تفسير سورة سورة المائدة من كتاب جامع البيان في تأويل آي القرآن
المعروف بـالطبري
.
لمؤلفه
الطبري
.
المتوفي سنة 310 هـ
ﰡ
تفسير سورة المائدة بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا"، يا أيها الذين أقرّوا بوحدانية الله، وأذعنوا له بالعبودية، وسلموا له الألوهة (١) وصدَّقوا رسوله محمدًا ﷺ في نبوته وفيما جاءهم به من عند ربهم من شرائع دينه ="أوفوا بالعقود"، يعني: أوفوا بالعهود التي عاهدتموها ربَّكم، والعقود التي عاقدتموها إياه، وأوجبتم بها على أنفسكم حقوقًا، وألزمتم أنفسكم بها لله فروضًا، فأتمُّوها بالوفاء والكمال والتمام منكم لله بما ألزمكم بها، ولمن عاقدتموه منكم، بما أوجبتموه له بها على أنفسكم، ولا تنكُثُوها فتنقضوها بعد توكيدها. (٢)
* * *
واختلف أهل التأويل في"العقود" التي أمر الله جل ثناؤه بالوفاء بها بهذه الآية، بعد إجماع جميعهم على أن معنى"العقود"، العهود.
فقال بعضهم: هي العقود التي كان أهل الجاهلية عاقد بعضهم بعضًا على النُّصرة والمؤازرة والمظاهرة على من حاول ظلمه أو بغاه سوءًا، وذلك هو معنى"الحلف" الذي كانوا يتعاقدونه بينهم.
ذكر من قال: معنى"العقود"، العهود.
١٠٨٩٣- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني
وبه نستعين
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا"، يا أيها الذين أقرّوا بوحدانية الله، وأذعنوا له بالعبودية، وسلموا له الألوهة (١) وصدَّقوا رسوله محمدًا ﷺ في نبوته وفيما جاءهم به من عند ربهم من شرائع دينه ="أوفوا بالعقود"، يعني: أوفوا بالعهود التي عاهدتموها ربَّكم، والعقود التي عاقدتموها إياه، وأوجبتم بها على أنفسكم حقوقًا، وألزمتم أنفسكم بها لله فروضًا، فأتمُّوها بالوفاء والكمال والتمام منكم لله بما ألزمكم بها، ولمن عاقدتموه منكم، بما أوجبتموه له بها على أنفسكم، ولا تنكُثُوها فتنقضوها بعد توكيدها. (٢)
* * *
واختلف أهل التأويل في"العقود" التي أمر الله جل ثناؤه بالوفاء بها بهذه الآية، بعد إجماع جميعهم على أن معنى"العقود"، العهود.
فقال بعضهم: هي العقود التي كان أهل الجاهلية عاقد بعضهم بعضًا على النُّصرة والمؤازرة والمظاهرة على من حاول ظلمه أو بغاه سوءًا، وذلك هو معنى"الحلف" الذي كانوا يتعاقدونه بينهم.
ذكر من قال: معنى"العقود"، العهود.
١٠٨٩٣- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني
(١) في المطبوعة: "الألوهية"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) انظر تفسير"أوفى" فيما سلف ١: ٥٥٧/٣: ٣٤٨/٦: ٥٢٦.
(٢) انظر تفسير"أوفى" فيما سلف ١: ٥٥٧/٣: ٣٤٨/٦: ٥٢٦.
447
معاوية بن صالح، عن علي، عن ابن عباس قوله:"أوفوا بالعقود"، يعني: بالعهود.
١٠٨٩٤- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله جل وعز:"أوفوا بالعقود"، قال: العهود.
١٠٨٩٥- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
١٠٨٩٦- حدثنا سفيان قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن رجل، عن مجاهد، مثله. (١)
١٠٨٩٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس قال: جلسنا إلى مطرّف بن الشخِّير وعنده رجل يحدثهم، فقال:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"، قال: هي العهود. (٢)
١٠٨٩٨- حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع:"أوفوا بالعقود"، قال: العهود.
١٠٨٩٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن جويبر، عن الضحاك:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"، قال: هي العهود.
١٠٩٠٠- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول:"أوفوا بالعقود"، بالعهود.
١٠٨٩٤- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله جل وعز:"أوفوا بالعقود"، قال: العهود.
١٠٨٩٥- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
١٠٨٩٦- حدثنا سفيان قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن رجل، عن مجاهد، مثله. (١)
١٠٨٩٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس قال: جلسنا إلى مطرّف بن الشخِّير وعنده رجل يحدثهم، فقال:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"، قال: هي العهود. (٢)
١٠٨٩٨- حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع:"أوفوا بالعقود"، قال: العهود.
١٠٨٩٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن جويبر، عن الضحاك:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"، قال: هي العهود.
١٠٩٠٠- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول:"أوفوا بالعقود"، بالعهود.
(١) الأثر: ١٠٨٩٦- في المخطوطة: "حدثنا سفيان قال، حدثنا ابن أبي سفيان، عن رجل... " وهو خطأ وسهو، وهو إسناد دائر في التفسير: سفيان بن وكيع، عن أبيه وكيع، عن سفيان الثوري.
(٢) الأثر: ١٠٨٩٧-"عبيد الله"، هو"عبيد الله بن موسى بن أبي المختار العبسي""باذام"، مضت ترجمته برقم: ٢٠٩٢، ٢٢١٩، ٥٧٩٦، ٧٧٥٨. وكان في المطبوعة هنا: "عبيد الله عن ابن أبي جعفر الرازي"، وهو خطأ سيأتي على الصواب في الأسانيد التالية رقم: ١٠٩٣٥، ١٠٩٥٧، ١٠٩٦٣.
(٢) الأثر: ١٠٨٩٧-"عبيد الله"، هو"عبيد الله بن موسى بن أبي المختار العبسي""باذام"، مضت ترجمته برقم: ٢٠٩٢، ٢٢١٩، ٥٧٩٦، ٧٧٥٨. وكان في المطبوعة هنا: "عبيد الله عن ابن أبي جعفر الرازي"، وهو خطأ سيأتي على الصواب في الأسانيد التالية رقم: ١٠٩٣٥، ١٠٩٥٧، ١٠٩٦٣.
450
١٠٩٠١- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة في قوله:"أوفوا بالعقود"، قال: بالعهود.
١٠٩٠٢- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"أوفوا بالعقود"، قال: هي العهود.
١٠٩٠٣- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، سمعت الثوري يقول:"أوفوا بالعقود"، قال: بالعهود.
١٠٩٠٤- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
* * *
قال أبو جعفر: و"العقود" جمع"عَقْدٍ"، وأصل"العقد"، عقد الشيء بغيره، وهو وصله به، كما يعقد الحبل بالحبلِ، إذا وصل به شدًّا. يقال منه:"عقد فلان بينه وبين فلان عقدًا، فهو يعقده"، ومنه قول الحطيئة:
١٠٩٠٢- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"أوفوا بالعقود"، قال: هي العهود.
١٠٩٠٣- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، سمعت الثوري يقول:"أوفوا بالعقود"، قال: بالعهود.
١٠٩٠٤- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
* * *
قال أبو جعفر: و"العقود" جمع"عَقْدٍ"، وأصل"العقد"، عقد الشيء بغيره، وهو وصله به، كما يعقد الحبل بالحبلِ، إذا وصل به شدًّا. يقال منه:"عقد فلان بينه وبين فلان عقدًا، فهو يعقده"، ومنه قول الحطيئة:
قَوْمٌ إذَا عَقَدُوا عَقْدًا لِجَارِهِمُ | شَدُّوا العِنَاجَ وَشَدُّوا فَوْقَهُ الْكَرَبَا (١) |
(١) ديوانه: ٦، مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٤٥، اللسان (كرب) (عنج)، من قصيدته التي قالها في الزبرقان بن بدر، وبغيض بن عامر من بني أنف الناقة، فمدح بغيضًا وقومه فقال:
هذا مثل ضربه يقول: إذا عقدوا للجار عقدًا وذمامًا، أحكموا على أنفسهم العقد، حتى يكون أقر عينًا بنصرتهم له، وحمايتهم لعرضه وماله. وضرب المثل بالدلو، التي يستقي بها وينتفع. و"العناج": خيط يشد في أسفل الدلو، ثم يشد في عروتها، أو في أحد آذانها، فإذا انقطع حبل الدلو، أمسك العناج الدلو أن تقع في البئر. و"الكرب" الحبل الذي يشد على الدلو بعد"المنين" وهو الحبل الأول، فإذا انقطع المنين بقي الكرب. فهذا هو المثل، استوثقوا له بالعهد، كما استوثقوا لدلوه بالحبل بعد الحبل حتى تكون بمأمن من القطع.
قَوْمٌ هُمُ الأَنْفُ، وَالأَذْنَابُ غَيْرهُمُ، | وَمَنْ يُسَوِّي بِأَنْفِ النَّاقَةِ الذَّنَبَا! |
قَوْمٌ يَبِيتُ قَرِيرَ العَيْنِ جَارُهُمُ | إذَا لَوَى بقُوَى أَطْنَابِهِمْ طُنُبَا |
451
وذلك إذا وَاثقه على أمر وعاهده عليه عهدًا بالوفاء له بما عاقده عليه، من أمان وذِمَّة، أو نصرة، أو نكاح، أو بيع، أو شركة، أو غير ذلك من العقود.
* * *
ذكر من قال المعنى الذي ذكرنا عمن قاله في المراد من قوله:"أوفوا بالعقود".
١٠٩٠٥- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"، أي: بعقد الجاهلية. ذُكر لنا أن نبيَّ الله ﷺ كان يقول: أوفوا بعقد الجاهلية، ولا تحدثوا عقدًا في الإسلام. وذكر لنا أن فرات بن حيَّان العِجلي، سأل رسول الله ﷺ عن حلف الجاهلية، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: لعلك تسأل عن حِلْف لخْمٍ وتَيْم الله؟ فقال: نعم، يا نبي الله! قال: لا يزيده الإسلام إلا شدة.
١٠٩٠٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، حدثنا معمر، عن قتادة:"أوفوا بالعقود"، قال: عقود الجاهلية: الحلف.
* * *
وقال آخرون: بل هي الحلف التي أخذ الله على عباده بالإيمان به وطاعته، فيما أحل لهم وحرم عليهم.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٠٧- حدثني المثنى قال، أخبرنا عبد الله قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"أوفوا بالعقود"، يعني: ما أحل وما حرّم، وما فرض، وما حدَّ في القرآن كله، فلا تغدِروا ولا تنكُثوا. ثم شدَّد ذلك فقال: (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) إلى قوله: (سُوءُ الدَّارِ) [سورة الرعد: ٣٥].
١٠٩٠٨- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن
* * *
ذكر من قال المعنى الذي ذكرنا عمن قاله في المراد من قوله:"أوفوا بالعقود".
١٠٩٠٥- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"، أي: بعقد الجاهلية. ذُكر لنا أن نبيَّ الله ﷺ كان يقول: أوفوا بعقد الجاهلية، ولا تحدثوا عقدًا في الإسلام. وذكر لنا أن فرات بن حيَّان العِجلي، سأل رسول الله ﷺ عن حلف الجاهلية، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: لعلك تسأل عن حِلْف لخْمٍ وتَيْم الله؟ فقال: نعم، يا نبي الله! قال: لا يزيده الإسلام إلا شدة.
١٠٩٠٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، حدثنا معمر، عن قتادة:"أوفوا بالعقود"، قال: عقود الجاهلية: الحلف.
* * *
وقال آخرون: بل هي الحلف التي أخذ الله على عباده بالإيمان به وطاعته، فيما أحل لهم وحرم عليهم.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٠٧- حدثني المثنى قال، أخبرنا عبد الله قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"أوفوا بالعقود"، يعني: ما أحل وما حرّم، وما فرض، وما حدَّ في القرآن كله، فلا تغدِروا ولا تنكُثوا. ثم شدَّد ذلك فقال: (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) إلى قوله: (سُوءُ الدَّارِ) [سورة الرعد: ٣٥].
١٠٩٠٨- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن
452
ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"أوفوا بالعقود"، ما عقد الله على العباد مما أحل لهم وحرَّم عليهم.
* * *
وقال آخرون: بل هي العقود التي يتعاقدها الناس بينهم، ويعقدها المرء على نفسه.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٠٩- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثني أبي، عن موسى بن عبيدة، عن أخيه عبد الله بن عبيدة قال: العقود خمس: عُقدة الأيمان، وعُقدة النكاح، وعقدة العَهد، وعقدة البيع، وعقدة الحِلْف.
١٠٩١٠- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا وكيع، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي = أو عن أخيه عبد الله بن عبيدة، نحوه.
١٠٩١١- حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"، قال: عقد العهد، وعقد اليمين وعَقد الحِلْف، وعقد الشركة، وعقد النكاح. قال: هذه العقود، خمس.
١٠٩١٢- حدثني المثنى قال، حدثنا عتبة بن سعيد الحمصي قال، حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال، حدثنا أبي في قول الله جل وعز:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"، قال: العقود خمس: عقدة النكاح، وعقدة الشركة، وعقد اليمين، وعقدة العهد، وعقدة الحلف. (١)
* * *
وقال آخرون: بل هذه الآية أمرٌ من الله تعالى لأهل الكتاب بالوفاء بما أخذ به ميثاقهم، من العمل بما في التوراة والإنجيل في تصديق محمد ﷺ وما جاءهم به من عند الله.
* * *
وقال آخرون: بل هي العقود التي يتعاقدها الناس بينهم، ويعقدها المرء على نفسه.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٠٩- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثني أبي، عن موسى بن عبيدة، عن أخيه عبد الله بن عبيدة قال: العقود خمس: عُقدة الأيمان، وعُقدة النكاح، وعقدة العَهد، وعقدة البيع، وعقدة الحِلْف.
١٠٩١٠- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا وكيع، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي = أو عن أخيه عبد الله بن عبيدة، نحوه.
١٠٩١١- حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"، قال: عقد العهد، وعقد اليمين وعَقد الحِلْف، وعقد الشركة، وعقد النكاح. قال: هذه العقود، خمس.
١٠٩١٢- حدثني المثنى قال، حدثنا عتبة بن سعيد الحمصي قال، حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال، حدثنا أبي في قول الله جل وعز:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"، قال: العقود خمس: عقدة النكاح، وعقدة الشركة، وعقد اليمين، وعقدة العهد، وعقدة الحلف. (١)
* * *
وقال آخرون: بل هذه الآية أمرٌ من الله تعالى لأهل الكتاب بالوفاء بما أخذ به ميثاقهم، من العمل بما في التوراة والإنجيل في تصديق محمد ﷺ وما جاءهم به من عند الله.
(١) الأثر ١٠٩١٢-"عتبة بن سعيد الحمصي" مضى برقم: ٨٩٦٦.
453
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩١٣- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"أوفوا بالعقود"، قال: العهود التي أخذها الله على أهل الكتاب: أن يعملوا بما جاءهم.
١٠٩١٤- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني الليث قال، حدثني يونس قال، قال محمد بن مسلم: قرأت كتاب رسول الله ﷺ الذي كتب لعمرو بن حزم حين بعثه على نَجْران (١) فكان الكتاب عند أبي بكر بن حزم، فيه:"هذا بيان من الله ورسوله:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"، فكتب الآيات منها حتى بلغ"إن الله سريع الحساب". (٢)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب، ما قاله ابن عباس، وأن معناه: أوفوا، يا أيها الذين آمنوا، بعقود الله التي أوجبَهَا عليكم، وعقدها فيما أحلَّ لكم وحرم عليكم، وألزمكم فرضه، وبيَّن لكم حدوده.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب من غيره من الأقوال، لأن الله جل وعز أتبع ذلك البيانَ عما أحل لعباده وحرم عليهم، وما أوجب عليهم من فرائضه. فكان معلومًا بذلك أن قوله:"أوفوا بالعقود"، أمرٌ منه عبادَه بالعمل بما ألزمهم من فرائضه وعقوده عقيب ذلك، ونَهْيٌ منه لهم عن نقض ما عقده عليهم منه، مع أن قوله:"أوفوا بالعقود"، أمرٌ منه بالوفاء بكل عقد أذن فيه، فغير جائز أن يخصَّ منه شيء حتى تقوم حجة بخصوص شيء منه يجب التسليم لها. فإذْ كان الأمر في ذلك كما وصفنا، فلا معنى لقول من وجَّه ذلك إلى معنى الأمر بالوفاء ببعض العقود التي أمرَ الله بالوفاء بها دون بعض.
* * *
١٠٩١٣- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"أوفوا بالعقود"، قال: العهود التي أخذها الله على أهل الكتاب: أن يعملوا بما جاءهم.
١٠٩١٤- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني الليث قال، حدثني يونس قال، قال محمد بن مسلم: قرأت كتاب رسول الله ﷺ الذي كتب لعمرو بن حزم حين بعثه على نَجْران (١) فكان الكتاب عند أبي بكر بن حزم، فيه:"هذا بيان من الله ورسوله:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"، فكتب الآيات منها حتى بلغ"إن الله سريع الحساب". (٢)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب، ما قاله ابن عباس، وأن معناه: أوفوا، يا أيها الذين آمنوا، بعقود الله التي أوجبَهَا عليكم، وعقدها فيما أحلَّ لكم وحرم عليكم، وألزمكم فرضه، وبيَّن لكم حدوده.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب من غيره من الأقوال، لأن الله جل وعز أتبع ذلك البيانَ عما أحل لعباده وحرم عليهم، وما أوجب عليهم من فرائضه. فكان معلومًا بذلك أن قوله:"أوفوا بالعقود"، أمرٌ منه عبادَه بالعمل بما ألزمهم من فرائضه وعقوده عقيب ذلك، ونَهْيٌ منه لهم عن نقض ما عقده عليهم منه، مع أن قوله:"أوفوا بالعقود"، أمرٌ منه بالوفاء بكل عقد أذن فيه، فغير جائز أن يخصَّ منه شيء حتى تقوم حجة بخصوص شيء منه يجب التسليم لها. فإذْ كان الأمر في ذلك كما وصفنا، فلا معنى لقول من وجَّه ذلك إلى معنى الأمر بالوفاء ببعض العقود التي أمرَ الله بالوفاء بها دون بعض.
* * *
(١) في المطبوعة: "بعثه إلى نجران"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) الأثر: ١٠٩١٤- روى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو جعفر في التاريخ ٣: ١٥٧، وهو في سيرة ابن هشام ٤: ٢٤١، وفتوح البلدان للبلاذري: ٧٧، وغيرها.
(٢) الأثر: ١٠٩١٤- روى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو جعفر في التاريخ ٣: ١٥٧، وهو في سيرة ابن هشام ٤: ٢٤١، وفتوح البلدان للبلاذري: ٧٧، وغيرها.
454
وأما قوله:"أوفوا" فإن للعرب فيه لغتين:
إحداهما:"أوفوا"، من قول القائل:"أوفيت لفلان بعهده، أوفي له به".
والأخرى من قولهم:"وفيت له بعهده أفي". (١)
و"الإيفاء بالعهد"، إتمامه على ما عقد عليه من شروطه الجائزة.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأنْعَامِ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في"بهيمة الأنعام" التي ذكر الله عز ذكره في هذه الآية أنه أحلها لنا.
فقال بعضهم: هي الأنعام كلها.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩١٥- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا عبد الأعلى، عن عوف، عن الحسن قال: بهيمة الأنعام، هي الإبل والبقر والغنم.
١٠٩١٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"أحلت لكم بهيمة الأنعام"، قال: الأنعام كلها.
١٠٩١٧- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا ابن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"أحلت لكم بهيمة الأنعام"، قال: الأنعام كلها.
١٠٩١٨- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس في قوله:"أحلت لكم بهيمة الأنعام"، قال: الأنعام كلها. (٢)
١٠٩٢٠- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول،
إحداهما:"أوفوا"، من قول القائل:"أوفيت لفلان بعهده، أوفي له به".
والأخرى من قولهم:"وفيت له بعهده أفي". (١)
و"الإيفاء بالعهد"، إتمامه على ما عقد عليه من شروطه الجائزة.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأنْعَامِ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في"بهيمة الأنعام" التي ذكر الله عز ذكره في هذه الآية أنه أحلها لنا.
فقال بعضهم: هي الأنعام كلها.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩١٥- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا عبد الأعلى، عن عوف، عن الحسن قال: بهيمة الأنعام، هي الإبل والبقر والغنم.
١٠٩١٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"أحلت لكم بهيمة الأنعام"، قال: الأنعام كلها.
١٠٩١٧- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا ابن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"أحلت لكم بهيمة الأنعام"، قال: الأنعام كلها.
١٠٩١٨- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس في قوله:"أحلت لكم بهيمة الأنعام"، قال: الأنعام كلها. (٢)
١٠٩٢٠- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول،
(١) انظر تفسير"أوفى" فيما سلف ١: ٥٥٧-٥٥٩/٣: ٣٤٨/٦: ٥٢٦.
(٢) سقط من الترقيم، رقم: ١٠٩١٩.
(٢) سقط من الترقيم، رقم: ١٠٩١٩.
455
أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"بهيمة الأنعام"، هي الأنعام.
* * *
وقال آخرون: بل عنى بقوله:"أحلت لكم بهيمة الأنعام"، أجنة الأنعام التي توجد في بطون أمهاتها -إذا نحرت أو ذبحت- ميتةً.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٢١- حدثني الحارث بن محمد قال، حدثنا عبد العزيز قال، أخبرنا أبو عبد الرحمن الفزاري، عن عطية العوفي، عن ابن عمر في قوله:"أحلت لكم بهيمة الأنعام". قال: ما في بطونها. قال قلت: إن خرج ميتًا أكله؟ قال: نعم.
١٠٩٢٢- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا يحيى بن زكريا، عن إدريس الأودي، عن عطية، عن ابن عمر نحوه = وزاد فيه قال: نعم، هو بمنزلة رئتها وكبدها.
١٠٩٢٣- حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: الجنين من بهيمة الأنعام، فكلوه.
١٠٩٢٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن مسعر = وسفيان، عن قابوس = عن أبيه، عن ابن عباس: أن بقرة نحرت فوُجد في بطنها جنين، فأخذ ابن عباس بذنَب الجنين فقال: هذا من بهيمة الأنعام التي أحلّت لكم.
١٠٩٢٥- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: هو من بهيمة الأنعام.
١٠٩٢٦- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو عاصم ومؤمل قالا حدثنا سفيان، عن قابوس، عن أبيه قال: ذبحنا بقرة، فإذا في بطنها جنين، فسألنا ابن عباس فقال: هذه بهيمة الأنعام.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين بالصواب في ذلك، قول من قال: عنى
* * *
وقال آخرون: بل عنى بقوله:"أحلت لكم بهيمة الأنعام"، أجنة الأنعام التي توجد في بطون أمهاتها -إذا نحرت أو ذبحت- ميتةً.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٢١- حدثني الحارث بن محمد قال، حدثنا عبد العزيز قال، أخبرنا أبو عبد الرحمن الفزاري، عن عطية العوفي، عن ابن عمر في قوله:"أحلت لكم بهيمة الأنعام". قال: ما في بطونها. قال قلت: إن خرج ميتًا أكله؟ قال: نعم.
١٠٩٢٢- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا يحيى بن زكريا، عن إدريس الأودي، عن عطية، عن ابن عمر نحوه = وزاد فيه قال: نعم، هو بمنزلة رئتها وكبدها.
١٠٩٢٣- حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: الجنين من بهيمة الأنعام، فكلوه.
١٠٩٢٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن مسعر = وسفيان، عن قابوس = عن أبيه، عن ابن عباس: أن بقرة نحرت فوُجد في بطنها جنين، فأخذ ابن عباس بذنَب الجنين فقال: هذا من بهيمة الأنعام التي أحلّت لكم.
١٠٩٢٥- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: هو من بهيمة الأنعام.
١٠٩٢٦- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو عاصم ومؤمل قالا حدثنا سفيان، عن قابوس، عن أبيه قال: ذبحنا بقرة، فإذا في بطنها جنين، فسألنا ابن عباس فقال: هذه بهيمة الأنعام.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين بالصواب في ذلك، قول من قال: عنى
456
بقوله:"أحلت لكم بهيمة الأنعام"، الأنعام كلها: أجنَّتها وسِخَالها وكبارها. (١) لأن العرب لا تمتنع من تسمية جميع ذلك"بهيمة وبهائم"، ولم يخصص الله منها شيئًا دون شيء. فذلك على عمومه وظاهره، حتى تأتى حجة بخصوصه يجب التسليم لها.
* * *
وأما"النعم" فإنها عند العرب، اسم للإبل والبقر والغنم خاصة، كما قال جل ثناؤه: (وَالأنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ)، [سورة النحل: ٥]، ثم قال: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً) [سورة النحل: ٨]، ففصل جنس النعم من غيرها من أجناس الحيوان. (٢)
وأما"بهائمها"، فإنها أولادها. وإنما قلنا يلزم الكبار منها اسم"بهيمة"، كما يلزم الصغار، لأن معنى قول القائل:"بهيمة الأنعام"، نظير قوله:"ولد الأنعام". فلما كان لا يسقط معنى الولادة عنه بعد الكبر، فكذلك لا يسقط عنه اسم البهيمة بعد الكبر.
* * *
وقد قال قوم:"بهيمة الأنعام"، وحشيُّها، كالظباء وبقر الوحش والحُمُر. (٣)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في الذي عناه الله بقوله:"إلا ما يتلى عليكم". فقال بعضهم: عنى الله بذلك: أحلت لكم أولاد الإبل والبقر والغنم، إلا ما بيَّن الله لكم فيما يتلى عليكم بقوله: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ)، الآية [سورة المائدة: ٣].
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٢٧- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا
* * *
وأما"النعم" فإنها عند العرب، اسم للإبل والبقر والغنم خاصة، كما قال جل ثناؤه: (وَالأنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ)، [سورة النحل: ٥]، ثم قال: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً) [سورة النحل: ٨]، ففصل جنس النعم من غيرها من أجناس الحيوان. (٢)
وأما"بهائمها"، فإنها أولادها. وإنما قلنا يلزم الكبار منها اسم"بهيمة"، كما يلزم الصغار، لأن معنى قول القائل:"بهيمة الأنعام"، نظير قوله:"ولد الأنعام". فلما كان لا يسقط معنى الولادة عنه بعد الكبر، فكذلك لا يسقط عنه اسم البهيمة بعد الكبر.
* * *
وقد قال قوم:"بهيمة الأنعام"، وحشيُّها، كالظباء وبقر الوحش والحُمُر. (٣)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في الذي عناه الله بقوله:"إلا ما يتلى عليكم". فقال بعضهم: عنى الله بذلك: أحلت لكم أولاد الإبل والبقر والغنم، إلا ما بيَّن الله لكم فيما يتلى عليكم بقوله: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ)، الآية [سورة المائدة: ٣].
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٢٧- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا
(١) "السخال" جمع"سخلة" (بفتح فسكون) : وهي ولد الشاة من المعز والضأن، ذكرًا كان أو أنثى.
(٢) انظر تفسير"الأنعام" فيما سلف ٦: ٢٥٤.
(٣) هي مقالة الفراء في معاني القرآن ١: ٢٩٨.
(٢) انظر تفسير"الأنعام" فيما سلف ٦: ٢٥٤.
(٣) هي مقالة الفراء في معاني القرآن ١: ٢٩٨.
457
عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم"، إلا الميتة وما ذكر معها.
١٠٩٢٨- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم"، أي: من الميتة التي نهى الله عنها، وقدَّم فيها.
١٠٩٢٩- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة:"إلا ما يتلى عليكم"، قال: إلا الميتة وما لم يذكر اسم الله عليه.
١٠٩٣٠- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"إلا ما يتلى عليكم"، الميتة والدم ولحم الخنزير.
١٠٩٣١- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم"، الميتة ولحم الخنزير.
١٠٩٣٢- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم"، هي الميتة والدم ولحم الخنزير وما أُهِلَّ لغير الله به.
* * *
وقال آخرون: بل الذي استثنى الله بقوله:"إلا ما يتلى عليكم"، الخنزير.
ذكر من قال ذلك.
١٠٩٣٣- حدثني عبد الله بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس:"إلا ما يتلى عليكم"، قال: الخنزير.
١٠٩٣٤- حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"إلا ما يتلى عليكم"، يعني: الخنزير.
* * *
١٠٩٢٨- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم"، أي: من الميتة التي نهى الله عنها، وقدَّم فيها.
١٠٩٢٩- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة:"إلا ما يتلى عليكم"، قال: إلا الميتة وما لم يذكر اسم الله عليه.
١٠٩٣٠- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"إلا ما يتلى عليكم"، الميتة والدم ولحم الخنزير.
١٠٩٣١- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم"، الميتة ولحم الخنزير.
١٠٩٣٢- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم"، هي الميتة والدم ولحم الخنزير وما أُهِلَّ لغير الله به.
* * *
وقال آخرون: بل الذي استثنى الله بقوله:"إلا ما يتلى عليكم"، الخنزير.
ذكر من قال ذلك.
١٠٩٣٣- حدثني عبد الله بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس:"إلا ما يتلى عليكم"، قال: الخنزير.
١٠٩٣٤- حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"إلا ما يتلى عليكم"، يعني: الخنزير.
* * *
458
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين في ذلك بالصواب، تأويل من قال:"عنى بذلك: إلا ما يتلى عليكم من تحريم الله ما حرّم عليكم بقوله:"حرمت عليكم الميتة"، الآية. لأن الله عز وجل استثنى مما أباح لعباده من بهيمة الأنعام، ما حرَّم عليهم منها. والذي حرّم عليهم منها، ما بيّنه في قوله: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزيرِ) [سورة المائدة: ٣]. وإن كان حرَّمه الله علينا، فليس من بهيمة الأنعام فيستثنى منها. فاستثناء ما حرَّم علينا مما دخل في جملة ما قبل الاستثناء، أشبهُ من استثناء ما حرَّم مما لم يدخل في جملة ما قبل الاستثناء.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: معنى ذلك:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" ="غير محلي الصيد وأنتم حرم" ="أحلت لكم بهيمة الأنعام" فذلك، على قولهم، من المؤخر الذي معناه التقديم. فـ"غير" منصوب = على قول قائلي هذه المقالة = على الحال مما في قوله:"أوفوا" من ذكر"الذين آمنوا".
وتأويل الكلام على مذهبهم: أوفوا، أيها المؤمنون، بعقود الله التي عقدها عليكم في كتابه، لا محلّين الصيد وأنتم حرم.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: أحلت لكم بهيمة الأنعام الوحشية من الظباء والبقر والحمر ="غير محلي الصيد"، غير مستحلِّي اصطيادها، وأنتم حرم إلا
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: معنى ذلك:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" ="غير محلي الصيد وأنتم حرم" ="أحلت لكم بهيمة الأنعام" فذلك، على قولهم، من المؤخر الذي معناه التقديم. فـ"غير" منصوب = على قول قائلي هذه المقالة = على الحال مما في قوله:"أوفوا" من ذكر"الذين آمنوا".
وتأويل الكلام على مذهبهم: أوفوا، أيها المؤمنون، بعقود الله التي عقدها عليكم في كتابه، لا محلّين الصيد وأنتم حرم.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: أحلت لكم بهيمة الأنعام الوحشية من الظباء والبقر والحمر ="غير محلي الصيد"، غير مستحلِّي اصطيادها، وأنتم حرم إلا
459
ما يتلى عليكم". فـ"غير"، على قول هؤلاء، منصوب على الحال من"الكاف والميم" اللتين في قوله:"لكم"، بتأويل: أحلت لكم، أيها الذين آمنوا، بهيمة الأنعام، لا مستحلِّي اصطيادها في حال إحرامكم. (١)
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: أحلت لكم بهيمة الأنعام كلها ="إلا ما يتلى عليكم"، إلا ما كان منها وحشيًّا، فإنه صيد، فلا يحل لكم وأنتم حرم. فكأن من قال ذلك، وجَّه الكلام إلى معنى: أحلت لكم بهيمة الأنعام كلها ="إلا ما يتلى عليكم"، إلا ما يبين لكم من وحشيها، غيرَ مستحلي اصطيادها في حال إحرامكم. فتكون"غير" منصوبة، على قولهم، على الحال من"الكاف والميم" في قوله:"إلا ما يتلى عليكم".
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٣٥- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا عبيد الله، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس قال: جلسنا إلى مطرِّف بن الشخير، وعنده رجل، فحدّثهم فقال:"أحلت لكم بهيمة الأنعام" صيدًا ="غير محلي الصيد وأنتم حرم"، فهو عليكم حرام. يعني: بقر الوحش والظباءَ وأشباهه. (٢)
١٠٩٣٦- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس في قوله:"أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم"، قال: الأنعام كلها حِلٌّ، إلا ما كان منها وحشيًّا، فإنه صيد، فلا يحل إذا كان مُحْرِمًا.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب = على ما تظاهر به تأويل
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: أحلت لكم بهيمة الأنعام كلها ="إلا ما يتلى عليكم"، إلا ما كان منها وحشيًّا، فإنه صيد، فلا يحل لكم وأنتم حرم. فكأن من قال ذلك، وجَّه الكلام إلى معنى: أحلت لكم بهيمة الأنعام كلها ="إلا ما يتلى عليكم"، إلا ما يبين لكم من وحشيها، غيرَ مستحلي اصطيادها في حال إحرامكم. فتكون"غير" منصوبة، على قولهم، على الحال من"الكاف والميم" في قوله:"إلا ما يتلى عليكم".
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٣٥- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا عبيد الله، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس قال: جلسنا إلى مطرِّف بن الشخير، وعنده رجل، فحدّثهم فقال:"أحلت لكم بهيمة الأنعام" صيدًا ="غير محلي الصيد وأنتم حرم"، فهو عليكم حرام. يعني: بقر الوحش والظباءَ وأشباهه. (٢)
١٠٩٣٦- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس في قوله:"أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم"، قال: الأنعام كلها حِلٌّ، إلا ما كان منها وحشيًّا، فإنه صيد، فلا يحل إذا كان مُحْرِمًا.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب = على ما تظاهر به تأويل
(١) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٩٨.
(٢) انظر الإسناد السالف رقم: ١٠٨٩٧، وكان هناك عن"ابن أبي جعفر الرازي"، وهذا هو الإسناد الصحيح، صححت ذلك عليه. وسيأتي برقم: ١٠٩٥٧، ١٠٩٦٣.
(٢) انظر الإسناد السالف رقم: ١٠٨٩٧، وكان هناك عن"ابن أبي جعفر الرازي"، وهذا هو الإسناد الصحيح، صححت ذلك عليه. وسيأتي برقم: ١٠٩٥٧، ١٠٩٦٣.
460
أهل التأويل في قوله:"أحلت لكم بهيمة الأنعام"، من أنها الأنعام وأجنَّتها وسخالها، وعلى دلالة ظاهر التنزيل = قولُ من قال: معنى ذلك: أوفوا بالعقود، غيرَ محلي الصيد وأنتم حرم، فقد أحلت لكم بهيمة الأنعام في حال إحرامكم أو غيرها من أحوالكم، إلا ما يتلى عليكم تحريمه من الميتة منها والدم، وما أهل لغير الله به.
وذلك أن قوله:"إلا ما يتلى عليكم"، لو كان معناه:"إلا الصيد"، لقيل:"إلا ما يتلى عليكم من الصيد غير محليه". وفي ترك الله وَصْلَ قوله:"إلا ما يتلى عليكم" بما ذكرت، وإظهار ذكر الصيد في قوله:"غير محلي الصيد"، أوضحُ الدليل على أن قوله:"إلا ما يتلى عليكم"، خَبَرٌ متناهية قصته، وأن معنى قوله:"غير محلي الصيد"، منفصل منه.
وكذلك لو كان قوله: (أحلت لكم بهيمة الأنعام)، مقصودًا به قصد الوحش، لم يكن أيضًا لإعادة ذكر الصيد في قوله:"غير محلي الصيد" وَجْهٌ، وقد مضى ذكره قبل، ولقيل:"أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلِّيه وأنتم حرم". وفي إظهاره ذكر الصيد في قوله:"غير محلي الصيد"، أبينُ الدلالة على صحة ما قلنا في معنى ذلك.
* * *
فإن قال قائل: فإن العرب ربما أظهرت ذكر الشيء باسمه وقد جرى ذكره باسمه؟ قيل: ذلك من فعلها ضرورة شعر، وليس ذلك بالفصيح المستعمل من كلامهم. وتوجيه كلام الله إلى الأفصح من لغات من نزل كلامه بلغته، أولى = ما وُجد إلى ذلك سبيل = من صرفه إلى غير ذلك.
* * *
قال أبو جعفر: فمعنى الكلام إذًا: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بعقود الله التي عقد عليكم مما حرّم وأحلّ، لا محلين الصيد في حرمكم، ففيما أحلَّ لكم من بهيمة الأنعام المذكَّاة دون ميتتها، متَّسع لكم ومستغنًى عن الصيد في حال إحرامكم.
* * *
وذلك أن قوله:"إلا ما يتلى عليكم"، لو كان معناه:"إلا الصيد"، لقيل:"إلا ما يتلى عليكم من الصيد غير محليه". وفي ترك الله وَصْلَ قوله:"إلا ما يتلى عليكم" بما ذكرت، وإظهار ذكر الصيد في قوله:"غير محلي الصيد"، أوضحُ الدليل على أن قوله:"إلا ما يتلى عليكم"، خَبَرٌ متناهية قصته، وأن معنى قوله:"غير محلي الصيد"، منفصل منه.
وكذلك لو كان قوله: (أحلت لكم بهيمة الأنعام)، مقصودًا به قصد الوحش، لم يكن أيضًا لإعادة ذكر الصيد في قوله:"غير محلي الصيد" وَجْهٌ، وقد مضى ذكره قبل، ولقيل:"أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلِّيه وأنتم حرم". وفي إظهاره ذكر الصيد في قوله:"غير محلي الصيد"، أبينُ الدلالة على صحة ما قلنا في معنى ذلك.
* * *
فإن قال قائل: فإن العرب ربما أظهرت ذكر الشيء باسمه وقد جرى ذكره باسمه؟ قيل: ذلك من فعلها ضرورة شعر، وليس ذلك بالفصيح المستعمل من كلامهم. وتوجيه كلام الله إلى الأفصح من لغات من نزل كلامه بلغته، أولى = ما وُجد إلى ذلك سبيل = من صرفه إلى غير ذلك.
* * *
قال أبو جعفر: فمعنى الكلام إذًا: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بعقود الله التي عقد عليكم مما حرّم وأحلّ، لا محلين الصيد في حرمكم، ففيما أحلَّ لكم من بهيمة الأنعام المذكَّاة دون ميتتها، متَّسع لكم ومستغنًى عن الصيد في حال إحرامكم.
* * *
461
القول في تأويل قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (١) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: إن الله يقضي في خلقه ما يشاء (١) من تحليل ما أراد تحليله، وتحريم ما أراد تحريمه، وإيجاب ما شاء إيجابه عليهم، وغير ذلك من أحكامه وقضاياه = فأوفوا، أيها المؤمنون، له بما عقدَ عليكم من تحليل ما أحل لكم وتحريم ما حرّم عليكم، وغير ذلك من عقوده، فلا تنكثوها ولا تنقضوها. كما:-
١٠٩٣٧- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"إن الله يحكم ما يريد"، إن الله يحكم ما أراد في خلقه، وبيّن لعباده، وفرض فرائضه، وحدَّ حدوده، وأمر بطاعته، ونهى عن معصيته.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى قول الله:"لا تحلوا شعائر الله".
فقال بعضهم معناه: لا تحلوا حُرُمات الله، ولا تتعدَّوا حدوده = كأنهم وجهوا"الشعائر" إلى المعالم، وتأولوا"لا تحلوا شعائر الله"، معالم حدود الله، وأمرَه ونهيَه وفرائضَه.
[ذكر من قال ذلك] :(٢)
١٠٩٣٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال، حدثنا حبيب المعلم، عن عطاء: أنه سئل عن"شعائر الله" فقال: حُرُمات الله، اجتناب سَخَطِ الله، واتباع طاعته، فذلك"شعائر الله".
* * *
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: إن الله يقضي في خلقه ما يشاء (١) من تحليل ما أراد تحليله، وتحريم ما أراد تحريمه، وإيجاب ما شاء إيجابه عليهم، وغير ذلك من أحكامه وقضاياه = فأوفوا، أيها المؤمنون، له بما عقدَ عليكم من تحليل ما أحل لكم وتحريم ما حرّم عليكم، وغير ذلك من عقوده، فلا تنكثوها ولا تنقضوها. كما:-
١٠٩٣٧- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"إن الله يحكم ما يريد"، إن الله يحكم ما أراد في خلقه، وبيّن لعباده، وفرض فرائضه، وحدَّ حدوده، وأمر بطاعته، ونهى عن معصيته.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى قول الله:"لا تحلوا شعائر الله".
فقال بعضهم معناه: لا تحلوا حُرُمات الله، ولا تتعدَّوا حدوده = كأنهم وجهوا"الشعائر" إلى المعالم، وتأولوا"لا تحلوا شعائر الله"، معالم حدود الله، وأمرَه ونهيَه وفرائضَه.
[ذكر من قال ذلك] :(٢)
١٠٩٣٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال، حدثنا حبيب المعلم، عن عطاء: أنه سئل عن"شعائر الله" فقال: حُرُمات الله، اجتناب سَخَطِ الله، واتباع طاعته، فذلك"شعائر الله".
* * *
(١) انظر تفسير"حكم" فيما سلف: ص ٣٢٤: تعليق: ٣.
(٢) ما بين القوسين زيادة ليست في المخطوطة ولا المطبوعة، وأثبتها على نهج أبي جعفر في تفسيره.
(٢) ما بين القوسين زيادة ليست في المخطوطة ولا المطبوعة، وأثبتها على نهج أبي جعفر في تفسيره.
462
وقال آخرون: معنى ذلك: (١) لا تحلوا حَرَم الله = فكأنهم وجهوا معنى قوله:"شعائر الله"، أي: معالم حرم الله من البلاد.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٣٩- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله"، قال: أما"شعائر الله"، فحرَم الله.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: لا تحلّوا مناسك الحج فتضيعوها = وكأنهم وجَّهوا تأويل ذلك إلى: لا تحلوا معالم حدود الله التي حدَّها لكم في حجِّكم.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٤٠- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قال ابن عباس قوله:"لا تحلوا شعائر الله"، قال: مناسك الحج.
١٠٩٤١- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثنا معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله"، قال: كان المشركون يحجّون البيت الحرام، ويهدُون الهدايا، ويعظِّمون حرمة المشاعر، ويتَّجرون في حجهم، فأراد المسلمون أن يُغَيِّروا عليهم، فقال الله عز وجل:"لا تحلوا شعائر الله".
١٠٩٤٢- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"شعائر الله"، الصفا والمروة، والهَدْي، والبُدْن، كل هذا من"شعائر الله".
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٣٩- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله"، قال: أما"شعائر الله"، فحرَم الله.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: لا تحلّوا مناسك الحج فتضيعوها = وكأنهم وجَّهوا تأويل ذلك إلى: لا تحلوا معالم حدود الله التي حدَّها لكم في حجِّكم.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٤٠- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قال ابن عباس قوله:"لا تحلوا شعائر الله"، قال: مناسك الحج.
١٠٩٤١- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثنا معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله"، قال: كان المشركون يحجّون البيت الحرام، ويهدُون الهدايا، ويعظِّمون حرمة المشاعر، ويتَّجرون في حجهم، فأراد المسلمون أن يُغَيِّروا عليهم، فقال الله عز وجل:"لا تحلوا شعائر الله".
١٠٩٤٢- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"شعائر الله"، الصفا والمروة، والهَدْي، والبُدْن، كل هذا من"شعائر الله".
(١) في المطبوعة والمخطوطة: "معنى قوله"، وهو لا يستقيم، وما أثبت أشبه بالصواب.
463
١٠٩٤٣- حدثني المثنى قال، حدثني أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: لا تحلوا ما حرَّم الله عليكم في حال إحرامكم.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٤٤- حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"لا تحلوا شعائر الله"، قال:"شعائر الله"، ما نهى الله عنه أن تصيبه وأنت محرِم.
* * *
= وكأن الذين قالوا هذه المقالة، وجَّهوا تأويل ذلك إلى: لا تحلوا معالم حدود الله التي حرّمها عليكم في إحرامكم.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأويلات بقوله:"لا تحلوا شعائر الله"، قول عطاء الذي ذكرناه (١) من توجيهه معنى ذلك إلى: لا تحلوا حرمات الله ولا تضيعوا فرائضه.
* * *
لأن"الشعائر" جمع"شعيرة"،"والشعيرة""فعيلة" من قول القائل:"قد شعر فلان بهذا الأمر"، إذا علم به. فـ"الشعائر"، المعالم، من ذلك. (٢)
* * *
وإذا كان ذلك كذلك، كان معنى الكلام: لا تستحلوا، أيها الذين آمنوا، معالم الله = فيدخل في ذلك معالم الله كلها في مناسك الحج: من تحريم ما حرَّم الله إصابته فيها على المحرم، وتضييع ما نهى عن تضييعه فيها، وفيما حرَّم من استحلال حُرمات حَرَمه، وغير ذلك من حدوده وفرائضه، وحلاله وحرامه، لأن
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: لا تحلوا ما حرَّم الله عليكم في حال إحرامكم.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٤٤- حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"لا تحلوا شعائر الله"، قال:"شعائر الله"، ما نهى الله عنه أن تصيبه وأنت محرِم.
* * *
= وكأن الذين قالوا هذه المقالة، وجَّهوا تأويل ذلك إلى: لا تحلوا معالم حدود الله التي حرّمها عليكم في إحرامكم.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأويلات بقوله:"لا تحلوا شعائر الله"، قول عطاء الذي ذكرناه (١) من توجيهه معنى ذلك إلى: لا تحلوا حرمات الله ولا تضيعوا فرائضه.
* * *
لأن"الشعائر" جمع"شعيرة"،"والشعيرة""فعيلة" من قول القائل:"قد شعر فلان بهذا الأمر"، إذا علم به. فـ"الشعائر"، المعالم، من ذلك. (٢)
* * *
وإذا كان ذلك كذلك، كان معنى الكلام: لا تستحلوا، أيها الذين آمنوا، معالم الله = فيدخل في ذلك معالم الله كلها في مناسك الحج: من تحريم ما حرَّم الله إصابته فيها على المحرم، وتضييع ما نهى عن تضييعه فيها، وفيما حرَّم من استحلال حُرمات حَرَمه، وغير ذلك من حدوده وفرائضه، وحلاله وحرامه، لأن
(١) هو الأثر السالف رقم: ١٠٩٣٨.
(٢) انظر تفسير"شعائر الله" فيما سلف ٣: ٢٢٦-٢٢٨.
(٢) انظر تفسير"شعائر الله" فيما سلف ٣: ٢٢٦-٢٢٨.
464
كل ذلك من معالمه وشعائره التي جعلها أماراتٍ بين الحق والباطل، يُعْلَم بها حلالُه وحرامه، وأمره ونهيه.
وإنما قلنا ذلك القول أولى بتأويل قوله تعالى:"لا تحلوا شعائر الله"، لأن الله نهى عن استحلال شعائره ومعالم حدوده وإحلالها نهيًا عامًّا، من غير اختصاص شيء من ذلك دون شيء، فلم يَجُز لأحد أن يوجِّه معنى ذلك إلى الخصوص إلا بحجة يجب التسليم لها، ولا حجة بذلك كذلك.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"ولا الشهر الحرام"، ولا تستحلوا الشهر الحرام بقتالكم فيه أعداءَكم من المشركين (١) وهو كقوله: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) [سورة البقرة: ٢١٧].
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال ابن عباس وغيره.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٤٥- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"ولا الشهر الحرام"، يعني: لا تستحلوا قتالا فيه.
١٠٩٤٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قال: كان المشرك يومئذ لا يُصَدُّ عن البيت، فأمروا أن لا يقاتلوا في الشهر الحرام ولا عند البيت.
* * *
وإنما قلنا ذلك القول أولى بتأويل قوله تعالى:"لا تحلوا شعائر الله"، لأن الله نهى عن استحلال شعائره ومعالم حدوده وإحلالها نهيًا عامًّا، من غير اختصاص شيء من ذلك دون شيء، فلم يَجُز لأحد أن يوجِّه معنى ذلك إلى الخصوص إلا بحجة يجب التسليم لها، ولا حجة بذلك كذلك.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"ولا الشهر الحرام"، ولا تستحلوا الشهر الحرام بقتالكم فيه أعداءَكم من المشركين (١) وهو كقوله: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) [سورة البقرة: ٢١٧].
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال ابن عباس وغيره.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٤٥- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"ولا الشهر الحرام"، يعني: لا تستحلوا قتالا فيه.
١٠٩٤٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قال: كان المشرك يومئذ لا يُصَدُّ عن البيت، فأمروا أن لا يقاتلوا في الشهر الحرام ولا عند البيت.
* * *
(١) في المطبوعة: "بقتالكم به"، والصواب من المخطوطة.
465
وأما"الشهر الحرام" الذي عناه الله بقوله:"ولا الشهر الحرام"، فرجب مُضَر، وهو شهر كانت مضر تحرِّم فيه القتال.
* * *
وقد قيل: هو في هذا الموضع"ذو القعدة".
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٤٧- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة قال: هو ذو القعدة.
* * *
وقد بينا الدلالة على صحة ما قلنا في ذلك فيما مضى، وذلك في تأويل قوله:"يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه". (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ﴾
قال أبو جعفر:"أما الهدي"، فهو ما أهداه المرء من بعيرٍ أو بقرة أو شاة أو غير ذلك، إلى بيت الله، تقرُّبا به إلى الله، وطلبَ ثوابه. (٢)
* * *
يقول الله عز وجل: فلا تستحلوا ذلك، فتغصبوه أهله غَلَبةً (٣) ولا تحولوا بينهم وبين ما أهدوا من ذلك أن يبلُغوا به المحِلَّ الذي جعله الله جل وعزّ مَحِلَّه من كعبته.
* * *
وقد قيل: هو في هذا الموضع"ذو القعدة".
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٤٧- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة قال: هو ذو القعدة.
* * *
وقد بينا الدلالة على صحة ما قلنا في ذلك فيما مضى، وذلك في تأويل قوله:"يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه". (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ﴾
قال أبو جعفر:"أما الهدي"، فهو ما أهداه المرء من بعيرٍ أو بقرة أو شاة أو غير ذلك، إلى بيت الله، تقرُّبا به إلى الله، وطلبَ ثوابه. (٢)
* * *
يقول الله عز وجل: فلا تستحلوا ذلك، فتغصبوه أهله غَلَبةً (٣) ولا تحولوا بينهم وبين ما أهدوا من ذلك أن يبلُغوا به المحِلَّ الذي جعله الله جل وعزّ مَحِلَّه من كعبته.
(١) انظر ما سلف في"الشهر الحرام" ٤: ٢٢٩، ٣٠٠، وما بعدها، وهو الموضع الذي ذكره، ثم قبله ٣: ٥٧٥-٥٧٩. وتفسير"الشهر" فيما سلف ٣: ٤٤٠.
(٢) انظر تفسير"الهدي" فيما سلف ٤: ٢٤، ٢٥.
(٣) في المطبوعة: "فتغصبوا أهله عليه"، وفي المخطوطة كما كتبتها، إلا أن كتب"عليه" بالياء، ووضع فتحة على العين، وفتحة على اللام، وظاهر أن"الياء" إنما هي"باء"، وأن الناسخ لما رآها مضبوطة في النسخة الأم نقل الشكل، ووضع الإعجام من عند نفسه. هذا وصواب الكلام يقتضي أيضًا ما أثبت.
(٢) انظر تفسير"الهدي" فيما سلف ٤: ٢٤، ٢٥.
(٣) في المطبوعة: "فتغصبوا أهله عليه"، وفي المخطوطة كما كتبتها، إلا أن كتب"عليه" بالياء، ووضع فتحة على العين، وفتحة على اللام، وظاهر أن"الياء" إنما هي"باء"، وأن الناسخ لما رآها مضبوطة في النسخة الأم نقل الشكل، ووضع الإعجام من عند نفسه. هذا وصواب الكلام يقتضي أيضًا ما أثبت.
466
وقد روي عن ابن عباس أن"الهدي" إنما يكون هديًا ما لم يُقَلَّد.
١٠٩٤٨- حدثني بذلك محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"ولا الهدي"، قال: الهدي ما لم يقلَّد، وقد جعل على نفسه أن يهديه ويقلِّده.
* * *
وأما قوله:"ولا القلائد"، فإنه يعني: ولا تحلوا أيضًا القلائد.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في"القلائد" التي نهى الله عز وجل عن إحلالها.
فقال بعضهم: عنى بـ "القلائد"، قلائدَ الهدي. وقالوا: إنما أراد الله جل وعز بقوله:"ولا الهدي ولا القلائد"، ولا تحلوا الهدايا المقلَّدات منها وغير المقلَّدات. فقوله:"ولا الهدي"، ما لم يقلّد من الهدايا ="ولا القلائد"، المقلّد منها. قالوا: ودلّ بقوله:"ولا القلائد"، على معنى ما أراد من النهي عن استحلال الهدايا المقلّدة.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٤٩- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"ولا القلائد"، القلائد، مقلَّدات الهدي. وإذا قلَّد الرجل هديه فقد أحرم. فإن فعل ذلك وعليه قميصه، فليخلَعْه.
* * *
وقال آخرون: يعني بذلك: القلائد التي كان المشركون يتقلدونها إذا أرادوا الحج مقبلين إلى مكة، من لِحَاء السَّمُر (١) = وإذا خرجوا منها إلى منازلهم منصرفين منها، من الشَّعَر.
١٠٩٤٨- حدثني بذلك محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"ولا الهدي"، قال: الهدي ما لم يقلَّد، وقد جعل على نفسه أن يهديه ويقلِّده.
* * *
وأما قوله:"ولا القلائد"، فإنه يعني: ولا تحلوا أيضًا القلائد.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في"القلائد" التي نهى الله عز وجل عن إحلالها.
فقال بعضهم: عنى بـ "القلائد"، قلائدَ الهدي. وقالوا: إنما أراد الله جل وعز بقوله:"ولا الهدي ولا القلائد"، ولا تحلوا الهدايا المقلَّدات منها وغير المقلَّدات. فقوله:"ولا الهدي"، ما لم يقلّد من الهدايا ="ولا القلائد"، المقلّد منها. قالوا: ودلّ بقوله:"ولا القلائد"، على معنى ما أراد من النهي عن استحلال الهدايا المقلّدة.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٤٩- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"ولا القلائد"، القلائد، مقلَّدات الهدي. وإذا قلَّد الرجل هديه فقد أحرم. فإن فعل ذلك وعليه قميصه، فليخلَعْه.
* * *
وقال آخرون: يعني بذلك: القلائد التي كان المشركون يتقلدونها إذا أرادوا الحج مقبلين إلى مكة، من لِحَاء السَّمُر (١) = وإذا خرجوا منها إلى منازلهم منصرفين منها، من الشَّعَر.
(١) "لحاء الشجرة" (بكسر اللام) : قشرها. و"السمر" (بفتح السين وضم الميم) : ضرب من الشجر، صغار الورق، قصار الشوك، وله برمة صفراء يأكلها الناس، وليس في العضاء شيء أجود خشبًا منه. ينقل إلى القرى، فتغمى به البيوت.
467
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٥٠- حدثني الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة:"لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام"، قال: كان الرجل في الجاهلية إذا خرج من بيته يريد الحج، تقلَّد من السَّمُر، فلم يعرض له أحد. فإذا رجع تقلَّد قِلادة شَعَر، فلم يعرض له أحد.
* * *
وقال آخرون: بل كان الرجل منهم يتقلّد = إذا أراد الخروج من الحرم، أو خرج = من لحاء شجر الحرم، فيأمن بذلك من سائر قبائل العرب أن يعرضوا له بسوء.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٥١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن مالك بن مغول، عن عطاء:"ولا القلائد"، قال: كانوا يتقلدون من لحاء شجر الحرم، يأمنون بذلك إذا خرجوا من الحرم، فنزلت:"لا تحلوا شعائر الله"، الآية،"ولا الهدي ولا القلائد".
١٠٩٥٢- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"ولا القلائد"، قال:"القلائد"، اللحاء في رقاب الناس والبهائم، أمْنٌ لهم.
١٠٩٥٣- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
١٠٩٥٤- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي، قوله:"ولا الهدي ولا القلائد"، قال: إن العرب كانوا يتقلدون من لحاء شجر مكة، فيقيم الرجل بمكانه، حتى إذا انقضت الأشهر الحرم، فأراد أن يرجع إلى أهله، قلَّد نفسه وناقته من لحاء الشجر، فيأمن حتى يأتي أهله.
١٠٩٥٠- حدثني الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة:"لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام"، قال: كان الرجل في الجاهلية إذا خرج من بيته يريد الحج، تقلَّد من السَّمُر، فلم يعرض له أحد. فإذا رجع تقلَّد قِلادة شَعَر، فلم يعرض له أحد.
* * *
وقال آخرون: بل كان الرجل منهم يتقلّد = إذا أراد الخروج من الحرم، أو خرج = من لحاء شجر الحرم، فيأمن بذلك من سائر قبائل العرب أن يعرضوا له بسوء.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٥١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن مالك بن مغول، عن عطاء:"ولا القلائد"، قال: كانوا يتقلدون من لحاء شجر الحرم، يأمنون بذلك إذا خرجوا من الحرم، فنزلت:"لا تحلوا شعائر الله"، الآية،"ولا الهدي ولا القلائد".
١٠٩٥٢- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"ولا القلائد"، قال:"القلائد"، اللحاء في رقاب الناس والبهائم، أمْنٌ لهم.
١٠٩٥٣- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
١٠٩٥٤- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي، قوله:"ولا الهدي ولا القلائد"، قال: إن العرب كانوا يتقلدون من لحاء شجر مكة، فيقيم الرجل بمكانه، حتى إذا انقضت الأشهر الحرم، فأراد أن يرجع إلى أهله، قلَّد نفسه وناقته من لحاء الشجر، فيأمن حتى يأتي أهله.
468
١٠٩٥٥- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "ولا القلائد"، قال:"القلائد"، كان الرجل يأخذ لحاء شجرة من شجر الحرم، فيتقلدها، ثم يذهب حيث شاء، فيأمن بذلك. فذلك"القلائد".
* * *
وقال آخرون: إنما نهى الله المؤمنين بقوله:"ولا القلائد"، أن ينزعوا شيئًا من شجر الحرم فيتقلّدوه، كما كان المشركون يفعلون في جاهليتهم.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٥٦- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن عبد الملك، عن عطاء في قوله:"ولا الهدي ولا القلائد"، كان المشركون يأخذون من شجر مكة، من لحاء السَّمُر، فيتقلدونها، فيأمنون بها من الناس. فنهى الله أن ينزع شجرها فَيُتَقَلَّد.
١٠٩٥٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس قال: جلسنا إلى مُطرِّف بن الشخير، وعنده رجل فحدّثهم في قوله:"ولا القلائد"، قال: كان المشركون يأخذون من شجر مكة، من لِحاء السمر، فيتقلدون، فيأمنون بها في الناس. فنهى الله عز ذكره أن يُنزع شجرها فيتقلَّد.
* * *
قال أبو جعفر: والذي هو أولى بتأويل قوله:"ولا القلائد" = إذ كانت معطوفة على أول الكلام، ولم يكن في الكلام ما يدلّ على انقطاعها عن أوله، ولا أنه عنى بها النهي عن التقلد أو اتخاذ القلائد من شيء = أن يكون معناه: ولا تُحِلّوا القلائد.
فإذا كان ذلك بتأويله أولى، فمعلوم أنه نَهْيٌ من الله جل ذكره عن استحلال حرمة المقلَّد، هديًا كان ذلك أو إنسانًا، دون حرمة القلادة. وإن الله عز ذكره، إنما دلّ بتحريمه حرمة القلادة، على ما ذكرنا من حرمة المقلَّد، فاجتزأ بذكره
* * *
وقال آخرون: إنما نهى الله المؤمنين بقوله:"ولا القلائد"، أن ينزعوا شيئًا من شجر الحرم فيتقلّدوه، كما كان المشركون يفعلون في جاهليتهم.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٥٦- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن عبد الملك، عن عطاء في قوله:"ولا الهدي ولا القلائد"، كان المشركون يأخذون من شجر مكة، من لحاء السَّمُر، فيتقلدونها، فيأمنون بها من الناس. فنهى الله أن ينزع شجرها فَيُتَقَلَّد.
١٠٩٥٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس قال: جلسنا إلى مُطرِّف بن الشخير، وعنده رجل فحدّثهم في قوله:"ولا القلائد"، قال: كان المشركون يأخذون من شجر مكة، من لِحاء السمر، فيتقلدون، فيأمنون بها في الناس. فنهى الله عز ذكره أن يُنزع شجرها فيتقلَّد.
* * *
قال أبو جعفر: والذي هو أولى بتأويل قوله:"ولا القلائد" = إذ كانت معطوفة على أول الكلام، ولم يكن في الكلام ما يدلّ على انقطاعها عن أوله، ولا أنه عنى بها النهي عن التقلد أو اتخاذ القلائد من شيء = أن يكون معناه: ولا تُحِلّوا القلائد.
فإذا كان ذلك بتأويله أولى، فمعلوم أنه نَهْيٌ من الله جل ذكره عن استحلال حرمة المقلَّد، هديًا كان ذلك أو إنسانًا، دون حرمة القلادة. وإن الله عز ذكره، إنما دلّ بتحريمه حرمة القلادة، على ما ذكرنا من حرمة المقلَّد، فاجتزأ بذكره
469
"القلائد" من ذكر"المقلد"، إذ كان مفهومًا عند المخاطبين بذلك معنى ما أريد به.
* * *
فمعنى الآية = إذ كان الأمر على ما وصفنا =: يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله، ولا الشهر الحرام، ولا الهدي، ولا المقلِّد نفسَه بقلائد الحرم. (١)
* * *
وقد ذكر بعض الشعراء في شعره ما ذكرنا عمن تأوَّل"القلائد" أنها قلائد لحاء شجر الحرم الذي كان أهل الجاهلية يتقلَّدونه، فقال وهو يعيب رجلين قتلا رجلين كانا تقلَّدا ذلك: (٢)
و"الحرجان"، المقتولان كذلك. ومعنى قوله:"أعوراكما"، أمكناكما من عورتهما. (٤)
* * *
* * *
فمعنى الآية = إذ كان الأمر على ما وصفنا =: يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله، ولا الشهر الحرام، ولا الهدي، ولا المقلِّد نفسَه بقلائد الحرم. (١)
* * *
وقد ذكر بعض الشعراء في شعره ما ذكرنا عمن تأوَّل"القلائد" أنها قلائد لحاء شجر الحرم الذي كان أهل الجاهلية يتقلَّدونه، فقال وهو يعيب رجلين قتلا رجلين كانا تقلَّدا ذلك: (٢)
أَلَمْ تَقْتُلا الْحِرْجَيْنِ إذْ أَعْوَراكُمَا | يُمِرَّانِ بِالأيْدِي اللِّحَاءَ الْمُضَفَّرَا (٣) |
* * *
(١) في المطبوعة: "ولا المقلد بقسميه"، وهو لا معنى له، والصواب ما في المخطوطة. يعني: الذي يقلد نفسه قلادة من شجر أو شعر، ليأمن، كما ذكر آنفًا، وانظر الفقرة التالية.
(٢) القائل هو حذيفة بن أنس الهذلي.
(٣) أشعار الهذليين ٣: ١٩، والمعاني الكبير: ١١٢٠، واللسان (حرج). و"الحرج" (بكسر الحاء وسكون الراء) : الودعة، قالوا: عنى بالحرجين: رجلين أبيضين كالودعة، فإما أن يكون البياض لونهما، وإما أن يكون كنى بذلك عن شرفهما. وقال شارح ديوانه: "ويكون أيضًا الحرجان، رجلين يقال لهما: الحرجان". و"أمر الحبل يمره": فتله. و"اللحاء"، قشر الشجر. و"المضفر" الذي جدل ضفائر.
هذا وقد ذكر أبو جعفر أن الشعر في رجلين قتلا رجلين، وروى"ألم تقتلا"، والذي في المراجع"ألم تقتلوا"، وهو الذي يدل عليه سياق الشعر، فإن أوله قبل البيت:
فالشعر كله بضمير الجمع. وسببه أن جندبًا، أخو البريق بن عياض اللحياني، قتل قيسًا وسالمًا ابني عامر بن عريب الكنانيين، وقتل سالم جندبًا، اختلفا ضربتين.
(٤) رواية أبي جعفر كما شرحها"أعوراكما"، ورواية الديوان"أعورا لكم"، وهي في سياق لمشعر، ورواية اللسان: "أعرضا لكم"، ويروي"عورا لكم" بتشديد الواو. هذا على أن هذه الرواية: "أعور" متعديًا، والذي كتب في اللغة"أعور لك الشيء فهو معور".
(٢) القائل هو حذيفة بن أنس الهذلي.
(٣) أشعار الهذليين ٣: ١٩، والمعاني الكبير: ١١٢٠، واللسان (حرج). و"الحرج" (بكسر الحاء وسكون الراء) : الودعة، قالوا: عنى بالحرجين: رجلين أبيضين كالودعة، فإما أن يكون البياض لونهما، وإما أن يكون كنى بذلك عن شرفهما. وقال شارح ديوانه: "ويكون أيضًا الحرجان، رجلين يقال لهما: الحرجان". و"أمر الحبل يمره": فتله. و"اللحاء"، قشر الشجر. و"المضفر" الذي جدل ضفائر.
هذا وقد ذكر أبو جعفر أن الشعر في رجلين قتلا رجلين، وروى"ألم تقتلا"، والذي في المراجع"ألم تقتلوا"، وهو الذي يدل عليه سياق الشعر، فإن أوله قبل البيت:
ألا أبْلِغَا جُلَّ السَّوَارِي وَجابرًا | وَأَبْلِغْ بَني ذِي السَّهْم عَنِّي وَيَعْمَرَا |
وَقُولا لَهُمْ عَنِّي مَقَالَةَ شَاعِرٍ | أَلَمّ بقَوْلٍ، لَمْ يُحَاوِلْ لِيَفْخَرَا |
لَعَلَّكُمْ لَمَّا قَتَلْتُمْ ذَكَرْتُمُ | وَلَنْ تَتْرُكُوا أَنْ تَقْتُلُوا، مَنْ تَعَمَّرَا |
(٤) رواية أبي جعفر كما شرحها"أعوراكما"، ورواية الديوان"أعورا لكم"، وهي في سياق لمشعر، ورواية اللسان: "أعرضا لكم"، ويروي"عورا لكم" بتشديد الواو. هذا على أن هذه الرواية: "أعور" متعديًا، والذي كتب في اللغة"أعور لك الشيء فهو معور".
470
القول في تأويل قوله: ﴿وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا﴾ (١)
قال أبو جعفر: يعني بقوله عز ذكره:"ولا آمين البيت الحرام"، ولا تحلُّوا قاصدي البيت الحرام العامدية. (٢)
* * *
تقول منه:"أممت كذا"، إذا قصدته وعمدته، وبعضهم يقول:"يَمَمْته" (٣) كما قال الشاعر: (٤)
* * *
"والبيت الحرام"، بيت الله الذي بمكة، وقد بينت فيما مضى لم قيل له"الحرام". (٦)
* * *
="يبتغون فضلا من ربهم"، يعني: يلتمسون أرباحًا في تجاراتهم من الله
قال أبو جعفر: يعني بقوله عز ذكره:"ولا آمين البيت الحرام"، ولا تحلُّوا قاصدي البيت الحرام العامدية. (٢)
* * *
تقول منه:"أممت كذا"، إذا قصدته وعمدته، وبعضهم يقول:"يَمَمْته" (٣) كما قال الشاعر: (٤)
إنِّي كَذَاكَ إذَا مَا سَاءَنِي بَلَدٌ | يَمَمْتُ صَدْرَ بَعِيرِي غَيْرَهُ بَلَدَا (٥) |
"والبيت الحرام"، بيت الله الذي بمكة، وقد بينت فيما مضى لم قيل له"الحرام". (٦)
* * *
="يبتغون فضلا من ربهم"، يعني: يلتمسون أرباحًا في تجاراتهم من الله
(١) كان في المطبوعة والمخطوطة: "ولا آمين البيت الحرام"، ولم يأت بقية ما شرح من الآية في هذا الموضع. فزدت ما شرحه هنا. هذا على أنه سيعود إلى شرحه مرة أخرى في ص: ٤٧٩. وهذا غريب جدًا، لا أدري كيف وقع لأبي جعفر، فلعله نسي، أو أخذه ما يأخذه الناس من التعب عند هذا الموضع، ثم عاد إليه فلم يغير، ثم ابتدأ الكلام في تفسير بقية الآية، وترك ما مضى.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "ولا تحلوا قاصدين البيت"، وهو خطأ، كما يدل عليه السياق. والصواب ما أثبته.
(٣) انظر تفسير"أم يؤم" فيما سلف ٥: ٥٥٨/٨: ٤٠٧. وقوله: "يممته" ثلاثي، بفتح الياء والميم الأولى وسكون الثانية: مثل"ضربت".
(٤) لم أعرف قائله.
(٥) مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٤٦.
(٦) انظر ما سلف ٣: ٤٤-٥١.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "ولا تحلوا قاصدين البيت"، وهو خطأ، كما يدل عليه السياق. والصواب ما أثبته.
(٣) انظر تفسير"أم يؤم" فيما سلف ٥: ٥٥٨/٨: ٤٠٧. وقوله: "يممته" ثلاثي، بفتح الياء والميم الأولى وسكون الثانية: مثل"ضربت".
(٤) لم أعرف قائله.
(٥) مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٤٦.
(٦) انظر ما سلف ٣: ٤٤-٥١.
471
="ورضوانًا"، يقول: وأن يرضى الله عنهم بنسكهم.
* * *
وقد قيل: إن هذه الآية نزلت في رجل من بني ربيعة يقال له:"الحُطَمُ".
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٥٨- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: أقبل الحُطم بن هند البكري، ثم أحد بني قيس بن ثعلبة (١) حتى أتى النبي ﷺ وحده، وخَلَّف خيله خارجة من المدينة. فدعاه، فقال: إلام تدعو؟ فأخبره = وقد كان النبي ﷺ قال لأصحابه: يدخل اليوم عليكم رجل من ربيعة، يتكلم بلسان شيطان! = فلما أخبره النبي ﷺ قال: انظر، ولعلّي أسلم (٢) ولي من أشاوره. فخرج من عنده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد دخل بوجه كافر، وخرج بعَقِب غادرٍ! فمرَّ بسَرْح من سَرْح المدينة فساقه، فانطلق به وهو يرتجز (٣)
* * *
وقد قيل: إن هذه الآية نزلت في رجل من بني ربيعة يقال له:"الحُطَمُ".
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٥٨- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: أقبل الحُطم بن هند البكري، ثم أحد بني قيس بن ثعلبة (١) حتى أتى النبي ﷺ وحده، وخَلَّف خيله خارجة من المدينة. فدعاه، فقال: إلام تدعو؟ فأخبره = وقد كان النبي ﷺ قال لأصحابه: يدخل اليوم عليكم رجل من ربيعة، يتكلم بلسان شيطان! = فلما أخبره النبي ﷺ قال: انظر، ولعلّي أسلم (٢) ولي من أشاوره. فخرج من عنده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد دخل بوجه كافر، وخرج بعَقِب غادرٍ! فمرَّ بسَرْح من سَرْح المدينة فساقه، فانطلق به وهو يرتجز (٣)
(١) "الحطم" لقب، واسمه: "شريح بن ضبيعة بن شرحبيل بن عمرو بن مرثد بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، من بكر بن وائل" (جمهرة الأنساب: ٣٠١)، وهذا"الحطم"، خرج في الردة، في السنة الحادية عشرة، فيمن تبعه من بكر بن وائل، ومن تأشب إليه من غير المرتدين ممن لم يزل كافرًا، فخرج بهم حتى نزل القطيف وهجر، واستغوى الخط، ومن فيها من الزط والسيابجة. وحاصر المسلمين حصارًا شديدًا. فتجمع المسلمون جميعًا إلى العلاء بن الحضرمي، وتجمع المشركون كلهم إلى الحطم. ثم بيتهم المسلمون وقتلوا الحطم ومن معه في خبر طويل (انظر تاريخ الطبري ٣: ٢٥٤-٢٦٠).
وقوله هنا: "الحطم بن هند"، أتى بذكر أمه من الشعر الآتي، واسم أبيه هو ما مر بك آنفًا، وهي: "هند بنت حسان بن عمرو بن مرثد" (رغبة الآمل ٤: ٧٥).
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "انظروا لعلي أسلم"، وليس بشيء، والصواب ما أثبت، ويؤيده كلامه الآتي في الخبر التالي.
(٣) اختلفوا في نسبة هذا الشعر اختلافًا كثيرًا، فنقل التبريزي في شرح الحماسة (١: ١٨٥) خبر رشيد بن رميض العنزي (بفتح العين، وسكون النون) من بني عنز بن وائل، بلا شك عندي في ذلك. قال التبريري: "قالها في غارة الحطم، وهو شريح بن شرحبيل بن عمرو بن مرثد، أغار على اليمن، فقتل وليعة بن معد يكرب، أخا قيس، وسبى بنت قيس بن معد يكرب، أخت الأشعث بن قيس، فبعث الأشعث يعرض عليه في فدائها، بكل قرن من قرونها (ضفائرها) مئة من الإبل. فلم يفعل الحطم، وماتت عنده عطشًا. (وانظر غير ذلك في الأغاني ١٤: ٤٤).
ونسبت أيضًا للأغلب العجلي، وللأخنس بن شهاب، ولجابر بن حني التغلبي. وانظر ذلك في تحقيق أستاذنا الراجكوتي، سمط اللآلئ: ٧٢٩. ولعل"الحطم" أنشده مدحًا لنفسه فيما فعل من سوق السرح.
وقوله هنا: "الحطم بن هند"، أتى بذكر أمه من الشعر الآتي، واسم أبيه هو ما مر بك آنفًا، وهي: "هند بنت حسان بن عمرو بن مرثد" (رغبة الآمل ٤: ٧٥).
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "انظروا لعلي أسلم"، وليس بشيء، والصواب ما أثبت، ويؤيده كلامه الآتي في الخبر التالي.
(٣) اختلفوا في نسبة هذا الشعر اختلافًا كثيرًا، فنقل التبريزي في شرح الحماسة (١: ١٨٥) خبر رشيد بن رميض العنزي (بفتح العين، وسكون النون) من بني عنز بن وائل، بلا شك عندي في ذلك. قال التبريري: "قالها في غارة الحطم، وهو شريح بن شرحبيل بن عمرو بن مرثد، أغار على اليمن، فقتل وليعة بن معد يكرب، أخا قيس، وسبى بنت قيس بن معد يكرب، أخت الأشعث بن قيس، فبعث الأشعث يعرض عليه في فدائها، بكل قرن من قرونها (ضفائرها) مئة من الإبل. فلم يفعل الحطم، وماتت عنده عطشًا. (وانظر غير ذلك في الأغاني ١٤: ٤٤).
ونسبت أيضًا للأغلب العجلي، وللأخنس بن شهاب، ولجابر بن حني التغلبي. وانظر ذلك في تحقيق أستاذنا الراجكوتي، سمط اللآلئ: ٧٢٩. ولعل"الحطم" أنشده مدحًا لنفسه فيما فعل من سوق السرح.
472
قَدْ لَفَّهَا اللَّيْلُ بِسَوَّاقٍ حُطَمْ... لَيْسَ بِرَاعِي إبِلٍ وَلا غَنَم... وَلا بِجَزَّارٍ على ظَهْرِ الوَضَمْ... بَاتُوا نِيَامًا وَابْنُ هِنْدٍ لَمْ يَنَمْ... بَاتَ يُقَاسِيهَا غُلامٌ كَالزَّلَمْ... خَدَلَّجُ السَّاقَيْنِ مَمْسُوحُ القَدَمْ (١)
ثم أقبل من عام قابلٍ حاجًّا قد قلَّد وأهدى، فأراد رسول الله ﷺ أن يبعث إليه، فنزلت هذه الآية، حتى بلغ:"ولا آمين البيت الحرام". قال له ناس من أصحابه: يا رسول الله، خلِّ بيننا وبينه، فإنه صاحبنا! قال: إنه قد قلَّد! قالوا: إنما هو شيء كنا نصنعه في الجاهلية! فأبى عليهم، فنزلت هذه الآية.
١٠٩٥٩- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة قال: قدم الحُطَم، أخو بني ضُبيعة بن ثعلبة البكري، المدينةَ في عِير له يحمل طعامًا، فباعه. ثم دخل على النبي صلى الله عليه وسلم
ثم أقبل من عام قابلٍ حاجًّا قد قلَّد وأهدى، فأراد رسول الله ﷺ أن يبعث إليه، فنزلت هذه الآية، حتى بلغ:"ولا آمين البيت الحرام". قال له ناس من أصحابه: يا رسول الله، خلِّ بيننا وبينه، فإنه صاحبنا! قال: إنه قد قلَّد! قالوا: إنما هو شيء كنا نصنعه في الجاهلية! فأبى عليهم، فنزلت هذه الآية.
١٠٩٥٩- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة قال: قدم الحُطَم، أخو بني ضُبيعة بن ثعلبة البكري، المدينةَ في عِير له يحمل طعامًا، فباعه. ثم دخل على النبي صلى الله عليه وسلم
(١) البيان والتبيين ٢: ٣٠٨، الأغاني ١٤: ٤٤، حماسة أبي تمام ١: ١٨٤، حماسة ابن الشجري: ٣٨، الكامل ١: ٢٢٤ (ونسبه للحطم في ص: ٢٢٧)، الخيل لابن الأعرابي ٨٦، واللسان (حطم) وغيرها، وقبل هذا الرجز: هذَا أوانُ الشَّدِّ، فَاشْتَدِّي زِيَمْ
و"زيم" اسم فرس. وقوله: "حطم" شديد الحطم، فقالوا: للسائق الذي لا يبقى شيئًا من السير والإسراع"حطم". و"الوضم" ما يوقي به اللحم عند تقطيعه من خشب أو غيره. و"الزلم" (بفتح الزاي واللام، أو بضم الزاي)، واحد"الأزلام"، وهي قداح الميسر. يعني: هو كالقدح في صلابته ونحافته وملاسته. و"خدلج الساقين": ممتلئ الساقين، وهذا غير حسن في الرجال، وإنما صواب روايته ما رواه ابن الأعرابي: مُهَفْهَفُ الْكَشْحَيْنِ خَفَّاقُ القَدَمْ
أي ضامر الخصر. و"خفاق القدم"، لأقدامه خفق متتابع على الأرض من سرعته وهو يحدو بالإبل. ورواية أبي جعفر"ممسوح القدم": أي ليس لباطن قدمه أخمص، فأسفل قدمه مستو أملس لين، ليس فيهما تكسر ولا شقاق. وقد جاء في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مسيح القدمين".
و"زيم" اسم فرس. وقوله: "حطم" شديد الحطم، فقالوا: للسائق الذي لا يبقى شيئًا من السير والإسراع"حطم". و"الوضم" ما يوقي به اللحم عند تقطيعه من خشب أو غيره. و"الزلم" (بفتح الزاي واللام، أو بضم الزاي)، واحد"الأزلام"، وهي قداح الميسر. يعني: هو كالقدح في صلابته ونحافته وملاسته. و"خدلج الساقين": ممتلئ الساقين، وهذا غير حسن في الرجال، وإنما صواب روايته ما رواه ابن الأعرابي: مُهَفْهَفُ الْكَشْحَيْنِ خَفَّاقُ القَدَمْ
أي ضامر الخصر. و"خفاق القدم"، لأقدامه خفق متتابع على الأرض من سرعته وهو يحدو بالإبل. ورواية أبي جعفر"ممسوح القدم": أي ليس لباطن قدمه أخمص، فأسفل قدمه مستو أملس لين، ليس فيهما تكسر ولا شقاق. وقد جاء في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مسيح القدمين".
473
فبايعه وأسلم. فلما ولى خارجًا، نظر إليه فقال لمن عنده: لقد دخل عليّ بوجهٍ فاجرٍ، وولّى بقفا غادرٍ! فلما قدم اليمامة ارتدَّ عن الإسلام، وخرج في عير له تحمل الطعام في ذي القعدة يريد مكة. فلما سمع به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، تهيَّأ للخروج إليه نفر من المهاجرين والأنصار ليقتطعوه في عِيره، فأنزل الله عز وجل:"يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله"، الآية، فانتهى القوم.
= قال ابن جريج قوله:"ولا آمين البيت الحرام"، قال: ينهى عن الحجاج أن تُقطع سبلهم. قال: وذلك أن الحطم قدِم على النبي ﷺ ليرتاد وينظر، فقال: إني داعية قوم (١) فاعرض عليّ ما تقول. قال له: أدعوك إلى الله أن تعبده ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتحج البيت. قال الحطم: في أمرك هذا غلظة، أرجع إلى قومي فأذكر لهم ما ذكرت، فإن قبلوه أقبلتُ معهم، وإن أدبروا كنت معهم. قال له: ارجع. فلما خرج قال: لقد دخل عليّ بوجه كافرٍ، وخرج من عندي بعَقِبَى غادر، وما الرجل بمسلم! فمرَّ على سَرْح لأهل المدينة فانطلق به، فطلبه أصحابُ رسول الله ﷺ ففاتهم، وقدم اليمامة، وحضر الحج، فجهّز خارجًا، وكان عظيم التجارة، فاستأذنوا أن يتلقَّوه ويأخذوا ما معه، فأنزل الله عز وجل:"لا تحلّوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام".
١٠٩٦٠- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ولا آمين البيت الحرام" الآية، قال: هذا يوم الفتح، جاء ناسٌ يؤمُّون البيت من المشركين يُهِلُّون بعمرة، فقال المسلمون: يا رسول الله، إنما هؤلاء مشركون كمثل هؤلاء (٢) فلن ندعهم إلا أن نغير عليهم. فنزل القرآن:"ولا آمين البيت الحرام".
١٠٩٦١- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي
= قال ابن جريج قوله:"ولا آمين البيت الحرام"، قال: ينهى عن الحجاج أن تُقطع سبلهم. قال: وذلك أن الحطم قدِم على النبي ﷺ ليرتاد وينظر، فقال: إني داعية قوم (١) فاعرض عليّ ما تقول. قال له: أدعوك إلى الله أن تعبده ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتحج البيت. قال الحطم: في أمرك هذا غلظة، أرجع إلى قومي فأذكر لهم ما ذكرت، فإن قبلوه أقبلتُ معهم، وإن أدبروا كنت معهم. قال له: ارجع. فلما خرج قال: لقد دخل عليّ بوجه كافرٍ، وخرج من عندي بعَقِبَى غادر، وما الرجل بمسلم! فمرَّ على سَرْح لأهل المدينة فانطلق به، فطلبه أصحابُ رسول الله ﷺ ففاتهم، وقدم اليمامة، وحضر الحج، فجهّز خارجًا، وكان عظيم التجارة، فاستأذنوا أن يتلقَّوه ويأخذوا ما معه، فأنزل الله عز وجل:"لا تحلّوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام".
١٠٩٦٠- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ولا آمين البيت الحرام" الآية، قال: هذا يوم الفتح، جاء ناسٌ يؤمُّون البيت من المشركين يُهِلُّون بعمرة، فقال المسلمون: يا رسول الله، إنما هؤلاء مشركون كمثل هؤلاء (٢) فلن ندعهم إلا أن نغير عليهم. فنزل القرآن:"ولا آمين البيت الحرام".
١٠٩٦١- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي
(١) في المطبوعة: "داعية قومي"، وأثبت ما في المخطوطة، وهما سواء.
(٢) في المطبوعة: "فمثل هؤلاء"، وصواب قراءتها من المخطوطة، كما أثبت.
(٢) في المطبوعة: "فمثل هؤلاء"، وصواب قراءتها من المخطوطة، كما أثبت.
474
قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"ولا آمين البيت الحرام"، يقول: من توجَّه حاجًّا.
١٠٩٦٢- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك في قوله:"ولا آمين البيت الحرام"، يعني: الحاج. (١)
١٠٩٦٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس قال: جلسنا إلى مطرِّف بن الشخّير وعنده رجل، فحدثهم فقال:"ولا آمين البيت الحرام"، قال: الذين يريدون البيت.
* * *
ثم اختلف أهل العلم فيما نسخ من هذه الآية، بعد إجماعهم على أن منها منسوخًا.
فقال بعضهم: نسخ جميعها.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٦٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن بيان، عن عامر، قال: لم ينسخ من المائدة إلا هذه الآية:"لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد".
١٠٩٦٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يزيد بن هارون، عن سفيان بن حسين، عن الحكم، عن مجاهد:"يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله"، نسختها، (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)، [سورة التوبة: ٥].
١٠٩٦٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا
١٠٩٦٢- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك في قوله:"ولا آمين البيت الحرام"، يعني: الحاج. (١)
١٠٩٦٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس قال: جلسنا إلى مطرِّف بن الشخّير وعنده رجل، فحدثهم فقال:"ولا آمين البيت الحرام"، قال: الذين يريدون البيت.
* * *
ثم اختلف أهل العلم فيما نسخ من هذه الآية، بعد إجماعهم على أن منها منسوخًا.
فقال بعضهم: نسخ جميعها.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٦٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن بيان، عن عامر، قال: لم ينسخ من المائدة إلا هذه الآية:"لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد".
١٠٩٦٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يزيد بن هارون، عن سفيان بن حسين، عن الحكم، عن مجاهد:"يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله"، نسختها، (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)، [سورة التوبة: ٥].
١٠٩٦٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا
(١) الأثر: ١٠٩٦٢-"عمرو بن عون بن أوس الواسطي"، مضت ترجمته برقم: ٥٤٣٥، ومضى في آثار أخرى كثيرة، رواية المثنى عنه، عن هشيم فيما سلف، مثل: ٣١٥٩، ٣٨٧٩. وكان في المخطوطة والمطبوعة: "عمرو بن عوف"، وهو تحريف. وسيأتي على الصواب قريبًا برقم: ١٠٩٦٩.
475
الثوري، عن بيان، عن الشعبي قال، لم ينسخ من سورة المائدة غير هذه الآية:"يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله".
١٠٩٦٧- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام" الآية، قال: منسوخ. قال: كان المشرك يومئذ لا يُصَدُّ عن البيت، فأمروا أن لا يقاتلوا في الأشهر الحُرم، ولا عند البيت، فنسخها قوله: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ). (١)
١٠٩٦٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو معاوية، عن جويبر، عن الضحاك:"لا تحلوا شعائر الله" إلى قوله:"ولا آمين البيت الحرام"، قال: نسختها"براءة": (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ).
١٠٩٦٩- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم، عن الضحاك، مثله.
١٠٩٧٠- حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن منصور، عن حبيب بن أبي ثابت:"لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد"، قال: هذا شيء نهي عنه، فترك كما هو. (٢)
١٠٩٧١- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام"، قال: هذا كله منسوخ، نسخ هذا أمرُه بجهادهم كافة. (٣)
* * *
١٠٩٦٧- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام" الآية، قال: منسوخ. قال: كان المشرك يومئذ لا يُصَدُّ عن البيت، فأمروا أن لا يقاتلوا في الأشهر الحُرم، ولا عند البيت، فنسخها قوله: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ). (١)
١٠٩٦٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو معاوية، عن جويبر، عن الضحاك:"لا تحلوا شعائر الله" إلى قوله:"ولا آمين البيت الحرام"، قال: نسختها"براءة": (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ).
١٠٩٦٩- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم، عن الضحاك، مثله.
١٠٩٧٠- حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن منصور، عن حبيب بن أبي ثابت:"لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد"، قال: هذا شيء نهي عنه، فترك كما هو. (٢)
١٠٩٧١- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام"، قال: هذا كله منسوخ، نسخ هذا أمرُه بجهادهم كافة. (٣)
* * *
(١) الأثر: ١٠٩٦٧- هو تمام الأثر السالف رقم: ١٠٩٥٠ وسيأتي برقم: ١٠٩٧٦، خبرًا واحدًا، ورواه أبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ: ١١٥.
(٢) الأثر: ١٠٩٧٠-"جرير"، هو"جرير بن عبد الحميد الضبي"، مضى مرارًا. وكان في المطبوعة: "جويبر"، وهو خطأ فاحش، والصواب من المخطوطة.
(٣) يعني قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا المُشْرِكينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً﴾ [سورة التوبة: ٣٦]
(٢) الأثر: ١٠٩٧٠-"جرير"، هو"جرير بن عبد الحميد الضبي"، مضى مرارًا. وكان في المطبوعة: "جويبر"، وهو خطأ فاحش، والصواب من المخطوطة.
(٣) يعني قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا المُشْرِكينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً﴾ [سورة التوبة: ٣٦]
476
وقال آخرون: الذي نسخ من هذه الآية قوله:"ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام".
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٧٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبدة بن سليمان قال، قرأت على ابن أبي عروبة فقال: هكذا سمعته من قتادة: نسخ من"المائدة":"آمين البيت الحرام"، نسختها"براءة" قال الله: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)، وقال: (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ) [سورة التوبة: ١٧]، وقال: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) [سورة التوبة: ٢٧]، وهو العام الذي حج فيه أبو بكر، فنادى فيه بالأذان. (١)
١٠٩٧٣- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا همام بن يحيى، عن قتادة قوله:"يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله" الآية، قال: فنسخ منها:"آمين البيت الحرام"، نسختها"براءة"، فقال: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)، فذكر نحو حديث عبدة.
١٠٩٧٤- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: نزل في شأن الحُطم:"ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام"، ثم نسخه الله فقال: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) (٢) [سورة البقرة: ١٩١].
١٠٩٧٥- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٧٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبدة بن سليمان قال، قرأت على ابن أبي عروبة فقال: هكذا سمعته من قتادة: نسخ من"المائدة":"آمين البيت الحرام"، نسختها"براءة" قال الله: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)، وقال: (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ) [سورة التوبة: ١٧]، وقال: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) [سورة التوبة: ٢٧]، وهو العام الذي حج فيه أبو بكر، فنادى فيه بالأذان. (١)
١٠٩٧٣- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا همام بن يحيى، عن قتادة قوله:"يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله" الآية، قال: فنسخ منها:"آمين البيت الحرام"، نسختها"براءة"، فقال: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)، فذكر نحو حديث عبدة.
١٠٩٧٤- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: نزل في شأن الحُطم:"ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام"، ثم نسخه الله فقال: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) (٢) [سورة البقرة: ١٩١].
١٠٩٧٥- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن
(١) في المخطوطة: "فنادى عليه بالأذان" وفوق"عليه""فيه". ويعني بالأذان، قوله تعالى: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إلَى الناسِ يَوْمَ الحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ منَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾، [سورة التوبة: ٢].
(٢) انظر خبر"الحطم" فيما سلف رقم: ١٠٩٥٨، ١٠٩٥٩.
(٢) انظر خبر"الحطم" فيما سلف رقم: ١٠٩٥٨، ١٠٩٥٩.
477
علي، عن ابن عباس قوله:"لا تحلوا شعائر الله" إلى قوله:"ولا آمين البيت"، [فكان المؤمنون والمشركون يحجون إلى البيت] جميعًا، فنهى الله المؤمنين أن يمنعوا أحدًا أن يحجّ البيت أو يعرضوا له، من مؤمن أو كافر، ثم أنزل الله بعد هذا: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا)، وقال: (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ)، وقال: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) [سورة التوبة: ١٨]، فنفى المشركين من المسجد الحرام. (١)
١٠٩٧٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام"، الآية، قال: منسوخ، كان الرجل في الجاهلية إذا خرج من بيته يريد الحج، تقلَّد من السَّمُر فلم يعرض له أحد. وإذا رجع، تقلَّد قلادة شَعَرٍ فلم يعرض له أحد. وكان المشرك يومئذ لا يُصَدُّ عن البيت. وأمروا أن لا يقاتلوا في الأشهر الحُرُم، ولا عند البيت، فنسخها قوله:"فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ". (٢)
* * *
وقال آخرون: لم ينسخ من ذلك شيء، إلا القلائد التي كانت في الجاهلية يتقلَّدونها من لِحَاء الشجر.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٧٧- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام"، الآية، قال أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: هذا كله من عمل الجاهلية فِعله وإقامته، فحرَّم الله ذلك كله بالإسلام، إلا لحاء القلائد، فترك
١٠٩٧٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام"، الآية، قال: منسوخ، كان الرجل في الجاهلية إذا خرج من بيته يريد الحج، تقلَّد من السَّمُر فلم يعرض له أحد. وإذا رجع، تقلَّد قلادة شَعَرٍ فلم يعرض له أحد. وكان المشرك يومئذ لا يُصَدُّ عن البيت. وأمروا أن لا يقاتلوا في الأشهر الحُرُم، ولا عند البيت، فنسخها قوله:"فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ". (٢)
* * *
وقال آخرون: لم ينسخ من ذلك شيء، إلا القلائد التي كانت في الجاهلية يتقلَّدونها من لِحَاء الشجر.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٧٧- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام"، الآية، قال أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: هذا كله من عمل الجاهلية فِعله وإقامته، فحرَّم الله ذلك كله بالإسلام، إلا لحاء القلائد، فترك
(١) الأثر: ١٠٩٧٥- ما بين القوسين، زيادة من رواية أبي جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ: ١١٥، حيث روى هذا الأثر بهذا الإسناد نفسه، والكلام بغيرها لا يستقيم.
(٢) الأثر: ١٠٩٧٦- هو ما جاء في الأثرين السالفين: ١٠٩٥٠، ١٠٩٦٧.
(٢) الأثر: ١٠٩٧٦- هو ما جاء في الأثرين السالفين: ١٠٩٥٠، ١٠٩٦٧.
478
ذلك (١) ="ولا آمين البيت الحرام"، فحرم الله على كل أحد إخافتهم.
١٠٩٧٨- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصحة، قول من قال: نسخ الله من هذه الآية قوله:"ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام"، لإجماع الجميع على أن الله قد أحلّ قتال أهل الشرك في الأشهر الحرم وغيرها من شهور السنة كلها. وكذلك أجمعوا على أن المشرك لو قَلَّد عنقه أو ذراعيه لحاء جميع أشجار الحرم، لم يكن ذلك له أمانًا من القتل، إذا لم يكن تقدَّم له عقد ذمة من المسلمين أو أمان = وقد بينا فيما مضى معنى"القلائد" في غير هذا الموضع. (٢)
وأما قوله:"ولا آمين البيت الحرام"، فإنه محتمل ظاهره: ولا تحلوا حُرْمة آمِّين البيت الحرام من أهل الشرك والإسلام، لعموم جميع من أمَّ البيت. وإذا احتمل ذلك، فكان أهل الشرك داخلين في جملتهم، فلا شك أن قوله: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)، ناسخٌ له. لأنه غير جائز اجتماع الأمر بقتلهم وترك قتلهم في حال واحدة ووقت واحد. وفي إجماع الجميع على أن حكم الله في أهل الحرب من المشركين قتلُهم، أمُّوا البيت الحرام أو البيت المقدس، في أشهر الحرم وغيرها = ما يُعلم أن المنع من قتلهم إذا أموا البيت الحرام منسوخٌ. ومحتمل أيضًا: ولا آمين البيت الحرام من أهل الشرك.
وأكثر أهل التأويل على ذلك.
وإن كان عُني بذلك المشركون من أهل الحرب، فهو أيضًا لا شك منسوخ.
* * *
١٠٩٧٨- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصحة، قول من قال: نسخ الله من هذه الآية قوله:"ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام"، لإجماع الجميع على أن الله قد أحلّ قتال أهل الشرك في الأشهر الحرم وغيرها من شهور السنة كلها. وكذلك أجمعوا على أن المشرك لو قَلَّد عنقه أو ذراعيه لحاء جميع أشجار الحرم، لم يكن ذلك له أمانًا من القتل، إذا لم يكن تقدَّم له عقد ذمة من المسلمين أو أمان = وقد بينا فيما مضى معنى"القلائد" في غير هذا الموضع. (٢)
وأما قوله:"ولا آمين البيت الحرام"، فإنه محتمل ظاهره: ولا تحلوا حُرْمة آمِّين البيت الحرام من أهل الشرك والإسلام، لعموم جميع من أمَّ البيت. وإذا احتمل ذلك، فكان أهل الشرك داخلين في جملتهم، فلا شك أن قوله: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)، ناسخٌ له. لأنه غير جائز اجتماع الأمر بقتلهم وترك قتلهم في حال واحدة ووقت واحد. وفي إجماع الجميع على أن حكم الله في أهل الحرب من المشركين قتلُهم، أمُّوا البيت الحرام أو البيت المقدس، في أشهر الحرم وغيرها = ما يُعلم أن المنع من قتلهم إذا أموا البيت الحرام منسوخٌ. ومحتمل أيضًا: ولا آمين البيت الحرام من أهل الشرك.
وأكثر أهل التأويل على ذلك.
وإن كان عُني بذلك المشركون من أهل الحرب، فهو أيضًا لا شك منسوخ.
* * *
(١) يعني فجعلها الله إحلالها حرامًا في الإسلام إلا لحاء القلائد، فإنه قد نسخ.
(٢) انظر ما سلف ص: ٤٦٧-٤٧٠.
(٢) انظر ما سلف ص: ٤٦٧-٤٧٠.
479
وإذْ كان ذلك كذلك = وكان لا اختلاف في ذلك بينهم ظاهر، وكان ما كان مستفيضًا فيهم ظاهرًا حجةً = فالواجب، وإن احتمل ذلك معنى غير الذي قالوا، التسليمُ لما استفاض بصحته نقلهم. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله:"يبتغون"، يطلبون ويلتمسون = و"الفضل" الأرباح في التجارة = و"الرضوان"، رضَى الله عنهم، فلا يحل بهم من العقوبة في الدنيا ما أحلَّ بغيرهم من الأمم في عاجل دنياهم، بحجّهم بيتَه. (٢)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٧٩- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، حدثنا معمر، عن قتادة في قوله:"يبتغون فضلا من ربهم ورضوانًا"، قال: هم المشركون، يلتمسون فضل الله ورضوانه فيما يصلح لهم دُنياهم.
١٠٩٨٠- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبدة بن سليمان قال، قرأت على ابن أبي عروبة فقال: هكذا سمعته من قتادة في قوله:"يبتغون فضلا من ربهم ورضوانًا"، والفضل والرضوان اللذان يبتغون: أن يصلح معايشهم في الدنيا، وأن لا يعجَّل لهم العقوبة فيها.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله:"يبتغون"، يطلبون ويلتمسون = و"الفضل" الأرباح في التجارة = و"الرضوان"، رضَى الله عنهم، فلا يحل بهم من العقوبة في الدنيا ما أحلَّ بغيرهم من الأمم في عاجل دنياهم، بحجّهم بيتَه. (٢)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٧٩- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، حدثنا معمر، عن قتادة في قوله:"يبتغون فضلا من ربهم ورضوانًا"، قال: هم المشركون، يلتمسون فضل الله ورضوانه فيما يصلح لهم دُنياهم.
١٠٩٨٠- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبدة بن سليمان قال، قرأت على ابن أبي عروبة فقال: هكذا سمعته من قتادة في قوله:"يبتغون فضلا من ربهم ورضوانًا"، والفضل والرضوان اللذان يبتغون: أن يصلح معايشهم في الدنيا، وأن لا يعجَّل لهم العقوبة فيها.
(١) سياق هذه الفقرة: "وإذ كان ذلك كذلك، وكان لا اختلاف... فالواجب... التسليم لما استفاض بصحته نقلهم".
(٢) مضى تفسير هذه الآية ص: ٤٧١، ٤٧٢، كما أسلفت في التعليق: ١، ص: ٤٧١ وانظر تفسير"الابتغاء" فيما سلف ٩: ٣١٩، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
وتفسير"الفضل" فيما سلف من فهارس اللغة.
وتفسير"الرضوان" فيما سلف ٦: ٢٦٢.
(٢) مضى تفسير هذه الآية ص: ٤٧١، ٤٧٢، كما أسلفت في التعليق: ١، ص: ٤٧١ وانظر تفسير"الابتغاء" فيما سلف ٩: ٣١٩، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
وتفسير"الفضل" فيما سلف من فهارس اللغة.
وتفسير"الرضوان" فيما سلف ٦: ٢٦٢.
480
١٠٩٨١- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن ابن عباس:"يبتغون فضلا من ربهم ورضوانًا"، يعني: أنهم يترضَّون الله بحجهم.
١٠٩٨٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس قال: جلسنا إلى مطرِّف بن الشِّخِّير، وعنده رجل فحدثهم في قوله:"يبتغون فضلا من ربهم ورضوانًا"، قال: التجارة في الحج، والرضوان في الحج.
١٠٩٨٣- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي أميمة قال، قال ابن عمر في الرجل يحج ويحمل معه متاعًا، قال: لا بأس به = وتلا هذه الآية:"يبتغون فضلا من ربهم ورضوانًا". (١)
١٠٩٨٤- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"يبتغون فضلا من ربهم ورضوانًا"، قال: يبتغون الأجر والتجارة.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وإذا حللتم فاصطادوا الصيد الذي نهيتكم أن تُحِلُّوه وأنتم حرم. يقول: فلا حرج عليكم في اصطياده، واصطادوا إن شئتم حينئذ، لأن المعنى الذي من أجله كنت حرَّمته عليكم في حال إحرامكم قد زال.
* * *
١٠٩٨٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس قال: جلسنا إلى مطرِّف بن الشِّخِّير، وعنده رجل فحدثهم في قوله:"يبتغون فضلا من ربهم ورضوانًا"، قال: التجارة في الحج، والرضوان في الحج.
١٠٩٨٣- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي أميمة قال، قال ابن عمر في الرجل يحج ويحمل معه متاعًا، قال: لا بأس به = وتلا هذه الآية:"يبتغون فضلا من ربهم ورضوانًا". (١)
١٠٩٨٤- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"يبتغون فضلا من ربهم ورضوانًا"، قال: يبتغون الأجر والتجارة.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وإذا حللتم فاصطادوا الصيد الذي نهيتكم أن تُحِلُّوه وأنتم حرم. يقول: فلا حرج عليكم في اصطياده، واصطادوا إن شئتم حينئذ، لأن المعنى الذي من أجله كنت حرَّمته عليكم في حال إحرامكم قد زال.
* * *
(١) الأثر: ١٠٩٨٣-"أبو أميمة التيمي" وهو"أبو أمامة التيمي"، قال ابن معين: "ثقة، لا يعرف اسمه"، وقال البخاري في الكنى: "أبو أمامة، قال شعبة: أبو أميمة سمع ابن عمر. روى عنه العلاء، وشعبة. يقال اسمه: عمرو بن أسماء". مترجم في التهذيب، والكنى للبخاري: ٤، وابن أبي حاتم في باب"أبو أمامة"، و"أبو أميمة". ترجمتان ٤/٢/٣٣٠، ٣٣١.
481
وبما قلنا في ذلك قال جميع أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٨٥- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا حصين، عن مجاهد أنه قال: هي رخصة = يعني قوله:"وإذا حللتم فاصطادوا".
١٠٩٨٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن حجاج، عن القاسم، عن مجاهد قال: خمس في كتاب الله رخصة، وليست بعَزْمة، فذكر:"وإذا حللتم فاصطادوا"، قال: من شاء فعل، ومن شاء لم يفعل.
١٠٩٨٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد، عن حجاج، عن عطاء، مثله.
١٠٩٨٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن حصين، عن مجاهد:"وإذا حللتم فاصطادوا"، قال: إذا حلّ، فإن شاء صاد، وإن شاء لم يصطد.
١٠٩٨٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن إدريس، عن ابن جريج، عن رجل، عن مجاهد: أنه كان لا يرى الأكل من هَدْي المتعة واجبًا، وكان يتأول هذه الآية:"وإذا حللتم فاصطادوا" = (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ) [سورة الجمعة: ١٠]. (١)
* * *
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٨٥- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا حصين، عن مجاهد أنه قال: هي رخصة = يعني قوله:"وإذا حللتم فاصطادوا".
١٠٩٨٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن حجاج، عن القاسم، عن مجاهد قال: خمس في كتاب الله رخصة، وليست بعَزْمة، فذكر:"وإذا حللتم فاصطادوا"، قال: من شاء فعل، ومن شاء لم يفعل.
١٠٩٨٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد، عن حجاج، عن عطاء، مثله.
١٠٩٨٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن حصين، عن مجاهد:"وإذا حللتم فاصطادوا"، قال: إذا حلّ، فإن شاء صاد، وإن شاء لم يصطد.
١٠٩٨٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن إدريس، عن ابن جريج، عن رجل، عن مجاهد: أنه كان لا يرى الأكل من هَدْي المتعة واجبًا، وكان يتأول هذه الآية:"وإذا حللتم فاصطادوا" = (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ) [سورة الجمعة: ١٠]. (١)
* * *
(١) يعني بقوله: "يتأول هذه الآية"، أي يفسرها كتفسير الآية الأخرى: فإذا قضيت الصلاة، فمن شاء خرج من المسجد، ومن شاء جلس، رخصة من الله.
482
القول في تأويل قوله: ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"ولا يجرمنكم"، ولا يحملنكم، كما:-
١٠٩٩٠- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي، عن ابن عباس قوله:"ولا يجرمنكم شنآن قوم"، يقول: لا يحملنكم شنآن قوم.
١٠٩٩١- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ولا يجرمنكم شنآن قوم"، أي: لا يحملنكم.
* * *
وأما أهل المعرفة باللغة فإنهم اختلفوا في تأويلها.
فقال بعض البصريين: معنى قوله:"ولا يجرمنكم"، لا يُحِقَّنَّ لكم، لأن قوله: (لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ) [سورة النحل: ٦٢]، هو: حقٌّ أن لهم النار. (١)
* * *
وقال بعض الكوفيين: معناه: لا يحملنَّكم. وقال: يقال:"جرمني فلان على أن صنعت كذا وكذا"، أي: حملني عليه.
* * *
واحتج جميعهم ببيت الشاعر: (٢)
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"ولا يجرمنكم"، ولا يحملنكم، كما:-
١٠٩٩٠- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي، عن ابن عباس قوله:"ولا يجرمنكم شنآن قوم"، يقول: لا يحملنكم شنآن قوم.
١٠٩٩١- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ولا يجرمنكم شنآن قوم"، أي: لا يحملنكم.
* * *
وأما أهل المعرفة باللغة فإنهم اختلفوا في تأويلها.
فقال بعض البصريين: معنى قوله:"ولا يجرمنكم"، لا يُحِقَّنَّ لكم، لأن قوله: (لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ) [سورة النحل: ٦٢]، هو: حقٌّ أن لهم النار. (١)
* * *
وقال بعض الكوفيين: معناه: لا يحملنَّكم. وقال: يقال:"جرمني فلان على أن صنعت كذا وكذا"، أي: حملني عليه.
* * *
واحتج جميعهم ببيت الشاعر: (٢)
وَلَقَدْ طَعَنْتَ أَبَا عُيَيْنَةَ طَعْنَةً | جَرَمَتْ فَزَارَةُ بَعْدَهَا أَنْ يَغْضَبُوا (٣) |
(١) هذه مقالة الأخفش، كما ذكر ذلك صاحب لسان العرب، مادة (جرم).
(٢) هو أبو أسماء بن الضّريبة. ويقال: هو لعطية بن عفيف، ونسبه سيبوبه للفزاري مجهلا.
(٣) سيبويه ١: ٤٦٩، مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٤٧، مشكل القرآن: ٤١٨، والفاخر: ٢٠٠، الجواليقي: ١٦٣، البطليوسي: ٣١٣، الخزانة ٤: ٣١٠، اللسان (جرم). وسبب الشعر أن كرزًا العقيلي، قتل أبا عيينة حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري يوم حاجر، فلما قتل كرز، قال الشاعر يرثيه ويخاطبه:
وكأنه شعر غير هذا الشعر.
(٢) هو أبو أسماء بن الضّريبة. ويقال: هو لعطية بن عفيف، ونسبه سيبوبه للفزاري مجهلا.
(٣) سيبويه ١: ٤٦٩، مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٤٧، مشكل القرآن: ٤١٨، والفاخر: ٢٠٠، الجواليقي: ١٦٣، البطليوسي: ٣١٣، الخزانة ٤: ٣١٠، اللسان (جرم). وسبب الشعر أن كرزًا العقيلي، قتل أبا عيينة حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري يوم حاجر، فلما قتل كرز، قال الشاعر يرثيه ويخاطبه:
يَا كُرزُ، إنَّكَ قَدْ قُتِلْتَ بِفَارِسٍ | بَطَلٍ إذَا هَابَ الكُمَاةُ وَجَبَّبُوا |
يَا كُرْزُ إنَّكَ قد فَتَكْتَ بِفَارِسٍ | بَطَلٍ إذَا هَابَ الكُمَاةُ مُجَرَّبِ |
483
فتأول ذلك كل فريق منهم على المعنى الذي تأوله من القرآن. فقال الذين قالوا:"لا يجرمنكم"، لا يُحِقَّن لكم = معنى قول الشاعر:"جرمت فزارة"، أحقَّت الطعنةُ لفزارة الغضبَ.
وقال الذين قالوا: معناه: لا يحملنكم = معناه في البيت:"جرمت فزارة أن يغضبوا"، حملت فزارة على أن يغضبوا.
* * *
وقال آخر من الكوفيين: معنى قوله:"لا يجرمنكم"، لا يكسبنكم شنآن قوم.
وتأويل قائل هذا القول قولَ الشاعر في البيت:"جرمت فزارة"، كسبت فزارة أن يغضبوا. قال: وسمعت العرب تقول:"فلان جريمة أهله"، بمعنى: كاسبهم ="وخرج يجرمهم"، يكسبهم. (١)
* * *
قال أبو جعفر: وهذه الأقوال التي حكيناها عمن حكيناها عنه، متقاربة المعنى. وذلك أن من حمل رجلا على بغض رجل، فقد أكسبه بغضه. ومن أكسبه بغضه، فقد أحقَّه له.
فإذا كان ذلك كذلك، فالذي هو أحسن في الإبانة عن معنى الحرف، ما قاله ابن عباس وقتادة، وذلك توجيههما معنى قوله:"ولا يجرمنكم شنآن قوم"، ولا يحملنكم شنآن قومٍ على العدوان.
* * *
وقال الذين قالوا: معناه: لا يحملنكم = معناه في البيت:"جرمت فزارة أن يغضبوا"، حملت فزارة على أن يغضبوا.
* * *
وقال آخر من الكوفيين: معنى قوله:"لا يجرمنكم"، لا يكسبنكم شنآن قوم.
وتأويل قائل هذا القول قولَ الشاعر في البيت:"جرمت فزارة"، كسبت فزارة أن يغضبوا. قال: وسمعت العرب تقول:"فلان جريمة أهله"، بمعنى: كاسبهم ="وخرج يجرمهم"، يكسبهم. (١)
* * *
قال أبو جعفر: وهذه الأقوال التي حكيناها عمن حكيناها عنه، متقاربة المعنى. وذلك أن من حمل رجلا على بغض رجل، فقد أكسبه بغضه. ومن أكسبه بغضه، فقد أحقَّه له.
فإذا كان ذلك كذلك، فالذي هو أحسن في الإبانة عن معنى الحرف، ما قاله ابن عباس وقتادة، وذلك توجيههما معنى قوله:"ولا يجرمنكم شنآن قوم"، ولا يحملنكم شنآن قومٍ على العدوان.
* * *
(١) قائل هذا هو الفراء في معاني القرآن ١: ٢٩٩.
484
واختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة الأمصار: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) بفتح"الياء" من:"جَرَمْتُه أجْرِمُه".
* * *
وقرأ ذلك بعض قرأة الكوفيين (١) وهو يحيى بين وثّاب، والأعمش: ما:-
١٠٩٩٢- حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن الأعمش أنه قرأ: (وَلا يُجْرِمَنَّكُمْ) مرتفعة"الياء"، من:"أجرمته أجرمه، وهو يُجْرِمني".
* * *
قال أبو جعفر: والذي هو أولى بالصواب من القراءتين، قراءة من قرأ ذلك: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) بفتح"الياء"، لاستفاضة القراءة بذلك في قرأة الأمصار، وشذوذ ما خالفها، وأنها اللغة المعروفة السائرة في العرب، وإن كان مسموعًا من بعضها:"أجرم يُجْرم" على شذوذه. وقراءة القرآن بأفصح اللغات، أولى وأحق منها بغير ذلك. ومن لغة من قال"جَرَمْتُ"، قول الشاعر: (٢)
* * *
فقرأته عامة قرأة الأمصار: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) بفتح"الياء" من:"جَرَمْتُه أجْرِمُه".
* * *
وقرأ ذلك بعض قرأة الكوفيين (١) وهو يحيى بين وثّاب، والأعمش: ما:-
١٠٩٩٢- حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن الأعمش أنه قرأ: (وَلا يُجْرِمَنَّكُمْ) مرتفعة"الياء"، من:"أجرمته أجرمه، وهو يُجْرِمني".
* * *
قال أبو جعفر: والذي هو أولى بالصواب من القراءتين، قراءة من قرأ ذلك: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) بفتح"الياء"، لاستفاضة القراءة بذلك في قرأة الأمصار، وشذوذ ما خالفها، وأنها اللغة المعروفة السائرة في العرب، وإن كان مسموعًا من بعضها:"أجرم يُجْرم" على شذوذه. وقراءة القرآن بأفصح اللغات، أولى وأحق منها بغير ذلك. ومن لغة من قال"جَرَمْتُ"، قول الشاعر: (٢)
يَا أَيُّهَا المُشْتَكِي عُكْلا وَمَا جَرَمَتْ | إلى القَبَائِلِ مِنْ قَتْلٍ، وإبْآسُ (٣) |
(١) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٩٩.
(٢) ينسب للفرزدق، وليس في ديوانه.
(٣) مجالس ثعلب: ٤٩، ٥٠، والأضداد لابن الأنباري: ٨٥، والبيت مرفوع القافية وبعد البيت:
"همرجة": اختلاط وفتنة. وروى ثعلب هذين البيتين. ثم قال، ولم يبين لمن كان هذا الخبر: "قلت له (يعني: للفرزدق) : لم قلت: من قتل، وإبآس؟ قال: كيف أصنع وقد قلت: حتى يسلم الناس؟ قال قلت: فيم رفعته؟ قال: بما يسوءك وينوءك! ".
ثم قال أبو العباس ثعلب: "وإنما رفعه، لأن الفعل لم يظهر بعده، كما تقول: ضربت زيدًا وعمرو = لم يظهر الفعل فرفعت، وكما تقول: ضربت زيدًا وعمرو مضروب".
(٢) ينسب للفرزدق، وليس في ديوانه.
(٣) مجالس ثعلب: ٤٩، ٥٠، والأضداد لابن الأنباري: ٨٥، والبيت مرفوع القافية وبعد البيت:
إنّا كَذَاكَ، إذَا كانَتْ هَمَرَّجَةٌ | نَسْبِي ونَقْتُلُ حَتَّى يُسْلِمَ النَّاسُ |
ثم قال أبو العباس ثعلب: "وإنما رفعه، لأن الفعل لم يظهر بعده، كما تقول: ضربت زيدًا وعمرو = لم يظهر الفعل فرفعت، وكما تقول: ضربت زيدًا وعمرو مضروب".
485
القول في تأويل قوله: ﴿شَنَآنُ قَوْمٍ﴾
اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأه بعضهم: (شَنَآنُ) بتحريك"الشين والنون" إلى الفتح، بمعنى: بغض قوم، توجيهًا منهم ذلك إلى المصدر الذي يأتي على"فَعَلان"، نظير"الطيران" و"النَّسَلان" و"العَسَلان" و"الرَّمَلان".
* * *
وقرأ ذلك آخرون: (شَنْآنُ قَوْمٍ) بتسكين"النون" وفتح"الشين" بمعنى: الاسم، توجيهًا منهم معناه إلى: لا يحملنكم بَغِيض قوم (١) فيخرج"شَنْآن" على تقدير"فَعْلان"، لأن"فَعَل" منه على"فَعِلَ" (٢) كما يقال:"سكران" من"سكر"، و"عطشان" من"عطش"، وما أشبه ذلك من الأسماء.
* * *
قال أبو جعفر: والذي هو أولى القراءتين في ذلك بالصواب، قراءة من قرأ: (شَنَآنُ قَومٍ) بفتح"النون" محركة، لشائع تأويل أهل التأويل على أن معناه: بغض قوم = وتوجيههم ذلك إلى معنى المصدر دون معنى الاسم.
وإذْ كان ذلك موجَّهًا إلى معنى المصدر، فالفصيح من كلام العرب فيما جاء من المصادر على"الفَعلان" بفتح"الفاء"، تحريك ثانيه دون تسكينه، كما وصفت من قولهم:"الدَّرَجَان" و"الرَّمَلان"، من"درج" و"رمل"، فكذلك"الشنآن" من"شنئته أشنَؤُه شنآنًا"، ومن العرب من يقول:"شَنَانٌ" على تقدير"فعال"، ولا أعلم قارئًا قرأ ذلك كذلك، ومن ذلك قول الشاعر: (٣)
اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأه بعضهم: (شَنَآنُ) بتحريك"الشين والنون" إلى الفتح، بمعنى: بغض قوم، توجيهًا منهم ذلك إلى المصدر الذي يأتي على"فَعَلان"، نظير"الطيران" و"النَّسَلان" و"العَسَلان" و"الرَّمَلان".
* * *
وقرأ ذلك آخرون: (شَنْآنُ قَوْمٍ) بتسكين"النون" وفتح"الشين" بمعنى: الاسم، توجيهًا منهم معناه إلى: لا يحملنكم بَغِيض قوم (١) فيخرج"شَنْآن" على تقدير"فَعْلان"، لأن"فَعَل" منه على"فَعِلَ" (٢) كما يقال:"سكران" من"سكر"، و"عطشان" من"عطش"، وما أشبه ذلك من الأسماء.
* * *
قال أبو جعفر: والذي هو أولى القراءتين في ذلك بالصواب، قراءة من قرأ: (شَنَآنُ قَومٍ) بفتح"النون" محركة، لشائع تأويل أهل التأويل على أن معناه: بغض قوم = وتوجيههم ذلك إلى معنى المصدر دون معنى الاسم.
وإذْ كان ذلك موجَّهًا إلى معنى المصدر، فالفصيح من كلام العرب فيما جاء من المصادر على"الفَعلان" بفتح"الفاء"، تحريك ثانيه دون تسكينه، كما وصفت من قولهم:"الدَّرَجَان" و"الرَّمَلان"، من"درج" و"رمل"، فكذلك"الشنآن" من"شنئته أشنَؤُه شنآنًا"، ومن العرب من يقول:"شَنَانٌ" على تقدير"فعال"، ولا أعلم قارئًا قرأ ذلك كذلك، ومن ذلك قول الشاعر: (٣)
(١) في المطبوعة والمخطوطة: "بغض قوم"، والصواب ما أثبت، كما يدل عليه السياق.
(٢) قوله: "فعل" الأولى، يعني الفعل الماضي، أما الثانية، فهي الميزان الصرفي، على وزن"سكر" بكسر العين.
(٣) هو الأحوص بن محمد الأنصاري.
(٢) قوله: "فعل" الأولى، يعني الفعل الماضي، أما الثانية، فهي الميزان الصرفي، على وزن"سكر" بكسر العين.
(٣) هو الأحوص بن محمد الأنصاري.
486
وَمَا العَيْشُ إلا مَا تَلَذُّ وتَشْتَهِي | وَإنْ لامَ فِيهِ ذُو الشَّنَانِ وَفَنَّدَا (١) |
* * *
ذكر من قال من أهل التأويل:"شنآن قوم"، بغض قوم.
١٠٩٩٣- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"ولا يجرمنكم شنآن قوم"، لا يحملنكم بغض قوم.
١٠٩٩٤- وحدثني به المثنى مرة أخرى بإسناده، عن ابن عباس فقال: لا يحملنكم عداوة قوم أن تعتدوا.
١٠٩٩٥- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"ولا يجرمنكم شنآن قوم"، لا يجرمنكم بغض قوم.
١٠٩٩٦- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ولا يجرمنكم شنآن قوم"، قال: بغضاؤهم، أن تعتدوا.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا﴾
قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأه بعض أهل المدينة وعامة قرأة الكوفيين: (أَنْ صَدُّوكُمْ) بفتح"الألف "
(١) طبقات فحول الشعراء: ٥٣٩، الأغاني ١٣: ١٥١-١٥٣، مصارع العشاق: ٦٢، ٧٥، والشعر والشعراء: ٥٠١، واللسان (شنأ)، وقلما يخلو منه كتاب بعد.
487
من"أن"، بمعنى: لا يجرمنكم بغض قوم بصدِّهم إياكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا.
* * *
وكان بعض قرأة الحجاز والبصرة يقرأ ذلك: (ولا يجرمنكم شنآن قوم إن صدوكم)، بكسر"الألف" من"إن"، بمعنى: ولا يجرمنكم شنآن قوم إن هم أحدثوا لكم صدًّا عن المسجد الحرام أن تعتدوا = فزعموا أنها في قراءة ابن مسعود: (إن يصدوكم)، فقرأوا ذلك كذلك اعتبارًا بقراءته. (١)
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، أنهما قراءتان معروفتان مشهورتان في قرأة الأمصار، صحيح معنى كل واحدة منهما.
وذلك أن النبي ﷺ صُدَّ عن البيت هو وأصحابه يوم الحديبية، وأنزلت عليه"سورة المائدة" بعد ذلك، فمن قرأ (أَنْ صَدُّوكُمْ) بفتح"الألف" من"أن"، فمعناه: لا يحملنكم بغض قوم، أيها الناس، من أجل أن صدوكم يوم الحديبية عن المسجد الحرام، أن تعتدوا عليهم.
ومن قرأ: (إن صدوكم) بكسر"الألف"، فمعناه: لا يجرمنكم شنآن قوم إن صدوكم عن المسجد الحرام إذا أردتم دخوله. لأن الذين حاربوا رسول الله ﷺ وأصحابه من قريش يوم فتح مكة، قد حاولوا صَدَّهم عن المسجد الحرام. فتقدم الله إلى المؤمنين = في قول من قرأ ذلك بكسر"إن" = بالنهي عن الاعتداء عليهم، إن هم صدوهم عن المسجد الحرام، قبل أن يكون ذلك من الصادِّين.
غير أن الأمر، وإن كان كما وصفت، فإن قراءة ذلك بفتح"الألف"، أبينُ معنى. لأن هذه السورة لا تَدَافُعَ بين أهل العلم في أنها نزلت بعد يوم الحديبية.
* * *
وكان بعض قرأة الحجاز والبصرة يقرأ ذلك: (ولا يجرمنكم شنآن قوم إن صدوكم)، بكسر"الألف" من"إن"، بمعنى: ولا يجرمنكم شنآن قوم إن هم أحدثوا لكم صدًّا عن المسجد الحرام أن تعتدوا = فزعموا أنها في قراءة ابن مسعود: (إن يصدوكم)، فقرأوا ذلك كذلك اعتبارًا بقراءته. (١)
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، أنهما قراءتان معروفتان مشهورتان في قرأة الأمصار، صحيح معنى كل واحدة منهما.
وذلك أن النبي ﷺ صُدَّ عن البيت هو وأصحابه يوم الحديبية، وأنزلت عليه"سورة المائدة" بعد ذلك، فمن قرأ (أَنْ صَدُّوكُمْ) بفتح"الألف" من"أن"، فمعناه: لا يحملنكم بغض قوم، أيها الناس، من أجل أن صدوكم يوم الحديبية عن المسجد الحرام، أن تعتدوا عليهم.
ومن قرأ: (إن صدوكم) بكسر"الألف"، فمعناه: لا يجرمنكم شنآن قوم إن صدوكم عن المسجد الحرام إذا أردتم دخوله. لأن الذين حاربوا رسول الله ﷺ وأصحابه من قريش يوم فتح مكة، قد حاولوا صَدَّهم عن المسجد الحرام. فتقدم الله إلى المؤمنين = في قول من قرأ ذلك بكسر"إن" = بالنهي عن الاعتداء عليهم، إن هم صدوهم عن المسجد الحرام، قبل أن يكون ذلك من الصادِّين.
غير أن الأمر، وإن كان كما وصفت، فإن قراءة ذلك بفتح"الألف"، أبينُ معنى. لأن هذه السورة لا تَدَافُعَ بين أهل العلم في أنها نزلت بعد يوم الحديبية.
(١) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٣٠٠.
488
وإذْ كان ذلك كذلك، فالصدُّ قد كان تقدم من المشركين، فنهى الله المؤمنين عن الاعتداء على الصادِّين من أجل صدِّهم إياهم عن المسجد الحرام. (١)
* * *
وأما قوله:"أن تعتدوا"، فإنه يعني: أن تجاوزوا الحدَّ الذي حدَّه الله لكم في أمرهم. (٢)
* * *
فتأويل الآية إذًا: ولا يحملنكم بغض قوم، لأن صدوكم عن المسجد الحرام، أيها المؤمنون، أن تعتدوا حكم الله فيهم، فتجاوزوه إلى ما نهاكم عنه، ولكن الزموا طاعة الله فيما أحببتم وكرهتم.
* * *
وذكر أنها نزلت في النهي عن الطلب بذُحول الجاهلية. (٣)
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٩٧- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"أن تعتدوا"، رجل مؤمن من حلفاء محمد، قتل حليفًا لأبي سفيان من هذيل يوم الفتح بعرفة، لأنه كان يقتل حلفاء محمد، فقال محمد صلى الله عليه وسلم: لعن الله من قتل بذَحْل الجاهلية.
١٠٩٩٨- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
* * *
وقال آخرون: هذا منسوخ
*ذكر من قال ذلك:
* * *
وأما قوله:"أن تعتدوا"، فإنه يعني: أن تجاوزوا الحدَّ الذي حدَّه الله لكم في أمرهم. (٢)
* * *
فتأويل الآية إذًا: ولا يحملنكم بغض قوم، لأن صدوكم عن المسجد الحرام، أيها المؤمنون، أن تعتدوا حكم الله فيهم، فتجاوزوه إلى ما نهاكم عنه، ولكن الزموا طاعة الله فيما أحببتم وكرهتم.
* * *
وذكر أنها نزلت في النهي عن الطلب بذُحول الجاهلية. (٣)
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٩٧- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"أن تعتدوا"، رجل مؤمن من حلفاء محمد، قتل حليفًا لأبي سفيان من هذيل يوم الفتح بعرفة، لأنه كان يقتل حلفاء محمد، فقال محمد صلى الله عليه وسلم: لعن الله من قتل بذَحْل الجاهلية.
١٠٩٩٨- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
* * *
وقال آخرون: هذا منسوخ
*ذكر من قال ذلك:
(١) انظر تفسير"الصد" فيما سلف ص: ٤١٠، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير"الاعتداء" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٣) "الذحول" جمع"ذحل" (بفتح فسكون) : وهو الثأر.
(٢) انظر تفسير"الاعتداء" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٣) "الذحول" جمع"ذحل" (بفتح فسكون) : وهو الثأر.
489
١٠٩٩٩- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ولا يجرمنكم شنآن قوم أن تعتدوا"، قال: بغضاؤهم، حتى تأتوا ما لا يحل لكم. وقرأ:"أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا"، وقال: هذا كله قد نسخ، نسخه الجهاد.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب، قول مجاهد أنه غير منسوخ، لاحتماله: أن تعتدوا الحقَّ فيما أمرتكم به. وإذا احتمل ذلك، لم يجز أن يقال:"هو منسوخ"، إلا بحجة يجب التسليم لها.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"وتعاونوا على البر والتقوى"، وليعن بعضكم، أيها المؤمنون، بعضًا ="على البر" =، وهو العمل بما أمر الله بالعمل به (١) ="والتقوى"، هو اتقاء ما أمر الله باتقائه واجتنابه من معاصيه. (٢)
* * *
وقوله:"ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"، يعني: ولا يعن بعضكم بعضًا ="على الإثم"، يعني: على ترك ما أمركم الله بفعله ="والعدوان"، يقول: ولا على أن تتجاوزوا ما حدَّ الله لكم في دينكم، وفرض لكم في أنفسكم وفي غيركم. (٣)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب، قول مجاهد أنه غير منسوخ، لاحتماله: أن تعتدوا الحقَّ فيما أمرتكم به. وإذا احتمل ذلك، لم يجز أن يقال:"هو منسوخ"، إلا بحجة يجب التسليم لها.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"وتعاونوا على البر والتقوى"، وليعن بعضكم، أيها المؤمنون، بعضًا ="على البر" =، وهو العمل بما أمر الله بالعمل به (١) ="والتقوى"، هو اتقاء ما أمر الله باتقائه واجتنابه من معاصيه. (٢)
* * *
وقوله:"ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"، يعني: ولا يعن بعضكم بعضًا ="على الإثم"، يعني: على ترك ما أمركم الله بفعله ="والعدوان"، يقول: ولا على أن تتجاوزوا ما حدَّ الله لكم في دينكم، وفرض لكم في أنفسكم وفي غيركم. (٣)
(١) انظر تفسير"البر" فيما سلف ٢: ٨/٣: ٣٣٦-٣٣٨، ٥٥٦/٤: ٤٢٥/٦: ٥٨٧.
(٢) انظر تفسير"التقوى" فيما سلف من فهارس اللغة، مادة (وقى).
(٣) انظر تفسير"الإثم" و"العدوان" فيما سلف من فهارس اللغة (أثم) (عدا).
(٢) انظر تفسير"التقوى" فيما سلف من فهارس اللغة، مادة (وقى).
(٣) انظر تفسير"الإثم" و"العدوان" فيما سلف من فهارس اللغة (أثم) (عدا).
490
وإنما معنى الكلام: ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا، ولكن ليعن بعضكم بعضًا بالأمر بالانتهاء إلى ما حدَّه الله لكم في القوم الذين صدُّوكم عن المسجد الحرام وفي غيرهم، والانتهاء عما نهاكم الله أن تَأتوا فيهم وفي غيرهم، وفي سائر ما نهاكم عنه، ولا يعن بعضكم بعضًا على خلاف ذلك.
* * *
وبما قلنا في"البر والتقوى" قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٠٠- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"وتعاونوا على البر والتقوى"،"البر" ما أمرت به، و"التقوى" ما نهيت عنه.
١١٠٠١- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله:"وتعاونوا على البر والتقوى" قال:"البر" ما أمرت به، و"التقوى" ما نهيت عنه.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢) ﴾
قال أبو جعفر: وهذا وعيد من الله جل ثناؤه وتهدُّدٌ لمن اعتدى حدّه وتجاوز أمره (١) يقول عز ذكره:"واتقوا الله"، يعني: واحذروا الله، أيها المؤمنون، أن تلقوه في معادكم وقد اعتديتم حدَّه فيما حدَّ لكم، وخالفتم أمره فيما أمركم به، أو نهيه فيما نهاكم عنه، فتستوجبوا عقابه، وتستحقوا أليم عذابه. ثم وصف عقابه بالشدة فقال عز ذكره: إن الله شديدٌ عقابه لمن عاقبه من خلقه، لأنها نار
* * *
وبما قلنا في"البر والتقوى" قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٠٠- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"وتعاونوا على البر والتقوى"،"البر" ما أمرت به، و"التقوى" ما نهيت عنه.
١١٠٠١- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله:"وتعاونوا على البر والتقوى" قال:"البر" ما أمرت به، و"التقوى" ما نهيت عنه.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢) ﴾
قال أبو جعفر: وهذا وعيد من الله جل ثناؤه وتهدُّدٌ لمن اعتدى حدّه وتجاوز أمره (١) يقول عز ذكره:"واتقوا الله"، يعني: واحذروا الله، أيها المؤمنون، أن تلقوه في معادكم وقد اعتديتم حدَّه فيما حدَّ لكم، وخالفتم أمره فيما أمركم به، أو نهيه فيما نهاكم عنه، فتستوجبوا عقابه، وتستحقوا أليم عذابه. ثم وصف عقابه بالشدة فقال عز ذكره: إن الله شديدٌ عقابه لمن عاقبه من خلقه، لأنها نار
(١) في المطبوعة: "وتهديد لمن اعتدى"، وأثبت ما في المخطوطة.
491
لا يطفأ حَرُّها، ولا يخمد جمرها، ولا يسكن لهبها، نعوذ بالله منها ومن عمل يقرِّبنا منها.
* * *
* * *
492
القول في تأويل قوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: حرَّم الله عليكم، أيها المؤمنون، الميتة.
* * *
و"الميتة": كل ما له نفس سائلة من دواب البر وطيره، مما أباح الله أكلها، أهليَّها ووحشيَّها، فارقتها روحها بغير تذكية. (١)
وقد قال بعضهم:"الميتة"، هو كل ما فارقته الحياة من دوابِّ البر وطيره بغير تذكية، مما أحل الله أكله. (٢)
وقد بيّنا العلة الموجبة صحة القول بما قلنا في ذلك، في كتابنا (كتاب لطيف القول في الأحكام). (٣)
* * *
وأما"الدم"، فإنه الدم المسفوح، دون ما كان منه غير مسفوح، لأن الله جل ثناؤه قال: (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزيرٍ) [سورة الأنعام: ١٤٥]، فأما ما كان قد صار في معنى اللحم، كالكبد والطحال، وما كان في اللحم غير
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: حرَّم الله عليكم، أيها المؤمنون، الميتة.
* * *
و"الميتة": كل ما له نفس سائلة من دواب البر وطيره، مما أباح الله أكلها، أهليَّها ووحشيَّها، فارقتها روحها بغير تذكية. (١)
وقد قال بعضهم:"الميتة"، هو كل ما فارقته الحياة من دوابِّ البر وطيره بغير تذكية، مما أحل الله أكله. (٢)
وقد بيّنا العلة الموجبة صحة القول بما قلنا في ذلك، في كتابنا (كتاب لطيف القول في الأحكام). (٣)
* * *
وأما"الدم"، فإنه الدم المسفوح، دون ما كان منه غير مسفوح، لأن الله جل ثناؤه قال: (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزيرٍ) [سورة الأنعام: ١٤٥]، فأما ما كان قد صار في معنى اللحم، كالكبد والطحال، وما كان في اللحم غير
(١) "التذكية": الذبح.
(٢) انظر تفسير"الميتة" فيما سلف ٣: ٣١٨، ٣١٩.
(٣) مر اسم هذا الكتاب مرارًا، ومر في بعضها باسم"اللطيف في أحكام شرائع الإسلام"، ١: ١٠٩، وكان هنا في المخطوطة والمطبوعة: "كتاب اللطيف القول في الأحكام"، وهو غير مستقيم.
(٢) انظر تفسير"الميتة" فيما سلف ٣: ٣١٨، ٣١٩.
(٣) مر اسم هذا الكتاب مرارًا، ومر في بعضها باسم"اللطيف في أحكام شرائع الإسلام"، ١: ١٠٩، وكان هنا في المخطوطة والمطبوعة: "كتاب اللطيف القول في الأحكام"، وهو غير مستقيم.
492
منسفح، فإن ذلك غير حرام، لإجماع الجميع على ذلك.
* * *
وأما قوله:"ولحم الخنزير"، فإنه يعني: وحُرِّم عليكم لحم الخنزير، أهليُّه وبَرِّيّه.
فالميتة والدم مخرجهما في الظاهر مخرج عموم، والمراد منهما الخصوص. وأما لحم الخنزير، فإن ظاهره كباطنه، وباطنه كظاهره، حرام جميعه، لم يخصص منه شيء.
* * *
وأما قوله:"وما أهلَّ لغير الله به"، فإنه يعني: وما ذكر عليه غير اسم الله.
* * *
وأصله من"استهلال الصبي"، وذلك إذا صاح حين يسقط من بطن أمه. ومنه"إهلال المحرم بالحج"، إذا لبّى به (١) ومنه قول ابن أحمر:
* * *
وإنما عنى بقوله:"وما أهل لغير الله به"، وما ذبح للآلهة وللأوثان، يسمى عليه غير اسم الله. (٣)
* * *
* * *
وأما قوله:"ولحم الخنزير"، فإنه يعني: وحُرِّم عليكم لحم الخنزير، أهليُّه وبَرِّيّه.
فالميتة والدم مخرجهما في الظاهر مخرج عموم، والمراد منهما الخصوص. وأما لحم الخنزير، فإن ظاهره كباطنه، وباطنه كظاهره، حرام جميعه، لم يخصص منه شيء.
* * *
وأما قوله:"وما أهلَّ لغير الله به"، فإنه يعني: وما ذكر عليه غير اسم الله.
* * *
وأصله من"استهلال الصبي"، وذلك إذا صاح حين يسقط من بطن أمه. ومنه"إهلال المحرم بالحج"، إذا لبّى به (١) ومنه قول ابن أحمر:
يُهلُّ بالفَرْقَدِ رُكْبَانُهَا | كَمَا يُهِلُّ الرَّاكِبُ المُعْتَمِرْ (٢) |
وإنما عنى بقوله:"وما أهل لغير الله به"، وما ذبح للآلهة وللأوثان، يسمى عليه غير اسم الله. (٣)
* * *
(١) انظر تفسير"الإهلال" فيما سلف ٣: ٣١٩، ٣٢٠.
(٢) مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٥٠، الجمهرة ٢: ٣٨٧، اللسان (عمر) (هلل). يصف مفازة لا يهتدي فيها. و"المعتمر"، المعتم بعمامة. و"الفرقد"، أراد"الفرقدان"، وهما كوكبان من بنات نعش الصغرى، أو هما نجمان في السماء لا يغربان، ولكنهما يطوفان بالجدي.
وفي شرح البيت قولان. قال الأصمعي: "إذا انجلى لهم السحاب عن الفرقد، أهلوا، أي: رفعوا أصواتهم بالتكبير، كما يهل الراكب الذي يريد عمرة الحج، لأنهم كانوا يهتدون بالفرقد".
وقال غيره: "يريد أنهم في مفازة بعيدة من المياه، فإذا رأوا فرقدًا = وهو ولد البقرة الوحشية = أهلوا، أي: كبروا، لأنهم قد علموا أنهم قد قربوا من الماء".
قلت: والعرب تتخذ"الفرقدين" دليلا في الاهتداء بهما، لأنهما لا يطلبان في وقت من الليل إلا وجدا، قال الراعي:
(٣) انظر ما سلف ٣: ٣٢١.
(٢) مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٥٠، الجمهرة ٢: ٣٨٧، اللسان (عمر) (هلل). يصف مفازة لا يهتدي فيها. و"المعتمر"، المعتم بعمامة. و"الفرقد"، أراد"الفرقدان"، وهما كوكبان من بنات نعش الصغرى، أو هما نجمان في السماء لا يغربان، ولكنهما يطوفان بالجدي.
وفي شرح البيت قولان. قال الأصمعي: "إذا انجلى لهم السحاب عن الفرقد، أهلوا، أي: رفعوا أصواتهم بالتكبير، كما يهل الراكب الذي يريد عمرة الحج، لأنهم كانوا يهتدون بالفرقد".
وقال غيره: "يريد أنهم في مفازة بعيدة من المياه، فإذا رأوا فرقدًا = وهو ولد البقرة الوحشية = أهلوا، أي: كبروا، لأنهم قد علموا أنهم قد قربوا من الماء".
قلت: والعرب تتخذ"الفرقدين" دليلا في الاهتداء بهما، لأنهما لا يطلبان في وقت من الليل إلا وجدا، قال الراعي:
لا يَتَّخِذْنَ إذَا عَلَوْنَ مَفَازةً | إلا بَيَاضَ الفَرْقَدَينِ دَليلا |
493
وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وقد ذكرنا الرواية عمن قال ذلك فيما مضى، فكرهنا إعادته. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَالْمُنْخَنِقَةُ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في صفة"الانخناق" الذي عنى الله جل ثناؤه بقوله:"والمنخنقة".
فقال بعضهم بما:-
١١٠٠٢- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"والمنخنقة"، قال: التي تدخل رأسها بين شُعْبتين من شجرة، فتختنق فتموت.
١١٠٠٢م- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن جويبر، عن الضحاك في المنخنقة، قال: التي تختنق فتموت.
١١٠٠٣- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، حدثنا معمر، عن قتادة في قوله:"والمنخنقة"، التي تموت في خِنَاقها. (٢)
* * *
وقال آخرون: هي التي توثق فيقتلها بالخناق وَثَاقها.
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٠٤- حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"والمنخنقة"، قال: الشاة توثق، فيقتلها خِنَاقها، فهي حرام.
* * *
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَالْمُنْخَنِقَةُ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في صفة"الانخناق" الذي عنى الله جل ثناؤه بقوله:"والمنخنقة".
فقال بعضهم بما:-
١١٠٠٢- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"والمنخنقة"، قال: التي تدخل رأسها بين شُعْبتين من شجرة، فتختنق فتموت.
١١٠٠٢م- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن جويبر، عن الضحاك في المنخنقة، قال: التي تختنق فتموت.
١١٠٠٣- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، حدثنا معمر، عن قتادة في قوله:"والمنخنقة"، التي تموت في خِنَاقها. (٢)
* * *
وقال آخرون: هي التي توثق فيقتلها بالخناق وَثَاقها.
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٠٤- حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"والمنخنقة"، قال: الشاة توثق، فيقتلها خِنَاقها، فهي حرام.
* * *
(١) انظر الآثار السالفة من رقم: ٢٤٦٨- ٢٤٧٧.
(٢) "الخناق" (بكسر الخاء) : الحبل الذي يخنق به، وأراد الحبل الذي ربطت فيه من عند عنقها.
(٢) "الخناق" (بكسر الخاء) : الحبل الذي يخنق به، وأراد الحبل الذي ربطت فيه من عند عنقها.
494
وقال آخرون: بل هي البهيمة من النَّعم، كان المشركون يخنقونها حتى تموت، فحرَّم الله أكلها.
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٠٥- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس:"والمنخنقة" التي تُخنق فتموت. (١)
١١٠٠٦- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"والمنخنقة"، كان أهل الجاهلية يخنقون الشاة، حتى إذا ماتت أكلوها. (٢)
* * *
وأولى هذه الأقوال بالصواب، قول من قال:"هي التي تختنق، إما في وثاقها، وإما بإدخال رأسها في الموضع الذي لا تقدر على التخلص منه، فتختنق حتى تموت".
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب في تأويل ذلك من غيره، لأن"المنخنقة"، هي الموصوفة بالانخناق، دون خنق غيرها لها، ولو كان معنيًّا بذلك أنها مفعول بها، لقيل:"والمخنوقة"، حتى يكون معنى الكلام ما قالوا.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَالْمَوْقُوذَةُ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"والموقوذة"، والميتة وقيذًا.
* * *
يقال منه:"وقَذَهُ يَقِذُه وقْذًا"، إذا ضربه حتى أشرف على الهلاك، ومنه قول الفرزدق:
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٠٥- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس:"والمنخنقة" التي تُخنق فتموت. (١)
١١٠٠٦- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"والمنخنقة"، كان أهل الجاهلية يخنقون الشاة، حتى إذا ماتت أكلوها. (٢)
* * *
وأولى هذه الأقوال بالصواب، قول من قال:"هي التي تختنق، إما في وثاقها، وإما بإدخال رأسها في الموضع الذي لا تقدر على التخلص منه، فتختنق حتى تموت".
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب في تأويل ذلك من غيره، لأن"المنخنقة"، هي الموصوفة بالانخناق، دون خنق غيرها لها، ولو كان معنيًّا بذلك أنها مفعول بها، لقيل:"والمخنوقة"، حتى يكون معنى الكلام ما قالوا.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَالْمَوْقُوذَةُ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"والموقوذة"، والميتة وقيذًا.
* * *
يقال منه:"وقَذَهُ يَقِذُه وقْذًا"، إذا ضربه حتى أشرف على الهلاك، ومنه قول الفرزدق:
(١) في المطبوعة: "تختنق فتموت"، وهو خطأ صرف مفسد لاستدلال الطبري، والصواب من المخطوطة.
(٢) الأثر: ١١٠٠٦-"بشر بن معاذ"، مضى، ومضى إسناده هذا مئات من المرات، أقربه رقم: ١٠٩٩٥، ولكن كان في المخطوطة والمطبوعة هنا: "حدثنا أنس قال، حدثنا يزيد" وهو خطأ صرف.
(٢) الأثر: ١١٠٠٦-"بشر بن معاذ"، مضى، ومضى إسناده هذا مئات من المرات، أقربه رقم: ١٠٩٩٥، ولكن كان في المخطوطة والمطبوعة هنا: "حدثنا أنس قال، حدثنا يزيد" وهو خطأ صرف.
495
شَغَّارَةٍ تَقِذُ الفَصِيلَ بِرِجْلِهَا | فَطَّارَةٍ لِقَوَادِمِ الأبْكَارِ (١) |
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٠٧- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس:"والموقوذة"، قال: الموقوذة، التي تضرب بالخشب حتى توقَذَ بها فتموت. (٢)
١١٠٠٨- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"والموقوذة"، كان أهل الجاهلية يضربونها بالعِصيّ، حتى إذا ماتت أكلوها.
١١٠٠٩- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا روح قال، حدثنا شعبة، عن قتادة في قوله:"والموقوذة"، قال: كانوا يضربونها حتى يقذوها، ثم يأكلونها.
(١) ديوانه: ٤٥٢، النقائض: ٣٣٢، من هجائه جريرًا، قبله:
يقول: عماته وخالاته رعاة أجلاف، واستجاد لهن شر الصفات، فزعمها"فدعاء"، أي في الرسغ من أقدامها ميل وعوج، من المهنة في العمل منذ ولدت. وزعم أنهن كن عنده يحلبن"عشاره"، وهي النوق الحديثة العهد بالولادة، وأنفس الإبل عند أهلها إذا كانت عشارًا، وهي"اللقاح" أيضًا.
و"يسار" اسم راع من عبيدة. يقول: إذا سمعت صوت يسار ساورها الشبق إليه، فطاش عقلها ولهًا وصبابة، فكانوا يخافون أن تهمل اللقاح حتى تهلك وتضيع.
ثم وصفها بالغلظة، بأقبح وصف، فزعم أنها إذا قامت تحلب الناقة، ثم دنا الفصيل من أمه، شغرت برجلها = رفعتها، كما يرفع الكلب رجله وهو يبول إلى خلف = فضربته ضربة يشرف بها على الهلاك، كأن ساقها رمح أو هراوة.
وأما قوله: "فطارة لقوادم الأبكار"، فالأبكار جمع"بكر"، وهي الناقة التي ولدت بطنًا واحدًا، فأخلافها صغار قصار، لا يستمكن الحالب أن يحلبها ضبًا، وهو الحلب بالكف كلها، بل تحلب فطرًا، أي بالسبابة والوسطى، ويستعان بطرف الإبهام. و"القوادم" من النوق، لكل ناقة"قادمان"، وهما خلفا الضرع المقدمان.
(٢) في المطبوعة: "حتى تقذها فتموت"، وفي المخطوطة: "حتى توقذها فتموت"، وصواب قراءتها ما أثبت. وقوله: "بها" أي بالخشبة، وانظر الآثار التالية، فهي دالة على صواب هذه القراءة.
كَمْ خَالَةٍ لَكَ، يا جَرِيرُ، وعَمّةٍ | فَدْعَاءَ قَدْ حَلَبَتْ عَلَى عِشَارِي |
كُنَّا نُحَاذِرُ أَنْ تُضِيعَ لِقَاحَنَا | وَلَهًا، إذَا سَمِعَتْ دُعاءَ يَسَارِ |
و"يسار" اسم راع من عبيدة. يقول: إذا سمعت صوت يسار ساورها الشبق إليه، فطاش عقلها ولهًا وصبابة، فكانوا يخافون أن تهمل اللقاح حتى تهلك وتضيع.
ثم وصفها بالغلظة، بأقبح وصف، فزعم أنها إذا قامت تحلب الناقة، ثم دنا الفصيل من أمه، شغرت برجلها = رفعتها، كما يرفع الكلب رجله وهو يبول إلى خلف = فضربته ضربة يشرف بها على الهلاك، كأن ساقها رمح أو هراوة.
وأما قوله: "فطارة لقوادم الأبكار"، فالأبكار جمع"بكر"، وهي الناقة التي ولدت بطنًا واحدًا، فأخلافها صغار قصار، لا يستمكن الحالب أن يحلبها ضبًا، وهو الحلب بالكف كلها، بل تحلب فطرًا، أي بالسبابة والوسطى، ويستعان بطرف الإبهام. و"القوادم" من النوق، لكل ناقة"قادمان"، وهما خلفا الضرع المقدمان.
(٢) في المطبوعة: "حتى تقذها فتموت"، وفي المخطوطة: "حتى توقذها فتموت"، وصواب قراءتها ما أثبت. وقوله: "بها" أي بالخشبة، وانظر الآثار التالية، فهي دالة على صواب هذه القراءة.
496
١١٠١٠- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"والموقوذة"، التي توقذ فتموت.
١١٠١١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن جويبر، عن الضحاك قال:"الموقوذة"، التي تضرب حتى تموت.
١١٠١٢- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"والموقوذة"، قال: هي التي تضرب فتموت.
١١٠١٣- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سلمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"والموقوذة"، كانت الشاة أو غيرها من الأنعام تضرب بالخشب لآلهتهم، حتى يقتلوها فيأكلوها.
١١٠١٤- حدثنا العباس بن الوليد قال، أخبرني عقبة بن علقمة، حدثني إبراهيم بن أبي عبلة. قال، حدثني نعيم بن سلامة، عن أبي عبد الله الصنابحي قال: ليست"الموقوذة" إلا في مالك، وليس في الصيد وقيذ. (١)
* * *
١١٠١١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن جويبر، عن الضحاك قال:"الموقوذة"، التي تضرب حتى تموت.
١١٠١٢- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"والموقوذة"، قال: هي التي تضرب فتموت.
١١٠١٣- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سلمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"والموقوذة"، كانت الشاة أو غيرها من الأنعام تضرب بالخشب لآلهتهم، حتى يقتلوها فيأكلوها.
١١٠١٤- حدثنا العباس بن الوليد قال، أخبرني عقبة بن علقمة، حدثني إبراهيم بن أبي عبلة. قال، حدثني نعيم بن سلامة، عن أبي عبد الله الصنابحي قال: ليست"الموقوذة" إلا في مالك، وليس في الصيد وقيذ. (١)
* * *
(١) الأثر: ١١٠١٤-"العباس بن الوليد بن مزيد الآملي"، شيخ الطبري، مضى برقم: ٨٩١.
و"عقبة بن علقمة بن حديج المعافري"، من أصحاب الأوزاعي، كان خيارًا ثقة. مترجم في التهذيب.
و"إبراهيم بن أبي عبلة بن شمر، بن يقظان الرملي". روى عنه مالك، والليث، وابن المبارك. ثقة. قال ضمرة بن ربيعة: "ما رأيت أفصح منه"، وكان يقول الشعر الحسن. مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري ١/١/٣١٠.
و"نعيم بن سلامة الأزدي"، ويقال: "نعيم بن سلامان". كان على خاتم سليمان بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز. لم يذكروا فيه جرحًا. مترجم في الكبير ٤/٢/٩٨، وابن أبي حاتم ٤/١/٤٦٢، وتعجيل المنفعة: ٤٢٣.
و"أبو عبد الله الصنابحي"، هو: "عبد الرحمن بن عسيلة بن عسل بن عسال المرادي". رحل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فوجده قد مات قبله بخمس ليال أو ست. كان ثقة قليل الحديث. أخرج الطبراني من طريق ابن محيريز قال: "عدنا عبادة بن الصامت، فأقبل أبو عبد الله الصنابحي، فقال عبادة: من سره أن ينظر إلى رجل عرج به إلى السماء، فنظر إلى أهل الجنة وأهل النار، فرجع وهو يعمل على ما رأى، فلينظر إلى هذا".
و"عقبة بن علقمة بن حديج المعافري"، من أصحاب الأوزاعي، كان خيارًا ثقة. مترجم في التهذيب.
و"إبراهيم بن أبي عبلة بن شمر، بن يقظان الرملي". روى عنه مالك، والليث، وابن المبارك. ثقة. قال ضمرة بن ربيعة: "ما رأيت أفصح منه"، وكان يقول الشعر الحسن. مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري ١/١/٣١٠.
و"نعيم بن سلامة الأزدي"، ويقال: "نعيم بن سلامان". كان على خاتم سليمان بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز. لم يذكروا فيه جرحًا. مترجم في الكبير ٤/٢/٩٨، وابن أبي حاتم ٤/١/٤٦٢، وتعجيل المنفعة: ٤٢٣.
و"أبو عبد الله الصنابحي"، هو: "عبد الرحمن بن عسيلة بن عسل بن عسال المرادي". رحل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فوجده قد مات قبله بخمس ليال أو ست. كان ثقة قليل الحديث. أخرج الطبراني من طريق ابن محيريز قال: "عدنا عبادة بن الصامت، فأقبل أبو عبد الله الصنابحي، فقال عبادة: من سره أن ينظر إلى رجل عرج به إلى السماء، فنظر إلى أهل الجنة وأهل النار، فرجع وهو يعمل على ما رأى، فلينظر إلى هذا".
497
القول في تأويل قوله: ﴿وَالْمُتَرَدِّيَةُ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وحرمت عليكم الميتة تردِّيًا من جبل أو في بئر، أو غير ذلك.
* * *
و"تردِّيها"، رميُها بنفسها من مكان عالٍ مشرف إلى سُفْله.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
١١٠١٥- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"والمتردية"، قال: التي تتردَّى من الجبل.
١١٠١٦- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"والمتردية"، كانت تتردى في البئر فتموت، فيأكلونها.
١١٠١٧- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا روح قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"والمتردية"، قال: التي تردَّت في البئر.
١١٠١٨- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي في قوله:"والمتردية"، قال: هي التي تَرَدَّى من الجبل، أو في البئر، فتموت.
١١٠١٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن جويبر،
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وحرمت عليكم الميتة تردِّيًا من جبل أو في بئر، أو غير ذلك.
* * *
و"تردِّيها"، رميُها بنفسها من مكان عالٍ مشرف إلى سُفْله.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
١١٠١٥- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"والمتردية"، قال: التي تتردَّى من الجبل.
١١٠١٦- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"والمتردية"، كانت تتردى في البئر فتموت، فيأكلونها.
١١٠١٧- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا روح قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"والمتردية"، قال: التي تردَّت في البئر.
١١٠١٨- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي في قوله:"والمتردية"، قال: هي التي تَرَدَّى من الجبل، أو في البئر، فتموت.
١١٠١٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن جويبر،
498
عن الضحاك:"والمتردية"، التي تردَّى من الجبل فتموت.
١١٠٢٠- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، حدثنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"والمتردية"، قال: التي تَخِرُّ في ركيٍّ، أو من رأس جبل، فتموت. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَالنَّطِيحَةُ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله:"النطيحة"، الشاة التي تنطحها أخرى فتموت من النطاح بغير تذكية. فحرم الله جل ثناؤه ذلك على المؤمنين، إن لم يدركوا ذكاته قبل موته.
* * *
وأصل"النطيحة"،"المنطوحة"، صرفت من"مفعولة" إلى"فعيلة".
* * *
فإن قال قائل: وكيف أثبتت"الهاء" هاء التأنيث فيها، وأنت تعلم أن العرب لا تكاد تثبت"الهاء" في نظائرها إذا صرفوها صرف"النطيحة" من"مفعول" إلى"فعيل"، إنما تقول:"لحية دهين" و"عين كحيل" و"كف خضيب"، ولا يقولون: كف خضيبة، ولا عين كحيلة؟ (٢)
قيل: قد اختلف أهل العربية في ذلك.
فقال بعض نحويي البصرة: أثبتت فيها"الهاء" = أعني في"النطيحة" = لأنها جعلت كالاسم مثل:"الطويلة" و"الطريقة".
فكأن قائل هذا القول، وجه"النطيحة" إلى معنى"الناطحة".
١١٠٢٠- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، حدثنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"والمتردية"، قال: التي تَخِرُّ في ركيٍّ، أو من رأس جبل، فتموت. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَالنَّطِيحَةُ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله:"النطيحة"، الشاة التي تنطحها أخرى فتموت من النطاح بغير تذكية. فحرم الله جل ثناؤه ذلك على المؤمنين، إن لم يدركوا ذكاته قبل موته.
* * *
وأصل"النطيحة"،"المنطوحة"، صرفت من"مفعولة" إلى"فعيلة".
* * *
فإن قال قائل: وكيف أثبتت"الهاء" هاء التأنيث فيها، وأنت تعلم أن العرب لا تكاد تثبت"الهاء" في نظائرها إذا صرفوها صرف"النطيحة" من"مفعول" إلى"فعيل"، إنما تقول:"لحية دهين" و"عين كحيل" و"كف خضيب"، ولا يقولون: كف خضيبة، ولا عين كحيلة؟ (٢)
قيل: قد اختلف أهل العربية في ذلك.
فقال بعض نحويي البصرة: أثبتت فيها"الهاء" = أعني في"النطيحة" = لأنها جعلت كالاسم مثل:"الطويلة" و"الطريقة".
فكأن قائل هذا القول، وجه"النطيحة" إلى معنى"الناطحة".
(١) "الركي": البئر.
(٢) انظر ما سلف ٢: ٣٢٨، ٤٠١/٦: ٤١٤، ومواضع أخرى غابت عني.
(٢) انظر ما سلف ٢: ٣٢٨، ٤٠١/٦: ٤١٤، ومواضع أخرى غابت عني.
499
فتأويل الكلام على مذهبه: وحرمت عليكم الميتة نطاحًا، كأنه عنى: وحرمت عليكم الناطحة التي تموت من نِطاحها.
* * *
وقال بعض نحويي الكوفة: إنما تحذف العرب"الهاء" من"الفعيلة" المصروفة عن"المفعول"، إذا جعلتها صفة لاسم قد تقدَّمها، فتقول:"رأينا كفًّا خضيبًا، وعينًا كحيلا"، فأما إذا حذفت"الكف" و"العين" والاسم الذي يكون"فعيل" نعتًا لها، واجتزأوا بـ "فعيل" منها، أثبتوا فيه هاء التأنيث، ليعلم بثبوتها فيه أنها صفة للمؤنث دون المذكر، فتقول:"رأينا كحيلةً وخضيبة" و"أكيلة السبع". قالوا: ولذلك أدخلت"الهاء" في"النطيحة"، لأنها صفة المؤنث، ولو أسقطت منها لم يُدْرَ أهي صفة مؤنث أو مذكر.
* * *
وهذا القول هو أولى القولين في ذلك بالصواب، لشائع أقوال أهل التأويل (١) بأن معنى:"النطيحة"، المنطوحة.
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٢١- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن أبي عباس قوله:"والنطيحة"، قال: الشاة تنطح الشاة.
١١٠٢٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري، عن قيس، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة قال: كان يقرأ: (وَالمَنْطُوحَةُ).
١١٠٢٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن جويبر، عن الضحاك:"والنطيحة"، الشاتان ينتطحان فيموتان.
١١٠٢٤- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"والنطيحة"، هي التي تنطحها الغنم والبقر فتموت.
* * *
وقال بعض نحويي الكوفة: إنما تحذف العرب"الهاء" من"الفعيلة" المصروفة عن"المفعول"، إذا جعلتها صفة لاسم قد تقدَّمها، فتقول:"رأينا كفًّا خضيبًا، وعينًا كحيلا"، فأما إذا حذفت"الكف" و"العين" والاسم الذي يكون"فعيل" نعتًا لها، واجتزأوا بـ "فعيل" منها، أثبتوا فيه هاء التأنيث، ليعلم بثبوتها فيه أنها صفة للمؤنث دون المذكر، فتقول:"رأينا كحيلةً وخضيبة" و"أكيلة السبع". قالوا: ولذلك أدخلت"الهاء" في"النطيحة"، لأنها صفة المؤنث، ولو أسقطت منها لم يُدْرَ أهي صفة مؤنث أو مذكر.
* * *
وهذا القول هو أولى القولين في ذلك بالصواب، لشائع أقوال أهل التأويل (١) بأن معنى:"النطيحة"، المنطوحة.
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٢١- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن أبي عباس قوله:"والنطيحة"، قال: الشاة تنطح الشاة.
١١٠٢٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري، عن قيس، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة قال: كان يقرأ: (وَالمَنْطُوحَةُ).
١١٠٢٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن جويبر، عن الضحاك:"والنطيحة"، الشاتان ينتطحان فيموتان.
١١٠٢٤- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"والنطيحة"، هي التي تنطحها الغنم والبقر فتموت.
(١) في المطبوعة: "بالصواب الشائع من أقوال أهل التأويل"، وهو عبث وتغيير فاسد، والصواب من المخطوطة. وانظر شبيهة هذه العبارة فيما سلف ص: ٤٨٦ سطر: ١١، "لشائع تأويل أهل التأويل"، وهذا التعبير، هو الثاني فيما مر عليّ من تفسير أبي جعفر فيما سلف.
500
يقول: هذا حرام، لأن ناسًا من العرب كانوا يأكلونه. (١)
١١٠٢٥- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"والنطيحة"، كان الكبشان ينتطحان، فيموت أحدهما، فيأكلونه.
١١٠٢٦- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا روح قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"والنطيحة"، الكبشان ينتطحان، فيقتل أحدهما الآخر، فيأكلونه.
١١٠٢٧- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد قال، سمعت الضحاك، يقول في قوله:"والنطيحة"، قال: الشاة تنطح الشاة فتموت.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"وما أكل السبع"، وحرّم عليكم ما أكل السبع غير المعَلَّم من الصوائد.
* * *
وكذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٢٨- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس:"وما أكل السبع"، يقول: ما أخذ السبع.
١١٠٢٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن جويبر، عن الضحاك:"وما أكل السبع"، يقول: ما أخذ السبع.
١١٠٣٠- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:
١١٠٢٥- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"والنطيحة"، كان الكبشان ينتطحان، فيموت أحدهما، فيأكلونه.
١١٠٢٦- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا روح قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"والنطيحة"، الكبشان ينتطحان، فيقتل أحدهما الآخر، فيأكلونه.
١١٠٢٧- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد قال، سمعت الضحاك، يقول في قوله:"والنطيحة"، قال: الشاة تنطح الشاة فتموت.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"وما أكل السبع"، وحرّم عليكم ما أكل السبع غير المعَلَّم من الصوائد.
* * *
وكذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٢٨- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس:"وما أكل السبع"، يقول: ما أخذ السبع.
١١٠٢٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن جويبر، عن الضحاك:"وما أكل السبع"، يقول: ما أخذ السبع.
١١٠٣٠- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:
(١) الأثر: ١١٠٢٤- يأتي بتمامه برقم: ١١٠٤٧.
501
"وما أكل السبع"، قال: كان أهل الجاهلية إذا قتل السبع شيئًا من هذا أو أكل منه، أكلوا ما بقي.
١١٠٣١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري، عن قيس، عن عطاء بن السائب، عن أبي الربيع، عن ابن عباس أنه قرأ: (وأكيل السبع).
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"إلا ما ذكَّيتم"، إلا ما طهرتموه بالذبح الذي جعله الله طهورًا.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل فيما استثنى الله بقوله:"إلا ما ذكيتم".
فقال بعضهم: استثنى من جميع ما سمى الله تحريمه من قوله:"وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع".
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٣٢- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس:"إلا ما ذكيتم"، يقول: ما أدركتَ ذكاته من هذا كله، يتحرّك له ذنب، أو تطرِف له عين، فاذبح واذكر اسم الله عليه، فهو حلال.
١١٠٣٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن فضيل، عن أشعث، عن الحسن:"حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم"، قال الحسن: أيَّ هذا
١١٠٣١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري، عن قيس، عن عطاء بن السائب، عن أبي الربيع، عن ابن عباس أنه قرأ: (وأكيل السبع).
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"إلا ما ذكَّيتم"، إلا ما طهرتموه بالذبح الذي جعله الله طهورًا.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل فيما استثنى الله بقوله:"إلا ما ذكيتم".
فقال بعضهم: استثنى من جميع ما سمى الله تحريمه من قوله:"وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع".
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٣٢- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس:"إلا ما ذكيتم"، يقول: ما أدركتَ ذكاته من هذا كله، يتحرّك له ذنب، أو تطرِف له عين، فاذبح واذكر اسم الله عليه، فهو حلال.
١١٠٣٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن فضيل، عن أشعث، عن الحسن:"حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم"، قال الحسن: أيَّ هذا
502
أدركتَ ذكاته فذكِّه وكُلْ. فقلت: يا أبا سعيد، كيف أعرف؟ قال: إذا طرَفت بعينها، أو ضربت بذَنبها.
١١٠٣٤- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"إلا ما ذكيتم"، قال: فكلُّ هذا الذي سماه الله عز وجل ههنا، ما خلا لحم الخنزير، إذا أدركتَ منه عينًا تطرف، أو ذنبًا يتحرك، أو قائمة تركض (١) فذكّيته، فقد أحلّ الله لك ذلك.
١١٠٣٥- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة:"إلا ما ذكيتم"، من هذا كله. فإذا وجدتها تطرف عينها، أو تحرك أذنها من هذا كله، فهي لك حلال.
١١٠٣٦- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني هشيم وعباد قالا أخبرنا حجاج، عن حصين، عن الشعبي، عن الحارث، عن علي قال: إذا أدركت ذكاة الموقوذة والمتردية والنطيحة، وهي تحرك يدًا أو رجلا فكلها.
١١٠٣٧- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا معمر، عن إبراهيم قال: إذا أكل السبع من الصيد، أو الوقيذة أو النطيحة أو المتردية، فأدركت ذكاته، فكُل.
١١٠٣٨- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا مصعب بن سلام التميمي قال، حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب قال: إذا ركضت برجلها، أو طرفت بعينها، وحركت ذنبها، فقد أجزأ. (٢)
١١٠٣٤- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"إلا ما ذكيتم"، قال: فكلُّ هذا الذي سماه الله عز وجل ههنا، ما خلا لحم الخنزير، إذا أدركتَ منه عينًا تطرف، أو ذنبًا يتحرك، أو قائمة تركض (١) فذكّيته، فقد أحلّ الله لك ذلك.
١١٠٣٥- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة:"إلا ما ذكيتم"، من هذا كله. فإذا وجدتها تطرف عينها، أو تحرك أذنها من هذا كله، فهي لك حلال.
١١٠٣٦- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني هشيم وعباد قالا أخبرنا حجاج، عن حصين، عن الشعبي، عن الحارث، عن علي قال: إذا أدركت ذكاة الموقوذة والمتردية والنطيحة، وهي تحرك يدًا أو رجلا فكلها.
١١٠٣٧- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا معمر، عن إبراهيم قال: إذا أكل السبع من الصيد، أو الوقيذة أو النطيحة أو المتردية، فأدركت ذكاته، فكُل.
١١٠٣٨- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا مصعب بن سلام التميمي قال، حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب قال: إذا ركضت برجلها، أو طرفت بعينها، وحركت ذنبها، فقد أجزأ. (٢)
(١) "الركض": حركة الرجل واضطرابها، أو الضرب بها. و"ارتكض الشيء": إذا اضطرب.
(٢) الأثر: ١١٠٣٨-"مصعب بن سلام التميمي" مضت ترجمته برقم: ٥٣٨٢.
و"جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب"، هو"جعفر الصادق"، مضت ترجمته برقم: ٢٠٠٣.
و"أبوه": "محمد بن علي بن الحسين"، وهو"محمد الباقر" مضى برقم: ٥١٢٣، ٥٤٦٣.
(٢) الأثر: ١١٠٣٨-"مصعب بن سلام التميمي" مضت ترجمته برقم: ٥٣٨٢.
و"جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب"، هو"جعفر الصادق"، مضت ترجمته برقم: ٢٠٠٣.
و"أبوه": "محمد بن علي بن الحسين"، وهو"محمد الباقر" مضى برقم: ٥١٢٣، ٥٤٦٣.
503
١١٠٣٩- حدثنا ابن المثنى وابن بشار قالا حدثنا أبو عاصم قال، أخبرنا ابن جريج قال، أخبرني ابن طاوس، عن أبيه قال: إذ ذبحت فَمَصَعَت بذنبها، أو تحركت، فقد حلَّت لك = أو قال: فَحَسْبه. (١)
١١٠٤٠- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا حماد، عن حميد، عن الحسن قال: إذا كانت الموقوذة تطرف ببصرها، أو تركض برجلها، أو تمصَع بذنبها، فاذبح وكُل.
١١٠٤١- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد، عن قتادة، بمثله.
١١٠٤٢- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، أنه سمع عبيد بن عمير يقول: إذا طرفت بعينها، أو مصعت بذنبها، أو تحركت، فقد حلَّت لك.
١١٠٤٣- حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول: كان أهل الجاهلية يأكلون هذا، فحرَّم الله في الإسلام إلا ما ذُكِّي منه، فما أُدرك فتحرّك منه رجل أو ذنب أو طَرف، فذكِّي، فهو حلال.
١١٠٤٤- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير"، وقوله:"والمنخنقة والموقوذة والمتردِّية والنطيحة"، الآية"وما أكل السبع إلا ما ذكيتم"، قال: هذا كله محرّم، إلا ما ذكيّ من هذا.
* * *
فتأويل الآية على قول هؤلاء: حرمت الموقوذة والمتردِّية، إن ماتت من التردِّي والوقذ والنطح وفَرْس السبع، إلا أن تدركوا ذكاتها، فتدركوها قبل موتها، فتكون حينئذ حلالا أكلُها.
* * *
١١٠٤٠- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا حماد، عن حميد، عن الحسن قال: إذا كانت الموقوذة تطرف ببصرها، أو تركض برجلها، أو تمصَع بذنبها، فاذبح وكُل.
١١٠٤١- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد، عن قتادة، بمثله.
١١٠٤٢- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، أنه سمع عبيد بن عمير يقول: إذا طرفت بعينها، أو مصعت بذنبها، أو تحركت، فقد حلَّت لك.
١١٠٤٣- حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول: كان أهل الجاهلية يأكلون هذا، فحرَّم الله في الإسلام إلا ما ذُكِّي منه، فما أُدرك فتحرّك منه رجل أو ذنب أو طَرف، فذكِّي، فهو حلال.
١١٠٤٤- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير"، وقوله:"والمنخنقة والموقوذة والمتردِّية والنطيحة"، الآية"وما أكل السبع إلا ما ذكيتم"، قال: هذا كله محرّم، إلا ما ذكيّ من هذا.
* * *
فتأويل الآية على قول هؤلاء: حرمت الموقوذة والمتردِّية، إن ماتت من التردِّي والوقذ والنطح وفَرْس السبع، إلا أن تدركوا ذكاتها، فتدركوها قبل موتها، فتكون حينئذ حلالا أكلُها.
* * *
(١) "مصعت بذنبها": حركته وضربت به. وكان في المطبوعة: "أو قال: فحسب"، والصواب من المخطوطة، أي: ذلك حسبه وكافيه ومجزئه، يعني من أراد أكلها.
504
وقال آخرون: هو استثناء من التحريم، وليس باستثناء من المحرَّمات التي ذكرها الله تعالى في قوله:"حرمت عليكم الميتة"، لأن الميتة لا ذكاة لها، ولا للخنزير. قالوا: وإنما معنى الآية: حرمت عليكم الميتة والدم وسائر ما سمينا مع ذلك، إلا ما ذكيتم مما أحلَّه الله لكم بالتذكية، فإنه لكم حلال. وممن قال ذلك جماعة من أهل المدينة.
ذكر بعض من قال ذلك:
١١٠٤٥- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال، قال مالك، وسئل عن الشاة التي يخرِق جوفها السبع حتى تخرجَ أمعاؤها، فقال مالك: لا أرى أن تذكَّى، ولا يؤكل أي شيء يذكَّى منها.
١١٠٤٦- حدثني يونس، عن أشهب قال: سئل مالك عن السبع يَعْدُو على الكبش فيدقُّ ظهره، أترى أن يذكَّى قبل أن يموت فيؤكل؟ قال: إن كان بلغ السَّحْر (١) فلا أرى أن يؤكل. وإن كان إنما أصاب أطرافه، فلا أرى بذلك بأسًا. قيل له: وثب عليه فدقَّ ظهره؟ قال: لا يعجبني أن يؤكل، هذا لا يعيش منه. قيل له: فالذئب يعدو على الشاة فيشق بطنها ولا يشق الأمعاء؟ قال: إذا شق بطنها، فلا أرى أن تؤكل.
* * *
وعلى هذا القول يجب أن يكون قوله:"إلا ما ذكيتم"، استثناء منقطعًا.
= فيكون تأويل الآية: حرمت عليكم الميتة والدم وسائر ما ذكرنا، ولكن ما ذكيتم من الحيوانات التي أحللتها لكم بالتذكية حلال.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك عندنا بالصواب، القول الأول، وهو أن قوله:"إلا ما ذكيتم" استثناء من قوله:"وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع"، لأن كل ذلك مستحق الصفة التي
ذكر بعض من قال ذلك:
١١٠٤٥- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال، قال مالك، وسئل عن الشاة التي يخرِق جوفها السبع حتى تخرجَ أمعاؤها، فقال مالك: لا أرى أن تذكَّى، ولا يؤكل أي شيء يذكَّى منها.
١١٠٤٦- حدثني يونس، عن أشهب قال: سئل مالك عن السبع يَعْدُو على الكبش فيدقُّ ظهره، أترى أن يذكَّى قبل أن يموت فيؤكل؟ قال: إن كان بلغ السَّحْر (١) فلا أرى أن يؤكل. وإن كان إنما أصاب أطرافه، فلا أرى بذلك بأسًا. قيل له: وثب عليه فدقَّ ظهره؟ قال: لا يعجبني أن يؤكل، هذا لا يعيش منه. قيل له: فالذئب يعدو على الشاة فيشق بطنها ولا يشق الأمعاء؟ قال: إذا شق بطنها، فلا أرى أن تؤكل.
* * *
وعلى هذا القول يجب أن يكون قوله:"إلا ما ذكيتم"، استثناء منقطعًا.
= فيكون تأويل الآية: حرمت عليكم الميتة والدم وسائر ما ذكرنا، ولكن ما ذكيتم من الحيوانات التي أحللتها لكم بالتذكية حلال.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك عندنا بالصواب، القول الأول، وهو أن قوله:"إلا ما ذكيتم" استثناء من قوله:"وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع"، لأن كل ذلك مستحق الصفة التي
(١) "السحر" (بفتح فسكون) : هو الرئة، أو ما التزق بالحلقوم والمريء من أعلى البطن.
505
هو بها قبل حال موته (١) فيقال لما قرَّب المشركون لآلهتهم فسموه لهم:"هو ما أهل لغير الله به"، بمعنى سمى قربانًا لغير الله. وكذلك"المنخنقة"، إذا انخنقت وإن لم تمت، فهي منخنقة. وكذلك سائر ما حرمه الله جل وعز بعد قوله:"وما أهل لغير الله به"، إلا بالتذكية، فإنه يوصف بالصفة التي هو بها قبل موته، فحرمه الله على عباده إلا بالتذكية المحللة، دون الموت بالسبب الذي كان به موصوفًا. فإذ كان ذلك كذلك، فتأويل الآية: وحرم عليكم ما أهل لغير الله به والمنخنقة وكذا وكذا وكذا، إلا ما ذكيتم من ذلك.
فـ"ما" = إذ كان ذلك تأويله = في موضع نصب بالاستثناء مما قبلها. وقد يجوز فيه الرفع.
وإذ كان الأمر على ما وصفنا، فكل ما أدركت ذكاتُه من طائر أو بهيمة قبل خروج نفسه، ومفارقة روحه جسدَه، فحلال أكله، إذا كان مما أحلَّه الله لعباده.
* * *
فإن قال لنا قائل: فإذ كان ذلك معناه عندك، فما وجه تكريره ما كرّر بقوله:"وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية"، وسائر ما عدَّد تحريمه في هذه الآية، وقد افتتح الآية بقوله:"حرمت عليكم الميتة"؟ وقد علمت أن قوله:"حرمت عليكم الميتة"، شامل كل ميتة، كان موته حتف أنفه من علة به من غير جناية أحد عليه، أو كان موته من ضرب ضاربٍ إياه، أو انخناق منه، أو انتطاح، أو فَرْس سبع؟ وهلا كان قوله = إن كان الأمر على ما وصفت في ذلك، من أنه معنيٌّ بالتحريم في كل ذلك: الميتة بالانخناق والنطاح والوقذ وأكل السبع أو غير ذلك، دون أن يكون معنيًّا به تحريمه إذا تردّى أو انخنق أو فرسه السبع، فبلغ ذلك منه ما يعلم أنه لا يعيش مما أصابه منه إلا باليسير من الحياة (٢)
فـ"ما" = إذ كان ذلك تأويله = في موضع نصب بالاستثناء مما قبلها. وقد يجوز فيه الرفع.
وإذ كان الأمر على ما وصفنا، فكل ما أدركت ذكاتُه من طائر أو بهيمة قبل خروج نفسه، ومفارقة روحه جسدَه، فحلال أكله، إذا كان مما أحلَّه الله لعباده.
* * *
فإن قال لنا قائل: فإذ كان ذلك معناه عندك، فما وجه تكريره ما كرّر بقوله:"وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية"، وسائر ما عدَّد تحريمه في هذه الآية، وقد افتتح الآية بقوله:"حرمت عليكم الميتة"؟ وقد علمت أن قوله:"حرمت عليكم الميتة"، شامل كل ميتة، كان موته حتف أنفه من علة به من غير جناية أحد عليه، أو كان موته من ضرب ضاربٍ إياه، أو انخناق منه، أو انتطاح، أو فَرْس سبع؟ وهلا كان قوله = إن كان الأمر على ما وصفت في ذلك، من أنه معنيٌّ بالتحريم في كل ذلك: الميتة بالانخناق والنطاح والوقذ وأكل السبع أو غير ذلك، دون أن يكون معنيًّا به تحريمه إذا تردّى أو انخنق أو فرسه السبع، فبلغ ذلك منه ما يعلم أنه لا يعيش مما أصابه منه إلا باليسير من الحياة (٢)
(١) في المخطوطة: "موتها"، وهما سواء.
(٢) سياق هذه العبارة المطولة: "وهلا كان قوله..: حرمت عليكم الميتة، مغنيًا من تكرير ما كرر.. وتعداده ما عدد"، وما بينهما فصل وضعته بين خطين.
(٢) سياق هذه العبارة المطولة: "وهلا كان قوله..: حرمت عليكم الميتة، مغنيًا من تكرير ما كرر.. وتعداده ما عدد"، وما بينهما فصل وضعته بين خطين.
506
"حرمت عليكم الميتة"، مغنيًا من تكرير ما كرر بقوله:"وما أهل لغير الله به والمنخنقة"، وسائر ما ذكر مع ذلك، وتَعْدادِه ما عدَّد؟
قيل: وجه تكراره ذلك = وإن كان تحريم ذلك إذا مات من الأسباب التي هو بها موصوف، وقد تقدم بقوله:"حرمت عليكم الميتة" = أن الذين خوطبوا بهذه الآية كانوا لا يعدُّون"الميتة" من الحيوان، إلا ما مات من علة عارضة به غير الانخناق والتردِّي والانتطاح وفرس السبع. فأعلمهم الله أن حكم ذلك، حكم ما مات من العلل العارضة = وأن العلة الموجبة تحريم الميتة، ليست موتها من علة مرض أو أذى كان بها قبل هلاكها، ولكن العلة في ذلك أنها لم يذبحها من أجل ذبيحته بالمعنى الذي أحلها به (١) كالذي:-
١١٠٤٧- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي في قوله:"والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم"، يقول: هذا حرام، لأن ناسًا من العرب كانوا يأكلونه ولا يعدّونه ميتًا، إنما يعدون الميت الذي يموت من الوجع. فحرمه الله عليهم، إلا ما ذكروا اسم الله عليه، وأدركوا ذكاته وفيه الروح. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"وما ذبح على النصب"، وحرم عليكم أيضًا الذي ذبح على النُّصُب.
فـ"ما" في قوله:"وما ذبح"، رفْعٌ، عطفًا على"ما" التي في قوله:"وما أكل السبع".
قيل: وجه تكراره ذلك = وإن كان تحريم ذلك إذا مات من الأسباب التي هو بها موصوف، وقد تقدم بقوله:"حرمت عليكم الميتة" = أن الذين خوطبوا بهذه الآية كانوا لا يعدُّون"الميتة" من الحيوان، إلا ما مات من علة عارضة به غير الانخناق والتردِّي والانتطاح وفرس السبع. فأعلمهم الله أن حكم ذلك، حكم ما مات من العلل العارضة = وأن العلة الموجبة تحريم الميتة، ليست موتها من علة مرض أو أذى كان بها قبل هلاكها، ولكن العلة في ذلك أنها لم يذبحها من أجل ذبيحته بالمعنى الذي أحلها به (١) كالذي:-
١١٠٤٧- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي في قوله:"والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم"، يقول: هذا حرام، لأن ناسًا من العرب كانوا يأكلونه ولا يعدّونه ميتًا، إنما يعدون الميت الذي يموت من الوجع. فحرمه الله عليهم، إلا ما ذكروا اسم الله عليه، وأدركوا ذكاته وفيه الروح. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"وما ذبح على النصب"، وحرم عليكم أيضًا الذي ذبح على النُّصُب.
فـ"ما" في قوله:"وما ذبح"، رفْعٌ، عطفًا على"ما" التي في قوله:"وما أكل السبع".
(١) في المطبوعة: "من أحل ذبيحته"، والصواب ما في المخطوطة، وهي فيها منقوطة. ويعني: من أجل أن تكون ذبيحة له ياكلها.
(٢) الأثر: ١١٠٤٧- هو تمام الأثر السالف رقم: ١١٠٢٤.
(٢) الأثر: ١١٠٤٧- هو تمام الأثر السالف رقم: ١١٠٢٤.
507
و"النصب"، الأوثان من الحجارة، جماعة أنصاب كانت تجمع في الموضع من الأرض، فكان المشركون يقرِّبون لها، وليست بأصنام.
وكان ابن جريج يقول في صفته ما:-
١١٠٤٨- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج:"النصب" ليست بأصنام،"الصنم" يصوَّر وينقش، وهذه حجارة تنصب، ثلثمئة وستون حجرًا (١) منهم من يقول ثلثمئة منها لخزاعة (٢) = فكانوا إذا ذبحوا نضحوا الدم على ما أقبل من البيت (٣) وشرَّحوا اللحم وجعلوه على الحجارة. (٤) فقال المسلمون: يا رسول الله، كان أهل الجاهلية يعظمون البيت بالدم، فنحن أحقُّ أن نعظمه! فكأن النبي ﷺ لم يكره ذلك، فأنزل الله: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا) [سورة الحج: ٣٧].
* * *
ومما يحقق قول ابن جريج في أن"الأنصاب" غير"الأصنام"، ما:-
١١٠٤٩- حدثنا به ابن وكيع قال: حدثنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"وما ذبح على النصب"، قال: حجارة كان يذبح عليها أهل الجاهلية.
١١٠٥٠- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"النصب"، قال: حجارة حول الكعبة، يذبح عليها أهل الجاهلية، ويبدِّلونها إذا شاؤوا بحجارة أعجب إليهم منها.
وكان ابن جريج يقول في صفته ما:-
١١٠٤٨- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج:"النصب" ليست بأصنام،"الصنم" يصوَّر وينقش، وهذه حجارة تنصب، ثلثمئة وستون حجرًا (١) منهم من يقول ثلثمئة منها لخزاعة (٢) = فكانوا إذا ذبحوا نضحوا الدم على ما أقبل من البيت (٣) وشرَّحوا اللحم وجعلوه على الحجارة. (٤) فقال المسلمون: يا رسول الله، كان أهل الجاهلية يعظمون البيت بالدم، فنحن أحقُّ أن نعظمه! فكأن النبي ﷺ لم يكره ذلك، فأنزل الله: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا) [سورة الحج: ٣٧].
* * *
ومما يحقق قول ابن جريج في أن"الأنصاب" غير"الأصنام"، ما:-
١١٠٤٩- حدثنا به ابن وكيع قال: حدثنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"وما ذبح على النصب"، قال: حجارة كان يذبح عليها أهل الجاهلية.
١١٠٥٠- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"النصب"، قال: حجارة حول الكعبة، يذبح عليها أهل الجاهلية، ويبدِّلونها إذا شاؤوا بحجارة أعجب إليهم منها.
(١) قوله: "ثلثمئة وستون حجرًا"، يعني عدة الأنصاب التي كانت حول الكعبة، انظر ابن سعد ٢/١/٩٨: "وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحول الكعبة ثلثمئة وستون صنما"، ولكن هذه أصنام لا أنصاب كما ترى.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "بخزاعة" بالباء، والصواب ما أثبت.
(٣) "نضح الدم أو الماء": رشه به.
(٤) "شرح اللحم"، وهو أن يقطع بضعة من اللحم ويرققها، حتى تشف من رقتها. و"الشريحة": القطعة المرققة منه كذلك.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "بخزاعة" بالباء، والصواب ما أثبت.
(٣) "نضح الدم أو الماء": رشه به.
(٤) "شرح اللحم"، وهو أن يقطع بضعة من اللحم ويرققها، حتى تشف من رقتها. و"الشريحة": القطعة المرققة منه كذلك.
508
١١٠٥١- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
١١٠٥٢- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"وما ذبح على النصب"، و"النصب": حجارة كان أهل الجاهلية يعبدونها، ويذبحون لها، فنهى الله عن ذلك.
١١٠٥٣- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"وما ذبح على النصب"، يعني: أنصابَ الجاهلية.
١١٠٥٤- حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"وما ذبح على النصب"، و"النصب"، أنصاب كانوا يذبحون ويُهِلُّون عليها.
١١٠٥٥- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد قوله:"وما ذبح على النصب"، قال: كان حول الكعبة حجارة كان يَذبح عليها أهل الجاهلية، ويبدِّلونها إذا شاؤوا بحجر هو أحبّ إليهم منها.
١١٠٥٦- حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد قال، سمعت الضحاك بن مزاحم يقول:"الأنصاب"، حجارة كانوا يهلّون لها، ويذبحون عليها.
١١٠٥٧- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"وما ذبح على النُّصب"، قال:"ما ذبح على النصب" و"ما أهل لغير الله به"، وهو واحد. (١)
* * *
١١٠٥٢- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"وما ذبح على النصب"، و"النصب": حجارة كان أهل الجاهلية يعبدونها، ويذبحون لها، فنهى الله عن ذلك.
١١٠٥٣- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"وما ذبح على النصب"، يعني: أنصابَ الجاهلية.
١١٠٥٤- حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"وما ذبح على النصب"، و"النصب"، أنصاب كانوا يذبحون ويُهِلُّون عليها.
١١٠٥٥- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد قوله:"وما ذبح على النصب"، قال: كان حول الكعبة حجارة كان يَذبح عليها أهل الجاهلية، ويبدِّلونها إذا شاؤوا بحجر هو أحبّ إليهم منها.
١١٠٥٦- حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد قال، سمعت الضحاك بن مزاحم يقول:"الأنصاب"، حجارة كانوا يهلّون لها، ويذبحون عليها.
١١٠٥٧- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"وما ذبح على النُّصب"، قال:"ما ذبح على النصب" و"ما أهل لغير الله به"، وهو واحد. (١)
* * *
(١) في المطبوعة: "هو واحد"، بغير واو، والذي في المخطوطة أجود.
509
القول في تأويل قوله: ﴿وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأزْلامِ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله:"وأن تستقسموا بالأزلام"، وأن تطلبوا علم ما قُسِم لكم أو لم يقسم، بالأزلام.
* * *
وهو"استفعلت" من"القَسْم" قَسْم الرزق والحاجات. وذلك أن أهل الجاهلية كان أحدهم إذا أراد سفرًا أو غزوًا أو نحو ذلك، أَجال القداح = وهي"الأزلام" وكانت قِداحًا مكتوبًا على بعضها:"نهاني ربّي"، وعلى بعضها:"أمرني ربّي" = فإن خرج القدح الذي هو مكتوب عليه:"أمرني ربي"، مضى لما أراد من سفر أو غزو أو تزويج وغير ذلك. وإن خرج الذي عليه مكتوب:"نهاني ربي"، كفّ عن المضي لذلك وأمسك، فقيل:"وأن تستقسموا بالأزلام"، لأنهم بفعلهم ذلك كانوا كأنهم يسألون أزلامهم أن يَقْسِمن لهم، ومنه قول الشاعر مفتخرًا بترك الاستقسام بها: (١)
وَلَمْ أَقْسِمْ فَتَرْبُثَنِي القُسُومُ (٢)
* * *
وأما"الأزلام"، فإن واحدها"زَلَم"، ويقال:"زُلَم"، وهي القداح التي وصفنا أمرها. (٣)
* * *
قال أبو جعفر: يعني بقوله:"وأن تستقسموا بالأزلام"، وأن تطلبوا علم ما قُسِم لكم أو لم يقسم، بالأزلام.
* * *
وهو"استفعلت" من"القَسْم" قَسْم الرزق والحاجات. وذلك أن أهل الجاهلية كان أحدهم إذا أراد سفرًا أو غزوًا أو نحو ذلك، أَجال القداح = وهي"الأزلام" وكانت قِداحًا مكتوبًا على بعضها:"نهاني ربّي"، وعلى بعضها:"أمرني ربّي" = فإن خرج القدح الذي هو مكتوب عليه:"أمرني ربي"، مضى لما أراد من سفر أو غزو أو تزويج وغير ذلك. وإن خرج الذي عليه مكتوب:"نهاني ربي"، كفّ عن المضي لذلك وأمسك، فقيل:"وأن تستقسموا بالأزلام"، لأنهم بفعلهم ذلك كانوا كأنهم يسألون أزلامهم أن يَقْسِمن لهم، ومنه قول الشاعر مفتخرًا بترك الاستقسام بها: (١)
وَلَمْ أَقْسِمْ فَتَرْبُثَنِي القُسُومُ (٢)
* * *
وأما"الأزلام"، فإن واحدها"زَلَم"، ويقال:"زُلَم"، وهي القداح التي وصفنا أمرها. (٣)
* * *
(١) أعياني أن أعرف قائله، وهو شبيه بكلام أمية بن أبي الصلت، وليس في ديوانه.
(٢) مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٥٢، وقوله"لم أقسم"، من"قسمت أمري أقسمه قسما"، أي: قدرته ونظرت، وميلت فيه أن أفعله أو لا أفعله. وقالوا: "تركت فلانًا يقتسم، وتركته يستقسم": أي يفكر ويروي بين أمرين. وكذلك فعل من يستقسم بالأزلام، فاستعمل"أقسم" بمعنى"الاستقسام بالأزلام" في هذا البيت. و"القسوم" جمع"قسم" (بكسر القاف وسكون السين) : الحظ، وجمعه"أقسام"، ولكنه جمع على"قسوم"، كجمع"حلم" على"حلوم" و"أحلام".
(٣) "زلم" (بفتحتين) و"زلم" (بضم الزاي وفتح اللام).
(٢) مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٥٢، وقوله"لم أقسم"، من"قسمت أمري أقسمه قسما"، أي: قدرته ونظرت، وميلت فيه أن أفعله أو لا أفعله. وقالوا: "تركت فلانًا يقتسم، وتركته يستقسم": أي يفكر ويروي بين أمرين. وكذلك فعل من يستقسم بالأزلام، فاستعمل"أقسم" بمعنى"الاستقسام بالأزلام" في هذا البيت. و"القسوم" جمع"قسم" (بكسر القاف وسكون السين) : الحظ، وجمعه"أقسام"، ولكنه جمع على"قسوم"، كجمع"حلم" على"حلوم" و"أحلام".
(٣) "زلم" (بفتحتين) و"زلم" (بضم الزاي وفتح اللام).
510
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٥٨- حدثنا محمد بن بشار وابن وكيع قالا حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير:"وأن تستقسموا بالأزلام"، قال: القداح، كانوا إذا أرادوا أن يخرجوا في سفر جعلوا قداحًا للجلوس والخروج. فإن وقع الخروج خرجوا، وإن وقع الجلوس جلسوا.
١١٠٥٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن شريك، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير:"وأن تستقسموا بالأزلام"، قال: حصًى بيضٌ كانوا يضربون بها.
= قال أبو جعفر: قال لنا سفيان بن وكيع: هو الشطرنج. (١)
١١٠٦٠- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عباد بن راشد البزّار، عن الحسن في قوله:"وأن تستقسموا بالأزلام"، قال: كانوا إذا أرادوا أمرًا أو سفرًا، يعمَدون إلى قداح ثلاثة، على واحد منها مكتوب:"أؤمرني"، وعلى الآخر:"انهني"، ويتركون الآخر محلَّلا بينهما ليس عليه شيء. ثم يجيلونها، فإن خرج الذي عليه"أؤمرني" مضوا لأمرهم. وإن خرج الذي عليه"انهني" كفُّوا، وإن خرج الذي ليس عليه شيء أعادوها. (٢)
١١٠٦١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"وأن تستقسموا بالأزلام"، حجارة كانوا يكتبون عليها، يسمونها"القِداح".
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٥٨- حدثنا محمد بن بشار وابن وكيع قالا حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير:"وأن تستقسموا بالأزلام"، قال: القداح، كانوا إذا أرادوا أن يخرجوا في سفر جعلوا قداحًا للجلوس والخروج. فإن وقع الخروج خرجوا، وإن وقع الجلوس جلسوا.
١١٠٥٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن شريك، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير:"وأن تستقسموا بالأزلام"، قال: حصًى بيضٌ كانوا يضربون بها.
= قال أبو جعفر: قال لنا سفيان بن وكيع: هو الشطرنج. (١)
١١٠٦٠- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عباد بن راشد البزّار، عن الحسن في قوله:"وأن تستقسموا بالأزلام"، قال: كانوا إذا أرادوا أمرًا أو سفرًا، يعمَدون إلى قداح ثلاثة، على واحد منها مكتوب:"أؤمرني"، وعلى الآخر:"انهني"، ويتركون الآخر محلَّلا بينهما ليس عليه شيء. ثم يجيلونها، فإن خرج الذي عليه"أؤمرني" مضوا لأمرهم. وإن خرج الذي عليه"انهني" كفُّوا، وإن خرج الذي ليس عليه شيء أعادوها. (٢)
١١٠٦١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"وأن تستقسموا بالأزلام"، حجارة كانوا يكتبون عليها، يسمونها"القِداح".
(١) هذا قول في غاية الغرابة!! كأنه كان يجهل ما الشطرنج = أو كأنه كان يرى أنهم يفعلون ذلك بقطع الشطرنج، دون أن يكون هذا الفعل هو اللعب بالشطرنج.
(٢) الأثر: ١١٠٦٠-"عباد بن راشد التميمي البزار"، ابن أخت داود بن أبي هند. روى عن ثابت البناني، والحسن البصري، وداود بن أبي هند، وقتادة. روى عنه هشيم، وعبد الرزاق، وأبو عامر العقدي، وغيرهم. ذكره البخاري في الضعفاء، وروى له مقرونًا بغيره، متكلم فيه. مترجم في التهذيب.
(٢) الأثر: ١١٠٦٠-"عباد بن راشد التميمي البزار"، ابن أخت داود بن أبي هند. روى عن ثابت البناني، والحسن البصري، وداود بن أبي هند، وقتادة. روى عنه هشيم، وعبد الرزاق، وأبو عامر العقدي، وغيرهم. ذكره البخاري في الضعفاء، وروى له مقرونًا بغيره، متكلم فيه. مترجم في التهذيب.
511
١١٠٦٢- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"بالأزلام"، قال: القداح، يضربون لكل سفر وغزوٍ وتجارة.
١١٠٦٣- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
١١٠٦٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم، عن زهير، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد:"وأن تستقسموا بالأزلام"، قال: كِعابُ فارس التي يقمُرون بها، وسهام العرب.
١١٠٦٥- حدثني أحمد بن حازم الغفاري قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا زهير، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد:"وأن تستقسموا بالأزلام"، قال: سهام العرب، وكعاب فارس والروم، كانوا يتقامرون بها.
١١٠٦٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"وأن تستقسموا بالأزلام"، قال: كان الرجل إذا أراد أن يخرج مسافرًا، كتب في قدح:"هذا يأمرني بالمكث" و"هذا يأمرني بالخروج"، وجعل معهما منيحة. (١) شيء لم يكتب فيه شيئًا، ثم استقسم بها حين يريد أن يخرج. فإن خرج الذي يأمر بالمكث مكث، وإن خرج الذي يأمر بالخروج خرج، وإن خرج الآخر أجالها ثانية حتى يخرج أحد القِدْحين.
١١٠٦٧- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"وأن تستقسموا بالأزلام"، وكان أهل الجاهلية إذا أراد أحدهم خروجًا، أخذ
١١٠٦٣- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
١١٠٦٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم، عن زهير، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد:"وأن تستقسموا بالأزلام"، قال: كِعابُ فارس التي يقمُرون بها، وسهام العرب.
١١٠٦٥- حدثني أحمد بن حازم الغفاري قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا زهير، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد:"وأن تستقسموا بالأزلام"، قال: سهام العرب، وكعاب فارس والروم، كانوا يتقامرون بها.
١١٠٦٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"وأن تستقسموا بالأزلام"، قال: كان الرجل إذا أراد أن يخرج مسافرًا، كتب في قدح:"هذا يأمرني بالمكث" و"هذا يأمرني بالخروج"، وجعل معهما منيحة. (١) شيء لم يكتب فيه شيئًا، ثم استقسم بها حين يريد أن يخرج. فإن خرج الذي يأمر بالمكث مكث، وإن خرج الذي يأمر بالخروج خرج، وإن خرج الآخر أجالها ثانية حتى يخرج أحد القِدْحين.
١١٠٦٧- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"وأن تستقسموا بالأزلام"، وكان أهل الجاهلية إذا أراد أحدهم خروجًا، أخذ
(١) في المطبوعة والمخطوطة: "معها"، والصواب التثنية. وفي المطبوعة: "منيحًا"، وهو صواب في المعنى. ولكني أثبت ما في المخطوطة. وذلك أن"المنيح" -كما في المطبوعة- هو القدح المستعار من قداح الميسر، وهو الغفل الذي لا نصيب له، إلا أن يمنح صاحبه شيئًا، فيستعار ويتيمن به. وأما "المنيحة"، فهي الناقة أو الشاة المعارة أيضًا، فنظر إلى معنى المستعار فسمى هذا الشيء الذي لا أمر له في الاستقسام"منيحة"، كما سموا شبيهه في الميسر"منيحًا" وهو المستعار.
512
قدحًا فقال:"هذا يأمر بالخروج"، فإن خرج فهو مصيب في سفره خيرًا، ويأخذ قِدحًا آخر فيقول:"هذا يأمر بالمكوث"، فليس يصيب في سفره خيرًا، و"المنيح" بينهما. فنهى الله عن ذلك وقدَّم فيه.
١١٠٦٨- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"وأن تستقسموا بالأزلام"، قال: كانوا يستقسمون بها في الأمور.
١١٠٦٩- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد:"الأزلام"، قداح لهم. كان أحدهم إذا أراد شيئًا من تلك الأمور كتب في تلك القداح ما أراد، فيضرب بها، فأي قدح خرج = وإن كان أبغض تلك = ارتكبه وعمل به.
١١٠٧٠- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل، قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وأن تستقسموا بالأزلام"، قال:"الأزلام"، قداح كانت في الجاهلية عند الكهنة، فإذا أراد الرجل أن يسافر، أو يتزوج، أو يحدث أمرًا، أتى الكاهن فأعطاه شيئًا، فضرب له بها. فإن خرج منها شيء يعجبه، أمره ففعل. وإن خرج منها شيء يكرهه، نهاه فانتهى، كما ضرب عبد المطلب على زمزم، وعلى عبد الله والإبل. (١)
١١٠٧١- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير قال: سمعنا أنّ أهل الجاهلية كانوا يضربون بالقداح في الظَّعْن والإقامة أو الشيء يريدونه، فيخرج سهم الظعن فيظعنون، والإقامة فيقيمون.
* * *
وقال ابن إسحاق في"الأزلام"، ما:-
١١٠٧٢- حدثني به ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال:
١١٠٦٨- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"وأن تستقسموا بالأزلام"، قال: كانوا يستقسمون بها في الأمور.
١١٠٦٩- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد:"الأزلام"، قداح لهم. كان أحدهم إذا أراد شيئًا من تلك الأمور كتب في تلك القداح ما أراد، فيضرب بها، فأي قدح خرج = وإن كان أبغض تلك = ارتكبه وعمل به.
١١٠٧٠- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل، قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وأن تستقسموا بالأزلام"، قال:"الأزلام"، قداح كانت في الجاهلية عند الكهنة، فإذا أراد الرجل أن يسافر، أو يتزوج، أو يحدث أمرًا، أتى الكاهن فأعطاه شيئًا، فضرب له بها. فإن خرج منها شيء يعجبه، أمره ففعل. وإن خرج منها شيء يكرهه، نهاه فانتهى، كما ضرب عبد المطلب على زمزم، وعلى عبد الله والإبل. (١)
١١٠٧١- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير قال: سمعنا أنّ أهل الجاهلية كانوا يضربون بالقداح في الظَّعْن والإقامة أو الشيء يريدونه، فيخرج سهم الظعن فيظعنون، والإقامة فيقيمون.
* * *
وقال ابن إسحاق في"الأزلام"، ما:-
١١٠٧٢- حدثني به ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال:
(١) انظر خبر عبد المطلب وعبد الله في سيرة ابن هشام ١: ١٦٠-١٦٤.
513
كانت هُبَل أعظم أصنام قريش بمكة، وكانت على بئر في جوف الكعبة، وكانت تلك البئْر هي التي يجمع فيها ما يُهدي للكعبة. وكانت عند هبل سبعة أقْدُح (١) كل قِدْح منها فيه كتاب. قدح فيه:"العقل" (٢) إذا اختلفوا في العقل من يحمله منهم، ضربوا بالقداح السبعة، [فإن خرج العقل، فعلى من خرج حمله] (٣) وقدح فيه:"نعم" للأمر إذا أرادوه، يضرب به، فإن خرج قدح"نعم" عملوا به. وقدح فيه:"لا"، فإذا أرادوا أمرًا ضربوا به في القداح، فإذا خرج ذلك القدح، لم يفعلوا ذلك الأمر. وقِدْح فيه:"منكم". وقدح فيه:"مُلْصَق". (٤) وقدح فيه:"من غيركم". وقدح فيه:"المياه"، إذا أرادوا أن يحفروا للماء ضربوا بالقداح وفيها ذلك القدح، فحيثما خرج عملوا به. وكانوا إذا أرادوا أن يختنوا غلامًا (٥) أو أن ينكحوا مَنكحًا، أو أن يدفنوا ميتًا، أو شكوا في نسب واحد منهم (٦) ذهبوا به إلى هبل وبمئة درهم، وبجَزور، فأعطوها صاحب القداح الذي يضربها، ثم قرّبوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون، ثم قالوا:"يا إلهنا، هذا فلان بن فلان، قد أردنا به كذا وكذا، فأخرج الحق فيه". ثم يقولون لصاحب القداح:"اضرب"، فيضرب، فإن -[خرج عليه"منكم" كان وسيطًا. وإن] خرج عليه:"من غيركم"، كان حليفًا (٧) وإن خرج"ملصق" كان على منزلته منهم، لا نسب له ولا حلف، وإن خرج فيه شيء سوى هذا مما يعملون به"نعم"، عملوا به. وإن خرج"لا"، أخّروه عامهم ذلك حتى يأتوا به مرة أخرى. ينتهون في أمورهم إلى ذلك مما خرجت به القداح. (٨)
١١٠٧٣- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"وأن تستقسموا بالأزلام"، يعني: القداح، كانوا يستقسمون بها في الأمور.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿ذَلِكُمْ فِسْقٌ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"ذلكم"، هذه الأمور التي ذكرها، وذلك: أكل الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وسائر ما ذكر في هذه الآية مما حرم أكله، والاستقسام بالأزلام، ="فسق"، يعني: خروج عن أمر الله عز ذكره وطاعته، إلى ما نهى عنه وزجر، إلى معصيته. (٩) كما:-
١١٠٧٤- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس:"ذلكم فسق"، يعني: من أكل من ذلك كله فهو فسق.
* * *
١١٠٧٣- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"وأن تستقسموا بالأزلام"، يعني: القداح، كانوا يستقسمون بها في الأمور.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿ذَلِكُمْ فِسْقٌ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"ذلكم"، هذه الأمور التي ذكرها، وذلك: أكل الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وسائر ما ذكر في هذه الآية مما حرم أكله، والاستقسام بالأزلام، ="فسق"، يعني: خروج عن أمر الله عز ذكره وطاعته، إلى ما نهى عنه وزجر، إلى معصيته. (٩) كما:-
١١٠٧٤- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس:"ذلكم فسق"، يعني: من أكل من ذلك كله فهو فسق.
* * *
(١) في المطبوعة: "أقداح"، وأثبت ما في المخطوطة، وجمع"قدح": أقداح، وقداح، وأقدح، كله صواب.
(٢) "العقل" الدية.
(٣) هذه الزيادة بين القوسين من ابن هشام، ولا بد من زيادتها لتمام الكلام.
(٤) في المخطوطة: "يلصق"، وفوقها"كذا"، أي هو كذلك في التي نسخ عنها، والصواب ما في المطبوعة، وسيرة ابن هشام.
(٥) في المطبوعة: "أن يجتبوا غلامًا"، وهو لا معنى له، والمخطوطة غير منقوطة، والصواب، في سيرة ابن هشام، كما أثبتها.
(٦) في المطبوعة: "أو يشكوا" مضارعًا، وأثبت ما في سيرة ابن هشام.
(٧) ما بين القوسين زيادة من ابن هشام، وهي السياق بغير شك. و"الوسيط": هو الخالص النسب، الشريف في قومه.
(٨) الأثر: ١١٠٧٢- سيرة ابن هشام ١: ١٦٠، ١٦١.
(٩) انظر تفسير"الفسق" فيما سلف ١: ٤٠٩، ٤١٠/٢: ١١٨، ٣٩٩/٤: ١٣٥-١٣٧/٦: ٩١، ٩٢/٧: ١٠٧.
وفي المطبوعة: "وزجر، وإلى معصيته" بزيادة الواو، وكلتاهما صواب.
(٢) "العقل" الدية.
(٣) هذه الزيادة بين القوسين من ابن هشام، ولا بد من زيادتها لتمام الكلام.
(٤) في المخطوطة: "يلصق"، وفوقها"كذا"، أي هو كذلك في التي نسخ عنها، والصواب ما في المطبوعة، وسيرة ابن هشام.
(٥) في المطبوعة: "أن يجتبوا غلامًا"، وهو لا معنى له، والمخطوطة غير منقوطة، والصواب، في سيرة ابن هشام، كما أثبتها.
(٦) في المطبوعة: "أو يشكوا" مضارعًا، وأثبت ما في سيرة ابن هشام.
(٧) ما بين القوسين زيادة من ابن هشام، وهي السياق بغير شك. و"الوسيط": هو الخالص النسب، الشريف في قومه.
(٨) الأثر: ١١٠٧٢- سيرة ابن هشام ١: ١٦٠، ١٦١.
(٩) انظر تفسير"الفسق" فيما سلف ١: ٤٠٩، ٤١٠/٢: ١١٨، ٣٩٩/٤: ١٣٥-١٣٧/٦: ٩١، ٩٢/٧: ١٠٧.
وفي المطبوعة: "وزجر، وإلى معصيته" بزيادة الواو، وكلتاهما صواب.
514
القول في تأويل قوله: ﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"اليوم يئس الذين كفروا من دينكم"، الآن انقطع طمع الأحزاب وأهل الكفر والجحود، أيها المؤمنون، ="من دينكم"، يقول: من دينكم أن تتركوه فترتدُّوا عنه راجعين إلى الشرك، كما:-
١١٠٧٥- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"اليوم يئس الذين كفروا من دينكم"، يعني: أن ترجعوا إلى دينهم أبدًا.
١١٠٧٦- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله:"اليوم يئس الذين كفروا من دينكم"، قال: أظنُّ، يئسوا أن ترجعوا عن دينكم. (١)
* * *
فإن قال قائل: وأيُّ يوم هذا اليوم الذي أخبرَ الله أن الذين كفروا يئسوا فيه من دين المؤمنين؟
قيل: ذكر أن ذلك كان يوم عرفة، عام حج النبي ﷺ حجة الوداع، وذلك بعد دخول العرب في الإسلام.
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٧٧- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال مجاهد:"اليوم يئس الذين كفروا من دينكم"،"اليوم أكملت لكم دينكم"، هذا حين فعلت. قال ابن جريج: وقال آخرون (٢) ذلك يوم
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"اليوم يئس الذين كفروا من دينكم"، الآن انقطع طمع الأحزاب وأهل الكفر والجحود، أيها المؤمنون، ="من دينكم"، يقول: من دينكم أن تتركوه فترتدُّوا عنه راجعين إلى الشرك، كما:-
١١٠٧٥- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"اليوم يئس الذين كفروا من دينكم"، يعني: أن ترجعوا إلى دينهم أبدًا.
١١٠٧٦- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله:"اليوم يئس الذين كفروا من دينكم"، قال: أظنُّ، يئسوا أن ترجعوا عن دينكم. (١)
* * *
فإن قال قائل: وأيُّ يوم هذا اليوم الذي أخبرَ الله أن الذين كفروا يئسوا فيه من دين المؤمنين؟
قيل: ذكر أن ذلك كان يوم عرفة، عام حج النبي ﷺ حجة الوداع، وذلك بعد دخول العرب في الإسلام.
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٧٧- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال مجاهد:"اليوم يئس الذين كفروا من دينكم"،"اليوم أكملت لكم دينكم"، هذا حين فعلت. قال ابن جريج: وقال آخرون (٢) ذلك يوم
(١) أنا في شك من قوله: "أظن" هنا، وهي في المخطوطة غير منقوطة.
(٢) قوله: "وقال آخرون" هو من قول ابن جريج فيما أرجح، ولذلك جعلته في الخبر.
(٢) قوله: "وقال آخرون" هو من قول ابن جريج فيما أرجح، ولذلك جعلته في الخبر.
516
عرفة، في يوم جمعة، لما نظر النبي ﷺ فلم ير إلا موحِّدًا، ولم ير مشركًا، حمد الله، فنزل عليه جبريل عليه السلام:"اليوم يئس الذين كفروا من دينكم"، أن يعودوا كما كانوا.
١١٠٧٨- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"اليوم يئس الذين كفروا من دينكم"، قال: هذا يوم عرفة.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿فَلا تَخْشَوْهُمْ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك: فلا تخشوا، أيها المؤمنون، هؤلاء الذين قد يئسوا من دينكم أن ترجعوا عنه من الكفار، ولا تخافوهم أن يظهروا عليكم، فيقهروكم ويردُّوكم عن دينكم ="واخشون"، يقول: ولكن خافونِ، إن أنتم خالفتم أمري واجترأتم على معصيتي، وتعدَّيتم حدودي، أن أُحِلَّ بكم عقابي، وأنزل بكم عذابي. (١) كما:-
١١٠٧٩- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"فلا تخشوهم واخشون"، فلا تخشوهم أن يظهروا عليكم.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: يعني جل ثناؤه بقوله:"اليوم أكملت لكم دينكم"، اليوم
١١٠٧٨- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"اليوم يئس الذين كفروا من دينكم"، قال: هذا يوم عرفة.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿فَلا تَخْشَوْهُمْ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك: فلا تخشوا، أيها المؤمنون، هؤلاء الذين قد يئسوا من دينكم أن ترجعوا عنه من الكفار، ولا تخافوهم أن يظهروا عليكم، فيقهروكم ويردُّوكم عن دينكم ="واخشون"، يقول: ولكن خافونِ، إن أنتم خالفتم أمري واجترأتم على معصيتي، وتعدَّيتم حدودي، أن أُحِلَّ بكم عقابي، وأنزل بكم عذابي. (١) كما:-
١١٠٧٩- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"فلا تخشوهم واخشون"، فلا تخشوهم أن يظهروا عليكم.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: يعني جل ثناؤه بقوله:"اليوم أكملت لكم دينكم"، اليوم
(١) انظر تفسير"الخشية" فيما سلف ١: ٥٥٩، ٥٦٠/٢: ٢٣٩، ٢٤٣/٨: ٥٤٨.
517
أكملت لكم، أيها المؤمنون، فرائضي عليكم وحدودي، وأمري إياكم ونهيي، وحلالي وحرامي، وتنزيلي من ذلك ما أنزلت منه في كتابي، وتبياني ما بيَّنت لكم منه بوحيي على لسان رسولي، والأدلة التي نصبتُها لكم على جميع ما بكم الحاجة إليه من أمر دينكم، فأتممت لكم جميع ذلك، فلا زيادة فيه بعد هذا اليوم. قالوا: وكان ذلك في يوم عرفة، عام حجَّ النبي ﷺ حجة الوَدَاع. وقالوا: لم ينزل على النبي ﷺ بعد هذه الآية شيء من الفرائض، ولا تحليل شيء ولا تحريمه، وأن النبي ﷺ لم يعش بعد نزول هذه الآية إلا إحدى وثمانين ليلة.
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٨٠- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"اليوم أكملت لكم دينكم"، وهو الإسلام. قال: أخبر الله نبيَّه ﷺ والمؤمنين أنه قد أكمل لهم الإيمان، فلا يحتاجون إلى زيادة أبدًا، وقد أتمه الله عز ذكره فلا ينقصه أبدًا، وقد رضيه الله فلا يَسْخَطه أبدًا.
١١٠٨١- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله:"اليوم أكملت لكم دينكم"، هذا نزل يوم عرفة، فلم ينزل بعدها حلال ولا حرام. ورجع رسول الله ﷺ فمات. فقالت أسماء بنت عُمَيس: حججت مع رسول الله ﷺ تلك الحجة، فبينما نحن نسير، إذ تجلّى له جبريل ﷺ على الرَّاحلة، فلم تطق الراحلة من ثِقْل ما عليها من القرآن، فبركت، فأتيته فسجَّيت عليه برداء كان علي. (١)
١١٠٨٢- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٨٠- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"اليوم أكملت لكم دينكم"، وهو الإسلام. قال: أخبر الله نبيَّه ﷺ والمؤمنين أنه قد أكمل لهم الإيمان، فلا يحتاجون إلى زيادة أبدًا، وقد أتمه الله عز ذكره فلا ينقصه أبدًا، وقد رضيه الله فلا يَسْخَطه أبدًا.
١١٠٨١- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله:"اليوم أكملت لكم دينكم"، هذا نزل يوم عرفة، فلم ينزل بعدها حلال ولا حرام. ورجع رسول الله ﷺ فمات. فقالت أسماء بنت عُمَيس: حججت مع رسول الله ﷺ تلك الحجة، فبينما نحن نسير، إذ تجلّى له جبريل ﷺ على الرَّاحلة، فلم تطق الراحلة من ثِقْل ما عليها من القرآن، فبركت، فأتيته فسجَّيت عليه برداء كان علي. (١)
١١٠٨٢- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن
(١) "سجاه بالثوب تسجية": غطاه به.
518
ابن جريج قال: مكث النبي ﷺ بعد ما نزلت هذه الآية، إحدى وثمانين ليلة، قوله:"اليوم أكملت لكم دينكم".
١١٠٨٣- حدثنا سفيان قال، حدثنا ابن فضيل، عن هارون بن عنترة، عن أبيه قال: لما نزلت:"اليوم أكملت لكم دينكم"، وذلك يوم الحج الأكبر، بكى عمر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك؟ قال: أبكاني أنّا كنا في زيادة من ديننا، فأما إذ كمل، فإنه لم يكمل شيء إلا نقص! فقال: صدقت. (١)
١١٠٨٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أحمد بن بشير، عن هارون بن أبي وكيع، عن أبيه، فذكر نحو ذلك. (٢)
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك:"اليوم أكملت لكم دينكم"، حجكم، فأفردتم بالبلد الحرام تحُجُّونه، أنتم أيها المؤمنون، دون المشركين، لا يخالطكم في حَجِّكم مشرك.
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٨٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن أبي غَنِيَّة، عن أبيه، عن الحكم:"اليوم أكملت لكم دينكم"، قال: أكمل لهم دينهم: أن حجوا ولم يحجَّ معهم مشرك. (٣)
١١٠٨٣- حدثنا سفيان قال، حدثنا ابن فضيل، عن هارون بن عنترة، عن أبيه قال: لما نزلت:"اليوم أكملت لكم دينكم"، وذلك يوم الحج الأكبر، بكى عمر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك؟ قال: أبكاني أنّا كنا في زيادة من ديننا، فأما إذ كمل، فإنه لم يكمل شيء إلا نقص! فقال: صدقت. (١)
١١٠٨٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أحمد بن بشير، عن هارون بن أبي وكيع، عن أبيه، فذكر نحو ذلك. (٢)
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك:"اليوم أكملت لكم دينكم"، حجكم، فأفردتم بالبلد الحرام تحُجُّونه، أنتم أيها المؤمنون، دون المشركين، لا يخالطكم في حَجِّكم مشرك.
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٨٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن أبي غَنِيَّة، عن أبيه، عن الحكم:"اليوم أكملت لكم دينكم"، قال: أكمل لهم دينهم: أن حجوا ولم يحجَّ معهم مشرك. (٣)
(١) إنما عنى بنقصان الدين، أهل الدين، فإنهم إذا تطاول عليهم الأمد، قست قلوبهم، وقل تمسك بعضهم بما أمر به. ومعاذ الله أن يعني عمر، نقصان الدين نفسه. ومثله قوله صلى الله عليه وسلم"بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء".
(٢) الأثر: ١١٠٨٤-"أحمد بن بشير الكوفي"، مضى برقم: ٧٨١٩.
و"هرون بن أبي وكيع"، هو: "هرون بن عنترة بن عبد الرحمن" الماضي في الأثر قبله، ومضت ترجمته برقم: ٤٠٥.
وأبوه: "عنترة بن عبد الرحمن" وكنيته"أبو وكيع"، مضى أيضًا برقم: ٤٠٥.
(٣) الأثر: ١١٠٨٥-"يحيى بن أبي غنية" هو: "يحيى بن عبد الملك بن حميد بن أبي غنية"، مضى برقم: ١٠٥٩٧، وهو هذا الإسناد نفسه.
وأبوه"عبد الملك بن حميد بن أبي غنية"، مضى أيضا برقم: ٨٥٣٥، ١٠٥٩٧.
و"الحكم" هو"الحكم بن عتيبة" مضى مرارًا.
وكان في المخطوطة والمطبوعة: "يحيى بن أبي عتيبة"، وهو تصحيف.
(٢) الأثر: ١١٠٨٤-"أحمد بن بشير الكوفي"، مضى برقم: ٧٨١٩.
و"هرون بن أبي وكيع"، هو: "هرون بن عنترة بن عبد الرحمن" الماضي في الأثر قبله، ومضت ترجمته برقم: ٤٠٥.
وأبوه: "عنترة بن عبد الرحمن" وكنيته"أبو وكيع"، مضى أيضًا برقم: ٤٠٥.
(٣) الأثر: ١١٠٨٥-"يحيى بن أبي غنية" هو: "يحيى بن عبد الملك بن حميد بن أبي غنية"، مضى برقم: ١٠٥٩٧، وهو هذا الإسناد نفسه.
وأبوه"عبد الملك بن حميد بن أبي غنية"، مضى أيضا برقم: ٨٥٣٥، ١٠٥٩٧.
و"الحكم" هو"الحكم بن عتيبة" مضى مرارًا.
وكان في المخطوطة والمطبوعة: "يحيى بن أبي عتيبة"، وهو تصحيف.
519
١١٠٨٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة:"اليوم أكملت لكم دينكم"، قال: أخلص الله لهم دينهم، ونفى المشركين عن البيت.
١١٠٨٧- حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا قيس، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير:"اليوم أكملت لكم دينكم"، قال: تمام الحج، ونفي المشركين عن البيت.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، أن يقال: إن الله عز وجل أخبر نبيه ﷺ والمؤمنين به، أنه أكمل لهم = يوم أنزل هذه الآية على نبيه = دينَهم، بإفرادهم بالبلدَ الحرام (١) وإجلائه عنه المشركين، حتى حجَّه المسلمون دونهم لا يخالطهم المشركون.
فأما الفرائض والأحكام، فإنه قد اختلف فيها: هل كانت أكملت ذلك اليوم، أم لا؟ فروي عن ابن عباس والسدّي ما ذكرنا عنهما قبل. (٢)
وروي عن البراء بن عازب أن آخر آية نزلت من القرآن: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ) [سورة النساء: ١٧٦]. (٣)
= ولا يدفع ذو علم أن الوحي لم ينقطع عن رسول الله ﷺ إلى أن
١١٠٨٧- حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا قيس، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير:"اليوم أكملت لكم دينكم"، قال: تمام الحج، ونفي المشركين عن البيت.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، أن يقال: إن الله عز وجل أخبر نبيه ﷺ والمؤمنين به، أنه أكمل لهم = يوم أنزل هذه الآية على نبيه = دينَهم، بإفرادهم بالبلدَ الحرام (١) وإجلائه عنه المشركين، حتى حجَّه المسلمون دونهم لا يخالطهم المشركون.
فأما الفرائض والأحكام، فإنه قد اختلف فيها: هل كانت أكملت ذلك اليوم، أم لا؟ فروي عن ابن عباس والسدّي ما ذكرنا عنهما قبل. (٢)
وروي عن البراء بن عازب أن آخر آية نزلت من القرآن: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ) [سورة النساء: ١٧٦]. (٣)
= ولا يدفع ذو علم أن الوحي لم ينقطع عن رسول الله ﷺ إلى أن
(١) في المطبوعة: "بإفرادهم بالبلد الحرام" بالباء، وهو الذي تقوله كتب اللغة، وأما الذي في المخطوطة، وهو ما أثبته. فله وجه صحيح في العربية، فيما أرى، فتركته على حاله. وظني أني قرأته كذلك متعديًا في بعض كتب أبي جعفر أو غيره، فإن عثرت عليه أثبته إن شاء الله.
(٢) يعني ما سلف رقم: ١١٠٨٠، ١١٠٨١.
(٣) انظر ما سلف رقم: ١٠٨٧٠- ١٠٨٧٣.
(٢) يعني ما سلف رقم: ١١٠٨٠، ١١٠٨١.
(٣) انظر ما سلف رقم: ١٠٨٧٠- ١٠٨٧٣.
520
قُبِض، بل كان الوحي قبل وفاته أكثر ما كان تتابعًا. فإذ كان ذلك كذلك = وكان قوله: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ) آخرَها نزولا وكان ذلك من الأحكام والفرائض = كان معلومًا أن معنى قوله:"اليوم أكملت لكم دينكم"، على خلاف الوجه الذي تأوَّله من تأوَّله = أعني: كمال العبادات والأحكام والفرائض.
فإن قال قائل: فما جعل قولَ من قال:"قد نزل بعد ذلك فرض"، أولى من قول من قال:"لم ينزل"؟
قيل: لأن الذي قال:"لم ينزل"، مخبر أنه لا يعلم نزول فرض، والنفي لا يكون شهادة، والشهادة قول من قال:"نزل". وغير جائز دفع خبر الصادق فيما أمكن أن يكون فيه صادقًا.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بذلك: وأتممت نعمتي، أيها المؤمنون، بإظهاركم على عدوِّي وعدوكم من المشركين، ونفيِي إياهم عن بلادكم، وقطعي طمعهم من رجوعكم وعودكم إلى ما كنتم عليه من الشرك.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٨٨- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قال: كان المشركون والمسلمون يحجُّون جميعًا، فلما نزلت"براءة"، فنفى المشركين عن البيت، وحجَّ المسلمون لا يشاركهم في البيت الحرام
فإن قال قائل: فما جعل قولَ من قال:"قد نزل بعد ذلك فرض"، أولى من قول من قال:"لم ينزل"؟
قيل: لأن الذي قال:"لم ينزل"، مخبر أنه لا يعلم نزول فرض، والنفي لا يكون شهادة، والشهادة قول من قال:"نزل". وغير جائز دفع خبر الصادق فيما أمكن أن يكون فيه صادقًا.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بذلك: وأتممت نعمتي، أيها المؤمنون، بإظهاركم على عدوِّي وعدوكم من المشركين، ونفيِي إياهم عن بلادكم، وقطعي طمعهم من رجوعكم وعودكم إلى ما كنتم عليه من الشرك.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٨٨- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قال: كان المشركون والمسلمون يحجُّون جميعًا، فلما نزلت"براءة"، فنفى المشركين عن البيت، وحجَّ المسلمون لا يشاركهم في البيت الحرام
521
أحد من المشركين، فكان ذلك من تمام النعمة:"وأتممت عليكم نعمتي".
١١٠٨٩- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي" الآية، ذكر لنا أن هذه الآية نزلت على رسول الله ﷺ يوم عرفة، يوم جمعة، حين نفى الله المشركين عن المسجد الحرام، وأخلص للمسلمين حجَّهم.
١١٠٩٠- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا داود، عن الشعبي قال: نزلت هذه الآية بعرفات، حيث هدم مَنار الجاهلية (١) واضمحلَّ الشرك، ولم يحج معهم في ذلك العام مشرك.
١١٠٩١- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن عامر في هذه الآية:"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي"، قال، نزلت على رسول الله ﷺ وهو واقف بعرفات، وقد أطاف به الناس، وتهدَّمت مَنار الجاهلية ومناسكهم، واضمحلّ الشرك، ولم يَطُف حول البيت عُرْيان، فأنزل الله:"اليوم أكملت لكم دينكم".
١١٠٩٢- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن داود، عن الشعبي، بنحوه.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ورضيت لكم الاستسلام لأمري، والانقياد لطاعتي، على ما شرعت لكم من حدوده وفرائضه ومعالمه (٢) ="دينًا"، يعني بذلك: طاعة منكم لي. (٣)
* * *
١١٠٨٩- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي" الآية، ذكر لنا أن هذه الآية نزلت على رسول الله ﷺ يوم عرفة، يوم جمعة، حين نفى الله المشركين عن المسجد الحرام، وأخلص للمسلمين حجَّهم.
١١٠٩٠- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا داود، عن الشعبي قال: نزلت هذه الآية بعرفات، حيث هدم مَنار الجاهلية (١) واضمحلَّ الشرك، ولم يحج معهم في ذلك العام مشرك.
١١٠٩١- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن عامر في هذه الآية:"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي"، قال، نزلت على رسول الله ﷺ وهو واقف بعرفات، وقد أطاف به الناس، وتهدَّمت مَنار الجاهلية ومناسكهم، واضمحلّ الشرك، ولم يَطُف حول البيت عُرْيان، فأنزل الله:"اليوم أكملت لكم دينكم".
١١٠٩٢- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن داود، عن الشعبي، بنحوه.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ورضيت لكم الاستسلام لأمري، والانقياد لطاعتي، على ما شرعت لكم من حدوده وفرائضه ومعالمه (٢) ="دينًا"، يعني بذلك: طاعة منكم لي. (٣)
* * *
(١) "المنار": علم الطريق، وحدود الأرض. وأراد به شرائع أهل الجاهلية.
(٢) انظر تفسير"الإسلام" فيما سلف من فهارس اللغة، مادة (سلم).
(٣) انظر تفسير"الدين" فيما سلف ١: ١٥٥، ٢٢١/٣: ٥٧١، ٥٧٢/٦: ٢٧٣-٢٧٥، ٥٦٤، ٥٧٠.
(٢) انظر تفسير"الإسلام" فيما سلف من فهارس اللغة، مادة (سلم).
(٣) انظر تفسير"الدين" فيما سلف ١: ١٥٥، ٢٢١/٣: ٥٧١، ٥٧٢/٦: ٢٧٣-٢٧٥، ٥٦٤، ٥٧٠.
522
فإن قال قائل: أوَ ما كان الله راضيًا الإسلامَ لعباده إلا يوم أنزل هذه الآية؟
قيل: لم يزل الله راضيًا لخلقه الإسلام دينًا، ولكنه جل ثناؤه لم يزل يصرِّف نبيه محمدًا ﷺ وأصحابه في درجات الإسلام ومراتبه درجة بعد درجة، ومرتبة بعد مرتبة، وحالا بعد حال، حتى أكمل لهم شرائعه ومعالمه، وبلغ بهم أقصى درجاته ومراتبه، ثم قال حين أنزل عليهم هذه الآية:"ورضيت لكم الإسلام" بالصفة التي هو بها اليوم (١) والحال التي أنتم عليها اليوم منه ="دينًا" فالزموه ولا تفارقوه.
* * *
وكان قتادة يقول في ذلك، ما:-
١١٠٩٣- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أنه يَمْثُل لأهل كل دين دينهم يوم القيامة، فأما الإيمان فيبشر أصحابه وأهله ويعدهم في الخير، حتى يجيء الإسلام فيقول:"رب، أنت السلام وأنا الإسلام"، فيقول:"إياك اليوم أقبل، وبك اليوم أجزي". (٢)
* * *
= وأحسب أن قتادة وجّه معنى"الإيمان" بهذا الخبر إلى معنى التصديق والإقرار باللسان، لأن ذلك معنى"الإيمان" عند العرب (٣) = ووجَّه معنى"الإسلام" إلى استسلام القلب وخضوعه لله بالتوحيد، وانقياد الجسد له بالطاعة
قيل: لم يزل الله راضيًا لخلقه الإسلام دينًا، ولكنه جل ثناؤه لم يزل يصرِّف نبيه محمدًا ﷺ وأصحابه في درجات الإسلام ومراتبه درجة بعد درجة، ومرتبة بعد مرتبة، وحالا بعد حال، حتى أكمل لهم شرائعه ومعالمه، وبلغ بهم أقصى درجاته ومراتبه، ثم قال حين أنزل عليهم هذه الآية:"ورضيت لكم الإسلام" بالصفة التي هو بها اليوم (١) والحال التي أنتم عليها اليوم منه ="دينًا" فالزموه ولا تفارقوه.
* * *
وكان قتادة يقول في ذلك، ما:-
١١٠٩٣- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أنه يَمْثُل لأهل كل دين دينهم يوم القيامة، فأما الإيمان فيبشر أصحابه وأهله ويعدهم في الخير، حتى يجيء الإسلام فيقول:"رب، أنت السلام وأنا الإسلام"، فيقول:"إياك اليوم أقبل، وبك اليوم أجزي". (٢)
* * *
= وأحسب أن قتادة وجّه معنى"الإيمان" بهذا الخبر إلى معنى التصديق والإقرار باللسان، لأن ذلك معنى"الإيمان" عند العرب (٣) = ووجَّه معنى"الإسلام" إلى استسلام القلب وخضوعه لله بالتوحيد، وانقياد الجسد له بالطاعة
(١) في المطبوعة والمخطوطة: "ورضيت لكم الإسلام دينًا، بالصفة.."، والصواب حذف"دينًا" من هذا الموضع، لأنها ستأتي بعد، وهو سهو من عجلة الناسخ.
(٢) الأثر: ١١٠٩٣- روى أبو داود الطيالسي في مسنده: ٣٢٤ من حديث أبي هريرة: "حدثنا عباد بن راشد قال، حدثنا الحسن قال، حدثنا أبو هريرة ونحن إذ ذاك في المدينة قال: يجيء الإسلام يوم القيامة، فيقول الله عز وجل: "أنت الإسلام وأنا السَّلام، اليومَ بك أُعْطِي وبك آخُذ".
(٣) انظر تفسير"الإيمان" فيما سلف من فهارس اللغة، مادة (أمن).
(٢) الأثر: ١١٠٩٣- روى أبو داود الطيالسي في مسنده: ٣٢٤ من حديث أبي هريرة: "حدثنا عباد بن راشد قال، حدثنا الحسن قال، حدثنا أبو هريرة ونحن إذ ذاك في المدينة قال: يجيء الإسلام يوم القيامة، فيقول الله عز وجل: "أنت الإسلام وأنا السَّلام، اليومَ بك أُعْطِي وبك آخُذ".
(٣) انظر تفسير"الإيمان" فيما سلف من فهارس اللغة، مادة (أمن).
523
فيما أمر ونهى، فلذلك قيل للإسلام:"إياك اليوم أقبل، وبك اليوم أجزي".
* * *
ذكر من قال: نزلت هذه الآية بعرفة في حجة الوداع على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
١١٠٩٤- حدثنا محمد بن بشار وابن وكيع قالا حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال، قالت اليهود لعمر: إنكم تقرأون آية لو أنزلت فينا لاتخذناها عيدًا! فقال عمر: إني لأعلم حين أنزلت، وأين أنزلت، وأين رسول الله ﷺ حين أنزلت: أنزلت يوم عرفة، ورسول الله ﷺ واقف بعرفة = قال سفيان: وأشك، كان يوم الجمعة أم لا ="اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا. " (١)
١١٠٩٥- حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا حدثنا ابن إدريس قال، سمعت أبي، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال، قال يهودي لعمر: لو علمنا معشر اليهود حين نزلت هذه الآية:"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا"، لو نعلم ذلك اليوم، اتخذنا ذلك اليوم عيدًا! فقال عمر: قد علمت اليوم الذي نزلت فيه، والساعة، وأين رسول
* * *
ذكر من قال: نزلت هذه الآية بعرفة في حجة الوداع على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
١١٠٩٤- حدثنا محمد بن بشار وابن وكيع قالا حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال، قالت اليهود لعمر: إنكم تقرأون آية لو أنزلت فينا لاتخذناها عيدًا! فقال عمر: إني لأعلم حين أنزلت، وأين أنزلت، وأين رسول الله ﷺ حين أنزلت: أنزلت يوم عرفة، ورسول الله ﷺ واقف بعرفة = قال سفيان: وأشك، كان يوم الجمعة أم لا ="اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا. " (١)
١١٠٩٥- حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا حدثنا ابن إدريس قال، سمعت أبي، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال، قال يهودي لعمر: لو علمنا معشر اليهود حين نزلت هذه الآية:"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا"، لو نعلم ذلك اليوم، اتخذنا ذلك اليوم عيدًا! فقال عمر: قد علمت اليوم الذي نزلت فيه، والساعة، وأين رسول
(١) الأثر: ١١٠٩٤- رواه أحمد في المسند رقم: ٢٧٢ عن عبد الرحمن، عن سفيان بمثله. ورواه البخاري (الفتح ٨: ٢٠٣) عن محمد بن بشار، عن عبد الرحمن، كطريق أبي جعفر، ورواه مسلم ١٨: ١٥٢، عن محمد بن المثنى وزهير بن حرب، عن عبد الرحمن.
وفيها جميعًا"لأعلم حيث أنزلت"، و"وأين رسول الله ﷺ حيث أنزلت"، وقد أشار إلى ذلك الحافظ في الفتح.
وذكره الحافظ ابن كثير في تفسيره ٢: ٦٧، وزاد نسبته للترمذي والنسائي. ثم قال: "وشك سفيان رحمه الله. إن كان في الرواية فهو تورع، حيث شك هل أخبره شيخه بذلك أم لا. وإن كان شكا في كون الوقوف في حجة الوداع كان يوم جمعة، فهذا مالا إخاله يصدر عن الثوري رحمه الله، فإن هذا أمر معلوم مقطوع به، لم يختلف فيه أحد من أصحاب المغازي والسير ولا الفقهاء. وقد وردت في ذلك أحاديث متواترة لا يشك في صحتها، والله أعلم".
وفيها جميعًا"لأعلم حيث أنزلت"، و"وأين رسول الله ﷺ حيث أنزلت"، وقد أشار إلى ذلك الحافظ في الفتح.
وذكره الحافظ ابن كثير في تفسيره ٢: ٦٧، وزاد نسبته للترمذي والنسائي. ثم قال: "وشك سفيان رحمه الله. إن كان في الرواية فهو تورع، حيث شك هل أخبره شيخه بذلك أم لا. وإن كان شكا في كون الوقوف في حجة الوداع كان يوم جمعة، فهذا مالا إخاله يصدر عن الثوري رحمه الله، فإن هذا أمر معلوم مقطوع به، لم يختلف فيه أحد من أصحاب المغازي والسير ولا الفقهاء. وقد وردت في ذلك أحاديث متواترة لا يشك في صحتها، والله أعلم".
524
الله ﷺ حين نزلت: نزلت ليلة الجمعة، ونحن مع رسول الله ﷺ بعرفات = لفظ الحديث لأبي كريب، وحديث ابن وكيع نحوه. (١)
١١٠٩٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جعفر بن عون، عن أبي العميس، عن قيس بن مسلم، عن طارق، عن عمر، نحوه. (٢)
١١٠٩٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن حماد بن سلمة، عن عمار مولى بني هاشم قال: قرأ ابن عباس:"اليوم أكملت لكم دينكم"، وعنده رجل من أهل الكتاب فقال: لو علمنا أيَّ يوم نزلت هذه الآية، لاتخذناه عيدًا! فقال ابن عباس: فإنها نزلت يوم عرفة، يوم جمعة. (٣)
١١٠٩٨- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا قبيصة قال، حدثنا حماد بن
١١٠٩٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جعفر بن عون، عن أبي العميس، عن قيس بن مسلم، عن طارق، عن عمر، نحوه. (٢)
١١٠٩٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن حماد بن سلمة، عن عمار مولى بني هاشم قال: قرأ ابن عباس:"اليوم أكملت لكم دينكم"، وعنده رجل من أهل الكتاب فقال: لو علمنا أيَّ يوم نزلت هذه الآية، لاتخذناه عيدًا! فقال ابن عباس: فإنها نزلت يوم عرفة، يوم جمعة. (٣)
١١٠٩٨- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا قبيصة قال، حدثنا حماد بن
(١) الأثر: ١١٠٩٥- رواه من هذه الطريق مسلم في صحيحه ١٨: ١٥٣، عن أبي بن أبي شيبة وأبي كريب، عن عبد الله بن إدريس.
وفيه: "نزلت ليلة جمع". قال النووي في شرحه: "هكذا هو في النسخ، الرواية: ليلة جمع = وفي نسخة ابن ماهان: ليلة جمعة. وكلاهما صحيح. فمن روى"ليلة جمع"، فهي ليلة المزدلفة، وهو المراد بقوله: "ونحن بعرفات" في يوم جمعة، لأن ليلة جمع، هي عشية يوم عرفات، ويكون المراد بقوله: "ليلة جمعة"، يوم جمعة. ومراد عمر رضي الله عنه: إنا قد اتخذنا ذلك اليوم عيدًا من وجهين، فإنه يوم عرفة، ويوم جمعة، وكل واحد منهما عيد لأهل الإسلام".
(٢) الأثر: ١١٠٩٦- هذا الحديث، رواه البخاري (الفتح ١: ٩٧) من طريق الحسن بن الصباح، عن جعفر بن عون، عن أبي العميس.
ورواه أحمد في المسند رقم: ١٨٨، من طريق جعفر بن عون، عن أبي عميس.
ورواه مسلم في صحيحه ١٨: ١٥٤، من طريق عبد بن حميد، عن جعفر بن عون، والنسائي في السنن ٨: ١١٤.
هذا، وقد بين الحافظ ابن حجر في الفتح (١: ٩٧) أن هذا الرجل من اليهود: "هو كعب الأحبار، بين ذلك مسدد في مسنده، والطبري في تفسيره، والطبراني في الأوسط، كلهم من طريق رجاء بن أبي سلمة، عن عبادة بن نسي (بضم النون، وفتح المهملة)، عن إسحق بن خرشة، عن قبيصة بن ذؤيب، عن كعب". وهذا هو الأثر الآتي رقم: ١١١٠٠ (انظر التعليق عليه، وما فيه من الخطأ) وأشار في الموضع الآخر (الفتح ٨: ٢٠٣) إلى احتمال أن سؤال كعب وقع قبل إسلامه، لأن إسلامه كان في خلافة عمر على المشهور، وأطلق عليه ذلك باعتبار ما مضى.
(٣) الأثر: ١١٠٩٧- خرجه أبو داود الطيالسي في مسنده: ٣٥٣، رواه عن حماد، عن عمار بن أبي عمار، وسيأتي بطريق أخرى في الذي يليه.
وفيه: "نزلت ليلة جمع". قال النووي في شرحه: "هكذا هو في النسخ، الرواية: ليلة جمع = وفي نسخة ابن ماهان: ليلة جمعة. وكلاهما صحيح. فمن روى"ليلة جمع"، فهي ليلة المزدلفة، وهو المراد بقوله: "ونحن بعرفات" في يوم جمعة، لأن ليلة جمع، هي عشية يوم عرفات، ويكون المراد بقوله: "ليلة جمعة"، يوم جمعة. ومراد عمر رضي الله عنه: إنا قد اتخذنا ذلك اليوم عيدًا من وجهين، فإنه يوم عرفة، ويوم جمعة، وكل واحد منهما عيد لأهل الإسلام".
(٢) الأثر: ١١٠٩٦- هذا الحديث، رواه البخاري (الفتح ١: ٩٧) من طريق الحسن بن الصباح، عن جعفر بن عون، عن أبي العميس.
ورواه أحمد في المسند رقم: ١٨٨، من طريق جعفر بن عون، عن أبي عميس.
ورواه مسلم في صحيحه ١٨: ١٥٤، من طريق عبد بن حميد، عن جعفر بن عون، والنسائي في السنن ٨: ١١٤.
هذا، وقد بين الحافظ ابن حجر في الفتح (١: ٩٧) أن هذا الرجل من اليهود: "هو كعب الأحبار، بين ذلك مسدد في مسنده، والطبري في تفسيره، والطبراني في الأوسط، كلهم من طريق رجاء بن أبي سلمة، عن عبادة بن نسي (بضم النون، وفتح المهملة)، عن إسحق بن خرشة، عن قبيصة بن ذؤيب، عن كعب". وهذا هو الأثر الآتي رقم: ١١١٠٠ (انظر التعليق عليه، وما فيه من الخطأ) وأشار في الموضع الآخر (الفتح ٨: ٢٠٣) إلى احتمال أن سؤال كعب وقع قبل إسلامه، لأن إسلامه كان في خلافة عمر على المشهور، وأطلق عليه ذلك باعتبار ما مضى.
(٣) الأثر: ١١٠٩٧- خرجه أبو داود الطيالسي في مسنده: ٣٥٣، رواه عن حماد، عن عمار بن أبي عمار، وسيأتي بطريق أخرى في الذي يليه.
525
سلمة، عن عمار: أن ابن عباس قرأ:"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا"، فقال يهودي: لو نزلت هذه الآية علينا، لاتخذنا يومها عيدًا! فقال ابن عباس: فإنها نزلت في يوم عيدين اثنين: يوم عيد، ويوم جمعة. (١)
١١٠٩٩- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا حماد، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس، نحوه.
١١١٠٠- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا رجاء بن أبي سلمة قال، أخبرنا عبادة بن نسيّ قال، حدثنا أميرنا إسحاق = قال أبو جعفر: إسحاق، هو ابن خَرَشة = عن قبيصة قال، قال كعب: لو أن غير هذه الأمة نزلت عليهم هذه الآية، لنظروا اليوم الذي أنزلت فيه عليهم، فاتخذوه عيدًا يجتمعون فيه! فقال عمر: أيُّ آية يا كعب؟ فقال:"اليوم أكملت لكم دينكم". فقال عمر: قد علمت اليوم الذي أنزلت فيه، والمكان الذي أنزلت فيه: يوم جمعة، ويوم عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيدٌ. (٢)
١١٠٩٩- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا حماد، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس، نحوه.
١١١٠٠- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا رجاء بن أبي سلمة قال، أخبرنا عبادة بن نسيّ قال، حدثنا أميرنا إسحاق = قال أبو جعفر: إسحاق، هو ابن خَرَشة = عن قبيصة قال، قال كعب: لو أن غير هذه الأمة نزلت عليهم هذه الآية، لنظروا اليوم الذي أنزلت فيه عليهم، فاتخذوه عيدًا يجتمعون فيه! فقال عمر: أيُّ آية يا كعب؟ فقال:"اليوم أكملت لكم دينكم". فقال عمر: قد علمت اليوم الذي أنزلت فيه، والمكان الذي أنزلت فيه: يوم جمعة، ويوم عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيدٌ. (٢)
(١) الأثر: ١١٠٩٨- خرجه الترمذي في كتاب التفسير، من طريق عبد بن حميد، عن يزيد بن هرون، عن حماد، وفيه: "نزلت في يوم عيدين، في يوم الجمعة، ويوم عرفة". وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من حديث ابن عباس".
وأشار إليه السيوطي في الدر المنثور ٢: ٢٥٨، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، والطبراني، والبيهقي في الدلائل.
(٢) الأثر: ١١١٠٠-"رجاء بن أبي سلمة مهران"، "أبو المقدام" الفلسطيني. روى عن عمر بن عبد العزيز، وعمرو بن شعيب والزهري وغيرهم. وروى عنه ابن عون، وهو من شيوخه، والحمادان، وابن علية. ثقة، كان من أفاضل أهل زمانه. مترجم في التهذيب.
و"عبادة بن نسي الكندي"، الشامي الأردني، قاضي طبرية. روى عن أوس بن أوس الثقفي، وشداد بن أوس، وعبادة بن الصامت، وكعب بن عجرة، وغيرهم. روى عنه رجاء بن أبي سلمة، وغيره. قال ابن سعد في تابعي أهل الشام: "ثقة". وقال البخاري: "عبادة بن نسى الكندي" سيدهم. قال مسلمة بن عبد الملك: "إن في كندة لثلاثة نفر، إن الله لينزل بهم الغيث، وينصر بهم على الأعداء: عبادة بن نسي، ورجاء بن حيوة، وعدي بن عدي". مات سنة ١١٨. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٣/١/٩٦.
و"نسي" بضم النون، وفتح السين، والياء المشددة". وأما "إسحق"، فإن أبا جعفر زعم أنه ابن خرشة، ولم أجد في الرواة ولا في الأمراء"إسحق بن خرشة". وأما "ابن خرشة"، فهو: "عثمان بن إسحق بن خرشة (بفتح الخاء والراء) القرشي" روى عنه الزهري، ولم يذكر لعبادة بن نسي رواية عنه، ولا هو كان أميرًا. ونسبه كما رواه ابن سعد ٥: ١٨٠ هو: "عثمان بن إسحق بن عبد الله بن أبي خرشة بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي"، ونسبه أيضًا المصعب في نسب قريش: ٤٣٢، وقال: "روى عنه ابن شهاب، عن قبيصة بن ذؤيب حديث الجدة"، وهو الحديث الذي رواه أصحاب السنن الأربعة (سنن أبي داود ٣: ١٦٧ رقم: ٢٨٩٤)، من طريق مالك في الموطأ: ٥١٣ بروايته عن"ابن شهاب، عن عثمان بن إسحق بن خرشة، عن قبيصة بن ذؤيب".
فلست أشك أن أبا جعفر قد وهم، فأراد تعريف"إسحق" في إسناده هذا، فسبق إلى وهمه"ابن خرشة"، وهو"عثمان بن إسحق بن خرشة" لا"إسحق بن خرشة".
أما "إسحق" في هذا الخبر، فلست أشك أنه"إسحق بن قبيصة بن ذؤيب"، يرويه عن أبيه"قبيصة بن ذؤيب".
وذلك، أولا: لأن"إسحق بن قبيصة بن ذؤيب الخزاعي"، يروي عن أبيه، وعن كعب الأحبار.
ثانيا: أن"عبادة بن نسي" الأردني، قاضي طبرية، مذكور في ترجمته، وأنه يروي عن إسحق بن قبيصة بن ذؤيب.
ثالثًا: أن"إسحق بن قبيصة بن ذؤيب" هو الذي كان أميرًا، كان عامل هشام على الأردن، كما قال أبو زرعة الدمشقي. وقال ابن سميع: "كان على ديوان الزمني في أيام الوليد". وعبادة بن نسي قاض من قضاة الأردن كما ذكرت.
فالذي لا شك فيه عندي، أن"إسحق" في هذا الإسناد: هو إسحق بن قبيصة بن ذؤيب، يروي عن أبيه، وأن أبا جعفر قد وهم في بيانه، وخلط.
وقد أشرت في التعليق على الأثر رقم: ١١٠٩٦، ما نقله الحافظ ابن حجر في فتح الباري (١: ٩٧)، نقلا عن هذا الموضع من الطبري، ولكنه نسبه أيضًا إلى مسدد في مسنده، وإلى الطبراني في الأوسط، وليسا عندي، ولكن إذا كان ذلك في واحد منهما، فإن الخطأ فيه، أقدم من أبي جعفر. وكتبه محمود محمد شاكر.
وفي المطبوعة هنا: "وكلاهما بحمد الله"، وفي المخطوطة: "وكليهما"، ولها وجه في العربية.
وأشار إليه السيوطي في الدر المنثور ٢: ٢٥٨، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، والطبراني، والبيهقي في الدلائل.
(٢) الأثر: ١١١٠٠-"رجاء بن أبي سلمة مهران"، "أبو المقدام" الفلسطيني. روى عن عمر بن عبد العزيز، وعمرو بن شعيب والزهري وغيرهم. وروى عنه ابن عون، وهو من شيوخه، والحمادان، وابن علية. ثقة، كان من أفاضل أهل زمانه. مترجم في التهذيب.
و"عبادة بن نسي الكندي"، الشامي الأردني، قاضي طبرية. روى عن أوس بن أوس الثقفي، وشداد بن أوس، وعبادة بن الصامت، وكعب بن عجرة، وغيرهم. روى عنه رجاء بن أبي سلمة، وغيره. قال ابن سعد في تابعي أهل الشام: "ثقة". وقال البخاري: "عبادة بن نسى الكندي" سيدهم. قال مسلمة بن عبد الملك: "إن في كندة لثلاثة نفر، إن الله لينزل بهم الغيث، وينصر بهم على الأعداء: عبادة بن نسي، ورجاء بن حيوة، وعدي بن عدي". مات سنة ١١٨. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٣/١/٩٦.
و"نسي" بضم النون، وفتح السين، والياء المشددة". وأما "إسحق"، فإن أبا جعفر زعم أنه ابن خرشة، ولم أجد في الرواة ولا في الأمراء"إسحق بن خرشة". وأما "ابن خرشة"، فهو: "عثمان بن إسحق بن خرشة (بفتح الخاء والراء) القرشي" روى عنه الزهري، ولم يذكر لعبادة بن نسي رواية عنه، ولا هو كان أميرًا. ونسبه كما رواه ابن سعد ٥: ١٨٠ هو: "عثمان بن إسحق بن عبد الله بن أبي خرشة بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي"، ونسبه أيضًا المصعب في نسب قريش: ٤٣٢، وقال: "روى عنه ابن شهاب، عن قبيصة بن ذؤيب حديث الجدة"، وهو الحديث الذي رواه أصحاب السنن الأربعة (سنن أبي داود ٣: ١٦٧ رقم: ٢٨٩٤)، من طريق مالك في الموطأ: ٥١٣ بروايته عن"ابن شهاب، عن عثمان بن إسحق بن خرشة، عن قبيصة بن ذؤيب".
فلست أشك أن أبا جعفر قد وهم، فأراد تعريف"إسحق" في إسناده هذا، فسبق إلى وهمه"ابن خرشة"، وهو"عثمان بن إسحق بن خرشة" لا"إسحق بن خرشة".
أما "إسحق" في هذا الخبر، فلست أشك أنه"إسحق بن قبيصة بن ذؤيب"، يرويه عن أبيه"قبيصة بن ذؤيب".
وذلك، أولا: لأن"إسحق بن قبيصة بن ذؤيب الخزاعي"، يروي عن أبيه، وعن كعب الأحبار.
ثانيا: أن"عبادة بن نسي" الأردني، قاضي طبرية، مذكور في ترجمته، وأنه يروي عن إسحق بن قبيصة بن ذؤيب.
ثالثًا: أن"إسحق بن قبيصة بن ذؤيب" هو الذي كان أميرًا، كان عامل هشام على الأردن، كما قال أبو زرعة الدمشقي. وقال ابن سميع: "كان على ديوان الزمني في أيام الوليد". وعبادة بن نسي قاض من قضاة الأردن كما ذكرت.
فالذي لا شك فيه عندي، أن"إسحق" في هذا الإسناد: هو إسحق بن قبيصة بن ذؤيب، يروي عن أبيه، وأن أبا جعفر قد وهم في بيانه، وخلط.
وقد أشرت في التعليق على الأثر رقم: ١١٠٩٦، ما نقله الحافظ ابن حجر في فتح الباري (١: ٩٧)، نقلا عن هذا الموضع من الطبري، ولكنه نسبه أيضًا إلى مسدد في مسنده، وإلى الطبراني في الأوسط، وليسا عندي، ولكن إذا كان ذلك في واحد منهما، فإن الخطأ فيه، أقدم من أبي جعفر. وكتبه محمود محمد شاكر.
وفي المطبوعة هنا: "وكلاهما بحمد الله"، وفي المخطوطة: "وكليهما"، ولها وجه في العربية.
526
١١١٠١- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن عيسى بن جارية الأنصاري قال: كنا جلوسًا في الديوان، فقال لنا نصراني: يا أهل الإسلام، لقد نزلت عليكم آية لو نزلت علينا، لاتخذنا ذلك اليوم وتلك الساعة عيدًا ما بقي منا اثنان:"اليوم أكملت لكم دينكم"! فلم يجبه أحد منا، فلقيت محمد بن كعب القرظي، فسألته عن ذلك فقال: ألا رددتم عليه؟ فقال: قال عمر بن الخطاب: أنزلت على النبي ﷺ وهو واقف على الجبل يوم
527
عرفة، فلا يزال ذلك اليوم عيدًا للمسلمين ما بقي منهم أحد. (١)
١١١٠٢- حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا داود، عن عامر قال: أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا"، عشيَّة عرفة، وهو في الموقف.
١١١٠٣- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود قال: قلت لعامر: إن اليهود تقول: كيف لم تحفظ العرب هذا اليوم الذي أكمل الله لها دينها فيه؟ فقال عامر: أو ما حفظته؟ قلت له: فأيّ يوم؟ قال: يوم عرفة، أنزل الله في يوم عرفة.
١١١٠٤- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قال: بلغنا أنها نزلت يوم عرفة، ووافق يوم الجمعة.
١١١٠٥- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن حبيب، عن ابن أبي نجيح، عن عكرمة: أن عمر بن الخطاب قال: نزلت"سورة المائدة" يوم عرفة، ووافق يوم الجمعة.
١١١٠٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن ليث، عن شهر بن حوشب قال: نزلت"سورة المائدة" على النبي ﷺ وهو واقف بعرفة على راحلته، فتنوَّخَتْ لأن يُدَقَّ ذراعها. (٢)
١١١٠٢- حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا داود، عن عامر قال: أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا"، عشيَّة عرفة، وهو في الموقف.
١١١٠٣- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود قال: قلت لعامر: إن اليهود تقول: كيف لم تحفظ العرب هذا اليوم الذي أكمل الله لها دينها فيه؟ فقال عامر: أو ما حفظته؟ قلت له: فأيّ يوم؟ قال: يوم عرفة، أنزل الله في يوم عرفة.
١١١٠٤- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قال: بلغنا أنها نزلت يوم عرفة، ووافق يوم الجمعة.
١١١٠٥- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن حبيب، عن ابن أبي نجيح، عن عكرمة: أن عمر بن الخطاب قال: نزلت"سورة المائدة" يوم عرفة، ووافق يوم الجمعة.
١١١٠٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن ليث، عن شهر بن حوشب قال: نزلت"سورة المائدة" على النبي ﷺ وهو واقف بعرفة على راحلته، فتنوَّخَتْ لأن يُدَقَّ ذراعها. (٢)
(١) الأثر: ١١١٠١-"حكام" هو"حكام بن سلم الكناني"، ثقة، روى عنه الطبري فأكثر فيما سلف، و"عنبسة" هو: عنبسة بن سعيد بن الضريس الأسدي، مضى مرارًا أيضًا، ترجم في رقم: ٢٢٤، ٣٣٥٦، ٥٣٨٥.
و"عيسى بن جارية الأنصاري"، روى عن جرير البجلي، وجابر بن عبد الله، وابن المسيب، وغيرهم، وروى عنه يعقوب القمي، وعنبسة بن سعيد. تكلم فيه ابن معين قال: "عنده مناكير". وقال أبو داود: "منكر الحديث". مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٣/١/٢٧٣.
وكان في المطبوعة والمخطوطة: "عيسى بن حارثة"، وهو خطأ.
(٢) "أنخت البعير فاستناخ"، و"نوخته، فتنوخ": أي برك. قال ابن الأعرابي: "يقال تنوخ البعير، ولا يقال: ناخ، ولا أناخ".
وقوله: "لأن يدق ذراعها"، أي: مخافة أن يدق ذراعها.
و"عيسى بن جارية الأنصاري"، روى عن جرير البجلي، وجابر بن عبد الله، وابن المسيب، وغيرهم، وروى عنه يعقوب القمي، وعنبسة بن سعيد. تكلم فيه ابن معين قال: "عنده مناكير". وقال أبو داود: "منكر الحديث". مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٣/١/٢٧٣.
وكان في المطبوعة والمخطوطة: "عيسى بن حارثة"، وهو خطأ.
(٢) "أنخت البعير فاستناخ"، و"نوخته، فتنوخ": أي برك. قال ابن الأعرابي: "يقال تنوخ البعير، ولا يقال: ناخ، ولا أناخ".
وقوله: "لأن يدق ذراعها"، أي: مخافة أن يدق ذراعها.
528
١١١٠٧- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن ليث، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد قالت: نزلت"سورة المائدة" جميعًا وأنا آخذة بزمام ناقة رسول الله ﷺ العضباء. قالت: فكادت من ثقلها أن يُدَقَّ عضد الناقة. (١)
١١١٠٨- حدثني أبو عامر إسماعيل بن عمرو السكوني قال، حدثنا هشام بن عمار قال، حدثنا ابن عياش قال، حدثنا عمرو بن قيس السكوني: أنه سمع معاوية بن أبي سفيان على المنبر ينتزع بهذه الآية:"اليوم أكملت لكم دينكم"، حتى ختمها، فقال: نزلت في يوم عرفة، في يوم جمعة. (٢)
* * *
١١١٠٨- حدثني أبو عامر إسماعيل بن عمرو السكوني قال، حدثنا هشام بن عمار قال، حدثنا ابن عياش قال، حدثنا عمرو بن قيس السكوني: أنه سمع معاوية بن أبي سفيان على المنبر ينتزع بهذه الآية:"اليوم أكملت لكم دينكم"، حتى ختمها، فقال: نزلت في يوم عرفة، في يوم جمعة. (٢)
* * *
(١) الأثر: ١١١٠٧-"أسماء بنت يزيد بن السكن" الأنصارية الأشهلية، "أم سلمة"، كانت فيمن جهز عائشة لرسول الله ﷺ وزفها، وكانت تخدم النبي، وبايعته، وشهدت اليرموك.
وهذا الحديث رواه أحمد في مسنده ٦: ٤٥٥ من طريق أبي النضر، عن شيبان، عن ليث. وفيه: "وكادت من ثقلها تدق.." ليس فيه"أن".
ثم رواه أيضًا ص: ٤٥٨ من طريق إسحق بن يوسف، عن سفيان، عن ليث، وفيه: "إن كادت من ثقلها لتكسر الناقة".
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٧: ١٣، وقال: "رواه أحمد والطبراني، وفيه شهر بن حوشب، وهو ضعيف، وقد وثق"، وقد مضى مرارًا توثيق أخي السيد أحمد لشهر.
(٢) الأثر: ١١١٠٨-"إسمعيل بن عمرو السكوني"، أبو عامر، الحمصي المقرئ، إمام مسجد حمص. روى عن علي بن عياش، والربيع بن روح، ويحيى بن صالح الوحاظي، قال ابن أبي حاتم: "سمعت منه، وهو صدوق". مترجم في ابن أبي حاتم ١/١/١٩٠.
و"هشام بن عمار بن نصير السلمي"، أبو الوليد الدمشقي. روى عند البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه. ثقة. مترجم في التهذيب.
و"ابن عياش"، هو: إسمعيل بن عياش، مضى مرارًا.
و"عمرو بن قيس بن ثور بن مازن بن خيثمة الكندي السكوني"، أبو ثور الشامي الحمصي. روى عن جده"مازن بن خيثمة"، وله صحبة، وعن عبد الله بن عمرو، ومعاوية ووفد عليه مع أبيه. قال إسمعيل بن عياش: و"أدرك سبعين من الصحابة أو أكثر". ثقة، صالح الحديث. مترجم في التهذيب.
وهذا الخبر، خرجه الهيثمي في مجمع الزوائد مطولا، ثم قال: "رواه الطبراني، ورجاله ثقات".
وقوله: "انتزع بهذه الآية"، أي تمثل بها وقرأها.
وهذا الحديث رواه أحمد في مسنده ٦: ٤٥٥ من طريق أبي النضر، عن شيبان، عن ليث. وفيه: "وكادت من ثقلها تدق.." ليس فيه"أن".
ثم رواه أيضًا ص: ٤٥٨ من طريق إسحق بن يوسف، عن سفيان، عن ليث، وفيه: "إن كادت من ثقلها لتكسر الناقة".
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٧: ١٣، وقال: "رواه أحمد والطبراني، وفيه شهر بن حوشب، وهو ضعيف، وقد وثق"، وقد مضى مرارًا توثيق أخي السيد أحمد لشهر.
(٢) الأثر: ١١١٠٨-"إسمعيل بن عمرو السكوني"، أبو عامر، الحمصي المقرئ، إمام مسجد حمص. روى عن علي بن عياش، والربيع بن روح، ويحيى بن صالح الوحاظي، قال ابن أبي حاتم: "سمعت منه، وهو صدوق". مترجم في ابن أبي حاتم ١/١/١٩٠.
و"هشام بن عمار بن نصير السلمي"، أبو الوليد الدمشقي. روى عند البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه. ثقة. مترجم في التهذيب.
و"ابن عياش"، هو: إسمعيل بن عياش، مضى مرارًا.
و"عمرو بن قيس بن ثور بن مازن بن خيثمة الكندي السكوني"، أبو ثور الشامي الحمصي. روى عن جده"مازن بن خيثمة"، وله صحبة، وعن عبد الله بن عمرو، ومعاوية ووفد عليه مع أبيه. قال إسمعيل بن عياش: و"أدرك سبعين من الصحابة أو أكثر". ثقة، صالح الحديث. مترجم في التهذيب.
وهذا الخبر، خرجه الهيثمي في مجمع الزوائد مطولا، ثم قال: "رواه الطبراني، ورجاله ثقات".
وقوله: "انتزع بهذه الآية"، أي تمثل بها وقرأها.
529
وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية = أعني قوله:"اليوم أكملت لكم دينكم" = يوم الاثنين. وقالوا: أنزلت"سورة المائدة" بالمدينة.
*ذكر من قال ذلك:
١١١٠٩- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، أخبرنا محمد بن حرب قال، حدثنا ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش، عن ابن عباس: ولد نبيكم ﷺ يوم الاثنين، وخرج من مكة يوم الاثنين، ودخل المدينة يوم الاثنين، وأنزلت:"سورة المائدة" يوم الاثنين:"اليوم أكملت لكم دينكم"، ورفع الذكر يوم الاثنين. (١)
*ذكر من قال ذلك:
١١١٠٩- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، أخبرنا محمد بن حرب قال، حدثنا ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش، عن ابن عباس: ولد نبيكم ﷺ يوم الاثنين، وخرج من مكة يوم الاثنين، ودخل المدينة يوم الاثنين، وأنزلت:"سورة المائدة" يوم الاثنين:"اليوم أكملت لكم دينكم"، ورفع الذكر يوم الاثنين. (١)
(١) الأثر: ١١١٠٩-"محمد بن حرب الخولاني" الأبرش. قال أحمد: "ليس به بأس"، وقال ابن معين: "ثقة". مترجم في التهذيب.
و"ابن لهيعة" هو"عبد الله بن لهيعة"، مضى برقم: ١٦٠، ٢٩٤١، ٥٣٥٥، ٥٥١٨، ومضى توثيق أخي السيد أحمد له.
و"خالد بن أبي عمران التجيبي"، قاضي إفريقية. ثقة، وثقه ابن سعد والعجلي، وغيرهما.
و"حنش" هو: "حنش بن عبد الله السبائي الصنعاني" مضى برقم: ١٩١٤، وهو تابعي ثقة.
وهذا الخبر استوهاه الطبري كما سيأتي في آخر كلامه، وذلك لما قالوا من ضعف ابن لهيعة، وترك بعضهم الاحتجاج به.
وروى هذا الخبر أحمد في مسنده برقم: ٢٥٠٦ من طريق موسى بن داود، عن ابن لهيعة، ونصه: "ولد النبي ﷺ يوم الاثنين، واستنئ يوم الاثنين، وتوفي يوم الاثنين، وخرج مهاجرًا من مكة إلى المدينة يوم الاثنين، وقدم المدينة يوم الاثنين، ورفع الحجر الأسود يوم الاثنين".
وقال أخي السيد أحمد في التعليق عليه: "إسناده صحيح. والحديث ذكره ابن كثير في التاريخ ٢: ٢٥٩، ٢٦٠، عن هذا الموضع، وقال: "تفرد به أحمد"، وهو في مجمع الزوائد ١: ١٩٦، ونسبه لأحمد والطبراني في الكبير وقال الهيثمي: "وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف! وبقية رجاله ثقات من أهل الصحيح".
وليس في خبر أحمد"وأنزلت سورة المائدة.."، ولذلك لما ذكره ابن كثير في تفسيره، ٢: ٦٨، عن هذا الموضع من تفسير الطبري ونسبه للطبراني وابن مردويه، ثم قال: "أثر غريب، وإسناده ضعيف، وقد رواه الإمام أحمد.." ثم ساق حديث أحمد، ثم قال: "هذا لفظ أحمد، ولم يذكر نزول المائدة يوم الاثنين، فالله أعلم. ولعل ابن عباس أراد أنها نزلت"يوم عيدين اثنين، كما تقدم (يعني في الأثر رقم: ١١٠٩٨)، فاشتبه على الراوي".
وهذا توجيه غير مرتضى، وربما كان الأرجح أنه غلط من أحد الرواة عن ابن لهيعة، فإن رواية أحمد، لا شك في قوتها وضبطها.
وقوله: "رفع الذكر يوم الاثنين"، يعني وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأبي هو وأمي، وانقطاع الوحي من بعد قبضه ولحاقه بالرفيق الأعلى.
و"ابن لهيعة" هو"عبد الله بن لهيعة"، مضى برقم: ١٦٠، ٢٩٤١، ٥٣٥٥، ٥٥١٨، ومضى توثيق أخي السيد أحمد له.
و"خالد بن أبي عمران التجيبي"، قاضي إفريقية. ثقة، وثقه ابن سعد والعجلي، وغيرهما.
و"حنش" هو: "حنش بن عبد الله السبائي الصنعاني" مضى برقم: ١٩١٤، وهو تابعي ثقة.
وهذا الخبر استوهاه الطبري كما سيأتي في آخر كلامه، وذلك لما قالوا من ضعف ابن لهيعة، وترك بعضهم الاحتجاج به.
وروى هذا الخبر أحمد في مسنده برقم: ٢٥٠٦ من طريق موسى بن داود، عن ابن لهيعة، ونصه: "ولد النبي ﷺ يوم الاثنين، واستنئ يوم الاثنين، وتوفي يوم الاثنين، وخرج مهاجرًا من مكة إلى المدينة يوم الاثنين، وقدم المدينة يوم الاثنين، ورفع الحجر الأسود يوم الاثنين".
وقال أخي السيد أحمد في التعليق عليه: "إسناده صحيح. والحديث ذكره ابن كثير في التاريخ ٢: ٢٥٩، ٢٦٠، عن هذا الموضع، وقال: "تفرد به أحمد"، وهو في مجمع الزوائد ١: ١٩٦، ونسبه لأحمد والطبراني في الكبير وقال الهيثمي: "وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف! وبقية رجاله ثقات من أهل الصحيح".
وليس في خبر أحمد"وأنزلت سورة المائدة.."، ولذلك لما ذكره ابن كثير في تفسيره، ٢: ٦٨، عن هذا الموضع من تفسير الطبري ونسبه للطبراني وابن مردويه، ثم قال: "أثر غريب، وإسناده ضعيف، وقد رواه الإمام أحمد.." ثم ساق حديث أحمد، ثم قال: "هذا لفظ أحمد، ولم يذكر نزول المائدة يوم الاثنين، فالله أعلم. ولعل ابن عباس أراد أنها نزلت"يوم عيدين اثنين، كما تقدم (يعني في الأثر رقم: ١١٠٩٨)، فاشتبه على الراوي".
وهذا توجيه غير مرتضى، وربما كان الأرجح أنه غلط من أحد الرواة عن ابن لهيعة، فإن رواية أحمد، لا شك في قوتها وضبطها.
وقوله: "رفع الذكر يوم الاثنين"، يعني وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأبي هو وأمي، وانقطاع الوحي من بعد قبضه ولحاقه بالرفيق الأعلى.
530
١١١١٠- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا همام، عن قتادة قال:"المائدة" مدنيّة.
* * *
وقال آخرون: نزلت على رسول الله ﷺ في مسيره في حجة الوداع.
*ذكر من قال ذلك:
١١١١٢- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس قال: نزلت"سورة المائدة" على رسول الله ﷺ في المسير في حجة الوداع، وهو راكب راحلته، فبركت به راحلته من ثقلها. (١)
* * *
وقال آخرون: ليس ذلك بيوم معلوم عند الناس، وإنما معناه: اليوم الذي أعلمه أنا دون خلقي، أكملت لكم دينكم.
*ذكر من قال ذلك:
١١١١٣- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"اليوم أكملت لكم دينكم"، يقول: ليس بيوم معلوم يعلمه الناس.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في وقت نزول الآية، القولُ الذي روي عن عمر بن الخطاب: أنها نزلت يوم عرفة يوم جمعة، لصحة سنده، وَوَهْيِ أسانيد غيره. (٢)
* * *
* * *
وقال آخرون: نزلت على رسول الله ﷺ في مسيره في حجة الوداع.
*ذكر من قال ذلك:
١١١١٢- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس قال: نزلت"سورة المائدة" على رسول الله ﷺ في المسير في حجة الوداع، وهو راكب راحلته، فبركت به راحلته من ثقلها. (١)
* * *
وقال آخرون: ليس ذلك بيوم معلوم عند الناس، وإنما معناه: اليوم الذي أعلمه أنا دون خلقي، أكملت لكم دينكم.
*ذكر من قال ذلك:
١١١١٣- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"اليوم أكملت لكم دينكم"، يقول: ليس بيوم معلوم يعلمه الناس.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في وقت نزول الآية، القولُ الذي روي عن عمر بن الخطاب: أنها نزلت يوم عرفة يوم جمعة، لصحة سنده، وَوَهْيِ أسانيد غيره. (٢)
* * *
(١) سقط من الترقيم رقم: ١١١١١.
(٢) قوله: "ووهي أسانيد غيره". سلف في ٨: ٨٠ تعليق ١، أن الذي في المخطوطة هناك.
"وهاء"، ولذلك أثبتها، لأني وجدتها أيضًا في تهذيب الآثار للطبري"وهاء"، ثم هذه مرة أخرى، أجد في المخطوطة"وهي"، فاختلفت المخطوطة كما ترى في كتابتها في موضع آخر. راجع ما كتبته في التعليق هناك.
(٢) قوله: "ووهي أسانيد غيره". سلف في ٨: ٨٠ تعليق ١، أن الذي في المخطوطة هناك.
"وهاء"، ولذلك أثبتها، لأني وجدتها أيضًا في تهذيب الآثار للطبري"وهاء"، ثم هذه مرة أخرى، أجد في المخطوطة"وهي"، فاختلفت المخطوطة كما ترى في كتابتها في موضع آخر. راجع ما كتبته في التعليق هناك.
531
القول في تأويل قوله: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقول:"فمن اضطر"، فمن أصابه ضُرٌّ (١) ="في مخمصة"، يعني: في مجاعة.
* * *
= وهي"مفعلة"، مثل"المجبنة" و"المبخلة" و"المنجبة"، من"خَمَصِ البطنِ"، وهو اضطماره، وأظنه هو في هذا الموضع معنيٌّ به: اضطماره من الجوع وشدة السَّغَب. وقد يكون في غير هذا الموضع اضطمارا من غير الجوع والسَّغب، ولكن من خلقة، كما قال نابغة بني ذبيان في صفة امرأة بخَمَص البطن: (٢)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقول:"فمن اضطر"، فمن أصابه ضُرٌّ (١) ="في مخمصة"، يعني: في مجاعة.
* * *
= وهي"مفعلة"، مثل"المجبنة" و"المبخلة" و"المنجبة"، من"خَمَصِ البطنِ"، وهو اضطماره، وأظنه هو في هذا الموضع معنيٌّ به: اضطماره من الجوع وشدة السَّغَب. وقد يكون في غير هذا الموضع اضطمارا من غير الجوع والسَّغب، ولكن من خلقة، كما قال نابغة بني ذبيان في صفة امرأة بخَمَص البطن: (٢)
وَالبَطنُ ذُو عُكَنٍ خَمِيصٌ لَيِّنٌ | وَالنَّحْرُ تَنْفُجُهُ بثَدْيٍ مُقْعَدِ (٣) |
(١) انظر تفسير"اضطر" فيما سلف ٣: ٥٦، ٣٢١.
(٢) "خمص" (بفتح الخاء والميم). وهذا تفصيل جيد في معنى"الخمص" و"المخمصة"، لا تصيب مثله في معاجم اللغة.
(٣) ديوانه: ٦٦ واللسان (قعد) وروايته: "لطيف طيه"، ولا شاهد فيه عندئذ. وهو من قصيدته التي استجاد فيها صفة المتجردة، صاحبة النعمان بن المنذر، والتي أفضت إلى ما كان بينهما من المهاجرة.
و"العكن": أطواء البطن لا من السمن فحسب، كما يقول أصحاب اللغة، فإن هذا البيت شاهد على خلافه. وإنما"العكن" هنا ما تثنى من أطواء البطن من رقة جلدها ونعومته، ورخاصة جسدها ولينه، فلذلك يتثنى. ولو كان ذلك من"السمن"، كما يقول أهل اللغة، لم يقل بعد"خميص لين"، ويصفه بالضمور والرقة (في رواية أبي جعفر)، ولا"لطيف طيه"، وهو كناية عن الضمور والرقة أيضًا، وذلك من صفتها ضد السمن. فمن شرح"العكن" في هذا البيت وأشباهه بأنها من السمن، فقد أخطأ، وأحال معاني الشعر عن وجوهها.
وقوله: "والنحر تنفجه"، "النحر": أعلى الصدر، وهو موضع القلادة منها. وكل ما ارتفع فقد"نفج وانتفج وتنفج"، و"نفجه الرجل ينفجه نفجًا". ويقال: "نفج ثدي المرأة قميصها": إذا رفعه. وأسند إليها أنها تنفج نحرها بثدييها، وإن كان ذلك خلقة لا فعل لها فيه، لأنه نظر إلى ما يساور المرأة حين تختال لتفتن الناظرين، فتتخذ سمتًا وهيأة تنهب بحلم الحليم. فأصاب النابغة غاية الإصابة في الإشارة إلى سر المرأة في حركتها وشمائلها.
ولكن الذين تعرضوا لتفسير مثل هذا الشعر، أساءوا إليه من حيث أرادوا الإحسان، فقال الوزير أبو بكر في شرحه ديوان النابغة: "ويروى: والإتب تنفجه، -والإتب ثوب تلبسه- وهو أليق بالمعنى، لأن الثدي ينفخ الثوب، أي يرفعه ويعظمه". ثم قال أيضًا: "وروي: والنحر تنفجه" أي ترفعه عن الثوب"، وهذا مثل على الخلط في فهم الشعر، وإفساد لمعانيه. والذي استحسنه الوزير، معنى مغسول سخيف في مثل هذا الموضع من شعر النابغة، أضاع به تعب الشاعر في شعره.
و"ثدي مقعد": ناتئ على النحر، إذا كان ناهدًا لم ينثن بعد.
(٢) "خمص" (بفتح الخاء والميم). وهذا تفصيل جيد في معنى"الخمص" و"المخمصة"، لا تصيب مثله في معاجم اللغة.
(٣) ديوانه: ٦٦ واللسان (قعد) وروايته: "لطيف طيه"، ولا شاهد فيه عندئذ. وهو من قصيدته التي استجاد فيها صفة المتجردة، صاحبة النعمان بن المنذر، والتي أفضت إلى ما كان بينهما من المهاجرة.
و"العكن": أطواء البطن لا من السمن فحسب، كما يقول أصحاب اللغة، فإن هذا البيت شاهد على خلافه. وإنما"العكن" هنا ما تثنى من أطواء البطن من رقة جلدها ونعومته، ورخاصة جسدها ولينه، فلذلك يتثنى. ولو كان ذلك من"السمن"، كما يقول أهل اللغة، لم يقل بعد"خميص لين"، ويصفه بالضمور والرقة (في رواية أبي جعفر)، ولا"لطيف طيه"، وهو كناية عن الضمور والرقة أيضًا، وذلك من صفتها ضد السمن. فمن شرح"العكن" في هذا البيت وأشباهه بأنها من السمن، فقد أخطأ، وأحال معاني الشعر عن وجوهها.
وقوله: "والنحر تنفجه"، "النحر": أعلى الصدر، وهو موضع القلادة منها. وكل ما ارتفع فقد"نفج وانتفج وتنفج"، و"نفجه الرجل ينفجه نفجًا". ويقال: "نفج ثدي المرأة قميصها": إذا رفعه. وأسند إليها أنها تنفج نحرها بثدييها، وإن كان ذلك خلقة لا فعل لها فيه، لأنه نظر إلى ما يساور المرأة حين تختال لتفتن الناظرين، فتتخذ سمتًا وهيأة تنهب بحلم الحليم. فأصاب النابغة غاية الإصابة في الإشارة إلى سر المرأة في حركتها وشمائلها.
ولكن الذين تعرضوا لتفسير مثل هذا الشعر، أساءوا إليه من حيث أرادوا الإحسان، فقال الوزير أبو بكر في شرحه ديوان النابغة: "ويروى: والإتب تنفجه، -والإتب ثوب تلبسه- وهو أليق بالمعنى، لأن الثدي ينفخ الثوب، أي يرفعه ويعظمه". ثم قال أيضًا: "وروي: والنحر تنفجه" أي ترفعه عن الثوب"، وهذا مثل على الخلط في فهم الشعر، وإفساد لمعانيه. والذي استحسنه الوزير، معنى مغسول سخيف في مثل هذا الموضع من شعر النابغة، أضاع به تعب الشاعر في شعره.
و"ثدي مقعد": ناتئ على النحر، إذا كان ناهدًا لم ينثن بعد.
532
فمعلوم أنه لم يرد صفتها بقوله:"خميص" بالهزال والضرّ من الجوع، ولكنه أراد وصفها بلطافة طيِّ ما على الأوراك والأفخاذ من جسدها، لأن ذلك مما يحمد من النساء. ولكن الذي في معنى الوصف بالاضطمار والهزال من الضر من ذلك، قول أعشى بني ثعلبة:
يعني بذلك: يبتن مضطمرات البطون من الجوع والسغب والضرّ. فمن هذا المعنى قوله:"في مخمصة".
* * *
وكان بعض نحويي البصرة يقول:"المخمصة"، المصدر من"خَمَصَه الجوع".
* * *
تَبِيتُونَ فِي المَشْتَى مِلاءً بُطُونُكُمْ | وَجَارَاتُكُمْ غَرْثَى يَبِتْنَ خَمَائِصَا (١) |
* * *
وكان بعض نحويي البصرة يقول:"المخمصة"، المصدر من"خَمَصَه الجوع".
* * *
(١) ديوانه: ١٠٩، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٥٣، من إحدى قصائده التي قالها في خبر المنافرة بين علقمة بن علاثة، وعامر بن الطفيل (الأغاني ١٥: ٥٠)، وبعد البيت:
"غرثى"، جياع، ويروى"جوعى". ووصف النجوم بقوله: "العاتمات" أراد أنها تظلم من الغبرة التي في السماء، وذلك في الجدب (وهو الشتاء)، لأن نجوم الشتاء أشد إضاءة لنقاء السماء، فهن يلتمسن وقت خفائها. و"الغوامص" يعني: التي قل ضوءها من الغبرة. وقال شارح ديوانه: "يبتن جياعًا خائفات ينتظرن طلوع النجوم السحرية، ليخرجن يطلبن شيئًا، كيلا يعرفن". وقوله: "خلال مخافة" من أحسن الكلام في هذا البيت.
يُراقِبْنَ مِنْ جُوعٍ خِلالَ مَخَافةٍ | نُجُومَ الشِّتَاء العَاتِمَاتِ الغوامِصَا |
533
وكان غيره من أهل العربية يرى أنها اسم للمصدر، وليست بمصدر، ولذلك تقع"المفعلة" اسمًا في المصادر للتأنيث والتذكير.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
١١١١٤- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن عباس:"فمن اضطر في مخمصة"، يعني: في مجاعة.
١١١١٥- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"فمن اضطر في مخمصة"، أي: في مجاعة.
* * *
١١١١٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله. (١)
١١١١٧- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"فمن اضطر في مخمصة"، قال: ذكر الميتة وما فيها، فأحلها في الاضطرار (٢) ="في مخمصة"، يقول: في مجاعة.
١١١١٨- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: سمعت ابن زيد يقول في قوله:"فمن اضطر في مخمصة"، قال، المخمصة، الجوع.
* * *
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
١١١١٤- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن عباس:"فمن اضطر في مخمصة"، يعني: في مجاعة.
١١١١٥- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"فمن اضطر في مخمصة"، أي: في مجاعة.
* * *
١١١١٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله. (١)
١١١١٧- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"فمن اضطر في مخمصة"، قال: ذكر الميتة وما فيها، فأحلها في الاضطرار (٢) ="في مخمصة"، يقول: في مجاعة.
١١١١٨- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: سمعت ابن زيد يقول في قوله:"فمن اضطر في مخمصة"، قال، المخمصة، الجوع.
* * *
(١) الأثر: ١١١١٦- في المطبوعة والمخطوطة: "حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا معمر" وهو إسناد ناقص، سقط منه"قال أخبرنا عبد الرزاق"، وهو إسناد دائر في التفسير، أقربه رقم: ١١١٠٤.
(٢) في المطبوعة: "وأحلها" بالواو، وفي المخطوطة: "فأكلها"، وهو تحريف.
(٢) في المطبوعة: "وأحلها" بالواو، وفي المخطوطة: "فأكلها"، وهو تحريف.
534
القول في تأويل قوله: ﴿غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإثْمٍ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: فمن اضطر في مخمصة إلى أكل ما حَرَّمتُ عليه منكم، أيها المؤمنون، من الميتة، والدم ولحم الخنزير وسائر ما حرمت عليه بهذه الآية ="غير متجانف لإثم"، يقول: لا متجانفًا لإثم. (١)
= فلذلك نصب"غير" لخروجها من الاسم الذي في قوله:"فمن اضطر" (٢) وهي بمعنى:"لا"، فنصب بالمعنى الذي كان به منصوبًا"المتجانف"، لو جاء الكلام:"لا متجانفًا". (٣)
* * *
وأما"المتجانف لإثم"، فإنه المتمايل له، المنحرف إليه. وهو في هذا الموضع مراد به المتعمِّد له، القاصد إليه، من"جَنَف القوم عليّ"، إذا مالوا. وكل أعوج فهو"أجنف"، عند العرب.
* * *
وقد بينا معنى"الجنف" بشواهده في قوله: (فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا) [سورة البقرة: ١٨٢]، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (٤)
* * *
وأما تجانف آكل الميتة في أكلها وفي غيرها مما حرم الله أكله على المؤمنين
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: فمن اضطر في مخمصة إلى أكل ما حَرَّمتُ عليه منكم، أيها المؤمنون، من الميتة، والدم ولحم الخنزير وسائر ما حرمت عليه بهذه الآية ="غير متجانف لإثم"، يقول: لا متجانفًا لإثم. (١)
= فلذلك نصب"غير" لخروجها من الاسم الذي في قوله:"فمن اضطر" (٢) وهي بمعنى:"لا"، فنصب بالمعنى الذي كان به منصوبًا"المتجانف"، لو جاء الكلام:"لا متجانفًا". (٣)
* * *
وأما"المتجانف لإثم"، فإنه المتمايل له، المنحرف إليه. وهو في هذا الموضع مراد به المتعمِّد له، القاصد إليه، من"جَنَف القوم عليّ"، إذا مالوا. وكل أعوج فهو"أجنف"، عند العرب.
* * *
وقد بينا معنى"الجنف" بشواهده في قوله: (فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا) [سورة البقرة: ١٨٢]، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (٤)
* * *
وأما تجانف آكل الميتة في أكلها وفي غيرها مما حرم الله أكله على المؤمنين
(١) في المطبوعة: "إلا متجانفًا" فأفسد المعنى إفسادًا، والصواب من المخطوطة، وفيها: "لا متجانف"، والصواب ما أثبت.
(٢) "الخروج"، الحال، كما سلف في فهارس المصطلحات.
(٣) في هذين الموضعين أيضًا في المطبوعة: "وهي بمعنى: إلا" ثم: "لو جاء الكلام: إلا متجانفًا"، وهو خطأ محض، والصواب ما أثبته من المخطوطة.
وانظر تفسير"غير" بمعنى"لا" فيما سلف ٣: ٣٢٢، في تفسير قوله تعالى من سورة البقرة: ١٧٣: "غير باغ ولا عاد"، بمعنى: لا باغيًا ولا عاديًا = منصوبًا على الحال.
(٤) انظر تفسير"الجنف" فيما سلف ٣: ٤٠٥-٤٠٨.
= وتفسير"الإثم" فيما سلف من فهارس اللغة، مادة (أثم).
(٢) "الخروج"، الحال، كما سلف في فهارس المصطلحات.
(٣) في هذين الموضعين أيضًا في المطبوعة: "وهي بمعنى: إلا" ثم: "لو جاء الكلام: إلا متجانفًا"، وهو خطأ محض، والصواب ما أثبته من المخطوطة.
وانظر تفسير"غير" بمعنى"لا" فيما سلف ٣: ٣٢٢، في تفسير قوله تعالى من سورة البقرة: ١٧٣: "غير باغ ولا عاد"، بمعنى: لا باغيًا ولا عاديًا = منصوبًا على الحال.
(٤) انظر تفسير"الجنف" فيما سلف ٣: ٤٠٥-٤٠٨.
= وتفسير"الإثم" فيما سلف من فهارس اللغة، مادة (أثم).
535
بهذه الآية، للإثم في حال أكله (١) فهو: تعمده أكل ذلك لغير دفع الضرورة النازلة به (٢) ولكن لمعصية الله، وخلاف أمره فيما أمره به من ترك أكل ذلك.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
١١١١٩- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم"، يعني: إلى ما حُرِّم، مما سمَّى في صدر هذه الآية ="غير متجانف لإثم"، يقول: غير متعمد لإثم.
١١١٢٠- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"غير متجانف لإثم"، غير متعمد لإثم. قال: إلى حِرْم الله، ما حَرّم (٣) رخّص للمضطر إذا كان غير متعمد لإثم، أن يأكله من جهد. فمن بَغَى، أو عدا، أو خرج في معصيةٍ لله، فإنه محرم عليه أن يأكله.
١١١٢١- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"غير متجانف لإثم"، أي: غير متعرِّض لمعصية.
١١١٢٢- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة:"غير متجانف لإثم"، غير متعمد لإثم، غير متعرِّض.
١١١٢٣- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"غير متجانف لإثم"، يقول: غير متعرض لإثم، أي: يبتغي فيه شهوة، أو يعتدي في أكله.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
١١١١٩- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم"، يعني: إلى ما حُرِّم، مما سمَّى في صدر هذه الآية ="غير متجانف لإثم"، يقول: غير متعمد لإثم.
١١١٢٠- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"غير متجانف لإثم"، غير متعمد لإثم. قال: إلى حِرْم الله، ما حَرّم (٣) رخّص للمضطر إذا كان غير متعمد لإثم، أن يأكله من جهد. فمن بَغَى، أو عدا، أو خرج في معصيةٍ لله، فإنه محرم عليه أن يأكله.
١١١٢١- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"غير متجانف لإثم"، أي: غير متعرِّض لمعصية.
١١١٢٢- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة:"غير متجانف لإثم"، غير متعمد لإثم، غير متعرِّض.
١١١٢٣- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"غير متجانف لإثم"، يقول: غير متعرض لإثم، أي: يبتغي فيه شهوة، أو يعتدي في أكله.
(١) السياق: "وأما تجانف آكل الميتة... للإثم في حال أكله... ".
(٢) في المطبوعة: "فهو تعمده الأكل لغير دفع الضرورة"، غير ما في المخطوطة بلا معنى.
(٣) "حرم الله" (بكسر الحاء، وسكون الراء)، هو الحرام نقيض الحلال. وقوله بعد ذلك: "ما حرم"، تفسير لقوله: "حرم الله".
(٢) في المطبوعة: "فهو تعمده الأكل لغير دفع الضرورة"، غير ما في المخطوطة بلا معنى.
(٣) "حرم الله" (بكسر الحاء، وسكون الراء)، هو الحرام نقيض الحلال. وقوله بعد ذلك: "ما حرم"، تفسير لقوله: "حرم الله".
536
١١١٢٤- حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد فى قوله:"غير متجانف لإثم"، لا يأكل ذلك ابتغاءَ الإثم، ولا جراءة عليه.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣) ﴾
قال أبو جعفر: وفي هذا الكلام متروك، اكتفى بدلالة ما ذكر عليه منه. وذلك أن معنى الكلام: فمن اضطر في مخمصة إلى ما حرمت عليه مما ذكرت في هذه الآية، غير متجانف لإثم فأكله، فإن الله غفور رحيم = فترك ذكر"فأكله"، وذكر"له" (١) لدلالة سائر ما ذكر من الكلام عليهما.
* * *
وأما قوله:"فإن الله غفور رحيم"، فإن معناه: فإن الله لمن أكل ما حرمت عليه بهذه الآية أكله، في مخمصة، غير متجانف لإثم ="غفور رحيم"، يقول: يستر له عن أكله ما أكل من ذلك، بعفوه عن مؤاخذته إياه، وصفحه عنه وعن عقوبته عليه ="رحيم"، يقول: وهو به رفيق. ومن رحمته ورفقه به (٢) أباح له أكل ما أباح له أكله من الميتة وسائر ما ذكر معها في هذه الآية، في حال خوفه على نفسه من كَلَب الجوع وضُرِّ الحاجة العارضة ببدنه.
* * *
فإن قال قائل: وما الأكل الذي وعد الله المضطر إلى الميتة وسائر المحرَّمات معها بهذه الآية، غفرانَهُ إذا أكل منها؟
قيل: ما:-
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣) ﴾
قال أبو جعفر: وفي هذا الكلام متروك، اكتفى بدلالة ما ذكر عليه منه. وذلك أن معنى الكلام: فمن اضطر في مخمصة إلى ما حرمت عليه مما ذكرت في هذه الآية، غير متجانف لإثم فأكله، فإن الله غفور رحيم = فترك ذكر"فأكله"، وذكر"له" (١) لدلالة سائر ما ذكر من الكلام عليهما.
* * *
وأما قوله:"فإن الله غفور رحيم"، فإن معناه: فإن الله لمن أكل ما حرمت عليه بهذه الآية أكله، في مخمصة، غير متجانف لإثم ="غفور رحيم"، يقول: يستر له عن أكله ما أكل من ذلك، بعفوه عن مؤاخذته إياه، وصفحه عنه وعن عقوبته عليه ="رحيم"، يقول: وهو به رفيق. ومن رحمته ورفقه به (٢) أباح له أكل ما أباح له أكله من الميتة وسائر ما ذكر معها في هذه الآية، في حال خوفه على نفسه من كَلَب الجوع وضُرِّ الحاجة العارضة ببدنه.
* * *
فإن قال قائل: وما الأكل الذي وعد الله المضطر إلى الميتة وسائر المحرَّمات معها بهذه الآية، غفرانَهُ إذا أكل منها؟
قيل: ما:-
(١) يعني بقوله: "وذكر: له"، معطوف على قوله: "وترك ذكر: فأكله"، والمعنى: وترك ذكر: "إلى ما حرمت عليه فأكله". وكان الأجود عندي أن يبين ذلك فيذكره كما ذكرته.
وأما قوله: "وذكر: له"، يعني في قوله: "فإن الله له غفور... ".
(٢) في المطبوعة: "من رحمته" بإسقاط الواو، وأثبتها من المخطوطة.
وأما قوله: "وذكر: له"، يعني في قوله: "فإن الله له غفور... ".
(٢) في المطبوعة: "من رحمته" بإسقاط الواو، وأثبتها من المخطوطة.
537
١١١٢٥- حدثني عبد الأعلى بن واصل الأسدي قال، حدثنا محمد بن القاسم الأسدي، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن أبي واقد الليثي قال: قلنا: يا رسول الله، إنا بأرض تصيبنا فيها مخمصة، فما يصلح لنا من الميتة؟ قال: إذا لم تصطبحوا، أو تغتبقوا، أو تحتفئوا بقلا فشأنَكم بها. (١)
(١) الأثر: ١١١٢٥- خبر الأوزاعي، عن حسان بن عطية، يرويه الطبري بعد برقم: ١١١٣٢، عن الأوزاعي، عن حسان مرسلا. ثم يرويه برقم: ١١١٣٣، عن الأوزاعي، عن حسان، عن رجل قد سمى له. وهي خبر واحد.
"عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى بن هلال الأسدي"، شيخ الطبري، روى له الترمذي، والنسائي، وأبو حاتم. قال أبو حاتم: "صدوق"، وقال النسائي: "ثقة". مترجم في التهذيب.
و"محمد بن القاسم الأسدي" رمي بالكذب والوضع. قال أبو داود: "غير ثقة ولا مأمون، أحاديثه موضوعة"، وتكلم فيه أحمد بن حنبل وضعفه، روى محمد بن القاسم، عن الأوزاعي. مترجم في التهذيب.
و"الأوزاعي" هو الإمام المشهور.
و"حسان بن عطية المحاربي"، كان من أفاضل أهل زمانه، وثقه أحمد، وابن معين، والعجلي، روى عن أبي أمامة، وعنبسة بن أبي سفيان، وسعيد بن المسيب. ونصوا على أنه أرسل عن أبي واقد الليثي، وكأنهم يعنون هذا الخبر بعينه.
و"أبو واقد الليثي" قيل اسمه: "الحارث بن مالك"، وقيل: "الحارث بن عوف"، وقيل: "عوف بن الحارث بن أسد"، من بني ليث بن بكر بن عبد مناة، من كنانة. صحابي، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبي بكر وعمر. وروى عنه ابناه عبد الملك وواقد، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وعطاء بن يسار، وعروة بن الزبير، وغيرهم.
وإسناد أبي جعفر هذا، إسناد ضعيف، لضعف محمد بن القاسم، ولكنه روي من وجه صحيح، كما سترى في التخريج.
فرواه أحمد في مسنده ٥: ٢١٨ (حلبي) عن محمد بن القاسم، عن الأوزاعي، وهو نفس إسناد الطبري، فهو ضعيف.
ثم رواه مرة أخرى في نفس الصفحة، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي. (قلت: في المسند: حدثنا الوليد، حدثنا مسلم، حدثنا الأوزاعي = وهو خطأ لا شك فيه، صوابه: الوليد بن مسلم، كما نقله عن هذا الموضع من المسند، ابن كثير في تفسيره ٢: ٦٩).
وقال ابن كثير بعد نقله هذا الخبر الثاني من خبري أحمد: "تفرد به أحمد من هذا الوجه، وهو إسناد صحيح على شرط الصحيحين".
ولكن الهيثمي خرجه في مجمع الزوائد ٤: ١٦٥، وقال: "رواه أحمد بإسنادين، رجال أحدهما رجال الصحيح [يعني الحديث الثاني من حديثي أحمد]، إلا أن المزي قال: لم يسمع حسان بن عطية من أبي واقد، والله أعلم".
ثم خرجه الهيثمي أيضًا في مجمع الزوائد ٥: ١٦٥ وقال: "رواه الطبراني، ورجاله ثقات". ولم يذكر مقالة المزي، ولا انقطاع الخبر.
ورواه الحاكم في المستدرك ٤: ١٢٥، من طريق أبي قلابة الرقاشي، عن أبي عاصم، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن أبي واقد، بمثله. وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه". وتعقبه الذهبي فقال: "فيه انقطاع"، إشارة ما قاله المزي، فيما رواه صاحب مجمع الزوائد.
ورواه البيهقي في السنن ٩: ٣٥٦ من ثلاث طرق: محمد بن القاسم الأسدي، عن الأوزاعي، كرواية أحمد والطبري.
ومن طريق أبي عبيد، عن محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن حسان، عن أبي واقد.
ثم رواه من طريق الوليد بن مسلم (وهو طريق أحمد الثاني)، ولكن فيه زيادة، وذلك أنه رواه عن إسحق بن إبراهيم الحنظلي، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن ابن مرثد = أو أبي مرثد = عن أبي واقد الليثي.
وإلى هذه الطريق أشار ابن كثير في تفسيره ٣: ٦٩، بعد أن روى حديث أحمد في المسند فقال: "ولكن رواه بعضهم عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن مسلم بن يزيد، عن أبي واقد، به، ومنهم من رواه عن الأوزاعي، عن حسان، عن مرثد = أو أبي مرثد = عن أبي واقد، به"، فخالف ما في سنن البيهقي، قال: "مرثد"، والذي فيها"ابن مرثد".
ولم أجد ذكرًا في كتب الرجال لمسلم بن يزيد، أو مرثد، أو ابن مرثد. فإسناد هذه الخبر، كما ترى، هو على صحته منقطع.
وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٢: ٢٥٩، ولم ينسب لغير أحمد والحاكم. * * *
وقوله: "إذا لم تصطبحوا"، أي: إذا لم تجدوا صبوحًا، و"الصبوح" (بفتح الصاد) : هو ما يحلب من اللبن بالغداة ويشرب عندئذ. و"اصطبح القوم": شربوا الصبوح. و"صبح الرجل ضيفه": سقاه الصبوح بالغداة.
وقوله: "أو تغتبقوا"، أي: إذا لم تجدوا غبوقًا، و"الغبوق" (بفتح الغين) : هو ما يحلب من اللبن بالعشي، ويشرب عندئذ."غبق الرجل ضيفه"، سقاه غبوقًا. و"اغتبق القوم": شربوا الغبوق بالعشي.
أما "تحتفئوا"، فسيأتي تفسيرها بعد الأثر رقم: ١١١٣٣، ص: ٥٤٢، تعليق: ٢.
"عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى بن هلال الأسدي"، شيخ الطبري، روى له الترمذي، والنسائي، وأبو حاتم. قال أبو حاتم: "صدوق"، وقال النسائي: "ثقة". مترجم في التهذيب.
و"محمد بن القاسم الأسدي" رمي بالكذب والوضع. قال أبو داود: "غير ثقة ولا مأمون، أحاديثه موضوعة"، وتكلم فيه أحمد بن حنبل وضعفه، روى محمد بن القاسم، عن الأوزاعي. مترجم في التهذيب.
و"الأوزاعي" هو الإمام المشهور.
و"حسان بن عطية المحاربي"، كان من أفاضل أهل زمانه، وثقه أحمد، وابن معين، والعجلي، روى عن أبي أمامة، وعنبسة بن أبي سفيان، وسعيد بن المسيب. ونصوا على أنه أرسل عن أبي واقد الليثي، وكأنهم يعنون هذا الخبر بعينه.
و"أبو واقد الليثي" قيل اسمه: "الحارث بن مالك"، وقيل: "الحارث بن عوف"، وقيل: "عوف بن الحارث بن أسد"، من بني ليث بن بكر بن عبد مناة، من كنانة. صحابي، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبي بكر وعمر. وروى عنه ابناه عبد الملك وواقد، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وعطاء بن يسار، وعروة بن الزبير، وغيرهم.
وإسناد أبي جعفر هذا، إسناد ضعيف، لضعف محمد بن القاسم، ولكنه روي من وجه صحيح، كما سترى في التخريج.
فرواه أحمد في مسنده ٥: ٢١٨ (حلبي) عن محمد بن القاسم، عن الأوزاعي، وهو نفس إسناد الطبري، فهو ضعيف.
ثم رواه مرة أخرى في نفس الصفحة، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي. (قلت: في المسند: حدثنا الوليد، حدثنا مسلم، حدثنا الأوزاعي = وهو خطأ لا شك فيه، صوابه: الوليد بن مسلم، كما نقله عن هذا الموضع من المسند، ابن كثير في تفسيره ٢: ٦٩).
وقال ابن كثير بعد نقله هذا الخبر الثاني من خبري أحمد: "تفرد به أحمد من هذا الوجه، وهو إسناد صحيح على شرط الصحيحين".
ولكن الهيثمي خرجه في مجمع الزوائد ٤: ١٦٥، وقال: "رواه أحمد بإسنادين، رجال أحدهما رجال الصحيح [يعني الحديث الثاني من حديثي أحمد]، إلا أن المزي قال: لم يسمع حسان بن عطية من أبي واقد، والله أعلم".
ثم خرجه الهيثمي أيضًا في مجمع الزوائد ٥: ١٦٥ وقال: "رواه الطبراني، ورجاله ثقات". ولم يذكر مقالة المزي، ولا انقطاع الخبر.
ورواه الحاكم في المستدرك ٤: ١٢٥، من طريق أبي قلابة الرقاشي، عن أبي عاصم، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن أبي واقد، بمثله. وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه". وتعقبه الذهبي فقال: "فيه انقطاع"، إشارة ما قاله المزي، فيما رواه صاحب مجمع الزوائد.
ورواه البيهقي في السنن ٩: ٣٥٦ من ثلاث طرق: محمد بن القاسم الأسدي، عن الأوزاعي، كرواية أحمد والطبري.
ومن طريق أبي عبيد، عن محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن حسان، عن أبي واقد.
ثم رواه من طريق الوليد بن مسلم (وهو طريق أحمد الثاني)، ولكن فيه زيادة، وذلك أنه رواه عن إسحق بن إبراهيم الحنظلي، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن ابن مرثد = أو أبي مرثد = عن أبي واقد الليثي.
وإلى هذه الطريق أشار ابن كثير في تفسيره ٣: ٦٩، بعد أن روى حديث أحمد في المسند فقال: "ولكن رواه بعضهم عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن مسلم بن يزيد، عن أبي واقد، به، ومنهم من رواه عن الأوزاعي، عن حسان، عن مرثد = أو أبي مرثد = عن أبي واقد، به"، فخالف ما في سنن البيهقي، قال: "مرثد"، والذي فيها"ابن مرثد".
ولم أجد ذكرًا في كتب الرجال لمسلم بن يزيد، أو مرثد، أو ابن مرثد. فإسناد هذه الخبر، كما ترى، هو على صحته منقطع.
وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٢: ٢٥٩، ولم ينسب لغير أحمد والحاكم. * * *
وقوله: "إذا لم تصطبحوا"، أي: إذا لم تجدوا صبوحًا، و"الصبوح" (بفتح الصاد) : هو ما يحلب من اللبن بالغداة ويشرب عندئذ. و"اصطبح القوم": شربوا الصبوح. و"صبح الرجل ضيفه": سقاه الصبوح بالغداة.
وقوله: "أو تغتبقوا"، أي: إذا لم تجدوا غبوقًا، و"الغبوق" (بفتح الغين) : هو ما يحلب من اللبن بالعشي، ويشرب عندئذ."غبق الرجل ضيفه"، سقاه غبوقًا. و"اغتبق القوم": شربوا الغبوق بالعشي.
أما "تحتفئوا"، فسيأتي تفسيرها بعد الأثر رقم: ١١١٣٣، ص: ٥٤٢، تعليق: ٢.
538
١١١٢٦- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم، عن الخصيب بن زيد التميمي قال، حدثنا الحسن: أن رجلا سأل رسول الله ﷺ فقال: إلى متى يحلُّ لي الحرام؟ قال فقال: إلى أن يروَى أهلك من اللبن، أو تجيء مِيرَتُهم". (١)
(١) الأثر: ١١١٢٦-"الخصيب بن زيد التميمي"، سمع عن الحسن، مرسل، روى عنه هشيم، هكذا قال البخاري في الكبير ٢/١/٢٠١. وفي التهذيب: "وثقه أحمد"، وذكره ابن حبان في الثقات. وفي ابن أبي حاتم ١/٢/٣٩٦، كتب"خصيب بن بدر التميمي"، والصواب"خصيب بن زيد" كما قال البخاري.
و"الميرة" (بكسر الميم) : هو جلب الطعام. وفي المخطوطة: "وتجيء" بالواو، وأثبت ما في المطبوعة، وابن كثير ٣: ٦٩.
و"الميرة" (بكسر الميم) : هو جلب الطعام. وفي المخطوطة: "وتجيء" بالواو، وأثبت ما في المطبوعة، وابن كثير ٣: ٦٩.
539
١١١٢٧- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا خصيب بن زيد التميمي قال، حدثنا الحسن: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله = إلا أنه قال: أو تُجْبَى ميرتهم. (١)
١١١٢٨- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال، حدثني عمر بن عبد الله بن عروة، عن جده عروة بن الزبير، عمن حدثه: أن رجلا من الأعراب أتى النبي ﷺ يستفتيه في الذي حرّم الله عليه، والذي أحل له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تحل لك الطيبات، وتحرُم عليك الخبائث، إلا أن تفتقر إلى طعام [لا يحل لك]، (٢) فتأكل منه حتى تستغني عنه. فقال الرجل: وما فقري الذي يُحِلّ لي؟ وما غناي الذي يغنيني عن ذلك؟ (٣) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا كنت ترجو نتاجًا، فتبلَّغ بلحوم ماشيتك إلى نِتاجك، أو كنت ترجو غنًى تطلبه، فتبلَّغ من ذلك شيئًا، (٤) فأطعم أهلك ما بدا لك حتى تستغني عنه. فقال الأعرابي: ما غِناي الذي أدعه إذا وجدته؟
١١١٢٨- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال، حدثني عمر بن عبد الله بن عروة، عن جده عروة بن الزبير، عمن حدثه: أن رجلا من الأعراب أتى النبي ﷺ يستفتيه في الذي حرّم الله عليه، والذي أحل له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تحل لك الطيبات، وتحرُم عليك الخبائث، إلا أن تفتقر إلى طعام [لا يحل لك]، (٢) فتأكل منه حتى تستغني عنه. فقال الرجل: وما فقري الذي يُحِلّ لي؟ وما غناي الذي يغنيني عن ذلك؟ (٣) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا كنت ترجو نتاجًا، فتبلَّغ بلحوم ماشيتك إلى نِتاجك، أو كنت ترجو غنًى تطلبه، فتبلَّغ من ذلك شيئًا، (٤) فأطعم أهلك ما بدا لك حتى تستغني عنه. فقال الأعرابي: ما غِناي الذي أدعه إذا وجدته؟
(١) في المطبوعة: "أو تحيا ميرتهم"، من"الحياة"، وفي المخطوطة: "تجبى" غير منقوطة، فرأيت أن أقرأها كذلك، من"جبى الماء في الحوض يجيبه": جمعه، و"جبى الخراج" جمعه. ولو قرئت: "يجني" من"جنى يجني"، كما تجنى الثمرة، لكان مجازا. وللذي في المطبوعة: "يحيى"، وجه. ولكني رجحت ما أثبت. ولم أجد الخبر في مكان آخر بهذه الرواية.
(٢) الزيادة بين القوسين، لا يتم الكلام إلا بها، من مجمع الزوائد.
(٣) نص ما رواه في مجمع الزوائد: "ما فقري، وما الذي آكل من ذلك إذا بلغته؟ وما غناي الذي يغنيني عنه".
(٤) "تبلغ بشيء من الطعام أو غيره": اكتفى به. وقوله: "شيئا"، أي: قليلا، غير مفرط فيه.
وانظر تفسير"شيء" بمعنى"قليل" فيما سلف ٦: ٤٤٨، تعليق ٢/٨: ٤٠٣، تعليق: ١.
(٢) الزيادة بين القوسين، لا يتم الكلام إلا بها، من مجمع الزوائد.
(٣) نص ما رواه في مجمع الزوائد: "ما فقري، وما الذي آكل من ذلك إذا بلغته؟ وما غناي الذي يغنيني عنه".
(٤) "تبلغ بشيء من الطعام أو غيره": اكتفى به. وقوله: "شيئا"، أي: قليلا، غير مفرط فيه.
وانظر تفسير"شيء" بمعنى"قليل" فيما سلف ٦: ٤٤٨، تعليق ٢/٨: ٤٠٣، تعليق: ١.
540
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أرويت أهلك غَبُوقًا من الليل. (١) فاجتنب ما حرَّم الله عليك من طعام. [وأمّا] مالُك (٢) فإنه ميسور كله، ليس فيه حرام. " (٣)
١١١٢٩- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن ابن عون قال: وجدت عند الحسن كتاب سمرة، فقرأته عليه، وكان فيه: ويُجْزي من الاضطرار غَبُوق أو صَبُوح. (٤)
١١١٣٠- حدثنا هناد وأبو هشام الرفاعي قالا حدثنا يحيى بن أبي زائدة، عن ابن عون قال: قرأت في كتاب سَمُرة بن جندب: يكفي من الاضطرار = أو: من الضرورة = غبوقٌ أو صبوح. (٥)
١١١٣١- حدثني علي بن سعيد الكندي وأبو كريب قالا حدثنا عبد الله بن إدريس، عن هشام بن حسان، عن الحسن قال: إذا اضطر الرجل إلى الميتة، أكل منها قوتَه = يعني: مُسْكَتَه. (٦)
١١١٢٩- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن ابن عون قال: وجدت عند الحسن كتاب سمرة، فقرأته عليه، وكان فيه: ويُجْزي من الاضطرار غَبُوق أو صَبُوح. (٤)
١١١٣٠- حدثنا هناد وأبو هشام الرفاعي قالا حدثنا يحيى بن أبي زائدة، عن ابن عون قال: قرأت في كتاب سَمُرة بن جندب: يكفي من الاضطرار = أو: من الضرورة = غبوقٌ أو صبوح. (٥)
١١١٣١- حدثني علي بن سعيد الكندي وأبو كريب قالا حدثنا عبد الله بن إدريس، عن هشام بن حسان، عن الحسن قال: إذا اضطر الرجل إلى الميتة، أكل منها قوتَه = يعني: مُسْكَتَه. (٦)
(١) في مجمع الزوائد: "غبوقًا من اللبن"، وما في الطبري أجود.
(٢) الزيادة بين القوسين، لا يتم الكلام إلا بها، زدتها من مجمع الزوائد، ومن الدر المنثور. وأما قوله بعد: "ميسور كله"، أي: موسع عليك فيه.
(٣) الأثر: ١١١٢٨- خرجه الهيثمي في مجمع الزوائد مطولا، من"حديث سمرة بن جندب، عن رسول الله ﷺ أنه أتاه رجل من الأعراب"، ثم قال: "رواه الطبراني في الكبير، والبزار باختصار. وفي إسناد الطبراني مساتير، وإسناد البزار ضعيف".
وذكره ابن كثير من تفسيره ٣: ٧٠ عن هذا الموضع من التفسير، وفيه: "عروة بن الزبير، عن جدته"، والصواب ما في الطبري، والدر المنثور، وبما تبين من أن الخبر من حديث سمرة بن جندب. وخرجه في الدر المنثور ٢: ٢٦٠، ولم ينسبه لغير الطبري.
(٤) الأثر: ١١١٢٩-"سمرة"، هو"سمرة بن جندب بن هلال الفزاري"، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكتابه هذا هو رسالته إلى بنيه، قال ابن سيرين: "في رسالة سمرة إلى بنيه، علم كثير". وانظر الأثر التالي.
(٥) الأثر: ١١١٣٠- هذا الأثر، رواه البيهقي في السنن عن أبي عبيد، عن معاذ، عن ابن عون: قال: "رأيت عند الحسن كتب سمرة لبنيه: أنه يجزئ من الاضطرار - أو الضارورة.." و"الضرورة" و"الضارورة"، واحد، وهما اسم لمصدر"الاضطرار".
(٦) "المسكة" (بضم الميم وسكون السين) : هي ما يمسك الأبدان من الطعام والشراب. وكذلك"القوت": هو ما يقوم به بدن الإنسان من الطعام، وما يمسك الرمق من الرزق.
(٢) الزيادة بين القوسين، لا يتم الكلام إلا بها، زدتها من مجمع الزوائد، ومن الدر المنثور. وأما قوله بعد: "ميسور كله"، أي: موسع عليك فيه.
(٣) الأثر: ١١١٢٨- خرجه الهيثمي في مجمع الزوائد مطولا، من"حديث سمرة بن جندب، عن رسول الله ﷺ أنه أتاه رجل من الأعراب"، ثم قال: "رواه الطبراني في الكبير، والبزار باختصار. وفي إسناد الطبراني مساتير، وإسناد البزار ضعيف".
وذكره ابن كثير من تفسيره ٣: ٧٠ عن هذا الموضع من التفسير، وفيه: "عروة بن الزبير، عن جدته"، والصواب ما في الطبري، والدر المنثور، وبما تبين من أن الخبر من حديث سمرة بن جندب. وخرجه في الدر المنثور ٢: ٢٦٠، ولم ينسبه لغير الطبري.
(٤) الأثر: ١١١٢٩-"سمرة"، هو"سمرة بن جندب بن هلال الفزاري"، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكتابه هذا هو رسالته إلى بنيه، قال ابن سيرين: "في رسالة سمرة إلى بنيه، علم كثير". وانظر الأثر التالي.
(٥) الأثر: ١١١٣٠- هذا الأثر، رواه البيهقي في السنن عن أبي عبيد، عن معاذ، عن ابن عون: قال: "رأيت عند الحسن كتب سمرة لبنيه: أنه يجزئ من الاضطرار - أو الضارورة.." و"الضرورة" و"الضارورة"، واحد، وهما اسم لمصدر"الاضطرار".
(٦) "المسكة" (بضم الميم وسكون السين) : هي ما يمسك الأبدان من الطعام والشراب. وكذلك"القوت": هو ما يقوم به بدن الإنسان من الطعام، وما يمسك الرمق من الرزق.
541
١١١٣٢- حدثنا هنّاد بن السري قال، حدثنا ابن مبارك، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية قال: قال رجل: يا رسول الله، إنا بأرض مَخْمصة، فما يحلّ لنا من الميتة؟ ومتى تحلّ لنا الميتة؟ قال: إذا لم تصطبحوا، أو تغتبقوا، ولم تحتفئوا بقلا فشأنَكم بها. (١)
١١١٣٣- حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن رجل قد سمي لنا: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا نكون بأرض مخمصة، فمتى تحل لنا الميتة؟ قال: إذا لم تغتبقوا، ولم تصطبحوا، ولم تحتفئوا بقلا فشأنكم بها. (٢)
* * *
قال أبو جعفر: يروى هذا على أربعة أوجه:"تحتفئوا" بالهمزة ="وتحتفيوا" بتخفيف"الياء" و"الحاء" = و"تحتفّوا"، بتشديد الفاء = و"تحتفوا" بالحاء، والتخفيف، ويحتمل الهمز (٣).
* * *
١١١٣٣- حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن رجل قد سمي لنا: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا نكون بأرض مخمصة، فمتى تحل لنا الميتة؟ قال: إذا لم تغتبقوا، ولم تصطبحوا، ولم تحتفئوا بقلا فشأنكم بها. (٢)
* * *
قال أبو جعفر: يروى هذا على أربعة أوجه:"تحتفئوا" بالهمزة ="وتحتفيوا" بتخفيف"الياء" و"الحاء" = و"تحتفّوا"، بتشديد الفاء = و"تحتفوا" بالحاء، والتخفيف، ويحتمل الهمز (٣).
* * *
(١) الأثران: ١١١٣٢، ١١١٣٣- هما خبر أبي واقد الليثي الذي مضى برقم: ١١١٢٥، وانظر التعليق عليه هناك.
(٢) الأثران: ١١١٣٢، ١١١٣٣- هما خبر أبي واقد الليثي الذي مضى برقم: ١١١٢٥، وانظر التعليق عليه هناك.
(٣) ما ذكره أبو جعفر هو روايات هذا الحرف بالحاء، ولكنه روي أيضًا بالجيم مهموزًا: "تجتفئوا" من قولهم: "جفأ البقل يجفؤه جفأ، واجتفأ": إذا اقتلعه من أصله.
وروي بالجيم غير مهموز"تجتفوا"، بمعنى المهموز: "جفيت البقل واجتفيته".
وروي بالخاء المعجمة: "تختفوا" من"أخفى الشيء" إذا أظهره بعد خفائه، كأنه قد أزال خفاءه.
وأما ما رواه الطبري بالحاء، فتفسير"تحتفئوا" من"الحفأ" وهو البردي. يقال: "احتفا الحفأ": اقتلعه من منبته.
وأما "تحتفيوا" (بكسر الفاء وضم الياء) من قولهم: "احتفى الحفأ، البقل" إذا اقتلعه من وجه الأرض بالأظافير، وأصله الهمز.
وأما "تحتفوا" بتشديد الفاء، فمن قولهم: "احتف الطعام" إذا أكل جميع ما في القدر، ومن قولهم: "احتفت المرأة": أزالت شعر وجهها نتفًا بخيطين، فكأنهم ينتفون البقل من وجه الأرض لصغره.
وأما "تحتفوا" فمن"احتفى البقل": إذا اقتلعه، وهو غير مهموز.
هذا، وقد قال الأزهري: "قال أبو سعيد: صوابه: تحتفوا، بتخفيف الفاء من غير همز. وكل شيء استؤصل فقد احتفى، ومنه: إحفاء الشعر. قال: واحتفى البقل: إذا أخذه من وجه الأرض بأطراف أصابعه من قصره وقلته = قال: ومن قال: تحتفئوا، بالهمز، من الحفأ، البردي، فهو باطل، لأن البردي ليس من البقل. والبقول: ما نبت من العشب على وجه الأرض مما لا عرق له. قال: ولا بردي في بلاد العرب = ويروى: ما لم تجتفئوا، بالجيم. قال: والاجتفاء أيضًا بالجيم باطل، لأن الاجتفاء: كب الآنية إذا جفأتها = ويروى: ما لم تحتفوا، بتشديد الفاء، من: احتففت الشيء، إذا أخذته كله، كما تحف المرأة وجهها من الشعر".
(٢) الأثران: ١١١٣٢، ١١١٣٣- هما خبر أبي واقد الليثي الذي مضى برقم: ١١١٢٥، وانظر التعليق عليه هناك.
(٣) ما ذكره أبو جعفر هو روايات هذا الحرف بالحاء، ولكنه روي أيضًا بالجيم مهموزًا: "تجتفئوا" من قولهم: "جفأ البقل يجفؤه جفأ، واجتفأ": إذا اقتلعه من أصله.
وروي بالجيم غير مهموز"تجتفوا"، بمعنى المهموز: "جفيت البقل واجتفيته".
وروي بالخاء المعجمة: "تختفوا" من"أخفى الشيء" إذا أظهره بعد خفائه، كأنه قد أزال خفاءه.
وأما ما رواه الطبري بالحاء، فتفسير"تحتفئوا" من"الحفأ" وهو البردي. يقال: "احتفا الحفأ": اقتلعه من منبته.
وأما "تحتفيوا" (بكسر الفاء وضم الياء) من قولهم: "احتفى الحفأ، البقل" إذا اقتلعه من وجه الأرض بالأظافير، وأصله الهمز.
وأما "تحتفوا" بتشديد الفاء، فمن قولهم: "احتف الطعام" إذا أكل جميع ما في القدر، ومن قولهم: "احتفت المرأة": أزالت شعر وجهها نتفًا بخيطين، فكأنهم ينتفون البقل من وجه الأرض لصغره.
وأما "تحتفوا" فمن"احتفى البقل": إذا اقتلعه، وهو غير مهموز.
هذا، وقد قال الأزهري: "قال أبو سعيد: صوابه: تحتفوا، بتخفيف الفاء من غير همز. وكل شيء استؤصل فقد احتفى، ومنه: إحفاء الشعر. قال: واحتفى البقل: إذا أخذه من وجه الأرض بأطراف أصابعه من قصره وقلته = قال: ومن قال: تحتفئوا، بالهمز، من الحفأ، البردي، فهو باطل، لأن البردي ليس من البقل. والبقول: ما نبت من العشب على وجه الأرض مما لا عرق له. قال: ولا بردي في بلاد العرب = ويروى: ما لم تجتفئوا، بالجيم. قال: والاجتفاء أيضًا بالجيم باطل، لأن الاجتفاء: كب الآنية إذا جفأتها = ويروى: ما لم تحتفوا، بتشديد الفاء، من: احتففت الشيء، إذا أخذته كله، كما تحف المرأة وجهها من الشعر".
542
القول في تأويل قوله: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: يسألك، يا محمد، أصحابك: ما الذي أحل لهم أكله من المطاعم والمآكل؟ فقل لهم: أحِل لكم منها ="الطيبات"، وهي الحلال الذي أذن لكم ربكم في أكله من الذبائح (١) وأحل لكم أيضًا مع ذلك، صيدُ ما علّمتم من"الجوارح"، وهن الكَواسب من سباع البهائم.
* * *
والطير سميت"جوارح"، لجرحها لأربابها، وكسبها إيّاهم أقواتَهم من الصيد. يقال منه:"جرح فلان لأهله خيرًا"، إذا أكسبهم خيرًا، و"فلان جارِحَة أهله"، يعني بذلك: كاسبهم، و"لا جارحة لفلانة"، إذا لم يكن لها كاسب (٢) ومنه قول أعشى بني ثعلبة.
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: يسألك، يا محمد، أصحابك: ما الذي أحل لهم أكله من المطاعم والمآكل؟ فقل لهم: أحِل لكم منها ="الطيبات"، وهي الحلال الذي أذن لكم ربكم في أكله من الذبائح (١) وأحل لكم أيضًا مع ذلك، صيدُ ما علّمتم من"الجوارح"، وهن الكَواسب من سباع البهائم.
* * *
والطير سميت"جوارح"، لجرحها لأربابها، وكسبها إيّاهم أقواتَهم من الصيد. يقال منه:"جرح فلان لأهله خيرًا"، إذا أكسبهم خيرًا، و"فلان جارِحَة أهله"، يعني بذلك: كاسبهم، و"لا جارحة لفلانة"، إذا لم يكن لها كاسب (٢) ومنه قول أعشى بني ثعلبة.
ذاتَ حَدٍّ مُنْضِجٍ مِيسَمُهَا | تُذْكِرَ الجَارِحَ مَا كَانَ اجْتَرَحْ (٣) |
(١) انظر تفسير"الطيبات" فيما سلف ٣: ٣٠١/ ٥: ٥٥٥/٦: ٣٦١ / ٨: ٤٠٩ / ٩: ٣٩١.
(٢) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٥٤.
(٣) ديوانه: ١٦٤، وهي من قصيدة له طويلة، مجد فيها إياس بن قبيصة الطائي، ملك الحيرة. ثم ختم القصيدة بذكر الخمر، وذكر شبابه وما كان فيه من لهو ومروءة وبأس، فقال يصف لاذع قوله فيمن يعاديه (برواية الديوان) :
قوله: "كلما" جمع"كلمة"، يعني به: هجاءه وشعره. وفي الديوان: "كلما" مضبوطة بضم الكاف وتشديد اللام المفتوحة، ونقل عن الديوان"كل ما"، وهو خطأ فيما أرجح. و"حسم الداء يحسمه": قطعه بالدواء. و"حسم العرق": قطعه، ثم كواه لئلا يسيل دمه. و"الكشح" (بفتح الكاف والشين) : داء يصيب الإنسان في كشحه فيكوى."الكشح" (بفتح فسكون) : ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلف، وهما كشحان في الإنسان. و"طوى فلان كشحه": أي أعرض وولاك كشحه، من البغض والعداوة. وأراد بقوله: "داء الكشح"، العداوة والبغضاء. يقول: أهجوه هجاء يشفيه من داء البغض!
وقوله: "وقطعت ناظريه" أي: كويته كية ظاهرة في وسط جبينه، بين عينيه إلى أنفه: وقوله: "ظاهرًا" صفة لمحذوف، أي كيا ظاهر الأثر. ليس أثره كأثر اللطم أو الكمح. و"الكمح" (بفتحتين) : هو أثر كمح الفرس باللجام، أي رده وجذبه باللجام ليقف، فيترك ذلك أثرًا حيث موقع اللجام. وهو حرف لم تذكره كتب اللغة، وشرحته من سياق معنى الشعر. يقول: أثر اللطم غير بين فهو يزول، وأثر كمح اللجام سهل يأتي متتابعًا فلا يؤذي، أما هذا الظاهر فهو مكواة من النار (كما يبينه البيت الثالث). وأنا في شك من رواية هذا البيت.
وقوله: "ذا حبار"، أي ذا أثر، صفة ثانية لقوله: "ظاهرًا"، و"الحبار" (بفتح الحاء) الأثر في الجلد من ضرب أو كي أو غيرها. ومثله"الحبر" (بكسر فسكون). وفي الديوان"ذا جبار" (بضم الجيم)، وهو لا معنى له، صواب إنشاده ما أثبت. و"الميسم": الحديدة التي يكوى بها. يشبه هجاه بالمكواة الحامية تنضج الجلد، وتبقي فيه أثرًا لا يزول، ولا تزال تذكره بما اجترم.
وأما رواية أبي جعفر، فهي في المخطوطة: "ذات حد" (بالحاء المفتوحة)، فإن صحت كذلك فهي صفة لقوله: "كلما يحسمن"، و"الحد": صلابة الشيء وشدته ونفاذه، كما يقال"حد الظهيرة"، أي: أشد حرها. وإن صحت روايته كما كان في المطبوعة: "ذات خد"، (بالخاء المعجمة) : من"الخد" و"الأخدود"، وهو الشق، و"خدت الضربة جلده" إذا شقته وتركت فيه خدًا. و"أخاديد السياط"، آثارها في الجلد. وكلتاهما جيدة المعنى.
* * *
تنبيه: ديوان الأعشى المطبوع في أوربة، ديوان كثير الخطأ والتحريف والتصحيف، فمن أجل ذلك اجتهدت في تصحيح هذا الشعر، وفي كثير غيره مما سلف من شعر الأعشى.
(٢) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٥٤.
(٣) ديوانه: ١٦٤، وهي من قصيدة له طويلة، مجد فيها إياس بن قبيصة الطائي، ملك الحيرة. ثم ختم القصيدة بذكر الخمر، وذكر شبابه وما كان فيه من لهو ومروءة وبأس، فقال يصف لاذع قوله فيمن يعاديه (برواية الديوان) :
وَلَقَدْ أَمْنَحُ مَنْ عَادَيْتُهُ | كَلِمًا يَحْسِمْنَ مِنْ داءِ الكَشَحْ |
وقطَعْتُ نَاظِرَيْهِ ظاهِرًا | لا يكونُ مِثْلَ لَطْمٍ وكَمَحْ |
ذَا حَبَارٍ مُنْضِجٍ مِيسَمُهُ | يُذْكِرُ الجَارِمَ مَا كَانَ اجتَرَحْ |
وقوله: "وقطعت ناظريه" أي: كويته كية ظاهرة في وسط جبينه، بين عينيه إلى أنفه: وقوله: "ظاهرًا" صفة لمحذوف، أي كيا ظاهر الأثر. ليس أثره كأثر اللطم أو الكمح. و"الكمح" (بفتحتين) : هو أثر كمح الفرس باللجام، أي رده وجذبه باللجام ليقف، فيترك ذلك أثرًا حيث موقع اللجام. وهو حرف لم تذكره كتب اللغة، وشرحته من سياق معنى الشعر. يقول: أثر اللطم غير بين فهو يزول، وأثر كمح اللجام سهل يأتي متتابعًا فلا يؤذي، أما هذا الظاهر فهو مكواة من النار (كما يبينه البيت الثالث). وأنا في شك من رواية هذا البيت.
وقوله: "ذا حبار"، أي ذا أثر، صفة ثانية لقوله: "ظاهرًا"، و"الحبار" (بفتح الحاء) الأثر في الجلد من ضرب أو كي أو غيرها. ومثله"الحبر" (بكسر فسكون). وفي الديوان"ذا جبار" (بضم الجيم)، وهو لا معنى له، صواب إنشاده ما أثبت. و"الميسم": الحديدة التي يكوى بها. يشبه هجاه بالمكواة الحامية تنضج الجلد، وتبقي فيه أثرًا لا يزول، ولا تزال تذكره بما اجترم.
وأما رواية أبي جعفر، فهي في المخطوطة: "ذات حد" (بالحاء المفتوحة)، فإن صحت كذلك فهي صفة لقوله: "كلما يحسمن"، و"الحد": صلابة الشيء وشدته ونفاذه، كما يقال"حد الظهيرة"، أي: أشد حرها. وإن صحت روايته كما كان في المطبوعة: "ذات خد"، (بالخاء المعجمة) : من"الخد" و"الأخدود"، وهو الشق، و"خدت الضربة جلده" إذا شقته وتركت فيه خدًا. و"أخاديد السياط"، آثارها في الجلد. وكلتاهما جيدة المعنى.
* * *
تنبيه: ديوان الأعشى المطبوع في أوربة، ديوان كثير الخطأ والتحريف والتصحيف، فمن أجل ذلك اجتهدت في تصحيح هذا الشعر، وفي كثير غيره مما سلف من شعر الأعشى.
543
يعني: اكتسب.
وترك من قوله:"وما علمتم"،"وصيد" ما علمتم من الجوارح، اكتفاء بدلالة ما ذكر من الكلام على ما تُرِك ذكره.
* * *
وترك من قوله:"وما علمتم"،"وصيد" ما علمتم من الجوارح، اكتفاء بدلالة ما ذكر من الكلام على ما تُرِك ذكره.
* * *
544
وذلك أن القوم، فيما بلغنا، كانوا سألوا رسول الله ﷺ حين أمرهم بقتل الكلاب، عما يحلّ لهم اتخاذه منها وصَيْده، فأنزل الله عز ذكره فيما سألوا عنه من ذلك هذه الآية. فاستثنى مما كان حرّم اتخاذه منها، وأمر بقُنْيَة كلاب الصيد (١) وكلاب الماشية، وكلاب الحرث، وأذن لهم باتخاذ ذلك.
ذكر الخبر بذلك:
١١١٣٤- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا زيد بن حباب العكلي قال، حدثنا موسى بن عبيدة قال، أخبرنا أبان بن صالح، عن القعقاع بن حكيم، عن سلمى أم رافع، عن أبي رافع قال: جاء جبريل إلى النبي ﷺ يستأذن عليه، فأذن له فقال: قد أذنَّا لك يا رسول الله! (٢) قال: أجل، ولكنا لا ندخل بيتًا فيه كلب! قال أبو رافع: فأمرني أن أقتل كل كلب بالمدينة، فقتلت حتى انتهيت إلى امرأة عندها كلب ينبح عليها، فتركته رحمة لها، ثم جئت إلى رسول الله ﷺ فأخبرته، فأمرني فرجعت إلى الكلب فقتلته. فجاؤوا فقالوا: يا رسول الله، ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله:"يسألونك ماذا أحِل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علَّمتم من الجوارح مكلبين". (٣)
ذكر الخبر بذلك:
١١١٣٤- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا زيد بن حباب العكلي قال، حدثنا موسى بن عبيدة قال، أخبرنا أبان بن صالح، عن القعقاع بن حكيم، عن سلمى أم رافع، عن أبي رافع قال: جاء جبريل إلى النبي ﷺ يستأذن عليه، فأذن له فقال: قد أذنَّا لك يا رسول الله! (٢) قال: أجل، ولكنا لا ندخل بيتًا فيه كلب! قال أبو رافع: فأمرني أن أقتل كل كلب بالمدينة، فقتلت حتى انتهيت إلى امرأة عندها كلب ينبح عليها، فتركته رحمة لها، ثم جئت إلى رسول الله ﷺ فأخبرته، فأمرني فرجعت إلى الكلب فقتلته. فجاؤوا فقالوا: يا رسول الله، ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله:"يسألونك ماذا أحِل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علَّمتم من الجوارح مكلبين". (٣)
(١) "القنية" (بضم القاف، أو بكسرها، وسكون النون) : اقتناء الأشياء واتخاذها لما ينتفع بها فيه.
(٢) يعني بقوله: "رسول الله"، جبريل رسول الله بوحيه إلى النبي صلى الله عليهما.
(٣) الأثر: ١١١٣٤-"زيد بن الحباب العكلي"، مضى برقم: ٢١٨٥، ٥٣٥٠، ٨١٦٥، وهو ثقة، من شيوخ أحمد.
و"موسى بن عبيدة بن نشيط الربذي"، مضى برقم: ١٨٧٥، ١٨٧٦، ٣٢٩١، ٨٣٦١، وهو ضعيف جدًا. قال أحمد: "منكر الحديث، لا تحل الرواية عنه". وفي تفسير ابن كثير: "يونس بن عبيدة"، وهو خطأ يصحح.
و"أبان بن صالح بن عمير بن عبيد"، ثقة. مضى برقم: ٤٣٣٧، ٤٣٣٨، وكان في المطبوعة هنا: "حدثنا موسى بن عبيدة، قال أخبرنا صالح، وفي المخطوطة: "قال أنا صالح"، وهو خطأ في كلتيهما، والصواب ما أثبته، عن الحاكم، والبيهقي، وابن كثير.
و"القعقاع بن حكيم الكناني"، تابعي ثقة، مضى برقم: ٣٠٤.
و"سلمى أم رافع"، مولاة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي زوجة أبي رافع، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن فاطمة الزهراء.
و"أبو رافع" مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإسناد هذا الخبر ضعيف، لضعف موسى بن عبيدة الربذي. ورواه ابن أبي حاتم أيضًا من طريق حجاج بن حمزة، عن زيد بن حباب، عن موسى بن عبيدة، كما نقله ابن كثير في تفسيره ٣: ٧٢، ٧٣. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٤: ٤٢، ٤٣، وقال: "رواه الطبراني في الكبير، وفيه موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف".
أما البيهقي في السنن ٩: ٢٣٥، والحاكم في المستدرك ٢: ٣١١، فقد روياه مختصرًا من طريق معلى بن منصور، عن ابن أبي زائدة، عن محمد بن إسحق، عن أبان بن صالح، وهو أصح من إسناد أبي جعفر وابن أبي حاتم. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وقد روي حديث أبي رافع، بغير هذا اللفظ، من طرق. انظر الهيثمي في مجمع الزوائد ٤: ٤٢، ٤٣، ومسند أحمد ٦: ٨-١٠، ٣٩١.
وقوله: "عندها كلب ينبح عليها"، أي: يرد عنها بنباحه ما تخاف من سبع، وينذرها بمجيء ضيف إن استروح رائحته. وجاء بيانه في الأثر الذي رواه أحمد في مسنده ٦: ٣٩١: "قالت: إني امرأة مضيعة، وإن هذا الكلب يطرد عني السبع، ويؤذنني بالجائي".
(٢) يعني بقوله: "رسول الله"، جبريل رسول الله بوحيه إلى النبي صلى الله عليهما.
(٣) الأثر: ١١١٣٤-"زيد بن الحباب العكلي"، مضى برقم: ٢١٨٥، ٥٣٥٠، ٨١٦٥، وهو ثقة، من شيوخ أحمد.
و"موسى بن عبيدة بن نشيط الربذي"، مضى برقم: ١٨٧٥، ١٨٧٦، ٣٢٩١، ٨٣٦١، وهو ضعيف جدًا. قال أحمد: "منكر الحديث، لا تحل الرواية عنه". وفي تفسير ابن كثير: "يونس بن عبيدة"، وهو خطأ يصحح.
و"أبان بن صالح بن عمير بن عبيد"، ثقة. مضى برقم: ٤٣٣٧، ٤٣٣٨، وكان في المطبوعة هنا: "حدثنا موسى بن عبيدة، قال أخبرنا صالح، وفي المخطوطة: "قال أنا صالح"، وهو خطأ في كلتيهما، والصواب ما أثبته، عن الحاكم، والبيهقي، وابن كثير.
و"القعقاع بن حكيم الكناني"، تابعي ثقة، مضى برقم: ٣٠٤.
و"سلمى أم رافع"، مولاة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي زوجة أبي رافع، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن فاطمة الزهراء.
و"أبو رافع" مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإسناد هذا الخبر ضعيف، لضعف موسى بن عبيدة الربذي. ورواه ابن أبي حاتم أيضًا من طريق حجاج بن حمزة، عن زيد بن حباب، عن موسى بن عبيدة، كما نقله ابن كثير في تفسيره ٣: ٧٢، ٧٣. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٤: ٤٢، ٤٣، وقال: "رواه الطبراني في الكبير، وفيه موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف".
أما البيهقي في السنن ٩: ٢٣٥، والحاكم في المستدرك ٢: ٣١١، فقد روياه مختصرًا من طريق معلى بن منصور، عن ابن أبي زائدة، عن محمد بن إسحق، عن أبان بن صالح، وهو أصح من إسناد أبي جعفر وابن أبي حاتم. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وقد روي حديث أبي رافع، بغير هذا اللفظ، من طرق. انظر الهيثمي في مجمع الزوائد ٤: ٤٢، ٤٣، ومسند أحمد ٦: ٨-١٠، ٣٩١.
وقوله: "عندها كلب ينبح عليها"، أي: يرد عنها بنباحه ما تخاف من سبع، وينذرها بمجيء ضيف إن استروح رائحته. وجاء بيانه في الأثر الذي رواه أحمد في مسنده ٦: ٣٩١: "قالت: إني امرأة مضيعة، وإن هذا الكلب يطرد عني السبع، ويؤذنني بالجائي".
545
١١١٣٥-حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة: أنّ النبي ﷺ بعث أبا رافع في قتل الكلاب، فقتل حتى بلغ العَوالي (١) فدخل عاصم بن عدي، وسعد بن خيثمة، وعويم بن ساعدة، فقالوا: ماذا أحلَّ لنا يا رسول الله؟ فنزلت:"يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلِّبين".
١١١٣٦- حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير قال، حدثونا عن محمد بن كعب القرظي قال: لما أمر النبي ﷺ بقتل الكلاب، قالوا: يا رسول الله، فماذا يحل لنا من هذه الأمة؟ فنزلت:"يسألونك ماذا أحل لهم"، الآية.
* * *
١١١٣٦- حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير قال، حدثونا عن محمد بن كعب القرظي قال: لما أمر النبي ﷺ بقتل الكلاب، قالوا: يا رسول الله، فماذا يحل لنا من هذه الأمة؟ فنزلت:"يسألونك ماذا أحل لهم"، الآية.
* * *
(١) "العوالي": أماكن بأعلى أراضي المدينة، وأدناها من المدينة على أربعة أميال، وأبعدها من جهة نجد ثمانية أميال
546
ثم اختلف أهل التأويل في"الجوارح" التي عنى الله بقوله:"وما علمتم من الجوارح".
فقال بعضهم: هو كل ما عُلِّم الصيدَ فتعلّمه، من بهيمة أو طائر.
*ذكر من قال ذلك:
١١١٣٧- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن المبارك، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن في قوله:"وما علمتم من الجوارح مكلبين"، قال: كل ما عُلِّم فصادَ، من كلب أو صقر أو فهدٍ أو غيره.
١١١٣٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن فضيل، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن:"مكلبين"، قال: كل ما علم فصاد من كلب أو فهد أو غيره.
١١١٣٩- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن المبارك، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في صيد الفهد قال: هو من الجوارح.
١١١٤٠- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد في قوله:"وما علمتم من الجوارح مكلبين"، قال: الطير والكلاب.
١١١٤١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن الحجاج، عن عطاء، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد، مثله.
١١١٤٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة، عن حميد، عن مجاهد:"مكلِّبيين"، قال: من الكلاب والطير.
١١١٤٣- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"من الجوارح مكلبين"، قال: من الطير والكلاب.
١١١٤٤- حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
فقال بعضهم: هو كل ما عُلِّم الصيدَ فتعلّمه، من بهيمة أو طائر.
*ذكر من قال ذلك:
١١١٣٧- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن المبارك، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن في قوله:"وما علمتم من الجوارح مكلبين"، قال: كل ما عُلِّم فصادَ، من كلب أو صقر أو فهدٍ أو غيره.
١١١٣٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن فضيل، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن:"مكلبين"، قال: كل ما علم فصاد من كلب أو فهد أو غيره.
١١١٣٩- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن المبارك، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في صيد الفهد قال: هو من الجوارح.
١١١٤٠- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد في قوله:"وما علمتم من الجوارح مكلبين"، قال: الطير والكلاب.
١١١٤١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن الحجاج، عن عطاء، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد، مثله.
١١١٤٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة، عن حميد، عن مجاهد:"مكلِّبيين"، قال: من الكلاب والطير.
١١١٤٣- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"من الجوارح مكلبين"، قال: من الطير والكلاب.
١١١٤٤- حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
547
١١١٤٥- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا شعبة = ح، وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن شعبة =، عن الهيثم، عن طلحة بن مصرف قال، قال خيثمة بن عبد الرحمن: هذا ما قد بيَّنت لك: أن الصقر والبازي من الجوارح. (١)
١١١٤٦- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة قال، سمعت الهيثم يحدث، عن طلحة الإيامي، عن خيثمة قال: بيّنت لك: (٢) أن الصقر والباز والكلب من الجوارح. (٣)
١١١٤٧- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا عبد الله بن عمر، عن نافع، عن علي بن حسين قال: الباز والصقر من الجوارح.
١١١٤٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان، عن شريك، عن جابر، عن أبي جعفر قال: الباز والصقر من"الجوارح المكلِّبين". (٤).
١١١٤٩- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"وما علمتم من الجوارح مكلبين"، يعني بـ "الجوارح"، الكلابَ الضواريَ والفهود والصقور وأشباهها.
١١١٥٠- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه:"وما علمتم من الجوارح مكلبين"، قال: من الكلاب، وغيرها من الصقور والبِيزان (٥) وأشباهِ ذلك مما يعلّم.
١١١٤٦- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة قال، سمعت الهيثم يحدث، عن طلحة الإيامي، عن خيثمة قال: بيّنت لك: (٢) أن الصقر والباز والكلب من الجوارح. (٣)
١١١٤٧- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا عبد الله بن عمر، عن نافع، عن علي بن حسين قال: الباز والصقر من الجوارح.
١١١٤٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان، عن شريك، عن جابر، عن أبي جعفر قال: الباز والصقر من"الجوارح المكلِّبين". (٤).
١١١٤٩- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"وما علمتم من الجوارح مكلبين"، يعني بـ "الجوارح"، الكلابَ الضواريَ والفهود والصقور وأشباهها.
١١١٥٠- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه:"وما علمتم من الجوارح مكلبين"، قال: من الكلاب، وغيرها من الصقور والبِيزان (٥) وأشباهِ ذلك مما يعلّم.
(١) الأثر: ١١١٤٥، ١١١٤٦-"الهيثم" هو: "الهيثم بن حبيب"، وهو"الهيثم بن أبي الهيثم" الصيرفي الكوفي. أثنى عليه أحمد وقال: "ما أحسن أحاديثه وأشد استقامتها". مترجم في التهذيب.
و"طلحة بن مصرف الإيامي"، مضى برقم: ٥٤٣١.
و"خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي" تابعي ثقة، مضى برقم: ٨٢٦٧.
(٢) في المطبوعة: "أنبئت أن الصقر"، وفي المخطوطة: "أتيت لك أن الصقر"، وكأن الصواب ما أثبت، استظهارًا من الأثر السالف.
(٣) الأثر: ١١١٤٥، ١١١٤٦-"الهيثم" هو: "الهيثم بن حبيب"، وهو"الهيثم بن أبي الهيثم" الصيرفي الكوفي. أثنى عليه أحمد وقال: "ما أحسن أحاديثه وأشد استقامتها". مترجم في التهذيب.
و"طلحة بن مصرف الإيامي"، مضى برقم: ٥٤٣١.
و"خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي" تابعي ثقة، مضى برقم: ٨٢٦٧.
(٤) في المطبوعة: "من الجوارح المكلبين"، وأثبت ما في المخطوطة، وهو صواب.
(٥) "البيزان" (بكسر الباء) جمع"باز"، بغير ياء في آخره، ويجمع أيضًا على"أبواز". وقولهم"باز" لغة في"بازي" وجمع"بازي""بزاة" و"بواز"
و"طلحة بن مصرف الإيامي"، مضى برقم: ٥٤٣١.
و"خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي" تابعي ثقة، مضى برقم: ٨٢٦٧.
(٢) في المطبوعة: "أنبئت أن الصقر"، وفي المخطوطة: "أتيت لك أن الصقر"، وكأن الصواب ما أثبت، استظهارًا من الأثر السالف.
(٣) الأثر: ١١١٤٥، ١١١٤٦-"الهيثم" هو: "الهيثم بن حبيب"، وهو"الهيثم بن أبي الهيثم" الصيرفي الكوفي. أثنى عليه أحمد وقال: "ما أحسن أحاديثه وأشد استقامتها". مترجم في التهذيب.
و"طلحة بن مصرف الإيامي"، مضى برقم: ٥٤٣١.
و"خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي" تابعي ثقة، مضى برقم: ٨٢٦٧.
(٤) في المطبوعة: "من الجوارح المكلبين"، وأثبت ما في المخطوطة، وهو صواب.
(٥) "البيزان" (بكسر الباء) جمع"باز"، بغير ياء في آخره، ويجمع أيضًا على"أبواز". وقولهم"باز" لغة في"بازي" وجمع"بازي""بزاة" و"بواز"
548
١١١٥١- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"وما علمتم من الجوارح مكلبين"، الجوارح: الكلاب والصقور المعلَّمة.
١١١٥٢- حدثني سعيد بن الربيع الرازيّ قال، حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، سمع عبيد بن عمير يقول في قوله:"من الجوارح مكلبين"، قال: الكلاب والطير.
* * *
وقال آخرون: إنما عنى الله جل ثناؤه بقوله:"وما علمتم من الجوارح مكلبين"، الكلابَ دون غيرها من السِّباع.
*ذكر من قال ذلك:
١١١٥٣- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا أبو تميلة قال، حدثنا عبيد، عن الضحاك:"وما علمتم من الجوار مكلبين"، قال: هي الكلاب.
١١١٥٤- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله:"وما علمتم من الجوارح مكلبين"، يقول: أحل لكم صيد الكلاب التي علَّمتوهن.
١١١٥٥- حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا ابن جريج، عن نافع، عن ابن عمر، قال: أمَّا ما صاد من الطير = والبُزاةُ من الطير = فما أدركت فهو لك، وإلا فلا تطعمه. (١)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين بتأويل الآية قول من قال:"كل ما صاد من الطير والسباع فمن الجوارح، وأنّ صيد جميع ذلك حلال إذا صادَ بعد التعليم"،
١١١٥٢- حدثني سعيد بن الربيع الرازيّ قال، حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، سمع عبيد بن عمير يقول في قوله:"من الجوارح مكلبين"، قال: الكلاب والطير.
* * *
وقال آخرون: إنما عنى الله جل ثناؤه بقوله:"وما علمتم من الجوارح مكلبين"، الكلابَ دون غيرها من السِّباع.
*ذكر من قال ذلك:
١١١٥٣- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا أبو تميلة قال، حدثنا عبيد، عن الضحاك:"وما علمتم من الجوار مكلبين"، قال: هي الكلاب.
١١١٥٤- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله:"وما علمتم من الجوارح مكلبين"، يقول: أحل لكم صيد الكلاب التي علَّمتوهن.
١١١٥٥- حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا ابن جريج، عن نافع، عن ابن عمر، قال: أمَّا ما صاد من الطير = والبُزاةُ من الطير = فما أدركت فهو لك، وإلا فلا تطعمه. (١)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين بتأويل الآية قول من قال:"كل ما صاد من الطير والسباع فمن الجوارح، وأنّ صيد جميع ذلك حلال إذا صادَ بعد التعليم"،
(١) في المطبوعة: "فلا تطمعه"، وهو خطأ في الطباعة
549
لأن الله جل ثناؤه عم بقوله:"وما علمتم من الجوارح مكلبين"، كلَّ جارحة، ولم يخصص منها شيئًا. فكل"جارحة"، كانت بالصفة التي وصف الله من كل طائر وسبع، فحلال أكل صيدها.
* * *
وقد روي عن النبيّ ﷺ بنحو ما قلنا في ذلك خبَرٌ، مع ما في الآية من الدلالة التي ذكرنا على صحة ما قلنا في ذلك، وهو ما:-
١١١٥٦- حدثنا به هناد قال، حدثنا عيسى بن يونس، عن مجالد، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم قال: سألت رسول الله ﷺ عن صيد البازي فقال: ما أمسك عليك فَكُل. (١)
* * *
* * *
وقد روي عن النبيّ ﷺ بنحو ما قلنا في ذلك خبَرٌ، مع ما في الآية من الدلالة التي ذكرنا على صحة ما قلنا في ذلك، وهو ما:-
١١١٥٦- حدثنا به هناد قال، حدثنا عيسى بن يونس، عن مجالد، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم قال: سألت رسول الله ﷺ عن صيد البازي فقال: ما أمسك عليك فَكُل. (١)
* * *
(١) الأثر: ١١١٥٦-"هناد" هو"هناد بن السري بن مصعب الدارمي"، ثقة. مضى برقم: ٢٠٥٨، ٢٧٥٨، ٢٩٩٨، ٣٩٦٠.
و"عيسى بن يونس بن أبي إسحق السبيعي"، الفقيه ابن الفقيه ابن الفقيه، ثقة حافظ رضي، مات سنة ١٨٧. مترجم في التهذيب.
و"مجالد" هو: "مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني"، مضى برقم: ١٦١٤، ٢٩٨٧، ٢٩٨٨ وقد مضى أنه ثقة، ضعفه بعض الأئمة، وأن الراجح في شأنه، تصحيح حديث القدماء عنه، وأن أعدل ما قيل فيه، قول عبد الرحمن بن مهدي: "حديث مجالد عند الأحداث، يحيى بن سعيد وأبي أسامة، ليس بشيء. ولكن حديث شعبة وحماد بن زيد وهشيم، وهؤلاء القدماء"، وقول ابن أبي حاتم: "يعني أنه تغير حفظه في آخر عمره. مات سنة ١٤٤".
وخبر الشعبي عن عدي بن حاتم، رواه مسلم والبخاري عن طريق زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم، أن عديا سأل رسول الله عن صيد الكلب. فقال: أمسك عليك فكل، الحديث (انظر سنن البيهقي ٩: ٢٣٥، ٢٣٦).
ورواه الأئمة أيضًا من طريق عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي، = ومن طريق عاصم الأحول، عن الشعبي = ومن طريق بيان عن الشعبي. ورووه أيضًا من طرق عن عدي بن حاتم، وليس فيها ذكر"الباز". (انظر السنن الكبرى للبيهقي ٩: ٢٣٥-٢٣٨)، وانظر ما سيأتي رقم: ١١٢١٠.
ثم روى البيهقي بإسناده عن عبد الله بن نمير، عن مجالد، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم: أن النبي ﷺ قال: ما علمت من كلب أو باز ثم أرسلته، وذكرت اسم الله، فكل مما أمسك عليك، الحديث. ثم قال البيهقي: ".. إلا أن ذكر البازي في هذه الرواية، لم يأت به الحفاظ الذين قدمنا ذكرهم عن الشعبي، وإنما أتى به مجالد، والله أعلم".
ورواية عيسى بن يونس، عن مجالد، تعد من رواية القدماء عن مجالد قبل أن يتغير حفظه. وعيسى بن يونس ثقة ثبت، فكأن أبا جعفر صحح هذا الحديث واحتج به، لأنه رواية ثقة، عن ثقة قبل تغيره.
و"عيسى بن يونس بن أبي إسحق السبيعي"، الفقيه ابن الفقيه ابن الفقيه، ثقة حافظ رضي، مات سنة ١٨٧. مترجم في التهذيب.
و"مجالد" هو: "مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني"، مضى برقم: ١٦١٤، ٢٩٨٧، ٢٩٨٨ وقد مضى أنه ثقة، ضعفه بعض الأئمة، وأن الراجح في شأنه، تصحيح حديث القدماء عنه، وأن أعدل ما قيل فيه، قول عبد الرحمن بن مهدي: "حديث مجالد عند الأحداث، يحيى بن سعيد وأبي أسامة، ليس بشيء. ولكن حديث شعبة وحماد بن زيد وهشيم، وهؤلاء القدماء"، وقول ابن أبي حاتم: "يعني أنه تغير حفظه في آخر عمره. مات سنة ١٤٤".
وخبر الشعبي عن عدي بن حاتم، رواه مسلم والبخاري عن طريق زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم، أن عديا سأل رسول الله عن صيد الكلب. فقال: أمسك عليك فكل، الحديث (انظر سنن البيهقي ٩: ٢٣٥، ٢٣٦).
ورواه الأئمة أيضًا من طريق عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي، = ومن طريق عاصم الأحول، عن الشعبي = ومن طريق بيان عن الشعبي. ورووه أيضًا من طرق عن عدي بن حاتم، وليس فيها ذكر"الباز". (انظر السنن الكبرى للبيهقي ٩: ٢٣٥-٢٣٨)، وانظر ما سيأتي رقم: ١١٢١٠.
ثم روى البيهقي بإسناده عن عبد الله بن نمير، عن مجالد، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم: أن النبي ﷺ قال: ما علمت من كلب أو باز ثم أرسلته، وذكرت اسم الله، فكل مما أمسك عليك، الحديث. ثم قال البيهقي: ".. إلا أن ذكر البازي في هذه الرواية، لم يأت به الحفاظ الذين قدمنا ذكرهم عن الشعبي، وإنما أتى به مجالد، والله أعلم".
ورواية عيسى بن يونس، عن مجالد، تعد من رواية القدماء عن مجالد قبل أن يتغير حفظه. وعيسى بن يونس ثقة ثبت، فكأن أبا جعفر صحح هذا الحديث واحتج به، لأنه رواية ثقة، عن ثقة قبل تغيره.
550
= فأباح ﷺ صيد البازي وجعله من الجوارح. ففي ذلك دِلالة بيِّنة على فساد قول من قال:"عنى الله بقوله:"وما علمتم من الجوارح"، ما علمنا من الكلاب خاصة، دون غيرها من سائر الجوارح".
* * *
فإن ظن ظانّ أن في قوله:"مكلبين"، دلالةً على أن الجوارح التي ذكرت في قوله:"وما علمتم من الجوارح"، هي الكلاب خاصة، فقد ظن غير الصواب.
وذلك أن معنى الآية: قل أحِلَّ لكم، أيها الناس، في حال مصيركم أصحابَ كلاب = الطيباتُ، وصيدُ ما علمتوه الصيد من كواسب السباع والطير. فقوله:"مكلبين"، صفة للقانص، وإن صاد بغير الكلاب في بعض أحيانه. وهو نظير قول القائل يخاطب قومًا:"أحلّ لكم الطيباتُ وما علمتم من الجوارح مكلبين مؤمنين". فمعلوم أنه إنما عنى قائل ذلك، إخبارَ القوم أنّ الله جل ذكره أحل لهم، في حال كونهم أهلَ إيمان، الطيبات وصيد الجوارح التي أعلَمهم أنه لا يحل لهم منه إلا ما صادوه به (١) فكذلك قوله:"أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين" لذلك نظيره، في أن التكليب للقانص = بالكلاب كان صيده أو بغيرها = لا أنه إعلام من الله عز ذكره أنه لا يحل من الصيد إلا ما صادته الكلاب.
* * *
* * *
فإن ظن ظانّ أن في قوله:"مكلبين"، دلالةً على أن الجوارح التي ذكرت في قوله:"وما علمتم من الجوارح"، هي الكلاب خاصة، فقد ظن غير الصواب.
وذلك أن معنى الآية: قل أحِلَّ لكم، أيها الناس، في حال مصيركم أصحابَ كلاب = الطيباتُ، وصيدُ ما علمتوه الصيد من كواسب السباع والطير. فقوله:"مكلبين"، صفة للقانص، وإن صاد بغير الكلاب في بعض أحيانه. وهو نظير قول القائل يخاطب قومًا:"أحلّ لكم الطيباتُ وما علمتم من الجوارح مكلبين مؤمنين". فمعلوم أنه إنما عنى قائل ذلك، إخبارَ القوم أنّ الله جل ذكره أحل لهم، في حال كونهم أهلَ إيمان، الطيبات وصيد الجوارح التي أعلَمهم أنه لا يحل لهم منه إلا ما صادوه به (١) فكذلك قوله:"أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين" لذلك نظيره، في أن التكليب للقانص = بالكلاب كان صيده أو بغيرها = لا أنه إعلام من الله عز ذكره أنه لا يحل من الصيد إلا ما صادته الكلاب.
* * *
(١) في المطبوعة: "ما صادوه بها"، وما في المخطوطة صواب أيضًا.
551
القول في تأويل قوله: ﴿تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"تعلمونهن"، تؤدِّبون الجوارح فتعلمونهن طلب الصيد لكم ="مما علمكم الله"، يعني بذلك: من التأديب الذي أدَّبكم الله، والعلم الذي علمكم. (١)
* * *
وقد قال بعض أهل التأويل: معنى قوله:"مما علمكم الله"، كما علمكم الله.
*ذكر من قال ذلك:
١١١٥٧- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"تعلمونهن مما علمكم الله"، يقول: تعلمونهن من الطَّلب كما علمكم الله.
* * *
= ولسنا نعرف في كلام العرب"من" بمعنى"الكاف"، لأن"من" تدخل في كلامهم بمعنى التبعيض، و"الكاف" بمعنى التشبيه. وإنما يوضع الحرف مكان آخر غيره، إذا تقارب معنياهما. فأما إذا اختلفت معانيهما، فغير موجود في كلامهم وضع أحدهما عَقِيب الآخر. وكتاب الله وتنزيله أحرَى الكلام أن يجنَّب ما خرج عن المفهوم والغاية في الفصاحة من كلام من نزل بلسانه............ (٢)
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"تعلمونهن"، تؤدِّبون الجوارح فتعلمونهن طلب الصيد لكم ="مما علمكم الله"، يعني بذلك: من التأديب الذي أدَّبكم الله، والعلم الذي علمكم. (١)
* * *
وقد قال بعض أهل التأويل: معنى قوله:"مما علمكم الله"، كما علمكم الله.
*ذكر من قال ذلك:
١١١٥٧- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"تعلمونهن مما علمكم الله"، يقول: تعلمونهن من الطَّلب كما علمكم الله.
* * *
= ولسنا نعرف في كلام العرب"من" بمعنى"الكاف"، لأن"من" تدخل في كلامهم بمعنى التبعيض، و"الكاف" بمعنى التشبيه. وإنما يوضع الحرف مكان آخر غيره، إذا تقارب معنياهما. فأما إذا اختلفت معانيهما، فغير موجود في كلامهم وضع أحدهما عَقِيب الآخر. وكتاب الله وتنزيله أحرَى الكلام أن يجنَّب ما خرج عن المفهوم والغاية في الفصاحة من كلام من نزل بلسانه............ (٢)
(١) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٣٠٢.
(٢) أرجح أنه قد سقط قبل هذا الخبر، كلام من كلام أبي جعفر، وذلك بدلالة قوله بعد: "قيل: اختلف أهل التأويل في ذلك". والذي أستظهره من كلامه في آخر سياقه هذه الأقوال من اختلاف الأئمة (ص: ٥٦٤)، أن أبا جعفر ساق سؤالا كعادته، عن معنى"تعليم الجوارح"، ثم أجاب عنه بذكر اختلاف أهل التأويل. ولم أستجز أن أضع شيئًا مكان النقط التي وضعتها للدلالة على هذا السقط، لأني أخشى ان أخطئ في وصل الكلام بالخبر الذي رواه بعده برقم: ١١١٥٨"انظر ص: ٥٥٣، تعليق: ٢، ٣.
(٢) أرجح أنه قد سقط قبل هذا الخبر، كلام من كلام أبي جعفر، وذلك بدلالة قوله بعد: "قيل: اختلف أهل التأويل في ذلك". والذي أستظهره من كلامه في آخر سياقه هذه الأقوال من اختلاف الأئمة (ص: ٥٦٤)، أن أبا جعفر ساق سؤالا كعادته، عن معنى"تعليم الجوارح"، ثم أجاب عنه بذكر اختلاف أهل التأويل. ولم أستجز أن أضع شيئًا مكان النقط التي وضعتها للدلالة على هذا السقط، لأني أخشى ان أخطئ في وصل الكلام بالخبر الذي رواه بعده برقم: ١١١٥٨"انظر ص: ٥٥٣، تعليق: ٢، ٣.
552
١١١٥٨- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا إسماعيل بن صُبيح قال، حدثنا أبو هانئ عمر بن بشير قال، حدثنا عامر: أن عدي بن حاتم الطائي قال: أتى رجل رسول الله ﷺ يسأله عن صيد الكلاب، فلم يدر ما يقول له، حتى نزلت هذه الآية:"تعلمونهن مما علمكم الله". (١)
* * *
قيل: اختلف أهل التأويل في ذلك. (٢)
فقال بعضهم (٣) : هو أن يَسْتَشْلِي لطلب الصيد إذا أرسله صاحبه (٤)
* * *
قيل: اختلف أهل التأويل في ذلك. (٢)
فقال بعضهم (٣) : هو أن يَسْتَشْلِي لطلب الصيد إذا أرسله صاحبه (٤)
(١) الأثر: ١١١٥٨-"إسمعيل بن صبيح اليشكري"، ثقة مضى برقم: ٢٩٩٦، ٨٦٤٠.
و"أبو هانئ""عمر بن بشير الهمداني"، قال أحمد: "صالح الحديث". وقال يحيى بن معين: "ضعيف". وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم الرازي: "ليس بقوي، يكتب حديثه، وجابر الجعفي أحب إلي منه". وذكره ابن شاهين، والعقيلي في الضعفاء. مترجم في ابن أبي حاتم ٣/١/١٠٠، ولسان الميزان ٤: ٢٨٧، ومضى أيضًا برقم: ٤٤٢٢.
وكان في المطبوعة: "حدثنا أبو هانئ عن أبي بشر"، وهو خطأ محض، وتغيير سيئ لما كان في المخطوطة: "حدثنا أبو هانئ عمر بن بشر"، والصواب ما أثبت.
و"عامر" هو الشعبي.
وهو حديث ضعيف لضعف"أبي هانئ". وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٢: ٢٦٠، ونسبه أيضًا لعبد بن حميد، والقصة فيه: "أن عدي بن حاتم الطائي، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم".
(٢) انظر التعليق السالف ص: ٥٥٢، تعليق: ٢، والتعليق التالي.
(٣) في المخطوطة: "فقال بعضهم هو جوارحًا صيدها، فقال لنا: وما علمتم من الجوارح مكلبين أن يستشلى... "، ووضع الناسخ بين"هو" و"جوارحًا" من فوق حرف"لا" وبعد"مكلبين" من فوق، حرف"إلى"، وهي طريقتهم قديمًا إذا أرادوا حذف ما بين"لا" و"إلى"، والظاهر أن قوله: "جوارحا صيدها، فقال لنا: من الجوارح مكلبين" هو بعض الجملة التي سقطت في موضع النقط التي وضعتها آنفًا، وأشرت إليها في التعليق السالف، وما قبله: ص ٥٥٢، تعليق: ٢.
(٤) قوله: "يستشلي"، بالبناء للمعلوم، أراد به هنا: أن يغري بطلب الصيد. وقد ذكر أهل اللغة: "أشلى الكلب واستشلاه" إذا دعاه باسمه، وقد أنكر ثعلب أن"أشلى الكلب" بمعنى أغراه بالصيد، وأجازه غيره. ومن أجازه فقد أصاب، وقد قال الشافعي في الأم ٢: ١٩١:
"الكلب المعّلم: الذي إذَا أُشْلِيَ اسْتَشْلَى"
فاستعمل"استشلى" مطاوعًا لقوله: "أشلى الكلب" بمعنى: أغراه بالصيد. ثم عاد الشافعي فاستعمل"استشلى الكلب" بمعنى: "أشلى الكلب" غير مطاوع، فقال في الأم ٢: ١٩٢: "وتعليمُ الطائر كلِّه واحد، البازي والصقر والشاهين وغيرها: وهو أن يجمع أن يُدْعَى فيجيب، ويُسْتَشْلَى فيطير".
ثم عاد فاستعمل"استشلى" بالمعنيين جميعًا، مطاوعًا وغير مطاوع، في جملة طويلة في الأم ٢: ١٩٣ أثبت بعضها.:
"... وإذا اسْتَشْلَى الرجُل كلبه على الصَّيْد -قريبًا كان منه أو بعيدًا- فانزجَرَ واسْتَشْلَى باستشلائه... ".
فصح بذلك ما استعمله أبو جعفر، هذا بخلاف ما جاء في الشعر، مما يسقط اعتراض ثعلب على"أشلى" بمعنى: أغرى.
و"أبو هانئ""عمر بن بشير الهمداني"، قال أحمد: "صالح الحديث". وقال يحيى بن معين: "ضعيف". وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم الرازي: "ليس بقوي، يكتب حديثه، وجابر الجعفي أحب إلي منه". وذكره ابن شاهين، والعقيلي في الضعفاء. مترجم في ابن أبي حاتم ٣/١/١٠٠، ولسان الميزان ٤: ٢٨٧، ومضى أيضًا برقم: ٤٤٢٢.
وكان في المطبوعة: "حدثنا أبو هانئ عن أبي بشر"، وهو خطأ محض، وتغيير سيئ لما كان في المخطوطة: "حدثنا أبو هانئ عمر بن بشر"، والصواب ما أثبت.
و"عامر" هو الشعبي.
وهو حديث ضعيف لضعف"أبي هانئ". وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٢: ٢٦٠، ونسبه أيضًا لعبد بن حميد، والقصة فيه: "أن عدي بن حاتم الطائي، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم".
(٢) انظر التعليق السالف ص: ٥٥٢، تعليق: ٢، والتعليق التالي.
(٣) في المخطوطة: "فقال بعضهم هو جوارحًا صيدها، فقال لنا: وما علمتم من الجوارح مكلبين أن يستشلى... "، ووضع الناسخ بين"هو" و"جوارحًا" من فوق حرف"لا" وبعد"مكلبين" من فوق، حرف"إلى"، وهي طريقتهم قديمًا إذا أرادوا حذف ما بين"لا" و"إلى"، والظاهر أن قوله: "جوارحا صيدها، فقال لنا: من الجوارح مكلبين" هو بعض الجملة التي سقطت في موضع النقط التي وضعتها آنفًا، وأشرت إليها في التعليق السالف، وما قبله: ص ٥٥٢، تعليق: ٢.
(٤) قوله: "يستشلي"، بالبناء للمعلوم، أراد به هنا: أن يغري بطلب الصيد. وقد ذكر أهل اللغة: "أشلى الكلب واستشلاه" إذا دعاه باسمه، وقد أنكر ثعلب أن"أشلى الكلب" بمعنى أغراه بالصيد، وأجازه غيره. ومن أجازه فقد أصاب، وقد قال الشافعي في الأم ٢: ١٩١:
"الكلب المعّلم: الذي إذَا أُشْلِيَ اسْتَشْلَى"
فاستعمل"استشلى" مطاوعًا لقوله: "أشلى الكلب" بمعنى: أغراه بالصيد. ثم عاد الشافعي فاستعمل"استشلى الكلب" بمعنى: "أشلى الكلب" غير مطاوع، فقال في الأم ٢: ١٩٢: "وتعليمُ الطائر كلِّه واحد، البازي والصقر والشاهين وغيرها: وهو أن يجمع أن يُدْعَى فيجيب، ويُسْتَشْلَى فيطير".
ثم عاد فاستعمل"استشلى" بالمعنيين جميعًا، مطاوعًا وغير مطاوع، في جملة طويلة في الأم ٢: ١٩٣ أثبت بعضها.:
"... وإذا اسْتَشْلَى الرجُل كلبه على الصَّيْد -قريبًا كان منه أو بعيدًا- فانزجَرَ واسْتَشْلَى باستشلائه... ".
فصح بذلك ما استعمله أبو جعفر، هذا بخلاف ما جاء في الشعر، مما يسقط اعتراض ثعلب على"أشلى" بمعنى: أغرى.
553
ويمسك عليه إذا أخذه فلا يأكل منه، ويستجيب له إذا دعاه، ولا يفرُّ منه إذا أراده. فإذا تتابع ذلك منه مرارًا كان"معلَّمًا". وهذا قول جماعة من أهل الحجاز وبعض أهل العراق.
*ذكر من قال ذلك:
١١١٥٩- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، أخبرنا ابن جريج قال، قال عطاء: كل شيء قتله صائدك قبل أن يعلَّم ويُمسك ويصيد، فهو ميتة. ولا يكون قتله إياه ذكاة، حتى يعلَّم ويُمسك ويصيد. فإن كان ذلك ثم قتل، فهو ذكاته.
١١١٦٠- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: إن المعلم من الكلاب: أن يمسك صيدَه فلا يأكل منه حتى يأتيه صاحبه. فإن أكل من صيده قبل أن يأتيه صاحبه فيدرك ذكاته، فلا يأكل من صيده.
١١١٦١- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن طاوس، عن ابن عباس قال: إذا أكل الكلب فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه.
*ذكر من قال ذلك:
١١١٥٩- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، أخبرنا ابن جريج قال، قال عطاء: كل شيء قتله صائدك قبل أن يعلَّم ويُمسك ويصيد، فهو ميتة. ولا يكون قتله إياه ذكاة، حتى يعلَّم ويُمسك ويصيد. فإن كان ذلك ثم قتل، فهو ذكاته.
١١١٦٠- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: إن المعلم من الكلاب: أن يمسك صيدَه فلا يأكل منه حتى يأتيه صاحبه. فإن أكل من صيده قبل أن يأتيه صاحبه فيدرك ذكاته، فلا يأكل من صيده.
١١١٦١- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن طاوس، عن ابن عباس قال: إذا أكل الكلب فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه.
554
١١١٦٢- حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيم قالا حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال، حدثنا أبو المعلى، عن سعيد بن جبير قال، قال ابن عباس: إذا أرسل الرجل الكلبَ فأكل من صيده فقد أفسده، وإن كان ذكر اسم الله حين أرسله = فزعم أنه إنما أمسك على نفسه (١) = والله يقول:"من الجوارح مكلّبين تعلمونهن مما علمكم الله"، فزعم أنه إذا أكل من صيده قبل أن يأتيه صاحبه أنه ليس بمعلَّم، وأنه ينبغي أن يُضرب ويعلَّم حتى يترك ذلك الخُلُق. (٢)
١١١٦٣- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا معمر الرقي، عن حجاج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: إذا أخذ الكلب فقَتل فأكل، فهو سَبُع. (٣)
١١١٦٤- حدثنا ابن المثنى قال، حدثني عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن عامر، عن ابن عباس قال: لا يأكل منه، فإنه لو كان معلَّمًا لم يأكل منه، ولم يتعلم ما علَّمتَه. إنما أمسك على نفسه، ولم يُمسك عليك.
١١١٦٥- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا داود، عن الشعبي، عن ابن عباس، بنحوه.
١١١٦٦- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، عن ابن عباس قال: إذا أكل الكلب فلا تأكل. (٤)
١١١٦٣- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا معمر الرقي، عن حجاج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: إذا أخذ الكلب فقَتل فأكل، فهو سَبُع. (٣)
١١١٦٤- حدثنا ابن المثنى قال، حدثني عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن عامر، عن ابن عباس قال: لا يأكل منه، فإنه لو كان معلَّمًا لم يأكل منه، ولم يتعلم ما علَّمتَه. إنما أمسك على نفسه، ولم يُمسك عليك.
١١١٦٥- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا داود، عن الشعبي، عن ابن عباس، بنحوه.
١١١٦٦- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، عن ابن عباس قال: إذا أكل الكلب فلا تأكل. (٤)
(١) قوله: "فزعم أنه إنما أمسك على نفسه"، هذا من قول سعيد بن جبير، حكاية لقول ابن عباس. و"زعم" في هذا الموضع بمعنى: قال. لا بمعنى"زعم" فيما يذم من القول والظن. وهو يأتي كثيرًا في كلامهم، فاحفظه.
(٢) الأثر: ١١١٦٢-"أبو المعلى" العطار، هو: "يحيى بن ميمون الضبي"، ثقة كثير الحديث مترجم في التهذيب، وقد مضى في الإسنادين رقم: ٨٣٤٦، ٨٣٤٧.
(٣) الأثر: ١١١٦٣-"معمر الرقي"، هو: "معمر بن سلمان النخعي، الرقي". وثقه أحمد. مترجم في التهذيب.
(٤) في المطبوعة: "إذا أكلت الكلاب" بالجمع، وأثبت ما في المخطوطة، وإن كان الناسخ كتب أولا: "أكلت" ثم عاد فمجمج الحروف حتى جعل اللام والتاء في"أكلت""أكل".
(٢) الأثر: ١١١٦٢-"أبو المعلى" العطار، هو: "يحيى بن ميمون الضبي"، ثقة كثير الحديث مترجم في التهذيب، وقد مضى في الإسنادين رقم: ٨٣٤٦، ٨٣٤٧.
(٣) الأثر: ١١١٦٣-"معمر الرقي"، هو: "معمر بن سلمان النخعي، الرقي". وثقه أحمد. مترجم في التهذيب.
(٤) في المطبوعة: "إذا أكلت الكلاب" بالجمع، وأثبت ما في المخطوطة، وإن كان الناسخ كتب أولا: "أكلت" ثم عاد فمجمج الحروف حتى جعل اللام والتاء في"أكلت""أكل".
555
١١١٦٧- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن الشعبي، عن ابن عباس، بمثله.
١١١٦٨- حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا ابن عون قال: قلت لعامر الشعبي: الرجل يرسل كلبَه فيأكل منه، أنأكل منه؟ قال: لا لم يتعلَّم الذي علَّمته.
١١١٦٩- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: إذا أكل الكلب من صيده فاضربه، فإنه ليس بمعلَّم.
١١١٧٠- حدثنا سوّار بن عبد الله قال، حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: إذا أكل الكلب فهو ميتة، فلا تأكله.
١١١٧١- حدثنا الحسن بن عرفة قال، حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير = وسَيَّار، عن الشعبي = ومغيرة، عن إبراهيم = أنهم قالوا في الكلب إذا أكل من صيده: فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه.
١١١٧٢- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، أخبرنا ابن جريج قال، قال عطاء: إن وجدت الكلب قد أكل من الصيد، فما وجدتَه ميتًا فدعه، فإنه مما لم يمسك عليك صيدًا. إنما هو سبع أمسك على نفسه ولم يمسك عليك، وإن كان قد عُلِّم.
١١١٧٣- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي، بنحوه.
* * *
وقال آخرون نحو هذه المقالة، غير أنهم حَدُّوا لمعرفة الكلاب بأن كلبه قد قَبِل التعليم وصار من الجوارح الحلال صيدها (١) أن يفعل ذلك كلبه مرات
١١١٦٨- حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا ابن عون قال: قلت لعامر الشعبي: الرجل يرسل كلبَه فيأكل منه، أنأكل منه؟ قال: لا لم يتعلَّم الذي علَّمته.
١١١٦٩- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: إذا أكل الكلب من صيده فاضربه، فإنه ليس بمعلَّم.
١١١٧٠- حدثنا سوّار بن عبد الله قال، حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: إذا أكل الكلب فهو ميتة، فلا تأكله.
١١١٧١- حدثنا الحسن بن عرفة قال، حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير = وسَيَّار، عن الشعبي = ومغيرة، عن إبراهيم = أنهم قالوا في الكلب إذا أكل من صيده: فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه.
١١١٧٢- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، أخبرنا ابن جريج قال، قال عطاء: إن وجدت الكلب قد أكل من الصيد، فما وجدتَه ميتًا فدعه، فإنه مما لم يمسك عليك صيدًا. إنما هو سبع أمسك على نفسه ولم يمسك عليك، وإن كان قد عُلِّم.
١١١٧٣- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي، بنحوه.
* * *
وقال آخرون نحو هذه المقالة، غير أنهم حَدُّوا لمعرفة الكلاب بأن كلبه قد قَبِل التعليم وصار من الجوارح الحلال صيدها (١) أن يفعل ذلك كلبه مرات
(١) "الكلاب" (بتشديد اللام) : هو صاحب الكلاب. و"المكلب" (بتشديد اللام المكسورة) : هو الذي يعلم الكلاب أخذ الصيد. ولكنه وضع"الكلاب" هنا موضع"المكلب". وهو جيد صحيح.
556
ثلاثًا. وهذا قول محكيٌّ عن أبي يوسف ومحمد بن الحسن.
* * *
وقال آخرون ممن قال هذه المقالة: لا حدَّ لعلم الكلاب بذلك من كلبه، أكثر من أن يفعل كلبه ما وصفنا أنه له تعليم. قالوا: فإذا فعل ذلك فقد صار معلَّمًا حلالا صيده. وهذا قول بعض المتأخرين.
وفرَّق بعض قائلي هذه المقالة بين تعليم البازي وسائر الطيور الجارحة وتعليم الكلب وضاري السبِّاع الجارحة، فقال: جائز أكل ما أكل منه البازي من الصيد. قالوا: وإنما تعليم البازي أن يطير إذا استُشْلِي، ويجيب إذا دُعِي، ولا ينفر من صاحبه إذا أراد أخذَه. قالوا: وليس من شروط تعليمه أن لا يأكل من الصيد.
*ذكر من قال ذلك:
١١١٧٤- حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم وحجاج، عن عطاء قال: لا بأس بصيد البازي وإن أكل منه.
١١١٧٥- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أسباط قال، حدثنا أبو إسحاق الشيباني، عن حماد، عن إبراهيم، عن ابن عباس أنه قال في الطير: إذا أرسلتَه فقتل، فكُل. فإن الكلبَ إذا ضربته لم يَعُدْ. وإن تعليم الطير أن يرجع إلى صاحبه، وليس يضرب إذا أكل من الصيد ونتف من الريش. (١)
١١١٧٦- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا أبو حمزة، عن جابر، عن الشعبي قال: ليس البازي والصقر كالكلب، فإذا أرسلتهما فأمسكا فأكلا فدعوتهما فأتياك، فكل منه.
* * *
وقال آخرون ممن قال هذه المقالة: لا حدَّ لعلم الكلاب بذلك من كلبه، أكثر من أن يفعل كلبه ما وصفنا أنه له تعليم. قالوا: فإذا فعل ذلك فقد صار معلَّمًا حلالا صيده. وهذا قول بعض المتأخرين.
وفرَّق بعض قائلي هذه المقالة بين تعليم البازي وسائر الطيور الجارحة وتعليم الكلب وضاري السبِّاع الجارحة، فقال: جائز أكل ما أكل منه البازي من الصيد. قالوا: وإنما تعليم البازي أن يطير إذا استُشْلِي، ويجيب إذا دُعِي، ولا ينفر من صاحبه إذا أراد أخذَه. قالوا: وليس من شروط تعليمه أن لا يأكل من الصيد.
*ذكر من قال ذلك:
١١١٧٤- حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم وحجاج، عن عطاء قال: لا بأس بصيد البازي وإن أكل منه.
١١١٧٥- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أسباط قال، حدثنا أبو إسحاق الشيباني، عن حماد، عن إبراهيم، عن ابن عباس أنه قال في الطير: إذا أرسلتَه فقتل، فكُل. فإن الكلبَ إذا ضربته لم يَعُدْ. وإن تعليم الطير أن يرجع إلى صاحبه، وليس يضرب إذا أكل من الصيد ونتف من الريش. (١)
١١١٧٦- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا أبو حمزة، عن جابر، عن الشعبي قال: ليس البازي والصقر كالكلب، فإذا أرسلتهما فأمسكا فأكلا فدعوتهما فأتياك، فكل منه.
(١) في المطبوعة: "فإذا أكل من الصيد ونتف من الريش فكل"، بزيادة"فكل"، عن المخطوطة، وكان فيها مثل ما في المطبوعة: "فإذا أكل... "، ورجحت أن الصواب"إذا أكل... ، " بحذف الفاء، ويستقيم الكلام على ما في الترجمة.
557
١١١٧٧- حدثنا هناد قال، حدثنا أبو زُبَيْد، عن مطرف، عن حماد، قال إبراهيم: كُلْ صيد البازي وإن أكل منه.
١١١٧٨- حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن حماد، عن إبراهيم = وجابر، عن الشعبي، قالا كُلْ من صيد البازِ وإن أكل. (١)
١١١٧٩- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن حماد، عن إبراهيم: إذا أكل البازي والصقر من الصيد، فكُل، فإنه لا يعلَّم. (٢)
١١١٨٠- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن حماد، عن إبراهيم قال: لا بأس بما أكل منه البازي.
١١١٨١- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن حماد: أنه قال في البازي إذا أكل منه، قال: كُلْ. (٣)
* * *
وقال آخرون منهم: سواء تعليم الطير والبهائم والسباع، لا يكون نوع من ذلك معلَّمًا إلا بما يكون به سائر الأنواع معلَّمًا. وقالوا: لا يحل أكل شيء من الصيد الذي صادته جارحة فأكلت منه (٤) كائنة ما كانت تلك الجارحة، بهيمةً، أو طائرًا. (٥) قالوا: لأن من شروط تعليمها الذي يحل به صيدها: أن تمسك ما صادت على صاحبها، فلا تأكل منه.
*ذكر من قال ذلك:
١١١٨٢- حدثنا هناد وأبو كريب قالا حدثنا ابن أبي زائدة قال، حدثنا
١١١٧٨- حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن حماد، عن إبراهيم = وجابر، عن الشعبي، قالا كُلْ من صيد البازِ وإن أكل. (١)
١١١٧٩- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن حماد، عن إبراهيم: إذا أكل البازي والصقر من الصيد، فكُل، فإنه لا يعلَّم. (٢)
١١١٨٠- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن حماد، عن إبراهيم قال: لا بأس بما أكل منه البازي.
١١١٨١- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن حماد: أنه قال في البازي إذا أكل منه، قال: كُلْ. (٣)
* * *
وقال آخرون منهم: سواء تعليم الطير والبهائم والسباع، لا يكون نوع من ذلك معلَّمًا إلا بما يكون به سائر الأنواع معلَّمًا. وقالوا: لا يحل أكل شيء من الصيد الذي صادته جارحة فأكلت منه (٤) كائنة ما كانت تلك الجارحة، بهيمةً، أو طائرًا. (٥) قالوا: لأن من شروط تعليمها الذي يحل به صيدها: أن تمسك ما صادت على صاحبها، فلا تأكل منه.
*ذكر من قال ذلك:
١١١٨٢- حدثنا هناد وأبو كريب قالا حدثنا ابن أبي زائدة قال، حدثنا
(١) في المطبوعة: "صيد البازي" بالياء آخره، والذي في المخطوطة صواب. وانظر ما سلف ص: ٥٤٨، تعليق: ٤.
(٢) يعني: فإنه لا يعلم أن لا يأكل من الصيد كما يعلم الكلب.
(٣) في المطبوعة: "إذا أكل منه فكل"، وأثبت ما في المخطوطة، فهو صواب محض.
(٤) في المخطوطة: "لا يجعل كل شيء من الصيد.."، والصواب ما في المطبوعة.
(٥) في المخطوطة: "بهيمة أو طائر" بالرفع، والصواب، ما في المطبوعة.
(٢) يعني: فإنه لا يعلم أن لا يأكل من الصيد كما يعلم الكلب.
(٣) في المطبوعة: "إذا أكل منه فكل"، وأثبت ما في المخطوطة، فهو صواب محض.
(٤) في المخطوطة: "لا يجعل كل شيء من الصيد.."، والصواب ما في المطبوعة.
(٥) في المخطوطة: "بهيمة أو طائر" بالرفع، والصواب، ما في المطبوعة.
558
محمد بن سالم، عن عامر قال: قال علي: إذا أكل البازي من صيده فلا تأكل. (١)
١١١٨٣- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن جعفر، عن شعبة، عن مجاهد بن سعيد، عن الشعبي قال: إذا أكل البازي منه فلا تأكل.
١١١٨٤- حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن سالم، عن سعيد بن جبير قال: إذا أكل البازي فلا تأكل.
١١١٨٥- حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن عمر بن الوليد الشنيّ قال: سمعت عكرمة قال: إذا أكل البازي فلا تأكل. (٢)
١١١٨٦- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، أخبرنا ابن جريج قال، قال عطاء: الكلب والبازي كلُّه واحد، لا تأكل ما أكل منه من الصيد، إلا أن تدرك ذَكاته فتذكِّيه. قال: قلت لعطاء: البازي ينتف الريش؟ قال: فما أدركته ولم يأكل فكل. قال ذلك غير مرَّة.
* * *
وقال آخرون: تعليم كل جارحة من البهائم والطير واحد. قالوا: وتعليمه الذي يحلُّ به صيده: أن يُشْلَى على الصيد فيَسْتَشلي ويأخذ الصيد (٣) ويدعوه صاحبه فيجيب، ولا يفرّ منه إذا أخذه. (٤) قالوا: فإذا فعل الجارح ذلك كان"معلمًا" (٥)
١١١٨٣- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن جعفر، عن شعبة، عن مجاهد بن سعيد، عن الشعبي قال: إذا أكل البازي منه فلا تأكل.
١١١٨٤- حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن سالم، عن سعيد بن جبير قال: إذا أكل البازي فلا تأكل.
١١١٨٥- حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن عمر بن الوليد الشنيّ قال: سمعت عكرمة قال: إذا أكل البازي فلا تأكل. (٢)
١١١٨٦- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، أخبرنا ابن جريج قال، قال عطاء: الكلب والبازي كلُّه واحد، لا تأكل ما أكل منه من الصيد، إلا أن تدرك ذَكاته فتذكِّيه. قال: قلت لعطاء: البازي ينتف الريش؟ قال: فما أدركته ولم يأكل فكل. قال ذلك غير مرَّة.
* * *
وقال آخرون: تعليم كل جارحة من البهائم والطير واحد. قالوا: وتعليمه الذي يحلُّ به صيده: أن يُشْلَى على الصيد فيَسْتَشلي ويأخذ الصيد (٣) ويدعوه صاحبه فيجيب، ولا يفرّ منه إذا أخذه. (٤) قالوا: فإذا فعل الجارح ذلك كان"معلمًا" (٥)
(١) الأثر: ١١١٨٢-"محمد بن سالم الهمداني"، أبو سهل الكوفي. ضعيف الحديث متروك. مترجم في التهذيب. ومضى في الإسناد رقم: ٤٨٢٤.
(٢) الأثر: ١١١٨٥-"عمر بن الوليد الشني"، أبو سلمة العبدي، من عبد القيس. روى عن عكرمة، وشهاب بن عباد العصري. روى عنه وكيع، وأبو نعيم. قال أبو حاتم: "ما أرى بحديثه بأسًا، وعامة حديثه عن عكرمة فقط، ما أقل ما يجاوز به إلى ابن عباس". وقال يحيى القطان: "ليس هو عندي ممن أعتمد عليه، ولكنه لا بأس به". مترجم في ابن أبي حاتم ٣/١/١٣٩، ولسان الميزان ٤: ٣٣٧.
وكان في المطبوعة: "عمرو بن الوليد السهمي"، وليس صوابًا، غير ما في المخطوطة وهو الذي أثبت.
(٣) انظر ما سلف ص: ٥٥٣، تعليق: ٤.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "أولا يفر منه"، والصواب بالواو كما أثبته.
(٥) في المطبوعة والمخطوطة: "قال" بالإفراد، والذي قبله والذي بعده يقتضي أن تكون"قالوا".
(٢) الأثر: ١١١٨٥-"عمر بن الوليد الشني"، أبو سلمة العبدي، من عبد القيس. روى عن عكرمة، وشهاب بن عباد العصري. روى عنه وكيع، وأبو نعيم. قال أبو حاتم: "ما أرى بحديثه بأسًا، وعامة حديثه عن عكرمة فقط، ما أقل ما يجاوز به إلى ابن عباس". وقال يحيى القطان: "ليس هو عندي ممن أعتمد عليه، ولكنه لا بأس به". مترجم في ابن أبي حاتم ٣/١/١٣٩، ولسان الميزان ٤: ٣٣٧.
وكان في المطبوعة: "عمرو بن الوليد السهمي"، وليس صوابًا، غير ما في المخطوطة وهو الذي أثبت.
(٣) انظر ما سلف ص: ٥٥٣، تعليق: ٤.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "أولا يفر منه"، والصواب بالواو كما أثبته.
(٥) في المطبوعة والمخطوطة: "قال" بالإفراد، والذي قبله والذي بعده يقتضي أن تكون"قالوا".
559
داخلا في المعنى الذي قال الله:"وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم". قالوا: وليس من شرط تعليم ذلك أن لا يأكل من الصيد. قالوا: وكيف يجوز أن يكون ذلك من شرطه، وهو يؤدَّب بأكله؟
*ذكر من قال ذلك:
١١١٨٧- حدثنا ابن أبي الشوارب قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن سعيد = أو سعد =، عن سلمان قال: إذا أرسلت كلبك على صيد، وذكرتَ اسم الله، فأكل ثلثيه وبقي ثلثه، فكل ما بقي. (١)
١١١٨٨- حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا حميد قال، حدثني القاسم بن ربيعة، عمن حدثه، عن سلمان = وبكر بن عبد الله، عمن حدثه، عن سلمان =: أن الكلب يأخذ الصيد فيأكل منه، قال: كل، وإن أكل ثلثيه، إذا أرسلته وذكرت اسم الله، وكان معلمًا. (٢)
١١١٨٩- حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر قال،
*ذكر من قال ذلك:
١١١٨٧- حدثنا ابن أبي الشوارب قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن سعيد = أو سعد =، عن سلمان قال: إذا أرسلت كلبك على صيد، وذكرتَ اسم الله، فأكل ثلثيه وبقي ثلثه، فكل ما بقي. (١)
١١١٨٨- حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا حميد قال، حدثني القاسم بن ربيعة، عمن حدثه، عن سلمان = وبكر بن عبد الله، عمن حدثه، عن سلمان =: أن الكلب يأخذ الصيد فيأكل منه، قال: كل، وإن أكل ثلثيه، إذا أرسلته وذكرت اسم الله، وكان معلمًا. (٢)
١١١٨٩- حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر قال،
(١) الأثر: ١١١٨٧-"سعيد" الأول، هو"سعيد بن أبي عروبة".
و"سعيد" الثاني، هو"سعيد بن المسيب".
و"سلمان"، هو ابن الإسلام، "سلمان الخير الفارسي"، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان في المخطوطة في هذا الأثر، والذي يليه"سليمان"، ثم استقامت المخطوطة على الصواب. وسيأتي بعد الأثر رقم ١١٢١١، في تعقيب أبي جعفر أن سعيد بن المسيب، غير معلوم له سماع من سلمان الفارسي.
أما قوله: "أو سعد"، فلم أعرف ما أراد به، ولم أعرف من يكون"سعد" الذي يروي عنه قتادة، والذي يروي عن سلمان. وسيأتي في الآثار التالية، رواية مثل ذلك عن"سعد بن أبي وقاص". فأخشى أن يكون في الإسناد تقديم وتأخير: "قتادة، عن سعيد، عن سلمان، أو سعد". وأنا في شك من ذلك أيضًا.
وهذا الأثر رواه البيهقي في السنن ٩: ٢٣٧.
(٢) الأثر: ١١١٨٨-"بكر بن عبد الله المزني"، مضى برقم: ٤٨٧٧، ٤٨٧٨، ٨٩٣٦، ٩٧٣٢.
وكان في هذا الموضع من المخطوطة أيضًا"سليمان"، وانظر التعليق على الأثر السالف.
و"سعيد" الثاني، هو"سعيد بن المسيب".
و"سلمان"، هو ابن الإسلام، "سلمان الخير الفارسي"، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان في المخطوطة في هذا الأثر، والذي يليه"سليمان"، ثم استقامت المخطوطة على الصواب. وسيأتي بعد الأثر رقم ١١٢١١، في تعقيب أبي جعفر أن سعيد بن المسيب، غير معلوم له سماع من سلمان الفارسي.
أما قوله: "أو سعد"، فلم أعرف ما أراد به، ولم أعرف من يكون"سعد" الذي يروي عنه قتادة، والذي يروي عن سلمان. وسيأتي في الآثار التالية، رواية مثل ذلك عن"سعد بن أبي وقاص". فأخشى أن يكون في الإسناد تقديم وتأخير: "قتادة، عن سعيد، عن سلمان، أو سعد". وأنا في شك من ذلك أيضًا.
وهذا الأثر رواه البيهقي في السنن ٩: ٢٣٧.
(٢) الأثر: ١١١٨٨-"بكر بن عبد الله المزني"، مضى برقم: ٤٨٧٧، ٤٨٧٨، ٨٩٣٦، ٩٧٣٢.
وكان في هذا الموضع من المخطوطة أيضًا"سليمان"، وانظر التعليق على الأثر السالف.
560
حدثنا شعبة قال، سمعت قتادة يحدث، عن سعيد بن المسيب قال، قال سلمان: كل وإن أكل ثلثيه = يعني: الصيدَ إذا أكل منه الكلب.
١١١٩٠- حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن سلمان، نحوه.
١١١٩١- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي وعبد العزيز بن عبد الصمد، عن شعبة = ح وحدثنا هناد قال، حدثنا عبدة = جميعًا، عن سعيد، عن قتادة: عن سعيد بن المسيب قال، قال سلمان: إذا أرسلت كلبك المعلَّم وذكرت اسمَ الله، فأكل ثلثيه وبقي ثلثه، فكل. (١).
١١١٩٢- حدثنا هناد قال، حدثنا عبدة، عن سعيد، عن قتادة، عن سعيد، عن سلمان، نحوه.
١١١٩٣- حدثنا مجاهد بن موسى قال، حدثنا يزيد، عن بكر بن عبد الله المزني والقاسم: أن سلمان قال: إذا أكل الكلب فكل، وإن أكل ثلثيه.
١١١٩٤- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن داود بن أبي الفرات، عن محمد بن زيد، عن سعيد بن المسيب قال: قال سلمان: إذا أرسلت كلبك المعلَّم أو بازَك، فسميَّت فأكل نصفه أو ثلثيه، فكل بقيَّته. (٢)
١١١٩٥- حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن حميد بن مالك بن خثيم الدؤلي: أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن الصيد يأكل منه الكلب، فقال: كل، وإن لم يبق منه إلا حِذْية - يعني: بَضْعة. (٣)
١١١٩٠- حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن سلمان، نحوه.
١١١٩١- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي وعبد العزيز بن عبد الصمد، عن شعبة = ح وحدثنا هناد قال، حدثنا عبدة = جميعًا، عن سعيد، عن قتادة: عن سعيد بن المسيب قال، قال سلمان: إذا أرسلت كلبك المعلَّم وذكرت اسمَ الله، فأكل ثلثيه وبقي ثلثه، فكل. (١).
١١١٩٢- حدثنا هناد قال، حدثنا عبدة، عن سعيد، عن قتادة، عن سعيد، عن سلمان، نحوه.
١١١٩٣- حدثنا مجاهد بن موسى قال، حدثنا يزيد، عن بكر بن عبد الله المزني والقاسم: أن سلمان قال: إذا أكل الكلب فكل، وإن أكل ثلثيه.
١١١٩٤- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن داود بن أبي الفرات، عن محمد بن زيد، عن سعيد بن المسيب قال: قال سلمان: إذا أرسلت كلبك المعلَّم أو بازَك، فسميَّت فأكل نصفه أو ثلثيه، فكل بقيَّته. (٢)
١١١٩٥- حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن حميد بن مالك بن خثيم الدؤلي: أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن الصيد يأكل منه الكلب، فقال: كل، وإن لم يبق منه إلا حِذْية - يعني: بَضْعة. (٣)
(١) في المطبوعة: "فأكل ثلثه فكل"، أسقط من الكلام ما ثبت في المخطوطة.
(٢) الأثر: ١١١٩٤-"داود بن أبي الفرات" هو"داود بن عمر بن الفرات الكندي". ثقة، يروي عن"محمد بن زيد بن علي الكندي". مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري ٢/١/٢١٥.
و"محمد بن زيد بن علي الكندي" ويقال"العبدي"، قاضي مرو، ثقة صالح الحديث. مترجم في التهذيب، والكبير ١/١/٨٤.
(٣) الأثر: ١١١٩٥-"مخرمة بن بكير بن عبد الله بن الأشج"، مضى برقم: ٣٣٥٩.
وأبوه"بكير بن عبد الله بن الأشج"، أو "بكير بن الأشج"، مضى برقم: ٢٧٤٧، و"حميد بن مالك بن خثيم الدؤلي" أو: "حميد بن عبد الله بن مالك" وسيأتي كذلك في الأثرين: ١١٢٠٧، ١١٢٠٨، تابعي ثقة، روى عن أبي هريرة وسعد بن أبي وقاص. مترجم في التهذيب.
و"الحذية" و"الحذوة" (بكسر الحاء) : هو ما قطع من اللحم طولا، أو القطعة الصغيرة من اللحم. وأما "البضعة" فهي بفتح الباء وسكون الضاد. وكان في المخطوطة: "يعني بعضه"، والصواب ما في المطبوعة.
(٢) الأثر: ١١١٩٤-"داود بن أبي الفرات" هو"داود بن عمر بن الفرات الكندي". ثقة، يروي عن"محمد بن زيد بن علي الكندي". مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري ٢/١/٢١٥.
و"محمد بن زيد بن علي الكندي" ويقال"العبدي"، قاضي مرو، ثقة صالح الحديث. مترجم في التهذيب، والكبير ١/١/٨٤.
(٣) الأثر: ١١١٩٥-"مخرمة بن بكير بن عبد الله بن الأشج"، مضى برقم: ٣٣٥٩.
وأبوه"بكير بن عبد الله بن الأشج"، أو "بكير بن الأشج"، مضى برقم: ٢٧٤٧، و"حميد بن مالك بن خثيم الدؤلي" أو: "حميد بن عبد الله بن مالك" وسيأتي كذلك في الأثرين: ١١٢٠٧، ١١٢٠٨، تابعي ثقة، روى عن أبي هريرة وسعد بن أبي وقاص. مترجم في التهذيب.
و"الحذية" و"الحذوة" (بكسر الحاء) : هو ما قطع من اللحم طولا، أو القطعة الصغيرة من اللحم. وأما "البضعة" فهي بفتح الباء وسكون الضاد. وكان في المخطوطة: "يعني بعضه"، والصواب ما في المطبوعة.
561
١١١٩٦- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثني عبد الصمد قال، حدثنا شعبة، عن عبد ربه بن سعيد قال: سمعت بكير بن الأشج يحدّث، عن سعد قال: كُل، وإن أكل ثلثيه. (١)
١١١٩٧- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا سعيد بن الربيع قال، حدثنا شعبة، عن عبد ربه بن سعيد قال: سمعت بكير بن الأشج، عن سعيد بن المسيب = قال شعبة: قلت: سمعته من سعيد؟ قال: لا = قال: كل وإن أكل ثلثيه = قال: ثم إن شعبة قال في حديثه: عن سعد. قال: كل، وإن أكل نصفه.
١١١٩٨- حدثنا ابن المثنى قال، حدثني عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن عامر، عن أبي هريرة قال: إذا أرسلت كلبك فأكل منه، فإن أكل ثلثيه وبقي ثلثه، فكل.
١١١٩٩- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن أبي هريرة، بنحوه.
١١٢٠٠- حدثنا هناد قال، حدثنا أبو معاوية، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن أبي هريرة، نحوه.
١١٢٠١- حدثنا ابن المثنى قال، حدثني سالم بن نوح العطار، عن عمر= يعني: ابن عامر = عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن سلمان قال: إذا
١١١٩٧- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا سعيد بن الربيع قال، حدثنا شعبة، عن عبد ربه بن سعيد قال: سمعت بكير بن الأشج، عن سعيد بن المسيب = قال شعبة: قلت: سمعته من سعيد؟ قال: لا = قال: كل وإن أكل ثلثيه = قال: ثم إن شعبة قال في حديثه: عن سعد. قال: كل، وإن أكل نصفه.
١١١٩٨- حدثنا ابن المثنى قال، حدثني عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن عامر، عن أبي هريرة قال: إذا أرسلت كلبك فأكل منه، فإن أكل ثلثيه وبقي ثلثه، فكل.
١١١٩٩- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن أبي هريرة، بنحوه.
١١٢٠٠- حدثنا هناد قال، حدثنا أبو معاوية، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن أبي هريرة، نحوه.
١١٢٠١- حدثنا ابن المثنى قال، حدثني سالم بن نوح العطار، عن عمر= يعني: ابن عامر = عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن سلمان قال: إذا
(١) الأثر: ١١١٦٩-"عبد ربه بن سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاري"، روى عن جده قيس بن عمرو. ثقة. مترجم في التهذيب.
562
أرسلت كلبك المعلَّم فأخذ فقتل، فكل، وإن أكل ثلثيه. (١)
١١٢٠٢- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر قال، سمعت عبيد الله (٢) = ح وحدثنا هناد قال، حدثنا عبدة، عن عبيد الله بن عمر= عن نافع، عن عبد الله بن عمر قال: إذا أرسلت كلبك المعلَّم وذكرت اسم الله، فكل ما أمسك عليك، أكل أو لم يأكل.
١١٢٠٣- حدثنا ابن المثنى، قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، بنحوه.
١١٢٠٤- حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني ابن أبي ذئب: أن نافعًا حدَّثهم: أن عبد الله بن عمر كان لا يرى بأكل الصيد بأسًا، إذا قتله الكلب أكل منه.
١١٢٠٥- حدثني يونس به مرة أخرى فقال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني عبيد الله بن عمرو، ابن أبي ذئب، وغير واحد: أن نافعًا حدَّثهم، عن عبد الله بن عمر، فذكر نحوه.
١١٢٠٦- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا محمد بن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان لا يرى بأسًا بما أكل الكلبُ الضاري.
١١٢٠٧- حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن ابن أبي ذئب، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن حميد بن عبد الله، عن سعد قال: قلت لنا: كلاب ضوارٍ يأكلن ويبقين؟ قال: كل، وإن لم يبق إلا بَضْعة.
١١٢٠٨- حدثنا هناد قال، حدثنا قبيصة، عن سفيان، عن ابن أبي
١١٢٠٢- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر قال، سمعت عبيد الله (٢) = ح وحدثنا هناد قال، حدثنا عبدة، عن عبيد الله بن عمر= عن نافع، عن عبد الله بن عمر قال: إذا أرسلت كلبك المعلَّم وذكرت اسم الله، فكل ما أمسك عليك، أكل أو لم يأكل.
١١٢٠٣- حدثنا ابن المثنى، قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، بنحوه.
١١٢٠٤- حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني ابن أبي ذئب: أن نافعًا حدَّثهم: أن عبد الله بن عمر كان لا يرى بأكل الصيد بأسًا، إذا قتله الكلب أكل منه.
١١٢٠٥- حدثني يونس به مرة أخرى فقال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني عبيد الله بن عمرو، ابن أبي ذئب، وغير واحد: أن نافعًا حدَّثهم، عن عبد الله بن عمر، فذكر نحوه.
١١٢٠٦- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا محمد بن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان لا يرى بأسًا بما أكل الكلبُ الضاري.
١١٢٠٧- حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن ابن أبي ذئب، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن حميد بن عبد الله، عن سعد قال: قلت لنا: كلاب ضوارٍ يأكلن ويبقين؟ قال: كل، وإن لم يبق إلا بَضْعة.
١١٢٠٨- حدثنا هناد قال، حدثنا قبيصة، عن سفيان، عن ابن أبي
(١) الأثر: ١١٢٠١-"سالم بن نوح العطار" = و"عمر بن عامر السلمي"، مضيا برقم: ٢٨٥٢.
(٢) في المطبوعة: "عبد الله"، والصواب من المخطوطة، وهي غير منقوطة.
(٢) في المطبوعة: "عبد الله"، والصواب من المخطوطة، وهي غير منقوطة.
563
ذئب، عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج، عن حميد قال: سألت سعدًا، فذكر نحوه. (١)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندنا في تأويل قوله:"تعلمونهن مما علمكم الله": أن"التعليم" الذي ذكره الله في هذه الآية للجوارح، إنما هو أن يعلِّم الرجل جارحَه الاستشلاء إذا أُشلي على الصيد (٢) وطلبه إياه إذا أغرى، أو إمساكه عليه، إذا أخذه من غير أن يأكل منه شيئًا، وألا يفرّ منه إذا أراده، وأن يجيبه إذا دعاه. فذلك، هو تعليم جميع الجوارح، طيرها وبهائمها. فإن أكل من الصيد جارحةُ صائد (٣) فجارحه حينئذ غير معلَّم. (٤) فإن أدرك صيده صاحبُه حيًّا فذكّاه، حلَّ له أكله. وإن أدركه ميتًا، لم يحلَّ له أكله، لأنه مما أكله السَّبُع الذي حرمه الله تعالى بقوله: (وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ)، ولم يدرك ذكاته.
وإنما قلنا: ذلك أولى الأقوال في ذلك بالصواب، لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بما:-
١١٢٠٩- حدثنا به ابن حميد قال، حدثنا ابن المبارك، عن عاصم بن سليمان الأحول، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم: أنه سأل النبي ﷺ عن الصيد فقال: إذا أرسلتَ كلبك فاذكر اسم الله عليه، فإن أدركته وقد قتل وأكل منه فلا تأكل منه شيئًا، فإنما أمسكَ على نفسه. " (٥)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندنا في تأويل قوله:"تعلمونهن مما علمكم الله": أن"التعليم" الذي ذكره الله في هذه الآية للجوارح، إنما هو أن يعلِّم الرجل جارحَه الاستشلاء إذا أُشلي على الصيد (٢) وطلبه إياه إذا أغرى، أو إمساكه عليه، إذا أخذه من غير أن يأكل منه شيئًا، وألا يفرّ منه إذا أراده، وأن يجيبه إذا دعاه. فذلك، هو تعليم جميع الجوارح، طيرها وبهائمها. فإن أكل من الصيد جارحةُ صائد (٣) فجارحه حينئذ غير معلَّم. (٤) فإن أدرك صيده صاحبُه حيًّا فذكّاه، حلَّ له أكله. وإن أدركه ميتًا، لم يحلَّ له أكله، لأنه مما أكله السَّبُع الذي حرمه الله تعالى بقوله: (وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ)، ولم يدرك ذكاته.
وإنما قلنا: ذلك أولى الأقوال في ذلك بالصواب، لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بما:-
١١٢٠٩- حدثنا به ابن حميد قال، حدثنا ابن المبارك، عن عاصم بن سليمان الأحول، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم: أنه سأل النبي ﷺ عن الصيد فقال: إذا أرسلتَ كلبك فاذكر اسم الله عليه، فإن أدركته وقد قتل وأكل منه فلا تأكل منه شيئًا، فإنما أمسكَ على نفسه. " (٥)
(١) الأثران: ١١٢٠٧، ١١٢٠٨-"حميد بن عبد الله"، هو"حميد بن مالك بن خثيم" الذي مضى في الأثر: ١١١٩٥، وانظر التعليق عليه هناك.
و"يعقوب بن عبد الله بن الأشج" أخو"بكير بن عبد الله بن الأشج" الذي سلف برقم: ١١١٩٥ وهو ثقة. مترجم في التهذيب.
(٢) انظر القول في"الإشلاء" و"الاستشلاء" فيما سلف ص: ٥٥٣، تعليق: ٤.
(٣) في المطبوعة: "وإن أكل... " بالواو، والجيد ما في المخطوطة، بالفاء.
(٤) في المطبوعة: "فجارحه" بغير تاء التأنيث، والجيد ما في المخطوطة.
(٥) الأثر: ١١٢٠٩- حديث صحيح. رواه البخاري (الفتح ٩: ٥٢٧)، ومسلم ١٣: ٧٨، ٧٩، وأحمد في المسند ٤: ٢٥٧، ٣٧٩، وأبو داود في سننه ٣: ١٤٥ رقم: ٢٨٤٩، والبيهقي في السنن ٩: ٢٣٦، ٢٣٨، ٢٤٢، ٢٤٤ من طرق، مطولا.
و"يعقوب بن عبد الله بن الأشج" أخو"بكير بن عبد الله بن الأشج" الذي سلف برقم: ١١١٩٥ وهو ثقة. مترجم في التهذيب.
(٢) انظر القول في"الإشلاء" و"الاستشلاء" فيما سلف ص: ٥٥٣، تعليق: ٤.
(٣) في المطبوعة: "وإن أكل... " بالواو، والجيد ما في المخطوطة، بالفاء.
(٤) في المطبوعة: "فجارحه" بغير تاء التأنيث، والجيد ما في المخطوطة.
(٥) الأثر: ١١٢٠٩- حديث صحيح. رواه البخاري (الفتح ٩: ٥٢٧)، ومسلم ١٣: ٧٨، ٧٩، وأحمد في المسند ٤: ٢٥٧، ٣٧٩، وأبو داود في سننه ٣: ١٤٥ رقم: ٢٨٤٩، والبيهقي في السنن ٩: ٢٣٦، ٢٣٨، ٢٤٢، ٢٤٤ من طرق، مطولا.
564
١١٢١٠- حدثنا أبو كريب وأبو هشام الرفاعي قالا حدثنا محمد بن فضيل، عن بيان بن بشر، عن عامر، عن عدي بن حاتم قال: سألت رسول الله ﷺ فقلت: إنا قوم نتصيَّد بهذه الكلاب؟ فقال: إذا أرسلت كلابَك المعلَّمة وذكرت اسم الله عليها، فكل ما أمسكن عليك وإن قتلن، إلا أن يأكل الكلبُ، فإن أكل فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون إنما حَبَسه على نفسه. " (١)
* * *
فإن قال قائل: فما أنت قائل فيما حدثك به:-
١١٢١١- عمران بن بكّار الكلاعي قال، حدثنا عبد العزيز بن موسى قال، حدثنا محمد بن دينار، عن أبي إياس، عن سعيد بن المسيب، عن سلمان الفارسي، عن النبي ﷺ قال: إذا أرسل الرجل كلبه على الصيد فأدركه وقد أكل منه، فليأكل ما بقي. (٢)
* * *
فإن قال قائل: فما أنت قائل فيما حدثك به:-
١١٢١١- عمران بن بكّار الكلاعي قال، حدثنا عبد العزيز بن موسى قال، حدثنا محمد بن دينار، عن أبي إياس، عن سعيد بن المسيب، عن سلمان الفارسي، عن النبي ﷺ قال: إذا أرسل الرجل كلبه على الصيد فأدركه وقد أكل منه، فليأكل ما بقي. (٢)
(١) الأثر: ١١٢١٠- حديث صحيح. رواه البخاري من طريق قتيبة بن سعيد، عن محمد بن فضيل (الفتح ٩: ٥٢٧، ٥٢٨)، ومسلم من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمد بن فضيل ١٣: ٧٥، وأحمد في مسنده ٤: ٢٥٨، والبيهقي في السنن ٩: ٢٣٦، ٢٣٧، وأبو داود في سنن ٣: ١٤٥، رقم: ٢٨٤٨ مطولا.
(٢) الأثر: ١١٢١١-"عمران بن بكار الكلاعي"، شيخ الطبري. مضى برقم: ١٤٩، ٢٠٧١.
و"عبد العزيز بن موسى بن روح اللاحوني"، أبو روح، البهراني الحمصي. قال أبو حاتم: "صدوق ثقة مأمون". مترجم في التهذيب.
و"محمد بن دينار الأزدي الطاحي"، وهو"ابن أبي الفرات"، و"أبو بكر بن أبي الفرات" قال النسائي: "ليس به بأس"، وقال في موضع آخر: "ضعيف"، وقال أبو داود: "تغير قبل أن يموت"، وقال الدارقطني: "ضعيف"، وقال مرة: "متروك". مترجم في التهذيب.
و"أبو إياس"، هو"معاوية بن قرة بن إياس المزني"، تابعي ثقة. مترجم في التهذيب.
وهذا الأثر قد تكلم الطبري في إسناده فيما يلي، ونقل ابن كثير في تفسيره ٣: ٧٥، ما قاله الطبري، ثم عقب عليه بقوله: "وهذا الذي قاله ابن جرير صحيح، ولكن قد روي هذا المعنى مرفوعًا من وجوه أخر، فقال أبو داود: حدثنا محمد بن المنهال الضرير، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا حبيب المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده... " وساق حديث أبي داود في سننه ٣: ١٤٧، رقم: ٢٨٥٧، ثم قال ابن كثير: "هكذا رواه أبو داود، وقد أخرجه النسائي. وكذا رواه أبو داود من طريق يونس بن سيف، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ثعلبة... " ثم ساق حديث أبي داود في سننه ٣: ١٤٧، رقم: ٢٨٥٦، ثم قال: "وهذان إسنادان جيدان".
(٢) الأثر: ١١٢١١-"عمران بن بكار الكلاعي"، شيخ الطبري. مضى برقم: ١٤٩، ٢٠٧١.
و"عبد العزيز بن موسى بن روح اللاحوني"، أبو روح، البهراني الحمصي. قال أبو حاتم: "صدوق ثقة مأمون". مترجم في التهذيب.
و"محمد بن دينار الأزدي الطاحي"، وهو"ابن أبي الفرات"، و"أبو بكر بن أبي الفرات" قال النسائي: "ليس به بأس"، وقال في موضع آخر: "ضعيف"، وقال أبو داود: "تغير قبل أن يموت"، وقال الدارقطني: "ضعيف"، وقال مرة: "متروك". مترجم في التهذيب.
و"أبو إياس"، هو"معاوية بن قرة بن إياس المزني"، تابعي ثقة. مترجم في التهذيب.
وهذا الأثر قد تكلم الطبري في إسناده فيما يلي، ونقل ابن كثير في تفسيره ٣: ٧٥، ما قاله الطبري، ثم عقب عليه بقوله: "وهذا الذي قاله ابن جرير صحيح، ولكن قد روي هذا المعنى مرفوعًا من وجوه أخر، فقال أبو داود: حدثنا محمد بن المنهال الضرير، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا حبيب المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده... " وساق حديث أبي داود في سننه ٣: ١٤٧، رقم: ٢٨٥٧، ثم قال ابن كثير: "هكذا رواه أبو داود، وقد أخرجه النسائي. وكذا رواه أبو داود من طريق يونس بن سيف، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ثعلبة... " ثم ساق حديث أبي داود في سننه ٣: ١٤٧، رقم: ٢٨٥٦، ثم قال: "وهذان إسنادان جيدان".
565
قيل: هذا خبر في إسناده نظر، فإن"سعيدًا" غير معلوم له سماع من"سلمان"، والثقات من أهل الآثار يقفون هذا الكلام على سلمان، ويروونه عنه من قِبَله غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم. والحفَّاظ الثقات إذا تتابعوا على نقل شيء بصفة، فخالفهم واحد منفردٌ ليس له حفظهم، كانت الجماعة الأثبات أحقَّ بصحة ما نقلوا من الفرد الذي ليس له حفظهم. (١)
* * *
قال أبو جعفر: وإذا كان الأمر في الكلب على ما ذكرتُ: من أنه إذا أكل من الصيد فغيرُ معلَّم، فكذلك حكم كل جارحة: في أن ما أكل منها من الصيد فغير معلَّم، لا يحل له أكل صيده إلا أن يدرك ذكاته.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله:"فكلوا مما أمسكن عليكم"، فكلوا، أيها الناس، مما أمسكت عليكم جوارحكم.
* * *
واختلف أهل التأويل في معنى ذلك.
فقال بعضهم: ذلك على الظاهر والعموم كما عممه الله، حلال أكل كلِّ ما أمسكت علينا الكلاب والجوارح المعلَّمة من الصيد الحلال أكله، أكل منه الجارح والكلاب أو لم يأكل منه، أدركتْ ذكاته فذُكِّي أو لم تدرَك ذكاته حتى قتلته الجوارح بجرحها إياه أو بغير جَرْح.
* * *
قال أبو جعفر: وإذا كان الأمر في الكلب على ما ذكرتُ: من أنه إذا أكل من الصيد فغيرُ معلَّم، فكذلك حكم كل جارحة: في أن ما أكل منها من الصيد فغير معلَّم، لا يحل له أكل صيده إلا أن يدرك ذكاته.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله:"فكلوا مما أمسكن عليكم"، فكلوا، أيها الناس، مما أمسكت عليكم جوارحكم.
* * *
واختلف أهل التأويل في معنى ذلك.
فقال بعضهم: ذلك على الظاهر والعموم كما عممه الله، حلال أكل كلِّ ما أمسكت علينا الكلاب والجوارح المعلَّمة من الصيد الحلال أكله، أكل منه الجارح والكلاب أو لم يأكل منه، أدركتْ ذكاته فذُكِّي أو لم تدرَك ذكاته حتى قتلته الجوارح بجرحها إياه أو بغير جَرْح.
(١) انظر التعليق على الأثر السالف، رقم: ١١٢١١.
566
وهذا قول الذين قالوا:"تعليم الجوارح الذي يحلّ به صيدها أن تعلَّم الاستشلاء على الصيد، وطلبه إذا أشْليت عليه، وأخذه، وترك الهرب من صاحبها، دون ترك الأكل من صيدها إذا صادته". وقد ذكرنا قول قائلي هذه المقالة والرواية عنهم بأسانيدها الواردة آنفًا. (١)
* * *
وقال آخرون: بل ذلك على الخصوص دون العموم. قالوا: ومعناه: فكلوا مما أمسكن عليكم من الصيد جميعه دون بعضه. قالوا: فإن أكلت الجوارح منه بعضًا وأمسكت بعضًا، فالذي أمسكت منه غير جائز أكلُه وقد أكلت بعضه، لأنها إنما أمسكت ما أمسكت من ذلك الصيد بعد الذي أكلت منه، على أنفسها لا علينا، والله تعالى ذكره إنما أباح لنا كلَ ما أمسكته جوارحنا المعلمة علينا بقوله:"فكلوا مما أمسكن عليكم"، دون ما أمسكته على أنفسها. وهذا قول من قال:" تعليم الجوارح الذي يحلُّ به صيدها: أن تَستشلى للصيد إذا أشليت، فتطلبه وتأخذه، فتمسكه على صاحبها فلا تأكل منه شيئًا، ولا تفر من صاحبها". وقد ذكرنا ممن قال ذلك فيما مضى منهم جماعة كثيرة (٢) ونذكر منهم جماعة أخَر في هذا الموضع. (٣)
١١٢١٢- حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"فكلوا مما أمسكن عليكم"، يقول: كلوا مما قتلن = قال علي: وكان ابن عباس يقول: إن قتل وأكل فلا تأكل، وإن أمسك فأدركته حيًّا فذكِّه.
١١٢١٣- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال،
* * *
وقال آخرون: بل ذلك على الخصوص دون العموم. قالوا: ومعناه: فكلوا مما أمسكن عليكم من الصيد جميعه دون بعضه. قالوا: فإن أكلت الجوارح منه بعضًا وأمسكت بعضًا، فالذي أمسكت منه غير جائز أكلُه وقد أكلت بعضه، لأنها إنما أمسكت ما أمسكت من ذلك الصيد بعد الذي أكلت منه، على أنفسها لا علينا، والله تعالى ذكره إنما أباح لنا كلَ ما أمسكته جوارحنا المعلمة علينا بقوله:"فكلوا مما أمسكن عليكم"، دون ما أمسكته على أنفسها. وهذا قول من قال:" تعليم الجوارح الذي يحلُّ به صيدها: أن تَستشلى للصيد إذا أشليت، فتطلبه وتأخذه، فتمسكه على صاحبها فلا تأكل منه شيئًا، ولا تفر من صاحبها". وقد ذكرنا ممن قال ذلك فيما مضى منهم جماعة كثيرة (٢) ونذكر منهم جماعة أخَر في هذا الموضع. (٣)
١١٢١٢- حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"فكلوا مما أمسكن عليكم"، يقول: كلوا مما قتلن = قال علي: وكان ابن عباس يقول: إن قتل وأكل فلا تأكل، وإن أمسك فأدركته حيًّا فذكِّه.
١١٢١٣- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال،
(١) انظر ما سلف من الآثار من رقم: ١١١٨٧، وما بعده.
(٢) انظر ما سلف من الآثار، من رقم: ١١١٨٢، وما بعده.
(٣) في المطبوعة: "جماعة آخرين"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) انظر ما سلف من الآثار، من رقم: ١١١٨٢، وما بعده.
(٣) في المطبوعة: "جماعة آخرين"، وأثبت ما في المخطوطة.
567
حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: إن أكل المعلَّم من الكلاب من صيده قبل أن يأتيه صاحبه فيدرك ذكاته، فلا يأكل من صيده.
١١٢١٤- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"فكلوا مما أمسكن عليكم"، إذا صادَ الكلب فأمسكه وقد قتله ولم يأكل منه، فهو حِلٌّ. فإن أكل منه، فيقال: إنما أمسك على نفسه. (١) فلا تأكل منه شيئًا، إنه ليس بمعلَّم.
١١٢١٥- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"يسألونك ماذا أحل لهم" إلى قوله:"فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه"، قال: إذا أرسلت كلبك المعلَّم أو طيرك أو سهمك، فذكرت اسم الله، فأخذ أو قتل، فكل.
١١٢١٦- حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول: إذا أرسلت كلبك المعلّم فذكرت اسم الله حين ترسله، فأمسك أو قتل، فهو حلال. فإذا أكل منه فلا تأكله، فإنما أمسكه على نفسه.
١١٢١٧- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن الشعبي، عن عديّ قوله:"فكلوا مما أمسكن عليكم"، قال: قلت يا رسول الله، إن أرضي أرضُ صيد؟ قال:"إذا أرسلت كلبك وسميت، فكل مما أمسك عليك كلبُك وإن قتل. فإن أكل فلا تأكل، فإنه إنما أمسك على نفسه. (٢)
١١٢١٤- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"فكلوا مما أمسكن عليكم"، إذا صادَ الكلب فأمسكه وقد قتله ولم يأكل منه، فهو حِلٌّ. فإن أكل منه، فيقال: إنما أمسك على نفسه. (١) فلا تأكل منه شيئًا، إنه ليس بمعلَّم.
١١٢١٥- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"يسألونك ماذا أحل لهم" إلى قوله:"فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه"، قال: إذا أرسلت كلبك المعلَّم أو طيرك أو سهمك، فذكرت اسم الله، فأخذ أو قتل، فكل.
١١٢١٦- حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول: إذا أرسلت كلبك المعلّم فذكرت اسم الله حين ترسله، فأمسك أو قتل، فهو حلال. فإذا أكل منه فلا تأكله، فإنما أمسكه على نفسه.
١١٢١٧- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن الشعبي، عن عديّ قوله:"فكلوا مما أمسكن عليكم"، قال: قلت يا رسول الله، إن أرضي أرضُ صيد؟ قال:"إذا أرسلت كلبك وسميت، فكل مما أمسك عليك كلبُك وإن قتل. فإن أكل فلا تأكل، فإنه إنما أمسك على نفسه. (٢)
(١) في المخطوطة: "إنما أمسك فلا تأكل......" أسقط"على نفسه"، والصواب إثباتها كما في المطبوعة.
(٢) الأثر: ١١٢١٧- حديث صحيح، أخرجه البخاري (الفتح ٩: ٥٢٧)، نحوًا من لفظه. ورواه بهذا اللفظ مطولا، أحمد في مسنده ٤: ٢٥٧، وانظر التعليق على الأثر السالف رقم: ١١٢٠٩.
(٢) الأثر: ١١٢١٧- حديث صحيح، أخرجه البخاري (الفتح ٩: ٥٢٧)، نحوًا من لفظه. ورواه بهذا اللفظ مطولا، أحمد في مسنده ٤: ٢٥٧، وانظر التعليق على الأثر السالف رقم: ١١٢٠٩.
568
وقد بينا أولى القولين في ذلك بالصواب قبلُ، فأغنى ذلك عن إعادته وتكراره. (١)
* * *
فإن قال قائل: وما وجه دخول"من"، في قوله:"فكلوا مما أمسكن عليكم"، وقد أحل الله لنا صيد جوارحنا الحلالِ، و"من" إنما تدخل في الكلام مبعِّضَة لما دخلت فيه؟
قيل: قد اختلف في معنى دخولها في هذا الموضع أهل العربية.
فقال بعض نحويي البصرة: دخلت"من" في هذا الموضع لغير معنًى، كما تدخله العرب في قولهم:"كان من مطر" و"كان من حديث". قال: ومن ذلك قوله: (وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ) [سورة البقرة: ٢٧١]، وقوله: (وَيُنزلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ) [سورة النور: ٤٣]، قال: وهو فيما فسِّر: وينزل من السماء جبالا فيها برد. قال: وقال بعضهم: و"ينزل من السماء من جبال فيها من برد"، أي: من السماء من برد، بجعل"الجبال من برد" في السماء، وبجعل الإنزال منها. (٢)
* * *
وكان غيره من أهل العربية ينكر ذلك ويقول: لم تدخل"من" إلا لمعنى مفهوم، لا يجوز الكلام ولا يصلح إلا به. وذلك أنها دالة على التبعيض. وكان يقول: معنى قولهم"قد كان من مطر" و"كان من حديث"؛ هل كان من مَطَرِ مَطَرَ عندكم؟ وهل من حديث حُدِّث عندكم؟ (٣) ويقول: معنى: (وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ)، أي: ويكفر عنكم من سيِّئاتكم ما يشاء ويريد = وفي قوله: (وَيُنزلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ)، فيجيز
* * *
فإن قال قائل: وما وجه دخول"من"، في قوله:"فكلوا مما أمسكن عليكم"، وقد أحل الله لنا صيد جوارحنا الحلالِ، و"من" إنما تدخل في الكلام مبعِّضَة لما دخلت فيه؟
قيل: قد اختلف في معنى دخولها في هذا الموضع أهل العربية.
فقال بعض نحويي البصرة: دخلت"من" في هذا الموضع لغير معنًى، كما تدخله العرب في قولهم:"كان من مطر" و"كان من حديث". قال: ومن ذلك قوله: (وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ) [سورة البقرة: ٢٧١]، وقوله: (وَيُنزلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ) [سورة النور: ٤٣]، قال: وهو فيما فسِّر: وينزل من السماء جبالا فيها برد. قال: وقال بعضهم: و"ينزل من السماء من جبال فيها من برد"، أي: من السماء من برد، بجعل"الجبال من برد" في السماء، وبجعل الإنزال منها. (٢)
* * *
وكان غيره من أهل العربية ينكر ذلك ويقول: لم تدخل"من" إلا لمعنى مفهوم، لا يجوز الكلام ولا يصلح إلا به. وذلك أنها دالة على التبعيض. وكان يقول: معنى قولهم"قد كان من مطر" و"كان من حديث"؛ هل كان من مَطَرِ مَطَرَ عندكم؟ وهل من حديث حُدِّث عندكم؟ (٣) ويقول: معنى: (وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ)، أي: ويكفر عنكم من سيِّئاتكم ما يشاء ويريد = وفي قوله: (وَيُنزلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ)، فيجيز
(١) انظر ما سلف ص: ٥٦٤.
(٢) انظر ما سلف ٢: ١٢٦، ١٢٧ / ٥: ٥٨٦/٦: ٥٥١/٧: ٤٨٩.
(٣) في المطبوعة والمخطوطة: "حديث حديث عندكم"؛ والصواب ما أثبت. ويعني قائل ذلك أن قوله"قد كان من مطر" إلخ، إنما هو جواب لقول القائل: هل كان من مطر مطر عندكم؟
(٢) انظر ما سلف ٢: ١٢٦، ١٢٧ / ٥: ٥٨٦/٦: ٥٥١/٧: ٤٨٩.
(٣) في المطبوعة والمخطوطة: "حديث حديث عندكم"؛ والصواب ما أثبت. ويعني قائل ذلك أن قوله"قد كان من مطر" إلخ، إنما هو جواب لقول القائل: هل كان من مطر مطر عندكم؟
569
حذف"من" من"من برد" (١) ولا يجيز حذفها من"الجبال"، ويتأول معنى ذلك: وينزل من السماء أمثالَ جبالٍ بردٍ، ثم أدخلت"من" في"البرد"، لأن"البرد" مفسَّر عنده من"الأمثال" (٢) أعني:"أمثال الجبال"، وقد أقيمت"الجبال" مقام"الأمثال"، و"الجبال" وهي"جبال برد" فلا يجيز حذف"من" من"الجبال"، لأنها دالة على أن الذي في السماء الذي أنزل منه البرد، أمثالُ جبال بردٍ. وأجاز حذف"من" من"البرد"، لأن"البرد" مفسَّر عن"الأمثال"، كما تقول:"عندي رطلان زيتًا" و"عندي رطلان من زيت"، وليس عندك"الرطل"، وإنما عندك المقدار. فـ"من" تدخل في المفسِّر وتخرج منه. وكذلك عند قائل هذا القول: من السماء، من أمثال جبال، وليس بجبال. وقال: وإن كان:"أنزل من جبال في السماء من برد جبالا"، ثم حذف"الجبال" الثانية، و"الجبال" الأول في السماء، جاز. تقول:"أكلت من الطعام"، تريد: أكلت من الطعام طعامًا، ثم تحذف"الطعام" ولا تسقط"من".
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك: أن"من" لا تدخل في الكلام إلا لمعنى مفهوم، وقد يجوز حذفها في بعض الكلام وبالكلام إليها حاجة، لدلالة ما يظهر من الكلام عليها. فأما أن تكون في الكلام لغير معنى أفادته بدخولها، فذلك قد بيَّنا فيما مضى أنه غير جائز أن يكون فيما صحّ من الكلام. (٣)
ومعنى دخولها في قوله:"فكلوا مما أمسكن عليكم"، للتبعيض، إذ كانت الجوارح تمسك على أصحابها ما أحل الله لهم لحومه، وحرَّم عليهم فَرْثه ودمَه، فقال جل ثناؤه:"فكلوا" = مما أمسكتْ عليكم جوارحكم (٤) = الطيبات التي أحللت
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك: أن"من" لا تدخل في الكلام إلا لمعنى مفهوم، وقد يجوز حذفها في بعض الكلام وبالكلام إليها حاجة، لدلالة ما يظهر من الكلام عليها. فأما أن تكون في الكلام لغير معنى أفادته بدخولها، فذلك قد بيَّنا فيما مضى أنه غير جائز أن يكون فيما صحّ من الكلام. (٣)
ومعنى دخولها في قوله:"فكلوا مما أمسكن عليكم"، للتبعيض، إذ كانت الجوارح تمسك على أصحابها ما أحل الله لهم لحومه، وحرَّم عليهم فَرْثه ودمَه، فقال جل ثناؤه:"فكلوا" = مما أمسكتْ عليكم جوارحكم (٤) = الطيبات التي أحللت
(١) في المطبوعة والمخطوطة: "حذف من من برد"، والصواب زيادة"من" الثالثة كما أثبتها.
(٢) "المفسر": المميز. و"التفسير": التمييز. وانظر فهارس المصطلحات.
(٣) انظر المواضع السالفة التي أشرنا إليها في التعليق: ٢، ص ٥٦٩.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "مما أمسكن عليكم جوارحكم"، والصواب الجيد ما أثبت، إنما خلط النساخ بين (النون)، و"التاء".
(٢) "المفسر": المميز. و"التفسير": التمييز. وانظر فهارس المصطلحات.
(٣) انظر المواضع السالفة التي أشرنا إليها في التعليق: ٢، ص ٥٦٩.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "مما أمسكن عليكم جوارحكم"، والصواب الجيد ما أثبت، إنما خلط النساخ بين (النون)، و"التاء".
570
لكم من لحومها، دون ما حرمت عليكم من خبائثه من الفرث والدم وما أشبه ذلك، مما لم أطيبه لكم. فذلك معنى دخول"من" في ذلك.
وأما قوله: (وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ)، فقد بينا وجه دخولها فيه فيما مضى، بما أغنى عن إعادته. (١)
وأما دخولها في قوله: (وَيُنزلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ)، فسنبينه إذا أتينا عليه إن شاء الله. (٢).
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (واذكروا اسم الله عليه) (٣) على ما أمسكت عليكم جوارحكم من الصيد. كما:-
١١٢١٨- حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"واذكروا اسم الله عليه"، يقول: إذا أرسلت جوارحك فقل:"بسم الله"، وإن نسيت فلا حَرَج.
١١٢١٩- حدثنا محمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله:"واذكروا اسم الله عليه"، قال: إذا أرسلته فسَمِّ عليه حين ترسله على الصيد.
* * *
وأما قوله: (وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ)، فقد بينا وجه دخولها فيه فيما مضى، بما أغنى عن إعادته. (١)
وأما دخولها في قوله: (وَيُنزلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ)، فسنبينه إذا أتينا عليه إن شاء الله. (٢).
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (واذكروا اسم الله عليه) (٣) على ما أمسكت عليكم جوارحكم من الصيد. كما:-
١١٢١٨- حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"واذكروا اسم الله عليه"، يقول: إذا أرسلت جوارحك فقل:"بسم الله"، وإن نسيت فلا حَرَج.
١١٢١٩- حدثنا محمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله:"واذكروا اسم الله عليه"، قال: إذا أرسلته فسَمِّ عليه حين ترسله على الصيد.
* * *
(١) انظر ما سلف ٥: ٥٨٦، والمواضع الأخرى في التعليق السالف ص: ٥٦٩، رقم: ٢.
(٢) انظر ج ١٨: ١١٨، ١١٩ (بولاق) من هذا التفسير، ولم يف أبو جعفر بما وعد، فلم يبينه بيانًا كافيًا حيث أشار إليه. وقد كان في المطبوعة هنا: "إن شاء الله تعالى". وأثبت ما في المخطوطة.
(٣) في المطبوعة والمخطوطة: "واذكروا اسم الله على ما أمسكت... " والصواب إثبات"عليه" من تمام الآية، وما بعده تفسير قوله: "عليه".
(٢) انظر ج ١٨: ١١٨، ١١٩ (بولاق) من هذا التفسير، ولم يف أبو جعفر بما وعد، فلم يبينه بيانًا كافيًا حيث أشار إليه. وقد كان في المطبوعة هنا: "إن شاء الله تعالى". وأثبت ما في المخطوطة.
(٣) في المطبوعة والمخطوطة: "واذكروا اسم الله على ما أمسكت... " والصواب إثبات"عليه" من تمام الآية، وما بعده تفسير قوله: "عليه".
571
القول في تأويل قوله: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٤) ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه: واتقوا الله، أيها الناس، فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه، فاحذروه في ذلك أن تقدموا على خلافه، وأن تأكلوا من صيد الجوارح غير المعلَّمة، أو مما لم تمسك عليكم من صيدها وأمسكته على أنفسها، أو تطعَمُوا ما لم يسمَّ الله عليه من الصيد والذبائح مما صادَه أهل الأوثان وعبدة الأصنام ومن لم يوحِّد الله من خلقه، أو ذبحوه، فإن الله قد حرَّم ذلك عليكم فاجتنبوه.
ثم خوَّفهم إن هم فعلوا ما نهاهم عنه من ذلك ومن غيره. فقال: اعلموا أن الله سريعٌ حسابه لمن حاسبه على نِعَمه عليه منكم (١) وشكرِ الشاكر منكم ربَّه على ما أنعم به عليه بطاعته إياه فيما أمر ونهى، لأنه حافظ لجميع ذلك فيكم، فيحيط به، لا يخفى عليه منه شيء، فيجازي المطيعَ منكم بطاعته، والعاصيَ بمعصيته، وقد بيَّن لكم جزاء الفريقين. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"اليوم أحل لكم الطيبات"، اليوم أحل لكم، أيها المؤمنون، الحلالُ من الذبائح والمطاعم دون الخبائث منها.
وقوله:"وطعام الذين أوتوا الكتاب حلٌّ لكم"، وذبائحُ أهل الكتاب من
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه: واتقوا الله، أيها الناس، فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه، فاحذروه في ذلك أن تقدموا على خلافه، وأن تأكلوا من صيد الجوارح غير المعلَّمة، أو مما لم تمسك عليكم من صيدها وأمسكته على أنفسها، أو تطعَمُوا ما لم يسمَّ الله عليه من الصيد والذبائح مما صادَه أهل الأوثان وعبدة الأصنام ومن لم يوحِّد الله من خلقه، أو ذبحوه، فإن الله قد حرَّم ذلك عليكم فاجتنبوه.
ثم خوَّفهم إن هم فعلوا ما نهاهم عنه من ذلك ومن غيره. فقال: اعلموا أن الله سريعٌ حسابه لمن حاسبه على نِعَمه عليه منكم (١) وشكرِ الشاكر منكم ربَّه على ما أنعم به عليه بطاعته إياه فيما أمر ونهى، لأنه حافظ لجميع ذلك فيكم، فيحيط به، لا يخفى عليه منه شيء، فيجازي المطيعَ منكم بطاعته، والعاصيَ بمعصيته، وقد بيَّن لكم جزاء الفريقين. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"اليوم أحل لكم الطيبات"، اليوم أحل لكم، أيها المؤمنون، الحلالُ من الذبائح والمطاعم دون الخبائث منها.
وقوله:"وطعام الذين أوتوا الكتاب حلٌّ لكم"، وذبائحُ أهل الكتاب من
(١) في المطبوعة: "على نعمته... "، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) انظر تفسير"سريع الحساب" فيما سلف ٧: ٥٠١، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير"سريع الحساب" فيما سلف ٧: ٥٠١، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
572
اليهود والنصارى = وهم الذين أوتوا التوراة والإنجيل وأنزل عليهم، فدانُوا بهما أو بأحدهما ="حل لكم" (١) يقول: حلالٌ لكم، أكله دون ذبائح سائر أهل الشرك الذين لا كتاب لهم من مشركي العرب وعبدة الأوثان والأصنام. فإن من لم يكن منهم مِمَّن أقرَّ بتوحيد الله عزَّ ذكره ودان دين أهل الكتاب، فحرام عليكم ذبائحهم.
* * *
ثم اختلف فيمن عنى الله عز ذكره بقوله:"وطعام الذين أوتوا الكتاب"، من أهل الكتاب.
فقال بعضهم: عنى الله بذلك ذبيحة كل كتابي ممن أنزل عليه التوراة والإنجيل، أو ممن دخل في مِلَّتهم فدان دينهم، وحرَّم ما حرَّموا، وحلَّل ما حللوا، منهم ومن غيرهم من سائر أجناس الأمم.
*ذكر من قال ذلك:
١١٢٢٠- حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال، حدثنا عبد الواحد قال، حدثنا خصيف قال، حدثنا عكرمة قال، سئل ابن عباس عن ذبائح نصارى بني تغلب، فقرأ هذه الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ) إلى قوله: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)، الآية [سورة المائدة: ٥١]. (٢)
١١٢٢١- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان: عن عاصم الأحول، عن عكرمة، عن ابن عباس، مثله.
١١٢٢٢- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن عثمة قال، حدثنا سعيد بن بشر، عن قتادة، عن الحسن وعكرمة: أنهما كانا لا يريان بأسًا بذبائح نصارى
* * *
ثم اختلف فيمن عنى الله عز ذكره بقوله:"وطعام الذين أوتوا الكتاب"، من أهل الكتاب.
فقال بعضهم: عنى الله بذلك ذبيحة كل كتابي ممن أنزل عليه التوراة والإنجيل، أو ممن دخل في مِلَّتهم فدان دينهم، وحرَّم ما حرَّموا، وحلَّل ما حللوا، منهم ومن غيرهم من سائر أجناس الأمم.
*ذكر من قال ذلك:
١١٢٢٠- حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال، حدثنا عبد الواحد قال، حدثنا خصيف قال، حدثنا عكرمة قال، سئل ابن عباس عن ذبائح نصارى بني تغلب، فقرأ هذه الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ) إلى قوله: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)، الآية [سورة المائدة: ٥١]. (٢)
١١٢٢١- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان: عن عاصم الأحول، عن عكرمة، عن ابن عباس، مثله.
١١٢٢٢- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن عثمة قال، حدثنا سعيد بن بشر، عن قتادة، عن الحسن وعكرمة: أنهما كانا لا يريان بأسًا بذبائح نصارى
(١) انظر تفسير"حل" و"حلال" فيما سلف ٣: ٣٠٠، ٤٨٧.
(٢) الأثر: ١١٢٢٠- هذا الأثر مؤخر بعد الذي يليه في المخطوطة، فلا أدري أهو مؤخر، أم سقط قبل الأثر رقم ١١٢٢١، أثر آخر، فاجتهد ناشر الكتاب أو ناسخ سابق، فقدم وأخر.
(٢) الأثر: ١١٢٢٠- هذا الأثر مؤخر بعد الذي يليه في المخطوطة، فلا أدري أهو مؤخر، أم سقط قبل الأثر رقم ١١٢٢١، أثر آخر، فاجتهد ناشر الكتاب أو ناسخ سابق، فقدم وأخر.
573
بني تغلب، وبتزوُّج نسائهم، ويتلوان: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ).
١١٢٢٣- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن وسعيد بن المسيب: أنهما كانا لا يريان بأسًا بذبيحة نصارى بني تغلب.
١١٢٢٤- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن أبي حصين، عن الشعبي: أنه كان لا يرى بأسًا بذبائح نصارى بني تغلب، وقرأ: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا)، [سورة مريم: ٦٤].
١١٢٢٥- حدثني ابن بشار وابن المثنى قالا حدثنا أبو عاصم قال، أخبرنا ابن جريج قال، حدثني ابن شهاب عن ذبيحة نصارى العرب، قال. تؤكل من أجل أنهم في الدين أهلُ كتاب، ويذكرون اسمَ الله.
١١٢٢٦- حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا ابن جريج قال، قال عطاء: إنما يقرُّون بدين ذلك الكتاب. (١)
١١٢٢٧- حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا شعبة قال: سألت الحكم وحمادًا وقتادة عن ذبائح نصارى بني تغلب، فقالوا: لا بأس بها. قال: وقرأ الحكم: (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ)، [سورة البقرة: ٧٨].
١١٢٢٨- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كلوا من ذبائح بني تغلب، وتزوَّجوا من نسائهم، فإن الله قال في كتابه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) [سورة المائدة: ٥١]، فلو لم يكونوا منهم إلا بالولاية، لكانوا منهم.
١١٢٢٣- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن وسعيد بن المسيب: أنهما كانا لا يريان بأسًا بذبيحة نصارى بني تغلب.
١١٢٢٤- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن أبي حصين، عن الشعبي: أنه كان لا يرى بأسًا بذبائح نصارى بني تغلب، وقرأ: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا)، [سورة مريم: ٦٤].
١١٢٢٥- حدثني ابن بشار وابن المثنى قالا حدثنا أبو عاصم قال، أخبرنا ابن جريج قال، حدثني ابن شهاب عن ذبيحة نصارى العرب، قال. تؤكل من أجل أنهم في الدين أهلُ كتاب، ويذكرون اسمَ الله.
١١٢٢٦- حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا ابن جريج قال، قال عطاء: إنما يقرُّون بدين ذلك الكتاب. (١)
١١٢٢٧- حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا شعبة قال: سألت الحكم وحمادًا وقتادة عن ذبائح نصارى بني تغلب، فقالوا: لا بأس بها. قال: وقرأ الحكم: (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ)، [سورة البقرة: ٧٨].
١١٢٢٨- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كلوا من ذبائح بني تغلب، وتزوَّجوا من نسائهم، فإن الله قال في كتابه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) [سورة المائدة: ٥١]، فلو لم يكونوا منهم إلا بالولاية، لكانوا منهم.
(١) في المطبوعة: "إنما يقرأون ذلك الكتاب"، وفي المخطوطة: "إنما يقرون بين ذلك" ورأيت أن صواب قراءتها كما أثبت، أي: أنهم يدينون بدين ذلك الكتاب.
574
١١٢٢٩- حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال، حدثنا ابن علية، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة: أن الحسن كان لا يرى بأسًا بذبائح نصارى بني تغلب، وكان يقول: انتحلوا دينًا، فذاك دينهم.
* * *
وقال آخرون: إنما عنى بالذين أوتوا الكتاب في هذه الآية، الذين أنزل عليهم التوراة والإنجيل من بني إسرائيل وأبنائهم، فأما من كان دخيلا فيهم من سائر الأمم ممن دان بدينهم وهم من غير بني إسرائيل، فلم يعن بهذه الآية، وليس هو ممن يحل أكل ذبائحه، لأنه ليس ممن أوتي الكتاب من قَبْل المسلمين. وهذا قول كان محمد بن إدريس الشافعي يقوله = حدثنا بذلك عنه الربيع = ويتأول في ذلك قول من كره ذبائح نصارى العرب من الصحابة والتابعين. (١)
* * *
ذكر من حرَّم ذبائح نصارى العرب.
١١٢٣٠- حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن محمد، عن عبيدة قال، قال علي رضوان الله عليه: لا تأكلوا ذبائح نصارى بني تغلب، فإنهم إنما يتمسكون من النصرانية بشرب الخمر. (٢)
١١٢٣١- حدثنا يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا هشام، عن ابن سيرين، عن عبيدة، عن علي قال: لا تأكلوا ذبائح نصارى بني تغلب، فإنهم لم يتمسكوا بشيء من النصرانية إلا بشرب الخمر.
١١٢٣٢- حدثنا الحسن بن عرفة قال، حدثنا عبد الله بن بكر قال، حدثنا هشام، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة قال: سألت عليًّا عن ذبائح نصارى العرب، فقال: لا تؤكل ذبائحهم، فإنهم لم يتعلَّقوا من دينهم إلا بشرب الخمر.
١١٢٣٣- حدثني علي بن سعيد الكندي قال، حدثنا علي بن عابس،
* * *
وقال آخرون: إنما عنى بالذين أوتوا الكتاب في هذه الآية، الذين أنزل عليهم التوراة والإنجيل من بني إسرائيل وأبنائهم، فأما من كان دخيلا فيهم من سائر الأمم ممن دان بدينهم وهم من غير بني إسرائيل، فلم يعن بهذه الآية، وليس هو ممن يحل أكل ذبائحه، لأنه ليس ممن أوتي الكتاب من قَبْل المسلمين. وهذا قول كان محمد بن إدريس الشافعي يقوله = حدثنا بذلك عنه الربيع = ويتأول في ذلك قول من كره ذبائح نصارى العرب من الصحابة والتابعين. (١)
* * *
ذكر من حرَّم ذبائح نصارى العرب.
١١٢٣٠- حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن محمد، عن عبيدة قال، قال علي رضوان الله عليه: لا تأكلوا ذبائح نصارى بني تغلب، فإنهم إنما يتمسكون من النصرانية بشرب الخمر. (٢)
١١٢٣١- حدثنا يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا هشام، عن ابن سيرين، عن عبيدة، عن علي قال: لا تأكلوا ذبائح نصارى بني تغلب، فإنهم لم يتمسكوا بشيء من النصرانية إلا بشرب الخمر.
١١٢٣٢- حدثنا الحسن بن عرفة قال، حدثنا عبد الله بن بكر قال، حدثنا هشام، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة قال: سألت عليًّا عن ذبائح نصارى العرب، فقال: لا تؤكل ذبائحهم، فإنهم لم يتعلَّقوا من دينهم إلا بشرب الخمر.
١١٢٣٣- حدثني علي بن سعيد الكندي قال، حدثنا علي بن عابس،
(١) انظر الأم ٢: ١٩٦.
(٢) الأثر: ١١٢٣٠- رواه الشافعي في الأم ٢: ١٩٦، والبيهقي في السنن ٩: ٢٨٤، وأشار إليه الحافظ ابن حجر في (الفتح ٩: ٥٤٩)، وقال: "أخرجه الشافعي وعبد الرزاق بأسانيد صحيحة".
(٢) الأثر: ١١٢٣٠- رواه الشافعي في الأم ٢: ١٩٦، والبيهقي في السنن ٩: ٢٨٤، وأشار إليه الحافظ ابن حجر في (الفتح ٩: ٥٤٩)، وقال: "أخرجه الشافعي وعبد الرزاق بأسانيد صحيحة".
575
عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري قال: نهانا عليٌّ عن ذبائح نصارى العرب. (١)
١١٢٣٤- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي حمزة القصاب قال: سمعت محمد بن علي يحدث، عن علي: أنه كان يكره ذبائح نصارى بني تغلب.
١١٢٣٥- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن ليث، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال، لا تأكلوا ذبائح نصارى العرب، وذبائح نصارى أرْمينية.
* * *
قال أبو جعفر: وهذه الأخبار عن عليّ رضوان الله عليه، إنما تدل على أنه كان ينهى عن ذبائح نصارى بني تغلب، من أجل أنهم ليسوا على النصرانية، لتركهم تحليل ما تحلِّل النصارى، وتحريم ما تُحَرّم، غير الخمر. ومن كان منتحلا (٢) ملّة هو غير متمسك منها بشيء فهو إلى البراءة منها أقرب منه إلى اللحاق بها وبأهلها. (٣) فلذلك نهى عليٌّ عن أكل ذبائح نصارى بني تغلب، لا من أجل أنهم ليسوا من بني إسرائيل.
فإذ كان ذلك كذلك، وكان إجماعًا من الحجة أن لا بأس بذبيحة كل نصرانيّ ويهوديّ دان دين النصرانيّ أو اليهودي (٤) فأحل ما أحلُّوا، وحرَّم ما حرموا،
١١٢٣٤- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي حمزة القصاب قال: سمعت محمد بن علي يحدث، عن علي: أنه كان يكره ذبائح نصارى بني تغلب.
١١٢٣٥- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن ليث، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال، لا تأكلوا ذبائح نصارى العرب، وذبائح نصارى أرْمينية.
* * *
قال أبو جعفر: وهذه الأخبار عن عليّ رضوان الله عليه، إنما تدل على أنه كان ينهى عن ذبائح نصارى بني تغلب، من أجل أنهم ليسوا على النصرانية، لتركهم تحليل ما تحلِّل النصارى، وتحريم ما تُحَرّم، غير الخمر. ومن كان منتحلا (٢) ملّة هو غير متمسك منها بشيء فهو إلى البراءة منها أقرب منه إلى اللحاق بها وبأهلها. (٣) فلذلك نهى عليٌّ عن أكل ذبائح نصارى بني تغلب، لا من أجل أنهم ليسوا من بني إسرائيل.
فإذ كان ذلك كذلك، وكان إجماعًا من الحجة أن لا بأس بذبيحة كل نصرانيّ ويهوديّ دان دين النصرانيّ أو اليهودي (٤) فأحل ما أحلُّوا، وحرَّم ما حرموا،
(١) الأثر: ١١٢٣٣-"علي بن سعيد بن مسروق الكندي"، مضى برقم: ١١٨٤، ٢٧٨٤.
و"علي بن عابس الأسدي"، ضعيف، يعتبر به. مترجم في التهذيب.
و"أبو البختري"، هو: "سعيد بن فيروز الطائي" مضى برقم: ١٧٥، ١٤٩٧.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "من كان منتحلا... " بغير واو في أوله الكلام، وهو فساد، والصواب إثباتها.
(٣) في المخطوطة والمطبوعة: "فهو إلى البراءة منها أقرب إلى اللحاق... "، بإسقاط"منه"، وهو اختلال شديد، والصواب إثباتها.
(٤) في المطبوعة: "وكان إجماعًا من الحجة إحلال ذبيحة كل نصراني ويهودي انتحل دين النصارى أو اليهودي، فأحل... "، لم يحسن قراءة المخطوطة، فوضع مكان ما حذف منها ما وضع. وكان في المخطوطة: "وكان إجماعًا من الحجة ألا بأس فذبيحة كل نصراني ويهودي دان دين النصراني أو اليهودي"، وظاهر أن صواب قراءة صدر هذه الجملة هو ما أثبته، وهو مطابق لما جاء في الآثار السالفة من ١١٢٢٢-١١٢٢٩.
و"علي بن عابس الأسدي"، ضعيف، يعتبر به. مترجم في التهذيب.
و"أبو البختري"، هو: "سعيد بن فيروز الطائي" مضى برقم: ١٧٥، ١٤٩٧.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "من كان منتحلا... " بغير واو في أوله الكلام، وهو فساد، والصواب إثباتها.
(٣) في المخطوطة والمطبوعة: "فهو إلى البراءة منها أقرب إلى اللحاق... "، بإسقاط"منه"، وهو اختلال شديد، والصواب إثباتها.
(٤) في المطبوعة: "وكان إجماعًا من الحجة إحلال ذبيحة كل نصراني ويهودي انتحل دين النصارى أو اليهودي، فأحل... "، لم يحسن قراءة المخطوطة، فوضع مكان ما حذف منها ما وضع. وكان في المخطوطة: "وكان إجماعًا من الحجة ألا بأس فذبيحة كل نصراني ويهودي دان دين النصراني أو اليهودي"، وظاهر أن صواب قراءة صدر هذه الجملة هو ما أثبته، وهو مطابق لما جاء في الآثار السالفة من ١١٢٢٢-١١٢٢٩.
576
من بني إسرائيل كان أو من غيرهم = (١) فبيِّنٌ خطأ ما قال الشافعي في ذلك، وتأويله الذي تأوّله في قوله:"وطعام الذين أوتوا الكتاب حِلٌّ لكم"، أنه ذبائح الذين أوتوا الكتابَ التوراةَ والإنجيلَ من بني إسرائيل = (٢) وصوابُ ما خالف تأويله ذلك، وقولِ من قال: إن كل يهودي ونصراني فحلال ذبيحتُه، من أيِّ أجناس بني آدم كان.
* * *
وأمَّا"الطعام" الذي قال الله:"وطعام الذين أوتوا الكتاب"، فإنه الذبائح.
* * *
وبمثل ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
١١٢٣٦- حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا حدثنا ابن إدريس، عن ليث، عن مجاهد:"وطعام الذين أوتوا الكتاب حلّ لكم"، قال: الذبائح.
١١٢٣٧- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد في قوله:"وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم"، قال: ذبائحهم.
١١٢٣٨- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد، مثله.
١١٢٣٩- حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو نعيم وقبيصة قالا حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد، مثله.
١١٢٤٠- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي، عن أبي سنان، عن ليث، عن مجاهد، مثله. (٣)
* * *
وأمَّا"الطعام" الذي قال الله:"وطعام الذين أوتوا الكتاب"، فإنه الذبائح.
* * *
وبمثل ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
١١٢٣٦- حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا حدثنا ابن إدريس، عن ليث، عن مجاهد:"وطعام الذين أوتوا الكتاب حلّ لكم"، قال: الذبائح.
١١٢٣٧- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد في قوله:"وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم"، قال: ذبائحهم.
١١٢٣٨- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد، مثله.
١١٢٣٩- حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو نعيم وقبيصة قالا حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد، مثله.
١١٢٤٠- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي، عن أبي سنان، عن ليث، عن مجاهد، مثله. (٣)
(١) السياق: وإذ كان ذلك كذلك، وكان إجماعًا من الحجة... فبين خطأ ما قال الشافعي...
(٢) السياق:
(٣) الأثر: ١١٢٤٠-"إسحق بن سليمان الرازي العبدي، سلف برقم: ٦٤٥٦.
و"أبو سنان" هو: "سعيد بن سنان الشيباني"، مضى برقم: ١٧٥.
(٢) السياق:
فبين خطأ ما قال الشافعي | وصواب ما خالف تأويله ذلك. |
و"أبو سنان" هو: "سعيد بن سنان الشيباني"، مضى برقم: ١٧٥.
577
١١٢٤١- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
١١٢٤٢- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم"، قال: ذبيحة أهل الكتاب.
١١٢٤٣- حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم في قوله:"وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم"، قال: ذبائحهم.
١١٢٤٤- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن المغيرة، عن إبراهيم، بمثله.
١١٢٤٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم، مثله.
١١٢٤٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن مغيرة، عن إبراهيم، مثله.
١١٢٤٧- حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو نعيم وقبيصة قالا حدثنا سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم، مثله.
١١٢٤٨- حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم"، قال: ذبائحهم.
١١٢٤٩- حدثني المثنى قال، حدثنا المعلى بن أسد قال، حدثنا خالد، عن يونس، عن الحسن، مثله. (١)
١١٢٤٢- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم"، قال: ذبيحة أهل الكتاب.
١١٢٤٣- حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم في قوله:"وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم"، قال: ذبائحهم.
١١٢٤٤- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن المغيرة، عن إبراهيم، بمثله.
١١٢٤٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم، مثله.
١١٢٤٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن مغيرة، عن إبراهيم، مثله.
١١٢٤٧- حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو نعيم وقبيصة قالا حدثنا سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم، مثله.
١١٢٤٨- حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم"، قال: ذبائحهم.
١١٢٤٩- حدثني المثنى قال، حدثنا المعلى بن أسد قال، حدثنا خالد، عن يونس، عن الحسن، مثله. (١)
(١) الأثر: ١١٢٤٩-"المعلى بن أسد العمي" الحافظ الثقة، روى عنه البخاري، والباقون بالواسطة. مترجم في التهذيب، ومضى غير مترجم برقم: ٧٢٣٢.
578
١١٢٥٠- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم"، أي: ذبائحهم.
١١٢٥١- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم"، أما طعامهم، فهو الذبائح.
١١٢٥٢- حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ يقول، حدثنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم"، قال: أحل الله لنا طعامهم ونساءَهم.
١١٢٥٣- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: أما قوله:"وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم"، فإنه أحلَّ لنا طعامهم ونساءهم.
١١٢٥٤- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سألته = يعني ابن زيد = (١) عما ذبح للكنائس وسُمِّي عليها، فقال: أحل الله لنا طعام أهل الكتاب، ولم يستثن منه شيئًا.
١١٢٥٥- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني معاوية، عن أبي الزاهرية حدير بن كريب، = عن أبي الأسود، عن عُمَير بن الأسود: أنه سأل أبا الدرداء عن كبش ذُبح لكنيسة يقال لها"جرجس"، أهدوه لها، أنأكل منه؟ فقال أبو الدرداء: اللهم عفوًا! إنما هم أهل كتاب، طعامهم حلٌّ لنا، وطعامنا حل لهم! وأمره بأكله. (٢)
١١٢٥١- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم"، أما طعامهم، فهو الذبائح.
١١٢٥٢- حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ يقول، حدثنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم"، قال: أحل الله لنا طعامهم ونساءَهم.
١١٢٥٣- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: أما قوله:"وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم"، فإنه أحلَّ لنا طعامهم ونساءهم.
١١٢٥٤- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سألته = يعني ابن زيد = (١) عما ذبح للكنائس وسُمِّي عليها، فقال: أحل الله لنا طعام أهل الكتاب، ولم يستثن منه شيئًا.
١١٢٥٥- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني معاوية، عن أبي الزاهرية حدير بن كريب، = عن أبي الأسود، عن عُمَير بن الأسود: أنه سأل أبا الدرداء عن كبش ذُبح لكنيسة يقال لها"جرجس"، أهدوه لها، أنأكل منه؟ فقال أبو الدرداء: اللهم عفوًا! إنما هم أهل كتاب، طعامهم حلٌّ لنا، وطعامنا حل لهم! وأمره بأكله. (٢)
(١) في المطبوعة: "يعني ابن يزيد"، وهو خطأ، محض، وهو إسناد دائر في التفسير.
(٢) الأثر: ١١٢٥٥-"معاوية"، هو"معاوية بن صالح بن حدير الحمصي الحضرمي"، مضى برقم: ١٨٦، ١٨٧، ٢٠٧٢، ٨٤٧٢.
و"أبو الزاهرية"، وهو"حدير بن كريب الحضرمي = أو الحميري". روى عن حذيفة، وأبي الدرداء، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وغيرهم من الصحابة. روى عنه معاوية بن صالح، وغيره. قال ابن سعد: "وكان ثقة إن شاء الله، كثير الحديث". مترجم في التهذيب، والكبير ٢/١/٩١.
وفي هذا الإسناد إشكال. فإن ظاهره أن أبا الزاهرية حدير بن كريب، روى الأثر عن"أبي الأسود، عن عمير بن الأسود"، وهذا محال. فإن أبا الزاهرية يروي مباشرة عن أبي الدرداء. فأكبر ظني أن في أصول التفسير سقطًا أو خرمًا في هذا الموضع، وأن الإسناد انتهى عند قوله"حدير بن كريب" وسقط أثر حدير بن كريب عن أبي الدرداء، وبدأ إسناد آخر -لا ندري ما هو- ينتهي إلى أبي الأسود عن عمير بن الأسود، أنه سأل أبا الدرداء... إلخ. وسيظهر صواب ذلك فيما يأتي.
و"أبو الأسود" في هذا الإسناد التالي، لم أعرف من يكون فيمن يكنى بأبي الأسود.
وأما "عمير بن الأسود العنسي"، فزعم ابن حجر، أنه هو"عمرو بن الأسود" وبذلك ترجم له في التهذيب (٨: ٤) وأنهما رجل واحد، وقال: روى عن عمر، وابن مسعود، ومعاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، وغيرهم من الصحابة. وقال ابن أبي حاتم ٣/١/٣٧٥: "عمير بن الأسود العنسي الشامي"، سمع عبادة، وأبا الدرداء، وأم حرام. روى عنه خالد بن معدان، سمعت أبي يقول ذلك". وترجم أيضًا"عمرو بن الأسود القيسي"، وقال:
وكذلك فعل ابن سعد في الطبقات ٧/٢/١٥٣، ففرق بينهما قال: "عمير بن الأسود: سأل أبا الدرداء عن طعام أهل الكتاب. وروى عن معاذ بن جبل، وكان قليل الحديث ثقة".
ثم عقد ترجمة أخرى: "وعمرو بن الأسود السكوني: روى عن عمر ومعاذ، وله أحاديث".
فلا أدري من أين جعلهما الحافظ ابن حجر، رجلا واحدًا!!
وقد ثبت بما رواه ابن سعد، أن هذا الأثر، إنما هو من حديث عمير بن الأسود، أنه سأل: أبا الدرداء، وأنه حديث آخر، غير حديث حدير بن كريب أبي الزاهرية.
هذا، ولم أجد هذا الأثر -أو هذين الأثرين- في مكان آخر، وقد أغفل ابن كثير روايته في تفسيره، وأغفله أيضًا السيوطي في الدر المنثور. وكتبه: محمود محمد شاكر.
(٢) الأثر: ١١٢٥٥-"معاوية"، هو"معاوية بن صالح بن حدير الحمصي الحضرمي"، مضى برقم: ١٨٦، ١٨٧، ٢٠٧٢، ٨٤٧٢.
و"أبو الزاهرية"، وهو"حدير بن كريب الحضرمي = أو الحميري". روى عن حذيفة، وأبي الدرداء، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وغيرهم من الصحابة. روى عنه معاوية بن صالح، وغيره. قال ابن سعد: "وكان ثقة إن شاء الله، كثير الحديث". مترجم في التهذيب، والكبير ٢/١/٩١.
وفي هذا الإسناد إشكال. فإن ظاهره أن أبا الزاهرية حدير بن كريب، روى الأثر عن"أبي الأسود، عن عمير بن الأسود"، وهذا محال. فإن أبا الزاهرية يروي مباشرة عن أبي الدرداء. فأكبر ظني أن في أصول التفسير سقطًا أو خرمًا في هذا الموضع، وأن الإسناد انتهى عند قوله"حدير بن كريب" وسقط أثر حدير بن كريب عن أبي الدرداء، وبدأ إسناد آخر -لا ندري ما هو- ينتهي إلى أبي الأسود عن عمير بن الأسود، أنه سأل أبا الدرداء... إلخ. وسيظهر صواب ذلك فيما يأتي.
و"أبو الأسود" في هذا الإسناد التالي، لم أعرف من يكون فيمن يكنى بأبي الأسود.
وأما "عمير بن الأسود العنسي"، فزعم ابن حجر، أنه هو"عمرو بن الأسود" وبذلك ترجم له في التهذيب (٨: ٤) وأنهما رجل واحد، وقال: روى عن عمر، وابن مسعود، ومعاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، وغيرهم من الصحابة. وقال ابن أبي حاتم ٣/١/٣٧٥: "عمير بن الأسود العنسي الشامي"، سمع عبادة، وأبا الدرداء، وأم حرام. روى عنه خالد بن معدان، سمعت أبي يقول ذلك". وترجم أيضًا"عمرو بن الأسود القيسي"، وقال:
"روى عن عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وعبادة بن الصامت. روى عنه مجاهد، وخالد بن معدان | "، ففرق تفريقًا ظاهرًا بين"عمرو بن الأسود القيسي"، و"عمير بن الأسود العنسي". |
ثم عقد ترجمة أخرى: "وعمرو بن الأسود السكوني: روى عن عمر ومعاذ، وله أحاديث".
فلا أدري من أين جعلهما الحافظ ابن حجر، رجلا واحدًا!!
وقد ثبت بما رواه ابن سعد، أن هذا الأثر، إنما هو من حديث عمير بن الأسود، أنه سأل: أبا الدرداء، وأنه حديث آخر، غير حديث حدير بن كريب أبي الزاهرية.
هذا، ولم أجد هذا الأثر -أو هذين الأثرين- في مكان آخر، وقد أغفل ابن كثير روايته في تفسيره، وأغفله أيضًا السيوطي في الدر المنثور. وكتبه: محمود محمد شاكر.
579
وأما قوله:"وطعامكم حل لهم"، فإنه يعني: ذبائحكم، أيها المؤمنون، حِلٌّ لأهل الكتاب.
* * *
* * *
580
القول في تأويل قوله: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"والمحصنات من المؤمنات"، أحل لكم، أيها المؤمنون، المحصنات من المؤمنات = وهن الحرائر منهن (١) = أن تنكحوهن ="والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، يعني: والحرائر من الذين أعطوا الكتاب (٢) وهم اليهود والنصارى الذين دانوا بما في التوراة والإنجيل من قبلكم، أيها المؤمنون بمحمد ﷺ من العرب وسائر الناس، أن تنكحوهن أيضًا ="إذا آتيتموهن أجورهن"، يعني: إذا أعطيتم من نكحتم من محصناتِكم ومحصناتهم (٣) ="أجورهن"، وهي مهورُهن. (٤)
* * *
واختلف أهل التأويل في المحصنات اللاتي عناهن الله عز ذكره بقوله:"والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم".
فقال بعضهم: عنى بذلك الحرائر خَاصة، فاجرةً كانت أو عفيفةً. وأجاز قائلو هذه المقالة نكاح الحرة، مؤمنة كانت أو كتابية من اليهود والنصارى، من أيِّ أجناس الناس كانت (٥) بعد أن تكون كتابية، فاجرة كانت أو عفيفةً.
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"والمحصنات من المؤمنات"، أحل لكم، أيها المؤمنون، المحصنات من المؤمنات = وهن الحرائر منهن (١) = أن تنكحوهن ="والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، يعني: والحرائر من الذين أعطوا الكتاب (٢) وهم اليهود والنصارى الذين دانوا بما في التوراة والإنجيل من قبلكم، أيها المؤمنون بمحمد ﷺ من العرب وسائر الناس، أن تنكحوهن أيضًا ="إذا آتيتموهن أجورهن"، يعني: إذا أعطيتم من نكحتم من محصناتِكم ومحصناتهم (٣) ="أجورهن"، وهي مهورُهن. (٤)
* * *
واختلف أهل التأويل في المحصنات اللاتي عناهن الله عز ذكره بقوله:"والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم".
فقال بعضهم: عنى بذلك الحرائر خَاصة، فاجرةً كانت أو عفيفةً. وأجاز قائلو هذه المقالة نكاح الحرة، مؤمنة كانت أو كتابية من اليهود والنصارى، من أيِّ أجناس الناس كانت (٥) بعد أن تكون كتابية، فاجرة كانت أو عفيفةً.
(١) انظر تفسير"المحصنات"، و"الإحصان" فيما سلف ٨: ١٥١-١٦٩/ ثم ٨: ١٨٥-١٩٠.
(٢) انظر تفسير"آتى" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٣) انظر تفسير"آتى" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٤) انظر تفسير"الأجور" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٥) في المطبوعة والمخطوطة: "من أي أجناس كانت"، وزدت"الناس"، لأن السياق يقتضيها اقتضاء لا شك فيه. ولو قلت مكانها: "من أي أجناس اليهود والنصارى كانت"، لكان صوابا أيضًا.
(٢) انظر تفسير"آتى" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٣) انظر تفسير"آتى" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٤) انظر تفسير"الأجور" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٥) في المطبوعة والمخطوطة: "من أي أجناس كانت"، وزدت"الناس"، لأن السياق يقتضيها اقتضاء لا شك فيه. ولو قلت مكانها: "من أي أجناس اليهود والنصارى كانت"، لكان صوابا أيضًا.
581
وحرّموا إماء أهل الكتاب أن يُتَزَوَّجن بكل حال (١) لأن الله جل ثناؤه شرطَ من نكاح الإماء الإيمانَ بقوله: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ)، [سورة النساء: ٢٥].
*ذكر من قال ذلك:
١١٢٥٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو داود، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب"، قال: من الحرائر.
١١٢٥٧- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، قال: من الحرائر.
١١٢٥٨- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب: أن رجلا طلَّق امرأته وخُطِبَت إليه أخته، وكانت قد أحدثت، فأتى عمر فذكر ذلك له منها، فقال عمر: ما رأيت منها؟ قال: ما رأيت منها إلا خيرًا! فقال: زوِّجها ولا تُخْبِر.
١١٢٥٩- حدثنا ابن أبي الشوارب قال، حدثنا عبد الواحد قال، حدثنا سليمان الشيباني قال، حدثنا عامر قال: زنت امرأة منَّا من همدان، قال: فجلدها مُصَدِّق رسول الله ﷺ الحدَّ (٢) ثم تابت. فأتوا عمر فقالوا:
*ذكر من قال ذلك:
١١٢٥٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو داود، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب"، قال: من الحرائر.
١١٢٥٧- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، قال: من الحرائر.
١١٢٥٨- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب: أن رجلا طلَّق امرأته وخُطِبَت إليه أخته، وكانت قد أحدثت، فأتى عمر فذكر ذلك له منها، فقال عمر: ما رأيت منها؟ قال: ما رأيت منها إلا خيرًا! فقال: زوِّجها ولا تُخْبِر.
١١٢٥٩- حدثنا ابن أبي الشوارب قال، حدثنا عبد الواحد قال، حدثنا سليمان الشيباني قال، حدثنا عامر قال: زنت امرأة منَّا من همدان، قال: فجلدها مُصَدِّق رسول الله ﷺ الحدَّ (٢) ثم تابت. فأتوا عمر فقالوا:
(١) في المطبوعة: "أن نتزوجهن"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) "المصدق" هو العامل على الصدقات، يجمعها من أهلها.
(٢) "المصدق" هو العامل على الصدقات، يجمعها من أهلها.
582
نزوّجها، وبئسَ ما كان من أمرها! قال عمر: لئن بلغني أنكم ذكرتم شيئًا من ذلك، لأعاقبنكم عقوبةً شديدة.
١١٢٦٠- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب: أن رجلا أراد أن يزوِّج أخته، فقالت: إني أخشى أن أفضَح أبي، فقد بَغَيْتُ! فأتى عمر، فقال: أليس قد تابت؟ قال: بلى! قال: فزوّجها.
١١٢٦١- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا أبو داود قال، حدثنا شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي: أن نُبَيْشة، امرأةً من همدان، بغتْ، فأرادت أن تذبح نفسها، قال: فأدركوها، فداووها فبرئت، فذكروا ذلك لعمر، فقال: انكحوها نكاحَ العفيفة المسلمة.
١١٢٦٢- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن عامر: أن رجلا من أهل اليمن أصابت أختُه فاحشة، فأمرَّت الشَّفرة على أوداجها، فَأُدْرِكت، فدُووِي جُرْحها حتى برئت. ثم إن عمها انتقل بأهله حتى قدم المدينة، فقرأت القرآن ونَسَكت، حتى كانت من أنسك نسائهم. فخطبت إلى عمها، وكان يكره أن يدلِّسها، ويكره أن يفشي على ابنة أخيه، فأتى عمر فذكر ذلك له، فقال عمر: لو أفشيت عليها لعاقبتك! إذا أتاك رجل صالح ترضاه فزوّجها إيّاه.
١١٢٦٣- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن عامر: أن جارية باليمن يقال لها:"نبيشة"، أصابت فاحشة، فذكر نحوه.
١١٢٦٤- حدثنا تميم بن المنتصر قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا إسماعيل، عن عامر قال: أتى رجل عمر فقال: إن ابنةً لي كانت وُئِدت في الجاهلية، فاستخرجتها قبل أن تموت، فأدركت الإسلام، فلما أسلمت أصابت حدًّا من
١١٢٦٠- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب: أن رجلا أراد أن يزوِّج أخته، فقالت: إني أخشى أن أفضَح أبي، فقد بَغَيْتُ! فأتى عمر، فقال: أليس قد تابت؟ قال: بلى! قال: فزوّجها.
١١٢٦١- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا أبو داود قال، حدثنا شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي: أن نُبَيْشة، امرأةً من همدان، بغتْ، فأرادت أن تذبح نفسها، قال: فأدركوها، فداووها فبرئت، فذكروا ذلك لعمر، فقال: انكحوها نكاحَ العفيفة المسلمة.
١١٢٦٢- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن عامر: أن رجلا من أهل اليمن أصابت أختُه فاحشة، فأمرَّت الشَّفرة على أوداجها، فَأُدْرِكت، فدُووِي جُرْحها حتى برئت. ثم إن عمها انتقل بأهله حتى قدم المدينة، فقرأت القرآن ونَسَكت، حتى كانت من أنسك نسائهم. فخطبت إلى عمها، وكان يكره أن يدلِّسها، ويكره أن يفشي على ابنة أخيه، فأتى عمر فذكر ذلك له، فقال عمر: لو أفشيت عليها لعاقبتك! إذا أتاك رجل صالح ترضاه فزوّجها إيّاه.
١١٢٦٣- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن عامر: أن جارية باليمن يقال لها:"نبيشة"، أصابت فاحشة، فذكر نحوه.
١١٢٦٤- حدثنا تميم بن المنتصر قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا إسماعيل، عن عامر قال: أتى رجل عمر فقال: إن ابنةً لي كانت وُئِدت في الجاهلية، فاستخرجتها قبل أن تموت، فأدركت الإسلام، فلما أسلمت أصابت حدًّا من
583
حدود الله، فعمدتْ إلى الشفرة لتذبح بها نفسها، فأدركتها وقد قطعت بعض أوداجها، فداويتها حتى برئت، ثم إنها أقبلت بتوبة حسنة، فهي تخطب إلَيّ يا أمير المؤمنين، فأخبر من شأنها بالذي كان؟ فقال عمر: أتخبر بشأنها؟ تعمد إلى ما ستره الله فتبديه! والله لئن أخبرت بشأنها أحدًا من الناس لأجعلنك نَكالا لأهل الأمصار، بل أنكحها بنكاحِ العفيفة المسلمة. (١)
١١٢٦٥- حدثنا أحمد بن منيع قال، حدثنا مروان، عن إسماعيل، عن الشعبي قال: جاء رجل إلى عمر، فذكر نحوه.
١١٢٦٦- حدثنا مجاهد قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن أبي الزبير: أن رجلا خطب من رجل أخته، فأخبره أنها قد أحدثتْ. فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فضرب الرجل وقال: ما لك والخبر! أنكح واسكُت. (٢)
١١٢٦٧- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا سليمان بن حرب قال، حدثنا أبو هلال، عن قتادة، عن الحسن قال: قال عمر بن الخطاب: لقد هممت أن لا أدع أحدًا أصابَ فاحشة في الإسلام أن يتزوج مُحْصنة! فقال له أبيّ بن كعب: يا أمير المؤمنين، الشرك أعظم من ذلك، وقد يقبل منه إذا تاب!
* * *
وقال آخرون: إنما عنى الله بقوله:"والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، العفائفَ من الفريقين، إماءً كنَّ أو حرائر. فأجاز قائلو هذه المقالة نكاحَ إماء أهل الكتاب الدائنات دينَهم بهذه الآية،
١١٢٦٥- حدثنا أحمد بن منيع قال، حدثنا مروان، عن إسماعيل، عن الشعبي قال: جاء رجل إلى عمر، فذكر نحوه.
١١٢٦٦- حدثنا مجاهد قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن أبي الزبير: أن رجلا خطب من رجل أخته، فأخبره أنها قد أحدثتْ. فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فضرب الرجل وقال: ما لك والخبر! أنكح واسكُت. (٢)
١١٢٦٧- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا سليمان بن حرب قال، حدثنا أبو هلال، عن قتادة، عن الحسن قال: قال عمر بن الخطاب: لقد هممت أن لا أدع أحدًا أصابَ فاحشة في الإسلام أن يتزوج مُحْصنة! فقال له أبيّ بن كعب: يا أمير المؤمنين، الشرك أعظم من ذلك، وقد يقبل منه إذا تاب!
* * *
وقال آخرون: إنما عنى الله بقوله:"والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، العفائفَ من الفريقين، إماءً كنَّ أو حرائر. فأجاز قائلو هذه المقالة نكاحَ إماء أهل الكتاب الدائنات دينَهم بهذه الآية،
(١) "الأوداج" جمع"ودج" (بفتحتين) : وهو عرق متصل من الرأس إلى النحر، والأوداج: عروق تكتنف الحلقوم.
(٢) هذه الأخبار السالفة، أدب من آداب هذا الدين عظيم، وهدي من هدي أهل الإيمان، أمروا به، ومضوا عليه. حتى خلفت من بعدهم الخلوف، فجهلوا أمر دينهم، وغالوا غلوا فاحشًا في استبشاع زلة من زل من أهل الإيمان، فقتل الرجل منهم بنته وأخته ومن له عليها الولاية. وما فعلوا ذلك، إلا بعد أن فارقوا جادة الإيمان في سائر ما أمرهم الله به، فاستمسكوا بالغلو الفاحش، وظنوا ذلك من تمام ديانتهم ومروءتهم. وهذا دليل على أن كل تفريط في الدين، يقابله في الجانب الآخر غلو في التدين بغير دين! ورحم الله عمر بن الخطاب، ما كان أبصره بالناس وأرحمه بهم.
(٢) هذه الأخبار السالفة، أدب من آداب هذا الدين عظيم، وهدي من هدي أهل الإيمان، أمروا به، ومضوا عليه. حتى خلفت من بعدهم الخلوف، فجهلوا أمر دينهم، وغالوا غلوا فاحشًا في استبشاع زلة من زل من أهل الإيمان، فقتل الرجل منهم بنته وأخته ومن له عليها الولاية. وما فعلوا ذلك، إلا بعد أن فارقوا جادة الإيمان في سائر ما أمرهم الله به، فاستمسكوا بالغلو الفاحش، وظنوا ذلك من تمام ديانتهم ومروءتهم. وهذا دليل على أن كل تفريط في الدين، يقابله في الجانب الآخر غلو في التدين بغير دين! ورحم الله عمر بن الخطاب، ما كان أبصره بالناس وأرحمه بهم.
584
وحرَّموا البغايا من المؤمنات وأهل الكتاب.
*ذكر من قال ذلك:
١١٢٦٨- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس، عن ليث، عن مجاهد في قوله:"والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، قال: العفائف.
١١٢٦٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد، مثله.
١١٢٧٠- حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن مطرف، عن عامر:"والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، قال: إحصان اليهودية والنصرانية: أن لا تزني، وأن تغتَسِل من الجنابة.
١١٢٧١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن فضيل، عن مطرف، عن عامر:"والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، قال: إحصان اليهودية والنصرانية: أن تغتسل من الجنابة، وأن تحصن فرجَها.
١١٢٧٢- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن مطرف، عن رجل، عن الشعبي في قوله:"والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، قال: إحصان اليهودية والنصرانية: أن لا تزني، وأن تغتسل من الجنابة.
١١٢٧٣- حدثنا المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن مطرف، عن الشعبي في قوله:"والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، قال: إحصانها: أن تغتسل من الجنابة، وأن تحصن فرجها من الزنا.
١١٢٧٤- حدثني المثنى قال، حدثنا معلى بن أسد قال، حدثنا خالد، قال، أخبرنا مطرف، عن عامر، بنحوه.
١١٢٧٥- حدثنا المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك قال: سمعت سفيان يقول في قوله: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب)، قال: العفائف.
*ذكر من قال ذلك:
١١٢٦٨- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس، عن ليث، عن مجاهد في قوله:"والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، قال: العفائف.
١١٢٦٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد، مثله.
١١٢٧٠- حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن مطرف، عن عامر:"والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، قال: إحصان اليهودية والنصرانية: أن لا تزني، وأن تغتَسِل من الجنابة.
١١٢٧١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن فضيل، عن مطرف، عن عامر:"والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، قال: إحصان اليهودية والنصرانية: أن تغتسل من الجنابة، وأن تحصن فرجَها.
١١٢٧٢- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن مطرف، عن رجل، عن الشعبي في قوله:"والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، قال: إحصان اليهودية والنصرانية: أن لا تزني، وأن تغتسل من الجنابة.
١١٢٧٣- حدثنا المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن مطرف، عن الشعبي في قوله:"والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، قال: إحصانها: أن تغتسل من الجنابة، وأن تحصن فرجها من الزنا.
١١٢٧٤- حدثني المثنى قال، حدثنا معلى بن أسد قال، حدثنا خالد، قال، أخبرنا مطرف، عن عامر، بنحوه.
١١٢٧٥- حدثنا المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك قال: سمعت سفيان يقول في قوله: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب)، قال: العفائف.
585
١١٢٧٦- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، قال: أما"المحصنات"، فهنّ العفائف.
١١٢٧٧- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: أن امرأة اتخذت مملوكها (١) وقالت: تأوّلت كتابَ الله:"وما ملكت أيمانكم"، قال: فأتى بها عمر بن الخطاب، فقال له ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: تأوّلت آية من كتاب الله على غير وجهها. قال فغَرَّب العبد وجزَّ رأسه. (٢) وقال: أنتِ بعده حرام على كل مسلم.
١١٢٧٨- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن إبراهيم أنه قال: في التي تزني قبل أن يُدْخل بها (٣) قال: ليس لها صداق، ويفرَّق بينهما.
١١٢٧٩- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا أشعث، عن الشعبي، في البكر تفجُر (٤) قال: تضرب مئة سوط، وتنفى سنة، وترُدّ على زوجها ما أخذت منه.
١١٢٨٠- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا أشعث، عن أبي الزبير، عن جابر، مثل ذلك.
١١٢٨١- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، أخبرنا أشعث عن الحسن، مثل ذلك.
١١٢٧٧- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: أن امرأة اتخذت مملوكها (١) وقالت: تأوّلت كتابَ الله:"وما ملكت أيمانكم"، قال: فأتى بها عمر بن الخطاب، فقال له ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: تأوّلت آية من كتاب الله على غير وجهها. قال فغَرَّب العبد وجزَّ رأسه. (٢) وقال: أنتِ بعده حرام على كل مسلم.
١١٢٧٨- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن إبراهيم أنه قال: في التي تزني قبل أن يُدْخل بها (٣) قال: ليس لها صداق، ويفرَّق بينهما.
١١٢٧٩- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا أشعث، عن الشعبي، في البكر تفجُر (٤) قال: تضرب مئة سوط، وتنفى سنة، وترُدّ على زوجها ما أخذت منه.
١١٢٨٠- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا أشعث، عن أبي الزبير، عن جابر، مثل ذلك.
١١٢٨١- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، أخبرنا أشعث عن الحسن، مثل ذلك.
(١) قوله: "اتخذت مملوكها"، أي أمكنته من نفسها، وتسرت به كأنه زوج لها.
(٢) في المطبوعة: "فقرب العبد" بالقاف، وهو في المخطوطة كما أثبته غير منقوط، وصواب قراءته ما أثبت. و"التغريب": النفي. و"جز رأسه": أي قص شعره. ولم يرد القتل.
(٣) في المطبوعة والمخطوطة: "تسرى قبل أن يدخل بها"، وكأن الصواب ما أثبت. انظر الأثر التالي.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "في البكر تهجر"، ولا معنى لذلك، والصواب ما أثبت.
(٢) في المطبوعة: "فقرب العبد" بالقاف، وهو في المخطوطة كما أثبته غير منقوط، وصواب قراءته ما أثبت. و"التغريب": النفي. و"جز رأسه": أي قص شعره. ولم يرد القتل.
(٣) في المطبوعة والمخطوطة: "تسرى قبل أن يدخل بها"، وكأن الصواب ما أثبت. انظر الأثر التالي.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "في البكر تهجر"، ولا معنى لذلك، والصواب ما أثبت.
586
١١٢٨٢- حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن يونس: أن الحسن كان يقول: إذا رأى الرجل من امرأته فاحشةً فاستيقن، فإنه لا يمسكها.
١١٢٨٣- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن أبي ميسرة قال: مملوكات أهل الكتاب بمنزلة حرائرهم.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في حكم قوله عز ذكره:"والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، أعام أم خاصٌّ؟
فقال بعضهم: هو عامٌّ في العفائف منهن، لأن"المحصنات"، العفائف. وللمسلم أن يتزوج كل حرة وأمة كتابيةٍ، حربيةً كانت أو ذميَّةً.
واعتلُّوا في ذلك بظاهر قوله تعالى:"والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، وأن المعنيَّ بهن العفائف، كائنة من كانت منهن. وهذا قول من قال: عني بـ "المحصنات" في هذا الموضع: العفائف.
* * *
وقال آخرون: بل اللواتي عنى بقوله جل ثناؤه:"والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، الحرائرَ منهن، والآية عامة في جميعهن. فنكاح جميع الحرائر اليهود والنصارى جائز، حربيّات كنّ أو ذميات، من أيِّ أجناس اليهود والنصارى كنَّ. وهذا قول جماعة من المتقدمين والمتأخرين.
*ذكر من قال ذلك:
١١٢٨٤- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب والحسن: أنهما كانا لا يريان بأسًا بنكاح نساء اليهود والنصارى، وقالا أحلَّه الله على علم.
* * *
وقال آخرون منهم: بل عنى بذلك نكاحَ بني إسرائيل الكتابياتِ منهن
١١٢٨٣- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن أبي ميسرة قال: مملوكات أهل الكتاب بمنزلة حرائرهم.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في حكم قوله عز ذكره:"والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، أعام أم خاصٌّ؟
فقال بعضهم: هو عامٌّ في العفائف منهن، لأن"المحصنات"، العفائف. وللمسلم أن يتزوج كل حرة وأمة كتابيةٍ، حربيةً كانت أو ذميَّةً.
واعتلُّوا في ذلك بظاهر قوله تعالى:"والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، وأن المعنيَّ بهن العفائف، كائنة من كانت منهن. وهذا قول من قال: عني بـ "المحصنات" في هذا الموضع: العفائف.
* * *
وقال آخرون: بل اللواتي عنى بقوله جل ثناؤه:"والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، الحرائرَ منهن، والآية عامة في جميعهن. فنكاح جميع الحرائر اليهود والنصارى جائز، حربيّات كنّ أو ذميات، من أيِّ أجناس اليهود والنصارى كنَّ. وهذا قول جماعة من المتقدمين والمتأخرين.
*ذكر من قال ذلك:
١١٢٨٤- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب والحسن: أنهما كانا لا يريان بأسًا بنكاح نساء اليهود والنصارى، وقالا أحلَّه الله على علم.
* * *
وقال آخرون منهم: بل عنى بذلك نكاحَ بني إسرائيل الكتابياتِ منهن
587
خاصة، دون سائر أجناس الأمم الذين دانوا باليهودية والنصرانية. وذلك قول الشافعي ومن قال بقوله. (١)
* * *
وقال آخرون: بل ذلك معنىٌّ به نساءُ أهل الكتاب الذين لهم من المسلمين ذمَّة وعهدٌ. فأما أهل الحرب، فإن نساءهم حرام على المسلمين.
*ذكر من قال ذلك:
١١٢٨٥- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا محمد بن عقبة، قال، حدثنا الفزاري، عن سفيان بن حسين، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: من نساء أهل الكتاب من يحلُّ لنا، ومنهم من لا يحلُّ لنا، ثم قرأ: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ)، [سورة التوبة: ٢٩]. فمن أعطى الجزية حلَّ لنا نساؤه، ومن لم يعط الجزية لم يحل لنا نساؤه = قال الحكم: فذكرت ذلك لإبراهيم، فأعجبه. (٢)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب، قولُ من قال:
* * *
وقال آخرون: بل ذلك معنىٌّ به نساءُ أهل الكتاب الذين لهم من المسلمين ذمَّة وعهدٌ. فأما أهل الحرب، فإن نساءهم حرام على المسلمين.
*ذكر من قال ذلك:
١١٢٨٥- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا محمد بن عقبة، قال، حدثنا الفزاري، عن سفيان بن حسين، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: من نساء أهل الكتاب من يحلُّ لنا، ومنهم من لا يحلُّ لنا، ثم قرأ: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ)، [سورة التوبة: ٢٩]. فمن أعطى الجزية حلَّ لنا نساؤه، ومن لم يعط الجزية لم يحل لنا نساؤه = قال الحكم: فذكرت ذلك لإبراهيم، فأعجبه. (٢)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب، قولُ من قال:
(١) انظر الأم ٥: ٦ قوله: "ولا يحل نكاح حرائر من دان من العرب دين اليهودية والنصرانية، لأن أصل دينهم كان الحنيفية، ثم ضلوا بعبادة الأوثان، وإنما انتقلوا إلى دين أهل الكتاب بعده، لا بأنهم كانوا الذين دانوا بالتوراة والإنجيل فضلوا عنهما وأحدثوا فيها، إنما ضلوا عن الحنيفية، ولم يكونوا كذلك، لا تحل ذبائحهم، وكذلك كل أعجمي كان أصل دين من مضى من آبائه عبادة الأوثان، ولم يكن من أهل الكتابين المشهورين التوراة والإنجيل، فدان دينهم، لم يحل نكاح نسائهم". وانظر سنن البيهقي ٧: ١٧٣.
(٢) الأثر: ١١٢٨٥-"محمد بن عقبة بن المغيرة الشيباني"، "أبو عبد الله الطحان". روى عن أبي إسحق الفزاري، وسوار بن مصعب، وغيرهما. روى عنه البخاري وأبو كريب وغيرهما. قال البخاري"معروف الحديث"، وقال أبو حاتم"ليس بالمشهور"، وذكره ابن حبان في الثقات. قال ابن حجر: "وماله في البخاري سوى حديثين: أحدهما في الجمعة، متابعة. والآخر في الاعتصام، مقرونًا". مترجم في التهذيب، والكبير ١/١/٢٠٠.
و"الفزاري"، هو"أبو إسحق الفزاري": "إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة الفزاري"، الإمام الثقة. مضى برقم: ٣٨٣٣.
و"سفيان بن حسين الواسطي"، مضى برقم: ٣٤٧١، ٦٤٦٢.
(٢) الأثر: ١١٢٨٥-"محمد بن عقبة بن المغيرة الشيباني"، "أبو عبد الله الطحان". روى عن أبي إسحق الفزاري، وسوار بن مصعب، وغيرهما. روى عنه البخاري وأبو كريب وغيرهما. قال البخاري"معروف الحديث"، وقال أبو حاتم"ليس بالمشهور"، وذكره ابن حبان في الثقات. قال ابن حجر: "وماله في البخاري سوى حديثين: أحدهما في الجمعة، متابعة. والآخر في الاعتصام، مقرونًا". مترجم في التهذيب، والكبير ١/١/٢٠٠.
و"الفزاري"، هو"أبو إسحق الفزاري": "إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة الفزاري"، الإمام الثقة. مضى برقم: ٣٨٣٣.
و"سفيان بن حسين الواسطي"، مضى برقم: ٣٤٧١، ٦٤٦٢.
588
عنى بقوله:"والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، حرائرَ المؤمنين وأهل الكتاب. لأن الله جل ثناؤه لم يأذن بنكاح الإماء الأحرارِ في الحال التي أباحهن لهم، إلا أن يكنَّ مؤمنات، فقال عز ذكره: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ) [سورة النساء: ٢٥]، فلم يبح منهن إلا المؤمنات. فلو كان مرادًا بقوله:"والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب"، العفائفَ، لدخل العفائف من إمائهم في الإباحة، وخرج منها غير العفائف من حرائرهم وحرائر أهل الإيمان. وقد أحل الله لنا حرائر المؤمنات، وإن كن قد أتين بفاحشة بقوله: (وَأَنْكِحُوا الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ) [سورة النور: ٣٢]. وقد دللنا على فساد قول من قال:"لا يحلُّ نكاح من أتى الفاحشة من نساء المؤمنين وأهل الكتاب للمؤمنين"، في موضع غير هذا، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (١)
= فنكاح حرائر المسلمين وأهل الكتاب حلال للمؤمنين، كن قد أتين بفاحشة أو لم يأتين بفاحشة، ذميةً كانت أو حربيّةً، بعد أن تكون بموضع لا يخافُ الناكح فيه على ولده أن يُجْبر على الكفر، بظاهر قول الله جل وعز:"والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم".
* * *
فأما قول الذي قال:"عنى بذلك نساء بني إسرائيل، الكتابيّات منهن خاصة" (٢) فقول لا يوجب التشاغل بالبيان عنه، لشذوذه والخروج عما عليه علماء الأمة، من تحليل نساء جميع اليهود والنصارى. وقد دللنا على فساد قول قائل
= فنكاح حرائر المسلمين وأهل الكتاب حلال للمؤمنين، كن قد أتين بفاحشة أو لم يأتين بفاحشة، ذميةً كانت أو حربيّةً، بعد أن تكون بموضع لا يخافُ الناكح فيه على ولده أن يُجْبر على الكفر، بظاهر قول الله جل وعز:"والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم".
* * *
فأما قول الذي قال:"عنى بذلك نساء بني إسرائيل، الكتابيّات منهن خاصة" (٢) فقول لا يوجب التشاغل بالبيان عنه، لشذوذه والخروج عما عليه علماء الأمة، من تحليل نساء جميع اليهود والنصارى. وقد دللنا على فساد قول قائل
(١) انظر ما سلف ٨: ١٨٩، ١٩٠.
(٢) يعني قول الشافعي فيما سلف ص ٥٨٧، ٥٨٨: تعليق: ١.
(٢) يعني قول الشافعي فيما سلف ص ٥٨٧، ٥٨٨: تعليق: ١.
589
هذه المقالة من جهة القياس في غير هذا الموضع بما فيه الكفاية، فكرهنا إعادته. (١)
* * *
وأما قوله:"إذا آتيتموهن أجورهن"، فإن"الأجر": العوض الذي يبذله الزوج للمرأة للاستمتاع بها، وهو المهر. (٢) كما:-
١١٢٨٦- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس في قوله:"آتيتموهن أجورهن"، يعني: مهورهن.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: أحل لكم المحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، وأنتم محصنون غير مسافحين ولا متخذي أخدان.
ويعني بقوله جل ثناؤه:"محصنين"، أعفَّاء ="غير مسافحين"، يعني: لا معالنين بالسفاح بكل فاجرة، وهو الفجور ="ولا متخذي أخدان"، يقول: ولا منفردين ببغيّة واحدة، قد خادنها وخادنته، واتخذها لنفسه صديقة يفجر بها.
* * *
وقد بينا معنى"الإحصان" ووجوهه = ومعنى"السفاح" و"الخدن" في غير هذا الموضع، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع (٣) وهو كما:-
* * *
وأما قوله:"إذا آتيتموهن أجورهن"، فإن"الأجر": العوض الذي يبذله الزوج للمرأة للاستمتاع بها، وهو المهر. (٢) كما:-
١١٢٨٦- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس في قوله:"آتيتموهن أجورهن"، يعني: مهورهن.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: أحل لكم المحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، وأنتم محصنون غير مسافحين ولا متخذي أخدان.
ويعني بقوله جل ثناؤه:"محصنين"، أعفَّاء ="غير مسافحين"، يعني: لا معالنين بالسفاح بكل فاجرة، وهو الفجور ="ولا متخذي أخدان"، يقول: ولا منفردين ببغيّة واحدة، قد خادنها وخادنته، واتخذها لنفسه صديقة يفجر بها.
* * *
وقد بينا معنى"الإحصان" ووجوهه = ومعنى"السفاح" و"الخدن" في غير هذا الموضع، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع (٣) وهو كما:-
(١) انظر ما سلف ٤: ٣٦٢-٣٦٩.
(٢) انظر تفسير"الأجر" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٣) انظر تفسير"الإحصان" فيما سلف ٨: ١٥١-١٦٩/ ثم ٨: ١٨٥-١٩٠ = وتفسير"السفاح" فيما سلف ٨: ١٧٤، ١٧٥، ١٩٣-١٩٥ = وتفسير"الخدن" فيما سلف ٨: ١٩٣-١٩٥.
(٢) انظر تفسير"الأجر" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٣) انظر تفسير"الإحصان" فيما سلف ٨: ١٥١-١٦٩/ ثم ٨: ١٨٥-١٩٠ = وتفسير"السفاح" فيما سلف ٨: ١٧٤، ١٧٥، ١٩٣-١٩٥ = وتفسير"الخدن" فيما سلف ٨: ١٩٣-١٩٥.
590
١١٢٨٧- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"محصنين غير مسافحين"، يعني: ينكحوهن بالمهر والبينة (١) غير مسافحين متعالنين بالزنا ="ولا متخذي أخدان"، يعني: يسرُّون بالزنا.
١١٢٨٨- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: أحل الله لنا محصنتين: محصنة مؤمنة، ومحصنة من أهل الكتاب ="ولا متخذي أخدان": ذات الخدان، ذات الخليل الواحد.
١١٢٨٩- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن سليمان بن المغيرة، عن الحسن قال: سأله رجل: أيتزوّج الرجل المرأة من أهل الكتاب؟ قال: ما له ولأهل الكتاب، وقد أكثر الله المسلمات! فإن كان لا بد فاعلا فليعمد إليها حَصانًا غير مسافحة. قال الرجل: وما المسافحة؟ قال: هي التي إذا لَمَح الرجل، إليها بعينه اتّبعته. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٥) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"ومن يكفر بالإيمان"، ومن يجحد ما أمر الله بالتصديق به، من توحيد الله ونبوّة محمد ﷺ وما جاء به
١١٢٨٨- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: أحل الله لنا محصنتين: محصنة مؤمنة، ومحصنة من أهل الكتاب ="ولا متخذي أخدان": ذات الخدان، ذات الخليل الواحد.
١١٢٨٩- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن سليمان بن المغيرة، عن الحسن قال: سأله رجل: أيتزوّج الرجل المرأة من أهل الكتاب؟ قال: ما له ولأهل الكتاب، وقد أكثر الله المسلمات! فإن كان لا بد فاعلا فليعمد إليها حَصانًا غير مسافحة. قال الرجل: وما المسافحة؟ قال: هي التي إذا لَمَح الرجل، إليها بعينه اتّبعته. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٥) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"ومن يكفر بالإيمان"، ومن يجحد ما أمر الله بالتصديق به، من توحيد الله ونبوّة محمد ﷺ وما جاء به
(١) "البينة"، سلف ذكرها في الأثرين رقم ٩٠٠٢، ٩٠٠٨ (انظر ٨: ١٦١، تعليق: ١ = ثم ص: ١٦٢ تعليق: ٢). وقد بدا لي هنا أنه عنى بقوله"البينة"، إعلان النكاح. فراجع ما كتبته هناك، فإني في شك من ذلك كله.
(٢) الأثر: ١١٢٨٩-"سليمان بن المغيرة القيسي"، "أبو سعيد البصري"، روى عن أبيه، وثابت البناني، والحسن، وابن سيرين، وغيرهم. روى عنه الثوري وشعبة، وماتا قبله، ثم جماعة كثيرة من الثقات، من ثقات أهل البصرة. مترجم في التهذيب.
(٢) الأثر: ١١٢٨٩-"سليمان بن المغيرة القيسي"، "أبو سعيد البصري"، روى عن أبيه، وثابت البناني، والحسن، وابن سيرين، وغيرهم. روى عنه الثوري وشعبة، وماتا قبله، ثم جماعة كثيرة من الثقات، من ثقات أهل البصرة. مترجم في التهذيب.
591
من عند الله = وهو"الإيمان"، الذي قال الله جل ثناؤه:"ومن يكفر بالإيمان فقد حَبِطَ عمله" = يقول: فقد بَطل ثواب عمله الذي كان يعمله في الدنيا، يرجو أن يدرك به منزلة عند الله. (١) ="وهو في الآخرة من الخاسرين"، يقول: وهو في الآخرة من الهالكين، الذين غَبَنوا أنفسَهم حظوظها من ثواب الله بكفرهم بمحمد، وعملهم بغير طاعة الله. (٢)
* * *
وقد ذكر أن قوله:"ومن يكفر بالإيمان"، عنى به أهل الكتاب، وأنه أنزل على رسول الله صلى عليه وسلم من أجل قوم تحرَّجوا نكاح نساءِ أهل الكتاب لما قيل لهم:"أحِل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حِلٌّ لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم".
*ذكر من قال ذلك:
١١٢٩٠- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن ناسًا من المسلمين قالوا: كيف نتزوّج نساءهم = يعني: نساء أهل الكتاب = وهم على غير ديننا؟ فأنزل الله عز ذكره:"ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين"، فأحل الله تزويجهن على علم.
* * *
وبنحو الذي قلنا في تأويل"الإيمان" قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك.
١١٢٩١- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء:"ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله"، قال:"الله"، الإيمان. (٣)
* * *
وقد ذكر أن قوله:"ومن يكفر بالإيمان"، عنى به أهل الكتاب، وأنه أنزل على رسول الله صلى عليه وسلم من أجل قوم تحرَّجوا نكاح نساءِ أهل الكتاب لما قيل لهم:"أحِل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حِلٌّ لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم".
*ذكر من قال ذلك:
١١٢٩٠- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن ناسًا من المسلمين قالوا: كيف نتزوّج نساءهم = يعني: نساء أهل الكتاب = وهم على غير ديننا؟ فأنزل الله عز ذكره:"ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين"، فأحل الله تزويجهن على علم.
* * *
وبنحو الذي قلنا في تأويل"الإيمان" قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك.
١١٢٩١- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء:"ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله"، قال:"الله"، الإيمان. (٣)
(١) انظر تفسير"حبط" فيما سلف ٤: ٣١٧/٦: ٢٨٧.
(٢) انظر تفسير"الخاسر"، و"الخسران" فيما سلف ٩: ٢٢٤، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٣) في المطبوعة: "قال: بالإيمان، بالله"، غير ما في المخطوطة، وهو صواب.
(٢) انظر تفسير"الخاسر"، و"الخسران" فيما سلف ٩: ٢٢٤، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٣) في المطبوعة: "قال: بالإيمان، بالله"، غير ما في المخطوطة، وهو صواب.
592
١١٢٩٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان، عن واصل، عن عطاء:"ومن يكفر بالإيمان"، قال:"الإيمان"، التوحيد.
١١٢٩٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن ابن جريج، عن مجاهد:"ومن يكفر بالإيمان"، قال: بالله.
١١٢٩٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى، عن سفيان، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
١١٢٩٥- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد في قوله:"ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله"، قال: من يكفر بالله.
١١٢٩٦- حدثنا محمد قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"ومن يكفر بالإيمان"، قال: من يكفر بالله.
١١٢٩٧- حدثنا محمد قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"ومن يكفر بالإيمان"، قال: الكفر بالله.
١١٢٩٨- حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة. قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
١١٢٩٩- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله"، قال: أخبر الله سبحانه أن"الإيمان" هو العروة الوثقى، وأنه لا يقبل عملا إلا به، ولا يحرِّم الجنة إلا على من تركه.
* * *
فإن قال لنا قائل: وما وجه تأويل مَنْ وجَّه قوله:"ومن يكفر بالإيمان"، إلى معنى: ومن يكفر بالله؟
١١٢٩٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن ابن جريج، عن مجاهد:"ومن يكفر بالإيمان"، قال: بالله.
١١٢٩٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى، عن سفيان، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
١١٢٩٥- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد في قوله:"ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله"، قال: من يكفر بالله.
١١٢٩٦- حدثنا محمد قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"ومن يكفر بالإيمان"، قال: من يكفر بالله.
١١٢٩٧- حدثنا محمد قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"ومن يكفر بالإيمان"، قال: الكفر بالله.
١١٢٩٨- حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة. قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
١١٢٩٩- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله"، قال: أخبر الله سبحانه أن"الإيمان" هو العروة الوثقى، وأنه لا يقبل عملا إلا به، ولا يحرِّم الجنة إلا على من تركه.
* * *
فإن قال لنا قائل: وما وجه تأويل مَنْ وجَّه قوله:"ومن يكفر بالإيمان"، إلى معنى: ومن يكفر بالله؟
593
قيل: وجه تأويله ذلك كذلك، أن"الإيمان" هو التصديق بالله وبرسله وما ابتعثهم به من دينه، و"الكفر" جحود ذلك. قالوا: فمعنى"الكفر بالإيمان"، هو جحود الله وجحود توحيده. ففسروا معنى الكلمة بما أريد بها، وأعرضوا عن تفسير الكلمة على حقيقة ألفاظها وظاهرها في التلاوة.
فإن قال قائل: فما تأويلها على ظاهرها وحقيقة ألفاظها؟
قيل: تأويلها: ومن يأبَ الإيمان بالله، ويمتنع من توحيده والطاعة له فيما أمره به ونهاه عنه، فقد حبط عمله. وذلك أن"الكفر" هو الجحود في كلام العرب، و"الإيمان" التصديق والإقرار. ومن أبى التصديق بتوحيد الله والإقرار به، فهو من الكافرين (١) فذلك تأويل الكلام على وجهه.
* * *
فإن قال قائل: فما تأويلها على ظاهرها وحقيقة ألفاظها؟
قيل: تأويلها: ومن يأبَ الإيمان بالله، ويمتنع من توحيده والطاعة له فيما أمره به ونهاه عنه، فقد حبط عمله. وذلك أن"الكفر" هو الجحود في كلام العرب، و"الإيمان" التصديق والإقرار. ومن أبى التصديق بتوحيد الله والإقرار به، فهو من الكافرين (١) فذلك تأويل الكلام على وجهه.
* * *
(١) انظر تفسير"الكفر" و"الإيمان" في فهارس اللغة.
594
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة، وأنتم على غير طهر الصلاة، فاغسلوا وجوهكم بالماء، وأيديكم إلى المرافق.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في قوله:"إذا قمتم إلى الصلاة"، أمرادٌ به كلَّ حال قام إليها، أو بعضها؟ وأيّ أحوال القيام إليها؟
فقال بعضهم في ذلك بنحو ما قلنا فيه، من أنه معنيٌّ به بعضُ أحوال القيام إليها دون كل الأحوال، وأنّ الحال التي عُني بها، حالُ القيام إليها على غير طُهْر.
ذكر من قال ذلك:
١١٣٠٠ - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا يحيى بن واضح قال: حدثنا عبيد الله قال: سئل عكرمة عن قول الله:"إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق"، فكلَّ ساعة يتوضأ؟ فقال: قال ابن عباس: لا وضوء إلا من حَدَثٍ.
١١٣٠١ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة قال، سمعت مسعود بن علي الشيباني قال، سمعت عكرمة قال: كان
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة، وأنتم على غير طهر الصلاة، فاغسلوا وجوهكم بالماء، وأيديكم إلى المرافق.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في قوله:"إذا قمتم إلى الصلاة"، أمرادٌ به كلَّ حال قام إليها، أو بعضها؟ وأيّ أحوال القيام إليها؟
فقال بعضهم في ذلك بنحو ما قلنا فيه، من أنه معنيٌّ به بعضُ أحوال القيام إليها دون كل الأحوال، وأنّ الحال التي عُني بها، حالُ القيام إليها على غير طُهْر.
ذكر من قال ذلك:
١١٣٠٠ - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا يحيى بن واضح قال: حدثنا عبيد الله قال: سئل عكرمة عن قول الله:"إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق"، فكلَّ ساعة يتوضأ؟ فقال: قال ابن عباس: لا وضوء إلا من حَدَثٍ.
١١٣٠١ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة قال، سمعت مسعود بن علي الشيباني قال، سمعت عكرمة قال: كان
7
سعد بن أبي وقاص يُصلِّي الصلوات بوضوءٍ واحد. (١)
١١٣٠٢ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا سفيان بن حبيب، عن مسعود بن علي، عن عكرمة قال: كان سعد بن أبي وقاص يقول: صلّ بطهورك ما لم تحدث. (٢)
١١٣٠٣ - حدثنا أحمد بن عبدة الضبي قال: أخبرنا سليم بن أخضر قال، أخبرنا ابن عون، عن محمد قال: قلت لعبيدة السلماني: ما يوجب الوضوء؟ قال: الحدَث.
١١٣٠٤ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن واقع بن سحبان، عن يزيد بن طريف= أو: طريف بن يزيد=: أنهم كانوا مع أبي موسى على شاطئ دجلة، فتوضأوا فصلوا الظهر، فلما نودي بالعصر، قام رجال يتوضأون من دجلة، فقال: إنه لا وضوء إلا على من أحدث.
١١٣٠٥ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن طريف بن زياد= أو: زياد بن طريف= عن واقع بن سحبان: أنه شهد أبا موسى صلى بأصحابه الظهر، ثم جلسوا حِلَقًا على شاطئ دجلة، فنودي بالعصر، فقام رجال يتوضأون، فقال أبو موسى: لا وضوء إلا على من أحدث.
١١٣٠٢ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا سفيان بن حبيب، عن مسعود بن علي، عن عكرمة قال: كان سعد بن أبي وقاص يقول: صلّ بطهورك ما لم تحدث. (٢)
١١٣٠٣ - حدثنا أحمد بن عبدة الضبي قال: أخبرنا سليم بن أخضر قال، أخبرنا ابن عون، عن محمد قال: قلت لعبيدة السلماني: ما يوجب الوضوء؟ قال: الحدَث.
١١٣٠٤ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن واقع بن سحبان، عن يزيد بن طريف= أو: طريف بن يزيد=: أنهم كانوا مع أبي موسى على شاطئ دجلة، فتوضأوا فصلوا الظهر، فلما نودي بالعصر، قام رجال يتوضأون من دجلة، فقال: إنه لا وضوء إلا على من أحدث.
١١٣٠٥ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن طريف بن زياد= أو: زياد بن طريف= عن واقع بن سحبان: أنه شهد أبا موسى صلى بأصحابه الظهر، ثم جلسوا حِلَقًا على شاطئ دجلة، فنودي بالعصر، فقام رجال يتوضأون، فقال أبو موسى: لا وضوء إلا على من أحدث.
(١) الأثر: ١١٣٠١ -"مسعود بن على الشيباني"، قال البخاري: "سمع عكرمة، مرسل. روى عنه يحيى القطان وقال: لم يكن به بأس". وقال ابن أبي حاتم: "روى عنه شعبة، ويحيى بن سعيد القطان". الكبير للبخاري ٤/ ١ / ٤٢٣، وابن أبي حاتم: ٤ / ١ / ٢٨٣. وسيأتي في الأثر التالي.
وفي الأثرين رقم: ١١٣٢٢، ١١٣٢٣. وفي الأثر التالي. والأثر: ١١٣٢٢، أنه قد روى عنه"سفيان بن حبيب". وانظر التعليق على الأثر التالي.
(٢) الأثر: ١١٣٠٢ -"سفيان بن حبيب البصري"، كان عالما بحديث شعبة وابن أبي عروبة. مترجم في التهذيب، والكبير ٢/٢/٩١، وابن أبي حاتم ٢/١/٢٢٨، ولم يذكر في ترجمته أنه روى عن"مسعود بن علي الشيباني". وخبر مسعود هذا من رواية شعبة، كما مر في الأثر السالف، فأخشى أن يكون إسناده"سفيان بن حبيب، عن شعبة، عن مسعود بن علي".
وانظر التعليق على الأثر السالف، وتعليق الأثر الآتي: ١١٣٢٢.
وفي الأثرين رقم: ١١٣٢٢، ١١٣٢٣. وفي الأثر التالي. والأثر: ١١٣٢٢، أنه قد روى عنه"سفيان بن حبيب". وانظر التعليق على الأثر التالي.
(٢) الأثر: ١١٣٠٢ -"سفيان بن حبيب البصري"، كان عالما بحديث شعبة وابن أبي عروبة. مترجم في التهذيب، والكبير ٢/٢/٩١، وابن أبي حاتم ٢/١/٢٢٨، ولم يذكر في ترجمته أنه روى عن"مسعود بن علي الشيباني". وخبر مسعود هذا من رواية شعبة، كما مر في الأثر السالف، فأخشى أن يكون إسناده"سفيان بن حبيب، عن شعبة، عن مسعود بن علي".
وانظر التعليق على الأثر السالف، وتعليق الأثر الآتي: ١١٣٢٢.
8
١١٣٠٦ - حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة قال، سمعت قتادة يحدث، عن واقع بن سحبان، عن طريف بن يزيد= أو: يزيد بن طريف= قال: كنت مع أبي موسى بشاطئ دجلة، فذكر نحوه.
١١٣٠٧ - حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن واقع بن سحبان، عن طريف بن يزيد =أو: يزيد بن طريف=، عن أبي موسى، مثله. (١)
١١٣٠٨ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا أبو خالد قال، توضأت عند أبي العالية الظهرَ أو العصر، فقلت: أصلي بوضوئي هذا، فإني لا أرجع إلى أهلي إلى العَتَمة؟ قال أبو العالية: لا حرج. وعلّمنا:
١١٣٠٧ - حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن واقع بن سحبان، عن طريف بن يزيد =أو: يزيد بن طريف=، عن أبي موسى، مثله. (١)
١١٣٠٨ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا أبو خالد قال، توضأت عند أبي العالية الظهرَ أو العصر، فقلت: أصلي بوضوئي هذا، فإني لا أرجع إلى أهلي إلى العَتَمة؟ قال أبو العالية: لا حرج. وعلّمنا:
(١) الآثار ١١٣٠٤ - ١١٣٠٧ - أربعة أسانيد لخبر واحد، اتفقت ثلاثة منها في الراوي عن أبي موسى، وهو"طريف بن يزيد"، على ما في اسمه من الاختلاف، وانفرد رقم: ١١٣٠٥، فجعل الراوي عن أبي موسى هو"واقع بن سحبان"، وكأنه إسناد مقلوب، إذ جعل الراوي عن أبي موسى هو الراوي عن"طريف بن يزيد" في الأسانيد الثلاثة الأخرى.
وأما "واقع بن سحبان"، فقد ترجم له البخاري في الكبير ٤/٢/١٨٩، وقال: "يعد في البصريين، أبو عقيل. روى عنه قتادة، وثابت البناني"، ولم يزد. وأما ابن أبي حاتم ٤/٢/٤٩، فإنه قال: "روى عن أسير بن جابر. روى عنه قتادة، وثابت البناني، وحميد الطويل. وكان ابن المبارك يقول: "واقع بن سحبا"، بغير نون، ولا يقول: سحبان. سمعت أبي يقول ذلك".
وأما "طريف بن يزيد الحنفي"، فقد ترجم له في لسان الميزان ٣: ٢٠٩، والبخاري في الكبير ٢/٢/٣٥٨، لم يزد على أن قال: "طريف بن يزيد الحنفي، عن أبي موسى". وترجم له ابن أبي حاتم ٢/١/٤٩٣، وفي ترجمته بياض مكانه نقط، قال: "روى عن أبي موسى، روى عنه... سمعت أبي يقول: هما مجهولان". وقال الحافظ في لسان الميزان: "طريف بن يزيد، عن أبي موسى" مجهول، وكذا شيخه. انتهى.
وذكره ابن حبان في الثقات في التابعي، فقال: الحنفي، روى عنه أهل اليمامة. فمقتضى ذكره في التابعين، أن يكون شيخه أبو موسى، هو الأشعري.
وليس في كتاب ابن أبي حاتم أن شيخ طريف"مجهول". واعتراض ابن حجر صحيح، فإن المجهول هو الراوي عن طريف، لا شيخه.
ولم يذكر في سائر الكتب الاختلاف في اسمه"يزيد بن طريف"، أو "طريف بن زياد" أو" زياد بن طريف"، فهذه مما أفادها تفسير أبي جعفر.
وقد تبين من كتب التراجم أن الإسناد: ١١٣٠٥، مقلوب لا شك فيه.
وأما "واقع بن سحبان"، فقد ترجم له البخاري في الكبير ٤/٢/١٨٩، وقال: "يعد في البصريين، أبو عقيل. روى عنه قتادة، وثابت البناني"، ولم يزد. وأما ابن أبي حاتم ٤/٢/٤٩، فإنه قال: "روى عن أسير بن جابر. روى عنه قتادة، وثابت البناني، وحميد الطويل. وكان ابن المبارك يقول: "واقع بن سحبا"، بغير نون، ولا يقول: سحبان. سمعت أبي يقول ذلك".
وأما "طريف بن يزيد الحنفي"، فقد ترجم له في لسان الميزان ٣: ٢٠٩، والبخاري في الكبير ٢/٢/٣٥٨، لم يزد على أن قال: "طريف بن يزيد الحنفي، عن أبي موسى". وترجم له ابن أبي حاتم ٢/١/٤٩٣، وفي ترجمته بياض مكانه نقط، قال: "روى عن أبي موسى، روى عنه... سمعت أبي يقول: هما مجهولان". وقال الحافظ في لسان الميزان: "طريف بن يزيد، عن أبي موسى" مجهول، وكذا شيخه. انتهى.
وذكره ابن حبان في الثقات في التابعي، فقال: الحنفي، روى عنه أهل اليمامة. فمقتضى ذكره في التابعين، أن يكون شيخه أبو موسى، هو الأشعري.
وليس في كتاب ابن أبي حاتم أن شيخ طريف"مجهول". واعتراض ابن حجر صحيح، فإن المجهول هو الراوي عن طريف، لا شيخه.
ولم يذكر في سائر الكتب الاختلاف في اسمه"يزيد بن طريف"، أو "طريف بن زياد" أو" زياد بن طريف"، فهذه مما أفادها تفسير أبي جعفر.
وقد تبين من كتب التراجم أن الإسناد: ١١٣٠٥، مقلوب لا شك فيه.
9
إذا توضأ الإنسان فهو في وضوئه حتى يحدث حدثا.
١١٣٠٩ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا ابن هلال، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب قال: الوضوء من غير حدث اعتداء. (١)
١١٣١٠ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا أبو داود، قال حدثنا أبو هلال، عن قتادة، عن سعيد، مثله. (٢)
١١٣١١ - حدثني أبو السائب قال، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش قال: رأيت إبراهيم صلَّى بوضوء واحد، الظهرَ والعصرَ والمغربَ.
١١٣١٢ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثام قال، حدثنا الأعمش قال: كنت مع يحيى، فأصلّي الصلوات بوضوء واحد. قال: وإبراهيم مثل ذلك.
١١٣١٣ - حدثنا سوّار بن عبد الله قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا يزيد بن إبراهيم قال: سمعت الحسن سئل عن الرجل يتوضأ فيصلي الصلوات كلها بوضوء واحد، فقال: لا بأس به ما لم يُحْدث.
١١٣١٤ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا عبيد، عن الضحاك، قال: يصلِّي الصلوات بالوضوء الواحد ما لم يحدث.
١١٣١٥ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا زائدة، عن الأعمش، عن عمارة قال: كان الأسود يصلي الصلوات بوضوء واحد. (٣)
١١٣١٦ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط،
١١٣٠٩ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا ابن هلال، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب قال: الوضوء من غير حدث اعتداء. (١)
١١٣١٠ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا أبو داود، قال حدثنا أبو هلال، عن قتادة، عن سعيد، مثله. (٢)
١١٣١١ - حدثني أبو السائب قال، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش قال: رأيت إبراهيم صلَّى بوضوء واحد، الظهرَ والعصرَ والمغربَ.
١١٣١٢ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثام قال، حدثنا الأعمش قال: كنت مع يحيى، فأصلّي الصلوات بوضوء واحد. قال: وإبراهيم مثل ذلك.
١١٣١٣ - حدثنا سوّار بن عبد الله قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا يزيد بن إبراهيم قال: سمعت الحسن سئل عن الرجل يتوضأ فيصلي الصلوات كلها بوضوء واحد، فقال: لا بأس به ما لم يُحْدث.
١١٣١٤ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا عبيد، عن الضحاك، قال: يصلِّي الصلوات بالوضوء الواحد ما لم يحدث.
١١٣١٥ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا زائدة، عن الأعمش، عن عمارة قال: كان الأسود يصلي الصلوات بوضوء واحد. (٣)
١١٣١٦ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط،
(١) الأثر: ١١٣٠٩، ١١٣١٠ - هذان الأثران، ذكرهما ابن كثير في تفسيره ٣: ٨٤ قال: "وأما ما رواه أبو داود الطيالسي، عن أبي هلال، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب أنه قال: الوضوء من غير حدث اعتداء = فهو غريب عن سعيد بن المسيب، ثم هو محمول على أن من اعتقد وجوبه فهو معتد. وأما مشروعيته استحبابا، فقد دلت السنة على ذلك".
(٢) الأثر: ١١٣٠٩، ١١٣١٠ - هذان الأثران، ذكرهما ابن كثير في تفسيره ٣: ٨٤ قال: "وأما ما رواه أبو داود الطيالسي، عن أبي هلال، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب أنه قال: الوضوء من غير حدث اعتداء = فهو غريب عن سعيد بن المسيب، ثم هو محمول على أن من اعتقد وجوبه فهو معتد. وأما مشروعيته استحبابا، فقد دلت السنة على ذلك".
(٣) الأثر: ١١٣١٥ -"الأعمش" هو: "سليمان بن مهران"، مضى مرارا كثيرة.
و"عمارة"، هو: "عمارة بن عمير التيمي"، مضى برقم: ٣٢٩٤، ٥٧٨٩.
و"الأسود" هو: "الأسود بن يزيد النخعي"، مضى برقم: ٣٢٩٩، ٤٨٨٨، ٨٢٦٧.
(٢) الأثر: ١١٣٠٩، ١١٣١٠ - هذان الأثران، ذكرهما ابن كثير في تفسيره ٣: ٨٤ قال: "وأما ما رواه أبو داود الطيالسي، عن أبي هلال، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب أنه قال: الوضوء من غير حدث اعتداء = فهو غريب عن سعيد بن المسيب، ثم هو محمول على أن من اعتقد وجوبه فهو معتد. وأما مشروعيته استحبابا، فقد دلت السنة على ذلك".
(٣) الأثر: ١١٣١٥ -"الأعمش" هو: "سليمان بن مهران"، مضى مرارا كثيرة.
و"عمارة"، هو: "عمارة بن عمير التيمي"، مضى برقم: ٣٢٩٤، ٥٧٨٩.
و"الأسود" هو: "الأسود بن يزيد النخعي"، مضى برقم: ٣٢٩٩، ٤٨٨٨، ٨٢٦٧.
10
عن السدي:"يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة" يقول: قمتم وأنتم على غير طهر.
١١٣١٧ - حدثنا أبو السائب قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمارة، عن الأسود: أنه كان له قَعبٌ قدرَ رِيِّ رجل (١)، فكان يتوضأ ثم يصلي بوضوئه ذلك الصلوات كلها.
١١٣١٨ - حدثنا محمد بن عباد بن موسى قال، أخبرنا زياد بن عبد الله بن الطفيل البكائي قال، حدثنا الفضل بن المبشر قال: رأيت جابر بن عبد الله يصلي الصلوات بوضوء واحد، فإذا بال أو أحدثَ، توضأ ومسح بفضل طَهوره الخفين. فقلت: أبا عبد الله، أشيء تصنعه برأيك؟ قال: بل رأيت رسول الله ﷺ يصنعه، فأنا أصنعه كما رأيت رسول الله ﷺ يصنع. (٢)
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم من نومكم إلى الصلاة.
ذكر من قال ذلك:
١١٣١٩ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني من سمع مالك بن أنس،
١١٣١٧ - حدثنا أبو السائب قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمارة، عن الأسود: أنه كان له قَعبٌ قدرَ رِيِّ رجل (١)، فكان يتوضأ ثم يصلي بوضوئه ذلك الصلوات كلها.
١١٣١٨ - حدثنا محمد بن عباد بن موسى قال، أخبرنا زياد بن عبد الله بن الطفيل البكائي قال، حدثنا الفضل بن المبشر قال: رأيت جابر بن عبد الله يصلي الصلوات بوضوء واحد، فإذا بال أو أحدثَ، توضأ ومسح بفضل طَهوره الخفين. فقلت: أبا عبد الله، أشيء تصنعه برأيك؟ قال: بل رأيت رسول الله ﷺ يصنعه، فأنا أصنعه كما رأيت رسول الله ﷺ يصنع. (٢)
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم من نومكم إلى الصلاة.
ذكر من قال ذلك:
١١٣١٩ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني من سمع مالك بن أنس،
(١) "القعب": قدح صغير من خشب مقعر، وهو يروي الرجل.
(٢) الأثر: ١١٣١٨ -"محمد بن عباد بن موسى الختلي"، شيخ الطبري. روى عن هشام بن محمد الكلبي، والوليد بن صالح، روى عنه أبو بكر بن أبي الدنيا. مترجم في ابن أبي حاتم ٤/١/١٥. روى عنه أبو جعفر في التاريخ ٦: ٢١.
و"زياد بن عبد الله بن الطفيل البكائي". قال أحمد: "ليس به بأس، حديثه حديث أهل الصدق". وقال وكيع: "هو أشرف من أن يكذب". مترجم في التهذيب، والكبير ٢/١/٣٢٩.
و"الفضل بن المبشر الأنصاري"، سمع جابر بن عبد الله، وسالم بن عبد الله بن عمر.
قال ابن معين: "ضعيف"، وقال ابن عدي: "عامة أحاديثه لا يتابع عليها". مترجم في التهذيب، والكبير ٤/١/١١٤، وابن أبي حاتم ٣/٢/٦٦.
والحديث رواه ابن ماجه ١: ١٧٠ رقم: ٥١١، عن إسمعيل بن توبة، عن زياد بن عبد الله، به. وانظر ابن كثير في تفسيره ٣: ٨٣.
(٢) الأثر: ١١٣١٨ -"محمد بن عباد بن موسى الختلي"، شيخ الطبري. روى عن هشام بن محمد الكلبي، والوليد بن صالح، روى عنه أبو بكر بن أبي الدنيا. مترجم في ابن أبي حاتم ٤/١/١٥. روى عنه أبو جعفر في التاريخ ٦: ٢١.
و"زياد بن عبد الله بن الطفيل البكائي". قال أحمد: "ليس به بأس، حديثه حديث أهل الصدق". وقال وكيع: "هو أشرف من أن يكذب". مترجم في التهذيب، والكبير ٢/١/٣٢٩.
و"الفضل بن المبشر الأنصاري"، سمع جابر بن عبد الله، وسالم بن عبد الله بن عمر.
قال ابن معين: "ضعيف"، وقال ابن عدي: "عامة أحاديثه لا يتابع عليها". مترجم في التهذيب، والكبير ٤/١/١١٤، وابن أبي حاتم ٣/٢/٦٦.
والحديث رواه ابن ماجه ١: ١٧٠ رقم: ٥١١، عن إسمعيل بن توبة، عن زياد بن عبد الله، به. وانظر ابن كثير في تفسيره ٣: ٨٣.
11
يحدث عن زيد بن أسلم، قوله:"يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة" قال: يعني: إذا قمتم من النوم.
١١٣٢٠ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب: أن مالك بن أنس أخبره عن زيد بن أسلم، بمثله. (١)
١١٣٢١ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله:"إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم" قال فقال، قمتم إلى الصلاة من النوم.
* * *
وقال آخرون: بل ذلك معنيٌّ به كل حال قيام المرء إلى صلاته، أن يجدِّد لها طُهرًا.
ذكر من قال ذلك:
١١٣٢٢ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا سفيان بن حبيب، عن مسعود بن علي قال، سألت عكرمة، قال قلت: يا أبا عبد الله، أتوضأ لصلاة الغداة، ثم آتي السوق فتحضر صلاة الظهر، فأصلي؟ قال: كان علي بن أبي طالب رضوان الله عليه يقول:"يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق". (٢)
١١٣٢٣ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة قال، سمعت مسعود بن علي الشيباني قال، سمعت عكرمة يقول: كان علي رضي الله عنه يتوضأ عند كل صلاة، ويقرأ هذه الآية:"يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم
١١٣٢٠ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب: أن مالك بن أنس أخبره عن زيد بن أسلم، بمثله. (١)
١١٣٢١ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله:"إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم" قال فقال، قمتم إلى الصلاة من النوم.
* * *
وقال آخرون: بل ذلك معنيٌّ به كل حال قيام المرء إلى صلاته، أن يجدِّد لها طُهرًا.
ذكر من قال ذلك:
١١٣٢٢ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا سفيان بن حبيب، عن مسعود بن علي قال، سألت عكرمة، قال قلت: يا أبا عبد الله، أتوضأ لصلاة الغداة، ثم آتي السوق فتحضر صلاة الظهر، فأصلي؟ قال: كان علي بن أبي طالب رضوان الله عليه يقول:"يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق". (٢)
١١٣٢٣ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة قال، سمعت مسعود بن علي الشيباني قال، سمعت عكرمة يقول: كان علي رضي الله عنه يتوضأ عند كل صلاة، ويقرأ هذه الآية:"يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم
(١) الأثران: ١١٣١٩، ١١٣٢٠ - انظر الموطأ ص: ٢١.
(٢) الأثر: ١١٣٢٢ -"سفيان بن حبيب" و"مسعود بن علي الشيباني". انظر التعليق على الأثرين السالفين: ١١٣٠١، ١١٣٠٢.
وقوله في جواب السؤال: "قال كان علي بن أبي طالب رضوان الله عليه... "، وتلاوته الآية بعد ذلك، دون أن يذكر فعل علي، جائز في مثل هذا السياق. كأنه قال: كان علي بن أبي طالب يفعل مثل ذلك ويقرأ هذه الآية. وانظر الأثر التالي.
(٢) الأثر: ١١٣٢٢ -"سفيان بن حبيب" و"مسعود بن علي الشيباني". انظر التعليق على الأثرين السالفين: ١١٣٠١، ١١٣٠٢.
وقوله في جواب السؤال: "قال كان علي بن أبي طالب رضوان الله عليه... "، وتلاوته الآية بعد ذلك، دون أن يذكر فعل علي، جائز في مثل هذا السياق. كأنه قال: كان علي بن أبي طالب يفعل مثل ذلك ويقرأ هذه الآية. وانظر الأثر التالي.
12
إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم"... الآية. (١)
١١٣٢٤ - حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال، حدثنا أزهر، عن ابن عون، عن ابن سيرين: أن الخلفاء كانوا يتوضأون لكل صلاة.
١١٣٢٥ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن حميد، عن أنس قال، توضأ عمر بن الخطاب وضوءًا فيه تجوٌّز خفيفًا، فقال، هذا وضوء من لم يحدث. (٢)
١١٣٢٦ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثني وهب بن جرير قال، أخبرنا شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال، قال، رأيت عليًّا صلى الظهر ثم قعد للناس في الرَّحْبة، ثم أتِيَ بماء فغسل وجهه ويديه، ثم مَسَح برأسه ورجليه، وقال: هذا وضوء من لم يحدِث. (٣)
١١٣٢٧ - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن
١١٣٢٤ - حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال، حدثنا أزهر، عن ابن عون، عن ابن سيرين: أن الخلفاء كانوا يتوضأون لكل صلاة.
١١٣٢٥ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن حميد، عن أنس قال، توضأ عمر بن الخطاب وضوءًا فيه تجوٌّز خفيفًا، فقال، هذا وضوء من لم يحدث. (٢)
١١٣٢٦ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثني وهب بن جرير قال، أخبرنا شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال، قال، رأيت عليًّا صلى الظهر ثم قعد للناس في الرَّحْبة، ثم أتِيَ بماء فغسل وجهه ويديه، ثم مَسَح برأسه ورجليه، وقال: هذا وضوء من لم يحدِث. (٣)
١١٣٢٧ - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن
(١) الأثر: ١١٣٢٣ -"مسعود بن علي الشيباني" انظر التعليق على الأثر السالف.
وهذا الأثر ساقه ابن كثير في تفسيره ٣: ٨٣، ٨٤، وساق معه الأثرين ١١٣٢٦، ١١٣٢٧، وقال: "هذه طرق جيدة عن علي، يقوي بعضها بعضا".
(٢) الأثر: ١١٣٢٥ -"ابن أبي عدي"، هو: "محمد بن إبراهيم بن أبي عدي"، مضى برقم: ٥٤٤٠، ٦٤٩٧.
و"حميد"، هو"حميد الطويل"، مضى مرارا كثيرة.
و"أنس"، هو أنس بن مالك.
وهذا الأثر، نقله ابن كثير في تفسيره ٣: ٨٤، عن هذا الموضع من الطبري، وقال: "هذا إسناد صحيح".
(٣) الأثر: ١١٣٢٦ -"عبد الملك بن ميسرة الهلالي الزراد"، ثقة، من صغار التابعين، مضى برقم: ٥٠٣، ٥٠٤.
و"النزال"، هو: "النزال بن سبرة الهلالي"، مختلف في صحبته. روى عن رسول الله -يقال هو مرسل- وعن عثمان، وعلي، وابن مسعود وغيرهم. ثقة من كبار التابعين.
وهذا خبر إسناده صحيح، وانظر التعليق على الأثر السالف: ١١٣٢٣. خرجه ابن كثير في تفسيره ٣: ٨٣، ٨٤. ورواه أحمد في مسنده من طرق، بالأرقام: ٥٨٣، ١٠٠٥، ١١٧٣، ١١٧٤، ١٢٢٢، ١٣١٥، ١٣٦٦، وخرجه أخي السيد أحمد هناك.
وهذا الأثر ساقه ابن كثير في تفسيره ٣: ٨٣، ٨٤، وساق معه الأثرين ١١٣٢٦، ١١٣٢٧، وقال: "هذه طرق جيدة عن علي، يقوي بعضها بعضا".
(٢) الأثر: ١١٣٢٥ -"ابن أبي عدي"، هو: "محمد بن إبراهيم بن أبي عدي"، مضى برقم: ٥٤٤٠، ٦٤٩٧.
و"حميد"، هو"حميد الطويل"، مضى مرارا كثيرة.
و"أنس"، هو أنس بن مالك.
وهذا الأثر، نقله ابن كثير في تفسيره ٣: ٨٤، عن هذا الموضع من الطبري، وقال: "هذا إسناد صحيح".
(٣) الأثر: ١١٣٢٦ -"عبد الملك بن ميسرة الهلالي الزراد"، ثقة، من صغار التابعين، مضى برقم: ٥٠٣، ٥٠٤.
و"النزال"، هو: "النزال بن سبرة الهلالي"، مختلف في صحبته. روى عن رسول الله -يقال هو مرسل- وعن عثمان، وعلي، وابن مسعود وغيرهم. ثقة من كبار التابعين.
وهذا خبر إسناده صحيح، وانظر التعليق على الأثر السالف: ١١٣٢٣. خرجه ابن كثير في تفسيره ٣: ٨٣، ٨٤. ورواه أحمد في مسنده من طرق، بالأرقام: ٥٨٣، ١٠٠٥، ١١٧٣، ١١٧٤، ١٢٢٢، ١٣١٥، ١٣٦٦، وخرجه أخي السيد أحمد هناك.
13
إبراهيم: أن عليًّا اكتالَ من حُبٍّ فتوضأ وضوءًا فيه تجوُّزٌ، فقال: هذا وضوء من لم يحدث. (١)
* * *
وقال آخرون: بل كان هذا أمرًا من الله عز ذكره نبيَّه ﷺ والمؤمنين به: أن يتوضَّأوا لكل صلاة، ثم نُسخ ذلك بالتخفيف.
ذكر من قال ذلك:
١١٣٢٨ - حدثني عبد الله بن أبي زياد القطواني، قال، حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق قال، حدثني محمد بن يحيى بن حبان الأنصاري =ثم المازني، مازن بني النجار= فقال لعبيد الله بن عبد الله بن عمر: أخبرني عن وضوء عبد الله لكل صلاة، طاهرا كان أو غير طاهر، عمَّن هو؟ قال: حدثتنيه أسماء ابنة زيد بن الخطاب: أن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر، الغسيل حدَّثها: أن النبي ﷺ أُمِرَ بالوضوء عند كل صلاة، فشق ذلك عليه، فأمِر بالسواك، ورفع عنه الوضوء إلا من حدّث. فكان عبد الله يرى أنّ به قوة عليه، فكان يتوضأ. (٢)
* * *
وقال آخرون: بل كان هذا أمرًا من الله عز ذكره نبيَّه ﷺ والمؤمنين به: أن يتوضَّأوا لكل صلاة، ثم نُسخ ذلك بالتخفيف.
ذكر من قال ذلك:
١١٣٢٨ - حدثني عبد الله بن أبي زياد القطواني، قال، حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق قال، حدثني محمد بن يحيى بن حبان الأنصاري =ثم المازني، مازن بني النجار= فقال لعبيد الله بن عبد الله بن عمر: أخبرني عن وضوء عبد الله لكل صلاة، طاهرا كان أو غير طاهر، عمَّن هو؟ قال: حدثتنيه أسماء ابنة زيد بن الخطاب: أن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر، الغسيل حدَّثها: أن النبي ﷺ أُمِرَ بالوضوء عند كل صلاة، فشق ذلك عليه، فأمِر بالسواك، ورفع عنه الوضوء إلا من حدّث. فكان عبد الله يرى أنّ به قوة عليه، فكان يتوضأ. (٢)
(١) الأثر: ١١٣٢٧ - انظر التعليق على الأثر السالف: ١١٣٢٣. وخرجه ابن كثير في تفسيره ٣: ٨٤.
"اكتال"، مأخوذ من"كيل الطعام وغيره"، وأراد به هنا أنه أخذ من الماء مقدار ما يكفي في وضوئه. وهو عربي صحيح المجاز.
و"الحب" (بضم الحاء) : هو الجرة الضخمة، أو الجابية التي يجعل فيها الماء.
(٢) الأثر: ١١٣٢٨ -"عبد الله بن أبي زياد القطواني"، هو"عبد الله بن الحكم بن أبي زياد"، مضى برقم: ٢٢٤٧، ٥٧٩٦.
و"يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري"، مضى برقم: ٤٣١٤، ٥٤٩٣.
وأبوه"إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري"، مضى برقم: ٤٣١٤، وكان من أكثر أهل المدينة حديثا في زمانه. قال البخاري: "قال لي إبراهيم بن حمزة: كان عند إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحق، نحو من سبعة عشر ألف حديث في الأحكام، سوى المغازي". مترجم في التهذيب.
و"ابن إسحق" هو: "محمد بن إسحق" صاحب المغازي، مضى مرارا، ومضى توثيق أخي السيد أحمد له. وكان في المخطوطة والمطبوعة هنا: "عن أبي إسحق"، وهو خطأ، صوابه من سنن أبي داود، وابن كثير.
و"محمد بن يحيى بن حبان الأنصاري المازني"، فقيه ثقة كثير الحديث، روى له الأئمة.
مترجم في التهذيب.
و"عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب"، ثقة قليل الحديث، يقال إنه كان أسن من أخيه"عبد الله بن عبد الله بن عمر"، لم يذكروا في ترجمته أنه روى عن أسماء بنت زيد بن الخطاب، ولا أن محمد بن يحيى بن حبان روى عنه، بل ذكروا ذلك في ترجمته أخيه"عبد الله" كما سترى في التخريج.
وأما أخوه"عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب" فقد روى عن أسماء بنت زيد بن الخطاب، وروى عنه محمد بن يحيى بن حبان. قال ابن سعد: "ثقة قليل الحديث"، وقيل: كان أكبر ولد"عبد الله بن عمر" وكان من أشراف قريش. ووجوهها. مترجم في التهذيب.
وأما "أسماء بنت زيد بن الخطاب" فقد روت عن"عبد الله بن حنظلة"، وروى عنها: "عبد الله بن عبد الله بن عمر". وكانت زوج ابن عمها"عبد الله بن عمر بن الخطاب". فلما قتل، لم تتزوج بعده حتى ماتت. وذكرها ابن حبان وابن مندة في الصحابة. ولكن الحافظ ابن حجر رد ذلك، وانظر ترجمتها في الإصابة في القسم الثاني من تراجم النساء. مترجمة في التهذيب.
وأما "عبد الله" المذكور في هذا الأثر غير منسوب، والمسئول عن وضوئه، فهو"عبد الله بن عمر بن الخطاب"، صاحب رسول الله.
وهذا الأثر، رواه أبو داود في سننه ١: ٤٣، رقم: ٤٨، من طريق محمد بن عوف الطائي، عن أحمد بن خالد، عن محمد بن إسحق، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر. ثم قال أبو داود: "إبراهيم بن سعد، رواه عن محمد بن إسحق قال: عبيد الله بن عبد الله". يعني هذه الرواية التي رواها أبو جعفر في هذا الإسناد، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر.
وأخرجه البيهقي في سننه ١: ٣٧، ٣٨. وقد خرجه ابن كثير في تفسيره ٣: ٨٣ من رواية أحمد بن حنبل، عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن سعد، بمثل رواية الطبري: "عبيد الله بن عبد الله بن عمر"، وساق رواية أبي داود"عبد الله بن عبد الله بن عمر" ثم قال: "وأيا ما كان، فهو إسناد صحيح، وقد صرح فيه ابن إسحق بالتحديث والسماع من محمد بن يحيى بن حبان، فزال محذور التدليس. لكن قال الحافظ ابن عساكر رواه سلمة بن الفضل، وعلي بن مجاهد، عن ابن إسحق، عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن محمد بن يحيى بن حبان، به. والله أعلم".
وهذا الإسناد الذي الذي ذكره ابن عساكر، هو الإسناد التالي.
"اكتال"، مأخوذ من"كيل الطعام وغيره"، وأراد به هنا أنه أخذ من الماء مقدار ما يكفي في وضوئه. وهو عربي صحيح المجاز.
و"الحب" (بضم الحاء) : هو الجرة الضخمة، أو الجابية التي يجعل فيها الماء.
(٢) الأثر: ١١٣٢٨ -"عبد الله بن أبي زياد القطواني"، هو"عبد الله بن الحكم بن أبي زياد"، مضى برقم: ٢٢٤٧، ٥٧٩٦.
و"يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري"، مضى برقم: ٤٣١٤، ٥٤٩٣.
وأبوه"إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري"، مضى برقم: ٤٣١٤، وكان من أكثر أهل المدينة حديثا في زمانه. قال البخاري: "قال لي إبراهيم بن حمزة: كان عند إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحق، نحو من سبعة عشر ألف حديث في الأحكام، سوى المغازي". مترجم في التهذيب.
و"ابن إسحق" هو: "محمد بن إسحق" صاحب المغازي، مضى مرارا، ومضى توثيق أخي السيد أحمد له. وكان في المخطوطة والمطبوعة هنا: "عن أبي إسحق"، وهو خطأ، صوابه من سنن أبي داود، وابن كثير.
و"محمد بن يحيى بن حبان الأنصاري المازني"، فقيه ثقة كثير الحديث، روى له الأئمة.
مترجم في التهذيب.
و"عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب"، ثقة قليل الحديث، يقال إنه كان أسن من أخيه"عبد الله بن عبد الله بن عمر"، لم يذكروا في ترجمته أنه روى عن أسماء بنت زيد بن الخطاب، ولا أن محمد بن يحيى بن حبان روى عنه، بل ذكروا ذلك في ترجمته أخيه"عبد الله" كما سترى في التخريج.
وأما أخوه"عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب" فقد روى عن أسماء بنت زيد بن الخطاب، وروى عنه محمد بن يحيى بن حبان. قال ابن سعد: "ثقة قليل الحديث"، وقيل: كان أكبر ولد"عبد الله بن عمر" وكان من أشراف قريش. ووجوهها. مترجم في التهذيب.
وأما "أسماء بنت زيد بن الخطاب" فقد روت عن"عبد الله بن حنظلة"، وروى عنها: "عبد الله بن عبد الله بن عمر". وكانت زوج ابن عمها"عبد الله بن عمر بن الخطاب". فلما قتل، لم تتزوج بعده حتى ماتت. وذكرها ابن حبان وابن مندة في الصحابة. ولكن الحافظ ابن حجر رد ذلك، وانظر ترجمتها في الإصابة في القسم الثاني من تراجم النساء. مترجمة في التهذيب.
و"عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الراهب"، فأبوه"حنظلة"، هو غسيل الملائكة، غستله يوم قتل في أحد. وكان الأجود أن يقال، " | بن حنظلة بن أبي عامر، ابن الغسيل". فإن أبا عامر هو الراهب، الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم"الفاسق". و"عبد الله بن حنظلة" مترجم في التهذيب. |
عبد الله بن زيد بن حنظلة | " بزيادة"ابن زيد"، وهو خطأ محض، لعله سهو من الناسخ. |
وهذا الأثر، رواه أبو داود في سننه ١: ٤٣، رقم: ٤٨، من طريق محمد بن عوف الطائي، عن أحمد بن خالد، عن محمد بن إسحق، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر. ثم قال أبو داود: "إبراهيم بن سعد، رواه عن محمد بن إسحق قال: عبيد الله بن عبد الله". يعني هذه الرواية التي رواها أبو جعفر في هذا الإسناد، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر.
وأخرجه البيهقي في سننه ١: ٣٧، ٣٨. وقد خرجه ابن كثير في تفسيره ٣: ٨٣ من رواية أحمد بن حنبل، عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن سعد، بمثل رواية الطبري: "عبيد الله بن عبد الله بن عمر"، وساق رواية أبي داود"عبد الله بن عبد الله بن عمر" ثم قال: "وأيا ما كان، فهو إسناد صحيح، وقد صرح فيه ابن إسحق بالتحديث والسماع من محمد بن يحيى بن حبان، فزال محذور التدليس. لكن قال الحافظ ابن عساكر رواه سلمة بن الفضل، وعلي بن مجاهد، عن ابن إسحق، عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن محمد بن يحيى بن حبان، به. والله أعلم".
وهذا الإسناد الذي الذي ذكره ابن عساكر، هو الإسناد التالي.
14
١١٣٢٩ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق،
15
عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال، حدثني محمد بن يحيى بن حبان الأنصاري قال: قلت لعبيد الله بن عبد الله بن عمر: أخبرني عن وضوء عبد الله لكل صلاة، ثم ذكر نحوه. (١)
١١٣٣٠ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى وعبد الرحمن قالا حدثنا سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال: كان رسول الله ﷺ يتوضأ لكل صلاة. فلما كان عام الفتح، صلَّى الصلوات بوضوء واحد، ومسح على خفيه، فقال عمر: إنك فعلت شيئا لم تكن تفعله! قال،"عمدا فعلته. (٢)
١١٣٣٠ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى وعبد الرحمن قالا حدثنا سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال: كان رسول الله ﷺ يتوضأ لكل صلاة. فلما كان عام الفتح، صلَّى الصلوات بوضوء واحد، ومسح على خفيه، فقال عمر: إنك فعلت شيئا لم تكن تفعله! قال،"عمدا فعلته. (٢)
(١) الأثر: ١١٣٢٩ - مكرر الذي قبله.
"محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة بن عبد يزيد بن المطلب بن عبد مناف". قال أبو داود وابن معين: "ثقة"، وقال ابن سعد: "كان قليل الحديث". مترجم في التهذيب.
انظر التعليق على الأثر السالف.
(٢) الأثر: ١١٣٣٠ -"يحيى"، هو: "يحيى بن سعيد القطان".
و"عبد الرحمن"، هو"عبد الرحمن بن مهدي".
و"سفيان"، هو الثوري.
و"علقمة بن مرثد الحضرمي"، روى عن زر بن حبيش، وطارق بن شهاب، وسليمان بن بريدة وغيرهم. روى عنه شعبة، وسفيان الثوري، ومسعر. ثقة ثبت في الحديث. مترجم في التهذيب.
و"سليمان بن بريدة بن الحصيب الأسلمي". أخو"عبد الله بن بريدة". روى عن أبيه، وعمران بن حصين، وعائشة. روى عنه علقمة بن مرثد، ومحارب بن دثار، وغيرهم. قال أحمد: عن وكيع: "يقولون إن سليمان بن بريدة كان أصح حديثا من أخيه وأوثق". ثقة، مترجم في التهذيب.
وأبوه: "بريدة بن الحصيب الأسلمي"، أسلم قبل بدر، ولم يشهدها، وشهد خيبر وفتح مكة. استعمله النبي ﷺ على صدقات قومه. وسكن المدينة، ثم انتقل إلى البصرة، ثم إلى مرو، فمات بها.
وهذا الأثر، سيرويه أبو جعفر من طريق أخرى رقم: ١١٣٣٣.
رواه أحمد في مسنده ٥: ٣٥٠، من طريق يحيى بن سعيد، عن سفيان به و ٥: ٣٥٨، من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان بمثله، ورواه أيضا ٥: ٣٥١، من طريق وكيع عن سفيان، بمثله.
ورواه مسلم ٣: ١٧٦، ١٧٧، من طريق عبد الله بن نمير، عن سفيان = ومن طريق محمد بن حاتم = واللفظ له، عن يحيى بن سعيد، عن سفيان، بمثله.
ورواه أبو داود في سننه ١: ٨٢، رقم: ١٧٢، من طريق مسدد، عن يحيى بن سعيد، بمثله.
ورواه النسائي ١: ٨٦، من طريق عبيد الله بن سعيد، عن يحيى، بمثله.
ورواه البيهقي في السنن ١: ١٦٢ من طريق ابن وهب، عن سفيان، بمثله ومن طريق الضحاك بن مخلد، عن سفيان. ثم رواه أيضا ١: ٢٧١ من طريق أبي داود في سننه. ومن طريق علي بن قادم، عن سفيان.
ورواه الترمذي في السنن ١: ٨٩، ٩٠ (شرح أخي السيد أحمد)، وعلق عليه الترمذي، وذكر اختلاف الرواة فيه، كما سيأتي. ولكن حديث الثوري عن علقمة بن مرثد، مرفوع موصول، لم يختلف فيه أحد من الرواة، وإنما اختلفوا في حديث الثوري، عن محارب بن دثار، كما سيأتي.
"محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة بن عبد يزيد بن المطلب بن عبد مناف". قال أبو داود وابن معين: "ثقة"، وقال ابن سعد: "كان قليل الحديث". مترجم في التهذيب.
انظر التعليق على الأثر السالف.
(٢) الأثر: ١١٣٣٠ -"يحيى"، هو: "يحيى بن سعيد القطان".
و"عبد الرحمن"، هو"عبد الرحمن بن مهدي".
و"سفيان"، هو الثوري.
و"علقمة بن مرثد الحضرمي"، روى عن زر بن حبيش، وطارق بن شهاب، وسليمان بن بريدة وغيرهم. روى عنه شعبة، وسفيان الثوري، ومسعر. ثقة ثبت في الحديث. مترجم في التهذيب.
و"سليمان بن بريدة بن الحصيب الأسلمي". أخو"عبد الله بن بريدة". روى عن أبيه، وعمران بن حصين، وعائشة. روى عنه علقمة بن مرثد، ومحارب بن دثار، وغيرهم. قال أحمد: عن وكيع: "يقولون إن سليمان بن بريدة كان أصح حديثا من أخيه وأوثق". ثقة، مترجم في التهذيب.
وأبوه: "بريدة بن الحصيب الأسلمي"، أسلم قبل بدر، ولم يشهدها، وشهد خيبر وفتح مكة. استعمله النبي ﷺ على صدقات قومه. وسكن المدينة، ثم انتقل إلى البصرة، ثم إلى مرو، فمات بها.
وهذا الأثر، سيرويه أبو جعفر من طريق أخرى رقم: ١١٣٣٣.
رواه أحمد في مسنده ٥: ٣٥٠، من طريق يحيى بن سعيد، عن سفيان به و ٥: ٣٥٨، من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان بمثله، ورواه أيضا ٥: ٣٥١، من طريق وكيع عن سفيان، بمثله.
ورواه مسلم ٣: ١٧٦، ١٧٧، من طريق عبد الله بن نمير، عن سفيان = ومن طريق محمد بن حاتم = واللفظ له، عن يحيى بن سعيد، عن سفيان، بمثله.
ورواه أبو داود في سننه ١: ٨٢، رقم: ١٧٢، من طريق مسدد، عن يحيى بن سعيد، بمثله.
ورواه النسائي ١: ٨٦، من طريق عبيد الله بن سعيد، عن يحيى، بمثله.
ورواه البيهقي في السنن ١: ١٦٢ من طريق ابن وهب، عن سفيان، بمثله ومن طريق الضحاك بن مخلد، عن سفيان. ثم رواه أيضا ١: ٢٧١ من طريق أبي داود في سننه. ومن طريق علي بن قادم، عن سفيان.
ورواه الترمذي في السنن ١: ٨٩، ٩٠ (شرح أخي السيد أحمد)، وعلق عليه الترمذي، وذكر اختلاف الرواة فيه، كما سيأتي. ولكن حديث الثوري عن علقمة بن مرثد، مرفوع موصول، لم يختلف فيه أحد من الرواة، وإنما اختلفوا في حديث الثوري، عن محارب بن دثار، كما سيأتي.
16
١١٣٣١ - حدثنا أبو كريب، قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن محارب بن دثار، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه: أن رسول الله ﷺ كان يتوضأ لكل صلاة. فلما كان يوم فتح مكة، صلى الصلوات كلها بوضوء واحد. (١)
١١٣٣٢ - حدثنا ابن بشار، قال، حدثنا عبد الرحمن، قال، حدثنا سفيان،
١١٣٣٢ - حدثنا ابن بشار، قال، حدثنا عبد الرحمن، قال، حدثنا سفيان،
(١) الأثر: ١١٣٣١ -"محارب بن دثار بن كردوس السدوسي". ثقة، روى له الأربعة.
قال سماك بن حرب: "كان أهل الجاهلية إذا كان في الرجل ست خصال سودوه: الحلم، والصبر، والسخاء، والشجاعة، والبيان، والتواضع، ولا يكملن في الإسلام إلا بالعفاف. وقد كملن في هذا الرجل - يعني محارب بن دثار".
وهذا الأثر، رواه أبو جعفر مرفوعا موصولا من طريقين، هذا، ورقم: ١١٣٣٤.
ورواه ابن ماجه ١: ١٧٠، رقم: ٥١٠، من طريق وكيع، عن سفيان، عن محارب ابن دثار، مرفوعا موصولا.
وتكلم في رواية سفيان، عن محارب بن دثار، الترمذي في سننه ١: ٨٩، ٩٠، فأشار إلى روايتها مرفوعة موصولة، ومرسلة من طريق عبد الرحمن بن مهدي وغيره عن سفيان، عن محارب ابن دثار، مرفوعا موصولا.
وتكلم في وراية سفيان، عن محارب بن دثار، الترمذي في سننه ١: ٨٩، ٩٠، فأشار إلى روايتها مرفوعة موصولة ومرسلة، من طريق عبد الرحمن بن مهدي وغيره، عن سفيان، عن محارب بن دثار، وقال، "وهذا أصح من حديث وكيع". وزاد الطبري في الأثر ١١٣٣٤، روايته من طريق معاوية بن هشام، عن سفيان، مرفوعا موصولا. و"معاوية بن هشام"، ثقة.
قال أخي السيد أحمد: "وهذه الرواية جعلها الترمذي مرجوحة، ورأى أن رواية من رواه عن الثوري، عم محارب، عن سليمان مرسلا -: أصح. ولسنا نوافقه على ذلك، لأن الحديث معروف عن سليمان عن أبيه. ووكيع ثقة حافظ. فالظاهر أن الثوري كان تارة يروي الحديث عن محارب موصولا، كما رواه عنه وكيع، وتارة مرسلا، كما رواه عنه غيره".
قال سماك بن حرب: "كان أهل الجاهلية إذا كان في الرجل ست خصال سودوه: الحلم، والصبر، والسخاء، والشجاعة، والبيان، والتواضع، ولا يكملن في الإسلام إلا بالعفاف. وقد كملن في هذا الرجل - يعني محارب بن دثار".
وهذا الأثر، رواه أبو جعفر مرفوعا موصولا من طريقين، هذا، ورقم: ١١٣٣٤.
ورواه ابن ماجه ١: ١٧٠، رقم: ٥١٠، من طريق وكيع، عن سفيان، عن محارب ابن دثار، مرفوعا موصولا.
وتكلم في رواية سفيان، عن محارب بن دثار، الترمذي في سننه ١: ٨٩، ٩٠، فأشار إلى روايتها مرفوعة موصولة، ومرسلة من طريق عبد الرحمن بن مهدي وغيره عن سفيان، عن محارب ابن دثار، مرفوعا موصولا.
وتكلم في وراية سفيان، عن محارب بن دثار، الترمذي في سننه ١: ٨٩، ٩٠، فأشار إلى روايتها مرفوعة موصولة ومرسلة، من طريق عبد الرحمن بن مهدي وغيره، عن سفيان، عن محارب بن دثار، وقال، "وهذا أصح من حديث وكيع". وزاد الطبري في الأثر ١١٣٣٤، روايته من طريق معاوية بن هشام، عن سفيان، مرفوعا موصولا. و"معاوية بن هشام"، ثقة.
قال أخي السيد أحمد: "وهذه الرواية جعلها الترمذي مرجوحة، ورأى أن رواية من رواه عن الثوري، عم محارب، عن سليمان مرسلا -: أصح. ولسنا نوافقه على ذلك، لأن الحديث معروف عن سليمان عن أبيه. ووكيع ثقة حافظ. فالظاهر أن الثوري كان تارة يروي الحديث عن محارب موصولا، كما رواه عنه وكيع، وتارة مرسلا، كما رواه عنه غيره".
17
عن محارب بن دثار، عن سليمان بن بريدة: أن النبي ﷺ كان يتوضأ، فذكر نحوه. (١)
١١٣٣٣ - حدثنا أبو كريب، قال، حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: صلى رسول الله ﷺ الصلوات كلها بوضوء واحد، فقال له عمر: يا رسول الله، صنعت شيئا لم تكن تصنعه؟ فقال،"عمدا فعلته يا عمر. (٢)
١١٣٣٤ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا معاوية، عن سفيان، عن محارب بن دثار، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: كان رسول الله ﷺ يتوضأ لكل صلاة، فلما فتح مكة، صلى الظهرَ والعصرَ والمغرب والعشاء بوضوء واحد. (٣)
١١٣٣٥ - حدثنا محمد بن عبيد المحاربي قال، حدثنا الحكم بن ظُهَير، عن مِسْعر، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر: أن رسول الله ﷺ صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بوضوء واحد. (٤)
* * *
١١٣٣٣ - حدثنا أبو كريب، قال، حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: صلى رسول الله ﷺ الصلوات كلها بوضوء واحد، فقال له عمر: يا رسول الله، صنعت شيئا لم تكن تصنعه؟ فقال،"عمدا فعلته يا عمر. (٢)
١١٣٣٤ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا معاوية، عن سفيان، عن محارب بن دثار، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: كان رسول الله ﷺ يتوضأ لكل صلاة، فلما فتح مكة، صلى الظهرَ والعصرَ والمغرب والعشاء بوضوء واحد. (٣)
١١٣٣٥ - حدثنا محمد بن عبيد المحاربي قال، حدثنا الحكم بن ظُهَير، عن مِسْعر، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر: أن رسول الله ﷺ صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بوضوء واحد. (٤)
* * *
(١) الأثر: ١١٣٣٢ - هذه هي الرواية المرسلة للأثر السالف، والتي أشار إليها الترمذي كما أسلفنا.
(٢) الأثر: ١١٣٣٣ - هذه طريق أخرى للأثر السالف رقم: ١١٣٣٠، وقد أشرنا إليها في التخريج هناك.
و"معاوية بن هشام الأسدي القصار"، مضى برقم: ٢٩٩٧، ثقة، وثقه أبو داود وابن حبان. وقال أحمد: "هو كثير الخطأ".
(٣) الأثر: ١١٣٣٤ - هذه طريق أخرى، لحديث وكيع، عن سفيان، التي خرجناها في رقم: ١١٣٣١، وأشرنا إليها هناك.
(٤) الأثر: ١١٣٣٥ - حديث ضعيف الإسناد جدا.
"الحكم بن ظهير الفزاري"، مضى برقم: ٢٤٩، ٥٥٢٣، ٥٧٩٢. رمى بوضع الحديث، تركوه. قال ابن حبان: "كان يشتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، يروي عن الثقات الأشياء الموضوعات".
و"مسعر"، هو"مسعر بن كدام"، ثقة معروف، أحد الأعلام. مضى برقم: ٥٠٣، ٥٠٤، ١٩٧٤، ٥٧٢٩، ٦١٧٢.
(٢) الأثر: ١١٣٣٣ - هذه طريق أخرى للأثر السالف رقم: ١١٣٣٠، وقد أشرنا إليها في التخريج هناك.
و"معاوية بن هشام الأسدي القصار"، مضى برقم: ٢٩٩٧، ثقة، وثقه أبو داود وابن حبان. وقال أحمد: "هو كثير الخطأ".
(٣) الأثر: ١١٣٣٤ - هذه طريق أخرى، لحديث وكيع، عن سفيان، التي خرجناها في رقم: ١١٣٣١، وأشرنا إليها هناك.
(٤) الأثر: ١١٣٣٥ - حديث ضعيف الإسناد جدا.
"الحكم بن ظهير الفزاري"، مضى برقم: ٢٤٩، ٥٥٢٣، ٥٧٩٢. رمى بوضع الحديث، تركوه. قال ابن حبان: "كان يشتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، يروي عن الثقات الأشياء الموضوعات".
و"مسعر"، هو"مسعر بن كدام"، ثقة معروف، أحد الأعلام. مضى برقم: ٥٠٣، ٥٠٤، ١٩٧٤، ٥٧٢٩، ٦١٧٢.
18
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب، قولُ من قال: إن الله عنى بقوله:"إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا" جميعَ أحوال قيام القائم إلى الصلاة، غير أنه أمرُ فرضٍ بغسل ما أمر الله بغسله القائمَ إلى صلاته، بعد حَدَثٍ كان منه ناقضٍ طهارتَه، وقبل إحداث الوضوء منه= وأمر ندب لمن كان على طهر قد تقدم منه، ولم يكن منه بعده حدث ينقض طهارته. ولذلك كان عليه السلام يتوضأ لكل صلاة قبل فتح مكة، ثم صلىّ يومئذ الصلوات كلها بوضوء واحد، ليعلّم أمته أن ما كان يفعل عليه السلام من تجديد الطهر لكل صلاة، إنما كان منه أخذا بالفضل، وإيثارا منه لأحب الأمرين إلى الله، ومسارعةً منه إلى ما ندبه إليه ربّه= لا على أن ذلك كان عليه فرضًا واجبًا.
فإن ظنّ ظانٌّ أن في الحديث الذي ذكرناه عن عبد الله بن حنظلة، أن النبي ﷺ أمر بالوضوء عند كل صلاة (١) دلالةً على خلاف ما قلنا من أن ذلك كان ندبا للنبي عليه السلام وأصحابه، وخُيِّل إليه أن ذلك كان على الوجوب= فقد ظنّ غير الصواب. (٢)
وذلك أن قول القائل:"أمرَ الله نبيه ﷺ بكذا وكذا"، محتملٌ من وجوه لأمر الإيجاب، والإرشاد والندب والإباحة والإطلاق. وإذ كان محتملا ما ذكرنا من الأوجه، كان أولى وجوهه به ما على صحته الحجة مجمعة، دون ما لم يكن على صحته برهان يوجب حقيقة مدَّعيه. (٣).
وقد أجمعت الحجة على أن الله عز وجل لم يوجب على نبيه ﷺ ولا على عباده فرضَ
فإن ظنّ ظانٌّ أن في الحديث الذي ذكرناه عن عبد الله بن حنظلة، أن النبي ﷺ أمر بالوضوء عند كل صلاة (١) دلالةً على خلاف ما قلنا من أن ذلك كان ندبا للنبي عليه السلام وأصحابه، وخُيِّل إليه أن ذلك كان على الوجوب= فقد ظنّ غير الصواب. (٢)
وذلك أن قول القائل:"أمرَ الله نبيه ﷺ بكذا وكذا"، محتملٌ من وجوه لأمر الإيجاب، والإرشاد والندب والإباحة والإطلاق. وإذ كان محتملا ما ذكرنا من الأوجه، كان أولى وجوهه به ما على صحته الحجة مجمعة، دون ما لم يكن على صحته برهان يوجب حقيقة مدَّعيه. (٣).
وقد أجمعت الحجة على أن الله عز وجل لم يوجب على نبيه ﷺ ولا على عباده فرضَ
(١) انظر الأثر رقم: ١١٣٢٨.
(٢) سياق هذه الجملة: فإن ظن ظان... وخيل إليه أن ذلك كان على الوجوب، فقد ظن غير الصواب".
(٣) قوله: "حقيقة مدعيه"، أي: حق مدعيه. واستعمال"حقيقة" بمعنى"حق"، قد سار عليه أبو جعفر في كتابه هذا، وسار الناشرون على تغيير"حقيقة"، إلى"حقية"، كما جاء هنا في المطبوعة، مخالفا للمخطوطة. وانظر ما سلف ٨: ٥٦٨، تعليق: ١ = ثم: ٥٩٢، تعليق: ٧= ثم ٩: ٣٣٦، تعليق: ٤ = ثم: ٣٦٠، تعليق: ٤.
(٢) سياق هذه الجملة: فإن ظن ظان... وخيل إليه أن ذلك كان على الوجوب، فقد ظن غير الصواب".
(٣) قوله: "حقيقة مدعيه"، أي: حق مدعيه. واستعمال"حقيقة" بمعنى"حق"، قد سار عليه أبو جعفر في كتابه هذا، وسار الناشرون على تغيير"حقيقة"، إلى"حقية"، كما جاء هنا في المطبوعة، مخالفا للمخطوطة. وانظر ما سلف ٨: ٥٦٨، تعليق: ١ = ثم: ٥٩٢، تعليق: ٧= ثم ٩: ٣٣٦، تعليق: ٤ = ثم: ٣٦٠، تعليق: ٤.
19
الوضوء لكل صلاة، ثم نسخ ذلك، ففي إجماعها على ذلك، الدلالةُ الواضحةُ على صحة ما قلنا: من أن فعل النبي ﷺ ما كان يفعل من ذلك، كان على ما وصفنا، من إيثاره فعلَ ما ندبه الله عز ذكره إلى فعله وندبَ إليه عباده المؤمنين بقوله:"يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق"... الآية، وأن تركه في ذلك الحال الذي تركه، (١) كان ترخيصا لأمته، وإعلاما منه لهم أن ذلك غير واجب ولا لازم له ولا لهم، إلا من حدَثٍ يوجب نقضَ الطهر.
* * *
وقد روي بنحو ما قلنا في ذلك أخبار:
١١٣٣٦ - حدثنا ابن المثنى، قال، حدثني وهب بن جرير قال، حدثنا شعبة، عن عمرو بن عامر، عن أنس: أن النبي ﷺ أتي بقَعْبٍ صغير فتوضأ. قال: قلت لأنس: أكان رسول الله ﷺ يتوضأ عند كل صلاة؟ قال: نعم! قلت: فأنتم؟ قال: كنا نصلي الصلوات بوضوء واحد. (٢).
* * *
وقد روي بنحو ما قلنا في ذلك أخبار:
١١٣٣٦ - حدثنا ابن المثنى، قال، حدثني وهب بن جرير قال، حدثنا شعبة، عن عمرو بن عامر، عن أنس: أن النبي ﷺ أتي بقَعْبٍ صغير فتوضأ. قال: قلت لأنس: أكان رسول الله ﷺ يتوضأ عند كل صلاة؟ قال: نعم! قلت: فأنتم؟ قال: كنا نصلي الصلوات بوضوء واحد. (٢).
(١) في المخطوطة: "في ذلك الحال التي تركه"، والصواب ما أثبته، يريد: وأن تركه الذي تركه، كان ترخيصا...
(٢) الأثر: ١١٣٣٦ -"عمرو بن عامر الأنصاري"، روى عن أنس بن مالك. وعنه أبو الزناد، وشعبة، وسفيان الثوري، ومسعر، وشريك. ثقة صالح الحديث. روى له الأربعة. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٣/١/٢٤٩. وانظر بقية التعليق.
وهذا الأثر رواه البخاري (الفتح ١: ٢٧٢، ٢٧٣)، من طريق محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان الثوري، عن عمرو بن عامر = ومن طريق مسدد، عن يحيى، عن سفيان الثوري.
ورواه أبو داود في السنن ١: ٨١، رقم: ١٧١، من طريق محمد بن عيسى، عن شريك، عن عمرو بن عامر البجلي = قال محمد: هو أبو: "أسد بن عمرو" = قال سألت أنس، بمثله. هذا، و"عمرو بن عامر البجلي" هو غير"عمرو بن عامر الأنصاري"، وكأن محمد بن عيسى قد أخطأ. وانظر التهذيب في"عمرو بن عامر البجلي".
ورواه الترمذي ١: ٨٨ (شرح أخي السيد أحمد) من طريق محمد بن بشار، عن يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن عمرو بن عامر، قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
ورواه النسائي في سننه ١: ٨٥، من طريق خالد، عن شعبة، عن عمرو بن عامر كمثل طريق أبي جعفر هذا.
ورواه ابن ماجه ١: ١٧٠، رقم: ٥٠٩، من طريق شريك، عن عمرو بن عامر.
والبيهقي في السنن ١: ١٦٢ من طريق الفريابي، عن سفيان.
ورواه أحمد من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن عمرو بن عامر الأنصاري، انظر تفسير ابن كثير (٣: ٨٤).
(٢) الأثر: ١١٣٣٦ -"عمرو بن عامر الأنصاري"، روى عن أنس بن مالك. وعنه أبو الزناد، وشعبة، وسفيان الثوري، ومسعر، وشريك. ثقة صالح الحديث. روى له الأربعة. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٣/١/٢٤٩. وانظر بقية التعليق.
وهذا الأثر رواه البخاري (الفتح ١: ٢٧٢، ٢٧٣)، من طريق محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان الثوري، عن عمرو بن عامر = ومن طريق مسدد، عن يحيى، عن سفيان الثوري.
ورواه أبو داود في السنن ١: ٨١، رقم: ١٧١، من طريق محمد بن عيسى، عن شريك، عن عمرو بن عامر البجلي = قال محمد: هو أبو: "أسد بن عمرو" = قال سألت أنس، بمثله. هذا، و"عمرو بن عامر البجلي" هو غير"عمرو بن عامر الأنصاري"، وكأن محمد بن عيسى قد أخطأ. وانظر التهذيب في"عمرو بن عامر البجلي".
ورواه الترمذي ١: ٨٨ (شرح أخي السيد أحمد) من طريق محمد بن بشار، عن يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن عمرو بن عامر، قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
ورواه النسائي في سننه ١: ٨٥، من طريق خالد، عن شعبة، عن عمرو بن عامر كمثل طريق أبي جعفر هذا.
ورواه ابن ماجه ١: ١٧٠، رقم: ٥٠٩، من طريق شريك، عن عمرو بن عامر.
والبيهقي في السنن ١: ١٦٢ من طريق الفريابي، عن سفيان.
ورواه أحمد من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن عمرو بن عامر الأنصاري، انظر تفسير ابن كثير (٣: ٨٤).
20
١١٣٣٧ - حدثنا سليمان بن عمر بن خالد الرقّي، حدثنا عيسى بن يونس، عن عبد الرحمن بن زياد الإفريقي، عن أبي غطيف، قال: صليت مع ابن عمر الظهر، فأتى مجلسا في داره فجلس وجلست معه. فلما نُودي بالعصر دعا بوضوء فتوضأ، ثم خرج إلى الصلاة، ثم رجع إلى مجلسه. فلما نودي بالمغرب دعا بوضوء فتوضأ، فقلت: أسنة ما أراك تَصنع؟ قال، لا وإن كان وَضوئي لصلاة الصبح كافيَّ للصلوات كلها ما لم أحدِث، (١)
ولكني سمعت رسول الله ﷺ يقول:"من توضأ على طهرٍ كتب له عشر حسنات"، (٢)
، فأنا رغبت في ذلك. (٣)
ولكني سمعت رسول الله ﷺ يقول:"من توضأ على طهرٍ كتب له عشر حسنات"، (٢)
، فأنا رغبت في ذلك. (٣)
(١) في المطبوعة"كاف للصلوات كلها"، غير ما في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة"فأنا رغبت"، غير ما في المخطوطة.
(٣) الأثر: ١١٣٣٧ -"سليمان بن عمر بن خالد الرقي، الأقطع"، مضت ترجمته برقم: ٦٢٥٤.
و"عيسى بن يونس بن أبي إسحق السبيعي"، رأى جده أبا إسحق، روى عن أبيه وأخيه، وعن كثير. ثقة، روى له الأئمة. مترجم في التهذيب.
و"عبد الرحمن بن زياد بن أنعم المعافري الإفريقي"، هو"ابن أنعم"، و"الإفريقي"، مضى برقم: ٢١٩٥، ١٠١٨٠، تكلم فيه بعض العلماء، ولكن وثقه أخي السيد أحمد في رقم: ٢١٩٥.
و"أبو غطيف الهذلي"، ويقال: "غطيف"، ويقال: "غضيف". قال أبو زرعة: "لا يعرف اسمه". ضعفه الترمذي. مترجم في التهذيب.
وهذا الحديث، رواه أبو داود في سننه ١: ٤٨، رقم: ٦٢، من طريق محمد بن يحيى ابن فارس، عن عبد الله بن يزيد المقرئ، ومن طريق مسدد، عن عيسى بن يونس، جميعا عن عبد الرحمن بن زياد، مختصرا.
ورواه ابن ماجه ١: ١٧٠، ١٧١، رقم: ٥١٢، من طريق محمد بن يحيى، عن عبد الله بن يزيد المقرئ، مطولا.
والبيهقي في السنن ١: ١٦٢.
والترمذي في السنن ١: ٨٧، ٨٨ (شرح أخي السيد أحمد)، وقد ضعف الترمذي هذا الإسناد، وقال البخاري في حديث أبي غطيف هذا: "لم يتابع عليه". وانظر شرح السنن.
(٢) في المطبوعة"فأنا رغبت"، غير ما في المخطوطة.
(٣) الأثر: ١١٣٣٧ -"سليمان بن عمر بن خالد الرقي، الأقطع"، مضت ترجمته برقم: ٦٢٥٤.
و"عيسى بن يونس بن أبي إسحق السبيعي"، رأى جده أبا إسحق، روى عن أبيه وأخيه، وعن كثير. ثقة، روى له الأئمة. مترجم في التهذيب.
و"عبد الرحمن بن زياد بن أنعم المعافري الإفريقي"، هو"ابن أنعم"، و"الإفريقي"، مضى برقم: ٢١٩٥، ١٠١٨٠، تكلم فيه بعض العلماء، ولكن وثقه أخي السيد أحمد في رقم: ٢١٩٥.
و"أبو غطيف الهذلي"، ويقال: "غطيف"، ويقال: "غضيف". قال أبو زرعة: "لا يعرف اسمه". ضعفه الترمذي. مترجم في التهذيب.
وهذا الحديث، رواه أبو داود في سننه ١: ٤٨، رقم: ٦٢، من طريق محمد بن يحيى ابن فارس، عن عبد الله بن يزيد المقرئ، ومن طريق مسدد، عن عيسى بن يونس، جميعا عن عبد الرحمن بن زياد، مختصرا.
ورواه ابن ماجه ١: ١٧٠، ١٧١، رقم: ٥١٢، من طريق محمد بن يحيى، عن عبد الله بن يزيد المقرئ، مطولا.
والبيهقي في السنن ١: ١٦٢.
والترمذي في السنن ١: ٨٧، ٨٨ (شرح أخي السيد أحمد)، وقد ضعف الترمذي هذا الإسناد، وقال البخاري في حديث أبي غطيف هذا: "لم يتابع عليه". وانظر شرح السنن.
21
١١٣٣٨ - حدثني أبو سعيد البغدادي، قال، حدثنا إسحاق بن منصور، عن هريم، عن عبد الرحمن بن زياد، عن أبي غطيف، عن ابن عمر، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من توضأ على طهر كتب له عشر حسنات. (١)
* * *
وقد قال قوم: إن هذه الآية أنزلت على رسول الله ﷺ إعلاما من الله له بها أن لا وضوء عليه، إلا إذا قام إلى صلاته دون غيرها من الأعمال كلها، وذلك أنه كان إذا أحدث امتنع من الأعمال كلِّها حتى يتوضأ، فأذن الله بهذه الآية أن يفعل كل ما بدا له من الأفعال بعد الحدث عَدَا الصلاة توضأ أو لم يتوضأ، وأمره بالوضوء إذا قام إلى الصلاة قبل الدخول فيها.
ذكر من قال ذلك:
١١٣٣٩ - حدثنا أبو كريب، قال، حدثنا معاوية بن هشام، عن شيبان، عن جابر، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن علقمة بن الفغواء، عن أبيه قال: كان رسول الله ﷺ إذا أراق البول نكلمه فلا يكلمنا، ونسلم عليه فلا يرد علينا، حتى يأتي منزله فيتوضأ كوضوئه للصلاة. فقلنا: يا رسول الله، نكلمك فلا تكلمنا، ونسلم عليك فلا ترد علينا؟ قال: حتى نزلت آية الرخصة:"يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة"، الآية. (٢)
* * *
* * *
وقد قال قوم: إن هذه الآية أنزلت على رسول الله ﷺ إعلاما من الله له بها أن لا وضوء عليه، إلا إذا قام إلى صلاته دون غيرها من الأعمال كلها، وذلك أنه كان إذا أحدث امتنع من الأعمال كلِّها حتى يتوضأ، فأذن الله بهذه الآية أن يفعل كل ما بدا له من الأفعال بعد الحدث عَدَا الصلاة توضأ أو لم يتوضأ، وأمره بالوضوء إذا قام إلى الصلاة قبل الدخول فيها.
ذكر من قال ذلك:
١١٣٣٩ - حدثنا أبو كريب، قال، حدثنا معاوية بن هشام، عن شيبان، عن جابر، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن علقمة بن الفغواء، عن أبيه قال: كان رسول الله ﷺ إذا أراق البول نكلمه فلا يكلمنا، ونسلم عليه فلا يرد علينا، حتى يأتي منزله فيتوضأ كوضوئه للصلاة. فقلنا: يا رسول الله، نكلمك فلا تكلمنا، ونسلم عليك فلا ترد علينا؟ قال: حتى نزلت آية الرخصة:"يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة"، الآية. (٢)
* * *
(١) الأثر: ١١٣٣٨ -"أبو سعيد البغدادي، مضى برقم: ٦٦٨٤، "أبو سعيد بن يوشع البغدادي" ولم أجد له ترجمة، ثم مضى برقم: ٦٦٩٠"أبو سعيد البغدادي" كالذي هنا.
و"إسحق بن منصور السلولي". ثقة، مضت ترجمته برقم: ٤٩٢٥، ومضت رواية أبي سعيد البغدادي عنه في: ٦٦٨٤: ٦٦٩٠.
و"هريم بن سفيان البجلي"، ثقة. مترجم في التهذيب.
وهذا الأثر مختصر الأثر السالف. ونقله ابن كثير في تفسيره ٣: ٨٤، عن هذا الموضع من التفسير.
(٢) الأثر: ١١٣٣٩ - هذا خبر مشكل، وهو مع إشكاله ضعيف الإسناد، لضعف جابر بن يزيد الجعفي، فهو ضعيف جدا، رمي بالكذب، كما بينه أخي السيد أحمد في رقم: ٢٣٤٠.
أول ذلك أن إسناده في المطبوعة كان هكذا: "معاوية بن هشام، عن سفيان، عن جابر بن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن علقمة بن وقاص، عن أبيه".
وفي المخطوطة: "معاوية بن هشام، عن شيبان، عن جابر بن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرو بن حزم عن عبد الله بن علقمة بن الفغواء، عن أبيه".
فخالفت المطبوعة المخطوطة، فجعلت مكان"شيبان"، "سفيان" = ومكان"عبد الله بن علقمة الفغواء"، عبد الله بن علقمة بن وقاص"، ولا أدري من أين أتى به ناسخ تفسير أبي جعفر، فإن ابن كثير في تفسيره قد نقله ولا شك عن نسخة من تفسير أبي جعفر، وفيها"عبد الله بن علقمة بن وقاص".
وسأبدأ بذكر ما وجدته فيما بين يدي من الكتب، من ذكر هذا الخبر وإسناده.
١ = فرواه الطحاوي في معاني الآثار ١: ٥٣ بروايته عن ابن أبي داود قال: "حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن شيبان، عن جابر، عن عبد الله بن محمد، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن علقمة بن الفغواء، عن أبيه... "
٢ = ونقله ابن كثير في تفسيره ٣: ٨٤، من تفسير ابن جرير فقال: "حدثنا أبو كريب، قال حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن جابر، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن علقمة بن وقاص، عن أبيه... "
ثم قال: " ورواه ابن أبي حاتم، عن محمد بن مسلم، عن أبي كريب، به نحوه".
٣ = ورواه الجصاص في أحكام القرآن ٢: ٣٢٩، فقال: "روى سفيان الثوري عن جابر، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن علقمة، عن أبيه... ".
٤ = وذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة، في ترجمة"علقمة بن الفغواء الخزاعي"، فقال: "أخرجه مطين، والطحاوي، والدراقطني من طريق جابر الجعفي، عن عبد الله بن محمد بن حزم، عن عبد الله بن علقمة بن الفغواء، عن أبيه... "
٥ = وذكره ابن الأثير في أسد الغابة ٤: ١٤ في ترجمة"علقمة بن الفغواء الخزاعي" فقال: "روى أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن علقمة بن الفغواء، عن أبيه... "
٦ = وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ١: ٢٧٦ فقال: "وعن علقمة بن الفغواء... رواه الطبراني في الكبير، وفيه جابر الجعفي، وهو ضعيف".
٧ = وذكره أبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ: ١١٩ قال: "حديث علقمة بن الفغواء، عن أبيه أنه قال،... "، وهذا خطأ لا شك فيه، فإن المطبوع من الناسخ والمنسوخ ردئ الطبع جدا. والصواب"حديث عبد الله بن علقمة بن الفغواء، عن أبيه... ". وفي المطبوعة: "علقمة بن القعوى"، وهو تحريف لا شك فيه خطئه.
٨ = وخرجه السيوطي في الدر المنثور فقال: "وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والطبراني، بسند ضعيف، عن علقمة بن صفوان... ".
فهذا، كما ترى، اختلاف شديد جدا في أسانيد هذا الأثر.
فالاختلاف الأول: في الذي روى عنه معاوية بن هشام، ففي المطبوعة، وابن كثير، وأحكام القرآن للجصاص أنه رواه عن"سفيان"، وهو الثوري كما صرح به الجصاص. وفي المخطوطة، ومعاني الآثار للطحاوي أنه رواه عن"شيبان"، وهو النحوي. ومعاوية بن هشام يروي عنهما جميعا. وسفيان الثوري، وشيبان النحوي، يرويان جميعا عن جابر بن يزيد الجعفي. فجائز أن يكون معاوية بن هشام رواه عنهما جميعا، عن جابر، مرة عن هذا، ومرة عن هذا.
والاختلاف الثاني: في الذي رواه عنه"سفيان" أو "شيبان". ففي المطبوعة والمخطوطة: "جابر بن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرو بن حزم"، وهو خطأ لا شك فيه، لأن الحديث مداره على"جابر بن يزيد الجعفي"، كما جاء في المراجع جميعا.
والاختلاف الثالث: في الذي رواه عنه"جابر الجعفي"، فذكر الطحاوي في معاني الآثار. أنه عن: "عبد الله بن محمد، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم" فكأن جابرا رواه عن"عبد الله بن محمد" هذا، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، كما قال ابن الأثير في أسد الغابة، وأما ما نقله ابن كثير عن نسخة من تفسير أبي جعفر من أنه: "عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم" فاتفق مع ما جاء في أحكام القرآن للجصاص، وفي الإصابة لابن حجر - مع اختلاف لا يضر في اختصار اسمه.
فانفرد الطحاوي بأن زاد"عبد الله بن محمد" في هذا الإسناد، ولا ندري من يكون. فأخشى أن يكون في النسخة المطبوعة من معاني الآثار، خطأ.
والاختلاف الرابع: متعلق بالاختلاف الثالث، في الراوي عن"عبد الله بن علقمة بن الفغواء" أهو: "عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم" = كما جاء في تفسير ابن كثير، وفي أحكام القرآن للجصاص، والإصابة = أم هو أبوه"أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم"، كما جاء في إسناد الطحاوي، وكما ذكر ابن الأثير في أسد الغابة؟
والاختلاف الخامس: فإن المطبوعة وابن كثير في تفسيره، جعلا التابعي الراوي عن أبيه"عبد الله بن علقمة بن وقاص"، وانفرد السيوطي في الدر المنثور بأن جعل أباه الصحابي هو"علقمة بن صفوان"، وكلاهما خطأ لا شك فيه، بدليل إجماع سائر الرواة على أن هذا الخبر من حديث"علقمة بن الفغواء الخزاعي".
من أجل ذلك كله، غيرت ما في المطبوعة، فجعلت"شيبان" مكان"سفيان"، مطابقا لما في المخطوطة ومعاني الآثار. وجعلت"جابر، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم"، مطابقا لما في تفسير ابن كثير، وأحكام القرآن للجصاص، والإصابة لابن حجر. وجعلت"عبد الله بن علقمة بن الفغواء"، مكان"عبد الله بن علقمة بن وقاص" مطابقا لما في سائر الأخبار، سوى ابن كثير، والسيوطي.
أما رجال الإسناد فهم:
"معاوية بن هشام الأسدي القصار"، ثقة. مضى برقم: ٢٩٩٧.
و"سفيان" - كما أسلفنا في الاختلاف الأول - هو سفيان الثوري الإمام الثقة، مضى مرارا.
وأما "شيبان"، فهو"أبو معاوية، شيبان النحوي"، وهو"شيبان بن عبد الرحمن التميمي"، إمام ثقة. مضى مرارا، رقم: ٢٣٤٠، ٤٨٩٨، ٥٢٨٠، ٩٢٢٢، ٩٢٢٣، ٩٤٥٦.
وأما "جابر"، فهو: "جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي"، ضعيف جدا، رمي بالكذب.
مضى برقم: ٧٦٤، ٨٥٨، ٢٣٤٠، ٣٠٧٤، ٥٤٢٣، ٧٣٥٠.
و"عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم"، ثقة. مضى برقم: ٤٨٠٨.
وأما أبوه: "أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم"، ثقة. مضى برقم: ٢٠٣١.
و"عبد الله بن علقمة بن الفغواء الخزاعي"، روى عن أبيه. روى عنه زيد بن أسلم، ومسلم بن نبهان. مترجم في ابن أبي حاتم ٢/٢/١٢١.
وأبوه: "علقمة بن الفغواء الخزاعي"، دليل رسول الله ﷺ إلى تبوك.
سمع النبي صلى الله عليه وسلم. روى عن عمر. روى عنه ابنه عبد الله. مترجم في الإصابة، وأسد الغابة، وطبقات ابن سعد ٤/٢/٣٢ ثم ٥: ٣٤٠، والكبير للبخاري ٤/١/٣٩، وابن أبي حاتم ٣/١/٤٠٤.
ومضى تخريج الأثر فيما سلف مما كتبناه، وهو بمثل لفظ الطبري، إلا في بعض حروف يسيرة، وإلا ما جاء في رواية الجصاص في أحكام القرآن. كتبه محمود محمد شاكر.
و"إسحق بن منصور السلولي". ثقة، مضت ترجمته برقم: ٤٩٢٥، ومضت رواية أبي سعيد البغدادي عنه في: ٦٦٨٤: ٦٦٩٠.
و"هريم بن سفيان البجلي"، ثقة. مترجم في التهذيب.
وهذا الأثر مختصر الأثر السالف. ونقله ابن كثير في تفسيره ٣: ٨٤، عن هذا الموضع من التفسير.
(٢) الأثر: ١١٣٣٩ - هذا خبر مشكل، وهو مع إشكاله ضعيف الإسناد، لضعف جابر بن يزيد الجعفي، فهو ضعيف جدا، رمي بالكذب، كما بينه أخي السيد أحمد في رقم: ٢٣٤٠.
أول ذلك أن إسناده في المطبوعة كان هكذا: "معاوية بن هشام، عن سفيان، عن جابر بن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن علقمة بن وقاص، عن أبيه".
وفي المخطوطة: "معاوية بن هشام، عن شيبان، عن جابر بن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرو بن حزم عن عبد الله بن علقمة بن الفغواء، عن أبيه".
فخالفت المطبوعة المخطوطة، فجعلت مكان"شيبان"، "سفيان" = ومكان"عبد الله بن علقمة الفغواء"، عبد الله بن علقمة بن وقاص"، ولا أدري من أين أتى به ناسخ تفسير أبي جعفر، فإن ابن كثير في تفسيره قد نقله ولا شك عن نسخة من تفسير أبي جعفر، وفيها"عبد الله بن علقمة بن وقاص".
وسأبدأ بذكر ما وجدته فيما بين يدي من الكتب، من ذكر هذا الخبر وإسناده.
١ = فرواه الطحاوي في معاني الآثار ١: ٥٣ بروايته عن ابن أبي داود قال: "حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن شيبان، عن جابر، عن عبد الله بن محمد، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن علقمة بن الفغواء، عن أبيه... "
٢ = ونقله ابن كثير في تفسيره ٣: ٨٤، من تفسير ابن جرير فقال: "حدثنا أبو كريب، قال حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن جابر، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن علقمة بن وقاص، عن أبيه... "
ثم قال: " ورواه ابن أبي حاتم، عن محمد بن مسلم، عن أبي كريب، به نحوه".
٣ = ورواه الجصاص في أحكام القرآن ٢: ٣٢٩، فقال: "روى سفيان الثوري عن جابر، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن علقمة، عن أبيه... ".
٤ = وذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة، في ترجمة"علقمة بن الفغواء الخزاعي"، فقال: "أخرجه مطين، والطحاوي، والدراقطني من طريق جابر الجعفي، عن عبد الله بن محمد بن حزم، عن عبد الله بن علقمة بن الفغواء، عن أبيه... "
٥ = وذكره ابن الأثير في أسد الغابة ٤: ١٤ في ترجمة"علقمة بن الفغواء الخزاعي" فقال: "روى أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن علقمة بن الفغواء، عن أبيه... "
٦ = وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ١: ٢٧٦ فقال: "وعن علقمة بن الفغواء... رواه الطبراني في الكبير، وفيه جابر الجعفي، وهو ضعيف".
٧ = وذكره أبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ: ١١٩ قال: "حديث علقمة بن الفغواء، عن أبيه أنه قال،... "، وهذا خطأ لا شك فيه، فإن المطبوع من الناسخ والمنسوخ ردئ الطبع جدا. والصواب"حديث عبد الله بن علقمة بن الفغواء، عن أبيه... ". وفي المطبوعة: "علقمة بن القعوى"، وهو تحريف لا شك فيه خطئه.
٨ = وخرجه السيوطي في الدر المنثور فقال: "وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والطبراني، بسند ضعيف، عن علقمة بن صفوان... ".
فهذا، كما ترى، اختلاف شديد جدا في أسانيد هذا الأثر.
فالاختلاف الأول: في الذي روى عنه معاوية بن هشام، ففي المطبوعة، وابن كثير، وأحكام القرآن للجصاص أنه رواه عن"سفيان"، وهو الثوري كما صرح به الجصاص. وفي المخطوطة، ومعاني الآثار للطحاوي أنه رواه عن"شيبان"، وهو النحوي. ومعاوية بن هشام يروي عنهما جميعا. وسفيان الثوري، وشيبان النحوي، يرويان جميعا عن جابر بن يزيد الجعفي. فجائز أن يكون معاوية بن هشام رواه عنهما جميعا، عن جابر، مرة عن هذا، ومرة عن هذا.
والاختلاف الثاني: في الذي رواه عنه"سفيان" أو "شيبان". ففي المطبوعة والمخطوطة: "جابر بن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرو بن حزم"، وهو خطأ لا شك فيه، لأن الحديث مداره على"جابر بن يزيد الجعفي"، كما جاء في المراجع جميعا.
والاختلاف الثالث: في الذي رواه عنه"جابر الجعفي"، فذكر الطحاوي في معاني الآثار. أنه عن: "عبد الله بن محمد، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم" فكأن جابرا رواه عن"عبد الله بن محمد" هذا، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، كما قال ابن الأثير في أسد الغابة، وأما ما نقله ابن كثير عن نسخة من تفسير أبي جعفر من أنه: "عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم" فاتفق مع ما جاء في أحكام القرآن للجصاص، وفي الإصابة لابن حجر - مع اختلاف لا يضر في اختصار اسمه.
فانفرد الطحاوي بأن زاد"عبد الله بن محمد" في هذا الإسناد، ولا ندري من يكون. فأخشى أن يكون في النسخة المطبوعة من معاني الآثار، خطأ.
والاختلاف الرابع: متعلق بالاختلاف الثالث، في الراوي عن"عبد الله بن علقمة بن الفغواء" أهو: "عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم" = كما جاء في تفسير ابن كثير، وفي أحكام القرآن للجصاص، والإصابة = أم هو أبوه"أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم"، كما جاء في إسناد الطحاوي، وكما ذكر ابن الأثير في أسد الغابة؟
والاختلاف الخامس: فإن المطبوعة وابن كثير في تفسيره، جعلا التابعي الراوي عن أبيه"عبد الله بن علقمة بن وقاص"، وانفرد السيوطي في الدر المنثور بأن جعل أباه الصحابي هو"علقمة بن صفوان"، وكلاهما خطأ لا شك فيه، بدليل إجماع سائر الرواة على أن هذا الخبر من حديث"علقمة بن الفغواء الخزاعي".
من أجل ذلك كله، غيرت ما في المطبوعة، فجعلت"شيبان" مكان"سفيان"، مطابقا لما في المخطوطة ومعاني الآثار. وجعلت"جابر، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم"، مطابقا لما في تفسير ابن كثير، وأحكام القرآن للجصاص، والإصابة لابن حجر. وجعلت"عبد الله بن علقمة بن الفغواء"، مكان"عبد الله بن علقمة بن وقاص" مطابقا لما في سائر الأخبار، سوى ابن كثير، والسيوطي.
أما رجال الإسناد فهم:
"معاوية بن هشام الأسدي القصار"، ثقة. مضى برقم: ٢٩٩٧.
و"سفيان" - كما أسلفنا في الاختلاف الأول - هو سفيان الثوري الإمام الثقة، مضى مرارا.
وأما "شيبان"، فهو"أبو معاوية، شيبان النحوي"، وهو"شيبان بن عبد الرحمن التميمي"، إمام ثقة. مضى مرارا، رقم: ٢٣٤٠، ٤٨٩٨، ٥٢٨٠، ٩٢٢٢، ٩٢٢٣، ٩٤٥٦.
وأما "جابر"، فهو: "جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي"، ضعيف جدا، رمي بالكذب.
مضى برقم: ٧٦٤، ٨٥٨، ٢٣٤٠، ٣٠٧٤، ٥٤٢٣، ٧٣٥٠.
و"عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم"، ثقة. مضى برقم: ٤٨٠٨.
وأما أبوه: "أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم"، ثقة. مضى برقم: ٢٠٣١.
و"عبد الله بن علقمة بن الفغواء الخزاعي"، روى عن أبيه. روى عنه زيد بن أسلم، ومسلم بن نبهان. مترجم في ابن أبي حاتم ٢/٢/١٢١.
وأبوه: "علقمة بن الفغواء الخزاعي"، دليل رسول الله ﷺ إلى تبوك.
سمع النبي صلى الله عليه وسلم. روى عن عمر. روى عنه ابنه عبد الله. مترجم في الإصابة، وأسد الغابة، وطبقات ابن سعد ٤/٢/٣٢ ثم ٥: ٣٤٠، والكبير للبخاري ٤/١/٣٩، وابن أبي حاتم ٣/١/٤٠٤.
ومضى تخريج الأثر فيما سلف مما كتبناه، وهو بمثل لفظ الطبري، إلا في بعض حروف يسيرة، وإلا ما جاء في رواية الجصاص في أحكام القرآن. كتبه محمود محمد شاكر.
22
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في حدّ"الوجه" الذي أمر الله بغسله، القائمَ إلى الصلاة بقوله:"إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم".
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في حدّ"الوجه" الذي أمر الله بغسله، القائمَ إلى الصلاة بقوله:"إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم".
23
فقال بعضهم: هو ما ظهر من بَشرة الإنسان من قُصَاص شعر رأسه، (١) منحدرا إلى منقطع ذَقَنه طولا وما بين الأذنين عرضا. قالوا: فأما الأذن وما بطن من داخل الفم والأنف والعين، فليس من الوجه وغير واجب غسلُ ذلك ولا غسل شيء منه في الوضوء. (٢) قالوا: وأما ما غطاه الشعر منه كالذقن الذي غطاه شعر اللحية، والصدغين اللذين قد غطاهما عِذَار اللحية، فإن إمرار الماء على ما على ذلك من الشعر، مجزئ من غسل ما بطن منه من بشرة الوجه،
(٣) لأن"الوجه"
(٣) لأن"الوجه"
(١) "قصاص الشعر" (بضم القاف وكسرها وفتحها) : نهاية منبته من مقدم الرأس.
(٢) في المطبوعة: "فليس من الوجه ولا غيره ولا أحب غسل ذلك"، كان في المخطوطة: "فليس من الوجه وغيره اجب غسل ذلك" مع وصل راء"غير" بما يشبه الهاء المفردة، ففعل الناشر ما فعل في إفساد هذه العبارة، بلا أمانة ولا عقل.
(٣) في المطبوعة: "مجزئ عن غسل"، وما في المخطوطة، هو الجيد الذي سار عليه القدماء.
(٢) في المطبوعة: "فليس من الوجه ولا غيره ولا أحب غسل ذلك"، كان في المخطوطة: "فليس من الوجه وغيره اجب غسل ذلك" مع وصل راء"غير" بما يشبه الهاء المفردة، ففعل الناشر ما فعل في إفساد هذه العبارة، بلا أمانة ولا عقل.
(٣) في المطبوعة: "مجزئ عن غسل"، وما في المخطوطة، هو الجيد الذي سار عليه القدماء.
24
عندهم: هو ما عَنَّ لعين الناظر من ذلك فقابلها (١) دون غيره.
ذكر من قال ذلك:
١١٣٤٠ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عمر بن عبيد، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال، يجزئ اللحية ما سال عليها من الماء. (٢)
١١٣٤١ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا شعبة قال، حدثنا المغيرة، عن إبراهيم قال: يكفيه ما سال من الماء من وجهه على لحيته.
١١٣٤٢ - حدثنا ابن المثنى، قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن المغيرة، عن إبراهيم، بنحوه.
١١٣٤٣ - حدثنا ابن المثنى، قال، حدثنا أبو داود، عن شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم، بنحوه.
١١٣٤٤ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن مغيرة في تخليل اللحية، قال: يجزيك ما مرَّ على لحيتك.
١١٣٤٥ - حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني، قال، حدثنا مصعب بن المقدام، قال، حدثنا زائدة، عن منصور، قال: رأيت إبراهيم يتوضأ، فلم يخلِّل لحيته. (٣)
ذكر من قال ذلك:
١١٣٤٠ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عمر بن عبيد، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال، يجزئ اللحية ما سال عليها من الماء. (٢)
١١٣٤١ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا شعبة قال، حدثنا المغيرة، عن إبراهيم قال: يكفيه ما سال من الماء من وجهه على لحيته.
١١٣٤٢ - حدثنا ابن المثنى، قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن المغيرة، عن إبراهيم، بنحوه.
١١٣٤٣ - حدثنا ابن المثنى، قال، حدثنا أبو داود، عن شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم، بنحوه.
١١٣٤٤ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن مغيرة في تخليل اللحية، قال: يجزيك ما مرَّ على لحيتك.
١١٣٤٥ - حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني، قال، حدثنا مصعب بن المقدام، قال، حدثنا زائدة، عن منصور، قال: رأيت إبراهيم يتوضأ، فلم يخلِّل لحيته. (٣)
(١) في المخطوطة: "فهو باطن لعين الناظر"، وهو تحريف، وصححها في المطبوعة: "ما ظهر لعين الناظر"، ورأيت قراءتها كما أثبتها يقال: "عن الشيء يعن عننا وعنونا": عرض وظهر أمامك.
(٢) الأثر: ١١٣٤٠ - في المخطوطة: "عن معمره"، وفي المطبوعة: عن معمر"، والصواب ما أثبته.
"عمر بن عبيد بن أبي أمية الطنافسي"، مضى برقم: ٨٩٧٩.
و"مغيرة"، هو"مغيرة بن مقسم الضبي"، مضى مرارا كثيرة، وروايته عن"إبراهيم النخعي"، دائرة في التفسير، وانظر الآثار التالية لهذا.
وقد مضى هذا الإسناد نفسه برقم: ٨٩٧٩.
(٣) الأثر: ١١٣٤٥ -"هرون بن إسحق الهمداني" و"مصعب بن المقدام"، مضيا برقم: ٣٠٠١.
(٢) الأثر: ١١٣٤٠ - في المخطوطة: "عن معمره"، وفي المطبوعة: عن معمر"، والصواب ما أثبته.
"عمر بن عبيد بن أبي أمية الطنافسي"، مضى برقم: ٨٩٧٩.
و"مغيرة"، هو"مغيرة بن مقسم الضبي"، مضى مرارا كثيرة، وروايته عن"إبراهيم النخعي"، دائرة في التفسير، وانظر الآثار التالية لهذا.
وقد مضى هذا الإسناد نفسه برقم: ٨٩٧٩.
(٣) الأثر: ١١٣٤٥ -"هرون بن إسحق الهمداني" و"مصعب بن المقدام"، مضيا برقم: ٣٠٠١.
26
١١٣٤٦ - حدثنا أبو كريب، قال، حدثنا ابن إدريس، عن سعيد الزبيدي، عن إبراهيم، قال: يجزيك ما سال عليها من أن تخللها. (١)
١١٣٤٧ - حدثنا ابن المثنى، قال، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن يونس، قال: كان الحسن إذا توضأ مسح لحيته مع وجهه.
١١٣٤٨ - حدثنا أبو كريب، قال، حدثنا ابن إدريس، قال، حدثنا هشام، عن الحسن، أنه كان لا يخلِّل لحيته.
١١٣٤٩ - حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا ابن المبارك، عن هشام، عن الحسن أنه كان لا يخلل لحيته إذا توضأ.
١١٣٥٠ - حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا هارون، عن إسماعيل، عن الحسن، مثله.
١١٣٥١ - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال، حدثنا هشيم، عن أشعث، عن ابن سيرين، قال، ليس غسلُ اللحية من السنة.
١١٣٥٢ - حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا هارون، عن عيسى بن يزيد، عن عمرو، عن الحسن: أنه كان إذا توضأ لم يبلِّغ الماء في أصول لحيته.
١١٣٥٣ - حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا هارون، عن أبي شيبة سعيد بن عبد الرحمن الزبيدي، قال: سألت إبراهيم: أخلِّل لحيتي عند الوضوء بالماء؟ فقال، لا إنما يكفيك ما مرَّت عليه يدك. (٢)
١١٣٥٤ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، سألت شعبة عن تخليل اللحية في الوضوء، فقال: قال المغيرة، قال إبراهيم: يكفيه ما سال من الماء من وجهه على لحيته.
١١٣٤٧ - حدثنا ابن المثنى، قال، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن يونس، قال: كان الحسن إذا توضأ مسح لحيته مع وجهه.
١١٣٤٨ - حدثنا أبو كريب، قال، حدثنا ابن إدريس، قال، حدثنا هشام، عن الحسن، أنه كان لا يخلِّل لحيته.
١١٣٤٩ - حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا ابن المبارك، عن هشام، عن الحسن أنه كان لا يخلل لحيته إذا توضأ.
١١٣٥٠ - حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا هارون، عن إسماعيل، عن الحسن، مثله.
١١٣٥١ - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال، حدثنا هشيم، عن أشعث، عن ابن سيرين، قال، ليس غسلُ اللحية من السنة.
١١٣٥٢ - حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا هارون، عن عيسى بن يزيد، عن عمرو، عن الحسن: أنه كان إذا توضأ لم يبلِّغ الماء في أصول لحيته.
١١٣٥٣ - حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا هارون، عن أبي شيبة سعيد بن عبد الرحمن الزبيدي، قال: سألت إبراهيم: أخلِّل لحيتي عند الوضوء بالماء؟ فقال، لا إنما يكفيك ما مرَّت عليه يدك. (٢)
١١٣٥٤ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، سألت شعبة عن تخليل اللحية في الوضوء، فقال: قال المغيرة، قال إبراهيم: يكفيه ما سال من الماء من وجهه على لحيته.
(١) الأثر: ١١٣٤٦، ١١٣٥٣ -"سعيد الزبيدي"، هو"سعيد بن عبد الرحمن الزبيدي""أبو شيبة"، وثقه أبو داود، وابن حبان، وقال البخاري: "لا يتابع في حديثه".
مترجم في التهذيب وسيأتي في الأثر رقم: ١١٣٥٣.
(٢) الأثر: ١١٣٤٦، ١١٣٥٣ -"سعيد الزبيدي"، هو"سعيد بن عبد الرحمن الزبيدي""أبو شيبة"، وثقه أبو داود، وابن حبان، وقال البخاري: "لا يتابع في حديثه".
مترجم في التهذيب وسيأتي في الأثر رقم: ١١٣٥٣.
مترجم في التهذيب وسيأتي في الأثر رقم: ١١٣٥٣.
(٢) الأثر: ١١٣٤٦، ١١٣٥٣ -"سعيد الزبيدي"، هو"سعيد بن عبد الرحمن الزبيدي""أبو شيبة"، وثقه أبو داود، وابن حبان، وقال البخاري: "لا يتابع في حديثه".
مترجم في التهذيب وسيأتي في الأثر رقم: ١١٣٥٣.
27
١١٣٥٥ - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال، حدثنا حجاج بن رشدين قال، حدثنا عبد الجبار بن عمر: أن ابن شهاب وربيعة توضآ فأمرا الماء على لحاهما، ولم أر واحدا منهما خلّل لحيته.
١١٣٥٦ - حدثنا أبو الوليد الدمشقي قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال: سألت سعيد بن عبد العزيز، عن عَرْك العارضين في الوضوء، فقال: ليس ذلك بواجب، رأيت مكحولا يتوضأ فلا يفعل ذلك. (١)
١١٣٥٧ - حدثنا أبو الوليد أحمد بن عبد الرحمن القرشي، قال، حدثنا الوليد، قال، أخبرني سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، قال، ليس عَرْك العارضين في الوضوء بواجب. (٢)
١١٣٥٨ - حدثنا أبو الوليد، قال، حدثنا الوليد قال، أخبرني إبراهيم بن محمد، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: يكفيه ما مرَّ من الماء على لحيته. (٣)
١١٣٥٩ - حدثنا أبو الوليد القرشي، قال، حدثنا الوليد، قال، أخبرني ابن لهيعة، عن سليمان بن أبي زينب، قال، سألت القاسم بن محمد: كيف أصنع بلحيتي إذا توضأت؟ قال: لستُ من الذين يغسلون لحاهم. (٤)
١١٣٥٦ - حدثنا أبو الوليد الدمشقي قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال: سألت سعيد بن عبد العزيز، عن عَرْك العارضين في الوضوء، فقال: ليس ذلك بواجب، رأيت مكحولا يتوضأ فلا يفعل ذلك. (١)
١١٣٥٧ - حدثنا أبو الوليد أحمد بن عبد الرحمن القرشي، قال، حدثنا الوليد، قال، أخبرني سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، قال، ليس عَرْك العارضين في الوضوء بواجب. (٢)
١١٣٥٨ - حدثنا أبو الوليد، قال، حدثنا الوليد قال، أخبرني إبراهيم بن محمد، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: يكفيه ما مرَّ من الماء على لحيته. (٣)
١١٣٥٩ - حدثنا أبو الوليد القرشي، قال، حدثنا الوليد، قال، أخبرني ابن لهيعة، عن سليمان بن أبي زينب، قال، سألت القاسم بن محمد: كيف أصنع بلحيتي إذا توضأت؟ قال: لستُ من الذين يغسلون لحاهم. (٤)
(١) الأثر: ١١٣٥٦ -"أبو الوليد الدمشقي"، هو"أبو الوليد القرشي"، كما في الأثر: ١١٣٥٩، وهو: "أحمد بن عبد الرحمن بن بكار بن عبد الملك بن الوليد بن بسر بن أرطأة القرشي"، ويقال في نسبته"البسري"، نسبة إلى جده، ويقال"العامري"، لأنه من ولد"معيص بن عامر بن لؤي". ثقة صدوق. مترجم في التهذيب.
(٢) الأثر: ١١٣٥٧ -"سعيد بن بشير الأزدي"، مضى برقم: ١٢٦، ٥٤٣٩، ٩٦٣٢.
(٣) الأثر: ١١٣٥٨ -"إبراهيم بن محمد" هو: "إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة"، "أبو إسحق الفزاري"، مضى برقم: ٣٨٣٣، ١١٢٨٥.
(٤) الأثر: ١١٣٥٩ -"سليمان بن أبي زينب السبأي الشامي"، روى عنه سعيد بن أبي أيوب المصري. مترجم في الكبير ٢/٢/١٥، وابن أبي حاتم ٢/١/١١٨. وكان في المخطوطة والمطبوعة: "سلمان بن أبي زينب"، وهو خطأ لا شك فيه.
(٢) الأثر: ١١٣٥٧ -"سعيد بن بشير الأزدي"، مضى برقم: ١٢٦، ٥٤٣٩، ٩٦٣٢.
(٣) الأثر: ١١٣٥٨ -"إبراهيم بن محمد" هو: "إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة"، "أبو إسحق الفزاري"، مضى برقم: ٣٨٣٣، ١١٢٨٥.
(٤) الأثر: ١١٣٥٩ -"سليمان بن أبي زينب السبأي الشامي"، روى عنه سعيد بن أبي أيوب المصري. مترجم في الكبير ٢/٢/١٥، وابن أبي حاتم ٢/١/١١٨. وكان في المخطوطة والمطبوعة: "سلمان بن أبي زينب"، وهو خطأ لا شك فيه.
28
١١٣٦٠ - حدثنا أبو الوليد، قال، حدثنا الوليد قال، قال أبو عمرو: ليس عَرْك العارضين وتشبيك اللحية بواجب في الوضوء. (١)
* * *
ذكر من قال ما حكينا عنه من أهل هذه المقالة في غسل ما بَطَن من الفم والأنف.
١١٣٦١ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن عبد الملك بن أبي بشير، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لولا التلمُّظ في الصلاة ما مضمضتُ. (٢)
١١٣٦٢ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت عبد الملك يقول: سئل عطاء عن رجل صلى ولم يتمضمض، قال: ما لم يسَّم في الكتاب يجزئه.
١١٣٦٣ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: ليس المضمضة والاستنشاق من واجب الوضوء.
١١٣٦٤ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا الصباح، عن أبي سنان قال: كان الضحاك ينهانا عن المضمضة والاستنشاق في الوضوء في رمضان.
١١٣٦٥ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت هشامًا، عن الحسن قال: إذا نسى المضمضة والاستنشاق، قال: إن ذكر وقد دخل في الصلاة فليمض في صلاته. وإن كان لم يدخل تمضمض واستنشق.
* * *
ذكر من قال ما حكينا عنه من أهل هذه المقالة في غسل ما بَطَن من الفم والأنف.
١١٣٦١ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن عبد الملك بن أبي بشير، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لولا التلمُّظ في الصلاة ما مضمضتُ. (٢)
١١٣٦٢ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت عبد الملك يقول: سئل عطاء عن رجل صلى ولم يتمضمض، قال: ما لم يسَّم في الكتاب يجزئه.
١١٣٦٣ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: ليس المضمضة والاستنشاق من واجب الوضوء.
١١٣٦٤ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا الصباح، عن أبي سنان قال: كان الضحاك ينهانا عن المضمضة والاستنشاق في الوضوء في رمضان.
١١٣٦٥ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت هشامًا، عن الحسن قال: إذا نسى المضمضة والاستنشاق، قال: إن ذكر وقد دخل في الصلاة فليمض في صلاته. وإن كان لم يدخل تمضمض واستنشق.
(١) "عرك اللحية": دلكها. وأما "تشبيك اللحية" فقلما تصيب صفته في كتب اللغة، وهو بين في الآثار. روى البيهقي في السنن ١: ٥٥، عن ابن عمر: "كان رسول الله ﷺ إذا توضأ عرك عارضيه بعض العرك، ثم شبك لحيته بأصابعه من تحتها"، يعني أنه أنشب فيها أصابعه منفرجة، فشبكها فيها.
(٢) الأثر: ١١٣٦١ -"عبد الملك بن أبي بشير البصري"، روى عن عكرمة وعبد الله بن مساور، وغيرهما. روى عنه ليث بن أبي سليم، وسفيان الثوري، وزهير بن معاوية، وغيرهم ثقة. مترجم في التهذيب.
و"التلمظ": تحريك اللسان في الفم بعد الأكل، كأنه يتتبع بقية الطعام بين أسنانه.
(٢) الأثر: ١١٣٦١ -"عبد الملك بن أبي بشير البصري"، روى عن عكرمة وعبد الله بن مساور، وغيرهما. روى عنه ليث بن أبي سليم، وسفيان الثوري، وزهير بن معاوية، وغيرهم ثقة. مترجم في التهذيب.
و"التلمظ": تحريك اللسان في الفم بعد الأكل، كأنه يتتبع بقية الطعام بين أسنانه.
29
١١٣٦٦ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن شعبة قال: سألت الحكم وقتادة عن رجل ذكر وهو في الصلاة أنه لم يتمضمض ولم يستنشق، فقال: يمضي في صلاته.
* * *
ذكر من قال ما حكينا عنه من أهل هذه المقالة: من أن الأذنين ليستا من الوجه.
١١٣٦٧ - حدثني يزيد بن مخلد الواسطي قال، حدثنا هشيم، عن غيلان قال: سمعت ابن عمر يقول: الأذنان من الرأس. (١)
١١٣٦٨ - حدثنا عبد الكريم بن أبي عمي، قال، حدثنا أبو مطرف [....] قال، حدثنا غيلان مولى بني مخزوم، قال: سمعت ابن عمر يقول: الأذنان من الرأس. (٢)
١١٣٦٩ - حدثنا الحسن بن عرفة قال، حدثنا محمد بن يزيد، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر قال: الأذنان من الرأس، فإذا مسحت الرأس فامسحهما.
* * *
ذكر من قال ما حكينا عنه من أهل هذه المقالة: من أن الأذنين ليستا من الوجه.
١١٣٦٧ - حدثني يزيد بن مخلد الواسطي قال، حدثنا هشيم، عن غيلان قال: سمعت ابن عمر يقول: الأذنان من الرأس. (١)
١١٣٦٨ - حدثنا عبد الكريم بن أبي عمي، قال، حدثنا أبو مطرف [....] قال، حدثنا غيلان مولى بني مخزوم، قال: سمعت ابن عمر يقول: الأذنان من الرأس. (٢)
١١٣٦٩ - حدثنا الحسن بن عرفة قال، حدثنا محمد بن يزيد، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر قال: الأذنان من الرأس، فإذا مسحت الرأس فامسحهما.
(١) الأثر: ١١٣٦٧ -"يزيد بن مخلد الواسطي"، "أبو خداش"، روى عن هشيم، وبشر بن مبشر. روى عنه إبراهيم بن يوسف الهسنجاني، وعلي بن الحسين بن الجنيد. مترجم في ابن أبي حاتم ٤/٢/٢٩١.
"غيلان" هو: "غيلان بن عبد الله الواسطي" مولى قريش (مولى بني مخزوم). سمع ابن عمر. سمع منه شعبة وهشيم. روى ابن أبي حاتم، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: "سمعت أبي يقول: غيلان بن عبد الله مولى قريش، الذي حدثنا عنه هشيم، روى عنه شعبة، هو أحب إلي من سهيل بن ذكوان". مترجم في الكبير ٤/١/١٠٥، وابن أبي حاتم ٣/٢/٥٣. ثم انظر ذكره في الآثار الآتية: ١١٣٦٨، ١١٣٧٠.
(٢) الأثر: ١١٣٦٨ -"عبد الكريم بن أبي عمير الدهان - أو الدهقان"، شيخ الطبري.
مضى برقم: ٧٥٧٨. و"أبو مطرف"، المعروف بذلك هو"ابن أبي الوزير": "محمد بن عمر بن مطرف الهاشمي"، روى عن شريك وهشيم وغيرهما، ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير ١/١/١٧٨، وابن أبي حاتم ٤/١/٢٠.
وقد وضعت نقطا بعده، لأني أرجح أنه روى ذلك عن"هشيم"، كما في الأثر السالف، والأثر: ١١٣٧٠، فإن مدار هذا الخبر على"هشيم، عن غيلان".
وانظر"غيلان، مولى بني مخزوم"، في التعليق على الأثر السالف.
"غيلان" هو: "غيلان بن عبد الله الواسطي" مولى قريش (مولى بني مخزوم). سمع ابن عمر. سمع منه شعبة وهشيم. روى ابن أبي حاتم، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: "سمعت أبي يقول: غيلان بن عبد الله مولى قريش، الذي حدثنا عنه هشيم، روى عنه شعبة، هو أحب إلي من سهيل بن ذكوان". مترجم في الكبير ٤/١/١٠٥، وابن أبي حاتم ٣/٢/٥٣. ثم انظر ذكره في الآثار الآتية: ١١٣٦٨، ١١٣٧٠.
(٢) الأثر: ١١٣٦٨ -"عبد الكريم بن أبي عمير الدهان - أو الدهقان"، شيخ الطبري.
مضى برقم: ٧٥٧٨. و"أبو مطرف"، المعروف بذلك هو"ابن أبي الوزير": "محمد بن عمر بن مطرف الهاشمي"، روى عن شريك وهشيم وغيرهما، ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير ١/١/١٧٨، وابن أبي حاتم ٤/١/٢٠.
وقد وضعت نقطا بعده، لأني أرجح أنه روى ذلك عن"هشيم"، كما في الأثر السالف، والأثر: ١١٣٧٠، فإن مدار هذا الخبر على"هشيم، عن غيلان".
وانظر"غيلان، مولى بني مخزوم"، في التعليق على الأثر السالف.
30
١١٣٧٠ - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرني غيلان بن عبد الله مولى قريش، قال: سمعت ابن عمر سأله سائل قال: إنه توضأ ونسي أن يمسح أذنيه، قال فقال ابن عمر: الأذنان من الرأس. ولم ير عليه بأسا. (١)
١١٣٧١ - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا أيوب بن سويد= ح، وحدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن= جميعا، عن سفيان، عن سالم أبي النضر، عن سعيد بن مرجانة، عن ابن عمر، أنه قال: الأذنان من الرأس.
١١٣٧٢ - حدثني ابن المثنى قال، حدثني وهب بن جرير قال، حدثنا شعبة، عن رجل، عن ابن عمر قال: الأذنان من الرأس.
١١٣٧٣ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس قال: الأذنان من الرأس. (٢)
١١٣٧٤ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتاده، عن الحسن وسعيد بن المسيب قالا الأذنان من الرأس.
١١٣٧٥ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة قال: الأذنان من الرأس= عن الحسن وسعيد.
١١٣٧١ - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا أيوب بن سويد= ح، وحدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن= جميعا، عن سفيان، عن سالم أبي النضر، عن سعيد بن مرجانة، عن ابن عمر، أنه قال: الأذنان من الرأس.
١١٣٧٢ - حدثني ابن المثنى قال، حدثني وهب بن جرير قال، حدثنا شعبة، عن رجل، عن ابن عمر قال: الأذنان من الرأس.
١١٣٧٣ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس قال: الأذنان من الرأس. (٢)
١١٣٧٤ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتاده، عن الحسن وسعيد بن المسيب قالا الأذنان من الرأس.
١١٣٧٥ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة قال: الأذنان من الرأس= عن الحسن وسعيد.
(١) الأثر: ١١٣٧٠ -"غيلان بن عبد الله، مولى قريش"، انظر التعليق على الأثرين السالفين.
(٢) الأثر: ١١٣٧٣ -"علي بن زيد بن عبد الله بن أبي مليكة بن زهير بن عبد الله بن جدعان"، أو: "علي بن زيد بن جدعان" منسوبا إلى جده. مضى برقم: ٤٠، ٤٨٩٧، ٦٤٩٥، ٩٢٩٣، ١٠٢٧٥.
و"يوسف بن مهران البصري"، روى عن ابن عباس، وابن عمر، وجابر. روى عنه علي بن زيد بن جدعان قال أحمد: "لا يعرف، ولا أعرف أحدا روى عنه إلا علي بن زيد". وقال ابن سعد: "ثقة قليل الحديث". مترجم في التهذيب، والكبير ٤/٢/٣٧٥، وابن سعد ٧/١/١٦١، وابن أبي حاتم ٤/٢/٢٢٩.
(٢) الأثر: ١١٣٧٣ -"علي بن زيد بن عبد الله بن أبي مليكة بن زهير بن عبد الله بن جدعان"، أو: "علي بن زيد بن جدعان" منسوبا إلى جده. مضى برقم: ٤٠، ٤٨٩٧، ٦٤٩٥، ٩٢٩٣، ١٠٢٧٥.
و"يوسف بن مهران البصري"، روى عن ابن عباس، وابن عمر، وجابر. روى عنه علي بن زيد بن جدعان قال أحمد: "لا يعرف، ولا أعرف أحدا روى عنه إلا علي بن زيد". وقال ابن سعد: "ثقة قليل الحديث". مترجم في التهذيب، والكبير ٤/٢/٣٧٥، وابن سعد ٧/١/١٦١، وابن أبي حاتم ٤/٢/٢٢٩.
31
١١٣٧٦ - حدثنا أبو الوليد الدمشقي قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال، أخبرني أبو عمرو، عن يحيى بن أبي كثير، عن ابن عمر قال: الأذنان من الرأس.
١١٣٧٧ - حدثنا أبو الوليد قال، حدثنا الوليد قال، أخبرني ابن لهيعة، عن أبي النضر، عن ابن عمر، مثله. (١)
١١٣٧٨ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون، عن عيسى بن يزيد، عن عمرو، عن الحسن قال، الأذنان من الرأس.
١١٣٧٩ - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع قال، حدثنا حماد بن زيد، عن سنان بن ربيعة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة= أو: عن أبي هريرة، شك ابن بزيع=: أن النبي ﷺ قال: الأذنان من الرأس.
١١٣٨٠ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا معلى بن منصور، عن حماد بن زيد، عن سنان بن ربيعة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة قال: الأذنان من الرأس= قال حماد: لا أدري هذا عن أبي أمامة أو: عن النبي صلى الله عليه وسلم.
١١٣٨١ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو أسامة قال، حدثني حماد بن زيد قال، حدثني سنان بن ربيعة أبو ربيعة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة، أن رسول الله ﷺ قال: الأذنان من الرأس. (٢)
١١٣٧٧ - حدثنا أبو الوليد قال، حدثنا الوليد قال، أخبرني ابن لهيعة، عن أبي النضر، عن ابن عمر، مثله. (١)
١١٣٧٨ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون، عن عيسى بن يزيد، عن عمرو، عن الحسن قال، الأذنان من الرأس.
١١٣٧٩ - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع قال، حدثنا حماد بن زيد، عن سنان بن ربيعة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة= أو: عن أبي هريرة، شك ابن بزيع=: أن النبي ﷺ قال: الأذنان من الرأس.
١١٣٨٠ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا معلى بن منصور، عن حماد بن زيد، عن سنان بن ربيعة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة قال: الأذنان من الرأس= قال حماد: لا أدري هذا عن أبي أمامة أو: عن النبي صلى الله عليه وسلم.
١١٣٨١ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو أسامة قال، حدثني حماد بن زيد قال، حدثني سنان بن ربيعة أبو ربيعة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة، أن رسول الله ﷺ قال: الأذنان من الرأس. (٢)
(١) الأثران ١١٣٧٦، ١١٣٧٧ -"أبو الوليد الدمشقي" هو: "أحمد بن عبد الرحمن القرشي"، وانظر الآثار السالفة: ١١٣٥٦ - ١١٣٦٠.
(٢) الآثار: ١١٣٧٩ - ١١٣٨١ -"معلى بن منصور الرازي"، في الإسناد الثاني، روى عن مالك، ومحمد بن ميمون الزعفراني، وحماد بن زيد، وهشيم، وغيرهم. روى عنه البخاري، وذكره في الكبير، ولم يذكر فيه جرحا. ووثقه ابن معين، وأبو حاتم وابن حبان وغيرهم. وقد تكلموا فيه. مترجم في التهذيب.
و"سنان" بن ربيعة الباهلي، أبو ربيعة صاحب السابرى"، روى عن أنس، وشهر بن حوشب، وغيرهما. روى عنه الحمادان. قال ابن معين: "ليس بالقوي"، وقال أبو حاتم: "شيخ مضطرب الحديث". وذكره ابن حبان في الثقات. روى له البخاري مقرونا بغيره في الصحيح.
و"شهر بن حوشب الأشعري"، تابعي، وثقه أخي السيد أحمد فيما سلف رقم: ١٤٨٩، ٥٢٤٤، ٦٦٥٠ - ٦٦٥٢.
وهذا الخبر رواه أحمد في المسند ٥: ٢٥٨، ٢٦٤، ٢٦٨. مطولا، وأبو داود في سننه ١: ٦٨، رقم: ١٣٤، وابن ماجه ١: ١٥٢، رقم: ٤٤٤، والبيهقي في السنن ١: ٦٦، ٦٧، والترمذي في السنن (شرح أخي السيد أحمد) ١: ٥٣ - ٥٥، به بنحوه. وقال: "وقد أطال العلماء البحث في هذه الكلمة، وهل هي مدرجة من كلام أبي أمامة أو مرفوعة؟ ورجح كثير منهم الإدراج. انظر التلخيص (ص: ٣٣)، ونصب الراية (١: ١٠ - ١٢)، والراجح عندي أن الحديث صحيح. فقد روي من غير وجه بأسانيد بعضها جيد، ويؤيد بعضها بعضا"، ثم أفاض في الكلام فيه.
وأما شك بن بزيع -في الأثر الأول- فالظاهر أنه خطأ من ابن بزيع، وأن الصواب أنه عن أبي أمامة، لا عن أبي هريرة، وسيأتي خبر أبي هريرة بعد، رقم: ١١٣٨٣.
(٢) الآثار: ١١٣٧٩ - ١١٣٨١ -"معلى بن منصور الرازي"، في الإسناد الثاني، روى عن مالك، ومحمد بن ميمون الزعفراني، وحماد بن زيد، وهشيم، وغيرهم. روى عنه البخاري، وذكره في الكبير، ولم يذكر فيه جرحا. ووثقه ابن معين، وأبو حاتم وابن حبان وغيرهم. وقد تكلموا فيه. مترجم في التهذيب.
و"سنان" بن ربيعة الباهلي، أبو ربيعة صاحب السابرى"، روى عن أنس، وشهر بن حوشب، وغيرهما. روى عنه الحمادان. قال ابن معين: "ليس بالقوي"، وقال أبو حاتم: "شيخ مضطرب الحديث". وذكره ابن حبان في الثقات. روى له البخاري مقرونا بغيره في الصحيح.
و"شهر بن حوشب الأشعري"، تابعي، وثقه أخي السيد أحمد فيما سلف رقم: ١٤٨٩، ٥٢٤٤، ٦٦٥٠ - ٦٦٥٢.
وهذا الخبر رواه أحمد في المسند ٥: ٢٥٨، ٢٦٤، ٢٦٨. مطولا، وأبو داود في سننه ١: ٦٨، رقم: ١٣٤، وابن ماجه ١: ١٥٢، رقم: ٤٤٤، والبيهقي في السنن ١: ٦٦، ٦٧، والترمذي في السنن (شرح أخي السيد أحمد) ١: ٥٣ - ٥٥، به بنحوه. وقال: "وقد أطال العلماء البحث في هذه الكلمة، وهل هي مدرجة من كلام أبي أمامة أو مرفوعة؟ ورجح كثير منهم الإدراج. انظر التلخيص (ص: ٣٣)، ونصب الراية (١: ١٠ - ١٢)، والراجح عندي أن الحديث صحيح. فقد روي من غير وجه بأسانيد بعضها جيد، ويؤيد بعضها بعضا"، ثم أفاض في الكلام فيه.
وأما شك بن بزيع -في الأثر الأول- فالظاهر أنه خطأ من ابن بزيع، وأن الصواب أنه عن أبي أمامة، لا عن أبي هريرة، وسيأتي خبر أبي هريرة بعد، رقم: ١١٣٨٣.
32
١١٣٨٢ - حدثنا أبو الوليد الدمشقي قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال، أخبرني ابن جريج وغيره، عن سليمان بن موسى: أن النبي ﷺ قال: الأذنان من الرأس. (١)
١١٣٨٣ - حدثنا الحسن بن شبيب، قال، حدثنا علي بن هاشم بن البريد قال، حدثنا إسماعيل بن مسلم، عن عطاء، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأذنان من الرأس. (٢)
١١٣٨٤ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا سفيان بن حبيب، عن يونس: أن الحسن قال: الأذنان من الرأس.
* * *
وقال آخرون:"الوجه" كل ما دون منابت شعر الرأس إلى منقطع الذَّقَن
١١٣٨٣ - حدثنا الحسن بن شبيب، قال، حدثنا علي بن هاشم بن البريد قال، حدثنا إسماعيل بن مسلم، عن عطاء، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأذنان من الرأس. (٢)
١١٣٨٤ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا سفيان بن حبيب، عن يونس: أن الحسن قال: الأذنان من الرأس.
* * *
وقال آخرون:"الوجه" كل ما دون منابت شعر الرأس إلى منقطع الذَّقَن
(١) الأثر: ١١٣٨٢ -"سليمان بن موسى الأموي"، أبو هشام الأشدق، فقيه أهل الشام في زمانه. ثقة ثبت، ولكنه يروي أحاديث ينفرد بها لا يرويها غيره. مترجم في التهذيب.
وهذا الخبر مرسل، وإن كان سليمان بن موسى قد روى عن أبي أمامة.
(٢) الأثر: ١١٣٨٣ -"الحسن بن شبيب بن راشد بن مطر"، أبو علي المؤدب، شيخ الطبري مضى برقم: ٩٦٤٢، وهو ليس بالقوي.
و"علي بن هاشم بن البريد البريدي العائذي". له في مسلم حديثان. روى عنه جماعة من الأئمة، ووثقوه وضعفه بعضهم. مترجم في التهذيب.
و"إسمعيل بن مسلم المكي"، مضى توثيقه، برقم: ٥٤١٧.
وروى ابن ماجه ١: ١٥٢، رقم: ٤٤٥، خبر أبي هريرة، من طريق عمرو بن الحصين، عن محمد بن عبد الله بن علاثة، عن عبد الكريم الجزري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. وقد ضعفوه، لضعف عمرو بن الحصين، ومحمد بن عبد الله بن علاثة.
وهذا الخبر مرسل، وإن كان سليمان بن موسى قد روى عن أبي أمامة.
(٢) الأثر: ١١٣٨٣ -"الحسن بن شبيب بن راشد بن مطر"، أبو علي المؤدب، شيخ الطبري مضى برقم: ٩٦٤٢، وهو ليس بالقوي.
و"علي بن هاشم بن البريد البريدي العائذي". له في مسلم حديثان. روى عنه جماعة من الأئمة، ووثقوه وضعفه بعضهم. مترجم في التهذيب.
و"إسمعيل بن مسلم المكي"، مضى توثيقه، برقم: ٥٤١٧.
وروى ابن ماجه ١: ١٥٢، رقم: ٤٤٥، خبر أبي هريرة، من طريق عمرو بن الحصين، عن محمد بن عبد الله بن علاثة، عن عبد الكريم الجزري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. وقد ضعفوه، لضعف عمرو بن الحصين، ومحمد بن عبد الله بن علاثة.
33
طولا ومن الأذن إلى الأذن عرضا، ما ظهر من ذلك لعين الناظر، وما بَطَن منه من منابت شعر اللحية النابت على الذَّقَن وعلى العارضين، وما كان منه داخل الفم والأنف، وما أقبل من الأذنين على الوجه. كل ذلك عندهم من"الوجه" الذي أمر الله بغسله بقوله:"فاغسلوا وجوهكم". وقالوا: إن ترك شيئا من ذلك المتوضِّئ فلم يغسله لم تُجْزِه صلاته بوضوئه ذلك.
ذكر من قال ذلك:
١١٣٨٥ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثني محمد بن بكر وأبو عاصم قالا أخبرنا ابن جريج قال، أخبرني نافع: أن ابن عمر كان يبُلّ أصول شعر لحيته، ويغلغِل بيده في أصول شعرها حتى يَكثر القَطَرانُ منها. (١)
١١٣٨٦ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا سفيان بن حبيب، عن ابن جريج قال، أخبرني نافع مولى ابن عمر: أن ابن عمر كان يغلغل يديه في لحيته حتى يَكثر منها القَطَران. (٢)
١١٣٨٧ - حدثنا عمران بن موسى قال، حدثنا عبد الوارث، عن سعيد قال، حدثنا ليث، عن نافع، عن ابن عمر: كان إذا توضأ خلَّل لحيته حتى يبلغ أصول الشعر.
١١٣٨٨ - حدثنا ابن أبي الشوارب قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا معلى بن جابر اللقيطي قال، أخبرني الأزرق بن قيس قال: رأيت ابن عمر توضأ فخلَّل لحيته. (٣)
ذكر من قال ذلك:
١١٣٨٥ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثني محمد بن بكر وأبو عاصم قالا أخبرنا ابن جريج قال، أخبرني نافع: أن ابن عمر كان يبُلّ أصول شعر لحيته، ويغلغِل بيده في أصول شعرها حتى يَكثر القَطَرانُ منها. (١)
١١٣٨٦ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا سفيان بن حبيب، عن ابن جريج قال، أخبرني نافع مولى ابن عمر: أن ابن عمر كان يغلغل يديه في لحيته حتى يَكثر منها القَطَران. (٢)
١١٣٨٧ - حدثنا عمران بن موسى قال، حدثنا عبد الوارث، عن سعيد قال، حدثنا ليث، عن نافع، عن ابن عمر: كان إذا توضأ خلَّل لحيته حتى يبلغ أصول الشعر.
١١٣٨٨ - حدثنا ابن أبي الشوارب قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا معلى بن جابر اللقيطي قال، أخبرني الأزرق بن قيس قال: رأيت ابن عمر توضأ فخلَّل لحيته. (٣)
(١) في المطبوعة في الأثرين جميعا"حتى تكثر القطرات"، والصواب من المخطوطة.
"قطر الماء يقطر قطرا وقطورا وقطرانا": سال وتتابع.
(٢) في المطبوعة في الأثرين جميعا"حتى تكثر القطرات"، والصواب من المخطوطة.
"قطر الماء يقطر قطرا وقطورا وقطرانا": سال وتتابع.
(٣) الأثر: ١١٣٨٨ -"يزيد"، هو"يزيد بن زريع"، مضى مرارا.
و"معلى بن جابر مسلم اللقيطي"، وثقه ابن حبان، ولم يذكر البخاري فيه جرحا. مترجم في الكبير ٤/١/٣٩٤، وابن أبي حاتم ٤/١/٣٣٢، وتعجيل المنفعة: ٤٠٩.
و"الأزرق بن قيس الحارثي"، ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير ١/٢/٦٩، وابن أبي حاتم ١/١/٣٣٩.
"قطر الماء يقطر قطرا وقطورا وقطرانا": سال وتتابع.
(٢) في المطبوعة في الأثرين جميعا"حتى تكثر القطرات"، والصواب من المخطوطة.
"قطر الماء يقطر قطرا وقطورا وقطرانا": سال وتتابع.
(٣) الأثر: ١١٣٨٨ -"يزيد"، هو"يزيد بن زريع"، مضى مرارا.
و"معلى بن جابر مسلم اللقيطي"، وثقه ابن حبان، ولم يذكر البخاري فيه جرحا. مترجم في الكبير ٤/١/٣٩٤، وابن أبي حاتم ٤/١/٣٣٢، وتعجيل المنفعة: ٤٠٩.
و"الأزرق بن قيس الحارثي"، ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير ١/٢/٦٩، وابن أبي حاتم ١/١/٣٣٩.
34
١١٣٨٩ - حدثنا يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا ليث، عن نافع: أن ابن عمر كان يخلّل لحيته بالماء حتى يبلغ أصول الشعر.
١١٣٩٠ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن بكر قال، حدثنا ابن جريج قال: أخبرني عبد الله بن عبيد بن عمير: أن أباه عبيد بن عمير كان إذا توضأ غَلغل أصابعه في أصول شعر الوجه يغلغلها بين الشعر في أصوله، يدلك بأصابعه البشرة= فأشار لي عبد الله كما أخبره الرجل، كما وصف عنه. (١)
١١٣٩١ - حدثنا أبو الوليد قال، حدثنا الوليد قال، حدثنا أبو عمرو، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان إذا توضأ عرَك عَارضيه بعض العرك، وشبَّك لحيته بأصابعه أحيانا ويترك أحيانًا. (٢)
١١٣٩٢ - حدثنا أبو الوليد وعلي بن سهل قالا حدثنا الوليد قال، قال أبو عمرو، وأخبرني عبدة، عن أبي موسى الأشعري، نحو ذلك.
١١٣٩٣ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن مسلم قال: رأيت ابن أبي ليلى توضأ فغسل لحيته، وقال: من استطاع منكم أن يُبْلغ الماء أصولَ الشعر فليفعل.
١١٣٩٤ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا سفيان بن حبيب، عن ابن جريج، عن عطاء قال: حقٌّ عليه أن يبل أصول الشعر.
١١٣٩٥ - حدثنا ابن أبي الشوارب قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا شعبة، عن الحكم قال: كان مجاهد يخلِّل لحيته.
١١٣٩٠ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن بكر قال، حدثنا ابن جريج قال: أخبرني عبد الله بن عبيد بن عمير: أن أباه عبيد بن عمير كان إذا توضأ غَلغل أصابعه في أصول شعر الوجه يغلغلها بين الشعر في أصوله، يدلك بأصابعه البشرة= فأشار لي عبد الله كما أخبره الرجل، كما وصف عنه. (١)
١١٣٩١ - حدثنا أبو الوليد قال، حدثنا الوليد قال، حدثنا أبو عمرو، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان إذا توضأ عرَك عَارضيه بعض العرك، وشبَّك لحيته بأصابعه أحيانا ويترك أحيانًا. (٢)
١١٣٩٢ - حدثنا أبو الوليد وعلي بن سهل قالا حدثنا الوليد قال، قال أبو عمرو، وأخبرني عبدة، عن أبي موسى الأشعري، نحو ذلك.
١١٣٩٣ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن مسلم قال: رأيت ابن أبي ليلى توضأ فغسل لحيته، وقال: من استطاع منكم أن يُبْلغ الماء أصولَ الشعر فليفعل.
١١٣٩٤ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا سفيان بن حبيب، عن ابن جريج، عن عطاء قال: حقٌّ عليه أن يبل أصول الشعر.
١١٣٩٥ - حدثنا ابن أبي الشوارب قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا شعبة، عن الحكم قال: كان مجاهد يخلِّل لحيته.
(١) الأثر: ١١٣٩٠ -"محمد بن بكر بن عثمان البرساني"، مضى برقم: ٥٤٣٨.
وأما قوله: "كما أخبره الرجل. كما وصف عنه" فإني في شك منها، ولكن هكذا جاءت في المخطوطة أيضا.
(٢) الأثر: ١١٣٩١ - رواه البيهقي في السنن ١: ٥٥، من طريق عبد الواحد بن قيس، عن نافع، بمثله. وانظر تفسير"تشبيك اللحية" فيما سلف ص: ٢٩، تعليق: ١، في الأثر: ١١٣٦٠.
وأما قوله: "كما أخبره الرجل. كما وصف عنه" فإني في شك منها، ولكن هكذا جاءت في المخطوطة أيضا.
(٢) الأثر: ١١٣٩١ - رواه البيهقي في السنن ١: ٥٥، من طريق عبد الواحد بن قيس، عن نافع، بمثله. وانظر تفسير"تشبيك اللحية" فيما سلف ص: ٢٩، تعليق: ١، في الأثر: ١١٣٦٠.
35
١١٣٩٦ - حدثنا حميد قال، حدثنا سفيان، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهد: أنه كان يخلِّل لحيته إذا توضأ.
١١٣٩٧ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، مثله.
١١٣٩٨ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، مثله.
١١٣٩٩ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو داود الحفري، عن سفيان، عن ابن شبرمة، عن سعيد بن جبير قال: ما بال اللحية تغسل قبل أن تنبت فإذا نبتت لم تغسَل؟ (١)
١١٤٠٠ - حدثنا ابن المثني، قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يخلل لحيته إذا توضأ.
١١٤٠١ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون، عن عنبسة، عن ليث، عن طاوس: أنه كان يخلِّل لحيته.
١١٤٠٢ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون، عن إسماعيل، عن ابن سيرين: أنه كان يخلل لحيته.
١١٤٠٣ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن المبارك، عن هشام، عن ابن سيرين، مثله.
١١٤٠٤ - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، سألت شعبة عن تخليل اللحية في الوضوء، فذكر عن الحكم بن عتيبة: أن مجاهدا كان يخلل لحيته.
١١٣٩٧ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، مثله.
١١٣٩٨ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، مثله.
١١٣٩٩ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو داود الحفري، عن سفيان، عن ابن شبرمة، عن سعيد بن جبير قال: ما بال اللحية تغسل قبل أن تنبت فإذا نبتت لم تغسَل؟ (١)
١١٤٠٠ - حدثنا ابن المثني، قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يخلل لحيته إذا توضأ.
١١٤٠١ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون، عن عنبسة، عن ليث، عن طاوس: أنه كان يخلِّل لحيته.
١١٤٠٢ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون، عن إسماعيل، عن ابن سيرين: أنه كان يخلل لحيته.
١١٤٠٣ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن المبارك، عن هشام، عن ابن سيرين، مثله.
١١٤٠٤ - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، سألت شعبة عن تخليل اللحية في الوضوء، فذكر عن الحكم بن عتيبة: أن مجاهدا كان يخلل لحيته.
(١) الأثر: ١١٣٩٩ -"أبو داود الحفري"، (بالحاء المهملة) هو: "عمر بن سعد بن عبيد"، مضى برقم: ٨٦٣.
36
١١٤٠٥ - حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا هارون، عن عمرو عن معروف، قال، رأيت ابن سيرين توضأ فخلل لحيته.
١١٤٠٦ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا هشام، عن ابن سيرين، مثله.
١١٤٠٧ - حدثنا أبو كريب، قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن الزبير بن عدي، عن الضحاك قال: رأيته يخلل لحيته.
١١٤٠٨ - حدثنا تميم بن المنتصر قال، أخبرنا محمد بن يزيد، عن أبي الأشهب، عن موسى بن أبي عائشة، عن زيد الخدري، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك قال: رأيت النبي ﷺ توضأ فخلَّل لحيته، فقلت: لم تفعل هذا يا نبي الله؟ قال:"أمرني بذلك ربيِّ". (١)
١١٤٠٩ - حدثنا تميم قال، أخبرنا محمد بن يزيد، عن سلام بن سَلْم، عن
١١٤٠٦ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا هشام، عن ابن سيرين، مثله.
١١٤٠٧ - حدثنا أبو كريب، قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن الزبير بن عدي، عن الضحاك قال: رأيته يخلل لحيته.
١١٤٠٨ - حدثنا تميم بن المنتصر قال، أخبرنا محمد بن يزيد، عن أبي الأشهب، عن موسى بن أبي عائشة، عن زيد الخدري، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك قال: رأيت النبي ﷺ توضأ فخلَّل لحيته، فقلت: لم تفعل هذا يا نبي الله؟ قال:"أمرني بذلك ربيِّ". (١)
١١٤٠٩ - حدثنا تميم قال، أخبرنا محمد بن يزيد، عن سلام بن سَلْم، عن
(١) الأثر: ١١٤٠٨ -"محمد بن يزيد الكلاعي"، الواسطي، روى عن إسمعيل بن أبي خالد، وأبي الأشهب جعفر بن حيان السعدي، وغيرهما. روى عنه أحمد، وابن معين، وغيرهما من الأئمة. قال أحمد: "كان ثبتا في الحديث". مترجم في التهذيب.
و"أبو الأشهب" هو: "جعفر بن حيان السعدي العطاردي"، روى عن أبي رجاء العطاردي، والحسن البصري، وغيرهما. ثقة مترجم في التهذيب.
"وموسى بن أبي عائشة المخزومي"، روى عبد الله بن شداد بن الهاد، وعمرو بن الحارث، وسعيد بن جبير، روى عنه شعبة والسفيانان وغيرهم. ثقة مترجم في التهذيب.
وأما "زيد الخدري"، فلم أجد له ترجمة، ولم أعرف من يكون. وأخشى أن يكون في الإسناد خلط، أو أن يكون في هذا الاسم تحريف.
وأما "يزيد الرقاشي"، فهو: "يزيد بن أبان الرقاشي"، ضعيف مضى برقم: ٦٦٥٤، ٦٧٢٨، ٧٧٥٧.
وستأتي رواية هذا الخبر عن يزيد الرقاشي عن أنس، في رقم: ١١٤٠٩، ١١٤١١.
ومدار هذا الخبر على يزيد الرقاشي، فهو إسناد ضعيف.
وهذا الخبر رواه ابن ماجه في سننه ١: ١٤٩، رقم: ٤٣١ من طريق يحيى بن كثير، أبو النضر، صاحب البصري، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، بغير هذا اللفظ. ورواه الحاكم في المستدرك مرسلا عن أنس، من طريق موسى بن أبي عاشة أيضا عن أنس. وأشار إليه البيهقي في السنن ١: ٥٤.
و"أبو الأشهب" هو: "جعفر بن حيان السعدي العطاردي"، روى عن أبي رجاء العطاردي، والحسن البصري، وغيرهما. ثقة مترجم في التهذيب.
"وموسى بن أبي عائشة المخزومي"، روى عبد الله بن شداد بن الهاد، وعمرو بن الحارث، وسعيد بن جبير، روى عنه شعبة والسفيانان وغيرهم. ثقة مترجم في التهذيب.
وأما "زيد الخدري"، فلم أجد له ترجمة، ولم أعرف من يكون. وأخشى أن يكون في الإسناد خلط، أو أن يكون في هذا الاسم تحريف.
وأما "يزيد الرقاشي"، فهو: "يزيد بن أبان الرقاشي"، ضعيف مضى برقم: ٦٦٥٤، ٦٧٢٨، ٧٧٥٧.
وستأتي رواية هذا الخبر عن يزيد الرقاشي عن أنس، في رقم: ١١٤٠٩، ١١٤١١.
ومدار هذا الخبر على يزيد الرقاشي، فهو إسناد ضعيف.
وهذا الخبر رواه ابن ماجه في سننه ١: ١٤٩، رقم: ٤٣١ من طريق يحيى بن كثير، أبو النضر، صاحب البصري، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، بغير هذا اللفظ. ورواه الحاكم في المستدرك مرسلا عن أنس، من طريق موسى بن أبي عاشة أيضا عن أنس. وأشار إليه البيهقي في السنن ١: ٥٤.
37
زيد العمي، عن معاوية بن قرة= أو: يزيد الرقاشي= عن أنس، قال: وضّأت النبي صلى الله عليه وسلم، فأدخل أصابعه من تحت حَنَكه، فخلَّل لحيته، وقال: بهذا أمرني ربي جل وعز". (١)
١١٤١٠ - حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، قال، حدثنا المحاربي، عن سلام بن سَلْم المديني، قال، حدثنا زيد العمي، عن معاوية بن قرة، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه. (٢)
١١٤١١ - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال، حدثنا أبو عبيدة الحداد، قال حدثنا موسى بن ثروان، عن يزيد الرقاشي، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هكذا أمرني ربي"! وأدخل أصابعه في لحيته، فخلَّلها (٣)
١١٤١٠ - حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، قال، حدثنا المحاربي، عن سلام بن سَلْم المديني، قال، حدثنا زيد العمي، عن معاوية بن قرة، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه. (٢)
١١٤١١ - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال، حدثنا أبو عبيدة الحداد، قال حدثنا موسى بن ثروان، عن يزيد الرقاشي، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هكذا أمرني ربي"! وأدخل أصابعه في لحيته، فخلَّلها (٣)
(١) الأثر: ١١٤٠٩ - طريق أخرى، لخبر يزيد الرقاشي، عن أنس.
و"سلام بن سلم المدائني" ويقال: "سلامة بن سليم"، "وابن سليمان"، والصواب الأول، هو"سلام الطويل"، أكثر روايته عن"زيد العمي". وروى عنه عبد الرحمن بن محمد المحاربي. قال أحمد: "روى أحاديث منكرة". وقال البخاري: "تركوه"، وقال النسائي: "ليس بثقة، ولا يكتب حديثه". مترجم في التهذيب.
وكان في المطبوعة: "سلام بن سليم"، وأثبت ما في المخطوطة.
و"زيد العمي" هو"زيد بن الحواري"، قاضي هراة. روى عن أنس، وسعيد بن المسيب، وعكرمة، والحسن، ومعاوية بن قرة وغيرهم. متكلم فيه. مترجم في التهذيب.
و"معاوية بن قرة المزني"، أبو إياس، تابعي ثقة، كان من عقلاء الرجال. مترجم في التهذيب.
وهذا الحديث ضعيف لضعف سلام بن سلم.
و"الحنك": ما تحت الذقن من الإنسان وغيره.
(٢) الأثر: ١١٤١٠ -"محمد بن إسمعيل الأحمسي" شيخ الطبري، مضى برقم: ٤٠٥، ٧١٨، ٩١٥٥.
و"المحاربي"، هو"عبد الرحمن بن محمد بن زياد"، ثقة. مضى برقم: ٢٢١، ٨٧٥.
و"سلام بن سلم المديني"، هو الذي مضى في الأثر السالف، ونسب في المراجع"المدائني".
وكان في المخطوطة هنا: "سلم بن سلام المديني"، وهو سهو من الناسخ لا شك فيه.
وهذا أيضا ضعيف الإسناد، كالذي قبله.
(٣) الأثر: ١١٤١١ - هو مكرر الأثرين السالفين: ١١٤٠٨، ١١٤٠٩، من طريق أخرى.
"أبو عبيدة الحداد" هو: "عبد الواحد بن واصل السدوسي"، ثقة، من شيوخ أحمد، مضى برقم: ٣٠٢٣، ٩٨٣٧.
"موسى بن ثروان العجلي" (بالثاء المثلثة)، ويقال: "موسى بن سروان"، و"موسى بن فروان" (بالفاء). ثقة. مترجم في التهذيب والكبير ٤/١/٢٨١، وابن أبي حاتم ٤/١/١٣٨.
وكان في المخطوطة والمطبوعة"شروان" (بالشين المعجمة)، وهو خطأ.
وهذا الخبر ضعيف، لضعف يزيد الرقاشي.
و"سلام بن سلم المدائني" ويقال: "سلامة بن سليم"، "وابن سليمان"، والصواب الأول، هو"سلام الطويل"، أكثر روايته عن"زيد العمي". وروى عنه عبد الرحمن بن محمد المحاربي. قال أحمد: "روى أحاديث منكرة". وقال البخاري: "تركوه"، وقال النسائي: "ليس بثقة، ولا يكتب حديثه". مترجم في التهذيب.
وكان في المطبوعة: "سلام بن سليم"، وأثبت ما في المخطوطة.
و"زيد العمي" هو"زيد بن الحواري"، قاضي هراة. روى عن أنس، وسعيد بن المسيب، وعكرمة، والحسن، ومعاوية بن قرة وغيرهم. متكلم فيه. مترجم في التهذيب.
و"معاوية بن قرة المزني"، أبو إياس، تابعي ثقة، كان من عقلاء الرجال. مترجم في التهذيب.
وهذا الحديث ضعيف لضعف سلام بن سلم.
و"الحنك": ما تحت الذقن من الإنسان وغيره.
(٢) الأثر: ١١٤١٠ -"محمد بن إسمعيل الأحمسي" شيخ الطبري، مضى برقم: ٤٠٥، ٧١٨، ٩١٥٥.
و"المحاربي"، هو"عبد الرحمن بن محمد بن زياد"، ثقة. مضى برقم: ٢٢١، ٨٧٥.
و"سلام بن سلم المديني"، هو الذي مضى في الأثر السالف، ونسب في المراجع"المدائني".
وكان في المخطوطة هنا: "سلم بن سلام المديني"، وهو سهو من الناسخ لا شك فيه.
وهذا أيضا ضعيف الإسناد، كالذي قبله.
(٣) الأثر: ١١٤١١ - هو مكرر الأثرين السالفين: ١١٤٠٨، ١١٤٠٩، من طريق أخرى.
"أبو عبيدة الحداد" هو: "عبد الواحد بن واصل السدوسي"، ثقة، من شيوخ أحمد، مضى برقم: ٣٠٢٣، ٩٨٣٧.
"موسى بن ثروان العجلي" (بالثاء المثلثة)، ويقال: "موسى بن سروان"، و"موسى بن فروان" (بالفاء). ثقة. مترجم في التهذيب والكبير ٤/١/٢٨١، وابن أبي حاتم ٤/١/١٣٨.
وكان في المخطوطة والمطبوعة"شروان" (بالشين المعجمة)، وهو خطأ.
وهذا الخبر ضعيف، لضعف يزيد الرقاشي.
38
١١٤١٢ - حدثنا أبو كريب، قال، حدثنا معاوية بن هشام وعبيد الله بن موسى، عن خالد بن إلياس، عن عبد الله بن رافع، عن أم سلمة: أن رسول الله ﷺ توضأ، فخلّل لحيته. (١)
١١٤١٣ - حدثنا علي بن الحسين بن الحر، قال، حدثنا محمد بن ربيعة، عن واصل بن السائب، عن أبي سورة، عن أبي أيوب، قال: رأينا النبي ﷺ توضأ، وخلّل لحيته. (٢)
١١٤١٣ - حدثنا علي بن الحسين بن الحر، قال، حدثنا محمد بن ربيعة، عن واصل بن السائب، عن أبي سورة، عن أبي أيوب، قال: رأينا النبي ﷺ توضأ، وخلّل لحيته. (٢)
(١) الأثر: ١١٤١٢ -"معاوية بن هشام" و"عبيد الله بن موسى بن أبي المختار العبسي"، مضيا مرارا كثيرة.
و"خالد بن إلياس بن صخر القرشي العدوي، المدني"، من ولد عامر بن لؤي. قال البخاري: "ليس بشيء". وقال أحمد: "متروك الحديث". مترجم في ميزان الاعتدال للذهبي ١: ٢٩٥، والكبير للبخاري ٢/١/١٢٩، وابن أبي حاتم ١/٢/٣٢١.
و"عبد الله بن رافع المخزومي"، مولى أم سلمة، تابعي ثقة. مضى برقم: ٥٣٩٨.
وهذا الخبر خرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ١: ٢٣٥، وقال: "رواه الطبراني في الكبير.
وفيه: خالد بن إلياس، ولم أر من ترجمه". فقصر، فقد ذكرنا من ترجمه قبل.
(٢) الأثر: ١١٤١٣ -"علي بن الحسين بن الحر" هو"علي بن الحسين بن إبراهيم بن الحر بن زعلان" المعروف بابن أشكاب الأكبر، ثقة، مترجم في تاريخ بغداد ١١: ٣٩٢، وابن أبي حاتم ٣/١/١٧٩.
و"محمد بن ربيعة الكلابي الرؤاسي"، ثقة، مضى برقم: ١٨١، ٦٨٦٠.
و"واصل بن السائب الرقاشي"، قال ابن معين: "ليس بشيء"، وقال البخاري: "منكر الحديث". مترجم في التهذيب، والكبير ٤/٢/١٧٣، وابن أبي حاتم ٤/٢/٣٠.
و"أبو سورة"، ابن أخي أبي أيوب الأنصاري. قال البخاري: "منكر الحديث، يروي عن أبي أيوب مناكير لا يتابع عليها". وقال الترمذي في العلل عن البخاري: "لا يعرف لأبي سورة سماع من أبي أيوب". مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٤/٢/٣٨٨.
وهذا خبر ضعيف، لضعف واصل بن السائب، وأبي سورة.
رواه ابن ماجه في السنن ١: ١٤٩، رقم: ٤٣٣، من طريق إسمعيل بن عبد الله الرقي عن محمد بن ربيعة، به، نحوه، وضعفه الزيلعي في نصب الراية ١: ٢٤.
وسيأتي هذا الخبر بإسناد آخر رقم: ١١٤١٨.
و"خالد بن إلياس بن صخر القرشي العدوي، المدني"، من ولد عامر بن لؤي. قال البخاري: "ليس بشيء". وقال أحمد: "متروك الحديث". مترجم في ميزان الاعتدال للذهبي ١: ٢٩٥، والكبير للبخاري ٢/١/١٢٩، وابن أبي حاتم ١/٢/٣٢١.
و"عبد الله بن رافع المخزومي"، مولى أم سلمة، تابعي ثقة. مضى برقم: ٥٣٩٨.
وهذا الخبر خرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ١: ٢٣٥، وقال: "رواه الطبراني في الكبير.
وفيه: خالد بن إلياس، ولم أر من ترجمه". فقصر، فقد ذكرنا من ترجمه قبل.
(٢) الأثر: ١١٤١٣ -"علي بن الحسين بن الحر" هو"علي بن الحسين بن إبراهيم بن الحر بن زعلان" المعروف بابن أشكاب الأكبر، ثقة، مترجم في تاريخ بغداد ١١: ٣٩٢، وابن أبي حاتم ٣/١/١٧٩.
و"محمد بن ربيعة الكلابي الرؤاسي"، ثقة، مضى برقم: ١٨١، ٦٨٦٠.
و"واصل بن السائب الرقاشي"، قال ابن معين: "ليس بشيء"، وقال البخاري: "منكر الحديث". مترجم في التهذيب، والكبير ٤/٢/١٧٣، وابن أبي حاتم ٤/٢/٣٠.
و"أبو سورة"، ابن أخي أبي أيوب الأنصاري. قال البخاري: "منكر الحديث، يروي عن أبي أيوب مناكير لا يتابع عليها". وقال الترمذي في العلل عن البخاري: "لا يعرف لأبي سورة سماع من أبي أيوب". مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٤/٢/٣٨٨.
وهذا خبر ضعيف، لضعف واصل بن السائب، وأبي سورة.
رواه ابن ماجه في السنن ١: ١٤٩، رقم: ٤٣٣، من طريق إسمعيل بن عبد الله الرقي عن محمد بن ربيعة، به، نحوه، وضعفه الزيلعي في نصب الراية ١: ٢٤.
وسيأتي هذا الخبر بإسناد آخر رقم: ١١٤١٨.
39
١١٤١٤ - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا زيد بن حباب قال، حدثنا عمر بن سليمان، عن أبي غالب، عن أبي أمامة:"أن النبي ﷺ خلّل لحيته". (١)
١١٤١٥ - حدثنا محمد بن عيسى الدامغاني قال، حدثنا سفيان، عن عبد الكريم أبي أمية: أن حسان بن بلال المزني رأى عمار بن ياسر توضأ وخلل لحيته، فقيل له: أتفعل هذا، فقال: إني رأيت رسول الله ﷺ يفعله. (٢)
١١٤١٥ - حدثنا محمد بن عيسى الدامغاني قال، حدثنا سفيان، عن عبد الكريم أبي أمية: أن حسان بن بلال المزني رأى عمار بن ياسر توضأ وخلل لحيته، فقيل له: أتفعل هذا، فقال: إني رأيت رسول الله ﷺ يفعله. (٢)
(١) الأثر: ١١٤١٤ -"زيد بن حباب العكلي"، ثقة. مضى برقم: ٢١٨٥، ٥٣٥٠، ٨١٦٥. وكان في المطبوعة: "زيد بن حبان"، وهو خطأ محض.
و"عمر بن سليمان"، هكذا جاء في المطبوعة، وفي نصب الراية: "عمر بن سليمان الباهلي"، وفي المخطوطة"عمرو بن سليمان". ولا أدري كيف اتفق ذلك في التفسير، وفي نصب الراية، نقلا عن الطبراني في معجمه، وابن أبي شيبة في مصنفه!! فإنه يكاد يكون من المقطوع به أنه"عمر بن سليم الباهلي"، فهو الذي يروي عن أبي غالب، صاحب أبي أمامة، وهو الذي يروي عنه زيد بن الحباب، كما في ترجمته في التهذيب، وابن أبي حاتم ٣/١/١١٢، ١١٣. قال أبو زرعة: "صدوق"، وذكره ابن حبان في الثقات. فلا أدري أجائز أن يكون فاتهم أن في اسم أبيه اختلافا: "سليم "أو" سليمان"؟
و"أبو غالب" صاحب أبي أمامة، معروف بكنيته، قال ابن معين: "صالح الحديث"، وحسن الترمذي بعض أحاديثه، وصحح بعضها، وقال ابن حبان: "لا يجوز الاحتجاج به إلا فيما وافق الثقات". وضعفه بعضهم. مترجم في التهذيب.
وهذا الخبر خرجه الزيلعي في نصب الراية ١: ٢٥، فقال: "رواه الطبراني في معجمه، وابن أبي شيبة في مصنفه، والطبراني: حدثنا عنبسة بن غنام، قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا عمر بن سليمان الباهلي، عن ابن غالب (والصواب: عن أبي غالب)، عن أبي أمامة... ". الحديث.
وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ١: ٢٣٥، وقال: "رواه الطبراني في الكبير، وفيه الصلت ابن دينار، وهو متروك". فهذا إسناد آخر للطبراني، فيما يظهر، غير الذي خرجه الزيلعي في نصب الراية.
(٢) الأثر: ١١٤١٥ -"محمد بن عيسى الدامغاني"، شيخ الطبري، مضى برقم: ٣٢٢٥. و"سفيان" هو ابن عيينة.
و"عبد الكريم أبو أمية" هو"عبد الكريم بن أبي المخارق"، روى عن أنس بن مالك، وطاوس وحسان بن بلال، وغيره. وهو ضعيف، متكلم فيه. وأنكر البخاري وابن عيينة سماع عبد الكريم من حسان بن بلال حديث التخليل. مترجم في التهذيب.
و"حسان بن بلال المزني" روى عن عمار بن ياسر. مترجم في التهذيب.
وهذا الخبر رواه ابن ماجه ١: ١٤٨، رقم: ٤٢٩، والحاكم في المستدرك ١: ١٤٩، وأبو داود الطيالسي رقم: ٦٤٥، والترمذي في السنن ١: ٤٤ (شرح أخي السيد أحمد)، وقد استوفى أخي الكلام فيه هناك. وانظر أيضا نصب الراية للزيلعي ١: ٢٤.
و"عمر بن سليمان"، هكذا جاء في المطبوعة، وفي نصب الراية: "عمر بن سليمان الباهلي"، وفي المخطوطة"عمرو بن سليمان". ولا أدري كيف اتفق ذلك في التفسير، وفي نصب الراية، نقلا عن الطبراني في معجمه، وابن أبي شيبة في مصنفه!! فإنه يكاد يكون من المقطوع به أنه"عمر بن سليم الباهلي"، فهو الذي يروي عن أبي غالب، صاحب أبي أمامة، وهو الذي يروي عنه زيد بن الحباب، كما في ترجمته في التهذيب، وابن أبي حاتم ٣/١/١١٢، ١١٣. قال أبو زرعة: "صدوق"، وذكره ابن حبان في الثقات. فلا أدري أجائز أن يكون فاتهم أن في اسم أبيه اختلافا: "سليم "أو" سليمان"؟
و"أبو غالب" صاحب أبي أمامة، معروف بكنيته، قال ابن معين: "صالح الحديث"، وحسن الترمذي بعض أحاديثه، وصحح بعضها، وقال ابن حبان: "لا يجوز الاحتجاج به إلا فيما وافق الثقات". وضعفه بعضهم. مترجم في التهذيب.
وهذا الخبر خرجه الزيلعي في نصب الراية ١: ٢٥، فقال: "رواه الطبراني في معجمه، وابن أبي شيبة في مصنفه، والطبراني: حدثنا عنبسة بن غنام، قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا عمر بن سليمان الباهلي، عن ابن غالب (والصواب: عن أبي غالب)، عن أبي أمامة... ". الحديث.
وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ١: ٢٣٥، وقال: "رواه الطبراني في الكبير، وفيه الصلت ابن دينار، وهو متروك". فهذا إسناد آخر للطبراني، فيما يظهر، غير الذي خرجه الزيلعي في نصب الراية.
(٢) الأثر: ١١٤١٥ -"محمد بن عيسى الدامغاني"، شيخ الطبري، مضى برقم: ٣٢٢٥. و"سفيان" هو ابن عيينة.
و"عبد الكريم أبو أمية" هو"عبد الكريم بن أبي المخارق"، روى عن أنس بن مالك، وطاوس وحسان بن بلال، وغيره. وهو ضعيف، متكلم فيه. وأنكر البخاري وابن عيينة سماع عبد الكريم من حسان بن بلال حديث التخليل. مترجم في التهذيب.
و"حسان بن بلال المزني" روى عن عمار بن ياسر. مترجم في التهذيب.
وهذا الخبر رواه ابن ماجه ١: ١٤٨، رقم: ٤٢٩، والحاكم في المستدرك ١: ١٤٩، وأبو داود الطيالسي رقم: ٦٤٥، والترمذي في السنن ١: ٤٤ (شرح أخي السيد أحمد)، وقد استوفى أخي الكلام فيه هناك. وانظر أيضا نصب الراية للزيلعي ١: ٢٤.
40
١١٤١٦ - حدثنا أبو الوليد قال، حدثنا الوليد قال، حدثنا أبو عمرو قال، أخبرني عبد الواحد بن قيس، عن يزيد الرقاشي وقتادة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا توضأ عَرك عارضيه، وشبك لحيته بأصابعه. (١)
١١٤١٧ - حدثنا أبو الوليد قال، حدثنا الوليد قال، أخبرني أبو مهدي سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه. (٢)
١١٤١٨ - حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي قال، حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي أبو عبد الله قال، حدثني واصل الرقاشي، عن أبي سودة= هكذا قال
١١٤١٧ - حدثنا أبو الوليد قال، حدثنا الوليد قال، أخبرني أبو مهدي سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه. (٢)
١١٤١٨ - حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي قال، حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي أبو عبد الله قال، حدثني واصل الرقاشي، عن أبي سودة= هكذا قال
(١) الأثر: ١١٤١٦ -"أبو الوليد": هو: "أحمد بن عبد الرحمن القرشي"، انظر ما مضى في التعليقات على الآثار: ١١٣٥٦ - ١١٣٦٠.
و"الوليد"، هو"الوليد بن مسلم"، انظر ما سلف أيضا.
و"عبد الواحد بن قيس السلمي" الأفطس النحوي. روى عن أبي أمامة، ونافع مولى ابن عمر، ويزيد الرقاشي. وروى عنه أبو عمرو الأوزاعي. تكلموا فيه. مترجم في التهذيب.
وانظر تفسير"تشبيك اللحية" فيما سلف: ١١٣٦٠، ١١٣٩١.
(٢) الأثر: ١١٤١٧ -"أبو مهدي"، "سعيد بن سنان الحنفي"، روى عن أبيه، وأبي الزاهرية، وغيرهما. روى عنه بشر بن بكر التنيسي، وابن المبارك، والوليد بن مسلم، وغيرهم، قال أحمد: "ضعيف"، وقال ابن معين: "ليس بثقة". وقال الجوزجاني: "أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة، لا تشبه أحاديث الناس". وقال مسلم في الكنى: "منكر الحديث". مترجم في التهذيب.
و"أبو الزاهرية"، هو: "حدير بن كريب الحضرمي"، روى عن حذيفة، وأبي الدرداء، وعبد الله بن عمرو بن العاص. ثقة. مضى برقم: ١١٢٥٥.
و"جبير بن نفير الحضرمي"، ثقة من كبار التابعين، كان جاهليا. مضى برقم: ٧٠٠٩. وهذا الخبر مرسل.
و"الوليد"، هو"الوليد بن مسلم"، انظر ما سلف أيضا.
و"عبد الواحد بن قيس السلمي" الأفطس النحوي. روى عن أبي أمامة، ونافع مولى ابن عمر، ويزيد الرقاشي. وروى عنه أبو عمرو الأوزاعي. تكلموا فيه. مترجم في التهذيب.
وانظر تفسير"تشبيك اللحية" فيما سلف: ١١٣٦٠، ١١٣٩١.
(٢) الأثر: ١١٤١٧ -"أبو مهدي"، "سعيد بن سنان الحنفي"، روى عن أبيه، وأبي الزاهرية، وغيرهما. روى عنه بشر بن بكر التنيسي، وابن المبارك، والوليد بن مسلم، وغيرهم، قال أحمد: "ضعيف"، وقال ابن معين: "ليس بثقة". وقال الجوزجاني: "أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة، لا تشبه أحاديث الناس". وقال مسلم في الكنى: "منكر الحديث". مترجم في التهذيب.
و"أبو الزاهرية"، هو: "حدير بن كريب الحضرمي"، روى عن حذيفة، وأبي الدرداء، وعبد الله بن عمرو بن العاص. ثقة. مضى برقم: ١١٢٥٥.
و"جبير بن نفير الحضرمي"، ثقة من كبار التابعين، كان جاهليا. مضى برقم: ٧٠٠٩. وهذا الخبر مرسل.
41
الأحمسي= عن أبي أيوب قال: كان رسول الله ﷺ إذا توضأ تمضمض ومسح لحيته من تحتها بالماء. (١)
* * *
ذكر من قال ما حكينا عنه من أهل هذه المقالة في غسل ما بَطن من الأنف والفم.
١١٤١٩ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح قال، سمعت مجاهدا يقول: الاستنشاق شَطْر الوضوء.
١١٤٢٠ - حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن شعبة قال: سألت حمادا عن رجل ذكر وهو في الصلاة أنه لم يتمضمض ولم يستنشق، قال حماد: ينصرف فيتمضمض ويستنشق.
١١٤٢١ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا الصباح، عن أبي سنان قال: قدمت الكوفة فأتيت حمادا فسألته عن ذلك= يعني: عمن ترك المضمضة والاستنشاق وصلى= فقال: أرى عليه إعادة الصلاة.
١١٤٢٢ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا شعبة قال: كان قتادة يقول: إذا ترك المضمضة أو الاستنشاق أو أذنه أو طائفة من رجله حتى يدخل في صلاته، فإنه ينفتِلُ ويتوضأ، ويعيد صلاته. (٢)
* * *
* * *
ذكر من قال ما حكينا عنه من أهل هذه المقالة في غسل ما بَطن من الأنف والفم.
١١٤١٩ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح قال، سمعت مجاهدا يقول: الاستنشاق شَطْر الوضوء.
١١٤٢٠ - حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن شعبة قال: سألت حمادا عن رجل ذكر وهو في الصلاة أنه لم يتمضمض ولم يستنشق، قال حماد: ينصرف فيتمضمض ويستنشق.
١١٤٢١ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا الصباح، عن أبي سنان قال: قدمت الكوفة فأتيت حمادا فسألته عن ذلك= يعني: عمن ترك المضمضة والاستنشاق وصلى= فقال: أرى عليه إعادة الصلاة.
١١٤٢٢ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا شعبة قال: كان قتادة يقول: إذا ترك المضمضة أو الاستنشاق أو أذنه أو طائفة من رجله حتى يدخل في صلاته، فإنه ينفتِلُ ويتوضأ، ويعيد صلاته. (٢)
* * *
(١) الأثر: ١١٤١٨ -"محمد بن إسمعيل الأحمسي"، مضى قريبا رقم: ١١٤١٠.
و"محمد بن عبيد الطنافسي" أبو عبد الله الأحدب، ثقة معروف، مضى برقم: ٤٠٥، ٩١٥٥.
و"واصل الرقاشي"، هو: "واصل بن السائب الرقاشي"، مضى برقم: ١١٤١٣.
و"أبو سودة"، إنما هو"أبو سورة" (بالراء) كما سلف في رقم: ١١٤١٣، وإنما قال ذلك محمد بن إسمعيل الأحمسي، شيخ الطبري، وأخطأ. وكان في المطبوعة"أبو سورة" بالراء، وهو تصحيح لا معنى له. والصواب من المخطوطة، وإن كان خطأ على الحقيقة.
وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده ٥: ٤١٧، عن محمد بن عبيد الطنافسي، بمثله، مطولا.
وهو ضعيف الإسناد، كأخيه السالف رقم: ١١٤١٣.
(٢) في المطبوعة: "فإنه ينتقل"، وهو خطأ محض، وهو في المخطوطة كما أثبته غير منقوط.
يقال، "انفتل فلان عن صلاته، أو من صلاته"، أي: انصرف. ويقال: "فتل وجهه عن القوم": صرفه ولفته.
و"محمد بن عبيد الطنافسي" أبو عبد الله الأحدب، ثقة معروف، مضى برقم: ٤٠٥، ٩١٥٥.
و"واصل الرقاشي"، هو: "واصل بن السائب الرقاشي"، مضى برقم: ١١٤١٣.
و"أبو سودة"، إنما هو"أبو سورة" (بالراء) كما سلف في رقم: ١١٤١٣، وإنما قال ذلك محمد بن إسمعيل الأحمسي، شيخ الطبري، وأخطأ. وكان في المطبوعة"أبو سورة" بالراء، وهو تصحيح لا معنى له. والصواب من المخطوطة، وإن كان خطأ على الحقيقة.
وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده ٥: ٤١٧، عن محمد بن عبيد الطنافسي، بمثله، مطولا.
وهو ضعيف الإسناد، كأخيه السالف رقم: ١١٤١٣.
(٢) في المطبوعة: "فإنه ينتقل"، وهو خطأ محض، وهو في المخطوطة كما أثبته غير منقوط.
يقال، "انفتل فلان عن صلاته، أو من صلاته"، أي: انصرف. ويقال: "فتل وجهه عن القوم": صرفه ولفته.
42
ذكر من قال ما حكينا عنه من أهل هذه المقالة من أن ما أقبل من الأذنين فمن الوجه، وما أدبر فمن الرأس.
١١٤٢٣ - حدثنا أبو السائب قال، حدثنا حفص بن غياث قال، حدثنا أشعث، عن الشعبي، قال: ما أقبل من الأذنين فمن الوجه، وما أدبر فمن الرأس.
١١٤٢٤ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثني شعبة، عن الحكم وحماد، عن الشعبي في الأذنين: باطنهما من الوجه، وظاهرهما من الرأس.
١١٤٢٥ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن الحكم، عن الشعبي قال: مقدَّم الأذنين من الوجه، ومؤخَّرهما من الرأس.
١١٤٢٦ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن الحكم وحماد، عن الشعبي بمثله= إلا أنه قال: باطن الأذنين.
١١٤٢٧ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن حماد، عن الشعبي بمثله، إلا أنه قال: باطن الأذنين.
١١٤٢٨ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن حماد، عن الشعبي، بمثله.
١١٤٢٩ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي، قال: باطن الأذنين من الوجه، وظاهرهما من الرأس.
١١٤٣٠ - حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا أبو تميلة= ح، وحدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية= قالا جميعا، حدثنا محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن عبيد الله الخولاني، عن ابن
١١٤٢٣ - حدثنا أبو السائب قال، حدثنا حفص بن غياث قال، حدثنا أشعث، عن الشعبي، قال: ما أقبل من الأذنين فمن الوجه، وما أدبر فمن الرأس.
١١٤٢٤ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثني شعبة، عن الحكم وحماد، عن الشعبي في الأذنين: باطنهما من الوجه، وظاهرهما من الرأس.
١١٤٢٥ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن الحكم، عن الشعبي قال: مقدَّم الأذنين من الوجه، ومؤخَّرهما من الرأس.
١١٤٢٦ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن الحكم وحماد، عن الشعبي بمثله= إلا أنه قال: باطن الأذنين.
١١٤٢٧ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن حماد، عن الشعبي بمثله، إلا أنه قال: باطن الأذنين.
١١٤٢٨ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن حماد، عن الشعبي، بمثله.
١١٤٢٩ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي، قال: باطن الأذنين من الوجه، وظاهرهما من الرأس.
١١٤٣٠ - حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا أبو تميلة= ح، وحدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية= قالا جميعا، حدثنا محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن عبيد الله الخولاني، عن ابن
43
عباس قال: قال علي بن أبي طالب: ألا أتوضأ لكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال قلنا: نعم! فتوضأ، فلما غسل وجهه، ألقَم إبهاميه ما أقبل من أذنيه. قال: ثم لما مسح برأسه مسح أذنيه من ظهورهما (١)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في ذلك عندنا قولُ من قال:"الوجه" الذي أمر الله جل ذكره بغسله القائمَ إلى صلاته: كل ما انحدر عن منابت شَعَر الرأس إلى مُنقطع الذَّقَن طولا وما بين الأذنين عرضا مما هو ظاهر لعين الناظر، دون ما بطن من الفم والأنف والعين، ودون ما غطاه شعر اللحية والعارضين والشاربين فستره عن أبصار الناظرين، ودون الأذنين.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب= وإن كان ما تحت شعر اللحية والشاربين قد كان"وجها" يجب غسله قبل نبات الشعر الساتر عن أعين الناظرين على القائم إلى صلاته= لإجماع جميعهم على أن العينين من الوجه، ثم هم -مع إجماعهم على ذلك- مجمعون على أن غسلَ ما علاهما من أجفانهما دون إيصال الماء إلى ما تحت الأجفان منهما مجزئ.
فإذْ كان ذلك منهم إجماعا بتوقيف الرسول ﷺ أمته على ذلك، فنظير ذلك كل ما علاه شيء من مواضع الوضوء من جسد ابن آدم من نفس خلقه ساتِرَه لا يصل الماء إليه إلا بكلفة ومؤنة وعلاج، قياسا لما ذكرنا من حكم العينين في ذلك.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في ذلك عندنا قولُ من قال:"الوجه" الذي أمر الله جل ذكره بغسله القائمَ إلى صلاته: كل ما انحدر عن منابت شَعَر الرأس إلى مُنقطع الذَّقَن طولا وما بين الأذنين عرضا مما هو ظاهر لعين الناظر، دون ما بطن من الفم والأنف والعين، ودون ما غطاه شعر اللحية والعارضين والشاربين فستره عن أبصار الناظرين، ودون الأذنين.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب= وإن كان ما تحت شعر اللحية والشاربين قد كان"وجها" يجب غسله قبل نبات الشعر الساتر عن أعين الناظرين على القائم إلى صلاته= لإجماع جميعهم على أن العينين من الوجه، ثم هم -مع إجماعهم على ذلك- مجمعون على أن غسلَ ما علاهما من أجفانهما دون إيصال الماء إلى ما تحت الأجفان منهما مجزئ.
فإذْ كان ذلك منهم إجماعا بتوقيف الرسول ﷺ أمته على ذلك، فنظير ذلك كل ما علاه شيء من مواضع الوضوء من جسد ابن آدم من نفس خلقه ساتِرَه لا يصل الماء إليه إلا بكلفة ومؤنة وعلاج، قياسا لما ذكرنا من حكم العينين في ذلك.
(١) الأثر: ١١٤٣٠ -"محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة". ثقة، مضى برقم: ١١٣٢٩.
و"عبيد الله الخولاني"، هو"عبيد الله بن الأسود"، ويقال: "عبيد الله بن الأسد" ربيب ميمونة، روى عنها، وعن ابن عباس. ثقة.
وهذا الخبر رواه أبو داود في السنن ١: ٦٤، رقم: ١١٧، ورواه أحمد في المسند رقم: ٦٢٥، مطولا، وقد ضعف البخاري هذا الحديث وقال: "ما أدري ما هذا"، ولكن أخي السيد أحمد صححه في شرح هذا الخبر في المسند.
و"عبيد الله الخولاني"، هو"عبيد الله بن الأسود"، ويقال: "عبيد الله بن الأسد" ربيب ميمونة، روى عنها، وعن ابن عباس. ثقة.
وهذا الخبر رواه أبو داود في السنن ١: ٦٤، رقم: ١١٧، ورواه أحمد في المسند رقم: ٦٢٥، مطولا، وقد ضعف البخاري هذا الحديث وقال: "ما أدري ما هذا"، ولكن أخي السيد أحمد صححه في شرح هذا الخبر في المسند.
44
فإذا كان ذلك كذلك، فلا شك أن مثلَ العينين في مؤنة إيصال الماء إليهما عند الوضوء ما بطن من الأنف والفم وشَعَر اللحية والصدغين والشاربين، لأن كل ذلك لا يصل الماء إليه إلا بعلاجٍ لإيصال الماء إليه نحو كلفة علاج الحدقتين لإيصال الماء إليهما أو أشدّ.
وإذا كان ذلك كذلك، كان بيِّنًا أن غسل مَنْ غسل من الصحابة والتابعين ما تحت منابت شعر اللحية والعارضين والشاربين، وما بطن من الأنف والفم، إنما كان إيثارًا منه لأشق الأمرين عليه: من غسل ذلك وترك غسله، كما آثر ابن عمر غسل ما تحت أجفان العينين بالماء بصبِّه الماء في ذلك= لا على أنّ ذلك كان عليه عنده فرضا واجبا. فأما من ظنّ أن ذلك من فعلهم كان على وجه الإيجاب والفرض، فإنه خالف في ذلك بقوله منهاجَهم وأغفل سبيلَ القياس، لأن القياس هو ما وصفنا من تمثيل المختلف فيه من ذلك، بالأصل المجمع عليه من حكم العينين= وأنْ لا خبر عن واحد من أصحاب رسول الله ﷺ أوجب على تارك إيصال الماء في وضوئه إلى أصول شعر لحيته وعارضيه، وتارك المضمضة والاستنشاق إعادةَ صلاته إذا صلى بطهره ذلك. ففي ذلك أوضح الدليل على صحة ما قلنا من أن فعلهم ما فعلوا من ذلك كان إيثارا منهم لأفضل الفعلين من الترك والغسل.
فإن ظن ظان أن في الأخبار التي رويت عن رسول الله ﷺ أنه قال:
١١٤٣١ - "إذا توضأ أحدكم فليستنثر". (١)
=دليلا على وجوب الاستنثار، فإن في إجماع الحجة على أن ذلك غيرُ فرض واجب، يجب على من تركه إعادة الصلاة التي صلاها قبل غسله، ما يغني عن إكثار القول فيه.
* * *
وإذا كان ذلك كذلك، كان بيِّنًا أن غسل مَنْ غسل من الصحابة والتابعين ما تحت منابت شعر اللحية والعارضين والشاربين، وما بطن من الأنف والفم، إنما كان إيثارًا منه لأشق الأمرين عليه: من غسل ذلك وترك غسله، كما آثر ابن عمر غسل ما تحت أجفان العينين بالماء بصبِّه الماء في ذلك= لا على أنّ ذلك كان عليه عنده فرضا واجبا. فأما من ظنّ أن ذلك من فعلهم كان على وجه الإيجاب والفرض، فإنه خالف في ذلك بقوله منهاجَهم وأغفل سبيلَ القياس، لأن القياس هو ما وصفنا من تمثيل المختلف فيه من ذلك، بالأصل المجمع عليه من حكم العينين= وأنْ لا خبر عن واحد من أصحاب رسول الله ﷺ أوجب على تارك إيصال الماء في وضوئه إلى أصول شعر لحيته وعارضيه، وتارك المضمضة والاستنشاق إعادةَ صلاته إذا صلى بطهره ذلك. ففي ذلك أوضح الدليل على صحة ما قلنا من أن فعلهم ما فعلوا من ذلك كان إيثارا منهم لأفضل الفعلين من الترك والغسل.
فإن ظن ظان أن في الأخبار التي رويت عن رسول الله ﷺ أنه قال:
١١٤٣١ - "إذا توضأ أحدكم فليستنثر". (١)
=دليلا على وجوب الاستنثار، فإن في إجماع الحجة على أن ذلك غيرُ فرض واجب، يجب على من تركه إعادة الصلاة التي صلاها قبل غسله، ما يغني عن إكثار القول فيه.
* * *
(١) الأثر: ١١٤٣١ - هذا خبر لم يذكر إسناده، وانظر مثل لفظه في البخاري (فتح ١: ٢٢٩).
45
وأما الأذنان فإن في إجماع جميعهم على أن ترك غسلهما، أو غسل ما أقبل منهما مع الوجه، غيُر مفسد صلاةَ من صلى بطهره الذي ترك فيه غسلهما= مع إجماعهم جميعا على أنه لو ترك غسل شيء مما يجب عليه غسله من وجهه في وضوئه أن صلاته لا تجزئه بطهوره ذلك= ما ينبئ عن أنّ القول في ذلك ما قاله أصحاب رسول الله ﷺ الذي ذكرنا قولهم: (١) إنهما ليسا من الوجه= دون ما قاله الشعبي.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في"المرافق"، هل هي من اليد الواجب غسلها، أم لا؟ بعد إجماع جميعهم على أن غسل اليد إليها واجب.
فقال مالك بن أنس= وسئل عن قول الله:"فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق" أترى أن يخلف المرفقين في الوضوء؟ = قال: الذي أمر به أن يُبْلغ"المرفقين"، قال تبارك وتعالى:"فاغسلوا وجوهكم" فذهب هذا يغسل خلفه!! (٢) فقيل له: فإنما يغسل إلى المرفقين والكعبين لا يجاوزهما؟ فقال، لا أدري"ما لا يجاوزهما" أما الذي أمر به أن يبلغ به فهذا: إلى المرفقين والكعبين= حدثنا يونس، عن أشهب عنه.
* * *
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في"المرافق"، هل هي من اليد الواجب غسلها، أم لا؟ بعد إجماع جميعهم على أن غسل اليد إليها واجب.
فقال مالك بن أنس= وسئل عن قول الله:"فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق" أترى أن يخلف المرفقين في الوضوء؟ = قال: الذي أمر به أن يُبْلغ"المرفقين"، قال تبارك وتعالى:"فاغسلوا وجوهكم" فذهب هذا يغسل خلفه!! (٢) فقيل له: فإنما يغسل إلى المرفقين والكعبين لا يجاوزهما؟ فقال، لا أدري"ما لا يجاوزهما" أما الذي أمر به أن يبلغ به فهذا: إلى المرفقين والكعبين= حدثنا يونس، عن أشهب عنه.
* * *
(١) في المطبوعة: "ما ينبئ عن القول في ذلك مما قاله أصحاب رسول الله... "، وهو مضطرب، وفي المخطوطة مثله، إلا أنه كتب"ما قاله أصحاب رسول الله... "، وصواب السياق يقتضي أن يكون: "ما ينبئ عن أن القول... " بزيادة"أن".
(٢) في المطبوعة: "مذهب هذا يغسل خلفه"، وقد استشكلها ناشر المطبوعة الأولى، وحق له. وهي في المخطوطة مثلها سيئة الكتابة، وصوابها"فذهب"، وهذه الجملة، تعجب ممن قيل له: "فاغسلوا وجوهكم"، فراح يغسل ما خلف الوجه، أي القفا.
(٢) في المطبوعة: "مذهب هذا يغسل خلفه"، وقد استشكلها ناشر المطبوعة الأولى، وحق له. وهي في المخطوطة مثلها سيئة الكتابة، وصوابها"فذهب"، وهذه الجملة، تعجب ممن قيل له: "فاغسلوا وجوهكم"، فراح يغسل ما خلف الوجه، أي القفا.
46
وقال الشافعي: لم أعلم مخالفا في أن المرافق فيما يغسل"، كأنه يذهب إلى أن معناها: فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى أن تُغْسَل المرافق= حدثنا بذلك عنه الربيع. (١)
* * *
وقال آخرون: إنما أوجب الله بقوله:"وأيديكم إلى المرافق" غسلَ اليدين إلى المرفقين، فالمرفقان غايةٌ لما أوجب الله غسله من آخر اليد، والغاية غير داخلة في الحدِّ، كما غير داخل الليلُ فيما أوجب الله تعالى على عباده من الصوم بقوله: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [سورة البقرة: ١٨٧] لأن الليل غاية لصوم الصائم، إذا بلغه فقد قضى ما عليه. قالوا: فكذلك المرافق في قوله:"فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق" غاية لما أوجب الله غسلَه من اليد. وهذا قول زُفَر بن الهذيل. (٢)
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا: أن غسل اليدين إلى المرفقين من الفرض الذي إن تركه أو شيئا منه تارك، لم تجزه الصلاة مع تركه غسلَه. فأما المرفقان وما وراءهما، فإن غسل ذلك من الندب الذي ندبَ إليه ﷺ أمته بقوله:
١١٤٣٢ - "أمتي الغرُّ المحجلون من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يُطيل غُرَّته فليفعل". (٣)
* * *
وقال آخرون: إنما أوجب الله بقوله:"وأيديكم إلى المرافق" غسلَ اليدين إلى المرفقين، فالمرفقان غايةٌ لما أوجب الله غسله من آخر اليد، والغاية غير داخلة في الحدِّ، كما غير داخل الليلُ فيما أوجب الله تعالى على عباده من الصوم بقوله: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [سورة البقرة: ١٨٧] لأن الليل غاية لصوم الصائم، إذا بلغه فقد قضى ما عليه. قالوا: فكذلك المرافق في قوله:"فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق" غاية لما أوجب الله غسلَه من اليد. وهذا قول زُفَر بن الهذيل. (٢)
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا: أن غسل اليدين إلى المرفقين من الفرض الذي إن تركه أو شيئا منه تارك، لم تجزه الصلاة مع تركه غسلَه. فأما المرفقان وما وراءهما، فإن غسل ذلك من الندب الذي ندبَ إليه ﷺ أمته بقوله:
١١٤٣٢ - "أمتي الغرُّ المحجلون من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يُطيل غُرَّته فليفعل". (٣)
(١) هذا كله نص الشافعي في الأم ١: ٢٢، إلا أن فيه: "كأنهم ذهبوا إلى أن معناها... "
(٢) "زفر بن الهذيل بن قيس العنبري"، أبو الهذيل، صاحب أبي حنيفة. كان من أصحاب الحديث، ثم غلب عليه الرأي، فكان من أصحاب أبي حنيفة.
(٣) هذا حديث صحيح، لم يذكر إسناده، ورواه البخاري (الفتح ١: ٢٠٧، ٢٠٨) ولفظه: "إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين"، بمثله.
و"الغر" جمع"أغر"، أي ذو غرة (بضم الغين وتشديد الراء)، وهي لمعة بيضاء، تكون في جبهة الفرس، وأراد بذلك النور الذي يكون في وجوه أهل الإيمان بمحمد ﷺ وبما جاء به، واهتدوا بهديه.
و"المحجلون" من"التحجيل"، وهو بياض يكون في ثلاث قوائم من قوائم الفرس. وهذه سيما المؤمنين الذين اتبعوه ﷺ يوم القيامة.
(٢) "زفر بن الهذيل بن قيس العنبري"، أبو الهذيل، صاحب أبي حنيفة. كان من أصحاب الحديث، ثم غلب عليه الرأي، فكان من أصحاب أبي حنيفة.
(٣) هذا حديث صحيح، لم يذكر إسناده، ورواه البخاري (الفتح ١: ٢٠٧، ٢٠٨) ولفظه: "إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين"، بمثله.
و"الغر" جمع"أغر"، أي ذو غرة (بضم الغين وتشديد الراء)، وهي لمعة بيضاء، تكون في جبهة الفرس، وأراد بذلك النور الذي يكون في وجوه أهل الإيمان بمحمد ﷺ وبما جاء به، واهتدوا بهديه.
و"المحجلون" من"التحجيل"، وهو بياض يكون في ثلاث قوائم من قوائم الفرس. وهذه سيما المؤمنين الذين اتبعوه ﷺ يوم القيامة.
47
=فلا تفسد صلاة تاركِ غسلِهما وغسل ما وراءهما، لما قد بينا قبلُ فيما مضى: من أن كل غاية حُدَّت بـ"إلى" فقد تحتمل في كلام العرب دخول الغاية في الحدّ وخروجها منه. وإذا احتمل الكلام ذلك لم يجز لأحد القضاء بأنها داخلة فيه، إلا لمن لا يجوز خلافه فيما بيَّن وحَكم، ولا حُكم بأن المرافق داخلة فيما يجب غسله عندنا= ممن يجب التسليم بحكمه.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في صفة"المسح" الذي أمر الله به بقوله:"وامسحوا برءوسكم".
فقال بعضهم: وامسحوا بما بدا لكم أن تمسحوا به من رءوسكم بالماء، إذا قمتم إلى الصلاة.
ذكر من قال ذلك:
١١٤٣٣ - حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال، حدثنا حماد بن مسعدة، عن عيسى بن حفص قال: ذكر عند القاسم بن محمد مسحُ الرأس فقال: يا نافع كيف كان ابن عمر يمسح؟ فقال، مسحةً واحدة= ووصف أنه مسح مقدَّم رأسه إلى وجهه= فقال القاسم: ابن عمر أفقهُنا وأعلمُنا.
١١٤٣٤ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: أخبرني نافع: أن ابن عمر كان إذا توضأ ردَّ كفه اليمنى إلى الماء ووضعهما فيه، ثم مسح بيديه مقدَّم رأسه.
١١٤٣٥ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن بكير، قال أخبرنا ابن جريج قال، أخبرني نافع: أن ابن عمر كان يضع بطن كفه اليمنى على الماء، (١)
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في صفة"المسح" الذي أمر الله به بقوله:"وامسحوا برءوسكم".
فقال بعضهم: وامسحوا بما بدا لكم أن تمسحوا به من رءوسكم بالماء، إذا قمتم إلى الصلاة.
ذكر من قال ذلك:
١١٤٣٣ - حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال، حدثنا حماد بن مسعدة، عن عيسى بن حفص قال: ذكر عند القاسم بن محمد مسحُ الرأس فقال: يا نافع كيف كان ابن عمر يمسح؟ فقال، مسحةً واحدة= ووصف أنه مسح مقدَّم رأسه إلى وجهه= فقال القاسم: ابن عمر أفقهُنا وأعلمُنا.
١١٤٣٤ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: أخبرني نافع: أن ابن عمر كان إذا توضأ ردَّ كفه اليمنى إلى الماء ووضعهما فيه، ثم مسح بيديه مقدَّم رأسه.
١١٤٣٥ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن بكير، قال أخبرنا ابن جريج قال، أخبرني نافع: أن ابن عمر كان يضع بطن كفه اليمنى على الماء، (١)
(١) في المطبوعة: "كان يضع بطن كفيه على الماء"، ليت شعري كيف استجاز الناشر أن يجعل"كفه اليمنى""كفيه"؟ أمن أجل أن الناسخ كتب في الجملة التالية: "ثم لا ينفضهما، ثم تمسح بهما" بالتثنية؟ ولقد أخطأ الناسخ في تثنية الضمير، فرددته إلى الصواب بإفراد الضمير.
48
لا ينفضهما ثم يمسح بها ما بين قَرْنيه إلى الجبين واحدًة، ثم لا يزيد عليها في كل ذلك مسحةٌ واحدة، مقبلةً من الجبين إلى القرن. (١)
١١٤٣٦ - حدثنا تميم بن المنتصر قال، حدثنا إسحاق قال، أخبرنا شريك، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان إذا توضأ مسح مقدَّم رأسه.
١١٤٣٧ - حدثنا تميم بن المنتصر قال، أخبرنا إسحاق قال، أخبرنا شريك، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: يجزيك أن تمسح مقدَّم رأسك إذا كنت معتمرا. (٢) وكذلك تفعل المرأة.
١١٤٣٨ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبد الله الأشجعي، عن سفيان، عن ابن عجلان، عن نافع قال: رأيت ابن عمر مسح بَيافوخه مسحة= وقال سفيان: إن مسح شعرةً أجزأه= يعني واحدةً.
١١٤٣٩ - حدثنا أبو هشام قال، حدثنا عبد السلام بن حرب قال، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم قال: أيّ جوانب رأسك أمْسَسْتَ الماء أجزأك. (٣)
١١٤٤٠ - حدثنا أبو هشام قال، حدثنا علي بن ظبيان قال، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، قال: أي جوانب رأسك أمسست الماء أجزأك. (٤)
١١٤٤١ - حدثنا الرفاعي قال، حدثنا وكيع، عن إسماعيل الأزرق، عن الشعبي، مثله. (٥)
١١٤٣٦ - حدثنا تميم بن المنتصر قال، حدثنا إسحاق قال، أخبرنا شريك، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان إذا توضأ مسح مقدَّم رأسه.
١١٤٣٧ - حدثنا تميم بن المنتصر قال، أخبرنا إسحاق قال، أخبرنا شريك، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: يجزيك أن تمسح مقدَّم رأسك إذا كنت معتمرا. (٢) وكذلك تفعل المرأة.
١١٤٣٨ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبد الله الأشجعي، عن سفيان، عن ابن عجلان، عن نافع قال: رأيت ابن عمر مسح بَيافوخه مسحة= وقال سفيان: إن مسح شعرةً أجزأه= يعني واحدةً.
١١٤٣٩ - حدثنا أبو هشام قال، حدثنا عبد السلام بن حرب قال، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم قال: أيّ جوانب رأسك أمْسَسْتَ الماء أجزأك. (٣)
١١٤٤٠ - حدثنا أبو هشام قال، حدثنا علي بن ظبيان قال، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، قال: أي جوانب رأسك أمسست الماء أجزأك. (٤)
١١٤٤١ - حدثنا الرفاعي قال، حدثنا وكيع، عن إسماعيل الأزرق، عن الشعبي، مثله. (٥)
(١) "القرن" هو حد الرأس وجانبها، وهما قرنان عن يمين وشمال.
(٢) "اعتمر الرجل يعتمر، فهو معتمر": إذا تعمم بعمامة، فهو معتم. و"العمارة" (بفتح العين) : كل شيء على الرأس، من عمامة، أو قلنسوة، أو تاج، أو غير ذلك.
(٣) في المطبوعة والمخطوطة: "مسست الماء"، وهو خطأ، انظر الخبر التالي.
(٤) الأثر: ١١٤٤٠ - كان في المطبوعة: "... عن الشعبي، مثله"، ولم يثبت نص الخبر، وهو ثابت في المخطوطة. فرددته إلى مكانه.
(٥) الأثر: ١١٤٤١ - هذا الأثر، أخره ناشر المطبوعة السالفة، فوضعه بعد الأثر التالي، وقد أساء.
(٢) "اعتمر الرجل يعتمر، فهو معتمر": إذا تعمم بعمامة، فهو معتم. و"العمارة" (بفتح العين) : كل شيء على الرأس، من عمامة، أو قلنسوة، أو تاج، أو غير ذلك.
(٣) في المطبوعة والمخطوطة: "مسست الماء"، وهو خطأ، انظر الخبر التالي.
(٤) الأثر: ١١٤٤٠ - كان في المطبوعة: "... عن الشعبي، مثله"، ولم يثبت نص الخبر، وهو ثابت في المخطوطة. فرددته إلى مكانه.
(٥) الأثر: ١١٤٤١ - هذا الأثر، أخره ناشر المطبوعة السالفة، فوضعه بعد الأثر التالي، وقد أساء.
49
١١٤٤٢ - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا أيوب، عن نافع قال: كان ابن عمر يمسح رأسه هكذا= فوضع أيوب كفّه وسط رأسه، ثم أمرَّها على مقدَّم رأسه.
١١٤٤٣ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا زيد بن الحباب، عن سفيان، قال: إن مسح رأسه بأصبع واحدة أجزأه. (١)
١١٤٤٤ - حدثنا أبو الوليد الدمشقي قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال: قلت لأبي عمرو: ما يجزئ من مسح الرأس؟ قال: أن تمسح مقدَّم رأسك إلى القفا أحبُّ إلّي.
١١٤٤٥ - حدثني العباس بن الوليد، عن أبيه، عنه، نحوه.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: فامسحوا بجميع رءوسكم. قالوا: إن لم يمسح بجميع رأسه بالماء، لم تجزِه الصلاة بوضوئه ذلك.
ذكر من قال ذلك:
١١٤٤٦ - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، حدثنا أشهب قال، قال مالك: من مسح بعضَ رأسه ولم يعمَّ أعاد الصلاة بمنزلة من غسل بعضَ وجهه أو بعضَ ذراعه. قال، وسئل مالك عن مسح الرأس، قال: يبدأ من مقدَّم وجهه، فيدير يديه إلى قفاه، ثم يردُّهما إلى حيث بدأ منه.
* * *
وقال آخرون: لا يجزئ مسح الرأس بأقل من ثلاث أصابع. وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف ومحمد.
* * *
١١٤٤٣ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا زيد بن الحباب، عن سفيان، قال: إن مسح رأسه بأصبع واحدة أجزأه. (١)
١١٤٤٤ - حدثنا أبو الوليد الدمشقي قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال: قلت لأبي عمرو: ما يجزئ من مسح الرأس؟ قال: أن تمسح مقدَّم رأسك إلى القفا أحبُّ إلّي.
١١٤٤٥ - حدثني العباس بن الوليد، عن أبيه، عنه، نحوه.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: فامسحوا بجميع رءوسكم. قالوا: إن لم يمسح بجميع رأسه بالماء، لم تجزِه الصلاة بوضوئه ذلك.
ذكر من قال ذلك:
١١٤٤٦ - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، حدثنا أشهب قال، قال مالك: من مسح بعضَ رأسه ولم يعمَّ أعاد الصلاة بمنزلة من غسل بعضَ وجهه أو بعضَ ذراعه. قال، وسئل مالك عن مسح الرأس، قال: يبدأ من مقدَّم وجهه، فيدير يديه إلى قفاه، ثم يردُّهما إلى حيث بدأ منه.
* * *
وقال آخرون: لا يجزئ مسح الرأس بأقل من ثلاث أصابع. وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف ومحمد.
* * *
(١) الأثر: ١١٤٤٣ -"زيد بن الحباب"، مضى قريبا برقم: ١١٤١٤، وكان في المخطوطة والمطبوعة: "يزيد بن الحباب"، وهو خطأ.
50
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا، أن الله جل ثناؤه أمر بالمسح برأسه القائمَ إلى صلاته مع سائر ما أمره بغسله معه أو مسحه، ولم يحدَّ ذلك بحدٍّ لا يجوز التقصير عنه ولا يجاوزه. وإذ كان ذلك كذلك، فما مسح به المتوضئ من رأسه فاستحقَّ بمسحه ذلك أن يقال:"مسح برأسه"، فقد أدّى ما فرض الله عليه من مسح ذلك لدخوله فيما لزمه اسم"ماسحٍ برأسه" إذا قام إلى صلاته. (١)
* * *
فإن قال لنا قائل: فإن الله قد قال في التيمم: (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) [سورة النساء: ٤٣] أفيجزئ المسحُ ببعض الوجه واليدين في التيمم؟
قيل له: كلَّ ما مسح من ذلك بالتراب، فيما تنازعت فيه العلماء= فقال بعضهم:"يجزيه ذلك من التيمم" وقال بعضهم:"لا يجزيه"= فهو مجزئه، لدخوله في اسم"الماسحين به".
وما كان من ذلك مجمعا على أنه غير مجزئه، فمسلَّم لما جاءت به الحجة نقلا عن نبيِّها صلى الله عليه وسلم. ولا حجة لأحد علينا في ذلك، إذ كان من قولنا: إن ما جاء في آي الكتاب عامًّا في معنىً، فالواجب الحكم أنه على عمومه، (٢)
حتى يخصه ما يجب التسليم له، فإذا خُصَّ منه شيء، كان ما خُصَّ منه خارجا من ظاهره، وحكم سائره على العموم. (٣)
وقد بيَّنا العلة الموجبة صحة القول بذلك في غير هذا الموضع، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (٤)
* * *
و"الرأس" الذي أمر الله جل وعز بالمسح به بقوله:"وامسحوا برءوسكم
* * *
فإن قال لنا قائل: فإن الله قد قال في التيمم: (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) [سورة النساء: ٤٣] أفيجزئ المسحُ ببعض الوجه واليدين في التيمم؟
قيل له: كلَّ ما مسح من ذلك بالتراب، فيما تنازعت فيه العلماء= فقال بعضهم:"يجزيه ذلك من التيمم" وقال بعضهم:"لا يجزيه"= فهو مجزئه، لدخوله في اسم"الماسحين به".
وما كان من ذلك مجمعا على أنه غير مجزئه، فمسلَّم لما جاءت به الحجة نقلا عن نبيِّها صلى الله عليه وسلم. ولا حجة لأحد علينا في ذلك، إذ كان من قولنا: إن ما جاء في آي الكتاب عامًّا في معنىً، فالواجب الحكم أنه على عمومه، (٢)
حتى يخصه ما يجب التسليم له، فإذا خُصَّ منه شيء، كان ما خُصَّ منه خارجا من ظاهره، وحكم سائره على العموم. (٣)
وقد بيَّنا العلة الموجبة صحة القول بذلك في غير هذا الموضع، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (٤)
* * *
و"الرأس" الذي أمر الله جل وعز بالمسح به بقوله:"وامسحوا برءوسكم
(١) في المطبوعة والمخطوطة: "اسم مامسح"، وصواب قراءتها ما أثبت.
(٢) في المطبوعة: "فالواجب الحكم به على عمومه"، وأسقط"من". وفي المخطوطة: "فالواجب من الحكم به على عمومه"، وهو الصواب، مع جعل"به""أنه"، كما أثبتها.
(٣) انظر تفسير آية التيمم في ٨: ٤١٠ - ٤٢٥.
(٤) انظر القول في الخصوص والعموم فيما سلف ٢: ٢٠٧، ٥٣٩/٤: ١٣٤/٥: ٤٠، ١٣٠، وفي مواضع أخرى كثيرة متفرقة.
(٢) في المطبوعة: "فالواجب الحكم به على عمومه"، وأسقط"من". وفي المخطوطة: "فالواجب من الحكم به على عمومه"، وهو الصواب، مع جعل"به""أنه"، كما أثبتها.
(٣) انظر تفسير آية التيمم في ٨: ٤١٠ - ٤٢٥.
(٤) انظر القول في الخصوص والعموم فيما سلف ٢: ٢٠٧، ٥٣٩/٤: ١٣٤/٥: ٤٠، ١٣٠، وفي مواضع أخرى كثيرة متفرقة.
51
وأرجلكم إلى الكعبين" هو منابت شعر الرأس، دون ما جاوز ذلك إلى القفا ممَّا استدبر، ودون ما انحدر عن ذلك مما استقبلَ من قِبل وجه إلى الجبهة.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾
قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأه جماعة من قرأة الحجاز والعراق: (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)، نصبًا، فتأويله: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديَكم إلى المرافق وأرجلَكم إلى الكعبين، وامسحوا برءوسكم وإذا قرئ كذلك، كان من المؤخر الذي معناه التقديم، وتكون"الأرجل" منصوبة عطفا على"الأيدي". وتأول قارئو ذلك كذلك، أن الله جل ثناؤه: إنما أمر عباده بغسل الأرجل دون المسح بها.
* * *
ذكر من قال: عنى الله بقوله:"وأرجلكم إلى الكعبين" الغسلَ.
١١٤٤٧ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا خالد الحذاء، عن أبي قلابة أن رجلا صلى وعلى ظهر قدمه موضع ظُفُر، فلما قضى صلاته، قال له عمر: أعدْ وضوءك وصلاتَك.
١١٤٤٨ - حدثنا حميد قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا إسرائيل قال، حدثنا عبد الله بن حسن قال، حدثنا هزيل بن شرحبيل، عن ابن مسعود قال: خلِّلوا الأصابع بالماء، لا تخلَّلها النارُ. (١)
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾
قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأه جماعة من قرأة الحجاز والعراق: (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)، نصبًا، فتأويله: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديَكم إلى المرافق وأرجلَكم إلى الكعبين، وامسحوا برءوسكم وإذا قرئ كذلك، كان من المؤخر الذي معناه التقديم، وتكون"الأرجل" منصوبة عطفا على"الأيدي". وتأول قارئو ذلك كذلك، أن الله جل ثناؤه: إنما أمر عباده بغسل الأرجل دون المسح بها.
* * *
ذكر من قال: عنى الله بقوله:"وأرجلكم إلى الكعبين" الغسلَ.
١١٤٤٧ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا خالد الحذاء، عن أبي قلابة أن رجلا صلى وعلى ظهر قدمه موضع ظُفُر، فلما قضى صلاته، قال له عمر: أعدْ وضوءك وصلاتَك.
١١٤٤٨ - حدثنا حميد قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا إسرائيل قال، حدثنا عبد الله بن حسن قال، حدثنا هزيل بن شرحبيل، عن ابن مسعود قال: خلِّلوا الأصابع بالماء، لا تخلَّلها النارُ. (١)
(١) الأثر: ١١٤٤٨ -"عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب"، روى له الأربعة، ثقة. وكان من العباد، له شرف وعارضة وهيبة ولسان شديد، وكان ذا منزلة من عمر بن عبد العزيز. مترجم في التهذيب.
و"هزيل بن شرحبيل الأودي"، الأعمى، أخو الأرقم بن شرحبيل، روى عن أخيه، وعثمان، وعلي، وطلحة، وسعد وابن مسعود، وغيرهم. تابعي ثقة، من أصحاب عبد الله بن مسعود. ويقال: أدرك الجاهلية. مترجم في التهذيب.
و"هزيل بن شرحبيل الأودي"، الأعمى، أخو الأرقم بن شرحبيل، روى عن أخيه، وعثمان، وعلي، وطلحة، وسعد وابن مسعود، وغيرهم. تابعي ثقة، من أصحاب عبد الله بن مسعود. ويقال: أدرك الجاهلية. مترجم في التهذيب.
52
١١٤٤٩ - حدثنا عبد الله بن الصباح العطار قال، حدثنا حفص بن عمر الحوضي، قال، حدثنا مُرجَّى= يعني: ابن رجاء اليشكري= قال، حدثنا أبو روح عمارة بن أبي حفصة، عن المغيرة بن حنين: أن النبي ﷺ رأى رجلا يتوضأ وهو يغسل رجليه، فقال: بهذا أمرت. (١)
١١٤٥٠ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن واقد مولى زيد بن خليدة، قال: سمعت مصعب بن سعد يقول: رأى عمر بن الخطاب قوما يتوضأون فقال: خلِّلوا. (٢)
١١٤٥١ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب قال: سمعت يحيى قال، سمعت القاسم قال: كان ابن عمر يخلع خفَّيه، ثم يتوضأ فيغسل رجليه، ثم يخلِّل أصابعه.
١١٤٥٢ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان،
١١٤٥٠ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن واقد مولى زيد بن خليدة، قال: سمعت مصعب بن سعد يقول: رأى عمر بن الخطاب قوما يتوضأون فقال: خلِّلوا. (٢)
١١٤٥١ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب قال: سمعت يحيى قال، سمعت القاسم قال: كان ابن عمر يخلع خفَّيه، ثم يتوضأ فيغسل رجليه، ثم يخلِّل أصابعه.
١١٤٥٢ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان،
(١) الأثر: ١١٤٤٩ -"عبد الله بن الصباح بن عبد الله الهاشمي، العطار" شيخ الطبري، روى عنه الجماعة، سوى ابن ماجه. ثقة. مترجم في التهذيب.
و"حفص بن عمر الحوضي، النمري"، أبو عمر الحوضي. روى عنه البخاري وأبو داود. قال أحمد: "ثبت، ثبت، متقن، لا يؤخذ عليه حرف واحد". مترجم في التهذيب.
و"مرجي بن رجاء اليشكري"، ضعيف، قال ابن معين: "ليس حديثه بشيء". مترجم في التهذيب.
و"أبو روح": "عمارة بن أبي حفصة العتكي". ثقة. مضى برقم: ٨٥١٣.
و"مغيرة بن حنين"، تابعي، روى عن علي. روى عنه عمارة بن أبي حفصة. ذكره البخاري في الكبير ٤/١/٣١٨، وابن أبي حاتم ٤/١/٢٢٠، لم يزيدا على ذلك شيئا، لا جرحا ولا تعديلا.
وهذا خبر مرسل، ضعيف لضعف مرجي بن رجاء.
(٢) الأثر: ١١٤٥٠ -"واقد، مولى زيد بن خليدة" كوفي. روى عن زادان، وسعيد بن جبير. روى عنه سفيان الثوري، وشعبة. قال الثوري: "كان شيخ صدق". مترجم في التهذيب.
و"مصعب بن سعد بن أبي وقاص الزهري"، أبو زرارة، تابعي ثقة، مضى برقم ٩٨٤١. وكان في المخطوطة والمطبوعة هنا: "مصعب بن سعيد"، وليس في التابعين من يقال له: "مصعب بن سعيد"، وبعيد أن يكون تابعيا يروى عنه، ثم يغفلونه. فثبت عندي أنه"مصعب بن سعد".
و"حفص بن عمر الحوضي، النمري"، أبو عمر الحوضي. روى عنه البخاري وأبو داود. قال أحمد: "ثبت، ثبت، متقن، لا يؤخذ عليه حرف واحد". مترجم في التهذيب.
و"مرجي بن رجاء اليشكري"، ضعيف، قال ابن معين: "ليس حديثه بشيء". مترجم في التهذيب.
و"أبو روح": "عمارة بن أبي حفصة العتكي". ثقة. مضى برقم: ٨٥١٣.
و"مغيرة بن حنين"، تابعي، روى عن علي. روى عنه عمارة بن أبي حفصة. ذكره البخاري في الكبير ٤/١/٣١٨، وابن أبي حاتم ٤/١/٢٢٠، لم يزيدا على ذلك شيئا، لا جرحا ولا تعديلا.
وهذا خبر مرسل، ضعيف لضعف مرجي بن رجاء.
(٢) الأثر: ١١٤٥٠ -"واقد، مولى زيد بن خليدة" كوفي. روى عن زادان، وسعيد بن جبير. روى عنه سفيان الثوري، وشعبة. قال الثوري: "كان شيخ صدق". مترجم في التهذيب.
و"مصعب بن سعد بن أبي وقاص الزهري"، أبو زرارة، تابعي ثقة، مضى برقم ٩٨٤١. وكان في المخطوطة والمطبوعة هنا: "مصعب بن سعيد"، وليس في التابعين من يقال له: "مصعب بن سعيد"، وبعيد أن يكون تابعيا يروى عنه، ثم يغفلونه. فثبت عندي أنه"مصعب بن سعد".
53
عن الزبير بن عدي، عن إبراهيم قال: قلت للأسود: رأيتَ عمر يغسل قدميه غَسْلا؟ قال: نعم.
١١٤٥٣ - حدثني محمد بن خلف قال، حدثنا إسحاق بن منصور، قال، حدثنا محمد بن مسلم، عن إبراهيم بن ميسرة، عن عمر بن عبد العزيز: أنه قال لابن أبي سويد: بلغنا عن ثلاثة كلهم رأوا النبي ﷺ يغسل قدميه غسلا أدناهم ابن عمك المغيرة. (١)
١١٤٥٤ - حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا الصباح، عن محمد= وهو ابن أبان= عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال: اغسلوا الأقدام إلى الكعبين.
١١٤٥٥ - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن خالد، عن أبي قلابة: أن عمر بن الخطاب رأى رجلا قد ترك على ظهر قدمه مثل الظُفُر، فأمره أن يعيد وضوءه وصلاته.
١١٤٥٦ - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن محمد بن إسحاق، عن شيبة بن نِصاح قال: صحبت القاسم بن محمد إلى مكة، فرأيته إذا توضأ للصلاة يُدخل أصابع رجليه يصب عليها الماء، قلت: يا أبا محمد، لم تصنع هذا؟ قال: رأيت ابن عمر يصنعه. (٢)
١١٤٥٧ - حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا حدثنا ابن إدريس قال: سمعت أبي، عن حماد، عن إبراهيم في قوله:"فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين" قال: عاد الأمرُ إلى الغسل.
١١٤٥٨ - حدثني الحسين بن علي الصدائي، قال، حدثنا أبي، عن حفص
١١٤٥٣ - حدثني محمد بن خلف قال، حدثنا إسحاق بن منصور، قال، حدثنا محمد بن مسلم، عن إبراهيم بن ميسرة، عن عمر بن عبد العزيز: أنه قال لابن أبي سويد: بلغنا عن ثلاثة كلهم رأوا النبي ﷺ يغسل قدميه غسلا أدناهم ابن عمك المغيرة. (١)
١١٤٥٤ - حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا الصباح، عن محمد= وهو ابن أبان= عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال: اغسلوا الأقدام إلى الكعبين.
١١٤٥٥ - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن خالد، عن أبي قلابة: أن عمر بن الخطاب رأى رجلا قد ترك على ظهر قدمه مثل الظُفُر، فأمره أن يعيد وضوءه وصلاته.
١١٤٥٦ - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن محمد بن إسحاق، عن شيبة بن نِصاح قال: صحبت القاسم بن محمد إلى مكة، فرأيته إذا توضأ للصلاة يُدخل أصابع رجليه يصب عليها الماء، قلت: يا أبا محمد، لم تصنع هذا؟ قال: رأيت ابن عمر يصنعه. (٢)
١١٤٥٧ - حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا حدثنا ابن إدريس قال: سمعت أبي، عن حماد، عن إبراهيم في قوله:"فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين" قال: عاد الأمرُ إلى الغسل.
١١٤٥٨ - حدثني الحسين بن علي الصدائي، قال، حدثنا أبي، عن حفص
(١) الأثر: ١١٤٥٣ -"ابن أبي سويد" هو: "محمد بن أبي سويد الثقفي الطائفي". روى عن عثمان بن العاص، وعمر بن عبد العزيز. روى له الترمذي حديثا واحدا. مترجم في التهذيب.
و"المغيرة"، يعني: "المغيرة بن شعبة الثقفي"، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(٢) الأثر: ١١٤٥٦ -"شيبة بن نصاح بن سرجس المخزومي"، مولى أم سلمة، أتي به إليها وهو صغير، فمسحت رأسه. كان قاضيا بالمدينة. ثقة قليل الحديث. مترجم في التهذيب.
"نصاح" بكسر النون.
و"المغيرة"، يعني: "المغيرة بن شعبة الثقفي"، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(٢) الأثر: ١١٤٥٦ -"شيبة بن نصاح بن سرجس المخزومي"، مولى أم سلمة، أتي به إليها وهو صغير، فمسحت رأسه. كان قاضيا بالمدينة. ثقة قليل الحديث. مترجم في التهذيب.
"نصاح" بكسر النون.
54
الغاضري، عن عامر بن كليب، عن أبي عبد الرحمن قال: قرأ عليَّ الحسن والحسين رضوان الله عليهما، فقرآ: (وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) فسمع علي رضى الله عنه ذلك= وكان يقضي بين الناس= فقال:"وَأَرْجُلَكُمْ"، هذا من المقدم والمؤخر من الكلام. (١)
١١٤٥٩ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الوهاب بن عبد الأعلى، عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنه قرأها: (فَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) بالنصب، وقال: عاد الأمر إلى الغسل. (٢)
١١٤٦٠ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبدة وأبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه أنه قرأها: (وَأَرْجُلَكُمْ) وقال: عاد الأمر إلى الغسل.
١١٤٦١ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن المبارك، عن قيس، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله: أنه كان يقرأ: (وَأَرْجُلَكُمْ) بالنصب.
١١٤٦٢ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال،
١١٤٥٩ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الوهاب بن عبد الأعلى، عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنه قرأها: (فَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) بالنصب، وقال: عاد الأمر إلى الغسل. (٢)
١١٤٦٠ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبدة وأبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه أنه قرأها: (وَأَرْجُلَكُمْ) وقال: عاد الأمر إلى الغسل.
١١٤٦١ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن المبارك، عن قيس، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله: أنه كان يقرأ: (وَأَرْجُلَكُمْ) بالنصب.
١١٤٦٢ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال،
(١) الأثر: ١١٤٥٨ -"الحسين بن علي بن يزيد بن سليم الصدائي"، مضى مرارا منها: ٢٠٩٣، ٥٤٢٧، ٥٤٣٧.
وأبوه: "علي بن يزيد بن سليم الصدائي" مضى برقم: ٢٠٩٣.
و"حفص الغاضري" هو: "حفص بن سليمان الأسدي الغاضري"، متروك الحديث، مضى برقم: ٥٧٥٣.
و"عاصم بن كليب بن شهاب المجنون الجرمي"، مضى برقم: ٨٠٩٨، ثقة قليل الحديث.
و"أبو عبد الرحمن" هو: "أبو عبد الرحمن السلمي": "عبد الله بن حبيب بن ربيعة"، الضرير، مقرئ الكوفة. ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأبيه صحبة. إليه انتهت القراءة تجويدا وضبطا. أخذ القراءة عرضا عن عثمان، وعلي، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب. وأخذ القراءة عنه أئمة التابعين، منهم الحسن والحسين، رضي الله عنهما.
أقرأ القرآن في المسجد الأعظم بالكوفة، أربعين سنة، من زمن عثمان رضي الله عنه إلى أن توفي سنة ٧٤، رحمه الله. وقد مضى برقم: ٨٢.
(٢) الأثر: ١١٤٥٩ -"عبد الوهاب بن عبد الأعلى" (!!)، لم أجد له ذكرا في شيء من الكتب، ولا مر بنا قبل ذلك. ولكن هكذا هو في المخطوطة والمطبوعة.
والذي يروى عن"خالد الحذاء" ممن اسمه"عبد الوهاب": "عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي"، و"عبد الوهاب بن عطاء الخفاف"، فأخشى أن يكون أحدهما، ومنها الناسخ أو أخطأ المملي.
وأبوه: "علي بن يزيد بن سليم الصدائي" مضى برقم: ٢٠٩٣.
و"حفص الغاضري" هو: "حفص بن سليمان الأسدي الغاضري"، متروك الحديث، مضى برقم: ٥٧٥٣.
و"عاصم بن كليب بن شهاب المجنون الجرمي"، مضى برقم: ٨٠٩٨، ثقة قليل الحديث.
و"أبو عبد الرحمن" هو: "أبو عبد الرحمن السلمي": "عبد الله بن حبيب بن ربيعة"، الضرير، مقرئ الكوفة. ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأبيه صحبة. إليه انتهت القراءة تجويدا وضبطا. أخذ القراءة عرضا عن عثمان، وعلي، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب. وأخذ القراءة عنه أئمة التابعين، منهم الحسن والحسين، رضي الله عنهما.
أقرأ القرآن في المسجد الأعظم بالكوفة، أربعين سنة، من زمن عثمان رضي الله عنه إلى أن توفي سنة ٧٤، رحمه الله. وقد مضى برقم: ٨٢.
(٢) الأثر: ١١٤٥٩ -"عبد الوهاب بن عبد الأعلى" (!!)، لم أجد له ذكرا في شيء من الكتب، ولا مر بنا قبل ذلك. ولكن هكذا هو في المخطوطة والمطبوعة.
والذي يروى عن"خالد الحذاء" ممن اسمه"عبد الوهاب": "عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي"، و"عبد الوهاب بن عطاء الخفاف"، فأخشى أن يكون أحدهما، ومنها الناسخ أو أخطأ المملي.
55
حدثنا أسباط، عن السدي، قوله: "فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين"، فيقول: اغسلوا وجوهكم، واغسلوا أرجلكم، وامسحوا برءوسكم. فهذا من التقديم والتأخير.
١١٤٦٣ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حسين بن علي، عن شيبان، قال، أثبت لي عن علي أنه قرأ: (وَأَرْجُلَكُمْ). (١)
١١٤٦٤ - حدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه: (وأرجلكم) رجع الأمر إلى الغسل.
١١٤٦٥ - حدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن خالد، عن عكرمة، مثله.
١١٤٦٦- حدثني المثني، قال، حدثنا الحماني، قال، حدثنا شريك، عن الأعمش قال: كان أصحاب عبد الله يقرأونها: (وَأَرْجُلَكُمْ) فيغسلون.
١١٤٦٧ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال: اغسل القدمين إلى الكعبين.
١١٤٦٨ - حدثني عبد الله بن محمد الزهري قال، حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي السوداء، عن ابن عبد خير، عن أبيه قال: رأيت عليًّا توضأ، فغسل ظاهر قدميه، وقال: لولا أني رأيت رسول الله ﷺ فَعَل ذلك، ظننت أن بَطْنَ القدم أحقُّ من ظاهرها. (٢)
١١٤٦٣ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حسين بن علي، عن شيبان، قال، أثبت لي عن علي أنه قرأ: (وَأَرْجُلَكُمْ). (١)
١١٤٦٤ - حدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه: (وأرجلكم) رجع الأمر إلى الغسل.
١١٤٦٥ - حدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن خالد، عن عكرمة، مثله.
١١٤٦٦- حدثني المثني، قال، حدثنا الحماني، قال، حدثنا شريك، عن الأعمش قال: كان أصحاب عبد الله يقرأونها: (وَأَرْجُلَكُمْ) فيغسلون.
١١٤٦٧ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال: اغسل القدمين إلى الكعبين.
١١٤٦٨ - حدثني عبد الله بن محمد الزهري قال، حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي السوداء، عن ابن عبد خير، عن أبيه قال: رأيت عليًّا توضأ، فغسل ظاهر قدميه، وقال: لولا أني رأيت رسول الله ﷺ فَعَل ذلك، ظننت أن بَطْنَ القدم أحقُّ من ظاهرها. (٢)
(١) الأثر: ١١٤٦٣ -"حسين بن علي بن وليد الجعفي"، مضى في مواضع كثيرة، منها رقم: ٢٩، ١٧٤، ٤٤١، ٧٢٨٧، ٧٤٩٩.
و"شيبان" النحوي، هو: "شيبان بن عبد الرحمن"، أبو معاوية. مضى كثيرا، من ذلك رقم: ٢٣٤٠، ٤٨٩٨، ٥٢٨٠، ٩٢٢٢، ٩٢٢٣، ٩٤٥٦.
و"شيبان النحوي"، روى القراءة عن عاصم، وروى القراءة عنه: "حسين بن علي الجعفي"، انظر طبقات القراء للجزري ١: ٣٢٩، رقم: ١٤٣٥.
(٢) الأثر: ١١٤٦٨ -"عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن المسور الزهري"، شيخ الطبري، روى عن سفيان بن عيينة، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وأبي عامر العقدي، وغيرهم.
روى عنه الجماعة، سوى البخاري. وروى عنه أبو جعفر في التاريخ ٢: ٤٠"عبد الله بن محمد الزهري، عن سفيان". مترجم في التهذيب.
وكان في المطبوعة: "عبد الله بن محمد الزبيري"، لم يحسن قراءة ما في المخطوطة.
و"أبو السوداء" هو: "المسيب بن عبد خير بن يزيد الهمداني". ثقة. مضى برقم: ٥٨٥٠، ٥٨٥١.
و"ابن عبد خير"، هو"المسيب بن عبد خير بن يزيد الهمداني". ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير ٤/١/٤٠٨.
وأبوه: "عبد خير بن يزيد الخيواني الهمداني"، مخضرم، تابعي ثقة. مضى برقم: ٨٠٣٥.
وهذا خبر صحيح الإسناد رواه أحمد في مسنده من طريق المسيب بن عبد خير، عن أبيه برقم: ٩١٨، ١٠١٤، ١٠١٥، مع اختلاف في لفظه. ورواه من طريق أبي إسحق، عن عبد خير، برقم: ٧٣٧، ٩١٧، ١٠١٣، ١٢٦٣، ومن طريق السدي، عن عبد خير برقم: ٩٤٣. مطولا.
و"شيبان" النحوي، هو: "شيبان بن عبد الرحمن"، أبو معاوية. مضى كثيرا، من ذلك رقم: ٢٣٤٠، ٤٨٩٨، ٥٢٨٠، ٩٢٢٢، ٩٢٢٣، ٩٤٥٦.
و"شيبان النحوي"، روى القراءة عن عاصم، وروى القراءة عنه: "حسين بن علي الجعفي"، انظر طبقات القراء للجزري ١: ٣٢٩، رقم: ١٤٣٥.
(٢) الأثر: ١١٤٦٨ -"عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن المسور الزهري"، شيخ الطبري، روى عن سفيان بن عيينة، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وأبي عامر العقدي، وغيرهم.
روى عنه الجماعة، سوى البخاري. وروى عنه أبو جعفر في التاريخ ٢: ٤٠"عبد الله بن محمد الزهري، عن سفيان". مترجم في التهذيب.
وكان في المطبوعة: "عبد الله بن محمد الزبيري"، لم يحسن قراءة ما في المخطوطة.
و"أبو السوداء" هو: "المسيب بن عبد خير بن يزيد الهمداني". ثقة. مضى برقم: ٥٨٥٠، ٥٨٥١.
و"ابن عبد خير"، هو"المسيب بن عبد خير بن يزيد الهمداني". ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير ٤/١/٤٠٨.
وأبوه: "عبد خير بن يزيد الخيواني الهمداني"، مخضرم، تابعي ثقة. مضى برقم: ٨٠٣٥.
وهذا خبر صحيح الإسناد رواه أحمد في مسنده من طريق المسيب بن عبد خير، عن أبيه برقم: ٩١٨، ١٠١٤، ١٠١٥، مع اختلاف في لفظه. ورواه من طريق أبي إسحق، عن عبد خير، برقم: ٧٣٧، ٩١٧، ١٠١٣، ١٢٦٣، ومن طريق السدي، عن عبد خير برقم: ٩٤٣. مطولا.
56
١١٤٦٩ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان قال، حدثنا عبد الملك، عن عطاء قال: لم أر أحدا يمسح على القدمين.
١١٤٧٠ - حدثني المثنى قال، حدثني الحجاج بن المنهال قال، حدثنا حماد، عن قيس بن سعد، عن مجاهد أنه قرأ: (وَأرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) فنصبها، وقال: رجع إلى الغسل.
١١٤٧١ - حدثنا أبو كريب، قال، حدثنا جابر بن نوح قال، سمعت الأعمش يقرأ: (وَأَرْجُلَكُمْ) بالنصب.
١١٤٧٢ - حدثني يونس، قال، أخبرنا أشهب قال: سئل مالك عن قول الله:"وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين" أهي:"أرجلَكم" أو"أرجلِكم"؟ فقال: إنما هو الغسل وليس بالمسح، لا تُمْسح الأرجل، إنما تُغسل. قيل له: أفرأيت من مسح أيحزيه ذلك؟ قال: لا.
١١٤٧٣ - حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سلمة، عن الضحاك:"وامسحوا برءوسكم وأرجلَكم" قال: اغسلوها غسلا.
* * *
وقرأ ذلك آخرون من قراء الحجاز والعراق: (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ) بخفض"الأرجل". وتأول قارئو ذلك كذلك: أنّ الله إنما أمر عباده بمسح الأرجل
١١٤٧٠ - حدثني المثنى قال، حدثني الحجاج بن المنهال قال، حدثنا حماد، عن قيس بن سعد، عن مجاهد أنه قرأ: (وَأرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) فنصبها، وقال: رجع إلى الغسل.
١١٤٧١ - حدثنا أبو كريب، قال، حدثنا جابر بن نوح قال، سمعت الأعمش يقرأ: (وَأَرْجُلَكُمْ) بالنصب.
١١٤٧٢ - حدثني يونس، قال، أخبرنا أشهب قال: سئل مالك عن قول الله:"وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين" أهي:"أرجلَكم" أو"أرجلِكم"؟ فقال: إنما هو الغسل وليس بالمسح، لا تُمْسح الأرجل، إنما تُغسل. قيل له: أفرأيت من مسح أيحزيه ذلك؟ قال: لا.
١١٤٧٣ - حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سلمة، عن الضحاك:"وامسحوا برءوسكم وأرجلَكم" قال: اغسلوها غسلا.
* * *
وقرأ ذلك آخرون من قراء الحجاز والعراق: (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ) بخفض"الأرجل". وتأول قارئو ذلك كذلك: أنّ الله إنما أمر عباده بمسح الأرجل
57
في الوضوء دون غسلها، وجعلوا"الأرجل" عطفا على"الرأس"، فخفضوها لذلك.
ذكر من قال ذلك من أهل التأويل:
١١٤٧٤ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا محمد بن قيس الخراساني، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: الوضوء غَسْلتان ومَسْحتان. (١)
١١٤٧٥ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل، عن حميد= ح، وحدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا حميد= قال، قال موسى بن أنس لأنس ونحن عنده: يا أبا حمزة إن الحجاج خطبَنا بالأهواز ونحن معه، فذكر الطَّهور فقال:"اغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برءوسكم وأرجلَكم، وإنه ليس شيء من ابن آدم أقرَب إلى خَبَثه من قدميه، فاغسلوا بطونهما وظهورَهما وعَرَاقيبهما". فقال أنس: صدق الله وكذبَ الحجاج، قال الله:"وامسحوا برءوسكم وأرجلِكم" قال: وكان أنس إذا مسح قدميه بلَّهما. (٢)
١١٤٧٦ - حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا حماد قال، حدثنا عاصم الأحول، عن أنس قال: نزل القرآن بالمسح، والسنة الغسلُ. (٣)
١١٤٧٧ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن حميد، عن موسى
ذكر من قال ذلك من أهل التأويل:
١١٤٧٤ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا محمد بن قيس الخراساني، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: الوضوء غَسْلتان ومَسْحتان. (١)
١١٤٧٥ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل، عن حميد= ح، وحدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا حميد= قال، قال موسى بن أنس لأنس ونحن عنده: يا أبا حمزة إن الحجاج خطبَنا بالأهواز ونحن معه، فذكر الطَّهور فقال:"اغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برءوسكم وأرجلَكم، وإنه ليس شيء من ابن آدم أقرَب إلى خَبَثه من قدميه، فاغسلوا بطونهما وظهورَهما وعَرَاقيبهما". فقال أنس: صدق الله وكذبَ الحجاج، قال الله:"وامسحوا برءوسكم وأرجلِكم" قال: وكان أنس إذا مسح قدميه بلَّهما. (٢)
١١٤٧٦ - حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا حماد قال، حدثنا عاصم الأحول، عن أنس قال: نزل القرآن بالمسح، والسنة الغسلُ. (٣)
١١٤٧٧ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن حميد، عن موسى
(١) الأثر: ١١٤٧٤ -"محمد بن قيس الخراساني"، لم أجد له ذكرا، ولم أعرف من يكون. وعسى أن يكون محرفا.
(٢) الأثر: ١١٤٧٥ -"موسى بن أنس بن مالك الأنصاري"، قاضي البصرة. روى عن أبيه أنس بن مالك، وعبد الله بن عباس. روى عنه ابن حمزة، وعطاء بن أبي رباح، وحميد الطويل، وغيرهم. قال ابن سعد: "كان ثقة قليل الحديث". مترجم في التهذيب.
وسيأتي هذا الخبر بلفظ آخر برقم: ١١٤٧٧، فانظر تخريجه هناك.
و"الخبث" (بفتحتين) : النجس، يعني البول والغائط، ويقال لهما"الأخبثان".
(٣) الأثر: ١١٤٧٦ - في المطبوعة: "حدثنا ابن سهل"، أسقط"على"، وهي ثابتة في المخطوطة.
(٢) الأثر: ١١٤٧٥ -"موسى بن أنس بن مالك الأنصاري"، قاضي البصرة. روى عن أبيه أنس بن مالك، وعبد الله بن عباس. روى عنه ابن حمزة، وعطاء بن أبي رباح، وحميد الطويل، وغيرهم. قال ابن سعد: "كان ثقة قليل الحديث". مترجم في التهذيب.
وسيأتي هذا الخبر بلفظ آخر برقم: ١١٤٧٧، فانظر تخريجه هناك.
و"الخبث" (بفتحتين) : النجس، يعني البول والغائط، ويقال لهما"الأخبثان".
(٣) الأثر: ١١٤٧٦ - في المطبوعة: "حدثنا ابن سهل"، أسقط"على"، وهي ثابتة في المخطوطة.
58
بن أنس قال: خطب الحجاج فقال:"اغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلَكم، ظهورَهما وبطونَهما وعراقيبَهما، فإن ذلك أدنى إلى خبثكم". قال أنس: صدق الله وكذب الحجاج، قال الله:"وامسحوا برءوسكم وأرجلِكم إلى الكعبين". (١)
١١٤٧٨ - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا عبيد الله العتكي، عن عكرمة قال: ليس على الرجلين غسل، إنما نزل فيهما المسح. (٢)
١١٤٧٩ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون، عن عنبسة، عن جابر، عن أبي جعفر، قال: امسح على رأسك وقدميك.
١١٤٨٠ - حدثني أبو السائب قال، حدثنا ابن إدريس، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي قال: نزل جبريل بالمسح. قال: ثم قال الشعبي: ألا ترى أن"التيمم" أن يمسح ما كان غسلا ويُلغِي ما كان مسحًا؟
١١٤٨١ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي قال: أُمر بالتيمم فيما أُمر به بالغسل.
١١٤٨٢ - حدثني يعقوب قال: حدثنا ابن علية، عن داود، عن الشعبي أنه قال: إنما هو المسح على الرجلين، ألا ترى أنه ما كان عليه الغسل، جعل عليه المسح، وما كان عليه المسح أهمل؟
١١٤٨٣ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن عامر أنه قال: أمر أن يمسح في التيمم، ما أمر أن يغسل في الوضوء، وأبطل
١١٤٧٨ - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا عبيد الله العتكي، عن عكرمة قال: ليس على الرجلين غسل، إنما نزل فيهما المسح. (٢)
١١٤٧٩ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون، عن عنبسة، عن جابر، عن أبي جعفر، قال: امسح على رأسك وقدميك.
١١٤٨٠ - حدثني أبو السائب قال، حدثنا ابن إدريس، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي قال: نزل جبريل بالمسح. قال: ثم قال الشعبي: ألا ترى أن"التيمم" أن يمسح ما كان غسلا ويُلغِي ما كان مسحًا؟
١١٤٨١ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي قال: أُمر بالتيمم فيما أُمر به بالغسل.
١١٤٨٢ - حدثني يعقوب قال: حدثنا ابن علية، عن داود، عن الشعبي أنه قال: إنما هو المسح على الرجلين، ألا ترى أنه ما كان عليه الغسل، جعل عليه المسح، وما كان عليه المسح أهمل؟
١١٤٨٣ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن عامر أنه قال: أمر أن يمسح في التيمم، ما أمر أن يغسل في الوضوء، وأبطل
(١) الأثر: ١١٤٧٧ - انظر الأثر السالف رقم: ١١٤٧٥.
وفي المخطوطة: "أدنى إلى أخبثكم"، بإفراد"أخبث"، وإنما جاء على التثنية: "الأخبثان"، وهما البول والغائط. وأما في المطبوعة، فإنه جعلها"خبثكم" فأسقط الألف. والصواب ما أثبت.
وهذا الخبر رواه البيهقي في السنن ١: ٧١، من طريق يحيى بن أبي طالب، عن عبد الوهاب بن عطاء، عن حميد، به نحوه.
(٢) الأثر: ١١٤٧٨ -"عبيد الله العتكي" هو: "عبيد الله بن عبد الله العتكي"، أبو المنيب. مضى برقم: ١٦٣٤، ٤٢٦٨، ٥٥٠٠، وكان في المطبوعة والمخطوطة"عبد الله العتكي"، والصواب ما أثبته، مصغرا.
وفي المخطوطة: "أدنى إلى أخبثكم"، بإفراد"أخبث"، وإنما جاء على التثنية: "الأخبثان"، وهما البول والغائط. وأما في المطبوعة، فإنه جعلها"خبثكم" فأسقط الألف. والصواب ما أثبت.
وهذا الخبر رواه البيهقي في السنن ١: ٧١، من طريق يحيى بن أبي طالب، عن عبد الوهاب بن عطاء، عن حميد، به نحوه.
(٢) الأثر: ١١٤٧٨ -"عبيد الله العتكي" هو: "عبيد الله بن عبد الله العتكي"، أبو المنيب. مضى برقم: ١٦٣٤، ٤٢٦٨، ٥٥٠٠، وكان في المطبوعة والمخطوطة"عبد الله العتكي"، والصواب ما أثبته، مصغرا.
59
ما أمر أن يُمسح في الوضوء: الرأس والرجلان.
١١٤٨٤ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن داود، عن الشعبي قال: أمر أن يمسح بالصعيد في التيمم، ما أمر أن يغسل بالماء. وأهمِل ما أمر أن يمسح بالماء.
١١٤٨٥ - حدثنا ابن أبي زياد قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا إسماعيل قال: قلت لعامر: إن ناسًا يقولون إن جبريل ﷺ نزل بغسل الرجلين! فقال: نزل جبريل بالمسح. (١)
١١٤٨٦ - حدثنا أبو بشر الواسطي إسحاق بن شاهين قال، حدثنا خالد بن عبد الله، عن يونس قال، حدثني من صحب عكرمة إلى واسط قال: فما رأيته غسل رجليه، إنما يمسح عليهما، حتى خرج منها. (٢)
١١٤٨٧ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلِكم إلى الكعبين" افترض الله غَسلتين ومسحتين.
١١٤٨٨ - حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن الأعمش، عن يحيى بن وثَاب، عن علقمة: أنه قرأ:"وَأَرْجُلِكُمْ" مخفوضة"اللام". (٣)
١١٤٨٩ - حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن الأعمش، مثله.
١١٤٨٤ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن داود، عن الشعبي قال: أمر أن يمسح بالصعيد في التيمم، ما أمر أن يغسل بالماء. وأهمِل ما أمر أن يمسح بالماء.
١١٤٨٥ - حدثنا ابن أبي زياد قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا إسماعيل قال: قلت لعامر: إن ناسًا يقولون إن جبريل ﷺ نزل بغسل الرجلين! فقال: نزل جبريل بالمسح. (١)
١١٤٨٦ - حدثنا أبو بشر الواسطي إسحاق بن شاهين قال، حدثنا خالد بن عبد الله، عن يونس قال، حدثني من صحب عكرمة إلى واسط قال: فما رأيته غسل رجليه، إنما يمسح عليهما، حتى خرج منها. (٢)
١١٤٨٧ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلِكم إلى الكعبين" افترض الله غَسلتين ومسحتين.
١١٤٨٨ - حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن الأعمش، عن يحيى بن وثَاب، عن علقمة: أنه قرأ:"وَأَرْجُلِكُمْ" مخفوضة"اللام". (٣)
١١٤٨٩ - حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن الأعمش، مثله.
(١) الأثر: ١١٤٨٥ -"ابن أبي زياد"، هو: "عبد الله بن عبد الحكم بن أبي زياد القطواني"، مضى برقم: ٢٢٤٧، ٥٧٩٦، وغيرهما.
(٢) الأثر: ١١٤٨٦ -"إسحق بن شاهين الواسطي"، أبو بشر الواسطي"، مضى برقم: ٧٢١١، ٩٧٨٨.
و"خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن الواسطي"، مضى أيضا: ٤٤٣٣، ٧٢١١، ٩١٤١، ٩٧٨٨.
(٣) الأثر: ١١٤٨٨ -"يحيى بن وثاب الأسدي" المقرئ. روى عن ابن عمر، وابن عباس، وعلقمة. ثقة. قال الأعمش: "كان يحيى بن وثاب من أحسن الناس قراءة، وكان إذا قرأ لا يسمع في المسجد حركة". مترجم في التهذيب.
(٢) الأثر: ١١٤٨٦ -"إسحق بن شاهين الواسطي"، أبو بشر الواسطي"، مضى برقم: ٧٢١١، ٩٧٨٨.
و"خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن الواسطي"، مضى أيضا: ٤٤٣٣، ٧٢١١، ٩١٤١، ٩٧٨٨.
(٣) الأثر: ١١٤٨٨ -"يحيى بن وثاب الأسدي" المقرئ. روى عن ابن عمر، وابن عباس، وعلقمة. ثقة. قال الأعمش: "كان يحيى بن وثاب من أحسن الناس قراءة، وكان إذا قرأ لا يسمع في المسجد حركة". مترجم في التهذيب.
60
١١٤٩٠ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو الحسين العكلي، عن عبد الوارث، عن حميد، عن مجاهد: أنه كان يقرأ:"وَأَرْجُلِكُمْ". (١)
١١٤٩١ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا جابر بن نوح قال، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال، كان الشعبي يقرأ:"وَأَرْجُلِكُمْ" بالخفض.
١١٤٩٢ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن الحسن بن صالح، عن غالب، عن أبي جعفر، أنه قرأ:"وَأَرْجُلِكُمْ" بالخفض. (٢)
١١٤٩٣ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سلمة، عن الضحاك: أنه قرأ"وَأَرْجُلِكُمْ" بالكسر.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول عندنا في ذلك، أن الله عزّ ذكره أمر
١١٤٩١ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا جابر بن نوح قال، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال، كان الشعبي يقرأ:"وَأَرْجُلِكُمْ" بالخفض.
١١٤٩٢ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن الحسن بن صالح، عن غالب، عن أبي جعفر، أنه قرأ:"وَأَرْجُلِكُمْ" بالخفض. (٢)
١١٤٩٣ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سلمة، عن الضحاك: أنه قرأ"وَأَرْجُلِكُمْ" بالكسر.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول عندنا في ذلك، أن الله عزّ ذكره أمر
(١) الأثر: ١١٤٩٠ -"أبو الحسين العكلي"، هو"زيد بن الحباب العكلي"، مضى برقم: ٢١٨٥، ٥٣٥٠، ٨١٦٥، وغيرها. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "أبو الحسن" وهو خطأ.
و"عبد الوارث" هو: "عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان العنبري". إمام حافظ مقرئ. مضى برقم: ٢١٥٤، ٦٥٨٩، ٦٥٩١، ٦٨١٩. ومترجم أيضا في طبقات القراء للجزري ١: ٤٧٨، رقم: ١٩٨٩، أخذا القراءة عرضا على أبي عمرو بن العلاء، ورافقه في العرض علي حميد بن قيس المكي.
و"حميد" هو"حميد الأعرج"، "حميد بن قيس المكي الأسدي" القارئ، مضى برقم: ٣٣٥٢، ٦٤٦١، ومترجم أيضا في طبقات القراء للجزري ١: ٢٦٥، رقم: ١٢٠٠. أخذ القراءة عن"مجاهد بن جبر". روى القراءة عنه سفيان بن عيينة، وأبو عمرو بن العلاء، وعبد الوارث بن سعيد. توفى سنة ١٣٠.
(٢) الأثر: ١١٤٩٢ -"الحسن بن صالح بن حي الثوري"، مضى برقم: ١٧٨، ٥٣٤٧، ٧٥٩٤.
وأما "غالب"، فكأنه يعني"غالب بن فائد الأسدي" المقرئ، روى عن سفيان الثوري، وإسرائيل، وأبي بكر بن عياش، وعرض القراءة على حمزة الزيات. قال أبو حاتم: "هو مقرئ ليس به بأس". وقال أبو زرعة: "هو شيخ كوفي، لا أعرفه". مترجم في ابن أبي حاتم ٣/٢/٤٩.
وأما "أبو جعفر"، فهو"أبو جعفر المخزومي": "يزيد بن القعقاع"، الإمام القارئ، أحد القراء العشرة، تابعي مشهور كبير القدر. مترجم في طبقات القراء للجزري ٢: ٣٨٢، رقم: ٣٨٨٢.
و"عبد الوارث" هو: "عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان العنبري". إمام حافظ مقرئ. مضى برقم: ٢١٥٤، ٦٥٨٩، ٦٥٩١، ٦٨١٩. ومترجم أيضا في طبقات القراء للجزري ١: ٤٧٨، رقم: ١٩٨٩، أخذا القراءة عرضا على أبي عمرو بن العلاء، ورافقه في العرض علي حميد بن قيس المكي.
و"حميد" هو"حميد الأعرج"، "حميد بن قيس المكي الأسدي" القارئ، مضى برقم: ٣٣٥٢، ٦٤٦١، ومترجم أيضا في طبقات القراء للجزري ١: ٢٦٥، رقم: ١٢٠٠. أخذ القراءة عن"مجاهد بن جبر". روى القراءة عنه سفيان بن عيينة، وأبو عمرو بن العلاء، وعبد الوارث بن سعيد. توفى سنة ١٣٠.
(٢) الأثر: ١١٤٩٢ -"الحسن بن صالح بن حي الثوري"، مضى برقم: ١٧٨، ٥٣٤٧، ٧٥٩٤.
وأما "غالب"، فكأنه يعني"غالب بن فائد الأسدي" المقرئ، روى عن سفيان الثوري، وإسرائيل، وأبي بكر بن عياش، وعرض القراءة على حمزة الزيات. قال أبو حاتم: "هو مقرئ ليس به بأس". وقال أبو زرعة: "هو شيخ كوفي، لا أعرفه". مترجم في ابن أبي حاتم ٣/٢/٤٩.
وأما "أبو جعفر"، فهو"أبو جعفر المخزومي": "يزيد بن القعقاع"، الإمام القارئ، أحد القراء العشرة، تابعي مشهور كبير القدر. مترجم في طبقات القراء للجزري ٢: ٣٨٢، رقم: ٣٨٨٢.
61
بعموم مسح الرجلين بالماء في الوضوء، كما أمر بعموم مسح الوجه بالتراب في التيمم. وإذا فعل ذلك بهما المتوضئ، كان مستحقًّا اسم"ماسحٍ غاسلٍ"، لأن"غسلهما" إمرار الماء عليهما أو إصابتهما بالماء. و"مسحهما"، إمرار اليد أو ما قام مقام اليد عليهما. فإذا فعل ذلك بهما فاعل فهو"غاسل ماسح".
ولذلك= من احتمال"المسح" المعنيين اللذين وصفتُ من العموم والخصوص اللذين. أحدهما مسح ببعض والآخر مسح بالجميع= اختلفت قراءة القرأة في قوله:"وأرجلكم" فنصبها بعضهم= توجيها منه ذلك إلى أن الفرض فيهما الغسل وإنكارًا منه المسح عليهما، مع تظاهر الأخبار عن رسول الله ﷺ بعموم مسحهما بالماء. =وخفضها بعضهم، توجيها منه ذلك إلى أن الفرض فيهما المسح.
ولما قلنا في تأويل ذلك= إنه معنّي به عموم مسح الرجلين بالماء= كره من كره للمتوضئ الاجتزاءَ بإدخال رجليه في الماء دون مسحهما بيده، أو بما قام مقام اليد، توجيها منه قوله:"وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين" إلى مسح جميعهما عامًّا باليد، أو بما قام مقام اليد، دون بعضهما مع غسلهما بالماء، كما:-
١١٤٩٤ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان= قال، حدثنا نافع، عن ابن عمر= عن الأحول، عن طاوس، أنه سئل عن الرجل يتوضأ ويدخل رجليه في الماء. قال: ما أعدُّ ذلك طائلا. (١)
* * *
ولذلك= من احتمال"المسح" المعنيين اللذين وصفتُ من العموم والخصوص اللذين. أحدهما مسح ببعض والآخر مسح بالجميع= اختلفت قراءة القرأة في قوله:"وأرجلكم" فنصبها بعضهم= توجيها منه ذلك إلى أن الفرض فيهما الغسل وإنكارًا منه المسح عليهما، مع تظاهر الأخبار عن رسول الله ﷺ بعموم مسحهما بالماء. =وخفضها بعضهم، توجيها منه ذلك إلى أن الفرض فيهما المسح.
ولما قلنا في تأويل ذلك= إنه معنّي به عموم مسح الرجلين بالماء= كره من كره للمتوضئ الاجتزاءَ بإدخال رجليه في الماء دون مسحهما بيده، أو بما قام مقام اليد، توجيها منه قوله:"وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين" إلى مسح جميعهما عامًّا باليد، أو بما قام مقام اليد، دون بعضهما مع غسلهما بالماء، كما:-
١١٤٩٤ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان= قال، حدثنا نافع، عن ابن عمر= عن الأحول، عن طاوس، أنه سئل عن الرجل يتوضأ ويدخل رجليه في الماء. قال: ما أعدُّ ذلك طائلا. (١)
* * *
(١) الأثر: ١١٤٩٤ - في هذا الإسناد خطأ لم أهتد إلى صوابه، فإن"سفيان بن عيينة" لم يرو عن"نافع" مولى"ابن عمر".
وأخشى أن يكون صوابه"قال حدثنا عبد الرحمن، قال حدثنا سفيان = وحدثنا نافع بن عمر= عن الأحول... ".
وإن"عبد الرحمن بن مهدي"، يروي عن نافع بن عمر بن عبد الله بن جميل الجمحي"، ولكن لا أدري، أروى"نافع بن عمر" هذا عن"الأحول" أم لم يرو عنه.
وأما "الأحول"، فهو"سليمان بن أبي مسلم المكي"، روى عنه سفيان بن عيينة. ومضى برقم: ٧٨٦٧.
وقوله: "ما أعد ذلك طائلا" أي مغنيا أو مجزئا. وأصل"الطائل": النفع والفائدة.
ويقال: "هذا أمر لا طائل فيه"، إذا لم يكن فيه غناء ولا مزية.
وأخشى أن يكون صوابه"قال حدثنا عبد الرحمن، قال حدثنا سفيان = وحدثنا نافع بن عمر= عن الأحول... ".
وإن"عبد الرحمن بن مهدي"، يروي عن نافع بن عمر بن عبد الله بن جميل الجمحي"، ولكن لا أدري، أروى"نافع بن عمر" هذا عن"الأحول" أم لم يرو عنه.
وأما "الأحول"، فهو"سليمان بن أبي مسلم المكي"، روى عنه سفيان بن عيينة. ومضى برقم: ٧٨٦٧.
وقوله: "ما أعد ذلك طائلا" أي مغنيا أو مجزئا. وأصل"الطائل": النفع والفائدة.
ويقال: "هذا أمر لا طائل فيه"، إذا لم يكن فيه غناء ولا مزية.
62
وأجاز ذلك من أجاز، توجيهًا منه إلى أنه معنيٌّ به الغسل. كما:-
١١٤٩٥ - حدثني أبو السائب قال، حدثنا ابن إدريس قال: سمعت هشاما يذكر، عن الحسن، في الرجل يتوضأ في السفينة، قال: لا بأس أن يغمس رجليه غمسًا.
١١٤٩٦ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال: أخبرني أبو حرّة، عن الحسن في الرجل إذا توضأ على حرف السفينة، قال: يخضخِضُ قدميه في الماء. (١)
* * *
=فإذا كان"المسحَ" المعنيان اللذان وصفنا: من عموم الرجلين بالماء، وخصوص بعضهما به= وكان صحيحًا بالأدلّة الدالة التي سنذكرها بعدُ، أنّ مراد الله من مسحهما العموم، وكان لعمومهما بذلك معنى"الغسل" و"المسح"= فبيِّنٌ صواب قرأة القراءتين جميعًا (٢)
= أعني النصب في"الأرجل" والخفض. لأن في عموم الرجلين بمَسحهما بالماء غسلُهما، وفي إمرار اليد وما قام مقام اليد عليهما مسحُهما.
فوجه صواب قراءة من قرأ ذلك نصبا لما في ذلك من معنى عمومها بإمرار الماء عليهما. (٣)
ووجهُ صواب قراءة من قرأه خفضا، لما في ذلك من إمرار اليد عليهما، أو ما قام مقام اليد، مسحا بهما.
١١٤٩٥ - حدثني أبو السائب قال، حدثنا ابن إدريس قال: سمعت هشاما يذكر، عن الحسن، في الرجل يتوضأ في السفينة، قال: لا بأس أن يغمس رجليه غمسًا.
١١٤٩٦ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال: أخبرني أبو حرّة، عن الحسن في الرجل إذا توضأ على حرف السفينة، قال: يخضخِضُ قدميه في الماء. (١)
* * *
=فإذا كان"المسحَ" المعنيان اللذان وصفنا: من عموم الرجلين بالماء، وخصوص بعضهما به= وكان صحيحًا بالأدلّة الدالة التي سنذكرها بعدُ، أنّ مراد الله من مسحهما العموم، وكان لعمومهما بذلك معنى"الغسل" و"المسح"= فبيِّنٌ صواب قرأة القراءتين جميعًا (٢)
= أعني النصب في"الأرجل" والخفض. لأن في عموم الرجلين بمَسحهما بالماء غسلُهما، وفي إمرار اليد وما قام مقام اليد عليهما مسحُهما.
فوجه صواب قراءة من قرأ ذلك نصبا لما في ذلك من معنى عمومها بإمرار الماء عليهما. (٣)
ووجهُ صواب قراءة من قرأه خفضا، لما في ذلك من إمرار اليد عليهما، أو ما قام مقام اليد، مسحا بهما.
(١) الأثر: ١١٤٩٦ -"أبو حرة" البصري، هو"واصل بن عبد الرحمن"، مضى مثل هذا الإسناد برقم: ٦٣٨٥. وكان في المطبوعة هنا: "أبو حمزة"، وهو خطأ محض.
و"خضخض الماء": حركه.
(٢) في المطبوعة: "صواب القراءتين جميعا"، خالف المخطوطة وحذف."قرأة" (بفتح القاف والراء والهمزة)، جمع"قارئ"، كما سلف مئات من المرات.
(٣) في المطبوعة: "معنى عمومهما" بالتثنية، والصواب من المخطوطة.
و"خضخض الماء": حركه.
(٢) في المطبوعة: "صواب القراءتين جميعا"، خالف المخطوطة وحذف."قرأة" (بفتح القاف والراء والهمزة)، جمع"قارئ"، كما سلف مئات من المرات.
(٣) في المطبوعة: "معنى عمومهما" بالتثنية، والصواب من المخطوطة.
63
غير أنّ ذلك وإن كان كذلك، وكانت القراءتان كلتاهما حسنًا صوابًا، فأعجب القراءتين إليّ أن أقرأها، قراءة من قرأ ذلك خفضًا، لما وصفت من جمع"المسح" المعنيين اللذين وصفت، ولأنه بعد قوله:"وامسحوا برءوسكم" فالعطف به على"الرءوس" مع قربه منه، أولى من العطف به على"الأيدي"، وقد حيل بينه وبينها بقوله:"وامسحوا برءوسكم".
* * *
فإن قال قائل: وما الدليل على أن المراد بالمسح في الرجلين العموم، دون أن يكون خصوصًا، نظيرَ قولك في المسح بالرأس؟
قيل: الدليل على ذلك، تظاهرُ الأخبار عن رسول الله ﷺ أنه قال:"ويل للأعقاب وبُطون الأقدام من النار". ولو كان مسح بعض القدم مجزئا عن عمومها بذلك (١) لما كان لها الويل بترك ما تُرك مسحه منها بالماء بعد أن يُمسح بعضها. لأن من أدَّى فرض الله عليه فيما لزمه غسلُه منها لم يستحق الويل، بل يجب أن يكون له الثواب الجزيل. وفي وجوب الويل لعَقِب تارك غسل عَقِبه في وضوئه، (٢) أوضحُ الدليل على وجوب فرض العموم بمسح جميع القدم بالماء، وصحةِ ما قلنا في ذلك، وفسادِ ما خالفه.
* * *
ذكر بعض الأخبار المروية عن رسول الله ﷺ بما ذكرنا:
١١٤٩٧ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا شعبة، عن محمد بن زياد قال: كان أبو هريرة يمرُّ ونحن نتوضأ من المَطْهَرة، فيقول: (٣)
أسبغوا الوضوء، اسبغوا الوضوء، قال أبو القاسم: ويلٌ للعراقيبِ من النار.
* * *
فإن قال قائل: وما الدليل على أن المراد بالمسح في الرجلين العموم، دون أن يكون خصوصًا، نظيرَ قولك في المسح بالرأس؟
قيل: الدليل على ذلك، تظاهرُ الأخبار عن رسول الله ﷺ أنه قال:"ويل للأعقاب وبُطون الأقدام من النار". ولو كان مسح بعض القدم مجزئا عن عمومها بذلك (١) لما كان لها الويل بترك ما تُرك مسحه منها بالماء بعد أن يُمسح بعضها. لأن من أدَّى فرض الله عليه فيما لزمه غسلُه منها لم يستحق الويل، بل يجب أن يكون له الثواب الجزيل. وفي وجوب الويل لعَقِب تارك غسل عَقِبه في وضوئه، (٢) أوضحُ الدليل على وجوب فرض العموم بمسح جميع القدم بالماء، وصحةِ ما قلنا في ذلك، وفسادِ ما خالفه.
* * *
ذكر بعض الأخبار المروية عن رسول الله ﷺ بما ذكرنا:
١١٤٩٧ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا شعبة، عن محمد بن زياد قال: كان أبو هريرة يمرُّ ونحن نتوضأ من المَطْهَرة، فيقول: (٣)
أسبغوا الوضوء، اسبغوا الوضوء، قال أبو القاسم: ويلٌ للعراقيبِ من النار.
(١) في المطبوعة: "مجزئا عن عمومها"، والصواب من المخطوطة، وكأن الناشر قد اعتاد أن يضع"عن"، مكان"من" في مثل هذا، انظر ما سلف: ص: ٢٥، تعليق: ٣.
(٢) في المطبوعة: "فوجب الويل"، وهو فاسد. وفي المخطوطة: "في وجوب الويل"، سقط من الناسخ"الواو" من أول الكلام، فأثبتها.
(٣) "المطهرة" (بفتح الميم، وكسرها) : الإناء الذي يكون فيه الماء، ليتوضأ منه.
(٢) في المطبوعة: "فوجب الويل"، وهو فاسد. وفي المخطوطة: "في وجوب الويل"، سقط من الناسخ"الواو" من أول الكلام، فأثبتها.
(٣) "المطهرة" (بفتح الميم، وكسرها) : الإناء الذي يكون فيه الماء، ليتوضأ منه.
64
١١٤٩٨ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن شعبة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه= إلا أنه قال: ويل للأعقاب من النار. (١)
١١٤٩٩ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن محمد بن زياد قال: كان أبو هريرة يمرّ بأناس يتوضأون يُسِيئون الطهور، (٢) فيقول: اسبغوا الوضوء، فإني سمعت أبا القاسم ﷺ يقول: ويلٌ للعَقِب من النار.
١١٥٠٠ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو أسامة، عن شعبة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه.
١١٥٠١ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه.
١١٥٠٢ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ويل للأعقاب من النار. (٣)
١١٥٠٣ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا خالد بن مخلد قال، حدثني سليمان بن بلال قال، حدثني سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويل للأعقاب من النار يوم القيامة. (٤)
١١٥٠٤ - حدثني إسحاق بن شاهين وإسماعيل بن موسى قالا حدثنا خالد بن عبد الله، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال، قال
١١٤٩٩ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن محمد بن زياد قال: كان أبو هريرة يمرّ بأناس يتوضأون يُسِيئون الطهور، (٢) فيقول: اسبغوا الوضوء، فإني سمعت أبا القاسم ﷺ يقول: ويلٌ للعَقِب من النار.
١١٥٠٠ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو أسامة، عن شعبة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه.
١١٥٠١ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه.
١١٥٠٢ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ويل للأعقاب من النار. (٣)
١١٥٠٣ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا خالد بن مخلد قال، حدثني سليمان بن بلال قال، حدثني سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويل للأعقاب من النار يوم القيامة. (٤)
١١٥٠٤ - حدثني إسحاق بن شاهين وإسماعيل بن موسى قالا حدثنا خالد بن عبد الله، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال، قال
(١) في المخطوطة: "ويل للعراقيب"، كالذي قبله، ولا يستقيم ذلك، فالظاهر أن الصواب هو ما ثبت في المطبوعة.
(٢) في المطبوعة: "مسرعين الطهور"، وفي المخطوطة: "يسوون الطهور" فكأن قراءتها كما أثبت. ولو قرئت: (يُسوُون الطهور)، لكان صوابًا. فقد حكى ابن خالويه أنه يقال: "أسوى" بمعنى: أساء.
(٣) الآثار ١١٤٩٧ - ١١٥٠٢ - ست طرق، لخبر محمد بن زياد، عن أبي هريرة.
و"محمد بن زياد القرشي الجحمي"، تابعي ثقة.
والحديث، رواه البخاري (الفتح ١: ٢٣٣) ومسلم ٣: ١٣١، وأحمد في المسند رقم: ٧١٢٢، من طريق شعيب، عن محمد بن زياد، وبرقم: ٧٨٠٣، من طريق معمر، عن محمد بن زياد. وانظر تعليق أخي السيد أحمد عليه هناك. وهو حديث صحيح.
(٤) الأثر: ١١٥٠٣ -"خالد بن مخلد القطواني"، صدوق في الرواية، مضى برقم: ٢٢٠٦، ٤٥٧٧، ٨١٦٦، ٨٣٩٧.
و"سليمان بن بلال التيمي"، ثقة، مضى برقم: ٤٣٣٣، ٤٩٢٣، ١٠٨٤٦.
و"سهيل بن أبي صالح ذكوان السمان". ثقة، مضى برقم: ١٠٦٧٦.
وأبوه: "أبو صالح ذكوان السمان". مضى برقم: ٣٠٤، ٣٢٢٦، ٥٣٨٧.
حديث صحيح، رواه مسلم ١: ١٣١، من طريق جرير، عن سهيل، بنحوه. ورواه أحمد في مسنده رقم: ٧٧٧٨، من طريق معمر، عن سهيل، بمثله. وسيأتي في الذي يليه بإسناد آخر.
(٢) في المطبوعة: "مسرعين الطهور"، وفي المخطوطة: "يسوون الطهور" فكأن قراءتها كما أثبت. ولو قرئت: (يُسوُون الطهور)، لكان صوابًا. فقد حكى ابن خالويه أنه يقال: "أسوى" بمعنى: أساء.
(٣) الآثار ١١٤٩٧ - ١١٥٠٢ - ست طرق، لخبر محمد بن زياد، عن أبي هريرة.
و"محمد بن زياد القرشي الجحمي"، تابعي ثقة.
والحديث، رواه البخاري (الفتح ١: ٢٣٣) ومسلم ٣: ١٣١، وأحمد في المسند رقم: ٧١٢٢، من طريق شعيب، عن محمد بن زياد، وبرقم: ٧٨٠٣، من طريق معمر، عن محمد بن زياد. وانظر تعليق أخي السيد أحمد عليه هناك. وهو حديث صحيح.
(٤) الأثر: ١١٥٠٣ -"خالد بن مخلد القطواني"، صدوق في الرواية، مضى برقم: ٢٢٠٦، ٤٥٧٧، ٨١٦٦، ٨٣٩٧.
و"سليمان بن بلال التيمي"، ثقة، مضى برقم: ٤٣٣٣، ٤٩٢٣، ١٠٨٤٦.
و"سهيل بن أبي صالح ذكوان السمان". ثقة، مضى برقم: ١٠٦٧٦.
وأبوه: "أبو صالح ذكوان السمان". مضى برقم: ٣٠٤، ٣٢٢٦، ٥٣٨٧.
حديث صحيح، رواه مسلم ١: ١٣١، من طريق جرير، عن سهيل، بنحوه. ورواه أحمد في مسنده رقم: ٧٧٧٨، من طريق معمر، عن سهيل، بمثله. وسيأتي في الذي يليه بإسناد آخر.
65
رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ويلٌ للأعقاب من النار= وقال إسماعيل في حديثه: ويلٌ للعراقيب من النار". (١)
١١٥٠٥ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا حسين المعلم، عن يحيى بن أبي كثير، عن سالم الدوسي قال: دخلت مع عبد الرحمن بن أبي بكر على عائشة، فدعا بوضوء، فقالت عائشة: يا عبد الرحمن، أسبغ الوضوء، فإنّي سمعت رسول الله ﷺ يقول: ويل للأعقاب من النار. (٢).
١١٥٠٦ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عمر بن يونس الحنفي قال، حدثنا عكرمة بن عمار قال، حدثنا يحيى بن أبي كثير قال، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال، حدثني أبو سالم مولى المَهْري =هكذا قال عمر بن يونس= قال: خرجت أنا وعبد الرحمن بن أبي بكر في جنازة سعد بن أبي وقاص قال:
١١٥٠٥ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا حسين المعلم، عن يحيى بن أبي كثير، عن سالم الدوسي قال: دخلت مع عبد الرحمن بن أبي بكر على عائشة، فدعا بوضوء، فقالت عائشة: يا عبد الرحمن، أسبغ الوضوء، فإنّي سمعت رسول الله ﷺ يقول: ويل للأعقاب من النار. (٢).
١١٥٠٦ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عمر بن يونس الحنفي قال، حدثنا عكرمة بن عمار قال، حدثنا يحيى بن أبي كثير قال، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال، حدثني أبو سالم مولى المَهْري =هكذا قال عمر بن يونس= قال: خرجت أنا وعبد الرحمن بن أبي بكر في جنازة سعد بن أبي وقاص قال:
(١) الأثر: ١١٥٠٤ -"إسحق بن شاهين الواسطي"، مضى قريبا برقم: ١١٤٨٦.
و"إسمعيل بن موسى الفزاري" شيخ الطبري، مضى برقم: ٨٤٩، ٩٦٨٢.
و"خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن الواسطي الطحان"، مضى برقم: ٤٤٣٣، ٧٢١١، ٩١٤١، ٩٧٨٨.
وهذا إسناد آخر للحديث السالف.
(٢) الأثر: ١١٥٠٥ -"يحيى بن أبي كثير الطائي"، روى عن أنس، وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وعن سالم مولى دوس. ثقة مترجم في التهذيب.
وهذا الخبر رواه يحيى بن أبي كثير مرتين هنا وفي رقم: ١١٥٠٧، عن"سالم" مباشرة، ثم عنه بواسطة أبي سلمة بن عبد الرحمن، في الأثر التالي.
و"سالم الدوسي" هو"سالم بن عبد الله النصري"، و"أبو عبد الله مولى شداد"، و"سالم مولى شداد بن الهاد"، وهو"سالم مولى النصريين"، و"سالم سبلان"، و"سالم مولى مالك بن أوس بن الحدثان النصري" و"سالم مولى المهري"، و"سالم مولى دوس"، هذه كلها جاءت في أخباره، كما قال النووي في شرح مسلم. قال أبو حاتم: "كان سالم من خيار المسلمين"، وكانت عائشة تستعجب بأمانته، تستأجره. مترجم في التهذيب، والكبير ٢/٢/١١٠.
وسيأتي تخرج حديث"سالم" في رقم: ١١٥١٠.
و"إسمعيل بن موسى الفزاري" شيخ الطبري، مضى برقم: ٨٤٩، ٩٦٨٢.
و"خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن الواسطي الطحان"، مضى برقم: ٤٤٣٣، ٧٢١١، ٩١٤١، ٩٧٨٨.
وهذا إسناد آخر للحديث السالف.
(٢) الأثر: ١١٥٠٥ -"يحيى بن أبي كثير الطائي"، روى عن أنس، وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وعن سالم مولى دوس. ثقة مترجم في التهذيب.
وهذا الخبر رواه يحيى بن أبي كثير مرتين هنا وفي رقم: ١١٥٠٧، عن"سالم" مباشرة، ثم عنه بواسطة أبي سلمة بن عبد الرحمن، في الأثر التالي.
و"سالم الدوسي" هو"سالم بن عبد الله النصري"، و"أبو عبد الله مولى شداد"، و"سالم مولى شداد بن الهاد"، وهو"سالم مولى النصريين"، و"سالم سبلان"، و"سالم مولى مالك بن أوس بن الحدثان النصري" و"سالم مولى المهري"، و"سالم مولى دوس"، هذه كلها جاءت في أخباره، كما قال النووي في شرح مسلم. قال أبو حاتم: "كان سالم من خيار المسلمين"، وكانت عائشة تستعجب بأمانته، تستأجره. مترجم في التهذيب، والكبير ٢/٢/١١٠.
وسيأتي تخرج حديث"سالم" في رقم: ١١٥١٠.
66
فمررت أنا وعبد الرحمن على حُجرة عائشة أخت عبد الرحمن، فدعا عبد الرحمن بوضوء، فسمعت عائشة تناديه: يا عبد الرحمن، أسبغ الوضوء، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول:"ويل للأعقاب من النار" (١).
١١٥٠٧ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا أبو عامر قال، حدثنا علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن سالم مولى دَوْس قال: سمعت عائشة تقول لأخيها عبد الرحمن: يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء، فإنّي سمعت رسول الله ﷺ يقول: ويل للأعقاب من النار" (٢).
١١٥٠٧ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا أبو عامر قال، حدثنا علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن سالم مولى دَوْس قال: سمعت عائشة تقول لأخيها عبد الرحمن: يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء، فإنّي سمعت رسول الله ﷺ يقول: ويل للأعقاب من النار" (٢).
(١) الأثر: ١١٥٠٦-"عمر بن يونس الحنفي اليمامي"، ثقة ثبت. مضى برقم: ٤٤٣٥، ٨٢٢٤.
و"عكرمة بن عمار العجلي"، ثقة، مضى برقم: ٨٤٩، ٢١٨٥.
و"أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري"، ثقة. مضى برقم: ٨، ٦٧، ٣٠١٥، ٨٣٩٤.
و"أبو سالم مولى المهري"، هو"سالم الدوسي" الذي مضى في الأثر السالف. وقول الطبري: "هكذا قال عمر بن يونس"، يعني في روايته عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، فإن ابن حجر نقل في التهذيب في ترجمته: "وقال عبد الغني بن سعيد في إيضاح الإشكال: وهو الذي روى عنه أبو سلمة فقال: حدثنا أبو سالم، أو سالم، مولى المهري".
وقال البخاري في الكبير ٢/٢/١١٠: "وقال عكرمة، عن يحيى، حدثني أبو سلمة، حدثني أبو سالم المهري - ولا يصح". وهو يعني هذا الإسناد نفسه.
و"المهري" (بالراء والياء المشددة)، وكان في المطبوعة والمخطوطة بالدال، وهو خطأ محض. وسيأتي في التخريج في الأثر رقم: ١١٥١٠.
(٢) الأثر: ١١٥٠٧-"علي بن المبارك الهنائي" ثقة. قال أحمد: "كانت عنده كتب عن يحيى بن أبي كثير، بعضها سمعها، وبعضها عرض". مترجم في التهذيب.
وهذا الخبر أيضا من رواية يحيى بن أبي كثير، عن سالم، دون واسطة، كما أشرت إليه في التعليق على الأثر: ١١٥٠٥.
و"عكرمة بن عمار العجلي"، ثقة، مضى برقم: ٨٤٩، ٢١٨٥.
و"أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري"، ثقة. مضى برقم: ٨، ٦٧، ٣٠١٥، ٨٣٩٤.
و"أبو سالم مولى المهري"، هو"سالم الدوسي" الذي مضى في الأثر السالف. وقول الطبري: "هكذا قال عمر بن يونس"، يعني في روايته عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، فإن ابن حجر نقل في التهذيب في ترجمته: "وقال عبد الغني بن سعيد في إيضاح الإشكال: وهو الذي روى عنه أبو سلمة فقال: حدثنا أبو سالم، أو سالم، مولى المهري".
وقال البخاري في الكبير ٢/٢/١١٠: "وقال عكرمة، عن يحيى، حدثني أبو سلمة، حدثني أبو سالم المهري - ولا يصح". وهو يعني هذا الإسناد نفسه.
و"المهري" (بالراء والياء المشددة)، وكان في المطبوعة والمخطوطة بالدال، وهو خطأ محض. وسيأتي في التخريج في الأثر رقم: ١١٥١٠.
(٢) الأثر: ١١٥٠٧-"علي بن المبارك الهنائي" ثقة. قال أحمد: "كانت عنده كتب عن يحيى بن أبي كثير، بعضها سمعها، وبعضها عرض". مترجم في التهذيب.
وهذا الخبر أيضا من رواية يحيى بن أبي كثير، عن سالم، دون واسطة، كما أشرت إليه في التعليق على الأثر: ١١٥٠٥.
67
١١٥٠٨ - حدثني يعقوب وسوار بن عبد الله، قالا حدثنا يحيى القطان، عن ابن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي سلمة، أن عائشة رأت عبد الرحمن يتوضأ فقالت: أسبغ الوضوء، فإنّي سمعت رسول الله ﷺ يقول: ويل للأعقاب من النار. (١).
١١٥٠٩- حدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا ابن عيية ويحيى بن سعيد القطان، عن ابن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي سلمة، قال، رأت عائشة عبد الرحمن يتوضأ، فقالت: أسبغ الوضوء، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: ويلٌ للعراقيب من النار. (٢).
١١٥١٠ - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: أخبرنا أبو زرعة وهب الله بن راشد قال: أخبرنا حيوة بن شريح قال، أخبرنا أبو الأسود: أنّ أبا عبد الله مولى شدّاد بن الهاد حدّثه: أنه دخل على عائشة زوج النبي ﷺ وعندها عبد الرحمن، فتوضأ عبد الرحمن، ثم قام فأدبر، فنادته عائشة فقالت: يا عبد الرحمن! فأقبل عليها، فقالت له: إني سمعت رسول الله ﷺ يقول: ويلٌ للأعقاب من النار. (٣).
١١٥٠٩- حدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا ابن عيية ويحيى بن سعيد القطان، عن ابن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي سلمة، قال، رأت عائشة عبد الرحمن يتوضأ، فقالت: أسبغ الوضوء، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: ويلٌ للعراقيب من النار. (٢).
١١٥١٠ - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: أخبرنا أبو زرعة وهب الله بن راشد قال: أخبرنا حيوة بن شريح قال، أخبرنا أبو الأسود: أنّ أبا عبد الله مولى شدّاد بن الهاد حدّثه: أنه دخل على عائشة زوج النبي ﷺ وعندها عبد الرحمن، فتوضأ عبد الرحمن، ثم قام فأدبر، فنادته عائشة فقالت: يا عبد الرحمن! فأقبل عليها، فقالت له: إني سمعت رسول الله ﷺ يقول: ويلٌ للأعقاب من النار. (٣).
(١) الأثران: ١١٥٠٨، ١١٥٠٩-"أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف" روى عن عائشة بغير واسطة. وهذان الخبران لم يصرح فيهما أبو سلمة بسماعه من عائشة، وقد مضى برقم: ١١٥٠٦، أنه سمع ذلك من سالم مولى المهري.
(٢) الأثران: ١١٥٠٨، ١١٥٠٩-"أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف" روى عن عائشة بغير واسطة. وهذان الخبران لم يصرح فيهما أبو سلمة بسماعه من عائشة، وقد مضى برقم: ١١٥٠٦، أنه سمع ذلك من سالم مولى المهري.
(٣) الأثر: ١١٥١٠-"أبو زرعة، وهب الله بن راشد المصري"، مؤذن الفسطاط. مضى برقم: ٢٣٧٧، ٢٨٩١، ٥٠٠٥، ٥٣٨٦، ٦٤٥٨. وكان في المطبوعة هنا: "أخبرنا أبو رواحة وعبد الله بن راشد قالا"، تصرف في نص المخطوطة تصرفا قبيحا، وجعل الرجل الواحد رجلين، ووضع مكان"قال"، "قالا" وليس في العبث بالأمانة أقبح من هذا الفعل.
و"حيوة بن شريح"، مضى برقم: ٢٨٩١، ٣١٧٩.
و"أبو الأسود"، هو"يتيم عروة": "محمد بن عبد الرحمن بن نوفل بن الأسود الأسدي" مضى برقم: ٢٨٩١.
وكان في المطبوعة: "أخبرنا عبد الله مولى شداد بن الهاد"، وفي المخطوطة: "أنا عبد الله مولى شداد بن الهاد". والصواب بينهما ما أثبته بزيادة"أن"، كما في مسلم ٣: ١٢٨.
وهذا الخبر: ١١٥١٠، أخرجه مسلم في صحيحه ٣: ١٢٨، من طريق حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، عن حيوة، عن محمد بن عبد الرحمن، ولم يذكر لفظه. والطحاوي في شرح معاني الآثار ١: ٢٣، وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير ٢/٢/١١١، مختصرا.
وأما الحديث: ١١٥٠٦، فقد أخرجه مسلم في صحيحه ٣: ١٢٨، من طريق"محمد بن حاتم، وأبو معن الرقاشي، قال حدثنا عمر بن يونس، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثني يحيى بن أبي كثير، قال حدثني أو حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن، حدثني سالم مولى المهري"، ولم يقل عمر بن يونس فيه"أبو سالم المهري"، كما قال الطبري إنه كذلك في رواية"عمر بن يونس". وقد مضى أن البخاري قال في قوله: "أبو سالم المهري"، إنه لا يصح.
وحديث سالم، أخرجه مسلم أيضا (٣: ١٢٧، ١٢٨) من طريق عبد الله بن وهب، عن مخرمة بن بكير، عن سالم. وأخرجه البيهقي في السنن ١: ٦٩، والطيالسي: ٢١٧، رقم: ١٥٥٢، من طريق ابن أبي ذئب، عن عمران بن بشير، عن سالم سبلان، وفيه زيادة: "ويل للأعقاب من النار يوم القيامة"، وعنه البيهقي في السنن ١: ٦٩. ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار ١: ٢٣.
(٢) الأثران: ١١٥٠٨، ١١٥٠٩-"أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف" روى عن عائشة بغير واسطة. وهذان الخبران لم يصرح فيهما أبو سلمة بسماعه من عائشة، وقد مضى برقم: ١١٥٠٦، أنه سمع ذلك من سالم مولى المهري.
(٣) الأثر: ١١٥١٠-"أبو زرعة، وهب الله بن راشد المصري"، مؤذن الفسطاط. مضى برقم: ٢٣٧٧، ٢٨٩١، ٥٠٠٥، ٥٣٨٦، ٦٤٥٨. وكان في المطبوعة هنا: "أخبرنا أبو رواحة وعبد الله بن راشد قالا"، تصرف في نص المخطوطة تصرفا قبيحا، وجعل الرجل الواحد رجلين، ووضع مكان"قال"، "قالا" وليس في العبث بالأمانة أقبح من هذا الفعل.
و"حيوة بن شريح"، مضى برقم: ٢٨٩١، ٣١٧٩.
و"أبو الأسود"، هو"يتيم عروة": "محمد بن عبد الرحمن بن نوفل بن الأسود الأسدي" مضى برقم: ٢٨٩١.
وكان في المطبوعة: "أخبرنا عبد الله مولى شداد بن الهاد"، وفي المخطوطة: "أنا عبد الله مولى شداد بن الهاد". والصواب بينهما ما أثبته بزيادة"أن"، كما في مسلم ٣: ١٢٨.
وهذا الخبر: ١١٥١٠، أخرجه مسلم في صحيحه ٣: ١٢٨، من طريق حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، عن حيوة، عن محمد بن عبد الرحمن، ولم يذكر لفظه. والطحاوي في شرح معاني الآثار ١: ٢٣، وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير ٢/٢/١١١، مختصرا.
وأما الحديث: ١١٥٠٦، فقد أخرجه مسلم في صحيحه ٣: ١٢٨، من طريق"محمد بن حاتم، وأبو معن الرقاشي، قال حدثنا عمر بن يونس، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثني يحيى بن أبي كثير، قال حدثني أو حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن، حدثني سالم مولى المهري"، ولم يقل عمر بن يونس فيه"أبو سالم المهري"، كما قال الطبري إنه كذلك في رواية"عمر بن يونس". وقد مضى أن البخاري قال في قوله: "أبو سالم المهري"، إنه لا يصح.
وحديث سالم، أخرجه مسلم أيضا (٣: ١٢٧، ١٢٨) من طريق عبد الله بن وهب، عن مخرمة بن بكير، عن سالم. وأخرجه البيهقي في السنن ١: ٦٩، والطيالسي: ٢١٧، رقم: ١٥٥٢، من طريق ابن أبي ذئب، عن عمران بن بشير، عن سالم سبلان، وفيه زيادة: "ويل للأعقاب من النار يوم القيامة"، وعنه البيهقي في السنن ١: ٦٩. ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار ١: ٢٣.
68
١١٥١١ - حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، قال، حدثني أبو إسحاق، عن سعيد= أو: شعيب= بن أبي كرب قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ويل للعراقيب من النار" (١).
١١٥١٢- حدثنا خلاد بن أسلم قال، حدثنا النضر قال، أخبرنا شعبة،
١١٥١٢- حدثنا خلاد بن أسلم قال، حدثنا النضر قال، أخبرنا شعبة،
(١) الأثر: ١١٥١١-"أبو إسحق" هو السبيعي.
"سعيد بن أبي كرب (أو كريب) الهداني"، سئل أبو زرعة عنه فقال: "كوفي ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات. مترجم في التهذيب، والكبير ٢/١/٤٦٧، وابن أبي حاتم ٢/١/٥٧.
كان في المطبوعة والمخطوطة هنا"أبو إسحق، عن سعد = أو: سعيد= ابن أبي كرب". وهو خطأ لا شك فيه، فإن البخاري قد نص على أن شعبة قد روى عن أبي إسحق"عن سعيد = أو شعيب". وكذلك روى أحمد في مسنده ٣: ٣٦٩"عن أبي إسحق أنه سمع سعيد بن أبي كريب" أو: شعيب بن أبي كريب". وهكذا جاء في المسند، "كريب" مصغرا، ومثله في التهذيب، وابن ماجه.
وهذا الخبر رواه الطبري هنا من ثلاث طرق عن أبي إسحق، إلى رقم: ١١٥١٦، وسأذكر بقية تخريجه في الأثر الأخير.
"سعيد بن أبي كرب (أو كريب) الهداني"، سئل أبو زرعة عنه فقال: "كوفي ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات. مترجم في التهذيب، والكبير ٢/١/٤٦٧، وابن أبي حاتم ٢/١/٥٧.
كان في المطبوعة والمخطوطة هنا"أبو إسحق، عن سعد = أو: سعيد= ابن أبي كرب". وهو خطأ لا شك فيه، فإن البخاري قد نص على أن شعبة قد روى عن أبي إسحق"عن سعيد = أو شعيب". وكذلك روى أحمد في مسنده ٣: ٣٦٩"عن أبي إسحق أنه سمع سعيد بن أبي كريب" أو: شعيب بن أبي كريب". وهكذا جاء في المسند، "كريب" مصغرا، ومثله في التهذيب، وابن ماجه.
وهذا الخبر رواه الطبري هنا من ثلاث طرق عن أبي إسحق، إلى رقم: ١١٥١٦، وسأذكر بقية تخريجه في الأثر الأخير.
69
عن أبي إسحاق قال، سمعت ابن أبي كرب قال، سمعت جابر بن عبد الله قال، سمعت رسول الله ﷺ يقول: ويل للعَقِب= أو: العراقيب= من النار" (١).
١١٥١٣ - حدثني إسماعيل بن محمود الحجيري، قال، حدثنا خالد بن الحارث قال، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال، سمعت سعيدا يقول، سمعت جابرا يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: ويل للأعقاب من النار. (٢).
١١٥١٤ - حدثنا ابن بشار وابن المثني، قالا حدثنا عبد الرحمن، قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن أبي كرب، عن جابر بن عبد الله، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويل للعراقيب من النار. (٣)
١١٥١٥ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا الصباح بن محارب، عن محمد بن أبان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن أبي كرب، عن جابر بن عبد الله قال: سَمِع أذني من النبي صلى الله عليه وسلم: ويل للعراقيب من النار. (٤)
١١٥١٣ - حدثني إسماعيل بن محمود الحجيري، قال، حدثنا خالد بن الحارث قال، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال، سمعت سعيدا يقول، سمعت جابرا يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: ويل للأعقاب من النار. (٢).
١١٥١٤ - حدثنا ابن بشار وابن المثني، قالا حدثنا عبد الرحمن، قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن أبي كرب، عن جابر بن عبد الله، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويل للعراقيب من النار. (٣)
١١٥١٥ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا الصباح بن محارب، عن محمد بن أبان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن أبي كرب، عن جابر بن عبد الله قال: سَمِع أذني من النبي صلى الله عليه وسلم: ويل للعراقيب من النار. (٤)
(١) الأثر: ١١٥١٢-"خلاد بن أسلم"، أبو بكر الصفار، شيخ الطبري، مضى برقم: ٣٠٠٤.
و"النضر" هو: "النضر بن شميل المازني" النحوي البصري، روى له الأئمة، كان أروى الناس عن شعبة. وكان النضر إمام في العربية والحديث. مترجم في التهذيب.
وهذا الخبر مكرر الذي سلف.
(٢) الأثر: ١١٥١٣-"إسمعيل بن محمود الحجيري" شيخ الطبري. لم أجد له ترجمة ولا ذكرا فيما بين يدي من الكتب، ولا أدري أهو"الحجيري" أم"الجحيري"، فإنه في المخطوطة غير منقوط.
و"خالد بن الحارث بن عبيد الهجيمي"، سلف برقم: ٧٥٠٧، ٧٨١٨، ٩٨٧٨. وهذا الخبر مكرر الخبرين السالفين.
(٣) الأثر: ١١٥١٤- هذا الخبر من طريق سفيان عن أبي إسحق، رواه الطحاوي في معاني الآثار ١: ٣٣ من طريق مؤمل بن إسمعيل، عن سفيان، عن أبي إسحق، بزيادة في آخره: "أسبغوا الوضوء".
(٤) الأثر: ١١٥١٥، ١١٥١٦-"الصباح بن محارب التيمي" الكوفي ثقة، لم يرو له سوى ابن ماجه. قال أبو زرعة، وأبو حاتم: "صدوق". وقال العقيلي: "يخالف في بعض حديثه". مترجم في التهذيب.
و"محمد بن أبان بن صالح بن عمير الجعفي"، تزوج في الجعفيين، فنسب إليهم. ضعفوه، متكلم في حفظه. مضى برقم: ٢٧٢٠.
هذا، وأثر أبي إسحق، عن سعيد بن أبي كرب، رواه أحمد في المسند ٣: ٣٩٠ من طريق إسرائيل، عن أبي إسحق، وبمثله الطحاوي في معاني الآثار ١: ٣٣. ثم رواه أحمد في ٣: ٣٩٣ من طريق يزيد بن عطاء، عن أبي إسحق. ورواه ابن ماجه في سننه ١: ١٥٥، رقم: ٤٥٤، من طريق الأحوص، عن أبي إسحق.
و"النضر" هو: "النضر بن شميل المازني" النحوي البصري، روى له الأئمة، كان أروى الناس عن شعبة. وكان النضر إمام في العربية والحديث. مترجم في التهذيب.
وهذا الخبر مكرر الذي سلف.
(٢) الأثر: ١١٥١٣-"إسمعيل بن محمود الحجيري" شيخ الطبري. لم أجد له ترجمة ولا ذكرا فيما بين يدي من الكتب، ولا أدري أهو"الحجيري" أم"الجحيري"، فإنه في المخطوطة غير منقوط.
و"خالد بن الحارث بن عبيد الهجيمي"، سلف برقم: ٧٥٠٧، ٧٨١٨، ٩٨٧٨. وهذا الخبر مكرر الخبرين السالفين.
(٣) الأثر: ١١٥١٤- هذا الخبر من طريق سفيان عن أبي إسحق، رواه الطحاوي في معاني الآثار ١: ٣٣ من طريق مؤمل بن إسمعيل، عن سفيان، عن أبي إسحق، بزيادة في آخره: "أسبغوا الوضوء".
(٤) الأثر: ١١٥١٥، ١١٥١٦-"الصباح بن محارب التيمي" الكوفي ثقة، لم يرو له سوى ابن ماجه. قال أبو زرعة، وأبو حاتم: "صدوق". وقال العقيلي: "يخالف في بعض حديثه". مترجم في التهذيب.
و"محمد بن أبان بن صالح بن عمير الجعفي"، تزوج في الجعفيين، فنسب إليهم. ضعفوه، متكلم في حفظه. مضى برقم: ٢٧٢٠.
هذا، وأثر أبي إسحق، عن سعيد بن أبي كرب، رواه أحمد في المسند ٣: ٣٩٠ من طريق إسرائيل، عن أبي إسحق، وبمثله الطحاوي في معاني الآثار ١: ٣٣. ثم رواه أحمد في ٣: ٣٩٣ من طريق يزيد بن عطاء، عن أبي إسحق. ورواه ابن ماجه في سننه ١: ١٥٥، رقم: ٤٥٤، من طريق الأحوص، عن أبي إسحق.
70
١١٥١٦ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا الصباح بن محارب، عن محمد بن أبان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن أبي كرب، عن جابر بن عبد الله قال: سمع أذني من النبي صلى الله عليه وسلم:"ويلٌ للعراقيب من النار! أسبغوا الوضوء. (١)
١١٥١٧- حدثني الحسين بن علي الصدائي قال، حدثنا الوليد بن القاسم، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد الله قال: أبصر النبي ﷺ رجلا يتوضأ، وبقي من عَقِبه شيء، فقال: ويلٌ للعراقيب من النار. (٢).
١١٥١٨ - حدثني علي بن مسلم قال، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال، حدثنا حفص، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأى قوما يتوضأون لم يُصب أعقابَهم الماءُ، فقال: ويل للعراقيب من النار. (٣).
١١٥١٩ - حدثنا أبو سفيان الغنوي يزيد بن عمرو قال، حدثنا خلف بن الوليد قال، حدثني أيوب بن عتبة، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن معيقيب قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويل للعراقيب من النار. (٤)
١١٥١٧- حدثني الحسين بن علي الصدائي قال، حدثنا الوليد بن القاسم، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد الله قال: أبصر النبي ﷺ رجلا يتوضأ، وبقي من عَقِبه شيء، فقال: ويلٌ للعراقيب من النار. (٢).
١١٥١٨ - حدثني علي بن مسلم قال، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال، حدثنا حفص، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأى قوما يتوضأون لم يُصب أعقابَهم الماءُ، فقال: ويل للعراقيب من النار. (٣).
١١٥١٩ - حدثنا أبو سفيان الغنوي يزيد بن عمرو قال، حدثنا خلف بن الوليد قال، حدثني أيوب بن عتبة، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن معيقيب قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويل للعراقيب من النار. (٤)
(١) الأثر: ١١٥١٦- انظر التعليق على الأثر السالف.
(٢) الأثران: ١١٥١٧، ١١٥١٨-"أبو سفيان" هو: "طلحة بن نافع القرشي"، ثقة، مضى برقم: ٦٦٥٤.
وهذا الخبر رواه أحمد في المسند ٣: ٣١٦ من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، بنحوه.
(٣) الأثران: ١١٥١٧، ١١٥١٨-"أبو سفيان" هو: "طلحة بن نافع القرشي"، ثقة، مضى برقم: ٦٦٥٤.
وهذا الخبر رواه أحمد في المسند ٣: ٣١٦ من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، بنحوه.
(٤) الأثر: ١١٥١٩-"أبو سفيان الغنوي"، "يزيد بن عمرو"، شيخ الطبري، لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من الكتب.
و"معيقيب"، هو: "معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي"، ويقال: "معيقب"، أسلم قديما بمكة، وهاجر الهجرتين، وشهد بدرا. روي عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.
وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده ٣: ٤٢٦، ثم ٥: ٤٢٥، من طريق خلف بن الوليد بإسناده ولفظه. وقال ابن كثير في تفسيره ٣: ٩٢: "تفرد به أحمد".
(٢) الأثران: ١١٥١٧، ١١٥١٨-"أبو سفيان" هو: "طلحة بن نافع القرشي"، ثقة، مضى برقم: ٦٦٥٤.
وهذا الخبر رواه أحمد في المسند ٣: ٣١٦ من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، بنحوه.
(٣) الأثران: ١١٥١٧، ١١٥١٨-"أبو سفيان" هو: "طلحة بن نافع القرشي"، ثقة، مضى برقم: ٦٦٥٤.
وهذا الخبر رواه أحمد في المسند ٣: ٣١٦ من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، بنحوه.
(٤) الأثر: ١١٥١٩-"أبو سفيان الغنوي"، "يزيد بن عمرو"، شيخ الطبري، لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من الكتب.
و"معيقيب"، هو: "معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي"، ويقال: "معيقب"، أسلم قديما بمكة، وهاجر الهجرتين، وشهد بدرا. روي عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.
وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده ٣: ٤٢٦، ثم ٥: ٤٢٥، من طريق خلف بن الوليد بإسناده ولفظه. وقال ابن كثير في تفسيره ٣: ٩٢: "تفرد به أحمد".
71
١١٥٢٠ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي يحيى، عن عبد الله بن عمرو قال، رأى رسول الله ﷺ قوما يتوضأون، فرأى أعقابهم تلوح، فقال:"ويلٌ للأعقاب من النار! أسبغوا الوضوء. (١)
١١٥٢١- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي يحيى الأعرج، عن عبد الله بن عمرو قال: أبصر رسول الله ﷺ قومًا يتوضأون لم يتمُّوا الوضوء، فقال: أسبغوا الوضوء، ويلٌ للعراقيب =أو: الأعقاب= من النار! (٢)
١١٥٢٢ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن رجل من أهل مكة، عن عبد الله بن عمرو: أن النبي ﷺ رأى قوما يتوضأون، فلم يتمُّوا الوضوء، فقال: ويلٌ للأعقاب من النار. (٣).
١١٥٢١- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي يحيى الأعرج، عن عبد الله بن عمرو قال: أبصر رسول الله ﷺ قومًا يتوضأون لم يتمُّوا الوضوء، فقال: أسبغوا الوضوء، ويلٌ للعراقيب =أو: الأعقاب= من النار! (٢)
١١٥٢٢ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن رجل من أهل مكة، عن عبد الله بن عمرو: أن النبي ﷺ رأى قوما يتوضأون، فلم يتمُّوا الوضوء، فقال: ويلٌ للأعقاب من النار. (٣).
(١) الأثر: ١١٥٢٠- هذا الخبر رواه أبو جعفر من طريق سفيان، عن منصور، هنا، ورقم: ١١٥٢٣، ورواه برقم: ١١٥٢١ من طريق شعبة، عن منصور، ورواه برقم ١١٥٢٤، من طريق إسرائيل، عن منصور. وسيأتي تخريجه في آخرها.
(٢) الأثر: ١١٥٢٠- هذا الخبر رواه أبو جعفر من طريق سفيان، عن منصور، هنا، ورقم: ١١٥٢٣، ورواه برقم: ١١٥٢١ من طريق شعبة، عن منصور، ورواه برقم ١١٥٢٤، من طريق إسرائيل، عن منصور. وسيأتي تخريجه في آخرها.
(٣) الأثر: ١١٥٢٢-"أبو بشر"، "جعفر بن إياس"، وهو"ابن أبي وحشية"، سلف مرارا كثيرة.
وهذا الخبر أخرجه أحمد في مسنده برقم: ٦٩١١، من هذه الطريق نفسها، بلفظه. قال أخي السيد أحمد: "الرجل من أهل مكة الذي رواه عنه أبو بشر، هو: "يوسف بن ماهك.. ، كما نص عليه الحافظ في التعجيل: ٥٥١".
و"يوسف بن ماهك بن مهران الفارسي المكي"، ثقة عدل روى له الأئمة. مترجم في التهذيب. والحديث المصرح فيه بذكر"يوسف بن ماهك"، رواه البخاري (الفتح ١: ١٣٢، ١٧٠، ٢٣٢)، ومسلم في صحيحه ٣: ١٣٠، ١٣١.
وكان في المخطوطة في هذا الخبر"عن رجل من أهل مكة، عن عبد الرحمن بن عمرو"، وهو خطأ لا شك فيه، أحسن ناشر المطبوعة الأولى في تصحيحه وأصاب.
(٢) الأثر: ١١٥٢٠- هذا الخبر رواه أبو جعفر من طريق سفيان، عن منصور، هنا، ورقم: ١١٥٢٣، ورواه برقم: ١١٥٢١ من طريق شعبة، عن منصور، ورواه برقم ١١٥٢٤، من طريق إسرائيل، عن منصور. وسيأتي تخريجه في آخرها.
(٣) الأثر: ١١٥٢٢-"أبو بشر"، "جعفر بن إياس"، وهو"ابن أبي وحشية"، سلف مرارا كثيرة.
وهذا الخبر أخرجه أحمد في مسنده برقم: ٦٩١١، من هذه الطريق نفسها، بلفظه. قال أخي السيد أحمد: "الرجل من أهل مكة الذي رواه عنه أبو بشر، هو: "يوسف بن ماهك.. ، كما نص عليه الحافظ في التعجيل: ٥٥١".
و"يوسف بن ماهك بن مهران الفارسي المكي"، ثقة عدل روى له الأئمة. مترجم في التهذيب. والحديث المصرح فيه بذكر"يوسف بن ماهك"، رواه البخاري (الفتح ١: ١٣٢، ١٧٠، ٢٣٢)، ومسلم في صحيحه ٣: ١٣٠، ١٣١.
وكان في المخطوطة في هذا الخبر"عن رجل من أهل مكة، عن عبد الرحمن بن عمرو"، وهو خطأ لا شك فيه، أحسن ناشر المطبوعة الأولى في تصحيحه وأصاب.
72
١١٥٢٣ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي يحيى، عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله ﷺ رأى قوما يتوضأون وأعقابُهم تلوح، فقال: ويلٌ للأعقاب من النار! أسبغوا الوضوء. (١)
١١٥٢٤ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن منصور، عن هلال، عن أبي يحيى مولى عبد الله بن عمرو، عن عبد الله بن عمرو قال: كنا مع رسول الله ﷺ بين مكة والمدينة، فسبقنا ناس فتوضأوا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى أقدامهم بيضا من أثر الوضوء، فقال، ويلٌ للعراقيب من النار! أسبغوا الوضوء" (٢)
١١٥٢٥ - حدثني علي بن عبد الأعلى قال، حدثنا المحاربي، عن مطرح بن يزيد، عن عبيد الله بن زَحْر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويل للأعقاب من النار! قال: فما بقي في المسجد شريفٌ ولا وضيع إلا نظرتُ إليه يقلِّب عُرْقوبيه ينظر إليهما. (٣)
١١٥٢٤ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن منصور، عن هلال، عن أبي يحيى مولى عبد الله بن عمرو، عن عبد الله بن عمرو قال: كنا مع رسول الله ﷺ بين مكة والمدينة، فسبقنا ناس فتوضأوا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى أقدامهم بيضا من أثر الوضوء، فقال، ويلٌ للعراقيب من النار! أسبغوا الوضوء" (٢)
١١٥٢٥ - حدثني علي بن عبد الأعلى قال، حدثنا المحاربي، عن مطرح بن يزيد، عن عبيد الله بن زَحْر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويل للأعقاب من النار! قال: فما بقي في المسجد شريفٌ ولا وضيع إلا نظرتُ إليه يقلِّب عُرْقوبيه ينظر إليهما. (٣)
(١) الآثار: ١١٥٢٠- ١١٥٢٤، خلا الحديث (١١٥٢٢) - خبر منصور، عن هلال بن يساف، رواه الأئمة من طرق. رواه مسلم في صحيحه ٣: ١٢٨-١٣٠، وأحمد في مسنده من طرق رقم: ٦٥٢٨، ٦٨٠٩، ٦٨٨٣، والنسائي في سننه ١: ٧٧، ٧٨، وابن ماجه ١: ١٥٤، رقم: ٤٥٠، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١: ٣٣، والبيهقي في السنن ١: ٦٩. وانظر تخريجه في شرح المسند رقم: ٦٥٢٨.
وقوله: "تلوح": أي تلمع، من بياضها. وأتى في الأثر: ١١٥٢٤، "فرأى أقدامهم بيضا من أثر الوضوء".
(٢) الآثار: ١١٥٢٠- ١١٥٢٤، خلا الحديث (١١٥٢٢) - خبر منصور، عن هلال بن يساف، رواه الأئمة من طرق. رواه مسلم في صحيحه ٣: ١٢٨-١٣٠، وأحمد في مسنده من طرق رقم: ٦٥٢٨، ٦٨٠٩، ٦٨٨٣، والنسائي في سننه ١: ٧٧، ٧٨، وابن ماجه ١: ١٥٤، رقم: ٤٥٠، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١: ٣٣، والبيهقي في السنن ١: ٦٩. وانظر تخريجه في شرح المسند رقم: ٦٥٢٨.
وقوله: "تلوح": أي تلمع، من بياضها. وأتى في الأثر: ١١٥٢٤، "فرأى أقدامهم بيضا من أثر الوضوء".
(٣) الأثر: ١١٥٢٥-"مطرح بن يزيد الأسدي الكناني"، أبو المهلب. روى عن عبيد الله بن زحر. ضعيف قال أبو حاتم: "ليس بالقوي، هو ضعيف الحديث. يروي أحاديث بن زحر عن علي بن يزيد، فلا أدري من علي بن يزيد أو منه". مترجم في التهذيب، والكبير ٤/٢/١٩، وابن أبي حاتم ٤/١/٤٠٩.
و"عبيد الله بن زحر الضمري الإفريقي"، وثقه أخي السيد أحمد فيما سلف رقم: ٧٦٦٠، وقال، "ضعفه أحمد، وابن معين، وابن المديني.. ولم يذكره البخاري ولا النسائي في الضعفاء. ونرى أن من تكلم فيه، إنما هو من أجل نسخة يرويها عن علي بن يزيد الألهاني، الحمل فيها على علي بن يزيد". وانظر التهذيب.
و"علي بن يزيد الألهاني". ضعيف بمرة. روى عن القاسم بن عبد الرحمن، صاحب أبي أمامة، نسخة كبيرة. روى عن عبيد الله بن زحر، ومطرح بن يزيد، وآخرين. ضعفه أحمد. وقال ابن معين: "علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة"، "ضعاف كلها" وقال، "أحاديث عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد، ضعيفة". وقال البخاري: "منكر الحديث ضعيف".
"القاسم"، هو"القاسم بن عبد الرحمن الشامي"، اختلف فيه، قال أخي السيد أحمد: "والراجح أنه ثقة، وأن ما أنكر عليه، إنما جاء من الرواة عنه الضعفاء. وقد بينا ذلك في شرح المسند: ٥٩٨، وما علقنا به على تهذيب السنن للمنذري: ٢٣٧٦". مضى ذلك برقم: ١٩٣٩.
فهذا حديث ضعيف لضعف رواته.
وقوله: "تلوح": أي تلمع، من بياضها. وأتى في الأثر: ١١٥٢٤، "فرأى أقدامهم بيضا من أثر الوضوء".
(٢) الآثار: ١١٥٢٠- ١١٥٢٤، خلا الحديث (١١٥٢٢) - خبر منصور، عن هلال بن يساف، رواه الأئمة من طرق. رواه مسلم في صحيحه ٣: ١٢٨-١٣٠، وأحمد في مسنده من طرق رقم: ٦٥٢٨، ٦٨٠٩، ٦٨٨٣، والنسائي في سننه ١: ٧٧، ٧٨، وابن ماجه ١: ١٥٤، رقم: ٤٥٠، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١: ٣٣، والبيهقي في السنن ١: ٦٩. وانظر تخريجه في شرح المسند رقم: ٦٥٢٨.
وقوله: "تلوح": أي تلمع، من بياضها. وأتى في الأثر: ١١٥٢٤، "فرأى أقدامهم بيضا من أثر الوضوء".
(٣) الأثر: ١١٥٢٥-"مطرح بن يزيد الأسدي الكناني"، أبو المهلب. روى عن عبيد الله بن زحر. ضعيف قال أبو حاتم: "ليس بالقوي، هو ضعيف الحديث. يروي أحاديث بن زحر عن علي بن يزيد، فلا أدري من علي بن يزيد أو منه". مترجم في التهذيب، والكبير ٤/٢/١٩، وابن أبي حاتم ٤/١/٤٠٩.
و"عبيد الله بن زحر الضمري الإفريقي"، وثقه أخي السيد أحمد فيما سلف رقم: ٧٦٦٠، وقال، "ضعفه أحمد، وابن معين، وابن المديني.. ولم يذكره البخاري ولا النسائي في الضعفاء. ونرى أن من تكلم فيه، إنما هو من أجل نسخة يرويها عن علي بن يزيد الألهاني، الحمل فيها على علي بن يزيد". وانظر التهذيب.
و"علي بن يزيد الألهاني". ضعيف بمرة. روى عن القاسم بن عبد الرحمن، صاحب أبي أمامة، نسخة كبيرة. روى عن عبيد الله بن زحر، ومطرح بن يزيد، وآخرين. ضعفه أحمد. وقال ابن معين: "علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة"، "ضعاف كلها" وقال، "أحاديث عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد، ضعيفة". وقال البخاري: "منكر الحديث ضعيف".
"القاسم"، هو"القاسم بن عبد الرحمن الشامي"، اختلف فيه، قال أخي السيد أحمد: "والراجح أنه ثقة، وأن ما أنكر عليه، إنما جاء من الرواة عنه الضعفاء. وقد بينا ذلك في شرح المسند: ٥٩٨، وما علقنا به على تهذيب السنن للمنذري: ٢٣٧٦". مضى ذلك برقم: ١٩٣٩.
فهذا حديث ضعيف لضعف رواته.
73
١١٥٢٦ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا حسين، عن زائدة، عن ليث قال، حدثني عبد الرحمن بن سابط، عن أبي أمامة= أو: أخي أبى أمامة= أن رسول الله ﷺ أبصر أقواما يتوضأون، وفي عَقِب أحدهم =أو كعب أحدهم= مثلُ موضع الدرهم= أو: موضع الظفُر= لم يمسَّه الماء، فقال: ويلٌ للأعقاب من النار! فقال: فجعل الرجل إذا رأى في عقبه شيئا لم يصبه الماء أعادَ وضوءه. (١).
* * *
قال أبو جعفر: فإن قال قائل: فما أنت قائل فيما حدّثكم به:-
١١٥٢٧ - محمد بن المثنى قال، حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، عن أوس بن أبي أوس، قال: رأيت رسول الله ﷺ توضأ ومسح على نعليه، ثم قام فصلى. (٢)
* * *
* * *
قال أبو جعفر: فإن قال قائل: فما أنت قائل فيما حدّثكم به:-
١١٥٢٧ - محمد بن المثنى قال، حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، عن أوس بن أبي أوس، قال: رأيت رسول الله ﷺ توضأ ومسح على نعليه، ثم قام فصلى. (٢)
* * *
(١) الأثر: ١١٥٢٦-"عبد الرحمن بن سابط"، واختلف في اسمه فقيل هو: "عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط" انظر ما سلف رقم: ٥٠٣، ٥٠٤، ٥٩٩، ٤٣٤١. وهو تابعي ثقة. قيل ليحيى بن معين: "سمع عبد الرحمن من سعد بن أبي وقاص؟ قال: لا. قيل: من أبي أمامة؟ قال: لا. قيل: من جابر؟ قال: لا، هو مرسل"، فهذا خبر مرسل.
(٢) الأثر: ١١٥٢٧-"يعلى بن عطاء العامري الطائفي". روي عن أبيه، وأوس بن أبي أوس، وغيرهما. وروي عنه شعبة، والثوري، وحماد بن سلمة، وشريك، وهشيم. ثقة. مترجم في التهذيب.
وأبوه"عطاء العامري الطائفي". روى عن أوس بن أبي أوس، وابن عمرو بن العاص، وابن عباس. وروى عنه ابنه يعلى. ذكره ابن حبان في الثقات.
و"أوس بن أبي أوس الثقفي"، هو"أوس بن حذيفة" الصحابي.
وانظر الاختلاف في اسم أبيه، في التهذيب، والإصابة، والكبير للبخاري ١/٢/١٦، ١٧، وابن أبي حاتم ١/١/٣٠٣.
وسيأتي هذا الخبر برقم: ١١٥٢٩ من طريق هشيم، عن يعلى بن عطاء. وسنخرجه هناك.
(٢) الأثر: ١١٥٢٧-"يعلى بن عطاء العامري الطائفي". روي عن أبيه، وأوس بن أبي أوس، وغيرهما. وروي عنه شعبة، والثوري، وحماد بن سلمة، وشريك، وهشيم. ثقة. مترجم في التهذيب.
وأبوه"عطاء العامري الطائفي". روى عن أوس بن أبي أوس، وابن عمرو بن العاص، وابن عباس. وروى عنه ابنه يعلى. ذكره ابن حبان في الثقات.
و"أوس بن أبي أوس الثقفي"، هو"أوس بن حذيفة" الصحابي.
وانظر الاختلاف في اسم أبيه، في التهذيب، والإصابة، والكبير للبخاري ١/٢/١٦، ١٧، وابن أبي حاتم ١/١/٣٠٣.
وسيأتي هذا الخبر برقم: ١١٥٢٩ من طريق هشيم، عن يعلى بن عطاء. وسنخرجه هناك.
74
=وما حدثك به:_
١١٥٢٨ - عبد الله بن الحجاح بن المنهال قال، حدثني أبي قال، حدثنا جرير بن حازم قال، سمعت الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة قال: أتى رسول الله ﷺ سُبَاطة قوم فبال عليها قائما، ثم دعا بماء فتوضأ ومسح على نعليه. (١)
* * *
=وما حدثك به:-
١١٥٢٩ - الحارث قال، حدثنا القاسم بن سلام قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا يعلى بن عطاء، عن أبيه، عن أوس بن أبي أوس قال:"رأيت رسول الله ﷺ أتى سُبَاطة قوم، فتوضأ ومسح على قدميه" (٢)
* * *
١١٥٢٨ - عبد الله بن الحجاح بن المنهال قال، حدثني أبي قال، حدثنا جرير بن حازم قال، سمعت الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة قال: أتى رسول الله ﷺ سُبَاطة قوم فبال عليها قائما، ثم دعا بماء فتوضأ ومسح على نعليه. (١)
* * *
=وما حدثك به:-
١١٥٢٩ - الحارث قال، حدثنا القاسم بن سلام قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا يعلى بن عطاء، عن أبيه، عن أوس بن أبي أوس قال:"رأيت رسول الله ﷺ أتى سُبَاطة قوم، فتوضأ ومسح على قدميه" (٢)
* * *
(١) الأثر: ١١٥٢٨-"جرير بن حازم الأزدي العتكي"، مضى برقم: ٥٩٧، إمام حافظ، قال قراد: "قال لي شعبة: عليك بجرير بن حازم فاسمع منه. وقال ابنه وهب بن جرير: كان شعبة يأتي أبي فيسأله عن حديث الأعمش، فإذا حدثه قال: هكذا والله سمعته من الأعمش". فجرير يروى عن الأعمش، مباشرة، ثم من طريق شعبة عنه. بيد أن أبا جعفر الطبري، قال بعد في (ص: ٨٠) إن هذا الخبر لم ينقله عن الأعمش بهذا اللفظ غير جرير بن حازم، وإن أصحاب الأعمش الحفاظ الثقات، رووه عنه بغير هذا اللفظ. (انظر رقم: ١١٥٣١-١١٥٣٦). وقد نقله ابن كثير في تفسيره ٣: ٩٤، وقال، "وهو حديث صحيح" ثم قال عن هاتين الروايتين = رواية جرير بن حازم، ورواية الحفاظ من أصحاب الأعمش=: "ويحتمل الجمع بينهما بأن يكون في رجله خفان، عليهما نعلان".
(٢) الأثر: ١١٥٢٩- انظر التعليق على الأثر السالف رقم: ١١٥٢٨.
وهذا الحديث رواه أبو داود في سننه ١: ٧٨، رقم: ١٦٠، من طريق مسدد وعباد بن موسى، عن هشيم. ورواه أحمد في مسنده مختصرا ٤: ٨ عن هشيم. ولفظ أبي داود: "أن رسول الله ﷺ توضأ ومسح على نعليه وقدميه = وقال عباد: رأيت رسول الله ﷺ أتى كظامة قوم - يعني الميضأة، ولم يذكر مسدد: الميضأة، والكظامة - ثم اتفقا: فتوضأ ومسح على نعليه وقدميه".
وأما رواية أحمد في المسند: "رأيت رسول الله ﷺ أتى كظامة قوم فتوضأ".
وأما ما جاء في الخبر هنا"سباطة قوم"، فإنه خالف رواية أبي داود عن هشيم أنه قال"كظامة"، ومن العجيب أن ابن كثير نقل الخبر عن هذا الموضع من سنن أبي داود فكتب أيضا"سباطة قوم"، مع أن"الكظامة" (بكسر الكاف) جاءت مفسرة في حديث أبي داود أنها الميضأة. وأما "السباطة" (بضم السين)، فهي الكناسة، أو الموضع الذي يرمي فيه التراب والأوساخ وما يكنس من المنازل.
وأما "الكظامة"، فإن أبا داود فسرها بأنها الميضأة، وهو تفسير بالمعنى، وإلا فإنها قناة في باطن الأرض يجري الماء فيها.
وعجب آخر، أن ابن كثير كتب: "أتى سباطة قوم فبال"، فزاد"فبال"، وهي ليست في حديث هشيم هذا، في سنن أبي داود. ولا في المسند، فلا أدري من أين جاء بها؟ وأخشى أن تكون عجلة منه أو من ناسخ تفسيره، اشتبه عليه حديث"أبي وائل" عن حذيفة الآتي في رقم: ١١٥٣١ وما بعدها، فعجل فكتبه كذلك.
(٢) الأثر: ١١٥٢٩- انظر التعليق على الأثر السالف رقم: ١١٥٢٨.
وهذا الحديث رواه أبو داود في سننه ١: ٧٨، رقم: ١٦٠، من طريق مسدد وعباد بن موسى، عن هشيم. ورواه أحمد في مسنده مختصرا ٤: ٨ عن هشيم. ولفظ أبي داود: "أن رسول الله ﷺ توضأ ومسح على نعليه وقدميه = وقال عباد: رأيت رسول الله ﷺ أتى كظامة قوم - يعني الميضأة، ولم يذكر مسدد: الميضأة، والكظامة - ثم اتفقا: فتوضأ ومسح على نعليه وقدميه".
وأما رواية أحمد في المسند: "رأيت رسول الله ﷺ أتى كظامة قوم فتوضأ".
وأما ما جاء في الخبر هنا"سباطة قوم"، فإنه خالف رواية أبي داود عن هشيم أنه قال"كظامة"، ومن العجيب أن ابن كثير نقل الخبر عن هذا الموضع من سنن أبي داود فكتب أيضا"سباطة قوم"، مع أن"الكظامة" (بكسر الكاف) جاءت مفسرة في حديث أبي داود أنها الميضأة. وأما "السباطة" (بضم السين)، فهي الكناسة، أو الموضع الذي يرمي فيه التراب والأوساخ وما يكنس من المنازل.
وأما "الكظامة"، فإن أبا داود فسرها بأنها الميضأة، وهو تفسير بالمعنى، وإلا فإنها قناة في باطن الأرض يجري الماء فيها.
وعجب آخر، أن ابن كثير كتب: "أتى سباطة قوم فبال"، فزاد"فبال"، وهي ليست في حديث هشيم هذا، في سنن أبي داود. ولا في المسند، فلا أدري من أين جاء بها؟ وأخشى أن تكون عجلة منه أو من ناسخ تفسيره، اشتبه عليه حديث"أبي وائل" عن حذيفة الآتي في رقم: ١١٥٣١ وما بعدها، فعجل فكتبه كذلك.
75
=وما أشبه ذلك من الأخبار الدالة على أن المسح ببعض الرجلين في الوضوء مجزئ؟ قيل له: أما حديث أوس بن أبى أوس فإنه لا دلالة فيه على صحة ذلك، إذ لم يكن في الخبر الذي روي عنه ذكر أنه رأى النبي ﷺ توضأ بعد حدَثٍ يوجب عليه الوضوء لصلاته، فمسح على نعليه، أو على قدميه. وجائز أن يكون مسحه على قدميه الذي ذكره أوس كان في وضوء توضأه من غير حدث كان منه وجب عليه من أجله تجديد وضوئه، لأن الرواية عنه ﷺ أنه كان إذا توضأ لغير حدث، كذلك يفعل، يدل على ذلك ما:-
١١٥٣٠ - حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال، حدثنا أبو مالك الجنبي، عن مسلم، عن حبة العرني قال: رأيت عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه شرب في الرحبة قائما، ثم توضأ ومسح على نعليه وقال: هذا وضوء من لم يحدث، هكذا رأيت رسول الله ﷺ صنع. (١)
* * *
١١٥٣٠ - حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال، حدثنا أبو مالك الجنبي، عن مسلم، عن حبة العرني قال: رأيت عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه شرب في الرحبة قائما، ثم توضأ ومسح على نعليه وقال: هذا وضوء من لم يحدث، هكذا رأيت رسول الله ﷺ صنع. (١)
* * *
(١) الأثر: ١١٥٣٠-"محمد بن عبيد بن محمد بن واقد المحاربي" شيخ الطبري، مضت روايته عنه كثيرا منها: ١٩٥٢، ٣١٦٧، ٣٣٦٦، ٤٢٩٤، ٨٧٥٦، ٩١٨٠. روى عنه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وآخرون. قال النسائي: "لا بأس به"، وذكره ابن حبان في الثقات. مترجم في التهذيب.
و"أبو مالك الجنبي": هو: "عمرو بن هاشم الحنبي الكوفي". قال أحمد: "صدوق، ولم يكن صاحب حديث". وقال البخاري: "فيه نظر"، وقال أبو حاتم: "لين الحديث، يكتب حديثه". قال ابن سعد: "كان صدوقا، ولكنه كان يخطئ كثيرا"، وضعفه مسلم، وقال ابن حبان: "لا يجوز الاحتجاج بخبره". مترجم في التهذيب.
و"مسلم" و"مسلم الأعور" وهو: "مسلم بن كيسان الضبي الملائي" الأعور. مضى برقم: ٩٦٧٣. روى عن أنس بن مالك، ومجاهد وسعيد بن جبير، وحبة العرني، وغيرهم. قال البخاري: "يتكلمون فيه"، وقال أيضا: "ضعيف" ذاهب الحديث، لا أروى عنه". وقال عمرو بن علي: "كان يحيى بن سعيد، وابن مهدي، لا يحدثان عن مسلم الأعور، وكان شعبة وسفيان يحدثان عنه، وهو منكر الحديث جدا". مترجم في التهذيب.
و"حبة العرني" هو"حبة بن جوين بن علي بن عبدنهم العرني البجلي". روى عن ابن مسعود، وعلي، وعمار. روى عنه سلمة بن كهيل، والحكم بن عتيبة، ومسلم الأعور. قال ابن معين"حبة العرني، ليس بشيء". وقال البخاري: "فيه نظر، يذكر عنه سوء مذهب"، وقال النسائي: "ليس بالقوي"، وقال ابن سعد: "يضعف"، ونقل عن أحمد أنه وثقه، وقال العجلي: "كوفي تابعي ثقة". وقال ابن حبان: "كان غاليا في التشيع، واهيا في الحديث". مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري ٢/١/٨٦، وابن أبي حاتم ١/٢/٢٥٣.
وهذا خبر ضعيف كما ترى، بضعف رواته.
و"أبو مالك الجنبي": هو: "عمرو بن هاشم الحنبي الكوفي". قال أحمد: "صدوق، ولم يكن صاحب حديث". وقال البخاري: "فيه نظر"، وقال أبو حاتم: "لين الحديث، يكتب حديثه". قال ابن سعد: "كان صدوقا، ولكنه كان يخطئ كثيرا"، وضعفه مسلم، وقال ابن حبان: "لا يجوز الاحتجاج بخبره". مترجم في التهذيب.
و"مسلم" و"مسلم الأعور" وهو: "مسلم بن كيسان الضبي الملائي" الأعور. مضى برقم: ٩٦٧٣. روى عن أنس بن مالك، ومجاهد وسعيد بن جبير، وحبة العرني، وغيرهم. قال البخاري: "يتكلمون فيه"، وقال أيضا: "ضعيف" ذاهب الحديث، لا أروى عنه". وقال عمرو بن علي: "كان يحيى بن سعيد، وابن مهدي، لا يحدثان عن مسلم الأعور، وكان شعبة وسفيان يحدثان عنه، وهو منكر الحديث جدا". مترجم في التهذيب.
و"حبة العرني" هو"حبة بن جوين بن علي بن عبدنهم العرني البجلي". روى عن ابن مسعود، وعلي، وعمار. روى عنه سلمة بن كهيل، والحكم بن عتيبة، ومسلم الأعور. قال ابن معين"حبة العرني، ليس بشيء". وقال البخاري: "فيه نظر، يذكر عنه سوء مذهب"، وقال النسائي: "ليس بالقوي"، وقال ابن سعد: "يضعف"، ونقل عن أحمد أنه وثقه، وقال العجلي: "كوفي تابعي ثقة". وقال ابن حبان: "كان غاليا في التشيع، واهيا في الحديث". مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري ٢/١/٨٦، وابن أبي حاتم ١/٢/٢٥٣.
وهذا خبر ضعيف كما ترى، بضعف رواته.
76
=فقد أنبأ هذا الخبر عن صحة ما قلنا في معنى حديث أوس.
* * *
فإن قال: فإن حديث أوس، وإن كان محتملا من المعنى ما قلت، فإنه محتمل أيضا ما قاله من قال أنه معنيٌّ به المسح على النعلين أو القدمين في وضوء توضأه رسول الله ﷺ من حدثٍ؟
قيل: أحسن حالات الخبر ما حُمِّل ما قلتَ، (١) إن سلم له ما ادَّعى من احتماله ما ذكر من المسح على القدم أو النعل بعد الحدث، وإن كان ذلك غير محتمله عندنا، إذ كان غير جائز أن تكون فرائضُ الله وسنن رسوله ﷺ متنافيًة متعارضًة، وقد صح عنه ﷺ الأمرُ بعموم غسل القدمين في الوضوء بالماء، بالنقل المستفيض القاطع عذرَ من انتهى إليه وبلَغه. وإذْ كان
* * *
فإن قال: فإن حديث أوس، وإن كان محتملا من المعنى ما قلت، فإنه محتمل أيضا ما قاله من قال أنه معنيٌّ به المسح على النعلين أو القدمين في وضوء توضأه رسول الله ﷺ من حدثٍ؟
قيل: أحسن حالات الخبر ما حُمِّل ما قلتَ، (١) إن سلم له ما ادَّعى من احتماله ما ذكر من المسح على القدم أو النعل بعد الحدث، وإن كان ذلك غير محتمله عندنا، إذ كان غير جائز أن تكون فرائضُ الله وسنن رسوله ﷺ متنافيًة متعارضًة، وقد صح عنه ﷺ الأمرُ بعموم غسل القدمين في الوضوء بالماء، بالنقل المستفيض القاطع عذرَ من انتهى إليه وبلَغه. وإذْ كان
(١) في المطبوعة: "ما احتمل ما قلت"، وأثبت ما في المخطوطة، فإنه لا بأس به.
77
ذلك عنه صحيحا، فغير جائز أن يكون صحيحا عنه إباحةُ ترك غسل بعض ما قد أوجبَ فرضًا غَسْلَه في حال واحدة ووقت واحد، لأن ذلك إيجاب فرض وإبطاله في حال واحدة. وذلك عن أحكام الله وأحكام رسوله ﷺ منتفٍ.
غير أنا إذا سلَّمنا لمن ادَّعى في حديث أوس ما ادعى= من احتماله مسح النبيّ ﷺ على قدمه في حال وضوء من حدَث، ثقًة منا بالفَلَج عليه، بأنه لا حجة له في ذلك= (١) قلنا: فإذا كان محتملا ما ادَّعيت، أفمحتمل هو ما قلناه إنّ ذلك كان من النبي ﷺ في حال وضوئه لا من حدث؟ (٢)
فإن قال:"لا" ثبتت مكابرته لأنه لا بيان في خبر أوس أن النبي ﷺ فعل ذلك في وضوء من حدث.
وإن قال:"بل هو محتمل ما قلتَ ومحتمل ما قلنا".
قيل له: فما البرهان على أن تأويلك الذي ادَّعيتَ فيه أولى به من تأويلنا؟ فلن يدّعي برهانا على صحة دعواه في ذلك، إلا عُورض بمثله في خلاف دعواه.
وأما حديث حذيفة فإن الثِّقات الحفَّاظ من أصحاب الأعمش حدثوا به، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة:"أن النبي ﷺ أتى سُبَاطة قوم فبال قائما، ثم توضأ ومسح على خفيه".
١١٥٣١ - حدثنا بذلك أحمد بن عبدة الضبي قال، حدثنا أبو عوانة، عن
غير أنا إذا سلَّمنا لمن ادَّعى في حديث أوس ما ادعى= من احتماله مسح النبيّ ﷺ على قدمه في حال وضوء من حدَث، ثقًة منا بالفَلَج عليه، بأنه لا حجة له في ذلك= (١) قلنا: فإذا كان محتملا ما ادَّعيت، أفمحتمل هو ما قلناه إنّ ذلك كان من النبي ﷺ في حال وضوئه لا من حدث؟ (٢)
فإن قال:"لا" ثبتت مكابرته لأنه لا بيان في خبر أوس أن النبي ﷺ فعل ذلك في وضوء من حدث.
وإن قال:"بل هو محتمل ما قلتَ ومحتمل ما قلنا".
قيل له: فما البرهان على أن تأويلك الذي ادَّعيتَ فيه أولى به من تأويلنا؟ فلن يدّعي برهانا على صحة دعواه في ذلك، إلا عُورض بمثله في خلاف دعواه.
وأما حديث حذيفة فإن الثِّقات الحفَّاظ من أصحاب الأعمش حدثوا به، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة:"أن النبي ﷺ أتى سُبَاطة قوم فبال قائما، ثم توضأ ومسح على خفيه".
١١٥٣١ - حدثنا بذلك أحمد بن عبدة الضبي قال، حدثنا أبو عوانة، عن
(١) في المطبوعة: ".. في حال وضوء من حدث، ففيه نبأ بالفلج عليه، فإنه لا حجة له في ذلك"، وهو خلف من الكلام رديء لا معنى له. وكان في المخطوطة: ".. نفه منا بالفلح عليه فإنه لا حجة له في ذلك"، وصواب قراءة ذلك ما أثبته، وأخطأ ناسخ المخطوطة، فجعل"بأنه"، "فإنه" بالفاء. والصواب المحض هو ما أثبته. يقول: إذا سلمنا له ذلك ثقة منا بالفلج عليه.. قلنا: واستقام الكلام، والحمد لله وحده.
(٢) في المطبوعة: "في حال وضوئه لا من حدث"، وفي المخطوطة: "في حال وضوئه من حدث" خطأ أسقط"غير"، وصوابه ما أثبت، استظهارا من نهجه في عبارته فيما سلف، وإن كان ما في المطبوعة صواب مستعمل.
(٢) في المطبوعة: "في حال وضوئه لا من حدث"، وفي المخطوطة: "في حال وضوئه من حدث" خطأ أسقط"غير"، وصوابه ما أثبت، استظهارا من نهجه في عبارته فيما سلف، وإن كان ما في المطبوعة صواب مستعمل.
78
الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة.
١١٥٣٢- ح، حدثني المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي وائل، عن حذيفة.
١١٥٣٣ - ح، حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا حدثنا ابن إدريس، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة.
١١٥٣٤ - ح، حدثني أبو السائب قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة.
١١٥٣٥ - ح، حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي قال، حدثنا عمي يحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة.
١١٥٣٦ - ح، حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة. (١).
* * *
١١٥٣٢- ح، حدثني المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي وائل، عن حذيفة.
١١٥٣٣ - ح، حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا حدثنا ابن إدريس، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة.
١١٥٣٤ - ح، حدثني أبو السائب قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة.
١١٥٣٥ - ح، حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي قال، حدثنا عمي يحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة.
١١٥٣٦ - ح، حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة. (١).
* * *
(١) الآثار: ١١٥٣١- ١١٥٣٦-"أبو أوائل" هو"شقيق بن سلمة الأسدي"، من كبار التابعين الثقات، لا يسأل عن مثله. مضى كثيرا، منها رقم: ١٧٧، ٣٩٥٦، ٤٢٢٣، ٤٥٢٦، ٧٢٧٩، ٧٢٨٢، ٩٦٧١.
وهذا الحديث رواه الأئمة من طرق عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن حذيفة، بمثله. رواه البخاري (الفتح ١: ٢٨٢)، ليس فيه زيادة"ومسح على خفيه"، ولكن رواها مسلم في صحيحه ٣: ١٦٥، لأنها زيادة من حافظ. وانظر تفصيل ذلك فيما قاله ابن حجر في الفتح، وما كتبه أخي السيد أحمد في شرح الترمذي ١: ١٩، ٢٠.
هذا، وقد جاء الأثر: ١١٥٣٥، في المطبوعة: "حدثنا عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي، قال حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد"، وفي المخطوطة: "عمر بن يحيى بن سعيد"، وكل ذلك خطأ لا شك فيه.
وإن"عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي"، مضت ترجمته برقم ٣٠٠، ٢٨١٣، وهو يروى عن عمه"يحيى بن عيسى الرملي"، كما مضى هناك، ولم يذكر أنه روى عن غير عمه هذا.
وعمه"يحيى بن عيسى الرملي". مضى برقم: ٣٠٠، ٦٣١٧، ٩٠٣٥، وأما "عمر بن يحيى بن سعيد"، كما في المخطوطة، فليس في الرواة من سمى بذلك. وأما ما غيره ناشر المطبوعة"عمرو بن يحيى بن سعيد"، فإن في الرواة"عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص"، روى عن جده"سعيد بن عمرو" وروى عنه ابن عيينة وروح بن عبادة، وهذه الطبقة، لا يدرك"عيسى بن عثمان الرملي" أن يروى عنه. وظاهر أن الناسخ كتب مكان"عمي""عمر" وزاد بعده"بن"، وأخطأ في قراءة"عيسى"، فكتب"سعيد"، فرددت الإسناد إلى صوابه.
وهذا الحديث رواه الأئمة من طرق عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن حذيفة، بمثله. رواه البخاري (الفتح ١: ٢٨٢)، ليس فيه زيادة"ومسح على خفيه"، ولكن رواها مسلم في صحيحه ٣: ١٦٥، لأنها زيادة من حافظ. وانظر تفصيل ذلك فيما قاله ابن حجر في الفتح، وما كتبه أخي السيد أحمد في شرح الترمذي ١: ١٩، ٢٠.
هذا، وقد جاء الأثر: ١١٥٣٥، في المطبوعة: "حدثنا عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي، قال حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد"، وفي المخطوطة: "عمر بن يحيى بن سعيد"، وكل ذلك خطأ لا شك فيه.
وإن"عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي"، مضت ترجمته برقم ٣٠٠، ٢٨١٣، وهو يروى عن عمه"يحيى بن عيسى الرملي"، كما مضى هناك، ولم يذكر أنه روى عن غير عمه هذا.
وعمه"يحيى بن عيسى الرملي". مضى برقم: ٣٠٠، ٦٣١٧، ٩٠٣٥، وأما "عمر بن يحيى بن سعيد"، كما في المخطوطة، فليس في الرواة من سمى بذلك. وأما ما غيره ناشر المطبوعة"عمرو بن يحيى بن سعيد"، فإن في الرواة"عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص"، روى عن جده"سعيد بن عمرو" وروى عنه ابن عيينة وروح بن عبادة، وهذه الطبقة، لا يدرك"عيسى بن عثمان الرملي" أن يروى عنه. وظاهر أن الناسخ كتب مكان"عمي""عمر" وزاد بعده"بن"، وأخطأ في قراءة"عيسى"، فكتب"سعيد"، فرددت الإسناد إلى صوابه.
79
=وكل هؤلاء يحدّث ذلك عن الأعمش، بالإسناد الذي ذكرنا عن حذيفة:"أن النبي ﷺ مسح على خفيه"، وهم أصحاب الأعمش. ولم ينقل هذا الحديث عن الأعمش غير جرير بن حازم. (١) ولو لم يخالفه في ذلك مخالف، لوجب التثبت فيه لشذوذه، فكيف والثِّقات من أصحاب الأعمش يخالفونه في روايته ما روى من ذلك!! ولو صح ذلك عن النبي ﷺ كان جائزا أن يكون مسح على نعليه وهما ملبوستان فوق الجوربين، وإذا جاز ذلك لم يكن لأحد صرفُ الخبر إلى أحد المعاني المحتمِلِها الخَبرُ إلا بحجة يجب التسليم لها.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾
قال أبو جعفر: واختلف أهل التأويل في"الكعب".
فقال بعضهم بما:-
١١٥٣٧ - حدثني أحمد بن حازم الغفاري قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا القاسم بن الفضل الحدّاني، قال، قال أبو جعفر: أين"الكعبين"؟ فقال القوم: هاهنا. فقال: هذا رأس الساق! ولكن"الكعبين" هما عند المفصل (٢)
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾
قال أبو جعفر: واختلف أهل التأويل في"الكعب".
فقال بعضهم بما:-
١١٥٣٧ - حدثني أحمد بن حازم الغفاري قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا القاسم بن الفضل الحدّاني، قال، قال أبو جعفر: أين"الكعبين"؟ فقال القوم: هاهنا. فقال: هذا رأس الساق! ولكن"الكعبين" هما عند المفصل (٢)
(١) انظر ما سلف في التعليق على الأثر: ١١٥٢٨.
(٢) الأثر: ١١٥٣٧-"القاسم بن الفضل بن معدان بن قريط الحداني، الأزدي"، أبو المغيرة. لم يكن حدانيا، كان نازلا فيهم، هو أزدي من بني الحارث بن مالك. روى عن أبيه وابن سيرين، ومعاوية بن قرة، وأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين. وغيرهم. ثقة ثبت. قال يحيى القطان: "كان منكرا"، يعني من فطنته. مترجم في التهذيب، والكبير ٤/١/١٦٩، وابن أبي حاتم ٣/٢/١١٦.
و"أبو جعفر" هو الباقر: "محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب"، مضى برقم: ٥١٢٣، ٥٤٦٣.
وفي المطبوعة هنا: "أين الكعبان"، وأثبت ما في المخطوطة، فهو صواب محض، استفهم عن"الكعبين" في لفظ الآية.
(٢) الأثر: ١١٥٣٧-"القاسم بن الفضل بن معدان بن قريط الحداني، الأزدي"، أبو المغيرة. لم يكن حدانيا، كان نازلا فيهم، هو أزدي من بني الحارث بن مالك. روى عن أبيه وابن سيرين، ومعاوية بن قرة، وأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين. وغيرهم. ثقة ثبت. قال يحيى القطان: "كان منكرا"، يعني من فطنته. مترجم في التهذيب، والكبير ٤/١/١٦٩، وابن أبي حاتم ٣/٢/١١٦.
و"أبو جعفر" هو الباقر: "محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب"، مضى برقم: ٥١٢٣، ٥٤٦٣.
وفي المطبوعة هنا: "أين الكعبان"، وأثبت ما في المخطوطة، فهو صواب محض، استفهم عن"الكعبين" في لفظ الآية.
80
١١٥٣٨ - حدثني يونس قال، أخبرنا أشهب قال، قال مالك:"الكعب" الذي يجب الوضوء إليه، هو الكعب الملتصق بالساق المحاذِي العقب، وليس بالظاهر في ظاهر القدم.
* * *
وقال آخرون بما:-
١١٥٣٩ - حدثنا الربيع قال، قال الشافعي: لم أعلم مخالفًا في أن"الكعبين" اللذين ذكرهما الله في كتابه في الوضوء، هما الناتئان وهما مجمع مَفْصِل الساق والقدم (١)
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن"الكعبين" هما العظمان اللذان في مفصل الساق والقدم، تسمِّيهما العرب"المِنْجَمين". (٢) وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول: هما عظما الساق في طرفها (٣)
* * *
واختلف أهل العلم في وجوب غسلهما في الوضوء وفي الحدّ الذي ينبغي أن يبلغ بالغسل إليه من الرجلين نحو اختلافهم في وجوب غسل المرفقين، وفي الحد الذي ينبغي أن يبلغ بالغسل إليه من اليدين. وقد ذكرنا ذلك ودللنا على الصحيح من القول فيه بعلله فيما مضى قبل، بما أغنى عن إعادته. (٤)
* * *
* * *
وقال آخرون بما:-
١١٥٣٩ - حدثنا الربيع قال، قال الشافعي: لم أعلم مخالفًا في أن"الكعبين" اللذين ذكرهما الله في كتابه في الوضوء، هما الناتئان وهما مجمع مَفْصِل الساق والقدم (١)
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن"الكعبين" هما العظمان اللذان في مفصل الساق والقدم، تسمِّيهما العرب"المِنْجَمين". (٢) وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول: هما عظما الساق في طرفها (٣)
* * *
واختلف أهل العلم في وجوب غسلهما في الوضوء وفي الحدّ الذي ينبغي أن يبلغ بالغسل إليه من الرجلين نحو اختلافهم في وجوب غسل المرفقين، وفي الحد الذي ينبغي أن يبلغ بالغسل إليه من اليدين. وقد ذكرنا ذلك ودللنا على الصحيح من القول فيه بعلله فيما مضى قبل، بما أغنى عن إعادته. (٤)
* * *
(١) هذا في الأم للشافعي ١: ٢٣ مع خلاف يسير في لفظه، قال الشافعي"لم أسمع مخالفا في أن الكعبين اللذين ذكر الله عز وجل في الوضوء هما الكعبان الناتئان..".
وكان في المطبوعة هنا"مجمع فصل الساق والقدم"، وهو خطأ لا شك فيه.
(٢) "المنجم" (بكسر الميم وسكون النون وفتح الجيم) و (بفتح الميم وسكون النون وكسر الجيم) مثل: "منبر" و"مجلس"، ويقال مثل: "مقعد" (بفتحتين) : وهو الكعب والعرقوب، وكل ما نتأ.
(٣) لم أعرف قائل هذا، وهو صواب محض.
(٤) انظر ما سلف قريبا ص: ٤٧، ٤٨.
وكان في المطبوعة هنا"مجمع فصل الساق والقدم"، وهو خطأ لا شك فيه.
(٢) "المنجم" (بكسر الميم وسكون النون وفتح الجيم) و (بفتح الميم وسكون النون وكسر الجيم) مثل: "منبر" و"مجلس"، ويقال مثل: "مقعد" (بفتحتين) : وهو الكعب والعرقوب، وكل ما نتأ.
(٣) لم أعرف قائل هذا، وهو صواب محض.
(٤) انظر ما سلف قريبا ص: ٤٧، ٤٨.
81
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"وإن كنتم جنبا" وإن كنتم أصابتكم جنابة قبل أن تقوموا إلى صلاتكم فقمتم إليها="فاطَّهَّروا"، يقول: فتطهّروا بالاغتسال منها قبل دخولكم في صلاتكم التي قمتم إليها. (١)
* * *
ووحَّد"الجُنب" وهو خبر عن الجميع، لأنه اسم خرج مخرج الفعل (٢) كما قيل:"رجل عَدْل وقوم عدل"، و"رجل زَوْرٌ وقوم زَوْرٌ"، وما أشبه ذلك لفظ الواحد والجميع والاثنين والذكر والأنثى فيه واحد.
يقال منه:"أجنَب الرجل" و"جَنُب" و"اجتَنَب" (٣) والفعل"الجنابة"، و"الاجناب". (٤) وقد سمع في جمعه"أجناب"، وليس ذلك بالمستفيض الفاشي في كلام العرب، بل الفصيح من كلامهم ما جاء به القرآن (٥).
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: إن كنتم جرحى أو مُجَدَّرين (٦) وأنتم
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"وإن كنتم جنبا" وإن كنتم أصابتكم جنابة قبل أن تقوموا إلى صلاتكم فقمتم إليها="فاطَّهَّروا"، يقول: فتطهّروا بالاغتسال منها قبل دخولكم في صلاتكم التي قمتم إليها. (١)
* * *
ووحَّد"الجُنب" وهو خبر عن الجميع، لأنه اسم خرج مخرج الفعل (٢) كما قيل:"رجل عَدْل وقوم عدل"، و"رجل زَوْرٌ وقوم زَوْرٌ"، وما أشبه ذلك لفظ الواحد والجميع والاثنين والذكر والأنثى فيه واحد.
يقال منه:"أجنَب الرجل" و"جَنُب" و"اجتَنَب" (٣) والفعل"الجنابة"، و"الاجناب". (٤) وقد سمع في جمعه"أجناب"، وليس ذلك بالمستفيض الفاشي في كلام العرب، بل الفصيح من كلامهم ما جاء به القرآن (٥).
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: إن كنتم جرحى أو مُجَدَّرين (٦) وأنتم
(١) انظر تفسير"التطهر" فيما سلف ٤: ٣٨٣-٣٨٧.
(٢) "الفعل" هنا، يعني به المصدر، كما سلف مرارا. انظر فهارس المصطلحات.
(٣) "اجتنب"، زيادة عما جاء في كتب اللغة، وعندهم أيضا: "تجنب" و"استجنب" في هذا المعنى.
(٤) "الفعل" هنا، يعني به المصدر، كما سلف مرارا. انظر فهارس المصطلحات.
(٥) انظر تفسير"الجنب"، فيما سلف ٨: ٣٤٠، ٣٧٩، ولم يشرح أبو جعفر هناك هذا الحرف، ثم استوفاه في هذا الموضع. وهو من اختصاره في تفسيره.
(٦) يقال، "جدر الرجل، جدرا" (بالبناء للمجهول، بضم أوله وكسر ثانيه) "فهو جدير". و"جدر" (بالبناء للمجهول مشدد الدال) "فهو مجدر"، إذا أصابه الجدري.
(٢) "الفعل" هنا، يعني به المصدر، كما سلف مرارا. انظر فهارس المصطلحات.
(٣) "اجتنب"، زيادة عما جاء في كتب اللغة، وعندهم أيضا: "تجنب" و"استجنب" في هذا المعنى.
(٤) "الفعل" هنا، يعني به المصدر، كما سلف مرارا. انظر فهارس المصطلحات.
(٥) انظر تفسير"الجنب"، فيما سلف ٨: ٣٤٠، ٣٧٩، ولم يشرح أبو جعفر هناك هذا الحرف، ثم استوفاه في هذا الموضع. وهو من اختصاره في تفسيره.
(٦) يقال، "جدر الرجل، جدرا" (بالبناء للمجهول، بضم أوله وكسر ثانيه) "فهو جدير". و"جدر" (بالبناء للمجهول مشدد الدال) "فهو مجدر"، إذا أصابه الجدري.
82
جنب =
وقد بيَّنا أن ذلك كذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته (١).
* * *
وأما قوله:"أو على سفر" فإنه يقول: وإن كنتم مسافرين وأنتم جنب (٢) ="أو جاء أحد منكم من الغائط" يقول: أو جاء أحدكم وقد قضى حاجته فيه وهو مسافر. وإنما عنى بذكر مجيئه منه قضاء حاجته فيه (٣).
= أو لامستم النساء" يقول أو جامعتم النساء وأنتم مسافرون. وقد ذكرنا اختلاف المختلفين فيما مضى قبل في"اللمس" وبينا أولى الأقوال في ذلك بالصواب فيما مضى بما أغنى عن إعادته (٤).
* * *
فإن قال قائل: وما وجه تكرير قوله:"أو لامستم النساء" إن كان معنى"اللمس" الجماع، وقد مضى ذكر الواجب عليه بقوله:"وإن كنتم جنبا فاطّهروا"؟
قيل: وجه تكرير ذلك أن المعنى الذي ألزمه تعالى ذكره من فرضه (٥) بقوله:"وإن كنتم جنبا فاطهروا" غيُر المعنى الذي ألزمه بقوله:"أو لامستم النساء" وذلك أنه بيَّن حكمه في قوله:"وإن كنتم جنبا فاطهروا" إذا كان له السبيل إلى الماء الذي يطهّره، ففرض عليه الاغتسال به (٦) ثم بيَّن حكمه إذا أعوزه الماء فلم يجد إليه السبيلَ وهو مسافر غير مريض مقيم، فأعلمه أن التيمم بالصعيد له حينئذ الطهور.
* * *
وقد بيَّنا أن ذلك كذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته (١).
* * *
وأما قوله:"أو على سفر" فإنه يقول: وإن كنتم مسافرين وأنتم جنب (٢) ="أو جاء أحد منكم من الغائط" يقول: أو جاء أحدكم وقد قضى حاجته فيه وهو مسافر. وإنما عنى بذكر مجيئه منه قضاء حاجته فيه (٣).
= أو لامستم النساء" يقول أو جامعتم النساء وأنتم مسافرون. وقد ذكرنا اختلاف المختلفين فيما مضى قبل في"اللمس" وبينا أولى الأقوال في ذلك بالصواب فيما مضى بما أغنى عن إعادته (٤).
* * *
فإن قال قائل: وما وجه تكرير قوله:"أو لامستم النساء" إن كان معنى"اللمس" الجماع، وقد مضى ذكر الواجب عليه بقوله:"وإن كنتم جنبا فاطّهروا"؟
قيل: وجه تكرير ذلك أن المعنى الذي ألزمه تعالى ذكره من فرضه (٥) بقوله:"وإن كنتم جنبا فاطهروا" غيُر المعنى الذي ألزمه بقوله:"أو لامستم النساء" وذلك أنه بيَّن حكمه في قوله:"وإن كنتم جنبا فاطهروا" إذا كان له السبيل إلى الماء الذي يطهّره، ففرض عليه الاغتسال به (٦) ثم بيَّن حكمه إذا أعوزه الماء فلم يجد إليه السبيلَ وهو مسافر غير مريض مقيم، فأعلمه أن التيمم بالصعيد له حينئذ الطهور.
* * *
(١) انظر ما سلف ٨: ٣٨٥-٣٨٨.
(٢) انظر تفسير"على سفر" فيما سلف ٨: ٣٨٨.
(٣) انظر تفسير"الغائط" فيما سلف ٥: ٣٥٤/٨: ٣٨٨. وفي المطبوعة: "بعد قضاء حاجته"، وأثبت ما في المخطوطة، وكان فيها"فقد قضى".
(٤) انظر تفسير"الملامسة" و"اللمس" فيما سلف ٨: ٣٨٩-٤٠٦.
(٥) في المطبوعة: "أن المعنى الذي ذكره تعالى من فرضه"، وكان في المخطوطة: "أن المعنى الذي تعالى ذكره"، سقط منها"ألزمه"، استظهرتها من تمام الجملة.
(٦) في المطبوعة: "فرض" حذف الفاء، وهو خطل.
(٢) انظر تفسير"على سفر" فيما سلف ٨: ٣٨٨.
(٣) انظر تفسير"الغائط" فيما سلف ٥: ٣٥٤/٨: ٣٨٨. وفي المطبوعة: "بعد قضاء حاجته"، وأثبت ما في المخطوطة، وكان فيها"فقد قضى".
(٤) انظر تفسير"الملامسة" و"اللمس" فيما سلف ٨: ٣٨٩-٤٠٦.
(٥) في المطبوعة: "أن المعنى الذي ذكره تعالى من فرضه"، وكان في المخطوطة: "أن المعنى الذي تعالى ذكره"، سقط منها"ألزمه"، استظهرتها من تمام الجملة.
(٦) في المطبوعة: "فرض" حذف الفاء، وهو خطل.
83
القول في تأويل قوله: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدًا طيبًا" فإن لم تجدوا= أيها المؤمنون إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم مرضى مقيمون، أو على سفر أصحَّاء، أو قد جاء أحد منكم من قضاء حاجته، أو جامع أهلَه في سفره="ماء فتيمموا صعيدا طيبا، يقول: فتعمَّدوا واقصدوا وجه الأرض="طيبا"، يعني: طاهرا نظيفا غير قذر ولا نجس، جائزا لكم حلالا="فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه" يقول: فاضربوا بأيديكم الصعيد الذي تيممتموه وتعمدتموه بأيديكم، فامسحوا بوجوهكم وأيديكم مما عَلِق بأيديكم="منه"، يعني: من الصعيد الذي ضربتموه بأيديكم من تُرابه وغباره.
وقد بينا فيما مضى كيفية"المسح بالوجوه والأيدي منه"= واختلاف المختلفين في ذلك= والقول في معنى"الصعيد" و"التيمم"، ودللنا على الصحيح من القول في كل ذلك بما أغنى عن تكريره في هذا الموضع (١).
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج" ما يريد الله= بما فرض عليكم من الوضوء إذا قمتم إلى صلاتكم، والغُسل
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدًا طيبًا" فإن لم تجدوا= أيها المؤمنون إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم مرضى مقيمون، أو على سفر أصحَّاء، أو قد جاء أحد منكم من قضاء حاجته، أو جامع أهلَه في سفره="ماء فتيمموا صعيدا طيبا، يقول: فتعمَّدوا واقصدوا وجه الأرض="طيبا"، يعني: طاهرا نظيفا غير قذر ولا نجس، جائزا لكم حلالا="فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه" يقول: فاضربوا بأيديكم الصعيد الذي تيممتموه وتعمدتموه بأيديكم، فامسحوا بوجوهكم وأيديكم مما عَلِق بأيديكم="منه"، يعني: من الصعيد الذي ضربتموه بأيديكم من تُرابه وغباره.
وقد بينا فيما مضى كيفية"المسح بالوجوه والأيدي منه"= واختلاف المختلفين في ذلك= والقول في معنى"الصعيد" و"التيمم"، ودللنا على الصحيح من القول في كل ذلك بما أغنى عن تكريره في هذا الموضع (١).
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج" ما يريد الله= بما فرض عليكم من الوضوء إذا قمتم إلى صلاتكم، والغُسل
(١) انظر تفسير"المسح بالوجوه والأيدي" فيما سلف ٨: ٤١٠-٤٢٥ = وتفسير التيمم" فيما سلف ٨: ٤٠٧، تعليق: ٢، والمراجع هناك = وتفسير"الصعيد" فيما سلف ٨: ٤٠٨، ٤٠٩ = وتفسير"الطيب" فيما سلف ٨: ٤٠٩، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
84
من جنابتكم والتيمم صعيدا طيبا عند عدمكم الماء="ليجعل عليكم من حرج= ليلزمكم في دينكم من ضيق، ولا ليعنتكم فيه.
* * *
وبما قلنا في معنى"الحرج" قال أهل التأويل (١).
ذكر من قال ذلك:
١١٥٤٠ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن خالد بن دينار، عن أبي العالية= وعن أبي مكين، عن عكرمة في قوله:"من حرج" قالا من ضيق.
١١٥٤١ - حدثنا محمد بن عمرو، قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"من حرج" من ضيق.
١١٥٤٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٦) ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"ولكن يريد ليطهركم" ولكن الله يريد أن يطهِّركم بما فرض عليكم من الوضوء من الأحداث والغسلِ من الجنابة، والتيمم عند عدم الماء، فتنظفوا وتطهّروا بذلك أجسامكم من الذنوب (٢). كما:-
١١٥٤٣ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد قال، حدثنا قتادة عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة: أنّ رسول الله ﷺ قال: إن الوضوء يكفّر ما قبله، ثم تصير الصلاة نافلة. قال قلت: أنت سمعت
* * *
وبما قلنا في معنى"الحرج" قال أهل التأويل (١).
ذكر من قال ذلك:
١١٥٤٠ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن خالد بن دينار، عن أبي العالية= وعن أبي مكين، عن عكرمة في قوله:"من حرج" قالا من ضيق.
١١٥٤١ - حدثنا محمد بن عمرو، قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"من حرج" من ضيق.
١١٥٤٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٦) ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"ولكن يريد ليطهركم" ولكن الله يريد أن يطهِّركم بما فرض عليكم من الوضوء من الأحداث والغسلِ من الجنابة، والتيمم عند عدم الماء، فتنظفوا وتطهّروا بذلك أجسامكم من الذنوب (٢). كما:-
١١٥٤٣ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد قال، حدثنا قتادة عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة: أنّ رسول الله ﷺ قال: إن الوضوء يكفّر ما قبله، ثم تصير الصلاة نافلة. قال قلت: أنت سمعت
(١) انظر تفسير"الحرج" فيما سلف ٨: ٥١٨، وما سلف من فهارس اللغة.
(٢) انظر تفسير"التطهر" فيما سلف قريبا ص: ٨٢، تعليق: ١.
(٢) انظر تفسير"التطهر" فيما سلف قريبا ص: ٨٢، تعليق: ١.
85
ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، غيرَ مرة، ولا مرتين، ولا ثلاث، ولا أربع، ولا خمس (١).
١١٥٤٤ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا معاذ بن هشام قال، حدثني أبي، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة صديّ بن عجلان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحوه (٢).
١١٥٤٥ - حدثنا أبو كريب، ومحمد بن المثني ويحيى بن داود الواسطي، قالوا، حدثنا إبراهيم بن يزيد مردانبه القرشي قال، أخبرنا رقبة بن مصقلة العبدي، عن شمر بن عطية، عن شهر بن حوشب، عن أبي إمامة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من توضأ فأحسن الوضوء ثم قام إلى الصلاة، خرجت ذنوبه من سمعه وبصره ويديه ورجليه" (٣)
١١٥٤٤ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا معاذ بن هشام قال، حدثني أبي، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة صديّ بن عجلان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحوه (٢).
١١٥٤٥ - حدثنا أبو كريب، ومحمد بن المثني ويحيى بن داود الواسطي، قالوا، حدثنا إبراهيم بن يزيد مردانبه القرشي قال، أخبرنا رقبة بن مصقلة العبدي، عن شمر بن عطية، عن شهر بن حوشب، عن أبي إمامة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من توضأ فأحسن الوضوء ثم قام إلى الصلاة، خرجت ذنوبه من سمعه وبصره ويديه ورجليه" (٣)
(١) الأثر: ١١٥٤٣-"سعيد"، هو: سعيد بن أبي عروبة.
و"شهر بن حوشب"، تابعي ثقة، مضى توثيقه برقم: ١٤٨٩، ٥٢٤٤، ٦٦٥٠-٦٦٥٢. فهو حديث صحيح الإسناد، وسيأتي بإسنادين آخرين بعد.
وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده ٥: ٢٥١، من طريق محمد بن بشر، عن سعيد = وفي ص ٢٦١، من طريق محمد بن جعفر، عن سعيد. بمثله.
هذا، وقد كان في المخطوطة والمطبوعة: "لا مرة ولا مرتين.."، وهذا غير جائز، إلا أن يقول: "لا ثلاثا، ولا أربعا، ولا خمسا" بالنصب. فمن أجل ذلك، ومن أجل رواية أحمد في الموضعين، ورواية الطيالسي في مسنده: ١٥٤، جعلت"غير" مكان"لا". كما في روايتهم.
(٢) الأثر: ١١٥٤٤-"معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي"، مضى مرارا وأبوه"هشام الدستوائي"، مضى مرارا.
وهذا إسناد آخر للخبر السالف، من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة. رواه أبو داود الطيالسي في مسنده من هذه الطريق نفسها ص: ١٥٤، رقم: ١١٢٩.
وخبر أبي أمامة هذا، رواه أحمد من طرق أخرى. فرواه من طريق أبي خريم، عقبة بن أبي الصهباء، عن أبي غالب الراسبي، عن أبي أمامة (٥: ٢٥٤) = ومن طريق سليم بن حيان، عن أبي غالب، عن أبي أمامة (٥: ٢٥٥) = ومن طريق حماد بن سلمة، عن أبي غالب، عن أبي أمامة (٥: ٢٥٦)، بغير هذا اللفظ. ومن هذه الطريق رواه أبو داود الطيالسي في مسنده ص: ١٥٥ رقم: ١١٣٥، بمثله.
(٣) الأثر: ١١٥٤٥-"يحيى بن داود بن ميمون الواسطي"، شيخ الطبري. ذكره ابن حبان في الثقات وقال: "مستقيم الحديث"، مات سنة ٢٤٤. مضت رواية الطبري عنه برقم: ٤٤٥١. مترجم في التهذيب.
"إبراهيم بن يزيد بن مردانبه القرشي المخزومي"، مولى عمرو بن حريث. قال أبو حاتم: "شيخ، يكتب حديثه ولا يحتج به". مترجم في التهذيب، والخلاصة، والكبير ١/١/٣٣٦.
وكان في المطبوعة: "إبراهيم بن يزيد يزرانبه" (بالياء في أوله)، كما في الخلاصة، وبحذف (بن). وضبطه في الخلاصة: "بفتح التحتانية، والمهملة، بينهما زاي ساكنة، ثم نون بعد الألف، وموحدة".
أما في المخطوطة ففيها: "يزيد بن مردانيه" بإثبات"بن" وبياء منقوطة، والصواب بالباء. وهكذا جاء في التهذيب، وفي تاريخ البخاري، وذكره البخاري أيضا بالذال"مرذانبه"، وضبطه في التقريب"بنون، ثم موحدة". فأثبت ما اتفقت عليه المخطوطة، وتاريخ البخاري، وضبط التقريب.
و"رقبة بن مصقلة بن عبد الله العبدي"، قال أحمد: "شيخ ثقة من الثقات، مأمون" وكان مفوها، يعد من رجالات العرب، وكانت فيه دعابة. مترجم في التهذيب.
و"شمر بن عطية بن بهدلة، وغيرهم. قال ابن سعد: "ثقة، وله أحاديث صالحة".
وهذا الخبر رواه أحمد من طريق وكيع، عن الأعمش، عن شمر، عن شهر، في مسنده ٥: ٢٥٢، ٢٥٦، وخرجه في مجمع الزوائد، وقال: "رواه أحمد والطبراني في الكبير بنحوه، وإسناده حسن". وفيه في رواية الخبر زيادة في آخره: "فإن قعد قعد مغفورا له".
ثم رواه أحمد في المسند من طرق أخرى، من طريق أبي النضر، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة (٥: ٢٦٣)، مطولا، وخرجه صاحب مجمع الزوائد (١: ٢٢٢)، وقال: "رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط. وفي إسناد أحمد: عبد الحميد بن بهرام، عن شهر. واختلف في الاحتجاج بهما، والصحيح أنهما ثقتان، ولا يقدح الكلام فيهما".
ثم رواه أحمد أيضا في المسند (٥: ٢٦٤) من طريقين، عن زائدة، عن عاصم بن أبي النجود، عن شهر بن حوشب.
و"شهر بن حوشب"، تابعي ثقة، مضى توثيقه برقم: ١٤٨٩، ٥٢٤٤، ٦٦٥٠-٦٦٥٢. فهو حديث صحيح الإسناد، وسيأتي بإسنادين آخرين بعد.
وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده ٥: ٢٥١، من طريق محمد بن بشر، عن سعيد = وفي ص ٢٦١، من طريق محمد بن جعفر، عن سعيد. بمثله.
هذا، وقد كان في المخطوطة والمطبوعة: "لا مرة ولا مرتين.."، وهذا غير جائز، إلا أن يقول: "لا ثلاثا، ولا أربعا، ولا خمسا" بالنصب. فمن أجل ذلك، ومن أجل رواية أحمد في الموضعين، ورواية الطيالسي في مسنده: ١٥٤، جعلت"غير" مكان"لا". كما في روايتهم.
(٢) الأثر: ١١٥٤٤-"معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي"، مضى مرارا وأبوه"هشام الدستوائي"، مضى مرارا.
وهذا إسناد آخر للخبر السالف، من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة. رواه أبو داود الطيالسي في مسنده من هذه الطريق نفسها ص: ١٥٤، رقم: ١١٢٩.
وخبر أبي أمامة هذا، رواه أحمد من طرق أخرى. فرواه من طريق أبي خريم، عقبة بن أبي الصهباء، عن أبي غالب الراسبي، عن أبي أمامة (٥: ٢٥٤) = ومن طريق سليم بن حيان، عن أبي غالب، عن أبي أمامة (٥: ٢٥٥) = ومن طريق حماد بن سلمة، عن أبي غالب، عن أبي أمامة (٥: ٢٥٦)، بغير هذا اللفظ. ومن هذه الطريق رواه أبو داود الطيالسي في مسنده ص: ١٥٥ رقم: ١١٣٥، بمثله.
(٣) الأثر: ١١٥٤٥-"يحيى بن داود بن ميمون الواسطي"، شيخ الطبري. ذكره ابن حبان في الثقات وقال: "مستقيم الحديث"، مات سنة ٢٤٤. مضت رواية الطبري عنه برقم: ٤٤٥١. مترجم في التهذيب.
"إبراهيم بن يزيد بن مردانبه القرشي المخزومي"، مولى عمرو بن حريث. قال أبو حاتم: "شيخ، يكتب حديثه ولا يحتج به". مترجم في التهذيب، والخلاصة، والكبير ١/١/٣٣٦.
وكان في المطبوعة: "إبراهيم بن يزيد يزرانبه" (بالياء في أوله)، كما في الخلاصة، وبحذف (بن). وضبطه في الخلاصة: "بفتح التحتانية، والمهملة، بينهما زاي ساكنة، ثم نون بعد الألف، وموحدة".
أما في المخطوطة ففيها: "يزيد بن مردانيه" بإثبات"بن" وبياء منقوطة، والصواب بالباء. وهكذا جاء في التهذيب، وفي تاريخ البخاري، وذكره البخاري أيضا بالذال"مرذانبه"، وضبطه في التقريب"بنون، ثم موحدة". فأثبت ما اتفقت عليه المخطوطة، وتاريخ البخاري، وضبط التقريب.
و"رقبة بن مصقلة بن عبد الله العبدي"، قال أحمد: "شيخ ثقة من الثقات، مأمون" وكان مفوها، يعد من رجالات العرب، وكانت فيه دعابة. مترجم في التهذيب.
و"شمر بن عطية بن بهدلة، وغيرهم. قال ابن سعد: "ثقة، وله أحاديث صالحة".
وهذا الخبر رواه أحمد من طريق وكيع، عن الأعمش، عن شمر، عن شهر، في مسنده ٥: ٢٥٢، ٢٥٦، وخرجه في مجمع الزوائد، وقال: "رواه أحمد والطبراني في الكبير بنحوه، وإسناده حسن". وفيه في رواية الخبر زيادة في آخره: "فإن قعد قعد مغفورا له".
ثم رواه أحمد في المسند من طرق أخرى، من طريق أبي النضر، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة (٥: ٢٦٣)، مطولا، وخرجه صاحب مجمع الزوائد (١: ٢٢٢)، وقال: "رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط. وفي إسناد أحمد: عبد الحميد بن بهرام، عن شهر. واختلف في الاحتجاج بهما، والصحيح أنهما ثقتان، ولا يقدح الكلام فيهما".
ثم رواه أحمد أيضا في المسند (٥: ٢٦٤) من طريقين، عن زائدة، عن عاصم بن أبي النجود، عن شهر بن حوشب.
86
١١٥٤٦ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن منصور عن سالم بن أبي الجعد، عن كعب بن مرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما من رجل يتوضأ فيغسل يديه= أو: ذراعيه= إلا خرجت خطاياه منهما، فإذا غسل وجهه خرجت خطاياه من وجهه، فإذا مسح رأسه خرجت خطاياه من رأسه، وإذا غسل رجليه خرجت خطاياه من رجليه. (١)
(١) الأثر: ١١٥٤٦-"كعب بن مرة البهزي السلمي "أو" مرة بن كعب"، اختلف في ذلك، وهكذا ذكره أحمد في إسناد هذا الخبر. وانظر ما قاله ابن حجر في الترجمتين من الإصابة.
وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده ٤: ٢٣٤ مطولا من طريق: "محمد بن جعفر، عن شعبة، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد = قال شعبة، قال، قد حدثني به منصور، وذكر ثلاثة بينه وبين مرة بن كعب= ثم قال بعد: عن منصور، عن سالم، عن مرة، أو عن كعب".
ثم عاد أحمد فرواه أيضا (٤: ٣٢١) من طريق: "سفيان، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن رجل، عن كعب بن مرة البهزي".
و"سالم بن أبي الجعد الأشجعي"، مات سنة ٩٧، ٩٨، وسمع جابرا وأنسا، وعبد الله بن عمرو، وهو تابعي ثقة. قال ابن حجر في التهذيب: روى عن كعب بن مرة، وقيل: "لم يسمع منه".
ومع انقطاعه، قال ابن كثير في تفسيره (٣: ٩٧) بعد أن ذكر حديث أحمد: "وهذا إسناد صحيح". وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد (١: ٢٢٤، ٢٢٥) ثم قال، "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح".
هذا، وقد كان سياق الخبر هكذا في المطبوعة: "ما من رجل يتوضأ فيغسل وجهه إلا خرجت خطاياه من وجهه، وإذا غسل يديه أو ذراعيه، خرجت خطاياه من ذراعيه.."، وهذا تغيير من الناشر الأول، لأن الخبر جاء في المخطوطة هكذا: "ما من رجل يتوضأ فيغسل يديه أو ذراعيه إلا خرجت خطاياه من وجهه، فإذا مسح رأسه.."، سقط من كلامه ما أثبته من رواية ابن كثير في تفسيره ٣: ٩٧، عن هذا الموضع من تفسير ابن جرير.
وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده ٤: ٢٣٤ مطولا من طريق: "محمد بن جعفر، عن شعبة، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد = قال شعبة، قال، قد حدثني به منصور، وذكر ثلاثة بينه وبين مرة بن كعب= ثم قال بعد: عن منصور، عن سالم، عن مرة، أو عن كعب".
ثم عاد أحمد فرواه أيضا (٤: ٣٢١) من طريق: "سفيان، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن رجل، عن كعب بن مرة البهزي".
و"سالم بن أبي الجعد الأشجعي"، مات سنة ٩٧، ٩٨، وسمع جابرا وأنسا، وعبد الله بن عمرو، وهو تابعي ثقة. قال ابن حجر في التهذيب: روى عن كعب بن مرة، وقيل: "لم يسمع منه".
ومع انقطاعه، قال ابن كثير في تفسيره (٣: ٩٧) بعد أن ذكر حديث أحمد: "وهذا إسناد صحيح". وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد (١: ٢٢٤، ٢٢٥) ثم قال، "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح".
هذا، وقد كان سياق الخبر هكذا في المطبوعة: "ما من رجل يتوضأ فيغسل وجهه إلا خرجت خطاياه من وجهه، وإذا غسل يديه أو ذراعيه، خرجت خطاياه من ذراعيه.."، وهذا تغيير من الناشر الأول، لأن الخبر جاء في المخطوطة هكذا: "ما من رجل يتوضأ فيغسل يديه أو ذراعيه إلا خرجت خطاياه من وجهه، فإذا مسح رأسه.."، سقط من كلامه ما أثبته من رواية ابن كثير في تفسيره ٣: ٩٧، عن هذا الموضع من تفسير ابن جرير.
87
١١٥٤٧ - حدثنا أبو كريب، قال، حدثنا عثمان بن سعيد قال، حدثنا حاتم، عن محمد بن عجلان، عن أبى عبيد مولى سليمان بن عبد الملك، عن عمرو بن عبسة: أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: إذا غسل المؤمن كفّيه انتثرت الخطايا من كفَّيه، وإذا تمضمض واستنشق خرجت خطاياه من فيه ومنخريه، وإذا غسل وجهه خرجت من وجهه حتى تخرج من أشفار عينيه، فإذا غسل يديه خرجت من يديه، فإذا مسح رأسه وأذنيه خرجت من رأسه وأذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت حتى تخرج من أظفار قدميه، فإذا انتهى إلى ذلك من وضوئه كان ذلك حظّه منه، فإذ قام فصلى ركعتين مقبلا فيهما بوجهه وقلبه على ربه، كان من خطاياه كيوم ولدته أمّه" (١)
(١) الأثر: ١١٥٤٧-"عثمان بن سعيد بن مرة القرشي"، روى عنه أبو كريب، مترجم في التهذيب.
وهناك أيضا"عثمان بن سعيد الزيات الأحول"، يروى عنه أبو كريب، مضى برقم: ١٣٧، فلا أدري أيهما هو.
و"حاتم"، هو: "حاتم بن إسمعيل المدني"، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: ٢٠٠٣.
و"محمد بن عجلان المدني"، أحد العلماء العاملين الثقات، مضى برقم: ٣٠٤، ٤١٧٠، ٥٥٨٩.
و"أبو عبيد المذحجي" مولى سليمان بن عبد الملك، مختلف في اسمه. ثقة من أتباع التابعين، روى عن عمر بن عبد العزيز، ورجاء بن حيوة. مترجم في التهذيب. وكان في المخطوطة هنا"عن أبي عبيدة"، والصواب ما في المطبوعة.
و"عمرو بن عبسة السلمي"، أسلم قديما بمكة، وكان أخا لأبي ذر لأمه. وكان في الجاهلية يعتزل عبادة الأصنام، فلما أسلم يومئذ كان ربع الإسلام، كان المسلمون يومئذ: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وبلال، كما قال في حديثه. وكان في المخطوطة: "ابن عنبسة"، وهو خطأ صرف.
وهذا الخبر الذي رواه أبو جعفر منقطع، لم يسمع أبو عبيد من عمرو بن عبسة، وقد روى من طرق صحاح. رواه مسلم في صحيحه ٦: ١١٤-١١٦، ورواه أحمد في مسنده ٤: ١١٢، ١١٣، ٢٨٥-٣٨٨، ورواه ابن سعد في الطبقات ٤/١/١٥٨، ١٥٩، مطولا، وهو حديث إسلام عمرو بن عبسة بطوله، بغير هذا اللفظ.
وهناك أيضا"عثمان بن سعيد الزيات الأحول"، يروى عنه أبو كريب، مضى برقم: ١٣٧، فلا أدري أيهما هو.
و"حاتم"، هو: "حاتم بن إسمعيل المدني"، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: ٢٠٠٣.
و"محمد بن عجلان المدني"، أحد العلماء العاملين الثقات، مضى برقم: ٣٠٤، ٤١٧٠، ٥٥٨٩.
و"أبو عبيد المذحجي" مولى سليمان بن عبد الملك، مختلف في اسمه. ثقة من أتباع التابعين، روى عن عمر بن عبد العزيز، ورجاء بن حيوة. مترجم في التهذيب. وكان في المخطوطة هنا"عن أبي عبيدة"، والصواب ما في المطبوعة.
و"عمرو بن عبسة السلمي"، أسلم قديما بمكة، وكان أخا لأبي ذر لأمه. وكان في الجاهلية يعتزل عبادة الأصنام، فلما أسلم يومئذ كان ربع الإسلام، كان المسلمون يومئذ: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وبلال، كما قال في حديثه. وكان في المخطوطة: "ابن عنبسة"، وهو خطأ صرف.
وهذا الخبر الذي رواه أبو جعفر منقطع، لم يسمع أبو عبيد من عمرو بن عبسة، وقد روى من طرق صحاح. رواه مسلم في صحيحه ٦: ١١٤-١١٦، ورواه أحمد في مسنده ٤: ١١٢، ١١٣، ٢٨٥-٣٨٨، ورواه ابن سعد في الطبقات ٤/١/١٥٨، ١٥٩، مطولا، وهو حديث إسلام عمرو بن عبسة بطوله، بغير هذا اللفظ.
88
١١٥٤٨ - حدثنا أبو الوليد الدمشقي قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال، أخبرني مالك بن أنس، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال، إذا توضأ العبد المسلم =أو المؤمن= فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء، أو مع آخر قطرة من الماء، أو نحو هذا. وإذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة بطشت بها يداه مع الماء، أو مع آخر قطرة من الماء، حتى يخرج نقيًّا من الذنوب" (١).
١١٥٤٩ - حدثنا عمران بن بكار الكلاعي، قال، حدثنا علي بن عياش، قال، حدثنا أبو غسان، قال، حدثنا زيد بن أسلم، عن حمران مولى عثمان قال،
١١٥٤٩ - حدثنا عمران بن بكار الكلاعي، قال، حدثنا علي بن عياش، قال، حدثنا أبو غسان، قال، حدثنا زيد بن أسلم، عن حمران مولى عثمان قال،
(١) الأثر: ١١٥٤٨- رواه مالك في الموطأ ص ٣٢، رقم: ٣١، ومسلم في صحيحه ٣: ١٣٢، ١٣٣، وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ١: ٢٢٦ مطولا بلفظ آخر وقال، "رواه الطبراني في الأوسط، وهو في الصحيح باختصار، ورجاله موثقون". وانظر ابن كثير ٣: ٩٧.
وخبر أبي جعفر هنا مختصر، والزيادة في الموطأ ومسلم: "فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء".
وفي المخطوطة والمطبوعة: "مع آخرة قطرة من الماء" في الموضعين، وهو في مسلم والموطأ: "مع آخر قطر الماء".
وخبر أبي جعفر هنا مختصر، والزيادة في الموطأ ومسلم: "فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء".
وفي المخطوطة والمطبوعة: "مع آخرة قطرة من الماء" في الموضعين، وهو في مسلم والموطأ: "مع آخر قطر الماء".
89
أتيت عثمان بن عفان بوضوء وهو قاعد، فتوضأ ثلاثا ثلاثا، ثم قال: رأيت رسول الله ﷺ يتوضأ كوضوئي هذا. ثم قال: من توضأ وضوئي هذا كان من ذنوبه كيوم ولدته أمّه، وكانت خُطاه إلى المساجد نافلة. (١)
* * *
وقوله:"وليتم نعمته عليكم" فإنه يقول: ويريد ربكم =مع تطهيركم من ذنوبكم بطاعتكم إياه فيما فرض عليكم من الوضوء والغسل إذا قمتم إلى الصلاة بالماء إن وجدتموه، وتيممكم إذا لم تجدوه= أن يتم نعمته عليكم بإباحته لكم التيمم، وتصييره لكم الصعيد الطيب طهورا، رخصة منه لكم في ذلك مع سائر نِعَمه التي أنعم بها عليكم (٢) أيها المؤمنون ="لعلكم تشكرون" يقول: لكي تشكروا الله على نعمه التي أنعمها عليكم بطاعتكم إياه فيما أمركم ونهاكم (٣).
* * *
* * *
وقوله:"وليتم نعمته عليكم" فإنه يقول: ويريد ربكم =مع تطهيركم من ذنوبكم بطاعتكم إياه فيما فرض عليكم من الوضوء والغسل إذا قمتم إلى الصلاة بالماء إن وجدتموه، وتيممكم إذا لم تجدوه= أن يتم نعمته عليكم بإباحته لكم التيمم، وتصييره لكم الصعيد الطيب طهورا، رخصة منه لكم في ذلك مع سائر نِعَمه التي أنعم بها عليكم (٢) أيها المؤمنون ="لعلكم تشكرون" يقول: لكي تشكروا الله على نعمه التي أنعمها عليكم بطاعتكم إياه فيما أمركم ونهاكم (٣).
* * *
(١) الأثر: ١١٥٤٩-"علي بن عياش بن مسلم الألهاني الحمصي"، ثقة حجة متقن، من شيوخ أحمد، روى له الأربعة، مترجم في التهذيب.
و"أبو غسان" هو: "محمد بن مطرف الليثي المدني"، أحد الأعلام الأثبات، مضى برقم: ٢٩٩٠.
وهذا الخبر من طريق زيد بن أسلم، عن حمران، عن عثمان، رواه مسلم في صحيحه بنحو من لفظه ٣: ١١٣.
وقد روي من طرق أخرى كثيرة، عن حمران بن أبان مولى عثمان، عن عثمان مختصرا ومطولا، انظر مسلم في صحيحه ٣: ١٠٥-١١٧، ١٣٣، وسنن أبي داود ١: ٦٠، رقم: ١٠٦، وأحمد في المسند بالأرقام: ٤٠٦، ٤١٥، ٤١٨، ٤١٩، ٤٢١، ٤٢٨، ٤٣٠، ٤٥٩، ٤٧٦، ٤٧٨، ٤٨٤، ٤٨٦، ٤٨٧، ٤٨٩، ٤٩٣، ٥٠٣.
(٢) انظر تفسير"إتمام النعمة" فيما سلف من فهارس اللغة، مادة (تمم) (نعم).
(٣) في المطبوعة: "يقول: تشكرون الله على نعمه.."، وفي المخطوطة: "تشكروا الله.."، والصواب ما أثبت. وانظر ما سلف في مواضع كثيرة، في تفسير"لعل" بمعنى"لكي"، منها ١: ٣٦٤، ٣٦٥/٢: ٦٩، ٢، ٨٥.
و"أبو غسان" هو: "محمد بن مطرف الليثي المدني"، أحد الأعلام الأثبات، مضى برقم: ٢٩٩٠.
وهذا الخبر من طريق زيد بن أسلم، عن حمران، عن عثمان، رواه مسلم في صحيحه بنحو من لفظه ٣: ١١٣.
وقد روي من طرق أخرى كثيرة، عن حمران بن أبان مولى عثمان، عن عثمان مختصرا ومطولا، انظر مسلم في صحيحه ٣: ١٠٥-١١٧، ١٣٣، وسنن أبي داود ١: ٦٠، رقم: ١٠٦، وأحمد في المسند بالأرقام: ٤٠٦، ٤١٥، ٤١٨، ٤١٩، ٤٢١، ٤٢٨، ٤٣٠، ٤٥٩، ٤٧٦، ٤٧٨، ٤٨٤، ٤٨٦، ٤٨٧، ٤٨٩، ٤٩٣، ٥٠٣.
(٢) انظر تفسير"إتمام النعمة" فيما سلف من فهارس اللغة، مادة (تمم) (نعم).
(٣) في المطبوعة: "يقول: تشكرون الله على نعمه.."، وفي المخطوطة: "تشكروا الله.."، والصواب ما أثبت. وانظر ما سلف في مواضع كثيرة، في تفسير"لعل" بمعنى"لكي"، منها ١: ٣٦٤، ٣٦٥/٢: ٦٩، ٢، ٨٥.
90
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٧) ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بذلك: (١) واذكروا نعمة الله عليكم أيها المؤمنون، بالعقود التي عقدتموها لله على أنفسكم، واذكروا نعمته عليكم في ذلك بأن هداكم من العقود لما فيه الرضا، ووفقكم لما فيه نجاتكم من الضلالة والرَّدَى في نِعم غيرها جَمّة. كما:-
١١٥٥٠ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"واذكروا نعمة الله عليكم" قال، النعم: آلاءُ الله.
١١٥٥١ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
* * *
وأما قوله:"وميثاقه الذي واثقكم به" فإنه يعني: واذكروا أيضا أيها المؤمنون، في نعم الله التي أنعم عليكم="ميثاقه الذي واثقكم به، وهو عهده الذي عاهدكم به. (٢)
* * *
واختلف أهل التأويل في"الميثاق" الذي ذكر الله في هذه الآية، أيَّ مواثيقه عَنى؟
فقال بعضهم: عنى به ميثاقَ الله الذي واثقَ به المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين بايعوا رسولَ الله ﷺ على السمع والطاعة
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بذلك: (١) واذكروا نعمة الله عليكم أيها المؤمنون، بالعقود التي عقدتموها لله على أنفسكم، واذكروا نعمته عليكم في ذلك بأن هداكم من العقود لما فيه الرضا، ووفقكم لما فيه نجاتكم من الضلالة والرَّدَى في نِعم غيرها جَمّة. كما:-
١١٥٥٠ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"واذكروا نعمة الله عليكم" قال، النعم: آلاءُ الله.
١١٥٥١ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
* * *
وأما قوله:"وميثاقه الذي واثقكم به" فإنه يعني: واذكروا أيضا أيها المؤمنون، في نعم الله التي أنعم عليكم="ميثاقه الذي واثقكم به، وهو عهده الذي عاهدكم به. (٢)
* * *
واختلف أهل التأويل في"الميثاق" الذي ذكر الله في هذه الآية، أيَّ مواثيقه عَنى؟
فقال بعضهم: عنى به ميثاقَ الله الذي واثقَ به المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين بايعوا رسولَ الله ﷺ على السمع والطاعة
(١) في المطبوعة والمخطوطة: "يعني جل ثناؤه بقوله"، والسياق يقتضي ما أثبت.
(٢) انظر تفسير"الميثاق" فيما سلف ٩: ٣٦٣، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير"الميثاق" فيما سلف ٩: ٣٦٣، تعليق: ١، والمراجع هناك.
91
له فيما أحبّو وكرهوا، والعمل بكل ما أمرهم الله به ورسوله.
ذكر من قال ذلك:
١١٥٥٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله:"واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا" الآية، يعني: حيث بعث الله النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وأنزل عليه الكتاب، (١) فقالوا:"آمنا بالنبي ﷺ وبالكتاب، (٢) وأقررنا بما في التوراة"، فذكّرهم الله ميثاقَه الذي أقروا به على أنفسهم، وأمرهم بالوفاء به.
١١٥٥٣ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا"، فإنه أخذ ميثاقنا فقلنا: سمعنا وأطعنا على الإيمان والإقرار به وبرسوله.
* * *
وقال آخرون: بل عنى به جلّ ثناؤه: ميثاقه الذي أخذ على عباده حين أخرجهم من صُلب آدم صلى الله عليه وسلم، وأشهدهم على أنفسهم: ألستُ بربكم؟ فقالوا: بلى شهدنا.
ذكر من قال ذلك:
١١٥٥٤ - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا
ذكر من قال ذلك:
١١٥٥٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله:"واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا" الآية، يعني: حيث بعث الله النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وأنزل عليه الكتاب، (١) فقالوا:"آمنا بالنبي ﷺ وبالكتاب، (٢) وأقررنا بما في التوراة"، فذكّرهم الله ميثاقَه الذي أقروا به على أنفسهم، وأمرهم بالوفاء به.
١١٥٥٣ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا"، فإنه أخذ ميثاقنا فقلنا: سمعنا وأطعنا على الإيمان والإقرار به وبرسوله.
* * *
وقال آخرون: بل عنى به جلّ ثناؤه: ميثاقه الذي أخذ على عباده حين أخرجهم من صُلب آدم صلى الله عليه وسلم، وأشهدهم على أنفسهم: ألستُ بربكم؟ فقالوا: بلى شهدنا.
ذكر من قال ذلك:
١١٥٥٤ - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا
(١) "حيث" هنا، استعملت في موضع"حين". وقد قال الأصمعي: "ومما تخطئ فيه العامة والخاصة، باب"حين" و"حيث"، غلط فيه العلماء، مثل أبي عبيدة وسيبويه". وقال أبو حاتم: "رأيت في كتاب سيبويه أشياء كثيرة، يجعل حين: حيث"، وكذلك في كتاب أبي عبيدة بخطه. قال أبو حاتم: واعلم أن"حين" و"حيث" ظرفان، فحين ظرف للزمان، وحيث ظرف للمكان، ولكل واحد منهما حد لا يجاوزه، والأكثر من الناس جعلوهما معا: حيث".
ثم انظر مقالة الأخفش أن"حيث" ظرف للزمان، في الخزانة ٣: ١٦٢. والأمر يحتاج إلى زيادة بحث. ليس هذا موضعه.
(٢) في المطبوعة: "بالنبي والكتاب" وأثبت ما في المخطوطة.
ثم انظر مقالة الأخفش أن"حيث" ظرف للزمان، في الخزانة ٣: ١٦٢. والأمر يحتاج إلى زيادة بحث. ليس هذا موضعه.
(٢) في المطبوعة: "بالنبي والكتاب" وأثبت ما في المخطوطة.
92
عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"وميثاقه الذي واثقكم به" قال: الذي واثق به بني آدم في ظهر آدم.
١١٥٥٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، نحوه.
* * *
ثال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في تأويل ذلك: قولُ ابن عباس، وهو أن معناه:"واذكروا" أيها المؤمنون="نعمة الله عليكم" التي أنعمها عليكم بهدايته إياكم للإسلام="وميثاقه الذي واثقكم به"، يعني: وعهده الذي عاهدكم به حين بايعتم رسوله محمدا ﷺ على السمع والطاعة له في المنشَط والمكرَه، والعُسر واليُسر="إذ قلتم سمعنا" ما قلت لنا، وأخذت علينا من المواثيق وأطعناك فيما أمرتنا به ونهيتنا عنه، وأنعم عليكم أيضا بتوفيقكم لقبول ذلك منه بقولكم له:"سمعنا وأطعنا"، يقول: ففُوا لله، أيها المؤمنون بميثاقه الذي واثقكم به، ونعمته التي أنعم عليكم في ذلك بإقراركم على أنفسكم بالسمع له والطاعة فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه، يَفِ لكم بما ضمن لكم الوفاءَ به إذا أنتم وفيتم له بميثاقه، من إتمام نعمته عليكم، وبإدخالكم جنته وإنعامكم بالخلود في دار كرامته، وإنقاذكم من عقابه وأليم عذابه.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب من قول من قال:"عنى به الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم صلوات الله عليه"، لأن الله جل ثناؤه ذكرَ بعقب تذكرة المؤمنين ميثاقَه الذي واثقهم به، ميثاقَه الذي واثق به أهل التوراة= بعد ما أنزل كتابه على نبيه موسى ﷺ فيما أمرهم به ونهاهم= فيها، (١) فقال: (وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا)، الآيات بعدها [سور المائدة: ١٢] = مُنبِّهًا بذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
١١٥٥٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، نحوه.
* * *
ثال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في تأويل ذلك: قولُ ابن عباس، وهو أن معناه:"واذكروا" أيها المؤمنون="نعمة الله عليكم" التي أنعمها عليكم بهدايته إياكم للإسلام="وميثاقه الذي واثقكم به"، يعني: وعهده الذي عاهدكم به حين بايعتم رسوله محمدا ﷺ على السمع والطاعة له في المنشَط والمكرَه، والعُسر واليُسر="إذ قلتم سمعنا" ما قلت لنا، وأخذت علينا من المواثيق وأطعناك فيما أمرتنا به ونهيتنا عنه، وأنعم عليكم أيضا بتوفيقكم لقبول ذلك منه بقولكم له:"سمعنا وأطعنا"، يقول: ففُوا لله، أيها المؤمنون بميثاقه الذي واثقكم به، ونعمته التي أنعم عليكم في ذلك بإقراركم على أنفسكم بالسمع له والطاعة فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه، يَفِ لكم بما ضمن لكم الوفاءَ به إذا أنتم وفيتم له بميثاقه، من إتمام نعمته عليكم، وبإدخالكم جنته وإنعامكم بالخلود في دار كرامته، وإنقاذكم من عقابه وأليم عذابه.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب من قول من قال:"عنى به الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم صلوات الله عليه"، لأن الله جل ثناؤه ذكرَ بعقب تذكرة المؤمنين ميثاقَه الذي واثقهم به، ميثاقَه الذي واثق به أهل التوراة= بعد ما أنزل كتابه على نبيه موسى ﷺ فيما أمرهم به ونهاهم= فيها، (١) فقال: (وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا)، الآيات بعدها [سور المائدة: ١٢] = مُنبِّهًا بذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
(١) قوله: "فيها"، أي في التوراة، والسياق: "ميثاقه الذي واثق به أهل التوراة.. فيها".
93
محمد على مواضع حظوظهم من الوفاء لله بما عاهدهم عليه= ومعرِّفَهم سوء عاقبة أهل الكتاب في تضييعهم ما ضيعوا من ميثاقه الذي واثقهم به في أمره ونهيه، وتعزير أنبيائه ورسله= زاجرًا لهم عن نكث عهودهم، فيُحلّ بهم ما أحلَّ بالناكثين عهوده من أهل الكتاب قبلهم.
فكان= إذْ كان الذي ذكرهم فوعظهم به ونهاهم عن أن يركبوا من الفعل مثلَه، ميثاقَ قوم أخذ ميثاقهم بعد إرسال الرسول إليهم وإنزال الكتاب عليهم (١) واجبًا أن يكون الحال التي أخذ فيها الميثاق والموعوظين نظيرَ حال الذين وعظوا بهم. وإذا كان ذلك كذلك، كان بيِّنًا صحة ما قلنا في ذلك وفسادُ خلافه.
* * *
وأما قوله:"واتقوا الله إنّ الله عليم بذات الصدور"، فإنه وعيد من الله جل اسمه للمؤمنين كانوا برسوله ﷺ من أصحابه (٢) وتهدُّدًا لهم أن ينقضوا ميثاق الله الذي واثقهم به في رسوله (٣) وعهدهم الذي عاهدوه فيه= بأن يضمروا له خِلاف ما أبدوا له بألسنتهم. (٤).
يقول لهم جل ثناؤه: واتقوا الله، أيها المؤمنون، فخافوه أن تبدِّلوا عهده وتنقضوا ميثاقه الذي واثقكم به، أو تخالفوا ما ضمنتم له بقولكم:"سمعنا وأطعنا"، بأن تضمروا له غير الوفاء بذلك في أنفسكم، فإن الله مطلع على ضمائر صدوركم (٥) وعالم بما تخفيه نفوسكم لا يخفى عليه شيء من ذلك، فيُحّل بكم من عقوبته ما لا قبل لكم به، كالذي حلَّ بمن قبلكم من اليهود من المسخ وصنوف النّقم، وتصيروا في معادِكم إلى سخط الله وأليم عقابه.
* * *
فكان= إذْ كان الذي ذكرهم فوعظهم به ونهاهم عن أن يركبوا من الفعل مثلَه، ميثاقَ قوم أخذ ميثاقهم بعد إرسال الرسول إليهم وإنزال الكتاب عليهم (١) واجبًا أن يكون الحال التي أخذ فيها الميثاق والموعوظين نظيرَ حال الذين وعظوا بهم. وإذا كان ذلك كذلك، كان بيِّنًا صحة ما قلنا في ذلك وفسادُ خلافه.
* * *
وأما قوله:"واتقوا الله إنّ الله عليم بذات الصدور"، فإنه وعيد من الله جل اسمه للمؤمنين كانوا برسوله ﷺ من أصحابه (٢) وتهدُّدًا لهم أن ينقضوا ميثاق الله الذي واثقهم به في رسوله (٣) وعهدهم الذي عاهدوه فيه= بأن يضمروا له خِلاف ما أبدوا له بألسنتهم. (٤).
يقول لهم جل ثناؤه: واتقوا الله، أيها المؤمنون، فخافوه أن تبدِّلوا عهده وتنقضوا ميثاقه الذي واثقكم به، أو تخالفوا ما ضمنتم له بقولكم:"سمعنا وأطعنا"، بأن تضمروا له غير الوفاء بذلك في أنفسكم، فإن الله مطلع على ضمائر صدوركم (٥) وعالم بما تخفيه نفوسكم لا يخفى عليه شيء من ذلك، فيُحّل بكم من عقوبته ما لا قبل لكم به، كالذي حلَّ بمن قبلكم من اليهود من المسخ وصنوف النّقم، وتصيروا في معادِكم إلى سخط الله وأليم عقابه.
* * *
(١) سياق هذه العبارة: "فكان.. واجبا أن يكون الحال.."، وأما الجملة التي بينهما فهي معترضة، فمن أجل ذلك وضعتها بين خطين.
(٢) في المطبوعة: ".. للمؤمنين الذين أطافوا برسوله"، غير ما في المخطوطة، وهو صواب محض وعربي عريق، وضع مكان"كانوا": "الذي أطافوا".
(٣) في المطبوعة: "وتهديدا لهم"، وأثبت ما في المخطوطة، وهو صواب محض.
(٤) قوله: "بأن يضمروا.." متعلق"أن ينقضوا ميثاق الله.."، بأن يضمروا.
(٥) انظر تفسير"ذات الصدور" فيما سلف ٧: ١٥٥، ٣٢٥.
(٢) في المطبوعة: ".. للمؤمنين الذين أطافوا برسوله"، غير ما في المخطوطة، وهو صواب محض وعربي عريق، وضع مكان"كانوا": "الذي أطافوا".
(٣) في المطبوعة: "وتهديدا لهم"، وأثبت ما في المخطوطة، وهو صواب محض.
(٤) قوله: "بأن يضمروا.." متعلق"أن ينقضوا ميثاق الله.."، بأن يضمروا.
(٥) انظر تفسير"ذات الصدور" فيما سلف ٧: ١٥٥، ٣٢٥.
94
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا بالله وبرسوله محمد، ليكن من أخلاقكم وصفاتكم القيامُ لله شهداء بالعدل في أوليائكم وأعدائكم، (١) ولا تجوروا في أحكامكم وأفعالكم فتجاوزوا ما حددت لكم في أعدائكم لعدواتهم لكم، ولا تقصِّروا فيما حددت لكم من أحكامي وحدودي في أوليائكم لولايتهم لكم، (٢) ولكن انتهوا في جميعهم إلى حدِّي، واعملوا فيه بأمري.
* * *
وأما قوله:"ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا" فإنه يقول: ولا يحملنكم عداوةُ قوم على ألا تعدلوا في حكمكم فيهم وسيرتكم بينهم، فتجوروا عليهم من أجل ما بينكم وبينهم من العداوة.
* * *
وقد ذَكرنا الرواية عن أهل التأويل في معنى قوله: (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ) [سورة النساء: ١٣٥] وفي قوله: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ) [سورة المائدة: ٢] واختلاف المختلفين في قراءة ذلك، والذي هو أولى بالصواب من القول فيه والقراءة= بالأدلة الدالة على صحته، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (٣)
* * *
وقد قيل: إن هذه الآية نزلت على رسول الله ﷺ حين همت اليهود بقتله.
ذكر من قال ذلك:
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا بالله وبرسوله محمد، ليكن من أخلاقكم وصفاتكم القيامُ لله شهداء بالعدل في أوليائكم وأعدائكم، (١) ولا تجوروا في أحكامكم وأفعالكم فتجاوزوا ما حددت لكم في أعدائكم لعدواتهم لكم، ولا تقصِّروا فيما حددت لكم من أحكامي وحدودي في أوليائكم لولايتهم لكم، (٢) ولكن انتهوا في جميعهم إلى حدِّي، واعملوا فيه بأمري.
* * *
وأما قوله:"ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا" فإنه يقول: ولا يحملنكم عداوةُ قوم على ألا تعدلوا في حكمكم فيهم وسيرتكم بينهم، فتجوروا عليهم من أجل ما بينكم وبينهم من العداوة.
* * *
وقد ذَكرنا الرواية عن أهل التأويل في معنى قوله: (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ) [سورة النساء: ١٣٥] وفي قوله: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ) [سورة المائدة: ٢] واختلاف المختلفين في قراءة ذلك، والذي هو أولى بالصواب من القول فيه والقراءة= بالأدلة الدالة على صحته، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (٣)
* * *
وقد قيل: إن هذه الآية نزلت على رسول الله ﷺ حين همت اليهود بقتله.
ذكر من قال ذلك:
(١) في المطبوعة: "لولايتهم"، وأسقط"لكم"، وأثبتها من المخطوطة.
(٢) انظر تفسير"القسط" فيما سلف ٩: ٣٠١، تعليق: ٥، والمراجع هناك.
(٣) انظر ما سلف ٩: ٣٠١، الآية الأولى = ثم الثانية ٩: ٤٨٣- ٤٨٧.
(٢) انظر تفسير"القسط" فيما سلف ٩: ٣٠١، تعليق: ٥، والمراجع هناك.
(٣) انظر ما سلف ٩: ٣٠١، الآية الأولى = ثم الثانية ٩: ٤٨٣- ٤٨٧.
95
١١٥٥٦ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير:"يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى"، نزلت في يهود خيبر، أرادوا قتل النبيّ صلى الله عليه وسلم= وقال ابن جريج، قال عبد الله بن كثير: ذهب رسول الله ﷺ إلى يهود يستعينهم في دية، فهمُّوا أن يقتلوه، فذلك قوله:"ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا"... الآية.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (٨) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: اعدلوا" أيها المؤمنون، على كل أحد من الناس وليًّا لكم كان أو عدوًّا، فاحملوهم على ما أمرتكم أن تحملوهم عليه من أحكامي، ولا تجوروا بأحد منهم عنه.
* * *
وأما قوله:"هو أقرب للتقوى" فإنه يعني بقوله:"هو" العدلُ عليهم أقرب لكم أيها المؤمنون إلى التقوى، يعني: إلى أن تكونوا عند الله باستعمالكم إياه من أهل التقوى، وهم أهل الخوف والحذر من الله أن يخالفوه في شيء من أمره، أو يأتوا شيئا من معاصيه. (١)
* * *
وإنما وصف جل ثناؤه"العَدْل" بما وصفه به من أنه"أقرب للتقوى" من الجور، لأن من كان عادلا كان لله بعدله مطيعًا، ومن كان لله مطيعا، كان لا شك
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (٨) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: اعدلوا" أيها المؤمنون، على كل أحد من الناس وليًّا لكم كان أو عدوًّا، فاحملوهم على ما أمرتكم أن تحملوهم عليه من أحكامي، ولا تجوروا بأحد منهم عنه.
* * *
وأما قوله:"هو أقرب للتقوى" فإنه يعني بقوله:"هو" العدلُ عليهم أقرب لكم أيها المؤمنون إلى التقوى، يعني: إلى أن تكونوا عند الله باستعمالكم إياه من أهل التقوى، وهم أهل الخوف والحذر من الله أن يخالفوه في شيء من أمره، أو يأتوا شيئا من معاصيه. (١)
* * *
وإنما وصف جل ثناؤه"العَدْل" بما وصفه به من أنه"أقرب للتقوى" من الجور، لأن من كان عادلا كان لله بعدله مطيعًا، ومن كان لله مطيعا، كان لا شك
(١) انظر تفسير"العدل"، و"التقوى"، فيما سلف من فهارس اللغة.
96
من أهل التقوى، ومن كان جائرا كان لله عاصيا، ومن كان لله عاصيا، كان بعيدًا من تقواه.
* * *
وإنما كنى بقوله:"هو أقرب" عن الفعل (١) والعرب تكني عن الأفعال إذا كَنَتْ عنها بـ "هو" وبـ "ذلك"، كما قال جل ثناؤه: (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (٢) [سورة البقرة: ٢٧١] و (ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ) [سورة البقرة: ٢٣٢]. (٣) ولو لم يكن في الكلام"هو" لكان"أقرب" نصبا، ولقيل:"اعدلوا أقربَ للتقوى"، كما قيل: (انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ) [سورة النساء: ١٧١]. (٤)
* * *
وأما قوله:"واتقوا الله إنّ الله خبير بما تعملون"، فإنه يعني: واحذروا أيها المؤمنون، أن تجوروا في عباده فتجاوزوا فيهم حكمه وقضاءَه الذين بيّن لكم، فيحلّ بكم عقوبته، وتستوجبوا منه أليم نكاله="إن الله خبير بما تعملون"، يقول: إن الله ذو خبرة وعلم بما تعملون أيها المؤمنون فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه، من عمل به أو خلافٍ له، مُحْصٍ ذلكم عليكم كلّه، حتى يجازيكم به جزاءَكم، المحسنَ منكم بإحسانه، والمسيءَ بإساءته، فاتقوا أن تسيئوا. (٥)
* * *
* * *
وإنما كنى بقوله:"هو أقرب" عن الفعل (١) والعرب تكني عن الأفعال إذا كَنَتْ عنها بـ "هو" وبـ "ذلك"، كما قال جل ثناؤه: (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (٢) [سورة البقرة: ٢٧١] و (ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ) [سورة البقرة: ٢٣٢]. (٣) ولو لم يكن في الكلام"هو" لكان"أقرب" نصبا، ولقيل:"اعدلوا أقربَ للتقوى"، كما قيل: (انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ) [سورة النساء: ١٧١]. (٤)
* * *
وأما قوله:"واتقوا الله إنّ الله خبير بما تعملون"، فإنه يعني: واحذروا أيها المؤمنون، أن تجوروا في عباده فتجاوزوا فيهم حكمه وقضاءَه الذين بيّن لكم، فيحلّ بكم عقوبته، وتستوجبوا منه أليم نكاله="إن الله خبير بما تعملون"، يقول: إن الله ذو خبرة وعلم بما تعملون أيها المؤمنون فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه، من عمل به أو خلافٍ له، مُحْصٍ ذلكم عليكم كلّه، حتى يجازيكم به جزاءَكم، المحسنَ منكم بإحسانه، والمسيءَ بإساءته، فاتقوا أن تسيئوا. (٥)
* * *
(١) "الفعل"، يعني مصدر الفعل، كما سلف قريبا ص: ٨٢، تعليق: ٢، وانظر فهرس المصطلحات.
(٢) كان في المطبوعة: "هو خير لكم"، وفي المخطوطة بإسقاط"هو"، وهذا الذي أثبته هو نص آية البقرة: ٢٧١، وراجع ذلك في ٥: ٥٨٢ مما سلف. وانظر معاني القرآن للفراء ١: ٣٠٣.
(٣) في المطبوعة والمخطوطة: "ذلك أذكى"، وأثبت نص آية البقرة. وانظر ما سلف ٥: ٢٩.
(٤) انظر ما سلف ٩: ٤١٣-٤١٥.
(٥) انظر تفسير"خبير" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٢) كان في المطبوعة: "هو خير لكم"، وفي المخطوطة بإسقاط"هو"، وهذا الذي أثبته هو نص آية البقرة: ٢٧١، وراجع ذلك في ٥: ٥٨٢ مما سلف. وانظر معاني القرآن للفراء ١: ٣٠٣.
(٣) في المطبوعة والمخطوطة: "ذلك أذكى"، وأثبت نص آية البقرة. وانظر ما سلف ٥: ٢٩.
(٤) انظر ما سلف ٩: ٤١٣-٤١٥.
(٥) انظر تفسير"خبير" فيما سلف من فهارس اللغة.
97
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٩) ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات"، وعد الله أيها الناس الذين صدّقوا الله ورسوله، وأقرُّوا بما جاءهم به من عند ربهم، وعملوا بما واثقهم الله به، وأوفوا بالعقود التي عاقدَهم عليها بقولهم:"لنسمعن ولنطيعنَّ الله ورسوله" فسمعوا أمر الله ونهيه وأطاعوه، فعملوا بما أمرهم الله به، وانتهوا عما نهاهم عنه. (١)
ويعني بقوله:"لهم مغفرة" لهؤلاء الذين وفوا بالعقود والميثاق الذي واثقهم به ربهم="مغفرة" وهي ستر ذنوبهم السالفة منهم عليهم وتغطيتها بعفوه لهم عنها، وتركه عقوبتهم عليها وفضيحتهم بها (٢) ="وأجر عظيم" يقول: ولهم مع عفوه لهم عن ذنوبهم السالفة منهم، جزاءً على أعمالهم التي عملوها ووفائهم بالعقود التي عاقدوا ربهم عليها="أجر عظيم"، و"العظيم" من خيره غير محدود مبلغه، ولا يعرف منتهاه غيره تعالى ذكره. (٣)
* * *
فإن قال قائل: إن الله جل ثناؤه أخبر في هذه الآية أنه وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ولم يخبر بما وعدهم، فأين الخبر عن الموعود؟
قيل: بلى (٤) إنه قد أخبَر عن الموعود، والموعود هو قوله:"لهم مغفرة وأجر عظيم".
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات"، وعد الله أيها الناس الذين صدّقوا الله ورسوله، وأقرُّوا بما جاءهم به من عند ربهم، وعملوا بما واثقهم الله به، وأوفوا بالعقود التي عاقدَهم عليها بقولهم:"لنسمعن ولنطيعنَّ الله ورسوله" فسمعوا أمر الله ونهيه وأطاعوه، فعملوا بما أمرهم الله به، وانتهوا عما نهاهم عنه. (١)
ويعني بقوله:"لهم مغفرة" لهؤلاء الذين وفوا بالعقود والميثاق الذي واثقهم به ربهم="مغفرة" وهي ستر ذنوبهم السالفة منهم عليهم وتغطيتها بعفوه لهم عنها، وتركه عقوبتهم عليها وفضيحتهم بها (٢) ="وأجر عظيم" يقول: ولهم مع عفوه لهم عن ذنوبهم السالفة منهم، جزاءً على أعمالهم التي عملوها ووفائهم بالعقود التي عاقدوا ربهم عليها="أجر عظيم"، و"العظيم" من خيره غير محدود مبلغه، ولا يعرف منتهاه غيره تعالى ذكره. (٣)
* * *
فإن قال قائل: إن الله جل ثناؤه أخبر في هذه الآية أنه وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ولم يخبر بما وعدهم، فأين الخبر عن الموعود؟
قيل: بلى (٤) إنه قد أخبَر عن الموعود، والموعود هو قوله:"لهم مغفرة وأجر عظيم".
(١) انظر تفسير"الصالحات" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٢) انظر تفسير"المغفرة" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٣) انظر تفسير"الأجر" و"عظيم" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٤) "بلى" تكون جوابا للكلام الذي فيه الجحد كقوله: "ألست بربكم قالوا بلى". هكذا قالوا، وقال ابن هشام في المغنى في باب"بلى": "ولكن وقع في كتب الحديث أنها يجاب بها الاستفهام المجرد، ففي صحيح البخاري في كتاب الإيمان: أنه عليه الصلاة والسلام قال لأصحابه: أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قالوا: بلى = وفي صحيح مسلم في كتاب الهبة: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال، بلى! قال، فلا إذن = وفيه أيضا أنه قال، أنت الذي لقيتني بمكة؟ فقال له: بلى".
فمن أجل ذلك استعمله الطبري في جواب الاستفهام الذي لا جحد فيه، فكأنه عد سؤال السائل جحدا لذكره في الآية، فقال في جوابه"بلى"، بمعنى: ليس ذلك كما تزعم، وانظر ما سلف ٢: ٢٨٠، ٥١٠، وما سيأتي في الأثر رقم: ١١٨١٨.
(٢) انظر تفسير"المغفرة" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٣) انظر تفسير"الأجر" و"عظيم" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٤) "بلى" تكون جوابا للكلام الذي فيه الجحد كقوله: "ألست بربكم قالوا بلى". هكذا قالوا، وقال ابن هشام في المغنى في باب"بلى": "ولكن وقع في كتب الحديث أنها يجاب بها الاستفهام المجرد، ففي صحيح البخاري في كتاب الإيمان: أنه عليه الصلاة والسلام قال لأصحابه: أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قالوا: بلى = وفي صحيح مسلم في كتاب الهبة: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال، بلى! قال، فلا إذن = وفيه أيضا أنه قال، أنت الذي لقيتني بمكة؟ فقال له: بلى".
فمن أجل ذلك استعمله الطبري في جواب الاستفهام الذي لا جحد فيه، فكأنه عد سؤال السائل جحدا لذكره في الآية، فقال في جوابه"بلى"، بمعنى: ليس ذلك كما تزعم، وانظر ما سلف ٢: ٢٨٠، ٥١٠، وما سيأتي في الأثر رقم: ١١٨١٨.
98
فإن قال: فإن قوله:"لهم مغفرة وأجر عظيم" خبرٌ مبتدأ، ولو كان هو الموعود لقيل:"وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات مغفرة وأجرًا عظيمًا، ولم يدخل في ذلك"لهم"، وفي دخول ذلك فيه، دلالة على ابتداء الكلام، وانقضاء الخبر عن الوعد!
قيل: إن ذلك وإن كان ظاهره ما ذكرتَ، فإنه مما اكتُفي بدلالة ما ظهر من الكلام على ما بطن من معناه= من ذكر بعضٍ قد ترك ذكره فيه، وذلك أن معنى الكلام: وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن يغفر لهم ويأجرهم أجرًا عظيما= لأن من شأن العرب أن يُصْحِبوا"الوعد""أن" ويعملوه فيها، فتركت"أن" إذ كان"الوعد" قولا. ومن شأن"القول" أن يكون ما بعده من جمل الأخبار مبتدأ، وذكر بعده جملة الخبر اجتزاءً بدلالة ظاهر الكلام على معناه، وصرفا للوعد= الموافق للقول في معناه وإن كان للفظه مخالفا= إلى معناه، (١) فكأنه قيل:"قال الله: للذين آمنوا وعملوا الصالحات مغفرة وأجر عظيم".
* * *
وكان بعض نحويي البصرة يقول، إنما قيل:"وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم"، في الوعد الذي وُعِدوا (٢) =فكأن معنى الكلام على تأويل قائل هذا القول: وعد الله الذي آمنوا وعملوا الصالحات، لهم مغفرة وأجر عظيم، [فيما وعدهم به]. (٣)
* * *
قيل: إن ذلك وإن كان ظاهره ما ذكرتَ، فإنه مما اكتُفي بدلالة ما ظهر من الكلام على ما بطن من معناه= من ذكر بعضٍ قد ترك ذكره فيه، وذلك أن معنى الكلام: وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن يغفر لهم ويأجرهم أجرًا عظيما= لأن من شأن العرب أن يُصْحِبوا"الوعد""أن" ويعملوه فيها، فتركت"أن" إذ كان"الوعد" قولا. ومن شأن"القول" أن يكون ما بعده من جمل الأخبار مبتدأ، وذكر بعده جملة الخبر اجتزاءً بدلالة ظاهر الكلام على معناه، وصرفا للوعد= الموافق للقول في معناه وإن كان للفظه مخالفا= إلى معناه، (١) فكأنه قيل:"قال الله: للذين آمنوا وعملوا الصالحات مغفرة وأجر عظيم".
* * *
وكان بعض نحويي البصرة يقول، إنما قيل:"وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم"، في الوعد الذي وُعِدوا (٢) =فكأن معنى الكلام على تأويل قائل هذا القول: وعد الله الذي آمنوا وعملوا الصالحات، لهم مغفرة وأجر عظيم، [فيما وعدهم به]. (٣)
* * *
(١) السياق: "وصرفا للوعد.. إلى معناه"، أي: إلى معنى القول.
(٢) في المطبوعة: "الوعد الذي وعدوا" بإسقاط"في"، وهي في المخطوطة مكتوبة بسن القلم بين"عظيم" و"الوعد".
(٣) اقتصر في هذا الموضع في المطبوعة والمخطوطة على نص الآية، واستظهرت تمام الكلام من تفسير القرطبي ٦: ١١٠، وقد عقب عليه بقوله: "وهذا المعنى عن الحسن"، فلا أدري أأصبت في ذلك، أم أخطأني التوفيق!
(٢) في المطبوعة: "الوعد الذي وعدوا" بإسقاط"في"، وهي في المخطوطة مكتوبة بسن القلم بين"عظيم" و"الوعد".
(٣) اقتصر في هذا الموضع في المطبوعة والمخطوطة على نص الآية، واستظهرت تمام الكلام من تفسير القرطبي ٦: ١١٠، وقد عقب عليه بقوله: "وهذا المعنى عن الحسن"، فلا أدري أأصبت في ذلك، أم أخطأني التوفيق!
99
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١٠) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"والذين كفروا" والذين جحدوا وحدانية الله، ونقضوا ميثاقه وعقودَه التي عاقدوها إياه="وكذبوا بآياتنا" يقول: وكذبوا بأدلّة الله وحججه الدالة على وحدانيته التي جاءت بها الرسل وغيرها="أولئك أصحاب الجحيم" يقول: هؤلاء الذين هذه صفتهم= أهل"الجحيم"، يعني: أهل النار الذين يخلُدون فيها ولا يخرجون منها أبدًا. (١)
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (٢) "يا أيها الذين آمنوا" يا أيها الذين أقرُّوا بتوحيد الله ورسالة رسوله ﷺ وما جاءهم به من عند ربهم="اذكروا نعمة الله عليكم"، اذكروا النعمة التي أنعم الله بها عليكم، فاشكروه عليها بالوفاء له بميثاقه الذي واثقكم به، والعقود التي عاقدتم نبيكم ﷺ عليها. ثم وصف نعمته التي أمرهم جل ثناؤه بالشكر عليها مع سائر نعمه، فقال، هي كفُّه عنكم أيدي القوم الذين همُّوا بالبطش بكم، فصرفهم عنكم،
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"والذين كفروا" والذين جحدوا وحدانية الله، ونقضوا ميثاقه وعقودَه التي عاقدوها إياه="وكذبوا بآياتنا" يقول: وكذبوا بأدلّة الله وحججه الدالة على وحدانيته التي جاءت بها الرسل وغيرها="أولئك أصحاب الجحيم" يقول: هؤلاء الذين هذه صفتهم= أهل"الجحيم"، يعني: أهل النار الذين يخلُدون فيها ولا يخرجون منها أبدًا. (١)
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (٢) "يا أيها الذين آمنوا" يا أيها الذين أقرُّوا بتوحيد الله ورسالة رسوله ﷺ وما جاءهم به من عند ربهم="اذكروا نعمة الله عليكم"، اذكروا النعمة التي أنعم الله بها عليكم، فاشكروه عليها بالوفاء له بميثاقه الذي واثقكم به، والعقود التي عاقدتم نبيكم ﷺ عليها. ثم وصف نعمته التي أمرهم جل ثناؤه بالشكر عليها مع سائر نعمه، فقال، هي كفُّه عنكم أيدي القوم الذين همُّوا بالبطش بكم، فصرفهم عنكم،
(١) انظر تفسير"الكفر" و"الآيات" و"أصحاب الجحيم" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٢) كان في المطبوعة والمخطوطة: "يعنى بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا أقروا.."، فأثبت ما يقتضيه سياق أبي جعفر في سائر تفسيره، وهو في أغلب الظن اختصار سيئ من الناسخ.
(٢) كان في المطبوعة والمخطوطة: "يعنى بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا أقروا.."، فأثبت ما يقتضيه سياق أبي جعفر في سائر تفسيره، وهو في أغلب الظن اختصار سيئ من الناسخ.
100
وحال بينهم وبين ما أرادوه بكم. (١)
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في صفة هذه النعمة التي ذكّر الله جل ثناؤه أصحابَ نبيه ﷺ بها، وأمرهم بالشكر له عليها.
فقال بعضهم: هو استنقاذ الله نبيه محمدا ﷺ وأصحابَه مما كانت اليهود من بني النضير همُّوا به يوم أتوهم يستحملونهم دية العامريَّين اللذين قَتلهما عمرو بن أمية الضمري. (٢)
ذكر من قال ذلك:
١١٥٥٧ - حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر قالا خرج رسول الله ﷺ إلى بني النضير ليستعينَهم على دية العامريَّين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضَّمري. فلما جاءهم خلا بعضهم ببعض فقالوا: إنكم لن تجدوا محمدًا أقرب منه الآن، فَمَن رجلٌ يظهر على هذا البيت فيطرح عليه صخرة فيريحنا منه؟ فقال عمرو بن جحاش بن كعب: أنا. (٣) فأتى رسولَ الله ﷺ الخبرُ، وانصرف عنهم، فأنزل الله عز ذكره فيهم وفيما أرادَ هو وقومه:"يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذْ همَّ قومٌ أن يبسطوا إليكم أيديهم"... الآية. (٤)
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في صفة هذه النعمة التي ذكّر الله جل ثناؤه أصحابَ نبيه ﷺ بها، وأمرهم بالشكر له عليها.
فقال بعضهم: هو استنقاذ الله نبيه محمدا ﷺ وأصحابَه مما كانت اليهود من بني النضير همُّوا به يوم أتوهم يستحملونهم دية العامريَّين اللذين قَتلهما عمرو بن أمية الضمري. (٢)
ذكر من قال ذلك:
١١٥٥٧ - حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر قالا خرج رسول الله ﷺ إلى بني النضير ليستعينَهم على دية العامريَّين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضَّمري. فلما جاءهم خلا بعضهم ببعض فقالوا: إنكم لن تجدوا محمدًا أقرب منه الآن، فَمَن رجلٌ يظهر على هذا البيت فيطرح عليه صخرة فيريحنا منه؟ فقال عمرو بن جحاش بن كعب: أنا. (٣) فأتى رسولَ الله ﷺ الخبرُ، وانصرف عنهم، فأنزل الله عز ذكره فيهم وفيما أرادَ هو وقومه:"يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذْ همَّ قومٌ أن يبسطوا إليكم أيديهم"... الآية. (٤)
(١) انظر تفسير"الكف" فيما سلف ٨: ٥٤٨/٩: ٢٩ = وقد مضى"الهم" غير مشروح أيضا فيما سلف ٩: ١٩٩.
(٢) "الحمالة" (بفتح الحاء) : الدية والغرامة التي يحملها قوم عن قوم يكفلون دفعها يقال: "تحمل الحمالة" و"استحمل القوم"، طلب إليهم أن يعينوه في"حمالته"، وهي الدية التي تكفل بها.
(٣) "ظهر على البيت": علاه، أي ركب ظهره. وكان في المطبوعة: "فمروا رجلا يظهر" وليس فيها ولا في المخطوطة: "أنا"، فلذلك غيرها الناسخ، لفساد خط الناسخ في هذا الموضع. والصواب من سيرة ابن هشام.
(٤) الأثر: ١١٥٥٧- هو في سيرة ابن هشام ٢: ٢١١، ٢١٢، ثم يأتي فيها بغير هذا اللفظ ٣: ١٩٩-٢٠٠.
(٢) "الحمالة" (بفتح الحاء) : الدية والغرامة التي يحملها قوم عن قوم يكفلون دفعها يقال: "تحمل الحمالة" و"استحمل القوم"، طلب إليهم أن يعينوه في"حمالته"، وهي الدية التي تكفل بها.
(٣) "ظهر على البيت": علاه، أي ركب ظهره. وكان في المطبوعة: "فمروا رجلا يظهر" وليس فيها ولا في المخطوطة: "أنا"، فلذلك غيرها الناسخ، لفساد خط الناسخ في هذا الموضع. والصواب من سيرة ابن هشام.
(٤) الأثر: ١١٥٥٧- هو في سيرة ابن هشام ٢: ٢١١، ٢١٢، ثم يأتي فيها بغير هذا اللفظ ٣: ١٩٩-٢٠٠.
101
١١٥٥٨ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم"، قال: اليهود دخل عليهم النبي ﷺ حائطا لهم، (١) وأصحابه من وراء جداره، فاستعانهم في مغَرِم ديةٍ غَرِمها، ثم قام من عندهم، فائتمروا بينهم بقتله، فخرج يمشي القَهقَرى ينظر إليهم، ثم دعا أصحابه رجلا رجلا حتى تَتَامُّوا إليه.
١١٥٥٩ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"اذكروا نعمة الله عليكم إذ هَمَّ قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكفَّ أيديهم عنكم" يهودُ حين دخل النبي ﷺ حائطا لهم، وأصحابه من وراء جدار لهم، فاستعانهم في مغرم، في الدية التي غرمها (٢) ثم قام من عندهم، فائتمروا بينهم بقتله، فخرج يمشي معترضا ينظرُ إليهم خِيفتَهم (٣) ثم دعا أصحابه رجلا رجلا حتى تتامُّوا إليه. قال الله جل وعز:"فكف أيديهم عنكم واتَّقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون".
١١٥٦٠ - حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثني أبو معشر، عن يزيد بن أبي زياد قال: جاء رسول الله ﷺ بني النضير يستعينهم في عَقْلٍ أصابه (٤) ومعه أبو بكر وعمر وعلي فقال: أعينوني في عَقْلٍ أصابني. فقالوا: نعم يا أبا القاسم، قد آن لك أن تأتينا وتسألنا حاجة! اجلس حتى نطعمَك ونعطَيك الذي تسألنا! فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم
١١٥٥٩ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"اذكروا نعمة الله عليكم إذ هَمَّ قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكفَّ أيديهم عنكم" يهودُ حين دخل النبي ﷺ حائطا لهم، وأصحابه من وراء جدار لهم، فاستعانهم في مغرم، في الدية التي غرمها (٢) ثم قام من عندهم، فائتمروا بينهم بقتله، فخرج يمشي معترضا ينظرُ إليهم خِيفتَهم (٣) ثم دعا أصحابه رجلا رجلا حتى تتامُّوا إليه. قال الله جل وعز:"فكف أيديهم عنكم واتَّقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون".
١١٥٦٠ - حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثني أبو معشر، عن يزيد بن أبي زياد قال: جاء رسول الله ﷺ بني النضير يستعينهم في عَقْلٍ أصابه (٤) ومعه أبو بكر وعمر وعلي فقال: أعينوني في عَقْلٍ أصابني. فقالوا: نعم يا أبا القاسم، قد آن لك أن تأتينا وتسألنا حاجة! اجلس حتى نطعمَك ونعطَيك الذي تسألنا! فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم
(١) "الحائط": البستان من النخيل، قد أحاطوه بجدار.
(٢) في المطبوعة: "في مغرم في دية غرمها" كما في الدر المنثور ١: ٢٦٦. وفي المخطوطة: "في الدية" بالتعريف فرجحت أنه قد سقط من الكلام"التي" فأثبتها.
(٣) "معترضا"، أي يأخذ يمنة ويسرة، يميل بوجهه إليهم ينظر، ويمشي هكذا وهكذا، لا تستقيم مشيته على الطريق.
(٤) "العقل" هو: الدية.
(٢) في المطبوعة: "في مغرم في دية غرمها" كما في الدر المنثور ١: ٢٦٦. وفي المخطوطة: "في الدية" بالتعريف فرجحت أنه قد سقط من الكلام"التي" فأثبتها.
(٣) "معترضا"، أي يأخذ يمنة ويسرة، يميل بوجهه إليهم ينظر، ويمشي هكذا وهكذا، لا تستقيم مشيته على الطريق.
(٤) "العقل" هو: الدية.
102
وأصحابُه ينتظرونه، وجاء حُييّ بن أخطب وهو رأس القوم، وهو الذي قال لرسول الله ﷺ ما قال، فقال حيي لأصحابه: لا ترونه أقربَ منه الآن، اطرحوا عليه حجارة فاقْتُلوه، ولا ترون شرًّا أبدًا! فجاءوا إلى رحًى لهم عظيمة ليطرحوها عليه، فأمسك الله عنها أيديهم، حتى جاءه جبريل ﷺ فأقامه من ثَمَّ، فأنزل الله جل وعز:"يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذْ همّ قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكفَّ أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون"، فأخبر الله عزَّ ذكره نبيّه ﷺ ما أرادوا به.
١١٥٦١ - حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير:"يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ همَّ قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم" الآية، قال، يهودُ، دخلَ عليهم النبي ﷺ حائطا، فاستعانهم في مَغْرَمٍ غرمه، فائتمروا بينهم بقتله، فقام من عندهم فخرج معترِضًا ينظر إليهم خِيفتَهم، (١) ثم دعا أصحابه رجلا رجلا حتى تتامُّوا إليه.
١١٥٦٢ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة قال: بعث رسول الله ﷺ المنذر بن عمرو الأنصاري= أحدَ بني النجار وهو أحد النُّقباء ليلة العقبة= فبعثه في ثلاثين راكبًا من المهاجرين والأنصار، فخرجوا، فلقوا عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر على بئر معونة، وهي من مياه بني عامر، فاقتتلوا، فقُتل المنذرُ وأصحابُه إلا ثلاثة نَفَرٍ كانوا في طلب ضَالة لهم، فلم يرعهم إلا والطيرُ تحُوم في السماء، يسقط من بين خراطيمها عَلَقُ الدم. (٢) فقال أحد النفر: قُتِل أصحابنا والرحمنِ! ثم تولّى يشتدُّ حتى لقي رجلا (٣) فاختلفا ضربتين، فلما خالطته الضربة، رفع رأسه إلى السماء ففتح
١١٥٦١ - حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير:"يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ همَّ قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم" الآية، قال، يهودُ، دخلَ عليهم النبي ﷺ حائطا، فاستعانهم في مَغْرَمٍ غرمه، فائتمروا بينهم بقتله، فقام من عندهم فخرج معترِضًا ينظر إليهم خِيفتَهم، (١) ثم دعا أصحابه رجلا رجلا حتى تتامُّوا إليه.
١١٥٦٢ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة قال: بعث رسول الله ﷺ المنذر بن عمرو الأنصاري= أحدَ بني النجار وهو أحد النُّقباء ليلة العقبة= فبعثه في ثلاثين راكبًا من المهاجرين والأنصار، فخرجوا، فلقوا عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر على بئر معونة، وهي من مياه بني عامر، فاقتتلوا، فقُتل المنذرُ وأصحابُه إلا ثلاثة نَفَرٍ كانوا في طلب ضَالة لهم، فلم يرعهم إلا والطيرُ تحُوم في السماء، يسقط من بين خراطيمها عَلَقُ الدم. (٢) فقال أحد النفر: قُتِل أصحابنا والرحمنِ! ثم تولّى يشتدُّ حتى لقي رجلا (٣) فاختلفا ضربتين، فلما خالطته الضربة، رفع رأسه إلى السماء ففتح
(١) "معترضا" أي يأخذ يمنة ويسرة، يميل بوجهه إليهم ينظر، ويمشي هكذا وهكذا، لا تستقيم مشيته على الطريق.
(٢) "العلق" (بفتحتين) : قطع الدم الغليظ الجامد قبل أن ييبس.
(٣) "اشتد": عدا عدوا شديدا.
(٢) "العلق" (بفتحتين) : قطع الدم الغليظ الجامد قبل أن ييبس.
(٣) "اشتد": عدا عدوا شديدا.
103
عينيه ثم قال: الله أكبر، الجنةُ وربّ العالمين!! فكان يُدْعى"أعنقَ لِيَمُوت"، (١) ورجع صاحباه، فلقيا رجلين من بني سليم، وبين النبي ﷺ وبين قومهما مُوَادعة، فانتسبا لهما إلى بني عامر، فقتلاهما. وقدِم قومهما إلى النبي ﷺ يطلبون الدية، فخرج ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعليُّ وطلحة وعبد الرحمن بن عوف، حتى دخلوا إلى كعب بن الأشرف ويهود النضير، فاستعانهم في عَقْلهما. قال، فاجتمعت اليهودُ لقتل رسول الله ﷺ وأصحابه، واعتَلُّوا بصنيعة الطعام، (٢) فأتاه جبريل ﷺ بالذي أجمعت عليه يهودُ من الغَدر، (٣) فخرج ثم دعا عليًّا، فقال، لا تبرح مَقامك، فمن خرج عليك من أصحابي فسألك عنِّي فقل:"وجّه إلى المدينة فأدركوه". (٤) قال: فجعلوا يمرُّون على عليّ، فيأمرهم بالذي أمرَه حتى أتى عليه آخرُهم، ثم تبعهم، فذلك قوله: (وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ) [سورة المائدة: ١٣].
١١٥٦٣ - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا إسرائيل، عن السدي، عن أبي مالك في قوله:"يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكفّ أيديهم عنكم" قال: نزلت في كعب بن الأشرف وأصحابه، حين أرادوا أن يغدِروا برسول الله صلى الله عليه وسلم.
* * *
وقال آخرون: بل النعمة التي ذكرها الله في هذه الآية، فأمر المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى اله عليه وسلم بالشُّكر له عليها: أنَّ اليهود كانت هَمَّت بقتل النبيّ ﷺ في طعامٍ دعوه إليه، فأعلم الله عز وجل نبيّه صلى
١١٥٦٣ - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا إسرائيل، عن السدي، عن أبي مالك في قوله:"يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكفّ أيديهم عنكم" قال: نزلت في كعب بن الأشرف وأصحابه، حين أرادوا أن يغدِروا برسول الله صلى الله عليه وسلم.
* * *
وقال آخرون: بل النعمة التي ذكرها الله في هذه الآية، فأمر المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى اله عليه وسلم بالشُّكر له عليها: أنَّ اليهود كانت هَمَّت بقتل النبيّ ﷺ في طعامٍ دعوه إليه، فأعلم الله عز وجل نبيّه صلى
(١) "أعنق ليموت" و"المعنق ليموت"، يقال هو"المنذر بن عمرو الأنصاري"، ويقال هو"حرام بن ملحان النجاري". ="أعنق الرجل إعناقا": سارع وأسرع إسراعًا شديدًا حتى يسبق الناس. سمي بذلك، لأنه أسرع إلى مصرعه، رضي الله عنه.
(٢) "الصنيعة" و"الصنيع": الطعام يصنع ويهيأ للحفاوة والإكرام.
(٣) في المطبوعة: "اجتمعت عليه"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٤) في المخطوطة: "وجه المدينة" أسقط"إلى"، والجيد ما في المطبوعة.
(٢) "الصنيعة" و"الصنيع": الطعام يصنع ويهيأ للحفاوة والإكرام.
(٣) في المطبوعة: "اجتمعت عليه"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٤) في المخطوطة: "وجه المدينة" أسقط"إلى"، والجيد ما في المطبوعة.
104
الله عليه وسلم ما همُّوا به، فانتهى هو وأصحابه عن إجابتهم إليه.
ذكر من قال ذلك:
١١٥٦٤ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم" إلى قوله:"فكف أيديهم عنكم" وذلك أن قوما من اليهود صَنَعوا لرسول الله وأصحابه طعاما ليقتلوه إذا أتى الطعام، فأوحى الله إليه بشأنهم، فلم يأتِ الطعام، وأمرَ أصحابه فلم يأتوه. (١)
* * *
وقال آخرون: عنى الله جل ثناؤه بذلك: النعمةَ التي أنعمها على المؤمنين باطلاع نبيّه ﷺ على ما همَّ به عدوّه وعدوُّهم من المشركين يوم بَطْن نَخْلٍ من اغترارهم إياهم، والإيقاع بهم، إذا هُم اشتغلوا عنهم بصلاتهم، فسجدوا فيها= وتعريفِه نبيَّه ﷺ الِحذَار من عدوّه في صَلاته بتعليمه إيَّاه صلاة الخوف.
ذكر من قال ذلك:
١١٥٦٥ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسُطوا إليكم أيديهم"... الآية، ذكر لنا أنها نزلت على رسول الله ﷺ وهو ببَطْنِ نخل في الغَزْوة السابعة، (٢) فأراد بنو ثعلبة وبنو محارب أن يفتِكوا
ذكر من قال ذلك:
١١٥٦٤ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم" إلى قوله:"فكف أيديهم عنكم" وذلك أن قوما من اليهود صَنَعوا لرسول الله وأصحابه طعاما ليقتلوه إذا أتى الطعام، فأوحى الله إليه بشأنهم، فلم يأتِ الطعام، وأمرَ أصحابه فلم يأتوه. (١)
* * *
وقال آخرون: عنى الله جل ثناؤه بذلك: النعمةَ التي أنعمها على المؤمنين باطلاع نبيّه ﷺ على ما همَّ به عدوّه وعدوُّهم من المشركين يوم بَطْن نَخْلٍ من اغترارهم إياهم، والإيقاع بهم، إذا هُم اشتغلوا عنهم بصلاتهم، فسجدوا فيها= وتعريفِه نبيَّه ﷺ الِحذَار من عدوّه في صَلاته بتعليمه إيَّاه صلاة الخوف.
ذكر من قال ذلك:
١١٥٦٥ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسُطوا إليكم أيديهم"... الآية، ذكر لنا أنها نزلت على رسول الله ﷺ وهو ببَطْنِ نخل في الغَزْوة السابعة، (٢) فأراد بنو ثعلبة وبنو محارب أن يفتِكوا
(١) في المطبوعة: "وأمر أصحابه فأبوه"، و"أبوه" هنا سقيمة المنزل. وفي المخطوطة: "فأتوه" معجمة. وهو مخالف لما في الترجمة، إذ قال، "فانتهى هو وأصحابه عن إجابتهم إليه"، فآثرت أن أثبت نص ما في الدر المنثور ١: ٢٦٦، فهو المطابق للترجمة. ونقله السيوطي عن ابن جرير، وابن أبي حاتم، من هذه الطريق نفسها.
(٢) هكذا قال: "في الغزوة السابعة"، وهي في كثير من الروايات"الغزوة التاسعة"، وهي"غزوة ذي أمر" بنجد، انظر ابن سعد ٢/١/٢٤، وإمتاع الأسماع للمقريزي ١: ١١٠، ١١١. وانظر التعليق على الأثر التالي، والأثر السالف رقم: ١٠٣٤٠، والذي جاء في الأخبار أن صلاة الخوف كانت في السنة السابعة.
(٢) هكذا قال: "في الغزوة السابعة"، وهي في كثير من الروايات"الغزوة التاسعة"، وهي"غزوة ذي أمر" بنجد، انظر ابن سعد ٢/١/٢٤، وإمتاع الأسماع للمقريزي ١: ١١٠، ١١١. وانظر التعليق على الأثر التالي، والأثر السالف رقم: ١٠٣٤٠، والذي جاء في الأخبار أن صلاة الخوف كانت في السنة السابعة.
105
به، فأطلعه الله على ذلك. ذكر لنا أن رجلا انتدب لقتله، فأتى نبيَّ الله ﷺ وسيفُه موضوع، فقال: آخذه، يا نبي الله؟ قال: خذه! قال: أستلُّه؟ قال: نعم! فسلَّه، فقال، من يمنعك منِّي؟ قال:"الله يمنعُني منك!. فهدّده أصحاب رسول الله ﷺ وأغلظوا له القول، فشامَ السَّيف (١) وأمر نبيُّ الله ﷺ أصحابَه بالرحيل، فأنزلت عليه صلاة الخوف عند ذلك. (٢)
١١٥٦٦ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري، ذكره عن أبي سلمة، عن جابر: أنّ النبيّ ﷺ نزل منزلا وتفرَّق الناس في العِضاه يستظِلُّون تحتها، (٣) فعلَّق النبي ﷺ سلاحَه بشجرةٍ، فجاء أعرابي إلى سيف رسول الله ﷺ وأخذه فسلَّه، ثم أقبل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال، من يمنعك مني؟ والنبي ﷺ يقول:"الله"، فشامَ الأعْرابي السيف، (٤) فدعا النبي ﷺ أصحابه فأخبرهم خبرَ الأعرابيّ، وهو جالس إلى جنبه لم يعاقبه= قال معمر: وكان قتادة يذكر نحو هذا، وذكر أنَّ قومًا من العرب أرادُوا أن يفتكوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلوا هذا الأعرابي. وتأوّل:"اذكروا نعمة الله عليكم إذ همَّ قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم"، الآية. (٥)
* * *
١١٥٦٦ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري، ذكره عن أبي سلمة، عن جابر: أنّ النبيّ ﷺ نزل منزلا وتفرَّق الناس في العِضاه يستظِلُّون تحتها، (٣) فعلَّق النبي ﷺ سلاحَه بشجرةٍ، فجاء أعرابي إلى سيف رسول الله ﷺ وأخذه فسلَّه، ثم أقبل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال، من يمنعك مني؟ والنبي ﷺ يقول:"الله"، فشامَ الأعْرابي السيف، (٤) فدعا النبي ﷺ أصحابه فأخبرهم خبرَ الأعرابيّ، وهو جالس إلى جنبه لم يعاقبه= قال معمر: وكان قتادة يذكر نحو هذا، وذكر أنَّ قومًا من العرب أرادُوا أن يفتكوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلوا هذا الأعرابي. وتأوّل:"اذكروا نعمة الله عليكم إذ همَّ قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم"، الآية. (٥)
* * *
(١) "شام السيف": أغمده. وهو من الأضداد، ويقال أيضا: "شام السيف": إذا سله.
(٢) الأثر: ١١٥٦٥- هذا الخبر عن"صلاة الخوف"، لم يذكره أبو جعفر في صلاة الخوف فيما سلف ٥: ٢٣٧-٢٥٠، ولا في ٩: ١٢٣-١٦٦.
(٣) "العضاه" (بكسر العين) : اسم يقع على ما عظم من شجر الشوك وطال واشتد شوكه، فاستظل به الناس.
(٤) "شام السيف": أغمده. وهو من الأضداد، ويقال أيضا: "شام السيف": إذا سله.
(٥) الأثر: ١١٥٦٦-"أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف" مضى مرارا. وكان في المطبوعة والمخطوطة"ابن أبي سلمة" بزيادة"ابن"، والصواب حذفها كما في تفسير ابن كثير ٣: ١٠١.
وهذا الخبر عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر في مسند أحمد ٣: ٣١١، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: "حدثنا عبد الله قال: وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده، وسمعته في موضع آخر: حدثنا أبو اليمان قال، أخبرني شعيب، عن الزهري، حدثني سنان بن أبي سنان الدؤلي، وأبو سلمة بن عبد الرحمن: أن جابر بن عبد الله الأنصاري"، وساق الخبر بغير هذا اللفظ مطولا.
ثم رواه أحمد أيضا ٣: ٣٦٤، من طريق عفان بن أبان، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بغير ذاك اللفظ.
وروى أحمد خبر جابر مطولا مفصلا، من طريق أبي بشر، عن سليمان بن قيس، عن جابر قال: قاتل رسول الله ﷺ محارب خصفة بنخل = في المسند ٣: ٣٦٤، ٣٦٥ ثم: ٣٩٠.
ورواه البخاري في صحيحه (الفتح ٧: ٣٢٩-٣٣١)، بأسانيد. ورواه مسلم في صحيحه ١٥: ٤٤، ٤٥، بإسناد الطبري وأحمد.
وانظر أيضا ما رواه أبو جعفر من حديث جابر فيما سلف برقم: ١٠٣٢٥.
وقال ابن كثير في تفسيره ٣: ١٠١، بعد أن ساق خبر أبي جعفر عن هذا الموضع من التفسير: "وهذا الأعرابي، هو غورث بن الحارث، ثابت في الصحيح".
(٢) الأثر: ١١٥٦٥- هذا الخبر عن"صلاة الخوف"، لم يذكره أبو جعفر في صلاة الخوف فيما سلف ٥: ٢٣٧-٢٥٠، ولا في ٩: ١٢٣-١٦٦.
(٣) "العضاه" (بكسر العين) : اسم يقع على ما عظم من شجر الشوك وطال واشتد شوكه، فاستظل به الناس.
(٤) "شام السيف": أغمده. وهو من الأضداد، ويقال أيضا: "شام السيف": إذا سله.
(٥) الأثر: ١١٥٦٦-"أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف" مضى مرارا. وكان في المطبوعة والمخطوطة"ابن أبي سلمة" بزيادة"ابن"، والصواب حذفها كما في تفسير ابن كثير ٣: ١٠١.
وهذا الخبر عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر في مسند أحمد ٣: ٣١١، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: "حدثنا عبد الله قال: وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده، وسمعته في موضع آخر: حدثنا أبو اليمان قال، أخبرني شعيب، عن الزهري، حدثني سنان بن أبي سنان الدؤلي، وأبو سلمة بن عبد الرحمن: أن جابر بن عبد الله الأنصاري"، وساق الخبر بغير هذا اللفظ مطولا.
ثم رواه أحمد أيضا ٣: ٣٦٤، من طريق عفان بن أبان، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بغير ذاك اللفظ.
وروى أحمد خبر جابر مطولا مفصلا، من طريق أبي بشر، عن سليمان بن قيس، عن جابر قال: قاتل رسول الله ﷺ محارب خصفة بنخل = في المسند ٣: ٣٦٤، ٣٦٥ ثم: ٣٩٠.
ورواه البخاري في صحيحه (الفتح ٧: ٣٢٩-٣٣١)، بأسانيد. ورواه مسلم في صحيحه ١٥: ٤٤، ٤٥، بإسناد الطبري وأحمد.
وانظر أيضا ما رواه أبو جعفر من حديث جابر فيما سلف برقم: ١٠٣٢٥.
وقال ابن كثير في تفسيره ٣: ١٠١، بعد أن ساق خبر أبي جعفر عن هذا الموضع من التفسير: "وهذا الأعرابي، هو غورث بن الحارث، ثابت في الصحيح".
106
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصحة في تأويل ذلك، قولُ من قال: عنى الله بالنعمة التي ذكر في هذه الآية، نعمتَه على المؤمنين به وبرسوله التي أنعم بها عليهم في استنقاذه نبيّهم محمدا ﷺ مما كانت يهود بني النضير همت به من قتله وقتل من معه يومَ سار إليهم نبيّ الله ﷺ في الدية التي كان تحمَّلها عن قتيلي عمرو بن أمية.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصحة في تأويل ذلك لأن الله جل ثناؤه عقًّب ذكر ذلك برمي اليهود بصنائعها وقبيح أفعالها، وخيانتها ربَّها وأنبياءها. ثم أمر نبيَّه ﷺ بالعفو عنهم، والصفح عن عظيم جهلهم، فكان معلوما بذلك أنه ﷺ لم يؤمر بالعفو عنهم والصفح عَقِيب قوله:"إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم" وغيرُهم كان يبسط الأيدي إليهم. (١) لأنه لو كان الذين همُّوا ببسط الأيدي إليهم غيرَهم لكان حريًّا أن يكون الأمر بالعفو والصفح عنهم، لا عمَّن لم يجر لهم بذلك ذكر= ولكان الوصف بالخيانة في وصفهم في هذا الموضع،
وإنما قلنا ذلك أولى بالصحة في تأويل ذلك لأن الله جل ثناؤه عقًّب ذكر ذلك برمي اليهود بصنائعها وقبيح أفعالها، وخيانتها ربَّها وأنبياءها. ثم أمر نبيَّه ﷺ بالعفو عنهم، والصفح عن عظيم جهلهم، فكان معلوما بذلك أنه ﷺ لم يؤمر بالعفو عنهم والصفح عَقِيب قوله:"إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم" وغيرُهم كان يبسط الأيدي إليهم. (١) لأنه لو كان الذين همُّوا ببسط الأيدي إليهم غيرَهم لكان حريًّا أن يكون الأمر بالعفو والصفح عنهم، لا عمَّن لم يجر لهم بذلك ذكر= ولكان الوصف بالخيانة في وصفهم في هذا الموضع،
(١) في المطبوعة والمخطوطة: "ومن غيرهم كان يبسط الأيدي إليهم" بزيادة"من"، وهو فساد في الكلام شديد، والصواب حذف"من"، كما يدل عليه سياق الكلام. والواو في"وغيرهم" واو الحال.
107
لا في وصف من لم يجر لخيانته ذكر، ففي ذلك ما ينبئ عن صحة ما قضينا له بالصحة من التأويلات في ذلك، دون ما خالفه.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١) ﴾
(١) قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه: واحذرُوا الله، أيها المؤمنون أن تخالفوه فيما أمركم ونهاكم، وأن تنقضوا الميثاق الذي واثقكم به فتستوجبوا منه العقابَ الذي لا قبل لكم به="وعلى الله فليتوكل المؤمنون" يقول: وإلى الله فليُلْقِ أزمَّة أمورهم، ويستسلم لقضائه، ويثقْ بنصرته وعونه (٢) = المقروّن بوحدانيّة الله ورسالة رسوله، العاملون بأمره ونهيه، فإن ذلك من كمال دينهم وتمامِ إيمانهم= وأنّهم إذا فعلوا ذلك كلأهم ورعاهم وحفظهم ممن أرادهم بسوء، كما حفظكم ودافع عنكم، أيها المؤمنون اليهودَ الذين همُّوا بما همُّوا به من بسط أيديهم إليكم، كلاءَةً منه لكم، إذ كنتم من أهل الإيمان به وبرسوله دون غيره، (٣) فإن غيره لا يطيق دَفْع سوءٍ أراد بكم ربُّكم ولا اجتلابَ نفعٍ لكم لم يقضه لكم.
* * *
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١) ﴾
(١) قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه: واحذرُوا الله، أيها المؤمنون أن تخالفوه فيما أمركم ونهاكم، وأن تنقضوا الميثاق الذي واثقكم به فتستوجبوا منه العقابَ الذي لا قبل لكم به="وعلى الله فليتوكل المؤمنون" يقول: وإلى الله فليُلْقِ أزمَّة أمورهم، ويستسلم لقضائه، ويثقْ بنصرته وعونه (٢) = المقروّن بوحدانيّة الله ورسالة رسوله، العاملون بأمره ونهيه، فإن ذلك من كمال دينهم وتمامِ إيمانهم= وأنّهم إذا فعلوا ذلك كلأهم ورعاهم وحفظهم ممن أرادهم بسوء، كما حفظكم ودافع عنكم، أيها المؤمنون اليهودَ الذين همُّوا بما همُّوا به من بسط أيديهم إليكم، كلاءَةً منه لكم، إذ كنتم من أهل الإيمان به وبرسوله دون غيره، (٣) فإن غيره لا يطيق دَفْع سوءٍ أراد بكم ربُّكم ولا اجتلابَ نفعٍ لكم لم يقضه لكم.
* * *
(١) سقط من المخطوطة والمطبوعة صدر بقية الآية، وهو قوله: "واتقوا الله"، فأثبتها.
(٢) انظر تفسير"التوكل" فيما سلف ٨: ٥٦٦، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٣) قوله: "دون غيره"، أي: كما حفظكم ودافع عنكم دون غيره.
(٢) انظر تفسير"التوكل" فيما سلف ٨: ٥٦٦، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٣) قوله: "دون غيره"، أي: كما حفظكم ودافع عنكم دون غيره.
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا﴾
قال أبو جعفر: وهذه الآية أنزلتْ إعلامًا من الله جلّ ثناؤه نبيَّه ﷺ والمؤمنين به، أخلاقَ الذين همُّوا ببسط أيديهم إليهم من اليهود. كالذي:-
١١٥٦٧ - حدثنا الحارث بن محمد قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا مبارك، عن الحسن في قوله:"ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل" قال: اليهود من أهل الكتاب.
* * *
= (١) وأن الذي هموا به من الغدر ونقض العهد الذي بينهم وبينه، من صفاتهم وصفات أوائلهم وأخلاقِهم وأخلاقِ أسلافهم قديما= (٢) واحتجاجا لنبيه ﷺ على اليهود، بإطلاعه إيَّاه على ما كان علمه عندَهم دون العرب من خفيّ أمورهم ومكنون علومهم= وتوبيخا لليهود في تمادِيهم في الغيّ، وإصرارهم على الكفر، مع علمهم بخطأ ما هم عليه مقيمون.
يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: لا تستعظموا أمرَ الذين همُّوا ببسط أيديهم إليكم من هؤلاء اليهود بما همُّوا به لكم، ولا أمرَ الغدر الذي حاولوه وأرادوه بكم، فإن ذلك من أخلاق أوائلهم وأسْلافهم، لا يَعْدُون أن يكونوا على منهاج أوَّلهم وطريق سَلَفِهم. ثم ابتدأ الخبر عز ذكره عن بعضِ غَدَراتهم وخياناتهم وجراءَتهم على ربهم ونقضهم ميثاقَهم الذي واثقَهم عليه بَارِئُهم، (٣) مع نعمه التي خصَّهم بها،
قال أبو جعفر: وهذه الآية أنزلتْ إعلامًا من الله جلّ ثناؤه نبيَّه ﷺ والمؤمنين به، أخلاقَ الذين همُّوا ببسط أيديهم إليهم من اليهود. كالذي:-
١١٥٦٧ - حدثنا الحارث بن محمد قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا مبارك، عن الحسن في قوله:"ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل" قال: اليهود من أهل الكتاب.
* * *
= (١) وأن الذي هموا به من الغدر ونقض العهد الذي بينهم وبينه، من صفاتهم وصفات أوائلهم وأخلاقِهم وأخلاقِ أسلافهم قديما= (٢) واحتجاجا لنبيه ﷺ على اليهود، بإطلاعه إيَّاه على ما كان علمه عندَهم دون العرب من خفيّ أمورهم ومكنون علومهم= وتوبيخا لليهود في تمادِيهم في الغيّ، وإصرارهم على الكفر، مع علمهم بخطأ ما هم عليه مقيمون.
يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: لا تستعظموا أمرَ الذين همُّوا ببسط أيديهم إليكم من هؤلاء اليهود بما همُّوا به لكم، ولا أمرَ الغدر الذي حاولوه وأرادوه بكم، فإن ذلك من أخلاق أوائلهم وأسْلافهم، لا يَعْدُون أن يكونوا على منهاج أوَّلهم وطريق سَلَفِهم. ثم ابتدأ الخبر عز ذكره عن بعضِ غَدَراتهم وخياناتهم وجراءَتهم على ربهم ونقضهم ميثاقَهم الذي واثقَهم عليه بَارِئُهم، (٣) مع نعمه التي خصَّهم بها،
(١) قوله: "وأن الذي هموا به.." معطوف على قوله:
(٢) قوله"واحتجاجا.."، معطوف على قوله آنفا: "وهذه الآية أنزلت إعلاما..".
(٣) في المطبوعة: "الذي واثقتهم عليه بأدائهم"، لم يحسن قراءة المخطوطة إذ كانت غير معجمة، فحرفها تحريفا أفضى إلى هلاك العبارة كلها.
"إعلاما منه نبيه.. أخلاق الذين هموا | وأن الذي هموا به.."، هذا سياق الجملة. |
(٣) في المطبوعة: "الذي واثقتهم عليه بأدائهم"، لم يحسن قراءة المخطوطة إذ كانت غير معجمة، فحرفها تحريفا أفضى إلى هلاك العبارة كلها.
109
وكراماته التي طوّقهم شكرها، فقال، ولقد أخذ الله ميثاق سَلَف من همّ ببسط يده إليكم من يهود بني إسرائيل، يا معشر المؤمنين بالوفاء له بعهوده وطاعته فيما أمرهم ونهاهم، (١) كما:-
١١٥٦٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم العسقلاني قال، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله:"ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل" قال: أخذ الله مواثيقهم أن يخلصوا له، ولا يعبدُوا غيره.
* * *
="وبعثنا منهم اثنى عشر نقيبا" يعني بذلك: وبعثنا منهم اثنى عشر كفيلا كفلوا عليهم بالوفاء لله بما واثقوه عليه من العهود فيما أمرهم به وفيما نهاهم عنه.
و"النقيب" في كلام العرب، كالعَرِيف على القوم، غير أنه فوق"العريف". يقال منه:"نَقَب فلان على بني فلان فهو ينقُبُ نَقْبًا (٢) فإذا أريد أنه لم يكن نقيبا فصار نقيبا، قيل:"قد نَقُبَ فهو ينقُب نَقَابة" = ومن"العريف":"عَرُف عليهم يَعْرُف عِرَافَةً". فأما"المناكب" فإنهم كالأعوان يكونون مع العُرفاء، واحدهم"مَنْكِب".
وكان بعض أهل العلم بالعربية يقول: هو الأمين الضامن على القوم. (٣)
* * *
فأما أهل التأويل فإنهم قد اختلفوا بينهم في تأويله.
١١٥٦٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم العسقلاني قال، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله:"ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل" قال: أخذ الله مواثيقهم أن يخلصوا له، ولا يعبدُوا غيره.
* * *
="وبعثنا منهم اثنى عشر نقيبا" يعني بذلك: وبعثنا منهم اثنى عشر كفيلا كفلوا عليهم بالوفاء لله بما واثقوه عليه من العهود فيما أمرهم به وفيما نهاهم عنه.
و"النقيب" في كلام العرب، كالعَرِيف على القوم، غير أنه فوق"العريف". يقال منه:"نَقَب فلان على بني فلان فهو ينقُبُ نَقْبًا (٢) فإذا أريد أنه لم يكن نقيبا فصار نقيبا، قيل:"قد نَقُبَ فهو ينقُب نَقَابة" = ومن"العريف":"عَرُف عليهم يَعْرُف عِرَافَةً". فأما"المناكب" فإنهم كالأعوان يكونون مع العُرفاء، واحدهم"مَنْكِب".
وكان بعض أهل العلم بالعربية يقول: هو الأمين الضامن على القوم. (٣)
* * *
فأما أهل التأويل فإنهم قد اختلفوا بينهم في تأويله.
(١) انظر تفسير"أخذ الميثاق" فيما سلف ص: ٩١، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٢) هكذا جاء في المخطوطة والمطبوعة: "نقبا"، وهذا مصدر غريب جدا، ولم تذكره العربية، وهو جائز على ضعف شديد، وأنا أخشى أن يكون ذلك خطأ من النساخ، وأن الصواب هو الذي أجمعت عليه كتب اللغة"نقابة" (بكسر النون) في مصدر هذا الفعل. أما مصدر الفعل الذي يليه فهو بفتح النون. وقال سيبويه: "النقابة بالكسر الاسم، وبالفتح المصدر، مثل الولاية والولاية".
(٣) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٥٦.
(٢) هكذا جاء في المخطوطة والمطبوعة: "نقبا"، وهذا مصدر غريب جدا، ولم تذكره العربية، وهو جائز على ضعف شديد، وأنا أخشى أن يكون ذلك خطأ من النساخ، وأن الصواب هو الذي أجمعت عليه كتب اللغة"نقابة" (بكسر النون) في مصدر هذا الفعل. أما مصدر الفعل الذي يليه فهو بفتح النون. وقال سيبويه: "النقابة بالكسر الاسم، وبالفتح المصدر، مثل الولاية والولاية".
(٣) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٥٦.
110
فقال بعضهم: هو الشاهد على قومه.
ذكر من قال ذلك:
١١٥٦٩ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله:"ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثنى عشر نقيبا"، من كل سِبْط رجل شاهد على قومه.
* * *
وقال آخرون:"النقيب"، الأمين.
ذكر من قال ذلك:
١١٥٧٠ - حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال:"النقباء" الأمناء.
١١٥٧١ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، مثله.
* * *
وإنما كان الله عز ذكره أمر موسى نبيّه ﷺ ببعثة النقباء الاثنى عشر من قومه بني إسرائيل إلى أرض الجبابرة بالشأم، ليتحسَّسوا لموسى أخبارَهم (١) إذْ أراد هلاكهم، وأن يورِّث أرضَهم وديارَهم موسى وقومَه، وأن يجعلها مساكن لبني إسرائيل بعد ما أنجاهم من فرعون وقومه، وأخرجهم من أرض مصر، فبعث مُوسى الذين أمَره الله ببعثهم إليها من النقباء، كما:
١١٥٧٢ - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: أمر الله بني إسرائيل بالسير إلى أرْيَحَا، وهى أرض بيت المقدس، فساروا حتى إذا كانوا قريبا منهم بعث موسى اثنى عشر نقيبا من جميع أسباط بني إسرائيل. فساروا يريدون أن يأتوه بخبر الجبابرة، فلقيهم رجل
ذكر من قال ذلك:
١١٥٦٩ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله:"ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثنى عشر نقيبا"، من كل سِبْط رجل شاهد على قومه.
* * *
وقال آخرون:"النقيب"، الأمين.
ذكر من قال ذلك:
١١٥٧٠ - حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال:"النقباء" الأمناء.
١١٥٧١ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، مثله.
* * *
وإنما كان الله عز ذكره أمر موسى نبيّه ﷺ ببعثة النقباء الاثنى عشر من قومه بني إسرائيل إلى أرض الجبابرة بالشأم، ليتحسَّسوا لموسى أخبارَهم (١) إذْ أراد هلاكهم، وأن يورِّث أرضَهم وديارَهم موسى وقومَه، وأن يجعلها مساكن لبني إسرائيل بعد ما أنجاهم من فرعون وقومه، وأخرجهم من أرض مصر، فبعث مُوسى الذين أمَره الله ببعثهم إليها من النقباء، كما:
١١٥٧٢ - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: أمر الله بني إسرائيل بالسير إلى أرْيَحَا، وهى أرض بيت المقدس، فساروا حتى إذا كانوا قريبا منهم بعث موسى اثنى عشر نقيبا من جميع أسباط بني إسرائيل. فساروا يريدون أن يأتوه بخبر الجبابرة، فلقيهم رجل
(١) في المطبوعة: "ليتجسسوا" بالجيم، و"التحسس" بالحاء: تطلب الخبر وتبحثه. وفي التنزيل: "يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه".
111
من الجبَّارين يقال له"عاج"، فأخذ الاثنى عشر، فجعلهم في حُجْزَته (١) وعلى رأسه حَمْلَةُ حطب. (٢) فانطلق بهم إلى امرأته فقال: انظري إلى هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم يريدون أن يقاتلونا!! فطرَحَهم بين يديها، فقال، ألا أطْحَنُهم برجلي! فقالت امرأته: بل خلّ عنهم حتى يخبروا قومَهم بما رأوا. ففعل ذلك. فلما خرج القومُ، قال بعضهم لبعض: يا قوم إنكم إن أخبرتم بني إسرائيل خبرَ القوم، ارتدُّوا عن نبيِّ الله عليه السلام، ولكن اكتموه وأخبروا نَبِيَّ الله، فيكونان هما يَرَيان رأيهما! (٣) فأخذ بعضهم على بعض الميثاق بذلك ليكتموه، ثم رجعوا فانطلق عشرة منهم فنكثوا العهدَ، فجعل الرجل يخبر أخاه وأباه بما رأى من [أمر] "عاج" (٤) وكتم رجلان منهم، فأتوا موسى وهارون، فأخبروهما الخبرَ، فذلك حين يقول الله (٥) "ولقد أخذ الله ميثاقَ بني إسرائيل وبعثنا منهم اثنى عشر نقيبا". (٦)
١١٥٧٣ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"اثنى عشر نقيبا" من كل سبط من بني إسرائيل رجل، أرسلهم موسى إلى الجبارين، فوجدوهم يدخل في كُمِّ أحدهم اثنان منهم يُلقونهم إلقاءً (٧) ولا يحمل عنقود عنبهم إلا خمسة أنفس
١١٥٧٣ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"اثنى عشر نقيبا" من كل سبط من بني إسرائيل رجل، أرسلهم موسى إلى الجبارين، فوجدوهم يدخل في كُمِّ أحدهم اثنان منهم يُلقونهم إلقاءً (٧) ولا يحمل عنقود عنبهم إلا خمسة أنفس
(١) "الحجزة" (بضم فسكون) : موضع شد الإزار. وسبحان الله!! كيف كان يبالغ هؤلاء الرواة من أصحاب الإسرائيليات!!
(٢) في المطبوعة: "حزمة حطب"، لم يحسن قراءة المخطوطة مع وضوحها. وأثبتها لما طابقت المخطوطة تاريخ الطبري. وما سيأتي برقم: ١١٦٥٦.
و"الحملة" (بفتح الحاء) : هي مقدار ما يحمله الحامل، كما يقال: "قبضة"، لمقدار ما تقبض عليه الكف. وهذا حرف لم أجد النص عليه في كتاب.
(٣) "نبي الله"، يعني موسى وهرون عليهما السلام. وكان في المطبوعة: "فيما يريان"، والصواب من المخطوطة والتاريخ.
(٤) هذه الزيادة بين القوسين، من تاريخ الطبري.
(٥) انظر ما كتبته في ص: ٩٢، تعليق: ١، في أمر"حيث" و"حين".
(٦) الأثر: ١١٥٧٢- هو من بقية الأثر الذي رواه أبو جعفر قديما برقم: ٩٩١، وهو في تاريخ الطبري ١: ٢٢١، ٢٢. وسيأتي صدره برقم: ١١٦٥٦.
(٧) في المخطوطة: "يلفونهم الفا" غير واضحة ولا منقوطة، وفي المطبوعة هنا"يلفونهم لفا"، وسيأتي برقم: ١١٦٦٠، كما أثبتها، في المخطوطة والمطبوعة معا. وانظر الأثر التالي: ١١٥٧٤، والتعليق عليه.
(٢) في المطبوعة: "حزمة حطب"، لم يحسن قراءة المخطوطة مع وضوحها. وأثبتها لما طابقت المخطوطة تاريخ الطبري. وما سيأتي برقم: ١١٦٥٦.
و"الحملة" (بفتح الحاء) : هي مقدار ما يحمله الحامل، كما يقال: "قبضة"، لمقدار ما تقبض عليه الكف. وهذا حرف لم أجد النص عليه في كتاب.
(٣) "نبي الله"، يعني موسى وهرون عليهما السلام. وكان في المطبوعة: "فيما يريان"، والصواب من المخطوطة والتاريخ.
(٤) هذه الزيادة بين القوسين، من تاريخ الطبري.
(٥) انظر ما كتبته في ص: ٩٢، تعليق: ١، في أمر"حيث" و"حين".
(٦) الأثر: ١١٥٧٢- هو من بقية الأثر الذي رواه أبو جعفر قديما برقم: ٩٩١، وهو في تاريخ الطبري ١: ٢٢١، ٢٢. وسيأتي صدره برقم: ١١٦٥٦.
(٧) في المخطوطة: "يلفونهم الفا" غير واضحة ولا منقوطة، وفي المطبوعة هنا"يلفونهم لفا"، وسيأتي برقم: ١١٦٦٠، كما أثبتها، في المخطوطة والمطبوعة معا. وانظر الأثر التالي: ١١٥٧٤، والتعليق عليه.
112
منهم في خشبة (١) ويدخل في شطر الرمانة إذا نزع حبُّها خمسة أنفس أو أربع. فرجع النقباء كلٌّ منهم يَنْهى سِبْطه عن قتالهم إلا يوشع بن نون وكلاب بن يافنة، (٢) يأمران الأسباط بقتال الجبابرة وبجهادهم، فعصوا هذين وأطاعُوا الآخرين.
١١٥٧٤ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد بنحوه= إلا أنه قال: من بني إسرائيل رجالٌ= وقال أيضا: يلقونهما. (٣)
١١٥٧٥ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: أمر موسى أن يسير ببني إسرائيل إلى الأرض المقدّسة، وقال: إني قد كتبتها لكم دارا وقرارا ومنزلا فاخرج إليها، وجاهد من فيها من العدوّ، فإني ناصركم عليهم، وخُذ من قومك اثنى عشر نقيبًا من كل سبط نقيبا يكون على قومه بالوفاء منهم على ما أمروا به، وقل لهم: إن الله يقول لكم: (إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ)... إلى قوله: (فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) وأخذ موسى منهم اثنى عشر نقيبا اختارهم من الأسباط كفلاء على قومهم بما هم فيه، على الوفاء بعهده وميثاقه. وأخذ من كل سبط منهم خيرَهم وأوفاهم رجلا. يقول الله عز وجل:"ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثنى عشر نقيبًا" فسار بهم موسى إلى الأرض المقدّسة بأمر الله، حتى إذا نزل التيه بين مصر والشام= وهي بلاد ليس فيها خَمَرٌ
١١٥٧٤ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد بنحوه= إلا أنه قال: من بني إسرائيل رجالٌ= وقال أيضا: يلقونهما. (٣)
١١٥٧٥ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: أمر موسى أن يسير ببني إسرائيل إلى الأرض المقدّسة، وقال: إني قد كتبتها لكم دارا وقرارا ومنزلا فاخرج إليها، وجاهد من فيها من العدوّ، فإني ناصركم عليهم، وخُذ من قومك اثنى عشر نقيبًا من كل سبط نقيبا يكون على قومه بالوفاء منهم على ما أمروا به، وقل لهم: إن الله يقول لكم: (إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ)... إلى قوله: (فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) وأخذ موسى منهم اثنى عشر نقيبا اختارهم من الأسباط كفلاء على قومهم بما هم فيه، على الوفاء بعهده وميثاقه. وأخذ من كل سبط منهم خيرَهم وأوفاهم رجلا. يقول الله عز وجل:"ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثنى عشر نقيبًا" فسار بهم موسى إلى الأرض المقدّسة بأمر الله، حتى إذا نزل التيه بين مصر والشام= وهي بلاد ليس فيها خَمَرٌ
(١) في المخطوطة: "خمسة أنفاس بينهم في خشبة"، وفي المطبوعة: "خمسة أنفس بينهم في خشبة"، وأثبت ما في تفسير البغوي (هامش ابن كثير ٣: ١٠٤)، فهو أقرب إلى هذا السياق. وانظر ما سيأتي، الأثر رقم: ١١٥٧٣.
(٢) في المطبوعة: "وكالب بن يوفنا"، وأثبت ما في المخطوطة، وهو فيها هنا" " غير منقوطة، ولكنه سيأتي في المخطوطة، في رقم: ١١٦٦٦، كما أثبته هنا. وانظر ما مضى ٥: ٢٧٢. وفي التاريخ ١: ٢٢٢: "كالوب بن يوفنة، وقيل: كلاب بن يوفنة ختن موسى". وسيأتي بعض هذا الأثر مختصرا برقم: ١١٦٦٠.
(٣) في المطبوعة: "يلففونها"، مع أنها في المخطوطة كما أثبتها واضحة منقوطة، وانظر التعليق على الأثر السالف ص: ١١٢، تعليق: ٧، وانظر الأثر التالي: ١١٦٦٠.
(٢) في المطبوعة: "وكالب بن يوفنا"، وأثبت ما في المخطوطة، وهو فيها هنا" " غير منقوطة، ولكنه سيأتي في المخطوطة، في رقم: ١١٦٦٦، كما أثبته هنا. وانظر ما مضى ٥: ٢٧٢. وفي التاريخ ١: ٢٢٢: "كالوب بن يوفنة، وقيل: كلاب بن يوفنة ختن موسى". وسيأتي بعض هذا الأثر مختصرا برقم: ١١٦٦٠.
(٣) في المطبوعة: "يلففونها"، مع أنها في المخطوطة كما أثبتها واضحة منقوطة، وانظر التعليق على الأثر السالف ص: ١١٢، تعليق: ٧، وانظر الأثر التالي: ١١٦٦٠.
113
ولا ظلّ (١) = دعا موسى ربه حين آذاهم الحرّ، فظلَّل عليهم بالغمام، ودعا لهم بالرزق، فأنزل الله عليهم المنَّ والسلوى. (٢) وأمر الله موسى فقال: أَرْسل رجالا يتحسسّون إلى أرض كنعان التي وهبت لبني إسرائيل (٣) من كل سبط رجلا. فأرسل موسى الرءوس كلهم الذين فيهم، [فبعث الله جل وعزّ من برّية فاران بكلام الله، وهم روءس بني إسرائيل]. (٤) وهذه أسماء الرَّهط الذين بعث الله جل ثناؤه من بني إسرائيل إلى أرض الشام، فيما يذكر أهل التوراة ليجوسوها لبني إسرائيل (٥) من سبط روبيل:"شامون بن زكوّن" (٦) = ومن سبط شمعون:"شافاط بن حُرّي" (٧) ومن سبط يهوذا:"كالب بن يوفنّا (٨) ومن سبط أتين:"يجائل بن يوسف" (٩) =ومن سبط يوسف: وهو سبط أفرائيم:"يوشع بن نون" (١٠) ومن سبط بنيامين"فلط بن رفون" (١١) =ومن سبط زبالون:"جدي بن سودي (١٢) =ومن سبط منشا بن يوسف:"جدي بن سوسا (١٣) =ومن سبط دان:"حملائل بن جمل" (١٤) =ومن سبط أشر: ساتور بن ملكيل" (١٥) = ومن سبط نفتالي:"نحى بن وفسي" (١٦) =ومن سبط جاد:"جولايل بن ميكي". (١٧)
=فهذه أسماء الذين بعثهم موسى يتحسّسون له الأرض= (١٨) ويومئذ سمى"هوشع بن نون":"يوشع بن نون" (١٩) =فأرسلهم وقال لهم: ارتفعوا قِبَل الشمس، فارقوا الجبل، وانظروا ما في الأرض، وما الشعب الذي يسكنون، أقوياء هم أم ضعفاء، أقليل هم أم كثير؟ وانظروا أرضهم التي يسكنون: أسمينة هي [أم هزيلة] ؟ أذات شجر أم لا؟ اجتازوا، واحملوا إلينا من ثمرة تلك الأرض. وكان ذلك في أول ما أشجن بكر ثمرة العنب. (٢٠)
=فهذه أسماء الذين بعثهم موسى يتحسّسون له الأرض= (١٨) ويومئذ سمى"هوشع بن نون":"يوشع بن نون" (١٩) =فأرسلهم وقال لهم: ارتفعوا قِبَل الشمس، فارقوا الجبل، وانظروا ما في الأرض، وما الشعب الذي يسكنون، أقوياء هم أم ضعفاء، أقليل هم أم كثير؟ وانظروا أرضهم التي يسكنون: أسمينة هي [أم هزيلة] ؟ أذات شجر أم لا؟ اجتازوا، واحملوا إلينا من ثمرة تلك الأرض. وكان ذلك في أول ما أشجن بكر ثمرة العنب. (٢٠)
(١) في المطبوعة: "شجر ولا ظل"، وفي المخطوطة: "حعر"، والصواب ما أثبته، كما مضى في الأثر: ٩٩٢، و"الخمر" (بفتحتين) : كل ما سترك من شجر أو بناء أو غيره.
(٢) إلى هذا الموضع مضى قديما في الأثر رقم: ٩٩٢.
(٣) في المخطوطة: "وهب"، والصواب ما في المطبوعة. وفي المطبوعة: "يتجسسون" بالجيم، وانظر ص: ١١١، تعليق: ١.
(٤) هذه الجملة التي بين القوسين، من المخطوطة، وحذفها ناشر المطبوعة. وهي عبارة غير مفهومة، ولم أستطع أن أهتدي إلى صوابها، ولا استطعت أن أصل الكلام بعضه ببعض. والذي في كتاب القوم، في العهد القديم، في سفر العدد، في الإصحاح الثالث عشر: "فأرسلهم موسى من برية فاران حسب قول الرب". وكل وجه من التصحيف، أو التحريف، أو النقص في العبارة، أردت أن أحمل عليه هذه الجملة، حتى تستقيم، خرج معي وجها ضعيف التركيب، فتركت ذلك لمن يحسن أن يقيمه، أو لمن يهتدي إلى صوابه من مرجع آخر، غير المراجع التي بين يدي.
(٥) هذه الأسماء مذكورة في كتاب القوم، في سفر العدد، في الإصحاح الثالث عشر. ونقلها عن هذا الموضع من الطبري، ابن كثير في تفسيره ٣: ١٠٣. وذكرها ابن حبيب في"المحبر" ص: ٤٦٤، ونقلها عنه القرطبي في تفسيره ٦: ١١٣، فسأذكر بعد، ما اختلف فيه من الأسماء، عن هذه المراجع، ونصها في كتاب القوم.
(٦) في كتاب القوم: "من سبط رَأو بين: شمع بن زكُّور"، كما في المحبر. وفي المطبوعة وابن كثير"بن ركون"، وفي القرطبي"ركوب". وفي المخطوطة، تقرأ كما كتبتها.
(٧) في كتاب القوم: ".. بن حوري". وفي المحبر: "شرفوط بن حوري"، وفي القرطبي: "شوقوط بن حوري".
(٨) في كتاب القوم: ".. بن يُفَنّة"، وفي المحبر: "كولب.."، وفي القرطبي: "يوقنا".
(٩) في كتاب القوم: "ومن سبط يسَّاكرَ: يجال بن يوسف"، وكان في المطبوعة هنا"ومن سبط كاذ: ميخائيل بن يوسف"، ولا أدري من أين جاء به ناشر المطبوعة. وفي ابن كثير: "ومن سبط أتين: ميخائيل بن يوسف"، ولم أجد في الأسباط"أتين"، ولكن هكذا كتب في مخطوطة التفسير كما كتبته غير منقوط، وفيها أيضا"محامل" غير منقوطة، والذي أثبته هو صواب قراءتها. أما في المحبر فهو: "ومن سبط إساخر: يغوول بن يوسف"، وفي القرطبي: "ومن سبط الساحر: يوغول بن يوسف". وهذا السبط، ذكره الطبري عن محمد بن إسحق فيما سلف رقم: ٢١٠٧: "يشجر"، وهو"يساكر"، فالذي لا شك فيه أن"أبين" التي في مخطوطة التفسير، هي"يشجر"، أو "أشجر"، ولكني تركتها كما هي في المخطوطة.
(١٠) في كتاب القوم: "من سبط أفرايم: هو شع بن نون"، ولكن كتب في مخطوطة التفسير"يوشع" هنا، وكان الأجود أن يكتب هنا"هوشع"، لأنه سيأتي في آخر الخبر أنه يومئذ سمى"هوشع"، "يوشع".
(١١) في كتاب القوم: "من سبط بنيامين فَلطي بن رافو" وفي المخطوطة: "بن دفون"، وفي المطبوعة: "بن ذنون"، وفي ابن كثير: "فلطم بن دفون"، وفي المحبر: "يلطى بن ردفوا"، وفي القرطبي: "يلظى بن روقو".
(١٢) في كتاب القوم: "من سبط زبولون: جَدّ يئيل بن سودى"، وفي المخطوطة"جدي بن سوشي"، ولكن ابن كثير نقله في تفسيره عن الطبري: "جدي بن شورى"، فتبين أن"سوشي" تحريف"سودي". وكان في المطبوعة"كرابيل بن سودي"، وفي المحبر"كداييل بن شوذي"، وفي القرطبي: "كرابيل بن سورا".
(١٣) في كتاب القوم: "من سبط يوسف، من سبط منسي: جدّي بن سوسي"، وفي ابن كثير: "بن موسى"، خطأ. وفي المحبر: "كدي بن سوسي"، وفي القرطبي والمطبوعة: "سوشا".
(١٤) في كتاب القوم: ".. عميئيل بن جملّى" وفي ابن كثير: "خملائيل بن حمل"، وفي المحبر: "عماييل بن كملى"، وفي القرطبي: "عمائيل بن كسل".
(١٥) في كتاب القوم: "من سبط أشير: ستور بن ميخائيل"، وفي المطبوعة: "أشار: سابور"، فأثبت ما في المخطوطة، وهي غير منقوطة. وفي ابن كثير: "أشار: ساطور بن ملكيل". وفي المحبر"ومن سبط أوشير: شتور بن ميخائيل"، "شير: ستور".
(١٦) في كتاب القوم"من سبط نفتالي: نحيى بن وفسى"، وفي المطبوعة: "محر بن وقسى"، وفي المخطوطة: "ومن سبط ثفثا أبي بحر بن وفسى"، وصواب قراءتها ما أثبت. وفي ابن كثير: "بحر بن وقسي". وفي المحبر: "يحيى بن وقسي: وفي القرطبي: "يوحنا بن وقوشا".
(١٧) في كتاب القوم: "من سبط جاد: جأوئيل بن ماكي" وفي المخطوطة: "ومن سبط دار: جولائل بن منكد"، وفي المطبوعة: "ومن سبط يساخر: حولايل بن منكد"، وفي تفسير ابن كثير: "ومن سبط يساخر: لايل بن مكيد" وفي المحبر: "ومن سبط جاذ: كوآءل بن موخى". وفي القرطبي: "ومن سبط كاذ: كوال بن موخى". فأثتب"جاد" مكان"دار" في المخطوطة، من أسماء الأسباط في رواية ابن إسحق فيما سلف في الأثر رقم: ٢١٠٧. وقرأت"منكد""ميكي"، لأنها أقرب إلى"ماكي" و"موخي".
هذا، وقد نقل ابن كثير في تفسيره ٣: ١٠٣ أسماء هؤلاء النقباء، وقال: "وقد رأيت في السفر الرابع من التوراة، تعداد النقباء على أسباط بني إسرائيل، وأسماء مخالفة لما ذكره ابن إسحق، والله أعلم". ولكن اتضح من المراجعة أن الذي ذكره ابن إسحق، هو الموجود في النسخة التي بين أيدينا من التوراة. أما الذي نقله ابن كثير فهو مخالف كل المخالفة لما في رواية ابن إسحق، ولما جاء في كتاب القوم. فلا ريب أن التوراة التي كانت في يد ابن كثير، هي غير التي في أيدينا من كتاب القوم.
(١٨) في المطبوعة: "يتجسسون" بالجيم، وانظر ما سلف ص: ١١١، تعليق: ١، وص: ١١٤، تعليق: ٣.
(١٩) في المطبوعة والمخطوطة في هذا الاسم الأول"يوشع"، ولكن المخطوطة غير متقوطة، والصواب أن تكون"هوشع" كما أثبتها. انظر ص: ١١٥، تعليق: ٢.
(٢٠) في المطبوعة: ".. أشمسة هي أم ذات شجر، واحملوا إلينا من ثمرة تلك الأرض"، رأى ما في المخطوطة لا يقرأ، فحذفه. وكان في المخطوطة: "أسمسه هي أم ذات شجر أم لا احباروا واحملوا إلينا..". ورأيت أن أقرأها كذلك، استظهارا مما جاء في كتاب القوم، في سفر العدد، في الإصحاح الثالث عشر: "وكيف هي الأرض: أسمينة أم هزيلة؟ أفيها شجر أم لا؟ وتشددوا فخذوا من ثمر الأرض".
يقال، "أرض سمينة"؛ جيدة الترب، قليلة الحجارة، قوية على ترشيح النبت. ويقال، "أرض مهزولة"، رقيقة. و"المهازل": الجدوب، فلذلك آثرت وضع"هزيلة" كما جاءت في كتاب القوم بهذا المعنى، وإن أغفلتها كتب اللغة، أو أغفلت النص عليها.
وكان في المطبوعة: "وكان في أول ما سمى لهم من ذلك ثمرة العنب"، وهو تصرف رديء مستهجن. فإن الذي في المخطوطة هو: "وكان ذلك في أول ما سمى بكر ثمرة العنب" لم يحسن قراءة"سمن"، فتصرف بلا ورع. والذي في كتاب القوم ما نصه: "وأما الأيام فكانت أيام باكورات العنب". فاستظهرت منها صواب ما في المخطوطة، وقرأت: "أول ما سمن": "أول ما أشجن بكر ثمرة العنب".
و"الشجنة" (بكسر فسكون) : الشعبة من عنقود العنب تدرك كلها. يقال منها"أشجن الكرم"، أدركت عناقيده وطابت.
وقوله"بكر العنب"، فإن"بكر كل شيء"، أوله. وهو صحيح في العربية، وإن كانوا قد خصوا الثمار التي أدركت في أول إدراكها بقولهم: "باكورة الثمرة".
(٢) إلى هذا الموضع مضى قديما في الأثر رقم: ٩٩٢.
(٣) في المخطوطة: "وهب"، والصواب ما في المطبوعة. وفي المطبوعة: "يتجسسون" بالجيم، وانظر ص: ١١١، تعليق: ١.
(٤) هذه الجملة التي بين القوسين، من المخطوطة، وحذفها ناشر المطبوعة. وهي عبارة غير مفهومة، ولم أستطع أن أهتدي إلى صوابها، ولا استطعت أن أصل الكلام بعضه ببعض. والذي في كتاب القوم، في العهد القديم، في سفر العدد، في الإصحاح الثالث عشر: "فأرسلهم موسى من برية فاران حسب قول الرب". وكل وجه من التصحيف، أو التحريف، أو النقص في العبارة، أردت أن أحمل عليه هذه الجملة، حتى تستقيم، خرج معي وجها ضعيف التركيب، فتركت ذلك لمن يحسن أن يقيمه، أو لمن يهتدي إلى صوابه من مرجع آخر، غير المراجع التي بين يدي.
(٥) هذه الأسماء مذكورة في كتاب القوم، في سفر العدد، في الإصحاح الثالث عشر. ونقلها عن هذا الموضع من الطبري، ابن كثير في تفسيره ٣: ١٠٣. وذكرها ابن حبيب في"المحبر" ص: ٤٦٤، ونقلها عنه القرطبي في تفسيره ٦: ١١٣، فسأذكر بعد، ما اختلف فيه من الأسماء، عن هذه المراجع، ونصها في كتاب القوم.
(٦) في كتاب القوم: "من سبط رَأو بين: شمع بن زكُّور"، كما في المحبر. وفي المطبوعة وابن كثير"بن ركون"، وفي القرطبي"ركوب". وفي المخطوطة، تقرأ كما كتبتها.
(٧) في كتاب القوم: ".. بن حوري". وفي المحبر: "شرفوط بن حوري"، وفي القرطبي: "شوقوط بن حوري".
(٨) في كتاب القوم: ".. بن يُفَنّة"، وفي المحبر: "كولب.."، وفي القرطبي: "يوقنا".
(٩) في كتاب القوم: "ومن سبط يسَّاكرَ: يجال بن يوسف"، وكان في المطبوعة هنا"ومن سبط كاذ: ميخائيل بن يوسف"، ولا أدري من أين جاء به ناشر المطبوعة. وفي ابن كثير: "ومن سبط أتين: ميخائيل بن يوسف"، ولم أجد في الأسباط"أتين"، ولكن هكذا كتب في مخطوطة التفسير كما كتبته غير منقوط، وفيها أيضا"محامل" غير منقوطة، والذي أثبته هو صواب قراءتها. أما في المحبر فهو: "ومن سبط إساخر: يغوول بن يوسف"، وفي القرطبي: "ومن سبط الساحر: يوغول بن يوسف". وهذا السبط، ذكره الطبري عن محمد بن إسحق فيما سلف رقم: ٢١٠٧: "يشجر"، وهو"يساكر"، فالذي لا شك فيه أن"أبين" التي في مخطوطة التفسير، هي"يشجر"، أو "أشجر"، ولكني تركتها كما هي في المخطوطة.
(١٠) في كتاب القوم: "من سبط أفرايم: هو شع بن نون"، ولكن كتب في مخطوطة التفسير"يوشع" هنا، وكان الأجود أن يكتب هنا"هوشع"، لأنه سيأتي في آخر الخبر أنه يومئذ سمى"هوشع"، "يوشع".
(١١) في كتاب القوم: "من سبط بنيامين فَلطي بن رافو" وفي المخطوطة: "بن دفون"، وفي المطبوعة: "بن ذنون"، وفي ابن كثير: "فلطم بن دفون"، وفي المحبر: "يلطى بن ردفوا"، وفي القرطبي: "يلظى بن روقو".
(١٢) في كتاب القوم: "من سبط زبولون: جَدّ يئيل بن سودى"، وفي المخطوطة"جدي بن سوشي"، ولكن ابن كثير نقله في تفسيره عن الطبري: "جدي بن شورى"، فتبين أن"سوشي" تحريف"سودي". وكان في المطبوعة"كرابيل بن سودي"، وفي المحبر"كداييل بن شوذي"، وفي القرطبي: "كرابيل بن سورا".
(١٣) في كتاب القوم: "من سبط يوسف، من سبط منسي: جدّي بن سوسي"، وفي ابن كثير: "بن موسى"، خطأ. وفي المحبر: "كدي بن سوسي"، وفي القرطبي والمطبوعة: "سوشا".
(١٤) في كتاب القوم: ".. عميئيل بن جملّى" وفي ابن كثير: "خملائيل بن حمل"، وفي المحبر: "عماييل بن كملى"، وفي القرطبي: "عمائيل بن كسل".
(١٥) في كتاب القوم: "من سبط أشير: ستور بن ميخائيل"، وفي المطبوعة: "أشار: سابور"، فأثبت ما في المخطوطة، وهي غير منقوطة. وفي ابن كثير: "أشار: ساطور بن ملكيل". وفي المحبر"ومن سبط أوشير: شتور بن ميخائيل"، "شير: ستور".
(١٦) في كتاب القوم"من سبط نفتالي: نحيى بن وفسى"، وفي المطبوعة: "محر بن وقسى"، وفي المخطوطة: "ومن سبط ثفثا أبي بحر بن وفسى"، وصواب قراءتها ما أثبت. وفي ابن كثير: "بحر بن وقسي". وفي المحبر: "يحيى بن وقسي: وفي القرطبي: "يوحنا بن وقوشا".
(١٧) في كتاب القوم: "من سبط جاد: جأوئيل بن ماكي" وفي المخطوطة: "ومن سبط دار: جولائل بن منكد"، وفي المطبوعة: "ومن سبط يساخر: حولايل بن منكد"، وفي تفسير ابن كثير: "ومن سبط يساخر: لايل بن مكيد" وفي المحبر: "ومن سبط جاذ: كوآءل بن موخى". وفي القرطبي: "ومن سبط كاذ: كوال بن موخى". فأثتب"جاد" مكان"دار" في المخطوطة، من أسماء الأسباط في رواية ابن إسحق فيما سلف في الأثر رقم: ٢١٠٧. وقرأت"منكد""ميكي"، لأنها أقرب إلى"ماكي" و"موخي".
هذا، وقد نقل ابن كثير في تفسيره ٣: ١٠٣ أسماء هؤلاء النقباء، وقال: "وقد رأيت في السفر الرابع من التوراة، تعداد النقباء على أسباط بني إسرائيل، وأسماء مخالفة لما ذكره ابن إسحق، والله أعلم". ولكن اتضح من المراجعة أن الذي ذكره ابن إسحق، هو الموجود في النسخة التي بين أيدينا من التوراة. أما الذي نقله ابن كثير فهو مخالف كل المخالفة لما في رواية ابن إسحق، ولما جاء في كتاب القوم. فلا ريب أن التوراة التي كانت في يد ابن كثير، هي غير التي في أيدينا من كتاب القوم.
(١٨) في المطبوعة: "يتجسسون" بالجيم، وانظر ما سلف ص: ١١١، تعليق: ١، وص: ١١٤، تعليق: ٣.
(١٩) في المطبوعة والمخطوطة في هذا الاسم الأول"يوشع"، ولكن المخطوطة غير متقوطة، والصواب أن تكون"هوشع" كما أثبتها. انظر ص: ١١٥، تعليق: ٢.
(٢٠) في المطبوعة: ".. أشمسة هي أم ذات شجر، واحملوا إلينا من ثمرة تلك الأرض"، رأى ما في المخطوطة لا يقرأ، فحذفه. وكان في المخطوطة: "أسمسه هي أم ذات شجر أم لا احباروا واحملوا إلينا..". ورأيت أن أقرأها كذلك، استظهارا مما جاء في كتاب القوم، في سفر العدد، في الإصحاح الثالث عشر: "وكيف هي الأرض: أسمينة أم هزيلة؟ أفيها شجر أم لا؟ وتشددوا فخذوا من ثمر الأرض".
يقال، "أرض سمينة"؛ جيدة الترب، قليلة الحجارة، قوية على ترشيح النبت. ويقال، "أرض مهزولة"، رقيقة. و"المهازل": الجدوب، فلذلك آثرت وضع"هزيلة" كما جاءت في كتاب القوم بهذا المعنى، وإن أغفلتها كتب اللغة، أو أغفلت النص عليها.
وكان في المطبوعة: "وكان في أول ما سمى لهم من ذلك ثمرة العنب"، وهو تصرف رديء مستهجن. فإن الذي في المخطوطة هو: "وكان ذلك في أول ما سمى بكر ثمرة العنب" لم يحسن قراءة"سمن"، فتصرف بلا ورع. والذي في كتاب القوم ما نصه: "وأما الأيام فكانت أيام باكورات العنب". فاستظهرت منها صواب ما في المخطوطة، وقرأت: "أول ما سمن": "أول ما أشجن بكر ثمرة العنب".
و"الشجنة" (بكسر فسكون) : الشعبة من عنقود العنب تدرك كلها. يقال منها"أشجن الكرم"، أدركت عناقيده وطابت.
وقوله"بكر العنب"، فإن"بكر كل شيء"، أوله. وهو صحيح في العربية، وإن كانوا قد خصوا الثمار التي أدركت في أول إدراكها بقولهم: "باكورة الثمرة".
114
١١٥٧٦ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"وبعثنا منهم اثنى عشر نقيبًا" فهم من بني إسرائيل، بعَثهم موسى لينظُروا له إلى المدينة. فانطلقوا فنظروا إلى المدينة، فجاءوا بحبّة من فاكهتهم وِقْرَ رجلٍ، (١) فقالوا:
(١) "الوقر" (بكسر الواو وسكون القاف) : الحمل. وفي حديث عمر بن الخطاب والمجوس: "فألقوا وقر بغل أو بغلين"، أي: حمل بغل أو بغلين.
117
اقدُروا قوة قوم وبأسهم هذه فاكهتهم! فعند ذلك فُتِنوا فقالوا: لا نستطيع القتال، (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) [سورة المائدة: ٢٤].
١١٥٧٧ - حدثت عن الحسين بن الفرج المروزي قال: سمعت أبا مُعاذ الفضلَ بن خالد يقول في قوله:"وبعثنا منهم اثنى عشر نقيبًا" أمر الله بني إسرائيل أن يسيروا إلى الأرض المقدّسة مع نبيهم موسى صلى الله عليه وسلم، فلما كانوا قريبًا من المدينة قال لهم موسى: ادخلوها! فأبوا وجَبُنوا، وبعثُوا اثنى عشر نقيبًا لينظروا إليهم، فانطلقوا فنظروا، فجاءوا بحبة من فاكهتهم بوِقْرِ الرجل، فقالوا: اقدورا قوة قوم وبأسهم، (١) هذه فاكهتهم!! فعند ذلك قالوا لموسى: (اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ).
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقال الله لبني إسرائيل:"إني معكم"، يقول: إني ناصركم على عدوّكم وعدوِّي الذين أمرتكم بقتالهم، (٢) إن قاتلتموهم ووفيتم بعهدي وميثاقي الذي أخذته عليكم.
* * *
وفي الكلام محذوف، استغنى بما ظهر من الكلام عما حذف منه. وذلك أن معنى الكلام: وقال الله لَهُم إني معكم= فترك ذكر"لهم"، استغناء بقوله:"ولقد أخذ الله ميثاقَ بني إسرائيل"، إذ كان مُتقدّم الخبر عن قوم مسمَّين بأعيانهم، فكان معلومًا أن ما في سياق الكلام من الخبر عنهم، (٣) إذ لم يكن الكلام مصروفًا عنهم إلى غيرهم.
* * *
ثم ابتدأ ربُّنا جل ثناؤه القسمَ فقال: قسمًا لئن أقمتم، معشر بني إسرائيل، الصلاة ="وآتيتم الزكاة"، أي: أعطيتموها من أمرتكم بإعطائها (٤) ="وآمنتم برسلي" يقول: وصدّقتم بما آتاكم به رسلي من شرائع ديني.
١١٥٧٧ - حدثت عن الحسين بن الفرج المروزي قال: سمعت أبا مُعاذ الفضلَ بن خالد يقول في قوله:"وبعثنا منهم اثنى عشر نقيبًا" أمر الله بني إسرائيل أن يسيروا إلى الأرض المقدّسة مع نبيهم موسى صلى الله عليه وسلم، فلما كانوا قريبًا من المدينة قال لهم موسى: ادخلوها! فأبوا وجَبُنوا، وبعثُوا اثنى عشر نقيبًا لينظروا إليهم، فانطلقوا فنظروا، فجاءوا بحبة من فاكهتهم بوِقْرِ الرجل، فقالوا: اقدورا قوة قوم وبأسهم، (١) هذه فاكهتهم!! فعند ذلك قالوا لموسى: (اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ).
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقال الله لبني إسرائيل:"إني معكم"، يقول: إني ناصركم على عدوّكم وعدوِّي الذين أمرتكم بقتالهم، (٢) إن قاتلتموهم ووفيتم بعهدي وميثاقي الذي أخذته عليكم.
* * *
وفي الكلام محذوف، استغنى بما ظهر من الكلام عما حذف منه. وذلك أن معنى الكلام: وقال الله لَهُم إني معكم= فترك ذكر"لهم"، استغناء بقوله:"ولقد أخذ الله ميثاقَ بني إسرائيل"، إذ كان مُتقدّم الخبر عن قوم مسمَّين بأعيانهم، فكان معلومًا أن ما في سياق الكلام من الخبر عنهم، (٣) إذ لم يكن الكلام مصروفًا عنهم إلى غيرهم.
* * *
ثم ابتدأ ربُّنا جل ثناؤه القسمَ فقال: قسمًا لئن أقمتم، معشر بني إسرائيل، الصلاة ="وآتيتم الزكاة"، أي: أعطيتموها من أمرتكم بإعطائها (٤) ="وآمنتم برسلي" يقول: وصدّقتم بما آتاكم به رسلي من شرائع ديني.
(١) في المطبوعة في الموضعين: "قدروا"، والجيد من المخطوطة.
(٢) انظر تفسير"مع" فيما سلف ٣: ٢١٣-٢١٤/٥: ٣٥٣.
(٣) في المطبوعة: "كان معلوما"، والسياق يقتضي"فكان" بالفاء.
(٤) انظر فهارس اللغة فيما سلف في تفسير"إقامة الصلاة"، و"إيتاء الزكاة".
(٢) انظر تفسير"مع" فيما سلف ٣: ٢١٣-٢١٤/٥: ٣٥٣.
(٣) في المطبوعة: "كان معلوما"، والسياق يقتضي"فكان" بالفاء.
(٤) انظر فهارس اللغة فيما سلف في تفسير"إقامة الصلاة"، و"إيتاء الزكاة".
118
وكان الربيع بن أنس يقول: هذا خطاب من الله للنقباء الاثنى عشر.
١١٥٧٨ - حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس: أنّ موسى ﷺ قال للنقباء الاثنى عشر: سيروا إليهم= يعني: إلى الجبارين= فحدثوني حديثهم، وما أمْرهم، ولا تخافوا إن الله معكم ما أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزّرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنًا.
* * *
قال أبو جعفر: وليس الذي قاله الربيع في ذلك ببعيد من الصواب، غيرَ أن من قضاءِ الله في جميع خلقه أنه ناصرٌ من أطاعه، ووليّ من اتّبع أمره وتجنّب معصيتَه وتحامَى ذنوبه. (١) فإذ كان ذلك كذلك، وكان من طاعته إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والإيمان بالرسل، وسائر ما ندب القوم إليه= كان معلوما أن تكفير السيئات بذلك وإدخال الجنات به. لم يخصص به النقباء دون سائر بني إسرائيل غيرهم. فكان ذلك بأن يكون ندبًا للقوم جميعا، وحضًّا لهم على ما حضَّهم عليه، أحق وأولى من أن يكون ندبًا لبعضٍ وحضًّا لخاصّ دون عامّ.
* * *
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"وعزرتموهم".
فقال بعضهم: تأويل ذلك: ونصرتموهم.
ذكر من قال ذلك:
١١٥٧٩ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"وعزرتموهم" قال: نصرتموهم.
١١٥٧٨ - حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس: أنّ موسى ﷺ قال للنقباء الاثنى عشر: سيروا إليهم= يعني: إلى الجبارين= فحدثوني حديثهم، وما أمْرهم، ولا تخافوا إن الله معكم ما أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزّرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنًا.
* * *
قال أبو جعفر: وليس الذي قاله الربيع في ذلك ببعيد من الصواب، غيرَ أن من قضاءِ الله في جميع خلقه أنه ناصرٌ من أطاعه، ووليّ من اتّبع أمره وتجنّب معصيتَه وتحامَى ذنوبه. (١) فإذ كان ذلك كذلك، وكان من طاعته إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والإيمان بالرسل، وسائر ما ندب القوم إليه= كان معلوما أن تكفير السيئات بذلك وإدخال الجنات به. لم يخصص به النقباء دون سائر بني إسرائيل غيرهم. فكان ذلك بأن يكون ندبًا للقوم جميعا، وحضًّا لهم على ما حضَّهم عليه، أحق وأولى من أن يكون ندبًا لبعضٍ وحضًّا لخاصّ دون عامّ.
* * *
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"وعزرتموهم".
فقال بعضهم: تأويل ذلك: ونصرتموهم.
ذكر من قال ذلك:
١١٥٧٩ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"وعزرتموهم" قال: نصرتموهم.
(١) في المطبوعة: "وجافى ذنوبه"، وفي المخطوطة: "وعامى ذنوبه" فرأيت أن أقرأها "تحامى"، فهي عندي أجود وأبين في معنى اتقاء الذنوب والتباعد عنها.
119
١١٥٨٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
١١٥٨١ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله:"وعزرتموهم" قال: نصرتموهم بالسيف.
* * *
وقال آخرون: هو الطاعة والنصرة.
ذكر من قال ذلك:
١١٥٨٢ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت عبد الرحمن بن زيد يقول في قوله:"وعزرتموهم" قال:"التعزيز" و"التوقير"، الطاعة والنصرة.
* * *
واختلف أهل العربية في تأويله.
فذكر عن يونس [الحرمري] أنه كان يقول (١) تأويل ذلك: أثنيتم عليهم.
١١٥٨٣ - حدثت بذلك عن أبي عبيدة معمر بن المثنى عنه (٢).
* * *
وكان أبو عبيدة يقول: معنى ذلك نصرتموهم وأعنتموهم ووقّرتموهم وعظمتوهم وأيَّدتموهم، وأنشد في ذلك: (٣)
١١٥٨١ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله:"وعزرتموهم" قال: نصرتموهم بالسيف.
* * *
وقال آخرون: هو الطاعة والنصرة.
ذكر من قال ذلك:
١١٥٨٢ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت عبد الرحمن بن زيد يقول في قوله:"وعزرتموهم" قال:"التعزيز" و"التوقير"، الطاعة والنصرة.
* * *
واختلف أهل العربية في تأويله.
فذكر عن يونس [الحرمري] أنه كان يقول (١) تأويل ذلك: أثنيتم عليهم.
١١٥٨٣ - حدثت بذلك عن أبي عبيدة معمر بن المثنى عنه (٢).
* * *
وكان أبو عبيدة يقول: معنى ذلك نصرتموهم وأعنتموهم ووقّرتموهم وعظمتوهم وأيَّدتموهم، وأنشد في ذلك: (٣)
وَكَمْ مِنْ مَاجِدٍ لَهُمُ كَرِيمٍ | وَمِنْ لَيْثٍ يُعَزَّرُ في النَّدِيِّ (٤) |
(١) قوله: "يونس [الحرمري] "، هكذا جاء في المخطوطة والمطبوعة، وهو مشكل، فإنه إما أن يكون نسبة نسب إليها، ونسبة"يونس بن حبيب"، هي"النحوي" ونسبته في ولائه"الضبي"، وهو مولى"بلال بن هرمي من بني ضبيعة بن بجالة" (النقائص: ٣٢٣)، ولا أظنه محرفا عن شيء من ذلك = وإما أن يكون نسبة إلى مكان، ويونس من أهل جبل (بفتح الجيم وتشديد الباء مضمومة) (انظر طبقات النحويين للزبيدي: ٤٨). وليس تحريفا لهذا أيضا. ولعل باحثًا يهتدي إلى صوابه، فتركته كما هو. هذا مع أن أبا عبيدة في مجاز القرآن، لم يذكر غير اسمه، والطبري يروي هذا عن أبي عبيدة.
(٢) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٥٧.
(٣) لم أعرف قائله.
(٤) مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٥٧. و"الندى": مجلس القوم، ما داموا مجتمعين فيه، فإذا تفرقوا عنه فليس بندي. ومثله"النادي".
ومن العجب العاجب شرح من شرح هذا البيت فقال! "واللهم، بكسر اللام وسكون الهاء، الثور المسن.. ولعل الكلمة محرفة عن كلمة شهم". وهذا خلط لا يعلى عليه، فتجنب مثله.
(٢) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٥٧.
(٣) لم أعرف قائله.
(٤) مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٥٧. و"الندى": مجلس القوم، ما داموا مجتمعين فيه، فإذا تفرقوا عنه فليس بندي. ومثله"النادي".
ومن العجب العاجب شرح من شرح هذا البيت فقال! "واللهم، بكسر اللام وسكون الهاء، الثور المسن.. ولعل الكلمة محرفة عن كلمة شهم". وهذا خلط لا يعلى عليه، فتجنب مثله.
120
وكان الفراء يقول:"العَزْر" الردُّ"عَزَرته"، رددته: إذا رأيته يظلم فقلت:"اتق الله" أو نهيته، فذلك"العزر".
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال عندي في ذلك بالصواب، قول من قال:"معنى ذلك: نصرتموهم". وذلك أن الله جل ثناؤه قال في"سورة الفتح": (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) [سورة الفتح: ٨، ٩] فـ"التوقير" هو التعظيم. وإذْ كان ذلك كذلك كان القول في ذلك إنما هو بعضُ ما ذكرنا من الأقوال التي حكيناها عمن حكينا عنه. وإذا فسد أن يكون معناه: التعظيم= وكان النصر قد يكون باليد واللسان، فأما باليد فالذبُّ بها عنه بالسيف وغيِره، وأما باللسان فحُسْن الثناء، والذبّ عن العرض= صحَّ أنه النصر، إذ كان النصر يحوي معنى كلِّ قائلٍ قال فيه قولا مما حكينا عنه.
* * *
وأما قوله:"وأقرضتم الله قرضا حسنًا" فإنه يقول: وأنفقتم في سبيل الله، وذلك في جهاد عدوه وعدوكم="قرضا حسنًا" يقول: وأنفقتم ما أنفقتم في سبيله، فأصبتم الحق في إنفاقكم ما أنفقتم في ذلك، ولم تتعدوا فيه حدودَ الله وما ندبكم إليه وحثَّكم عليه إلى غيره. (١)
* * *
فإن قال لنا قائل: وكيف قال:"وأقرضتم الله قرضا حسنا" ولم يقل:"إقراضا حسنًا"، وقد علمت أن مصدر"أقرضت""الإقراض"؟
قيل: لو قيل ذلك كان صوابا، ولكن قوله:"قرضًا حسنًا" أخرج
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال عندي في ذلك بالصواب، قول من قال:"معنى ذلك: نصرتموهم". وذلك أن الله جل ثناؤه قال في"سورة الفتح": (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) [سورة الفتح: ٨، ٩] فـ"التوقير" هو التعظيم. وإذْ كان ذلك كذلك كان القول في ذلك إنما هو بعضُ ما ذكرنا من الأقوال التي حكيناها عمن حكينا عنه. وإذا فسد أن يكون معناه: التعظيم= وكان النصر قد يكون باليد واللسان، فأما باليد فالذبُّ بها عنه بالسيف وغيِره، وأما باللسان فحُسْن الثناء، والذبّ عن العرض= صحَّ أنه النصر، إذ كان النصر يحوي معنى كلِّ قائلٍ قال فيه قولا مما حكينا عنه.
* * *
وأما قوله:"وأقرضتم الله قرضا حسنًا" فإنه يقول: وأنفقتم في سبيل الله، وذلك في جهاد عدوه وعدوكم="قرضا حسنًا" يقول: وأنفقتم ما أنفقتم في سبيله، فأصبتم الحق في إنفاقكم ما أنفقتم في ذلك، ولم تتعدوا فيه حدودَ الله وما ندبكم إليه وحثَّكم عليه إلى غيره. (١)
* * *
فإن قال لنا قائل: وكيف قال:"وأقرضتم الله قرضا حسنا" ولم يقل:"إقراضا حسنًا"، وقد علمت أن مصدر"أقرضت""الإقراض"؟
قيل: لو قيل ذلك كان صوابا، ولكن قوله:"قرضًا حسنًا" أخرج
(١) انظر تفسير"القرض"، و"القرض الحسن" فيما سلف ٥: ٢٨٢، ٢٨٣، = وقوله: "إلى غيره" متعلق بقوله"ولم تتعدوا فيه... ".
121
مصدرًا من معناه لا من لفظه. وذلك أن في قوله:"أقرض" معنى"قرض"، كما في معنى"أعطى""أخذ". فكان معنى الكلام: وقَرَضْتم الله قرضًا حسنًا، ونظير ذلك: (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا) [سورة نوح: ١٧] إذ كان في"أنبتكم" معنى:"فنبتم"، وكما قال امرؤالقيس:
وَرُضْتُ فَذَلَّتْ صَعْبَةً أيَّ إِذْلالِ (١)
إذ كان في"رضت" معنى"أذللت"، فخرج"الإذلال" مصدرا من معناه لا من لفظه. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بذلك بني إسرائيل، يقول لهم جل ثناؤه: لئن أقمتم الصلاة، أيها القوم الذين أعطوني ميثاقَهم بالوفاء بطاعتي واتباع أمري، وآتيتم الزكاة، وفعلتم سائرَ ما وعدتكم عليه جنّتي="لأكفرن عنكم سيئاتكم"،
وَرُضْتُ فَذَلَّتْ صَعْبَةً أيَّ إِذْلالِ (١)
إذ كان في"رضت" معنى"أذللت"، فخرج"الإذلال" مصدرا من معناه لا من لفظه. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بذلك بني إسرائيل، يقول لهم جل ثناؤه: لئن أقمتم الصلاة، أيها القوم الذين أعطوني ميثاقَهم بالوفاء بطاعتي واتباع أمري، وآتيتم الزكاة، وفعلتم سائرَ ما وعدتكم عليه جنّتي="لأكفرن عنكم سيئاتكم"،
(١) ديوانه: ١٤١، وغيره، وقبل البيت، يقول لصاحبته بعد ما سما إليها سمو حباب الماء:
و"راض الدابة أو غيرها يروضها": وطأها وذللها وعلمها السير.
(٢) انظر ما سلف ٥: ٥٣٣، ٥٣٤. هذا وقد سلف في ٥: ٢٨٢، ٢٨٣، "يقرض الله قرضا حسنا"، فلم يستوف الكلام هناك. وهذا باب من أبواب اختصار أبي جعفر تفسيره.
حَلَفْتُ لَهَا بِاللهِ حَلْفَةَ فَاجِرٍ | لَنَامُوا، فَمَا إنْ من حَدِيثٍ ولا صَالِي |
فَلَمَّا تَنَازَعْنَا الْحَدِيثَ وأَسْمَحَتْ، | هَصَرَتْ بُغِصْنٍ ذِي شَمَارِيخَ مَيَّالِ |
وَصِرْنَا إِلَى الحُسْنَى، وَرَقَّ كَلامُنَا | ورُضْتُ، فَذَلَّتْ صَعْبَةً أيَّ إِذْلالِ!! |
(٢) انظر ما سلف ٥: ٥٣٣، ٥٣٤. هذا وقد سلف في ٥: ٢٨٢، ٢٨٣، "يقرض الله قرضا حسنا"، فلم يستوف الكلام هناك. وهذا باب من أبواب اختصار أبي جعفر تفسيره.
122
يقول: لأغطين بعفوي عنكم- وصفحي عن عقوبتكم، على سالف أجرامكم التي أجرمتموها فيما بيني وبينكم (١) - على ذنوبكم التي سلفت منكم من عبادة العجل وغيرها من موبقات ذنوبكم (٢)
="ولأدخلنكم" مع تغطيتي على ذلك منكم بفضلي يوم القيامة="جنات تجري من تحتها الأنهار".
* * *
فـ"الجنات" البساتين. (٣)
* * *
وإنما قلت معنى قوله:"لأكفرّن" لأغطين، لأن"الكفر" معناه الجحود، والتغطية، والستر، كما قال لبيد:
فِي لَيْلَةٍ كَفَرَ النُّجُومَ غَمَامُهَا (٤)
يعني:"غطاها"، فـ"التكفير""التفعيل" من"الكَفْر".
* * *
واختلف أهل العربية في معنى"اللام" التي في قوله:"لأكفرن".
فقال بعض نحويي البصرة:"اللام" الأولى على معنى القسم= يعني"اللام" التي في قوله:"لئن أقمتم الصلاة" قال: والثانية معنى قسمٍ آخر.
* * *
وقال بعض نحويي الكوفة: بل"اللام" الأولى وقعت موقع اليمين، فاكتفى بها عن اليمين= يعني بـ"اللام الأولى":"لئن أقمتم الصلاة". قال، و"اللام" الثانية= يعني قوله:"لأكفرنّ عنكم سيئاتكم"= جواب لها، يعني"اللام" التي في قوله:"لئن أقمتم الصلاة" واعتلّ لقيله ذلك بأن قوله:"لئن أقمتم الصلاة"
="ولأدخلنكم" مع تغطيتي على ذلك منكم بفضلي يوم القيامة="جنات تجري من تحتها الأنهار".
* * *
فـ"الجنات" البساتين. (٣)
* * *
وإنما قلت معنى قوله:"لأكفرّن" لأغطين، لأن"الكفر" معناه الجحود، والتغطية، والستر، كما قال لبيد:
فِي لَيْلَةٍ كَفَرَ النُّجُومَ غَمَامُهَا (٤)
يعني:"غطاها"، فـ"التكفير""التفعيل" من"الكَفْر".
* * *
واختلف أهل العربية في معنى"اللام" التي في قوله:"لأكفرن".
فقال بعض نحويي البصرة:"اللام" الأولى على معنى القسم= يعني"اللام" التي في قوله:"لئن أقمتم الصلاة" قال: والثانية معنى قسمٍ آخر.
* * *
وقال بعض نحويي الكوفة: بل"اللام" الأولى وقعت موقع اليمين، فاكتفى بها عن اليمين= يعني بـ"اللام الأولى":"لئن أقمتم الصلاة". قال، و"اللام" الثانية= يعني قوله:"لأكفرنّ عنكم سيئاتكم"= جواب لها، يعني"اللام" التي في قوله:"لئن أقمتم الصلاة" واعتلّ لقيله ذلك بأن قوله:"لئن أقمتم الصلاة"
(١) سياق الجملة: "لأغطين بعفوي عنكم.. على ذنوبكم.."
(٢) انظر تفسير"التكفير" و"السيئات" فيما سلف من فهارس اللغة، مادة (كفر) و (سوأ).
(٣) انظر تفسير"الجنات" فيما سلف من فهارس اللغة (جنن).
(٤) سلف البيت وتمامه وتخريجه في ١: ٢٥٥.
(٢) انظر تفسير"التكفير" و"السيئات" فيما سلف من فهارس اللغة، مادة (كفر) و (سوأ).
(٣) انظر تفسير"الجنات" فيما سلف من فهارس اللغة (جنن).
(٤) سلف البيت وتمامه وتخريجه في ١: ٢٥٥.
123
غير تام ولا مستغنٍ عن قوله:"لأكفرن عنكم سيئاتكم". وإذ كان ذلك كذلك، فغير جائز أن يكون قوله:"لأكفرنّ عنكم سيئاتكم" قسما مبتدأ، بل الواجب أن يكون جوابًا لليمين إذْ كانت غير مستغنية عنه.
* * *
وقوله: (تجري من تحتها الأنهار) يقول: تجري من تحت أشجار هذه البساتين التي أدخلكموها الأنهار.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (١٢) ﴾
قال أبو جعفر: يقول عز ذكره: فمن جحد منكم، يا معشر بني إسرائيل، شيئا مما أمرته به فتركه، أو ركب ما نهيته عنه فعمله بعد أخذي الميثاق عليه بالوفاء لي بطاعتي واجتناب معصيتي="فقد ضلَّ سواء السبيل" يقول: فقد أخطأ قصدَ الطريق الواضح، وزلَّ عن منهج السبيل القاصد.
* * *
"والضلال"، الركوب على غير هدى، وقد بينا ذلك بشواهده في غير هذا الموضع. (١)
* * *
وقوله"سواء" يعني به: وسط=: و"السبيل"، الطريق.
* * *
وقد بيَّنا تأويل ذلك كله في غير هذا الموضع، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع. (٢)
* * *
* * *
وقوله: (تجري من تحتها الأنهار) يقول: تجري من تحت أشجار هذه البساتين التي أدخلكموها الأنهار.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (١٢) ﴾
قال أبو جعفر: يقول عز ذكره: فمن جحد منكم، يا معشر بني إسرائيل، شيئا مما أمرته به فتركه، أو ركب ما نهيته عنه فعمله بعد أخذي الميثاق عليه بالوفاء لي بطاعتي واجتناب معصيتي="فقد ضلَّ سواء السبيل" يقول: فقد أخطأ قصدَ الطريق الواضح، وزلَّ عن منهج السبيل القاصد.
* * *
"والضلال"، الركوب على غير هدى، وقد بينا ذلك بشواهده في غير هذا الموضع. (١)
* * *
وقوله"سواء" يعني به: وسط=: و"السبيل"، الطريق.
* * *
وقد بيَّنا تأويل ذلك كله في غير هذا الموضع، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع. (٢)
* * *
(١) انظر تفسير"الضلال" فيما سلف ٢: ٤٩٥، ٤٩٦/٦: ٦٦، ٥٨٤، ومواضع غيرها، التمسها في فهارس اللغة.
(٢) انظر تفسير"سواء السبيل" فيما سلف ٢: ٤٩٦، ٤٩٧، وفهارس اللغة في (سوى) و (سبل).
(٢) انظر تفسير"سواء السبيل" فيما سلف ٢: ٤٩٦، ٤٩٧، وفهارس اللغة في (سوى) و (سبل).
124
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ﴾
قال أبو جفر: يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا محمد، لا تعجبن من هؤلاء اليهود الذين همُّوا أن يبسطوا أيديهم إليك وإلى أصحابك، ونكثوا العهدَ الذي بينك وبينهم، غدرًا منهم بك وبأصحابك، فإن ذلك من عاداتهم وعادات سَلَفهم، ومن ذلك أنَّي أخذت ميثاق سلفهم على عهد موسى ﷺ على طاعتي، وبعثت منهم اثنى عشر نقيبًا وقد تُخُيِّرُوا من جميعهم ليتحسَّسُوا أخبار الجبابرة، ووعدتهم النصرَ عليهم، وأن أورثهم أرضَهم وديارهم وأموالهم، بعد ما أريتهم من العِبَر والآيات- بإهلاك فرعون وقومِه في البحر، وفلق البحر لهم، وسائر العبر- ما أريتهم، (١) فنقضوا مِيثاقهم الذي واثقوني ونكثوا عهدي، فلعنتهم بنقضهم ميثاقهم. فإذْ كان ذلك من فعل خيارهم مع أياديَّ عندهم، فلا تستنكروا مثله من فعل أرَاذلهم.
* * *
=وفى الكلام محذوف اكتُفِي بدلالة الظاهر عليه، وذلك أن معنى الكلام:"فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل"- فنقضوا الميثاق، فلعنتهم="فبما نقضْهم ميثاقهم لعناهم" فاكتفى بقوله:"فبما نقضهم ميثاقهم" من ذكر"فنقضوا". (٢)
* * *
ويعني بقوله جل ثناؤه:"فبما نقضهم ميثاقهم"، فبنقضهم ميثاقهم، كما قال قتادة.
١١٥٨٤ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:
قال أبو جفر: يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا محمد، لا تعجبن من هؤلاء اليهود الذين همُّوا أن يبسطوا أيديهم إليك وإلى أصحابك، ونكثوا العهدَ الذي بينك وبينهم، غدرًا منهم بك وبأصحابك، فإن ذلك من عاداتهم وعادات سَلَفهم، ومن ذلك أنَّي أخذت ميثاق سلفهم على عهد موسى ﷺ على طاعتي، وبعثت منهم اثنى عشر نقيبًا وقد تُخُيِّرُوا من جميعهم ليتحسَّسُوا أخبار الجبابرة، ووعدتهم النصرَ عليهم، وأن أورثهم أرضَهم وديارهم وأموالهم، بعد ما أريتهم من العِبَر والآيات- بإهلاك فرعون وقومِه في البحر، وفلق البحر لهم، وسائر العبر- ما أريتهم، (١) فنقضوا مِيثاقهم الذي واثقوني ونكثوا عهدي، فلعنتهم بنقضهم ميثاقهم. فإذْ كان ذلك من فعل خيارهم مع أياديَّ عندهم، فلا تستنكروا مثله من فعل أرَاذلهم.
* * *
=وفى الكلام محذوف اكتُفِي بدلالة الظاهر عليه، وذلك أن معنى الكلام:"فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل"- فنقضوا الميثاق، فلعنتهم="فبما نقضْهم ميثاقهم لعناهم" فاكتفى بقوله:"فبما نقضهم ميثاقهم" من ذكر"فنقضوا". (٢)
* * *
ويعني بقوله جل ثناؤه:"فبما نقضهم ميثاقهم"، فبنقضهم ميثاقهم، كما قال قتادة.
١١٥٨٤ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:
(١) السياق: "بعد ما أريتهم من العبر والآيات.. ما أريتهم"، وما بين الخطين فصل مفسر.
(٢) انظر تفسير"النقص" فيما سلف ٩: ٣٦٣.
(٢) انظر تفسير"النقص" فيما سلف ٩: ٣٦٣.
125
"فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم" يقول: فبنقضهم ميثاقهم لعناهم. (١)
١١٥٨٥ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس:"فبما نقضهم ميثاقهم" قال: هو ميثاق أخذه الله على أهل التوراة فنقضوه.
* * *
وقد ذكرنا معنى"اللعن" في غير هذا الموضع. (٢)
* * *
و"الهاء والميم" من قوله:"فبما نقضهم" عائدتان على ذكر بني إسرائيل قبل.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً﴾
قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة أهلِ المدينة وبعض أهل مكة والبصرة والكوفة: (قَاسِيَةً) بالألف=
* * *
=على تقدير"فاعلة" من"قسوة القلب"، من قول القائل:"قَسَا قلبه، فهو يقسُو وهو قاسٍ"، وذلك إذا غلظ واشتدّ وصار يابسًا صلبًا (٣) كما قال الراجز: وَقَدْ قَسَوْتُ وَقَسَتْ لِدَاتِي (٤)
* * *
=فتأويل الكلام على هذه القراءة: فلعنَّا الذين نقضوا عهدي ولم يفُوا بميثاقي من بني إسرائيل، بنقضهم ميثاقهم الذي واثقوني="وجعلنا قلوبهم قاسية"،
١١٥٨٥ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس:"فبما نقضهم ميثاقهم" قال: هو ميثاق أخذه الله على أهل التوراة فنقضوه.
* * *
وقد ذكرنا معنى"اللعن" في غير هذا الموضع. (٢)
* * *
و"الهاء والميم" من قوله:"فبما نقضهم" عائدتان على ذكر بني إسرائيل قبل.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً﴾
قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة أهلِ المدينة وبعض أهل مكة والبصرة والكوفة: (قَاسِيَةً) بالألف=
* * *
=على تقدير"فاعلة" من"قسوة القلب"، من قول القائل:"قَسَا قلبه، فهو يقسُو وهو قاسٍ"، وذلك إذا غلظ واشتدّ وصار يابسًا صلبًا (٣) كما قال الراجز: وَقَدْ قَسَوْتُ وَقَسَتْ لِدَاتِي (٤)
* * *
=فتأويل الكلام على هذه القراءة: فلعنَّا الذين نقضوا عهدي ولم يفُوا بميثاقي من بني إسرائيل، بنقضهم ميثاقهم الذي واثقوني="وجعلنا قلوبهم قاسية"،
(١) الأثر: ١١٥٨٤- في المطبوعة والمخطوطة: "حدثنا كثير، قال حدثنا يزيد"، وهو خطأ، وهو إسناد دائر في التفسير.
(٢) انظر تفسير"اللعن" فيما سلف ٩: ٢١٣، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير"القسوة" فيما سلف ٢: ٢٣٣.
(٤) مر تخريجه فيما سلف ٢: ٢٣٣، وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٥٨.
(٢) انظر تفسير"اللعن" فيما سلف ٩: ٢١٣، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير"القسوة" فيما سلف ٢: ٢٣٣.
(٤) مر تخريجه فيما سلف ٢: ٢٣٣، وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٥٨.
126
غليظة يابسةً عن الإيمان بي، والتوفيق لطاعتي، منزوعةً منها الرأفةُ والرحمة.
* * *
وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين: (وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَسِيَّةً).
* * *
ثم اختلف الذين قرأوا ذلك كذلك في تأويله.
فقال بعضهم: معنى ذلك معنى"القسوة"، لأن"فعيلة" في الذم أبلغ من"فاعلة"، فاخترنا قراءتها"قسية" على"قاسية" لذلك.
* * *
وقال آخرون منهم: بل معنى"قسِيَّة" غير معنى"القسوة"، وإنما"القسية" في هذا الموضع: القلوبُ التي لم يخلص إيمانها بالله، ولكن يخالط إيمانها كُفْر، كالدراهم"القَسِيَّة"، وهي التي يخالط فضّتها غشٌّ من نحاس أو رَصاص وغير ذلك، كما قال أبو زُبَيْد الطائي:
* * *
وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين: (وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَسِيَّةً).
* * *
ثم اختلف الذين قرأوا ذلك كذلك في تأويله.
فقال بعضهم: معنى ذلك معنى"القسوة"، لأن"فعيلة" في الذم أبلغ من"فاعلة"، فاخترنا قراءتها"قسية" على"قاسية" لذلك.
* * *
وقال آخرون منهم: بل معنى"قسِيَّة" غير معنى"القسوة"، وإنما"القسية" في هذا الموضع: القلوبُ التي لم يخلص إيمانها بالله، ولكن يخالط إيمانها كُفْر، كالدراهم"القَسِيَّة"، وهي التي يخالط فضّتها غشٌّ من نحاس أو رَصاص وغير ذلك، كما قال أبو زُبَيْد الطائي:
لَهَا صَوَاهِلُ فِي صُمِّ السِّلامِ كَمَا | صَاحَ القَسِيَّاتُ فِي أَيْدِي الصَّيارِيفِ (١) |
(١) المعاني الكبير: ١٠٢٤، ١٠٢٥، وأمالي القالى ١: ٢٨، وسمط اللآلئ: ١٢٨، ٩٣١، واللسان (أمر) (صهل) من قصيدته في رثاء أمير المؤمنين المقتول ظلمًا، ذي النورين عثمان بن عفان، يقول فيها:
"الأمر" (بفتحتين) : الحجارة. و"العون" جمع"عانة"، وهي حمر الوحش."وراقب العون": الفحل الذي يحوطها ويحرسها على مربأة عالية، ينتظر مغيب الشمس فيرد بها الماء.
ثم يقول بعد ذلك:
قوله: "جنابيه" أي: جانبيه."مظلومة": حفرت ولم تكن حفرت من قبل، يعني أرض لحده."قيم" جمع"قامة": يعني ما ارتفع من ركام تراب القبر. و"المساحي" جمع"مسحاة": وهي المجرفة من الحديد. و"المناسيف" جمع"منسفة"، وهي آلة يقلع بها البناء وينسف، أصلب وأشد من المسحاة. و"الصواهل" جمع"صاهلة" مصدر على"فاعلة"، بمعنى"الصهيل": وهو صوت الخيل الشديد، وكل صوت يشبهه. و"الصم" جمع"أصم"، يعني أنها حجارة صلبة تصهل منها المساحي. و"السلام" (بكسر السين) الصخور. و"الصياريف"هم"الصيارف"، وزاد الياء للإشباع. و"الكبد": الشدة. و"الجون": السود. و"مزاحيف"، تزحف من الإعياء، يعني إبلا قد هلكت من الإعياء. شبه المساحي بأيدي القوم وهم يحفرون قبره، بنسور تقع على الإبل المعيية، ثم تنهض، ثم تعود فتسقط عليها. وكان قبر عثمان في حرة المدينة ذات الحجارة السود، فلذلك قال: "عن جون مزاحيف".
يَا لَهْفَ نَفْسِي إنْ كَانَ الَّذِي زَعَمُوا | حَقًّا، وَمَاذَا يَرُدُّ الْيَومَ تَلْهِيفِي!! |
إِنْ كَانَ عُثْمَانُ أَمْسَى فَوْقَهُ أَمَرٌ | كَرَاقِبِ العُونِ فَوْقَ القُنَّةِ المُوفِي |
ثم يقول بعد ذلك:
يَا بُؤْسَ لْلأرْضِ، مَا غَالَتْ غَوَائِلُهَا | مِنْ حُكْمِ عَدْلٍ وَجُودٍ غَيْرِ مَكْفُوفِ!! |
على جَنَابَيْهِ مِنْ مَظَلُومَةٍ قِيَمٌ | تَعَاوَرَتْهَا مَسَاحٍ كَالْمَنَاسِيفِ |
لَهَا صَوَاهَلُ فِي صُمِّ السِّلامِ، كَمَا | صَاحَ القَسِيَّاتُ فِي أَيْدِي الصَّيَارِيفِ |
كَأنَّهُنَّ بِأَيْدِي الْقَوْمِ فِي كَبَدٍ | طَيْرٌ تَكَشفُ عَنْ جُونٍ مَزَاحِيفِ |
127
يصف بذلك وقع مَسَاحي الذين حفروا قبر عثمان على الصخور، وهي"السِّلام".
* * *
قال أبو جعفر: وأعجبُ القراءتين إليّ في ذلك، قراءة من قرأ: (وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَسِيَّةً) على"فعيلة"، لأنها أبلغ في ذم القوم من"قاسية". وأولى التأويلين في ذلك بالصواب، تأويل من تأوله:"فعيلة" من"القسوة"، كما قيل:"نفس زكيّة" و"زاكية"، و"امرأة شاهدة" و"شهيدة"، لأن الله جل ثناؤه وصف القوم بنقضهم ميثاقَهم وكفرِهم به، ولم يصفهم بشيء من الإيمان، فتكون قلوبهم موصوفة بأنّ إيمانها يخالطه كفر، كالدراهم القَسِيَّة التي يخالط فضَّتها غشٌّ.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾
قال أبو جعفر: يقول عز ذكره: وجعلنا قلوب هؤلاء الذين نقضوا عهودَنا من بني إسرائيل قَسِيَّة، منزوعا منها الخير، مرفوعًا منها التوفيق، فلا يؤمنون ولا يهتدون، فهم لنزعِ الله عز وجل التوفيقَ من قلوبهم والإيمانَ، يحرّفون كلام
* * *
قال أبو جعفر: وأعجبُ القراءتين إليّ في ذلك، قراءة من قرأ: (وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَسِيَّةً) على"فعيلة"، لأنها أبلغ في ذم القوم من"قاسية". وأولى التأويلين في ذلك بالصواب، تأويل من تأوله:"فعيلة" من"القسوة"، كما قيل:"نفس زكيّة" و"زاكية"، و"امرأة شاهدة" و"شهيدة"، لأن الله جل ثناؤه وصف القوم بنقضهم ميثاقَهم وكفرِهم به، ولم يصفهم بشيء من الإيمان، فتكون قلوبهم موصوفة بأنّ إيمانها يخالطه كفر، كالدراهم القَسِيَّة التي يخالط فضَّتها غشٌّ.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾
قال أبو جعفر: يقول عز ذكره: وجعلنا قلوب هؤلاء الذين نقضوا عهودَنا من بني إسرائيل قَسِيَّة، منزوعا منها الخير، مرفوعًا منها التوفيق، فلا يؤمنون ولا يهتدون، فهم لنزعِ الله عز وجل التوفيقَ من قلوبهم والإيمانَ، يحرّفون كلام
128
ربِّهم الذي أنزله على نبيهم موسى صلى الله عليه وسلم، وهو التوراة، فيبدّلونه، ويكتبون بأيديهم غير الذي أنزله الله جل وعز على نبيهم، ثم يقولون لجهال الناس: (١) "هذا هو كلام الله الذي أنزله على نبيه موسى صلى الله عليه وسلم، والتوراة التي أوحاها إليه". (٢) وهذا من صفة القرون التي كانت بعد موسى من اليهود، ممن أدرك بعضُهم عصرَ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن الله عزّ ذكره أدخلهم في عِدَاد الذين ابتدأ الخبر عنهم ممن أدرَك موسى منهم، إذ كانوا من أبنائهم وعلى منهاجهم في الكذب على الله، والفرية عليه، ونقض المواثيق التي أخذها عليهم في التوراة، كما:-
١١٥٨٦ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"يحرّفون الكلم عن مواضعه" يعني: حدود الله في التوراة، ويقولون: إن أمركم محمد بما أنتم عليه فاقبلوه، وإن خالفكم فاحذروا.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾
يعني تعالى ذكره بقوله:"ونسوا حظًّا" وتركوا نصيبا، وهو كقوله: (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ) [سورة التوبة: ٦٧] أي: تركوا أمر الله فتركهم الله. (٣)
* * *
وقد مضى بيان ذلك بشواهده في غير هذا الموضع، فأغنى ذلك عن إعادته. (٤)
* * *
وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
١١٥٨٦ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"يحرّفون الكلم عن مواضعه" يعني: حدود الله في التوراة، ويقولون: إن أمركم محمد بما أنتم عليه فاقبلوه، وإن خالفكم فاحذروا.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾
يعني تعالى ذكره بقوله:"ونسوا حظًّا" وتركوا نصيبا، وهو كقوله: (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ) [سورة التوبة: ٦٧] أي: تركوا أمر الله فتركهم الله. (٣)
* * *
وقد مضى بيان ذلك بشواهده في غير هذا الموضع، فأغنى ذلك عن إعادته. (٤)
* * *
وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
(١) في المطبوعة: "ويقولون"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) انظر تفسير"تحريف الكلم عن مواضعه" فيما سلف ٢: ٢٤٨/٨: ٤٣٠-٤٣٢.
(٣) انظر تفسير"النسيان" فيما سلف ٢: ٩، ٤٧٦/٥: ١٦٤/٦: ١٣٣- ١٣٥.
(٤) انظر التعليق السالف، وتفسير"حظ" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٢) انظر تفسير"تحريف الكلم عن مواضعه" فيما سلف ٢: ٢٤٨/٨: ٤٣٠-٤٣٢.
(٣) انظر تفسير"النسيان" فيما سلف ٢: ٩، ٤٧٦/٥: ١٦٤/٦: ١٣٣- ١٣٥.
(٤) انظر التعليق السالف، وتفسير"حظ" فيما سلف من فهارس اللغة.
129
ذكر من قال ذلك:
١١٥٨٧ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ونسوا حظًّا مما ذكروا به" يقول: تركوا نصيبًا.
١١٥٨٨ - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن في قوله:"ونسوا حظًّا مما ذكروا به" قال: تركوا عُرَى دينهم، ووظائفَ الله جل ثناؤه التي لا تُقْبل الأعمال إلا بها. (١)
..............................................
................................................ (٢)
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ﴾
قال أبو جعفر: يقول تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولا تزال يا محمد تَطَّلع من اليهود= الذين أنبأتك نبأهم، من نقضهم ميثاقي، ونكثهم
١١٥٨٧ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ونسوا حظًّا مما ذكروا به" يقول: تركوا نصيبًا.
١١٥٨٨ - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن في قوله:"ونسوا حظًّا مما ذكروا به" قال: تركوا عُرَى دينهم، ووظائفَ الله جل ثناؤه التي لا تُقْبل الأعمال إلا بها. (١)
..............................................
................................................ (٢)
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ﴾
قال أبو جعفر: يقول تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولا تزال يا محمد تَطَّلع من اليهود= الذين أنبأتك نبأهم، من نقضهم ميثاقي، ونكثهم
(١) "الوظائف" جمع"وظيفة"، وهي من كل شيء، ما يقدر له في كل يوم من رزق أو طعام أو علف أو شراب. ثم قالوا: "وظف الشيء على نفسه توظيفا"، أي: ألزمها إياه، وقالوا: "عليه كل يوم وظيفة من عمل"، أي: ما ألزم عمله في يومه هذا. وعنى الحسن بقوله"وظائف الله"، فروضه التي ألزمها عباده في الإيمان به، وطاعته، وإخلاص النية له سبحانه. وهذا حرف ينبغي تقييده في كتب اللغة، من كلام الحسن رضي الله عنه.
(٢) وضعت هذه النقط دلالة على سقط أو خرم في نسخ ناسخ المخطوطة. وذلك أنه كتب في أول تفسير هذا الجزء من الآية: "ونسوا حظًا"، ثم ساق كلام أبي جعفر إلى آخر الخبر رقم: ١١٥٨٨.
ثم بدأ بعد ذلك هكذا: "القول في تأويل قوله عز ذكره: "مما ذكروا به" = ثم ساق تفسير الجزء التالي من الآية، وهو: "ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم". ولم يكتب هذا الجزء من الآية، والتفسير تفسيرها. فاتضح من ذلك أن الناسخ نسى تفسير"مما ذكروا" فسقط منه. ولم يذكر الآية التي يفسرها كلام أبي جعفر.
هذا، وانظر معنى"التذكير" فيما سلف ٥: ٥٨٠/٦: ٦٢-٦٥، ٢١١.
(٢) وضعت هذه النقط دلالة على سقط أو خرم في نسخ ناسخ المخطوطة. وذلك أنه كتب في أول تفسير هذا الجزء من الآية: "ونسوا حظًا"، ثم ساق كلام أبي جعفر إلى آخر الخبر رقم: ١١٥٨٨.
ثم بدأ بعد ذلك هكذا: "القول في تأويل قوله عز ذكره: "مما ذكروا به" = ثم ساق تفسير الجزء التالي من الآية، وهو: "ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم". ولم يكتب هذا الجزء من الآية، والتفسير تفسيرها. فاتضح من ذلك أن الناسخ نسى تفسير"مما ذكروا" فسقط منه. ولم يذكر الآية التي يفسرها كلام أبي جعفر.
هذا، وانظر معنى"التذكير" فيما سلف ٥: ٥٨٠/٦: ٦٢-٦٥، ٢١١.
130
عهدي، مع أياديَّ عندهم، ونعمتي عليهم= على مثل ذلك من الغدر والخيانة="إلا قليلا منهم"، إلا قليلا منهم [لم يحزنزا]. (١)
* * *
و"الخائنة" في هذا الموضع: الخيانة، وُضع وهو اسمٌ- موضع المصدر، كما قيل:"خاطئة"، للخطيئة (٢) و"قائلة" للقيلولة.
* * *
وقوله:"إلا قليلا منهم"، استثناء من"الهاء والميم" اللتين في قوله:"على خائنة منهم".
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
١١٥٨٩ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"ولا تزال تطلع على خائنة منهم" قال: على خيانة وكذب وفجور.
١١٥٩٠ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله جل وعزّ:"ولا تزال تطلع على خائنة منهم" قال: هم يهودُ مِثْلُ الذي هموا به من النبي ﷺ يوم دخل حائطهم.
* * *
و"الخائنة" في هذا الموضع: الخيانة، وُضع وهو اسمٌ- موضع المصدر، كما قيل:"خاطئة"، للخطيئة (٢) و"قائلة" للقيلولة.
* * *
وقوله:"إلا قليلا منهم"، استثناء من"الهاء والميم" اللتين في قوله:"على خائنة منهم".
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
١١٥٨٩ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"ولا تزال تطلع على خائنة منهم" قال: على خيانة وكذب وفجور.
١١٥٩٠ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله جل وعزّ:"ولا تزال تطلع على خائنة منهم" قال: هم يهودُ مِثْلُ الذي هموا به من النبي ﷺ يوم دخل حائطهم.
(١) في المطبوعة، وقف عند قوله: "إلا قليلا منهم"، وأسقط: "إلا قليلا منهم لم يخونوا". وفي المخطوطة سقط من الناسخ"لم يخونوا" فكتب"إلا قليلا منهم، إلا قليلا منهم". واستظهرت"لم يخونوا"ووضعتها بين قوسين، من قوله بعد: إنه استثناء من الهاء والميم في"خائنة منهم".
(٢) في المطبوعة: "خاطئة، للخطأة"، كأنه استنكرها، وسيأتي في تفسير أبي جعفر ٢٩: ٣٣ (بولاق) في تفسير قوله تعالى: "والموتفكات بالخاطئة"، قال، "بالخاطئة، يعني بالخطيئة". وهكذا كتب أبو جعفر كما ترى، وإن كان لا يعجبني هذا التمثيل، بل كنت أوثر أن يقول إنه مصدر جاء على فاعلة، مثل"العافية". إلا أن يكون أبو جعفر أراد أن"الخطيئة" مصدر على"فعيلة" كالشبيبة والفضيحة، وأشباهها، وهي قليلة.
(٢) في المطبوعة: "خاطئة، للخطأة"، كأنه استنكرها، وسيأتي في تفسير أبي جعفر ٢٩: ٣٣ (بولاق) في تفسير قوله تعالى: "والموتفكات بالخاطئة"، قال، "بالخاطئة، يعني بالخطيئة". وهكذا كتب أبو جعفر كما ترى، وإن كان لا يعجبني هذا التمثيل، بل كنت أوثر أن يقول إنه مصدر جاء على فاعلة، مثل"العافية". إلا أن يكون أبو جعفر أراد أن"الخطيئة" مصدر على"فعيلة" كالشبيبة والفضيحة، وأشباهها، وهي قليلة.
131
١١٥٩١ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه.
١١٥٩٢ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قال مجاهد وعكرمة قوله:"ولا تزال تطلع على خائنة منهم" من يهود مثلُ الذي همُّوا بالنبي ﷺ يوم دخل عليهم.
* * *
وقال بعض القائلين: (١) معنى ذلك: ولا تزال تطلع على خائن منهم، قال: والعرب تزيد"الهاء" في آخر المذكر كقولهم:"هو راوية للشعر"، و"رجل علامة"، وأنشد: (٢)
١١٥٩٢ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قال مجاهد وعكرمة قوله:"ولا تزال تطلع على خائنة منهم" من يهود مثلُ الذي همُّوا بالنبي ﷺ يوم دخل عليهم.
* * *
وقال بعض القائلين: (١) معنى ذلك: ولا تزال تطلع على خائن منهم، قال: والعرب تزيد"الهاء" في آخر المذكر كقولهم:"هو راوية للشعر"، و"رجل علامة"، وأنشد: (٢)
حَدَّثْتَ نَفْسَكَ بِالوَفَاءِ ولَمْ تَكُنْ | لِلغَدْرِ خَائِنَةً مُغِلَّ الإصْبَعِ (٣) |
(١) ما أشد استنكار أبي جعفر لمقالات أبي عبيدة معمر بن المثنى، حتى يذكره مجهلا بأساليب مختلفة!! وهذا الآتي هو نص كلام أبي عبيدة في مجاز القرآن ١: ١٥٨.
(٢) هو رجل من السواقط، من بني أبي بكر بن كلاب. و"السواقط" هم الذين يردون اليمامة لامتياز التمر.
(٣) الكامل للمبرد ١: ٢١١، مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٥٨، وإصلاح المنطق: ٢٩٥، واللسان (صبع) (غلل) (خون). وهذا من شعر له خبر. وذلك أن هذا الشاعر لما ورد اليمامة كان معه أخ له جميل، فنزل جارا لعمير بن سلمى، فقال قرين أخو عمير للكلابي: "لا تردن أبياتنا بأخيك هذا"، مخافة جماله، فرآه قرين بين أبياتهم بعد، وأخوه عمير غائب، فقتله. فجاء الكلابي قبر سلمى (أبي عمير، وقرين) فاستجار به وقال:
وقوله: "أخو الزمانة"، هي العاهة، يريد ضعفه عن درك ثأره. و"عمايتان" و"ضلفع" مواضع من بلاد هذا الكلابي. وقوله"مغل الإصبع"، كناية عن الخيانة والسرقة."أغل يغل": خان الأمانة خلسة. ويقول بعضهم: "مغل الإصبع"، منصوب على النداء.
(٢) هو رجل من السواقط، من بني أبي بكر بن كلاب. و"السواقط" هم الذين يردون اليمامة لامتياز التمر.
(٣) الكامل للمبرد ١: ٢١١، مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٥٨، وإصلاح المنطق: ٢٩٥، واللسان (صبع) (غلل) (خون). وهذا من شعر له خبر. وذلك أن هذا الشاعر لما ورد اليمامة كان معه أخ له جميل، فنزل جارا لعمير بن سلمى، فقال قرين أخو عمير للكلابي: "لا تردن أبياتنا بأخيك هذا"، مخافة جماله، فرآه قرين بين أبياتهم بعد، وأخوه عمير غائب، فقتله. فجاء الكلابي قبر سلمى (أبي عمير، وقرين) فاستجار به وقال:
وَإِذَا اسْتَجَرْتَ مِنَ الْيَمَامَةِ فَاسْتَجِرْ | زَيْدَ بن يَرْبُوعٍ وَآلَ مُجَمِّعِ |
وَأَتَيْتُ سُلْمِيَّا فَعُذْتُ بِقَبْرِهِ | وَأَخُو الزَّمَانَةِ عَائِذٌ بِالأمْنَعِ |
أَقَرِينُ إِنَّكَ لَوْ رَأَيْتَ فَوَارِسِي | بِعَمَايَتَيْنَ إِلَى جَوَانِبِ ضَلْفَعِ |
قَتَلْنَا أَخَانَا لِلْوَفَاءِ بِجَارِنَا | وَكَانَ أَبُونَا قَدْ تُجِيرُ مَقابِرُهْ |
تَعُدُّ مَعَاذِرًا لا عُذْرَ فِيهَا | وَمَنْ يَقْتُلْ أَخَاهُ فَقَدْ أَلاَمَا |
132
فقال:"خائنة"، وهو يخاطب رجلا.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من التأويل في ذلك، القولُ الذي رويناه عن أهل التأويل. لأنّ الله عنى بهذه الآية، القوم من يهود بني النضير الذين همُّوا بقتل رسول الله ﷺ وأصحابه، إذ أتاهم رسول الله ﷺ يستعينهم في دية العامريّين، فأطلعه الله عز ذكره على ما قد همُّوا به. ثم قال جل ثناؤه بعد تعريفِه أخبار أوائلهم، وإعلامه منهج أسلافهم، وأنَّ آخرهم على منهاج أوّلهم في الغدر والخيانة، لئلا يكبُر فعلُهم ذلك على نبيّ الله صلى الله عليه وسلم، فقال جل ثناؤه: ولا تزال تطَّلع من اليهود على خيانة وغدرٍ ونقضِ عهد= ولم يرد أنّه لا يزال يطلع على رجل منهم خائنٍ. وذلك أن الخبر ابتُدِئ به عن جماعتهم فقيل:"يا أيها الذين آمنوا اذكرُوا نعمة الله عليكم إذ همَّ قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم"، ثم قيل:"ولا تزال تطلع على خائنة منهم"، فإذ كان الابتداء عن الجماعة، فالختْمُ بالجماعة أولى. (١)
* * *
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من التأويل في ذلك، القولُ الذي رويناه عن أهل التأويل. لأنّ الله عنى بهذه الآية، القوم من يهود بني النضير الذين همُّوا بقتل رسول الله ﷺ وأصحابه، إذ أتاهم رسول الله ﷺ يستعينهم في دية العامريّين، فأطلعه الله عز ذكره على ما قد همُّوا به. ثم قال جل ثناؤه بعد تعريفِه أخبار أوائلهم، وإعلامه منهج أسلافهم، وأنَّ آخرهم على منهاج أوّلهم في الغدر والخيانة، لئلا يكبُر فعلُهم ذلك على نبيّ الله صلى الله عليه وسلم، فقال جل ثناؤه: ولا تزال تطَّلع من اليهود على خيانة وغدرٍ ونقضِ عهد= ولم يرد أنّه لا يزال يطلع على رجل منهم خائنٍ. وذلك أن الخبر ابتُدِئ به عن جماعتهم فقيل:"يا أيها الذين آمنوا اذكرُوا نعمة الله عليكم إذ همَّ قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم"، ثم قيل:"ولا تزال تطلع على خائنة منهم"، فإذ كان الابتداء عن الجماعة، فالختْمُ بالجماعة أولى. (١)
* * *
(١) في المطبوعة: "فلتختم بالجماعة أولى"، ولست أدري فيم يغير الصواب المستقيم!
133
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣) ﴾
قال أبو جعفر: وهذ أمر من الله عز ذكره نبيَّه محمدًا ﷺ بالعفو عن هؤلاء القوم الذين همُّوا أن يبسطوا أيديهم إليه من اليهود. يقول الله جل وعز له: اعف، يا محمد، عن هؤلاء اليهود الذين همُّوا بما هموا به من بسط أيديهم إليك وإلى أصحابك بالقتل، واصفح لهم عن جُرْمهم بترك التعرُّض لمكروههم، فإني أحب من أحسنَ العفو والصَّفح إلى من أساء إليه. (١)
* * *
وكان قتادة يقول: هذه منسوخة. ويقول: نسختها آية"براءة": (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ) الآية [سورة التوبة: ٢٩].
١١٥٩٣ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"فاعف عنهم واصفح"، قال: نسختها: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ).
١١٥٩٤ - حدثني المثني قال، حدثنا حجاج بن المنهال قال، حدثنا همام، عن قتادة:"فاعف عنهم واصفح إنّ الله يحب المحسنين"، ولم يؤمر يومئذ بقتالهم، فأمره الله عز ذكره أن يعفو عنهم ويصفح. ثم نسخ ذلك في"براءة" فقال: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) [سورة التوبة: ٢٩]، وهم أهل الكتاب، فأمر الله
قال أبو جعفر: وهذ أمر من الله عز ذكره نبيَّه محمدًا ﷺ بالعفو عن هؤلاء القوم الذين همُّوا أن يبسطوا أيديهم إليه من اليهود. يقول الله جل وعز له: اعف، يا محمد، عن هؤلاء اليهود الذين همُّوا بما هموا به من بسط أيديهم إليك وإلى أصحابك بالقتل، واصفح لهم عن جُرْمهم بترك التعرُّض لمكروههم، فإني أحب من أحسنَ العفو والصَّفح إلى من أساء إليه. (١)
* * *
وكان قتادة يقول: هذه منسوخة. ويقول: نسختها آية"براءة": (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ) الآية [سورة التوبة: ٢٩].
١١٥٩٣ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"فاعف عنهم واصفح"، قال: نسختها: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ).
١١٥٩٤ - حدثني المثني قال، حدثنا حجاج بن المنهال قال، حدثنا همام، عن قتادة:"فاعف عنهم واصفح إنّ الله يحب المحسنين"، ولم يؤمر يومئذ بقتالهم، فأمره الله عز ذكره أن يعفو عنهم ويصفح. ثم نسخ ذلك في"براءة" فقال: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) [سورة التوبة: ٢٩]، وهم أهل الكتاب، فأمر الله
(١) انظر تفسير"العفو" فيما سلف من فهارس اللغة = وتفسير"الصفح" فيما سلف ٢: ٥٠٣ = وتفسير"المحسنين"، فيما سلف من فهارس اللغة.
134
جل ثناؤه نبيَّه ﷺ أن يقاتلهم حتى يسلموا أو يقرُّوا بالجزية.
١١٥٩٥ - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا عبدة بن سليمان قال، قرأت على ابن أبي عروبة، عن قتادة، نحوه.
* * *
قال أبو جعفر: والذي قاله قتادة غير مدفوع إمكانهُ، غير أن الناسخ الذي لا شك فيه من الأمر، هو ما كان نافيًا كلَّ معاني خلافهِ الذي كان قبله، فأمَّا ما كان غير نافٍ جميعَه، فلا سبيل إلى العلم بأنه ناسخ إلا بخبر من الله جل وعز أو من رسوله صلى الله عليه وسلم. وليس في قوله: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ) دلالةٌ على الأمر بنفي معاني الصَّفح والعفو عن اليهود.
وإذ كان ذلك كذلك= وكان جائزًا مع إقرارهم بالصَّغار وأدائهم الجزية بعد القتال، الأمرُ بالعفو عنهم في غَدْرة همُّوا بها، أو نكثةٍ عزموا عليها، ما لم يَنْصِبُوا حربًا دون أداء الجزية، (١) ويمتنعوا من الأحكام اللازمَتِهم (٢) = لم يكن واجبا أن يحكم لقوله: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ) الآية، بأنه ناسخ قوله:"فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين".
* * *
١١٥٩٥ - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا عبدة بن سليمان قال، قرأت على ابن أبي عروبة، عن قتادة، نحوه.
* * *
قال أبو جعفر: والذي قاله قتادة غير مدفوع إمكانهُ، غير أن الناسخ الذي لا شك فيه من الأمر، هو ما كان نافيًا كلَّ معاني خلافهِ الذي كان قبله، فأمَّا ما كان غير نافٍ جميعَه، فلا سبيل إلى العلم بأنه ناسخ إلا بخبر من الله جل وعز أو من رسوله صلى الله عليه وسلم. وليس في قوله: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ) دلالةٌ على الأمر بنفي معاني الصَّفح والعفو عن اليهود.
وإذ كان ذلك كذلك= وكان جائزًا مع إقرارهم بالصَّغار وأدائهم الجزية بعد القتال، الأمرُ بالعفو عنهم في غَدْرة همُّوا بها، أو نكثةٍ عزموا عليها، ما لم يَنْصِبُوا حربًا دون أداء الجزية، (١) ويمتنعوا من الأحكام اللازمَتِهم (٢) = لم يكن واجبا أن يحكم لقوله: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ) الآية، بأنه ناسخ قوله:"فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين".
* * *
(١) في المطبوعة: "ما لم يصيبوا حربًا"، والصواب المحض من المخطوطة. يقال: "نصب له الحرب نصبًا": وضعها وأظهرها، وأعلنها. و"ناصبه الحرب والعداوة": أي أظهرها ولج في إظهارها.
(٢) في المطبوعة: "اللازمة منهم"، غير صواب المخطوطة، إلى ما درج عليه كلام أمثاله، وقد مضى مثل ذلك مرارًا، ومضى مثل ذلك من فعل الناشر.
(٢) في المطبوعة: "اللازمة منهم"، غير صواب المخطوطة، إلى ما درج عليه كلام أمثاله، وقد مضى مثل ذلك مرارًا، ومضى مثل ذلك من فعل الناشر.
135
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾
قال أبو جعفر: يقول عز ذكره: وأخذنا من النصارى الميثاقَ على طاعتي وأداء فرائضي، واتباع رسلي والتصديق بهم، فسلكوا في ميثاقي الذي أخذتُه عليهم منهاج الأمة الضالة من اليهود، فبدلوا كذلك دينَهم، ونقضوه نقضَهم، (١) وتركوا حظّهم من ميثاقي الذي أخذته عليهم بالوفاء بعهدي، وضيَّعوا أمري، (٢) كما:-
١١٥٩٦ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"ومن الذين قالوا إنّا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظًّا مما ذكروا به"، نسوا كتاب الله بين أظهرهم، وعهدَ الله الذي عهده إليهم، وأمرَ الله الذي أمرهم به.
١١٥٩٧ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: قالت النصارى مثل ما قالت اليهود، ونسوا حظًّا مما ذكروا به.
* * *
قال أبو جعفر: يقول عز ذكره: وأخذنا من النصارى الميثاقَ على طاعتي وأداء فرائضي، واتباع رسلي والتصديق بهم، فسلكوا في ميثاقي الذي أخذتُه عليهم منهاج الأمة الضالة من اليهود، فبدلوا كذلك دينَهم، ونقضوه نقضَهم، (١) وتركوا حظّهم من ميثاقي الذي أخذته عليهم بالوفاء بعهدي، وضيَّعوا أمري، (٢) كما:-
١١٥٩٦ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"ومن الذين قالوا إنّا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظًّا مما ذكروا به"، نسوا كتاب الله بين أظهرهم، وعهدَ الله الذي عهده إليهم، وأمرَ الله الذي أمرهم به.
١١٥٩٧ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: قالت النصارى مثل ما قالت اليهود، ونسوا حظًّا مما ذكروا به.
* * *
(١) في المطبوعة: "ونقضوا"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) انظر تفسير"أخذ الميثاق" فيما سلف ص: ١١٠، تعليق: ١، والمراجع هناك= وتفسير"النسيان" و"الحظ" فيما سلف ص: ١٢٩، تعليق: ٣، ٤، والمراجع هناك= وتفسير"التذكير" فيما سلف ص: ١٣٠، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير"أخذ الميثاق" فيما سلف ص: ١١٠، تعليق: ١، والمراجع هناك= وتفسير"النسيان" و"الحظ" فيما سلف ص: ١٢٩، تعليق: ٣، ٤، والمراجع هناك= وتفسير"التذكير" فيما سلف ص: ١٣٠، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
135
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"فأغرينا بينهم" حرّشنا بينهم وألقينا، كما تغري الشيء بالشيء.
يقول جل ثناؤه: لما ترك هؤلاء النصارى، الذين أخذتُ ميثاقهم بالوفاء بعهدي، حظَّهم مما عهدتُ إليهم من أمري ونهيي، أغريتُ بينهم العداوة والبغضاء.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في صفة"إغراء الله عز ذكره بينهم العداوة، والبغضاء". (١)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"فأغرينا بينهم" حرّشنا بينهم وألقينا، كما تغري الشيء بالشيء.
يقول جل ثناؤه: لما ترك هؤلاء النصارى، الذين أخذتُ ميثاقهم بالوفاء بعهدي، حظَّهم مما عهدتُ إليهم من أمري ونهيي، أغريتُ بينهم العداوة والبغضاء.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في صفة"إغراء الله عز ذكره بينهم العداوة، والبغضاء". (١)
(١) انظر تفسير"البغضاء" فيما سلف ٧: ١٤٦.
136
فقال بعضهم: كان إغراؤه بينهم بالأهواء التي حَدَثت بينهم.
ذكر من قال ذلك:
١١٥٩٨ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال: أخبرنا العوام بن حوشب، عن إبراهيم النخعي في قوله:"فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء"، قال: هذه الأهواء المختلفة والتباغُض، فهو الإغراء.
١١٥٩٩ - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا يزيد بن هارون، عن العوام بن حوشب قال: سمعت النخعي يقول:"فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء"، قال: أغرى بعضهم ببعض بخصُومات بالجدال في الدين.
١١٦٠٠ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني هشيم قال، أخبرنا العوام بن حوشب، عن إبراهيم النخعي والتّيمي، قوله:"فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء"، قال: ما أرى"الإغراء" في هذه الآية إلا الأهواء المختلفة= وقال معاوية بن قرة: الخصومات في الدين تُحْبِط الأعمال.
* * *
وقال آخرون: بل ذلك هو العداوة التي بينهم والبغضاء.
ذكر من قال ذلك:
١١٦٠١ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة" الآية، إنّ القوم لما تركوا كتابَ الله، وعصَوْا رسله، وضَيّعوا فرائضه، وعطّلوا حدُوده، ألقى بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة، بأعْمالهم أعمالِ السوء، ولو أخذ القوم كتاب الله وأمرَه، ما افترقوا ولا تباغَضُوا.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأولين في ذلك عندنا بالحق، تأويلُ من قال:"أغرى بينهم بالأهواء التي حدثت بينهم"، كما قال إبراهيم النخعي، لأن عداوة النصارى
ذكر من قال ذلك:
١١٥٩٨ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال: أخبرنا العوام بن حوشب، عن إبراهيم النخعي في قوله:"فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء"، قال: هذه الأهواء المختلفة والتباغُض، فهو الإغراء.
١١٥٩٩ - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا يزيد بن هارون، عن العوام بن حوشب قال: سمعت النخعي يقول:"فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء"، قال: أغرى بعضهم ببعض بخصُومات بالجدال في الدين.
١١٦٠٠ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني هشيم قال، أخبرنا العوام بن حوشب، عن إبراهيم النخعي والتّيمي، قوله:"فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء"، قال: ما أرى"الإغراء" في هذه الآية إلا الأهواء المختلفة= وقال معاوية بن قرة: الخصومات في الدين تُحْبِط الأعمال.
* * *
وقال آخرون: بل ذلك هو العداوة التي بينهم والبغضاء.
ذكر من قال ذلك:
١١٦٠١ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة" الآية، إنّ القوم لما تركوا كتابَ الله، وعصَوْا رسله، وضَيّعوا فرائضه، وعطّلوا حدُوده، ألقى بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة، بأعْمالهم أعمالِ السوء، ولو أخذ القوم كتاب الله وأمرَه، ما افترقوا ولا تباغَضُوا.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأولين في ذلك عندنا بالحق، تأويلُ من قال:"أغرى بينهم بالأهواء التي حدثت بينهم"، كما قال إبراهيم النخعي، لأن عداوة النصارى
137
بينَهم، إنما هي باختلافهم في قولهم في المسيح، وذلك أهواءٌ، لا وحيٌ من الله.
* * *
واختلف أهل التأويل في المعنيِّ بـ"الهاء والميم" اللتين في قوله:"فأغرينا بينهم".
فقال بعضهم: عني بذلك اليهود والنصارى. فمعنى الكلام على قولِهم وتأويلهم: فأغرينا بين اليهود والنصارى، لنسيانهم حظًّا مما ذكّروا به.
ذكر من قال ذلك:
١١٦٠٢ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: وقال في النصارى أيضا:"فنسوا حظًّا مما ذكروا به"، فلما فعلوا ذلك، أغرى الله عز وجل بينَهم وبين اليهود العداوةَ والبغضاءَ إلى يوم القيامة.
١١٦٠٣ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة"، قال: هم اليهود والنصارى. قال ابن زيد: كما تُغْري بين اثنين من البهائم.
١١٦٠٤ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء"، قال: اليهود والنصارى.
١١٦٠٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
١١٦٠٦ - حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة قال: هم اليهود والنصارى، أغرى الله بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة.
* * *
وقال آخرون: بل عنى الله بذلك النصارَى وحدَها. وقالوا: معنى ذلك: فأغرينا بين النصارى، عقوبةً لها بنسيانها حظًّا مما ذكرت به. قالوا: وعليها عادت
* * *
واختلف أهل التأويل في المعنيِّ بـ"الهاء والميم" اللتين في قوله:"فأغرينا بينهم".
فقال بعضهم: عني بذلك اليهود والنصارى. فمعنى الكلام على قولِهم وتأويلهم: فأغرينا بين اليهود والنصارى، لنسيانهم حظًّا مما ذكّروا به.
ذكر من قال ذلك:
١١٦٠٢ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: وقال في النصارى أيضا:"فنسوا حظًّا مما ذكروا به"، فلما فعلوا ذلك، أغرى الله عز وجل بينَهم وبين اليهود العداوةَ والبغضاءَ إلى يوم القيامة.
١١٦٠٣ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة"، قال: هم اليهود والنصارى. قال ابن زيد: كما تُغْري بين اثنين من البهائم.
١١٦٠٤ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء"، قال: اليهود والنصارى.
١١٦٠٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
١١٦٠٦ - حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة قال: هم اليهود والنصارى، أغرى الله بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة.
* * *
وقال آخرون: بل عنى الله بذلك النصارَى وحدَها. وقالوا: معنى ذلك: فأغرينا بين النصارى، عقوبةً لها بنسيانها حظًّا مما ذكرت به. قالوا: وعليها عادت
138
"الهاء والميم" في"بينهم"، دون اليهود.
ذكر من قال ذلك:
١١٦٠٧ - حدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، (١) عن أبيه، عن الربيع قال: إن الله عز ذكره تقدَّم إلى بني إسرائيل: أن لا تشتروا بآيات الله ثمنًا قليلا وعلموا الحكمة ولا تأخذوا عليها أجرًا، فلم يفعل ذلك إلا قليل منهم، فأخذُوا الرّشوة في الحكم، وجاوزوا الحدود، فقال في اليهود حيث حكموا بغير ما أمر الله: (وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) [سورة المائدة: ٦٤]، وقال في النصارى:"فنسوا حظًّا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة".
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأولين بالآية عندي ما قاله الربيع بن أنس، وهو أنّ المعنيّ بالإغراء بينهم، النصارى، في هذه الآية خاصة= وأنّ"الهاء والميم" عائدتان على النصارى دون اليهود، لأن ذكر"الإغراء" في خبر الله عن النصارى، بعد تقضِّي خبره عن اليهود، وبعد ابتدائه خبَره عن النصارى، فلأنْ يكون ذلك معنيًّا به النصارى خاصًّة، (٢) أولى من أن يكون معنيًّا به الحزبان جميعًا، لما ذكرنا.
* * *
فإن قال قائل: وما العداوة التي بين النصارى، فتكون مخصوصة بمعنى ذلك؟
ذكر من قال ذلك:
١١٦٠٧ - حدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، (١) عن أبيه، عن الربيع قال: إن الله عز ذكره تقدَّم إلى بني إسرائيل: أن لا تشتروا بآيات الله ثمنًا قليلا وعلموا الحكمة ولا تأخذوا عليها أجرًا، فلم يفعل ذلك إلا قليل منهم، فأخذُوا الرّشوة في الحكم، وجاوزوا الحدود، فقال في اليهود حيث حكموا بغير ما أمر الله: (وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) [سورة المائدة: ٦٤]، وقال في النصارى:"فنسوا حظًّا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة".
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأولين بالآية عندي ما قاله الربيع بن أنس، وهو أنّ المعنيّ بالإغراء بينهم، النصارى، في هذه الآية خاصة= وأنّ"الهاء والميم" عائدتان على النصارى دون اليهود، لأن ذكر"الإغراء" في خبر الله عن النصارى، بعد تقضِّي خبره عن اليهود، وبعد ابتدائه خبَره عن النصارى، فلأنْ يكون ذلك معنيًّا به النصارى خاصًّة، (٢) أولى من أن يكون معنيًّا به الحزبان جميعًا، لما ذكرنا.
* * *
فإن قال قائل: وما العداوة التي بين النصارى، فتكون مخصوصة بمعنى ذلك؟
(١) في المطبوعة والمخطوطة: "عبيد الله بن أبي جعفر"، والصواب"عبد الله" كما أثبته، وهو"عبد الله بن أبي جعفر الرازي"، مضى مئات من المرات في الأسانيد السالفة.
(٢) في المطبوعة: "فأن لا يكون ذلك معنيا به إلا النصارى خاصة"، وهو كلام بريء من العربية. وفي المخطوطة: "فلا يكون ذلك معنيا به إلا النصارى خاصة"، وهو مثله، ولكنه سهو من الناسخ وغفلة، أخطأ فكتب"فلأن يكون""فلا يكون"، ثم زاد"إلا". وهذا كله فساد، صوابه ما أثبت.
(٢) في المطبوعة: "فأن لا يكون ذلك معنيا به إلا النصارى خاصة"، وهو كلام بريء من العربية. وفي المخطوطة: "فلا يكون ذلك معنيا به إلا النصارى خاصة"، وهو مثله، ولكنه سهو من الناسخ وغفلة، أخطأ فكتب"فلأن يكون""فلا يكون"، ثم زاد"إلا". وهذا كله فساد، صوابه ما أثبت.
139
قيل: ذلك عداوة النسطوريةِ واليعقوبيةِ، والملكيةَ= والملكيةِ النسطوريةَ واليعقوبيةَ. (١) وليس الذي قاله من قال:"معنيٌّ بذلك: إغراء الله بين اليهود والنصارى" ببعيد، غير أن هذا أقرب عندي، وأشبهُ بتأويل الآية، لما ذكرنا.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (١٤) ﴾
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه لنبيه محمَّد صلى الله عليه وسلم: اعفُ عن هؤلاء الذين همُّوا ببسط أيديهم إليك وإلى أصحابك واصفح، فإن الله عز وجل من وراء الانتقام منهم، وسينبئهم الله عند ورودهم عليه في معادهم، بما كانوا في الدنيا يصنعون، من نقضهم ميثاقه، ونكثهم عهده، وتبديلهم كتابه، وتحريفهم أمره ونهيه، فيعاقبهم على ذلك حسب استحقاقهم.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾
قال أبو جعفر: يقول عز ذكره لجماعة أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين كانوا في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أهل الكتاب" من اليهود والنصارى="قد جاءكم رسولنا"، يعني محمّدا صلى الله عليه وسلم، كما:-
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (١٤) ﴾
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه لنبيه محمَّد صلى الله عليه وسلم: اعفُ عن هؤلاء الذين همُّوا ببسط أيديهم إليك وإلى أصحابك واصفح، فإن الله عز وجل من وراء الانتقام منهم، وسينبئهم الله عند ورودهم عليه في معادهم، بما كانوا في الدنيا يصنعون، من نقضهم ميثاقه، ونكثهم عهده، وتبديلهم كتابه، وتحريفهم أمره ونهيه، فيعاقبهم على ذلك حسب استحقاقهم.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾
قال أبو جعفر: يقول عز ذكره لجماعة أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين كانوا في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أهل الكتاب" من اليهود والنصارى="قد جاءكم رسولنا"، يعني محمّدا صلى الله عليه وسلم، كما:-
(١) في المطبوعة: "ذلك عداوة النسطورية واليعقوبية والملكية النسطورية واليعقوبية". وهو كلام خال من المعنى، صوابه من المخطوطة. يعني عداوة هؤلاء لهؤلاء= وعداوة هؤلاء لهؤلاء.
140
١١٦٠٨ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا"، وهو محمد صلى الله عليه وسلم.
* * *
وقوله:"يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب"، يقول: يبين لكم محمّد رسولنا، كثيرًا مما كنتم تكتمونه الناسَ ولا تُبينونه لهم ممّا في كتابكم. وكان مما يخفونه من كتابهم فبيَّنه رسولُ الله ﷺ للناس: رَجْمُ الزَّانيين المحصنين.
* * *
وقيل: إن هذه الآية نزلت في تبيين رسول الله ﷺ ذلك للناس، من إخفائهم ذلك من كتابهم.
ذكر من قال ذلك:
١١٦٠٩ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال، من كفر بالرجم، فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب. قوله:"يا أهل الكتاب قد جاءكم رسوُلنا يبين لكم كثيرًا مما كنتم تخفون من الكتاب"، فكان الرجمُ مما أخفوا. (١).
١١٦١٠ - حدثنا عبد الله بن أحمد بن شبَّويه، أخبرنا علي بن الحسن قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، مثله. (٢).
* * *
وقوله:"يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب"، يقول: يبين لكم محمّد رسولنا، كثيرًا مما كنتم تكتمونه الناسَ ولا تُبينونه لهم ممّا في كتابكم. وكان مما يخفونه من كتابهم فبيَّنه رسولُ الله ﷺ للناس: رَجْمُ الزَّانيين المحصنين.
* * *
وقيل: إن هذه الآية نزلت في تبيين رسول الله ﷺ ذلك للناس، من إخفائهم ذلك من كتابهم.
ذكر من قال ذلك:
١١٦٠٩ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال، من كفر بالرجم، فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب. قوله:"يا أهل الكتاب قد جاءكم رسوُلنا يبين لكم كثيرًا مما كنتم تخفون من الكتاب"، فكان الرجمُ مما أخفوا. (١).
١١٦١٠ - حدثنا عبد الله بن أحمد بن شبَّويه، أخبرنا علي بن الحسن قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، مثله. (٢).
(١) الأثر: ١١٦٠٩-"يحيى بن واضح"، أبو تميلة، مضى مرارا، منها: ٣٩٢.
و"الحسين بن واقد المروزي"، ثقة. مضى برقم: ٤٨١، ٦٣١١.
و"يزيد النحوي"، هو"يزيد بن أبي سعيد النحوي المروزي"، ثقة، مضى برقم: ٦٣١١. وهذا إسناد صحيح، وسيأتي تخريجه في الأثر التالي.
(٢) الأثر: ١١٦١٠-"عبد الله بن أحمد بن شبويه الخزاعي"، ثقة مضى برقم: ١٩٠٩، ٤٦١٢، ٤٩٢٣.
و"علي بن الحسن بن شقيق بن دينار"، ثقة، من شيوخ أحمد، مضى برقم: ١٥٩١، ١٩٠٩، ٩٩٥١، وكان في المخطوطة والمطبوعة هنا: "علي بن الحسين"، وهو خطأ محض.
وهذا إسناد صحيح أيضا، مكرر الذي قبله. وهذا الخبر أخرجه الحاكم في المستدرك ٤: ٣٥٩ من طريق علي بن الحسن بن شقيق، بمثله، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.
وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٢: ٢٦٩، وزاد نسبته إلى ابن الضريس، والنسائي، وابن أبي حاتم.
فائدة: راجع أحاديث الرجم فيما سيأتي برقم ١١٩٢١-١١٩٢٤.
و"الحسين بن واقد المروزي"، ثقة. مضى برقم: ٤٨١، ٦٣١١.
و"يزيد النحوي"، هو"يزيد بن أبي سعيد النحوي المروزي"، ثقة، مضى برقم: ٦٣١١. وهذا إسناد صحيح، وسيأتي تخريجه في الأثر التالي.
(٢) الأثر: ١١٦١٠-"عبد الله بن أحمد بن شبويه الخزاعي"، ثقة مضى برقم: ١٩٠٩، ٤٦١٢، ٤٩٢٣.
و"علي بن الحسن بن شقيق بن دينار"، ثقة، من شيوخ أحمد، مضى برقم: ١٥٩١، ١٩٠٩، ٩٩٥١، وكان في المخطوطة والمطبوعة هنا: "علي بن الحسين"، وهو خطأ محض.
وهذا إسناد صحيح أيضا، مكرر الذي قبله. وهذا الخبر أخرجه الحاكم في المستدرك ٤: ٣٥٩ من طريق علي بن الحسن بن شقيق، بمثله، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.
وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٢: ٢٦٩، وزاد نسبته إلى ابن الضريس، والنسائي، وابن أبي حاتم.
فائدة: راجع أحاديث الرجم فيما سيأتي برقم ١١٩٢١-١١٩٢٤.
141
١١٦١١ - حدثني المثني قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء، عن عكرمة في قوله:"يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم"، إلى قوله:"صراط مستقيم"، قال: إنّ نبيّ الله أتاه اليهود يسألونه عن الرجم، واجتمعوا في بيتٍ، قال: أيُّكم أعلم؟ فأشاروا إلى ابن صُوريا، فقال: أنت أعلمهم؟ قال، سل عما شئت، قال،"أنت أعلمهم؟ " قال: إنهم ليزعمون ذلك! قال: فناشده بالذي أنزل التوراة على موسى، والذي رفع الطُّور، وناشده بالمواثيق التي أُخذت عليهم، حتى أخذه أفْكَل، (١) فقال: إن نساءنا نساء حسان، فكثر فينا القتل، فاختصرنا أُخصورةً، (٢) فجلدنا مئة، وحلقنا الرءوس، وخالفنا بين الرءوس إلى الدواب (٣) = أحسبه قال: الإبل= قال: فحكم عليهم بالرجم، فأنزل الله فيهم:"يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبيين لكم"، الآية= وهذه الآية: (وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ
(١) "أفكل" (علي وزن أفعل) : رعدة تعلو الإنسان من برد أو خوف أو غيرهما، وليس له فعل، وأنشد ابن بري:
(٢) قوله: "فاختصرنا أخصورة"، هكذا جاءت في المخطوطة أيضا. وفي تفسير أبي حيان ٣: ٤٤٧"فاختصرنا فجلدنا مئة مئة"، وحذف"أخصورة". ولم أجد لها في اللغة ذكرًا، بمعنى: شيئًا من الاختصار. والذي في الكتب"الخصيري" (بضم الخاء وفتح الصاد وسكون الياء بعدها راء مفتوحة)، وهي: حذف الفضول من كل شيء، مثل"الاختصار". فلعل صواب العبارة: "فاختصرنا خصيري"، أي اختصارا من حكم الرجم. وتركت ما في المطبوعة والمخطوطة، مخافة أن يكون في الكلمة تحريف لم أهتد إليه.
(٣) في تفسير أبي حيان"وخالفنا بين الرءوس على الدبرات"، وكأنه خطأ.
بِعَيْشِكِ هَاتِي فَغَنِّي لَنَا | فَإِنَّ نَدَامَاكِ لَمْ يَنْهَلُوا |
فَبَاتَتْ تُغَنِّي بِغِرْبَالِهَا | غِنَاء رُوَيْدًا لَهُ أفْكَلُ |
(٣) في تفسير أبي حيان"وخالفنا بين الرءوس على الدبرات"، وكأنه خطأ.
142
لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ) [سورة البقرة: ٧٦]. (١)
* * *
وقوله:"ويعفو عن كثير" يعني بقوله:"ويعفو"، ويترك أخذكم بكثير مما كنتم تخفون من كتابكم الذي أنزله الله إليكم، وهو التوراة، فلا تعملون به حتى يأمره الله بأخذكم به. (٢).
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (١٥) ﴾
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه لهؤلاء الذين خاطبهم من أهل الكتاب:"قد جاءكم"، يا أهل التوراة والإنجيل="من الله نور"، يعني بالنور، محمدًا ﷺ الذي أنار الله به الحقَّ، وأظهر به الإسلام، ومحق به الشرك، فهو نور لمن استنار به يبيِّن الحق. ومن إنارته الحق، تبيينُه لليهود كثيرًا مما كانوا يخفون من الكتاب. (٣)
* * *
وقوله:"وكتاب مبين"، يقول: جل ثناؤه: قد جاءكم من الله تعالى النور الذي أنار لكم به معالم الحقِّ،="وكتاب مبين"، يعني كتابًا فيه بيان ما اختلفوا فيه بينهم: من توحيد الله، وحلاله وحرامه، وشرائع دينه، وهو القرآن الذي أنزله
* * *
وقوله:"ويعفو عن كثير" يعني بقوله:"ويعفو"، ويترك أخذكم بكثير مما كنتم تخفون من كتابكم الذي أنزله الله إليكم، وهو التوراة، فلا تعملون به حتى يأمره الله بأخذكم به. (٢).
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (١٥) ﴾
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه لهؤلاء الذين خاطبهم من أهل الكتاب:"قد جاءكم"، يا أهل التوراة والإنجيل="من الله نور"، يعني بالنور، محمدًا ﷺ الذي أنار الله به الحقَّ، وأظهر به الإسلام، ومحق به الشرك، فهو نور لمن استنار به يبيِّن الحق. ومن إنارته الحق، تبيينُه لليهود كثيرًا مما كانوا يخفون من الكتاب. (٣)
* * *
وقوله:"وكتاب مبين"، يقول: جل ثناؤه: قد جاءكم من الله تعالى النور الذي أنار لكم به معالم الحقِّ،="وكتاب مبين"، يعني كتابًا فيه بيان ما اختلفوا فيه بينهم: من توحيد الله، وحلاله وحرامه، وشرائع دينه، وهو القرآن الذي أنزله
(١) الأثر: ١١٦١١- في هذا الأثر، ذكر سبب نزول آية"سورة البقرة": ٧٦، ولم يذكره أبو جعفر في تفسير الآية هناك (٢: ٢٥٠-٢٥٤)، مع أنه يصلح أن يكون وجهًا آخر في تفسير الآية، وأن يكون مرادًا بها"الرجم". فهذا دليل آخر على اختصار أبي جعفر تفسيره، وهو أيضا وجه من وجوه منهجه في اختصاره.
(٢) انظر تفسير"العفو" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٣) انظر تفسير"نور" فيما سلف ٩: ٤٢٨.
(٢) انظر تفسير"العفو" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٣) انظر تفسير"نور" فيما سلف ٩: ٤٢٨.
على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، يبين للناس جميع ما بهم الحاجةُ إليه من أمر دينهم، ويوضحه لهم، حتى يعرفوا حقَّه من باطله. (١)
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ﴾
قال أبو جعفر: يعني عز ذكره: يهدي بهذا الكتاب المبين الذي جاء من الله جل جلاله= ويعني بقوله:"يهدي به الله"، يرشد به الله ويسدِّد به، (٢) = و"الهاء" في قوله:"به" عائدة على"الكتاب"="من اتبع رضوانه"، يقول: من اتبع رِضَى الله. (٣)
* * *
واختلف في معنى"الرضى" من الله جل وعز.
فقال بعضهم: الرضى منه بالشيء"، القبول له والمدح والثناء. قالوا: فهو قابل الإيمان، ومُزَكّ له، ومثنٍ على المؤمن بالإيمان، وواصفٌ الإيمانَ بأنه نور وهُدًى وفصْل. (٤)
* * *
وقال آخرون: معنى"الرضى" من الله جل وعز، معنى مفهوم، هو
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ﴾
قال أبو جعفر: يعني عز ذكره: يهدي بهذا الكتاب المبين الذي جاء من الله جل جلاله= ويعني بقوله:"يهدي به الله"، يرشد به الله ويسدِّد به، (٢) = و"الهاء" في قوله:"به" عائدة على"الكتاب"="من اتبع رضوانه"، يقول: من اتبع رِضَى الله. (٣)
* * *
واختلف في معنى"الرضى" من الله جل وعز.
فقال بعضهم: الرضى منه بالشيء"، القبول له والمدح والثناء. قالوا: فهو قابل الإيمان، ومُزَكّ له، ومثنٍ على المؤمن بالإيمان، وواصفٌ الإيمانَ بأنه نور وهُدًى وفصْل. (٤)
* * *
وقال آخرون: معنى"الرضى" من الله جل وعز، معنى مفهوم، هو
(١) انظر تفسير"مبين" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٢) انظر تفسير"يهدي" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٣) انظر تفسير"الرضوان" فيما سلف ٦: ٢٦٢/٩: ٤٨٠.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "وفضل" بالضاد المعجمة، و"الفصل" هنا هو حق المعنى، لأنه يفصل بين الحق والباطل.
(٢) انظر تفسير"يهدي" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٣) انظر تفسير"الرضوان" فيما سلف ٦: ٢٦٢/٩: ٤٨٠.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "وفضل" بالضاد المعجمة، و"الفصل" هنا هو حق المعنى، لأنه يفصل بين الحق والباطل.
144
خلاف السخط، وهو صفة من صفاته على ما يعقل من معاني:"الرضى" الذي هو خلاف السخط، وليس ذلك بالمدح، لأن المدح والثناء قولٌ، وإنما يثنى ويمدح ما قد رُضِي. قالوا: فالرضا معنًى، و"الثناء" و"المدح" معنًى ليس به.
* * *
ويعني بقوله:"سُبُل السلام"، طرق السلام (١) = و"السلام"، هو الله عزَّ ذكره.
١١٦١٢ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"من اتبع رضوانه سبل السلام"، سبيل الله الذي شرعه لعباده ودعاهم إليه، وابتعث به رسله، وهو الإسلام الذي لا يقبل من أحد عملا إلا به، لا اليهودية، ولا النصرانية، ولا المجوسية.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ﴾
قال أبو جعفر: يقول عز ذكره: يهدي الله بهذا الكتاب المبين، من اتبع رضوان الله إلى سبل السلام وشرائع دينه="ويخرجهم"، يقول: ويخرج من اتبع رضوانه= و"الهاء والميم" في:"ويخرجهم" إلى من ذُكر="من الظلمات إلى النور"، يعني: من ظلمات الكفر والشرك، إلى نور الإسلام وضيائه (٢) ="بإذنه"، يعني: بإذن الله جل وعز. و"إذنه في هذا الموضع: تحبيبه إياه الإيمان برفع طابَع الكفر عن قلبه، وخاتم الشرك عنه، وتوفيقه لإبصار سُبُل السّلام. (٣)
* * *
* * *
ويعني بقوله:"سُبُل السلام"، طرق السلام (١) = و"السلام"، هو الله عزَّ ذكره.
١١٦١٢ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"من اتبع رضوانه سبل السلام"، سبيل الله الذي شرعه لعباده ودعاهم إليه، وابتعث به رسله، وهو الإسلام الذي لا يقبل من أحد عملا إلا به، لا اليهودية، ولا النصرانية، ولا المجوسية.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ﴾
قال أبو جعفر: يقول عز ذكره: يهدي الله بهذا الكتاب المبين، من اتبع رضوان الله إلى سبل السلام وشرائع دينه="ويخرجهم"، يقول: ويخرج من اتبع رضوانه= و"الهاء والميم" في:"ويخرجهم" إلى من ذُكر="من الظلمات إلى النور"، يعني: من ظلمات الكفر والشرك، إلى نور الإسلام وضيائه (٢) ="بإذنه"، يعني: بإذن الله جل وعز. و"إذنه في هذا الموضع: تحبيبه إياه الإيمان برفع طابَع الكفر عن قلبه، وخاتم الشرك عنه، وتوفيقه لإبصار سُبُل السّلام. (٣)
* * *
(١) انظر تفسير"سبيل" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٢) انظر تفسير"من الظلمات إلى النور" فيما سلف ٥: ٤٢٤-٤٢٦.
(٣) انظر تفسير"الإذن" فيما سلف ٨: ٥١٦، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير"من الظلمات إلى النور" فيما سلف ٥: ٤٢٤-٤٢٦.
(٣) انظر تفسير"الإذن" فيما سلف ٨: ٥١٦، تعليق: ١، والمراجع هناك.
145
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٦) ﴾
قال أبو جعفر: يعني عز ذكره بقوله:"ويهديهم"، ويرشدهم ويسددهم (١) ="إلى صراط مستقيم"، يقول: إلى طريق مستقيم، وهو دين الله القويم الذي لا اعوجاج فيه. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾
قال أبو جعفر: هذا ذمٌّ من الله عز ذكره للنصارى والنصرانية، الذين ضلُّوا عن سبل السلام= واحتجاجٌ منه لنبيه محمد ﷺ في فِرْيتهم عليه بادّعائهم له ولدًا.
يقول جل ثناؤه: أقسم، لقد كفر الذين قالوا: إن الله هو المسيح ابن مريم= و"كفرهم" في ذلك، تغطيتهم الحقّ في تركهم نفي الولد عن الله جل وعز، وادِّعائهم أن المسيح هو الله، فرية وكذبًا عليه. (٣)
* * *
وقد بينا معنى:"المسيح" فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (٤).
* * *
قال أبو جعفر: يعني عز ذكره بقوله:"ويهديهم"، ويرشدهم ويسددهم (١) ="إلى صراط مستقيم"، يقول: إلى طريق مستقيم، وهو دين الله القويم الذي لا اعوجاج فيه. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾
قال أبو جعفر: هذا ذمٌّ من الله عز ذكره للنصارى والنصرانية، الذين ضلُّوا عن سبل السلام= واحتجاجٌ منه لنبيه محمد ﷺ في فِرْيتهم عليه بادّعائهم له ولدًا.
يقول جل ثناؤه: أقسم، لقد كفر الذين قالوا: إن الله هو المسيح ابن مريم= و"كفرهم" في ذلك، تغطيتهم الحقّ في تركهم نفي الولد عن الله جل وعز، وادِّعائهم أن المسيح هو الله، فرية وكذبًا عليه. (٣)
* * *
وقد بينا معنى:"المسيح" فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (٤).
* * *
(١) انظر تفسير"يهدي" في فهارس اللغة.
(٢) انظر تفسير"الصراط المستقيم" فيما سلف ٨: ٥٢٩، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير"الكفر" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٤) انظر تفسير"المسيح" فيما سلف ٩: ٤١٧، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير"الصراط المستقيم" فيما سلف ٨: ٥٢٩، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير"الكفر" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٤) انظر تفسير"المسيح" فيما سلف ٩: ٤١٧، تعليق: ١، والمراجع هناك.
146
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأرْضِ جَمِيعًا﴾
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه، لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل، يا محمد، للنصارى الذين افتروا عليّ، وضلُّوا عن سواء السبيل بقيلهم: إنّ الله هو المسيح ابن مريم:"من يملك من الله شيئًا"، يقول: من الذي يطيق أن يدفع من أمر الله جل وعز شيئا، فيردّه إذا قضاه.
* * *
= من قول القائل:"ملكت على فلان أمره"، إذا صار لا يقدر أن ينفذ أمرًا إلا به. (١)
* * *
وقوله:"إن أراد أن يهلك المسيح بن مريم وأمه ومن في الأرض جميعًا"، يقول: من ذا الذي يقدر أن يرد من أمر الله شيئًا، إن شاء أن يهلك المسيح بن مريم، بإعدامه من الأرض وإعدام أمه مريم، وإعدام جميع من في الأرض من الخلق جميعا. (٢)
* * *
يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهؤلاء الجهلة من النصارى: لو كان المسيح كما تزعمون= أنّه هو الله، وليس كذلك= لقدر أن يردَّ أمرَ الله إذا جاءه بإهلاكه وإهلاك أمه. وقد أهلك أمَّه فلم يقدر على دفع أمره فيها إذْ نزل ذلك. ففي ذلك لكم معتَبرٌ إن اعتبرتم، وحجة عليكم إن عقلتم: في أن المسيح، بَشَر كسائر بني آدم، وأن الله عز وجل هو الذي لا يغلب ولا يقهر ولا يردُّ له
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه، لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل، يا محمد، للنصارى الذين افتروا عليّ، وضلُّوا عن سواء السبيل بقيلهم: إنّ الله هو المسيح ابن مريم:"من يملك من الله شيئًا"، يقول: من الذي يطيق أن يدفع من أمر الله جل وعز شيئا، فيردّه إذا قضاه.
* * *
= من قول القائل:"ملكت على فلان أمره"، إذا صار لا يقدر أن ينفذ أمرًا إلا به. (١)
* * *
وقوله:"إن أراد أن يهلك المسيح بن مريم وأمه ومن في الأرض جميعًا"، يقول: من ذا الذي يقدر أن يرد من أمر الله شيئًا، إن شاء أن يهلك المسيح بن مريم، بإعدامه من الأرض وإعدام أمه مريم، وإعدام جميع من في الأرض من الخلق جميعا. (٢)
* * *
يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهؤلاء الجهلة من النصارى: لو كان المسيح كما تزعمون= أنّه هو الله، وليس كذلك= لقدر أن يردَّ أمرَ الله إذا جاءه بإهلاكه وإهلاك أمه. وقد أهلك أمَّه فلم يقدر على دفع أمره فيها إذْ نزل ذلك. ففي ذلك لكم معتَبرٌ إن اعتبرتم، وحجة عليكم إن عقلتم: في أن المسيح، بَشَر كسائر بني آدم، وأن الله عز وجل هو الذي لا يغلب ولا يقهر ولا يردُّ له
(١) هذا بيان قلما تصيبه في كتب اللغة.
(٢) انظر تفسير"الإهلاك" فيما سلف ٤: ٢٣٩، ٢٤٠/٩: ٤٣٠.
(٢) انظر تفسير"الإهلاك" فيما سلف ٤: ٢٣٩، ٢٤٠/٩: ٤٣٠.
147
أمر، بل هو الحيُّ الدائم القيُّوم الذي يحيي ويميت، وينشئ ويفني، وهو حي لا يموت.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾
قال أبو جعفر: يعني تبارك وتعالى بذلك: والله له تصريف ما في السموات والأرض وما بينهما (١) = يعني: وما بين السماء والأرض= يهلك من يشاء من ذلك ويبقي ما يشاء منه، ويوجد ما أراد ويعدم ما أحبّ، لا يمنعه من شيء أراد من ذلك مانع، ولا يدفعه عنه دافع، يُنْفِذ فيهم حكمه، ويُمضي فيهم قضاءه= لا المسيح الذي إن أراد إهلاكه ربُّه وإهلاكَ أمّه، لم يملك دفع ما أراد به ربُّه من ذلك.
* * *
يقول جل وعز: كيف يكون إلهًا يُعبد من كان عاجزًا عن دفع ما أراد به غيره من السوء، وغير قادرٍ على صرف ما نزل به من الهلاك؟ بل الإله المعبود، الذي له ملك كل شيء، وبيده تصريف كل من في السماءِ والأرض وما بينهما.
* * *
فقال جل ثناؤه:"وما بينهما"، وقد ذكر"السموات" بلفظ الجمع، ولم يقل:"وما بينهن"، لأن المعنى: وما بين هذين النوعين من الأشياء، كما قال الراعي:
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾
قال أبو جعفر: يعني تبارك وتعالى بذلك: والله له تصريف ما في السموات والأرض وما بينهما (١) = يعني: وما بين السماء والأرض= يهلك من يشاء من ذلك ويبقي ما يشاء منه، ويوجد ما أراد ويعدم ما أحبّ، لا يمنعه من شيء أراد من ذلك مانع، ولا يدفعه عنه دافع، يُنْفِذ فيهم حكمه، ويُمضي فيهم قضاءه= لا المسيح الذي إن أراد إهلاكه ربُّه وإهلاكَ أمّه، لم يملك دفع ما أراد به ربُّه من ذلك.
* * *
يقول جل وعز: كيف يكون إلهًا يُعبد من كان عاجزًا عن دفع ما أراد به غيره من السوء، وغير قادرٍ على صرف ما نزل به من الهلاك؟ بل الإله المعبود، الذي له ملك كل شيء، وبيده تصريف كل من في السماءِ والأرض وما بينهما.
* * *
فقال جل ثناؤه:"وما بينهما"، وقد ذكر"السموات" بلفظ الجمع، ولم يقل:"وما بينهن"، لأن المعنى: وما بين هذين النوعين من الأشياء، كما قال الراعي:
(١) انظر تفسير"الملك" فيما سلف ٨: ٤٨، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
148
طَرَقَا، فَتِلْكَ هَمَاهِمِي، أَقْرِيهِمَا | قُلُصًا لَوَاقِحَ كَالقِسِيِّ وَحُولا (١) |
* * *
وقوله:"يخلق ما يشاء"، يقول جل ثناؤه: وينشئ ما يشاء ويوجده، ويخرجُه من حال العدم إلى حال الوجود، ولن يقدر على ذلك غير الله الواحد القهَّار. وإنما يعني بذلك، أنّ له تدبير السموات والأرض وما بينهما وتصريفه، وإفناءه وإعدامه، وإيجادَ ما يشاء مما هو غير موجود ولا مُنْشأ. يقول: فليس ذلك لأحد سواي، فكيف زعمتم، أيها الكذبة، أنّ المسيح إله، وهو لا يطيق شيئا من ذلك، بل لا يقدر على دفع الضرَر عن نفسه ولا عن أمه، ولا اجتلابِ نفعٍ إليها إلا بإذني؟
* * *
(١) من قصيدته في جمهرة أشعار العرب: ١٧٣، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١١٨، ١٦٠، يقول لابنته خليدة:
"الهماهم": الهموم. و"قلص" جمع"قلوص": الفتية من الإبل."لواقح": حوامل، جمع"لاقح". و"الحول"، جمع"حائل"، وهي الناقة التي لم تحمل سنة أو سنتين أو سنوات، وكذلك كل حامل ينقطع عنها الحمل. يقول: أجعل قرى هذه الهموم، نوقًا هذه صفاتها، كأنها قسى موترة من طول أسفارها، فأضرب بها الفيافي.
والشاهد الذي أراده الطبري أنه قال: "فتلك هماهمي"، وقد ذكر قبل"همان"، ثم عاد بعد يقول: "أقريهما"، وقد قال: "فتلك هماهمي" جمعًا. وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١١٨، ١٦٠.
لَمَّا رَأَتْ أَرَقِي وَطُولَ تَلَدُّدِي | ذَاتَ الْعِشَاء وَلَيْلَيِ الْمَوْصُولا |
مَا عَرَاكَ، وَلَمْ تَكُنْ | أَبَدًا إِذَا عَرَتِ الشُّئُونُ سَؤُولا |
أَخُلَيْدَ، إِنَّ أَبَاكِ ضَافَ وِسَادَهُ | هَمَّان باتَا جَنْبَةً وَدَخِيلا |
والشاهد الذي أراده الطبري أنه قال: "فتلك هماهمي"، وقد ذكر قبل"همان"، ثم عاد بعد يقول: "أقريهما"، وقد قال: "فتلك هماهمي" جمعًا. وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١١٨، ١٦٠.
149
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧) ﴾
قال أبو جعفر: يقول عز ذكره: الله المعبودُ، هو القادر على كل شيء، والمالك كلَّ شيء، الذي لا يعجزُه شيء أراده، ولا يغلبه شيء طلبه، المقتدرُ على هلاك المسيح وأمه ومن في الأرض جميعًا = لا العاجز الذي لا يقدر على منع نفسه من ضُرّ نزل به من الله، ولا منْعِ أمّه من الهلاك. (١)
* * *
قال أبو جعفر: يقول عز ذكره: الله المعبودُ، هو القادر على كل شيء، والمالك كلَّ شيء، الذي لا يعجزُه شيء أراده، ولا يغلبه شيء طلبه، المقتدرُ على هلاك المسيح وأمه ومن في الأرض جميعًا = لا العاجز الذي لا يقدر على منع نفسه من ضُرّ نزل به من الله، ولا منْعِ أمّه من الهلاك. (١)
* * *
(١) انظر تفسير"قدير" فيما سلف من فهارس اللغة.
150
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ﴾
قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله جل وعز عن قوم من اليهود والنصارى أنهم قالوا هذا القول.
* * *
وقد ذكر عن ابن عباس تسمية الذين قالوا ذلك من اليهود.
١١٦١٣ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال، حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس قال: أتى رسولَ الله ﷺ نعمانُ بن أضَاء (١) وبحريّ بن عمرو، وشأس بن عدي، فكلموه، فكلّمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعاهم إلى الله وحذّرهم نقمته، فقالوا: ما تُخَوّفنا،
قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله جل وعز عن قوم من اليهود والنصارى أنهم قالوا هذا القول.
* * *
وقد ذكر عن ابن عباس تسمية الذين قالوا ذلك من اليهود.
١١٦١٣ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال، حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس قال: أتى رسولَ الله ﷺ نعمانُ بن أضَاء (١) وبحريّ بن عمرو، وشأس بن عدي، فكلموه، فكلّمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعاهم إلى الله وحذّرهم نقمته، فقالوا: ما تُخَوّفنا،
(١) في المطبوعة: "نعمان بن أحي، ويحرى بن عمرو.."، وفي المخطوطة: