تفسير سورة الإنسان

روح البيان
تفسير سورة سورة الإنسان من كتاب روح البيان المعروف بـروح البيان .
لمؤلفه إسماعيل حقي . المتوفي سنة 1127 هـ

جعلها مضغة مخلقة بعد أربعين اخرى اى قطعة لحم قابل لتفريق الأعضاء وتمييز بعضها من بعض وجعل المضغة عظاما تتميز بها الأعضاء بأن صلبها فكسا العظام لحما يحسن به خلقه وتصويره ويستعد لافاضة القوى ونفخ الروح فَسَوَّى فعدله وكمن نشأته (قال الكاشفى) پس راست كرد صورت وأندام او را وروح در دميد. وفى المفردات جعل خلقه على ما اقتضته الحكمة الالهية اى جعله معادلا لما تقتضيه الحكمة وقال بعضهم معنى النسوية والتعديل جعل كل عضو من أعضائه الزوج معادلا لزوجه فَجَعَلَ مِنْهُ اى من الإنسان باعتبار الجنس او من المنى وجعل بمعنى خلق ولذا اكتفى بمفعول واحد وهو قوله الزَّوْجَيْنِ اى الصنفين الذَّكَرَ وَالْأُنْثى بدل من الزوجين ويجوز أن يكونا منصوبين بإضمار أعنى ولا يخفى ان الفاء تفيد التعقيب فلا بد من مغايرة بين المتعاقبين فلعل قوله فخلق فسوى محمول على مقدار مقدر من الخلق يصلح به للتفرقة بين الزوجين وقوله فجعل منه الزوجين على التفرقة الواقعة أَلَيْسَ ذلِكَ العظيم الشان الذي انشأ هذا الإنشاء البديع بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى وهو أهون من البدء فى قياس العقل لوجود المادة وهو عجب الذنب والعناصر الاصلية (روى) ان النبي عليه السلام كان إذا قرأها قال سبحانك اللهم بلى تنزيها له تعالى عن عدم القدرة على الاحياء واثباتا لوقوعها عليه وفى رواية بلى والله بلى والله وقال ابن عباس رضى الله عنهما من قرأ سبح اسم ربك الأعلى اماما كان او غيره فليقل سبحان ربى الأعلى ومن قرأ لا اقسم بيوم القيامة فاذا انتهى الى آخرها فليقل سبحانك اللهم بلى اماما كان او غيره وفى الحديث (من قرأ منكم والتين والزيتون فانتهى الى آخرها أليس الله بأحكم الحاكمين فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين ومن قرأ لا اقسم بيوم القيامة فانتهى الى أليس ذلك بقادر على ان يحيى الموتى فليقل سبحانك بلى ومن قرأ والمرسلات عرفا فبلغ فبأى حديث بعد، يؤمنون فليقل آمنا بالله) وفى الآية اشارة الى ان الله يحيى موتى اهل الدنيا بالاعراض عنها والإقبال على الآخرة والمولى وايضا يحيى موتى النفوس بسطوع أنوار القلوب عليها وايضا يحيى موتى القلوب تحت ظلمة النفوس الكافرة الظالمة بنور الروح والسر والخفي ومن أسند العجز الى الله فقد كفر بالله نسأل الله تعالى العصمة وحسن الخاتمة تمت سورة القيامة بعون من له الرحمة العامة فى الحادي والعشرين من ذى الحجة من سنة ست عشرة ومائة وألف
تفسير سورة الإنسان
احدى وثلاثون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم
هَلْ أَتى استفهام تقرير ونقريب فان هل بمعنى قد والأصل أهل أتى اى قد أتى وبالفارسية آيا آمد يعنى بدرستى كه آمد. تركوا الالف قبل هل لانها لا تقع الا فى الاستفهام وانما لزوم اداة الاستفهام ملفوظة او مقدرة إذا كان بمعنى قد ليستفاد التقرير من همزة الاستفهام والتقريب من قد فانها موضوعة لتقريب الماضي الى الحال والدليل على ان الاستفهام غير مراد
منه تسلسل وتردد فتردد لفظه تنبيه على تردد معناه ومنه السلسلة وفى القاموس السلسلة اى بالفتح إيصال الشيء بالشيء وبالكسر دائرة من حديد ونحوه وَأَغْلالًا بها يقيدون اهانة وتعذيبا لا خوفا من الفرار جمع غل بالضم وهو ما تطوق به الرقبة للتعذيب وقد سبق فى الحاقة مفصلا وَسَعِيراً نارا بها يحرقون يعنى وآتشى افروخته كه در ان پيوسته بسوزند.
وانما يجرون الى جهنم بالسلاسل لعدم انقيادهم للحق ويحقرون بأن يقيدوا بالاغلال لعدم تواضعهم لله ويحرقون بالنار لعدم احتراقهم بنار الخوف من الله تعالى وفيه اشارة الى ان الله تعالى أعد للمحجوبين عن الحق المشغولين بالخلق سلاسل التعلقات الظاهرة بحب الدنيا وطلبها وأغلال العوائق الباطنة بالرغبة إليها وفيها ونار جهنم البعد والطرد واللعن وتقديم وعيد الكافرين مع تأخرهم فى مقام الإجمال للجمع بينهما فى الذكر ولان الانذار أهم وأنفع وتصدير الكلام وختمه بذكر المؤمنين احسن على ان فى وصفهم تفصيلا ربما يخل تقديمه بتجاوب أطراف النظم الكريم إِنَّ الْأَبْرارَ شروع فى بيان حسن حال الشاكرين اثر بيان سوء حال الكافرين وإيرادهم بعنوان البر للاشعار بما استحقوا به ما نالوه من الكرامة السنية والأبرار جمع بركرب وأرباب او جمع بار كشاهد وإشهاد وهو من يبر خالقه اى يطيعه يقال بررته ابره كعلمته وضربته وعن الحسن رحمه الله البر من لا يؤذى الذر ولا يضمر الشر كما قيل
ولا تؤذ نملا ان أردت كمالكا فان لما نفسها تطيب كمالكا
وفى المفردات البر خلاف البحر وتصور منه التوسع فاشفق منه البر اى التوسع فى فعل الخير وبر العبد ربه توسع فى طاعته ويشمل الاعتقاد والأعمال الفرائض والنوافل وقال سهل رحمه الله الأبرار الذين فيهم خلق من اخلاق العشرة الذين وعد لهم النبي عليه السلام بالجنة قال عليه السلام ان لله ثلاثمائة وستين خلقا من لقبه بخلق منها مع التوحيد دخل الجنة قال أبو بكر رضى الله عنه هل فى منها يا رسول الله قال كلها فيث يا أبا بكر وأحبها الى الله السخاء يَشْرَبُونَ فى الجنة والشرب تناول كل مائع ماء كان او غيره قال يشربون ابتداء كالمطيعين او انتهاء كالمعذبين من المؤمنين بحكم العدل مِنْ كَأْسٍ هى الزجاجة إذا كانت فيها خمر وتطلق على نفس الخمر ايضا على طريق ذكر المحل وارادة الحال وهو المراد هنا عند الأكثر حتى روى عن الضحاك انه قال كل كاس فى القرآن فانما عنى به الخمر فمن على الاول ابتدائية وعلى الثاني تبعيضية او بيانية كانَ بتكوين الله مِزاجُها اى ما تمزج تلك الكأس به يقال مزج الشراب خلطه ومزاج البدن ويمازجه من الصفراء والسوداء والبلغم والدم والكيفيات المناسبة لكل منها كافُوراً اى ماء كافور وهو اسم عين فى الجنة فى المقام المحمدي وكذا سائر العيون ماؤها فى بياض الكافور ورائحته وبرده دون طعمه وإلا فنفس الكافور لا يشرب ونظيره حتى إذا جعله نارا اى كنار والكافور طيب معروف يطيب به الأكفان والأموات لحسن رائحته واشتقاقه من الكفر وهو الستر لانه يغطى الأشياء برائحته وفى القاموس
فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا وقال عليه السلام حكاية عن الله تعالى أنا اغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معى غيرى تركته وشركه والحاصل ان معاملة العبد المخلص انما هى مع الله فلا حق له على الغير فكيف يريد ذلك وفيه نصح لمن أراد النصيحة فان الإطعام ونحوه حرام بملاحظة الغير وحظ النفس فيجب ان يكون خالصا لوجه الله من غير شوب بالرياء وبحظ المنعم
ز عمرو اى پسر چشم اجرت مدار چودر خانه زيد باشى بكار
إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً اى عذاب يوم وهو مفعول نخاف فمن ربنا حال متقدمة منه ولو أخر لكان صفة له او مفعوله قوله ربنا بواسطة الحرف على ما هو الأصل فى تعديته لانه يقال خاف منه فيكون يوما بدلا من محله بدون تقدير بناء على التعدية بنفسه او بتقدير نخاف آخر عَبُوساً من قبيل اسناد الفعل الى زمانه والمعنى تعبس فيه الوجوه. يعنى روزى كه رويها درو ترش كردد از شدت اهوال. كما روى ان الكافر يعبس يومئذ حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران والعبوس قطوب الوجه من ضيق الصدر أو معنى عبوسا يشبه الأسد العبوس فى الشدة والضراوة اى السطوة والاقدام على إيصال الضرر بالعنف والحدة لكل من رآه فهو من المبالغة فى التشبيه فان العبوس الأسد كالعباس قَمْطَرِيراً شديد العبوس فلذلك نفعل بكم ما نفعل رجاء ان يقينا ربنا بذلك شره لا لارادة مكافأتكم فقوله انا نخاف إلخ بدل من انما نطعمكم إلخ فى معرض التعليل لا طعامهم يقال وجه قمطرير اى منقبض من شدة العبوس وفى الكشاف القمطرير العبوس الذي يجمع بين عينيه. واز امام حسن بصرى رحمه الله پرسيدند كه قمطرير چيست فرمود كه سبحان الله ما أشد اسمه وهو أشد من اسمه يعنى چهـ سخت است اسم روز قيامت واو سخت تر است از اسم خود فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ بسبب خوفهم وتحفظهم منه. يعنى نكاه داشت خداى تعالى ايشانرا از بدى ورنج وهول وعذاب آن روز. فشر مفعول ثان لوقى المتعدى الى اثنين وفى الحديث الصحيح قال رجل لم يعمل حسنة قط لأهله إذا مات فحرقوه ثم أذروا نصفه فى البر ونصفه فى البحر فو الله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذبا لا يعذبه أحدا من العالمين فلما مات الرجل فعلوا ما أمرهم فأمر الله البر فجمع ما فيه وأمر البحر فجمع ما فيه ثم قال لم فعلت هذا قال من خشيتك يا رب وأنت اعلم فغفر الله له اى بسبب خشيته وقوله لئن قدر الله بتخفيف الدال من القدرة اى لئن تعلقت قدرته يوم البعث بعذاب جسمه ظن المسكين انه بالفناء على الوجه المذكور يلتحق بالمحال وقدرة الله لا تتعلق بالمحال فلا يلزم منه الكفر فجمع رماده من البر والبحر محمول على جمع اجزائه الاصلية يوم القيامة ويجوز أن يحمل على حال البرزخ فان السؤال فيه للروح والجسد جميعا على ما هو المذهب الحق وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً اى أعطاهم بدل عبوس الفجار وحزنهم نضرة فى الوجوه يعنى تازكى وخوبرويى وسرورا فى القلوب يعنى شادى وفرح در دل فهما مفعولان ثانيان وفى تاج المصادر التلقية چيزى پيش كسى وا آوردن. وفى المفردات لقيته كذا إذا استقبلته به قال تعالى ولقاهم نضرة وسرورا وَجَزاهُمْ اعطى كل واحد
267
منهم بطريق الاجر والعوض بِما صَبَرُوا ما مصدرية اى بسبب صبرهم على مشاق الطاعات ومهاجرة هوى النفس فى اجتناب المحرمات وإيثار الأموال وفى الحديث (الصبر اربعة الصبر على الصدمة الاولى وعلى أداء الفرائض وعلى اجتناب المحارم وعلى المصائب جَنَّةً مفعول ثان لجزاهم اى بستانا يأكلون منه ما شاؤا وَحَرِيراً يلبسونه ويتزينون به وبالفارسية وجامه إبريسم بهشت بپوشند. فالمراد بالجنة ليس دار السعادة المشتملة على جميع العطايا والكرامات والا لما احتيج الى ذكر الحرير بعد ذكر الجنة بل البستان كما ذكرنا فذكرها لا يغنى عن ذكر الملبس ثم ان البستان فى مقابلة الإطعام والصبر على الجوع والحرير فى مقابلة الصبر على العرى لان إيثار الأموال يؤدى الى الجوع والعرى وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الحسن والحسين رضى الله عنهما مرضا فعادهما النبي عليه السلام فى ناس معه فقالوا لعلى رضى الله عنه لو نذرت
على ولديك نذرا يعنى اگر نذر كنى بر اميد عافيت وشفاى فرزندان مكر صواب باشد. فنذر على وفاطمة وفضة جارية لهما رضى الله عنهم ان برئا مما بهما ان يصوموا ثلاثة ايام تقربا الى الله وطلبا لمرضاته وشكرا له فشفيا فصاموا وما معهم شىء يفطرون عليه فاستقرض على من شمعون الخيبري اليهودي ثلاثة أصوع من شعير وهو جمع صاع وهو اربعة امداد كل مد رطل وثلث قال الداودي معياره الذي لا يختلف اربع حفنات بكفى الرجل الذي ليس بعظيم الكفين ولا صغير هما إذ ليس كل مكان يوجد فيه صاع النبي عليه السلام فطحنت فاطمة رضى الله عنها صاعا يعنى فاطمه زهرا از آن جويك صاع بآسيا دست آرد كرد. وخبزت خمسة أقراص على عددهم جمع قرص بمعنى الخبزة فوضعوا بين أيديهم وقت الإفطار ليفطروا به فوقف عليهم سائل فقال السلام عليكم يا اهل بيت محمد مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موآئد الجنة فآثروه يعنى حضرت على رضى الله عنه نصيب خود بدان مسكين داد وسائر اهل بيت موافقت كردند يعنى سخن درويش بسمع على رسيد روى فرا فاطمه كرد وكفت
فاطم ذات المجد واليقين يا بنت خير الناس أجمعين
اما ترين البائس المسكين قد قام بالباب له حنين
يشكو الى الله ويستكين يشكو إلينا جائعا حزين
فاطمه رضى الله عنها او را جواب داد وكفت
أمرك يا ابن عم سمع طاعة ما بي من لؤم ولا ضراعه
أرجو إذا أشبعت ذا مجاعه ألحق بالأخيار والجماعه
وأدخل الخلد ولى شفاعه آنكه طعام پيش نهاده بودند جمله بدرويش دادند وبر كرسنكى صبر كردند. وبا توا لم يذوقوا الا الماء وأصبحوا صياما. فاطمه رضى الله عنها صاعى ديگر چوآرد كرد وأذان نان. فلما امسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فقال السلام عليكم يا أهل
268
اى على الأبرار إذا أرادوا الشرب والطائف الدائر هو الخدم كما يجيى بِآنِيَةٍ اوعية جمع اناء نحو كساء واكسية والأواني جمع الجمع كما فى المفردات واصل آنية أءنية بهمزتين مثل افعلة قال فى بعض التفاسير الباء فيها ان كانت للتعدية فهى قائمة مقام الفاعل لانها مفعول له معنى والا فالظاهر أن يكون القائم مقامه عليهم مِنْ فِضَّةٍ نسب لآنية وَأَكْوابٍ جمع كوب وهو الكوز العظيم المدور الرأس لا اذن له ولا عروة فيسهل الشرب منه من كل موضع ولا يحتاج عند التناول الى ادارته وهو مستعمل الآن فى بلاد العرب لما وصف طعامهم ولباسهم ومسكنهم وصف شرابهم وقدم عليه وصف الأواني التي يشرب بها وذكره بلفظ المجهول لان المقصود ما يطاف به لا الطائفون ثم ذكر الطائفين بقوله ويطوف إلخ كانَتْ قَوارِيرَا جمع قارورة بالفارسية آبگينه.
وفى القاموس القارورة ما قر فيه الشراب ونحوه قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ اى تكونت وحدثت جامعة بين صفاء الزجاجة وشفيفها ولين الفضة وبياضها يرى ما فى داخلها من خارجها فكان تامة وقوارير الاول حال من فاعل كانت على المبالغة فى التشبيه يعنى ان القوارير انما تتكون من الزجاج لا من الفضة فليس المعنى انها قوارير زجاجية متخذة من الفضة بل الحكم عليها بانها قوارير وانها من فضة من باب التشبيه البليغ لانها فى نفسها ليست زجاجا ولا فضة لما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال ليس فى الدنيا مما فى الجنة الا الأسماء فثبت ان آنية الجنة مباينة فى الحقيقة لقارورة الدنيا وفضتها ولان قارورة الدنيا سريعة الانكسار والهلاك وما فى الجنة لا يقبل ذلك وفضة الدنيا كثيفة الجوهر لالطافة فيها وما فى الجنة ليس كذلك وان شارك كل واحد منهما الآخر فى بعض الأوصاف فشبهت بالفضة فى بياضها ونقائها وبقائها وبالقارورة فى شفافيتها وصفائها فهى حقيقة مغايرة لهما جامعة لاوصافهما وذلك كاف فى صحة اطلاق اسم القارورة والفضة عليها وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان ارض الجنة من فضة وأواني كل ارض تتخذ من تربه تلك الأرض ويستفاد من هذا الكلام وجه آخر لكون تلك الأكواب من فضة ومن قوارير وهو ان اصل القوارير فى الدنيا الرمل واصل قوارير الجنة هو فضة الجنة فكما ان الله قادر على أن يقلب الرمل الكثيف زجاجة صافية فكذلك قادر على أن يقلب فضة الجنة قارورة صافية بالغرض من ذكر هذه الآية التنبيه على ان نسبة قارورة الجنة الى قارورة الدنيا كنسبة الفضة الرمل فكما انه لا نسبة بين هذين الأصلين فكذا بين القارورتين كذا فى حواشى ابن الشيخ قال بعضهم لعل الوجه فى اختيار كون كانت تامة مع إمكان جعلها ناقصة وقوارير الاول خبر بتكوين الله فيكون فيه تفخيم للآنية بكونها اثر قدرة الله تعالى وقوارير الثاني بدل من الاول على سبيل الإيضاح والتبيين اى قوارير مخلوقة من فضة والجملة صفة لاكواب وقرئ بتنوين قوارير الثاني ايضا وقرئا بغير تنوين وقرئ الثاني بالرفع على هى قوارير قال ابن الجزري وكلهم وقفوا عليه بالألف الا حمزة وورشا وانما صرفه من صرفه لانه وقع فى مصحف
وقال فى عين المعاني قيل انهم ولدان الكفار يدخلون الجنة خدما لاهلها بدليل انهم سموا ولدانا ولا ولادة فى الجنة انتهى وفى اللباب اختلفوا فى الولدان فقيل انشأهم الله لاهل الجنة من غير ولادة لان الجنة لا ولادة فيها وهم الذين قال الله فيهم ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون اى مخزون مصون لم تمسه الأيدى عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما ما من أحد من اهل الجنة الا يسعى عليه الف غلام وكل غلام على عمل ما عليه صاحبه وروى ان الحسن رحمه الله لما تلا هذه الآية قال قالوا يا رسول الله الخادم كاللؤلؤ المكنون فكيف المخدوم فقال فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وروى عن على رضى الله عنه والحسن البصري رضى الله عنه ان الولدان هنا ولدان المسلمين الذين يموتون صغارا ولا حسنة لهم ولا سيئة لهم وعن سلمان الفارسي رضى الله عنه أطفال المشركين هم خدم اهل الجنة وعن الحسن رحمه الله لم تكن لهم حسنات يجازون بها ولا سيئات يعاقبون عليها فوضعوا هذا الموضع انتهى كلام اللباب فالله تعالى قادر على أن يجعل أموات الكفار الذين لا يليقون بالخدمة فى الدنيا لغاية صغرهم فى مرتبة للقابلية لها فى الآخرة بكمال قدرته وتمام رحمته قال النووي الصحيح الذي ذهب اليه المحققون انهم من اهل الجنة وقال الطيبي فى شرح المشكاة الحق التوقف اى لا الحكم بأنهم من اهل الجنة كما ذهب اليه البعض ولا بأنهم تبع لآبائهم فى النار كما ذهب اليه البعض الآخر فالمذاهب إذا فيهم ثلاثة وفى التأويلات النجمية ويطوف عليهم ولدان مخلدون اى تجليات ذاتية مقرطون بقرطة الأسماء والصفات إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤ منثورا من تشعشع أنوار الذات وتلألؤ أنوار الصفات والأسماء وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ و چون بنگرى ونظر كنى در بهشت. قال فى الإرشاد ليس له مفعول ملفوظ ولا مقدر ولا منوى بل معناه اى مآل المعنى ان بصرك أينما وقع فى الجنة رَأَيْتَ نَعِيماً كثيرا لا يوصف وهو ما يتنعم به وَمُلْكاً كَبِيراً اى واسعا وهنيئا كما فى الحديث أدنى اهل الجنة منزلة ينظر فى ملكه مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه والآية من باب الترقي والتعميم يعنى ان هناك أمورا آخر أعلى وأعظم من القدر المذكور. در فصول آمده كه نعيم راحت أشباح است وملك كبير لذت أرواح نعيم ملاحظه دارست وملك كبير مشاهده ديدار وداربى ديدار بهيچ كر نيابد الجار ثم الدار زاهدان فردوس ميجويند وما ديدار دوست. وفى التأويلات النجمية يعنى إذا تحققت بمقام التوحيد وحال الوحدة وصلت الى نعيم الشهود والملك المشهود والكبير فى ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله انتهى. فيكون المراد بالملك الكبير فى الدنيا هو الشهود الحاصل لاهل الجنة المعنويا والملك بالضم بالفارسية پادشاهى ولا سلطنة فوق سلطنة المعرفة والرؤية قال فى بعض التفاسير الملك بالضم هو التصرف فى المأمورين بالأمر والنهى ومنه الملك واما الملك بالكسر فهو التصرف فى الأعيان المملوكة بحسب المشيئة ومنه المالك والاول جامع للثانى لان كل ملك مالك ولا عكس عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ عاليهم ظرف على انه خبر مقدم وثياب مبتدأ مؤخر والجملة حال من ضمير عليهم اى يطوف عليهم ولدان عاليا للمعطوف عليهم ثياب إلخ اى فوقهم
274
وعلى ظهورهم ثياب سندس وهو الديباج الرقيق الفاخر الحسن واضافة الثياب الى السندس كاضافة الخاتم الى الفضة وبالفارسية بر بهشتيان يعنى لباس زبرين ايشان جامهاى ديباى نازك. ولم يرض الزجاج بكون عاليهم نصبا على الظرف بمعنى؟؟؟ قهم لانه لم يعرف فى الظروف وخضر جمع أخضر صفة ثياب كقوله ويلبسون ثيابا خضرا فالضمير للابرار لمطوف عليهم لان المقام مقام تعداد نعيمهم وكرامتهم فالمناسب أن تكون الثياب الموصوفة لهم لا للولدان الطائفين وعن لامام ان المراد فوق خيامهم المضروبة عليهم والمعنى ان حجالهم من الحرير والديباج وهذا من علامات الملك وَإِسْتَبْرَقٌ بالرفع عطفا على ثياب بحذف المضاف اى ثياب إستبرق وهو معرب استبره. بمعنى الغليظ سبق بيانه فى سورة الرحمن وهو قطع الهمزة لكونه اسما للديباج الغليظ الذي له بريق وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ عطف على ويطوف عليهم وهو ماض لفظا ومستقبل معنى وأساور مفعول ثان لحلوا بمعنى
ويحلون والتحليل التزيين بالحلى وبالفارسية با حلى زيور كردن. وفيه تعظيم لهم بالنسبة الى أن يقال وتحلوا وأساور جمع اسورة فى جمع سوار وسوار المرأة أصله دستواره وكان الملوك فى الزمان الاول يحلون بها ويسورون من يكرمونه ولا ينافى هذه الآية ما فى الكهف والحج من قوله من أساور من ذهب لامكان الجمع بين السوار الذهب والسوار الفضة فى أيديهم كما تجمع نساء الدنيا بين انواع الحلي وما احسن المعصم إذ يكون فيه سواران من جنسين وزيادة كالذهب والفضة واللؤلؤ وايضا لامكان المعاقبة فى الأوقات تارة يلبسون الذهب واخرى يلبسون الفضة وايضا لامكان التبعيض بأن يكون البعض ذهبا والبعض فضة فان حلى اهل الجنة يختلف حسب اختلاف أعمالهم فللمقربين الذهب وللابرار الفضة وايضا يعطى كل أحد ما يرغب فيه ويميل طبعه اليه فان الطباع مختلفة فرب انسان يكون استحسانه لبياض الفضة فوق استحسانه مسفرة الذهب وَسَقاهُمْ بياشاماند ايشانرا رَبُّهُمْ شَراباً هو ما يشرب طَهُوراً هذا الشراب الطهور نوع آخر يفوق النوعين السالفين كما يرشد اليه اسناد سقيه الى رب العالمين ووصفه بالطهورية لانه يطهر باطنهم عن الأخلاق الذميمة والأشياء المؤذية كالغش والغل والحسد وينزع ما كان فى أجوافهم من قذر وأذى وبه تحصل الصفوة المهيئة لانعكاس نور الجمال الإلهي فى قلوبهم وهى الغاية القاصية من منازل الصديقين فلذاختم بها مقالة ثواب الأبرار فالطهور بمعنى المطهر صيغة اسم الفاعل وقيل مبالغة الطاهر من حيث انه ليس بنجس كخمر الدنيا وما مسته الأيدى القذرة والاقدام الدنسة ولا يؤول الى أن يكون نجسا بل يرشح عرقا من أبدانهم له ريح كريح المسك (قال الكاشفى) يبايد دانست كه جوى كوثر در بهشت خاصه حضرت رسالت است وذكر آن در سوره كوثر خواهد آمد و چهار جوى ديكر از ان متقيانست آب وشير وخمر وعسل وشمه از صفات او در سوره محمد مرقوم رقم بيان شد ودو چشمه از ان اهل خشيت است فيهما عينان تجريان ودو چشمه از ان اهل يمين است فيهما عينان نضاختان واين چهار چشمه در سورة الرحمن آمد ديكر چشمه رحيق از ان ابرارست و چشمه تسنيم از آن مقربان واين هر دو در سوره مطففين مذكورند
275
اى عشيا وهو آخر النهار اى وداوم على ذكره فى جميع لاوقات فاريد بقوله بكرة وأصيلا الدوام لانه عليه السلام كان آتيا ينفس الذكر المأمور به وانتصابهما على الظرفية أدوم على صلاة الفجر والظهر والعصر فان الأصل كما يطلق على ما بعد العصر الى المغرب فكذا يطلق على ما بعد الزوال فيتناول وقتى الظهر والعصر وقال سعدى المفتى التأويل بالدوام انما يحتاج اليه لو ثبتت فرضية الصلوات الخمس قبل نزولها والظاهر انه كذلك فانها فرضت ليلة المعراج. يقول الفقير وفيه ان الصلوات الخمس وان فرضت ليلة المعراج الا ان المعراج كان قبل الهجرة بسنة والتأريخ فى نزول الآية مجهول أهي نازلة قبل المعراج أم بعده فان كان الثاني ثبت مطلوبه والا فلا قال القاشاني واذكر ذلك الذي هو الاسم الأعظم من أسمائه بالقيام بحقوقه واظهار كمالاته فى المبدأ والمنتهى بالصفات الفطرية من وقت طلوع النور الإلهي بايجادها فى الأزل وإيداع كمالاته فيها وغروبه بتعينها واحتجابه بها وإظهارها مع كمالاتها وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وفى بعض الليل فضل له ولعله صلاة المغرب والعشاء. پس معنى چنين باشد كه بر پنج نماز مداومت نماى. وتقديم الظرف للاهتمام لما فى صلاة الليل من مزيد كلفة وخلوص وأفضل الأعمال أشقها وأخلصها من الرياء فاستحقت الاهتمام بشأنها وقدم وقتها لذلك ثم الفاء لافادة معنى الشرط كأنه قال مهما يكن من شىء فاسجد له ففيها وكادة اخرى لامرها وفى التأويلات النجمية واعبد ربك المطلق حق العبودية بالفناء فيه من ليل طبيعتك وغلس بشريتك إذ السجود صورة الفناء الذاتي والركوع صورة الفناء الصفاتى والقيام صورة الفناء الافعالى فافهم بعض اسرار الصلاة وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا اى صل صلاة التهجد لانه كان واجبا عليه فى طائفة طويلة من الليل ثلثيه او نصفه او ثلثه فقوله ليلا طويلا نصب على الظرفية فان قلت انتصاب ليلا على الظرفية وطويلا نعت له ومعناه سبحه فى الليل الطويل فمن أين يفهم ما ذكرت من المعنى قلت ظاهر أن توصيف الليل بالطول ليس للاحتراز عن القصير فان الأمر بالتهجد يتناوله ايضا فهو لتطويل زمان التسبيح وفى التعبير فى لتهجد بالتسبيح وتأخير ظرفه دلالة على انه ليس فى مرتبة ما قبله إِنَّ هؤُلاءِ اى كفار مكة عاد الى شرح احوال الكفار بعد شرح صدره عليه السلام بما ذكر من قوله انا نحن إلخ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ دوست ميدارند سراى شتابنده را يعنى دنيا را وينهمكون فى لذاتها العانية فهو الحامل لهم على الكفر والاعراض عن الاتباع لا اشتباه الخن؟؟؟ عليهم وَيَذَرُونَ يتركون وَراءَهُمْ اى أمامهم لا يستعدون فهو حال من يوما او ينبذون ورلء ضهورهم فهو ظرف ليذرون فوراء يستعمل فى كل من أمام وخلف والظاهر فى وجه الاستعمالين ان ورلء اسم للجهة المتوارية اى المستترة المختفية عنك واستتار جهة الخلف عنك ظاهر وما فى جهة الامام قد يكون متواريا عنك غير مشاهد ومعاين لك فيشبه جهة الخلف فى ذلك فيستعار له اسم الوراء يَوْماً ثَقِيلًا لا يعبأون به ويرما مفعول يذرون وثقيلا صفته ووصفه بالثقل مع انه من صفات الأعيان الجسمية لا الامتدادات الوهمية لتشبيه شدته
Icon