تفسير سورة المائدة

المصحف المفسّر
تفسير سورة سورة المائدة من كتاب المصحف المفسّر .
لمؤلفه فريد وجدي . المتوفي سنة 1373 هـ
سورة المائدة مدنية وآياتها عشرون ومائة

تفسير الألفاظ :
﴿ أوفوا ﴾ أي وفوا وقوموا بتعهداتكم. ﴿ بالعقود ﴾ العقود جمع عقد. والعقد العهد الموثق. ﴿ بهيمة الأنعام ﴾ البهيمة كل حي لا يميز. وقيل كل ذات أربع قوائم. وإضافتها للأنعام للبيان ومعناه : البهيمة من الأنعام. ﴿ إلا ما يتلى عليكم ﴾ أي إلا ما يتلى عليكم تحريمه كالخنزير وغيره. ﴿ غير محلى الصيد ﴾ أي غير معتبريه حلالا. ﴿ وأنتم حرم ﴾ أي وأنتم محرمون. والحرم جمع حرام وهو المحرم.
تفسير المعاني :
يا أيها الذين آمنوا قوموا بتعهداتكم. أحل لكم أكل الأنعام إلا ما قرئ عليكم تحريمه، غير محلين للصيد وأنتم محرمون، إن الله يحكم ما يريد من تحليل وتحريم وهو أعلم بمصلحتكم.
تفسير الألفاظ :
﴿ شعائر الله ﴾ أعلام دينه وعلاماته جمع شعيرة. ﴿ الهدي ﴾ جمع هدية وهو ما يهدي إلى الكعبة من الأنعام ﴿ القلائد ﴾ جمع قلادة وهو ما يقلد به الهدي في عنقه، والمراد هنا بالقلائد ذوات القلائد من الأنعام. ﴿ ولا آمين البيت الحرام ﴾ أي ولا تتعرضوا لزائري البيت الحرام بالمقاتلة. وهذا منسوخ بآية براءة ﴿ حللتم ﴾ يقال حل المحرم وأحل خرج من أعمال الحج. ﴿ ولا يجرمنكم ﴾ أي ولا يحملنكم. ﴿ شنآن قوم ﴾ أي شدة بغضكم لهم، يقال : شنأه يشنؤه، وشنئه يشنؤه شنئا وشنآنا، أبغضه.
تفسير المعاني :
ينهى الله عن إحلال مناسك الحج، أي جعلها حلالا بالصيد فيها، والشهر الحرام بالقتال فيه، وما أهدى للبيت بالتعرض له، والقاصدين لزيارة البيت بالمقاتلة. وبقية الآيات ظاهرة المعنى.
تفسير الألفاظ :
﴿ وما أهل لغير الله به ﴾ أي وما رفع به الصوت لغير الله عند ذبحه. ﴿ والموقوذة ﴾ التي ضربت حتى ماتت. ﴿ والمتردية ﴾ أي التي سقطت، يقال تردي يتردى ترديا، أي سقط وهوى. ﴿ إلا ما ذكيتم ﴾ أي إلا ما أدركتم ذكاته بالذبح وقيه رمق. والذكاة شرعا قطع الحلقوم والمرئ بمحدد. ﴿ النصب ﴾ واحد الأنصاب، وهي أحجار كانت منصوبة حول البيت يذبحون عليها. ﴿ وأن تستقسموا بالأزلام ﴾ والاستقسام طلب معرفة ما قسم للشخص. والأزلام جمع زلم وهو سهم لا ريش عليه. كان من عادة العرب إذا قصدوا أن يفعلوا شيئا أن يأتوا بثلاثة سهام مكتوب على أحدها أمرني ربى وعلى الثاني نهاني ربي ويتركون الثالث غفلا بلا كتابة فإذا خرج أحد الأولين فعل أو ترك، وإذا خرج الثالث أجال السهام حتى يخرج له شيء. ﴿ اضطر ﴾ أجبر. ﴿ في مخمصة ﴾ أي مجاعة. ﴿ غير متجانف لإثم ﴾ غير مائل له ومنحرف إليه. والجنف الميل في الحكم.
تفسير المعاني :
اليوم يئس الذين كفروا من إبطال دينكم ورجوعكم عنه فلا تخافوهم وخافوني. اليوم أكملت لكم دينكم بالتنصيص على قواعد العقائد، وأتممت عليكم نعمتي بالهداية والتوفيق أو بفتح مكة، ورضيت لكم الإسلام دينا، فمن اضطر إلى تناول شيء من المحرمات في مجاعة غير مائل لارتكاب إثم بتعاطيها فإن الله غفور رحيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ الجوارح ﴾ أي كواسب الصيد على أهلها من السباع وبعض الطيور. ﴿ مكلبين ﴾ أي معلمين لها الصيد. والمكلب مؤدب الجوارح ومضربها بالصيد، مشتق من الكلب لأن التأديب يكون فيه أكثر. ﴿ حل ﴾ أي حلال.
تفسير المعاني :
يسألونك ماذا أحل لهم من المآكل، قل أحل لكم جميع ما تستطيبه الأذواق السليمة، وأحل لكم صيد السباع والطيور التي علمتموها الصيد لكم، فاذكروا اسم الله عليه واتقوا الله إن الله سريع الحساب.
تفسير الألفاظ :
﴿ والمحصنات ﴾ أي الحرائر العفيفات. ﴿ محصنين ﴾ أي عفيفين، من أحصن أي عف. ﴿ غير مسافحين ﴾ أي غير زانين. والسفاح هو الزنا. ﴿ ولا متخذي أخدان ﴾ الخدن الصديق ويقع على الذكر والأنثى، أي ولا متخذي صديقات سرا. ﴿ ومن يكفر بالإيمان ﴾ يريد بالإيمان شرائع الإسلام. ﴿ حبط عمله ﴾ أي بطل عمله. يقال. حبط عمله يحبط حبوطا، وأحبطه الله أي أبطله.
تفسير المعاني :
وأحل لكم طعام أهل الكتاب كما أحل لهم طعامكم. وأحل لكم التزوج بالعفيفات من نسائهم إذا آتيتموهن مهورهن عفيفين غير زانين ولا متخذيهن صديقات سرا. ومن يكفر، يحبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين.
تفسير الألفاظ :
﴿ المرافق ﴾ جمع مرفق وهو العظم الفاصل بين الذراع والعضد. ﴿ الغائط ﴾ المكان المطمئن من الأرض، وكان من يريد قضاء الحاجة من العرب يخرج إلى غائط فيقضي حاجته. ثم أطلق الغائط على المادة الفضلية نفسها. ﴿ فتيمموا صعيدا طيبا ﴾ أي فاقصدوا أرضا طيبة. يقال يممه وتيممه قصده. ثم أطلق التيمم على التوضؤ بالتراب عند فقد الماء. والصعيد معناه وجه الأرض، وقيل غبارها. ﴿ حرج ﴾ أي ضيق. يقال حرج يحرج، ضاق.
تفسير المعاني :
يأمر الله المسلمين بالوضوء فبل الصلاة ويعلمهم فرائضها. ثم قال : وإن حدث لكم ما يوجب الوضوء أو الاغتسال ولم تجدوا ماء فاقصدوا أرضا طيبة وضعوا أيديكم عليها، ثم أتوا بأعمال الوضوء كلها. ما يريد الله ليجعل عليكم ضيقا ولكن يريد ليطهركم ويتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون.
تفسير الألفاظ :
﴿ وميثاقه الذي واثقكم به ﴾ أي وعهده الذي عاهدكم به.
تفسير المعاني :
واذكروا نعمة الله عليكم بالإسلام وعهده الذي عاهدكم به على السمع والطاعة في العسر واليسر، فاتقوا الله إنه عليم بما تخفى الصدور.
تفسير الألفاظ :
﴿ قوامين لله ﴾ دائبين على القيام بعهود الله وأماناته. ﴿ ولا يجرمنكم ﴾ أي ولا يحملنكم. ﴿ شنآن قوم ﴾ أي كراهتكم لقوم. يقال شنأه يشنؤه وشنئه يشنؤه شنئا وشنآنا كرهه.
تفسير المعاني :
يا أيها المؤمنون اجتهدوا في القيام بعهود الله شاهدين بالقسط أي بالعدل، ولا تحملنكم كراهتكم لقوم على أن لا تعدلوا. اعدلوا هو أقرب للتقوى واحذروا الله إن الله خبير بما تعملون.
تفسير الألفاظ :
﴿ الصالحات ﴾ أي الأعمال الصالحات، وهي من الصفات التي تجري مجرى الأسماء كالطيبات والسيئات.
تفسير المعاني :
وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات بمغفرة وأجر كبير.
تفسير الألفاظ :
﴿ الجحيم ﴾ المراد بها جهنم. والجحيم مشتق من الجحمة وهي شدة تأجج النار.
تفسير المعاني :
وأما الذين كفروا وكذبوا بآيات الله فلهم عذاب الجحيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ هم قوم ﴾ أي نوى قوم. ﴿ أن يبسطوا إليكم أيديهم ﴾ يقال بسط إليه يده أي بطش به وبسط إليه لسانه أي شتمه. ﴿ فكف أيديهم ﴾ أي فمنعها.
تفسير المعاني :
يا أيها المؤمنون اذكروا نعمة الله عليكم إذ اعتزم قوم أن يبطشوا بكم فدفعهم الله عنكم. روى أن المشركين رأوا رسول الله وأصحابه يصلون الظهر معا، فلما فرغوا ندموا على أن تركوهم ولم يوقعوا بهم وهم مشغولون بصلاتهم، ونووا أن يفعلوا ذلك عند صلاتهم العصر. فرد الله كيدهم بأن أنزل عليهم صلاة الخوف، وهي أن يصلي بعضهم ويحرسهم الآخرون.
تفسير الألفاظ :
﴿ نقيبا ﴾ نقيب القوم هو الباحث عن القوم المنقب عن أحوالهم. ﴿ وعزرتموهم ﴾ أي ونصرتموهم وقويتموهم وأصله الذب. ﴿ وأقرضتم ﴾ أي وأسلفتم من القرض وهو السلف. ﴿ لأكفرن عنكم سيئاتكم ﴾ أي لأمحون سيئاتكم، وقيل التكفير إزالة الإثم كالتمريض إزالة المرض. ﴿ سواء السبيل ﴾ أي السبيل الوسط المعتدل.
تفسير المعاني :
ولقد أخذ الله عهدا على بني إسرائيل أن يقاتلوا الكنعانيين في أرجاء من الشام ويحتلوها، وبعث موسى إليهم اثني عشر نقيبا ليكفلوا تنفيذ هذا العهد الإلهي، وأوحى الله إليهم أنى معكم ما دمتم قائمين بما فرضته عليكم من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والإيمان برسله ونصرهم وبذل المال في سبيل الخير.
تفسير الألفاظ :
﴿ فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم ﴾ ما زائدة والمعنى : فبنقضهم عهدهم لعناهم. ميثاقهم أي عهدهم جمعه مياثيق. ﴿ تطلع على خائنة منهم ﴾ أي فرقة خائنة. ﴿ واصفح ﴾ الصفح ترك التثريب، وهو أبلغ من العفو.
تفسير المعاني :
فبنقض بني إسرائيل عهدهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يغيرون كلام الله ويفترون عليه، ونسوا نصيبا وافيا مما ذكروا به من التوراة. ولا تزال تطلع على فرقة خائنة منهم لا تألو جهدا في معاكستك فاعف عنهم واصفح إن تابوا وآمنوا أو عاهدوا والتزموا الجزية.
تفسير الألفاظ :
﴿ حظا ﴾ أي نصيبا. ﴿ فأغرينا بينهم العداوة ﴾ أي فألزمناهم العداوة، من غرى بالشيء إذا لصق به ومنه الغراء. ﴿ والبغضاء ﴾ البغض. ﴿ ينبئهم ﴾ يخبرهم.
تفسير المعاني :
وقد أخذنا عهدا على الذين سموا أنفسهم نصارى فنسوا هم أيضا نصيبا مما ذكروا به فألصقنا بهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف نخبرهم بما كانوا يعملون.
تفسير الألفاظ :
﴿ مبين ﴾ أي مفصح.
تفسير المعاني :
يا أهل الكتاب من اليهود والنصارى قد جاءكم رسولنا محمد يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الآيات كنعت رسوله وبشارة عيسى به ويعفو عن كثير من جرائمكم فلا يؤاخذكم به.
تفسير الألفاظ :
﴿ رضوانه ﴾ أي رضاه. ﴿ سبل السلام ﴾ طرق السلام. ﴿ صراط ﴾ أي طريق جمعه صرط، وأصله السراط بالسين.
تفسير المعاني :
يا أهل الكتاب قد جاءكم بهذا القرآن نور وكتاب مبين، يهدي به الله من اتبع رضاه بالإيمان به طرق السلام ويخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام ويهديهم إلى صراط مستقيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ فمن يملك من الله شيئا ﴾ أي فمن يمنع من قدرته وإرادته شيئا.
تفسير المعاني :
لقد وقع في الكفر من قالوا إن الله هو المسيح بن مريم، قل فمن يمنع من قدرته وإرادته شيئا إن أراد أن يهلك المسيح وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السموات والأرض وما بينهما من العوالم يخلق ما يشاء وهو على كل شيء قدير.
تفسير الألفاظ :
﴿ فلم ﴾ أصلها فلما أي فلأي شيء.
تفسير المعاني :
وقالت اليهود : نحن أبناء الله وأحبابه، وكذلك قالت النصارى، فقل : إذا كان قولكم هذا صحيحا فلم يعذبكم بذنوبكم ويؤاخذكم على غلطاتكم ؟ الحق أنكم بشر في جملة خلقه يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض لا شريك له فيهما وإليه مصير العالم كله.
تفسير الألفاظ :
﴿ يبين لكم ﴾ أي يبين لكم الدين وحذفت كلمة الدين لظهورها من سياق الكلام، ويجوز أن يكون المعنى : يبين لكم ما كتمتم وحذف ما كتمتم لتقدم ذكره، ويجوز ألا يقدر له مفعول ويكون معنى يبين لكم : أي يبذل لكم البيان. ﴿ على فترة من الرسل ﴾ أي على فتور من إرسال الرسل وانقطاع من الوحي. وأصل الفترة الهدنة ثم أطلقت على ما بين كل نبيين من الزمان. ﴿ من بشير ولا نذير ﴾ البشير من يأتي بالخبر السار، والنذير هو المخبر بتحذير من العاقبة.
تفسير المعاني :
يا معشر اليهود والنصارى قد جاءكم رسولنا محمد بعد فتور من إرسال الرسل وانقطاع من الوحي يبين لكم الدين الحق كراهة أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير، فها قد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير.
تفسير الألفاظ :
﴿ وآتاكم ﴾ أي وأعطاكم.
تفسير المعاني :
واذكر يا محمد إذ قال موسى لقومه : يا قوم تذكروا فضل الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء يتولونكم بالهداية والإرشاد وجعل منكم ملوكا وحباكم ما لم يحبه أحدا من العالمين.
تفسير الألفاظ :
﴿ الأرض المقدسة ﴾ أرض بيت المقدس سميت كذلك لأنها كانت قرار الأنبياء. وقيل الأرض المقدسة الطور وما حوله. وقيل دمشق وفلسطين وبعض الأردن، وقيل الشام. ﴿ التي كتب الله لكم ﴾ أي التي قسمها لكم. ﴿ ولا ترتدوا على أدباركم ﴾ أي ولا ترجعوا مدبرين خوفا ممن فيها. أدبار جمع دبر ودبر وهو مؤخر كل شيء. ويقال ارتدوا على أدبارهم أي انهزموا.
تفسير المعاني :
يا قوم إن الله قرر أن تكون الأرض المقدسة مسكنا لكم فادخلوها ولا تهنوا أمام محتليها فتنقلبوا خاسرين لثواب الدارين.
تفسير الألفاظ :
﴿ جبارين ﴾ أي متغلبين لا تتأتى مقاومتهم. والجبار فعال من جبره على الأمر أي أكرهه عليه.
تفسير المعاني :
قالوا : يا موسى إن محتليها قوم أولو بطش فلن ندخلها إلا إذا خرجوا منها.
تفسير الألفاظ :
﴿ من الذين يخافون ﴾ أي يخافون الله وقد حذف المفعول لظهوره. ﴿ أنعم الله عليهما ﴾ أي أنعم عليهما بالإيمان.
تفسير المعاني :
قال رجلان ممن يتقون الله أنعم عليهما باليقين والثبات : ادخلوا عليهم الباب، أي باغتوهم في قريتهم فإن فزتم بذلك فإنكم غالبوهم لا محالة لأن الله كتبها لكم ولا راد لحكمه مهما تكن الموانع.
تفسير المعاني :
قالوا : يا موسى، إنا لن ندخلها أبدا ماداموا فيها، فامض أنت وربك فقاتلا هؤلاء الجبارين إننا هاهنا قاعدون.
تفسير المعاني :
قال موسى : رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي ففرق بيننا وبين القوم الخارجين عن أوامرك.
تفسير الألفاظ :
﴿ يتيهون ﴾ أي يضلون وهو ما يعبر عنه في اللغة العامية بيتوهون. ﴿ فلا تأس ﴾ أي فلا تحزن. يقال أسى يأسى أسى أي حزن.
تفسير المعاني :
قال الله : فإن الأرض المقدسة محرمة عليهم أربعين سنة يسيرون في الأرض متحيرين، فلا تحزن على القوم الفاسقين.
تفسير الألفاظ :
﴿ نبأ ﴾ أي خبر. يقال نبأه وأنبأه أي خبره. ﴿ بالحق ﴾ صفة مصدر محذوف، أي تلاوة ملتبسة بالحق. ﴿ قربا قربانا ﴾ القربان اسم ما يتقرب به إلى الله من ذبيحة أو صدقة. وقرب القربان أي تقدم به إلى الله تعالى.
تفسير المعاني :
واتل عليهم يا محمد نبأ ابني آدم هابيل وقابيل. روي أن آدم أمر ولديه هذين أن يتزوج كل منهما توأمة الآخر، فسخط قابيل لأن توأمته كانت أجمل، فقال لهما آدم : قربا قربانا فمن أيكما قبل تزوجها، ففعلا، فقبل قربان هابيل بأن نزلت نار فأكلته، فزاد ذلك في حسد قابيل فقتل أخاه هابيل. فهذه الآيات حكاية هذه القصة. ولكن قال بعض العلماء : إن ابني آدم ليس معناه ابنيه لصلبه، وإنما هما رجلان من بني إسرائيل وكلنا أولاد آدم. ودليله على ذلك أنه قال عقب هذه القصة :﴿ من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل ﴾ الآية.
تفسير الألفاظ :
﴿ لئن بسطت إلي يدك ﴾ أي لئن بطشت بي، فإن بسط اليد كناية عن البطش.
تفسير المعاني :
تفسير المعاني :
واتل عليهم يا محمد نبأ ابني آدم هابيل وقابيل. روي أن آدم أمر ولديه هذين أن يتزوج كل منهما توأمة الآخر، فسخط قابيل لأن توأمته كانت أجمل، فقال لهما آدم : قربا قربانا فمن أيكما قبل تزوجها، ففعلا، فقبل قربان هابيل بأن نزلت نار فأكلته، فزاد ذلك في حسد قابيل فقتل أخاه هابيل. فهذه الآيات حكاية هذه القصة. ولكن قال بعض العلماء : إن ابني آدم ليس معناه ابنيه لصلبه، وإنما هما رجلان من بني إسرائيل وكلنا أولاد آدم. ودليله على ذلك أنه قال عقب هذه القصة :﴿ من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل ﴾ الآية.
تفسير الألفاظ :
﴿ أن تبوء بإثمي ﴾ باء رجع.
تفسير المعاني :
تفسير المعاني :
واتل عليهم يا محمد نبأ ابني آدم هابيل وقابيل. روي أن آدم أمر ولديه هذين أن يتزوج كل منهما توأمة الآخر، فسخط قابيل لأن توأمته كانت أجمل، فقال لهما آدم : قربا قربانا فمن أيكما قبل تزوجها، ففعلا، فقبل قربان هابيل بأن نزلت نار فأكلته، فزاد ذلك في حسد قابيل فقتل أخاه هابيل. فهذه الآيات حكاية هذه القصة. ولكن قال بعض العلماء : إن ابني آدم ليس معناه ابنيه لصلبه، وإنما هما رجلان من بني إسرائيل وكلنا أولاد آدم. ودليله على ذلك أنه قال عقب هذه القصة :﴿ من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل ﴾ الآية.
تفسير الألفاظ :
﴿ فطوعت له نفسه ﴾ أي فسهلته له ووسعته، من قولهم : طاع له المرتع أي اتسع.
تفسير المعاني :
تفسير المعاني :
واتل عليهم يا محمد نبأ ابني آدم هابيل وقابيل. روي أن آدم أمر ولديه هذين أن يتزوج كل منهما توأمة الآخر، فسخط قابيل لأن توأمته كانت أجمل، فقال لهما آدم : قربا قربانا فمن أيكما قبل تزوجها، ففعلا، فقبل قربان هابيل بأن نزلت نار فأكلته، فزاد ذلك في حسد قابيل فقتل أخاه هابيل. فهذه الآيات حكاية هذه القصة. ولكن قال بعض العلماء : إن ابني آدم ليس معناه ابنيه لصلبه، وإنما هما رجلان من بني إسرائيل وكلنا أولاد آدم. ودليله على ذلك أنه قال عقب هذه القصة :﴿ من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل ﴾ الآية.
تفسير الألفاظ :
﴿ سوءة أخيه ﴾ السوءة هي ما يسوء رؤيته ويحسن ستره، والمراد هنا بسوءة أخيه جسده لأنه مما تستقبح رؤيته. ﴿ يا ويلتي ﴾ كلمة جزع وتحسر. والمعنى يا وليتي احضري. والويل والويلة الهلكة. ﴿ فأواري ﴾ أي فأستر.
تفسير المعاني :
تفسير المعاني :
واتل عليهم يا محمد نبأ ابني آدم هابيل وقابيل. روي أن آدم أمر ولديه هذين أن يتزوج كل منهما توأمة الآخر، فسخط قابيل لأن توأمته كانت أجمل، فقال لهما آدم : قربا قربانا فمن أيكما قبل تزوجها، ففعلا، فقبل قربان هابيل بأن نزلت نار فأكلته، فزاد ذلك في حسد قابيل فقتل أخاه هابيل. فهذه الآيات حكاية هذه القصة. ولكن قال بعض العلماء : إن ابني آدم ليس معناه ابنيه لصلبه، وإنما هما رجلان من بني إسرائيل وكلنا أولاد آدم. ودليله على ذلك أنه قال عقب هذه القصة :﴿ من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل ﴾ الآية.
تفسير الألفاظ :
﴿ بغير نفس ﴾ أي بغير قتل نفس يوجب الاقتصاص. ﴿ أو فساد في الأرض ﴾ أي أو بغير فساد في الأرض. ﴿ بالبينات ﴾ أي بالآيات الواضحات.
تفسير المعاني :
من أجل حادثة قابيل وهابيل كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير أن تكون قتلت نفسا أو بغير أن تفسد في الأرض فسادا يوجب القتل كان كمن قتل الناس جميعا، ومن أحياها أي ومن كان سببا في إحيائها كان كأنه أحيا الناس جميعا، ولكنهم بعد أن كتبنا عليهم هذا التشديد الكبير من أجل أمثال تلك الجناية وشفعنا ذلك بإرسال الرسل إليهم تترى بالآيات الواضحات كي يكفوا عنها نرى كثيرا منهم يسرفون في القتل.
تفسير الألفاظ :
﴿ أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ﴾ أي تقطع أيديهم اليمنى وأرجلهم اليسرى. ﴿ خزي ﴾ أي ذل وفضيحة، فعله خزي يخزي خزيا فهو خز وخزيان وهم خزايا.
تفسير المعاني :
إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله، أي يحاربون أولياءهما، ويسعون في الأرض فسادا، أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم اليمنى وأرجلهم اليسرى أو ينفوا من الأرض. ذلك خزي يتبعهم عاره في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم.
تفسير المعاني :
إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ وابتغوا ﴾ أي واطلبوا. ﴿ الوسيلة ﴾ ما تتوسلون به من وسل إلى الله بالعمل. يسل وسيلة رغب وتقرب فهو واسل. ووسل إلى الله بوسيلة وتوسل بمعنى عمل عملا يقرب إليه تعالى.
تفسير المعاني :
يا أيها الذين آمنوا خافوا بطش الله واطلبوا إليه الوسيلة من عمل صالح يقربكم إليه، وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون. صرف بعضهم كلمة الوسيلة إلى القبور التي يتوسلون بها. والحقيقة أن الوسيلة هي ما يعمله الإنسان من عمل صالح من أي نوع كان.
تفسير الألفاظ :
﴿ ليفتدوا ﴾ أي ليفتدوا أنفسهم.
تفسير المعاني :
إن الذين كفروا لو ملكوا كل ما في الأرض من خيرات وأموال ومثله معه وقدموها فدية لهم من عذاب الله يوم القيامة ما قبل الله منهم ولهم عذاب أليم.
تفسير المعاني :
يرجون أن يخرجوا من نار جهنم وما هم بخارجين منها، ولهم عذاب مقيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ نكالا ﴾ اسم ما يجعل عبرة للغير. ونكل به ينكل، ونكل به صنع به ما يجعله عبرة للغير.
تفسير المعاني :
والسارق والسارقة فاقطعوا يمين كل منهما إلى الرسغ. ونصاب القطع ربع دينار فصاعدا يسرق من حرز، وذلك جزاء لهما لما ارتكبا من الإثم عبرة لغيرهما من الله، والله عزيز حكيم.
تفسير المعاني :
فمن تاب من السراق من بعد سرقته وأصلح أمره بالخلاص من التبعات والعزم على أن لا يعود فإن الله يتوب عليه في الآخرة، أما في الدنيا فلا يخلصه ذلك من قطع يده. وقال بعضهم : إن تاب وأصلح فلا يجوز قطع يده.
تفسير المعاني :
ألم تعلم أن الله له ملكوت كل شيء يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء وهو على كل شيء قدير ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ الذين هادوا ﴾ اليهود. يقال هاد يهود هودا، أي رجع، وإنما سمي اليهود بذلك لأنهم قالوا : هدنا إليك أي رجعنا إليك تائبين. ﴿ لقوم آخرين ﴾ أي من اليهود أيضا لم يحضروا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم تكبرا وبغضا. ﴿ يحرفون الكلم من بعد مواضعه ﴾ أي يميلونه عن مواضعه التي وضعه الله فيها، إما لفظا بإهماله أو بتغيير وضعه، وإما معنى بحمله على غير المراد منه. ﴿ إن أوتيتم هذا ﴾ أي هذا الكلام المحرف. ﴿ فتنته ﴾ ضلالته أو فضيحته. ﴿ خزي ﴾أي ذل وفضيحة، فعله خزي يخزى خزيا فهو خز وخزيان.
تفسير المعاني :
يا أيها الرسول لا يكدرك صنيع الذين يقعون في الكفر مسرعين من المنافقين الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، ومن اليهود، فهم سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يحضروا مجلسك تكبرا وبغضا، يميلون بالكلام عن مواضعه التي وضعه الله فيها، إما بإهماله أو بتغيير وضعه، وإما بحمله على غير المراد منه. ومن يرد الله ضلالته فلن تملك إنقاذه، أولئك لم يشأ الله أن يطهر قلوبهم، لهم في الدنيا ذل وفضيحة ولهم في الآخرة عذاب عظيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ للسحت ﴾ أي للحرام من سحت أي استأصله. ﴿ بالقسط ﴾ أي بالعدل، يقال قسط يقسط قسطا عدل، ومثله أقسط يقسط.
تفسير المعاني :
إنهم سماعون للكذب " كررها للتأكيد "، أكالون للحرام. فإن تحاكموا إليك يا محمد في شيء فأنت مخير بين أن تحكم بينهم وبين أن تعرض عنهم. وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا، وإن حكمت فاعدل بينهم إن الله يحب العادلين.
تفسير الألفاظ :
﴿ يتولون ﴾ يعرضون ويدبرون.
تفسير المعاني :
وكيف يحكمونك ولم يؤمنوا بك وعندهم التوراة فيها حكم الله يرونه ولا يعملون به، وهم ما حكموك إلا طلبا لأن يكون حكمك أهون عليهم وما أولئك بالمؤمنين.
تفسير الألفاظ :
﴿ للذين هادوا ﴾ اليهود، من هاد يهود هودا أي رجع، وإنما سمى اليهود بذلك لأنهم قالوا : إنا هدنا إليك، أي رجعنا تائبين. ﴿ والربانيون ﴾ جمع رباني، أي العالم الزاهد، مشتق من الرب. ﴿ والأحبار ﴾ جمع حبر أو حبر، أي عالم. ﴿ استحفظوا ﴾ أي أمروا بحفظ. ﴿ ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ﴾ أي لا تبيعوها بثمن قليل من الرشوة والجاه، واشترى وابتاع يستعمل كل منهما بمعنى الآخر.
تفسير المعاني :
إنا أنزلنا التوراة فيها هداية إلى الحق ونور يكشف ما اشتبه من الأحكام يحكم بها أنبياء بني إسرائيل ويحكم بها علماؤهم وحكماؤهم بسبب أمر الله إياهم بحفظ كتابه من التضييع والتحريف وبمراقبته والهيمنة عليه، فلا تخشوا الناس واخشوني. الآية.
تفسير الألفاظ :
﴿ والجروح قصاص ﴾ أي ذات قصاص، والقصاص هو تتبع الدم بالقود. ﴿ فمن تصدق به ﴾ أي فمن عفا عنه. ﴿ فهو ﴾ أي فالتصدق. ﴿ كفارة له ﴾ الكفارة هو ما يعمل من البر لإزالة ذنب، كصوم أو صدقة. يقال كفر عنه ذنبه أي محاه. قيل التكفير إزالة الذنب كالتمريض إزالة المرض.
تفسير المعاني :
وقد فرضنا على اليهود في التوراة أن النفس تقتل بالنفس والعين تقلع بالعين.. إلخ، وأن الجروح قصاص، أي يقتص من جانبها بأن يفعل به مثل ما فعله بالمجني عليه إن أمكن، فإذا عفا صاحب الحق فهذا الحق كفارة للجاني يسقط عنه به ما لزمه.
تفسير الألفاظ :
﴿ وقفينا على آثارهم ﴾ أي واتبعناهم على آثارهم.
تفسير المعاني :
وأتبعنا النبيين على آثارهم بعيسى مصدقا للتوراة وآتيناه الإنجيل فيه هداية للمستهدين ونور للسالكين، موافقا لكتاب موسى إرشادا واتعاظا للمتقين.
تفسير المعاني :
وليحكم النصارى بما أنزل الله في الإنجيل، ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الخارجون عن الدين.
تفسير الألفاظ :
﴿ ومهيمنا عليه ﴾ أي رقيبا، من هيمن عليه أي راقبه، والمراد رقيبا على سائر الكتب السماوية يشهد لها بالصحة. ﴿ ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ﴾ أي ولا تتبع أهواءهم بالانحراف عما جاءك من الحق و﴿ أهواءهم ﴾ جمع هوى، وهو ما تشتهيه النفس. ﴿ شرعة ﴾ أي شريعة، والشريعة في الأصل الطريقة، إلى الماء، ﴿ ومنهاجا ﴾أي طريقا واضحا من قولهم نهج الأمر ينهج اتضح. ﴿ ولكن ليبلوكم ﴾ أي ليختبركم. يقال بلاه يبلوه بلاء، اختبره وامتحنه. ﴿ فاستبقوا الخيرات ﴾ أي فابتدروها. ﴿ فينبئكم ﴾ أي فيخبركم.
تفسير المعاني :
وأنزلنا إليك القرآن متلبسا بالحق ومصدقا لما تقدمه من الكتاب، أي جنس الكتاب السماوي، ومراقبا عليه حتى لا يعرفه المحرفون، فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم بالانحراف عما جاءك من الحق، قد جعلنا لكل أمة منكم أيها الناس شريعة وطريقا إلى الكمال، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكنه آتاكم بشرائع مختلفة مناسبة للعصور التي نزلت فيها ليختبركم في الاضطلاع بما آتاكم، فتبادروا الخيرات، إلى الله مردكم جميعا فيخبركم بما كنتم فيه تختلفون.
تفسير الألفاظ :
﴿ وأن احكم بينهم ﴾ عطف على الكتاب أي أنزلنا إليك الكتاب والحكم، أو معطوف على الحق، أي أنزلناه بالحق وبأن احكم. ويجوز أن يكون جملة بتقدير وأمرنا، أي وأمرنا أن احكم.
﴿ واحذرهم أن يفتنوك ﴾ أي أن يضلوك.
تفسير المعاني :
ثم أمر الله رسوله أن يحكم بينهم بكتاب الله غير عابئ بأهوائهم، وحذره من الانقياد لفتنتهم بصرفه عن بعض أحكام الله مرضاة لهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ يبغون ﴾ أي يطلبون.
تفسير الألفاظ :
﴿ أولياء ﴾ جمع ولي، وهو الناصر والصديق والمتولي أمر غيره. ﴿ ومن يتولهم ﴾ أي ومن يتخذهم أولياء. يقال تولاه يتولاه اتخذه وليا.
تفسير المعاني :
يا أيها المؤمنون لا تتخذوا المعادين لكم من اليهود والنصارى أولياء لأموركم فإن بعضهم أولياء بعض، ومن يفعل ذلك منكم فإنه يكون منهم إن الله لا يهدي الظالمين لأنفسهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ يسارعون فيهم ﴾ سارع فيه معناه أسرع. ﴿ دائرة ﴾ الدائرة النائبة من صروف الدهر. ﴿ فعسى ﴾ عسى أي ترجى وتوقع. ﴿ أسروا ﴾ أي أخفوا.
تفسير المعاني :
فترى المنافقين يسارعون إلى موالاتهم قائلين إننا ذلك مداراة لهم حتى لا يضرونا إذا أصابتنا نازلة، فالمرجو أن الله يأتي رسوله بالنصر على أعدائه أو بأمر لا تعلمونه فيصبح هؤلاء المنافقون نادمين.
تفسير الألفاظ :
﴿ أقسموا ﴾ أي حلفوا. ﴿ جهد أيمانهم ﴾ مصدر جهد يجهد بمعنى اجتهد على تقدير أقسموا بالله يجهدون جهد أيمانهم. ﴿ حبطت ﴾ بطلت وهدرت.
تفسير المعاني :
ويتعجب المؤمنون من حال هؤلاء المنافقين فيقولون : أهؤلاء الذين أقسموا أغلظ الأيمان أنهم معكم ؟ لقد بطلت أعمالهم فأصبحوا خاسرين.
تفسير الألفاظ :
﴿ يرتد ﴾ أي يخرج عن دينه إلى دين آخر. ﴿ أذلة على المؤمنين ﴾ عاطفين عليهم متذللين لهم. ﴿ أعزة على الكافرين ﴾ أي متغلبين عليهم من عزه إذا غلبه.
تفسير المعاني :
يا أيها المؤمنون من يترك الإسلام ليدخل في دين غيره فإن الله يأتي مكانهم بقوم يحبهم ويحبونه، يعطفون على المؤمنين ويشتدون على الكافرين، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لوم اللائمين في تأييد الحق المبين.
تفسير الألفاظ :
﴿ وليكم ﴾ معينكم وناصركم. ﴿ يقيمون الصلاة ﴾ يعدلون أركانها.
تفسير المعاني :
بعد أن نهى الله عن موالاة أهل الكتاب وغيرهم ذكر عقيبه من هم حقيقون بالموالاة وهو الله ورسوله والمؤمنون الذين يعدلون أركان الصلاة ويؤدون الزكاة وهم متخشعون.
تفسير الألفاظ :
﴿ ومن يتول الله ﴾ أي ومن يتخذه وليا. ﴿ حزب الله ﴾ الحزب : القوم يجتمعون في أمر حزبهم، أي أصابهم، للنظر في المخرج منه.
تفسير المعاني :
ومن يتخذ الله ورسوله والمؤمنين أولياء كانوا حزب الله، وحزب الله هم الغالبون.
تفسير المعاني :
يا أيها المؤمنون لا تجعلوا المستهزئين بدينكم اللاعبين به من أهل الكتاب والكافرين أولياء لكم، وخافوا الله إن كنتم مؤمنين.
تفسير المعاني :
أولئك إذا دعوتم إلى الصلاة ضحكوا منكم وجعلوا صلاتكم هزوا ولعبا ؛ ذلك لأنهم لا يعقلون حكمتها ولا يدركون غايتها في تطهير النفوس.
تفسير الألفاظ :
﴿ تنقمون ﴾ أي تنكرون وتعيبون. يقال نقم منه كذا ينقمه، أي أنكره عليه وعابه من أجله. ﴿ فاسقون ﴾ أي خارجون عن حجر الدين الشرع.
تفسير المعاني :
فقل يا محمد لأهل الكتاب : هل تنكرون منا وتعيبون علينا إلا إيماننا بالله وبما أنزل إلينا وما أنزل على من كانوا قبلنا، واعتقادنا بأن أكثركم خارجون عن حظيرة الدين ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ هل أنبئكم ﴾ أي هل أخبركم. ﴿ بشر من ذلك ﴾ أي بأشر من ذلك، إذ الأفصح حذف الألف من أشر وأخير، فيقال هو خير منه أو شر منه بمعنى أخير وأشر. ﴿ لعنه ﴾ أي طرده من رحمته. ﴿ القردة ﴾ جمع قرد. ﴿ وعبد ﴾ جمع عابد كخدم جمع خادم، وقيل أصله عبدة فحذفت التاء للإضافة. ﴿ شر مكانا ﴾ أي أشر مكانا. ﴿ سواء ﴾ السواء المعتدل أو المتوسط.
تفسير المعاني :
فهل أنبئكم بشر مما تنقمونه منا جزاء عند الله ؟ هو من لعنه الله وغضب عليه ومسخهم قردة وخنازير وعبدوا الأصنام، أولئك مكانهم شر مكان وهم أضل الناس عن الطريق القويم.
تفسير المعاني :
وإذا جاءوكم " الفاعلون يهود نافقوا رسول الله " قالوا : آمنا. وهم كاذبون مخادعون. فقد دخلوا عليكم بكفرهم وخرجوا به كما هو، والله يعلم بذوات صدوركم.
تفسير الألفاظ :
﴿ السحت ﴾ الحرام، من سحته يسحته أي استأصله.
تفسير المعاني :
وترى كثيرا منهم يبادرون إلى ارتكاب الآثام والتعدي على الناس واكل السحت لبئس شيء كانوا يفعلونه.
تفسير الألفاظ :
﴿ لولا ﴾ أي هلا للتحضيض. ﴿ الربانيون ﴾ جمع رباني وهو المتأله العارف بالله منسوب للرب.
تفسير المعاني :
فهلا نهاهم علماؤهم وأحبارهم عن قولهم الإثم " يريد به الكذب " وأكلهم الحرام لبئس ما كانوا يصنعون.
تفسير الألفاظ :
﴿ مغلولة ﴾ مقيدة. والغل القيد يوضع في اليد، وهو كناية عن البخل، وغله يغله وضع القيد في يده. ﴿ مبسوطتان ﴾ أي مفتوحتان، وهو كناية عن الكرم والإحسان. ﴿ طغيانا ﴾ مصدر طغى يطغى أي جاوز القدر والحد. ﴿ والبغضاء ﴾ البغض.
تفسير المعاني :
زعم اليهود أن يد الله مقيدة، أي أنه ممسك يقتر في الرزق. قيدت أيديهم ولعنوا بما زعموا، بل يداه مفتوحتان ينفق كيف يشاء. وإن ما أنزل إليك من هذا القرآن ليزيدن كثيرا منهم طغيانا وكفرا. وألقينا بينهم العداوة والبغضاء أي الكراهة إلى يوم القيامة، كلما أرادوا إشعال حرب على رسول الله أطفأها الله، ويسعون في الأرض الفساد بإثارة الحروب وإيقاظ الفتن النائمة والله لا يحب المفسدين.
تفسير الألفاظ :
﴿ لكفرنا عنهم سيئاتهم ﴾ التكفير محو الذنب، ومنه الكفارة وهي ما يغطى الإثم من الأعمال الصالحة.
تفسير المعاني :
ولو آمن أهل الكتاب من اليهود والنصارى بمحمد وبما جاء به الوحي الإلهي واتقوا الله فيما ائتمنوا عليه من صفاته ونعوته فأذاعوها للناس وشهدوا له بالصدق، لمحونا عنهم ذنوبهم ولأدخلناهم جنات النعيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ أقاموا التوراة ﴾ أي عملوا بها في شئونهم. ﴿ مقتصدة ﴾ أي عادلة غير متغالية. من القصد وهو الاعتدال.
تفسير المعاني :
ولو أنهم عملوا بالتوراة والإنجيل وما أنزل من ربهم بوساطة رسله وأنبيائه من القيام على الصراط المستقيم والتحلي بالخلق القويم، والعمل على إعلاء كلمة الحق ونشر الفضيلة بين الخلق، لوسع الله عليهم رزقهم وأفاض عليهم من بركات السماء والأرض فسهلت عليهم أسباب المعيشة، وتيسرت لهم وسائل الحياة. نعم منهم أمة عادلة غير مغالية ولا مقصرة، إلا أن كثيرا منهم ساءت أعمالهم بتحريف الحق والإعراض عنه والإفراط في العداوة.
تفسير الألفاظ :
﴿ يعصمك ﴾ أي يحميك.
تفسير المعاني :
يا أيها الرسول بلغ الناس ما أوحيناه إليك من القرآن، وإن ضعفت أو توانيت أو كتمت شيئا منه كنت كأنك لم تبلغه، ولا تخش على حياتك من مواجهة الجماهير بما ينكرونه، فإن الله حافظك من إيذائهم وهو لا يهدي الكافرين.
تفسير الألفاظ :
﴿ لستم على شيء ﴾ أي على شيء يعتد به ويعتمد عليه من أمر دينكم وديناكم. ﴿ فلا تأس ﴾ أي فلا تحزن، من أسى يأسى أسى.
تفسير المعاني :
قل يا أهل الكتاب لستم على دين صحيح حتى تعملوا بالتوراة والإنجيل وما أنزل على رسل الله وأنبيائه، وإن هذا القرآن ليزيدن كثيرا منهم طغيانا وكفرا بسبب ما أكل الحسد من قلوبهم، وانتقص من عقولهم، لا تحزن على القوم الكافرين.
تفسير الألفاظ :
﴿ والذين هادوا ﴾ اليهود، وهاد يهود هودا بمعنى رجع. وإنما سموا بذلك لأنهم قالوا : ربنا هدنا إليك أي رجعنا إليك تائبين. ﴿ والصابئون ﴾ قوم يعبدون الكواكب.
تفسير المعاني :
إن الذين آمنوا أي المسلمين، والذين هادوا أي اليهود، والصابئون والنصارى من آمن منهم بالله واليوم الآخر وعمل صالحا، نجوا من عذاب الله ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
تفسير الألفاظ :
﴿ ميثاق ﴾ أي عهد. جمعه مياثيق ومياثق. ﴿ بما لا تهوى ﴾ أي بما لا تحب يقال هويه يهواه هوى أي أحبه.
تفسير المعاني :
لأن الدين في أصله واحد وكتب الله كلها تدعو إلى العقائد القويمة وإلى الإيمان بجميع الرسل على السواء ومنهم محمد، فقد ورد ذكره في جميع الكتب المتقدمة. فمن آمن بواحد منها حق الإيمان أداه إلى الإيمان به لا محالة. لقد أخذنا العهد على بنى إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا منا يبلغونهم أوامرنا ونواهينا فكانوا كلما جاءهم رسول بما لا يوافق أهواءهم كذبوه أو قتلوه، فعلوا كل ذلك وظنوا أن لا يصيبهم بسبب ذلك بلاء من الله وعذاب.
تفسير الألفاظ :
﴿ فعموا ﴾ فكف بصرهم. يقال عمى يعمى عمى أي كف بصره. ﴿ وصموا ﴾ أي وذهب سمعهم. يقال صم يصم صمما أي طرش.
تفسير المعاني :
فعموا عن رؤية الحق وصموا عن سماعه ثم تابوا فتاب الله عليهم، ثم عاد فعمى كثير منهم وصموا والله يرى ما يفعلون.
تفسير المعاني :
لقد كفر الذين زعموا أن الله هو المسيح بن مريم مع أن المسيح نفسه قال لبنى إسرائيل : يا قوم اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومنزله في الآخرة النار وما للظالمين من أنصار. وإذا كان المسيح نفسه قد قال ذلك فكيف يكون هو الإله نفسه ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ ثالث ثلاثة ﴾ أي أحد ثلاثة.
تفسير المعاني :
إن الذين قالوا : الله أحد ثلاثة أقانيم. قد كفروا بسبب هذا القول، فما في الوجود إله واجب الوجود يستحق العبادة غير إله واحد غير مركب من أصول متعددة. فإن لم يرجعوا عما يزعمونه من هذه الأباطيل فليصيبنهم عذاب أليم.
تفسير المعاني :
فهلا يتوبون عن عقيدتهم هذه ويستغفرون ربهم والله غفور رحيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ قد خلت ﴾ أي مضت، يقال الزمان الخالي أي الماضي. ﴿ صديقة ﴾ أي قوية التصديق بالله ورسله، مثلها في ذلك كمثل جميع النساء التقيات. ﴿ يؤفكون ﴾ يصرفون. أفكه يأفكه أفكا، صرفه وقلب رأيه فهو أفيك ومأفوك.
تفسير المعاني :
ما عيسى بن مريم إلا رسول من رسل الله أرسله لهداية بني إسرائيل، وما أمه إلا صديقة كسائر النساء الصديقات. ولقد كانا يأكلان كجميع الناس، فلو كانا إلهين لما لازمتهما الحاجات الجسدانية. فانظر كيف نبين الآيات ثم انظر كيف يصرفون.
تفسير المعاني :
قل لهم : أيصح أن تعبدوا من دون الله ما لا يستطيع أن يضركم ولا أن ينفعكم والله يسمع ما تقولون ويعلم ما تبدون وما تكتمون ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ لا تغلوا ﴾ أي لا تتجاوزوا بالدين حده بكثرة التشدد فيه. يقال غلا في دينه يغلو غلوا تشدد فيه حتى جاوز الحد. ﴿ ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل ﴾ يعني أسلافهم وأئمتهم الأولين.
تفسير المعاني :
قل : يا أهل الكتاب لا تتجاوزوا حدود العقل في دينكم فتقولوا على الله ورسله غير الحق، ولا تشايعوا أسلافكم الماضين في أهواء اقترفوها ضلوا وأضلوا بها كثيرا من الخلق.
تفسير الألفاظ :
﴿ لعن ﴾ أي أبعد عن رحمة الله.
﴿ عصوا ﴾ خالفوا الأمر. يقال عصى يعصى عصيانا. ﴿ يعتدون ﴾ يتجاوزون الحد.
تفسير المعاني :
لعن الله الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى، ذلك اللعن كان بسبب عصيانهم وتجاوزهم حدود كتابهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ لا يتناهون ﴾ لا ينهى بعضهم بعضا. ﴿ منكر ﴾ المنكر ما يستقبحه العقل والشرع.
تفسير المعاني :
إنهم كانوا لا ينهى بعضهم بعضا عن المنكرات.
تفسير الألفاظ :
﴿ يتولون الذين كفروا ﴾ أي يتخذونهم أولياء أي أصدقاء وأنصارا وأمناء على أسرارهم. ﴿ لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ﴾ أي لبئس شيئا قدمته لهم أنفسهم من الأعمال فهي موجبة لسخط الله والخلود في النار.
تفسير المعاني :
وترى كثيرا منهم يتخذون الكافرين أمناء على أسرارهم وأصدقاء لهم. فبئس ما قدمته لهم أنفسهم من الأعمال، فهي موجبة لسخط الله والخلود في النار.
تفسير الألفاظ :
﴿ فاسقون ﴾ أي خارجون عن حدود الشرع.
تفسير المعاني :
ولو كانوا يؤمنون بالله ورسوله وما أنزل إليه ما اتخذوا الكافرين أولياء ولكن كثيرا منهم خارجون عن دينهم وإن ادعوه بالاسم.
تفسير المعاني :
لتجدن يا محمد أشد الناس عداوة للمؤمنين اليهود والمشركين، وأقربهم مودة لهم النصارى. ذلك بسبب أن فيهم قسيسين ورهبانا يأمرونهم بالعطف على الخلق والرحمة بهم، ولا يستكبرون عن قبول الحق إذا فهموه.
تفسير المعاني :
وإذا سمعوا قارئا يقرأ القرآن ترى أعينهم تفيض دمعا مما يحدثه في نفوسهم من التأثير ومما تحققوه فيه من الحق، ويقولون : ربنا آمنا به وبمن أنزل عليه فاكتبنا في زمرة الشاهدين بذلك.
تفسير الألفاظ :
﴿ وما لنا لا نؤمن ﴾ استفهام إنكار واستبعاد لعدم الإيمان مع الطمع في الانخراط مع الصالحين.
تفسير المعاني :
وكيف لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق، أي الإسلام، مع طمعنا أن يدخلنا ربنا في زمرة عباده الصالحين " هذا تابع لقول صالحي النصارى. اقرأ الصفحة المتقدمة ".
تفسير المعاني :
فكافأهم الله على ما قالوا بجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين.
تفسير الألفاظ :
﴿ الجحيم ﴾ هي جهنم مشتق من الجحمة وهي النار المتأججة.
تفسير المعاني :
وللذين كفروا عذاب الجحيم.
تفسير المعاني :
قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا ﴾ الآية نزلت في جماعة من الصحابة اعتزموا الزهد المطلق وقطع علائق الدنيا، فنهاهم الله عن ذلك لأن فيه تجاوزا للحدود، ومن يفعل ذلك فيخشى عليه الارتكاس.
تفسير الألفاظ :
﴿ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ﴾ أي لا يؤاخذكم الله على ما يبدر منكم من الأيمان بلا قصد، كقول الرجل : لا والله وبلى والله. واللغو هو الكلام الباطل. يقال لغا يلغو لغوا. ﴿ ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ﴾ أي بما وثقتم الأيمان عليه بالقصد والنية. ﴿ فكفارته ﴾ الكفارة هي ما يعمل من أنواع البر لمحو ذنب أو لنقض يمين كإطعام المساكين أو الصيام.. إلخ.
تفسير المعاني :
ثم ذكر الله لهم أنه لا يؤاخذهم على الأيمان المستعملة في اللغة وجرى عليها اللسان مثل لا والله وبلى والله إلخ، وإنما يؤاخذهم على الأيمان المقصودة في الأمور المعينة، فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم الإنسان أهله أو كسوتهم أو عتق رقبة فمن لم يجد هذا فليصم ثلاثة أيام. ذلك كفارة أيمانكم إذا نقضتموها واحفظوا أيمانكم لا تبذلوها جزافا، كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون.
تفسير الألفاظ :
﴿ الخمر ﴾ المسكر سمي بذلك لأنه يخمر العقل، أي يستره. ﴿ والميسر ﴾ القمار فعله يسر ييسر يسرا أي قامر. ﴿ والأنصاب ﴾ الأصنام المنصوبة جمع نصب. ﴿ والأزلام ﴾ جمع زلم وهو السهم، والمراد بها السهام المكتوبة التي كانوا يرمونها لمعرفة ما قسم لهم. ﴿ رجس ﴾ أي قذر.
تفسير المعاني :
يا أيها المؤمنون إنما الخمر المقامرة وعبادة الأصنام والاعتقاد في معرفة ما قسمه الله لكم برمي السهام المكتوبة وقراءة ما يظهر منها والعمل به، كل هذا قذر دفعكم فيه الشيطان فباعدوه لعلكم تفوزون برحمة الله.
تفسير الألفاظ :
﴿ والبغضاء ﴾ البغض.
﴿ ويصدكم ﴾ أي ويمنعكم. يقال صده يصده، ويصده صدا وصدودا، منعه عن أمر.
تفسير المعاني :
إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والكراهة بسبب الخمر والقمار لأنهما مدعاة للنزاع ويكفكم عن ذكر الله وعن الصلاة، فهل أنتم تاركو ذلك ؟
تفسير المعاني :
وأطيعوا الله ورسوله واحذروا مخالفتهما فإن أعرضتم فاعلموا أن مهمة الرسول هي البلاغ لا يضره من إعراضكم شيء.
تفسير المعاني :
ليس على المؤمنين الصالحين إثم فيما يأكلون إذا ما اتقوا المحرمات وثبتوا على الأعمال الصالحة، ثم اتقوا ما حرم عليهم وآمنوا بتحريمه، ثم اتقوا واستمروا على تجنب المعاصي، وأحسنوا بفعل الأعمال الحسنة والله يحب المحسنين.
تفسير الألفاظ :
﴿ ليبلونكم ﴾ أي ليمتحننكم. يقال بلاه يبلوه بلوا أي اختبره وامتحنه. ﴿ بشيء من الصيد ﴾ أي بقليل من الحيوانات التي تصطاد. وذلك أنهم عندما كانوا محرمين عام الحديبية كانت الوحوش تأتي إلى خيامهم بحيث تنالها أيديهم، ولا يخفى أن الصيد حرام مع الإحرام فكان هذا بمثابة اختبار لطاعتهم ووقوفهم عند حدود الشريعة.
تفسير المعاني :
ذكر الله أنه ابتلى الصحابة بشيء من الصيد وهم محرمون بحيث كانت الحيوانات تأتي إليهم وتحوم حولهم ليعلم من يخشاه بالغيب، ممن لا يبالي بما صنع.
تفسير الألفاظ :
﴿ وأنتم حرم ﴾ أي وأنتم محرمون جمع حرام كرداح وردح. ﴿ فجزاء مثل ما قتل من النعم ﴾ أي فعليه جزاء مثل ما قتل من النعم. والنعم هي الإبل والشاء.
وقيل خاص بالإبل وهو جمع لا واحد له من لفظه. ﴿ هديا ﴾ الهدى والهدي ما يهدي لله تعالى من النعم. ﴿ كفارة ﴾ الكفارة هي ما يتكلفه الإنسان من أعمال البر لمحو ذنب ارتكبه. يقال كفر الله سيئاته أي محاها. ﴿ أو عدل ذلك ﴾ أي أو ما ساواه. وقرئ عدل بكسر العين، وهو ما عدل بالشيء في المقدار. ﴿ وبال أمره ﴾ الوبال الشدة والثقل وسوء العاقبة ومنه طعام وبيل. ﴿ سلف ﴾ أي مضى. يقال سلف يسلف سلفا أي مضى والسلف الصالح أي الأوائل الصالحون.
تفسير المعاني :
ثم أوجب على من يقتل صيدا وهو محرم أن يقدم للبيت من النعم عدد ما قتل من الصيد، أو إطعام مساكين أو ما يساويه من الصيام ليذوق عاقبة عدوانه.
تفسير الألفاظ :
﴿ وللسيارة ﴾ القافلة.
تفسير المعاني :
ثم ذكر أنه أحل لهم صيد البحر وحر م عليهم صيد البر ماداموا محرمين.
تفسير الألفاظ :
﴿ الكعبة ﴾ بيت الله، وإنما سميت بذلك لأن كل بناء مكعب يقال له كعبة. ﴿ قياما للناس ﴾ أي انتعاشا لهم، أي سببا لانتعاشهم في أمر معاشهم ومعادهم أو قياما لأمر دينهم بمعنى أنه يقوم به أمر دينهم ودنياهم. ﴿ والشهر الحرام ﴾ هو الذي يؤدي فيه الحج وهو ذو الحجة.
﴿ والهدي ﴾ القربان الذي يهدي لله في الحج، واحدته هدية. ﴿ والقلائد ﴾ جمع قلادة وهي ما يوضع في العنق للزينة. والمراد بها الأنعام التي تقلد أعناقها تمييزا لها عن غيرها لتنحر بمكة في الحج.
تفسير المعاني :
جعل الله ذلك البناء المكعب الذي بناه إبراهيم بمكة البيت الحرام قياما لأمر الدين والدنيا، وقرر تقريب القربان عنده لتتحققوا أن حكمته وسعت كل شيء فلا يقرر شيئا إلا عن علم لا يقف عند حد.
تفسير المعاني :
اعلموا أيها الناس أن الله شديد العقاب وأنه غفور رحيم، فلا تيئسنكم نقمته، ولا تفتننكم رحمته.
تفسير المعاني :
وما على الرسول إلا التبليغ والله يعلم ما تظهرون وما تخفون.
تفسير المعاني :
قل لا يستوي الرديء والجيد ولو راقك كثرة الرديء، فخافوا الله ولا تتحروا الرديء من الأشياء وخذوا الجيد لعلكم تفلحون.
تفسير المعاني :
قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء ﴾، الآية. نزلت حين سأل سراقة بن مالك، وقد أوحيت إلى رسول الله آية الحج، قائلا : أكل عام يا رسول الله ؟ فأعرض عنه صلى الله عليه وسلم حتى أعاد سؤاله ثلاثا. فقال : لا، ولو قلت نعم لوجبت، ولو وجبت لما استطعتم، فاتركوني ما تركتكم. ونزلت هذه الآية.
تفسير المعاني :
هذه من حكم الإسلام البالغة، فإنه سلك في تيسير الدين على الناس كل طريق حتى سد عليهم طريق السؤال خشية من تقييد الأمور وتعقيدها، فأين هذا من أسلوب الذين يفترضون مالا يكون ويجيبون عنه !
تفسير الألفاظ :
﴿ ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولاحام ﴾ كان أهل الجاهلية إذا نتجت الناقة خمسة أبطن آخرها ذكر، بحروا أذنها أي شقوها وخلوا سبيلها فلا تركب ولا تحمل. وكان الرجل يقول : إن شفيت فناقتي سائبة. ويجعلها كالبحيرة في تحريم الانتفاع بها. وإذا ولدت الشاة أنثى فهي لهم، وإذا ولدت ذكرا فهو لآلهتهم، وإذا ولدتهما قالوا : وصلت الأنثى أخاها فلا يذبح الذكر. وإذا نتجت من صلب الفحل عشرة أبطن حرموا ظهره ولم يمنعوه من ماء ولا مرعى، وقالوا : قد حمى ظهره. فلما جاء الإسلام أبطل هذه العادات كلها فلا بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولاحام.
تفسير المعاني :
ما شرع الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام إلى ما إليها من العادات التي سنتها الجاهلية وزينتها الوساوس. ولكن الذين كفروا يختلقون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون ما يفعلون.
تفسير الألفاظ :
﴿ حسبنا ﴾ أي كفانا.
تفسير المعاني :
وإذا دعوا للأخذ بما أنزل الله أو دعوا لمقابلة الرسول قالوا : كفانا ما كان عليه آباؤنا. أكفاهم ما كان عليه آباؤهم ولو كانوا جهلاء ضالين ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ عليكم أنفسكم ﴾ أي احفظوها والزموا إصلاحها.
تفسير المعاني :
يا أيها الذين آمنوا الزموا أنفسكم فأصلحوها ولا يضركم ضلال غيركم إذا كنتم مهتدين.
تفسير الألفاظ :
﴿ يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم ﴾ أي فيما أمرتم به شهادة بينكم، والمراد بالشهادة الإشهاد في الوصية. ﴿ من غيركم ﴾ أي من غير أقاربكم. ﴿ تحبسونهما ﴾ أي تقفونهما وتصبرونهما.
تفسير المعاني :
يا أيها المؤمنون إن فيما أمرتم به الإشهاد في الوصية، فانتخبوا لذلك شاهدين من أقاربكم، وإن كنتم على سفر فيصح أن يكونا من غير أقاربكم. وإن ارتبتم في شهادتهما فقفوهما بعد الصلاة فيقسمان لكم قائلين : لا نستبدل بالقسم عرضا من الدنيا ولا نكتم شهادة لله إنا إذن لمن المذنبين.
تفسير الألفاظ :
﴿ فإن عثر ﴾ فإن اطلع ﴿ فآخران ﴾ أي فشاهدان آخران. ﴿ استحق عليهم ﴾ أي جني عليهم يقال استحق أي جني وأذنب ﴿ الأوليان ﴾ مثنى أولى أي أحق، والمعنى : الأحقان بالميراث.
تفسير المعاني :
فإن اطلع على أن الشاهدين استحقا إثما فليقم شاهدان آخران مقامهما من الذين جنى عليهم الأحقان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما، فيحلفان بالله على أن شهادتيهما أحق من شهادة سابقيهما.
تفسير الألفاظ :
﴿ ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها ﴾ ذلك أقرب أن يأتوا بالشهادة على صحتها. ﴿ أن ترد أيمان بعد أيمانهم ﴾ أي أن ترد اليمين على المدعين بعد أيمانهم فيفتضحوا بظهور اليمين الكاذبة.
تفسير المعاني :
هذا أقرب أن يأتوا بالشهادة على صحتها أو يخشوا أن ترد اليمين على المدعين بعد أيمانهم فيفتضحوا بظهور الخيانة واليمين الكاذبة.
تفسير المعاني :
يوم يجمع الله الرسل فيقول لهم : بماذا أجابكم أقوامكم ؟ قالوا : ربنا لا علم لنا بذلك إنك أنت علام الغيوب.
تفسير الألفاظ :
﴿ بروح القدس ﴾ هو جبريل عليه السلام. ﴿ المهد ﴾ فراش الطفل جمعه أمهدة ومهد. ﴿ وكهلا ﴾ أي وأنت في سن الكهولة، وهي من الخامسة والثلاثين إلى الخمسين. ﴿ الأكمه ﴾ الذي يولد أعمى. يقال كمه يكمه كمها أي ولد أعمى. ﴿ والأبرص ﴾ من به برص وهو داء يبيض معه الجلد. ﴿ كففت ﴾ أي منعت. ﴿ إن هذا إلا سحر ﴾ أي ما هذا إلا سحر. فإن " إن " هنا بمعنى ما.
تفسير المعاني :
واذكر إذ قال الله : يا عيسى بن مريم تذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ قويتك وشددت أزرك بجبريل عليه السلام، تكلم الناس وأنت في المهد في حالة الطفولة. وتكلمهم في حالة الكهولة كذلك. وتذكر إذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل، وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني، وتبرئ الأكمه والأبرص، وإذ تحيي الموتى، وإذ كففت اليهود عنك حين جئتهم بالآيات البينات فقال كفارهم : ما هذا إلا سحر مبين.
تفسير الألفاظ :
﴿ الحواريين ﴾ جمع حواري وهم أصحاب عيسى. قيل سموا بذلك لأنهم كانوا يلبسون ثيابا بيضا، من حور الثوب بيضه ودوره. وقيل بل لأن صناعتهم كانت تحوير الثياب أي تبييضها.
تفسير المعاني :
وإذ أوحيت إلى الحواريين، أي أمرتهم على ألسنة رسلي " لأن الوحي لا يكون إلا للأنبياء ولم يكونوا هم أنبياء " : أن آمنوا بي وبرسولي عيسى، قالوا : آمنا به واشهد بأننا مسلمون. أي مخلصون مستسلمون.
تفسير الألفاظ :
﴿ هل يستطيع ربك ﴾ أي هل يطيع أن يجيبك. فإن استطاع بمعنى أطاع أيضا كاستجاب بمعنى أجاب. ﴿ مائدة ﴾ المائدة هي الخوان أي السفرة إذا كان عليها طعام.
تفسير المعاني :
إذ قال الحواريون : يا عيسى، هل يجيبك ربك لو سألته أن ينزل علينا مائدة من السماء ؟ قال : خافوا الله من أمثال هذا السؤال إن كنتم مؤمنين.
تفسير المعاني :
قالوا : نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا بانضمام المشاهدة إلى الاستدلال بكمال قدرته، ونتحقق أن قد صدقتنا في ادعاء النبوة.
تفسير الألفاظ :
﴿ تكون لنا عيدا ﴾ أي يكون يوم نزولها عيدا نعظمه. وقيل العيد هو السرور العائد، ولذلك سمي يوم العيد عيدا.
تفسير المعاني :
فدعا عيسى ربه قائلا اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء يكون يوم نزولها عيدا يعظمه أولنا وآخرنا وآية منك وأنت خير الرازقين.
تفسير المعاني :
قال الله : إني منزل المائدة عليكم من السماء، فمن يكفر منكم بعد شهودها فإني أعذبه تعذيبا لا أعاقب به أحدا من العالمين. قال بعض المفسرين : فنزلت لهم من السماء سمكة وخمسة أرغفة وجميع البقول إلا الكراث، وذهب بعضهم إلى أنهم لما هددوا هذا التهديد استعفوا عيسى عليه السلام وقالوا : لا نريدها. فلم تنزل.
تفسير الألفاظ :
﴿ سبحانك ﴾ أي تنزيها لك. يقال سبح الله يسبحه تسبيحا أي نزهه عن النقص ومشابهة المخلوقين. ﴿ ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ﴾ أي ما ينبغي لي أن أقول قولا لا يحق لي أن أقوله.
تفسير المعاني :
واذكر يا محمد إذ قال الله : يا عيسى ابن مريم أأنت أمرت الناس أن يتخذوك أنت وأمك إلهين من دون الله ؟ فأجاب عيسى : سبحانك لا ينبغي لي أن أقول قولا لا يحق لي أن أقوله، إن كنت قلته فقد علمته، تعلم ما يجول بصدري ولا أعلم ما في نفسك، إنك أنت علام الغيوب.
تفسير الألفاظ :
﴿ شهيدا ﴾ أي رقيبا عليهم أمنعهم أن يقولوا ذلك، أو مشاهدا لأحوالهم من كفر وإيمان. ﴿ فلما توفيتنى ﴾ التوفي اخذ الشئ وافيا. والموت نوع من ذلك. يقال توفاه الله أي وفاه أجله. ﴿ الرقيب ﴾ المراقب. ﴿ وأنت على كل شيء شهيد ﴾ مطلع عليه مراقب له.
تفسير المعاني :
ما قلت لهم إلا ما أمرتني أن أقوله لهم، وهو اعبدوا الله ربي وربكم، وكنت عليهم مراقبا مدة مكثي معهم، فلما توفيتني كنت أنت المراقب عليهم وأنت على كل شيء شهيد.
تفسير المعاني :
إن تؤاخذهم بذنبهم هذا فهم عبادك، وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم. إن عذبت فعدل، وإن غفرت ففضل.
تفسير الألفاظ :
﴿ أبدا ﴾ أي بلا انقطاع.
تفسير المعاني :
هذا واقع يوم ينفع الصادقين صدقهم، لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها خلودا لا انقطاع له، رضي الله عنهم فقبل أعمالهم ورضوا عنه بما غمروا فيه من السعادة الأبدية. ذلك هو الفوز العظيم.
تفسير المعاني :
ولله ملكوت السماوات والأرض والحكم المطلق على كل ما فيهن وهو على كل شيء قدير.
Icon