تفسير سورة الرعد

الموسوعة القرآنية
تفسير سورة سورة الرعد من كتاب الموسوعة القرآنية المعروف بـالموسوعة القرآنية .
لمؤلفه إبراهيم الإبياري . المتوفي سنة 1414 هـ

(١٣) سورة الرعد

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الرعد (١٣) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (١) اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (٢) وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٣)
١- المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ:
المر هذه حروف صوتية تبدأ بها بعض سور القرآن وهى تشير إلى أنه معجز مع أنه مكون من الحروف التي تتكون منها كلمات العرب.
تِلْكَ اشارة الى آيات السورة.
الْكِتابِ أي السورة. أي تلك الآيات آيات السورة الكاملة العجيبة فى بابها.
الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ من القرآن كله.
الْحَقُّ هو الحق الذي لا مزيد عليه، الا هذه السورة وحدها.
٢- اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ:
اللَّهُ الَّذِي الله، مبتدأ، والذي، خبره. ويجوز أن يكون صفة.
وقوله يُدَبِّرُ الْأَمْرَ خبر بعد خبر.
رَفَعَ السَّماواتِ كلام مستأنف، استظهار برؤيتهم لها كذلك.
يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يدبر أمر ملكوته وربوبيته.
يُفَصِّلُ الْآياتِ فى كتبه المنزلة.
لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ بأن هذا المدبر والمفصل لا بد لكم من الرجوع اليه.
٣- وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً وَمِنْ كُلِّ
الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يلبسه مكانه، فيصير أسود مظلما بعد ما كان أبيض منيرا.
[سورة الرعد (١٣) : الآيات ٤ الى ٧]
وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٤) وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٥) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ (٦) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (٧)
٤- وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ:
قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ بقاع مختلفة مع كونها متجاورة متلاصقة.
٥- وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ:
وَإِنْ تَعْجَبْ يا محمد صلّى الله عليه وآله وسلم من قولهم فى انكار البعث.
أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ المتمادون فى كفرهم.
وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وصف بالإصرار، أو هو من جملة الوعيد.
٦- وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ:
بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ بالنقمة قبل العافية.
وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ أي عقوبات أمثالهم من المكذبين.
لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ أي مع ظلمهم أنفسهم بالذنوب.
٧- وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ:
لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ لم يعتدوا بالآيات المنزلة على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم عنادا فاقترحوا نحو آيات موسى وعيسى.
وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ من الأنبياء يهديهم الى الدين.
[سورة الرعد (١٣) : الآيات ٨ الى ٩]
اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ (٨) عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ (٩)
٨- اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ:
وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ من خداج وتمام.
٩- عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ:
الْكَبِيرُ الذي كل شىء دونه.
الْمُتَعالِ المستعلى على كل شىء بقدرته.
[سورة الرعد (١٣) : الآيات ١٠ الى ١٣]
سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ (١٠) لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ (١١) هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ (١٢) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ (١٣)
١٠- سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ:
سارِبٌ ذاهب فى سربه أي طريقه ووجهه.
١١- لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ:
لَهُ مردود على مِنْ، كأنه قيل لمن أسر ومن جهر، ومن استخفى ومن سرب.
مُعَقِّباتٌ جماعات من الملائكة تعتقب فى حفظه وكلاءته.
مِنْ والٍ ممن يلى أمرهم ويدفع عنهم.
١٢- هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ:
خَوْفاً وَطَمَعاً يخاف مما تحمله من صواعق ويطمع فيما تحمله من غيث.
١٣- وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ:
وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ ويسبح سامع الرعد من العباد الراجين للمطر حامدين له، أي يضجون بقولهم: سبحان الله.
مِنْ خِيفَتِهِ من هيبته وإجلاله.
وَهُمْ أي الذين كفروا وكذبوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم آله وأنكروا آياته.
يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ حيث ينكرون على رسوله صلّى الله عليه وآله وسلم ما يصفه به من القدرة على البعث.
الْمِحالِ المكر، وهو من الله تعالى التدبير بالحق.
[سورة الرعد (١٣) : الآيات ١٤ الى ١٦]
لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلاَّ كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (١٤) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (١٥) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (١٦)
١٤- لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ:
دَعْوَةُ الْحَقِّ أي دعوة ملابسة للحق، أو دعوة المدعو الحق الذي يسمع فيجيب.
إِلَّا فِي ضَلالٍ الا فى ضياع لا منفعة فيه.
١٥- وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ:
وَلِلَّهِ يَسْجُدُ أي ينقادون لاحداث ما أراده فيهم من أفعاله.
وَظِلالُهُمْ أي وتنقاد له ظلالهم أيضا حيث تصرف على مشيئته فى الامتداد والتقلص والفيء والزوال.
١٦- قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ:
قُلِ اللَّهُ حكاية لاعترافهم وتأكيد له عليهم.
قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ أبعد أن علمتموه رب السموات والأرض اتخذتم من دونه أولياء.
لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا لا يستطيعون لأنفسهم أن ينفعوها أو يدفعوا عنها ضررا.
أَمْ جَعَلُوا بل اجعلوا، ومعنى الهمزة الإنكار.
خَلَقُوا صفة لقوله شُرَكاءَ يعنى أنهم لم يتخذوا لله شركاء خالقين قد خلقوا مثل خلق الله.
فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ فتشابه عليهم خلق الله وخلقهم.
قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا خالق غير الله.
وَهُوَ الْواحِدُ المتوحد بالربوبية.
الْقَهَّارُ لا يغالب، وما عداه مربوب مقهور.
[سورة الرعد (١٣) : الآيات ١٧ الى ١٨]
أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ (١٧) لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٨)
١٧- أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ:
بِقَدَرِها بمقدارها الذي عرف الله أنه نافع عليهم غير ضار.
أَوْ مَتاعٍ عبارة جامعة لأنواع الفلز.
زَبَدٌ مِثْلُهُ الزبد: ما يعلو وجه الماء مما لا نفع فيه.
١٨- لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ:
لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا اللام متعلقة بقوله يَضْرِبُ فى الآية السابقة.
الْحُسْنى صفة لمصدر الفعل (استجابوا)، أي استجابوا الاستجابة الحسنى.
لَوْ أَنَّ لَهُمْ كلام مبتدأ فى ذكر ما أعد لغير المستجيبين.
وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ مبتدأ، خبره لَوْ مع ما فى حيزه.
سُوءُ الْحِسابِ المناقشة فيه. وقيل: أن يحاسب الرجل بذنبه كله لا يغفر منه شىء.
[سورة الرعد (١٣) : الآيات ١٩ الى ٢٢]
أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (١٩) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ (٢٠) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ (٢١) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (٢٢)
١٩- أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ:
أَفَمَنْ الهمزة لانكار أن تقع شبهه بعد ما ضرب من المثل فى أن حال من علم أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ فاستجاب، بمعزل من حال الجاهل الذي لم يستبصر فيستجيب كبعد ما بين الزبد والماء والخبث والابريز.
إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ أي الذين إذا عملوا على قضيات عقولهم فنظروا واستبصروا.
٢٠- الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ:
الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ مبتدأ.
وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ ولا ينقضون كل ما وثقوه على أنفسهم من الإيمان بالله وغيره من المواثيق بينهم وبين الله وبين العباد.
٢١- وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ:
ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ من الأرحام والقرابات.
وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ أي ويخشون وعيده كله.
وَيَخافُونَ خصوصا:
سُوءَ الْحِسابِ فيحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا.
٢٢- وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا
مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ
صَبَرُوا مطلق فيما يصبر عليه من المصائب فى النفوس والأموال ومشاق التكليف.
مِمَّا رَزَقْناهُمْ من الحلال، لأن الحرام لا يكون رزقا، ولا يسند الى الله.
وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ ويدفعون.
عُقْبَى الدَّارِ عاقبة الدنيا، وهى الجنة.
[سورة الرعد (١٣) : الآيات ٢٣ الى ٢٧]
جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (٢٣) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (٢٤) وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٢٥) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ مَتاعٌ (٢٦) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ (٢٧)
٢٣- جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ:
جَنَّاتُ عَدْنٍ بدل من عُقْبَى الدَّارِ.
٢٤- سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ:
سَلامٌ عَلَيْكُمْ فى موضع الحال، لأن المعنى: قائلين سلام عليكم، أو مسلمين.
٢٥- وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ:
مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ من بعد ما أوثقوه من الاعتراف والقبول.
سُوءُ الدَّارِ أي سوء عاقبة الدنيا. أو أن يكون المراد بالدار:
جهنم، وبسوئها: عذابها.
٢٦- اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ:
اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ أي الله وحده هو يبسط الرزق ويقدره دون غيره.
وَفَرِحُوا بما بسط لهم من الدنيا.
٢٧- وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ:
أَنابَ أقبل الى الحق.
[سورة الرعد (١٣) : الآيات ٢٨ الى ٣١]
الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (٢٩) كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ (٣٠) وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٣١)
٢٨- الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ:
الَّذِينَ آمَنُوا بدل من قوله مَنْ أَنابَ:
بِذِكْرِ اللَّهِ بذكر رحمته ومغفرته بعد القلق والاضطراب من خشيته.
٢٩- الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ:
الَّذِينَ آمَنُوا مبتدأ.
طُوبى لَهُمْ خبره. وطوبى لهم، أي أصابوا خيرا وطيبا. واللام فى (لهم) للبيان.
٣٠- كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ:
كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ مثل ذلك الإرسال أرسلناك.
فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ أي أرسلناك فى أمة قد تقدمتها أمم كثيرة فهى آخر الأمم وأنت خاتم الأنبياء.
لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لتقرأ عليهم الكتاب الذي أوحينا إليك.
وَهُمْ يَكْفُرُونَ وحال هؤلاء أنهم يكفرون.
بِالرَّحْمنِ بالبليغ الرحمة الذي وسعت رحمته كل شىء.
عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ فى نصرتى عليكم.
وَإِلَيْهِ مَتابِ فيثيبنى على مصابرتكم ومجاهدتكم.
٣١- وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ:
وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً جوابه محذوف. والمعنى: لو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى لكان هذا القرآن.
قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ شققت.
بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً أي بل لله القدرة على كل شىء.
أَفَلَمْ يَيْأَسِ أفلم يعلم.
قارِعَةٌ داهية تقرعهم بما يحل الله بهم من البلايا.
أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً أي القارعة فيفزعون.
حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ وهو موتهم، أو القيامة.
[سورة الرعد (١٣) : الآيات ٣٢ الى ٣٣]
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ (٣٢) أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٣)
٣٢- وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ:
فَأَمْلَيْتُ الاملاء: الامهال.
٣٣- أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ:
أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ احتجاج عليهم فى اشراكهم بالله.
عَلى كُلِّ نَفْسٍ صالحة أو طالحة.
بِما كَسَبَتْ يعلم خبره وشره ويعد لكل جزاءه.
وَجَعَلُوا له وهو الله الذي يستحق العبادة وحده.
شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أي جعلتم له شركاء فسموهم له من هم ونبئوه بأسمائهم.
أَمْ تُنَبِّئُونَهُ أم، منقطعة. والمعنى: بل أتنبئونه بشركاء لا يعلمهم فى الأرض وهو العالم بما فى السموات والأرض فاذا لم يعلمهم علم أنهم ليسوا بشىء يتعلق به العلم.
والمراد نفى أن يكون له شركاء.
مَكْرُهُمْ كيدهم للاسلام بشركهم.
وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ ومن يخذله لعلمه أنه لا يهتدى.
فَما لَهُ مِنْ هادٍ فما له من أحد يقدر على هدايته.
[سورة الرعد (١٣) : الآيات ٣٤ الى ٣٨]
لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ (٣٤) مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ (٣٥) وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ (٣٦) وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ (٣٧) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ (٣٨)
٣٤- لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ
لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا
وهو ما ينالهم من قتل وأسر.
وَما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ
من حافظ من عذابه.
٣٥- مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ:
مَثَلُ الْجَنَّةِ صفتها التي هى غرابة المثل.
٣٦- وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ:
إِلَيْهِ أَدْعُوا لا أدعو الى غيره.
وَإِلَيْهِ لا الى غيره.
مَآبِ مرجعى.
٣٧- وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ:
وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ ومثل ذلك الانزال أنزلناه.
حُكْماً عَرَبِيًّا حكمة عربية، وانتصابه على الحال.
٣٨- وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ:
وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً رد على ما كانوا يعيبون الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم به من الزواج والأولاد أي هذا شأن الرسل قبلك.
[سورة الرعد (١٣) : الآيات ٣٩ الى ٤٣]
يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (٣٩) وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ (٤٠) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٤١) وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (٤٢) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (٤٣)
٣٩- يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ:
يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ ينسخ ما يستصوب نسخه.
وَيُثْبِتُ بدله ما يرى المصلحة فى إثباته.
وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ أصل كل كتاب.
٤٠- وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ:
وكيفما دارت الحال أريناك مصارعهم وما وعدناهم من إنزال العذاب عليهم، وتوفيناك قبل ذلك، فما يجب عليك الا تبليغ الرسالة فحسب، وعلينا لا عليك حسابهم، فلا تستعجل بعذابهم.
٤١- أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ:
لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ لا راد لحكمه.
٤٢- وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ:
فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً إذ أن من علم ما تكسب كل نفس، وأعد لها جزاءها، فهو المكر كله لأنه يأتى من حيث لا يعلمون، وهم فى غفلة مما يراد بهم.
٤٣- وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ:
كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً لما أظهر من الأدلة على رسالتى.
وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ومن عنده علم القرآن.
Icon