ﰡ
مكية، وهي أربع آيات
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) روى الترمذي والإمام أحمد أن المشركين سألوا رسول اللَّه - ﷺ - أن يصف لهم الإله الذي يدعو إلى عبادته فنزلت. فضمير " هُوَ " لما سألوه مبتدأ والجملة خبر، ولا حاجة إلى العائد؛ لأنَّ الجملة إذا كان أحد جزئيها عين المبتدأ كقوله: (وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) لا يحتاج إلى رابط، وكذا إن جعل ضمير الشأن؛ لأن الشأن (اللَّهُ أَحَدٌ) نفسه. وعلى الأول يجوز أن يكون " اللَّه " بدلاً؛ ولذلك قُرئ: " اللَّه أحد " بدون " هو "، وأما جعل " أحد " بدلاً فلا؛ لأن النكرة لا تبدل من المعرفة. والأحدية: توحيد الذات بانتفاء أنحاء جهات التركيب عقلاً وخارجاً، والموصوف بها هو الواحد الحقيقي. والواحدية: عدم المماثلة في الصفات. وكل منهما يجوز انفكاكه عن الآخر، وفي ذاته تعالى يتلازمان؛(اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) الصمد: فعل بمعنى المصمود وهو السيد الذي يقصد في الحوائج، من الصمد وهو المكان المرتفع. أخلاه عن العاطف؛ لأنه نتيجة الأولى، إذ من كان أَحَدِيُّ الذات وأَحَدِيُّ الصفات لا يكون إلا غنياً مطلقاً، أو دليل لها؛ لأنَّ من كان مقصود الكل في الاحتياج ولا يحتاج إلى شيء فهو المتوحد ذاتاً وصفة.
(لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) لاقتضائهما التجانس والتماثل. وقد دلّ التوحّد على انتفائهما (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ)، ولأنه لو وَلَدَ أو وُلِدَ لم يكن غنياً مطلقاً.
(وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤) كفؤ الشيء: ما يماثله ذاتاً أو صفة. فالمتوحد المطلق الغني عن كل شيء، لا يماثله أحد في شيء، والاشتراك في الشيئية ليس إلا في الاسم؛ ولذا تقيد بكونه شيئاً لا كالأشياء. وقرأ حمزة. كفوءاً " بإسكان الفاء وبالواو ووقفاً، وكذا حفص وقفاً ووصلاً بالإبدال؛ لاستثقال الهمز بعد الضمتين. روى البخاري عن أبي سعيد - رضي الله عنه - أنَّ رسول اللَّه - ﷺ - قال. " لا يعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة فشق ذلك عليهم، فقال: قل هو اللَّه أحد ثلث القرآن " وذلك؛ لاشتماله على التوحيد، ومباحث المبدأ والمعاد. ومقاصد القرآن ثلاث: عقائد وأحكام وقصص. روى مالك وأحمد والترمذي
* * *
تمّت، وفضائلها لا تتم، والحمد للواحد الأحد، والصلاة على الأوحد في جميع الرسل وآله وصحبه أجمعين.
* * *