وهي إحدى عشرة أو اثنتا عشرة آية وفيها ركوعان
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء ﴾ أي أردتم تطليقهن خصه عليه السلام بالنداء، وعم الخطاب ؛ لأنه إمام أمته، فنداؤه نداؤهم، أو لأن الكلام معه والحكم يعمهم ﴿ فطلقوهن لعدتهن١ ﴾ أي : وقتها، وهو الطهر، أي : لطهرهن الذي يحصينه من عدتهن، وعن أكثر السلف أنه الطهر الذي لم يجامعها فيه، فطلاق السنة أن يطلقها طاهرا من غير جماع في ذلك الطهر، والبدعي أن يطلقها في الحيض أو في طهر قد جامعها فيه. نزلت٢ حين طلق عليه السلام حفصة فقيل له :" راجعها فإنها صوامة قوامة، وهي من أزواجك في الجنة "، وطلق ابن عمر امرأته حائضا فقال٣ عليه السلام :" ليراجعها " وقال :" إذا طهرت فليطلق أو يمسك " وقرأ الآية :﴿ وأحصوا العدة ﴾ اضبطوها ابتداءها وانتهاءها للعلم ببقاء زمن الرجعة ولغير ذلك ﴿ واتقوا الله ربكم ﴾ في ذلك ﴿ لا تخرجوهن من بيوتهن ﴾ البيوت التي سكن فيها حتى تنقضي عدتهن ﴿ ولا يخرجن ﴾ من بيوت كن فيها عند الفراق في مدة العدة فإن خرجت أثمت ﴿ إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ﴾ استثناء من الأول والفاحشة الزنا فإنها تخرج لإقامة الحد أو إلا أن تبذو٤ على أهل الزوج وآذتهم في الكلام والفعال لأنها كالنشوز في إسقاط٥ الحق ﴿ وتلك ﴾ الأحكام المذكورة ﴿ حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ﴾ فإنه عرضها للعقاب ﴿ لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك ﴾ أي الطلاق ﴿ أمرا ﴾ وهو أن يقلب قلبه من الرغبة عنها فيندم يعني أمرنا بعدم إخراجها مدة العدة لأنه ربما يندم، ومن ذلك ذهب كثير من السلف ومن تابعهم كالإمام أحمد إلى أنه لا يجب السكنى للبائنة وكذا المتوفاة عنها، وبعض٦ الأحاديث يدل على مذهبه صريحا٢ كذا ذكر السيوطي في الدر المنثور وعزاه إلى ابن أبي حاتم/١٢..
٣ كما رواه الشيخان عن ابن عمر / ١٢ كمالين..
٤ بذوت على القوم، وآبذيتهم، وأبذيت عليهم من البذاء، وهو الكلام القبيح (اللسان: بذا).
٥ الأول قول ابن مسعود وسعيد بن المسيب والشعبي والحسن والمجاهد وغيرهم من السلف والثاني قول أبي بن كعب وابن عباس وعكرمة/١٢ منه..
٦ في مسند الإمام أحمد والطبراني قال عليه والسلام في حديث طويل:" إنما النفقة والسكنى للمرأة على زوجها ما كانت له عليها رجعة وإذا لم تكن فلا نفقة ولا سكنى/١٢ منه [أحمد في"المسند" (٦/٤١٣) و إسناده حسن].
٢ أخرجه الحاكم وصححه وضعفه الذهبي وعن ابن عباس- رضي الله عنه قال: جاء عوف ابن مالك الأشجعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن ابني أسره العدو وجزعت أمه فما تأمرني قال:"آمرك وإياها أن تستكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله" فقالت المرأة: نعم ما أمرك فجعلا يكثران منها فتغفل عنه العدو فاستاق غنمهم فجاء به إلى أبيه فنزلت هذه الآية أخرجه ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه وفي الباب روايات تشهد لهذا /١٢ فتح. [أخرجه ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي الصالح عن ابن عباس... فذكره، كما في"الدر المنثور" (٦/٣٥٤)].
اللهم علمنا حقائق القرآن آمين.