تفسير سورة السجدة

تفسير الخازن
تفسير سورة سورة السجدة من كتاب لباب التأويل في معاني التنزيل المعروف بـتفسير الخازن .
لمؤلفه الخازن . المتوفي سنة 741 هـ
وهي مكية قال عطاء إلا ثلاث آيات من قوله أفمن كان مؤمنا وهي تسع وعشرون آية وقيل ثلاثون آية وثلاثمائة وثمانون كلمة وألف وخمسمائة وثمانية عشر حرفا.

سورة السجدة
وهي مكية قال عطاء إلا ثلاث آيات من قوله أفمن كان مؤمنا وهي تسع وعشرون آية وقيل ثلاثون آية وثلاثمائة وثمانون كلمة وألف وخمسمائة وثمانية عشر حرفا.

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[سورة السجده (٣٢): الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٤)
يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥)
قوله عز وجل الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ يعني لا شك في أنه مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ يعني بل يقولون يعني المشركين افْتَراهُ يعني اختلقه محمد صلّى الله عليه وسلّم من تلقاء نفسه بَلْ هُوَ الْحَقُّ يعني القرآن مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ يعني العرب كانوا أمة أمية لم يأتهم نذير قبل محمد صلّى الله عليه وسلّم. وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وذلك في الفترة التي كانت بين عيسى ومحمد صلّى الله عليه وسلّم. فإن قلت إذا لم يأتهم رسول لم تقم عليهم حجة. قلت: أما قيام الحجة بالشرائع التي لا يدرك علمها إلا من جهة الرسل فلا وأما قيام الحجة بمعرفة الله وتوحيده فنعم لأن معهم أدلة العقل الموصلة إلى ذلك في كل زمان لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ يعني تنذرهم راجيا اهتداءهم اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ تقدم تفسيره. قوله تعالى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يعني يحكم الأمر وينزل القضاء والقدر وقيل ينزل الوحي مع جبريل عليه السلام مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ يعني يصعد إِلَيْهِ جبريل بالأمر فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ يعني مسافة ما بين السماء والأرض خمسمائة سنة فيكون مقدار نزوله إلى الأرض ثم صعوده إلى السماء في مقدار ألف سنة لو ساره أحد من بني آدم وجبريل ينزل ويصعد في مقدار يوم من أيام الدنيا وأقل من ذلك وكذلك الملائكة كلهم أجمعون وقيل معنى الآية أنه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض مدة أيام الدنيا ثم يعرج إليه أي يرجع الأمر والتدبير إليه بعد فناء الدنيا وانقطاع أمر الآمر وحكم الحاكم في يوم كان مقداره ألف سنة وهو يوم القيامة. فإن قلت قد قال في موضع آخر: تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فكيف الجمع بينهما. قلت أراد بقوله خمسين ألف سنة مدة المسافة بين الأرض وسدرة المنتهى التي هي مقام جبريل عليه السلام يقول يسير جبريل والملائكة الذين معه من أهل مقامه مسيرة خمسين ألف سنة في يوم واحد من أيام الدنيا. وقيل كلها في القيامة فيكون على بعضهم مثل ألف سنة وعلى بعضهم خمسين ألف سنة وهذا في حال الكفار وأما على المؤمنين فدون ذلك كما جاء في
قوله عز وجل ﴿ تنزيل الكتاب لا ريب فيه ﴾ يعني لا شك في أنه من رب العالمين.
﴿ أم يقولون ﴾ يعني بل يقولون يعني المشركين ﴿ افتراه ﴾ يعني اختلقه محمد صلى الله عليه وسلم من تلقاء نفسه ﴿ بل هو الحق ﴾ يعني القرآن ﴿ من ربك لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك ﴾ يعني العرب كانوا أمة أمية لم يأتهم نذير قبل محمد صلى الله عليه وسلم. وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وذلك في الفترة التي كانت بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم. فإن قلت إذا لم يأتهم رسول لم تقم عليهم حجة. قلت : أما قيام الحجة بالشرائع التي لا يدرك علمها إلا من جهة الرسل فلا وأما قيام الحجة بمعرفة الله وتوحيده فنعم لأن معهم أدلة العقل الموصلة إلى ذلك في كل زمان ﴿ لعلهم يهتدون ﴾ يعني تنذرهم راجياً اهتداءهم.
قوله تعالى ﴿ يدبر الأمر ﴾ يعني يحكم الأمر وينزل القضاء والقدر وقيل ينزل الوحي مع جبريل عليه السلام ﴿ من السماء إلى الأرض ثم يعرج ﴾ يعني يصعد ﴿ إليه ﴾ جبريل بالأمر ﴿ في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ﴾ يعني مسافة ما بين السماء والأرض خمسمائة سنة فيكون مقدار نزوله إلى الأرض ثم صعوده إلى السماء في مقدار ألف سنة لو ساره أحد من بني آدم وجبريل ينزل ويصعد في مقدار يوم من أيام الدنيا وأقل من ذلك وكذلك الملائكة كلهم أجمعون وقيل معنى الآية أنه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض مدة أيام الدنيا ثم يعرج إليه أي يرجع الأمر والتدبير إليه بعد فناء الدنيا وانقطاع أمر الآمر وحكم الحاكم في يوم كان مقداره ألف سنة وهو يوم القيامة. فإن قلت قال في موضع آخر : تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فكيف الجمع بينهما. قلت أراد بقوله خمسين ألف سنة مدة المسافة بين الأرض وسدرة المنتهى التي هي مقام جبريل عليه السلام يقول يسير جبريل والملائكة الذين معه من أهل مقامه مسيرة خمسين ألف سنة في يوم واحد من أيام الدنيا. وقيل كلها في القيامة فيكون على بعضهم مثل ألف سنة وعلى بعضهم خمسين ألف سنة وهذا في حال الكفار وأما على المؤمنين فدون ذلك كما جاء في الحديث :« إنه يكون على المؤمن كقدر صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا » قال إبراهيم التيمي : لا يكون على المؤمنين إلا كما يكون ما بين الظهر والعصر وقيل يحتمل أن يكون هذا إخباراً عن شدته وهوله ومشقته وقال ابن أبي مليكة : دخلت أنا وعبد الله بن فيروز مولى عثمان على ابن عباس فسأله ابن فيروز عن هذه الآية وعن مقدار خمسين ألف سنة. فقال ابن عباس : رضي الله عنهما أيام سماها الله تعالى لا أدري ما هي وأكره أن أقول في كتاب الله ما لا أعلم.
الحديث: «إنه يكون على المؤمن كقدر صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا». قال إبراهيم التيمي: لا يكون على المؤمنين إلا كما يكون ما بين الظهر والعصر وقيل يحتمل أن يكون هذا إخبارا عن شدته وهوله ومشقته وقال ابن أبي مليكة: دخلت أنا وعبد الله بن فيروز مولى عثمان على ابن عباس فسأله ابن فيروز عن هذه الآية وعن مقدار خمسين ألف سنة. فقال ابن عباس: رضي الله عنهما أيام سماها الله تعالى لا أدري ما هي وأكره أن أقول في كتاب الله ما لا أعلم.
[سورة السجده (٣٢): الآيات ٦ الى ١٤]
ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٩) وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (١٠)
قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١١) وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (١٢) وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣) فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٤)
ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ يعني الذي صنع ما ذكر من خلق السموات والأرض هو عالم الغيب والشهادة أي ما غاب عن خلقه لا تخفى عليه خافية والشهادة بمعنى ما حضر وظهر الْعَزِيزُ أي الممتنع المنتقم من أعدائه الرَّحِيمُ بأوليائه وأهل طاعته. قوله تعالى الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ قال ابن عباس أتقنه وأحكمه وقيل علم كيف يخلق كل شيء وقيل خلق كل حيوان على صورة لم يخلق البعض على صورة البعض فكل حيوان كامل في صورته حسن في شكله وكل عضو من أعضائه مقدر على ما يصلح به معاشه وقيل معناه ألهم خلقه ما يحتاجون إليه وعلمهم إياه. وقيل معناه أحسن إلى كل خلقه وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ يعني آدم ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ يعني ذريته مِنْ سُلالَةٍ أي من نطفة تنسل من الإنسان مِنْ ماءٍ مَهِينٍ أي ضعيف ثُمَّ سَوَّاهُ أي سوى خلقه وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ أضاف إليه الروح إضافة تشريف كبيت الله وناقة الله ثم ذكر ما يترتب على نفخ الروح في الجسد فقال وَجَعَلَ لَكُمُ أي خلق بعد أن كنتم نطفا مواتا السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قيل قدم السمع لأن الإنسان يسمع أولا كلاما فينظر إلى قائله ليعرفه ثم يتفكر بقلبه في ذلك الكلام ليفهم معناه ووحد السمع لأن الإنسان يسمع الكلام من أي جهة كان قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ يعني أنكم لا تشكرون رب هذه النعمة فتوحدوه إلا قليلا. قوله تعالى وَقالُوا يعني منكري البعث أَإِذا ضَلَلْنا هلكنا فِي الْأَرْضِ والمعنى صرنا ترابا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ استفهام إنكاري قال الله تعالى: بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ أي بالبعث بعد الموت قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ أي يقبض أرواحكم حتى لا يبقى أحد ممن كتب عليه الموت مَلَكُ الْمَوْتِ وهو عزرائيل عليه السلام الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ أي أنه لا يغفل عنكم وإذا جاء أجل أحدكم لا يؤخر ساعة ولا شغل له إلا ذلك. روي أن ملك الموت جعلت له الدنيا مثل راحة اليد يأخذ منها صاحبها ما أحب من غير مشقة، فهو يقبض أرواح الخلائق من مشارق الأرض ومغاربها وله أعوان من الملائكة ملائكة الرحمة وملائكة العذاب.
وقال ابن عباس إن خطوة ملك الموت ما بين المشرق والمغرب، وقال مجاهد: جعلت له الأرض مثل الطست يتناول منها حيث يشاء، وقيل إن ملك الموت على معراج بين السماء والأرض فتنزع أعوانه روح الإنسان، فإذا بلغ ثغرة نحره قبضه ملك الموت. عن معاذ بن جبل قال: إن لملك الموت حربة تبلغ ما بين المشرق والمغرب،
قوله تعالى ﴿ الذي أحسن كل شيء خلقه ﴾ قال ابن عباس أتقنه وأحكمه وقيل علم كيف يخلق كل شيء وقيل خلق كل حيوان على صورة لم يخلق البعض على صورة البعض فكل حيوان كامل في صورته حسن في شكله وكل عضو من أعضائه مقدر على ما يصلح به معاشه وقيل معناه ألهم خلقه ما يحتاجون إليه وعلمهم إياه. وقيل معناه أحسن إلى كل خلقه ﴿ وبدأ خلق الإنسان من طين ﴾ يعني آدم.
﴿ ثم جعله نسله ﴾ يعني ذريته ﴿ من سلالة ﴾ أي من نطفة تنسل من الإنسان ﴿ من ماء مهين ﴾ أي ضعيف.
﴿ ثم سواه ﴾ أي سوى خلقه ﴿ ونفخ فيه من روحه ﴾ أضاف إليه الروح إضافة تشريف كبيت الله وناقة الله ثم ذكر ما يترتب على نفخ الروح في الجسد فقال ﴿ وجعل لكم ﴾ أي خلق بعد أن كنتم نطفاً مواتاً ﴿ السمع والأبصار والأفئدة ﴾ قيل قدم السمع لأن الإنسان يسمع أولاً كلاماً فينظر إلى قائله ليعرفه ثم يتفكر بقلبه في ذلك الكلام ليفهم معناه ووحد السمع لأن الإنسان يسمع الكلام من أي جهة كان ﴿ قليلاً ما تشكرون ﴾ يعني أنكم لا تشكرون رب هذه النعمة فتوحدوه إلا قليلا.
قوله تعالى ﴿ وقالوا ﴾ يعني منكري البعث ﴿ أئذا ضللنا ﴾ هلكنا ﴿ في الأرض ﴾ والمعنى صرنا تراباً ﴿ أئنا لفي خلق جديد ﴾ استفهام إنكاري قال الله تعالى :﴿ بل هم بلقاء ربهم كافرون ﴾ بالبعث بعد الموت.
﴿ قل يتوفاكم ﴾ أي يقبض أرواحكم حتى لا يبقى أحد ممن كتب عليه الموت ﴿ ملك الموت ﴾ وهو عزرائيل عليه السلام ﴿ الذي وكل بكم ﴾ أي أنه لا يغفل عنكم وإذا جاء أجل أحدكم لا يؤخر ساعة ولا شغل له إلا ذلك. روي أن ملك الموت جعلت له الدنيا مثل راحة اليد يأخذ منها صاحبها ما أحب من غير مشقة، فهو يقبض أرواح الخلائق من مشارق الأرض ومغاربها وله أعوان من الملائكة ملائكة الرحمة وملائكة العذاب. وقال ابن عباس إن خطوة ملك الموت ما بين المشرق والمغرب، وقال مجاهد : جعلت له الأرض مثل الطست يتناول منها حيث يشاء، وقيل إن ملك الموت على معراج بين السماء والأرض فتنزع أعوانه روح الإنسان، فإذا بلغ ثغره نحره قبضه ملك الموت. عن معاذ بن جبل قال : إن لملك الموت حربة تبلغ ما بين المشرق والمغرب، وهو يتصفح وجوه الناس فما من أهل بيت إلا وملك الموت يتصفحهم في كل يوم مرتين، فإذا رأى إنساناً قد انقضى أجله ضرب رأسه بتلك الحربة وقال له الآن تنزل بك سكرات الموت. وقوله ﴿ ثم إلى ربكم ترجعون ﴾ أي تصيرون إلى ربكم أحياء فيجزيكم بأعمالكم.
قوله عز وجل ﴿ ولو ترى إذ المجرمون ﴾ أي المشركون ﴿ ناكسو رؤوسهم عند ربهم ﴾ أي يطأطئونها حياء من ربهم وندماً على ما فعلوا عند ربهم يقولون ﴿ ربنا أبصرنا ﴾ أي ما كنا به مكذبين ﴿ وسمعنا ﴾ يعني منك تصديق ما أتتنا به رسلك وقيل أبصرنا معاصينا وسمعنا ما قيل فيها ﴿ فارجعنا ﴾ أي فارددنا إلى الدنيا ﴿ نعمل صالحاً إنا موقنون ﴾ أي في الحال آمنا ولكن لا ينفع ذلك الإيمان.
﴿ ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ﴾ أي رشدها وتوفيقها للإيمان ﴿ ولكن حق القول مني ﴾ أي وجب القول مني ﴿ لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ﴾ أي من كفار الجن والإنس.
﴿ فذوقوا ﴾ يعني فإذا دخلوا النار قالت لهم الخزنة ذوقوا ﴿ بما نسيتم لقاء يومكم ﴾ أي تركتم الإيمان في الدنيا ﴿ هذا إنا نسيناكم ﴾ يعني تركناكم بالكلية غير ملتفت إليكم كما يفعل بالناس قطعاً لرجائكم ﴿ وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون ﴾ أي من الكفر والتكذيب.
وهو يتصفح وجوه الناس فما من أهل بيت إلا وملك الموت يتصفحهم في كل يوم مرتين، فإذا رأى إنسانا قد انقضى أجله ضرب رأسه بتلك الحربة وقال له الآن تنزل بك سكرات الموت. وقوله ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ أي تصيرون إلى ربكم أحياء فيجزيكم بأعمالكم. قوله عز وجل وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ أي المشركون ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ أي يطأطئونها حياء من ربهم وندما على ما فعلوا عند ربهم يقولون رَبَّنا أَبْصَرْنا أي ما كنا به مكذبين وَسَمِعْنا يعني منك تصديق ما أتتنا به رسلك وقيل أبصرنا معاصينا وسمعنا ما قيل فيها فَارْجِعْنا أي فارددنا إلى الدنيا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ أي في الحال آمنا ولكن لا ينفع ذلك الإيمان وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها أي رشدها وتوفيقها للإيمان وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي أي وجب القول مني لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ أي من كفار الجن والإنس فَذُوقُوا يعني فإذا دخلوا النار قالت لهم الخزنة ذوقوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ أي تركتم الإيمان في الدنيا هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ يعني تركناكم بالكلية غير ملتفت إليكم كما يفعل بالناس قطعا لرجائكم وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي من الكفر والتكذيب. قوله تعالى:
[سورة السجده (٣٢): الآيات ١٥ الى ١٦]
إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦)
إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها أي وعظوا بها خَرُّوا سُجَّداً يعني سقطوا على وجوههم ساجدين وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ يعني صلوا بأمر ربهم وقيل قالوا سبحان الله وبحمده وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ يعني عن الإيمان به والسجود له (ق) عن ابن عمر قال «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقرأ السورة التي فيها السجدة فيسجد ويسجدون حتى ما يجد أحدنا مكانا لوضع جبهته في غير وقت الصلاة». (م) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول يا ويلنا أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار». وهذه من عزائم سجود القرآن فتسن للقارئ وللمستمع. قوله تعالى تَتَجافى جُنُوبُهُمْ يعني ترتفع وتنبو عَنِ الْمَضاجِعِ جمع مضجع وهو الموضع الذي يضطجع عليه يعني الفرش، وهم المتهجدون بالليل الذي يقيمون الصلاة، وقال أنس نزلت فينا معاشر الأنصار كنا نصلي المغرب فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي العشاء مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. عن أنس في قوله تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة أخرجه الترمذي وقال الحديث حسن غريب صحيح. وفي رواية أبي داود عنه قال كانوا يتنفلون ما بين المغرب والعشاء أي يصلون، وهو قول أبي حازم ومحمد بن المنكدر وقيل هي صلاة الأوابين.
روي عن ابن عباس قال: إن الملائكة لتحف بالذين يصلون بين المغرب والعشاء وهي صلاة الأوابين وقال عطاء:
هم الذين لا ينامون حتى يصلوا العشاء الأخيرة والفجر في جماعة بدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم «من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله» أخرجه مسلم من حديث عثمان بن عفان. (ق) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال «لو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا». وأشهر الأقاويل أن المراد منه صلاة الليل وهو قول الحسن ومجاهد ومالك والأوزاعي وجماعة.

فصل: في فضل قيام الليل والحث عليه


عن معاذ بن جبل قال كنت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه وهو يسير، فقلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار. قال: «سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت، ثم قال ألا أدلك على أبواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم قرأ تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ
قوله تعالى ﴿ تتجافى جنوبهم ﴾ يعني ترتفع وتنبو ﴿ عن المضاجع ﴾ جمع مضجع وهو الموضع الذي يضطجع عليه يعني الفرش، وهم المتهجدون بالليل الذي يقيمون الصلاة، وقال أنس نزلت فينا معاشر الأنصار كنا نصلي المغرب فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي العشاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. عن أنس في قوله ﴿ تتجافى جنوبهم عن المضاجع ﴾ نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة أخرجه الترمذي وقال الحديث حسن غريب صحيح. وفي رواية أبي داود عنه قال كانوا يتنفلون ما بين المغرب والعشاء أي يصلون، وهو قول أبي حازم ومحمد بن المنكدر وقيل هي صلاة الأوابين. روي عن ابن عباس قال : إن الملائكة لتحف بالذين يصلون بين المغرب والعشاء وهي صلاة الأوابين وقال عطاء : هم الذين لا ينامون حتى يصلوا العشاء الأخيرة والفجر في جماعة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم « من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله » أخرجه مسلم من حديث عثمان بن عفان. ( ق ) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « لو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا ». وأشهر الأقاويل أن المراد منه صلاة الليل وهو قول الحسن ومجاهد ومالك والأوزاعي وجماعة.

فصل : في فضل قيام الليل والحث عليه


عن معاذ بن جبل قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوماً قريباً منه وهو يسير، فقلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار. قال « سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت، ثم قال ألا أدلك على أبواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم قرأ ﴿ تتجافى جنوبهم عن المضاجع ﴾ حتى بلغ ﴿ جزاء بما كانوا يعملون ﴾، ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ قلت بلى يا رسول الله. قال رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد، ثم قال ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؛ قلت بلى يا رسول الله قال فأخذ بلسانه وقال اكفف عليك هذا. فقلت يا رسول الله وإنما لمؤاخذون بما نتكلم فقال : ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجهوهم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم » أخرجه الترمذي عن أبي أمامة الباهلي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى ربكم وتكفير السيئات ومنهاة عن الآثام ومطردة الداء عن الجسد » أخرجه الترمذي. عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « عجب ربنا من رجلين رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين جنبيه وأهله إلى صلاته فيقول الله عز وجل لملائكته انظروا إلى عبدي ثار عن فراشه ووطائه من بين جنبيه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي، ورجل غزا في سبيل الله وانهزم مع أصحابه فعلم ما عليه في الانهزام وما له في الرجوع فرجع حتى أهريق دمه. فيقول الله تعالى لملائكته انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي حتى أهريق دمه » أخرجه الترمذي بمعناه ( م ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ». ( ق ) عن عائشة قالت « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم الليل حتى تورمت قدماه فقلت لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال أفلا أكون عبداً شكوراً ». عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن في الجنة غرفاً يرى باطنها من ظاهرها وظاهرها من باطنها أعدها الله لمن ألان الكلام وأطعم الطعام وتابع الصيام وصلى بالليل والناس نيام ». أخرجه الترمذي. ( خ ) عن الهيثم بن أبي سنان أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه في قصة يذكر النبي صلى الله عليه وسلم يقول « إن أخاً لكم لا يقول الرفث » يعني بذلك ابن رواحة قال :
وفينا رسول الله يتلو كتابه إذا انشق معروف من الفجر ساطع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا*** به موقنات ما إذا قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه*** إذا استثقلت بالكافرين المضاجع
أخرجه البخاري وليس للهيثم بن سنان. عن أبي هريرة في الصحيحين غير هذا الحديث. وقوله تعالى ﴿ يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ﴾ قال ابن عباس خوفاً من النار وطمعاً في الجنة ﴿ ومما رزقناهم ينفقون ﴾ قيل أراد به الصدقة المفروضة وقيل بل هو عام في الواجب والتطوع.
الْمَضاجِعِ
حتى بلغ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ، ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قلت بلى يا رسول الله. قال رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامة الجهاد، ثم قال ألا أخبرك بملاك ذلك كله قلت بلى يا رسول الله قال فأخذ بلسانه وقال اكفف عليك هذا. فقلت يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم» أخرجه الترمذي عن أبي أمامة الباهلي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال «عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى ربكم وتكفير السيئات ومنهاة عن الآثام ومطردة الداء عن الجسد» أخرجه الترمذي. عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «عجب ربنا من رجلين رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين جنبيه وأهله إلى صلاته فيقول الله عز وجل لملائكته انظروا إلى عبدي ثار عن فراشه ووطائه من بين جنبيه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي، ورجل غزا في سبيل الله وانهزم مع أصحابه فعلم ما عليه في الانهزام وما له في الرجوع فرجع حتى أهريق دمه. فيقول الله تعالى لملائكته انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي حتى أهريق دمه أخرجه الترمذي بمعناه (م) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل». (ق) عن عائشة قالت «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقوم الليل حتى تورمت قدماه فقلت لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال أفلا أكون عبدا شكورا». عن علي قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «إن في الجنة غرفا يرى باطنها من ظاهرها وظاهرها من باطنها أعدها الله لمن ألان الكلام وأطعم الطعام وتابع الصيام وصلى بالليل والناس نيام». أخرجه الترمذي. (خ) عن الهيثم بن أبي سنان أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه في قصة يذكر النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول «إن أخا لكم لا يقول الرفث يعني بذلك ابن رواحة قال:
وفينا رسول الله يتلو كتابه إذا انشق معروف من الفجر ساطع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا به موقنات ما إذا قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه إذا استثقلت بالكافرين المضاجع»
أخرجه البخاري وليس للهيثم بن سنان. عن أبي هريرة في الصحيحين غير هذا الحديث. وقوله تعالى يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً قال ابن عباس خوفا من النار وطمعا في الجنة وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ قيل أراد به الصدقة المفروضة وقيل بل هو عام في الواجب والتطوع. قوله عز وجل:
[سورة السجده (٣٢): الآيات ١٧ الى ٢٦]
فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧) أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٩) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠) وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١)
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (٢٢) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٢٣) وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ (٢٤) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٢٥) أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ (٢٦)
405
فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ أي مما تقربه أعينهم فلا يلتفتون إلى غيره قال ابن عباس هذا مما لا تفسير له وقيل أخفوا أعمالهم فأخفى الله ثوابهم جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ أي من الطاعات في دار الدنيا (ق) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال «يقول الله تبارك وتعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر واقرءوا إن شئتم: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين». قوله تعالى أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ نزلت في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط، كان بينهما تنازع وكلام في شيء، فقال الوليد لعلي اسكت فإنك صبي وأنا شيخ وإني أبسط منك لسانا، وأحد منك سنانا وأشجع منك جنانا وأملأ منك حشوا في الكتيبة، فقال له علي اسكت فإنك فاسق، فأنزل الله هذه الآية وقوله لا يستوون أراد جنس المؤمنين وجنس الفاسقين ولم يرد مؤمنا واحدا ولا فاسقا واحدا أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى أي التي يأوي إليها المؤمنون نُزُلًا هو ما يهيأ للضيف عند نزوله بِما كانُوا يَعْمَلُونَ يعني من الطاعات في دار الدنيا وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ.
قوله تعالى وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ أي سوى العذاب الأكبر، قال ابن عباس العذاب الأدنى مصائب الدنيا وأسقامها، وعنه أنه الحدود وقيل هو الجوع بمكة حتى أكلوا الجيف والعظام والكلاب سبع سنين، وقال ابن مسعود هو القتل بالسيف يوم بدر والأكبر هو عذاب جهنم لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ أي إلى الإيمان يعني من بقي منهم بعد القحط وبعد بدر وَمَنْ أَظْلَمُ أي لا أحد أظلم مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ أي بدلائل وحدانيته وإنعامه عليه ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها أي ترك الإيمان بها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ يعني المشركين مُنْتَقِمُونَ معناه أنهم لما لم يرجعوا بالعذاب الأدنى فانا منهم منتقمون بالعذاب الأكبر. قوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ أي التوراة فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ أي في شك مِنْ لِقائِهِ أي من لقاء موسى ليلة المعراج، قاله ابن عباس (ق) عن ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال «رأيت ليلة أسري بي موسى رجلا آدم طوالا جعدا كأنه من رجال شنوءة ورأيت عيسى رجلا موبوعا مربوع الخلق إلى الحمرة وإلى البياض سبط الشعر، ورأيت مالكا خازن النار، والدجال في آيات أراهن الله إياه فلا تكن في مرية من لقائه (م) عن أنس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال «أتيت على موسى ليلة المعراج ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره». فإن قلت قد صح في حديث المعراج أنه رآه في السماء السادسة عند مراجعته في الصلوات فكيف الجمع بين هذين الحديثين. قلت يحتمل أن تكون رؤيته في قبره عند الكثيب الأحمر، كان قبل صعوده إلى السماء وذلك في طريقه إلى بيت المقدس، ثم لما صعد إلى السماء السادسة وجده هناك قد سبقه لما يريد الله عز وجل وهو على كل شيء قدير. فإن قلت كيف تصح منه الصلاة في قبره وهو ميت وقد سقط عنه التكليف وهو في دار الآخرة وليست دار عمل، وكذلك رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم جماعة من الأنبياء وهم يحجون فما الجواب عن هذا؟ قلت يجاب عنه بأجوبة أحدها: أن الأنبياء كالشهداء بل هم أفضل منهم والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، فلا يبعد أن يحجوا أو يصلوا كما صح في الحديث وأن يتقربوا إلى الله بما استطاعوا وإن كانوا قد ماتوا لأنهم بمنزلة الأحياء في هذه الدار التي هي دار العمل، إلى أن تفنى ثم يرحلون إلى دار الجزاء التي هي الجنة. الجواب الثاني: أنه صلّى الله عليه وسلّم رأى حالهم الذي كانوا عليه في حياتهم ومثلوا له كيف كانوا وكيف كان حجهم وصلاتهم. الجواب الثالث: أن التكليف وإن ارتفع عنهم في الآخرة لكن الذكر والشكر والدعاء لا يرتفع، قال الله تعالى دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وقال صلّى الله عليه وسلّم «يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس» فالعبد يعبد ربه في الجنة أكثر مما كان يعبده في الدنيا وكيف لا يكون ذلك وقد صار حاله مثل حال الملائكة الذين قال الله في حقهم يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ، غاية ما في الباب أن العبادة ليست عليهم بتكليف بل هي على مقتضى الطبع والله أعلم، وقيل في قوله فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ
406
قوله تعالى ﴿ أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون ﴾ نزلت في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط، كان بينهما تنازع وكلام في شيء، فقال الوليد لعلي أسكت فإنك صبي وأنا شيخ وإني أبسط منك لساناً، وأحد منك سناناً وأشجع منك جناناً وأملأ منك حشواً في الكتيبة، فقال له علي اسكت فإنك فاسق، فأنزل الله هذه الآية وقوله لا يستوون أراد جنس المؤمنين وجنس الفاسقين ولم يرد مؤمناً واحداً ولا فاسقاً واحداً.
﴿ أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى ﴾ أي التي يأوي إليها المؤمنون ﴿ نزلاً ﴾ هو ما يهيأ للضيف عند نزوله ﴿ بما كانوا يعملون ﴾ يعني من الطاعات في دار الدنيا.
قوله تعالى :﴿ ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر ﴾ أي سوى العذاب الأكبر، قال ابن عباس العذاب الأدنى مصائب الدنيا وأسقامها، وعنه أنه الحدود وقيل هو الجوع بمكة حتى أكلوا الجيف والعظام والكلاب سبع سنين، وقال ابن مسعود هو القتل بالسيف يوم بدر والأكبر هو عذاب جهنم ﴿ لعلهم يرجعون ﴾ أي إلى الإيمان يعني من بقي منهم بعد القحط وبعد بدر.
﴿ ومن أظلم ﴾ أي لا أحد أظلم ﴿ ممن ذكر بآيات ربه ﴾ أي بدلائل وحدانيته وإنعامه عليه ﴿ ثم أعرض عنها ﴾ أي ترك الإيمان بها ﴿ إنا من المجرمين ﴾ يعني المشركين ﴿ منتقمون ﴾ معناه أنهم لما لم يرجعوا بالعذاب الأدنى فإنا منهم منتقمون بالعذاب الأكبر.
قوله تعالى ﴿ ولقد آتينا موسى الكتاب ﴾ أي التوراة ﴿ فلا تكن في مرية ﴾ أي في شك ﴿ من لقائه ﴾ أي من لقاء موسى ليلة المعراج، قاله ابن عباس ( ق ) عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « رأيت ليلة أسري بي موسى رجلاً آدم طوالاً جعداً كأنه من رجال شنوءة ورأيت عيسى رجلاً مربوعاً مربوع الخلق إلى الحمرة وإلى البياض سبط الشعر، ورأيت مالكاً خازن النار، والدجال في آيات أراهن الله إياه فلا تكن في مرية من لقائه » ( م ) عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «أتيت على موسى ليلة المعراج ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره ». فإن قلت قد صح في حديث المعراج أنه رآه في السماء السادسة عند مراجعته في الصلوات فكيف الجمع بين هذين الحديثين. قلت يحتمل أن تكون رؤيته في قبره عند الكثيب الأحمر، كان قبل صعوده إلى السماء وذلك في طريقه إلى بيت المقدس، ثم لما صعد إلى السماء السادسة وجده هناك قد سبقه لما يريد الله عز وجل وهو على كل شيء قدير. فإن قلت كيف تصح منه الصلاة في قبره وهو ميت وقد سقط عنه التكليف وهو في دار الآخرة وليست دار عمل. وكذلك رأى النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الأنبياء وهم يحجون فما الجواب عن هذا ؟ قلت يجاب عنه بأجوبة أحدها : أن الأنبياء كالشهداء بل هم أفضل منهم والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، فلا يبعد أن يحجوا أو يصلوا كما صح في الحديث وأن يتقربوا إلى الله بما استطاعوا وإن كانوا قد ماتوا لأنهم بمنزلة الأحياء في هذه الدار التي هي دار العمل، إلى أن تفنى ثم يرحلون إلى دار الجزاء التي هي الجنة. الجواب الثاني : أنه صلى الله عليه وسلم رأى حالهم الذي كانوا عليه في حياتهم ومثلوا له كيف كانوا وكيف كان حجهم وصلاتهم. الجواب الثالث : أن التكليف وإن ارتفع عنهم في الآخرة لكن الذكر والشكر والدعاء لا يرتفع، قال الله تعالى ﴿ دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام ﴾ وقال صلى الله عليه وسلم « يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس » فالعبد يعبد ربه في الجنة أكثر مما كان يعبده في الدنيا وكيف لا يكون ذلك وقد صار حاله مثل حال الملائكة والذين قال الله في حقهم ﴿ يسبحون الليل والنهار لا يفترون ﴾ غاية ما في الباب أن العبادة ليست عليهم بتكليف بل هي على مقتضى الطبع والله أعلم، وقيل في قوله ﴿ فلا تكن في مرية من لقائه ﴾ أي تلقى موسى كتاب الله بالرضا والقبول ﴿ وجعلناه ﴾ أي الكتاب ﴿ هدى لبني إسرائيل ﴾.
﴿ وجعلنا منهم ﴾ أي من بني إسرائيل ﴿ أئمة ﴾ أي قادة للخير يقتدى بهم وهم الأنبياء الذين كانوا في بني إسرائيل وقيل هم أتباع الأنبياء ﴿ يهدون بأمرنا ﴾ يعني يدعون الناس إلى طاعتنا ﴿ لما صبروا ﴾ يعني على دينهم وعلى البلاء من عدوهم بمصر ﴿ وكانوا بآياتنا يوقنون ﴾ يعني أنها من الله تعالى.
﴿ إن ربك هو يفصل ﴾ أي يقضي ويحكم ﴿ بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ﴾ قيل هم الأنبياء وأممهم وقيل هم المؤمنون والمشركون.
قوله تعالى ﴿ أو لم يهد لهم ﴾ أي نبين لهم ﴿ كم أهلكنا ﴾ يعني كثرة من أهلكنا ﴿ من قبلهم من القرون ﴾ يعني الأمم الخالية ﴿ يمشون في مساكنهم ﴾ يعني أهل مكة يسيرون في بلادهم ومنازلهم إذا سافروا ﴿ إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون ﴾ يعني آيات الله ومواعظه فيتعظون بها.
مِنْ لِقائِهِ
أي من تلقى موسى كتاب الله بالرضا والقبول وَجَعَلْناهُ أي الكتاب هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أي من بني إسرائيل أَئِمَّةً أي قادة للخير يقتدى بهم وهم الأنبياء الذين كانوا في بني إسرائيل وقيل هم أتباع الأنبياء يَهْدُونَ بِأَمْرِنا يعني يدعون الناس إلى طاعتنا لَمَّا صَبَرُوا يعني على دينهم وعلى البلاء من عدوهم بمصر وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ يعني أنها من الله تعالى إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ أي يقضي ويحكم بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ قيل هم الأنبياء وأممهم وقيل هم المؤمنون والمشركون قوله تعالى أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ أي نبين لهم كَمْ أَهْلَكْنا يعني كثرة من أهلكنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يعني الأمم الخالية يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ يعني أهل مكة يسيرون في بلادهم ومنازلهم إذا سافروا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ يعني آيات الله ومواعظه فيتعظون بها. قوله عز وجل:
[سورة السجده (٣٢): الآيات ٢٧ الى ٣٠]
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ (٢٧) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٨) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٢٩) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (٣٠)
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ أي الأرض اليابسة الغليظة التي لا نبات فيها قال ابن عباس هي أرض باليمن وقيل هي أبين فَنُخْرِجُ بِهِ أي بذلك الماء زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ يعني العشب والتبن وَأَنْفُسُهُمْ أي من الحبوب والأقوات أَفَلا يُبْصِرُونَ يعني فيعتبروا. قوله تعالى وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قيل أراد بيوم الفتح يوم القيامة الذي فيه الحكم والقضاء بين العباد، وذلك أن أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم قالوا للكفار إن لنا يوما ننعم فيه ونستريح ويحكم فيه بيننا وبينكم. فقال الكفار استهزاء متى هذا الفتح أي القضاء والحكم، وقيل هو فتح مكة وقيل يوم بدر، وذلك أن أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم كانوا يقولون للكفار إن الله ناصرنا ومظهرنا عليكم فيقولون متى هذا الفتح قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ يعني يوم القيامة لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ يعني لا يقبل منهم الإيمان ومن حمل يوم الفتح على فتح مكة أو القتل يوم بدر، قال معناهم لا ينفع الذين كفروا إيمانهم إذا جاءهم العذاب وقتلوا وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ يعني يمهلون ليتوبوا ويعتذروا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ قال ابن عباس نسختها آية السيف وَانْتَظِرْ يعني موعدي لك بالنصر عليهم إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ أي بك حوادث الزمان وقيل معناه انتظر عذابنا إياهم فهم منتظرون ذلك. (ق) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقرأ في الفجر يوم الجمعة الم تنزيل الكتاب وهل أتى على الإنسان». عن جابر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم «كان لا ينام حتى يقرأ الم تنزيل الكتاب وتبارك الذي بيده الملك» أخرجه الترمذي. وقال طاوس تفضلان عن كل سورة في القرآن بسبعين حسنة أخرجه الترمذي. والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده وأسرار كتابه.
قوله تعالى ﴿ ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين ﴾ قيل أراد بيوم الفتح يوم القيامة الذي فيه الحكم والقضاء بين العباد، وذلك أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للكفار إن لنا يوماً ننعم فيه ونستريح ويحكم فيه بيننا وبينكم. فقال الكفار استهزاء متى هذا الفتح أي القضاء والحكم، وقيل هو فتح مكة وقيل يوم بدر، وذلك أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون للكفار إن الله ناصرنا ومظهرنا عليكم فيقولون متى هذا الفتح.
﴿ قل يوم الفتح ﴾ يعني يوم القيامة ﴿ لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ﴾ يعني لا يقبل منهم الإيمان ومن حمل يوم الفتح على فتح مكة أو القتل يوم بدر، قال معناهم لا ينفع الذين كفروا إيمانهم إذا جاءهم العذاب وقتلوا ﴿ ولا هم ينظرون ﴾ يعني يمهلون ليتوبوا ويعتذروا.
﴿ فأعرض عنهم ﴾ قال ابن عباس نسختها آية السيف ﴿ وانتظر ﴾ يعني موعدي لك بالنصر عليهم ﴿ إنهم منتظرون ﴾ أي بك حوادث الزمان وقيل معناه انتظر عذابنا إياهم فهم منتظرون ذلك. ( ق ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر يوم الجمعة الم تنزيل الكتاب وهل أتى على الإنسان ». عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم « كان لا ينام حتى يقرأ الم تنزيل الكتاب وتبارك الذي بيده الملك ». أخرجه الترمذي. وقال طاوس تفضلان عن كل سورة في القرآن بسبعين حسنة أخرجه الترمذي. والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده وأسرار كتابه.
Icon