ﰡ
قوله: (لشدة أهواله) إلخ، هذا إشارة لوجه الجمع بين الآيتين، أي فالمراد من ذكر الألف وذكر الخمسين، التنبيه على طوله والتخفيف منه، لا العدد المذكور بخصوصه، وجمع أيضاً بأن موقف القيامة خمسون موقفاً، كل موقف ألف فهذه الآية بينت أحد المواقف، وآية سأل بينت المواقف كلها، وهذا هو الأقرب، وجمع أيضاً بأن العذاب مختلف، فيعذب الكافر بجنس من العذاب ألف سنة، ثم ينتقل إلى جنس آخر مدته خمسون ألف سنة. قوله: (من صلاة مكتوبة) صادق بصلاة الصبح، فهو في حق المؤمنين قصير جداً. قوله: ﴿ ذٰلِكَ ﴾ مبتدأ، و ﴿ عَالِمُ ﴾ خبر أول، و ﴿ ٱلْعَزِيزُ ﴾ خبر ثان، و ﴿ ٱلرَّحِيمُ ﴾ خبر ثالث، و ﴿ ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ ﴾ خبر رابع، وهذه قراءة العامة، وقرئ شذوذاً برفع ﴿ عَالِمُ ﴾ وخفض ﴿ ٱلْعَزِيزُ ﴾ على أنهما بدلان من الهاء في إليه، وقرئ أيضاً بجر ﴿ عَالِمُ ﴾ وما بعده، وخرجت على جعل اسم الإشارة فاعلاً ليعرج، و ﴿ عَالِمُ ﴾ وما بعده بدل من الضمير في إليه.
قوله: ﴿ كَمَن كَانَ فَاسِقاً ﴾ أي كافراً. قوله: ﴿ لاَّ يَسْتَوُونَ ﴾ أي في المآل، وقد راعى المعنى فجمع، لأن المراد الفريق في كل، وروي أنه صلى الله عليه وسلم كان يعتمد الوقف على قوله: ﴿ فَاسِقاً ﴾ ويبتدئ بقوله: ﴿ لاَّ يَسْتَوُونَ ﴾.
قوله: ﴿ أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ ﴾ تفصيل لما أجمل أولاً. قوله: ﴿ نُزُلاً ﴾ أي مهيأة ومعدة لإكرامهم، كما تهيأ التحف للضيف النازل بالكرام. قوله: ﴿ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ أي بسبب كونهم يعملون الصالحات.
قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً، وخرجت على جعل اللام للتعليل وما مصدرية، أي جعلناهم أئمة لأجل صبرهم. قوله: (بينهم) أي المؤمنين والمشركين، أو بين الأنبياء وأممهم.
قوله: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ ﴾ أي المذكورة من كثرة إهلاك الأمم الخالية. قوله: (اليابسة التي لا نبات فيها) أي التي قطع وأزيل بالمرة، فالجزر معناه القطع، سميت الأرض اليابسة بذلك لقطع النبات منها، وقيل المراد بالجزر موضع باليمن. قوله: ﴿ تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ ﴾ قدم الأنعام لأن أكلها مقدم، لكونها تأكله قبل أن يثمر. قوله: ﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْفَتْحُ ﴾ سبب نزولها: أن المسلمين كانوا يقولون: إن الله سيفتح لنا على المشركين، ويفصل بيننا وبينهم، وكان أهل مكة إذا سمعوهم يقولون بطريق الاستعجال تكذيباً واستهزاءاً: متى الفتح؟ قوله: ﴿ قُلْ يَوْمَ ٱلْفَتْحِ ﴾ المراد به يوم القيامة، لأنه يوم الفصل بين المؤمنين والكافرين. قوله: ﴿ لاَ يَنفَعُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِيَمَانُهُمْ ﴾ أي لأن الإيمان المقبول، هو الذي يكون في الدنيا، ولا يقبل بعد خروجهم منها. قوله: ﴿ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ ﴾ أي يؤخرون، وقوله: (أو معذرة) أي اعتذار. قوله: ﴿ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ﴾ أي اتركهم ولا تتعرض لهم. قوله: (وهذا قبل الأمر بقتالهم) أي فهو منسوخ بآية الجهاد، ويحتمل أن الآية محكمة، ومعنى فأعرض عنهم، أي اقبل عذر من أسلم منهم، واترك ما هو عليه، وقد وقع منه ذلك، فقد، عفا عن وحشي حين أسلم بعد قتله حمزة عمه صلى الله عليه وسلم، وعن جميع من دخل عليهم مكة عام الفتح.