ﰡ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة النحل (١٦) : الآيات ١ الى ٤]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١) يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ (٢) خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٤)١- أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ:
أَتى أَمْرُ اللَّهِ الذي هو بمنزلة الآتي الواقع، وان كان منتظرا لقرب وقوعه.
فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ فاطمأنوا.
سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ تبرأ عز وجل عن أن يكون له شريك، أو عن اشراكهم، على أن (ما) موصولة، أو مصدرية.
٢- يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ:
بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ بما يحيى القلوب الميتة بالجهل من وحيه، أو بما يقوم فى الدين مقام الروح فى الجسد.
أَنْ أَنْذِرُوا بدل من بِالرُّوحِ أي ينزلهم بأن أنذروا.
أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا أي: اعلموا بأن الأمر ذلك. والمعنى: يقول لهم أعلموا الناس قولى لا إله إلا أنا فاتقون.
٣- خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ:
بِالْحَقِّ للدلالة على قدرته.
٤- خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ:
فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ أي فاذا هو منطيق مجادل عن نفسه مكافح للخصوم مبين للحجة.
أو فاذا هو خصيم لربه منكر على خالقه.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٥ الى ٩]
وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٥) وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (٦) وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٧) وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ (٨) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (٩)٥- وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ:
وَالْأَنْعامَ المال الراعية، وأكثر ما يقع على الإبل، وانتصابها بمضمر يفسره الظاهر.
خَلَقَها لَكُمْ أي ما خلقها الا لكم ولمصالحكم يا جنس الإنسان.
دِفْءٌ اسم ما يدفأ به.
وَمَنافِعُ هى نسلها ودرها وغير ذلك.
وَمِنْها تَأْكُلُونَ مؤذن بالاختصاص، وقد يؤكل من غيرها.
٦- وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ:
حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وصف للحين، والمعنى: تريحون فيه وتسرحون فيه.
٧- وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ:
لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ حيث رحمكم بخلق هذه الحوامل وتيسير هذه المصالح.
٨- وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ:
وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ عطف على الْأَنْعامَ.
لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً أي وخلق هؤلاء للركوب والزينة.
وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ من الخلق.
٩- وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ:
قَصْدُ السَّبِيلِ أي على الله بيان قصد السبيل، فحذف المضاف، وهو البيان.
جائِرٌ أي عادل عن الحق فلا يهتدى به.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ١٠ الى ١٧]
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (١٠) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١١) وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٢) وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٣) وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٤)وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهاراً وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥) وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (١٦) أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (١٧)
١٠- هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ:
تُسِيمُونَ من سامت الماشية، إذا رعت، فهى سائمة، وأسامها صاحبها.
١١- يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ:
يَتَفَكَّرُونَ ينظرون فيستدلون بها عليه، وعلى قدرته وحكمته.
١٢- وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ:
لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ذكر العقل لأن الآثار العلوية أظهر دلالة على القدرة الباهرة وأبين شهادة للكبرياء والعظمة.
١٣- وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ:
وَما ذَرَأَ لَكُمْ أي وسخر ما ذرأ لكم فى الأرض، أي خلق.
١٤- وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ:
مَواخِرَ فِيهِ جارية على سطحه.
١٥- وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهاراً وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ:
أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ كراهة أن تميد بكم وتضطرب.
١٦- وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ:
وَبِالنَّجْمِ المراد الجنس.
١٧- أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ:
كَمَنْ لا يَخْلُقُ أي الأصنام.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ١٨ الى ٢٣]
وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨) وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ (١٩) وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (٢٠) أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٢١) إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٢٢)
لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ (٢٣)
١٨- وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ:
إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ حيث يتجاوز عن تقصيركم فى أداء شكر النعمة ولا يقطعها عنكم لتفريطكم.
١٩- وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ:
أي ما تخفون وما تظهرون من أعمالكم، وهو وعيد.
٢٠- وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ:
وَالَّذِينَ يَدْعُونَ والآلهة الذين يدعونهم الكفار.
٢١- أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ:
وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ وما يعلم هؤلاء الآلهة متى تبعث الأحياء، تهكما بحالها لأن شعور الجماد محال.
٢٢- إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ:
إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ أي قد ثبت بما تقدم من ابطال أن تكون الإلهية لغيره أنها له وحده لا شريك له فيها.
٢٣- لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ:
لا جَرَمَ حقا.
أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وعيد.
ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ سرهم وعلانيتهم، فيجازيهم.
إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ عن التوحيد، يعنى المشركين، ويجوز أن يعم كل مستكبر فيدخل هؤلاء تحت عمومه.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٢٤ الى ٢٧]
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٤) لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ (٢٥) قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (٢٦) ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ (٢٧)٢٤- وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ:
ماذا فى محل نصب، وناصبه (أنزلنا) بمعنى: أي شىء أنزل ربكم، أو مرفوع بالابتداء بمعنى: أي شىء أنزله ربكم.
فإذا نصبت فمعنى أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ما يدعون نزوله أساطير الأولين.
وإذا رفعت فالمعنى: المنزل أساطير الأولين.
٢٥- لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ:
لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ أي قالوا ذلك اضلالا للناس، فحملوا أوزارهم وضلالهم كاملة وبعض أوزار من ضل بضلالهم.
بِغَيْرِ عِلْمٍ حال من المفعول، أي يضلون من لا يعلم أنهم ضلّال.
٢٦- قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ:
مِنَ الْقَواعِدِ من جهة القواعد.
مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ من حيث لا يحتسبون ولا يتوقعون.
٢٧- ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ:
يُخْزِيهِمْ يذلهم بعذاب الخزي.
شُرَكائِيَ على الاضافة الى نفسه حكاية لاضافتهم، ليوبخهم بها، على طريق الاستهزاء بهم.
تُشَاقُّونَ فِيهِمْ تعادون وتخاصمون المؤمنين فى شأنهم.
قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ هم الأنبياء والعلماء من أممهم الذين كانوا
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٢٨ الى ٣٢]
الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٢٩) وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ (٣٠) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ كَذلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (٣١) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٢)
٢٨- الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ:
فَأَلْقَوُا السَّلَمَ فسالموا وأخبتوا، وجاءوا بخلاف ما كانوا عليه فى الدنيا من الشقاق والكبر.
ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ وجحدوا ما وجد منهم من الكفر والعدوان.
إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فهو يجازيكم عليه.
٢٩- فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ:
فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ دركات جهنم.
مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ مقام المتكبرين الذين تكبروا عن الايمان وعن عبادة الله تعالى.
٣٠- وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ:
خَيْراً أنزل خيرا.
وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ دار الآخرة، فحذف المخصوص بالمدح.
٣١- جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ كَذلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ:
كَذلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ أي مثل هذا الجزاء يجزى الله المتقين.
٣٢- الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ:
طَيِّبِينَ طاهرين من ظلم أنفسهم بالكفر والمعاصي.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٣٣ الى ٣٨]
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٣٣) فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٣٤) وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٣٥) وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٣٦) إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٣٧)وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٨)
٣٣-لْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
ْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ
لقبض الأرواح.
ْرُ رَبِّكَ
العذاب المستأصل أو القيامة.
لِكَ
أي مثل ذلك الفعل من الشرك والتكذيب.
ما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ
بتدبيرهم.
لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
لأنهم فعلوا ما استوجبوا به التدبير.
٣٤- فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ:
سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا جزاء سيئات أعمالهم.
٣٥- وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ:
كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أي أشركوا بالله وحرموا ما أحل الله.
فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ الا أن يبلغوا الحق.
٣٦- وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ:
فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا ما فعلت بالمكذبين جزاء تكذيبهم.
٣٧- إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ:
مِنْ ناصِرِينَ ينصرونهم من دون الله.
٣٨- وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ:
بَلى اثبات لما بعد النفي، أي: بلى يبعثهم.
حَقًّا أي إن الوفاء بهذا الموعد حق واجب عليه فى الحكمة.
لا يَعْلَمُونَ أنهم يبعثون.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٣٩ الى ٤٤]
لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ (٣٩) إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٠) وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٤٢) وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٤٣)
بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤)
٣٩- لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ:
وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا بالبعث وأقسموا عليه.
٤٠- إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ:
قَوْلُنا مبتدأ.
أَنْ نَقُولَ خبره.
كُنْ فَيَكُونُ من (كان) التامة التي بمعنى الحدوث والوجود.
٤١- وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ:
فِي اللَّهِ فى حقه ولوجهه.
لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً أي لننزلنهم فى الدنيا منزلة حسنة.
٤٢- الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ:
الَّذِينَ صَبَرُوا على العذاب وعلى مفارقة الوطن.
٤٣- وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ:
نُوحِي إِلَيْهِمْ على ألسنة الملائكة.
فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ أهل الكتاب.
٤٤- بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ:
ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ يعنى ما نزل الله إليهم فى الذكر مما أمروا به ونهوا عنه.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٤٥ الى ٥١]
أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (٤٥) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ (٤٦) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٤٧) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ (٤٨) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩)
يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (٥٠) وَقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٥١)
٤٥- أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ:
مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أي المكرات السيئات وهم أهل مكة.
٤٦- أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ:
فِي تَقَلُّبِهِمْ متقلبين فى مسايرهم ومتاجرهم وأسباب دنياهم.
٤٧- أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ:
عَلى تَخَوُّفٍ متخوفين.
٤٨- أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ:
يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ أي يميل من جانب الى جانب.
سُجَّداً حال من قوله (ظلال).
داخِرُونَ صاغرون.
٤٩- وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ:
مِنْ دابَّةٍ أي كل ما يدب على الأرض.
وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ عن عبادة ربهم.
٥٠- يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ:
مِنْ فَوْقِهِمْ أي يخافون أن يرسل عليهم عذابا من فوقهم، هذا ان علقته بقوله يَخافُونَ أو يخافون ربهم عاليا لهم قاهرا، وهذا ان علقت بقوله رَبَّهُمْ.
٥١- وَقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ:
إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ أي لا تتخذوا اثنين إلهين. وقيل: جاء قوله اثْنَيْنِ توكيدا.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٥٢ الى ٥٦]
وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ واصِباً أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (٥٢) وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ (٥٣) ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٥٤) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٥٥) وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (٥٦)
٥٢- وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ واصِباً أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ:
الدِّينُ الطاعة.
واصِباً دائما.
أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ أي لا ينبغى أن تتقوا غير الله.
٥٣- وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ:
وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ أي: أي شىء حل بكم من نعمة فهو من الله.
فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ فما تتضرعون الا اليه.
٥٤- ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ:
الضُّرَّ أي البلاء.
إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ بعد ازالة البلاء.
٥٥- لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ:
لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ ليجحدوا نعمة الله التي أنعم عليهم من كشف الضر والبلاء. أي ليجحدوا النعمة سببا للكفر.
فَتَمَتَّعُوا الأمر للتهديد.
فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ عاقبة أمركم.
٥٦- وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ:
لِما لا يَعْلَمُونَ أنه يضر وينفع وهى الأصنام.
نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ من أموالهم يتقربون به إليها.
عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ أي تختلقونه من الكذب على الله أنه أمركم بهذا.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٥٧ الى ٦٠]
وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ (٥٧) وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨) يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (٥٩) لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦٠)
٥٧- وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ:
وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ بزعمهم أن الملائكة بنات.
سُبْحانَهُ تنزيه لله تعالى عما نسبوه اليه.
وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ أي يجعلون لأنفسهم البنين ويأنفون من البنات.
٥٨- وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ:
وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى أي أخبر أحدهم بولادة بنت.
ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا متغيرا.
وَهُوَ كَظِيمٌ أي ممتلىء غما.
٥٩- يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ:
يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ يختفى ويتغيب.
مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ من سوء العار الذي لحقه بسبب البنت.
عَلى هُونٍ على هوان.
أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ فى اضافة البنات الى خالقهم واضافة البنين لهم.
٦٠- لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ:
لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أي لهؤلاء الواصفين لله البنات.
وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى أي الصفة العليا وأنه تنزه عما يصفونه به.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٦١ الى ٦٤]
وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (٦١) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (٦٢) تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦٣) وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٦٤)
٦١- وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ:
بِظُلْمِهِمْ أي بافترائهم.
ما تَرَكَ عَلَيْها على الأرض.
٦٢- وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ:
ما يَكْرَهُونَ من البنات.
وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ أي وتقول ألسنتهم الكذب.
أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى الحسنى: الجزاء وهو قولهم أن لهم البنين ولله البنات.
لا جَرَمَ حقا.
وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ متروكون منسيون فى النار.
٦٣- تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ:
أَعْمالَهُمْ أي أعمالهم الخبيثة.
فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ أي ناصرهم فى الدنيا وعلى زعمهم.
وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فى الآخرة.
٦٤- وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ:
إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ من الدين والأحكام فتقوم الحجة عليهم ببيانك.
وَهُدىً ورشدا.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٦٥ الى ٦٨]
وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٥) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ (٦٦) وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٦٧) وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (٦٨)
٦٥- وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ:
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً أي دلالة على أنه المعبود الحق.
لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ يلقنون ما يجب لله من صفات.
٦٦- وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ:
لَعِبْرَةً تعتبرون بها وتتعظون.
نُسْقِيكُمْ قرىء بفتح النون وضمها.
مِمَّا فِي بُطُونِهِ الضمير للأنعام، وهو اسم جنس يذكر ويؤنث.
مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ الفرث: الزبل الذي ينزل الى الكرش، فاذا ما خرج لم يسم فرثا.
خالِصاً من حمرة الدم وقذارة الفرث.
سائِغاً لِلشَّارِبِينَ أي لذيذا هينا لا يغص من شربه.
٦٧- وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ:
تَتَّخِذُونَ أي ما تتخذون، فحذف، ودل على حذفه قوله مِنْهُ.
٦٨- وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ:
وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أي ألهمه.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٦٩ الى ٧١]
ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٦٩) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (٧٠) وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٧١)
٦٩- ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ:
سُبُلَ رَبِّكِ طرق ربك وأضاف السبل اليه لأنه خالقها. أي ادخلى طرق ربك لطلب الرزق فى الجبال وخلال الشجر.
ذُلُلًا جمع ذلول، وهو المنقاد، أي مطيعة مسخرة.
مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ أي أنواعه.
فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ الضمير للعسل.
لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ يعتبرون.
٧٠- وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ:
أَرْذَلِ الْعُمُرِ أردؤه وأضعفه.
لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً أي يرجع الى حالة الطفولية فلا يعلم ما كان يعلم قبل من الأمور لفرط الكبر.
٧١- وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ:
فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ أي جعل منكم غنيا وفقيرا، وحرا وعبدا.
فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا فى الرزق.
بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ أي لا يرد المولى على ما ملكت يمينه مما رزق شيئا حتى يستوى المملوك والمالك فى المال.
وقيل: ان الموالي والمماليك أنا رازقهم جميعا، فهم فى رزقى سواء،
أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ فجعل ذلك من جملة جحود النعمة.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٧٢ الى ٧٦]
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (٧٢) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ (٧٣) فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٧٤) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٧٥) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٦)
٧٢- وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ:
جَعَلَ خلق.
مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً يعنى آدم، خلق منه حواء.
أَفَبِالْباطِلِ أي بالأصنام.
وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ أي بالإسلام.
٧٣- وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ:
وَلا يَسْتَطِيعُونَ أي لا يقدرون على شىء.
٧٤- فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ:
أي لا تشبهوا به الجمادات لأنه واحدا قادر لا مثال له.
٧٥- ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ:
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا يعلمهم كيف تضرب الأمثال.
عَبْداً مَمْلُوكاً أي كما لا يستوى عندكم عبد مملوك لا يقدر من أمره على شىء ورجل حر قد رزق رزقا حسنا، فكذلك أنا وهذه الأصنام.
٧٦- وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ
أَبْكَمُ من ولد أخرس.
وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أي ثقل على وليه.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٧٧ الى ٨٠]
وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٧٧) وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٨) أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٧٩) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (٨٠)
٧٧- وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ:
كَلَمْحِ الْبَصَرِ اللمح: النظر بسرعة.
٧٨- وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ:
لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً غير عالمين شيئا من حق المنعم الذي خلقكم فى البطون، وسواكم وصوركم ثم أخرجكم من الضيق الى السعة.
وَجَعَلَ لَكُمْ أي وما ركب فيكم هذه الآلات الا لإزالة الجهل الذي ولدتم عليه واجتلاب العلم والعمل به.
٧٩- أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ:
مُسَخَّراتٍ مذللات للطيران بما خلق الله لهن من الأجنحة والأسباب المواتية لذلك.
ما يُمْسِكُهُنَّ فى قبضهن وبسطهن ووقوعهن.
إِلَّا اللَّهُ بقدرته.
٨٠- وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ:
مِنْ بُيُوتِكُمْ التي تسكنونها.
بُيُوتاً هى الثياب من الأدم والأنطاع.
تَسْتَخِفُّونَها ترونها خفيفة المحمل.
يَوْمَ ظَعْنِكُمْ يوم ترحلون.
وَمَتاعاً وشيئا ينتفع به.
إِلى حِينٍ الى أن تقضوا منه أوطاركم، أو الى أن يبلى ويفنى، أو الى أن تموتوا.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٨١ الى ٨٣]
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (٨١) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٨٢) يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ (٨٣)
٨١- وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ:
مِمَّا خَلَقَ من الشجر وسائر المستظلات.
أَكْناناً جمع كن، وهو ما يستكن به.
سَرابِيلَ هى القمصان والثياب.
تَقِيكُمُ الْحَرَّ أي والبرد، لأن ما يقى الحر يقى البرد.
وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ يعنى الدروع ونحوها.
لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ أي تنظرون فى نعمه فتؤمنون به.
٨٢- فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ:
فَإِنْ تَوَلَّوْا فلم يقبلوا منك.
فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ فقد تمهد عذرك بعد ما أديت ما وجب عليك من التبليغ.
٨٣- يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ:
يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ التي عددناها حيث يعترفون بها وأنها من الله.
ثُمَّ يُنْكِرُونَها بعبادتهم غير المنعم بها.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٨٤ الى ٨٨]
وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٨٤) وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذابَ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٨٥) وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ (٨٦) وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٨٧) الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ (٨٨)
٨٤- وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ:
شَهِيداً نبيا يشهد عليهم.
ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا فى الاعتذار.
وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ولا هم يسترضون.
٨٥- وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذابَ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ:
وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ ولا هم يؤجلون.
٨٦- وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ:
شُرَكاءَهُمْ آلهتهم التي دعوها شركاء، أو الشياطين، لأنهم شركاؤهم فى الكفر.
نَدْعُوا نعبد.
فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ أي قالوا لهم.
إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ أي كذبوهم فى دعواهم.
٨٧- وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ:
وَأَلْقَوْا يعنى الذين ظلموا.
وإلقاء السلم، يعنى الاستسلام لأمر الله وحكمه.
وَضَلَّ عَنْهُمْ وبطل عنهم.
ما كانُوا يَفْتَرُونَ من أن لله شركاء.
٨٨- الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ:
وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وحملوا غيرهم على الكفر.
زِدْناهُمْ يضاعف الله عقابهم كما ضاعفوا كفرهم.
بِما كانُوا يُفْسِدُونَ بكونهم مفسدين للناس، بصدهم إياهم عن سبيل الله.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٨٩ الى ٩١]
وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ (٨٩) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٩٠) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (٩١)
٨٩- وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ:
شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ يعنى نبيهم، لأنه كان يبعث أنبياء الأمم فيهم منهم.
وَجِئْنا بِكَ يا محمد صلّى الله عليه وآله وسلم.
عَلى هؤُلاءِ على أمتك.
تِبْياناً بيانا.
لِكُلِّ شَيْءٍ من أمور الدين.
٩٠- إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ:
بِالْعَدْلِ بالانصاف.
وَالْإِحْسانِ التفضل.
وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى أي القرابة.
وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ الفحش، وهو كل قبيح من قول أو فعل.
وَالْمُنْكَرِ ما أنكره الشرع بالنهى عنه.
وَالْبَغْيِ هو الكبر والظلم والحقد والتعدي.
٩١- وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ:
كَفِيلًا شاهدا ورقيبا.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٩٢ الى ٩٣]
وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٩٢) وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٣)
٩٢- وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ:
وَلا تَكُونُوا فى نقض الأيمان.
كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها كالمرأة التي أنحت على غزلها بعد أن أحكمته وأبرمته.
أَنْكاثاً فجعلته أنكاثا، جمع نكث، وهو ما ينكث فتله.
دَخَلًا أحد مفعولى تَتَّخِذُونَ أي مفسدة ودغلا.
أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ بسبب أن تكون أمة، يعنى جماعة.
هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ هى أزيد عددا وأوفر مالا من أمة، من جماعة المؤمنين.
يَبْلُوكُمُ اللَّهُ يختبركم.
بِهِ الضمير لقوله أَنْ تَكُونَ لأنه فى معنى المصدر، أي انما يختبركم بكونهم أربى، لينظر أتتمسكون بحبل الوفاء بعهد الله أم تكفرون بكثرة قريش وثروتهم وقلة المؤمنين وفقرهم وضعفهم.
وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ إنذار لا تحذير من مخالفة ملة الإسلام.
٩٣- وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ:
أُمَّةً واحِدَةً حنيفة مسلمة.
وَلكِنْ يُضِلُّ ولكن الحكمة اقتضت أن يضل.
مَنْ يَشاءُ من علم أنه جانح للكفر.
وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ من علم أنه جانح للاسلام.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٩٤ الى ٩٧]
وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٩٤) وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّما عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩٥) ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٩٦) مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٩٧)٩٤- وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ:
بِما صَدَدْتُمْ بصدكم أنتم، أو بصد غيركم.
عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ عن الدين.
وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ فى الآخرة.
٩٥- وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا إِنَّما عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ:
وَلا تَشْتَرُوا ولا تستبدلوا.
بِعَهْدِ اللَّهِ بيعة رسوله صلّى الله عليه وآله وسلم.
ثَمَناً قَلِيلًا عرضا من الدنيا يسيرا.
إِنَّما عِنْدَ اللَّهِ من اظهاركم وتغنيمكم ومن ثواب الآخرة.
٩٦- ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ:
ما عِنْدَكُمْ من أعراض الدنيا.
يَنْفَدُ يفنى.
وَما عِنْدَ اللَّهِ من خزائن رحمته.
باقٍ لا ينفد.
الَّذِينَ صَبَرُوا على أذى المشركين.
٩٧- مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ:
مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى على التبيين.
حَياةً طَيِّبَةً يعنى فى الدنيا.
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ ثواب الدنيا والآخرة.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٩٨ الى ٩٩]
فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (٩٨) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩)٩٨- فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ:
فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إيذانا بأن الاستعاذة من جملة الأعمال الصالحة التي يجزل الله عليها الثواب.
٩٩- إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ:
لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ أي تسلط وولاية على أولياء الله.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ١٠٠ الى ١٠٣]
إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (١٠٠) وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٠١) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ (١٠٢) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (١٠٣)
١٠٠- إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ:
إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ على من يتولاه ويطيعه.
بِهِ الضمير يرجع الى رَبِّهِمْ.
١٠١- وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ:
وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ بدلنا شريعة متقدمة بشريعة مستأنفة.
قالُوا كفار قريش.
إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ أي كاذب مختلق.
بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ أن الله شرع الأحكام ويبدل البعض بالبعض.
١٠٢- قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ:
بِالْحَقِّ أي ملتبسا بالحكمة.
لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا ليبلوهم بالنسخ، حتى إذا قالوا فيه: هو الحق من ربنا والحكمة، حكم لهم بثبات القدم وصحة اليقين وطمأنينة القلوب.
١٠٣- وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ:
أَعْجَمِيٌّ غير بين.
لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ذو بيان وفصاحة.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ١٠٤ الى ١٠٨]
إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ لا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٠٤) إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٠٥) مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠٦) ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (١٠٧) أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (١٠٨)١٠٤- إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ لا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ:
إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ أي يعلم الله منهم أنهم لا يؤمنون.
١٠٥- إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ:
إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ هذا جواب وصفهم النبي صلّى الله عليه وآله وسلم بالافتراء.
وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ هذا مبالغة فى وصفهم بالكذب، أي كل كذب قليل بالنسبة الى كذبهم. وأولئك، اشارة الى قريش.
هُمُ الْكاذِبُونَ أي الذين لا يؤمنون فهم الكاذبون.
١٠٦- مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ:
مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ بدل من الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ أي انما يفترى الكذب من كفر بالله من بعد إيمانه.
وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً أي طاب به نفسا واعتقده.
١٠٧- ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ:
ذلِكَ أي الغضب.
بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا أي اختاروها على الآخرة.
١٠٨- أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ:
طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ عن فهم المواعظ.
وَسَمْعِهِمْ عن الاستماع لكلام الله تعالى.
وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ عما يراد بهم.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ١٠٩ الى ١١٤]
لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٠٩) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٠) يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١١١) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (١١٢) وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ (١١٣)
فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١١٤)
١٠٩- لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ:
لا جَرَمَ حقا.
١١٠- ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ:
ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ دلالة على تباعد حال هؤلاء من حال أولئك.
مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا بالعذاب والإكراه على الكفر.
١١١- يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ:
يَوْمَ تَأْتِي منصوب بقوله رَحِيمٌ أي انه غفور رحيم فى ذلك، أو بإضمار: اذكر.
١١٢- وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ:
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً أي جعل القرية التي هذه حالها مثلا لكل قوم أنعم الله عليهم فأبطرتهم النعمة، فكفروا وتولوا، فأنزل الله بهم نقمته.
مُطْمَئِنَّةً لا يزعجها خوف.
رَغَداً واسعا.
١١٣- وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ:
وَهُمْ ظالِمُونَ فى حال التباسهم بالظلم.
١١٤- فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ:
[سورة النحل (١٦) : الآيات ١١٥ الى ١١٩]
إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٥) وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (١١٦) مَتاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١١٧) وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١١٨) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٩)
١١٥- إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ:
وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وما ذبح لغير الله.
فَمَنِ اضْطُرَّ فمن ألجأته ضرورة الجوع الى تناول شىء مما حرمه الله.
غَيْرَ باغٍ غير طالب له.
وَلا عادٍ ولا متجاوز فى أكله حد إزالة الضرورة.
فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ لا يؤاخذه على ذلك.
١١٦- وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ:
وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ أي ولا تقولوا الكذب لما تصفه ألسنتكم من البهائم بالحل والحرمة.
١١٧- مَتاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ:
أي منفعتهم فيما هم عليه من أفعال الجاهلية منفعة قليلة وعقابها عظيم.
١١٨- وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ:
وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا أي اليهود.
ما قَصَصْنا عَلَيْكَ يعنى فى سورة الأنعام.
١١٩- ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ:
بِجَهالَةٍ فى موضع الحال، أي عملوا السوء جاهلين غير عارفين بالله وبعقابه.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ١٢٠ الى ١٢٤]
إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٠) شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٢١) وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٢٢) ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٣) إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٢٤)
١٢٠- إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ:
كانَ أُمَّةً أي انه كان أمة من الأمم لكماله فى جميع صفات الخير، وقد تكون أُمَّةً بمعنى: مؤتم به.
١٢١- شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ:
اجْتَباهُ اختصه واصطفاه للنبوة.
وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ الى ملة الإسلام.
١٢٢- وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ:
حَسَنَةً تنويه الله بذكره فليس من أهل دين الا وهم يتولونه.
وقيل: الأموال والأولاد.
لَمِنَ الصَّالِحِينَ لمن أهل الجنة.
١٢٣- ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ:
اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ فى العقائد دون الفروع أي فى التبرؤ من الأوثان والتزين بالإسلام.
١٢٤- إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ:
السَّبْتُ أي تعظيم يوم السبت، أي انما جعل وبال السبت.
عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ واختلافهم فيه أنهم أحلوا الصيد فيه تارة وحرموه تارة وكان الواجب أن يتفقوا فى تحريمه على كلمة واحدة بعد ما حتم الله عليهم الصبر عن الصيد فيه وتعظيمه.
وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ إذا كانوا جميعا محلين أو محرمين، ويجازيهم جزاء اختلاف فعلهم فى كونهم محلين تارة ومحرمين تارة.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ١٢٥ الى ١٢٨]
ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١٢٥) وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦) وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (١٢٧) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)١٢٥- ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ:
إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ الى الإسلام.
بِالْحِكْمَةِ بالمقالة المحكمة الصحيحة.
وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وهى التي لا يخفى عليهم أنك تناصحهم بها وتقصد ما ينفعهم فيها.
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بهم، فمن كان فيه خير كفاه الوعظ القليل والنصيحة اليسيرة ومن لا خير فيه عجزت عنه الحيل.
١٢٦- وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ:
سمى الفعل الأول باسم الثاني للمزاوجة. والمعنى: ان صنع بكم صنيع سوء من قتل أو نحوه فقابلوه بمثله ولا تزيدوا عليه.
١٢٧- وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ:
وَاصْبِرْ أنت، فعزم عليه بالصبر.
وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ أي بتوفيقه وتثبيته وربطه على قلبك.
وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ على الكافرين.
وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ أي ولا يضيقن صدرك.
مِمَّا يَمْكُرُونَ من مكرهم.
١٢٨- إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ:
مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا أي هو ولى الذين اجتنبوا المعاصي.
وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ أي وهو ولى الذين هم محسنون فى أعمالهم.