ﰡ
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيد ﴾ [ سورة المائدة، الآية ( ١ ) ].
وفيها مسألتان :
[ ٣٦ ] المسألة الأولى : في معنى العقد :
قال ابن حزم – رحمه الله - : والعهد هو العقد نفسه، وهو ما ألزمه المرء والتزمه، فما كان عهدا لله تعالى وعقدا له فهو لازم، قال تعالى :﴿ أوفوا بالعقود ﴾، وقال تعالى :﴿ وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها ﴾١، فصح أن العهد شيء غير اليمين، إذ قد يكون العهد بلا يمين، ولا يجوز أن يظن أحد أن معنى ﴿ وأوفوا بعهد الله ﴾ أي يمين الله، وإن كان عهد لم يأمر الله – تعالى – به، فهو باطل، لا يلزم، قال صلى الله عليه وسلم : " كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل " ٢ والشرط هو العهد نفسه، والعقد نفسه.
وقال في موضع آخر : أما أمر الله تعالى بالوفاء بالعقود : فلا يختلف اثنان في أنه ليس على عمومه ولا على ظاهره، وقد جاء القرآن بأن نجتنب نواهي الله تعالى، ومعاصيه، فمن عقد على معصية فحرام عليه الوفاء بها، فإذا لا شك في هذا فقد صح أن كل شرط ليس في كتاب الله تعالى ( فهو باطل ) والباطل محرم، فكل محرم فلا يحل الوفاء به٣.
[ ٣٧ ] المسألة الثانية : في الأصل في العقود من حيث الصحة والفساد :
يرى ابن حزم – رحمه الله – أن جميع العقود باطلة غير لازمة إلا ما أوجبه منها نص أو أباحه نص.
واستدل على ذلك بنص النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذين قال تعالى فيه ﴿ وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ﴾٤.
١. حدثنا عبد الله بن يوسف٥، نا أحمد بن فتح٦، عبد الوهاب بن عيسى٧، ثنا أحمد بن محمد٨، نا أحمد بن علي٩، نا مسلم بن الحجاج١٠، ثنا أبو كريب محمد بن العلاء الهمداني، ثنا أبو أسامة، أنبأنا هشام بن عروة عن أبيه، قال : أخبرتني عائشة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب عشية، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال : " أما بعد، فما بال قوم يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، وما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، ولو كان مائة شرط، كتاب الله أحق وشرط الله أوثق " ١١.
٢. حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الهمداني١٢، ثنا أبو إسحاق البلخي١٣، حدثنا الفربري١٤، حدثنا البخاري، نا علي بن عبد الله، نا سفيان، عن يحيى هو ابن سعيد الأنصاري، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة أم المؤمنين قالت : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال : " ما بال أقوال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له، وإن اشترط مائة شرط١٥.
٣. حدثنا عبد الله بن يوسف، نا أحمد بن فتح، نا عبد الوهاب بن عيسى، نا أحمد بن محمد، نا أحمد بن علي١٦، نا مسلم، نا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد كلاهما عن أبي عاصم العقدي، نا عبد الله بن جعفر الزهري، عن سعد بن إبراهيم أن القاسم بن محمد قال : أخبرتني عائشة أن رسول الله قال : " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " ١٧.
فصح بهذا النص بطلان كل عقد عقده الإنسان والتزمه، إلا ما صح أن يكون عقدا جاء النص أو الإجماع بإلزامه باسمه أو بإباحة التزامه بعينه، وكذلك حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبطال صلح الذي صالح الذي زنى بامرأته١٨.
٤. أن الله عز وجل يقول في سورة براءة التي هي آخر سورة أنزلها، آخر عهد عهد به إلى المسلمين والمشركين، نسخ به جميع ما تقدم، فقال تعالى :﴿ كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام ﴾١٩. فأبطل عز وجل كل عهد يعهده أحد لمشرك إلا على ما نص في السورة المذكورة من غرم الجزية مع الصغار لأهل الكتاب خاصة، واستثنى تعالى الذين عاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المسجد الحرام خاصة، وهم الذين ذكروا في أول السورة، إذ يقول تعالى :﴿ براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين * فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين ﴾٢٠ فلما انقضت تلك الأربعة الأشهر لم يبق لمشرك على مسلم عهد إلا السيف أو الإسلام، إلا أن يكون كتابيا فيرضى بغرم الجزية مع الصغار، فيجاب على ذلك، وإلا السيف، فصح بهذا النص أن كل عهد عاهده مسلم مشركا على غير الجزية مع الصغار فهو عهد الشيطان منسوخ مردود لا يحل الوفاء به٢١.
٢ جزء من حديث أخرجه البخاري في صحيحه. كتاب البيوع. باب الشراء والبيع مع النساء، حديث رقم ١٥٥ م، في قصة بريرة عن عائشة – رضي الله عنها – دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اشتري وأعتقي فإنما الولاء لمن أعتق، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم من العشي فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: "ما بال الناس يشترطون شروطا ليس في كتاب الله من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل وإن اشترط مائة شرط، شرط الله أحق وأوثق، كما أخرجه في الكتاب نفسه في باب إذا اشترط في البيع شروطا لا تحل، حديث رقم ٢١٦٨، وفي كتاب المكاتب، باب المكاتب ونجومه في كل سنة نجم، حديث رقم ٢٥٦٠، وفي باب استعانة المكاتب وسؤاله الناس، حديث رقم ٢٥٦٣، وفي كتاب الشروط، باب الشروط في الولاء، حديث رقم ٢٧٢٩، ومسلم في صحيحه، في كتاب العتق، باب إنما الولاء لمن أعتق، حديث رقم ٨/١٥٠٤..
٣ الدرة، ص ٤٣٢، ٤٣٣ المحلى (٩/١٩٣) الجامع، تحقيق: أبي عبد الرحمن بن عقيل، وعبد الحليم عويس (دار الاعتصام) ص ٧٠..
٤ سورة النحل : من الآية (٤٤)..
٥ عبد الله بن يوسف بن نامي، الرهوني، كان رجلا صالحا، خيرا، فاضلا، متحريا فيما يسمع، متحفظا به ورعا، واختلط في آخر عمره، فترك الأخذ عنه، وقد تقدم..
٦ أحمد بن فتح بن عبد الله بن علي بن يوسف المعافري، التاجر، من أهل قرطبة، يكنى أبا القاسم، ويعرف: بابن الرسان، حمل صحيح مسلم عن أبي العلاء عبد الوهاب بن عيسى بن ماهان، قال عنه الذهبي: الشيخ الجليل الثقة المحدث، توفي سنة ٤٠٣ هـ.
انظر: الحميدي، الجذوة، ص ١٣٢، ابن بشكوال، الصلة (١/٣١)، الذهبي، السير (١٧/٢٠٥)..
٧ عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الوهاب بن عيسى بن ماهان، روى عنه أحمد بن فتح الله، وحدث بمصر بصحيح مسلم، عن أبي بكر أحمد بن محمد بن يحيى الأشقر الشافعي، عن أحمد القلانسي، عن مسلم، وثقه الدارقطني، توفي سنة ٣٨٧ هـ. انظر: الذهبي، السير (١٦/٥٣٥)..
٨ أحمد بن يحيى بن يحيى، أبو بكر النيسابوري، الأشقر، الفقيه، على مذهب الشافعي، راوية كتاب مسلم يروي عن القلانسي، روى عنه أبو العلاء عبد الوهاب بن ماهان. قال الحاكم: صدوق في الحديث، توفي في آخر سنة ٣٥٩ هـ.
انظر: ابن ماكولا، الإكمال (١/٩٥) الحاشية، الذهبي، تاريخ الإسلام، ص ١٨٩ وفيات سنة ٣٥٩..
٩ أحمد بن علي بن الحسن بن المغيرة بن عبد الرحمن القلانسي، وقعت روايته عن مسلم عند المغاربة ولا يوجد له ذكر عند غيرهم، دخلت روايته إليهم من مصر على يدي رجل منهم إلى جهة المشرق كأبي عبد الله محمد بن يحيى الحذاء التميمي القرطبي وغيره. ابن الصلاح، صيانة صحيح مسلم، ص ١١١، ابن خير الإشبيلي، فهرسته ص ٨٧..
١٠ مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد، القشيري، النيسابوري، ثقة حافظ إمام مصنف، عالم بالفقه، توفي سنة ٢٦١ هـ. انظر: ابن حجر، التقريب، ص ٩٣٨.
بقية رجال الإسناد رجال الصحيح..
١١ تخريج الحديث: أخرجه بهذا السند مسلم في صحيحه في كتاب العتق، باب إنما الولاء لمن أعتق، حديث رقم ٨/١٥٠٤، وقد أخرجه البخاري أيضا بألفاظ مقاربة، في كتاب البيوع، باب الشراء والبيع مع النساء، حديث رقم ٢١٥٥، وفي باب إذا اشترط في البيع شروطا لا تحل، حديث رقم ٢١٦٨، وفي كتاب المكاتب، باب المكاتب ونجومه كل سنة نجم، حديث ٢٥٦٠، وفي باب ما يجوز من شروط المكاتب، ومن اشترط شرطا ليس في كتاب الله، حديث رقم ٢٥٦١، وفي باب استعانة المكاتب وسؤاله الناس، حديث رقم ٢٥٦٣، وفي كتاب الشروط، باب الشروط في الولاء، حديث رقم ٢٧٢٩..
١٢ عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن مسافر الوهراني، كان خيرا صالحا حدث بصحيح البخاري. تقدم..
١٣ إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم البلخي المستملي، قال أبو ذر: كان من الحافظين المتقنين، تقدم..
١٤ محمد بن يوسف بن واقد بن عثمان، الضبي مولاهم، الفريابي، ثقة فاضل، تقدم.
والبقية هم رجال الصحيح..
١٥ أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الصلاة، باب ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد، حديث رقم ٤٥٦، وفي كتاب الشروط باب المكاتب، ومالا يحل من الشروط التي تخالف كتاب الله، حديث رقم ٢٧٣٥..
١٦ شيوخ ابن حزم إلى مسلم صاحب الصحيح تقدموا في الرواية الأولى، والبقية رجال الصحيح، كلهم ثقات..
١٧ الحديث بهذا السند أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة. ورد محدثات الأمور، حديث رقم ١٨/١٧١٨. وقد أخرجه البخاري معلقا بصيغة الجزم، في كتاب البيوع، باب النجش، ومن قال: لا يجوز ذلك البيع، وفي كتاب الاعتصام، باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم، فأخطأ خلاف الرسول من غير علم، فحكمه مردود..
١٨ يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، حديث رقم ٢٦٩٥، ٢٦٩٦، عن أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهم قالا: جاء أعرابي فقال: يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله، فقال خصمه: صدق. اقض بيننا بكتاب الله، فقال الأعرابي، إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته، فقالوا لي: على ابنك الرجم، ففديت ابني منه بمائة من الغنم ووليدة، ثم سألت أهل العلم فقالوا: إنما على ابنك جلد مائة وتغريب عام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لأقضين بينكما بكتاب الله، أما الوليدة والغنم فرد عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، وأما أنت يا أنيس – الرجل – فاغد على امرأة هذا فارجمها" فغدا عليها أنيس فرجمها. وهذا الحديث مخرج عند البخاري في مواضع كثيرة متفرقة..
١٩ سورة التوبة، من الآية (٧)..
٢٠ سورة التوبة، من الآية (١، ٢)..
٢١ الأحكام ص ٧٨٤ – ٨١١..
وفيها ثلاث مسائل :
[ ٣٨ ] المسألة الأولى : في معنى القلائد :
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى – في قوله تعالى :﴿ ولا القلائد ﴾، القلائد هاهنا إنما هي على ظاهرها قلائد الهدى التي لا يحل إحلالها١.
[ ٣٩ ] المسألة الثانية : في المنسوخ من الآية.
قال أبو محمد – رحمه الله – قوله تعالى :﴿ لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلا آَمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا ﴾ قيل إنه نسخ منه ( القلائد ) فقط.
كما حدثنا أبو سعيد الجعفري٢، حدثنا محمد علي المقري٣، حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل٤ حدثنا أبو جعفر الطحاوي٥، حدثنا سلمة بن شبيب٦، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن قتادة٧، وذكر هذه الآية، فقال منسوخ، كان الرجل في الجاهلية إذا خرج إلى الحج تقلد من السمر، فلا يعرض له أحد، وإذا رجع، تقلد قلادة شعر فلم يعرض له أحد، وكان المشرك يومئذ لا يصد عن البيت، وأمروا ألا يقاتلوا في الأشهر الحرم ولا عند البيت فنسخها قوله تعالى :﴿ فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ﴾٨. وهذا نص قول قتادة٩.
[ ٤٠ ] المسألة الثالثة : في الأمر في قوله تعالى ﴿ وإذا حللتم فاصطادوا ﴾.
يرى الإمام ابن حزم – رحمه الله – أن الأمر في قوله ﴿ وإذا حللتم فاصطادوا ﴾ للإباحة، واستدل على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم حل بالطواف بالبيت، وانحدر إلى منى فعلمنا أنه ندب أو إباحة١٠.
٢ خلف مولى جعفر الفتى، المقرئ، يعرف بابن الجعفري، يكنى، أبا سعيد، سكن قرطبة، وأخذ عن شيوخها، ورحل إلى المشرق، فسمع من شيوخ مكة ومصر والقيروان، وكان من أهل القرآن والعلم، نبيلا من أهل الفهم، مائلا إلى الزهد والإنقباض، خيرا فاضلا، خرج عن قرطبة في الفتنة وقصد طرطوشة، وتوفي بها سنة ٤٢٥ هـ، وقيل ٤٢٩ هـ. انظر: ابن بشكوال، الصلة، (١/١٦٤)، الضبي، بغية الملمس، ص ٢٨٤..
٣ محمد بن علي محمد الأدفوي، المصري، أبو بكر، مفسر، مقرئ، نحوي، صحب أبا جعفر النحاس المصري، وأخذ عنه وأكثر، وروى كل تصانيفه، وأخذ عن غيره من أهل العلم والقرآن والحديث والعربية، وكان سيد أهل عصره في مصره، وغير مصره، وقرأ عليه الأجلاء، وصنف في التفسير كتبا مفيدة، منها كتاب الاستغناء، توفي سنة ٣٨٨ هـ. انظر: ابن خير الإشبيلي، فهرسته ص ٦٦، ٢٦٩، ٣٩٢، إبراهيم الحبال، وفيات المصريين (١/٣٧)، الذهبي، السير (١٧/٢٧)..
٤ أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس، المصري، النحوي، صاحب التصانيف، سمع بمصر من جماعة منهم أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي، وارتحل إلى بغداد، وسمع من الزجاج، وروى عنه أبو بكر محمد بن علي الأدفوي تواليفه، من كتبه: إعراب القرآن، والناسخ والمنسوخ وغيرهما، توفي سنة ٣٣٨ هـ. انظر: الذهبي، السير (١٥/٤٠١)، ابن النجار، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد (٢١/٤٨)، ابن خلكان، وفيات الأعيان (١/٩٩)، ابن العماد، الشذرات (٢/٤٦)..
٥ أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي الحجري، المصري، الطحاوي الحنفي، العلامة، الحافظ، صاحب التصانيف البديعة، قال ابن يونس: كان ثقة ثبتا فقيها عاقلا لم يخلف مثله، صنف في اختلاف العلماء، والشروط، وغيرها، توفي سنة ٣٢١ هـ. انظر: ابن خلكان، وفيات الأعيان (١/١١)، الذهبي، تذكرة الحفاظ (٣/٨١٠)..
٦ سلمة بن شبيب المسمعي النيسابوري، نزيل مكة، ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن، روى عن عبد الرزاق والطيالسي، وجماعة، وعنه الإمام أحمد بن حنبل وهو من شيوخه وعدة، توفي سنة بضع وأربعين ومائتين. انظر: ابن حجر، التهذيب (٤/١٣٢)، التقريب ص ٤٠٠..
٧ عبد الرزاق ومعمر وقتادة، كلهم ثقات وقد تقدموا.
تخريج الأثر: أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (١/١٨٢)، والطبري في تفسيره (٩/٤٧٨) برقم (١٠٩٧٦ والنحاس في الناسخ والمنسوخ (٢/٢٣٥)، والجصاص في أحكام القرآن (٢/٣٧٩)، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص ٣٠٠، وذكره السيوطي في الدر (٣/٨) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.
الحكم على الإسناد: صحيح..
٨ سورة التوبة: من الآية (٥)..
٩ المحلى (١٢/١٢٨)..
١٠ الإحكام ص ٣٧٩، ٤٤٩، ٥٠٥..
وفيها ثمان عشرة مسألة :
[ ٤١ ] المسألة الأولى : في المحرمات في الآية.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى – لا يحل أكل شيء من الخنزير، لا لحمه، ولا شحمه، ولا جلده، ولا عصبه، ولا غضروفه، ولا حشوته، ولا مخه، ولا عظمه ولا رأسه، ولا أطرافه، ولا لبنه، ولا شعره – الذكر والأنثى، والصغير والكبير سواء – ولا يحل الانتفاع بشعره لا في خرز ولا غيره.
ولا يحل أكل شيء مما مات حتف أنفه من حيوان البر ولا ما قتل منه بغير الذكاة المأمور بها، إلا الجراد وحده ؛ فإن خنق شيء من حيوان البر حتى يموت، أو ضرب بشيء حتى يموت، أو سقط من علو فمات، أو نطحه حيوان آخر فمات من ذلك فلا يحل أكل شيء منه، ولا ما قتله السبع أو حيوان آخر حاشا الصيد، فإن أدرك كل ما ذكرنا حيا فذكي فهو حلال أكله إن كان مما لم يحرم أكله.
ولا يحل أكل حيوان ذبح أو نحر لغير الله، قال الله تعالى :﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ﴾.
فحرم تعالى كل ما ذكرنا واستثنى منه بالإباحة كل ما ذكينا ولا تقتضى الآية غير هذا أصلا.
١. روينا من طريق مسلم نا قتيبة بن سعيد، نا ليث – هو ابن سعد – عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم عليه السلام حكما مقسطا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد " ١.
٢. ومن طريق مسلم، نا هارون بن عبد الله، نا حجاج – هو ابن محمد، عن ابن جريج، نا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال : فينزل عيسى ابن مريم عليه السلام فيقول أميرهم، تعال صل لنا، فيقول : لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة " ٢.
فصح أن النبي صلى الله عليه وسلم صوب قتل عيسى عليه السلام للخنازير، وأخبر أنه بحكم الإسلام ينزل وبه يحكم.
وقد صح أنه عليه السلام نهى عن إضاعة المال، فلو كانت الذكاة تعمل في شيء من الخنزير لما أباح عليه السلام قتله فيضيع، فصح أنه كله ميتة محرم على كل حال٣.
[ ٤٢ ] المسألة الثانية : في أكل الحيوان حيا.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى – ولا يحل أكل حيوان مما يحل أكله ما دام حيا، لقول الله تعالى :﴿ إلا ما ذكيتم ﴾٤ فحرم علينا ما لم نذك، والحي لم يذك بعد٥.
[ ٤٣ ] المسألة الثالثة : في تحريم أكل حيوان ذبح بغير ذكاة.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى – ولا يحل أكل شيء من حيوان البر بفتل٦ العنق، ولا بشدخ٧، ولا بغم٨، لقوله تعالى :﴿ إلا ما ذكيتم ﴾٩ وليس هذه ذكاة١٠.
[ ٤٤ ] المسألة الرابعة : في أكل لحوم الناس.
قال ابن حزم – رحمه الله – لا يحل أكل لحوم الناس لأن الله تعالى قال :﴿ ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ﴾١١، ولأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يواري كل ميت من مؤمن أو كافر١٢، فمن أكله فلم يواره، ومن لم يواره فقد عصى الله تعالى.
ولقول الله تعالى :﴿ إلا ما ذكيتم ﴾١٣ فحرم تعالى أكل الميتة وأكل ما لم يذك، والإنسان قسمان : قسم حرام قتله، وقسم مباح قتله.
فالحرام قتله إن مات، أو قتل، فلم يذك، فهو حرام، وأما الحلال قتله، فلا يحل قتله إلا لأحد ثلاثة أوجه : إما لكفره ما لم يسلم، وإما قودا، وإما لحد أوجب قتله١٤. فأي هذه الوجوه كان فليس مذكى، لأنه لا يحل قتله إلا بوجه مخصوص، فلا يحل قتله بغير ذلك الوجه، والتذكية غير تلك الوجوه بلا شك، فالقصد إليها معصية، وهي ليست ذكاة فهو غير مذكى، فحرام أكله بكل وجه، وإذ هو حرام، فأكل بعضه حرام لأن بعض الحرام حرام بالضرورة، ويدخل في ذلك المخاط١٥، والنخاعة١٦، والدم، والعرق، والمذي، والظفر، والجلد، والشعر، والقيح١٧، والسن، إلا اللبن المباح بالقرآن والسنة والإجماع. وقد أباح عليه السلام١٨ لسالم١٩ - وهو رجل – الرضاع من لبن سهلة بنت سهل٢٠، والريق لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حنك الصبيان بتمر مضغه٢١، فالريق في ذلك الممضوغ، فالريق حلال بالنص فقط٢٢.
[ ٤٥ ] المسألة الخامسة : في أكل الحلزون البري والحشرات.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى – ولا يحل أكل الحلزون٢٣ البري، ولا شيء من الحشرات٢٤ كلها كالوزغ٢٥، والخنافس، والنمل، والنحل، والذباب، والدبر٢٦، والدود كله – طياره وغير طياره، والقمل والبراغيث٢٧، والبق٢٨، والبعوض، وكل ما كان من أنواعها لقوله تعالى :﴿ حرمت عليكم الميتة ﴾٢٩ وقوله ﴿ إلا ما ذكيتم ﴾٣٠.
وقد صح البرهان على أن الذكاة في المقدور عليه لا تكون إلا في الحلق، أو الصدر فما لم يقدر فيه على ذكاة فلا سبيل إلى أكله : فهو حرام لامتناع أكله إلا ميتة غير مذكى.
وبرهان آخر : في كل ما ذكرنا أنها قسمان :
قسم مباح قتله : كالوزغ، والخنافس، والبراغيث، والبق، والدبر.
وقسم محرم قتله : كالنمل، والنحل، فالمباح قتله لا ذكاة فيه، لأن قتل ما تجوز فيه الذكاة إضاعة للمال، وما لا يحل قتله لا تجوز فيه الذكاة.
١. روينا من طريق الشعبي، كل ما ليس له دم سائل فلا ذكاة فيه٣١.
٢. ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عامر بن سعد بن أبي وقاص٣٢ عن أبيه٣٣ ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ، وسماه فويسقا )٣٤، مع أنه أخبث الخبائث عند كل ذي نفس.
٣. ومن طريق البخاري نا قتيبة، نا إسماعيل بن جعفر، نا عتبة بن مسلم مولى بني تيم، عن عبيد بن حنين مولى بني زريق٣٥ عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه " ٣٦ وذكر الحديث، فأمر عليه السلام بطرحه ولو كان حلالا أكله ما أمر بطرحه.
٤. ومن طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة٣٧ عن ابن عباس٣٨ ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل أربع من الدواب : النحلة، والنملة، والهدهد، والصرد٣٩ )٤٠.
٥. ومن طريق أبي داود٤١ نا محمد بن كثير٤٢، أنا سفيان٤٣ عن ابن أبي ذئب٤٤ عن سعيد بن خالد٤٥، عن سعيد بن المسيب٤٦، عن عبد الرحمن ابن عثمان٤٧ ( أن طبيبا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ضفدع يجعلها في دواء ؟ فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتلها )٤٨.
٦. وصح عن ابن عباس٤٩، وابن عمر٥٠، وعائشة أم المؤمنين قتل الأوزاغ٥١.
٧. ومن طريق معمر عن قتادة نهى عن قتل الضفدع، وأمر بقتل الوزغ٥٢.
٨. وعن عمر بن الخطاب أخيفوا الهوام قبل أن تخيفكم٥٣ ٥٤.
[ ٤٦ ] المسألة السادسة : في أكل ذبيحة الغاصب والسارق ونحوه.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى – ولا يحل أكل ما نحره أو ذبحه إنسان من مال غيره بغير أمر مالكه بغصب أو سرقة أو تعد بغير حق – وهو ميتة – لا يحل لصاحبه ولا لغيره، ويضمنه قاتله إلا أن يكون نظرا صحيحا لخوف أن يموت. فبادر بذكاته. أو نظرا لصغير أو مجنون أو غائب، أو حق واجب.
برهان ذلك : قول الله تعالى :﴿ إلا ما ذكيتم ﴾ وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام " ٥٥ وقال تعالى :﴿ ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ﴾٥٦.
فالحيوان حرام أكله إلا ما ذكينا، فالذكاة حق مأمور به طاعة لله تعالى لا يحل أكل ما حرم من الحيوان إلا به، وذبح المعتدي باطل محرم عليه، معصية لله تعالى بلا خلاف وبنص القرآن والسنة.
١. روينا من طريق مسلم بن الحجاج، نا إسحاق بن إبراهيم – هو ابن راهويه – نا وكيع، نا سفيان الثوري عن أبيه، عن عباية بن رفاعة بن خديج، عن رافع بن خديج قال :( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة من تهامة٥٧. فأصبنا غنم وابلا، فعجل القوم فأغلوا بها القدور، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكفئت٥٨، ثم عدل عشرا من الغنم بجزور )٥٩. فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر بهرق القدور التي فيها اللحم المذبوح من الغنيمة قبل القسمة، ولا شك في أنه لو كان حلالا أكله ما أمر بهرقه، لأنه عليه السلام نهى عن إضاعة المال، فصح يقينا أنه حرام محض، وأن ذبحه ونحره تعد يوجب الضمان ولا يبيح الأكل.
٢. روينا من طريق أبي داود السجستاني٦٠، نا هناد بن السري٦١، نا أبو الأحوص – وهو سلام بن سليم٦٢، عن عاصم بن كليب٦٣ عن أبيه٦٤ عن رجل من الأنصار قال :( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأصاب الناس حاجة شديدة وجهد، فأصابوا غنما فانتهبوها، فإن قدورنا لتغلي، إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي على قوسه فأكفأ قدورنا بقوسه ثم جعل يرمل٦٥ اللحم بالتراب – ثم قال : إن النهبة٦٦ ليست بأحل من الميتة، أو إن الميتة ليست بأحل من النهبة – شك أبو الأحوص في أيهما قال عليه السلام. فهذا الإشكال فيه من إفساده صلى الله عليه وسلم اللحم المذبوح منتهبا غير مقسوم وخلطه بالتراب، فصح يقينا أنه حرام بحت لا يحل أصلا إذ لو حل لما أفسده عليه السلام.
٣. وروينا من طريق طاوس٦٧، وعكرمة٦٨ النهي عن أكل ذبيحة السارق٦٩، وهو قول إسحاق بن راهوية، وأبي سليمان وأصحابه٧٠، ولا نعلم خلاف قولنا في هذه المسألة عن أحد من الصحابة ولا عن تابع إلا عن الزهري٧١، وربيعة٧٢، ويحيى بن سعيد فقط٧٣، وبالله تعالى التوفيق٧٤.
[ ٤٧ ] المسألة السابعة : في معنى الذكاة في اللغة وأقسام التذكية :
قال ابن حزم – رحمه الله - : الذكاة في اللغة الشق.
والتذكية قسمان : قسم في مقدور عليه متمكن منه، وقسم في غير مقدور عليه أو غير متمكن منه، وهذا معلوم بالمشاهدة.
فتذكية المقدور عليه المتمكن منه ينقسم قسمين لا ثالث لهما :
إما شق في الحلق وقطع يكون الموت في أثره، وإما نحر في الصدر يكون الموت في أثره، وسواء في ذلك كله ما قدر عليه من الصيد الشارد أو من غير الصيد، وهذا حكم ورد به النص بقول الله تعالى :﴿ إلا ما ذكيتم ﴾٧٥ ٧٦.
[ ٤٨ ] المسألة الثامنة : في ذكا
والحديث أخرجه مسلم بهذا السند في كتاب الإيمان، باب نزول عيسى بن مريم حاكما بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حديث رقم ٢٤٢/١٥٥. وقد سبق تخريجه عند البخاري، ص ١٧٠..
٢ رجال السند هم رجال الصحيح.
وأخرجه مسلم بهذا السند أيضا، في كتاب الإيمان، باب نزول عيسى بن مريم حاكما بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، حديث رقم ٢٤٧/١٥٦..
٣ المحلى (٨/٣٤، ٣٦)..
٤ سورة المائدة، من الآية (٣)..
٥ المحلى (٨/٤١)..
٦ الفتل : لي الشيء كليك الحبل، وكفتل الفتيلة، انظر: الخليل بن أحمد الفراهيدي، العين، الطبعة الأولى، تحقيق: مهدي المخزومي، إبراهيم السامرائي (بيروت: مؤسسة الأعظمي ١٤٠٨ هـ / ١٩٨٨ م) ج ٨ ص ١٢٣ (فتل)، ابن منظور، اللسان (فتل)..
٧ الشدخ: كسر الشيء الأجوف كالرأس ونحوه، وفي اللسان، الشدخ: الكسر في كل شيء رطب، وقيل هو التهشم يعني به كسر اليابس وكل أجوف. انظر: الفراهيدي، العين (٤/١٦٦)، ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث (٢/٤٥١)، ابن منظور اللسان مادة (شدخ)..
٨ غم الشيء غما من باب قتل، غطاه، ومنه قيل للحزن غم لأنه يغطي السرور، انظر: أحمد بن محمد الفيومي، المصباح المنير (بيروت: مكتبة لبنان، ١٩٨٧ م) ص ١٧٣، الغين مع الميم وما يثلثهما..
٩ سورة المائدة، من الآية (٣)..
١٠ المحلى (٢/٤٢)..
١١ سورة الحجرات، من الآية (١٢)..
١٢ روى البخاري في صحيحه، في كتاب المغازي، باب قتل أبي جهل، حديث رقم ٣٩٧٦، عن أبي طلحة أن نبي الله أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث...
١٣ سورة المائدة، من الآية (٣)..
١٤ روى البخاري في صحيحه، في كتاب الديات، باب قول الله تعالى: ﴿أن النفس بالنفس والعين بالعين﴾ حديث رقم (٦٧٨٧)، عن مسروق عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمفارق لدينه التارك للجماعة"، ورواه مسلم، في صحيحه، في كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب ما يباح به دم المسلم، حديث رقم ٢٥/١٦٧٦..
١٥ المخاط: بضم الميم ما يسيل به الأنف، وهو من الأنف كاللعاب من الفم، انظر: أبو البقاء عبد الله ابن الحسن العكبري، المشوف المعلم في تربيب الإصلاح على حروف المعجم، تحقيق: ياسين السواس (دمشق: دار الفكر، ١٤٠٣ هـ / ١٩٨٣ م) ج ٢ ص ٧١٤ مخط، ابن منظور، اللسان، مادة (مخط)..
١٦ النخاعة: بالضم ما يخرجه الإنسان من حلقه من مخرج الخاء المعجمة هكذا قيده ابن الأثير، وقال المطرزي النخاعة هي النخامة، وهي ما يخرج من الخيشوم عند التنخع، وفي العين: هي البزقة التي تخرج من أصل الفم مما يلي النخاع. انظر: الفراهيدي، العين (١/٢٢١) (نخع)، ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث (٥/٣٤) (بخع) ابن منظور، اللسان، مادة (نخع)، الفيومي، المصباح المنير، ص ٢٢٨ (النون مع الخاء وما يثلثهما)..
١٧ القيح: لمدة الخالصة لا يخالطها دم، وقيل: هو الصديد الذي كأنه الماء وفيه شكلة دم. انظر: الرازي مختار الصحاح، ص ٥٥٩ (قيح)، ابن منظور، اللسان، مادة (قيح)..
١٨ روى مسلم في صحيحه، في كتاب الرضاع، باب رضاعة الكبير، حديث رقك ٢٦/١٤٥٣، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم وهو (حليفة)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أرضعيه" قالت: وكيف أرضعه؟ وهو رجل كبير، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "قد علمت أنه رجل كبير"..
١٩ سالم مولى أبي حذيفة، وهو سالم بن عبيد بن ربيعة، قاله ابن منده، وقيل سالم بن معقل، يكنى أبا عبد الله، كان من فضلاء الصحابة والموالي وكبارهم، وهو معدود في المهاجرين، شهد بدرا، وأحدا، والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقتل يوم اليمامة شهيدا. انظر: ابن الأثير، أسد الغابة (٢/٢٦١)..
٢٠ سهلة بنت سهيل بن عمرو القرشية، من بني عامر بن لؤي، امرأة أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وهاجرت معه إلى الحبشة، وهي من السابقين إلى الإسلام. انظر: ابن الأثير، أسد الغابة (٢/٣١٦)..
٢١ روى البخاري في صحيحه، كتاب العقيقة، باب تسمية المولود غداة يولد لمن يعق عنه، وتحنيكه، حديث رقم ٥٤٦٩، عن أسماء بنت أبي بكر – رضي الله عنهما -: أنها حملت بعبد الله بن الزبير بمكة، قالت فخرجت وأنا متم، فأتيت المدينة فنزلت قباء فولدت بقباء ثم أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعته في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه، فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حنكه بالتمرة، ثم دعا له فبرك عليه، وكان أول مولود ولد في الإسلام، ففرحوا به فرحا شديدا لأنهم قيل لهم: إن اليهود سحرتكم فلا يولد لكم. وهو عند البخاري أيضا في كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، حديث رقم ٣٩٠٩..
٢٢ المحلى (٨/٤٢، ٤٣)..
٢٣ الحلزون: بفتح الحاء واللام دود في جوف أنبوبة حجرية يوجد في سواحل البحار وشطوط الأنهار، انظر: ابن منظور، اللسان، مادة (حلز)، الدميري، حياة الحيوان (١/٣٠١)..
٢٤ الحشرات: صغار دواب الأرض، وصغار هوامها، الواحدة حشرة بالتحريك. انظر: الدميري، حياة الحيوان (١/٢٩٧)..
٢٥ الوزغة: بفتح الواو والزاي والعين المعجمة، دويبة معروفة، وهي وسام أبرص جنس، فسام أبرص كباره. انظر: الدميري، حياة الحيوان (٢/٣٧٩)..
٢٦ الدبر : بالفتح النحل والزنابير، وقيل هو من النحل ما لا يأري، وقيل واحدته دبرة، والدبر والدبر: بكسر الدال أولاد الجراد. انظر: ابن الأثير، النهاية (٢/٩٩)، ابن منظور، السان، مادة (دبر)، الدميري، حياة الحيوان (١/٤١٧)..
٢٧ البرغوث: دويبة سوداء صغيرة تثب وثبانا. والبرغوث واحد البراغيث. انظر: ابن منظور، اللسان، مادة (برغث)، الدميري، حياة الحيوان (١/١٥٣)..
٢٨ البق: البعوض، واحدته بقة، يقال إنه يتولد من النفس الحار، ولشدة رغبته في الإنسان لا يتمالك إذا شم رائحته إلا رمى نفسه عليه، انظر: ابن منظور، اللسان، مادة (بقق)، الدميري، حياة الحيوان (١/١٩٣)..
٢٩ سورة المائدة، الآية ٣..
٣٠ سورة المائدة، الآية ٣..
٣١ لم أجده بعد البحث عنه..
٣٢ عامر بن سعد بن أبي وقاص الزهري، المدني، ثقة، أخرج له الجماعة، روى عن أبيه، وعثمان، وأبي هريرة، وخلق، وعنه ابنه داود، وسعيد بن المسيب، والزهري وآخرون. توفي سنة ١٠٤ هـ. انظر: ابن حجر، التهذيب (٥/٥٨)، التقريب ص ٤٧٥..
٣٣ سعد بن أبي وقاص مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب الزهري، أبو إسحاق، أحد العشرة، وأول من رمى بسهم في سبيل الله، ومناقبه كثيرة، مات بالعقيق سنة ٥٥ هـ على المشهور، وهو أخر العشرة وفاة. انظر: ابن حجر، التهذيب (٣/٤٢٢) التقريب ص ٣٧٢. بقية رجال الإسناد تقدموا وكلهم ثقات..
٣٤ أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، كتاب المناسك، باب ما يقتل في الحرم وما يكره قتله، حديث رقم ٨٣٩٠. وأصل الحديث في الصحيحين أخرجه مسلم، في كتاب السلام، باب استحباب قتل الأوزاغ حديث رقم ١٤٤/٢٢٣٨ عن عبد الرزاق به، بلفظه، وأخرجه البخاري، في كتاب بدء الخلق، باب خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال، حديث رقم ٣٣٠٧، وفي كتاب أحاديث الأنبياء، باب قصة يأجوج ومأجوج، حديث رقم ٣٣٥٩، ومسلم في كتاب الإسلام، باب استحباب قتل الأوزاغ، حديث رقم ١٤٢/٢٢٣٧، عن أم شريك – رضي الله عنها – بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بقتل الأوزاغ.
الحكم على الإسناد: صحيح، رواته كلهم ثقات..
٣٥ رجال الإسناد هم رجال الصحيح. وكلهم ثقات..
٣٦ أخرجه البخاري، في صحيحه، في كتاب بدء الخلق، باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه فإن في إحدى جناحيه داء وفي الآخر شفاء، حديث رقم ٣٣٢٠، وفي كتاب الطب، باب إذا وقع الذباب في الإناء، حديث رقم ٥٧٨٢، بالسند الذي ذكره ابن حزم..
٣٧ عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه ثبت، أخرج له الجماعة، روى عن أبيه وأرسل عن عم أبيه، عبد الله بن مسعود، وابن عباس وغيرهم، وعنه أخوه عون، والزهري، وآخرون، توفي سنة ٩٤ هـ. وقيل غير ذلك. انظر: ابن حجر، التهذيب (٧/٢٢)، التقريب ص ٦٤٠..
٣٨ ابن عباس: صحابي مشهور. وقية رجال الإسناد: تقدموا، وكلهم ثقات..
٣٩ الصرد: نوع من الغربان، وهو طائر ضخم الرأس والمنقار، وله ريش عظيم نصفه أبيض ونصفه أسود. انظر: الفيومي، المصباح المنير ص ١٢٩ (الصاد مع الراء وما يثلثهما) الدميري، حياة الحيوان (١/٥٤٩)..
٤٠ تخريج الحديث: أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، في كتاب المناسك، باب ما ينهي عن قتله من الدواب، حديث رقم ٨٤١٥، ومن طريقه أخرجه، الإمام أحمد في مسنده (١/٣٣٢)، رقم ٣٠٦٧، وأبو داود في سننه، كتاب الأدب، باب في قتل الذر، حديث ٥٢٥٦، وابن ماجه في سننه، في كتاب الصيد، باب ما ينهى عن قتله، حديث رقم ٣٢٢٤، والبيهقي في سننه، كتاب الحج، باب كراهية قتل النملة، للمحرم وغير المحرم، وكذلك لا ضرر فيه مما لا يؤكل، حديث رقم ١٠٢٠٢، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (١٢/٤٦٢) رقم ٥٦٤٦، من طريق الزهري عن عبيد الله به بلفظ (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل أربعة، الهدهد، والصرد..).
وقد صححه الإمام الحافظ عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الشرعية الصغرى (٢/٨٤٨)، والنووي في شح صحيح مسلم (٩/٥٩٩٧)، والألباني في صحيح سنن أبي داود (٣/٢٩٣).
الحكم على الإسناد: صحيح رواته كلهم ثقات..
٤١ سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد الأزدي، السجستاني، أبو داود، ثقة حافظ، مصنف السنن وغيرها، من كبار العلماء، روى عن محمد بن كثير، ومسلم بن إبراهيم وجماعة، وعنه أبو علي محمد بن أحمد، واللؤلؤي وغيرهما، توفي سنة ٢٥٧ هـ انظر: ابن حجر، التهذيب (٤/١٥٣)، التقريب ص ٤٠٤..
٤٢ محمد بن كثير العبدي، أبو عبد الله البصري، ثقة، لم يصب من ضعفه، روى عن الثوري وشعبة وآخرين، وعنه البخاري، وأبو داود، وجماعة، توفي سنة ٢٢٤ هـ. انظر: ابن حجر، التهذيب (٩/٣٦١)، التقريب ص ٨٩١..
٤٣ سفيان الثوري، ثقة حافظ، فقيه عابد، إمام حجة، وكان ربما دلس، تقدم..
٤٤ محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب القرشي، العامري، أبو الحارث المدني، ثقة فقيه فاضل، روى له الجماعة، روى عن أخيه، وسعيد بن خالد القارضي وغيرهما، وعنه الثوري ومعمر، وهما من أقرانه، وجماعة، توفي سنة ١٥٨ هـ وقيل ٥٩ هـ. انظر: ابن حجر، التهذيب (٩/٢٦٢)، التقريب ص ٨٧١..
٤٥ سعبد بن خالد بن عبد الله بن قارظ القارضي، الكناني، المدني، حليف بني زهرة، روى له أبو داود والنسائي، وابن ماجه، صدوق، روى عن عمه إبراهيم وسعيد بن المسيب وغيرهما، وعنه الزهري وابن أبي ذئب، وآخرون. توفي بعد المائة. انظر: ابن حجر، التهذيب (٤/١٨)، التقريب ص ٣٧٦..
٤٦ سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشي، المخزومي، أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار، اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل، روى عن أبي بكر مرسلا، وعن عمر وعثمان وغيرهم، وعنه ابنه محمد والزهري وقتادة وجماعة، توفي بعد التسعين. انظر: ابن حجر، التهذيب (٤/٧٥)، التقريب ص ٣٨٨..
٤٧ عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي، ابن أخي طلحة، يقال له: شارب الذهب، صحابي، قتل مع ابن الزبير، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عمه طلحة، وجماعة، وعنه ابناه عثمان ومعاذ، وابن المسيب. انظر: ابن حجر، التهذيب (٦/٢٠٥)، التقريب، ص ٥٩٠..
٤٨ أخرجه أبو داود بسنده ومتنه، في كتاب الأدب، باب قتل الأوزاغ، حديث رقم ٥٢٥٨، وفي كتاب الطب، باب في الأدوية المكروهة، حديث رقم ٣٨٦٥، وقد رواه الطيالسي في مسنده (٢/٥٠٤) رقم ١٢٧٩)، والإمام أحمد في مسنده (٣/٤٥٣)، والنسائي في سننه الكبرى، في كتاب الصيد، باب الضفدع، حديث رقم ٤٨٤٨، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٥/٣٣) رقم ١٧٧٩، والحاكم في المستدرك (٣/٤٤٥). في كتاب مناقب الصحابة (٤/٤١١) في كتاب الطب، والبيهقي في سننه في كتاب الصيد والذبائح، باب ما جاء في الضفادع، حديث رقم ١٩٥٣٣، وفي كتاب الضحايا، باب ما يحرم من جهة ما لا تأكل العرب، حديث رقم ١٩٩٢٢، كلهم من طريق ابن أبي ذئب عن سعيد بن خالد به. وقد صحح الحاكم إسناده، ووافقه الذهبي، وقال البيهقي هو أقوى ما ورد في الضفدع، وصححه كذلك عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الشرعية الصغرى الصحيحة (٢/٨٤٨)، والألباني في صحيح سنن أبي داود (٢/٤٦٥).
وانظر: الزيلعي، نصب الراية (٤/٢٠١).
الحكم على الإسناد: حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح. غير سعيد بن خالد، صدوق..
٤٩ أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، كتاب المناسك، باب ما يقتل في الحرم وما يكره قتله، رقم ٨٣٩٦، وسنده صحيح..
٥٠ أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، الكتاب والباب السابق، رقم ٨٣٩٨، وابن أبي شيبة في مصنفه، في كتاب الصيد، باب ما قالوا في قتل الأوزاغ، رقم ١٠، ومداره على ليث بن أبي سليم. وهو متروك..
٥١ أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، في كتاب الصيد، ما قالوا في قتل الأوزاغ، رقم ٤، ٥ وسندهما صحيح..
٥٢ أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، كتاب المناسك، باب ما يقتل في الحرم وما يكره قتله، رقم ٨٣٩٧، وسنده صحيح..
٥٣ أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الصيد، ما قالوا في قتل الحيات والرخصة فيه، رقم ٤، وفي سنده أبو صالح لم أقف عليه..
٥٤ المحلى (٨/٤٨)..
٥٥ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "رب مبلغ أوعى من سامع" حديث رقم ٦٧، عن أبي بكرة: ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قعد على بعيره، وأمسك إنسان بخطامه أو بزمامه، ثم قال: أي يوم هذا؟ فسكت حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه، قال: "أليس يوم النحر" قلنا: بلى، قال: فأي شهر هذا؟ فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه فقال: "أليس بذي الحجة"؟ قلنا: بلى، قال: "فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ليبلغ الشاهد الغائب، فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه"، وكذا أخرجه في الكتاب نفسه، باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب، حديث رقم ١٠٥، وفي كتاب الحج، باب الخطبة أيام منى حديث رقم ١٧٣٩، ١٧٤٠، ١٧٤١، ١٧٤٢، وفي كتاب المغازي، باب حجة الوداع، حديث رقم ٤٤٠٦، وفي كتاب الأضاحي، باب من قال: الأضحى يوم النحر، حديث ٥٥٥٠، وفي كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض"، حديث ٧٠٧٨، وفي كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: ﴿وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة﴾ حديث رقم ٧٤٤٧، ومسلم في صحيحه، في كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال، حديث ٣٩/١٦٧٩..
٥٦ سورة البقرة، من الآية ١٨٨..
٥٧ ذو الحليفة: تصغير حلفة، قرية بينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة، وعند البلادي: تبعد عن المدينة على طريق مكة، تسعة أكيال جنوبا، وتقع بوادي العقيق عند سفح حبل () وهي اليوم بلدة عامرة، فيها مسجدة صلى الله عليه وسلم، وتعرف عند العامة (ببئار علي) وقيل (بيار علي) وهي ميقات أهل المدينة، ومن مر بها حاجا أو معتمرا. انظر: عبد الله بن عبد العزيز البكري، معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع، ٣ج، الطبعة الأولى، تحقيق: مصطفى السقا، (القاهرة: مطبعة لجنة التأليف والترجمة، ١٣٦٤ هـ/١٩٤٥ م)، ج ٢ ص ٤٦٤، الحموي، معجم البلدان (٢/٣٤٠)، عاتق بن غيث البلادي، معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية، الطبعة الأولى، (مكة: دار مكة للنشر، ١٤٠٢ هـ/١٩٨٢ م)، ص ١٠٣، شراب، المعالم الأثيرة، ص ١٠٣..
٥٨ كفأت الإناء كببته، وأكفأ الشيء أماله. انظر: ابن منظور، اللسان، (كفأ)..
٥٩ أخرجه مسلم في صحيحه، بسنده ومتنه، في كتاب الأضاحي، باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم، إلا السن والظفر بسائر العظام، حديث رقم ٢١/١٩٦٨، وأخرجه البخاري بلفظه في كتاب الشركة، باب من عدل عشرة من الغنم بجزور، حديث رقم ٢٥٠٧، وبنحوه في الكتاب نفسه، باب قسمة الغنم، حديث رقم ٢٤٨٨، وفي كتاب الجهاد والسير، باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم، حديث رقم ٣٠٧٥، وفي كتاب الذبائح والصيد، باب التسمية على الذبيحة ومن ترك متعمدا، حديث رقم ٥٤٩٨..
٦٠ أبو داود: ثقة، حافظ، مصنف السنن وغيرها. تقدم..
٦١ هناد بن السري، بكسر الراء الخفيفة، ابن مصعب التميمي، أو السري الكوفي، ثقة، روى عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، وأبي الأحوص، غيرهما، وعنه البخاري في خلق أفعال العباد، والباقون، توفي سنة ٢٤٣ هـ. انظر: ابن حجر، التهذيب (١١/٦٢)، التقريب، ص ١٠٢٥..
٦٢ سلام بن سليم الحنفي مولاهم، أبو الأحوص الكوفي، ثقة متقن صاحب حديث، أخرج له الجماعة، روى عن أبي إسحاق السبيعي، وعاصم بن كليب وخلق، وعنه وكيع، وهناد بن السري، وجماعة، توفي سنة ١٧٩ هـ. انظر: ابن حجر، التهذيب (٤/٢٥٦)، التقريب، ص ٤٢٥..
٦٣ عاصم بن كليب بن شهاب بن المجنون الجرمي، الكوفي، صدوق رمي بالإرجاء، أخرج له البخاري تعليقا والخمسة، روى عن أبيه وأبي برجة بن أبي موسى وغيرهما، وعنه ابن عون وأبو الحوص وجماعة، توفي سنة بضع وثلاثين ومائة. انظر: ابن حجر، التهذيب (٥/٥١)، التقريب، ص ٤٧٣..
٦٤ كليب بن شهاب، والد عاصم، صدوق، أخرج له البخاري في رفع اليدين، ووهم من ذكره في الصحابة روى عن أبيه وخاله الفلتان، وجماعة، وعنه ابنه عاصم وإبراهيم بن مهاجر، وغيرهما، من الثانية. انظر: ابن حجر، التهذيب (٨/٣٨٨)، التقريب، ص ٨١٣.
تخريج الحديث: أخرجه أبو داود في سننه، بسنده ومتنه، في كتاب الجهاد، باب في النهي عن النهبى إذا كان في الطعام قلة في أرض العدو، حديث رقم ٢٧٠٢، ومن طريقه البيهقي في سننه، كتاب السير، باب النهي عن نهب الطعام، حديث رقم ١٨٥١٨.
قال ابن حجر في الفتح (٩/٧٨١) حديث أبي داود جيد الإسناد، وترك تسمية الصحابي لا يضر، ورجال الإسناد على شرط مسلم، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (٢/١٥٦)، والحديث معناه في الصحيحين وهو الحديث السابق.
الحكم على الإسناد: حسن، فيه عاصم وأبوه كلاهما صدوق، ولم أجد من تابعهما، والحديث صحيح..
٦٥ الرمل نوع معروف من التراب، وجمعه الرمال، ورملت الطعام ترميلا: جعلت فيه رملا وترابا.
انظر: الفراهيدي، العين (٨/٢٦٦) (رمل)، ابن منظور، اللسان (رمل)..
٦٦ النهبة: والنهبى والنهيبي والنهبي: كله اسم الانتهاب والنهب، والنهب الغارة والسلب. انظر: ابن منظور، اللسان، مادة (نهب، الفيومي، المصباح المنير، ص ٢٣٩..
٦٧ طاوس بن كيسان اليماني، أبو عبد الرحمن الحميري الجندي، ثقة فقيه فاضل، أحد الأئمة الأعلام التابعين ومن رواة السنة، يقال اسمه: ذكوان، وطاوس لقب، توفي سنة ١٠٦ هـ وقيل بعد ذلك. انظر: الذهبي، التذكرة (١/٩٠)، ابن حجر، التهذيب (٥/٩)، التقريب، ص ٤٦٢..
٦٨ عكرمة، أبو عبد الله، مولى ابن عباس أصله بربري، ثقة ثبت عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن بن عمر، ولا تثبت عنه بدعة، روى عن ابن عباس وعلي بن أبي طالب وخلق، وعنه إبراهيم النخعي، وقتادة، وجماعة، توفي سنة ١٠٤ هـ، وقيل بعد ذلك. انظر: ابن حجر، التهذيب (٧/٢٢٨)، التقريب، ص ٦٨٨..
٦٩ أخرجه البخاري في صحيحه تعليقا بصيغة الجزم، في كتاب الصيد والذبائح، باب إذا أصاب قوم غنيمة فذبح بعضهم غنما أو إبلا بغير أمر أصحابه لم تؤكل لحديث رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم، ووصله عبد الرزاق في مصنفه، كتاب المناسك، باب ذبيحة السارق فكرهاها ونهياني عن أكلها. وسنده فيه عمرو بن مسلم صدوق له أوهام. وانظر: ابن حجر، تغليق التعليق (٤/٥٢٦)..
٧٠ ابن عبد البر، التمهيد (١٦/١٣٠)، ابن حجر. فتح الباري (٩/٧٩٠)، وأبو سلمان: هو داود بن علي بن خلف الأصبهاني، الظاهري، الإمام المشهور، أخذ العلم عن إسحاق بن راهويه، وأبي ثور، وغيرهما، انتهت إليه رياسة العلم ببغداد، توفي سنة ٢٧٠ هـ. انظر: ابن خلكان، وفيات الأعيان (٢/٢٦)..
٧١ أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، كتاب المناسك باب ذبيحة السارق، رقم ٨٥٦٩، وسنده صحيح..
٧٢ ريبعة هو: أبو عثمان ربيعة بن أبي عبد الرحمن فروخ، المعروف بربيعة الرأي، كان صاحب الفتوى بالمدينة، وبه تفقه مالك، روى عن أنس، والأعرج، وخلق، وعنه السفيانان، والأوزاعي، وغيرهم، توفي سنة ١٣٦ هـ. انظر: الذهبي، تذكرة الحفاظ (١/١٥٧)..
٧٣ ذكر قولهما النووي في المجموع (٩/٧٨)..
٧٤ المحلى (٨/٥٧، ٥٨)..
٧٥ سورة المائدة، من الآية (٣)..
٧٦ المحلى (٨/٧٨)..
وفيها ثمان مسائل :
[ ٥٩ ] المسألة الأولى : في المراد بالجارح المعلم.
قال ابن حزم – رحمه الله – المعلم هو الذي لا ينطلق حتى يطلقه صاحبه، فإذا أطلقه انطلق، وإذا أخذ وقتل لم يأكل من ذلك الصيد شيئا، فإذا تعلم هذا العمل، فبأول مرة يقتل ولا يأكل منه شيئا فهو معلم، حلال أكل ما قتل مما أطلقه عليه صاحبه، وذكر اسم الله تعالى عند إطلاقه، وقد دل على الفرق بين المعلم وغير المعلم قوله الله تعالى :﴿ وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم ﴾١.
[ ٦٠ ] المسألة الثانية : في المراد بقوله تعالى ﴿ من الجوارح ﴾.
يرى ابن حزم – رحمه الله – أن المراد بالجوارح : كل ما قبل التعليم من الجوارح، وعلى هذا فكل ما صاد بعد تعليم فهو جارح، ويجوز أكل ما قتله، وذلك لأن قوله تعالى :﴿ من الجوارح ﴾ يعم كل جارح، ولأن قوله تعالى :﴿ مكلبين ﴾ ليس فيه دليل على أنه لا يؤكل ما قتله غير الكلب من الصيد أصلا لا بنص ولا بدليل بل فيه بيان بأن صيد غير الكلاب جائز بقوله تعالى :﴿ مكلبين ﴾، لأنها لا تحتمل هذه اللفظة البتة إلا أن يجعلها في حال الكلاب فصح أنها غير الكلاب أيضا٢.
[ ٦١ ] المسألة الثالثة : فيما نالته الجوارح من الصيد فقتلته ولم تدمه.
يرى ابن حزم – رحمه الله – جواز أكل ما قتله الجارح بجرح أو برض أو بصدم أو بخنق وذلك لأن الله تعالى سماهن جوارح، وهن جوارح وقواتل بلا شك، ولم يقل تعالى لا تأكلوا إلا مما ولدت فيه جراحة، بل قال تعالى :﴿ فكلوا مما أمسكن عليكم ﴾ ولم يذكر تعالى بجراحة، ولا بغير جراحة. ﴿ وما كان ربك نسيا ﴾٣.
١. روينا من طريق مسلم، نا إسحاق بن إبراهيم – هو ابن راهوية – نا جرير – هو ابن عبد الحميد، عن منصور، عن إبراهيم النخعي، عن همام بن الحارث، عن عدي بن حاتم ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي : " إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل، قلت : وإن قتلن ؟ قال : وإن قتلن ما لم يشركها كلب ليس معها " ٤.
٢. ومن طريق البخاري، نا أبو نعيم – هو الفضل بن دكين – نا زكريا – هو ابن أبي زائدة – عن الشعبي، عن عدي بن حاتم قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أخذ الكلب ؟ فقال : كل ما أمسك عليك فإن أخذ الكلب ذكاة٥.
٣. ومن طريق مسلم، نا محمد بن عبد الله بن نمير، نا أبي، نا زكريا – هو ابن أبي زائدة – عن الشعبي، عن عدي بن حاتم قال :( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد الكلب ؟ فقال : " ما أمسك عليك ولم يأكل منه فكله فإن ذكاته أخذه " ٦.
فأمره عليه السلام بأكل ما قتل الكلب المعلم، وأخبره أنه ذكاة، ولم يشترط عليه السلام بجراحة من غيرها٧.
[ ٦٢ ] المسألة الرابعة : في حكم أكل المصيد إذا أكل منه الجارح.
يرى ابن حزم – رحمه الله – تحريم أكل المصيد إذا أكل منه الجارح دل على ذلك قوله : أما تحريم أكل الصيد إذا أكل منه الجارح فلقول الله تعالى :﴿ فكلوا مما أمسكن عليكم ﴾، فلم يبح لنا الله تعالى ما أمسكن فقط ولا ما أمسكن على أنفسهن بل ما أمسكن علينا فقط، وبالمشاهدة ندري أنه إذا أكل منه فعلى نفسه أمسك ولها صاد فهو حرام.
وأيضا قول الله تعالى :﴿ والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم ﴾٨ والكلب سبع بلا خلاف فتحريم ما أكل منه حرام بنص القرآن فلا يحل إلا حيث أحله النص فقط.
١. ومن طريق البخاري، نا آدم، نا شعبة، عن عبد الله بن أبي السفر، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : " إذا أرسلت كلبك وسميت فأخذ فقتل فأكل فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه " ٩.
٢. ومن طريق أحمد بن شعيب، أنا سويد بن نصر١٠، أنا عبد الله بن المبارك١١، عن عاصم – هو الأحول١٢ - عن الشعبي، عن عدي بن حاتم١٣ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : " إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله عليه فإن أدركته لم يقتل فاذبح واذكر اسم الله عليه، فإن أدركته قد قتل ولم يأكل فكل فقد أمسكه عليك، وإن وجدته قد أكل منه فلا تطعم منه شيئا فإنما أمسك على نفسه " ١٤.
٣. صح من طريق معمر، عن عبد اله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس١٥ : " إذا أكل الكلب المعلم فلا تأكل منه فإنما أمسك على نفسه " ١٦.
٤. عن سعيد بن منصور، نا سفيان، عن عمرو بن دينار١٧، عن عطاء، عن ابن عباس قال :( إذا أكل الكلب فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه )١٨.
٥. نا حمام، نا الباجي أبو محمد١٩، نا محمد بن عبد الملك بن أيمن، نا أحمد بن مسلم٢٠، ثنا أبو ثور٢١، نا علي بن الحسن بن شقيق٢٢، نا عبد الله بن المبارك، نا نصر بن أوس٢٣، عن عمه٢٤ قال : سألت أبا هريرة عن كلب أرسله ؟ فقال لي وذّمه٢٥ فإذا أرسلته فسم الله تعالى فإذا أكل فلا تأكل.
٦. ومن طريق وكيع، نا سفيان الثوري، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر٢٦ قال : إذا أكل فليس بمعلم٢٧.
وهو قول أبي بردة بن أبي موسى الأشعري٢٨، والشعبي٢٩، والنخعي٣٠، وعكرمة٣١، وعطاء، صح عنه من طريق وكيع، عن الربيع بن صبيح، عن عطاء٣٢ قال في الصقر والبازي يأكل٣٣ ؟ قال : لا تأكل، ومثله عن عكرمة٣٤. وهو قول سعيد بن جبير٣٥، وسويد بن غفلة٣٦، وحماد بن أبي سليمان٣٧ ٣٨.
[ ٦٣ ] المسألة الخامسة : حكم صيد ما علمه وثنى.
قال ابن حزم – رحمه الله - : وكل جارح معلم فحلال ما قتل سواء علمه وثني أو مسلم، وكذلك الصيد بسهم صنعه وثني أو مسلم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أرسلت كلبك المعلم " ٣٩ ولم يخص عليه السلام تعليم مسلم من تعليم وثني.
ولأن الخطاب في قوله :﴿ وما علمتم من الجوارح مكلبين ﴾٤٠ يعم المسلم وغيره، فكل جارح معلم فحلال أكل ما قتل سواء علمه وثني أو مسلم، وكذلك الصيد بسهم صنعه٤١.
[ ٦٤ ] المسألة السادسة : في صيد الكلب غير المعلم.
قال ابن حزم – رحمه الله – أما غير المعلم فسواء أكان متملكا أم بريا من سباع الطير أو دواب الأربع غير متملك، أرسل أم لم يرسل كل ذلك سواء. وحكمه أن لا يؤكل ما قتل أصلا، فإن أدرك فيه بقية من الروح وذكي حل أكله لقول الله تعالى :﴿ إلا ما ذكيتم ﴾٤٢ فاستثنى تعالى ما ذكينا من كل ما حرم من قبل ذلك.
ولما رويناه من طريق البخاري، نا عبد الله بن يزيد، أنا حيوة – هو ابن شريح، أخبرني ربيعة بن يزيد الدمشقي، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ثعلية الخشني٤٣ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : " وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله فكل، وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل " ٤٤ فلم يستثن عليه السلام رجاء حياة من غيرها، فاستثناء ذلك باطل وخلاف لرسول الله صلى الله عليه وسلم٤٥.
[ ٦٥ ] المسألة السابعة : في حكم الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه عند الذبح وإرسال الجارح.
يرى ابن حزم – رحمه الله – أن من ذبح أو نحر أو تصيد، فلم يسم الله تعالى ناسيا أو عامدا، فكلاهما سواء لا يحل أكل شيء من ذلك.
قال تعالى :﴿ ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق ﴾٤٦ وقال تعالى :﴿ فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه ﴾٤٧. فلما كان ما ذكاه الناسي للتسمية مما لم يذكر اسم الله عليه بلا شك، كان مما نهينا عن أكله بالنص٤٨.
[ ٦٦ ] المسألة الثامنة : في وقت التسمية.
قال ابن حزم – رحمه الله – ووقت تسمية الذابح الله تعالى في الذكاة هي مع أول وضع ما يذبح به أو ينحر في الجلد قبل القطع ولا بد.
ووقتها في الصيد مع أول إرسال الرمية أو مع أول الضربة، أو مع أول إرسال الجارح، لا تجزئ قبل ذلك ولا بعده، لأن هذه مبادئ الذكاة فإذا شرع فيها قبل التسمية فقد مضى منها شيء قبل التسمية فلم يذك كما أمر، وإذا كان بين التسمية وبين الشروع في التذكية مهلة فلم تكن الذكاة مع التسمية كما أمر، فلم يذك كما أمر، ولا فرق بين قليل المهلة وبين كثيرها، ولو جاز أن يفرق بينهما بطرفة عين جاز أن يفرق بينهما بطرفتين وثلاث إلى أن يبلغ الأمر إلى العام وأكثر.
١. روينا من طريق مسلم، نا الوليد بن شجاع – السكوني – أنا علي بن مسهر، عن عاصم الأحول، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أرسلت كلبك المعلم فاذكر اسم الله – ثم ذكر كلاما – وفيه وإن رميت سهمك فاذكر اسم الله " ٤٩.
٢. ومن طريق شعبة، عن الحكم بن عتيبة، عن سعيد بن مسروق، نا الشعبي، قال : سمعت عدي بن حاتم وكان لي جارا دخيلا وربيطا بالنهرين ( أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أرسل كلبي فأجد مع كلبي كلبا آخر قد أخذ لا أدري أيهما أخذ ؟ قال : " فلا تأكل إنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره " ٥٠ ) فلم يجعل النبي صلى الله عليه وسلم الإرسال إلا مع التسمية بلا مهلة، وحرم أكل ما لم يسم عليه٥١.
٢ المحلى (٨/١٠٧)..
٣ سورة مريم، من الآية ٦٤..
٤ أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد بالكلاب المعلمة، حديث رقم ١/١٩٢٩. وأخرجه – بمعناه – البخاري في صحيحه، كتاب الصيد والذبائح، باب ما أصاب المعراض بحده، حديث رقم ٥٤٧٧، من طريق قبيصة، حدثنا سفيان، وفي كتاب التوحيد، باب السؤال بأسماء الله تعالى والاستعاذة بها، حديث رقم ٧٣٩٧، من طريق عبد الله بن مسلمة، حدثنا فضيل، كلاهما، عن منصور، عن إبراهيم به..
٥ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الذبائح والصيد، باب القسمة على الصيد، حديث رقم ٥٤٧٥..
٦ أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد بالكلاب المعلمة، حديث رقم ٤/١٩٢٩..
٧ المحلى (٨/١٠٣-١٠٤)..
٨ سورة المائدة، من الآية ٤..
٩ أخرجه البخاري في صحيحه، بهذا السند، في كتاب الذبائح والصيد، باب إذا وجد في الصيد كلب آخر، حديث رقم ٥٤٨٦، وأخرجه من طرق أخرى عن عدي في كتاب الوضوء، باب إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا، حديث رقم ١٧٥، وفي كتاب الذبائح والصيد، باب صيد المعراض، حديث رقم ٢٥٤٧٦، وباب إذا أكل الكلب، حديث رقم ٥٤٨٣، وباب الصيد إذا غاب عنه يومين أو ثلاثة، حديث رقم ٥٤٨٤، وباب إذا وجد في الصيد كلبا آخر، حديث رقم ٥٤٨٧..
١٠ سويد بن نصر بن سويد المروزي، أبو الفضل، لقبه الشاه، راوية ابن المبارك، ثقة، أخرج له الترمذي والنسائي، روى عن ابن المبارك، وابن عيينة، وغيرهما، وعنه الترمذي والنسائي، وجماعة، توفي سنة ٢٤٠ هـ. انظر: ابن حجر، التهذيب (٤/٢٥٤) التقريب، ص ٤٢٥..
١١ عبد الله بن المبارك المروزي، مولى بني حنظلة، ثقة ثبت، فقيه عالم، جواد مجاهد، جمعت فيه خصال الخير، أخرج له الجماعة، روى عن سليمان التيمي، وعاصم الأحول، وخلق كثير، وعنه الثوري وسويد بن نصر، وخلق، توفي سنة ١٨١ هـ. انظر ابن حجر، التهذيب (٥/٣٣٨)، التقريب ص ٥٤٠..
١٢ عاصم بن سليمان الأحول، أبو عبد الرحمن البصري، ثقة، لم يتكلم فيه إلا القطان، وكأنه بسبب دخوله في الولاية، روى عن أنس، وحميد بن هلال، وغيرهما، وعنه قتادة، وابن المبارك وعدة، توفي بعد ١٤٠ هـ. انظر: ابن حجر، التهذيب (٥/٤٠)، التقريب، ص ٤٧١..
١٣ عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج، بفتح المهملة وسكون المعجمة آخره جيم، الطائي، أبو طريف، بفتح المهملة وآخره فاء، صحابي مشهور، وكان ممن ثبت على الإسلام في الردة، وحضر فتوح العراق وحروب علي، توفي سنة ٦٨ هـ.
انظر: ابن حجر، التقريب ص ٦٧١.
بقية رجال الإسناد: النسائي، والشعبي، تقدما، وهما ثقتان..
١٤ أخرجه النسائي في السنن الكبرى، كتاب الصيد والذبائح، الأمر بالتسمية على الصيد، حديث رقم ٤٧٧٤، وصححه عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الشرعية الصغرى الصحيحة (٢/٤٦٨)، وأصل الحديث في الصحيحين وقد سبق تخريجه ص ٣٩٩.
الحكم على الإسناد: صحيح، رواته كلهم ثقات..
١٥ رجال الإسناد: تقدموا، وكلهم ثقات..
١٦ تخريجه: أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، في كتاب المناسك، باب الجارح يأكل، رقم ٨٥١٣. عن معمر به، يمثله، وأخرجه – بمعناه – ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الصيد، ما قالوا في الكلب يأكل من صيده، رقم ٣، من طريق أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، عن الشعبي به، والطبري في تفسيره (٩/٥٥٤)، رقم ١١٦١، من طريق أبي كريب، ثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن طاووس به.
الحكم على الإسناد: صحيح..
١٧ عمرو بن دينار المكي، أبو محمد الأثرم الجمحي مولاهم، ثقة ثبت، أخرج له الجماعة، روى عن ابن عباس، وعطاء بن يسار، وعنه شعبة والسفيانان، توفي سنة ١٢٦ هـ. انظر: ابن حجر، التهذيب (٨/٢٦)، التقريب، ص ٧٣٤.
بقية رجال الإسناد: تقدموا، وكلهم ثقات..
١٨ تخريجه: أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، كتاب المناسك، باب الجارح يأكل، رقم ٨٥٢١، من طريق ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، به بلفظ، إذا أكل الكلب من الصيد فلا تأكله)، وأخرجه البخاري، تعليقا بصيغة الجزم، كتاب الذبائح والصيد، باب إذا أكل الكلب، بنحوه، وقال ابن حجر في الفتح (٩/٧٦١)، وصله سعيد بن منصور مختصرا، من طريق عمرو بن دينار عن ابن عباس به. ولم أجده في سنن سعيد المطبوع.
الحكم على الإسناد: صحيح..
١٩ عبد الله بن محمد بن علي بن شريعة، اللخمي، المعروف بابن الباجي، من أهل إشبيلية، يكنى أبا محمد، سمع من عبد الله بن يونس المرادي، ومحد بن عبد الملك بن أيمن، وغيرهما، قال ابن الفرضي: كان ضابطا لروايته، ثقة صدوقا، حافظا للحديث، بصيرا بمعانيه، لم ألق فيمن لقيته من شيوخ الأندلس أحدا أفضله عليه في الضبط، توفي سنة ٣٧٨ هـ.
انظر: الحميدي، الجذوة ص ٢٣٣، ابن الفرضي، تاريخ علماء الأندلس (١/٤١٣)، مخلوف، شجرة النور الزكية ص ١٠٠..
٢٠ أحمد بن مسلم. لم أجد ترجمته..
٢١ إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي. أبو ثور الفقيه، صاحب الشافعي، ثقة، روى عن ابن عيينة ووكيع، وعنه أبو داود وابن ماجه، وخلق، كان أولا يتفقه بالرأي ويذهب إلى قول أهل العراق، حتى قدم الشافعي بغداد، فاختلف إليه ورجع عن الرأي إلى الحديث، توفي سنة ٢٤٠ هـ.
انظر: ابن حجر، التهذيب (١/١٠٧)، التقريب، ص ١٧٤، ابن قاضي شهبة، طبقات الشافعية (١/٥٥)..
٢٢ علي بن الحسن بن شقيق، أبو عبد الرحمن المروزي، ثقة حافظ، أخرج له الجماعة، روى عن الحسين بن واقد وابن المبارك، وعنه البخاري وأحمد بن حنبل، توفي سنة ٢١٥ هـ وقيل بعدها.
انظر: الذهبي، تذكرة الحفاظ (٢/٣٧٠)، ابن حجر، التهذيب (٧/٢٥٥)، التقريب، ص ٦٩٢..
٢٣ نصر بن أوس، أبو المنهال الطائي يعد في الكوفيين، روى عن زيد بن الحسين، وعمه عبد الله بن زيد الطائي، روى عنه وكيع، وأبو نعيم، وابن المبارك، وثقه العجلي، وقال أبي حاتم، يكتب حديثه، وذكره ابن حبان في الثقات
انظر: البخاري، التاريخ الكبير (٨/١٠٤)، مسلم، الكنى والأسماء (٢/٨٠٣)، العجلي، تاريخ الثقات، ص ٤٤٩، ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل (٨/٤٦٥)، ابن حبان، الثقات (٧/٥٣٩)..
٢٤ عبد الله بن زيد الطائي، يروى عن أبي هريرة، روى عنه النضر بن أنس، وأبو المنهال نصر بن أوس ذكره ابن حبان في الثقات.
انظر: ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل (٥/٨٥)، ابن حبان، الثقات (٥/٢٥).
بقية رجال الإسناد، تقدموا، وكلهم ثقات.
تخريجه: أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه كتاب الصيد، ما قالوا في الكلب يأكل من صيده، رقم ٦، من طريق وكيع عن أبي المنهال الطائي، عن عمه. عن أبي هررة قال: سألته عن صيد الكلب فقال: أدبه وأرسله واذكر اسم الله عليه وكل ما أمسك عليك ما لم يأكل.
الحكم على الإسناد: فيه أحمد بن مسلم لم أجد ترجمته، وعبد الله بن زيد لم أجد من وثقه غير ابن حبان..
٢٥ ودمه: الودمة الحرج في عنق الكلب، وهو شبه سير كالعذبة يقد طولا، وهي مأخوذة من وذمة الدلو، وودمت الكلب توذيما، إذا شددتها في عنقه، ولا يوذم إلا المعلم. انظر: محمود بن عمر الزمخشري، الفائق في غريب الحديث، الطبعة الثانية، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، علي البجاوي (مصر: عيسى البابي الحلبي) ج ٤ ص ٥٢ وذم..
٢٦ رجال الإسناد: تقدموا وكلهم ثقات، غير ليث بن أبي سليم، فهو صدوق اختلط جدا فلم يتميز حديثه فترك، وعليه فهو إسناد ضعيف جدا..
٢٧ تخريجه : أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الصيد، ما قالوا في الكلب يأكل من صيده، رقم ٥، من طريق حفص عن ليث به، بلفظ (إذا أكل من صيده فاضربه فإنه ليس بمعلم)، وأخرجه الطبري في تفسيره (٩/٥٥٦) رقم ١١١٦٩، من طريق أبي كريب، قال: حدثنا ابن إدريس، عن ليث به، بمثل حديث ابن أبي شيبة وزيادة (الكلب)، وأخرجه أيضا البخاري في صحيحه تعليقا، في كتاب الذبائح والصيد، باب إذا أكل الكلب، وقال الحافظ في التغليق (٤/٥٠٤)، وقد صح عن ابن عمر الرخصة فيه..
٢٨ أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الصيد، ما قالوا في الكلب يأكل من صيده، رقم ١٦، وسنده ضعيف.
وأبو بردة بن أبي موسى الأشعري، قيل اسمه: عامر، وقيل الحارث، ثقة، أخرج له الجماعة، توفي سنة ١٠٤ هـ. انظر: ابن حجر، التقريب..
٢٩ أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الصيد، ما قالوا في الكلب يأكل من صيده، رقم ١٤، ١٦، ١٨، وابن جرير في تفسيره (٩/٥٥٦) رقم ١١١٦٨ وسنده صحيح..
٣٠ أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، كتاب الصيد، البازي يأكل من صيده، رقم ١٤، وابن جرير في تفسيره (٩/٥٥٦) رقم ١١١٧١، وسنده صحيح..
٣١ أخرجه ابن أبي شيبة، كتاب الصيد، البازي يأكل من صيده رقم ٢٨، وسنده حسن، والبيهقي في الكبرى، كتاب الصيد والذبائح، باب البزاة المعلمة إذا أكلت، رقم ١٩٤٠٨..
٣٢ رجال الإسناد تقدموا، وكلهم ثقات غير الربيع بن صبيح صدوق سيء الحفظ..
٣٣ تخريجه: أخرجه ابن أبي شبة في مصنفه، كتاب الصيد، البازي يأكل من صيده، رقم ٩، من طريق وكيع به بمثله، وأخرجه البيهقي في الكبرى تعليقا بصيغة التمريض: كتاب الصيد والذبائح، باب البزاة المعلمة إذا أكلت، رقم ١٩٤٠٧.
الحكم على الإسناد: ضعيف، فيه الربيع بن صبيح صدوق سيء الحفظ..
٣٤ أخرجه البيهقي معلقا، في السنن الكبرى، كتاب الصيد والذبائح، باب البزاة المعلمة إذا أكلت، رقم ١٩٤٠٨ وأخرج قوله في البازي وحده، الطبري في تفسيره (٩/٥٥٩) رقم ١١١٨٥، وسنده حسن..
٣٥ أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، كتاب الصيد، ما قالوا في الكلب يأكل من صيده، رقم ١٢، وابن جرير في تفسره (٩/٥٥٩) رقم ١١١٨٤، وسنده صحيح..
٣٦ أخرجه ابن أبي شيبة، كتاب الصيد، ما قالوا في الكلب يأكل من صيده، رقم ١٥، وسنده صحيح.
وسويد بن غفلة، بفتح المعجمة والفاء، أبو أمية الجعفي، مخضرم، من كبار التابعين، قدم المدينة يوم دفن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان مسلما في حياته، ثم نزل الكوفة، توفي سنة ٨٠ هـ. انظر: ابن حجر، التقريب، ص ٤٢٤..
٣٧ لم أجد قوله في الكراهة، وقد أخرج قوله في الرخصة ابن أبي شيبة، كتاب الصيد، البازي يأكل من صيده رقم ٥، ١١، وسندهما صحيح..
٣٨ المحلى (٨/١٠٤، ١٠٥)..
٣٩ سبق تخريجه، ص ٣٩٦..
٤٠ سورة المائدة من الآية ٤..
٤١ المحلى (٨/١١٠)، بتصرف يسير..
٤٢ سورة المائدة، من الآية ٣..
٤٣ رجال الإسناد هم رجال الصحيح، وكلهم ثقات..
٤٤ جزء من حديث أخرجه البخاري في صحيحه بسنده في كتاب الذبائح والصيد، باب صيد القوس. حديث رقم ٥٤٧٨، ومن طرق أخرى في الكتاب نفسه، باب ما جاء في التصيد، حديث رقم ٥٤٨٨، وفي باب آنية المجوس والميتة، حديث رقم ٥٤٩٦، ومسلم في صحيحه، في كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد بالكلاب المعلمة، حديث رقم ٨/١٩٣٠..
٤٥ المحلى (٨/١٠٩)..
٤٦ سورة الأنعام، من الآية ١٢١..
٤٧ سورة المائدة، من الآية ٤..
٤٨ الإحكام ص ٩٣٤-٩٣٦، المحلى (٨/٩٧)..
٤٩ أخرجه مسلم في صحيحه بهذا السند، في كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد بالكلاب المعلمة، حديث رقم ٦/١٩٢٩، وأخرجه البخاري، كتاب الذبائح والصيد، باب الصيد إذا غاب عنه يومين أو ثلاثة، حديث رقم ٥٤٨٤..
٥٠ أخرجه مسلم – بهذا السند – في صحيحه، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد بالكلاب المعلمة، حديث ٥/١٩٢٩..
٥١ المحلى (٨/٩٧، ٩٨)..
[ ٦٧ ] المسألة الأولى : في المراد بالطعام في قوله تعالى :﴿ وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ﴾.
يرى ابن حزم – رحمه الله – أن المراد بذلك ذبائحكم لا ما يأكلون، فإنهم يأكلون الميتة، والدم، والخنزير، ولم يحل لنا شيء من ذلك قط١.
[ ٦٨ ] المسألة الثانية : في حكم ذبائح أهل الكتاب والمجوس.
قال ابن حزم – رحمه الله – كل ما ذبحه، أو نحره يهودي، أو نصراني، أو مجوسي – نساؤهم أو رجالهم – فهو حلال لنا، وشحومها حلال لنا إذا ذكروا اسم الله تعالى عليه.
ولو نحر اليهودي بعيرا أو أربنا حل أكله، ولا نبالي ما حرم عليهم في التوراة وما لم يحرم. قال تعالى :﴿ وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ﴾. ومن السنة حديث جراب الشحم المأخوذ في خيبر فلم يمنع النبي صلى الله عليه وسلم من أكله، بل أبقاه لمن وقع له من المسلمين.
١. روينا من طريق أبي داود الطيالسي٢، نا سليمان بن المغيرة٣، عن حميد ابن هلال العدوي٤، سمعت عبد الله بن مغفل٥ يقول :( دلي جراب٦ من شحم يوم خيبر فأخذته والتزمته فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم هو لك )٧.
والخبر المشهور من طريق شعبة، عن هشام بن زيد٨، عن أنس بن مالك ( أن يهودية أهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مسمومة فأكل منها )٩ ولم يحرم عليه السلام منها لا شحم بطنها ولا غيره.
وقد صح الإجماع بأن دين الإسلام نسخ كل دين كان قبله، وأن من التزم ما جاءت به التوراة والإنجيل، ولم يتبع القرآن فإنه كافر مشرك، غير مقبول منه، فإذ ذلك كذلك فقد أبطل الله كل شريعة كانت في التوراة والإنجيل، وسائر الملل، وافترض على الجن والإنس شرائع الإٍسلام، فلا حرام إلا ما حرم فيه، ولا حلال إلا ما حلل فيه، ولا فرض إلا ما فرض فيه، ومن قال في شيء من ذلك خلاف هذا فهو كافر بلا خلاف من أحد من الأئمة١٠.
[ ٦٩ ] المسألة الثالثة : في معنى الإحصان في اللغة والآية.
يرى ابن حزم – رحمه الله – أن الإحصان قد يراد به الحرية، وقد يراد به : العفة، قال الله تعالى :﴿ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا ﴾١١ أي عفت فرجها، ويرى أن الإحصان في الآية يراد به العفة لأن في الآية إباحة زواج العفائف من الكتابيات جملة لم يخص حرة من أمة١٢.
[ ٧٠ ] المسألة الرابعة : في نكاح المسلم للكتابية.
قال ابن حزم – رحمه الله – وجائز للمسلم نكاح الكتابية وهي اليهودية والنصرانية والمجوسية بالزواج، ولا يحل له وطء أمة غير مسلمة بملك اليمين، قال تعالى :﴿ والمحصنات من الذ ين أوتوا الكتاب من قبلكم ذا آتيتموهن أجورهن ﴾ فإنما أباح المحصنات الكتابيات بشرط إتياهن الأجور، وإيتاؤهن الأجور لا يكون إلا في الزواج لا في ملك اليمين، وهذا مما لا شك فيه عند أحد.
فبطل أن يكون المراد بالإباحة المذكورة الإماء الكتابيات، فبقين على أصل التحريم، ولا يحل نكاح كافرة غير كتابية أصلا.
وممن قال بقولنا في ذلك جماعة من السلف منهم ابن عمر، كما روينا عنه من تحريم الكوافر وغيرهن جملة١٣، فخرج من قوله ما أباحه القرآن بالزواج، وبقي سائر قوله على الصحة، وفيه تحريم الأمة بلا شك بملك اليمين.
١. حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، نا أحمد بن عون الله١٤، نا قاسم بن أصبغ١٥، نا محمد بن عبد السلام الخشني١٦، نا محمد بن بشار بندار١٧، نا محمد بن جعفر غندر١٨، نا شعبة، عن موسى ابن أبي عائشة١٩، قال : سألت سعيد بن جبير، ومرة الهمداني – هو مرة الطيب٢٠ صاحب عبد الله ابن مسعود – فقلت : أصبت الأمة من السبي فقال جميعا : لا تغشاها حتى تغتسل وتصلي٢١.
٢. نا محمد بن سعيد بن نبات، نا عباس بن أصبغ، نا محمد بن قاسم بن محمد٢٢، نا جدي قاسم بن أصبغ، نا محمد بن عبد السلام الخشني، نا محمد بن المثنى، نا عبد الأعلى – هو ابن عبد الأعلى٢٣ - نا سعيد بن أبي عروبة٢٤، عن قتادة، عن معاوية بن قرة٢٥، عن ابن مسعود، قال : اثنتا عشرة مملوكة أكره غشيانهن أمتك وأمها، وأمتك وأختها، وأمتك وطئها أبوك، وأمتك وطئها ابنك، وأمتك عمتك من الرضاعة، وأمتك خالتك من الرضاعة، وأمتك وقد زنت، وأمتك وهي مشركة، وأمتك وهي حبلى من غيرك٢٦.
٣. نا حمام، نا ابن مفرج٢٧، نا ابن الأعرابي٢٨، نا الدبري٢٩، نا عبد الرزاق، عن جعفر بن سليمان الضبعي٣٠، أخبرني يونس بن عبيد، أنه سمع الحسن البصري يقول : كنا نغزو مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا أصاب الجارية أحدهم من الفيء فأراد أن يصيبها أمرها فغسلت ثيابها، ثم علمها الإسلام، وأمرها بالصلاة واستبرأها بحيضة، ثم أصابها٣١.
٤. وبه إلى عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري٣٢ قال : لا يحل لرجل اشترى جارية مشركة أن يطأها حتى تغتسل وتصلي وتحيض عنده حيضة٣٣ ٣٤.
٢ سليمان بن داود بن الجارود، أبو داود الطيالسي، البصري، ثقة، حافظ، غلط في أحاديث، اخرج له البخاري تعليقا، ومسلم الأربعة، روى عن شعبة والثوري وجماعة. وعنه أحمد بن حنبل وعلي بن المديني، توفي سنة ٢٠٤ هـ.
انظر: ابن حجر، التهذيب (٤/١٦٥)، التقريب ص ٤٠٦..
٣ سليمان بن المغيرة القيسي مولاهم، البصري، أبو سعيد، ثقة، قاله يحيى بن معين، أخرج له البخاري مقرونا وتعليقا، والخمسة، روى عن حميد بن هلال والحسن وغيرهما. وعنه الطيالسي وغيره، توفي سنة ١٦٥ هـ. انظر: ابن حجر، التقريب ص ٤١٣، التهذيب (٤/١٩٩)..
٤ حميد بن هلال العدوي، أبو نصر البصري، ثقة عالم، توقف فيه ابن سيرين لدخوله في عمل السلطان، من الثالثة. انظر: ابن حجر، التقريب ص ٢٧٦..
٥ عبد الله بن مغفل، بمعجمة وفاء ثقيلة، ابن عبد نهم، بفتح النون وسكون الهاء. أبو عبد الرحمن المزني، صحابي، بايع تحت الشجرة، ونزل بالبصرة، روى عنه الحسن البصري، وحميد بن هلال وغيرهما، توفي سنة ٥٧ هـ، وقيل بعد ذلك.
انظر: ابن الأثير، أسد الغابة (٣/٨٣)، ابن حجر، التهذيب ص ٥٤٩..
٦ الجراب: وعاء من إهاب الشاء لا يوعى فيه إلا يابس. انظر: ابن منظور، اللسان، مادة جرب..
٧ أخرجه أبو داود الطيالسي – بهذا السند – في مسنده (٢/٢٣٢) رقم ٩٥٩، وأصله في الصحيحين، أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الجزية والموادعة، باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب، حديث رقم ٣١٥٣. وفي كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، حديث رقم ٤٢١٤، وفي كتاب الذبائح والصيد، باب ذبائح أهل الكتاب وشحومها من أهل الحرب وغيرهم، حديث رقم ٥٥٠٨، ومسلم في صحيحه، في كتاب الجهاد والسير، باب جواز الأكل من طعام الغنيمة في دار الحرب، حديث رقم ٧٢، ٧٣ / ١٧٧٢..
٨ هشام بن زيد بن أنس بن مالك الأنصاري، ثقة، أخرج له الجماعة، روى عن جده، وعنه ابن عون وشعبة، وغيرهما، من الخامسة. انظر: ابن حجر، التهذيب (١١/٣٧)، التقريب، ص ١٠٢١.
بقية رجال الإسناد تقدما، وهما ثقتان..
٩ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب قبول الهدية من المشركين، حديث رقم ٢٦١٧، ومسلم في صحيحه، كتاب السلام، باب السم، حديث رقم ٤٥/٢١٩٠..
١٠ المحلى (٨/٩٢)..
١١ سورة التحريم، من آية (١٢)..
١٢ المحلى (١١/ ٩، ١٠)..
١٣ أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الطلاق، باب قول الله تعالى: ﴿ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن﴾ رقم ٥٢٨٥، وابن أبي شيبة في مصنفه، في كتاب النكاح، من كان يكره النكاح في أهل الكتاب، رقم ٣، وإسناده صحيح، ورقم ٤ وإسناده حسن..
١٤ أحمد بن عون الله بن حدير بن يحيى القرطبي، البزاز، سمع من قاسم بن أصبغ وجماعة، كان شيخا صدوقا صالحا صارما في السنة، متشددا على أهل البدع، توفي سنة ٣٧٨ هـ.
انظر: ابن الفرضي، تاريخ علماء الأندلس (١/١١٤)، الضبي، بغية الملتمس ص ١٩٨..
١٥ قاسم بن أصبغ بن محمد بن يوسف بن ناصح بن عطاء البياني أبو محمد، مولى الوليد بن عبد الملك، إمام من أئمة الحديث حافظ مكثر، مصنف، سمع محمد بن وضاح، ومحمد بن عبد السلام الخشني وجماعة، ورحل فسمع إسماعيل بن إسحاق القاضي، والترمذي، وجماعة، صنف في السنن، وفي أحكام القرآن، وله كتاب المجتبى على أبواب كتاب ابن الجارود المنتقى، وغيرها، توفي سنة ٣٤٠ هـ.
انظر: الحميدي، الجذوة ص ٣١١، ابن خير، الفهرسة ص ١٠٣، الذهبي، تذكرة الحفاظ (٣/٦٧)..
١٦ محمد عبد السلام بن ثعلية الخشني، الأندلسي، القرطبي، أبو الحسن، محدث، حافظ، لغوي، صاحب التصانيف، ثقة كبير الشأن، روى عن يحيى بن يحيى الليثي، ومحمد بن بشار وجماعة، وعنه محمد بن القاسم وقاسم بن أصبغ، رحل إلى العراق وأقام فيها طويلا، ورجع إلى الأندلس، وحدث وانتشر علمه فيها، توفي سنة ٢٨٦ هـ. انظر: الضبي، البغية ص ٩٢، ابن خير، الفهرسة ص ٦٣، الذهبي، تذكرة الحفاظ (٢/١٤٩)..
١٧ محمد بن بشار بن عثمان العبدي، البصري، أبو بكر بندار، ثقة، أخرج له الجماعة، روى عن عبد الوهاب اليقفي وغندر، وخلق كثير، روى عنه الجماعة، والبغوي وآخرون، توفي سنة ٢٥٢ هـ. انظر: الذهبي، تذكرة الحفاظ (٢/٥١١)، ابن حجر، التهذيب (٩/٥٨)، التقريب ص ٢٢٨..
١٨ محمد بن جعفر الهذلي، البصري، المعروف بغندر، ثقة، صحيح الكتاب إلا أن فيه غفلة، روى شعبة، ومعمر بن راشد وجماعة، وعنه أحمد بن حنبل وبندار وأخرون، أخرج له الجماعة، توفي سنة ١٩٣ هـ. وقيل ٩٤ هـ..
١٩ موسى بن أبي عائشة الهمداني، بسكون الميم، مولاهم، أبو الحسن الكوفي، ثقة عابد، وكان يرسل، أخرج له الجماعة من الخامسة، روى عن سعيد بن جبير الجزار وغيرهما، وعنه شعبة وإسرائيل. انظر: ابن حجر، التقريب ص ٩٧٢، التهذيب (١٠/٣١٤)..
٢٠ مرة بن شراحيل الهمداني، بسكون الميم، أبو إسماعيل الكوفي، هو الذي يقال له: الطيب، ثقة عابد، أخرج له الجماعة، روى عن ابن مسعود، وعلي وغيرهما، وعنه الشعبي، وموسى بن أبي عائشة، وآخرون، توفي سنة ٧٦ هـ وقيل بعد ذلك، ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل (٨/٣٦٦)، ابن حجر، التقريب ص ٩٣٠، التهذيب (١٠/٨١)..
٢١ أخرجه سعيد بن منصور في سننه، باب الرجل يكون له الأمة غير مسلمة، أيحل له أن يصيبها، رقم ٢٠٤٢، ٢٨١٧، ومن طريق أبي عوانة عن موسى بن أبي عائشة به، وأخرجه سعيد بن منصور برقم ٢٠٤٣، وابن أبي شيبة، كتاب النكاح، ما قالوا في المجوسية تسبي وتوطأ، برقم ١، من طريق جرير بن عبد الحميد به بمعناه، واخرجه ابن أبي شيبة، برقم ٥، من طريق وكيع، قال ثنا سفيان عن موسى بن أبي عائشة به، وأسانيد سعيد بن منصور وابن أبي شيبة صحيحه.
الحكم على الإسناد: حسن، فيه أحمد بن عون الله صدوق، ويرتقي للصحيح لغيره بالطرق الأخرى..
٢٢ محمد بن قاسم بن محمد بن القاسم بن محمد بن سيار، مولى هشام بن عبد الملك، يكنى أبا على الله، ويقال له البياني كان ثقة صدوقا، روى عن العباس بن الفضل، ومحمد بن عبد السلام الخشني وغيرهما، روى عنه ابنه أحمد، وخالد بن سعد وغيرهما، توفي بالأندلس سنة ٣٢٨ هـ.
انظر: الحميدي، الجذوة ص ٨٠، ابن الفرضي، تاريخ علماء الأندلس ص ٢٢٩..
٢٣ عبد الأعلى بن عبد الأعلى البصري، السامي، بالمهملة، أبو محمد، وكان يغضب إذا قيل له: أبو همام، ثقة، أخرج له الجماعة، روى عن خالد وسعيد بن أبي عروبة، وعنه إسحاق بن راهويه، وأبو موسى وآخرون، توفي سنة ١٨٩ هـ.
انظر: ابن حجر، التهذيب (٦/٨٨)، التقريب ص ٥٦٢..
٢٤ سعبد بن أبي عروبة مهران اليشكري مولاهم، أبو النضر البصري، ثقة حافظ، له تصانيف، لكنه كثير التدليس واختلط وكان من أثبت الناس في قتادة، توفي سنة ١٥٦ هـ، وقيل ٥٧.
انظر: ابن حجر، التقريب ص ٣٨٤..
٢٥ معاوية بن قرة بن إياس بن هلال المزني، أبو إياس البصري، ثقة عالم، أخرج له الجماعة، روى عن أبيه، وعبد الله بن مغفل وعدة، وعنه ابنه إياس، وقتادة وآخرون، توفي سنة ١١٣ هـ.
انظر: ابن حجر، التهذيب (١٠/١٩٦)، التقريب ص ٩٥٦.
بقية رجال الإسناد تقدموا وكلهم ثقات..
٢٦ تخريجه : أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، كتاب أهل الكتاب، تحليل الأمة، رقم ١٠٨٠٩، من طريق معمر عن قتادة أن ابن مسعود قال: حرم الله عز وجل من النساء اثنتي عشرة امرأة... ، ورجاله ثقات إلا أن قتادة لم يدرك ابن مسعود. وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٩/٣٤٣) رقم ٩٧٠٩، من طريق إسحاق بن إبراهيم، أنا عبد الرزاق به، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٤/٢٦٩)، باب فيما يحرم من النساء وغير ذلك، رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح إلا أن قتادة لم يدرك ابن مسعود.
الحكم على الإسناد: صحيح..
٢٧ محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى بن مفرج الأموي، مولاهم القرطبي، يكنى أبا عبد الله، وقيل: أبا بكر، سمع أبا سعيد بن الأعرابي، وقال عنه ابن الفرضي (كان حافظا للحديث، عالما به بصيرا بالرجال، صحيح النقل، جيد الكتاب على كثرة ما جمع) توفي سنة ٣٠٨ هـ.
انظر: الحميدي، الجذوة ص ٣٨، الضبي، البغية ص ٤٩..
٢٨ أحمد بن محمد بن زياد بن بشر بن درهم، الإمام المحدث القدوة الصادق الحافظ، أبو سعيد ابن الأعرابي البصري الصوني، نزيل مكة، وشيخ الحرم، حمل السنن عن أبي داود، وله في غضون الكتاب زيادات في المتن والسند، توفي سنة ٣٤٠ هـ. انظر: الذهبي، السير (١٥/٤٠٧)..
٢٩ إسحاق بن إبراهيم بن عباد الصنعاني، الشيخ العالم المسند الصدوق، أبو يعقوب، راوية عبد الرزاق، سمع تصانيفه منه في سنة ٢١٠ هـ باعتناء أبيه، وكان حدثا فإن مولده في سنة ١٩٥ هـ، وسماعه صحيح، قال ذلك الذهبي، توفي سنة ٢٨٥ هـ. انظر الذهبي، السير (٣/٤١٦)..
٣٠ جعفر بن سليمان الضبعي، بضم الضاد المعجمة، وفتح الموحدة، أبو سليمان البصري، صدوق زاهد لكنه كان يتشيع، توفي سنة ١٧٨ هـ. انظر: ابن حجر، التقريب ص ١٩٩.
بقية رجال الإسناد: تقدموا وكلهم ثقات..
٣١ أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، كتاب النكاح، باب هل يطؤ أحد جاريته مشركة، رقم ١٢٧٥٣، وإسناده حسن.
الحكم على الإسناد: حسن، فيه جعفر الضبعي، والدبري، كلاهما صدوق..
٣٢ رجال الإسناد تقدموا وكلهم ثقات..
٣٣ أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، كتاب النكاح، باب هل يطؤ أحد جاريته مشركة، رقم ١٢٧٥٢.
الحكم على الإسناد: صحيح..
٣٤ المحلى (١١/٩، ١٠، ١١)، وانظر: الإحكام ص ٥١١..