تفسير سورة الرعد

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
تفسير سورة سورة الرعد من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم .
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

إلَّا:﴿ وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ ﴾[الرعد: ٤٣] إلى آخر السورة. لما قال:﴿ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَىٰ ﴾[يوسف: ١١١].
.. ألخ، بين أنه الحق وقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * الۤمۤر ﴾ فُسِّر مرَّةً ﴿ تِلْكَ آيَاتُ ﴾: السورة آيات.
﴿ ٱلْكِتَابِ ﴾: القرآن ﴿ وَٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ﴾: صريحاً أو ضمناً فيشمل نحو القياس والإجماع ﴿ ٱلْحَقُّ ﴾: أو معناه أن له وصف الحقية لا البطلان.
﴿ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾: لجهلهم.
﴿ ٱللَّهُ ٱلَّذِي رَفَعَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ ﴾: جمع عمادٍ ﴿ تَرَوْنَهَا ﴾: بلا عمد.
﴿ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ ﴾: كما مر.
﴿ وَسَخَّرَ ﴾: ذلل ﴿ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ ﴾: لما أراد.
﴿ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ ﴾: مدة ﴿ مُّسَمًّـى ﴾: ينقطع بدونها سَيْرَهُ.
﴿ يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ ﴾: أمر ملكه من الإيجاد والإعدام ونحوه.
﴿ يُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ ﴾: القرآنية.
﴿ لَعَلَّكُمْ بِلِقَآءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ﴾: قياساً للإعادة على البدء.
﴿ وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ﴾: بسيط.
﴿ ٱلأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا ﴾: جبالاً.
﴿ رَوَاسِىَ ﴾: ثوابت.
﴿ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ ﴾: نوعين ﴿ ٱثْنَيْنِ ﴾: كالحلو والحامض والأسود والأبيض والنافع والضار.
﴿ يُغْشِى ﴾: يلبس ﴿ ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ ﴾: يجعل الجو مظلماً بعد إضاءتها ﴿ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾: في أن تخصيصها بوجه دون وجه يدل على الصانع.
﴿ وَفِي ٱلأَرْضِ قِطَعٌ ﴾: بقاع مختلفة، طيبة وسبخة وغيرهما.
﴿ مُّتَجَاوِرَاتٌ ﴾: متلاصقة.
﴿ وَجَنَّاتٌ ﴾: بساتين.
﴿ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ ﴾: ذوات رأسين أو مجتمعة متشاكلة.
﴿ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَآءٍ وَاحِدٍ ﴾: بل قد كثرت من أصل واحد.
﴿ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلأُكُلِ ﴾: في الثمر طمعاً وغيره.
﴿ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾: يستعملون عقولهم بالتفكر فيها، خصه بالعقل والأول بالفكر لأن الاستدلال باختلاف الثمار أسهل.
﴿ وَإِن تَعْجَبْ ﴾: من إنكارهم البعث.
﴿ فَعَجَبٌ ﴾: فحقيق بالتعجب ﴿ قَوْلُهُمْ أَ ﴾: نحشرُ ﴿ إِذَا كُنَّا تُرَاباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾: فإن من قدر على إنشاء ما ذكر فعلى إعادته أقدرُ ﴿ أُوْلَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾: الكاملون في الكفر.
﴿ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ ﴾: يسحبون بها إلى جهنم.
﴿ وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ * وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ ﴾: بالعذاب.
﴿ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ ﴾: العافية استهزاءً بو عيدكَ ﴿ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلاَتُ ﴾: عقوبات أمثالهم المثلة - بفتح الثَّاء وضمها -: العقوبة لأنها مثل العافية، ومنه: المثال للقصاص ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ﴾: مَعَ ﴿ ظُلْمِهِمْ ﴾: فيجوزُ العفو قبل التوبة لأن التائب ليس على ظلمه ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ ﴾: لمن يشاء.
﴿ وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاۤ ﴾ هلاَّ ﴿ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ ﴾: مما نشتهيها ﴿ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ ﴾: لا الآتي بمشتهاهم ﴿ وَلِكُلِّ قَوْمٍ ﴾: نبيٍّ ﴿ هَادٍ ﴾: فلست بأوحدي ﴿ ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ ﴾: أي: حقيقته وصفته.
﴿ وَمَا تَغِيضُ ﴾: وما تنقص ﴿ ٱلأَرْحَامُ ﴾ من نحو جُثة الحَمل ومدته وعدده ولا حَدَّ له عند الشافعي، وكإتمام الحمل وأقصاها أربع سنين عنده، وعن مالك خمس، وعند الحنفية سنتان ﴿ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ ﴾: تقتضيه الحكمة لا يتجاوزه فهو عالم بكميته.
﴿ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ ﴾: ما غاب عن الحس.
﴿ وَٱلشَّهَادَةِ ﴾: ما حضر ﴿ ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ ﴾: عما لا يليق بكماله.
﴿ سَوَآءٌ مِّنْكُمْ ﴾: في علمه.
﴿ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ ﴾: مستتر ﴿ بِٱلَّيلِ وَسَارِبٌ ﴾: ظاهر ﴿ بِٱلنَّهَارِ * لَهُ ﴾: ضميره لمن ﴿ مُعَقِّبَاتٌ ﴾: ملائكة يعقب بعضهم بعضا، وهم غير الكرام الكاتبين أو يعقبون أحواله فيكتبونها ﴿ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ ﴾: قدامه.
﴿ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ﴾: بأس.
﴿ ٱللَّهِ ﴾ أو بأمره ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ ﴾: نعمة أو نقمة.
﴿ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾: خيراً أو شرّاً.
﴿ وَإِذَا أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوْمٍ سُوۤءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ﴾: يلي دفعه عنكم.
﴿ هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً ﴾: تخويفاً من أذاه.
﴿ وَطَمَعاً ﴾: تطميعاً في المطر.
﴿ وَيُنْشِىءُ ﴾: يخلق.
﴿ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ ﴾: من كثرة الماء.
﴿ وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ ﴾: " ملك معه مخاريق من النار يسوق بهاالسحاب " ملتبساً.
﴿ بِحَمْدِهِ ﴾ أي: يقول: سبحان الله وبحمده.
﴿ وَٱلْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ﴾: تعالى، أو الرعد.
﴿ وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ ﴾: نار تنزل من السحاب.
﴿ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ ﴾: فيحرقه.
﴿ وَهُمْ ﴾: حالة كونهم ﴿ يُجَٰدِلُونَ فِي ﴾: صفات.
﴿ ٱللَّهِ ﴾: ككافر قال: ممَّ ربُّك؟ من ذهب أو من فضَّة.
﴿ وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ ﴾: الحول أو القوة أو المماحلة أي: مكايدة.
﴿ لَهُ دَعْوَةُ ٱلْحَقِّ ﴾ يحقُّ أنْ يُعبد، أو الدعاء المجاب، فمن دعاه أجاب.
﴿ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ ﴾: الأصنام.
﴿ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ ﴾: الأصنام.
﴿ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ ﴾: كاستحابة باسط.
﴿ كَفَّيْهِ إِلَى ٱلْمَآءِ ﴾: يدعوه ﴿ لِيَبْلُغَ فَاهُ ﴾: بارتفاعه من البشر.
﴿ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ ﴾: لأنَّ الماء جماد لا يشعر به أو كناشر أصابعه ولا يبقى الماء حينئذ في كفه فلا يبلغ فاه.
﴿ وَمَا دُعَآءُ ٱلْكَافِرِينَ ﴾: أي: عبادتهم لأصنامهم.
﴿ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ ﴾: ضياع لا يجدي نفعاً.
﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ﴾: حقيقة.
﴿ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعاً ﴾: كالمؤمنين.
﴿ وَكَرْهاً ﴾: كالكفرة في الشدة أو ينقادو لإحداث ما أراد فيهم ﴿ وَظِلالُهُم ﴾: بالعرض أو بتصريفها مدّاً وتقليها ﴿ بِٱلْغُدُوِّ ﴾: الغدو: جمع غداة، كفتى وفتاة: أول النهار.
﴿ وَٱلآصَالِ ﴾: جمعُ أصيل، وهُوَ بينَ العصْرِ والمغرب، و " الغدو " أوَّ النهارِ والآصَال آخره أي: دائماً. وخَصَّهُمَا لأن المد والتقليص فيهما أظهر ولا ستر فيهما.
﴿ قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُلِ ٱللَّهُ ﴾: فإنهم معترفون به.
﴿ قُلْ ﴾: إلْزاماً لهم: ﴿ أَفَٱتَّخَذْتُمْ ﴾ مع هذا الإقرار.
﴿ مِّن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ لاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً ﴾: فكيف لكم.
﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ ﴾: إلهُ غافل عنكم.
﴿ وَٱلْبَصِيرُ ﴾: إلهُ مطلع عليكم.
﴿ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي ٱلظُّلُمَاتُ ﴾: الكفر.
﴿ وَٱلنُّورُ ﴾: الإيمان.
﴿ أَمْ ﴾ بل أ ﴿ جَعَلُواْ ﴾: أي: ما جعلوا ﴿ للَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ ﴾: تعالى.
﴿ فَتَشَابَهَ ٱلْخَلْقُ ﴾: خلقها.
﴿ عَلَيْهِمْ ﴾ بخلقه فيقولوا: خلقوا كخلقه فاستحقوا العبادة مثله.
﴿ قُلِ ٱللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾: فأي شيء تعبدونه؟ ﴿ وَهُوَ ٱلْوَاحِدُ ﴾: المتوحد بالألوهية.
﴿ ٱلْقَهَّارُ ﴾: الغالب على الكل ﴿ أَنَزَلَ مِنَ ﴾: جانب.
﴿ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ ﴾: أنهار كبار.
﴿ بِقَدَرِهَا ﴾: الذي علم الله أنه نافع.
﴿ فَٱحْتَمَلَ ﴾: حمل.
﴿ ٱلسَّيْلُ زَبَداً ﴾: رغوةً ﴿ رَّابِياً ﴾: مرتفعاً على السي ﴿ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي ٱلنَّارِ ﴾: من جواهر الأرض.
﴿ ٱبْتِغَآءَ ﴾: لطلب.
﴿ حِلْيَةٍ ﴾: للنساء.
﴿ أَوْ مَتَاعٍ ﴾: كالأواني يكون ﴿ زَبَدٌ مِّثْلُهُ ﴾: مثل زبد الماء في الوسخ وهو خبثها ﴿ كَذٰلِكَ ﴾: المذكور.
﴿ يَضْرِبُ ﴾: بمثل.
﴿ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ وَٱلْبَاطِلَ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ ﴾: منها ﴿ فَيَذْهَبُ جُفَآءً ﴾ كائناً بجُفاء السي أي: رميه.
﴿ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ ﴾: من صافيهما.
﴿ فَيَمْكُثُ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: لنتفع به ﴿ كَذٰلِكَ ﴾: المثل ﴿ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ ﴾: للنبيين.
﴿ لِلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ ﴾: حين دعاهم للتوبة ﴿ ٱلْحُسْنَىٰ ﴾: الجنة.
﴿ وَٱلَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ ﴾: حين دعاهم.
﴿ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ ﴾: الدنيا.
﴿ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ ﴾: للتخلص من عذابه ﴿ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْحِسَابِ ﴾: بأن يحاب ولا يغفر بشيء من ذنبه.
﴿ وَمَأْوَاهُمْ ﴾: مرجعهم.
﴿ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ ﴾: المقر هي.
﴿ أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ٱلْحَقُّ ﴾: فيستجيب كحمة رضي الله عنه ﴿ كَ ﴾ صُنْعٍ ﴿ مَنْ هُوَ أَعْمَىٰ ﴾: قَلْباً كأبي جهلٍ ﴿ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ * ٱلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ ﴾: حين قالوا: بلى.
﴿ وَلاَ يَنقُضُونَ ٱلْمِيثَاقَ ﴾: مطلقاً.
﴿ وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ ﴾: كالرحم.
﴿ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ﴾: وعيده.
﴿ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ * وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ﴾: على مخالفة الهوى، أتى بالماضي فيه فقط، وكذا حيث وقع في القرآن إشارة إلى تقدمه على سائر التكاليف ﴿ ٱبْتِغَاءَ ﴾: طلب مرضاة ﴿ وَجْهِ رَبِّهِمْ ﴾: بلا رياءٍ ﴿ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلٰوةَ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَءُونَ ﴾: يدفعون.
﴿ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ ﴾: فتمحوها أو يجازونها بها.
﴿ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ ﴾: ما ينبغي أن يكون ﴿ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ ﴾: هي.
﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ ﴾: إقامة.
﴿ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ﴾: تبعاً وإن لم يبلغوا مراتبهم، وأفهَمَ بـ " صَلُحَ " أن مجرد النسب لا يكفي، وأن الدرجة تعلو بالشفاعة.
﴿ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ ﴾: لمنازلهم معهم هِدَايَةً من الله تعالى قائلين: ﴿ سَلاَمٌ عَلَيْكُم ﴾: هذا: ﴿ بِمَا صَبَرْتُمْ ﴾: على الطاعة ﴿ فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ ﴾: جنة الدار.
﴿ وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ ﴾: بعدما أوثقوه.
﴿ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوۤءُ ﴾: عاقبة.
﴿ ٱلدَّارِ ﴾: أي جهنم.
﴿ ٱللَّهُ يَبْسُطُ ﴾: يوُسع ﴿ ٱلرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ ﴾: يضيقه، فليسا بالكفر والإيمان كما ظنوا ﴿ وَفَرِحُواْ ﴾: مشركوا مكة.
﴿ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾: بما بسط لهم فيها.
﴿ وَمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا فِي ﴾: جنب.
﴿ ٱلآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ ﴾: متعة لا تدوم كعجالة الراكب وزاد الراعي.
﴿ وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ ﴾: هلَّا ﴿ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ ﴾: مما نشتهي.
﴿ قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ ﴾: كما أضلكم وإن أنزلت كل آية.
﴿ وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ ﴾: إلى دينه.
﴿ مَنْ أَنَابَ ﴾: رجع عن العناد ﴿ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ ﴾: تسكن ﴿ قُلُوبُهُمْ ﴾: أنساً ﴿ بِذِكْرِ ٱللَّهِ ﴾ أو هو اطمئنانك بحلف أخيك فيما تشك ﴿ أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ ﴾: عن القلق ﴿ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ ﴾: لهم ﴿ طُوبَىٰ ﴾: فرحٌ مصدر طاب أو مؤنث أطيب وشجرة في الجنة ﴿ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ﴾: منقلب.
﴿ كَذَلِكَ ﴾: كإرسال الرسل قبلك.
﴿ أَرْسَلْنَاكَ فِيۤ أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ ﴾: مضت ﴿ مِن قَبْلِهَآ أُمَمٌ لِّتَتْلُوَاْ عَلَيْهِمُ ٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَـٰنِ ﴾﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً ﴾[الفرقان: ٦٠ ] ﴿ قُلْ هُوَ ﴾ الرحمن ﴿ رَبِّي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ ﴾: مرجعي، ولما سألوه تسيير جبال مكة وتفجير الأنهار فيها والإحياء، نزل: ﴿ وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ ﴾: عن مقارها ﴿ أَوْ قُطِّعَتْ ﴾: شققت ﴿ بِهِ ٱلأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ ٱلْمَوْتَىٰ ﴾: فتسمع أو تجيب لكان هذا القرآن أو لما آمنوا ﴿ بَل للَّهِ ٱلأَمْرُ ﴾: من الهداية والإضلال.
﴿ جَمِيعاً ﴾: ولما طمع الصحابة حصول مقترحهم طمعا في إيمانهم، نزل: ﴿ أَفَلَمْ يَيْأَسِ ﴾: يعلم.
﴿ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن ﴾: أنه.
﴿ لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ ﴾ من سوء الأعمال.
﴿ قَارِعَةٌ ﴾: داهية تقرعهم ﴿ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ ﴾: ليتعظوا ﴿ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ ٱللَّهِ ﴾: الموت، أو القيامةُ، أو الفتحُ ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ * وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾: أطلت مدتهم ﴿ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ ﴾: بالعقوبة ﴿ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ * أَفَمَنْ ﴾: أي: فالله الذي هذه أفعاله.
﴿ هُوَ قَآئِمٌ ﴾: رقيب.
﴿ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾: فيجازي، وحذف خبره وهو: لم يوحدوه وعطف عليه: ﴿ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ ﴾ أي: لهُ ﴿ شُرَكَآءَ قُلْ سَمُّوهُمْ ﴾: صفوهم فانظروا هل يستحقونها وعلى طريق الكناية الإيمانية نبه على أن لا أسماء لهم فضلاً عن المسمى ﴿ أَمْ ﴾: بل، أ ﴿ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا ﴾: شركاء.
﴿ لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: وما لا يعلم لا يكون.
﴿ أَم ﴾: بل أتسموهم شركاء.
﴿ بِظَاهِرٍ مِّنَ ٱلْقَوْلِ ﴾: بلا اعتبار معنى كتسيمة الظلمة نوراً، وقد يقال: هذا إلزام تقسيمي معناه، أتنبئونه بباطن لا يعلم، أم بظار يعلم، فإن قالوا بالأول أحالوا، وإن قالوا بالثاني يقول سموهم ليعلموا أن لا سَميَّ ولا شريك له.
﴿ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ ﴾: تمويههم هذا ﴿ وَصُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ ﴾: الحق.
﴿ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ * لَّهُمْ عَذَابٌ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾: بالقتل وغيره.
﴿ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ ﴾: لهم ﴿ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ ﴾: من عذابه أو رحمته.
﴿ مِن وَاقٍ ﴾: حافظ.
﴿ مَّثَلُ ﴾ صفة ﴿ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ ﴾: مبتدأ خبره محذوف نحو " فيما يتلى " ومِثل: صفة زيد أحمر ﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ أُكُلُهَا ﴾: ثمرها ومأكولها.
﴿ دَآئِمٌ وِظِلُّهَا ﴾: كذلك.
﴿ تِلْكَ عُقْبَىٰ ﴾: مآل.
﴿ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّعُقْبَى ٱلْكَافِرِينَ ٱلنَّارُ * وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ ﴾: مؤمنوهم.
﴿ يَفْرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ ﴾: لموافقته لكتبهم.
﴿ وَمِنَ ٱلأَحْزَابِ ﴾: الكفرة منهم ﴿ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ ﴾: مما يخالف دينهم.
﴿ قُلْ ﴾ لهم: ﴿ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ وَلاۤ أُشْرِكَ بِهِ ﴾: وإنكاركم بعضه ترك لعبادته ﴿ إِلَيْهِ أَدْعُواْ وَإِلَيْهِ مَآبِ ﴾: مرجعي.
﴿ وَكَذٰلِكَ ﴾: الإنزال على الرسل بلغتهم ﴿ أَنزَلْنَاهُ ﴾: القرآن حال كونه ﴿ حُكْماً ﴾: يحكم بما يقتضيه الحكم.
﴿ عَرَبِيّاً وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم ﴾: بكتمان ما ينكرونه.
﴿ بَعْدَ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ ﴾: بحقيقته.
﴿ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ ﴾: ينصرك.
﴿ وَلاَ وَاقٍ ﴾: من عذابه، فيه تكهديد لمزالق العلماء.
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً ﴾: فلم يقولون: لو كان نبيّاً لشغله النبوة عن النساء.
﴿ وَمَا كَانَ ﴾: ما صح.
﴿ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ ﴾: تطلب منه.
﴿ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ ﴾: وقت.
﴿ كِتَابٌ ﴾: حكم يكتب على العباد ما يقتضيه إصلاحهم.
﴿ يَمْحُواْ ﴾: بنسخ.
﴿ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ ﴾: يديم ما يشاء.
﴿ وَعِندَهُ أُمُّ ٱلْكِتَابِ ﴾: الذي لا يغير، وهو اللوح، أو علم الله تعالى، ويؤيده قول ابن عباس: الكتاب اثنان، كتاب يمحو ما يشاء فيه، وكتاب لا يغير وهو علم الله جلَّ وعَلاَ والقضاء المبرم، والجهور ومنهم ابن عباس على أن السعادة والشقاوة ومدة الحياة لا تغير، وظواهر الأخبار تنازعه.
﴿ وَإِن مَّا ﴾ صلة ﴿ نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ﴾: العذاب.
﴿ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ ﴾: قبل ﴿ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ ﴾: لا غير ﴿ وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ ﴾: فلا تستعجل بعذابهم والجزاء.
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي ﴾: نقصد.
﴿ ٱلأَرْضَ ﴾: أرض الكفرة.
﴿ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ﴾: ممَّا يفتح على المسلمين، ويزيد في دراهم وهو الموعود في: وإما نرينك.
﴿ وَٱللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ ﴾: رادّ ﴿ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ ﴾: سيحاسبهم قريباً.
﴿ وَقَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾: بأنبيائهم كهؤلاء.
﴿ فَلِلَّهِ ٱلْمَكْرُ جَمِيعاً ﴾: كُلُّ مَكْرٍ عِنْدَ مَكْرِهِ كَلاَ مَكَرْ.
﴿ يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَ ﴾ بعد جزاءه.
﴿ سَيَعْلَمُ ٱلْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى ٱلدَّارِ ﴾: أي: العاقبة الحسنى ﴿ وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَابِ ﴾: السماوي فإنهم يعرفونه كابن سلام وسلمان وغيرهما - واللهُ أعلمُ بالصّواب.
Icon