تفسير سورة الإسراء

الموسوعة القرآنية
تفسير سورة سورة الإسراء من كتاب الموسوعة القرآنية المعروف بـالموسوعة القرآنية .
لمؤلفه إبراهيم الإبياري . المتوفي سنة 1414 هـ

(١٧) سورة الإسراء

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ١ الى ٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١) وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً (٢) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً (٣) وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً (٤)
١- سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ:
سُبْحانَ علم للتسبيح، وانتصابه بفعل مضمر متروك إظهاره، تقديره: أسبح الله سبحان، ثم نزل سُبْحانَ منزلة الفعل فسد مسده.
أَسْرى سرى.
لَيْلًا نصب على الظرف، والتنكير لتقليل مدة الإسراء، وأنه أسرى به فى بعض الليل من مكة الى الشام.
الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ يريد بركات الدين والدنيا متعبد الأنبياء من وقت موسى.
إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لأقوال محمد صلّى الله عليه وآله وسلم.
الْبَصِيرُ بأفعاله.
٢- وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا:
وَكِيلًا ربا تكلون اليه أموركم.
٣- ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً:
ذُرِّيَّةَ يا ذرية من حملنا مع نوح.
وقد يجعل وَكِيلًا ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مفعولى الفعل تَتَّخِذُوا، أي لا تجعلوهم أربابا.
٤- وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً:
وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ وأوحينا إليهم وحيا مقضيا، أي مقطوعا مثبوتا.
فِي الْكِتابِ فى التوراة.
لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ بأنهم يفسدون فى الأرض لا محالة.
مَرَّتَيْنِ أولاهما قبل زكريا وحبس أرميا حين أنذرهم سخط الله، والآخرة قتل يحيى بن زكريا، وقصد قتل عيسى بن مريم.
وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً ويتعظمون ويبغون.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٥ الى ٧]
فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً (٥) ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (٦) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً (٧)
٥- فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولًا:
وَعْدُ أُولاهُما أي وعد عقاب أولاهما.
وَكانَ وَعْداً مَفْعُولًا أي وكان وعد العقاب وعدا لا بد أن يفعل.
٦- ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً:
ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ أي الدولة والغلبة.
عَلَيْهِمْ على الذين بعثوا عليكم حين تبتم ورجعتم عن الفساد والعلو.
أَكْثَرَ نَفِيراً مما كنتم. والنفير: من ينفر مع الرجل من قومه.
٧- إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً:
إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها أي الإحسان والاساءة كلاهما مختص بأنفسكم، ولا يتعدى النفع والضر الى غيركم.
فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ وعد المرة الآخرة بعثناهم.
لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ ليجعلوها بادية آثار المساءة والكآبة فيها.
لِيَدْخُلُوا أي بعثناهم ليدخلوا.
وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً أي ليهلكوا كل شىء غلبوه واستولوا عليه.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٨ الى ٩]
عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً (٨) إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (٩)
٨- عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً:
عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ بعد المرة الثانية ان تبتم توبة أخرى.
إِنْ عُدْتُمْ مرة ثالثة.
عُدْنا الى عقوبتكم.
حَصِيراً محبسا.
٩- إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً:
لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ للحالة التي هى أقوم الحالات وأشدها.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ١٠ الى ١٢]
وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٠) وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً (١١) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً (١٢)
١٠- وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً:
وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ عطف على قوله قبل أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً على معنى أنه بشر المؤمنين ببشارتين بثوابهم وبعقاب أعدائهم.
١١- وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا:
وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ أي ويدعو الله عند غضبه بالشر على نفسه وأهله وماله كما يدعوه لهم بالخير.
وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا يتسرع الى طلب كل ما يقع فى قلبه ويخطر بباله.
١٢- وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلًا:
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ المراد أن الليل والنهار آيتان فى أنفسهما، فتكون الاضافة فى: آية الليل وآية النهار، للتبيين، كاضافة العدد الى المعدود، أي فمحونا الآية التي هى الليل وجعلنا الآية التي هى النهار، مبصرة.
أو المراد: وجعلنا نيرى الليل والنهار آيتين، يريد الشمس والقمر، فمحونا آية الليل أي جعلنا الليل ممحو الضوء مطموسه مظلما، وجعلنا النهار مبصرا، أي تبصر فيه الأشياء وتستبان.
وَلِتَعْلَمُوا باختلاف الجديدين.
وَالْحِسابَ وجنس الحساب وما تحتاجون اليه منه.
وَكُلَّ شَيْءٍ مما تفتقرون اليه فى دينكم ودنياكم.
فَصَّلْناهُ بيناه بيانا غير ملتبس.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ١٣ الى ١٥]
وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً (١٣) اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (١٤) مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (١٥)
١٣- وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً:
طائِرَهُ عمله.
١٤- اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً:
بِنَفْسِكَ فاعل: كفى.
حَسِيباً تمييز، وهو بمعنى: حاسب.
١٥- مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا:
وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها أي كل نفس حاملة أوزارا فانما تحمل وزرها لا وزر نفس أخرى.
وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا أي لم نترك الخلق سدى بل أرسلنا الرسل.

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ١٦ الى ٢٠]

وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً (١٦) وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (١٧) مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً (١٨) وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (١٩) كُلاًّ نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً (٢٠)
١٦- وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً
وَإِذا أَرَدْنا
إذا أردنا وقت إهلاك قوم.
أَمَرْنا مُتْرَفِيها
أي منعميها. والأمر هنا على سبيل المجاز. أي أرخى لهم فى النعمة فزادتهم طغيانا.
١٧- وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً:
خَبِيراً عليما بهم.
بَصِيراً يبصر أعمالهم.
١٨- مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً:
مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ أي من كانت العاجلة همه تفضلنا عليه من منافعها بما نشاء لمن يريد.
مَدْحُوراً مطرودا.
١٩- وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً:
سَعْيَها حقها من السعى وكفاءها من الأعمال الصالحة.
٢٠- كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً:
كُلًّا كل واحد من الفريقين، والتنوين عوض من المضاف اليه.
نُمِدُّ نزيدهم من عطائنا، المطيع والعاصي جميعا على وجه التفضل.
وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ وفضله.
مَحْظُوراً ممنوعا، لا يمنعه من عاص لعصيانه.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٢١ الى ٢٣]
انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً (٢١) لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً (٢٢) وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً (٢٣)
٢١- انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا:
انْظُرْ بعين الاعتبار.
كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ جعلناهم متفاوتين فى الفضل.
وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا وفى الآخرة التفاوت أكبر، لأنها ثواب وأعواض وتفضل، وكلها متفاوتة.
٢٢- لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولًا:
فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولًا فتصير جامعا على نفسك الذم والخذلان.
٢٣- وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً:
وَقَضى رَبُّكَ وأمر أمرا مقطوعا به.
أَلَّا تَعْبُدُوا ألا، مفسرة، ولا تعبدوا، نهى، أو بأن لا تعبدوا.
وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وأحسنوا بالوالدين إحسانا، أو بأن تحسنوا بالوالدين إحسانا.
إِمَّا هى ان الشرطية زيدت عليها (ما) تأكيدا لها، ولذلك دخلت النون المؤكدة فى الفعل، ولو أفردت (إن) لم يصح دخولها.
أَحَدُهُما فاعل الفعل يَبْلُغَنَّ.
كِلاهُما عطف على قوله أَحَدُهُما.
أُفٍّ صوت يدل على تضجر.
وَلا تَنْهَرْهُما ولا تزجرهما عما يتعاطيانه مما لا يعجبك.
وَقُلْ لَهُما بدل التأفيف والنهر.
قَوْلًا كَرِيماً جميلا.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٢٤ الى ٢٧]
وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً (٢٤) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً (٢٥) وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (٢٦) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً (٢٧)
٢٤- وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً:
جَناحَ الذُّلِّ واخفض لهما جناحك الذليل، أو الذلول.
أو أن الأمر على المبالغة فى التذلل والتواضع كأنه جعل لذله، أو لذله جناحا خفيضا.
مِنَ الرَّحْمَةِ من فرط رحمتك لهما.
٢٥- رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً:
بِما فِي نُفُوسِكُمْ بما فى ضمائركم.
إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ قاصدين الصلاح والبر.
لِلْأَوَّابِينَ للتوابين.
٢٦- وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً:
وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وصى بغير الوالدين من الأقارب بعد التوصية بهما، وأن يؤتوا حقهم.
وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ أي وآت هؤلاء حقهم من الزكاة.
٢٧- إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً:
إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ الذين يفرقون المال فيما لا ينبغى، وينفقونه على وجه الإسراف.
إِخْوانَ الشَّياطِينِ أمثالهم فى الشرارة.
وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً فما ينبغى أن يطاع، فانه لا يدعو الا الى مثل فعله.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٢٨ الى ٣٢]
وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً (٢٨) وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً (٢٩) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (٣٠) وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً (٣١) وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً (٣٢)
٢٨- وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً:
وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ وان أعرضت عن ذى القربى والمسكين وابن السبيل حياء من الرد.
فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً فلا تتركهم غير مجابين إذا سألوك.
٢٩- وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً:
وَلا تَجْعَلْ أمر بالاقتصاد الذي هو بين الإسراف والتقتير.
فَتَقْعُدَ مَلُوماً فتصير ملوما، لأن المسرف غير مرضى عنه عند الله وعند الناس.
مَحْسُوراً منقطعا بك لا شىء عندك.
٣٠- إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً:
وَيَقْدِرُ يضيق.
٣١- وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً:
وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ يعنى وأدهم لبناتهم.
خَشْيَةَ إِمْلاقٍ خشية الفاقة.
خِطْأً اثما.
٣٢- وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلًا:
فاحِشَةً قبيحة زائدة على حد القبح.
وَساءَ سَبِيلًا وبئس طريقا طريقه.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٣٣ الى ٣٥]
وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً (٣٣) وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً (٣٤) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (٣٥)
٣٣- وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً:
إِلَّا بِالْحَقِّ الا بإحدى ثلاث، إلا بأن تكفر، أو تقتل مؤمنا عمدا، أو تزنى بعد إحصان.
مَظْلُوماً غير راكب واحدة منهن.
لِوَلِيِّهِ الذي بينه وبينه قرابة توجب المطالبة بدمه، فان لم يكن له ولى فالسلطان وليه.
سُلْطاناً تسلطا على القاتل فى الاقتصاص منه.
فَلا يُسْرِفْ الضمير للولى، أي فلا يقتل غير القاتل، ولا اثنين والقاتل واحد.
إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً أي الولي، يعنى حسبه أن الله قد نصره بأن أوجب له القصاص فلا يستزد على ذلك.
أو للمظلوم، لأن الله ناصره حيث أوجب القصاص بقتله، وينصره فى الآخرة بالثواب.
٣٤- وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا:
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ بالخصلة أو الطريقة التي هى أحسن.
إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا أي مطلوبا، يطلب من المعاهد أن لا يضيعه ويفى به.
٣٥- وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا:
بِالْقِسْطاسِ بالميزان.
وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا وأحسن عاقبة.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٣٦ الى ٤٠]
وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً (٣٦) وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً (٣٧) كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً (٣٨) ذلِكَ مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً (٣٩) أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً (٤٠)
٣٦- وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا:
وَلا تَقْفُ ولا تتبع.
أُولئِكَ اشارة الى السمع والبصر والفؤاد.
عَنْهُ مَسْؤُلًا أي مسئولا عنه.
٣٧- وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا:
مَرَحاً أي ذا مرح.
لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ لن تجعل فيها خرقا بدوسك لها وشدة وطأتك.
وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا بتطاولك.
٣٨- كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً:
ذلِكَ اشارة الى جملة ما تقدم ذكره مما أمر به ونهى عنه.
٣٩- ذلِكَ مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً:
ذلِكَ اشارة الى ما تقدم من قوله لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ الى هذه الغاية.
مِنَ الْحِكْمَةِ سماه حكمة، لأنه كلام محكم لا مدخل فيه للفساد بوجه.
مَدْحُوراً مهانا مبعدا مقصى.
٤٠- أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيماً:
أَفَأَصْفاكُمْ أفخصكم، والخطاب للذين قالوا (الملائكة بنات الله) والهمزة للانكار.
إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيماً باضافتكم اليه الأولاد، وهى خاصة بالأجسام.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٤١ الى ٤٥]
وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (٤١) قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً (٤٢) سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً (٤٣) تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (٤٤) وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً (٤٥)
٤١- وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً:
وَلَقَدْ صَرَّفْنا ولقد بينا.
فِي هذَا الْقُرْآنِ أي هذا القرآن، على أن فِي زائدة.
إِلَّا نُفُوراً الا تباعدا عن الحق وغفلة عن النظر والاعتبار.
٤٢- قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا:
لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا لطلبوا الى من له الملك والربوبية سبيلا بالمغالبة كما يفعل الملوك بعضهم مع بعض.
٤٣- سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً:
عُلُوًّا تعاليا. والمراد. البراءة من ذلك والنزاهة.
٤٤- تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً:
تُسَبِّحُ لَهُ بلسان الحال حيث تدل على الصانع وقدرته.
إِنَّهُ كانَ حَلِيماً عن ذنوب عباده فى الدنيا.
غَفُوراً للمؤمنين فى الآخرة.
٤٥- وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً:
حِجاباً مَسْتُوراً ذا ستر.

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٤٦ الى ٥٠]

وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً (٤٦) نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (٤٧) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (٤٨) وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (٤٩) قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً (٥٠)
٤٦- وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً:
أَكِنَّةً جمع كنان، وهو ما يستر الشيء.
أَنْ يَفْقَهُوهُ كراهة أن يفقهوه.
وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً أي صمما وثقلا.
نُفُوراً نافرين.
٤٧- نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً:
بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ من الهزء بك وبالقرآن.
إِذْ يَسْتَمِعُونَ فى محل نصب بقوله أَعْلَمُ أي أعلم وقت استماعهم بما به يستمعون.
وَإِذْ هُمْ نَجْوى وبما يتناجون به إذ هم ذوو نجوى.
إِذْ يَقُولُ بدل من إِذْ هُمْ.
مَسْحُوراً سحر فجن.
٤٨- انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا:
ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ مثلوك بالشاعر والساحر والمجنون.
فَضَلُّوا فى جميع ذلك ضلال من يطلب فى التيه طريقا يسلكه فلا يقدر عليه، فهو متحير فى أمره لا يدرى ما يصنع.
٤٩- وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً:
وَرُفاتاً الرفات: ما تكسر وبلى من كل شىء.
أَإِنَّا استفهام، والمراد به الجحد والإنكار.
خَلْقاً نصب لأنه مصدر، أي بدءا جديدا.
٥٠- قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً:
أي: قل لهم يا محمد صلّى الله عليه وآله وسلم: كونوا على جهة التعجيز حجارة أو حديدا فى الشدة والقوة أي انكم لو كنتم حجارة أو حديدا لم تفوتوا قدرة الله عز وجل إذا أرادكم.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٥١ الى ٥٣]
أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً (٥١) يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً (٥٢) وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً (٥٣)
٥١- أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً:
أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ أي مما يكبر عندكم عن قبول الحياة ويعظم فى زعمكم على الخالق إحياؤه، فانه يحييه.
فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ فسيحركونها نحوك تعجبا واستهزاء.
وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ أي البعث.
قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً أي هو قريب.
٥٢- يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا:
يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ الدعاء والاستجابة، كلاهما مجاز، أي يوم يبعثكم فتنبعثون مطاوعين منقادين لا تمتنعون.
بِحَمْدِهِ أي حامدين، مبالغة فى انقيادهم للبعث.
وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا وترون الهول فعنده تستقصرون مدة لبثكم فى الدنيا، وتحسبونها يوما أو بعض يوم.
٥٣- وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً:
وَقُلْ لِعِبادِي وقل للمؤمنين.
يَقُولُوا للمشركين.
الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ الكلمة التي هى أحسن وألين ولا يخاشونهم.
إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ اعتراض. أي يلقى بينهم الفساد ويغرى بعضهم على بعض لتقع بينهم المشادة والمشاقة.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٥٤ الى ٥٧]
رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (٥٤) وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (٥٥) قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً (٥٦) أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً (٥٧)
٥٤- رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا:
وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا أي ربا موكولا إليك أمرهم تقسرهم على الإسلام وتجبرهم عليه، وانما أرسلناك بشيرا ونذيرا.
٥٥- وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً:
وَلَقَدْ فَضَّلْنا اشارة الى تفضيل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم.
وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً دلالة على وجه تفضيله، وهو أنه خاتم الأنبياء وأن أمته خير الأمم لأن ذلك مكتوب فى زبور داود، قال تعالى:
وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ وهم محمد صلّى الله عليه وآله وسلم وأمته.
٥٦- قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلًا:
الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أنهم آلهة من دون الله، أي ادعوهم فهم لا يستطيعون أن يكشفوا عنكم الضر، ولا أن يحولوه أو يبدلوه.
٥٧- أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً:
أُولئِكَ مبتدأ.
الَّذِينَ يَدْعُونَ صفته.
يَبْتَغُونَ خبره.
يعنى أن آلهتهم أولئك يبتغون الوسيلة، وهى القربة الى الله تعالى.
أَيُّهُمْ بدل من الواو فى يَبْتَغُونَ وأي موصولة، أي يبتغى من هو أقرب منهم الوسيلة الى الله، فكيف بغير الأقرب.
إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً يحذره كل أحد من ملك مقرب، ونبى مرسل، فضلا عن غيرهم.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٥٨ الى ٦٠]
وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً (٥٨) وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلاَّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً (٥٩) وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْياناً كَبِيراً (٦٠)
٥٨- وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً:
نَحْنُ مُهْلِكُوها بالموت والاستئصال.
أَوْ مُعَذِّبُوها بأنواع العذاب.
فِي الْكِتابِ فى اللوح المحفوظ.
٥٩- وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً:
وَما مَنَعَنا إرسال الآيات الا تكذيب الأولين.
والمراد بالآيات التي اقترحتها قريش من قلب الصفا ذهبا، وغير ذلك.
مُبْصِرَةً بينة.
فَظَلَمُوا بِها فكفروا بها.
وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ أي لا نرسل الآيات المقترحة الا تخويفا من نزول العذاب العاجل كالطليعة والمقدمة له، فان لم يخافوا وقع عليهم.
أو ما نرسل من الآيات، كآيات القرآن وغيرها، الا تخويفا وانذارا بعذاب الآخرة.
٦٠- وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً:
وَإِذْ قُلْنا واذكر إذ أوحينا إليك أن ربك أحاط بقريش، يعنى بشرناك بوقعة بدر وبالنصرة عليهم.
مَنامِكَ بعد الوحى إليك.
وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا هى رؤيا عين أريها النبي صلّى الله عليه وآله وسلم ليلة أسرى به الى بيت المقدس.
إِلَّا فِتْنَةً الا ابتلاء.
وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ هى شجرة الزقوم، وهى فى الأصل الجحيم.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٦١ الى ٦٤]
وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً (٦١) قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً (٦٢) قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً (٦٣) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلاَّ غُرُوراً (٦٤)
٦١- وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً:
طِيناً أي أأسجد له وهو طين، أي أصله طين.
٦٢- قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا:
أَرَأَيْتَكَ الكاف للخطاب.
هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ أي فضلته على.
لَأَحْتَنِكَنَّ لأستولين عليهم، ولأحتوينهم، ولأضلنهم، أو لأسوقنهم حيث شئت ولأقودنهم حيث أردت.
إِلَّا قَلِيلًا يعنى المعصومين.
٦٣- قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً:
اذْهَبْ امض لشأنك الذي اخترته.
مَوْفُوراً موفرا.
٦٤- وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ
وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً
وَاسْتَفْزِزْ استخف.
وَأَجْلِبْ من الجلبة، وهى الصياح.
بِخَيْلِكَ الخيل: الخيالة.
وَرَجِلِكَ اسم جمع لراجل.
وَعِدْهُمْ المواعيد الكاذبة.
إِلَّا غُرُوراً الا باطلا.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٦٥ الى ٦٨]
إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً (٦٥) رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٦٦) وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً (٦٧) أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً (٦٨)
٦٥- إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا:
إِنَّ عِبادِي أي الصالحين.
لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ أي لا تقدر أن تغويهم.
وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا لهم يتوكلون به فى الاستعاذة منك.
٦٦- رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً:
يُزْجِي يجرى ويسير.
٦٧- وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً:
الضُّرُّ خوف الغرق.
ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ ذهب عن أوهامكم كل من تدعونه فى حوادثكم الا إياه وحده.
٦٨- أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا:
أَفَأَمِنْتُمْ الهمزة للانكار، والفاء للعطف على محذوف، تقديره:
أنجوتم فأمنتم، فحملكم ذلك على الاعراض.
أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أي يقلبه وأنتم عليه.
أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ويجازى بالحصباء.
وَكِيلًا من يصرف ذلك عنكم.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٦٩ الى ٧٢]
أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً (٦٩) وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً (٧٠) يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٧١) وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٧٢)
٦٩- أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً:
قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ وهى الريح التي لها قصيف، أي صوت شديد.
تَبِيعاً مطالبا.
٧٠- وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا:
مِمَّنْ خَلَقْنا من المخلوقات.
٧١- يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا:
بِإِمامِهِمْ بمن ائتموا به.
فَمَنْ أُوتِيَ من هؤلاء المدعوين.
وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ولا ينقصون من ثوابهم أدنى شىء.
٧٢- وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا:
فِي هذِهِ أي فى الدنيا.
أَعْمى عن الاعتبار وأبصار الحق.
فِي الْآخِرَةِ فى أمر الآخرة.
وَأَضَلُّ سَبِيلًا أي انه لا يجد طريقا الى الهداية.

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٧٣ الى ٧٦]

وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (٧٣) وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (٧٤) إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً (٧٥) وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً (٧٦)
٧٣- وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا:
وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ان، مخففة من الثقيلة، واللام، هى الفارقة بينها وبين النافية، والمعنى أن الشأن قاربوا أن يفتنوك، أي يخدعوك فاتنين.
عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ من أوامرنا ونواهينا ووعدنا ووعيدنا.
لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا لتقل علينا ما لم تقل.
وَإِذاً أي ولو اتبعت مرادهم.
لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا وليا.
٧٤- وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا:
وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ ولولا تثبيتنا لك وعصمتنا.
لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ لقاربت أن تميل الى خدعهم ومكرهم.
٧٥- إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً:
إِذاً لو قاربت أن تركن إليهم أدنى ركنة.
لَأَذَقْناكَ أي لأذقناك عذاب الآخرة وعذاب القبر مضاعفين.
٧٦- وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا:
وَإِنْ كادُوا وان كاد أهل مكة.
لَيَسْتَفِزُّونَكَ ليزعجونك بعداوتهم ومكرهم.
مِنَ الْأَرْضِ من أرض مكة.
وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ لا يبقون بعد اخراجك.
إِلَّا قَلِيلًا الا زمانا قليلا.

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٧٧ الى ٨٠]

سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً (٧٧) أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً (٧٨) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (٧٩) وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً (٨٠)
٧٧- سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا:
سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا أي يعذبون كسنة من قد أرسلنا، فهو نصب بإضمار (يعذبون).
تَحْوِيلًا أي لا خلاف فى وعدها.
٧٨- أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً:
لِدُلُوكِ الشَّمْسِ لزوال الشمس، وعليه فالآية جامعة للصلوات الخمس.
وَقُرْآنَ الْفَجْرِ صلاة الفجر، سميت قرآنا، وهو القراءة لأنها ركن.
٧٩- وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً:
وَمِنَ اللَّيْلِ وعليك بعض الليل.
فَتَهَجَّدْ بِهِ فتعبد.
نافِلَةً لَكَ عبادة زائدة لك على الصلوات الخمس. يعنى أن التهجد زيد لك على الصلوات المفروضة فريضة عليك خاصة دون غيرك لأنه تطوع لهم.
مَقاماً مَحْمُوداً أي عسى أن يبعثك يوم القيامة فيقيمك مقاما محمودا.
٨٠- وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً:
مُدْخَلَ صِدْقٍ أي أدخلنى القبر ادخالا مرضيا على طهارة وطيب من السيئات.
وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ أي وأخرجنى عند البعث إخراجا مرضيا ملقى بالكرامة، آمنا من السخط.
سُلْطاناً حجة تنصرنى على من خالفنى.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٨١ الى ٨٤]
وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (٨١) وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَساراً (٨٢) وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً (٨٣) قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً (٨٤)
٨١- وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً:
زَهَقَ الْباطِلُ ذهب وهلك.
كانَ زَهُوقاً مضمحلا غير ثابت فى كل وقت.
٨٢- وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً:
مِنَ الْقُرْآنِ من للتبيين، أو للتبعيض.
وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ ولا يزداد به الكافرون.
إِلَّا خَساراً أي نقصانا لتكذيبهم به.
٨٣- وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً:
وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ بالصحة والسعادة.
أَعْرَضَ عن ذكر الله كأنه مستغن عنه.
وَنَأى بِجانِبِهِ تأكيد للاعراض، لأن الاعراض عن الشيء: أن يوليه عرض وجهه، والنأى بالجانب: أن يلوى عنه عطفه ويوليه ظهره.
وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ من فقر أو مرض أو نازلة من النوازل.
كانَ يَؤُساً شديد اليأس من روح الله.
٨٤- قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلًا:
قُلْ كُلٌّ أحد.
يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ أي على مذهبه وطريقته التي تشاكل حاله.
بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلًا أي أسد مذهبا وطريقة.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٨٥ الى ٨٩]
وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً (٨٥) وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً (٨٦) إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً (٨٧) قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (٨٨) وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً (٨٩)
٨٥- وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا:
مِنْ أَمْرِ رَبِّي أي من وحيه وكلامه.
وَما أُوتِيتُمْ الخطاب عام.
٨٦- وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلًا:
لَنَذْهَبَنَّ جواب قسم محذوف، مع نيابته عن جزاء الشرط، والسلام الداخلة على (ان) موطئة للقسم. والمعنى: ان شئنا ذهبنا بالقرآن ومحوناه عن الصدور فلم نترك له أثرا، وبقيت كما كنت لا تدرى ما الكتاب.
ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بعد الذهاب به.
عَلَيْنا وَكِيلًا من يتوكل علينا باسترداده وإعادته محفوظا.
٨٧- إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً:
إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ الا أن يرحمك ربك فيرده عليك، أو استثناء منقطع، والمعنى: ولكن رحمة من ربك تركته غير مذهوب به.
٨٨- قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً:
لا يَأْتُونَ جواب قسم محذوف، ولولا اللام الموطئة لجاز أن يكون جوابا للشرط، لأن الشرط وقع ماضيا. أي لو تظاهروا على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لعجزوا عن الإتيان بمثله.
ظَهِيراً معينا.
٨٩- وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً:
وَلَقَدْ صَرَّفْنا رددنا وكررنا.
مِنْ كُلِّ مَثَلٍ من كل معنى.
فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً فلم يرضوا الا كفورا.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٩٠ الى ٩٣]
وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (٩٢) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً (٩٣)
٩٠- وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً:
مِنَ الْأَرْضِ أي أرض مكة.
يَنْبُوعاً عينا غزيرة من شأنها أن تنبع بالماء لا تنقطع.
٩١- أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً:
تَفْجِيراً كثيرا.
٩٢- أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا:
كَما زَعَمْتَ يعنون قول الله تعالى إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ:
قَبِيلًا كفيلا بما تقول شاهدا بصحته.
٩٣- أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا:
مِنْ زُخْرُفٍ من ذهب.
فِي السَّماءِ فى معارج السماء.
وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ ولن نؤمن لأجل رقيك.
حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً من السماء فيه تصديقك.
سُبْحانَ رَبِّي تعجب من اقتراحاتهم عليه.
إِلَّا بَشَراً مثلكم.
رَسُولًا كسائر الرسل.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٩٤ الى ٩٨]
وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلاَّ أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولاً (٩٤) قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً (٩٥) قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (٩٦) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً (٩٧) ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (٩٨)
٩٤- وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا:
أَنْ يُؤْمِنُوا مفعول ثان للفعل مَنَعَ.
الْهُدى الوحى.
٩٥- قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا:
يَمْشُونَ على أقدامهم.
مُطْمَئِنِّينَ ساكنين فى الأرض قارين.
٩٦- قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً:
شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ على أنى بلغت ما أرسلت به إليكم، وأنكم كذبتم وعاندتم.
بِعِبادِهِ المنذرين والمنذرين.
خَبِيراً عالما بأحوالهم فهو مجازيهم.
٩٧- وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً:
فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ أنصارا.
كُلَّما خَبَتْ سكن لهبها.
٩٨- ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً:
ذلِكَ جَزاؤُهُمْ أي ذلك العذاب جزاء كفرهم.
وَرُفاتاً ترابا.
[سورة الإسراء (١٧) : آية ٩٩]
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً (٩٩)
٩٩- أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُوراً:
لا رَيْبَ فِيهِ وهو الموت أو القيامة.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ١٠٠ الى ١٠٢]
قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً (١٠٠) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً (١٠١) قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً (١٠٢)
١٠٠- قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً:
لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ التقدير: لو تملكون، لأن لَوْ تدخل على الأفعال دون الأسماء.
قَتُوراً ضيقا بخيلا.
١٠١- وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً:
تِسْعَ آياتٍ هى العصا، واليد، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والحجر، والبحر، والطور الذي نتقه على بنى إسرائيل.
إِذْ جاءَهُمْ أي إذ جاء آباءهم.
مَسْحُوراً سحرت فخولط عقلك.
١٠٢- قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً:
لَقَدْ عَلِمْتَ يا فرعون.
ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ الآيات.
بَصائِرَ بينات مكشوفات.
مَثْبُوراً هالكا.

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ١٠٣ الى ١٠٩]

فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً (١٠٣) وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً (١٠٤) وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (١٠٥) وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً (١٠٦) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً (١٠٧)
وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (١٠٩)
١٠٣- فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً:
أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ أن يستخفهم، أي موسى وقومه من أرض مصر ويخرجهم منها.
١٠٤- وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً:
اسْكُنُوا الْأَرْضَ التي أراد فرعون أن يستفزكم منها.
جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً جميعا مختلطين إياكم وإياهم.
١٠٥- وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً:
وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وما أنزلنا القرآن الا بالحكمة المقتضية لانزاله، وما نزل الا ملتبسا بالحق والحكمة لاشتماله على الهداية لكل خير.
وَما أَرْسَلْناكَ الا لتبشرهم بالجنة وتنذرهم من النار.
١٠٦- وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا:
وَقُرْآناً منصوب بفعل يفسره فَرَقْناهُ.
فَرَقْناهُ جعلنا مفرقا منجما.
وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا على حسب الحوادث.
١٠٧- قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً:
قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا أمر بالاعراض عنهم والازدراء بشأنهم.
١٠٨- وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا:
لَمَفْعُولًا لواقعا.
١٠٩- وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً:
وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً خشية.

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ١١٠ الى ١١١]

قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (١١٠) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً (١١١)
١١٠- قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا:
أَيًّا عوض من المضاف اليه.
ما صلة للابهام المؤكد لما فى (أي).
وَلا تَجْهَرْ حتى تسمع المشركين.
وَلا تُخافِتْ حتى لا تسمع من خلفك.
وَابْتَغِ بَيْنَ الجهر والمخافتة.
سَبِيلًا وسطا.
١١١- وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً:
شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ لأنه واحد لا شريك له.
وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً عظمه عظمة تامة.
Icon