تفسير سورة سورة النحل من كتاب تفسير القرآن العزيز
المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين
.
لمؤلفه
ابن أبي زَمَنِين
.
المتوفي سنة 399 هـ
تفسير سورة النحل
وهي من أولها إلى صدر هذه الآية :﴿ والذين هاجروا في الله. . . . ﴾ مكية، وسائرها مدني.
وهي من أولها إلى صدر هذه الآية :﴿ والذين هاجروا في الله. . . . ﴾ مكية، وسائرها مدني.
ﰡ
قَوْلُهُ: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تستعجلوه﴾ تَفْسِيرُ الْحَسَنِ: هَذَا جوابٌ مِنَ اللَّهِ لِقَوْلِ الْمُشْرِكِينَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿ائْتِنَا بِعَذَابِ الله﴾، ولقولهم: ﴿عجل لنا قطنا﴾ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ؛ فَقَالَ اللَّهُ: ﴿أَتَى أَمر الله فَلَا تستعجلوه﴾ أَيْ: أَنَّ الْعَذَابَ آتٍ قَرِيبٌ ﴿سُبْحَانَهُ﴾ ينزه نَفسه ﴿وَتَعَالَى﴾ ارْتَفع عَمَّا يَقُول الْمُشْركين
394
مِنْ الْإِشْرَاك بِهِ
395
﴿ينزل الْمَلَائِكَة بِالروحِ﴾ (فِي تَفْسِيرِ السُّدِّيِّ) ﴿مِنْ أَمْرِهِ﴾ أَيْ: بِأَمْرِهِ.
قَالَ محمدٌ: (سُمِّيَ (ل ١٧٢) الْوَحْيُ رُوحًا لأَنَّ بِهِ) حَيَاةً مِنَ الْجَهْلِ.
﴿عَلَى مَنْ يَشَاءُ من عباده أَن أنذروا﴾ بِأَنْ أَنْذِرُوا ﴿أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنا فاتقون﴾ أَن تعبدوا معي إِلَهًا.
قَالَ محمدٌ: (سُمِّيَ (ل ١٧٢) الْوَحْيُ رُوحًا لأَنَّ بِهِ) حَيَاةً مِنَ الْجَهْلِ.
﴿عَلَى مَنْ يَشَاءُ من عباده أَن أنذروا﴾ بِأَنْ أَنْذِرُوا ﴿أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنا فاتقون﴾ أَن تعبدوا معي إِلَهًا.
﴿خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ﴾ للبعث والحساب، وَالْجنَّة وَالنَّار
﴿خلق الْإِنْسَان من نُطْفَة﴾ يَعْنِي: الْمُشْرِكَ؛ فِي تَفْسِيرِ الْحَسَنِ ﴿فَإِذا هُوَ خصيم مُبين﴾ بَين الْخُصُومَة.
﴿والأنعام خلقهَا لكم﴾ يَعْنِي: الإِبْلَ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمَ.
قَالَ محمدٌ: نَصْبُ (الأَنْعَامِ) عَلَى فِعْلٍ مُضْمَرٍ؛ الْمَعْنَى: وَخَلَقَ الأَنْعَامَ لَكُمْ.
﴿فِيهَا دفء﴾ يَعْنِي: مَا يَصْنَعُ مِنَ الْكِسْوَةِ مِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا وَمَنَافِعَ فِي ظُهُورِهَا؛ هَذِهِ الإِبْلُ وَالْبَقَرُ وَأَلْبَانُهَا فِي جَمَاعَتِهَا.
﴿وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾
قَالَ محمدٌ: نَصْبُ (الأَنْعَامِ) عَلَى فِعْلٍ مُضْمَرٍ؛ الْمَعْنَى: وَخَلَقَ الأَنْعَامَ لَكُمْ.
﴿فِيهَا دفء﴾ يَعْنِي: مَا يَصْنَعُ مِنَ الْكِسْوَةِ مِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا وَمَنَافِعَ فِي ظُهُورِهَا؛ هَذِهِ الإِبْلُ وَالْبَقَرُ وَأَلْبَانُهَا فِي جَمَاعَتِهَا.
﴿وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾
﴿وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ﴾ أَيْ: حِينَ تَرُوحُ عَلَيْكُمْ رَاجِعَةً من الرَّعْي ﴿وَحين تسرحون﴾ بِهَا إِلَى الرَّعْيِ؛ هَذَا تَفْسِيرُ الْحَسَنِ.
قَالَ محمدٌ: رَاحَتِ الْمَاشِيَةُ وَأَرَحْتُهَا، وَسَرَحَتْ وَسَرَّحْتُهَا؛ الرَّوَاحُ: بِالْعَشِيِّ، وَالسُّرُوحُ: بِالْغُدُوِّ. وَمَعْنَى (لَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ) أَيْ: إِذَا قِيلَ:
قَالَ محمدٌ: رَاحَتِ الْمَاشِيَةُ وَأَرَحْتُهَا، وَسَرَحَتْ وَسَرَّحْتُهَا؛ الرَّوَاحُ: بِالْعَشِيِّ، وَالسُّرُوحُ: بِالْغُدُوِّ. وَمَعْنَى (لَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ) أَيْ: إِذَا قِيلَ:
395
هَذَا مَال فلَان.
396
﴿وَتحمل أثقالكم﴾ يَعْنِي: الإِبْلَ وَالْبَقَرَ ﴿إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلا بِشِقِّ الْأَنْفس﴾ يَقُولُ: لَوْلا أَنَّهَا تَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى الْبَلَدِ الَّذِي تُرِيدُونَهُ، لمْ تَكُونُوا بِالِغِي ذَلِكَ الْبَلَدِ إِلا بِمَشَقَّةٍ عَلَى أُنْفُسِكُمْ ﴿إِنَّ رَبَّكُمْ لرءوف رَحِيم﴾ يَقُولُ: فَبِرَأْفَةِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ سَخَّرَ لَكُمْ هَذِهِ الأَنْعَامَ، وَهِيَ لِلْكَافِرِ رَحْمَةُ الدُّنْيَا لِيَرْزُقَهُ فِيهَا مِنَ النعم.
﴿وَالْخَيْل﴾ يَقُولُ: وَخَلَقَ الْخَيْلَ ﴿وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لتركبوها وزينة﴾ فِي رُكُوبِهَا؛ تَفْسِيرُ قَتَادَةَ: خَلَقَهَا اللَّهُ لِلْرُكُوبِ وَلِلْزِينَةِ ﴿وَيَخْلُقُ مَا لَا تعلمُونَ﴾ مِنَ الأَشْيَاءِ كُلِّهَا مِمَّا لمْ يذكر لكم.
سُورَة النَّحْل من الْآيَة (٩) إِلَى الْآيَة (١٣)
سُورَة النَّحْل من الْآيَة (٩) إِلَى الْآيَة (١٣)
﴿وعَلى الله قصد السَّبِيل﴾ يَعْنِي: طَرِيقَ الْهُدَى؛ كَقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ علينا للهدى﴾ ﴿وَمِنْهَا﴾ أَيْ: وَعَنْهَا؛ يَعْنِي: السَّبِيلَ ﴿جَائِرٌ﴾ وَهُوَ الْكَافِرُ جَارَ عَنْ سَبِيلِ الْهدى
﴿وَمِنْه شجر فِيهِ تسيمون﴾ أَيْ: تَرْعَوْنَ أَنْعَامَكُمْ.
396
قَالَ محمدٌ: تَقُولُ: أَسَمْتُ مَاشِيَتِي فسامت؛ أَي: رعيتها فرعت.
397
﴿ينْبت لكم بِهِ﴾ أَيْ: بِذَلِكَ الْمَاءِ ﴿الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ﴾ الآيَةَ، يَقُولُ: فَالَّذِي يُنْبِتُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ الْوَاحِدِ هَذِهِ الأَلْوَانَ الْمُخْتَلِفَةَ قادرٌ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْأَمْوَات.
﴿وَمَا ذَرأ لكم﴾ خَلَقَ ﴿فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ﴾ تَفْسِيرُ قَتَادَةَ: يَعْنِي: مِنَ الدَّوَابِّ وَالشَّجر وَالثِّمَار.
سُورَة النَّحْل من الْآيَة (١٤) إِلَى الْآيَة (٢٠).
سُورَة النَّحْل من الْآيَة (١٤) إِلَى الْآيَة (٢٠).
﴿وَهُوَ الَّذِي سخر الْبَحْر﴾ أَيْ: خَلَقَ ﴿لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طريا﴾ يَعْنِي: الْحِيتَانَ ﴿وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تلبسونها﴾ يَعْنِي: اللُّؤْلُؤ ﴿وَترى الْفلك﴾ السفن ﴿مواخر فِيهِ﴾ يَعْنِي: شَقَّهَا الْمَاءَ فِي وَقْتِ جَرْيِهَا.
قَالَ محمدٌ: يُقَالُ: مَخَرَتِ السَّفِينَةُ الْمَاءَ؛ إِذَا شَقَّتْهُ.
﴿وَلِتَبْتَغُوا من فَضله﴾ يَعْنِي: طَلَبَ التِّجَارَةِ فِي السُّفُنِ.
قَالَ محمدٌ: يُقَالُ: مَخَرَتِ السَّفِينَةُ الْمَاءَ؛ إِذَا شَقَّتْهُ.
﴿وَلِتَبْتَغُوا من فَضله﴾ يَعْنِي: طَلَبَ التِّجَارَةِ فِي السُّفُنِ.
﴿وَألقى فِي الأَرْض رواسي﴾ يَعْنِي: الْجِبَالَ ﴿أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ﴾ لِئَلا تَمِيدَ؛
397
أَي: تتحرك ﴿وأنهارا﴾ أَيْ: وَجَعَلَ فِيهَا أَنْهَارًا ﴿وَسُبُلا﴾ طرقاً ﴿لَعَلَّكُمْ تهتدون﴾ لكَي تهتدوا الطّرق
398
﴿وعلامات﴾ جَعَلَهَا فِي الطُّرُقِ تَعْرِفُونَهَا بِهَا ﴿وبالنجم هم يَهْتَدُونَ﴾ يَعْنِي: جَمَاعَةَ النُّجُومِ الَّتِي يَهْتَدَى بهَا.
﴿أَفَمَن يخلق﴾ يَعْنِي: نَفْسَهُ ﴿كَمَنْ لَا يَخْلُقُ﴾ يَعْنِي: الأَوْثَانَ هَلْ يَسْتَوِيَانِ؟ أَيْ: لَا يَسْتَوِي اللَّهُ وَالأَوْثَانُ ﴿أَفَلا تذكرُونَ﴾ يَقُوله للْمُشْرِكين.
﴿وَالَّذين تدعون من دون الله﴾ يَعْنِي: الأَوْثَانَ ﴿لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وهم يخلقون﴾ أَي: يصنعون بِالْأَيْدِي.
سُورَة النَّحْل من الْآيَة (٢١) إِلَى الْآيَة (٢٥).
سُورَة النَّحْل من الْآيَة (٢١) إِلَى الْآيَة (٢٥).
﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يبعثون﴾ مَتَى يُبْعَثُونَ.
قَالَ قَتَادَةُ: تُحْشَرُ الأَوْثَانُ بِأَعْيَانِهَا؛ فَتُخَاصِمُ عَابِدِيهَا عِنْدَ اللَّهِ؛ أَنَّهَا لمْ تَدْعُهُمْ إِلَى عِبَادَتِهَا، وَإِنَّمَا كَانَ دَعَاهُمْ إِلَى ذَلِك الشَّيَاطِين.
قَالَ قَتَادَةُ: تُحْشَرُ الأَوْثَانُ بِأَعْيَانِهَا؛ فَتُخَاصِمُ عَابِدِيهَا عِنْدَ اللَّهِ؛ أَنَّهَا لمْ تَدْعُهُمْ إِلَى عِبَادَتِهَا، وَإِنَّمَا كَانَ دَعَاهُمْ إِلَى ذَلِك الشَّيَاطِين.
﴿وَإِذا قيل لَهُم﴾ إِذَا قَالَ الْمُؤْمِنُونَ لِلْمُشْرِكِينَ: ﴿مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ﴾ أَيْ: كَذِبُ الأَوَّلِينَ وَبَاطِلِهِمْ؛ وَارْتَفَعَتْ لأَنَّهَا حِكَايَةٌ عَلَى
398
مَعْنَى قَالُوا: إِنَّهُ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ
399
﴿ليحملوا أوزارهم﴾ أَيْ: آثَامَهُمْ ﴿كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ يَعْنِي الَّذِينَ قَالُوا: أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (ل ١٧٣) ﴿وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾ أَيْ: بِئْسَ مَا يَحْمِلُونَ.
يحيى: عَنْ أَبِي الأَشْهَبِ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَيُّمَا داعٍ دَعَا إِلَى هُدًى فَاتُّبِعَ عَلَيْهِ، فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنِ اتَّبَعَهُ، وَلا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَأَيُّمَا داعٍ دَعَا إِلَى ضلالةٍ فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا فَعَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنِ اتَّبَعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِك من أوزارهم شَيْئا ".
سُورَة النَّحْل من الْآيَة (٢٦) إِلَى الْآيَة (٢٩).
يحيى: عَنْ أَبِي الأَشْهَبِ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَيُّمَا داعٍ دَعَا إِلَى هُدًى فَاتُّبِعَ عَلَيْهِ، فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنِ اتَّبَعَهُ، وَلا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَأَيُّمَا داعٍ دَعَا إِلَى ضلالةٍ فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا فَعَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنِ اتَّبَعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِك من أوزارهم شَيْئا ".
سُورَة النَّحْل من الْآيَة (٢٦) إِلَى الْآيَة (٢٩).
﴿قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ﴾ يَعْنِي: الَّذِينَ أَهْلَكَ بِالرَّجْفَةِ مِنَ الأُمَمِ السَّالِفَةِ رَجَفَتْ بِهِمُ الأَرْضُ ﴿فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ سَقَطت سقوف مَنَازِلهمْ عَلَيْهِم.
﴿وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تشاقون فيهم﴾ أَيْ: تُعَادُونَ فِيهِمْ، وَعَدَاوَتُهُمْ لِلَّهِ: عِبَادَتُهُمُ الأَوْثَانَ مِنْ دُونِهِ، وَمَعْنَى (شركائي) أَيْ: الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ شُرَكَائِي.
﴿قَالَ الَّذين أُوتُوا الْعلم﴾ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ ﴿إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسوء﴾ يَعْنِي: الْعَذَابَ عَلَى الْكَافِرِينَ؛ وَهَذَا الْكَلَام يَوْم الْقِيَامَة.
﴿قَالَ الَّذين أُوتُوا الْعلم﴾ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ ﴿إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسوء﴾ يَعْنِي: الْعَذَابَ عَلَى الْكَافِرِينَ؛ وَهَذَا الْكَلَام يَوْم الْقِيَامَة.
﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ تَفْسِيرُ الْحَسَنِ: وفاةٌ إِلَى النَّارِ؛ أَي: حشرٌ ﴿فَألْقوا السّلم﴾ قَالَ الْحَسَنُ: يَعْنِي: أُعْطَوُا الإِسْلامَ وَاسْتَسْلَمُوا؛ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُمْ ﴿مَا كُنَّا نعمل من سوء﴾ قَالَ الْحَسَنُ: إِنَّ فِي الْقِيَامَةِ مَوَاطِنَ، فَمِنْهَا مَوْطِنٌ يُقِرُّونَ فِيهِ بِأَعْمَالِهِمُ الْخَبِيثَةِ، وَمِنْهَا مَوْطِنٌ يُنْكِرُونَ فِيهِ، وَمِنْهَا مَوْطِنٌ يَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، وَتَتَكَّلَمُ أَيْدِيهِمْ، وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يعْملُونَ.
سُورَة النَّحْل من الْآيَة (٣٠) إِلَى الْآيَة (٣٢).
سُورَة النَّحْل من الْآيَة (٣٠) إِلَى الْآيَة (٣٢).
﴿وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ ربكُم قَالُوا خيرا﴾ أَيْ أَنْزَلَ خَيْرًا. ثُمَّ انْقَطَعَ الْكَلامُ، ثُمَّ قَالَ: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا﴾ آمَنُوا ﴿فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ﴾ الْجنَّة ﴿ولدار الْآخِرَة خير﴾ مِنَ الدُّنْيَا ﴿وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ﴾
﴿جنَّات عدن يدْخلُونَهَا﴾.
قَالَ محمدٌ: (جنَّات عدنٍ) مرفوعةٌ بإضمار (هِيَ).
قَالَ محمدٌ: (جنَّات عدنٍ) مرفوعةٌ بإضمار (هِيَ).
﴿الَّذين تتوفاهم الْمَلَائِكَة﴾ تقبض أَرْوَاحهم ﴿طيبين﴾ يَعْنِي: أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا ﴿يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
يحيى: عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ قَالَ:
إِنَّ الْمَلائِكَةَ تَأْتِي وَلِيَّ اللَّهِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَتَقُولُ: السَّلامُ عَلْيَكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ، اللَّهُ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامُ. وَتُبَشِّرُهُ بِالْجَنَّةِ.
سُورَة النَّحْل من الْآيَة (٣٣) إِلَى الْآيَة (٣٧).
يحيى: عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ قَالَ:
إِنَّ الْمَلائِكَةَ تَأْتِي وَلِيَّ اللَّهِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَتَقُولُ: السَّلامُ عَلْيَكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ، اللَّهُ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامُ. وَتُبَشِّرُهُ بِالْجَنَّةِ.
سُورَة النَّحْل من الْآيَة (٣٣) إِلَى الْآيَة (٣٧).
﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾ تَفْسِيرُ الْحَسَنِ: يَقُولُ: هَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ بِعَذَابِهِمْ؛ يَعْنِي: مُشْرِكِي الْعَرَبِ، أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ؛ يَعْنِي: النَّفْخَةَ الأُولَى الَّتِي يَهْلِكُ بِهَا آخِرَ كُفَّارِ هَذِهِ الأُمَّةِ الدَّائِنِينَ بِدِينِ أَبِي جَهْلٍ وَأَصْحَابِهِ قَبْلَ عَذَابِ الآخِرَةِ. قَالَ: ﴿كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قبلهم﴾ أَيْ: كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ ﴿أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾ يَعْنِي: النَّفْخَةَ الأُولَى؛ كَمَا كَذَّبَ مُشْرِكُو الْعَرَبِ، فَأَهْلَكْنَاهُمُ بِالْعَذَابِ... الْآيَة.
﴿فَأَصَابَهُمْ سيئات مَا عمِلُوا﴾ ثَوَابَ مَا عَمِلُوا ﴿وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يستهزئون﴾ أَيْ: ثَوَابُ مَا كَانُوا بِهِ يستهزئون بآيَات الله وبالرسل.
﴿وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْء﴾ وَهُوَ مَا حَرَّمُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنَ الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ؛ فَقَالَ اللَّهُ جَوَابًا لِقَوْلِهِمْ: ﴿كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾.
﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا﴾ يَعْنِي. مِمَّنْ أُهْلِكَ بِالْعَذَابِ ﴿أَنِ اعبدوا الله وَاجْتَنبُوا الطاغوت﴾ وَالطَّاغُوتُ: الشَّيْطَانُ؛ هُوَ دَعَاهُمْ إِلَى عِبَادَةِ الأَوْثَانِ ﴿فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة المكذبين﴾ كَانَ عاقبتهم أَن دمر الله عَلَيْهِم، ثمَّ صيرهم إِلَى النَّار.
﴿إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ﴾ كَقَوْلِهِ: ﴿مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادي لَهُ﴾.
سُورَة النَّحْل من الْآيَة (٣٨) إِلَى الْآيَة (٤٢).
سُورَة النَّحْل من الْآيَة (٣٨) إِلَى الْآيَة (٤٢).
﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يبْعَث الله من يَمُوت﴾ قَالَ: ﴿بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا﴾ ليبعثهم.
402
قَالَ محمدٌ: (وَعدا) مَصْدَرٌ؛ وَالْمَعْنَى: وَعَدَ بِالْبَعْثِ وَعْدًا.
403
﴿لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ﴾ أَيْ: مَا كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِي الدُّنْيَا؛ يَعْنِي: الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ﴾ فِي قَوْلِهِمْ فِي الدُّنْيَا: ﴿لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ﴾.
﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نقُول لَهُ﴾ قبل أَن يكون (ل ١٧٤) ﴿كن فَيكون﴾.
قَالَ محمدٌ: (فَيكون) بِالرَّفْعِ عَلَى مَعْنَى: فَهُوَ يَكُونُ.
قَالَ محمدٌ: (فَيكون) بِالرَّفْعِ عَلَى مَعْنَى: فَهُوَ يَكُونُ.
﴿وَالَّذين هَاجرُوا فِي الله﴾ إِلَى الْمَدِينَةِ ﴿مِنْ بَعْدِ مَا ظلمُوا﴾ مِنْ بَعْدِ مَا ظَلَمَهُمُ الْمُشْرِكُونَ ﴿وأخرجوا دِيَارِهِمْ﴾ مِنْ مَكَّةَ ﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَة﴾ يَعْنِي: الْمَدِينَةَ؛ فِي تَفْسِيرِ قَتَادَةَ ﴿ولأجر الْآخِرَة﴾ الْجنَّة ﴿أكبر﴾ مِنَ الدُّنْيَا ﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ لَعَلِمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ خيرٌ مِنَ الدُّنْيَا.
﴿الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ قَالَ الْحَسَنُ: وَهُمُ الَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظلمُوا.
سُورَة النَّحْل من الْآيَة (٤٣) إِلَى الْآيَة (٥٠).
سُورَة النَّحْل من الْآيَة (٤٣) إِلَى الْآيَة (٥٠).
﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذّكر﴾ يَقُولُهُ لِلْمُشْرِكِينَ ﴿إِنْ كُنْتُمْ لَا تعلمُونَ﴾ وَأَهْلُ الذِّكْرِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ، وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا؛ فِي تَفْسِير السّديّ.
﴿بِالْبَيِّنَاتِ والزبر﴾ يَعْنِي: الْكُتُبَ.
قَالَ يحيى: فِيهَا تقديمٌ: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِم.
﴿وأنزلنا إِلَيْك الذّكر﴾ الْقُرْآن.
قَالَ يحيى: فِيهَا تقديمٌ: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِم.
﴿وأنزلنا إِلَيْك الذّكر﴾ الْقُرْآن.
﴿أفأمن الَّذين مكروا السَّيِّئَات﴾ يَعْنِي: الشِّرْكَ ﴿أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذهُمْ فِي تقلبهم﴾ أَيْ: فِي أَسْفَارِهِمْ فِي غَيْرِ قَرَار
﴿فَمَا هم بمعجزين﴾ بسابقين
﴿أَو يَأْخُذهُمْ على تخوف﴾ تَفْسِيرُ الْكَلْبِيِّ: يَعْنِي: عَلَى تَنَقُّصٍ؛ أَيْ: يَبْتَلِيهِمْ بِالْجَهْدِ حَتَّى يَرْقَوْا وَيَقِلَّ عَدَدُهُمْ.
قَالَ محمدٌ: يُقَالُ: تَخَوَّفَتْهُ الدُّهُورُ؛ أَيْ: تَنَقَّصَتْهُ.
قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ - يَصِفُ نَاقَةً - وَأَنَّ السَّيْرَ نَقْصَ سَنَامَهَا بَعْدَ تَمَكُّنِهِ وَاكْتِنَازِهِ:
قَالَ محمدٌ: يُقَالُ: تَخَوَّفَتْهُ الدُّهُورُ؛ أَيْ: تَنَقَّصَتْهُ.
قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ - يَصِفُ نَاقَةً - وَأَنَّ السَّيْرَ نَقْصَ سَنَامَهَا بَعْدَ تَمَكُّنِهِ وَاكْتِنَازِهِ: