تفسير سورة الطلاق

تفسير العز بن عبد السلام
تفسير سورة سورة الطلاق من كتاب تفسير العز بن عبد السلام المعروف بـتفسير العز بن عبد السلام .
لمؤلفه عز الدين بن عبد السلام . المتوفي سنة 660 هـ
سُورَةُ الطَّلاَقِ مدنية.

١ - ﴿يا أيها النَّبِىُّ﴾ خوطب به وهو عام لأمته نزلت لما طلق الرسول [صلى الله عليه وسلم] حفصة فأوحي إليه أن يراجعها فإنها صوامة قوامة وهي من أزواجك في الجنة ﴿لِعِدَّتِهِنَّ﴾ في الطهر من غير جماع وجمع الثلاث بدعة أو ليس ببدعة فإن طلقها حائضاً أو في طهر جماع وقع أو لا يقع ﴿وَاتَّقُواْ اللَّهَ﴾ في المطلقات ﴿لا تُخْرِجُوهُنَّ﴾ في عدتهن ﴿بِفَاحِشَةٍ﴾ الزنا فتخرج لإقامة الحد أو بُذَاء على أحمائها " ع " أو كل معصية لله أو خروجها من بيتها تقديره إلا أن يأتين بفاحشة بخروجهن ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ الله﴾ طاعته أو شروطه أو سننه وأمره ﴿يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ﴾ لم يرض بها أو خالفها ﴿ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ بترك الرضا لأنه يأثم به أو بإضراره بالمرأة بإيقاع الطلاق في غير الطهر المشروع ﴿أَمْراً﴾ بالرجعة اتفاقاً.
329
﴿فإذَا بَلَغْنَ أجلهنَّ فأمسكُوهُنَّ بمعروفٍ أوْ فارِقُوهُنَّ بمعروفٍ وأشهِدُواْ ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقيمواْ الشَّهَادةَ للَّهِ ذلكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الأخرِ وَمَن يتَّقِ اللهَ يجعل لَّهُ مخرجاً (٢) ويرزقهُ مِنْ حيثُ لا يحتسبُ وَمَن يتوَكَّلْ علَى اللهِ فهُوَ حسبُهُ إنَّ اللهَ بالَغُ أمرِهِ قد جَعَلَ اللهُ لكلِّ شيءٍ قدراً (٣) ﴾
330
٢ - ﴿بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ﴾ قاربنه ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ﴾ ارتجعوهن ﴿بِمَعْرُوفٍ﴾ طاعة الله في الشهادة أو أن لا يقصد إضرارها بتطويل العدة ﴿فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ أن يتركها في منزلها حتى تنقضي عدتها ﴿وَأَشْهِدُواْ﴾ على الرجعة فإن لم يشهد فقولان في صحتها. ﴿مَخْرَجاً﴾ ينجيه من كل كرب في الدنيا والآخرى أو علمه بأنه من الله وأنه هو والمعطي المانع أو قناعته برزقه أو مخرجاً من الباطل إلى الحق ومن الضيق إلى السعة أو من يتق بالطلاق في العدة يجعل له مخرجاً بالرجعة وأن يكون كأحد الخطاب بعد انقضائها، أو بالصبر عند المصيبة يجعل له مخرجاً من النار إلى الجنة، أو نزلت في مالك الأشجعي أُسِرَ ابنه عوف فشكا ذلك إلى الرسول [صلى الله عليه وسلم] مع ضر أصابه فأمره بالإكثار من الحوقلة [٢٠١ / ب] / فأفلت ابنه من الأسر واستاق معه سرحاً للكفار فأتى أباه فأخبره أبوه الرسول [صلى الله عليه وسلم] وسأله عن الإبل فقال اصنع بها ما أحببت فنزلت.
٣ - ﴿بَالغُ أَمْرِهِ﴾ قاضٍ أمره فيمن توكل ومن لم يتوكل إلا أن من توكل يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً ﴿قَدْراً﴾ أجلاً ووقتاً أو منتهى وغاية أو مقداراً واحداً فإن كان فعلاً للعبد فهو مقدر بأمر الله وإن كان فعلاً لله فهو مقدر بمشيئته أو بمصلحة عباده.
﴿واللائى يئسنَ مِنَ المحيضِ مِن نسائكُمْ إنِ ارتبتُمْ فعدَّتُهُنَّ ثلاثةُ أشْهُرٍ واللائى لم يحضْنَ وأولاتُ الأحمالِ أَجلُهُنَّ أن يضعْنَ حملهنَّ ومن يتَّقِ اللهَ يجعل لهُ منْ أمرِهِ يُسْراً (٤) ذلكَ أمرُ اللهِ أنزلَهُ إليكمْ ومن يتَّقِ اللهَ يكفرْ عنهُ سيئاتِهِ ويعظمْ لهُ أجراً (٥) ﴾
٤ - ﴿إِنِ ارْتَبْتُمْ﴾ بدمها هل هو حيض أو استحاضة أو بحكم عدتها فلم تعلموا بماذا يعتدون. قالوا قد بقي من عِدَد النساء عِدد لم يذكرن الصغار والكبار المنقطع حيضهن وذوات الحمل فنزلت ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ﴾ بطلاق السنة ييسر أمره بالرجعة أو باجتناب المعصية يَسَّر أمره بالتوفيق للطاعة.
{أسكنوهُنَّ منْ حيثُ سكنتُم مِّن وُجدكم ولاَ تضاروهنَّ لتضيقواْ عليهنَّ وإن كنَّ أولاتِ حمْلٍ
331
فأنفقوا عليهنَّ حتَّى يضعنَ حملهنَّ فإنْ أرضعنَ لكُمْ فآتُوهُنَّ أجورهُنَّ وأتمرواْ بينكم بمعروفٍ وإن تعاسرتُمْ فسترضعُ لهُ أخرَى (٦) لينفقْ ذو سعةٍ من سعتِهِ ومَن قُدِرَ عليْهِ رزْقُهُ فلينفقْ ممَّا ءاتاهُ اللهُ لا يكلِّفُ اللهُ نفساً إلاَّ ما ءاتاها سيجعَلْ اللهُ بعد عُسْرٍ يُسراً (٧) }
332
٦ - ﴿وُجْدكم﴾ سعتكم أو قوتكم أو طاقتكم أو مما تجدون ﴿لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ﴾ في المساكن أو النفقة ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ﴾ أي المطلقات ﴿فَآتُوهُنَّ﴾ أجرة الرضاع لوجوب النفقة على الآباء ﴿وائتمروا﴾ تشاوروا أو تراضوا في إرضاع الولد إذا وقعت بينكما الفرقة ﴿تَعَاسَرْتُمْ﴾ تضايقتم أو إختلفتم ﴿فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى﴾ وإن اختلفا فطلبت الأم الإرضاع وامتنع الأب أو طلبه الأب فامتنعت الأم والولد لا يقبل ثدي غيرها أجبر الممتنع وإن أعسر الأب بالأجرة لزمها الإرضاع للولد.
٧ - ﴿ما آتاها﴾ نفقة المرضع بقدر المكنة أو لا يكلف بصدقة ولا زكاة ولا مال له أو لا يكلفه فريضة إلا بحسب قدرته.
﴿وكأيِّنِ من قريةٍ عتتْ عن أمرِ ربِّها ورسلِهِ فحاسبناهاَ حساباً شديداً وعذَّبناها عذاباً نُّكْراً (٨) فذاقتْ وَبَالَ أمرِهَا وَكَانَ عاقبةُ أمرِهَا خُسراً (٩) أَعَدَّ اللهُ لهمْ عذاباً شديداً فاتقوا الله يأولي الألباب الذين ءامنوا قد أنزل الله إليكمْ ذكراً (١٠) رَّسولاً يتلواْ عليكمْ ءاياتِ اللهِ مبيِّناتٍ ليخرجَ الذينَ ءامنواْ وعملواْ الصالحاتِ مِنَ الظلماتِ إلى النورِ ومن يؤمن باللهِ ويعملْ صالحاً يدخلهُ جناتٍ تجري من تحتِهَا الأنهارُ خالدينَ فيها أبداً قد أحسنَ اللهُ لهُ رزقاً (١١) ﴾
١٠ - ﴿ذِكْراً﴾ القرآن.
١١ - ﴿رَّسُولاً﴾ جبريل عليه السلام. فيكون الذكر والرسول منزلين أو
332
محمد [صلى الله عليه وسلم] تقديره وبعث رسولاً نزلت في مؤمني أهل الكتاب " ع " ﴿الظُّلُمَاتِ﴾ الجهل و ﴿النُّورِ﴾ العلم أو ظلمات المنسوخ إلى ضياء الناسخ أو الباطل إلى الحق.
﴿اللهُ الذي خَلَقَ سبعَ سموتٍ ومِنَ الأرضِ مثلهنَّ يتنزلُ الأمرُ بينهنَّ لتعلمواْ أنَّ الله على كلِّ شيءٍ قديرٌ وأنَّ اللهَ قدْ أحاطَ بكلِّ شيءٍ علماً (١٢) ﴾
333
﴿ ذِكراً ﴾ القرآن.
﴿ رسولاً ﴾ جبريل عليه السلام. فيكون الذكر والرسول منزلين أو محمد صلى الله عليه وسلم تقديره وبعث رسولاً نزلت في مؤمني أهل الكتاب ﴿ الظلمات ﴾ الجهل و ﴿ النور ﴾ العلم أو ظلمات المنسوخ إلى ضياء الناسخ أو الباطل إلى الحق.
١٢ - ﴿سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ اتفقوا أن السموات بعضها فوق بعض ﴿وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ سبع أرضين منبسطة ليس بعضها فوق بعض تفرق بينهن البحار ويظل جميعهن السماء " ع " وقال الجمهور سبع أرضين بعضها فوق بعض في كل أرض خلق تقلهم تلك الأرض وتظلهم أرض أخرى ولا تصل إلينا إلا الأرض العليا التي نحن عليها فعلى هذا إن كان منهم من يعقل فلا يلزمه دعوة الإسلام ولهم ضياء خلقه الله تعالى في أراضيهم عند من رأى الأرض كرية فلا يشاهدون السماء أو يشاهدونها من كل جوانب أرضهم فيرون منها الضياء عند من رأى الأرض منبسطة. ﴿الأَمْرُ﴾ الوحي ﴿بَيْنَهُنَّ﴾ الأرض العليا والسماء السابعة وقال الأكثر الأمر قضاؤه وقدره ﴿بَيْنَهُنَّ﴾ بين أقصى الأرضين والسماء العليا ﴿لِتَعْلَمُواْ﴾ خلق هذا الملك العظيم لتعلموا أنه قادر على كل شيء [٢٠٢ / أ] / قدير وإنه على ما بينهما من الخلق أقدر.
333
سُورَةُ التَّحْرِيم
مدنية.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

﴿يا أيها النبي لمَ تحرِّمُ ما أحلَّ اللهُ لَكَ تبتَغِى مرضَاتَ أزواجِكَ واللهُ غفورٌ رحيمٌ (١) قدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أيمانِكُمْ واللهُ مولاكُمْ وهُوَ العليمُ الحكيمُ (٢) وإذْ أسرَّ النبيُّ إلى بعضِ أزواجِهِ حديثاً فلمَّا نبَّأتْ به وأظهرهُ اللهُ عليهِ عرَّفَ بعضهُ وأعرضَ عن بعضٍ فلمَّا نبَّأها به قالتْ مَنْ أنبأك هذا قال نبأني العليمُ الخبيرُ (٣) إن تتوبا إلى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وإن تظاهرا عليه فإنَّ اللهَ هُوَ مولاهُ وجبريلُ وصالحُ المؤمنينَ والملائكةُ بعدَ ذلكَ ظهيرٌ (٤) عَسَى ربُّهُ إن طلقكنُّ أن يبدلهُ أزواجاً خيراً منكنَّ مسلماتٍ مؤمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَبِدَاتٍ سَئِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وأَبْكَاراً (٥) ﴾
334
Icon