تفسير سورة القدر

التفسير المظهري
تفسير سورة سورة القدر من كتاب التفسير المظهري .
لمؤلفه محمد ثناء الله المظهري . المتوفي سنة 1225 هـ

سورة القدر
مكّيّة وهى خمس آيات بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اخرج الترمذي والحاكم وابن جرير عن الحسن بن على عليهما السلام قال ان النبي ﷺ ارى بنى امية على منبره فساءه ذلك فنزلت انا أعطيناك الكوثر ونزلت
إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ يملكها بنى امية قال القاسم بن الفضل الهمداني فعددنا فاذا هى الف شهر لا يزيد ولا ينقص قال الترمذي غريب وقال المزني وابن كثير منكر جدا واخرج ابن ابى حاتم والواحدي عن المجاهد ان رسول الله - ﷺ - ذكر رجلا من بنى إسرائيل لبس من السلام فى سبيل الله الف شهر فحجب المسلمون من ذلك فنزلت انا أنزلناه فى ليلة القدر وما ادراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهر التي ليس ذلك الرجل السلاح فى سبيل الله فيها واخرج ابن جرير عن مجاهد قال كان فى بنى إسرائيل رجلا يقوم حتى يصبح ثم يجاهد العدو بالنهار حتى يمسى فعمل ذلك الف شهر فانزل الله تعالى ليلة القدر خير من الف شهر عملها ذلك الرجل وروى مالك فى المؤطا انه سمع من يثق به من اهل العلم يقول ان رسول الله - ﷺ - تفاصر فى أعمار أمته لا يبلغوا من العمل مثل الذي بلغ غيرهم فى طول العمر فاعطاه الله ليلة القدر خير من الف شهر قلت هذا مرسل لكنه أصح ما ورد فى الباب وهذا يدل على ان ليلة القدر من خصائص هذه الامة وبه جزم ابن حبيب من المالكية ونقله عن الجمهور صاحب العدة من الشافعية ويرد عليه حديث ابى ذر عند النسائي حيث قال قلت يا رسول الله أيكون مع الأنبياء فاذا ماتوا رفعت قال بل هى باقية ورجح الحافظ ابن حجر كونها فى الأمم الماضية وقال ما رواه المالك بلاغا يحمل التأويل فلم يدفع الصريح قلت ما رواه مالك اصرح فى الدلالة من المرفوع فى حديث ابى ذر فان لفظ المرفوع بل هى باقية يحتمل ان يكون معناه بل هى باقية بعد نبينا - ﷺ - لكن حديث ابى ذر يدفع قول من قال انها لم تكن الا فى سنة واحدة فى حبور النبي - ﷺ - وما قيل انها رفعت بعده ﷺ وكذا يدل على تأييده ما روى عن ابى هريرة قيل زعموا ان ليلة القدر رفعت قال كذب من قال ذلك رواه عبد الرزاق قال الراوي قلت هى فى كل شهر
310
رمضان استقبله قال نعم قوله تعالى إِنَّا أَنْزَلْناهُ يعنى القران كناية عن غير مذكور تفخيما وشهادة له بالعظمة المغنية عن تصريح فى انتقال الذهن اليه كما عظمه بان أسند انزاله الى نفسه وقدم المسند اليه على الخبر الفعلى لزيادة التأكيد والتقوى او للتخصيص ثم عظمه باعتبار وقت نزوله فقال فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ يقدر الله تعالى فيها امر السنة فى عباده وبلاده الى السنة المستقبلة قيل للحسين بن الفضل أليس قد قدر الله تعالى المقادير قبل ان يخلق السموات والأرض قال نعم قيل فما معنى ليلة القدر قال سوق المقادير الى المواقيت وتنفيذ القضاء المقدر يعنى اطلاع الملائكة الموكلة على الأمور فى تلك الليلة على ما قدر الله تعالى امر السنة فى عباده وبلاده الى السنة المقبلة وقال عكرمة تقدير المقادير وإبرام الأمور فى ليلة النصف من الشعبان فيها ينسخ الاحياء من الأموات فلا يزداد فيهم ولا ينقص منهم ويؤيده ما رواه البغوي ان رسول الله - ﷺ - قال يقطع الآجال من شعبان الى شعبان حتى ان الرجل لينكح ويولد له ولقد خرج اسمه فى الموتى قلت لعل تقدير المقادير بنحو من الانجاء او بعضها فى ليلة النصف من شعبان وتقديرها كلها وتسليمها الى أربابها انما هو فى ليلة القدر قال الله تعالى فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ قال ابن عباس يكتب من أم الكتاب فى ليلة القدر ما هو كاين فى السنة من الخير والشر والأرزاق والآجال حتى الحاج يقال يحج فلان وفلان وروى ابو الضحى عن ابن عباس ان الله يقضى الا قضية ليلة النصف من شعبان ويسلمها الى أربابها فى ليلة القدر كذا ذكر البغوي وقال الزهري سميت بها للعظمة والشرف قال الله تعالى وما قدروا الله حق قدره اى ما عظموه وقيل لان العمل الصالح فيه يكون ذا قدر عند الله واجر جزيل ومعنى نزول القران فى ليلة القدر على ما روى مفهم عن ابن عباس انه قال انزل القران جملة واحدة من اللوح المحفوظ ليلة القدر من شهر رمضان الى بيت العزة فى السماء الدنيا ثم نزل به جبرئيل عليه السلام على رسول الله - ﷺ - نجوما نجوما فى
عشرين سنة فذلك قوله بمواقع النجوم وروى عن ابى ذر عن النبي - ﷺ - قال انزل صحف ابراهيم فى ثلث مضين من رمضان ويروى فى أول ليلة من رمضان وأنزلت تورية موسى فى ست ليال مضين من رمضان وإنزال الإنجيل فى ثلث عشرة مضت من رمضان وانزل
311
زبور داود فى ثمان عشرة ليلة من رمضان وانزل القران على النبي - ﷺ - فى اربعة وعشرين لست بقين بعدها واخرج احمد والطبراني من حديث وأيلة بن الأسقع نزلت صحف ابراهيم أول ليلة من رمضان وأنزلت التورية لست مضين والإنجيل لثلث عشرة والقران لاربع وعشرين وبناء على تلك الأحاديث قال بعض العلماء ان ليلة القدر ليلة اربع وعشرين من رمضان وروى هذا القول عن ابن مسعود والشعبي والحسن وقتادة ويويد قولهم ما روى احمد عن بلال مرفوعا التمسوا ليلة القدر ليلة اربع وعشرين وفيه ابن لهيعة قال الحافظ ابن حجر اخطأ ابن لهيعة فى رفعه قلت وتلك الأحاديث لو صحت لا تدل على ان يكون ليلة القدر فى كل عام ليلة اربع وعشرين بل كونها كذلك سنة نزول القران الى بيت العزة او فى سنة حكى عنه بلال (فائدة) اختلف العلماء فى تعيين ليلة القدر على نحو من أربعين قولا والصحيح انها ليلة منتقلة فى العشر الأواخر من كل رمضان جمعا بين الأحاديث الصحاح وإعراضا عما يخالفها منها حديث سلمان الفارسي قال خطب رسول الله - ﷺ - فى اخر يوم من شعبان فقال يا ايها الناس قد أظلكم شهر عظيم شهر مبارك شهر فيه ليلة خير من الف شهر وقد مر هذا الحديث فى سورة البقر وفضائل رمضان وهذا الحديث يدفع ما قيل انها يكون فى رمضان وغيره كذا ذكر قاضيخان مذهب ابى حنيفة لا يقال لعلها كانت فى سنة نزول القرآن او عما حكى عنه سلمان خاصة فى رمضان فلا يدفع بهذا الحديث ولا بالآية لانا نقول ورد فى حديث سلمان نعوت شهر رمضان مطلقا حيث قال جعل الله صيامه فريضة وقيام ليلة تطوعا ومن تطوع فيه كان كمن ادى فريضة فى غيره ومن ادى فريضة كان كمن ادى سبعين فريضة وانه شهر الصبر وشهر المواساة وغير ذلك وليس شىء من تلك النعوت مختصا برمضان تلك السنة فكذا هذا ومنها حديث عائشة قالت كان رسول الله - ﷺ - يجتهد فى عشر الأواخر ما لا يجتهد فى غيره رواه مسلم وقالت كان إذا دخل العشر شد ميزره وأحيا ليله وأيقظه اهله متفق عليه وقالت كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكف أزواجه بعده متفق عليه وقالت كان يجاور العشر الأواخر من رمضان ويقول تحروا الليلة القدر فى العشر الأواخر من رمضان رواه البخاري ومنها حديث ابى سعيد الخدري ان رسول الله - ﷺ - اعتكف العشر الاول
312
من رمضان ثم اعتكف العشر الأوسط فى قبة تركية ثم اطلع رأسه فقال انى اعتكف العشر الاول التمس هذه الليلة ثم اعتكف العشر الأوسط ثم أتيت فقيل لى انها فى العشر الأواخر فمن اعتكف معى ظيعتكف العشر الأواخر فانى اريت هذه الليلة ثم أتيتها وقد رايتنى اسجد فى الماء والطين من صبيحتها فالتمسوها فى كل وتر قال فمطر السماء تلك الليلة وكان المسجد على عريش فوكف المسجد فيضرب عينى رسول الله - ﷺ - وعلى جبهته اثر الماء والطين من صبيحة احدى وعشرين متفق عليه فى المعنى وروى مسلم من حديث ابى سعيد قال اعتكف رسول الله - ﷺ - العشر الأوسط من رمضان يلتمس ليلة القدر فلما انقضين امر بالبناء نوقض ثم أنسيت وانها فى العشرة الأواخر فامر بالبناء فاعيد ثم خرج على الناس فقال يا ايها الناس انها كانت اريت لى ليلة القدر وانى خرجت لاخبركم فجاء رجلان معهما شيطان فنسيتها فالتمسوها فى العشرة الأواخر من رمضان والتمسوها فى التاسعة والسابعة والخامسة قال قلت يا أبا سعيد انكم اعلم بالعدد منا قال أجل نحن أحق بذلك منكم قال التاسعة والسابعة والخامسة قال إذا مضت واحدة وعشرون فالتى تليها ثنتان وعشرون فهى التاسعة وإذا مضى ثلث وعشرون فالتى تليها السابعة وإذا مضى خمس وعشرون فالتى تليها الخامسة وروى الطيالسي عن ابى سعيد مرفوعا ليلة القدر ليلة اربع وعشرين ومنها حديث عبد الله بن أنيس مرفوعا اريت ليلة القدر ثم أنسيتها
وأراني صبيحتها اسجد فى الماء والطين قال فمطرنا ليلة ثلث وعشرين فصلى بنا رسول الله - ﷺ - يعنى الفجر فانصرف واثر الماء والطين على جبهته وانفه رواه مسلم وابو داود عنه قال قلت يا رسول الله ان لى بادية أكون فيها فمر لى بليلة انزل فقال انزل ليلة ثلث وعشرين وفى رواية عنه انه سال رسول الله - ﷺ - عن ليلة القدر صبيحة احدى وعشرين فقال كم الليلة قلت ليلة اثنين وعشرين قال هى الليلة او القابلة ومنها حديث ابن عمر قال قال رسول الله - ﷺ - من كان متحريا فليتحرها ليلة سبع وعشرين رواه احمد وابن المنذر معناه وحديث جابر بن سمرة نحوه أخرجه الطبراني وحديث معاوية بن ابى سفيان عن النبي - ﷺ - فى ليلة القدر قال ليلة القدر سبع وعشرين رواه ابو داود بأحاديث ليلة سبع وعشرين أخذ احمد وهى رواية عن ابى حنيفة وبه جزم ابى بن كعب وحلف عليه فقيل لابى باى شىء تقول ذلك يا أبا المنذر
313
قال بالعلامة التي أخبرنا رسول الله - ﷺ - انها يعنى الشمس تطلع يومئذ لا شعاع لها رواه مسلم وروى هذا القول ابن ابى شيبة عن عمرو حذيفة وأناس من الصحابة ويستدل بهذه المقالة بما رواه مسلم عن ابى هريرة قال تذاكرنا ليلة القدر فقال رسول الله - ﷺ - أيكم يذكركم حين طلع القمر كانه شق جفنه قال ابو الحسن الفارسي اى ليلة سابع وعشرين فان القمر يطلع فيها بتلك الصفة قال المراد به كمال وقته وذا بالسابع والعشرين وهذا الاستدلال ضعيف لان الظاهر من الحديث انه كما ان الشمس من صبيحتها تطلع بلا شعاع كذلك القمر فى تلك الليلة يطلع بلا شعاع لا لاجل كمال وقته بل لمعنى اخر فهذه الأحاديث لا تدل الا على كون ليلة القدر تارة ليلة سابع وعشرين لا على انها لا تكون الا تلك الليلة ومنها حديث ابن عمر راى رجل ليلة القدر ليلة السابعة وعشرين فقال النبي - ﷺ - اراى روياكم فى العشر الأواخر فاطلبوها فى الوتر فيها رواه مسلم ومنها حديث ابن عمر مرفوعا فليتحرها ليلة السابعة رواه عبد الرزاق وروى احمد عن ابن عباس نحوه يعنى السابعة بعد العشرين او السابعة من الليالى الباقية ومنها حديث النعمان بن بشير مرفوعا سابعة تمضى او سابعة تبقى رواه احمد عن ابن عباس مرفوعا هى فى العشر الأواخر فى تسع يمضين او سبع يبقين وفى لفظ تسع يمضين رواه البخاري وفى لفظ للبخارى التمسوها فى العشر الأواخر فى تاسعة تبقى فى سابعة تبقى فى خامسة تبقى ومنها حديث عبادة بن الصامت قال خرج النبي - ﷺ - ليخبرنا بليلة القدر فتلاقى رجلان من المسلمين فقال خرجت لاخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت عسى ان يكون خيرا لكم فالتمسوها فى التاسعة والسابعة والخامسة اواه او سبع يبقين ومنها حديث ابى بكر فقال سمعت رسول الله - ﷺ - يقول التمسوها يعنى ليلة القدر فى تسع يبقين او خمس يبقين او ثلث اواخر ليلة رواه الترمذي وروى احمد من حديث عبادة بن الصامت نحوه منها حديث ابن عمران رجلا من اصحاب النبي - ﷺ - راى ليلة القدر فى المنام فى السبع الأواخر فقال عليه السلام ارى روياكم قد تواطئت فى السبع الأواخر فمن كان متحريا فليتحرها فى السبع الأواخر فقال النبي - ﷺ - التمسوها فى السبع الأواخر ومنها عن على مرفوعا ان غلبتم فلا تغلبوا فى
314
السبع البواقي رواه احمد وحديث ابن عمر مرفوعا التمسوها فى العشر الأواخر فان ضعف أحدكم او عجز فلا يغلبن على السبع البواقي رواه مسلم ويظهر من هذه الأحاديث كلها ان ليلة القدر تكون فى العشر الأواخر من رمضان فتارة تكون ليلة احدى وعشرين كما ثبت من حديث ابى سعيد نحوه وتارة تكون ليلة ثلث وعشرين كما ثبت بحديث عبد الله بن أنيس وتارة ليلة اربع وعشرين التي انزل فيها القران وتارة ليلة سبع وعشرين كما ظهر على ابى بن كعب بالعلامة وتارة ليلة تاسع تبقى يعنى الثانية والعشرين او خامسة تبقى وهى السادسة والعشرين او ثلث تبقين وهى الثامنة والعشرين او تسع تمضين وهى التاسعة والعشرين اواخر ليلة وهى الثلثين فلا تعارض فى الأحاديث على هذا التأويل والله تعالى اعلم وقيل معنى الاية انا أنزلنا القران فى فضل ليلة القدر وذلك قوله تعالى وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ ما
فى قوله ما أدريك استفهامية للانكار والغرض منه التعظيم والتعجب وكذا فى ما ليلة القدر وجملة ما ليلة القدر بتأويل المفرد مفعول ثان لادراك والمعنى اى شىء ادراك عظمة ليلة القدر وفضلها فان عظمتها وفضلها اكثر من ان يدرك والجملة معترضة ثم بين الله فضلها وعظمها بجملة مستأنفة فقال لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ط ليس فيها ليلة القدر يعنى ان من أحياها بالعبادة كان له اجرا كثيرا لمن عمر الف شهر بالعبادة وعن ابى هريرة قال قال رسول الله - ﷺ - من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه رواه البخاري وعند مسلم بلفظ من يقم ليلة القدر فيوافقها وعند احمد من حديث عبادة بن الصامت من قامها ثم وافقت له يعنى قامها بطن ليلة القدر فوافقها فى نفس الأمر غفر له.
تَنَزَّلُ حذف أحد التاءين من تتنزل الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ مر تحقيق الروح فيما سبق فِيها فى تلك الليلة من السماء الى الأرض عن انس قال قال رسول الله - ﷺ - إذا كان ليلة القدر ينزل جبرئيل فى كبكبة من الملائكة يصلون على كل عبد قائم او قاعد يذكروا الله عز وجل بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ج متعلق بتنزل وجملة تنزل خبر بعد خبر لليلة القدر بين فضله اخرى لها او واقع مواقع التعليل للخبرية مِنْ كُلِّ أَمْرٍ قدر فيها.
سَلامٌ اما خبر مبتداء محذوف اى هو سلام والجملة صفة الأمر والمعنى تنزل الملائكة والروح من أجل كل امر هو سلام والحمل على المبالغة نحو زيد عدل او بحذف المضاف اى امر هو موجب للسلامة عن كل مكروه والظاهر ان هذا الأمر هو الرحمة والبركة فى أجور الأعمال والسكينة النازلة على المؤمنين الذاكرين الله تعالى وعلى هذا قوله هِيَ مبتداء خبره حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ع والضمير هى راجع الى الليل لا مطلقا فانه حمل غير مفيد فان ثبوت الليل الى مطلع الفجر امر معلوم
315
بديهي بل مقيد بصفة الخيرية ونزول الملائكة او يقال هى مبتداء وسلام خبر مقدم عليه والجملة خبر بعد خبر ليلة القدر وتقديم الخبر على المبتدا لقصد الحصر اى ما هى الإسلام وخير كلها ليس فيها شر قال الضحاك لا يقدر الله فى تلك الليلة الشر ولا يقتضى الإسلام وقال مجاهد ليلة شاملة لا يستطيع الشيطان ان يعمل فيها سوء اولا ان يحدث فيها أذى وقيل ما هى الإسلام لكثرة ما يسلم الملائكة على المؤمنين وعلى هذا الظرف اعنى حتى مطلع الفجر اما متعلق بمفهوم سلام بمعنى تسليم يعنى ما تلك الليلة الا مقصورة على التسليم حتى مطلع الفجر او هو ظرف مستقر خبر مبتداء محذوف اى تلك حتى مطلع الفجر وهذه الجملة خبر اخر لليلة القدر او متعلق يتنزل وعلى هذين التقديرين سلام هى جملة معترضة قرأ الكسائي مطلع الفجر بكسر اللام والباقون بفتح اللام وهو اما مصدرا بمعنى الطلوع او ظرف زمان وقت طلوعه- (فائدة) قيل يرى فى ليلة القدر كل شىء ساجدا والأنوار فى كل مكان ساطعة ويسمع سلام وخطاب من الملائكة قلت وهذا امر قد يظهر بنظر الكشف على بعض الأكابر لا على كل منهم ولا يشترط لحصول الثواب ظهور شىء فيها ولو كان ظهور تلك الأشياء امرا كليا او أكثريا لم يتصور خفاءها وابهامها على الامة لا سيما على الصحابة والتابعين ومن يليهم وأكابر الأولياء ولكن يشترط لحصول ثواب ليلة القدر عبادة الله تعالى كما يدل عليه قوله عليه السلام من قام ليلة القدر ايمانا وقوله عليه السلام يصلون على كل عبد قائم او قاعد يذكر الله (مسئلة) من ادى صلوة العشاء والفجر فى تلك الليلة بالجماعة فقد أدرك ثواب تلك الليلة ومن زاد زاده الله عن عثمن رضى الله عنه قال قال رسول الله ﷺ من صلى العشاء فى جماعة فكانما قام نصف الليل ومن صلى الصبح فى جماعة فكانما صلى الليل كله رواه مسلم يعنى من صلى الصبح فى جماعة بعد ما صلى العشاء فكانما صلى الليل كله فكل صلوة قايم مقام نصف الليل فانهما فريضتى الليل واما المغرب فانها وتر النهار يستحب ان يكثر فى ليلة القدر اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عنى لحديث عايشة قالت قلت يا رسول الله ارايت ان علمت اى ليلة القدر ما أقول فيها قال قولى اللهم انك عفو إلخ رواه احمد وابن ماجة والترمذي- والله تعالى اعلم.
316
Icon