَام.
قَالَ مُحَمَّد: ﴿يجرمنكم﴾ حَقِيقَتُهُ فِي اللُّغَةِ: يُكْسِبَنَّكُمْ؛ يُقَالُ: فُلَانٌ جَارِمٌ أَهْلَهُ [وَجَرِمَةَ أَهْلَهُ] أَيْ: كَاسَبَهُمْ، وَتَقُولُ: جَرَمَنِي كَذَا؛ أَيْ: كَسَبَنِي كَذَا.
وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى: أجرمني.
                                                                        ﴿وَلَا يجرمنكم شنآن قوم﴾ لَا يَحْمِلَنَّكُمْ بُغْضُ قَوْمٍ. ﴿أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدوا﴾.
قَالَ الْكَلْبِيُّ: يَعْنِي بِالْقَوْمِ: أَهْلَ مَكَّةَ؛ يَقُولُ: لَا تَعْتَدُوا عَلَيْهِمْ؛ لِأَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانَ هَذَا حِينَ صَدُّوهُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَام.
قَالَ مُحَمَّد: ﴿يجرمنكم﴾ حَقِيقَتُهُ فِي اللُّغَةِ: يُكْسِبَنَّكُمْ؛ يُقَالُ: فُلَانٌ جَارِمٌ أَهْلَهُ [وَجَرِمَةَ أَهْلَهُ] أَيْ: كَاسَبَهُمْ، وَتَقُولُ: جَرَمَنِي كَذَا؛ أَيْ: كَسَبَنِي كَذَا.
وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى: أجرمني.
7
                                                                    ﴿حر مت عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ يَعْنِي: مَا ذُبِحَ لِغَيْرِ اسْمِ اللَّهِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: أَصْلُ الْإِهْلَالِ: رَفْعُ الصَّوْتِ؛ فَكَأَنَّ الْمَعْنَى: مَا ذُكِرَ عِنْدَ ذَبْحِهِ غَيْرَ اسْمِ الله.
﴿والمنخنقة﴾ قَالَ الْحَسَنُ: هِيَ الَّتِي تَخْتَنِقُ فِي حُبُلِهَا فَتَمُوتُ، وَكَانُوا يَأْكُلُونَهَا ﴿والموقوذة﴾ كَانُوا يَضْرِبُونَهَا بِالْخَشَبَةِ حَتَّى تَمُوتَ، ثُمَّ يَأْكُلُونَهَا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: الْوَقْذَةُ: الضَّرْبَةُ؛ يُقَالُ: وَقَذْتُهَا أَقْذُهَا وَقْذًا، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى: أَوْقَذْتُهَا أُوقِذُهَا إيقاذاً.
                                                                                                                قَالَ مُحَمَّدٌ: أَصْلُ الْإِهْلَالِ: رَفْعُ الصَّوْتِ؛ فَكَأَنَّ الْمَعْنَى: مَا ذُكِرَ عِنْدَ ذَبْحِهِ غَيْرَ اسْمِ الله.
﴿والمنخنقة﴾ قَالَ الْحَسَنُ: هِيَ الَّتِي تَخْتَنِقُ فِي حُبُلِهَا فَتَمُوتُ، وَكَانُوا يَأْكُلُونَهَا ﴿والموقوذة﴾ كَانُوا يَضْرِبُونَهَا بِالْخَشَبَةِ حَتَّى تَمُوتَ، ثُمَّ يَأْكُلُونَهَا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: الْوَقْذَةُ: الضَّرْبَةُ؛ يُقَالُ: وَقَذْتُهَا أَقْذُهَا وَقْذًا، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى: أَوْقَذْتُهَا أُوقِذُهَا إيقاذاً.
7
                                                                    ﴿والمتردية﴾ الَّتِي تَتَرَدَّى فِي بِئْرٍ فَتَمُوتُ ﴿والنطيحة﴾ يَعْنِي: الْكَبْشَيْنِ [يَتَنَاطَحَانِ] فَيَمُوتُ أَحَدُهُمَا.
﴿وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذكيتم﴾ يَعْنِي: مَا أَدْرَكْتُمْ ذَكَاتَهُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ مَا خَلَا الْخِنْزِيرَ ﴿وَمَا ذبح على النصب﴾ حِجَارَةٌ كَانَتْ [يَعْبُدُهَا] أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَيَذْبَحُونَ لَهَا ﴿وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ﴾ قَالَ قَتَادَةُ: هِيَ الْقِدَاحُ كَانُوا يَسْتَقْسِمُونَ بِهَا فِي الْأُمُورِ، فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَخَذَ قَدَحًا؛ فَقَالَ: هَذَا يَأْمُرُنِي بِالْخُرُوجِ، وَيَأْخُذُ قَدَحًا آخَرَ فَيَقُولُ: هَذَا يَأْمُرُنِي بِالْمُكُوثِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: أُخِذَ الِاسْتِقْسَامُ مِنَ الْقَسَمِ، وَهُوَ النَّصِيبُ؛ فَكَأَنَّ الِاسْتِقْسَامَ طَلَبُ النَّصِيبِ.
﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ﴾ قَالَ الْحَسَنُ: يَئِسُوا [أَنْ] يَسْتَحِلُّوا فِيهِ مَا اسْتَحَلُّوا فِي دِينِهِمْ.
﴿فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾ قَالَ قَتَادَة: ذكر لنا أَنَّهَا نَزَلَتْ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، يَوْمَ عَرَفَةَ حِينَ [نَهَى] اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَأَخْلَصَ لِلْمُسْلِمِينَ حَجَّهُمْ.
يحيى: عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿الْيَوْمَ أكملت لكم دينكُمْ﴾ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ؛ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: لَوْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَيْنَا لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا. فَقَالَ ابْنُ
                                                                                                                ﴿وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذكيتم﴾ يَعْنِي: مَا أَدْرَكْتُمْ ذَكَاتَهُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ مَا خَلَا الْخِنْزِيرَ ﴿وَمَا ذبح على النصب﴾ حِجَارَةٌ كَانَتْ [يَعْبُدُهَا] أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَيَذْبَحُونَ لَهَا ﴿وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ﴾ قَالَ قَتَادَةُ: هِيَ الْقِدَاحُ كَانُوا يَسْتَقْسِمُونَ بِهَا فِي الْأُمُورِ، فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَخَذَ قَدَحًا؛ فَقَالَ: هَذَا يَأْمُرُنِي بِالْخُرُوجِ، وَيَأْخُذُ قَدَحًا آخَرَ فَيَقُولُ: هَذَا يَأْمُرُنِي بِالْمُكُوثِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: أُخِذَ الِاسْتِقْسَامُ مِنَ الْقَسَمِ، وَهُوَ النَّصِيبُ؛ فَكَأَنَّ الِاسْتِقْسَامَ طَلَبُ النَّصِيبِ.
﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ﴾ قَالَ الْحَسَنُ: يَئِسُوا [أَنْ] يَسْتَحِلُّوا فِيهِ مَا اسْتَحَلُّوا فِي دِينِهِمْ.
﴿فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾ قَالَ قَتَادَة: ذكر لنا أَنَّهَا نَزَلَتْ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، يَوْمَ عَرَفَةَ حِينَ [نَهَى] اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَأَخْلَصَ لِلْمُسْلِمِينَ حَجَّهُمْ.
يحيى: عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿الْيَوْمَ أكملت لكم دينكُمْ﴾ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ؛ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: لَوْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَيْنَا لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا. فَقَالَ ابْنُ
8
                                                                    عَبَّاسٍ: فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي يَوْمِ عِيدَيْنِ اثْنَيْنِ: يَوْمَ جُمُعَةٍ، وَيَوْمَ عَرَفَةَ ".
﴿فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ﴾ قَالَ قَتَادَةُ: أَيْ: فِي مَجَاعَةٍ؛ رَجَعَ إِلَى الْكَلَامِ الْأَوَّلِ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ﴿غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإثم﴾ أَي: يتعمده. سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٤) إِلَى الْآيَة (٥).
                                                                        ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ﴾ قَالَ قَتَادَةُ: أَيْ: فِي مَجَاعَةٍ؛ رَجَعَ إِلَى الْكَلَامِ الْأَوَّلِ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ﴿غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإثم﴾ أَي: يتعمده. سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٤) إِلَى الْآيَة (٥).
9
                                                                    ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أحل لكم الطَّيِّبَات﴾ يَعْنِي: الْحَلَالَ مِنَ الذَّبَائِحِ.
﴿وَمَا علمْتُم من الْجَوَارِح مكلبين﴾ أَيْ: مُضْرِينَ (تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا
                                                                                                                ﴿وَمَا علمْتُم من الْجَوَارِح مكلبين﴾ أَيْ: مُضْرِينَ (تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا
9
                                                                    علمكُم الله} قَالَ مُجَاهِدٌ: الْجَوَارِحُ هِيَ مِنَ الطَّيْرِ وَالْكِلَابِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: ﴿مُكَلِّبِينَ﴾ نُصِبَ عَلَى الْحَالِ؛ يُقَالُ: رَجُلٌ مُكَلِّبٌ وَكَلَّابٌ؛ إِذَا كَانَ صَاحِبَ صَيْدٍ بِالْكِلَابِ؛ الْمَعْنَى: وَأُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ مَا عَلَّمْتُمْ؛ وَهَذَا مِنَ الِاخْتِصَارِ [إِذْ كَانَ فِي الْكَلَامِ مَا] يَدُلُّ عَلَيْهِ.
﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ إِن الله سريع الْحساب﴾ قَالَ السّديّ: (ل ٧٩) يَعْنِي: كَأَنَّهُ قَدْ جَاءَ الْحِسَابُ.
                                                                        قَالَ مُحَمَّدٌ: ﴿مُكَلِّبِينَ﴾ نُصِبَ عَلَى الْحَالِ؛ يُقَالُ: رَجُلٌ مُكَلِّبٌ وَكَلَّابٌ؛ إِذَا كَانَ صَاحِبَ صَيْدٍ بِالْكِلَابِ؛ الْمَعْنَى: وَأُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ مَا عَلَّمْتُمْ؛ وَهَذَا مِنَ الِاخْتِصَارِ [إِذْ كَانَ فِي الْكَلَامِ مَا] يَدُلُّ عَلَيْهِ.
﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ إِن الله سريع الْحساب﴾ قَالَ السّديّ: (ل ٧٩) يَعْنِي: كَأَنَّهُ قَدْ جَاءَ الْحِسَابُ.
10
                                                                    ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾ يَعْنِي: ذَبَائِحَهُمْ ﴿وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ الْمُحْصنَات هَا هُنَا: الْحَرَائِرُ، وَلَا يَحِلُّ نِكَاحُ إِمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ ﴿إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ يَعْنِي: الصَّدَاقَ إِذَا [سُمِّيَ] لَهَا، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا إِيَّاهُ.
﴿مُحْصِنِينَ غير مسافحين﴾ يَعْنِي: نَاكِحِينَ غَيْرَ زَانِينَ ﴿وَلا متخذي أخدان﴾ يَعْنِي: الْخَلِيلَ وَالْخَلِيلَةَ فِي السِّرِّ.
﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عمله﴾ قَالَ قَتَادَةُ: لَمَّا نَزَلَ تَحْلِيلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رِجَالًا قَالُوا: كَيْفَ نَتَزَوَّجُ نِسَاءً عَلَى غَيْرِ دِينِنَا؟ فَأَنْزَلَ الله: ﴿وَمن يكفر بِالْإِيمَان﴾ الْآيَة. سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٦) فَقَط.
                                                                        ﴿مُحْصِنِينَ غير مسافحين﴾ يَعْنِي: نَاكِحِينَ غَيْرَ زَانِينَ ﴿وَلا متخذي أخدان﴾ يَعْنِي: الْخَلِيلَ وَالْخَلِيلَةَ فِي السِّرِّ.
﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عمله﴾ قَالَ قَتَادَةُ: لَمَّا نَزَلَ تَحْلِيلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رِجَالًا قَالُوا: كَيْفَ نَتَزَوَّجُ نِسَاءً عَلَى غَيْرِ دِينِنَا؟ فَأَنْزَلَ الله: ﴿وَمن يكفر بِالْإِيمَان﴾ الْآيَة. سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٦) فَقَط.
﴿يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاة﴾ الْآيَةَ.
يحيى: عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَدَعَا بِوُضُوءٍ. قَالَتْ: فَأَتَيْتُهُ بِإِنَاءٍ [فِيهِ مَاءٌ] قَدْرَ مُدٍّ وَثُلُثٍ (أَوْ مُدٍّ وَرُبُعٍ) فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي الْإِنَاءِ، ثُمَّ مضمض ثَلَاثًا، ثُمَّ مَضْمَضَ ثَلَاثًا، وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ مَا أَقْبَلَ مِنْهُ وَمَا أَدْبَرَ، وَمَسَحَ أُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ [ثَلَاثًا] قَالَتْ: فَأَتَانِي غلامٌ مِنْ بَنِي عَبْدُ الْمُطَّلِبِ - يَعْنِي: ابْنَ عَبَّاسٍ - فَحَدَّثْتُهُ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ: أَبَى النَّاسُ إِلَّا الْغَسْلَ، وَلَا أَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا الْمَسْحَ ".
                                                                                                                يحيى: عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَدَعَا بِوُضُوءٍ. قَالَتْ: فَأَتَيْتُهُ بِإِنَاءٍ [فِيهِ مَاءٌ] قَدْرَ مُدٍّ وَثُلُثٍ (أَوْ مُدٍّ وَرُبُعٍ) فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي الْإِنَاءِ، ثُمَّ مضمض ثَلَاثًا، ثُمَّ مَضْمَضَ ثَلَاثًا، وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ مَا أَقْبَلَ مِنْهُ وَمَا أَدْبَرَ، وَمَسَحَ أُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ [ثَلَاثًا] قَالَتْ: فَأَتَانِي غلامٌ مِنْ بَنِي عَبْدُ الْمُطَّلِبِ - يَعْنِي: ابْنَ عَبَّاسٍ - فَحَدَّثْتُهُ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ: أَبَى النَّاسُ إِلَّا الْغَسْلَ، وَلَا أَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا الْمَسْحَ ".
11
                                                                    ﴿وَإِن كُنْتُم جنبا فاطهروا﴾.
يَحْيَى: عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ (عَنِ الْحَسَنِ)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ؛ فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ، وَأَنْقُوا الْبَشَرَ ".
                                                                                                                يَحْيَى: عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ (عَنِ الْحَسَنِ)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ؛ فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ، وَأَنْقُوا الْبَشَرَ ".
12
                                                                    قَالَ مُحَمَّدٌ: يُقَالُ: رَجُلٌ جُنُبٌ، وَامْرَأَةٌ جُنُبٌ، وَكَذَلِكَ فِي التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ؛ هَذَا أَفْصَحُ اللُّغَاتِ. ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ إِلَى قَوْله: ﴿فامسحوا بوجوهكم وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ قَدْ مَضَى تَفْسِيرُهُ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ.
﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم من حرج﴾ أَيْ: مِنْ ضِيقٍ.
﴿وَلَكِنْ يُرِيدُ ليطهركم﴾ مِنَ الذُّنُوبِ ﴿وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تشكرون﴾ لكَي تشكروا؛ فتدخلوا الْجنَّة. سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٧) إِلَى الْآيَة (١٠)
                                                                        ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم من حرج﴾ أَيْ: مِنْ ضِيقٍ.
﴿وَلَكِنْ يُرِيدُ ليطهركم﴾ مِنَ الذُّنُوبِ ﴿وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تشكرون﴾ لكَي تشكروا؛ فتدخلوا الْجنَّة. سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٧) إِلَى الْآيَة (١٠)
13
                                                                    ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي واثقكم بِهِ﴾ وَهُوَ الْمِيثَاق الَّذِي أَخذ عَلَيْهِم فِي صلب آدم؛ وَتَفْسِيره فِي سُورَة الْأَعْرَاف.
                                                                    
                                                                        ﴿يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ﴾ بِالْعَدْلِ؛ وَهُيَ
                                                                            
                                                                                                                13
                                                                    الشَّهَادَةُ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ ﴿اعْدِلُوا هُوَ أقرب للتقوى﴾ أَي: فَإِنَّهُ من التَّقْوَى.
                                                                            
                                                                        14
                                                                    ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات لَهُم مغْفرَة﴾ أَيْ: وَفِي الْوَعْدِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ لذنوبهم. ﴿وَأجر عَظِيم﴾ الْجنَّة. سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (١١) إِلَى الْآيَة (١٣).
                                                                    
                                                                        ﴿يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم فَكف أَيْدِيكُم عَنْكُم﴾ قَالَ الْحَسَنُ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِبَطْنِ نَخْلٍ مُحَاصِرًا غَطْفَانَ، وَهُوَ مُتَقَلِّدٌ سَيْفَهُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ كَانَتْ قُرَيْشٌ قَدْ بَعَثَتْهُ لِيَفْتِكَ بِرَسُولِ اللَّهِ؛ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَرِنِي سَيْفَكَ هَذَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: هَاكَ.
فَأَخَذَهُ؛ فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى السَّيْفِ مَرَّةً، وَإِلَى رَسُولِ اللَّهِ مَرَّةً؛ فَقَالَ: أَمَا تَخَافُنِي يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: لَا. فَغَمَدَ سَيْفَهُ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه الرحيل ".
                                                                                                                كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِبَطْنِ نَخْلٍ مُحَاصِرًا غَطْفَانَ، وَهُوَ مُتَقَلِّدٌ سَيْفَهُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ كَانَتْ قُرَيْشٌ قَدْ بَعَثَتْهُ لِيَفْتِكَ بِرَسُولِ اللَّهِ؛ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَرِنِي سَيْفَكَ هَذَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: هَاكَ.
فَأَخَذَهُ؛ فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى السَّيْفِ مَرَّةً، وَإِلَى رَسُولِ اللَّهِ مَرَّةً؛ فَقَالَ: أَمَا تَخَافُنِي يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: لَا. فَغَمَدَ سَيْفَهُ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه الرحيل ".
14
                                                                    قَوْلِهِ: ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَن آمنُوا بِي وبرسولي﴾ يَعْنِي: وحيه إِلَى عِيسَى يَأْمُرهُم أَن يتبعوه
                                                                            
                                                                        54
                                                                    ﴿وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا﴾ قَالَ الْحَسَنُ: فَمَا ضَمِنُوا عَنْهُمْ مِنْ شَيْءٍ قَبِلُوهُ وَفَعَلُوهُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: النَّقِيبُ فِي اللُّغَةِ هُوَ كَالْأَمِينِ وَكَالْكَفِيلِ؛ يُقَالُ: نَقَبَ الرَّجُلُ عَلَى الْقَوْمِ يَنْقُبُ. قَالَ مُجَاهِدٌ: فَأَرْسَلَهُمْ مُوسَى إِلَى الْجَبَّارِينَ.
﴿وَقَالَ الله إِنِّي مَعكُمْ﴾ عَلَى الشَّرْطِ ﴿لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ﴾ أَيْ: نَصَرْتُمُوهُمْ ﴿وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حسنا﴾ يَعْنِي: الصَّدَقَةَ وَالنَّفَقَةَ فِي الْحَقِّ ﴿لأكفرن عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ﴾.
(ل ٨٠) قَالَ مُحَمَّدٌ: الْعَزَرُ فِي اللُّغَةِ مَعْنَاهُ: الرَّد فَتَأْوِيل: ﴿وعزرتموهم﴾: نَصَرْتُمُوهُمْ؛ بِأَنْ رَدَدْتُمْ عَنْهُمْ أَعْدَاءَهُمْ. وَتَقُولُ أَيْضًا: عَزَّرْتُ فُلَانًا؛ إِذَا أَدَّبْتَهُ، وَمَعْنَاهُ: فَعَلْتُ بِهِ مَا يَرْدَعُهُ عَنِ الْقَبِيحِ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: فَلَمَّا أَرْسَلَ مُوسَى مِنْ كُلِّ سِبْطٍ نَقِيبًا إِلَى الْجَبَّارِينَ وَجَدُوهُمْ يَدْخُلُ فِي كُمِّ أَحِدِهِمُ اثْنَانِ مِنْهُمْ، ثُمَّ يُلْقِيهِمْ إِلْقَاءً، فَرَجَعَ النُّقَبَاءُ كُلُّهُمْ يَنْهَى سِبْطَهُ عَنْ قِتَالِهِمْ، إِلَّا يُوشَعَ بْنَ نُونٍ وَكَالُوبَ؛ فَإِنَّهُمَا أَمَرَا الْأَسْبَاطَ بِقِتَالِ الْجَبَّارِينَ وَمُجَاهَدَتِهِمْ؛ فَعَصَوْهُمَا.
﴿فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيل﴾ يَعْنِي: قصد الطَّرِيق
                                                                        قَالَ مُحَمَّدٌ: النَّقِيبُ فِي اللُّغَةِ هُوَ كَالْأَمِينِ وَكَالْكَفِيلِ؛ يُقَالُ: نَقَبَ الرَّجُلُ عَلَى الْقَوْمِ يَنْقُبُ. قَالَ مُجَاهِدٌ: فَأَرْسَلَهُمْ مُوسَى إِلَى الْجَبَّارِينَ.
﴿وَقَالَ الله إِنِّي مَعكُمْ﴾ عَلَى الشَّرْطِ ﴿لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ﴾ أَيْ: نَصَرْتُمُوهُمْ ﴿وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حسنا﴾ يَعْنِي: الصَّدَقَةَ وَالنَّفَقَةَ فِي الْحَقِّ ﴿لأكفرن عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ﴾.
(ل ٨٠) قَالَ مُحَمَّدٌ: الْعَزَرُ فِي اللُّغَةِ مَعْنَاهُ: الرَّد فَتَأْوِيل: ﴿وعزرتموهم﴾: نَصَرْتُمُوهُمْ؛ بِأَنْ رَدَدْتُمْ عَنْهُمْ أَعْدَاءَهُمْ. وَتَقُولُ أَيْضًا: عَزَّرْتُ فُلَانًا؛ إِذَا أَدَّبْتَهُ، وَمَعْنَاهُ: فَعَلْتُ بِهِ مَا يَرْدَعُهُ عَنِ الْقَبِيحِ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: فَلَمَّا أَرْسَلَ مُوسَى مِنْ كُلِّ سِبْطٍ نَقِيبًا إِلَى الْجَبَّارِينَ وَجَدُوهُمْ يَدْخُلُ فِي كُمِّ أَحِدِهِمُ اثْنَانِ مِنْهُمْ، ثُمَّ يُلْقِيهِمْ إِلْقَاءً، فَرَجَعَ النُّقَبَاءُ كُلُّهُمْ يَنْهَى سِبْطَهُ عَنْ قِتَالِهِمْ، إِلَّا يُوشَعَ بْنَ نُونٍ وَكَالُوبَ؛ فَإِنَّهُمَا أَمَرَا الْأَسْبَاطَ بِقِتَالِ الْجَبَّارِينَ وَمُجَاهَدَتِهِمْ؛ فَعَصَوْهُمَا.
﴿فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيل﴾ يَعْنِي: قصد الطَّرِيق
﴿فبمَا نقضهم ميثاقهم﴾ (أَي: فبنقضهم ميثاقهم) ﴿لعناهم﴾ يَعْنِي بِاللَّعْنِ: الْمَسْخَ؛
                                                                            
                                                                                                                15
                                                                    فَجَعَلَ مِنْهُمْ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ مُسِخُوا فِي زَمَانِ دَاوُدَ قِرَدَةً، وَفِي زَمَانِ عِيسَى خَنَازِيرَ ﴿وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾ وَهُوَ مَا حَرَّفُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ.
﴿وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾ أَيْ: نَسُوا كِتَابَ اللَّهِ، وَضَيَّعُوا فَرَائِضَهُ، وَعَطَّلُوا حُدُودَهُ.
﴿وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلا قَلِيلا مِنْهُم﴾ يَعْنِي: مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: الْخَائِنَةُ وَالْخِيَانَةُ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْخَائِنَةُ صِفَةً لِلرَّجُلِ؛ كَمَا يُقَالُ: رَجُلٌ طَاغِيَةٌ، وَرَاوِيَةٌ لِلْحَدِيثِ.
﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ﴾ وَهَذَا مَنْسُوخ. سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (١٤) إِلَى الْآيَة (١٧)
                                                                        ﴿وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾ أَيْ: نَسُوا كِتَابَ اللَّهِ، وَضَيَّعُوا فَرَائِضَهُ، وَعَطَّلُوا حُدُودَهُ.
﴿وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلا قَلِيلا مِنْهُم﴾ يَعْنِي: مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: الْخَائِنَةُ وَالْخِيَانَةُ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْخَائِنَةُ صِفَةً لِلرَّجُلِ؛ كَمَا يُقَالُ: رَجُلٌ طَاغِيَةٌ، وَرَاوِيَةٌ لِلْحَدِيثِ.
﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ﴾ وَهَذَا مَنْسُوخ. سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (١٤) إِلَى الْآيَة (١٧)
16
                                                                    ﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخذنَا ميثاقهم﴾ أَيْ: كَمَا أَخَذْنَا مِيثَاقَ الْيَهُودِ ﴿فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾ هِيَ مِثْلُ الْأُولَى.
﴿فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَة﴾ أَيْ: أَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ ﴿وَالْبَغْضَاءَ﴾ قَالَ الْحَسَنُ: يَعْنِي بِهِ: عَامَّتَهُمْ.
قَالَ مُحَمَّد: ﴿أغرينا﴾ حَقِيقَتُهُ فِي اللُّغَةِ: أَلْصَقْنَا، وَتَأْوِيلُ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ؛ أَيْ: صَارُوا فِرَقًا؛ يكفر بَعضهم بَعْضًا.
                                                                        ﴿فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَة﴾ أَيْ: أَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ ﴿وَالْبَغْضَاءَ﴾ قَالَ الْحَسَنُ: يَعْنِي بِهِ: عَامَّتَهُمْ.
قَالَ مُحَمَّد: ﴿أغرينا﴾ حَقِيقَتُهُ فِي اللُّغَةِ: أَلْصَقْنَا، وَتَأْوِيلُ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ؛ أَيْ: صَارُوا فِرَقًا؛ يكفر بَعضهم بَعْضًا.
﴿يَا أهل الْكتاب قد جَاءَكُم رَسُولنَا﴾ قَالَ قَتَادَةُ: هُوَ مُحَمَّدٌ.
﴿يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ من الْكتاب﴾ يَعْنِي: مَا حَرَّفُوهُ مِنْهُ ﴿وَأَخْفَوُا الْحَقَّ فِيهِ﴾.
﴿وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ مِمَّا كَانَ حُرِّمَ عَلَيْهِمْ؛ أَيْ: يُحِلُّهُ لَهُمْ.
﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ الله نور وَكتاب مُبين﴾ يَعْنِي: الْقُرْآن
                                                                        ﴿يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ من الْكتاب﴾ يَعْنِي: مَا حَرَّفُوهُ مِنْهُ ﴿وَأَخْفَوُا الْحَقَّ فِيهِ﴾.
﴿وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ مِمَّا كَانَ حُرِّمَ عَلَيْهِمْ؛ أَيْ: يُحِلُّهُ لَهُمْ.
﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ الله نور وَكتاب مُبين﴾ يَعْنِي: الْقُرْآن
﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رضوانه سبل السَّلَام﴾ وَالسَّلَامُ هُوَ اللَّهُ؛ كَقَوْلِهِمْ: ﴿لَنَهْدِيَنَّهُمْ سبلنا﴾. سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (١٨) إِلَى الْآيَة (١٩).
                                                                    
                                                                        ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ الله وأحباؤه﴾ قَالَتِ الْيَهُودُ لِأَنْفُسِهَا، وَقَالَتِ النَّصَارَى لِأَنْفُسِهَا.
قَالَ الْحَسَنُ: يَقُولُونَ: قُرْبُنَا مِنَ اللَّهِ وَحُبُّهُ إِيَّانَا كَقُرْبِ الْوَلَدِ مِنْ وَالِدِهِ، وَكَحُبِّ الْوَالِدِ وَلَدَهُ؛ لَيْسَ عَلَى حَدِّ مَا قَالَتِ النَّصَارَى لِعِيسَى قَالَ اللَّهُ لِلنَّبِيِّ: ﴿قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ﴾ فَجَعَلَ مِنْكُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ، لَوْ كَانَ لَكُمْ هَذَا الْقُرْبُ، وَهَذِهِ الْمَحَبَّةُ مَا عَذَّبَكُمْ! ﴿بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاء﴾ للْمُؤْمِنين ﴿ويعذب من يَشَاء﴾ الْكَافرين.
                                                                        قَالَ الْحَسَنُ: يَقُولُونَ: قُرْبُنَا مِنَ اللَّهِ وَحُبُّهُ إِيَّانَا كَقُرْبِ الْوَلَدِ مِنْ وَالِدِهِ، وَكَحُبِّ الْوَالِدِ وَلَدَهُ؛ لَيْسَ عَلَى حَدِّ مَا قَالَتِ النَّصَارَى لِعِيسَى قَالَ اللَّهُ لِلنَّبِيِّ: ﴿قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ﴾ فَجَعَلَ مِنْكُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ، لَوْ كَانَ لَكُمْ هَذَا الْقُرْبُ، وَهَذِهِ الْمَحَبَّةُ مَا عَذَّبَكُمْ! ﴿بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاء﴾ للْمُؤْمِنين ﴿ويعذب من يَشَاء﴾ الْكَافرين.
﴿يَا أهل الْكتاب قد جَاءَكُم رَسُولنَا﴾ وَهُوَ مُحَمَّدٌ ﴿يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا﴾ لِئَلَّا تَقُولُوا ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فقد جَاءَكُم بشير﴾ ﴿يبشر﴾ بِالْجنَّةِ ﴿ونذير﴾ يُنْذِرُ مِنَ النَّارِ.
قَالَ قَتَادَةُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْفَتْرَةَ الَّتِي كَانَتْ مَا بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ سِتّمائَة سَنَةٍ، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ من ذَلِك. سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٢٠) إِلَى الْآيَة (٢٣).
                                                                        قَالَ قَتَادَةُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْفَتْرَةَ الَّتِي كَانَتْ مَا بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ سِتّمائَة سَنَةٍ، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ من ذَلِك. سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٢٠) إِلَى الْآيَة (٢٣).
﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ ملوكا﴾ تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ: جَعَلَ لَكُمْ أَزْوَاجًا وَخَدَمًا [وَبُيُوتًا]. قَالَ الْكَلْبِيُّ: وَكَانَ مِنْهُمْ فِي حَيَاةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ نَبِيًّا.
قَوْلُهُ: ﴿وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا من الْعَالمين﴾ يَعْنِي: مَا ظَلَّلَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْغَمَامِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى (وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ) مِمَّا أُوتُوا.
                                                                        قَوْلُهُ: ﴿وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا من الْعَالمين﴾ يَعْنِي: مَا ظَلَّلَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْغَمَامِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى (وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ) مِمَّا أُوتُوا.
﴿يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ﴾ يَعْنِي: الَّتِي بُورِكَ فِيهَا، وَهِيَ [الشَّام] ﴿الَّتِي كتب الله لكم﴾ أَنْ تَدْخُلُوهَا.
﴿وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أدباركم فتنقلبوا﴾ (ل ٨١) إِلَى الْآخِرَةِ ﴿خَاسِرِينَ﴾
                                                                        ﴿وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أدباركم فتنقلبوا﴾ (ل ٨١) إِلَى الْآخِرَةِ ﴿خَاسِرِينَ﴾
﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قوما جبارين﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْم الْفَاسِقين﴾ قَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانُوا بِجِبَالِ أَرِيحَا مِنَ الْأُرْدُنِ فَجَبُنَ الْقَوْمُ أَنْ يَدْخُلُوهَا؛ فَأَرْسَلُوا جَوَاسِيسَ مِنْ كُلِّ سِبْطٍ رَجُلًا؛ لِيَأْتُوهُمْ بِخَبَرِ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، فَدَخَلَ الِاثْنَا عَشَرَ؛ فَمَكَثُوا بِهَا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ خَرَجُوا، فَصَدَقَ اثْنَانِ
                                                                            
                                                                                                                19
                                                                    وَكَذَبَ عَشَرَةٌ، فَقَالَتِ الْعَشَرَةُ:
رَأَيْنَا أَرْضًا تَأْكُلُ أَهْلَهَا، وَرَأَيْنَا بِهَا حُصُونًا مَنِيعَةً، وَرَأَيْنَا رِجَالًا جَبَابِرَةً، يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ مِنْهُمْ مِائَةٌ مِنَّا، فَجَبُنَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا؛ فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ.
                                                                        رَأَيْنَا أَرْضًا تَأْكُلُ أَهْلَهَا، وَرَأَيْنَا بِهَا حُصُونًا مَنِيعَةً، وَرَأَيْنَا رِجَالًا جَبَابِرَةً، يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ مِنْهُمْ مِائَةٌ مِنَّا، فَجَبُنَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا؛ فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ.
20
                                                                    قَالَ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا:
يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَالْآَخَرُ: كَالُوبُ؛ وَهُمَا اللَّذَانِ قَالَ اللَّهُ: ﴿قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا﴾ بِمَخَافَتِهِمَا اللَّهَ: نَحْنُ أَعْلَمُ بِالْقَوْمِ مِنْ هَؤُلَاءِ؛ إِنَّ الْقَوْمَ قَدْ مُلِئُوا مِنَّا رُعْبًا.
﴿ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤمنين﴾. سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٢٤) إِلَى الْآيَة (٢٦).
                                                                        يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَالْآَخَرُ: كَالُوبُ؛ وَهُمَا اللَّذَانِ قَالَ اللَّهُ: ﴿قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا﴾ بِمَخَافَتِهِمَا اللَّهَ: نَحْنُ أَعْلَمُ بِالْقَوْمِ مِنْ هَؤُلَاءِ؛ إِنَّ الْقَوْمَ قَدْ مُلِئُوا مِنَّا رُعْبًا.
﴿ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤمنين﴾. سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٢٤) إِلَى الْآيَة (٢٦).
﴿قَالُوا يَا مُوسَى﴾ أَيُكَذَّبُ مِنَّا عَشَرَةٌ وَيُصَدَّقُ اثْنَانِ؟! ﴿إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا داموا فِيهَا﴾ الْآيَةَ، وَكَانَ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم (حديداً)
                                                                    
                                                                        فَقَالَ: ﴿رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفسِي وَأخي﴾ أَيْ: وَأَخِي لَا يَمْلِكُ إِلَّا نَفْسَهُ ﴿فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقين﴾ يَعْنِي: قومه.
                                                                    
                                                                        قَالَ اللَّهُ لِمُوسَى إِذْ سَمَّيْتَهُمْ فَاسِقِينَ: ﴿فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تأس﴾ فَلَا تَحْزَنْ ﴿عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾ فَتَاهُوا
                                                                            
                                                                                                                20
                                                                    أَرْبَعِينَ سَنَةً.
قَالَ الْكَلْبِيُّ:
لَمَّا قَالُوا: إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا، قَالَ اللَّهُ: فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً. قَالَ: فَلَمْ يَدْخُلْهَا أحدٌ مِمَّنْ كَانَ مَعَ مُوسَى، هَلَكُوا (أَجْمَعُونَ) فِي التِّيهِ إِلَّا رَجُلَيْنِ: يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَكَالُوبُ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ فِي تِلْكَ الْأَرْبَعِينَ سَنَةً الْمَنَّ وَالسَّلْوَى، وَثِيَابًا لَا تُخَرَّقُ وَلَا تُدَنَّسُ تَشِبُّ مَعَ الصَّغِيرِ، وَخِفَافًا لَا تُخَرَّقُ، فَكَانَ لَهُمْ ذَلِكَ فِي تِيهِهِمْ؛ حَتَّى دَخَلُوا أَرِيحَا.
قَالَ يحيى: دَخَلَهَا أَبْنَاؤُهُمْ، وَيُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَكَالُوبُ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: وَمَعْنَى ﴿يتيهون فِي الأَرْض﴾ كَانُوا يُصْبِحُونَ حَيْثُ يُمْسُونَ، ويُمْسُونَ حَيْثُ يُصْبِحُونَ، وَفِي تِيهِهِمْ ذَلِكَ ضرب لَهُم مُوسَى الْحجر. سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٢٧) إِلَى الْآيَة (٣١).
                                                                        قَالَ الْكَلْبِيُّ:
لَمَّا قَالُوا: إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا، قَالَ اللَّهُ: فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً. قَالَ: فَلَمْ يَدْخُلْهَا أحدٌ مِمَّنْ كَانَ مَعَ مُوسَى، هَلَكُوا (أَجْمَعُونَ) فِي التِّيهِ إِلَّا رَجُلَيْنِ: يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَكَالُوبُ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ فِي تِلْكَ الْأَرْبَعِينَ سَنَةً الْمَنَّ وَالسَّلْوَى، وَثِيَابًا لَا تُخَرَّقُ وَلَا تُدَنَّسُ تَشِبُّ مَعَ الصَّغِيرِ، وَخِفَافًا لَا تُخَرَّقُ، فَكَانَ لَهُمْ ذَلِكَ فِي تِيهِهِمْ؛ حَتَّى دَخَلُوا أَرِيحَا.
قَالَ يحيى: دَخَلَهَا أَبْنَاؤُهُمْ، وَيُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَكَالُوبُ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: وَمَعْنَى ﴿يتيهون فِي الأَرْض﴾ كَانُوا يُصْبِحُونَ حَيْثُ يُمْسُونَ، ويُمْسُونَ حَيْثُ يُصْبِحُونَ، وَفِي تِيهِهِمْ ذَلِكَ ضرب لَهُم مُوسَى الْحجر. سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٢٧) إِلَى الْآيَة (٣١).
21
                                                                    ﴿واتل عَلَيْهِم﴾ اقْرَأْ عَلَيْهِمْ ﴿نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ﴾ أَيْ: خَبَرَهُمَا: ﴿إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا﴾ الْآيَةَ.
قَالَ الْكَلْبِيُّ:
كَانَتْ حَوَّاءُ تَلِدُ فِي [كُلِّ] بَطْنٍ اثْنَيْنِ: غُلَامًا وَجَارِيَةً؛ فَوَلَدَتْ فِي أَوَّلِ بَطْنٍ قَابِيلَ وَأُخْتَهُ، وَفِي الْبَطْنِ الثَّانِي هَابِيلَ وَأُخْتَهُ؛ فَلَمَّا أَدْرَكُوا، أُمِرَ آدَمُ أَنْ يَنْكِحَ قَابِيلُ أُخْتَ هَابِيلَ، وَهَابِيلُ أُخْتَ قَابِيلَ؛ فَقَالَ آدَمُ لِامْرَأَتِهِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ، فَذَكَرَتْهُ لِابْنَيْهَا فَرَضِيَ هَابِيلُ بِالَّذِي أُمِرَ بِهِ وَسَخِطَ قَابِيلُ لِأَنَّ أُخْتَهُ كَانَتْ أَحْسَنَهُمَا؛ فَقَالَ: مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهَذَا قَطُّ، وَلَكِنَّ هَذَا عَنْ أَمْرِكَ يَا آدَمُ ﴿قَالَ آدَمُ: فَقَرِّبَا قُرْبَانَكُمَا؛ فَأَيُّكُمَا كَانَ أَحَقَّ بِهَا، أَنْزَلَ اللَّهُ نَارًا مِنَ السَّمَاءِ فَأَكَلَتِ الْقُرْبَانَ. فَرَضِيَا بِذَلِكَ؛ فَعَمَدَ هَابِيلُ، وَكَانَ صَاحِبَ مَاشِيَةٍ إِلَى خَيْرِ غِذَاءٍ غَنَمِهِ وَزُبْدٍ وَلَبَنٍ، وَكَانَ قَابِيلُ زَرَّاعًا فَأَخَذَ مِنَ ثَمَرِ زَرْعِهِ، ثُمَّ صَعِدَا الْجَبَلَ وَآدَمُ مَعَهُمَا، فَوَضَعَا الْقُرْبَانَ عَلَى الْجَبَلِ فَدَعَا آدَمُ رَبَّهُ، وَقَالَ قَابِيلُ فِي نَفْسِهِ: مَا أَدْرِي أَيُقْبَلُ مِنِّي أَمْ لَا؟ لَا يَنْكِحُ هَابِيلُ أُخْتِي أَبَدًا، فَنَزَلَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْ قُرْبَانَ هَابِيلَ، وَتَجَنَّبَتْ قُرْبَانَ قَابِيلَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ زَاكِيَ الْقَلْبِ، فَنَزَلُوا مِنَ الْجَبَلِ [فَانْطَلَقَ قَابِيلُ إِلَى هَابِيلَ وَهُوَ فِي غَنَمِهِ فَقَالَ: لَأَقْتُلَنَّكَ] قَالَ: لِمَ؟﴾ قَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَقَبَّلَ مِنْكَ، وَرَدَّ عَلَيَّ قُرْبَانِي، [وَتَنْكِحُ أُخْتِيَ الْحُسْنَى، وَأَنْكِحُ أُخْتَكَ الْقَبِيحَةَ] وَيَتَحَدَّثُ النَّاسُ بَعْدَ الْيَوْمِ أَنَّكَ خَيْرٌ مني.
                                                                        قَالَ الْكَلْبِيُّ:
كَانَتْ حَوَّاءُ تَلِدُ فِي [كُلِّ] بَطْنٍ اثْنَيْنِ: غُلَامًا وَجَارِيَةً؛ فَوَلَدَتْ فِي أَوَّلِ بَطْنٍ قَابِيلَ وَأُخْتَهُ، وَفِي الْبَطْنِ الثَّانِي هَابِيلَ وَأُخْتَهُ؛ فَلَمَّا أَدْرَكُوا، أُمِرَ آدَمُ أَنْ يَنْكِحَ قَابِيلُ أُخْتَ هَابِيلَ، وَهَابِيلُ أُخْتَ قَابِيلَ؛ فَقَالَ آدَمُ لِامْرَأَتِهِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ، فَذَكَرَتْهُ لِابْنَيْهَا فَرَضِيَ هَابِيلُ بِالَّذِي أُمِرَ بِهِ وَسَخِطَ قَابِيلُ لِأَنَّ أُخْتَهُ كَانَتْ أَحْسَنَهُمَا؛ فَقَالَ: مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهَذَا قَطُّ، وَلَكِنَّ هَذَا عَنْ أَمْرِكَ يَا آدَمُ ﴿قَالَ آدَمُ: فَقَرِّبَا قُرْبَانَكُمَا؛ فَأَيُّكُمَا كَانَ أَحَقَّ بِهَا، أَنْزَلَ اللَّهُ نَارًا مِنَ السَّمَاءِ فَأَكَلَتِ الْقُرْبَانَ. فَرَضِيَا بِذَلِكَ؛ فَعَمَدَ هَابِيلُ، وَكَانَ صَاحِبَ مَاشِيَةٍ إِلَى خَيْرِ غِذَاءٍ غَنَمِهِ وَزُبْدٍ وَلَبَنٍ، وَكَانَ قَابِيلُ زَرَّاعًا فَأَخَذَ مِنَ ثَمَرِ زَرْعِهِ، ثُمَّ صَعِدَا الْجَبَلَ وَآدَمُ مَعَهُمَا، فَوَضَعَا الْقُرْبَانَ عَلَى الْجَبَلِ فَدَعَا آدَمُ رَبَّهُ، وَقَالَ قَابِيلُ فِي نَفْسِهِ: مَا أَدْرِي أَيُقْبَلُ مِنِّي أَمْ لَا؟ لَا يَنْكِحُ هَابِيلُ أُخْتِي أَبَدًا، فَنَزَلَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْ قُرْبَانَ هَابِيلَ، وَتَجَنَّبَتْ قُرْبَانَ قَابِيلَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ زَاكِيَ الْقَلْبِ، فَنَزَلُوا مِنَ الْجَبَلِ [فَانْطَلَقَ قَابِيلُ إِلَى هَابِيلَ وَهُوَ فِي غَنَمِهِ فَقَالَ: لَأَقْتُلَنَّكَ] قَالَ: لِمَ؟﴾ قَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَقَبَّلَ مِنْكَ، وَرَدَّ عَلَيَّ قُرْبَانِي، [وَتَنْكِحُ أُخْتِيَ الْحُسْنَى، وَأَنْكِحُ أُخْتَكَ الْقَبِيحَةَ] وَيَتَحَدَّثُ النَّاسُ بَعْدَ الْيَوْمِ أَنَّكَ خَيْرٌ مني.
فَقَالَ لَهُ هَابِيلُ: ﴿لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بباسط يَدي إِلَيْك لأقتلك﴾ (ل ٨٢)
                                                                    
                                                                        ﴿إِنِّي أُرِيد أَن تبوء﴾ ترجع ﴿بإثمي وإثمك﴾ قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي: بِإِثْمِي: قَتْلِي، وَإِثْمِكَ: الَّذِي مَضَى؛ يَعْنِي: مِنْ قبل قَتْلِي.
                                                                    
                                                                        ﴿فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي: فَشَجَّعَتْهُ نَفْسُهُ فَقتله ﴿فَأصْبح من الخاسرين﴾ الَّذِينَ خَسِرُوا الْجَنَّةَ.
يحيى: عَنْ خَالِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
إِنَّ اللَّهَ ضَرَبَ لَكُمُ ابْنَيْ آدَمَ مَثَلًا؛ فَخُذُوا بِخَيْرِهِمَا، ودعوا شرهما ".
                                                                        يحيى: عَنْ خَالِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
إِنَّ اللَّهَ ضَرَبَ لَكُمُ ابْنَيْ آدَمَ مَثَلًا؛ فَخُذُوا بِخَيْرِهِمَا، ودعوا شرهما ".
﴿فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْض﴾ الْآيَةَ.
قَالَ الْكَلْبِيُّ:
وَكَانَ قَتَلَهُ عَشِيَّةً، وَغَدَا إِلَيْهِ غَدْوَةً لِيَنْظُرَ مَا فَعَلَ؛ فَإِذَا هُوَ بِغُرَابٍ حَيٍّ يَحْثِي التُّرَابَ عَلَى غُرَابٍ مَيْتٍ، فَقَالَ: ﴿يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فأواري سوءة أخي﴾ كَمَا يُوَارِي هَذَا الْغُرَابُ سَوْءَةَ أَخِيهِ ﴿﴾ فَدَعَا بِالْوَيْلِ، وَأَصْبَحَ مِنَ النادمين.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٣٢) فَقَط.
                                                                        قَالَ الْكَلْبِيُّ:
وَكَانَ قَتَلَهُ عَشِيَّةً، وَغَدَا إِلَيْهِ غَدْوَةً لِيَنْظُرَ مَا فَعَلَ؛ فَإِذَا هُوَ بِغُرَابٍ حَيٍّ يَحْثِي التُّرَابَ عَلَى غُرَابٍ مَيْتٍ، فَقَالَ: ﴿يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فأواري سوءة أخي﴾ كَمَا يُوَارِي هَذَا الْغُرَابُ سَوْءَةَ أَخِيهِ ﴿﴾ فَدَعَا بِالْوَيْلِ، وَأَصْبَحَ مِنَ النادمين.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٣٢) فَقَط.
﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْض﴾ يَعْنِي: مَا تَسْتَوْجِبُ بِهِ الْقَتْلَ ﴿فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ قَالَ الْحَسَنُ: مِنْ إِحْيَائِهَا أَنْ يُنَجِّيَهَا مِنَ
                                                                            
                                                                                                                23
                                                                    الْقَوَدِ، فَيَعْفُوَ عَنْهَا، أَوْ يُفَادِيَهَا مِنَ الْعُدْوَانِ، وَيُنَجِّيَهَا مِنَ الْغَرَقِ، وَمِنَ الْحَرْقِ، وَمِنَ السَّبُعِ، وَأَفْضَلُ إِحْيَائِهَا أَنْ يُنَجِّيَهَا مِنْ كُفْرِهَا وَضَلَالَتِهَا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: ذَكَرَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاس جَمِيعًا﴾ أَيْ: يُعَذَّبُ كَمَا يُعَذَّبُ قَاتِلُ النَّاسِ جَمِيعًا. وَمَنْ أَحْيَاهَا أُجِرَ فِي إِحْيَائِهَا؛ كَمَا يُؤْجَرُ مَنْ أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا.
يحيى: عَنِ الْمُعَلَّى، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ قَابُوسِ بْنِ الْمُخَارِقِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أَرَأَيْتَ إِنْ عَرَضَ لِي رَجُلٌ يُرِيدُ نَفْسِي وَمَالِي، فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: تُنَاشِدُهُ بِاللَّهِ. قَالَ: نَشَدْتُهُ بِاللَّه فل يَنْتَهِ. قَالَ: اسْتَعْدِ عَلَيْهِ السُّلْطَانَ. قَالَ: لَيْسَ بِحَضْرَتِنَا سُلْطَانٌ.
قَالَ: اسْتَعِنْ عَلَيْهِ بِالْمُسْلِمِينَ. قَالَ: نَحْنُ بفلاةٍ مِنَ الْأَرْضِ لَيْسَ قُرْبَنَا أحدٌ.
قَالَ: فَجَاهِدْهُ دُونَ مَالِكَ حَتَّى تَمْنَعَهُ، أَوْ تُكْتَبَ فِي شُهَدَاءِ الْآخِرَةِ ".
                                                                                                                قَالَ مُحَمَّدٌ: ذَكَرَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاس جَمِيعًا﴾ أَيْ: يُعَذَّبُ كَمَا يُعَذَّبُ قَاتِلُ النَّاسِ جَمِيعًا. وَمَنْ أَحْيَاهَا أُجِرَ فِي إِحْيَائِهَا؛ كَمَا يُؤْجَرُ مَنْ أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا.
يحيى: عَنِ الْمُعَلَّى، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ قَابُوسِ بْنِ الْمُخَارِقِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أَرَأَيْتَ إِنْ عَرَضَ لِي رَجُلٌ يُرِيدُ نَفْسِي وَمَالِي، فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: تُنَاشِدُهُ بِاللَّهِ. قَالَ: نَشَدْتُهُ بِاللَّه فل يَنْتَهِ. قَالَ: اسْتَعْدِ عَلَيْهِ السُّلْطَانَ. قَالَ: لَيْسَ بِحَضْرَتِنَا سُلْطَانٌ.
قَالَ: اسْتَعِنْ عَلَيْهِ بِالْمُسْلِمِينَ. قَالَ: نَحْنُ بفلاةٍ مِنَ الْأَرْضِ لَيْسَ قُرْبَنَا أحدٌ.
قَالَ: فَجَاهِدْهُ دُونَ مَالِكَ حَتَّى تَمْنَعَهُ، أَوْ تُكْتَبَ فِي شُهَدَاءِ الْآخِرَةِ ".
24
                                                                    ﴿وَلَقَد جَاءَتْهُم رسلنَا بِالْبَيِّنَاتِ﴾ يَعْنِي: أَهْلَ الْكِتَابِ ﴿ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْض لمسرفون﴾ لَمُشْرِكُونَ؛ يَعْنِي: مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ مِنْهُم.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٣٣) إِلَى الْآيَة (٣٥).
                                                                        سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٣٣) إِلَى الْآيَة (٣٥).
25
                                                                    ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُوله﴾ الْآيَةَ.
يحيى: عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:
أَنَّ نَاسًا مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ الْمَدِينَةَ وَأَسْلَمُوا، وَاسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَخْرُجُوا فِي إِبِلٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ؛ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَفَعَلُوا حَتَّى صَحُّوا؛ فَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ، وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ فِي طَلَبِهِمْ، فَأُتِيَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، وَتَرَكَهُمْ فِي الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا ".
                                                                                                                يحيى: عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:
أَنَّ نَاسًا مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ الْمَدِينَةَ وَأَسْلَمُوا، وَاسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَخْرُجُوا فِي إِبِلٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ؛ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَفَعَلُوا حَتَّى صَحُّوا؛ فَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ، وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ فِي طَلَبِهِمْ، فَأُتِيَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، وَتَرَكَهُمْ فِي الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا ".
25
                                                                    قَالَ قَتَادَةُ: وَكَانَ هَذَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ الْحُدُودُ.
يحيى: عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْءَمَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
أَنَّهُ لَمَّا جِيءَ بِهِمْ؛ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله﴾ الْآيَةَ ".
قَالَ يحيى: سَأَلْتُ الْجَهْمَ بْنَ وَرَّادٍ الْكُوفِيَّ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿من خلاف﴾ فَقَالَ: يَدُهُ الْيُمْنَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَمَعْنَى ﴿أَوْ ينفوا من الأَرْض﴾ (أَنْ يُعْجِزُوا فَلَا يُقْدَرُ عَلَيْهِمْ).
                                                                        يحيى: عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْءَمَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
أَنَّهُ لَمَّا جِيءَ بِهِمْ؛ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله﴾ الْآيَةَ ".
قَالَ يحيى: سَأَلْتُ الْجَهْمَ بْنَ وَرَّادٍ الْكُوفِيَّ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿من خلاف﴾ فَقَالَ: يَدُهُ الْيُمْنَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَمَعْنَى ﴿أَوْ ينفوا من الأَرْض﴾ (أَنْ يُعْجِزُوا فَلَا يُقْدَرُ عَلَيْهِمْ).
26
                                                                    ﴿إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَن تقدروا عَلَيْهِم﴾ الْآيَةَ.
قَالَ قَتَادَةُ: نَزَلْتُ فِي أهل الشّرك خَاصَّة.
                                                                        قَالَ قَتَادَةُ: نَزَلْتُ فِي أهل الشّرك خَاصَّة.
﴿يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَة﴾ قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي: تَقَرَّبُوا إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ وَالْعَمَل بِمَا يرضيه.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٣٦) إِلَى الْآيَة (٤٠).
                                                                        سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٣٦) إِلَى الْآيَة (٤٠).
﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هم بِخَارِجِينَ مِنْهَا﴾ قَالَ الْحَسَنُ: كُلَّمَا رَفَعَتْهُمْ بِمَسَّهَا حَتَّى يَصِيرُوا إِلَى أَعْلَاهَا أُعِيدُوا فِيهَا.
                                                                    
                                                                        ﴿ يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ﴾ قال الحسن : كلما رفعتهم بمسها حتى يصيروا إلى أعلاها أعيدوا فيها. 
                                                                    
                                                                        ﴿وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا﴾ هِيَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: " فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا " ﴿جَزَاءً بِمَا كَسَبَا﴾ (ل ٨٣) بِمَا عَمِلَا ﴿نَكَالا مِنَ اللَّهِ﴾ يَعْنِي: عُقُوبَةً.
يحيى: عَنِ الْمُعَلَّى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ آدَمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: " قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ يَدَ سَارِقٍ مِنَ الْكُوعِ وَحَسَمَهَا ".
يحيى: عَنِ النَّضْرِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ:
مُرَّ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ بِرَجُلٍ قَدْ أُخِذَ فِي حدٍّ فَسَبُّوهُ، فَقَالَ: لَا تَسُّبُوهُ! وَلَكِنِ احْمَدُوا اللَّهَ الَّذِي نَجَّاكُمْ ".
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٤١) فَقَط.
                                                                        يحيى: عَنِ الْمُعَلَّى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ آدَمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: " قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ يَدَ سَارِقٍ مِنَ الْكُوعِ وَحَسَمَهَا ".
يحيى: عَنِ النَّضْرِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ:
مُرَّ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ بِرَجُلٍ قَدْ أُخِذَ فِي حدٍّ فَسَبُّوهُ، فَقَالَ: لَا تَسُّبُوهُ! وَلَكِنِ احْمَدُوا اللَّهَ الَّذِي نَجَّاكُمْ ".
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٤١) فَقَط.
﴿يَا أَيهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ﴾ وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ يَقُولُ: لَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُمْ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَضُّرُكَ، إِنَّمَا ضُرُّهُ عَلَيْهِمْ.
ثُمَّ قَالَ: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ﴾ أَيْ: يَقُولُ الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ﴿إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ الله فتنته﴾ يَعْنِي: ضَلَالَتَهُ. إِلَى قَوْلِهِ: ﴿لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خزي﴾ يَعْنِي: الْجِزْيَةَ.
قَالَ قَتَادَةُ:
وَكَانَ هَذَا فِي قَتِيلٍ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، قَتَلَتْهُ النَّضِيرُ، وَكَانَ قَتِيلَ عَمْدٍ، وَكَانَ النَّضِيرُ إِذَا قَتَلَتْ مِنْ قُرَيْظَةَ قَتِيلًا لَمْ يُعْطُوهُمُ الْقَوَدَ وَيُعْطُوهُمُ الدِّيَةَ، وَإِذَا قَتَلَتْ قُرَيْظَةُ مِنَ النَّضِيرِ قَتِيلًا لَمْ يَرْضَوْا دُونَ الْقَوَدِ؛ فَكَانُوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى قَدِمَ نَبِيُّ اللَّهِ الْمَدِينَةَ بِأَثَرِ قَتِيلِهِمْ؛ فَأَرَادُوا أَنْ يَرْفَعُوا ذَلِكَ إِلَيْهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: إِنَّ قَتِيلَكُمْ قَتِيلُ عَمْدٍ، وَإِنَّكُمْ مَتَى تَرْفَعُوهُ إِلَى محمدٍ أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْقَوَدَ؛ فَإِنْ قَبِلَ مِنْكُمُ الدِّيَةَ وَإِلَّا فَكُونُوا مِنْهُ عَلَى حَذَرٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٤٢) إِلَى الْآيَة (٤٣).
                                                                        ثُمَّ قَالَ: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ﴾ أَيْ: يَقُولُ الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ﴿إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ الله فتنته﴾ يَعْنِي: ضَلَالَتَهُ. إِلَى قَوْلِهِ: ﴿لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خزي﴾ يَعْنِي: الْجِزْيَةَ.
قَالَ قَتَادَةُ:
وَكَانَ هَذَا فِي قَتِيلٍ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، قَتَلَتْهُ النَّضِيرُ، وَكَانَ قَتِيلَ عَمْدٍ، وَكَانَ النَّضِيرُ إِذَا قَتَلَتْ مِنْ قُرَيْظَةَ قَتِيلًا لَمْ يُعْطُوهُمُ الْقَوَدَ وَيُعْطُوهُمُ الدِّيَةَ، وَإِذَا قَتَلَتْ قُرَيْظَةُ مِنَ النَّضِيرِ قَتِيلًا لَمْ يَرْضَوْا دُونَ الْقَوَدِ؛ فَكَانُوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى قَدِمَ نَبِيُّ اللَّهِ الْمَدِينَةَ بِأَثَرِ قَتِيلِهِمْ؛ فَأَرَادُوا أَنْ يَرْفَعُوا ذَلِكَ إِلَيْهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: إِنَّ قَتِيلَكُمْ قَتِيلُ عَمْدٍ، وَإِنَّكُمْ مَتَى تَرْفَعُوهُ إِلَى محمدٍ أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْقَوَدَ؛ فَإِنْ قَبِلَ مِنْكُمُ الدِّيَةَ وَإِلَّا فَكُونُوا مِنْهُ عَلَى حَذَرٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٤٢) إِلَى الْآيَة (٤٣).
ثُمَّ قَالَ: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ للسحت﴾ يَعْنِي: [الْيَهُودَ] وَالسُّحْتُ الرُّشَا.
﴿فَإِنْ جاءوك فاحكم بَينهم﴾ الْآيَةَ. قَالَ قَتَادَةُ: رُخِّصَ لَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ، أَوْ يُعْرِضَ عَنْهُمْ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بَعْدُ؛ فَقَالَ: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْك الْكتب بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ من الْكتب وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ فَنَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْآيَةَ الْأُولَى.
قَالَ مُحَمَّدٌ: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿سَمَّاعُونَ للكذب﴾ أَيْ: قَائِلُونَ لَهُ، وَمَعْنَى ﴿مِنْ بعد موَاضعه﴾ مِنْ بَعْدِ أَنْ وَضَعَهُ اللَّهُ مَوْضِعَهُ؛ فَأَحَلَّ حَلَالَهُ، وَحَرَّمَ حَرَامَهُ.
                                                                        ﴿فَإِنْ جاءوك فاحكم بَينهم﴾ الْآيَةَ. قَالَ قَتَادَةُ: رُخِّصَ لَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ، أَوْ يُعْرِضَ عَنْهُمْ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بَعْدُ؛ فَقَالَ: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْك الْكتب بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ من الْكتب وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ فَنَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْآيَةَ الْأُولَى.
قَالَ مُحَمَّدٌ: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿سَمَّاعُونَ للكذب﴾ أَيْ: قَائِلُونَ لَهُ، وَمَعْنَى ﴿مِنْ بعد موَاضعه﴾ مِنْ بَعْدِ أَنْ وَضَعَهُ اللَّهُ مَوْضِعَهُ؛ فَأَحَلَّ حَلَالَهُ، وَحَرَّمَ حَرَامَهُ.
﴿وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حكم الله﴾ الْآيَةَ. قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي: عِنْدَهُمْ بَيَانُ مَا تَشَاجَرُوا فِيهِ مِنْ شَأْنِ قَتِيلِهِمْ؛ أَيْ: إِنَّ فِي التَّوْرَاة أَن النَّفس بِالنَّفسِ.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٤٤) إِلَى الْآيَة (٤٥).
                                                                        سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٤٤) إِلَى الْآيَة (٤٥).
﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلمُوا﴾ أَيْ: يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الْمُسْلِمُونَ ﴿للَّذين هادوا والربانيون والأحبار﴾ قَالَ قَتَادَةُ: الرَّبَّانِيُّونَ: فُقَهَاءُ الْيَهُودِ، وَالْأَحْبَارُ: عُلَمَاؤُهُمْ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَقِيلَ: الرَّبَّانِيُّونَ: الْعُبَّادُ.
﴿فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ﴾ فِي إِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى أَهْلِهَا من كَانُوا ﴿واخشون﴾ فِي تَرْكِ إِقَامَتِهَا.
﴿وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلا وَمَنْ لَمْ يحكم بِمَا أنزل الله﴾ قَالَ الْحَسَنُ: يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَتَّخِذْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دِينًا وَيُقِرَّ بِهِ ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾.
                                                                        قَالَ مُحَمَّدٌ: وَقِيلَ: الرَّبَّانِيُّونَ: الْعُبَّادُ.
﴿فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ﴾ فِي إِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى أَهْلِهَا من كَانُوا ﴿واخشون﴾ فِي تَرْكِ إِقَامَتِهَا.
﴿وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلا وَمَنْ لَمْ يحكم بِمَا أنزل الله﴾ قَالَ الْحَسَنُ: يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَتَّخِذْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دِينًا وَيُقِرَّ بِهِ ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾.
﴿وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا﴾ يُرِيدُ: التَّوْرَاةَ ﴿أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ إِلَى قَوْله: ﴿والجروح قصاص﴾ وَهَذِهِ الْآيَةُ مَفْرُوضَةٌ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَكُلُّ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ؛ أَنَّهُ أَنْزَلَهُ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَنْسَخْهُ بِالْقُرْآنِ فَهُوَ ثَابِتٌ يُعْمَلُ بِهِ.
﴿فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ﴾ قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي: كَفَّارَةً لِذَنْبِهِ.
يحيى: عَنِ الْمُعَلَّى، عَنْ أَبَانٍ، عَنِ الشِّعْبِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ:
سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ﴾
                                                                                                                ﴿فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ﴾ قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي: كَفَّارَةً لِذَنْبِهِ.
يحيى: عَنِ الْمُعَلَّى، عَنْ أَبَانٍ، عَنِ الشِّعْبِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ:
سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ﴾
30
                                                                    قَالَ:
هُوَ الرَّجُلُ تُكْسَرُ سِنُّهُ، أَوْ يُجْرَحُ فِي جَسَدِهِ؛ فَيَعْفُو فَيُحَطُّ عَنْهُ مِنْ خَطَايَاهُ بِقَدْرِ مَا عَفَا عَنْهُ؛ إِنْ كَانَ نِصْفَ الدِّيَةِ فَنِصْفُ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَ رُبُعَ الدِّيَةِ فَرُبُعُ خَطَايَاهُ، وَإِن كَانَ ثلث (ل ٨٤) الدِّيَة فثلث خطاياه، وَإِن كَانَت الدِّيَة كلهَا فخطاياه كلهَا ".
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٤٦) إِلَى الْآيَة (٤٧).
                                                                        هُوَ الرَّجُلُ تُكْسَرُ سِنُّهُ، أَوْ يُجْرَحُ فِي جَسَدِهِ؛ فَيَعْفُو فَيُحَطُّ عَنْهُ مِنْ خَطَايَاهُ بِقَدْرِ مَا عَفَا عَنْهُ؛ إِنْ كَانَ نِصْفَ الدِّيَةِ فَنِصْفُ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَ رُبُعَ الدِّيَةِ فَرُبُعُ خَطَايَاهُ، وَإِن كَانَ ثلث (ل ٨٤) الدِّيَة فثلث خطاياه، وَإِن كَانَت الدِّيَة كلهَا فخطاياه كلهَا ".
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٤٦) إِلَى الْآيَة (٤٧).
31
                                                                    ﴿وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَم﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ الْفسق هَا هُنَا: الشِّرْكُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَمَعْنَى ﴿قَفَّيْنَا﴾: أتبعنا، والمصدر مِنْهُ: تقفية.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٤٨) إِلَى الْآيَة (٥٠).
                                                                        قَالَ مُحَمَّدٌ: وَمَعْنَى ﴿قَفَّيْنَا﴾: أتبعنا، والمصدر مِنْهُ: تقفية.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٤٨) إِلَى الْآيَة (٥٠).
﴿ وليحكم أهل الإنجيل إلى قوله تعالى فأولئك هم الفاسقون ﴾ تفسيرها في الآية : ٤٦. 
                                                                    
                                                                        ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ﴾ يَعْنِي: التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ﴿وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: الْمُهَيْمِنُ: الْقَاضِي عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنَ الْكُتُبِ.
﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شرعة ومنهاجا﴾ قَالَ قَتَادَةُ: لِلتَّوْرَاةِ شَرِيعَةٌ، وَلِلْإِنْجِيلِ شَرِيعَةٌ، وَلِلْقُرْآنِ شَرِيعَةٌ؛ أَحَلَّ اللَّهُ فِيهَا مَا شَاءَ، وَحَرَّمَ مَا شَاءَ ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أمة وَاحِدَة﴾ يَعْنِي: مِلَّةً وَاحِدَةً ﴿وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ﴾ ليختبركم ﴿فِيمَا آتَاكُم﴾ فِيمَا أَعْطَاكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
                                                                        ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شرعة ومنهاجا﴾ قَالَ قَتَادَةُ: لِلتَّوْرَاةِ شَرِيعَةٌ، وَلِلْإِنْجِيلِ شَرِيعَةٌ، وَلِلْقُرْآنِ شَرِيعَةٌ؛ أَحَلَّ اللَّهُ فِيهَا مَا شَاءَ، وَحَرَّمَ مَا شَاءَ ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أمة وَاحِدَة﴾ يَعْنِي: مِلَّةً وَاحِدَةً ﴿وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ﴾ ليختبركم ﴿فِيمَا آتَاكُم﴾ فِيمَا أَعْطَاكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
﴿واحذرهم أَن يفتنوك﴾ أَيْ: يَصُدُّوكَ ﴿عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ يَعْنِي: الْيَهُودَ، عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴿فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذنوبهم﴾ فَيَقْتُلُوهُمْ وَيُجْلِيهِمْ وَتُؤْخَذُ مِنْهَمُ الْجِزْيَةُ بِالصَّغَارِ وَالذُّلِّ.
﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاس لفاسقون﴾ يَعْنِي: الْيَهُودَ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْكُفَّارِ.
                                                                        ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاس لفاسقون﴾ يَعْنِي: الْيَهُودَ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْكُفَّارِ.
ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ﴾ وَهُوَ مَا خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ وَحكمه.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٥١) إِلَى الْآيَة (٥٣).
                                                                        سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٥١) إِلَى الْآيَة (٥٣).
﴿يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء﴾ أَيْ: فِي الدِّينِ ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُم﴾ فِي الدِّينِ ﴿فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾.
                                                                    
                                                                        ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ يَعْنِي: الْمُنَافِقين ﴿يُسَارِعُونَ فيهم﴾ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ؛ أَيْ: يُوَافِقُونَهُمْ فِي السِّرِّ ﴿يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تصيبنا دَائِرَة﴾ فَيُنْصَرُوا عَلَيْنَا؛ فَنَكُونَ قَدْ (أَخَذْنَا) بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مَوَدَّةً. قَالَ اللَّهُ: ﴿فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَو أَمر من عِنْده﴾ الْآيَةَ.
قَالَ الْكَلْبِيُّ:
فَجَاءَ اللَّهُ بِالْفَتْحِ؛ فَنَصَرَ نَبِيَّهُ، وَجَاءَ أَمْرُ اللَّهِ مِنْ عِنْدِهِ بِإِجْلَاءِ بَنِي النَّضِيرِ، وَقَتْلِ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَسَبْيِ ذَرَارِيهِمْ؛ فَنَدِمَ الْمُنَافِقُونَ حَتَّى ظَهَرَ نِفَاقُهُمْ، وَأُجْلِيَ أَهْلُ وُدِّهِمْ عَنْ أَرْضِهِمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ آمَنُوا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ﴿أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لمعكم﴾ الْآيَة.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٥٤) إِلَى الْآيَة (٥٧).
                                                                        قَالَ الْكَلْبِيُّ:
فَجَاءَ اللَّهُ بِالْفَتْحِ؛ فَنَصَرَ نَبِيَّهُ، وَجَاءَ أَمْرُ اللَّهِ مِنْ عِنْدِهِ بِإِجْلَاءِ بَنِي النَّضِيرِ، وَقَتْلِ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَسَبْيِ ذَرَارِيهِمْ؛ فَنَدِمَ الْمُنَافِقُونَ حَتَّى ظَهَرَ نِفَاقُهُمْ، وَأُجْلِيَ أَهْلُ وُدِّهِمْ عَنْ أَرْضِهِمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ آمَنُوا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ﴿أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لمعكم﴾ الْآيَة.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٥٤) إِلَى الْآيَة (٥٧).
﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافرين﴾ هُوَ كَقَوْلِهِ: ﴿أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رحماء بَينهم﴾.
                                                                    
                                                                        ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمنُوا﴾ الْآيَةَ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: بَلَغَنَا:
أَنَّ
                                                                                                                أَنَّ
33
                                                                    عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَّامٍ وَرَهْطًا مِنْ مُسْلِمِي أَهْلِ الْكِتَابِ أَتَوُا النَّبِيَّ عِنْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بُيُوتُنَا قَاصِيَةٌ، وَلَا نَجِدُ مُتَحَدَّثًا دُونَ الْمَسْجِدِ، وَإِنَّ قَوْمَنَا لَمَّا رَأَوْنَا أَنَّنَا قَدْ صَدَقْنَا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَتَرَكْنَاهُمْ وَدِينَهُمْ أَظْهَرُوا لَنَا الْعَدَاوَةَ، وَأَقْسَمُوا أَلَّا يُخَالِطُونَا وَلَا يُجَالِسُونَا، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْنَا.
فَبَيْنَمَا هُمْ [كَذَلِكَ] يَشْكُونَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ؛ إِذْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا اقْتَرْأَهَا رَسُولُ اللَّهِ، قَالُوا:
رَضِينَا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ أَوْلِيَاءَ، وَأَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بَيْنَ قَائِمٍ وَرَاكِعٍ وَسَاجِدٍ، وَإِذَا هُوَ بِمِسْكِينٍ يَسْأَلُ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ؛ فَقَالَ لَهُ: هَلْ أَعْطَاكَ أحدٌ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مَاذَا؟ قَالَ: خاتمٌ مِنْ فِضَّةٍ. قَالَ: مَنْ أَعْطَاكَهُ؟ قَالَ: ذَلِكَ الرَّجُلُ الْقَائِمُ، فَإِذَا هُوَ عليٌّ. قَالَ: عَلَى أَيِّ حَالٍ أَعْطَاكَهُ؟ قَالَ: أَعْطَانِيهِ وَهُوَ رَاكِعٌ [فَزَعَمُوا أَنَّ] رَسُولَ اللَّهِ كبر عِنْد ذَلِك ".
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٥٨) إِلَى الْآيَة (٦٠).
                                                                        فَبَيْنَمَا هُمْ [كَذَلِكَ] يَشْكُونَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ؛ إِذْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا اقْتَرْأَهَا رَسُولُ اللَّهِ، قَالُوا:
رَضِينَا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ أَوْلِيَاءَ، وَأَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بَيْنَ قَائِمٍ وَرَاكِعٍ وَسَاجِدٍ، وَإِذَا هُوَ بِمِسْكِينٍ يَسْأَلُ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ؛ فَقَالَ لَهُ: هَلْ أَعْطَاكَ أحدٌ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مَاذَا؟ قَالَ: خاتمٌ مِنْ فِضَّةٍ. قَالَ: مَنْ أَعْطَاكَهُ؟ قَالَ: ذَلِكَ الرَّجُلُ الْقَائِمُ، فَإِذَا هُوَ عليٌّ. قَالَ: عَلَى أَيِّ حَالٍ أَعْطَاكَهُ؟ قَالَ: أَعْطَانِيهِ وَهُوَ رَاكِعٌ [فَزَعَمُوا أَنَّ] رَسُولَ اللَّهِ كبر عِنْد ذَلِك ".
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٥٨) إِلَى الْآيَة (٦٠).
34
                                                                    ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هزوا وَلَعِبًا﴾ قَالَ [الْكَلْبِيُّ]:
كَانَ إِذَا
                                                                                                                كَانَ إِذَا
34
                                                                    نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ لِلصَّلَاةِ، قَالَتِ الْيَهُودُ وَالْمُشْرِكُونَ: قَدْ قَامُوا لَا قَامُوا.
وَإِذَا رَكَعُوا وَسَجَدُوا (استهزءوا) بهم وَضَحِكُوا؛
                                                                        وَإِذَا رَكَعُوا وَسَجَدُوا (استهزءوا) بهم وَضَحِكُوا؛
35
                                                                    فَقَالَ الله لنَبيه: ﴿قل يَا أهل الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَن أَكْثَرَكُم فَاسِقُونَ﴾، أَيْ: بِفِسْقِكُمْ نَقَمْتُمْ ذَلِكَ عَلَيْنَا،
                                                                    
                                                                        ثُمَّ قَالَ: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ من ذَلِك مثوبة﴾ [يَعْنِي: ثَوَابًا] ﴿عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ﴾ قَالَ الْحَسَنُ: يَقُولُ: جَعَلَ اللَّهُ ذَلِك مِنْهُم (ل ٨٥) بِمَا عَبَدُوا الطَّاغُوتَ؛ يَعْنِي: الشَّيْطَانَ.
﴿أُولَئِكَ شَرّ مَكَانا﴾ فِي الْآخِرَةِ ﴿وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيل﴾ يَعْنِي: عَنْ قَصْدِ طَرِيقِ الْهُدَى.
قَالَ مُحَمَّد: وَقيل: إِن ﴿عبد الطاغوت﴾ نسقٌ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضب عَلَيْهِ﴾.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٦١) إِلَى الْآيَة (٦٤).
                                                                        ﴿أُولَئِكَ شَرّ مَكَانا﴾ فِي الْآخِرَةِ ﴿وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيل﴾ يَعْنِي: عَنْ قَصْدِ طَرِيقِ الْهُدَى.
قَالَ مُحَمَّد: وَقيل: إِن ﴿عبد الطاغوت﴾ نسقٌ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضب عَلَيْهِ﴾.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٦١) إِلَى الْآيَة (٦٤).
﴿وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ﴾ قَالَ الْكَلْبِيُّ:
هَؤُلَاءِ مُنَافِقُو أَهْلِ الْكِتَابِ، كَانُوا إِذَا دَخَلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، قَالُوا: آمَنَّا، وَقَدْ دَخَلُوا حِينَ دَخَلُوا عَلَى النَّبِيِّ كُفَّارًا، وَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ وَهُمْ كُفَّارٌ وَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِمَا سَمِعُوا مِنْهُ بِشَيْءٍ؛ وَهُمْ مِنَ الْيَهُودِ.
قَالَ: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يكتمون﴾ كَانُوا يكتمون دين الْيَهُودِيَّة
                                                                        هَؤُلَاءِ مُنَافِقُو أَهْلِ الْكِتَابِ، كَانُوا إِذَا دَخَلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، قَالُوا: آمَنَّا، وَقَدْ دَخَلُوا حِينَ دَخَلُوا عَلَى النَّبِيِّ كُفَّارًا، وَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ وَهُمْ كُفَّارٌ وَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِمَا سَمِعُوا مِنْهُ بِشَيْءٍ؛ وَهُمْ مِنَ الْيَهُودِ.
قَالَ: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يكتمون﴾ كَانُوا يكتمون دين الْيَهُودِيَّة
﴿وَترى كثيرا مِنْهُم﴾ يَعْنِي: الْيَهُودَ ﴿يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ والعدوان﴾ يَعْنِي: الْمَعْصِيَةَ وَالظُّلْمَ ﴿وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ﴾ قَالَ الْحَسَنُ: [هُوَ] أَخْذُ الرِّشْوَةِ عَلَى الْحُكْمِ ﴿لَبِئْسَ مَا كَانُوا يعْملُونَ﴾ يَعْنِي: حكامهم
                                                                    
                                                                        ﴿لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ أَيْ: حِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ، وَبِئْسَ مَا صَنَعَ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ حِينَ لَمْ ينهوهم عَن ذَلِك.
                                                                    
                                                                        ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾ قَالَ الْكَلْبِيُّ:
كَانُوا مِنْ أَخْصَبِ النَّاسِ وَأَكْثَرِهِمْ خَيْرًا، فَلَمَّا عَصَوُا اللَّهَ، وَبَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا - كَفَّ اللَّهُ عَنْهُمْ بَعْضَ الَّذِي كَانَ بَسَطَ لَهُمْ؛ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَتِ الْيَهُودُ: كَفَّ اللَّهُ يَدَهُ عَنَّا، فَهِيَ مَغْلُولَةٌ؛ أَيْ: لَا يَبْسُطُهَا عَلَيْنَا.
قَالَ اللَّهُ: ﴿غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾ وَهُمُ الْيَهُودُ.
                                                                                                                كَانُوا مِنْ أَخْصَبِ النَّاسِ وَأَكْثَرِهِمْ خَيْرًا، فَلَمَّا عَصَوُا اللَّهَ، وَبَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا - كَفَّ اللَّهُ عَنْهُمْ بَعْضَ الَّذِي كَانَ بَسَطَ لَهُمْ؛ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَتِ الْيَهُودُ: كَفَّ اللَّهُ يَدَهُ عَنَّا، فَهِيَ مَغْلُولَةٌ؛ أَيْ: لَا يَبْسُطُهَا عَلَيْنَا.
قَالَ اللَّهُ: ﴿غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾ وَهُمُ الْيَهُودُ.
36
                                                                    قَالَ قَتَادَةُ:
حَمَلَهُمْ حَسَدُ محمدٍ وَالْعَرَبِ عَلَى أَنْ كَفَرُوا بِهِ، وَهُمْ يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ.
﴿كُلَّمَا أوقدوا نَارا للحرب﴾ لِحَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ ﴿أَطْفَأَهَا اللَّهُ﴾ يَعْنِي: أَذَلَّهُمُ اللَّهُ، وَنَصَرَهُ عَلَيْهِمْ.
﴿ويسعون فِي الأَرْض فَسَادًا﴾ أَي: يدعونَ فِيهَا إِلَّا خِلَافِ دِينِ اللَّهِ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ ذَلِك.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٦٥) إِلَى الْآيَة (٦٦).
                                                                        حَمَلَهُمْ حَسَدُ محمدٍ وَالْعَرَبِ عَلَى أَنْ كَفَرُوا بِهِ، وَهُمْ يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ.
﴿كُلَّمَا أوقدوا نَارا للحرب﴾ لِحَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ ﴿أَطْفَأَهَا اللَّهُ﴾ يَعْنِي: أَذَلَّهُمُ اللَّهُ، وَنَصَرَهُ عَلَيْهِمْ.
﴿ويسعون فِي الأَرْض فَسَادًا﴾ أَي: يدعونَ فِيهَا إِلَّا خِلَافِ دِينِ اللَّهِ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ ذَلِك.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٦٥) إِلَى الْآيَة (٦٦).
37
                                                                    ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقوا﴾ قَالَ قَتَادَةُ: يَقُولُ:
لَوْ آمَنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَاتَّقَوْا مَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ﴿لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾ الْآيَة.
                                                                        لَوْ آمَنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَاتَّقَوْا مَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ﴿لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾ الْآيَة.
﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرجُلهم﴾.
قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي: لَأَعْطَتْهُمُ السَّمَاءُ مَطَرَهَا، وَالْأَرْضُ نَبَاتَهَا. وَإِقَامَتُهُمُ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ: أَنْ يُؤْمِنُوا بِمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ أُمِرُوا بِذَلِكَ.
قَوْلُهُ: ﴿مِنْهُمْ أمة مقتصدة﴾ أَيْ: مُتَّبِعَةٌ؛ يَعْنِي: مَنْ آمَنَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بِرَسُولِ اللَّهِ، وَبِمَا جَاءَ بِهِ ﴿وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا﴾ بئس مَا ﴿يعْملُونَ﴾ يَعْنِي: مَنْ ثَبَتَ مِنْهُمْ عَلَى الْيَهُودِيَّة والنصرانية.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٦٧) إِلَى الْآيَة (٦٩).
                                                                        قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي: لَأَعْطَتْهُمُ السَّمَاءُ مَطَرَهَا، وَالْأَرْضُ نَبَاتَهَا. وَإِقَامَتُهُمُ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ: أَنْ يُؤْمِنُوا بِمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ أُمِرُوا بِذَلِكَ.
قَوْلُهُ: ﴿مِنْهُمْ أمة مقتصدة﴾ أَيْ: مُتَّبِعَةٌ؛ يَعْنِي: مَنْ آمَنَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بِرَسُولِ اللَّهِ، وَبِمَا جَاءَ بِهِ ﴿وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا﴾ بئس مَا ﴿يعْملُونَ﴾ يَعْنِي: مَنْ ثَبَتَ مِنْهُمْ عَلَى الْيَهُودِيَّة والنصرانية.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٦٧) إِلَى الْآيَة (٦٩).
﴿يَا أَيهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ من رَبك﴾ الْآيَةَ.
يحيى: عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنِ الْحَسَنِ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَكَا إِلَى رَبِّهِ مِنْ قَوْمِهِ؛ فَقَالَ: يَا رَبِّ، إِنَّ قَوْمِي قَدْ خَوَّفُونِي، فَأَعْطِنِي مِنْ قِبَلِكَ آيَةً أَعْلَمُ أَنْ لَا مَخَافَةَ عَلَيَّ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ وَادِيَ كَذَا فِيهِ شَجَرَةُ كَذَا، [فَلْيَدْعُ] غُصْنًا مِنْهَا يَأْتِهِ، فَانْطَلَقَ إِلَى الْوَادِي، فَدَعَا غُصْنًا مِنْهَا فَجَاءَ يَخُطُّ فِي الْأَرْضِ خَطًّا حَتَّى انْتَصَبَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَحَبَسَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَحْبِسَهُ، ثُمَّ قَالَ: ارْجِعْ كَمَا جِئْتَ. فَرَجَعَ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: عَلِمْتُ يَا رَبِّ أَنْ لَا مَخَافَة عَليّ ".
                                                                        يحيى: عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنِ الْحَسَنِ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَكَا إِلَى رَبِّهِ مِنْ قَوْمِهِ؛ فَقَالَ: يَا رَبِّ، إِنَّ قَوْمِي قَدْ خَوَّفُونِي، فَأَعْطِنِي مِنْ قِبَلِكَ آيَةً أَعْلَمُ أَنْ لَا مَخَافَةَ عَلَيَّ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ وَادِيَ كَذَا فِيهِ شَجَرَةُ كَذَا، [فَلْيَدْعُ] غُصْنًا مِنْهَا يَأْتِهِ، فَانْطَلَقَ إِلَى الْوَادِي، فَدَعَا غُصْنًا مِنْهَا فَجَاءَ يَخُطُّ فِي الْأَرْضِ خَطًّا حَتَّى انْتَصَبَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَحَبَسَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَحْبِسَهُ، ثُمَّ قَالَ: ارْجِعْ كَمَا جِئْتَ. فَرَجَعَ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: عَلِمْتُ يَا رَبِّ أَنْ لَا مَخَافَة عَليّ ".
﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا والصابئون وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخر﴾ يَعْنِي: مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بمحمدٍ، وَدَخَلَ فِي دِينِهِ وَشَرِيعَتِهِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: اخْتَلَفَ الْقَوْلُ فِي رَفْعِ ﴿الصابئون﴾ وَالْأَجْوَدُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْخِيرِ، وَمَرْفُوعٌ بِالِابْتِدَاءِ، الْمَعْنَى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا - فَلَا خوف عَلَيْهِم، (ل ٨٦) والصابئون وَالنَّصَارَى
                                                                                                                قَالَ مُحَمَّدٌ: اخْتَلَفَ الْقَوْلُ فِي رَفْعِ ﴿الصابئون﴾ وَالْأَجْوَدُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْخِيرِ، وَمَرْفُوعٌ بِالِابْتِدَاءِ، الْمَعْنَى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا - فَلَا خوف عَلَيْهِم، (ل ٨٦) والصابئون وَالنَّصَارَى
38
                                                                    كَذَلِك أَيْضا.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٧٠) إِلَى الْآيَة (٧١).
                                                                        سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٧٠) إِلَى الْآيَة (٧١).
39
                                                                    ﴿لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ قَدْ مَضَى تَفْسِيرُ أَخْذِ الْمِيثَاقِ عَلَيْهِمْ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ.
﴿وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فريقا كذبُوا وفريقا يقتلُون﴾ يَعْنِي بِهِ: أوائلهم.
                                                                        ﴿وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فريقا كذبُوا وفريقا يقتلُون﴾ يَعْنِي بِهِ: أوائلهم.
﴿وَحَسبُوا أَلا تكون فتْنَة﴾ تَفْسِيرُ الْحَسَنِ: وَحَسِبُوا أَلَّا يُبْتَلُوا فِي الدِّينِ يُجَاهِدُونَ فِيهِ، وَتُفْرَضُ عَلَيْهِمُ الطَّاعَةُ بِمُحَمَّدٍ.
﴿فَعَمُوا وَصَمُّوا﴾ يَعْنِي: عَنِ الْهُدَى ﴿ثُمَّ تَابَ الله عَلَيْهِم﴾ أَيْ: جَعَلَ لَهُمْ مَتَابًا، فَاسْتَنْقَذَهُمْ بِمُحَمَّدٍ ﴿ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُم﴾ يَعْنِي: من كفر مِنْهُم.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٧٢) إِلَى الْآيَة (٧٦).
                                                                        ﴿فَعَمُوا وَصَمُّوا﴾ يَعْنِي: عَنِ الْهُدَى ﴿ثُمَّ تَابَ الله عَلَيْهِم﴾ أَيْ: جَعَلَ لَهُمْ مَتَابًا، فَاسْتَنْقَذَهُمْ بِمُحَمَّدٍ ﴿ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُم﴾ يَعْنِي: من كفر مِنْهُم.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٧٢) إِلَى الْآيَة (٧٦).
﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ الله ثَالِث ثَلَاثَة﴾ قَالَ قَتَادَةُ: قَالُوا:
عِيسَى إِلَهٌ، وَأُمُّهُ إِلَهٌ، وَاللَّهُ إِلَهٌ. قَالَ اللَّهُ: ﴿وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَه وَاحِد﴾.
                                                                        عِيسَى إِلَهٌ، وَأُمُّهُ إِلَهٌ، وَاللَّهُ إِلَهٌ. قَالَ اللَّهُ: ﴿وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَه وَاحِد﴾.
قَوْله:
﴿مَا الْمَسِيح ابْنُ مَرْيَمَ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صديقَة، كَانَا يأكلان الطَّعَام﴾ أَيْ: فَكَيْفَ يَكُونَانِ إِلَهَيْنِ، وَهُمَا مَخْلُوقَانِ يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ.
﴿انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنى يؤفكون﴾ كَيْفَ يُصْرَفُونَ عَنْهَا؟ يَعْنِي: عَنِ الْآيَاتِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: فِعِّيلٌ مِنْ أبنية الْمُبَالغَة، وَقَوله: ﴿صديقَة﴾ أَيْ: مُبَالِغَةٌ فِي الصِّدْقِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿كَانَا يأكلان الطَّعَام﴾ قِيلَ: إِنَّهُ مِنَ الِاخْتِصَارِ وَالْكِنَايَةِ، وَنَبَّهَ بِأَكْلِ الطَّعَامِ عَلَى عَاقِبَتِهِ؛ وَهُوَ الْحَدث، وَالله أعلم.
                                                                                                                ﴿مَا الْمَسِيح ابْنُ مَرْيَمَ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صديقَة، كَانَا يأكلان الطَّعَام﴾ أَيْ: فَكَيْفَ يَكُونَانِ إِلَهَيْنِ، وَهُمَا مَخْلُوقَانِ يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ.
﴿انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنى يؤفكون﴾ كَيْفَ يُصْرَفُونَ عَنْهَا؟ يَعْنِي: عَنِ الْآيَاتِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: فِعِّيلٌ مِنْ أبنية الْمُبَالغَة، وَقَوله: ﴿صديقَة﴾ أَيْ: مُبَالِغَةٌ فِي الصِّدْقِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿كَانَا يأكلان الطَّعَام﴾ قِيلَ: إِنَّهُ مِنَ الِاخْتِصَارِ وَالْكِنَايَةِ، وَنَبَّهَ بِأَكْلِ الطَّعَامِ عَلَى عَاقِبَتِهِ؛ وَهُوَ الْحَدث، وَالله أعلم.
40
                                                                    سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٧٧) إِلَى الْآيَة (٨١).
                                                                            
                                                                        41
                                                                    قوله :﴿ ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام ﴾ أي : فكيف يكونان إلهين،  وهما مخلوقان يأكلان الطعام ؟. 
﴿ انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون ﴾ كيف يصرفون عنها ؟ يعني : عن الآيات.
قال محمد : فعيل من أبنية المبالغة وقوله :﴿ صديقة ﴾ أي : مبالغة في الصدق.
وقوله :﴿ كانا يأكلان الطعام ﴾ قيل : إنه من الاختصار والكناية ونبه بأكل الطعام على عاقبته وهو الحدث، والله أعلم.
                                                                        ﴿ انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون ﴾ كيف يصرفون عنها ؟ يعني : عن الآيات.
قال محمد : فعيل من أبنية المبالغة وقوله :﴿ صديقة ﴾ أي : مبالغة في الصدق.
وقوله :﴿ كانا يأكلان الطعام ﴾ قيل : إنه من الاختصار والكناية ونبه بأكل الطعام على عاقبته وهو الحدث، والله أعلم.
﴿يَا أهل الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ﴾ وَالْغُلُوُّ: مُجَاوَزَةُ الْحَقِّ.
﴿وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قبل﴾ يَعْنِي: الْيَهُود.
﴿وأضلوا كثيرا﴾ يَعْنِي: مَنِ اتَّبَعَهُمْ ﴿وَضَلُّوا عَنْ سَوَاء السَّبِيل﴾ يَعْنِي: عَنْ قَصْدِ طَرِيقِ الْهُدَى.
                                                                        ﴿وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قبل﴾ يَعْنِي: الْيَهُود.
﴿وأضلوا كثيرا﴾ يَعْنِي: مَنِ اتَّبَعَهُمْ ﴿وَضَلُّوا عَنْ سَوَاء السَّبِيل﴾ يَعْنِي: عَنْ قَصْدِ طَرِيقِ الْهُدَى.
﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْن مَرْيَم﴾
قَالَ قَتَادَةُ:
يَعْنِي: فِي زمَان دَاوُد وَعِيسَى ابْن مَرْيَمَ؛ مُسِخُوا فِي زَمَانِ دَاوُدَ قِرَدَةً حِينَ أَكَلُوا الْحِيتَانَ، وَمُسِخُوا فِي زمَان عِيسَى خنازير
                                                                        قَالَ قَتَادَةُ:
يَعْنِي: فِي زمَان دَاوُد وَعِيسَى ابْن مَرْيَمَ؛ مُسِخُوا فِي زَمَانِ دَاوُدَ قِرَدَةً حِينَ أَكَلُوا الْحِيتَانَ، وَمُسِخُوا فِي زمَان عِيسَى خنازير
﴿ترى كثيرا مِنْهُم﴾ يَعْنِي: مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ ﴿يَتَوَلَّوْنَ الَّذين كفرُوا﴾ يَتَوَلَّوْنَ مُشْرِكِي الْعَرَبِ، [وَهُمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا] ﴿لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ لِأَن سخط الله عَلَيْهِم. سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٨٢) فَقَط.
                                                                    
                                                                        ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمنُوا الْيَهُود وَالَّذين أشركوا﴾ يَعْنِي: مُشْرِكِي الْعَرَبِ؛ وَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يومئذٍ ﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى﴾ يَعْنِي: مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ.
﴿ذَلِكَ بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا﴾ يَعْنِي: الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ ﴿وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ، وَالْإِيمَانِ بِاللَّهِ.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٨٣) إِلَى الْآيَة (٨٦).
                                                                        ﴿ذَلِكَ بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا﴾ يَعْنِي: الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ ﴿وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ، وَالْإِيمَانِ بِاللَّهِ.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٨٣) إِلَى الْآيَة (٨٦).
﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُول﴾ مُحَمَّدٍ ﴿تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدمع﴾ إِلَى قَوْله: ﴿مَعَ الشَّاهِدين﴾ أَيْ: مَعَ مَنْ شَهِدَ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ حَقٌّ. سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٨٧) إِلَى الْآيَة (٨٨).
                                                                    
                                                                        ﴿يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أحل الله لكم﴾ إِلَى قَوْلِهِ:
                                                                            
                                                                                                                42
                                                                    ﴿الَّذِي أَنْتُم بِهِ مُؤمنُونَ﴾ تَفْسِيرُ الْحَسَنِ:
أَنَّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ جَعَلَ أَحَدُهُمْ عَلَى نَفْسِهِ أَلَّا يَغْشَى النِّسَاءَ أَبَدًا، وَجَعَلَ أَحَدُهُمْ عَلَى نَفْسِهِ لَا يفْطر نَهَار أَبَدًا، وَجَعَلَ أَحَدُهُمْ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَنَامُ لَيْلًا أَبَدًا ﴿فَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ مِمَّنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَلَّا يَغْشَى النِّسَاءَ؛ وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ تَأْتِي أَزْوَاجَ النَّبِيِّ فِي شَارَةٍ حَسَنَةٍ وَرِيحٍ طَيِّبَةٍ؛ فَلَمَّا جَعَلَ عُثْمَانُ عَلَى نْفَسِهِ مَا جَعَلَ، أَتَتْهُنَّ فِي غَيْرِ تِلْكَ الشَّارَةِ؛ فَأَنْكَرْنَ عَلَيْهَا؛ فَقَالَتْ: إِنَّمَا تَصْنَعُ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا؛ وَإِنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا جَعَلُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ كَذَا وَكَذَا﴾ فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ذَكَرْنَ ذَلِكَ لَهُ، فَغَضِبَ وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: أَلَمْ أُحَدَّثْ عَنْكُمْ بِكَذَا وَكَذَا؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: لَكِنِّي أَنَا أَصُومُ وَأفْطر، وأقوم وأنام، وأغشى النِّسَاء وَأَدَعُ؛ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مني (ل ٨٧) فَاسْتَغْفَرَ الْقَوْمُ مِنْ ذَلِكَ، وَرَاجَعُوا أَمرهم الأول ".
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٨٩).
                                                                        أَنَّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ جَعَلَ أَحَدُهُمْ عَلَى نَفْسِهِ أَلَّا يَغْشَى النِّسَاءَ أَبَدًا، وَجَعَلَ أَحَدُهُمْ عَلَى نَفْسِهِ لَا يفْطر نَهَار أَبَدًا، وَجَعَلَ أَحَدُهُمْ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَنَامُ لَيْلًا أَبَدًا ﴿فَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ مِمَّنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَلَّا يَغْشَى النِّسَاءَ؛ وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ تَأْتِي أَزْوَاجَ النَّبِيِّ فِي شَارَةٍ حَسَنَةٍ وَرِيحٍ طَيِّبَةٍ؛ فَلَمَّا جَعَلَ عُثْمَانُ عَلَى نْفَسِهِ مَا جَعَلَ، أَتَتْهُنَّ فِي غَيْرِ تِلْكَ الشَّارَةِ؛ فَأَنْكَرْنَ عَلَيْهَا؛ فَقَالَتْ: إِنَّمَا تَصْنَعُ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا؛ وَإِنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا جَعَلُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ كَذَا وَكَذَا﴾ فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ذَكَرْنَ ذَلِكَ لَهُ، فَغَضِبَ وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: أَلَمْ أُحَدَّثْ عَنْكُمْ بِكَذَا وَكَذَا؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: لَكِنِّي أَنَا أَصُومُ وَأفْطر، وأقوم وأنام، وأغشى النِّسَاء وَأَدَعُ؛ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مني (ل ٨٧) فَاسْتَغْفَرَ الْقَوْمُ مِنْ ذَلِكَ، وَرَاجَعُوا أَمرهم الأول ".
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٨٩).
43
                                                                    نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٨٧:﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ﴾ إلى قوله ﴿ الذي أنتم به مؤمنون ﴾ 
تفسير الحسن : أن ثلاثة نفر من أصحاب النبي جعل أحدهم على نفسه ألا يغشى النساء أبدا ؛ وجعل أحدهم على نفسه لا يفطر نهارا أبدا، وجعل أحدهم على نفسه لا ينام ليلا أبدا ؛ فكان عثمان بن مظعون ممن جعل على نفسه ألا يغشى النساء ؛ وكانت امرأته تأتي أزواج النبي في شارة حسنة وريح طيبة ؛ فلما جعل عثمان على نفسه ما جعل، أتتهن في غير تلك الشارة، فأنكرن عليها ؛ فقالت : إنما تصنع المرأة لزوجها ؛ وإن فلانا وفلانا وفلانا جعلوا على أنفسهم كذا وكذا، فلما جاء رسول الله ذكرن ذلك له، فغضب وبعث إليهم، فقال :" ألم أحدث عنكم بكذا وكذا ؟ " قالوا : بلى. قال :" لكني أنا أصوم وأفطر، وأقوم و أنام، وأغشى النساء وأدع، فمن رغب عن سنتي فليس مني " فاستغفر القوم من ذلك وراجعوا أمرهم الأول١.
                                                                    
                                                                        تفسير الحسن : أن ثلاثة نفر من أصحاب النبي جعل أحدهم على نفسه ألا يغشى النساء أبدا ؛ وجعل أحدهم على نفسه لا يفطر نهارا أبدا، وجعل أحدهم على نفسه لا ينام ليلا أبدا ؛ فكان عثمان بن مظعون ممن جعل على نفسه ألا يغشى النساء ؛ وكانت امرأته تأتي أزواج النبي في شارة حسنة وريح طيبة ؛ فلما جعل عثمان على نفسه ما جعل، أتتهن في غير تلك الشارة، فأنكرن عليها ؛ فقالت : إنما تصنع المرأة لزوجها ؛ وإن فلانا وفلانا وفلانا جعلوا على أنفسهم كذا وكذا، فلما جاء رسول الله ذكرن ذلك له، فغضب وبعث إليهم، فقال :" ألم أحدث عنكم بكذا وكذا ؟ " قالوا : بلى. قال :" لكني أنا أصوم وأفطر، وأقوم و أنام، وأغشى النساء وأدع، فمن رغب عن سنتي فليس مني " فاستغفر القوم من ذلك وراجعوا أمرهم الأول١.
١ أخرجه البخاري (٩/٥-٦) ح (٥٠٦٣) ومسلم (٢/١٠٢٠) ح (١٤٠١)..
﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم﴾ تَفْسِيرُ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ: قَالَا:
هُوَ الْخَطَأ غير الْعمد؛ وَذَلِكَ أَن تحلف عَلَى الشَّيْء وَأَنت ترى أَنه كَذَلِك، فَلَا
                                                                                                                هُوَ الْخَطَأ غير الْعمد؛ وَذَلِكَ أَن تحلف عَلَى الشَّيْء وَأَنت ترى أَنه كَذَلِك، فَلَا
43
                                                                    يكون كَمَا حَلَفت عَلَيْهِ ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذكُم بِمَا عقدتم الْأَيْمَان﴾ أَيْ: مَا حَلَفْتُمْ فِيهِ مُتَعَمِّدِينَ.
﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ:
أَوْسَطُ مَا تُطْعِمُ أَهْلَكَ: أَشْبَعُهُ ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِير رَقَبَة﴾ فَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ رَقَبَةً كَبِيرَةً، وَإِنْ شَاءَ صَغِيرَةً. وَكُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ (أَوْ) فَهُوَ فِيهِ مُخَيَّرٌ؛ يَفْعَلُ أَيَّ ذَلِكَ شَاءَ ﴿فَمن لم يجد﴾ أَيْ: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَشْيَاءِ مِنَ: الطَّعَامِ، أَوِ الْكِسْوَةِ، أَوِ الْعِتْقِ ﴿فَصِيَامُ ثَلَاثَة أَيَّام﴾ قَالَ قَتَادَةُ: وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﴿فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَات﴾.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٩٠) إِلَى الْآيَة (٩١).
                                                                        ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ:
أَوْسَطُ مَا تُطْعِمُ أَهْلَكَ: أَشْبَعُهُ ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِير رَقَبَة﴾ فَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ رَقَبَةً كَبِيرَةً، وَإِنْ شَاءَ صَغِيرَةً. وَكُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ (أَوْ) فَهُوَ فِيهِ مُخَيَّرٌ؛ يَفْعَلُ أَيَّ ذَلِكَ شَاءَ ﴿فَمن لم يجد﴾ أَيْ: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَشْيَاءِ مِنَ: الطَّعَامِ، أَوِ الْكِسْوَةِ، أَوِ الْعِتْقِ ﴿فَصِيَامُ ثَلَاثَة أَيَّام﴾ قَالَ قَتَادَةُ: وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﴿فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَات﴾.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٩٠) إِلَى الْآيَة (٩١).
44
                                                                    ﴿يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ﴾ يَعْنِي: الْقمَار كُله ﴿والأنصاب﴾ وَهِيَ أَصْنَامُهُمُ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ من دون الله ﴿والأزلام﴾ الْقِدَاحُ وَهِيَ السِّهَامُ. قَالَ قَتَادَةُ:
كَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَخَذَ قَدَحَيْنِ؛ فَقَالَ: هَذَا يَأْمُرُهُ بِالْخُرُوجِ وَهُوَ مصيبٌ فِي سَفَرِهِ خَيْرًا، وَيَأْخُذُ قَدَحًا آخَرَ، فَيَقُولُ: هَذَا يَأْمُرُهُ بِالْمُكُوثِ، وَلَيْسَ بِمُصِيبٍ فِي سَفَرِهِ خَيْرًا، مكتوبٌ عَلَيْهِمَا هَذَا، وَالْمَنِيحُ بَيْنَهُمَا، فَأَيُّهُمَا خَرَجَ عَمِلَ بِهِ، فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ.
                                                                                                                كَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَخَذَ قَدَحَيْنِ؛ فَقَالَ: هَذَا يَأْمُرُهُ بِالْخُرُوجِ وَهُوَ مصيبٌ فِي سَفَرِهِ خَيْرًا، وَيَأْخُذُ قَدَحًا آخَرَ، فَيَقُولُ: هَذَا يَأْمُرُهُ بِالْمُكُوثِ، وَلَيْسَ بِمُصِيبٍ فِي سَفَرِهِ خَيْرًا، مكتوبٌ عَلَيْهِمَا هَذَا، وَالْمَنِيحُ بَيْنَهُمَا، فَأَيُّهُمَا خَرَجَ عَمِلَ بِهِ، فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ.
44
                                                                    قَالَ مُحَمَّدٌ: الْمَنِيحُ: سَهْمٌ لَيْسَ عَلَيْهِ كِتَابٌ؛ فَإِذَا خَرَجَ أَعَادَ الضَّرْبَ.
يُقَالُ: يَسَّرْتَ، إِذَا ضَرَبْتَ بِالْقِدَاحِ، وَالضَّارِبُ بِهَا: يَاسِرٌ [وَالْجَمِيعُ: يُسُرٌ وَأَيْسَارٌ].
قَوْلُهُ: ﴿رِجْسٌ مِنْ عمل الشَّيْطَان﴾ إِلَى قَوْله: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ فَجَاءَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا، مَا أَسْكَرَ مِنْهَا وَمَا لَمْ يُسْكِرْ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: الرِّجْسُ فِي اللُّغَةِ: اسمٌ لِكُلِّ مَا اسْتُقْذِرَ، وَيُقَالُ:
رَجُسَ الرَّجُلُ يَرْجُسُ؛ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا قَبِيحًا.
يحيى: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من شَرِبَ الْخَمْرَ، ثُمَّ لَمْ يَسْكَرْ أَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ ثُمَّ سَكِرَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً؛ فَإِنْ مَاتَ فِيهَا مَاتَ كَعَابِدِ الْأَوْثَانِ، وَكَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ فِي النَّارِ: الْقَيْحُ وَالدَّم ".
                                                                                                                يُقَالُ: يَسَّرْتَ، إِذَا ضَرَبْتَ بِالْقِدَاحِ، وَالضَّارِبُ بِهَا: يَاسِرٌ [وَالْجَمِيعُ: يُسُرٌ وَأَيْسَارٌ].
قَوْلُهُ: ﴿رِجْسٌ مِنْ عمل الشَّيْطَان﴾ إِلَى قَوْله: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ فَجَاءَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا، مَا أَسْكَرَ مِنْهَا وَمَا لَمْ يُسْكِرْ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: الرِّجْسُ فِي اللُّغَةِ: اسمٌ لِكُلِّ مَا اسْتُقْذِرَ، وَيُقَالُ:
رَجُسَ الرَّجُلُ يَرْجُسُ؛ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا قَبِيحًا.
يحيى: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من شَرِبَ الْخَمْرَ، ثُمَّ لَمْ يَسْكَرْ أَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ ثُمَّ سَكِرَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً؛ فَإِنْ مَاتَ فِيهَا مَاتَ كَعَابِدِ الْأَوْثَانِ، وَكَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ فِي النَّارِ: الْقَيْحُ وَالدَّم ".
45
                                                                    سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٩٢) إِلَى الْآيَة (٩٣).
                                                                            
                                                                        46
                                                                    نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٩٠:﴿ يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر ﴾ 
يعني : القمار كله ﴿ والأنصاب ﴾ وهي أصنامهم التي كانوا يعبدون من دون الله، ﴿ والأزلام ﴾ القداح وهي السهام. قال قتادة : كان الرجل إذا أراد سفرا أخذ قدحين فقال : هذا يأمره بالخروج وهو مصيب في سفره خيرا، ويأخذ قدحا آخر فيقول : هذا يأمره بالمكوث وليس بمصيب في سفره خيرا مكتوب عليهما هذا والمنيح بينهما فأيهما خرج عمل به فنهى عن ذلك.
قال محمد : المنيح : سهم ليس عليه كتاب، فإذا خرج أعاد الضرب.
يقال : يسرت، إذا ضربت بالقداح، والضارب بها : ياسر ( والجميع : يسر وأيسار ) قوله ﴿ رجس من عمل الشيطان ﴾ إلى قوله ﴿ فهل أنتم منتهون ﴾ فجاء تحريم الخمر في هذه الآية قليلها وكثيرها ما أسكر منها وما لم يسكر.
قال محمد : الرجس في اللغة : اسم لكل ما استقذر١، ويقال : رجس الرجل يرجس ؛ إذا عمل عملا قبيحا٢.
يحيى : عن محمد بن أبي حميد، عن محمد بن المنكدر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من شرب الخمر، ثم لم يسكر أعرض الله عنه أربعين ليلة، ومن شرب الخمر ثم سكر لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا أربعين ليلة، فإن مات فيها مات كعابد الأوثان ؛ وكان حقا على الله أن يسقيه يوم القيامة من طينة الخبال " قيل : يا رسول الله، وما طينة الخبال ؟ قال :" عصارة أهل النار في النار : القيح والدم ) )٣.
                                                                    
                                                                        يعني : القمار كله ﴿ والأنصاب ﴾ وهي أصنامهم التي كانوا يعبدون من دون الله، ﴿ والأزلام ﴾ القداح وهي السهام. قال قتادة : كان الرجل إذا أراد سفرا أخذ قدحين فقال : هذا يأمره بالخروج وهو مصيب في سفره خيرا، ويأخذ قدحا آخر فيقول : هذا يأمره بالمكوث وليس بمصيب في سفره خيرا مكتوب عليهما هذا والمنيح بينهما فأيهما خرج عمل به فنهى عن ذلك.
قال محمد : المنيح : سهم ليس عليه كتاب، فإذا خرج أعاد الضرب.
يقال : يسرت، إذا ضربت بالقداح، والضارب بها : ياسر ( والجميع : يسر وأيسار ) قوله ﴿ رجس من عمل الشيطان ﴾ إلى قوله ﴿ فهل أنتم منتهون ﴾ فجاء تحريم الخمر في هذه الآية قليلها وكثيرها ما أسكر منها وما لم يسكر.
قال محمد : الرجس في اللغة : اسم لكل ما استقذر١، ويقال : رجس الرجل يرجس ؛ إذا عمل عملا قبيحا٢.
يحيى : عن محمد بن أبي حميد، عن محمد بن المنكدر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من شرب الخمر، ثم لم يسكر أعرض الله عنه أربعين ليلة، ومن شرب الخمر ثم سكر لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا أربعين ليلة، فإن مات فيها مات كعابد الأوثان ؛ وكان حقا على الله أن يسقيه يوم القيامة من طينة الخبال " قيل : يا رسول الله، وما طينة الخبال ؟ قال :" عصارة أهل النار في النار : القيح والدم ) )٣.
١ انظر/ القاموس المحيط للفيروز آبادي (٢/٢١٧) (مادة/رجس)..
٢ انظر لسان العرب (٣/١٥٩٠) (مادة/رجس)..
٣ بنحوه أخرجه مسلم (٣/١٥٨٧) ح (٢٠٠٢) والإمام أحمد في مسنده (٢/١٧٦، ١٨٩) والنسائي (٨/٧٢٠) ح (٥٦٨٦) وابن ماجه ب (٢/١١٢٠ – ١١٢١) ح (٣٣٧٧)..
٢ انظر لسان العرب (٣/١٥٩٠) (مادة/رجس)..
٣ بنحوه أخرجه مسلم (٣/١٥٨٧) ح (٢٠٠٢) والإمام أحمد في مسنده (٢/١٧٦، ١٨٩) والنسائي (٨/٧٢٠) ح (٥٦٨٦) وابن ماجه ب (٢/١١٢٠ – ١١٢١) ح (٣٣٧٧)..
﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقوا﴾ يَعْنِي: شَرِبُوا: مِنَ الْخَمْرِ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ.
قَالَ الْحَسَنُ:
لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، قَالُوا: كَيْفَ بِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ مَاتُوا وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهَا رجسٌ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ﴾ [إِثْم]
                                                                        قَالَ الْحَسَنُ:
لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، قَالُوا: كَيْفَ بِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ مَاتُوا وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهَا رجسٌ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ﴾ [إِثْم]
﴿فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا﴾ شربهَا ﴿وآمنوا﴾ (مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمُوا} بِتَحْرِيمِهَا ﴿وَعمِلُوا الصَّالِحَات ثمَّ اتَّقوا﴾ شربهَا ﴿وأحسنوا﴾ الْعَمَلَ بَعْدَ تَحْرِيمِهَا فَلَمْ يَشْرَبُوهَا؛ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ محسنٌ ﴿وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ﴾ الَّذين يَأْخُذُونَ بِالسنةِ.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٩٤) إِلَى الْآيَة (٩٥).
                                                                        سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٩٤) إِلَى الْآيَة (٩٥).
﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا ليبلونكم الله﴾ ليختبركم اللَّهُ ﴿بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُم ورماحكم﴾ تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ قَالَ:
رِمَاحُكُمْ أَوْ نِبَالُكُمْ؛ تَنَالُ كَبِيرَ الصَّيْدِ
                                                                                                                رِمَاحُكُمْ أَوْ نِبَالُكُمْ؛ تَنَالُ كَبِيرَ الصَّيْدِ
46
                                                                    وَصَغِيرَهُ، تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ أَخْذًا ﴿لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ﴾.
﴿فَمَنِ اعْتدى بعد ذَلِك﴾ قَالَ الْحَسَنُ: يَقُولُ:
فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ التَّحْرِيمِ وَصَادَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَلَهُ عذابٌ أَلِيمٌ. قَالَ مُجَاهِدٌ: إِنْ قَتَلَهُ نَاسِيًا لِإْحِرَامِهِ غَيْرَ متعمدٌ لِقَتْلِهِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ، وَإِنْ قَتَلَهُ مُتَعَمِّدًا وَهُوَ ذَاكِرٌ لِإِحْرَامِهِ فَلَهُ عذابٌ أَلِيمٌ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ جَزَاء.
                                                                        ﴿فَمَنِ اعْتدى بعد ذَلِك﴾ قَالَ الْحَسَنُ: يَقُولُ:
فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ التَّحْرِيمِ وَصَادَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَلَهُ عذابٌ أَلِيمٌ. قَالَ مُجَاهِدٌ: إِنْ قَتَلَهُ نَاسِيًا لِإْحِرَامِهِ غَيْرَ متعمدٌ لِقَتْلِهِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ، وَإِنْ قَتَلَهُ مُتَعَمِّدًا وَهُوَ ذَاكِرٌ لِإِحْرَامِهِ فَلَهُ عذابٌ أَلِيمٌ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ جَزَاء.
47
                                                                    ﴿يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عدل مِنْكُم﴾ الْآيَةَ، كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: حُكْمُ (ل ٨٨) الْحَكَمَيْنِ ماضٍ أَبَدًا، وَقَدْ يَحْكُمُ الحكمان بِمَا حكم بِهِ رَسُول الله، وَلَكِن لابد مِنْ أَنْ يَحْكُمَا. قَالَ قَتَادَةُ:
وَإِذَا كَانَ صَيْدًا لَا يَبْلُغُ النَّعَمَ، حَكَمًا طَعَامًا أَوْ صَوْمًا، وَيَحْكُمَانِ عَلَيْهِ فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ.
﴿ليذوق وبال أمره﴾ أَيْ: عُقُوبَةَ فِعْلِهِ ﴿عَفَا اللَّهُ عَمَّا سلف﴾ قَبْلَ التَّحْرِيمِ ﴿وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتقام﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: إِنْ عَادَ لَمْ يحكم عَلَيْهِ، الله يَنْتَقِمُ مِنْهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: بَلْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ أَبَدًا. سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٩٦) إِلَى الْآيَة (٩٧).
                                                                        وَإِذَا كَانَ صَيْدًا لَا يَبْلُغُ النَّعَمَ، حَكَمًا طَعَامًا أَوْ صَوْمًا، وَيَحْكُمَانِ عَلَيْهِ فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ.
﴿ليذوق وبال أمره﴾ أَيْ: عُقُوبَةَ فِعْلِهِ ﴿عَفَا اللَّهُ عَمَّا سلف﴾ قَبْلَ التَّحْرِيمِ ﴿وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتقام﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: إِنْ عَادَ لَمْ يحكم عَلَيْهِ، الله يَنْتَقِمُ مِنْهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: بَلْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ أَبَدًا. سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٩٦) إِلَى الْآيَة (٩٧).
قَوْلُهُ: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ﴾ قَالَ الْحَسَنُ:
لَا بَأْسَ أَنْ يصيد الْمحرم الْحيتَان ﴿وَطَعَامه﴾ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: مَا أَلْقَى الْبَحْرُ مِنْ حُوتٍ مَيْتٍ فَهُوَ طَعَامُهُ ﴿مَتَاعًا لكم﴾ بلاغاً لكم ﴿وللسيارة﴾ يَعْنِي: الْمُسَافِرِينَ،
                                                                                                                لَا بَأْسَ أَنْ يصيد الْمحرم الْحيتَان ﴿وَطَعَامه﴾ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: مَا أَلْقَى الْبَحْرُ مِنْ حُوتٍ مَيْتٍ فَهُوَ طَعَامُهُ ﴿مَتَاعًا لكم﴾ بلاغاً لكم ﴿وللسيارة﴾ يَعْنِي: الْمُسَافِرِينَ،
47
                                                                    وَهُوَ مَا يَتَزَوَّدُهُ النَّاسُ مِنْ صَالِحِ السَّمَكِ فِي أَسْفَارِهِمْ.
قَالَ مُحَمَّد: ﴿مَتَاعا لكم﴾ مَصْدَرٌ؛ أَيْ: مَتَّعْتُكُمْ بِهِ مَتَاعًا.
﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.
                                                                        قَالَ مُحَمَّد: ﴿مَتَاعا لكم﴾ مَصْدَرٌ؛ أَيْ: مَتَّعْتُكُمْ بِهِ مَتَاعًا.
﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.
48
                                                                    ﴿جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ والقلائد﴾ قَالَ قَتَادَةُ:
كَانَتْ هَذِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حَوَاجِزَ، كَانَ الرَّجُلُ لَوْ جَرَّ كُلَّ جَرِيرَةٍ، ثُمَّ لَجَأَ إِلَى الْحَرَمِ لَمْ يُتَنَاوَلْ، وَكَانَ الرَّجُلُ لَوْ لَقِيَ قَاتِلَ أَبِيهِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ لَمْ يَمَسَّهُ، وَكَانَ الرَّجُلُ لَوْ لَقِيَ الْهَدْيَ مُقَلَّدًا وَهُوَ يَأْكُلُ [الْقَضْبَ] مِنَ الْجُوعِ لَمْ يَمَسَّهُ، وَكَانَ الرَّجَلُ إِذَا أَرَادَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ تَقَلَّدَ قِلَادَةً مِنْ شَعَرٍ، حَتَّى يَبْلُغَ مَكَّةَ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصْدِرَ مِنْ مَكَّةَ تَقَلَّدَ قِلَادَةً مِنْ لِحَاءِ السَّمُرِ أَوْ مِنَ الْإِذْخَرِ، فمنعته حَتَّى يَأْتِي أَهله.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٩٨) إِلَى الْآيَة (١٠٣).
                                                                        كَانَتْ هَذِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حَوَاجِزَ، كَانَ الرَّجُلُ لَوْ جَرَّ كُلَّ جَرِيرَةٍ، ثُمَّ لَجَأَ إِلَى الْحَرَمِ لَمْ يُتَنَاوَلْ، وَكَانَ الرَّجُلُ لَوْ لَقِيَ قَاتِلَ أَبِيهِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ لَمْ يَمَسَّهُ، وَكَانَ الرَّجُلُ لَوْ لَقِيَ الْهَدْيَ مُقَلَّدًا وَهُوَ يَأْكُلُ [الْقَضْبَ] مِنَ الْجُوعِ لَمْ يَمَسَّهُ، وَكَانَ الرَّجَلُ إِذَا أَرَادَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ تَقَلَّدَ قِلَادَةً مِنْ شَعَرٍ، حَتَّى يَبْلُغَ مَكَّةَ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصْدِرَ مِنْ مَكَّةَ تَقَلَّدَ قِلَادَةً مِنْ لِحَاءِ السَّمُرِ أَوْ مِنَ الْإِذْخَرِ، فمنعته حَتَّى يَأْتِي أَهله.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (٩٨) إِلَى الْآيَة (١٠٣).
﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْتَقِمَ مِنْهُ. ﴿وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
                                                                    
                                                                        ﴿قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ﴾ يَعْنِي: الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ ﴿وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَة الْخَبيث﴾ كَثْرَة الْحَرَام.
                                                                    
                                                                        ﴿يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا﴾ قَالَ الْحَسَنُ:
سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ أُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي قَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا فَأَكْثَرُوا؛ حَتَّى غَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ غَضَبًا شَدِيدًا، فَقَالَ: سَلُونِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شيءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".
                                                                        سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ أُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي قَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا فَأَكْثَرُوا؛ حَتَّى غَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ غَضَبًا شَدِيدًا، فَقَالَ: سَلُونِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شيءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".
﴿قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ فَبُيِّنَتْ لَهُمْ ﴿ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرين﴾ يَعْنِي: أَهْلَ الْكِتَابِ: [حَدَّثَنَا يحيى]، وَبَلَغَنِي أَنَّهَا فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ:
قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ [فَبَيَّنْتُهُ لَهُمْ] فَأَصْبَحُوا بهَا [كَافِرين].
                                                                        قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ [فَبَيَّنْتُهُ لَهُمْ] فَأَصْبَحُوا بهَا [كَافِرين].
قَوْلُهُ: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلَا حام﴾ إِلَى
                                                                            
                                                                                                                49
                                                                    قَوْله: ﴿لَا يعْقلُونَ﴾ يَعْنِي: لَا يَعْقِلُونَ تَحْرِيمَ الشَّيْطَانِ الَّذِي يُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ.
قَالَ قَتَادَةُ:
كَانَتِ الْبَحِيرَةُ مِنَ الْإِبِلِ؛ كَانَتِ النَّاقَةُ إِذَا نَتَجَتَ خَمْسَةَ أَبْطُنٍ، نَظَرَ إِلَى الْبَطْنِ الْخَامِسِ؛ فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا أَكَلَهُ الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ مَيْتَةً اشْتَرَكَ فِيهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى نَحَرُوا أُذُنَهَا؛ أَيْ: شَقُّوهَا، وَتُرِكَتْ فَلَا يُشْرَبُ لَهَا لَبَنٌ، وَلَا يُجَزُّ لَهَا وبرٌ، وَلَا يُرْكَبُ لَهَا ظَهْرٌ.
وَالسَّائِبَةُ: كَانُوا يَسِيبُونَ مَا بَدَا لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، فَلَا يُمْنَعُ مِنْ مَاءٍ وَلَا مَرْعًى.
وَالْوَصِيلَةُ مِنَ الْغَنَمِ:
كَانُوا إِذَا نَتَجَتِ الشَّاةُ سَبْعَةَ أَبْطُنٍ، نَظَرُوا إِلَى الْبَطْنِ السَّابِعِ، فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا ذُبِحَ، فَكَانَ لِلرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ مَيْتَةً اشْتَرَكَ فِيهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى تُرِكَتْ، وَإِنْ جَاءَتْ بِذَكَرٍ وَأُنْثَى قِيلَ: وَصَلَتْ أَخَاهَا فَمَنَعَتْهُ الذَّبْحَ.
وَكَانَ الْحَامُ إِذَا رُكِبَ [مِنْ وَلَدِهِ عَشَرَةً قِيلَ] حَمَى ظَهْرَهُ فَلَا (يُزَمُّ) وَلَا يخطم وَلَا يركب.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (١٠٤) إِلَى الْآيَة (١٠٥).
                                                                        قَالَ قَتَادَةُ:
كَانَتِ الْبَحِيرَةُ مِنَ الْإِبِلِ؛ كَانَتِ النَّاقَةُ إِذَا نَتَجَتَ خَمْسَةَ أَبْطُنٍ، نَظَرَ إِلَى الْبَطْنِ الْخَامِسِ؛ فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا أَكَلَهُ الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ مَيْتَةً اشْتَرَكَ فِيهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى نَحَرُوا أُذُنَهَا؛ أَيْ: شَقُّوهَا، وَتُرِكَتْ فَلَا يُشْرَبُ لَهَا لَبَنٌ، وَلَا يُجَزُّ لَهَا وبرٌ، وَلَا يُرْكَبُ لَهَا ظَهْرٌ.
وَالسَّائِبَةُ: كَانُوا يَسِيبُونَ مَا بَدَا لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، فَلَا يُمْنَعُ مِنْ مَاءٍ وَلَا مَرْعًى.
وَالْوَصِيلَةُ مِنَ الْغَنَمِ:
كَانُوا إِذَا نَتَجَتِ الشَّاةُ سَبْعَةَ أَبْطُنٍ، نَظَرُوا إِلَى الْبَطْنِ السَّابِعِ، فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا ذُبِحَ، فَكَانَ لِلرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ مَيْتَةً اشْتَرَكَ فِيهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى تُرِكَتْ، وَإِنْ جَاءَتْ بِذَكَرٍ وَأُنْثَى قِيلَ: وَصَلَتْ أَخَاهَا فَمَنَعَتْهُ الذَّبْحَ.
وَكَانَ الْحَامُ إِذَا رُكِبَ [مِنْ وَلَدِهِ عَشَرَةً قِيلَ] حَمَى ظَهْرَهُ فَلَا (يُزَمُّ) وَلَا يخطم وَلَا يركب.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (١٠٤) إِلَى الْآيَة (١٠٥).
50
                                                                    ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم﴾ يَعْنِي: إِذَا لَمْ يُقْبَلْ مِنْكُمْ.
                                                                            
                                                                                                                50
                                                                    ﴿لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ لَيْسَ هَذَا فِي ضَلَالِ الْكُفْرِ (ل ٨٩) وَلَكِنْ فِي الضَّلَالِ عَنِ الْحَقِّ فِي الْإِسْلَامِ.
يحيى: عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ، عَنِ الْحَسَنِ:
أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ قُرِئَتْ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ ابْن مَسْعُودٍ، فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا بِزَمَانِهَا، قُولُوهَا مَا قُبِلَتْ مِنْكُمْ فَإِذَا رُدَّتْ عَلَيْكُمْ فَعَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ".
قَالَ مُحَمَّدٌ: الْمَعْنَى: إِنَّمَا أَلْزَمَكُمُ اللَّهُ أَمْرَ أَنْفُسِكُمْ، وَإِذَا قُلْتُ: عَلَيْكَ فلَانا، فَالْمَعْنى: الزم فلَانا.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (١٠٦) إِلَى الْآيَة (١٠٨).
                                                                        يحيى: عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ، عَنِ الْحَسَنِ:
أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ قُرِئَتْ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ ابْن مَسْعُودٍ، فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا بِزَمَانِهَا، قُولُوهَا مَا قُبِلَتْ مِنْكُمْ فَإِذَا رُدَّتْ عَلَيْكُمْ فَعَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ".
قَالَ مُحَمَّدٌ: الْمَعْنَى: إِنَّمَا أَلْزَمَكُمُ اللَّهُ أَمْرَ أَنْفُسِكُمْ، وَإِذَا قُلْتُ: عَلَيْكَ فلَانا، فَالْمَعْنى: الزم فلَانا.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (١٠٦) إِلَى الْآيَة (١٠٨).
51
                                                                    ﴿يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ﴾ إِلَى قَوْله: ﴿وآخران من غَيْركُمْ﴾.
قَالَ يحيى: فِيهَا تَقْدِيمٌ؛ يَقُولُ:
يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا حَضَرَ أَحُدَكُمُ الْمَوْتُ
                                                                                                                قَالَ يحيى: فِيهَا تَقْدِيمٌ؛ يَقُولُ:
يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا حَضَرَ أَحُدَكُمُ الْمَوْتُ
51
                                                                    فَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عدلٍ مِنْكُمْ.
قَالَ مُحَمَّد: ﴿شَهَادَة بَيْنكُم﴾ رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر ﴿اثْنَان﴾ الْمَعْنَى: شَهَادَةُ هَذِهِ الْحَالِ شَهَادَةُ اثْنَيْنِ.
قَالَ الْحَسَنُ: يَعْنِي:
مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْعَشِيرَةِ، لِأَنَّ الْعَشِيرَةَ أَعْلَمُ بِالرَّجُلِ وَبِوَلَدِهِ وَمَالِهِ، وَأَجْدَرُ أَلَّا يَنْسَوْا مَا يَشْهَدُونَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْعَشِيرَةِ أحدٌ فَآخَرَانِ مِنْ غَيْرِ الْعَشِيرَةِ ﴿إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فأصابتكم مُصِيبَة الْمَوْت﴾ فَإِنْ شَهِدَا وَهُمَا عَدْلَانِ مَضَتْ شَهَادَتُهُمَا وَإِنِ ارْتِيبَ فِي شَهَادَتِهِمَا حُبِسَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَفِيهَا تَقْدِيم ﴿تحبونهما من بعد الصَّلَاة﴾ [صَلَاةِ الْعَصْرِ] إِنِ ارْتَبْتُمْ. قَالَ الْحَسَنُ: وَلَوْ كَانَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ [الصَّلَاةِ] مَا حَلَفَا دُبُرَ الصَّلاةِ ﴿فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثمين﴾.
فتمضي شَهَادَتهمَا
                                                                        قَالَ مُحَمَّد: ﴿شَهَادَة بَيْنكُم﴾ رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر ﴿اثْنَان﴾ الْمَعْنَى: شَهَادَةُ هَذِهِ الْحَالِ شَهَادَةُ اثْنَيْنِ.
قَالَ الْحَسَنُ: يَعْنِي:
مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْعَشِيرَةِ، لِأَنَّ الْعَشِيرَةَ أَعْلَمُ بِالرَّجُلِ وَبِوَلَدِهِ وَمَالِهِ، وَأَجْدَرُ أَلَّا يَنْسَوْا مَا يَشْهَدُونَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْعَشِيرَةِ أحدٌ فَآخَرَانِ مِنْ غَيْرِ الْعَشِيرَةِ ﴿إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فأصابتكم مُصِيبَة الْمَوْت﴾ فَإِنْ شَهِدَا وَهُمَا عَدْلَانِ مَضَتْ شَهَادَتُهُمَا وَإِنِ ارْتِيبَ فِي شَهَادَتِهِمَا حُبِسَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَفِيهَا تَقْدِيم ﴿تحبونهما من بعد الصَّلَاة﴾ [صَلَاةِ الْعَصْرِ] إِنِ ارْتَبْتُمْ. قَالَ الْحَسَنُ: وَلَوْ كَانَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ [الصَّلَاةِ] مَا حَلَفَا دُبُرَ الصَّلاةِ ﴿فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثمين﴾.
فتمضي شَهَادَتهمَا
52
                                                                    ﴿فَإِن عثر﴾ يَعْنِي: اطُّلِعَ ﴿عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا﴾ أَيْ: شَهِدَا بِزُورٍ ﴿فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ﴾ يَعْنِي: الْوَرَثَةَ ﴿الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ﴾ الْآيَةَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: الْمَعْنَى:
فَلْيَقُمِ الْأَوْلَيَانِ مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْوَصِيَّة.
                                                                        قَالَ مُحَمَّدٌ: الْمَعْنَى:
فَلْيَقُمِ الْأَوْلَيَانِ مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْوَصِيَّة.
﴿ذَلِك أدنى﴾ أَجْدَرُ ﴿أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَان بعد أَيْمَانهم﴾ قَالَ الْحَسَنُ: فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُنَكِّلَ الشُّهُودُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ.
قَالَ يحيى: وَلَمْ تَكُنْ عِنْدَ الْحَسَنِ مَنْسُوخَةً، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ وَلَا يَحْلِفُ الشَّاهِدَانِ الْيَوْمَ؛ إِنْ كَانَا عَدْلَيْنِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا عَدْلَيْنِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا؛ قَالَ اللَّهُ: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ من﴾. وَقَالَ فِي سُورَةِ الطَّلَاقِ: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوي عدل مِنْكُم﴾ وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يَحْلِفَ.
قَوْلُهُ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ يَعْنِي: الَّذِينَ يَمُوتُونَ عَلَى شِرْكِهِمْ.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (١٠٩) إِلَى الْآيَة (١١٣).
                                                                        قَالَ يحيى: وَلَمْ تَكُنْ عِنْدَ الْحَسَنِ مَنْسُوخَةً، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ وَلَا يَحْلِفُ الشَّاهِدَانِ الْيَوْمَ؛ إِنْ كَانَا عَدْلَيْنِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا عَدْلَيْنِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا؛ قَالَ اللَّهُ: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ من﴾. وَقَالَ فِي سُورَةِ الطَّلَاقِ: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوي عدل مِنْكُم﴾ وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يَحْلِفَ.
قَوْلُهُ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ يَعْنِي: الَّذِينَ يَمُوتُونَ عَلَى شِرْكِهِمْ.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (١٠٩) إِلَى الْآيَة (١١٣).
﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لنا﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: تُنْزَعُ أَفْئِدَتُهُمْ فَلَا يَعْلَمُونَ، ثُمَّ تُرَدُّ إِلَيْهِمْ فَيَعْلَمُونَ.
                                                                    
                                                                        ﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم﴾ أَيْ: يَقُولُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
﴿اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أيدتك﴾ أعنتك.
﴿بِروح الْقُدس﴾ يَعْنِي: جِبْرِيلَ: ﴿تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي المهد﴾ يَعْنِي: حجر أمه ﴿وكهلا﴾ أَيْ: كَبِيرًا ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطين كَهَيئَةِ الطير﴾ يَعْنِي: كَشَبَهِ الطَّيْرِ ﴿وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ﴾ يَعْنِي: الْأَعْمَى [الَّذِي تَلِدُهُ] أُمُّهُ وَهُوَ مَضْمُومُ الْعَيْنَيْنِ.
وَإِذْ كَفَفْتُ بني إِسْرَائِيل عَنْك} إِلَى
                                                                        ﴿اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أيدتك﴾ أعنتك.
﴿بِروح الْقُدس﴾ يَعْنِي: جِبْرِيلَ: ﴿تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي المهد﴾ يَعْنِي: حجر أمه ﴿وكهلا﴾ أَيْ: كَبِيرًا ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطين كَهَيئَةِ الطير﴾ يَعْنِي: كَشَبَهِ الطَّيْرِ ﴿وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ﴾ يَعْنِي: الْأَعْمَى [الَّذِي تَلِدُهُ] أُمُّهُ وَهُوَ مَضْمُومُ الْعَيْنَيْنِ.
وَإِذْ كَفَفْتُ بني إِسْرَائِيل عَنْك} إِلَى
﴿ وإذ كففت بني إسرائيل ﴾ إلى قوله :﴿ وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي ﴾ يعني : وحيه إلى عيسى يأمرهم أن يتبعوه. 
                                                                    
                                                                        ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ﴾ قَالَ الْحَسَنُ: يَقُولُونَ: هَلْ رَبُّكَ فاعلٌ، وَهُوَ كَلَامُ الْعَرَبِ: مَا أَسْتَطِيعُ ذَلِكَ؛ أَيْ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ ذَلِكَ.
يحيى: عَنْ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
هُمْ كَانُوا أَعْلَمَ بِاللَّهِ مِنْ أَنْ يَقُولُوا: هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ، وَلَكِنْ قَالُوا:
                                                                                                                يحيى: عَنْ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
هُمْ كَانُوا أَعْلَمَ بِاللَّهِ مِنْ أَنْ يَقُولُوا: هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ، وَلَكِنْ قَالُوا:
54
                                                                    هَلْ تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ، أَيْ: هَلْ تَقْدِرُ عَلَى هَذَا مِنْهُ؟ "
﴿قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ (ل ٩٠) قَالَه عِيسَى
                                                                        ﴿قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ (ل ٩٠) قَالَه عِيسَى
55
                                                                    ﴿قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وتطمئن قُلُوبنَا﴾ أَيْ: تَسْكُنُ؛ إِذَا نَظَرْنَا إِلَى الْمَائِدَة.
﴿وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا من الشَّاهِدين﴾ أَنَّهَا نَزَلَتْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (١١٤) إِلَى الْآيَة (١١٥).
                                                                        ﴿وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا من الشَّاهِدين﴾ أَنَّهَا نَزَلَتْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (١١٤) إِلَى الْآيَة (١١٥).
﴿قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لأَوَّلِنَا وآخرنا﴾ قَالَ قَتَادَةُ: أَرَادُوا أَنْ تَكُونَ لِعَقِبِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَمعنى ﴿عيدا﴾: مجمعا، و ﴿مائدة﴾ الْأَصْلُ فِيهَا مِنْ قَوْلِكَ: مَادَنِي؛ أَيْ: أَعْطَانِي؛ فَكَأَنَّهَا تَمِيدُ الْآكِلِينَ؛ أَي: تعطيهم.
                                                                        قَالَ مُحَمَّدٌ: وَمعنى ﴿عيدا﴾: مجمعا، و ﴿مائدة﴾ الْأَصْلُ فِيهَا مِنْ قَوْلِكَ: مَادَنِي؛ أَيْ: أَعْطَانِي؛ فَكَأَنَّهَا تَمِيدُ الْآكِلِينَ؛ أَي: تعطيهم.
﴿قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ﴾ عَلَى شَرْطٍ ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُم فَإِنِّي أعذبه﴾ فِي الدُّنْيَا... الْآيَةَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنْزَلَ عَلَى الْمَائِدَةِ كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ اللَّحْمِ.
                                                                            
                                                                                                                55
                                                                    قَالَ قَتَادَةُ:
وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُمْ لَمَّا صَنَعُوا فِي الْمَائِدَةِ مَا صَنَعُوا مِنَ الْخِيَانَةِ وَغَيْرِهَا، حُوِّلُوا خَنَازِيرَ، وَكَانُوا أُمِرُوا أَلَّا يَخُونُوا فِيهِ، وَلَا يُخَبِّئُوا وَلَا يَدَّخِرُوا لغدٍ، فخانوا وخبئوا وَادخرُوا.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (١١٦) إِلَى الْآيَة (١٢٠).
                                                                        وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُمْ لَمَّا صَنَعُوا فِي الْمَائِدَةِ مَا صَنَعُوا مِنَ الْخِيَانَةِ وَغَيْرِهَا، حُوِّلُوا خَنَازِيرَ، وَكَانُوا أُمِرُوا أَلَّا يَخُونُوا فِيهِ، وَلَا يُخَبِّئُوا وَلَا يَدَّخِرُوا لغدٍ، فخانوا وخبئوا وَادخرُوا.
سُورَة الْمَائِدَة من الْآيَة (١١٦) إِلَى الْآيَة (١٢٠).
56
                                                                    ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ﴾ يَعْنِي: لِبَنِي إِسْرَائِيلَ خَاصَّةً ﴿اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ يَقُولُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. ﴿قَالَ سُبْحَانَكَ﴾ يُنَزِّهُ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ ﴿مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ علام الغيوب﴾ وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَمْ يقلهُ.
                                                                    
                                                                        ﴿مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي﴾ (وَفَاةَ الرَّفْعِ إِلَى السَّمَاءِ).
                                                                            
                                                                                                                56
                                                                    ﴿كنت أَنْت الرَّقِيب﴾ الْحَفِيظَ ﴿عَلَيْهِمْ﴾
                                                                            
                                                                        57
                                                                    ﴿إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك﴾ أَيْ: فَبِإِقَامَتِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ ﴿وَإِنْ تغْفر لَهُم﴾ فبتوبة كَانَت مِنْهُم.
                                                                    
                                                                        ﴿قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقين صدقهم﴾ وَهِي تقْرَأ على وَجه آخر ﴿يَوْمٌ﴾ مُنَوَّنَةٌ.