تفسير سورة النحل

معاني القرآن
تفسير سورة سورة النحل من كتاب معاني القرآن .
لمؤلفه الأخفش . المتوفي سنة 215 هـ

قال ﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا ﴾ ( ٨ ) نصب. أي : وَجَعَلَ اللهُ الخَيْلَ والبغَال والحميرَ وَجَعَلَها ( زِينَةً ) ( ٨ ).
وقال ﴿ وَمِنْهَا جَائِرٌ ﴾ ( ٩ ) أي : ومن السبيلِ [ ١٣٤ ب ] لأَنَّها مؤنثة في لغة أهل الحجاز.
وقال ﴿ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ ﴾ ( ١٢ ) فعلى " سُخِّرَتْ النُّجُومُ " أَوْ " جَعَلَ النُّجُومَ مُسَخَّراتٍ " وجاز إضمار فعل غير الأول لأن ذلك المضمر في المعنى مثل المظهر. وقد تفعل العرب ما هو أشد من ذا. قال الراجز :[ وهو الشاهد الثامن والثلاثون بعد المئتين ] :
تَسْمَعُ فِي أَجْوافِهِنَّ صَرَدَا وَفِي اليَدَيْنِ جُسْأَةً وَبَدَدا
فهذا على ﴿ وَتَرَى في اليَدَيْنِ الجُسْأَة ﴾ [ وهي ] : اليَبَس والبَدَدَ [ وهو ]* : " السَّعَة ".
وقال ﴿ وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ﴾ ( ١٣ ) يقول : خَلَقَ لكم وبَثَّ لَكُمْ.
وقال ﴿ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾ ( ٢١ ) على التوكيد.
وقال ﴿ وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً ﴾ ( ٣٠ ) فجعل " ماذا " بمنزلة " ما " وحدها.
وقال ﴿ إِن تَحْرِصْ ﴾ ( ٣٧ ) لأنها من " حَرَصَ " " يَحْرِصُ ".
وإذا وقفت على ( يَتَفَيّؤُا ) ( ٤٨ ) قلت " يَتَفَيَّأْ " كما تقول بالعين " تَتَفَّيعْ " جزما وإن شئت أشممتها الرفع ورمته كما تفعل ذلك في " هذا حَجَرُ ".
وقال ﴿ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ ﴾ ( ٤٨ ) فذكروهم غير الإنس لأنه لما وصفهم بالطاعة أشبهوا ما يعقل وجعل اليمين للجماعة مثل ﴿ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ﴾.
وقال ﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَابَّةٍ ﴾ ( ٤٩ ) يريد : من الدواب [ ١٤٤ ء ] واجتزأ بالواحد كما تقول : " ما أَتاَنِي من رَجُلٍ " أي : ما أتاني من الرجال مثله.
وقال ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ ( ٥٣ ) لأنَّ ( ما ) بمنزلة ( من ) فجعل الخبر بالفاء.
وقال :﴿ وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً ﴾ ( ٦٧ )، ولم يقل : " مِنها " ؛ لأنه أضمر " الشَيْءَ "، كأنه قال : " وَمِنْها شَيْءٌ تَتَّخِذونَ مِنْه سَكَراً ".
وقال :﴿ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي ﴾ ( ٦٨ )، على التأنيث في لغة أهل الحجاز. وغيرهم يقول : " هُوَ النَّحْل "، وكذلك كل جمع ليس بينه وبين واحده إلا الهاء، نحو " البُرُّ " و " الشَعِيرُ "، هو في لغتهم مؤنث.
وقال :﴿ ذُلُلاً ﴾ ( ٦٩ )، وواحدها " الذلُولُ " وجماعة " الذَّلُول " " الذلُل ".
وقال :﴿ بَنِينَ وَحَفَدَةً ﴾ ( ٧٢ )، وواحدهم " الحافِدُ ".
وقال :﴿ رِزْقاً مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئاً ﴾ ( ٧٣ )، فجعل : " الشَيْء "، بدلا من : " الرِّزْق "، وهو في معنى : " لا يَمْلِكُونَ رِزْقاً قَلِيلاً ولا كَثِيرا ". وقال بعضهم : " الرِّزْقُ : فعل يقع بالشيء "، يريد : " لا يَمْلِكُون أَنْ يَرْزقُوا شَيْئا ".
وقال :﴿ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ ﴾ ( ٧٦ ) ؛ لأَنَّ ( أينّما ) من حروف المجازاة.
وقال :﴿ مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً ﴾ ( ٨١ )، وواحده : " الكِنّ ".
وقال :﴿ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللَّهِ ﴾ ( ٩١ )، تقول : " أَوْفَيْتُ بالعَهْد "، و " وَفَيْتُ بالعَهْد "، فإذا قلت : " العَهْدَ "، قلت : " أَوْفَيْتُ العَهْدَ " بالألف.
وقال :﴿ أَنكَاثاً ﴾ ( ٩٢ )، وواحدها : " النِّكْثُ ".
[ ١٤٤ ب ] وقال ﴿ مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ولكن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ ﴾ ( ١٠٦ ) خبر لقوله ( وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ ) ثم دخل معه قوله ﴿ مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ ﴾ فأخبر عنهم بخبر واحد إذ كان ذلك يدل على المعنى.
وقال :﴿ كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا ﴾ ( ١١١ ) ؛ لأن معنى ( كلُّ نَفْسٍ ) : كلُّ إِنسانٍ، وأنّث ؛ لأن النفس تؤنّث وتذكُر. يقال : " ما جَاءَتْنِي نَفْسٌ واحدةٌ "، و " ما جاءَنِي نَفْسٌ واحدٌ ".
وقال :﴿ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ ﴾ ( ١١٢ )، فجمع " النِّعْمَة " على " أَنْعُمٍ "، كما قال :﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدُّه ﴾، فزعموا أنه جمع " الشِدَّة ".
وقال :﴿ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ ﴾ ( ١١٦ )، جعل ( ما تَصِفُ ) ألسنتهم اسما للفعل، كأنه قال : " وَلاَ تقُولوا لِوَصْفِ أَلْسِنَتِكُم ( الكَذِبَ هذا حَلاَلٌ ) ( ١١٦ )، وقال بعضهم :( الكَذِبِ )، يقول : " ولا تقولوا للكَذِبِ الذي تصفه أَلسنتكم ". وقال بعضهم :( الكُذُبُ )، فرفع وجعل ( الكُذُبَ ) من صفة الأَلسنة، كأنه قال : " ألسنَةٌ كُذُبٌ ".
وقال :﴿ شَاكِراً لأَنْعُمِهِ ﴾ ( ١٢١ ).
Icon