تفسير سورة الفلق

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد
تفسير سورة سورة الفلق من كتاب البحر المديد في تفسير القرآن المجيد .
لمؤلفه ابن عجيبة . المتوفي سنة 1224 هـ
سورة الفلق
مدنية، وهي خمس آيات.
ومناسبتها : أن المعتصم به، والمتعوذ به، هو الموصوف في السورة قبلها، كما في حديث عثمان أنه صلى الله عليه وسلم عاده، وقال :" أعيذك بالله الأحد الصمد "، وأمره بالتعوذ بذلك.
وقيل في مناسبة التعوذ بعد الإخلاص : إن سبب نزول سورة الإخلاص ما وقع من الجهل وسوء الأدب، بالسؤال عن نسب الله، وكفى به شرا، فأمره بالتعوذ من كل شر، ثم من خصوص شر الغاسق ؛ لأنه عنده يقع النفث والسحر، ثم من الحسد ؛ لأنه الحامل على ذلك والباعث، ثم من الوسواس ؛ لأنه أصل كل ذلك، فلا يقع شر اختياري إلا بوسوسة إنس أو جن. والله أعلم.
قال المحلي : نزلت هذه والتي بعدها لما سحر لبيد اليهودي النبي صلى الله عليه وسلم. ه.
وفي الثعلبي : قال ابن عباس وعائشة : كان غلام من اليهود يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، وعنده أسنان من مشطه، فأعطاها اليهود، فسحروه فيها، وتولاه لبيد بن الأعصم، ودفنه في بئر لبني زريق، يقال لها : ذروان، فمرض النبي صلى الله عليه وسلم، وانتثر شعر رأسه، ولبث شهرا يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن، وجعل يذوب ولا يدري ما عراه، فبينما هو قائم أتاه ملكان، فقعد أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، فقال الذي عند رجليه، للذي عند رأسه : ما بال الرجل ؟ قال : مطبوب، قال من طبه ؟ قال : لبيد بن الأعصم، قال : وفيم طبه ؟ قال : في مشط ومشاطة، وطلعة ذكر، قال : أين هو ؟ في جف طلعة تحت راعوفة، في بئر ذروان. والجف : قشر الطلع، والراعوفة : حجر في أسفل البئر يقوم عليه المائح- وهو الساقي-، فانتبه النبي صلى الله عليه وسلم مذعورا، وقال :" يا عائشة، أما شعرت أن الله تعالى أخبرني بدائي "، ثم بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا والزبير وعمارا، فنزحوا ماء تلك البئر، كأنه نقاعة الحناء، ثم رفعوا الصخرة، وأخرجوا الجُفّ، فإذا مشاطة رأسه، وأسنان من مشطه، وإذا وتر، معقود فيه إحدى عشرة عقدة، مغرزة بالإبر، فأنزل الله هاتين السورتين، وهما إحدى عشرة آية على عدد العقد، وأمره أن يتعوذ بهما، فجعل كلما يقرأ آية انحلت عقدة، ووجد النبي صلى الله عليه وسلم خِفة، حتى انحلت العقدة الأخيرة، فقام كأنما نشط من عِقال، فقالوا : يا رسول الله ؛ ألا نقتل الخبيث ؟ فقال عليه السلام :" أما أنا فقد شفاني الله، وأكره أن أثير الناس شرا " ١، فلم ينتقم عليه السلام لنفسه، ولا غضب لها إلا أن تنتهك حرمات الله، فلا يقوم لغضبه شيء.
١ أخرج قصة سحر اليهودي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، البخاري في بدء الخلق حديث ٣٢٦٨، ومسلم في السلام حديث ٤٣..

يقول الحق جلّ جلاله :﴿ قلْ ﴾ يا محمد ﴿ أعوذُ بربِّ الفلقِ ﴾ أي : أتحصّن وأستجيرُ برب الفلق. والفلق : الصُبح، كالفرق ؛ لأنه يفلق عنه الليل، فعل بمعنى مفعول. وقيل : هو كل ما يفلقه الله تعالى، كالأرض عن النبات، والجبال عن العيون، والسحاب عن الأمطار، والحب والنوى عما يخرج منهما، والبطون والفروج عما يخرج منهما، وغير ذلك مما يفلق ويخرج منه شيء. وقيل : هو جب في جهنم.
وفي تعليق العياذ بالرب، المضاف إلى الفلق، المنبئ عن النور بعد الظلمة، وعن السعة بعد الضيق، والفتق بعد الرتَق، عِدَة كريمة بإعاذة العامة مما يتعوّذ منه، وإنجائه منه، وفَلْق ما عقد له من السحر وانحلاله عنه، وتقوية رجائه بتذكير بعض نظائره، ومزيد ترغيب في الاعتناء بقرع باب الالتجاء إلى الله تعالى.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : الفلق هو النور الذي انفلق عنه بحر الجبروت، وهي القبضة المحمدية، التي هي بذرة الكائنات، فأمر الله بالتعوُّذ بربها الذي أبرزها منه، من شر كل ما يشغل عن الله، من سائر المخلوقات، ومن شر ما يهجم على الإنسان، ويقوم عليه من نفسه وهواه وغضبه وسخطه، ومن شر ما يكيده من السحرة أو الحُساد. والحسد مذموم عند الخاص والعام، فالحسود لا يسود. وحقيقة الحسد : الأسف على الخير عند الغير، وتمني زواله عنه، وأمّا تمني مثله مع بقائه لصاحبه فهي الغِبطة، وهي ممدوحة في الكمالات، كالعلم والعمل، والذوق والحال. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله.
ثم ذكر المتعوَّذ منه فقال :﴿ من شرِّ ما خَلَقَ ﴾ من الثقلين وغيرهم، كائناً ما كان، وهذا كما ترى شامل لجميع الشرور الجمادية، والحيوانية، والسماوية، كالصواعق وغيرها. وإضافة الشر إليه أي : إلى كل ما خلق لاختصاصه بعالَم الخلق، المؤسس على امتزاج المراد المتباينة، وتفاصيل كيفياتها المتضادة المستتبعة للكون والفساد في عالَم الحكمة، وأمّا عالَم الأمر فهو منزّه عن العلل والأسباب، والمراد به : كن فيكون.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : الفلق هو النور الذي انفلق عنه بحر الجبروت، وهي القبضة المحمدية، التي هي بذرة الكائنات، فأمر الله بالتعوُّذ بربها الذي أبرزها منه، من شر كل ما يشغل عن الله، من سائر المخلوقات، ومن شر ما يهجم على الإنسان، ويقوم عليه من نفسه وهواه وغضبه وسخطه، ومن شر ما يكيده من السحرة أو الحُساد. والحسد مذموم عند الخاص والعام، فالحسود لا يسود. وحقيقة الحسد : الأسف على الخير عند الغير، وتمني زواله عنه، وأمّا تمني مثله مع بقائه لصاحبه فهي الغِبطة، وهي ممدوحة في الكمالات، كالعلم والعمل، والذوق والحال. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله.
وقوله تعالى :﴿ ومن شر غَاسِقٍ إِذا وَقَبَ ﴾ تخصيص لبعض الشرور بالذكر، بعد اندراجه فيما قبله، لزيادة مساس الحاجة إلى الاستعاذة منه، لكثرة وقوعه، أي : ومن شر الليل إذا أظلم واشتد ظلامه، كقوله تعالى :﴿ إِلَى غَسَقِ الْلَّيْلِ ﴾ [ الإسراء : ٧٨ ]. وأصل الغسق : الامتلاء. يقال : غسقت عيناه إذا امتلأت دمعاً، وغَسَقُ الليل : انضباب ظلامه. وقوله :﴿ إذا وقب ﴾ أي : دخل ظلامه، وإنما تعوَّذ من الليل ؛ لأنه صاحب العجائب، وقيل : الغاسق : القمر، ووقوبه : دخوله في الكسوف واسوداده، لِما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : أخذ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيدي، وقال :" تعوذي بالله من شر هذا الغاسق إذا وقب " ١. وقيل : وقوب القمر : محاقه في آخر الشهر، والمنجِّمون يعدونه نحساً، ولذلك لا تستعمل السحرةُ السحرَ المُورث للمرض إلاَّ في ذلك الوقت، قيل : وهو المناسب لسبب النزول. وقيل : الغاسق : الثريا، ووقوبها : سقوطها ؛ لأنها إذا سقطت كثرت الأمراض والطواعين. وقيل : هو كل شر يعتري الإنسان، ووقوبه هجومه، فيدخل فيه الذكَر عند الشهوة المحرمة وغيره.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : الفلق هو النور الذي انفلق عنه بحر الجبروت، وهي القبضة المحمدية، التي هي بذرة الكائنات، فأمر الله بالتعوُّذ بربها الذي أبرزها منه، من شر كل ما يشغل عن الله، من سائر المخلوقات، ومن شر ما يهجم على الإنسان، ويقوم عليه من نفسه وهواه وغضبه وسخطه، ومن شر ما يكيده من السحرة أو الحُساد. والحسد مذموم عند الخاص والعام، فالحسود لا يسود. وحقيقة الحسد : الأسف على الخير عند الغير، وتمني زواله عنه، وأمّا تمني مثله مع بقائه لصاحبه فهي الغِبطة، وهي ممدوحة في الكمالات، كالعلم والعمل، والذوق والحال. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله.

١ أخرجه الترمذي في تفسير المعوذتين حديث ٣٣٦٦، وأحمد في المسند ٦/٦١..
﴿ ومن شر النفاثاتِ في العُقَد ﴾ أي : ومن شر النفوس، أو : النساء النفاثات، أي : السواحر اللاتي يعقدن عقداً في خيوط، وينفثن عليها، والنفث : النفخ مع ريق، وقيل : بدون ريق، وتعريفها إمّا للعهد الذهني، وهن بنات لَبِيد، أو : للجنس، لشمول جميع أفراد السواحر، وتدخل بنات لَبيد دخولاً أولياً.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : الفلق هو النور الذي انفلق عنه بحر الجبروت، وهي القبضة المحمدية، التي هي بذرة الكائنات، فأمر الله بالتعوُّذ بربها الذي أبرزها منه، من شر كل ما يشغل عن الله، من سائر المخلوقات، ومن شر ما يهجم على الإنسان، ويقوم عليه من نفسه وهواه وغضبه وسخطه، ومن شر ما يكيده من السحرة أو الحُساد. والحسد مذموم عند الخاص والعام، فالحسود لا يسود. وحقيقة الحسد : الأسف على الخير عند الغير، وتمني زواله عنه، وأمّا تمني مثله مع بقائه لصاحبه فهي الغِبطة، وهي ممدوحة في الكمالات، كالعلم والعمل، والذوق والحال. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله.
﴿ ومن شر حاسدٍ إِذا حَسَدَ ﴾ إذا أظهر ما في نفسه من الحسد وعمل بمقتضاه، بترتيب مقدمات الشر، ومبادئ الإضرار بالمحسود، قولاً وفعلاً، والتقييد بذلك ؛ لأنَّ ضرر الحسد قبله إنما يحيق بالحاسد، وقد تكلم ابن جزي هنا على الحسد بكلام نقلناه في سورة النساء١، فانظره فيه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : الفلق هو النور الذي انفلق عنه بحر الجبروت، وهي القبضة المحمدية، التي هي بذرة الكائنات، فأمر الله بالتعوُّذ بربها الذي أبرزها منه، من شر كل ما يشغل عن الله، من سائر المخلوقات، ومن شر ما يهجم على الإنسان، ويقوم عليه من نفسه وهواه وغضبه وسخطه، ومن شر ما يكيده من السحرة أو الحُساد. والحسد مذموم عند الخاص والعام، فالحسود لا يسود. وحقيقة الحسد : الأسف على الخير عند الغير، وتمني زواله عنه، وأمّا تمني مثله مع بقائه لصاحبه فهي الغِبطة، وهي ممدوحة في الكمالات، كالعلم والعمل، والذوق والحال. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله.

١ انظر تفسير الآية ٥٤ من سورة النساء..
Icon