تفسير سورة الطلاق

أسباب نزول القرآن - الواحدي
تفسير سورة سورة الطلاق من كتاب أسباب نزول القرآن - الواحدي .
لمؤلفه .

قوله تعالى: ﴿يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ....﴾ الآية [١]
روى قَتَادَةُ، عن أنس، قال: طلَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم حَفْصَة، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وقيل له: راجِعْها فإنها صَوَّامة قَوَّامة، وهي من إحدى أزواجك ونسائك في الجنة.
وقال السُّدِّيُّ: نزلت في عبد الله بن عمر، وذلك أنه طلق امرأته حائضاً، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُرَاجعها، ويُمِسكَها حتى تُطهرَ، ثم تَحِيضَ حيضةً أخرى، فإذا طهرتْ طلَّقها إن شاء قبل ان يجامعها، فإنها العِدَّة التي أمر الله بها.
أخبرنا منصور بن عبد الوهاب بن أحمد الشالنجي، أخبرنا أبو عمر محمد بن أحمد الحِيري، حدَّثنا محمد بن زنجويه، حدَّثنا عبد العزيز بن يحيى، حدَّثنا الليث بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر:
أنه طلق امرأته، وهي حائض تطليقةً واحدة فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُراجعَها، ثم يُمسكَها حتى تَطهرَ، وتحيضَ عنده حيضةً أخرى، ثم يُمهلَها حتى تطهَر من حيضتها، فإن أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهُر، من قبل أن يُجامعَها. فتلك العدةُ التي أمر الله تعالى أن تُطَلَّقَ لها النساء. [رواه البخاري ومسلم عن قتيبة، عن الليث].
قوله تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ﴾ [٢-٣].
نزلت الآية في عوف بن مالك الأشجعي، وذلك أن المشركين أسروا ابناً له، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشكا إليه الفاقةَ، وقال: إن العدو أسر ابني، وجزعت الأم، فما تأمرني؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اتق الله واصبرْ، وآمرُك وإيَّاها أن تَسْتكثِرَا من قول لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله. فعاد إلى بيته، وقال لامرأته: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني وإياك أن نستكثر من قول: لا حول ولا قوةَ إلا بالله. فقال: نِعْمَ ما أمرنا به. فجعلا يقولان، فغفل العدو عن ابنه، فساق غنمهم، وجاء بها إلى أبيه، وهي أربعة آلاف شاة. فنزلت هذه الآية.
أخبرنا عبد العزيز بن عَبْدانَ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن نُعيم، قال: أخبرني أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسين السكوني، حدَّثنا عبيد بن كثير العامري، حدَّثنا عباد بن يعقوب، حدَّثنا يحيى بن آدم، حدَّثنا إسرائيلُ حدَّثنا عمار بن معاوية، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن جابر بن عبد الله، قال:
نزلت هذه الآية: ﴿وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ﴾ في رَجُلِ من أشْجَعَ، كان فقيراً، خفيف ذاتِ اليد، كثيرَ العيال. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله فقال: اتق الله، واصبر. فرجع إلى أصحابه، فقالوا: ما أعطاك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما أعطاني شيئاً، قال: اتق الله واصبر، فلم يلبث إلا يسيراً حتى جاء ابن له بغنم، وكان العدو أصابوه، فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فسأله عنها، وأخبره خبرها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إيَّاكَها.
قوله تعالى: ﴿وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ﴾. [٤].
قال مقاتل: لما نزلت ﴿وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ﴾ الآية، قال خَلاد ابن النُّعمان بن قيس الأنصاري: يا رسول الله، فما عِدَّةُ التي لا تحيض، وعدَّةُ التي لم تحض، وعِدَّةُ الحُبْلَى؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
أخبرنا أبو إسحاق المقرىء، أخبرنا محمد بن عبد الله حَمْدُون، أخبرنا مكي بن عَبْدان، حدَّثنا أبو الأزهر، حدَّثنا أسباط بن محمد، عن مُطّرِّف، عن أبي عثمان عمرو بن سالم قال: لما نزلت عِدَّةُ النساء -في سورة البقرة - في المطّلقة والمتوفَّى عنها زوجُها - قال أبيُّ بن كعب: يا رسول الله، إن نساءً من أهل المدينة يقلْن: قد بقي من النساء من لم يُذكرْ فيها شيءٌ؟ قال: وما هو؟ قال: الصِّغار، والكِبار، وذواتُ الحَمْلِ. فنزلت هذه الآية: ﴿وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ﴾ إلى آخرها.
Icon