تفسير سورة النحل

روح البيان
تفسير سورة سورة النحل من كتاب روح البيان المعروف بـروح البيان .
لمؤلفه إسماعيل حقي . المتوفي سنة 1127 هـ

الجزء الخامس
من تفسير روح البيان
تفسير سورة النحل
وهى مكية الا من وَإِنْ عاقَبْتُمْ الى آخرها وهى مائة وثمان وعشرون آية بسم الله الرّحمن الرّحيم
أَتى أَمْرُ اللَّهِ روى ان كفار قريش كانوا يستبطئون نزول العذاب الموعود لهم سخرية بالنبي عليه السلام وتكذيبا للوعد ويقولون ان صح ما يقولون من مجيئ العذاب فالاصنام تشفع لنا وتخلصنا منه فنزلت وامر الله هو العذاب الموعود لان تحققه منوط بحكمه النافذ وقضائه الغالب وإتيانه عبارة عن دنوه واقترابه على طريقة نظم المتوقع فى سلك الواقع وقد وقع يوم بدر. والمعنى دنا واقترب ما وعدتم به ايها الكفرة فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ اى امر الله ووقوعه إذ لا خير لكم فيه ولا خلاص لكم منه واستعجالهم وان كان بطريق الاستهزاء لكنه حمل على الحقيقة ونهوا عنه بضرب من التهكم والاستعجال طلب الشيء قبل حينه سُبْحانَهُ [پاكست خداى] وَتَعالى [وبرترست] عَمَّا يُشْرِكُونَ اى تبرأ وتقدس بذاته عن ان يكون له شريك فيدفع ما أراد بهم بوجه من الوجوه ولما كان المنزه للذات الجليلة هو نفس الذات آل التنزيه الى معنى التبري قال ابن عباس رضى الله عنهما لما انزل الله تعالى اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ قال الكفار بعضهم لبعض ان هذا يزعم ان القيامة قد قربت فامسكوا بعض ما كنتم تعملون حتى تنظر ما هو كائن فلما رأوا انه لا ينزل شىء قالوا ما نرى شيأ فانزل اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ الآية فاشفقوا وانتظروا قرب الساعة فلما امتدت الأيام قالوا يا محمد ما نرى شيأ مما تخوفنا به فانزل الله تعالى أَتى أَمْرُ اللَّهِ فوثب النبي عليه السلام قائما مخافة الساعة وحذر الناس من قيامها ورفع الناس رؤسهم فنزل فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ اى
ترسلونها بالغداة اى فى أول النهار فى المرعى وتخرجونها من حظائرها الى مسارحها من سرح الراعي الإبل إذا رعاها وأرسلها فى المرعى قال فى تهذيب المصادر والسروح [بچرا هشتن] وسرح لازم ومتعد يقال سرحت الماشية وسرحت الماشية انتهى وتعيين الوقتين لان الرعاة إذا اراحوا بالعشي وسرحوها بالغداة تزينت الافنية بها اى ما اتسع من امام الدار كما فى القاموس وتجاوب الثغاء والرغاء الاول صوت الشاة والمعز والثاني ذوات الخف فيجل بكسر الجيم اى يعظم أهلها فى أعين الناظرين إليها ويكسبون الجاه والحرمة عند الناس واما عند كونها فى المراعى فينقطع اضافتها الحسية الى أربابها وعند كونها فى الحظائر لا يراها راء ولا ينظر إليها ناظر وقدم الاراحة على السرح وان كانت بعده لان الجمال فيها اظهر إذ هي حضور بعد غيبة واقبال بعد ادبار على احسن ما يكون ملأى البطون مرتفعة الضلوع حافلة الضروع قال فى القاموس الجمال الحسن فى الخلق والخلق وتجمل تزين وجمله زينه وفى الحديث (جمال الرجل فصاحة لسانه) وفى حديث آخر (الجمال صواب المقال والكمال حسن الفعال)
بهايم خموشند وگويا بشر پراكنده گوى از بهايم بتر
وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ جمع ثقل بفتح الثاء والقاف وهو متاع المسافر وحشمه اى تحمل أمتعتكم واحمالكم إِلى بَلَدٍ بعيد أياما كان فيدخل فيه إخراج اهل مكة متاجرهم الى اليمن ومصر والشام لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ واصلين اليه بانفسكم مجردين عن الأثقال لولا الإبل اى لو لم تخلق الإبل فرضا إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ فضلا عن استصحابها معكم اى عن ان تحملوها على ظهوركم اليه. والشق بالكسر والفتح الكلفة والمشقة وهو استثناء مفرغ من أعم الأشياء اى لم تكونوا بالغيه بشئ من الأشياء الا بشق الأنفس إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ عظيم الرأفة بكم وعظيم الانعام عليكم حيث رحمكم بخلق هذه الحوامل وأنعمها عليكم لانتفاعكم وتيسير الأمر عليكم عن عمر ابن الخطاب رضى الله عنه ان رسول الله ﷺ كان فى بعض مغازيه فبينما هم يسيرون إذا خذوا فرخ طائر اى ولده فاقبل أحد أبويه حتى سقط فى أيدي الذين أخذوا الفرخ فقال عليه الصلاة والسلام (ألا تعجبون لهذا الطير أخذ فرخه فاقبل حتى سقط فى ايديكم والله لله ارحم بعباده من هذا الطائر بفرخه)
فروماندكانرا برحمت قريب تضرع كنانرا بدعوت مجيب
وفى الآية اشارة الى ان فى خلق الحيوانات انتفاعا للانسان فانهم ينتفعون بها حين اطلاعهم على صفاتها الحيوانية الذميمة بالصفات الملكية الحميدة احترازا عن الاحتباس فى حيزها واجتنابا عن شبهها بقوله أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ وهذه الصفات الحيوانية انما خلقت فيهم لتحمل أثقال أرواحهم الى بلد عالم الجبروت ولذا ورد (نفسك مطيتك فارفق بها) واعلم ان الله تعالى من على عباده بخلق الإبل والبقر والغنم والمعز وقد كان لرسول الله ﷺ ابل يركبها وهى الناقة القصوى اى المقطوع طرف اذنها والجدعاء اى المقطوعة الانف او مقطوعة الاذن كلها والعضباء اى المشقوقة الاذن قال بعضهم وهذه القاب ولم يكن بتلك شىء من ذلك والعضباء هى التي كانت لا تسبق فسبقت فشق ذلك على المسلمين فقال رسول الله صلى الله
8
عليه وسلم (ان حقا على الله ان لا يرفع شيأ من الدنيا الا وضعه) وهى التي لم تأكل بعد وفاة رسول الله ولم تشرب حتى ماتت وجاء ان ابنته فاطمة رضى الله عنها تحشر عليها قال السعدي [حلم شتر چنانكه معلومست اگر طفلى مهارش گيرد وصد فرسنگ ببرد گردن از متابعت او نپيچد اما اگر درره هولناك پيش آيد كه موجب هلاك باشد وطفل بنادانى خواهد كه آن جايكه برود زمام از كفش بگسلاند وديگر مطاوعت نكند كه هنگام درشتى ملاطفت مذموم است وگفته اند كه دشمن بملاطفت دوست نگردد بلكه طمع زياده كند]
كسى كه لطف كند با تو خاك پايش باش وگر خلاف كند در دو چشمش آكن خاك
سخن بلطف وكرم با درشت گوى مگوى كه ژنك خورده نگردد بنرم سوهان پاك
قال فى حياة الحيوان وإذا احرق وبر الجمل وذر على الدم السائل قطعه وقراده يربط فى كم العاشق فيزول عشقه ولحمه يزيد فى الباءة اى الجماع. والبقر من بقر إذا شق لانها تشق الأرض بالحراثة وقيل لمحمد بن الحسين بن على رضى الله عنهم الباقر لانه شق العلم ودخل فيه مدخلا بليغا وإذا أردت ان ترى عجبا فادفن جرة فى الأرض الى حلقها وقد طلى باطنها بشحم البقر فان البراغيث كلها تجتمع إليها وإذا بخر البيت بشحمه مع الزرنيخ اذهب الهوام خصوصا العقارب ولم ينقل انه ﷺ ملك شيأ منها اى من البقر للقنية فلا ينافى انه ضحى عن نسائه بالبقر كما فى انسان العيون يقال ثلاثة لا يفلحون بائع البشر وقاطع الشجر وذابح البقر والمراد القصاب المعتاد لذلك وفى الحديث (عليكم بالبان البقر وأسمانها وإياكم ولحومها فان ألبانها وأسمانها دواء وشفاء ولحومها داء) قال الامام السخاوي قد صح ان النبي عليه الصلاة والسلام ضحى عن نسائه بالبقر قال الحليمي هذا ليبس الحجاز ويبوسة لحم البقر ورطوبة لبنها وسمنها فكأنه يرى اختصاص ذلك وهذا التأويل مستحسن والا فالنبى عليه السلام لا يتقرب الى الله تعالى بالداء فهو انما قال ذلك فى البقر لتلك اليبوسة وجواب آخر انه عليه السلام ضحى بالبقر لبيان الجواز او لعدم تيسر غيره انتهى كلام السخاوي وفى الحديث (صوفها رياش وسمنها معاش) يعنى الغنم الرياش اللباس الفاخر يعنى ان ما على ظهرها سبب الرياش ومادتها وما فى بطنها سبب المعاش وهو الحياة وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال امر رسول الله ﷺ الأغنياء باتخاذ الغنم وامر الفقراء باتخاذ الدجاج وقال (الدجاج غنم فقراء أمتي والجمعة حج فقرائها) وعند اتخاذ الأغنياء الدجاج يأذن الله بهلاك القرى وجاء (اتخذوا الغنم فانها بركة) قال فى حياة الحيوان جعل الله البركة فى نوع الغنم وهى تلد فى العام مرة ويؤكل منها ما شاء الله ويمتلئ منها جوف الأرض بخلاف السباع فانها تلد ستا وسبعا ولا يرى منها الا واحدة فى أطراف الأرض وكان له ﷺ مائة من الغنم وسبعة اعنز كانت ترعاها أم ايمن رضى الله عنها وكان له عليه السلام شاة يختص بشرب لبنها وماتت له عليه الصلاة والسلام شاة فقال (ما فعلتم باهابها) قالوا انها ميتة قال (دباغها طهورها) قال الامام الدميري كبد الكبش إذا أحرقت طرية ودلك بها الأسنان بيضتها وقرن الكبش إذا دفن تحت شجرة يكثر حملها وإذا نحملت المرأة بصوف النعجة قطعت الحبل وإذا غطى الإناء بصوف الضأن الأبيض وفيه
9
بنظر العقل فى هذه الصنائع الحكمية وَسَخَّرَ لَكُمُ اى لمنامكم ومعاشكم ولعقد الثمار وانضاجها اللَّيْلَ وَالنَّهارَ يتعاقبان خلفة كما قال تعالى وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً قال بعضهم الليل ذكر كآدم والنهار أنثى كحواء والليل من الجنة والنهار من النار ومن ثمة كان الانس بالليل اكثر وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ تسخرا فى سيرهما وانارتهما أصالة وخلافة واصلاحهما لما نيط بهما صلاحه كل ذلك لمصالحكم ومنافعكم: قال السعدي
ابر وباد ومه وخورشيد وفلك در كارند تا تو نانى بكف آرى وبغفلت نخورى
همه از بهر تو سر كشته وفرمان بردار شرط انصاف نباشد كه تو فرمان نبرى
والتسخير بالفارسية [رام گردانيدن] وليس المراد بتسخير هذه لهم تمكنهم من تصريفها كيف شاؤا كما فى قوله تعالى سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا ونظائره بل هو تصريفه تعالى لها حسبما يترتب عليه منافعهم ومصالحهم لا ان ذلك تسخير لهم وتصرف من قبلهم حسب إرادتهم وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ مبتدأ وخبر اى سائر النجوم فى حركاتها وأوضاعها من التثليث والتربيع ونحوهما مسخرات اى مذللات لله خلقها ودبرها كيف شاء او لما خلقن له بامره اى بإرادته ومشيئته وحيث لم يكن عود منافع النجوم إليهم فى الظهور بمثابة ما قبلها من الملوين والقمرين لم ينسب تسخيرها إليهم بأداة الاختصاص بل ذكر على وجه يفيد كونها تحت ملكوته تعالى من غير دلالة على شىء آخر ولذلك عدل عن الجملة الفعلية الدالة على الحدوث الى الاسمية المفيدة للدوام والاستمرار. وقرئ بنصب النجوم على تقدير وجعل النجوم مسخرات بامره او على انه معطوف على المنصوبات المتقدمة ومسخرات حال من الكل والعامل ما فى سخر من معنى نفع اى نفعكم بها حال كونها مسخرات لله او لما خلقن له بايجاده وتقديره إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من التسخير المتعلق بما ذكر مجملا ومفصلا لَآياتٍ باهرة متكاثرة لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يفتحون عقولهم للنظر والاستدلال ويعتبرون وحيث كانت هذه الآثار العلوية متعددة ودلالة ما فيها من عظيم القدرة والعلم والحكمة على الوحدانية اظهر جميع الآيات علقت بمجرد العقل من غير حاجة الى التأمل والتفكر قال اهل العلم العقل جوهر مضيئ خلقه الله فى الدماغ وجعل نوره فى القلب يدرك الغائبات بالوسائط والمحسوسات بالمشاهدة وهو للقلب بمنزلة الروح للجسد فكل قلب لا عقل له فهو ميت وهو بمنزلة قلب البهائم وسئل النبي ﷺ من احسن الناس عقلا قال (المسارع الى مرضاة الله تعالى والمجتنب عن محارم الله تعالى) قالوا أخف حلما من العصفور قال حسان بن ثابت الأنصاري رضى الله عنه
لا بأس بالقوم من طول ومن عظم جسم البغال وأحلام العصافير
وَما ذَرَأَ لَكُمْ عطف على قوله والنجوم رفعا ونصبا على انه مفعول لجعل المقدر اى وما خلق فِي الْأَرْضِ من حيوان ونبات حال كونه مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ اى اصنافه فان اختلافها غالبا يكون باختلاف اللون سخر لله تعالى او لما خلق له من الخواص والأحوال والكيفيات او جعل ذلك مختلف الأصناف لتتمتعوا من ذلك بأى صنف شئتم وفى بحر العلوم
محتاجون الى معرفة شىء من علم النجوم والحكمة والهيئة والمهندسة ونحوها مما يساعده ظاهر الشرع الشريف إذ هو ادخل فى التفكر وقد قال تعالى وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
ولا يمكن صرف التفكر الى المجهول المطلق فلا بد من معلومية الأمر ولو بوجه ما وهذا القدر خارج عن الطعن والجرح كما قال السيد الشريف النظر فى النجوم ليستدل بها على توحيد الله تعالى وكمال قدرته من أعظم الطاعات واما ارباب الشهود والعيان فطريقهم الذكر وبه يصلون الى مطالعة أنوار الملك والملكوت ومكاشفة اسرار الجبروت واللاهوت فيشاهدون فى الأنفس والآفاق ما غاب عن العيون ويعاينون فى الظاهر والباطن ما تخير فيه الحكماء والمنجمون ثم ان الاهتداء اما بنجوم عالم الآفاق وهو للسائرين من ارض الى ارض واما بنجوم عالم الأنفس وهو للمهاجرين من حال الى حال وفى الحديث (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) وهذا الاقتداء والاهتداء مستمر باق الى آخر الزمان بحسب التوارث فى كل عصر فلا بد من الدليل وهو صاحب البصيرة والولاية كامل التصرف فى الهداية المخصوص بالعناية: قال الحافظ
بكوى عشق منه بي دليل راه قدم كه من بخويش نمودم صد اهتمام ونشد
وفى التأويلات النجمية والقى فى ارض البشرية جبال الوقار والسكينة لئلا تميل بكم صفات البشرية عن جادة الشريعة والطريقة وأنهارا من ماء الحكمة وطريق الهداية لعلكم تهتدون الى الله تعالى وعلامات من الشواهد والكشوف وبنجم الهداية من الله يهتدون الى الله وهو جذبة العناية يخرجكم بها من ظلمات وجودكم المجازى الى نور الوجود الحقيقي انتهى قال الشيخ ابو القاسم الخزيمي الغرارى فى كتاب الاسئلة المقحمة فى الاجوبة المفحمة قوله تعالى وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ الى قوله لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ فيه دليل انه تعالى أراد من الكل الاهتداء والشكر وان كل من لا يهتدى فليس ذلك بإرادته تعالى والجواب المراد به ان يذكرهم النعم التي يستحق عليها الشكر فى قوله تعالى خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ الى قوله وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها ثم بين تعالى ان هذه النعم كلها توجب الشكر والهداية ثم يختص بها من يشاء كما قال تعالى وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ أَفَمَنْ يَخْلُقُ هذه المصنوعات العظيمة وهو الله تعالى. وبالفارسية [آيا كسى كه مرا آفريند اين همه مخلوقات را كه مذكور شد] كَمَنْ لا يَخْلُقُ كمن لا يقدر على شىء أصلا وهو الأصنام ومن للعقلاء لانهم سموها آلهة فاجريت مجرى العقلاء أو لأنه قابله بالخالق وجعله معه كقوله تعالى فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ والهمزة للانكار اى ابعد ظهور دلائل التوحيد تتصور المشابهة والمشاركة: يعنى [خالق را با مخلوق هيچ مشابهتى نيست پس عاجز را شريك قادر ساختن غايت عناد ونهايت جهلست] واختير تشبيه الخالق بغير الخالق مع اقتضاء المقام بظاهره عكس ذلك مراعاة لحق سبق الملكة على العدم أَفَلا تَذَكَّرُونَ اى ألا تلاحظون فلا تذكرون ذلك فتعرفون فساد ما أنتم عليه يا اهل مكة فانه بوضوحه بحيث لا يفتقر الى شىء سوى التذكر وهو بالفارسية [ياد كردن] وَإِنْ تَعُدُّوا العد بالفارسية [شمردن
قوله تعالى وَإِذا قِيلَ لَهُمْ اى لهؤلاء المشركين المستكبرين المقتسمين من قبل الوفود او وفود الحاج فى الموسم ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ماذا منصوب بانزل بمعنى أي شىء انزل ربكم على محمد قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ عدلوا عن الجواب فقالوا هذا أساطير الأولين على ان يكون خبر مبتدأ محذوف لانهم أنكروا إنزال القرآن بخلاف قوله وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً
كما يجيئ ويجوز ان يكون ماذا مرفوعا بالابتداء اى ما الذي أنزله ربكم قالوا أساطير الأولين اى ما تدعون نزوله أحاديث الأمم السالفة وأباطيلهم وليس من الانزال فى شىء: يعنى [هيچ نفرستاده وآنچهـ آدمي خواند أساطير الأولين است] قال فى القاموس الأساطير الأحاديث لا نظام لها جمع اسطار واسطير بكسرهما واسطور وبالهاء فى الكل لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ [بار گناهان خود را] واللام للعاقبة إذ لم يكن داعيهم الى ذلك القول حمل الأوزار ولكن الإضلال غير ان ذلك لما كان نتيجة قولهم وثمرته شبه بالداعي الذي لاجله يفعل الفاعل الفعل كما فى بحر العلوم وقال فى الإرشاد اللام للتعليل فى نفس الأمر من غير ان يكون غرض اى قالوا ما قالوا ليحملوا أوزارهم الخاصة بهم وهى أوزار ضلالهم اى تحتم حمل الأوزار عليهم على تقدير التعليل. والأوزار جمع وزر وهو الثقل والحمل الثقيل كامِلَةً لم يكفر منها شىء بنكبة أصابتهم فى الدنيا كما يكفر بها أوزار المؤمنين فان ذنوبهم تكفر عنهم من الصلاة الى الصلاة ومن رمضان الى رمضان ومن الحج الى الحج وتكفر بالشدائد والمصائب اى المكروهات من الآلام والأسقام والقحط حتى خدش العود وعثرة القدم يَوْمَ الْقِيامَةِ ظرف ليحملوا وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ اى وبعض أوزار من ضل باضلالهم وهو وزر الإضلال والتسبيب للضلال لانهما شريكان هذا يضله وهذا يطاوعه فيتحاملان الوزر وفى الحديث (من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة) : وفى المثنوى
هر كه بنهد سنت بد اى فتى تا در افتد بعد او خلق از عمى
جمع گردد بروى آن جمله بزه كو سرى بوده است وايشان دم غزه
بِغَيْرِ عِلْمٍ حال من الفاعل اى يضلونهم غير عالمين بان ما يدعون اليه طريق الضلال وبما يستحقونه من العذاب الشديد فى مقابلة الإضلال او من المفعول اى يضلون من لا يعلم انهم ضلال وفائدة التقييد بها الاشعار بان مكرهم لا يروج عند ذوى لب وانما يتبعهم الأغبياء والجهلة والتنبيه على ان جهلهم ذلك لا يكون عذرا إذ كان يجب عليهم ان يبحثوا ويميزوا بين المحقق الحقيق بالاتباع وبين المبطل
چشم باز وگوش باز ودام پيش سوى دامى مى پرد با پر خويش
أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ ساء فى حكم بئس والضمير الذي فيه يجب ان يكون مهما يفسره ما يزرون والمخصوص بالذم محذوف اى بئس شيأ يزرونه اى يحملونه فعلهم. وبالفارسية [بدانيد كه بد كاريست آن بارى كه ايشان مى كشند] واعلم انه لا يحمل أحد وزر أحد إذ كل نفس تحمل ما كسبت هى لا ما كسبت غيرها إذ ليس ذلك من مقتضى الحكمة الالهية
الدماء والأموال واستحقاق المدح والثناء والظفر على الأعداء وفتح أبواب المكاشفات والمشاهدات الذي من أوتيه فقد فاز بالقدح المعلى وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من احسن اعماله بالصالحات وأخلاقه بالحميدات وأحواله بالانقلاب عن الخلق الى الحق فله حسنة من الله وهو ان ينزله منازل الواصلين الكاملين فى الدنيا وَلَدارُ الْآخِرَةِ اى ولثوابهم فيها خَيْرٌ مما أوتوا فى الدنيا من المثوبة او دار الآخرة خير من الدنيا على الإطلاق فان الآخرة كالجوهر والدنيا كالخزف وقيمة الجوهر ارفع من قيمة الخزف بل لا مناسبة بينهما أصلا وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ [ونيكو سراييست مر پرهيزكاران را سراى آخرت] قال الحسن دار المتقين الدنيا لانهم منها يتزودون للآخرة يقول الفقير فيه مدح للدنيا باعتبار انها متاع بلاغ فانها باعتبار انها متاع الغرور مذمومة كما قال فى المثنوى
چيست دنيا از خدا غافل شدن نى قماش ونقره وميزان وزن «١»
مال را كز بهر دين باشى حمول نعم مال صالح خواندش رسول
آب در كشتى هلاك كشتى است آب اندر زير كشتى پشتى است
چونكه مال وملك را از دل براند زان سليمان خويش جز مسكين نخواند
كوزه سر بسته اندر آب رفت از دل پر باد فوق آب رفت
باد درويشى چودر باطن بود بر سر آب جهان ساكن بود
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان للاتقياء الواصلين دارا غير دار الدنيا ودار الآخرة فدارهم مقعد الصدق فى مقام العندية ونعم الدار جَنَّاتُ عَدْنٍ عدن علم اى لهم بساتين عدن حال كونهم يَدْخُلُونَها حال كونها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ اى من تحت منازلها الأنهار الاربعة على ان يكون المنبع فيها بشهادة من لَهُمْ خبر مقدم فِيها اى فى تلك الجنات حال من المبتدأ المؤخر وهو قوله ما يَشاؤُنَ ويحبون من انواع المشتهيات قال البيضاوي فى تقديم الظرف تنبيه على ان الإنسان لا يجد جميع ما يريده الا فى الجنة يقول الفقير ان قلت هل يجوز للمرء ان يشتهى فى الجنة اللواطة وقد ذهب اليه من لا وقوف له على جلية الحال فالجواب ان الاشتهاء المذكور مخالف لحكمة الرب الغفور ولو جاز هو لجاز نكاح الأمهات فيها على تقدير الاشتهاء وانه مما لا يستريب عاقل فى بطلانه ألا ترى ان الذكور وكذا الزنى واللواطة والكذب ونحوها كان حراما مؤبدا فى الدنيا فى جميع الأديان لكونه مما لا تقتضى الحكمة حله بخلاف الخمر ونحوها ولذا كانت هى أحد الأنهار الجارية فيها فنسأل الله تعالى ان يجعلنا ممن لا يستطيب ما استخبثته الطباع السليمة قال الكاشفى [ودر جواب كسى كه گويد شايد بهشتى خواهد كه بدرجات انبيا ومنازل أوليا ومراتب شهدا برسد وگفته اند در بهشت غيظ وحسد كه موجب تمناها باشد نيست با آنكه هر يك از بهشتيان بآنچهـ دارند راضى اند] وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من الأتقياء من مشيئته الجنة ونعيمها ومن مشيئته العبور على الجنة والخروج الى مقعد الصدق فى مقام العندية فلهم ما يختارون من الجنة ومقعد الصدق كَذلِكَ اى مثل ذلك الجزاء الاوفى
(١) در أوائل دفتر يكم در بيان ترجيح دادن شير جهد را إلخ
حله وعصوا رسله وجادلوهم بالباطل حين نبهوهم على الخطأ وهدوهم الى الحق فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ [پس هست بر فرستادگان يعنى نيست بر ايشان] إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ اى ليست وظيفتهم الا تبليغ الرسالة تبليغا واضحا واطلاع الخلق على بطلان الشرك وقبحه لا ألجأهم الى قبول الحق وتنفيذ قولهم عليهم شاؤا او أبوا وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ من الأمم. وبالفارسية [در ميان هر گروهى] رَسُولًا خاصا بهم كما بعثناك أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ان مفسرة لبعثنا اى قلنا لهم على لسان الرسول اعبدوا الله وحده وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ هو الشيطان وكل ما يدعوا الى الضلالة وذلك لالزام الحجة وقطع المعذرة مع علمه ان منهم من لا يأتمر بالأوامر ولا يؤمن. والطاغوت فعلوت من الطغيان كالجبروت والملكوت من الجبر والملك وأصله طغيوت فقدم اللام على العين وتاؤه زائدة دون التأنيث فَمِنْهُمْ اى من تلك الأمم والفاء فصيحة اى فبلغوا ما بعثوا به من الأمر بعبادة الله وحده واجتناب الطاغوت فتفرقوا فمنهم مَنْ هَدَى اللَّهُ خلق فيه الاهتداء الى الحق الذي هو عبادته واجتناب الطاغوت بعد صرف قدرتهم واختيارهم الجزئى الى تحصيله وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ [گمراهى بسبب خذلان الهى] اى وجبت وثبتت الى حين الموت لعناده وإصراره عليها وعدم صرف قدرته فلم يخلق فيه الاهتداء ولم يرد ان يطهر قلبه فَسِيرُوا سافروا يا معشر قريش إذ الكلام معهم فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا فى أكنافها وفى الفاء الموضوعة للتعقيب اشارة الى وجوب المبادرة الى النظر والاستدلال المؤديين الى الإقلاع عن الضلال كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ من عاد وثمود ومن سار بسيرتهم ممن حقت عليه الضلالة لعلكم تعتبرون حين تشاهدون من منازلهم وديارهم آثار الهلاك والعذاب إِنْ تَحْرِصْ يا محمد عَلى هُداهُمْ اى ان تطلب هداية قريش بجهدك. وبالفارسية [اگر سخت كوشى وحرص ورزى] فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ اى فاعلم ان الله لا يخلق الهداية جبرا وقهرا فيمن يخلق فيه الضلالة بسوء اختياره وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ من ينصرهم برفع العذاب عنهم وصيغة الجمع فى الناصرين باعتبار الجمعية فى الضمير فان مقابلة الجمع بالجمع تقتضى انقسام الآحاد الى الآحاد واعلم ان سرّ بعثة الأنبياء عليهم السلام الى الخلق ان يأمروهم بعبادة الله واجتناب طاغوت الهوى وما يعبدون من دون الله ويعلموهم كيفية العبادة الخالصة من الشوائب وكيفية الاجتناب عما سوى الله ليصلوا بهذين القدمين الى حضرة الجلال كما قال بعضهم خطوتان وقد حصلت. فالخطوة الاولى عبادة الله بالتوحيد وهو التوجه الى الله تعالى بالكلية طلبا وشوقا ومحبة. والثانية الخروج عما سوى الله بالكلية صدقا واجتهادا بليغا لينالوا ما نال من قال لربه- كلى بكلك مشغول فقال كلى لكلك مبذول- كما فى التأويلات النجمية فعلى العاقل ان يجتهد فى طريق العبودية وهى رفض المشيئة لان العبد لا مشيئة له لانه لا يملك ضرا ولا نفعا- وحكى- ان ابراهيم بن أدهم رحمه الله اشترى عبدا فقال له أي شىء تأكل قال ما تطعمنى قال أي شىء تعمل قال ما تستعملنى قال أي شىء لك ارادة قال واين تبقى ارادة العبد فى جنب ارادة سيده ثم راجع ابراهيم نفسه وقال يا مسكين ما كنت لله فى عمرك ساعة مثل ما كان هذا لك فى هذه الحالة ان قلت الطاعة
لا المهاجرون مطلقا فان السورة مكية- روى- ان رسول الله ﷺ لما رأى ما نزل بالمسلمين من توالى الأذى عليهم من كفار قريش قال لهم (تفرقوا فى الأرض فان الله سيجمعكم) قالوا الى اين نذهب قال (اخرجوا الى ارض الحبشة فان بها ملكا عظيما لا يظلم عنده أحد وهى ارض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه) فهاجر إليها ناس ذو عدد قال بعضهم كانوا فوق ثمانين مخافة الفتنة فرارا الى الله تعالى بدينهم منهم من هاجر الى الله باهله كعثمان بن عفان رضى الله عنه هاجر ومعه زوجته رقية بنت النبي ﷺ وكان أول خارج ومنهم من هاجر بنفسه وفى الحديث (من فر بدينه من ارض الى ارض وان كان شبرا من الأرض استوجب له الجنة وكان رفيق أبيه خليل الله ابراهيم ونبيه محمد عليها السلام) لَنُبَوِّئَنَّهُمْ لننزلنهم فِي الدُّنْيا حَسَنَةً اى مباءة حسنة وهى المدينة المنورة حيث آواهم أهلها ونصروهم. يقال بوأه منزلا أنزله والمباءة المنزل فهى منصوبة على الظرفية او على انها مفعول ثان ان كان لنبوئنهم فى معنى لنعطينهم وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ المعد لهم فى مقابلة الهجرة أَكْبَرُ مما يعجل لهم فى الدنيا فى المدارك الوقف لازم عليه لان جواب قوله لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ محذوف والضمير للكفار اى لو علموا ان الله تعالى يجمع لهؤلاء المهاجرين خير الدارين لوافقوهم فى الدين ويجوز ان يعود الى المؤمنين المهاجرين فانهم لو علموا علم المشاهدة لازدادوا فى المجاهدة والصبر وأحبوا الموت وليس الخبر كالمعاينة الَّذِينَ اى المهاجرون هم الذين صَبَرُوا على مفارقة الوطن الذي هو حرم الله المحبوب فى كل قلب فكيف بقلوب قوم هو مسقط رؤسهم- روى- ان النبي ﷺ لما توجه مهاجرا الى المدينة وقف ونظر الى مكة وبكى وقال (والله انى لا خرج منك وانى لا علم انك أحب بلاد الله الى الله تعالى وأكرمها على الله ولولا ان أهلك أخرجوني منك ما خرجت) قال الهمام
مشتاب ساربان كه مرا پاى در كلست در كردنم ز حلقه زلفش سلاسلست
تعجيل ميكنى تو و پايم نمى رود بيرون شدن ز منزل اصحاب مشكلشت
چون عاقبت ز صحبت ياران بريد نيست پيوند با كسى نكند هر كه عاقلست
وكذا صبروا على مفارقة الأهل والشدائد من اذية الكفار وبذل الأرواح ونحو ذلك وَعَلى رَبِّهِمْ خاصة يَتَوَكَّلُونَ منقطعين اليه معرضين عما سواه مفوضين اليه الأمر كله والمعنى على المضي والتعبير بصيغة المضارع لاستحضار صورة توكلهم البديعة والاشارة وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ بالأبدان عما نهى الله عنه بالشريعة وهاجروا بالله بالقلوب عن الحظوظ الاخروية برعاية الطريقة وهاجروا الى الله بالأرواح عن مقامات القربة ورؤية الكرامات بجذبات الحقيقة بل هاجروا عن الوجود المجازى مستهلكا فى بحر الوجود الحقيقي حتى لم يبق لهم فى الوجود سوى الله من بعد ما ردوا الى أسفل السافلين لننزلنهم على اقرب القرب فى حال حياتهم ولا جر الآخرة اى بعد الخروج من الدنيا والخلاص من حبس أوصاف البشرية وتلوثها بها اكبر اى أعظم وأجل وأصفى وأهنى وامرى مما كان لهم من حسنات الدنيا لو كانوا
يظن القبول وقال رويم لابن خفيف اجعل عملك ملحا وأدبك دقيقا: وفى المثنوى
از خدا جوييم توفيق وادب بي ادب محروم كشت از لطف رب «١»
بي ادب تنها نه خود را داشت بد بلكه آتش در همه آفاق زد
هر كه نامردى كند در راه دوست رهزن مردان شد ونامرد اوست
اللهم اجعلنا من المتأدبين بآداب حبيبك وأصحابه الى يوم السؤال وجوابه أَوَلَمْ يَرَوْا الهمزة للانكار وهى داخلة فى الحقيقة على النفي وانكار النفي نفى له ونفى النفي اثبات. والرؤية هى البصرية المؤدية الى التفكر والضمير لكفار مكة اى ألم ينظروا ولم يروا إِلى ما خَلَقَ اللَّهُ اى قد رأوا أمثال هذه الصنائع فما لهم لم يتفكروا فيه ليظهر لهم كمال قدرته وقهره فيخافوا منه مِنْ شَيْءٍ بيان لما الموصولة اى من كل شىء يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ اى ترجع شيأ فشيأ من جانب الى جانب وتدور من موضع الى موضع حسبما تقتضيه ارادة الخالق فان التفيؤ مطاوع الافاءة قال فى تهذيب المصادر التفيؤ [باز آمدن سايه بعد از انتصاف النهار] ولا يكون التفيؤ الا بالعشي قال الله تعالى يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ انتهى. والظلال جمع الظل وهو بالفارسية [سايه] والجملة صفة لشئ قال فى الإرشاد ولعل المراد بالموصول الجمادات من الجبال والأشجار والأحجار التي لا يظهر لظلالها اثر سوى التفيؤ بارتفاع الشمس وانحدارها واما الحيوان فظله يتحرك بتحركه وفى التبيان يريد به الشجر والنبات وكل جسم قائم له ظل عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ متعلق بيتفيئ. والشمائل جمع شمال. ؟؟؟ ضد اليمين وبالفتح الريح التي مهبها بين مطلع الشمس وبنات نعش او من مطلع النعش الى مسقط النسر الطائر كما فى القاموس اى ألم يروا الأشياء التي لها ظلال متفيئة عن إيمانها وشمائلها اى عن جانبى كل واحد منها وشقيه وفى التبيان اى فى أول النهار عن اليمين وفى آخره عن الشمال يعنى من جانب الى جانب إذا كنت متوجها الى القبلة استعارة من يمين الإنسان وشماله لجانبى الشيء وتوحيد اليمين وجمع الشمائل لان مذهب العرب إذا اجتمعت علامتان فى شىء واحد ان يلغى واحد ويكتفى بأحدهما كقوله تعالى وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ وقوله تعالى يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ كذا فى الاسئلة المقحمة والاشارة ان المخلوقات على نوعين. منها ما خلق من شىء كعالم الخلق وهو عالم الأجسام. ومنها ما خلق من غير شىء كعالم الأمر وهو عالم الأرواح كما قال تعالى أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ وانما سمى عالم الأرواح الأمر لانه خلقه بامر كن من غير شىء بلا زمان كما قال تعالى خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً يعنى خلقت روحك من قبل خلق جسدك ومنه قوله عليه السلام (ان الله خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي الف عام) كذا فى التأويلات النجمية سُجَّداً لِلَّهِ اى حال كون تلك الظلال ساجدين لله دائرين على مراد الله فى الامتداد والتقلص وغيرهما غير ممتنعة عليه فيما سخرها له من التفيؤ وَهُمْ داخِرُونَ يقال دخر كمنع وفرح دخورا ودخرا صغر وذل وادخره كما فى القاموس وهو حال من الضمير فى ظلاله والجمع باعتبار المعنى إذ المراد ظلال كل شىء وإيراد صيغة الخاصة بالعقلاء لان الدخور من خصائصهم أو لأن من جملة ذلك من يعقل
(١) در أوائل دفتر يكم در بيان خواستن توفيق رعايت ادب ووخامت بي ادبى
ابغض على الله من الهوى) فقال إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ اى الذي خلق الهوى وسائر الآلهة فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ فانى انا الذي يستحق ان يرغب اليه ويرهب منه لا الهوى والآلهة فانهم لا يقدرون على نفع ولا ضر وعن بعضهم قال انكسرت بنا السفينة وبقيت انا وامرأتى على لوح وقد ولدت فى تلك الحالة صبية فصاحت بي وقالت يقتلنى العطش فقلت هو ذا يرى حالنا فرفعت راسى فاذا رجل فى الهواء جالس وفى يده سلسلة من ذهب فيها كوز من ياقوت احمر فقال هاك اشربا فاخذت الكوز وشربنا منه فاذا هو أطيب رائحة من المسك وأبرد من الثلج واحلى من العسل فقلت من أنت يرحمك الله فقال عبد لمولاك فقلت بم وصلت الى هذا قال تركت الهوى لمرضاته فاجلسنى على الهواء ثم غاب عنى فلم أره رضى الله عنه ومن الإشارات ان كاشف الضر هو الله تعالى فمن أراد كشفه عن الأسباب لا عن المسبب فقد أشرك ألا ترى ان وكيل السلطان إذا قضى لك حاجة فانت وان كنت شاكرا لفعله ولكن انما تدعو فى الحقيقة للسلطان حيث قلد العمل لمثل هذا فحاجتك انما قضيت فى الحقيقة من قبل السلطان من حيث ان فعل هذا خلف حجاب الأسباب لا بالأسباب فافهم. ومنها ان الكفران سبب لزوال النعمة: وفى المثنوى
باشد آن كفران نعمت در مثال كه كنى با محسن خود تو جدال
كه نمى آيد مرا اين نيكوئى من برنجم زين چهـ رنجه ميشوى
لطف كن اين نيكوئى را دور كن من نخواهم عاقبت رنجور كن
نسأل الله العصمة من الكفار وعذابه وَيَجْعَلُونَ اى كفار مكة لِما لا يَعْلَمُونَ اى للاصنام التي لا يعلم الكفار حقيقتها وقدرها الخسيس ويعتقدون فيها انما تضر وتنفع وتشفع عند الله تعالى نَصِيباً [بهره] مِمَّا رَزَقْناهُمْ من الزرع والانعام وغيرهما تقربا إليها فقالوا هذا الله بزعمهم وهذا لشركائنا وهو مذكور فى الانعام ويحتمل ان يعود ضمير لا يعلمون الى الأصنام وصيغة جمع العقلاء لكون ما عبارة عن آلهتهم التي وصفوها بصفات العقلاء اى الأشياء التي غير موصوفة بالعلم ولا تشعرأ جعلوا لها نصيبا وحظا فى أنعامهم وزروعهم أم لا تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ سؤال توبيخ وتقريع عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ فى الدنيا بانها آلهة حقيقة بان يتقرب إليها وفيه اشارة الى ان اصحاب النفوس والأهواء يجعلون مما رزقهم الله من الطاعات نصيبا بالرياء لمن لا علم لهم بأحوالهم ليحسنوا فى حقهم ظنا ويكتسبوا عندهم منزلة وهم غافلون فارغون عن توهمهم وافترائهم فى نفوسهم عليهم
بروى ريا خرقه سهلست دوخت كرش با خدا در توانى فروخت
وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ هم خزاعة وكنانة كانوا يقولون الملائكة بنات الله [وسخن بعضى از كفار اين بود كه حق تعالى با جن مصاهرت كرد وملائكه متولد شد نعوذ بالله] سُبْحانَهُ [پاكست خداى از قول ايشان كه ميكويند خداى تعالى دختران دارد] وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ من البنين اى يختارون لانفسهم الأولاد الذكور ما مرفوعة المحل على انها مبتدأ والظرف المقدم خبره والجملة حالية ثم وصف كراهتهم البنات لانفسهم فقال
منها لان غالب هوى الخلق فى الذكور وفسر بعض شراح المصابيح الإحسان إليهن بالتزويج بالاكتفاء لكن الاوجه ان يعمم قال بعض الفقهاء لا يزوج بنته معتزليا فان اختلاف الاعتقاد بين السنى والبدعى كاختلاف الدين وشأن التقوى الاحتراز عن صحبة غير المجانس ومصاهرته
آن يكى را صحبت أخيار يار لا جرم شد پهلوى فجار جار «١»
وقال ﷺ (سألت الله ان يرزقنى ولدا بلا مؤونة فرزقنى البنات) وقال (لا تكرهوا البنات فانى ابو البنات) ومن لطائف الروضة سأل الحجاج بعض جلسائه عن ارق الصوت عندهم فقال أحدهم ما سمعت صوتا ارق من صوت قارئ حسن الصوت يقرأ كتاب الله فى جوف الليل قال ذلك الحسن وقال آخر ما سمت صوتا اعجب من ان اترك امرأتى ما خضا وأتوجه الى المسجد بكيرا فيأتينى آت فيبشرنى بغلام فقال وا حسناه فقال شعبة بن علقمة التميمي لا والله ما سمعت قط اعجب الى من ان أكون جائعا فاسمع خفخفة الخوان فقال الحجاج أبيتم يا بنى تميم الا الزاد
ايها المحبوس فى رهن الطعام سوف تنجو ان تحملت الفطام
چون ملك تسبيح حق را كن غذا تا رهى همچون ملائك از أذى
وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ فاعل هنا بمعنى فعل النَّاسَ اى الكفار بِظُلْمِهِمْ بكفرهم ومعاصيهم ما تَرَكَ عَلَيْها اى على الأرض المدلول عليها بالناس وبقوله مِنْ دَابَّةٍ لانها ما يدب على الأرض والعرب تقول فلان أفضل من عليها وفلان أكرم من تحتها فيردون الكناية الى الأرض والسماء من غير سبق ذكر لظهور الأمر بين يدى كل متكلم وسامع ومن هذا القبيل قولهم والذي شقهن خمسا من واحدة يعنى الأصابع من اليد ولم يقل على ظهرها احترازا عن الجمع بين الظاءين فى كلام واحد وهو لو وجوابه فانه ثقيل فى كلام العرب. والمعنى ما ترك على وجه الأرض من دابة قط بل أهلكها بالكلية بشؤم ظلم الظالمين كقوله تعالى وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً فهلاك الدواب بآجالها وهلاك الناس عقوبة وعن ابى هريرة انه سمع رجلا يقول ان الظالم لا يضر الا نفسه فقال بلى والله حتى ان الحبارى لتموت فى وكرها بظلم الظالم وعن ابن مسعود رضى الله عنه لو عذب الله الخلائق بذنوب بنى آدم لاصاب العذاب جميع الخلائق حتى الجعلان فى جحرها ولامسكت السماء عن الأمطار ولكن آخرهم بالعفو والفضل يقول الفقيران اثر الظلم ضار صورة ومعنى وذلك ان أحدا إذا احرق بيته يسرى ذلك الى بيوت المحلة بل البلدة ويحترق بسببه الدواب والهوام
بي ادب تنها نه خود را داشت بد بلكه آتش در همه آفاق زد «٢»
وَلكِنْ لا يؤاخذهم بذلك بل يُؤَخِّرُهُمْ يمهلهم بحلمه إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى اى معين لاعمارهم او لعذابهم كى يتوالدوا ويتناسلوا او يكثر عذابهم فَإِذا جاءَ [پس چون بيايد] أَجَلُهُمْ المسمى لا يَسْتَأْخِرُونَ عن ذلك الاجل اى لا يتأخرون. وصيغة الاستفعال للاشعار بعجزهم عنه مع طلبهم له
(١) در أوائل دفتر يكم در بيان در خواستن توفيق إلخ
(٢) در أوائل دفتر پنجم در بيان آنكه نورى كه غذاى جان است غذاى جسم اولياست إلخ
ولو علم الله فيهم خيرا لا سمعهم والحق تعالى تارة يتلو عليك الكتاب من الكبير الخارج وتارة يتلو عليك من نفسك فاسمع وتأهب لخطاب مولاك إليك فى أي مقام كنت وتحفظ من الوقر والصمم فالصمم آفة تمنعك عن ادراك تلاوته عليك من الكتاب الكبير وهو الكتاب المعبر عنه بالفرقان والوقر آفة تمنعك من ادراك تلاوته عليك من نفسك المختصرة وهو الكتاب المعبر عنه بالقرآن إذ الإنسان محل الجمع لما تفرق فى العالم الكبير وعلامة السامعين المتحققين فى سماعهم انقيادهم إلى كل عمل مقرب الى الله تعالى من جهة سماعه اعنى من التكليف المتوجه على الاذن من امر او نهى كسماعه للعلم والذكر والثناء على الحق تعالى والموعظة الحسنة والقول الحسن ومن علامته ايضا التصامم عن سماع الغيبة والبهتان والسوء من القول والخوض فى آية الله والرفث والجدال وسماع القينات وكل محرم حجر الشارع عليك سماعه قال الله تعالى أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ فالكافر الخائض والمنافق الجليس له المستمع لخوضه كذلك من جالس الصديقين والعارفين فى مجالسهم المطهرة وأنديتهم المقدسة فانه شريك لهم فى كل خير ينالون من الله تعالى وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام فيهم (انهم القوم لا يشقى بهم جليسهم) فالمرؤ مع من جالس فى الدنيا بالطاعة والأدب الشرعي وفى الآخرة بالمعاينة والقرب المشهدي نسأل الله تعالى ان يجعلنا مع الصلحاء فى الدنيا والآخرة انه الفياض الوهاب وَإِنَّ لَكُمْ ايها الناس فِي الْأَنْعامِ جمع نعم بالتحريك وهى الأنواع الاربعة التي هى الإبل والبقر والضأن والمعز. والمعنى بالفارسية [در وجود چهار پايان] لَعِبْرَةً دلالة يعبر بها من الجهل الى العلم كأنه قيل كيف العبرة فقيل نُسْقِيكُمْ [مى آشامانيم شما را] قال الزجاج سقيته وأسقيته بمعنى واحد وفى الاسئلة المقحمة يقال أسقيته إذا جعلت له سقيا دائما وسقيته إذا أعطيته شربه مِمَّا فِي بُطُونِهِ من للتبعيض لان اللبن بعض ما فى بطونه والضمير يعود الى بعض الانعام وهو الإناث لان اللبن لا يكون للكل او الى المذكور اى فى بطون ما ذكرنا قاله الكسائي. والمعنى بالفارسية [بعضى از آنچهـ كه در شكمهاى ذوات ألبانست از جنس نعم] مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً من ابتدائية متعلقة بنسقيكم لان بين الفرث والدم مبدأ الاسقاء والفرث فضالة العلف فى الكرش وثفله والكرش للحيوان بمنزلة المعدة للانسان خالِصاً صافيا ليس عليه لون الدم ولا رائحة الفرث سائِغاً بالفارسية [كوارنده] لِلشَّارِبِينَ اى سهل المرور فى حلقهم قيل لم يغص أحد باللبن قط وليس فى الطعام والشراب انفع منه ألا يرى الى قوله عليه السلام (إذا أكل أحدكم طعاما فليقل اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه وإذا شرب لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فأنى لا اعلم شيأ انفع فى الطعام والشراب منه) قال فى الكواشي المعنى خلق الله اللبن فى مكان وسط بين الفرث والدم وذلك ان الكرش إذا طبخت العلف صار أسفله فرثا وأوسطه لبنا خالصا لا يشوبه شىء وإعلاء دما وبينه وبينهما حاجز من قدرة الله لا يختلط أحدهما بالآخر بلون ولا طعم ولا رائحة مع شدة الاتصال ثم تسلط الكبد على هذه الأصناف الثلاثة تقسمها فتجرى الدم فى العروق واللبن فى الضروع ويبقى الفرث فى الكرش ثم ينحدر فان قلت ان اللبن
ذنبه ما تقدم منه وما تأخر وكان أسير الله فى الأرض وشفيعا لاهل بيته يوم القيامة) - روى- ان رجلا قال للنبى عليه الصلاة والسلام أصابني فقر فقال (لعلك مشيت امام شيخ) وأول من شاب من ولد آدم ابراهيم عليه السلام فقال يا رب ما هذا قال هذا نورى فقال رب زدنى من نورك ووقارك وكان الرجل فى القرون الاولى لا يحتلم حتى يأتى عليه ثمانون سنة وعن وهب ان أصغر من مات من ولد آدم ابن مائتى سنة قال بعض المشايخ هذه الامة وان كانت أعمارهم قصارا قليلة لكن امدادهم كثيرة وهم ينالون فى زمن قصير ما ناله الأقدمون فى مدة طويلة من المرتبة وهذا فضل من الله تعالى قال حكيم ان خير نصفى عمر الرجل آخره يذهب جهله ويثوب حلمه ويجتمع رأيه وشرّ نصفى عمر المرأة آخره يسوء خلقها ويحد لسانها ويعقم رحمها وفى الحديث (خير شبابكم من تشبه بكهولكم وشر كهولكم من تشبه بشبابكم) يقول الفقير هذا يشمل التشبه بانواعه فى الأقوال والأحوال والافعال والقيام والقعود واللباس ونحوها فالصوفى شيخ فى المعنى لان مراده الفناء عن الأوصاف كلها فينبغى له ان يلبس لباس الكهول وان كان شابا وفى الحديث (من اتى عليه أربعون سنة ثم لم يغلب خيره شره فليتجهز الى النار) قال يحيى بن معاذ رحمه الله مقدار عمرك فى جنب عيش الآخرة كنفس واحد فاذا ضيعت نفسك فخسرت الابد انك لمن الخاسرين وفى الآية اشارة الى الفناء والبقاء فالمتوفى هو الفاني عن اثبات وجوده والمردود هو الباقي بوجود موجد وجوده وقوله لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً اى ليكون عاقبة امره ان لا يعلم بعد فناء علمه شيأ بعلمه بل يعلم بربه الأشياء كما هى كما فى التأويلات النجمية وَاللَّهُ تعالى وحده فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ اى جعلكم متفاوتين فيه فمنكم غنى ومنكم فقير ومنكم مالك ومنكم مملوك. والرزق ما يسوقه الله تعالى الى الحيوان من المطعومات والمشروبات. وفيه تنبيه على ان غنى المكثر ليس من كياسته ووفور عقله وكثرة سعيه ولا فقر المقل من بلادته ونقصان عقله وقلة سعيه بل من الله تعالى ليس الا
كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا
قال الحافظ
سكندر را نمى بخشند آبى بزور وزر ميسر نيست اين كار
قال ابن الشيخ وهذا التفاوت غير مختص بالمال بل هو واقع فى الذكاء والبلادة والرشد والدناءة والحسن والقباحة والصحة والسقامة وغير ذلك
كنج زر گر نبود گنج قناعت باقيست آنكه آن داد بشاهان بگدايان اين داد
وفى التأويلات النجمية فضل الله الأرواح على القلوب فى رزق المكاشفات والمشاهدات بعد الفناء والرد الى البقاء. وفضل القلوب على النفوس فى رزق الزهد والورع والتقوى والصدق واليقين والايمان والتوكل والتسليم والرضى. وفضل النفوس على الأبدان فى رزق التزكية ومقاساة شدائد المجاهدات والصبر على المصائب والبلايا وحمل أعباء الشريعة بإشارات الطريقة وتبديل الأخلاق الذميمة بالحميدة وفضل أبدان المؤمنين. على أبدان الكافرين فى رزق
56
الأعمال التي هى اركان الشريعة وقراءة القرآن والذكر باللسان مشرفة بإخلاص بالجنان فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا اى فليس الموالي الذين فضلوا فى الرزق على المماليك بِرَادِّي رِزْقِهِمْ اى بمعطى رزقهم الذي رزقهم إياه أصله رادين سقط النون للاضافة عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ على مماليكهم الذين هم شركاؤهم فى المخلوقية والمرزوقية فَهُمْ اى الملاك والمماليك فِيهِ فى الرزق سَواءٌ فى الفاء دلالة على ترتب التساوي على الرد اى لا يردون عليهم ردا مستتبعا للتساوى فى التصرف والتشارك فى التدبير وانما يردون عليهم منه شيأ يسيرا والحاصل انهم لا يجعلون ما رزقناهم من الأموال وغيرها شركة بينهم وبين مماليكهم بحيث لا يرضون بمساواة مماليكهم لا نفسهم وهم أمثالهم فى البشرية والمخلوقية فما بالهم كيف جعلوا مماليكه تعالى ومخلوقه شركاء له مع كمال علوه فأين التراب ورب الأرباب. وهذا كما ترى مثل ضرب لكمال قباحة ما فعله المشركون تقريعا عليهم وكانوا يقولون فى التلبية لبيك لا شريك لك الا شريك هولك أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ الفاء للعطف على مقدر وهى داخلة فى المعنى على الفعل والجحود الإنكار والباء لتضمينه معنى الكفر. والمعنى
أبعد علمهم بان الرزاق هو الله تعالى يشركون به فيجحدون نعمته فان الإشراك يقتضى ان يضيفوا نعم الله الفائضة عليهم الى شركائهم وينكروا كونها من عند الله تعالى فالله تعالى يدعو عباده بهذه الآية إلى التوحيد ونفى الشرك حتى. يتخلصوا من الشرك والظلمات ويتشرفوا بالتوحيد الخالص والأنوار العاليات فعلى العبد الطاعة والسعى الى تحصيل الرضوان والعرفان وانما الرزق على المولى الكريم المنان ومن الكلمات التي نقلها كعب الأحبار عن التوراة «يا ابن آدم خلقتك لعبادتى فلا تلعب وقسمت رزقك فلا تتعب وفى اكثر منه لا تطمع ومن اقل منه لا تجزع فان أنت رضيت بما قسمته لك أرحت قلبك وبدنك وكنت عندى محمودا وان كنت لم ترض به وعزتى وجلالى لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحش فى البر ولا ينالك منها الا ما قسمته لك وكنت عندى مذموما يا ابن آدم خلقت لك السموات والأرضين. ولم اعى بخلقهن أيعييني رغيف اسوقه إليك من غير تعب. يا ابن آدم أنا لك محب فبحبى عليك كن لى محبا يا ابن آدم لا تطالبنى برزق غد كمالا اطالبك بعمل غد فانى لم انس من عصانى فكيف من أطاعني» واعلم ان عباد الله فى باب الرزق على وجوه. منهم من جعل رزقه فى الطلب فمن جعل رزقه فى الطلب فعليه بكسب الحلال الطيب كعمل اليد مثلا. ومنهم من جعل رزقه فى القناعة وهى فى اللغة الرضى بالقسمة وفى اصطلاح اهل الحقيقة هى السكون عند عدم المألوفات. ومنهم من جعل رزقه فى التوكل وهو الثقة بما عند الله واليأس مما فى أيدي الناس. ومنهم من جعل رزقه فى المشاهدة والمجاهدة كما قال ﷺ (أبيت عند ربى يعطعمنى ويسقينى) وهو اشارة الى المشاهدة وقال (جعل رزقى تحت ظل رمحى) وهو اشارة الى المجاهدة فعلى العاقل المجاهدة والعبادة لله تعالى حالصا لا لأجل تنعم النفس فى الجنة والخلاص من النار فانها معلولة والمعبود فى الحقيقة هو الثواب والعقاب ولذا قال فى المثنوى
هشت جنت هفت دوزخ پيش من هست پيدا همچوبت پيش وثن «١»
(١) در اواخر دفتر يكم در بيان پرسيدن پيغمبر ﷺ مر زيد را إلخ
57
پسنديده كه بهر مطلب كه توجه نمايد زود بمقصد ومقصود رسد پس چنانكه بجاهل مساوى اين كامل فاضل نيست پس بتان بي اعتبار را مساوات با حضرت پروردگار جل شانه نباشد] وقال الامام السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام فيما أبهم من القرآن. ان الأبكم هو ابو جهل واسمه عمر وبن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. والذي يأمره بالعدل عمار بن ياسر العنسي وعنس بالنون حى من مدلج وكان حليفا لبنى مخزوم رهط ابى جهل وكان ابو جهل يعذبه على الإسلام ويعذب امه سمية وكانت مولاة لابى جهل وقال لها ذات يوم انما آمنت بمحمد لانك تحبينه لجماله ثم طعنها بالرمح فى فيها فماتت فكانت أول شهيدة فى الإسلام وفى الآية اشارة الى ان النفس الامارة لا تقدر على شىء من الخير لان من شأنها متابعة هواها ومخالفة مولاها وان الروح من شأنه ان يأمر النفس بطاعة الله وحسن عبوديته كما ان النفس تأمر الروح بمعاصي الله وعبودية هواها فالتوفيق فى جانب الروح واعداء المؤمن ثلاثة النفس والشيطان والدنيا فحارب النفس بالمخالفة وحارب الشيطان بالذكر وحارب الدنيا بالقناعة وعن حكيم نفسك لصك فاحفظها وهى عدوك فجاهدها كذا فى الخالصة وَلِلَّهِ تعالى خاصة لا لاحد غيره استقلالا ولا اشراكا وكان كفار قريش يستعجلون وقوع القيامة استهزاء فانزل الله تعالى هذه الآية غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى علم ماغاب فيهما عن العباد قال فى الإرشاد فيه اشعار بان علمه سبحانه حضورى فان تحقق الغيوب فى أنفسها علم بالنسبة اليه تعالى ولذلك لم يقل ولله علم غيب السموات والأرض وَما أَمْرُ السَّاعَةِ الساعة اسم لوقت تقوم فيه القيامة سمى بها لانها ساعة خفيفة يحدث فيها امر عظيم اى وما شأن قيام القيامة التي هى من الغيوب فى سرعة المجيء إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ اللمح النظر بسرعة اى كرجع الطرف من أعلى الحدقة الى أسفلها. يعنى [آوردن خداى تعالى مر قيامت را آسانترست از آنكه شما ديده بر هم زنيد] أَوْ هُوَ اى بل أمرها فيما ذكر من السرعة والسهولة أَقْرَبُ من لمح البصر واسرع زمانا قال الكاشفى [اقرب نزديكتر است چهـ لمح بصر دو فعل است وضع جفن ورفع آن وإيقاع قيامت بإحياء موتى يك فعل پس ممكن است ووقوع آن در نصف زمان اين حركت] وأو ليست للشك بل للتخيير اى تخيير المخاطبين بين ان يشبهوا امر قيامها بلمح البصر وان يقولوا هو اقرب وانما ضرب به المثل لانه لا يعرف زمان اقل منه إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ. قَدِيرٌ فهو يقدر على ان يقيم الساعة ويبعث الخلق لان بعض المقدورات. يعنى [تواند احياء خلائق دفعة چنانچهـ قادر است بر احياء ايشان بر سبيل تدريج پس از ابتداء طهور ايشان خبر داد تا از مبدأ وبر معاد استدلال كنند] واعلم انهم قالوا [كر چهـ قيامت دير آمد ولى مى آمد] يعنى هودان عند الله تعالى وان كان بعيدا عندنا فلابد من التهيؤ له وعن انس بن مالك رضى الله عنه ان رجلا قال للنبى ﷺ متى الساعة فقال عليه السلام (ما اعددت لها) قال لا شىء الا انى أحب الله ورسوله نقال (أنت مع من أحببت) وشرط كون المرء مع من أحب ان يشترك معه فى الدين ويتحد ومن مقتضاه إتيان المأمورات وترك المحظورات فان المحبة الكاملة لا تحصل الا به فمن خالف امر الله تعالى وامر نبيه فقد فارقهما فكيف يحبهما مع البينونة: قال الشيخ سعدى قدس سره
اخر مغايرة لبيوتكم المعهودة وهى الخيام والقباب والاخبية والفساطيط من الانطاع والادم تَسْتَخِفُّونَها تجدونها خفيفة يخف عليكم نقضها وحملها ونقلها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ اى وقت ترحلكم وسفركم وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وقت نزولكم فى الضرب والبناء وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها جمع صوف ووبر وشعر والكنايات راجعة الى الانعام اى وجعل لكم من أصواف الضأن وأوبار الإبل واشعار المعز أَثاثاً اى متاع البيت مما يلبس ويفرش وَمَتاعاً اى شيأ يمتع به بفنون التمتع إِلى حِينٍ الى مدة من الزمان فانها لصلابتها تبقى مدة مديدة قال الجاحظ اتفقوا على ان الضأن أفضل من المعز بدليل الاضحية ويفضل المعز على الضأن لغزارة اللبن وثخانة الجلد وما نقص من ألية المعز يزيد فى شحمه ولذلك قالوا زيادة المعز فى بطنه ولما خلق الله جلد الضأن رقيقا غزر صوفه ولما خلق الله جلد المعز ثخينا قل شعره كذا فى حياة الحيوان فالله تعالى خلق هذه الانعام للانتفاع بجلودها ولحومها وأصوافها واوبارها واشعارها ويجوز الانتفاع بشحوم الميتة وعن جابر بن عبد الله انه سمع رسول الله ﷺ يقول عام الفتح وهو بمكة (ان الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام) فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فانه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال (لا هو حرام) والاستصباح [چراغ فرا كرفتن] وكما ان هذه الحيوانات وما يتبعها ينتفع بها الإنسان فى سفره وحضره فكذا القوى الحيوانية والحواس الخمس ينتفع بها السالك فى السير الى الله فانها مطية وفى وقت الوقفة للاستراحة والتربية فانها مما لا بد منه لكونها من الأسباب المعينة: قال الكمال الخجندي
با كرم روى واقف اين راه چنين كفت آهسته كه اين ره بدويدن نتوان يافت
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ من غير صنع من قبلكم ظِلالًا جمع ظل وهو ما يستظل به اى أشياء تستظلوا بها من الحر كالغمام والشجر والجبل وغيرها امتنّ سبحانه بذلك لما ان تلك الديار غالبة الحرارة وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً [پوششها] جمع كن وهو ما يستكن فيه اى مواضع تستكنون فيها من الكهوف والغيران والسروب قال عطاء انما انزل القرآن على قدر معرفتهم ألا ترى انه تعالى قال وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وما جعل من السهولة أعظم منه ولكنهم كانوا اصحاب جبال وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ جمع سربال وهو كل ما يلبس اى جعل لكم ثيابا من القطن والكتان والصوف وغيرها تَقِيكُمُ الْحَرَّ [نكاه ميدارد شما را از ضرر كرما] ولم يذكر البرد لدلالته عليه لانه نقيضه او لان وقايته هى الأهم عندهم لكون البرد يسيرا محتملا بخلاف الديار الرومية فانها غالبة البرودة ولذا قيل الحر يؤذى الرجل والبرد يقتله قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره برد الربيع غير مضر لكن هذا فى ديار العرب فان فى برد تلك الديار اعتدالا بخلاف ديارنا وفى الحديث (اغتنموا برد الربيع فانه يعمل بأبدانكم كما يعمل بأشجاركم واجتنبوا برد الخريف فانه يعمل بأبدانكم كما يعمل بأشجاركم) : وفى المثنوى
آن خزان نزد خدا نفس وهواست عقل وجان عين بهارست وبقاست «١»
(١) در اواسط دفتر يكم در بيان حديث اغتنموا برد الربيع فانه يعمل بأبدانكم إلخ
وبي عذاب نكذارند] فكل من وضع الكفر واعمال الطبيعة موضع الايمان واعمال الشريعة فلا يخفف عنه أثقال الأخلاق الذميمة ولا يؤخر لتبديل مذمومها يمحمودها وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ أوثانهم التي عبدوها قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا اى آلهتنا التي جعلناها شركاء الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ اى تعبدهم متجاوزين عبادتك وهو اعتراف بانهم كانوا مخطئين فى ذلك والتماس بتوزيع العذاب بينهم فَأَلْقَوْا اى شركاؤهم إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ يقال ألقيت الى فلان كذا اى قلت اى أنطقهم الله تعالى فاجابوهم بالتكذيب وقالوا لهم إِنَّكُمْ ايها المشركون لَكاذِبُونَ فى ادعائكم اننا شركاء لله إذ ما أمرناكم بعبادتنا وكنا مشغولين بتسبيح الله وطاعته فارغين عنكم وعن أحوالكم كما قال تعالى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَأَلْقَوْا اى المشركون إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ الاستسلام والانقياد لحكمه بعد الاستكبار عنه فى الدنيا چون كار ز دست رفت فرياد چهـ سود وَضَلَّ عَنْهُمْ اى ضاع وبطل ما كانُوا يَفْتَرُونَ من ان لله شركاء وانهم ينصرونهم ويشفعون لهم وذلك حين كذبوهم وتبرأوا منهم الَّذِينَ كَفَرُوا فى أنفسهم وَصَدُّوا غيرهم عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بالمنع عن الإسلام والحمل على الكفر زِدْناهُمْ عَذاباً لصدهم فَوْقَ الْعَذابِ اى كانوا يستحقونه بكفرهم. والمعنى بالفارسية [بيفزاييم ايشانرا عذابى بر عذابى] بِما كانُوا يُفْسِدُونَ اى زدنا عذابهم بسبب استمرارهم على الإفساد وهو الصد المذكور قال ابن جبير فى زيادة عذابهم هى عقارب أمثال البغال وحيات أمثال البخت تلسع إحداهن للسعة فيجد صاحبها حميتها أربعين خريفا ويقال يسألون الله تعالى الف سنة المطر ليسكن ما بهم من شدة الحر فيظهر لهم سحابة فيظنون انها تمطر فجعلت السحابة تمطر عليهم بالحيات والعقارب فيشتد المهم لانه إذا جاء الشر من حيث يؤمل الخير كان أغم وقال ابن عباس ومقاتل خمسة انهار من صفر مذاب كالنار تسيل من تحت العرش يعذبون بها ثلاثة على مقدار الليل واثنان على مقدار النهار: يعنى [پنج جوى از روى كداخته بطرف ايشان روان كردد وبسر جوى از ان معذب شوند در مقدار ساعات شبى از شبهاى دنيا وبد وجوى ديكر در مدت اندازه روزى از روزهاى اين جهان] يقول الفقير لعل سر هذا العدد ان اركان الإسلام خمسة لا سيما ان الصلوات الخمس فى تطهير الباطن كالانهار الخمسة الجارية لتطهر الظاهر فلما أضاعوا هذه الأركان وما أقاموها بدل الله بها خمسة انهار من الصفر المذاب ليعذبوابها ولكل عمل جزاء وفاق وَيَوْمَ نَبْعَثُ تكرير لما سبق تثنية للتهديد فِي كُلِّ أُمَّةٍ [وياد كن اى محمد روزيرا كه برانگيزانيم در ميان هر كروهى] شَهِيداً عَلَيْهِمْ اى نبيا مِنْ أَنْفُسِهِمْ من جنسهم قطعا لمعذرتهم لانه كان يبعث أنبياء الأمم فيهم منهم ولوط عليه السلام لما تأهل فيهم وسكن فيما بينهم كان منهم وفى قوله عليهم اشعار بان شهادة أنبيائهم على الإثم تكون بمحضر منهم وَجِئْنا بِكَ [وبياريم ترا يا محمد] شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ الأمم وشهدائهم كقونه تعالى فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً
وحين أسقطت من الخطب لعنة اللاعنين لعلى امير المؤمنين رضى الله عنه أقيمت هذه الآية مقامها كما فى بحر العلوم وقال الامام السيوطي فى كتاب الوسائل الى معرفة الأوائل أول من قرأ فى آخر الخطبة (ان الله يأمر بالعدل والإحسان) إلخ عمر بن عبد العزيز ولزمها الخطباء الى عصرنا هذا تولى عمر الخلافة سنة تسع وتسعين ومدة خلافته سنتان وخمسة أشهر وكان صاحب المائة الاولى بالإجماع. وكان ﷺ يقرأ «ق» اى فى آخر الخطبة. وكان عمر ابن الخطاب رضى الله عنه يقرأ إذا الشمس كورت الى قوله ما أحضرت. وكان عثمان بن عفان رضى الله عنه يقرأ آخر سورة النساء يستفتونك الآية. وكان على بن ابى طالب رضى الله عنه يقرأ الكافرون والإخلاص ذكر ذلك ابن الصلاح يقول الفقير انظر ان كلامنهم اختار ما يناسب الحال والمقام بحسب اختلاف الزمان والا لكفى لهم الاقتداء بالنبي عليه السلام فى تلاوة سورة «ق» ومنه يعرف استحباب الترضية والتصلية فانها كانت بحسب المصلحة المقتضية لها وهى رد الروافض ومن يتبعهم فى البغض ولا شك ان مثل ذلك من مهمات الدين فليس هذا بمنكر وانما المنكر ترجيعات المؤذنين ولحون الائمة والخطباء بحيث يحرفون الكلم عن مواضعه رعاية للنغمات والمقامات الموسيقية نعم قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره إذا كان الذكر بنغمة لذيذة فله فى النفس اثر كما للصورة الحسنة فى النظر. وأول من قرأ فى الخطبة ان الله وملائكته يصلون على النبي الآية المهدى العباسي وعليه العمل فى هذا الزمان اى فى الخطب المطولة واما فى الخطب المختصرة لبعض العارفين فليس ذلك فيه لكن المؤذن يقرأه عند خروج الخطيب والأحوط فى هذا الزمان ان يقرأ عنده ما اختاره حضرة الشيخ وفا قدس سره وهو عن ابى هريرة رضى الله عنه قال رسول الله ﷺ (إذا قلت لصاحبك انصت يوم الجمعة والامام يخطب فقد لغوت فاستمعوا وانصتوا رحمكم الله) وذلك لان اكثر المؤذنين اعتادوا فى الآية المذكورة ما يخرجها عن القرآنية من اللحن الفاحش ولنبك على غربة الدين ووحشة اهل اليقين وظهور البدع بين المسلمين وَأَوْفُوا اى استمروا على الإيفاء وهو بالفارسية [وفا كردن] قال الكاشفى [نزول آيت در شان جمعيست كه با حضرت رسالت ﷺ در مكه عهد بستند وغلبه قريش وضعف مسلمانان مشاهده كرده جزع واضطراب در ايشان پديد آمد شيطان خواست كه ايشانرا بفريبد تا نقض عهد پيغمبر كنند حق سبحانه وتعالى بدين آيت ايشانرا ثابت قدم كردانيد وفرموده كه وفا كنيد] بِعَهْدِ اللَّهِ وهو البيعة لرسول الله ﷺ على الإسلام فانها مبايعة لله تعالى لقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ لان الرسول فان فى الله باق بالله وفى الحديث (الحجر الأسود يمين الله فى ارضه فمن لم يدرك بيعة رسول الله فمسح الحجر فقد بايع الله ورسوله) والمبايعة من جهة الرسول هو الوعد بالثواب ومن جهة الآخر التزام طاعته وسميت المعاهدة مبايعة تشبيها بالمعاوضة المالية ثم هو عام لكل عهد يلتزمه الإنسان باختياره لان خصوص السبب لا ينافى عموم الحكم إِذا عاهَدْتُمْ إذا عاقدتم وواثقتم والعهد العقد والميثاق وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ التي تحلفون بها عند المعاهدة اى لا تحنثوا فى الحلف بَعْدَ تَوْكِيدِها
اى والله لنعطين الَّذِينَ صَبَرُوا على اذية المشركين ومشاق الإسلام التي من جملتها الوفاء بالعهود والفقر أَجْرَهُمْ الخاص بهم بمقابلة صبرهم على الأمور المذكورة وهو مفعول ثان لنجزين بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى لنجزينهم بما كانوا يعملونه من الصبر المذكور وانما أضيف اليه الأحسن للاشعار بكمال حسنه كما فى قوله تعالى وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ فقد علم من الآيات ان للوفاء بالعهد والثبات على الايمان والصبر على المشاق ثمرات دنيويه واخروية. فعلى العاقل ان لا ينقض المعاهدة التي بينه وبين الله وكذا بين العلماء العاملين والصلحاء الكاملين وعن بعض اهل العلم كنت بالمصيصة فاذا برجلين يتكلمان فى الخلوة مع الله تعالى فلما أرادا ان ينصرفا قال أحدهما للآخر تعال نجعل لهذا العلم ثمرة ولا يكون حجة علينا فقال له اعزم على ما شئت فقال ان لا آكل ما لمخلوق فيه صنع قال فتبعتهما وقلت انا معكما فقالا على الشرط قلت على أي شرط شرطتما فصعدا جبل لكام ودلانى على كهف وقالا تعبد فيه فدخلت فيه وجعل كل واحد يأتينى بما قسم الله تعالى وبقيت مدة ثم قلت الى متى أقيم هاهنا انا أسير الى طرطوس وآكل من الحلال واعلم الناس العلم واقرئ القرآن فخرجت ودخلت طرطوس وأقمت بها سنة فاذا انا برجل منهما قد وقف علىّ وقال يا فلان خنت فى عهدك ونقضت الميثاق ألا انك لو صبرت كما صبرنا لوهب لك ما وهب لنا قلت ما الذي وهب لكما قال ثلاثة أشياء طى الأرض من المشرق الى المغرب بقدم واحد والمشي على الماء والحجبة إذا شئنا ثم احتجب عنى ففى هذه الحكاية ما يغنى العاقل عن التصريح فانظر الى ذلك العالم كيف اختار ما عند الناس فحرم مما عند الله من الكرامات والكمالات وذلك ان نقض العهد بسبب عرض دنيوى فى صورة امر دينى فان التعليم واقرأ الناس وان كان من الأمور الاخروية الا انه لا بد لطالب الحق حين تخليه وانقطاعه من التجرد عن كل اسم ورسم وصورة: فان قيل منصب تعليم نوع شهوتيست وما يعقل هذا المقام الا العالمون وفى المثنوى
كر نبودى امتحان هر بدى هر مخنث دروغا رستم بدى
خود مخنث را زره پوشيده گير چون به بيند زحم كردد چون أسير
ونعم ما قيل وعند الامتحان يكرم الرجل او يهان فمن زل عند الامتحان فقد افتضح وذاق وجع القطيعة والفراق وماله من خلاق ومن ثبت وصبر وافتكر العاقبة ظفر بالمراد وجوزى جزاء لا يعلمه الا رب العباد فانه أعد لعباده الصالحين ما لا عين رأيت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر مَنْ [هر كه] عَمِلَ [بكند] صالِحاً اى عملا صالحا اى عمل كان وهو ما كان لوجه الله تعالى ورضاه ليس فيه هوى ولا رياء والفرق بينهما ان الهوى بالنسبة الى النفس والرياء بالنسبة الى الخلق مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى اى حال كون ذلك العامل من رجل او امرأة بينه بالنوعين ليعمهما الوعد الآتي ولا يتوهم التخصيص بالذكور بناء على كثرة استعمال لفظ من فيهم وان الإناث لا يدخلن فى اكثر الاحكام والمحاورات آلا بطريق التغليب او التبعية وَهُوَ اى والحال ان ذلك العامل
77
مُؤْمِنٌ قيده به إذ لا اعتداد باعمال الكفرة فى استحقاق الثواب وانما المتوقع عليها تخفيف العذاب كما قال النبي ﷺ (ان الله تعالى يأمر بالكافر السخي الى جهنم فيقول لمالك خازن جهنم عذبه وخفف عنه العذاب على قدر سخائه الذي كان فى دار الدنيا) كما فى تفسير السمرقندي ويؤيده ما قيل انه لما عرج النبي ﷺ اطلع على النار فرأى حظيرة فيها رجل لا تمسه النار فقال جبرائيل عليه السلام هذا حاتم طى صرف الله عنه عذاب جهنم بسخائه وجوده كما فى أنيس الوحدة فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً فى الدنيا يعيش عيشا طيبا لانه ان كان موسرا فظاهر وان كان معسرا فيطيب عيشه بالقناعة والرضى بالقسمة وتوقع الاجر العظيم فى الآخرة كالصائم يطيب نهاره بملاحظة نعيم ليله بخلاف الفاجر فانه ان كان معسرا فظاهر وان كان موسرا فلا يدعه الحرص وخوف الفوت ان يتهنأ بعيشه وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى ولنعطينهم فى الآخرة أجرهم الخاص بهم بما كانوا يعملون من الصالحات وانما أضيف اليه الأحسن للاشعار بكمال حسنه كما سبق فى حق الصابرين وفى التأويلات النجمية يشير بالذكر الى القلب وبالأنثى الى النفس فالعمل الصالح من النفس استعمال الشريعة بتقوى الله وصدقه على وفق الطريقة تزكية عن صفاتها الذميمة وافعالها الطبيعية والعمل الصالح من القلب حسن توجهه الى الله بالكلية لطلب الله والاعراض عما سواه تصفية للتحلية بصفات الله والتخلق بأخلاقه وبقوله فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً يشير الى احياء كل واحد منهما بالحياة الطيبة على قدر صلاحية عمله وحسن استعداد فى قبولها فاحياء النفس بالحياة الطيبة ان تصير مزكاة عن صقاتها متحلية بأخلاق القلب الروحاني مطمئنة بذكر الله راجعة الى ربها راضية مرضية واحياء القلب بالحياة الطيبة ان يصير متخلقا بأخلاق الله ويكون فانيا عن انانيته بهويته حيا بحياته طيبا عن دنس الاثنينية ولوث الحدوث فان الله طيب عن هذه الأوصاف فلا يقبل إلا طيبا ثم اعلم ان صلاحية اعمال العباد انما تكون على قدر صدقهم فى المعاملات وحسن استعدادهم فى قبول الفيض الإلهي فيكون طيب حياتهم بإحياء الله إياهم بحسب ذلك ولنجزينهم فى الآخرة اجر كل طائفة منهم باوفر ما كانوا يظنون ان يجازيهم الله على أعمالهم بيانه قوله وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً وعن بعض اصحاب الامام احمد بن حنبل رحمه الله قال لما مات احمد رأيته فى المنام وهو يمشى ويتبختر فى مشيه فقلت له يا أخي أي مشية هذه قال مشية الخدام فى دار السلام فقلت له ما فعل الله بك قال غفر لى وألبسني تعلين من ذهب وقال هذا جزاء قولك القرآن كلام الله المنزل غير مخلوق وقال يا احمد قم حيث شئت فدخلت الجنة فاذا سفيان الثوري رحمه الله له جناحان أخضران يطير بهما من نخلة الى نخلة وهو يقرأ هذه الآية الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ فقلت له أي شىء خبر عبد الواحد الوراق رحمه الله قال تركته فى بحر من النور يراد به الملك الغفور فقلت ما فعل بشر بن الحارث رحمه الله فقال بخ بخ ومن مثل بشر تركته بين يدى الجليل والجليل سبحانه مقبل عليه وهو يقول كل يا من لم
يأكل واشرب
78
والآخر جبر وكانا صيقلين [يعنى شمشيرها را صيقل زدندى] فكانا يقرآن كتابا لهم بلسانهم وكان رسول الله ﷺ يمر بهما ويسمع قراءتهما فكان المشركون يقولون يتعلم منهما فانزل الله تعالى هذه الآية وأكذبهم فالمراد بالبشر ذانك الغلامان لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ مبتدأ وخبر وكذا ما بعده لابطال طعنهم. والإلحاد الامالة من ألحد القبر إذا مال حفره عن الاستقامة فحفر فى شق منه ثم استعير لكل امالة عن الاستقامة فقالوا ألحد فلان فى قوله وألحد فى دينه ومنه الملحد لانه امال مذهبه عن الأديان كلها ولم يمله عن دين الى دين والأعجمي هو الذي لا يفصح وان كان عربيا والعجمي المنسوب الى العجم وان كان فصيحا. والمعنى لغة الرجل الذي يميلون اليه القول عن الاستقامة ويشيرون اليه انه يعلم محمدا أعجمية غير بينة وَهذا القرآن الكريم لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ذو بيان وفصاحة فكيف يصدر عن أعجم. يعنى ان القرآن معجز بنظمه كما انه معجز بمعناه لاشتماله على الاخبار عن الغيب فان زعمتم ان بشرا يعلمه معناه فكيف يعلمه هذا النظم الذي أعجز جميع اهل الدنيا وفى التأويلات النجمية الأعجمي هو الذي لا يفهم من كلام الله تعالى ما أودع الله فيه من الاسرار والإشارات والمعاني والحقائق فانه لا يحصل ذلك الا لمن رزقه الله فهما يفهم به واللسان العربي هو الذي يسره الله تعالى على لسان نبيه ﷺ وبين له معانيه وحقائقه كما قال تعالى فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ وقال فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ
فالعربى المبين هو الذي أعطاه الله قلبا فيهما ولسانا مبينا فافهم جدا إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ اى لا يصدقون انها من عند الله بل يقولون فيها ما يقولون يسمونها تارة افتراء واخرى أساطير معلمة من البشر لا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ الى سبيل النجاة هداية موصلة الى المطلوب لما علم انهم لا يستحقون ذلك لسوء حالهم وَلَهُمْ فى الآخرة عَذابٌ أَلِيمٌ [عذابى دردناك بجهت كفر ايشان بقرآن ونسبت افتراء بحضرت پيغمبر ﷺ وحال آنكه مفترى ايشانند] إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ التصريح بالكذب للمبالغة فى بيان قبحه والفرق بين الافتراء والكذب ان الافتراء هو افتعال الكذب من قول نفسه والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه وفاعل يفترى هو قوله الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ رد لقولهم انما أنت مفتر يعنى انما يليق افتراء الكذب بمن لا يؤمن لانه لا يترقب عقابا عليه ليرتدع عنه واما من يؤمن بها ويخاف ما نطقت به من العقاب فلا يمكن ان يصدر عنه افتراء البتة قال فى التأويلات النجمية وجه الاستدلال ان الافتراء من صفات النفس الامارة بالسوء وهى نفس الكافر الذي لا يؤمن بآيات الله فان نفس المؤمن مأمورة لوامة ملهمة من عند الله مطمئنة بذكر الله ناظرة بنور الله مؤمنة بآيات الله لان الآيات لا ترى الا بنور الله كما قال ﷺ (المؤمن ينظر بنور الله) فاذا كان من شأن المؤمن ان لا يفترى الكذب إذ هو ينظر بنور الله فكيف يكون من شأن رسول الله ان يفترى الكذب وهو نور من الله ينظر بالله وَأُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من عدم الايمان بآيات الله هُمُ الْكاذِبُونَ على الحقيقة لا على الزعم بخلاف رسول الله صلى الله
كه بازار چندانكه آكنده تر تهى دست را دل پراكنده تر
كسى را كه حسن عمل بيشتر بدرگاه حق منزلت پيشتر
قال فى التأويلات النجمية يعنى اهل الغفلة فى الدنيا هم اهل الخسارة فى الآخرة وفيه اشارة اخرى وهى ان التغافل بالأعضاء عن العبودية تورث خسران القلوب عن مواهب الربوبية انتهى قال بعض الأكابر ولا حجاب الا جهالة النفس بنفسها وغفلتها عنها فلو ارتفعت جهالتها وغفلتها لشاهدت الأمر وعاينته كما تشاهد الشمس فى وسط السماء وتعاينها قال وهب بن منبه خلق ابن آدم ذا غفلة ولولا ذلك ما هنئ عيشه: وفى المثنوى
استن اين عالم اى جان غفلتست هوشيارى اين جهانرا آفتست
هوشيارى زان جهانست و چون آن غالب آمد پست كردد اين جهان
هوشيارى آفتاب وحرص يخ هوشيارى آب واين عالم وسخ «١»
اللهم اجعلنا من اهل اليقظة والانتباه ولا تجعلنا ممن اتخذ الهه هواه وشرفنا بمقامات المكاشفين العارفين وأوصلنا الى حقيقة اليقين والتحقيق والتمكين انك أنت النصير والمعين ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ قال قتادة ذكر لنا انه لما انزل الله تعالى ان اهل مكة لا يقبل منهم الإسلام حتى يهاجروا كتب بها اهل المدينة الى أصحابهم من اهل مكة فلما جاءهم ذلك خرجوا فلحقهم المشركون فردوهم فنزل الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ فكتبوا بها إليهم فتبايعوا بينهم على ان يخرجوا فان لحقهم المشركون من اهل مكة قاتلوهم حتى ينجوا او يلحقوا بالله فادركهم المشركون فقاتلوهم فمنهم من قتل ومنهم من نجا فانزل الله تعالى هذه الآية كذا فى اسباب النزول للواحدى. وثم للدلالة على تباعد رتبة حالهم عن رتبة حالهم التي يفيدها الاستثناء من مجرد الخروج عن حكم الغضب والعذاب بطريق الاشارة لا عن رتبة حال الكفرة كذا فى الإرشاد لِلَّذِينَ هاجَرُوا الى دار الإسلام وهم عمار وصهيب وخباب وسالم وبلال ونحوهم. واللام متعلقة بالخبر وهو الغفور على نية التأخير وان الثانية تأكيد للاولى لطول الكلام مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا اى عذبوا على الارتداد واكرهوا على تلفظ كلمة الكفر فتلفظوا بما يرضيهم اى الكفرة مع اطمئنان قلوبهم ثُمَّ جاهَدُوا فى سبيل الله وَصَبَرُوا على مشاق الجهاد إِنَّ رَبَّكَ من بعدها من بعد المهاجرة والجهاد والصبر لَغَفُورٌ بما فعلوا من قبل اى لستور عليهم محاء لما صدر منهم رَحِيمٌ منعم عليهم من بعد بالجنة جزاء على تلك الافعال الحميدة والخصال المرضية واعلم ان المهاجرة مفاعلة من الهجرة وهى الانتقال من ارض الى ارض والمجاهدة مفاعلة من الجهد وهو استفراغ الوسع وبذل المجهود قال فى التعريفات المجاهدة فى اللغة المحاربة وفى الشرع محاربة النفس الامارة بالسوء بتحميلها ما يشق عليها مما هو مطلوب فى الشرع انتهى وكل من المهاجرة الصورية والمعنوية وكذا المجاهدة مقبولة مرضية إذ من كان فى ارض لا يقيم فيها شعائر دينه وأهلها ظالمون فهاجر منها لدينه ولو شبرا وجبت له الجنة ومن فارق موطن النفس والمألوفات وحارب الأعداء الباطنة وجبت له القربة ومرتبة الصديقين فوق مرتبة الشهداء وعن عمر بن الفارض
(١) در اواسط دفتر يكم در بيان پرسيدن عائشه كه يا رسول الله سر باران امروز چهـ بود
دواء وقد صح عن النبي عليه السلام انه ضحى عن نسائه بالبقر قال الحليمي هذا ليبس الحجاز ويبوسة لحم البقر ورطوبة لبنها وسمنها فكأنه يرى اختصاص ذلك به وهذا التأويل مستحسن والا فالنبى عليه السلام لا يتقرب الى الله تعالى بالداء فهو انما قال ذلك فى البقر كما قال (عليكم بألبان البقر وسمانها وإياكم ولحومها فان ألبانها وسمانها دواء وشفاء ولحومها داء) لتلك اليبوسة. وجواب آخر انه ضحى بالبقر لبيان الجواز او لعدم تيسر غيره كذا فى المقاصد الحسنة للامام السخاوي وَلا تَقُولُوا يا أهل مكة لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ما موصولة واللام صلة لا تقولوا مثل ما فى قوله تعالى وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ اى لا تقولوا فى شأن ما تصف ألسنتكم من البهائم بالحل والحرمة فى قولكم ما فى بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا من غير ترتيب ذلك الوصف على ملاحظة وفكر فضلا عن استناده الى وحي او قياس مبنى عليه الْكَذِبَ ينتصب بلا تقولوا على انه مفعول به وقوله تعالى هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ بدل منه فالمعنى لا تقولوا هذا حلال وهذا حرام لما تصفه ألسنتكم بالحل والحرمة فقدم عليه كونه كذبا وأبدل منه هذا حلال وهذا حرام مبالغة واللام صلة مثل ما يقال لا تقل للنبيذ انه حرام اى فى شأنه وذلك لاختصاص القول بانه فى شأنه وفيه ايماء الى ان ذلك مجرد وصف باللسان لا حكم عليه عقد كذا فى حواشى سعدى المفتى ويقال فى الآية تنبيه للقضاة والمفتين كيلا يقولوا قولا بغير حجة وبيان كما فى تفسير ابى الليث لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ فان مدار الحل والحرمة ليس الا امر الله فالحكم بالحل والحرمة اسناد للتحليل والتحريم الى الله من غير ان يكون ذلك منه. واللام لام العاقبة لا الغرض لان الافتراء لم يكن غرضا لهم وفى الآية اشارة الى ما تقولت النفوس بالحسبان والغرور انا قد بلغنا الى مقام يكون علينا بعض المحرمات الشرعية حلالا وبعض المحللات حراما فيفترون على الله الكذب انه أعطانا هذا المقام كما هو من عادة اهل الإباحة كذا فى التأويلات النجمية إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ فى امر من الأمور لا يُفْلِحُونَ لا يفوزون بمطالبهم التي ارتكبوا الافتراء للفوز بها مَتاعٌ قَلِيلٌ خبر مبتدأ محذوف اى منفعتهم فيما هم عليه من افعال الجاهلية منفعة قليلة تنقطع عن قريب وَلَهُمْ فى الآخرة عَذابٌ أَلِيمٌ لا يكتنه كنههم وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا يعنى على اليهود خاصة دون غيرهم من الأولين والآخرين حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ اى بقوله حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما الآية مِنْ قَبْلُ اى من قبل نزول الآية فهو متعلق بقصصنا او من قبل التحريم على هذه الامة فهو متعلق بحرمنا وهو تحقيق لما سلف من حصر المحرمات فيما فصل بابطال ما يخالفه من قرية اليهود وتكذيبهم فى ذلك فانهم كانوا يقولون لسنا أول من حرمت عليه وانما كانت محرمة على نوح وابراهيم ومن بعدهما حتى انتهى الأمر إلينا وَما ظَلَمْناهُمْ بذلك التحريم وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ حيث فعلوا ما عوقبوا به عليه حسبما نعى عليهم فى قوله تعالى فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ الآية ولقد القمهم الحجر قوله تعالى كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ قُلْ
وفى الحديث (حسين سبط من الأسباط) كما فى المصابيح بمعنى انه من الأمم يقوم وحده مقامها او بمعنى انه يتشعب منه الفروع الكثيرة إذا السادات من نسل زين العابدين بن الحسين رضى الله عنهما. فلا دلالة فى الحديث على نبوة الحسين كما ادعاه بعض المفترين فى زماننا هذا نعوذ بالله ومن قال بعد نبينا نبى يكفر كما فى بحر الكلام. ويقال امة بمعنى مأموم اى يؤمه الناس ويقصدونه ليأخذوا منه الخير ومعلم الخير امام فى الدين وهو عليه السلام رئيس اهل التوحيد وقدوة اصحاب التحقيق جادل اهل الشرك وألقمهم الحجر ببينات باهرة وأبطل مذاهبهم بالبراهين القاطعة قانِتاً لِلَّهِ مطيعا له قائما بامره حَنِيفاً مائلا عن كل دين باطل الى الدين الحق وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فى امر من امور دينهم أصلا وفرعا. وفيه رد على كفار قريش فى قولهم نحن على ملة أبينا ابراهيم شاكِراً لِأَنْعُمِهِ جمع نعمة صفة ثالثة لامة- روى- انه كان لا يأكل الا مع ضيف ولم يجد ذات يوم ضيفا فاخر غداءه فجاءه فوج من الملائكة فى زى البشر فقدم لهم الطعام فخيلوا اليه ان بهم جذاما فقال الآن وجبت مؤاكلتكم شكرا لله على ان عافانى وابتلاكم ويقال انه أراد الضيافة لامة محمد ثم دعا الله لاجلها وقال انى عاجز وأنت قادر على كل شىء فجاء جبريل فاتى بكف من كافور الجنة فاخذ ابراهيم فصعد الى جبل ابى قبيس ونثره فاوصله الله الى جميع أقطار الدنيا فحيثما سقطت ذرة من ذراته كان معدن الملح فصار الملح ضيافة ابراهيم عليه السلام: قال الشيخ سعدى قدس سره
خور و پوش بخشاى وراحت رسان نكه مى چهـ دارى ز بهر كسان
غم شادمانى نماند وليك جزاى عمل ماند ونام نيك
اجْتَباهُ اختاره للنبوة وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ موصل اليه وهو ملة الإسلام المشتمل على التسليم وقد اوتى تسليما أي تسليم وآتيناه فى الدنيا حسنة حالة حسنة من الذكر الجميل والثناء فيما بين الناس قاطبة والأولاد الأبرار والعمر الطويل فى السعة والطاعة وان حضرة الرسالة ﷺ من نسله وان الصلاة عليه مقرونة بصلاة النبي عليه السلام كما يقول المصلى من هذه الامة كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ اصحاب الدرجات العالية فى الجنة وهم الأنبياء عليهم السلام فالمراد الكاملون فى الصلاح والواصلون الى غاية الكمال ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مع علو طبقتك وسمو رتبتك وما فى ثم من التراخي فى الرتبة للتنبيه على ان أجل ما اوتى ابراهيم اتباع الرسول ملته أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ الملة اسم لما شرعه الله لعباده على لسان الأنبياء من أمللت الكتاب إذا مليته وهى الدين بعينه لكن باعتبار الطاعة له والمراد بملته الإسلام المعبر عنه بالصراط المستقيم حَنِيفاً حال من المضاف اليه لما ان المضاف لشدة اتصاله به جرى منه مجرى البعض فعد بذلك من قيل رأيت وجه هند قائمة وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بل كان قدوة الموحدين وهو تكرير لما سبق لزيادة تأكيد وتقرير لنزاهته عما هم عليه من عقد وعمل قال العلماء المأمور به الاتباع فى الأصول دون الفروع المتبدلة بتبدل الاعصار واتباعه له بسبب كونه مبعوثا بعده والا فهو أكرم الأولين والآخرين على الله
Icon