تفسير سورة سبأ

الدر المنثور
تفسير سورة سورة سبأ من كتاب الدر المنثور في التأويل بالمأثور المعروف بـالدر المنثور .
لمؤلفه السُّيوطي . المتوفي سنة 911 هـ
سورة سبأ
أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنه قال : نزلت سورة سبأ بمكة.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : سورة سبأ مكية.

- الْحَمد لله الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وَله الْحَمد فِي الْآخِرَة وَهُوَ الْحَكِيم الْخَبِير يعلم مَا يلج فِي الأَرْض وَمَا يخرج مِنْهَا وَمَا ينزل من السَّمَاء وَمَا يعرج فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيم الغفور وَقَالَ الَّذين كفرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَة قل بلَى وربي لتأتينكم عَالم الْغَيْب لَا يعزب عَنهُ مِثْقَال ذرة فِي السَّمَوَات وَلَا فِي الأَرْض وَلَا أَصْغَر من ذَلِك وَلَا أكبر إِلَّا فِي كتاب مُبين ليجزي الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أُولَئِكَ لَهُم مغْفرَة ورزق كريم وَالَّذين سعوا فِي آيَاتنَا معاجزين أُولَئِكَ لَهُم عَذَاب من رجز أَلِيم وَيرى الَّذين أُوتُوا الْعلم الَّذِي أنزل إِلَيْك من رَبك هُوَ الْحق وَيهْدِي إِلَى صِرَاط الْعَزِيز الحميد وَقَالَ الَّذين كفرُوا هَل ندلكم على رجل ينبئكم إِذا مزقتم كل ممزق إِنَّكُم لفي خلق جَدِيد أفترى على الله كذبا أم بِهِ جنَّة بل الَّذين لَا يُؤمنُونَ
673
بِالآخِرَة فِي الْعَذَاب والضلال الْبعيد أفلم يرَوا إِلَى مَا بَين أَيْديهم وَمَا خَلفهم من السَّمَاء وَالْأَرْض إِن نَشأ نخسف بهم الأَرْض أَو نسقط عَلَيْهِم كسفاً من السَّمَاء إِن فِي ذَلِك لآيَة لكل عبد منيب
أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَهُوَ الْحَكِيم الْخَبِير﴾ قَالَ ﴿حَكِيم﴾ فِي أمره ﴿خَبِير﴾ بخلقه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿يعلم مَا يلج فِي الأَرْض﴾ قَالَ: من الْمَطَر ﴿وَمَا يخرج مِنْهَا﴾ قَالَ: من النَّبَات ﴿وَمَا ينزل من السَّمَاء﴾ قَالَ: الْمَلَائِكَة ﴿وَمَا يعرج فِيهَا﴾ قَالَ: الْمَلَائِكَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿قل بلَى وربي لتأتينكم عَالم الْغَيْب﴾ قَالَ: يَقُول: بلَى وربي عَالم الْغَيْب لتأتينكم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿أُولَئِكَ لَهُم مغْفرَة ورزق كريم﴾ قَالَ: مغْفرَة لذنوبهم ﴿ورزق كريم﴾ فِي الْجنَّة ﴿وَالَّذين سعوا فِي آيَاتنَا معاجزين﴾ قَالَ: أَي لَا يعجزون وَفِي قَوْله ﴿أُولَئِكَ لَهُم عَذَاب من رجز أَلِيم﴾ قَالَ: الرجز هُوَ الْعَذَاب الْأَلِيم الموجع
وَفِي قَوْله ﴿وَيرى الَّذين أُوتُوا الْعلم الَّذِي أنزل إِلَيْك من رَبك هُوَ الْحق﴾ قَالَ: أَصْحَاب مُحَمَّد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿وَيرى الَّذين أُوتُوا الْعلم﴾ قَالَ: الَّذين أُوتُوا الْحِكْمَة ﴿من قبل﴾ قَالَ: يَعْنِي الْمُؤمنِينَ من أهل الْكتاب
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَقَالَ الَّذين كفرُوا هَل ندلكم على رجل ينبئكم﴾ قَالَ: قَالَ ذَلِك مشركو قُرَيْش ﴿إِذا مزقتم كل ممزق﴾ يَقُول: إِذا أكلتكم الأَرْض وصرتم عظاماً ورفاتاً
وتقطعتكم السبَاع وَالطير ﴿إِنَّكُم لفي خلق جَدِيد﴾ إِنَّكُم ستحيون وتبعثون قَالُوا: ذَلِك تَكْذِيبًا بِهِ ﴿أفترى على الله كذبا أم بِهِ جنَّة﴾ قَالَ: قَالُوا: إِمَّا أَن يكون يكذب على الله واما أَن يكون مَجْنُونا ﴿أفلم يرَوا إِلَى مَا بَين أَيْديهم وَمَا خَلفهم من السَّمَاء وَالْأَرْض﴾
674
قَالَ: إِنَّك إِن نظرت عَن يَمِينك وَعَن شمالك وَمن بَين يَديك وَمن خَلفك رَأَيْت السَّمَاء وَالْأَرْض ﴿إِن نَشأ نخسف بهم الأَرْض﴾ كَمَا خسفنا بِمن كَانَ قبلهم ﴿أَو نسقط عَلَيْهِم كسفاً من السَّمَاء﴾ أَي قطعا من السَّمَاء إِن يَشَأْ يعذب بسمائه فعل وان يَشَأْ يعذب بأرضه فعل وكل خلقه لَهُ جند قَالَ قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ: وَكَانَ الْحسن رَضِي الله عَنهُ يَقُول: إِن الزّبد لمن جنود الله ﴿إِن فِي ذَلِك لآيَة لكل عبد منيب﴾ قَالَ قَتَادَة: تائب مقبل على الله عز وَجل
675
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ يعلم ما يلج في الأرض ﴾ قال : من المطر ﴿ وما يخرج منها ﴾ قال : من النبات ﴿ وما ينزل من السماء ﴾ قال : الملائكة ﴿ وما يعرج فيها ﴾ قال : الملائكة.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب ﴾ قال : يقول : بلى وربي عالم الغيب لتأتينكم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ أولئك لهم مغفرة ورزق كريم ﴾ قال : مغفرة لذنوبهم ﴿ ورزق كريم ﴾ في الجنة. ﴿ والذين سعوا في آياتنا معاجزين ﴾ قال : أي لا يعجزون وفي قوله ﴿ أولئك لهم عذاب من رجز أليم ﴾ قال : الرجز هو العذاب الأليم الموجع. وفي قوله ﴿ ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ﴾ قال : أصحاب محمد.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤:وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ أولئك لهم مغفرة ورزق كريم ﴾ قال : مغفرة لذنوبهم ﴿ ورزق كريم ﴾ في الجنة. ﴿ والذين سعوا في آياتنا معاجزين ﴾ قال : أي لا يعجزون وفي قوله ﴿ أولئك لهم عذاب من رجز أليم ﴾ قال : الرجز هو العذاب الأليم الموجع. وفي قوله ﴿ ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ﴾ قال : أصحاب محمد.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله ﴿ ويرى الذين أوتوا العلم ﴾ قال : الذين أوتوا الحكمة ﴿ من قبل ﴾ قال : يعني المؤمنين من أهل الكتاب.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم ﴾ قال : قال ذلك مشركو قريش ﴿ إذا مزقتم كل ممزق ﴾ يقول : إذا أكلتكم الأرض وصرتم عظاماً ورفاتاً. وتقطعتكم السباع والطير ﴿ إنكم لفي خلق جديد ﴾ إنكم ستحيون وتبعثون قالوا : ذلك تكذيباً به. ﴿ افترى على الله كذباً أم به جنة ﴾ قال : قالوا : إما أن يكون يكذب على الله، وإما أن يكون مجنوناً. ﴿ أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض ﴾ قال : إنك إن نظرت عن يمينك، وعن شمالك، ومن بين يديك، ومن خلفك رأيت السماء والأرض ﴿ إن نشأ نخسف بهم الأرض ﴾ كما خسفنا بمن كان قبلهم ﴿ أو نسقط عليهم كسفاً من السماء ﴾ أي قطعاً من السماء إن يشأ يعذب بسمائه فعل، وان يشأ يعذب بأرضه فعل، وكل خلقه له جند قال قتادة رضي الله عنه : وكان الحسن رضي الله عنه يقول : إن الزبد لمن جنود الله ﴿ إن في ذلك لآية لكل عبد منيب ﴾ قال قتادة : تائب مقبل على الله عز وجل.
- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد آتَيْنَا دَاوُد منا فضلا يَا جبال أوّبي مَعَه وَالطير وألنا لَهُ الْحَدِيد أَن اعْمَلْ سابغات وَقدر فِي السرد وَاعْمَلُوا صَالحا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير
أخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿أوّبي مَعَه﴾ قَالَ: سبحي مَعَه
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي ميسرَة رَضِي الله عَنهُ ﴿أوّبي مَعَه﴾ قَالَ: سبحي مَعَه بِلِسَان الْحَبَشَة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ ﴿أوّبي مَعَه﴾ قَالَ: سبحي
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة وَأبي عبد الرَّحْمَن
مثله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿يَا جبال أوّبي مَعَه وَالطير﴾ أَيْضا يَعْنِي يسبح مَعَه الطير
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن وهب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَمر الله الْجبَال وَالطير أَن تسبح مَعَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام اذا سبح
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن وهب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَمر الله الْجبَال وَالطير أَن تسبح مَعَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام إِذا سبح
675
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (الطير) بِالنّصب بجملة قَالَ: سخرنا لَهُ الطير
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وألنَّا لَهُ الْحَدِيد﴾ قَالَ: كالعجين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وألنَّا لَهُ الْحَدِيد﴾ قَالَ: ليَّن الله لَهُ الْحَدِيد فَكَانَ يسرده حلقا بِيَدِهِ يعْمل بِهِ كَمَا يعْمل بالطين من غير أَن يدْخلهُ النَّار وَلَا يضْربهُ بِمِطْرَقَةٍ وَكَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أول من صنعها وَإِنَّمَا كَانَت قبل ذَلِك صَفَائِح من حَدِيد يتحصنون بهَا من عدوهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وألنَّا لَهُ الْحَدِيد﴾ فَيصير فِي يَده مثل الْعَجِين فيصنع مِنْهُ الدروع
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وَقدر فِي السرد﴾ قَالَ: حلق الْحَدِيد
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَقدر فِي السرد﴾ قَالَ: السرد المسامير الَّتِي فِي الْحلق
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وَقدر فِي السرد﴾ قَالَ: لَا تدق المسامير
وَتوسع الْحلق فتسلسل وَلَا تغلظ المسامير وتضيق الْحلق فتنقصم واجعله قدرا
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ ﴿وَقدر فِي السرد﴾ قَالَ: قدر المسامير وَالْحلق لَا تدق المسمار فيسلسل وَلَا تحلها فينقصم
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شَوْذَب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام يرفع فِي كل يَوْم درعاً فيبيعها بِسِتَّة آلَاف دِرْهَم
أَلفَيْنِ لَهُ ولأهله وَأَرْبَعَة آلَاف يطعم بهَا بني إِسْرَائِيل الْخبز الْحوَاري
676
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ وقدر في السرد ﴾ قال : حلق الحديد.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وقدر في السرد ﴾ قال : السرد المسامير التي في الحلق.
وأخرج عبد الرزاق والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ وقدر في السرد ﴾ قال : لا تدق المسامير. وتوسع الحلق فتسلسل، ولا تغلظ المسامير وتضيق الحلق، فتنقصم واجعله قدراً.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ وقدر في السرد ﴾ قال : قدر المسامير والحلق، لا تدق المسمار فيسلسل، ولا تحلها فينقصم.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن أبي حاتم عن ابن شوذب رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يرفع في كل يوم درعاً فيبيعها بستة آلاف درهم ؛ ألفين له ولأهله، وأربعة آلاف يطعم بها بني إسرائيل الخبز الحواري.
- قَوْله تَعَالَى: ولسليمان الرّيح غدوّها شهر ورواحها شهر وأسلنا لَهُ عين الْقطر وَمن الْجِنّ من يعْمل بَين يَدَيْهِ بِإِذن ربه وَمن يزغ مِنْهُم عَن أمرنَا نذقه من عَذَاب السعير
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (ولسليمان الرّيح) رفع الْحَاء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿ولسليمان الرّيح غدوّها شهر ورواحها شهر﴾ قَالَ: تَغْدُو مسيرَة شهر وَتَروح مسيرَة شهر فِي يَوْم
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الرّيح مسيرها شَهْرَان فِي يَوْم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لما شغلته الْخَيل فَأَتَتْهُ صَلَاة الْعَصْر غضب لله فعقر الْخَيل فأبدله الله مَكَانهَا خيرا مِنْهَا وأسرع الرّيح تجْرِي بأَمْره كَيفَ شَاءَ فَكَانَ غُدُوُّها شهرا ورواحها شهرا وَكَانَ يَغْدُو من ايليا فيقيل بقريرا وَيروح من قريرا فيبيت بكابل
وَأخرج الْخَطِيب فِي رِوَايَة مَالك عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام يركب الرّيح من اصطخر فيتغدى بِبَيْت الْمُقَدّس ثمَّ يعود فيتعشى باصطخر
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿غدوها شهر ورواحها شهر﴾ قَالَ: كَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام يَغْدُو من بَيت الْمُقَدّس فيقيل باصطخر ثمَّ يروح من اصطخر فيقيل بقلعة خُرَاسَان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وأسلنا لَهُ عين الْقطر﴾ قَالَ: النّحاس
677
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله ﴿وأسلنا لَهُ عين الْقطر﴾ قَالَ: أعطَاهُ الله عينا من صفر تسيل كَمَا يسيل المَاء قَالَ: وَهل تعرف الْعرف ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: فَألْقى فِي مراجل من حَدِيد قدور الْقطر لَيْسَ من البرام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ ﴿وأسلنا لَهُ عين الْقطر﴾ قَالَ: عين النّحاس كَانَت باليمنوان مَا يصنع النَّاس الْيَوْم مِمَّا أخرج الله لِسُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وأسلنا لَهُ عين الْقطر﴾ قَالَ: أسَال الله تَعَالَى لَهُ الْقطر ثَلَاثَة أَيَّام يسيل كَمَا يسيل المَاء قيل: إِلَى أَيْن قَالَ: لَا أَدْرِي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سيلت لَهُ عين من نُحَاس ثَلَاثَة أَيَّام
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ ﴿الْقطر﴾ النّحاس
لم يقدر عَلَيْهَا أحد بعد سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام وَإِنَّمَا يعْمل النَّاس بعد فِيمَا كَانَ أعْطى سُلَيْمَان
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ ﴿عين الْقطر﴾ قَالَ: الصفر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْسَ كل الْجِنّ صَخْر لَهُ كَمَا تَسْمَعُونَ ﴿وَمن الْجِنّ من يعْمل بَين يَدَيْهِ بِإِذن ربه وَمن يزغ مِنْهُم عَن أمرنَا﴾ قَالَ: يعدل عَمَّا يَأْمُرهُ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿وَمن يزغ مِنْهُم عَن أمرنَا﴾ قَالَ: من الْجِنّ
678
- قَوْله تَعَالَى: يعْملُونَ لَهُ مَا يَشَاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا وَقَلِيل من عبَادي الشكُور
678
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿يعْملُونَ لَهُ مَا يَشَاء من محاريب وتماثيل﴾ قَالَ: من شبه ورخام
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿من محاريب﴾ قَالَ: بُنيان دون الْقُصُور ﴿وتماثيل﴾ قَالَ: من نُحَاس ﴿وجِفَان﴾ قَالَ: صحاف كالجوابي قَالَ: الْجَفْنَة مثل الجوبة من الأَرْض ﴿وقدور راسيات﴾ قَالَ: عِظَام
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ المحاريب الْقُصُور
والتماثيل الصُّور ﴿وجفان كالجوابِ﴾ قَالَ: كالجوبة من الأَرْض
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿من محاريب﴾ قَالَ: قُصُور ومساجد ﴿وتماثيل﴾ قَالَ: من رُخَام وَشبه ﴿وجفان كالجواب﴾ كالحياض ﴿وقدور راسيات﴾ قَالَ: ثابتات لَا يزلن عَن مكانهن كن يُرَيْنَ بِأَرْض الْيمن
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وتماثيل﴾ قَالَ: اتخذ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام تماثيل من نُحَاس فَقَالَ: يَا رب انفخ فِيهَا الرّوح فَإِنَّهَا أقوى على الْخدمَة فَنفخ الله فِيهَا الرّوح فَكَانَت تخدمه وَكَانَ اسفيديار من بقاياهم فَقيل لداود عَلَيْهِ السَّلَام ﴿اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا وَقَلِيل من عبَادي الشكُور﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿من محاريب﴾ قَالَ: الْمَسَاجِد ﴿وتماثيل﴾ قَالَ: الصُّور ﴿وجفان كالجوابِ﴾ قَالَ: كحياض الإِبل الْعِظَام ﴿وقدور راسيات﴾ قَالَ: قدرو عِظَام كَانُوا ينحتونها من الْجبَال
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وجفان كالجوابِ﴾ قَالَ: كالجوبة من الأَرْض ﴿وقدور راسيات﴾ قَالَ: أثافيها مِنْهَا
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله ﴿وجفان كالجواب﴾ قَالَ: كالحياض الواسعة تسع الْجَفْنَة الْجَزُور
679
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت طرفَة بن العَبْد وَهُوَ يَقُول: كالجوابي لَا هِيَ مترعة لقرى الأضياف أَو للمحتضر وَقَالَ أَيْضا: يجْبر المجروب فِينَا مَاله بقباب وجفان وخدم وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ ﴿وجفان كالجوابِ﴾ قَالَ: كالحياض ﴿وقدور راسيات﴾ قَالَ: الْقُدُور الْعِظَام الَّتِي لَا تحوّل من مَكَانهَا
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ ﴿وقدور راسيات﴾ قَالَ: عِظَام تفرغ افراغاً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا﴾ قَالَ: إعملوا شكرا لله على مَا أنعم بِهِ عَلَيْكُم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن شهَاب فِي قَوْله ﴿اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا﴾ قَالَ: قُولُوا الْحَمد لله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ثَابت الْبنانِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغنَا أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام جزأ الصَّلَاة على بيوته على نِسَائِهِ وَولده فَلم تكن تَأتي سَاعَة من اللَّيْل وَالنَّهَار إِلَّا وإنسان قَائِم من آل دَاوُد يُصَلِّي فعمتهم هَذِه الْآيَة ﴿اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا وَقَلِيل من عبَادي الشكُور﴾
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ دَاوُد لِسُلَيْمَان عَلَيْهِمَا السَّلَام: قد ذكر الله الشُّكْر فَاكْفِنِي قيام النَّهَار أكفك قيام اللَّيْل
قَالَ: لَا أَسْتَطِيع قَالَ: فَاكْفِنِي صَلَاة النَّهَار
فكفاه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الشُّكْر تقوى الله وَالْعَمَل بِطَاعَتِهِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الفضيل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب كَيفَ أشكرك وَالشُّكْر نعْمَة مِنْك قَالَ: الْآن شكرتني حِين علمت أَن النعم مني
وَأخرج أَحْمد بن حَنْبَل فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْمُغيرَة بن عتبَة قَالَ: قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب هَل بَات أحد من خلقك اللَّيْلَة أطول
680
ذكرا لَك مني فَأوحى الله إِلَيْهِ: نعم
الضفدع وَأنزل الله تَعَالَى على دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب كَيفَ أُطِيق شكرك وَأَنت الَّذِي تنعم عَليّ ثمَّ ترزقني على النِّعْمَة الشُّكْر
فالنعمة مِنْك وَالشُّكْر مِنْك فَكيف أُطِيق شكرك قَالَ: يَا دَاوُد الْآن عَرفتنِي حق معرفتي
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم فِي كتاب الشُّكْر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي الْجلد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأت فِي مساءلة دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: أَي رب كَيفَ لي أَن أشكرك وَأَنا لَا أصل إِلَى شكرك الا بنعمتك قَالَ: فَأَتَاهُ الْوَحْي: إِن يَا دَاوُد أَلَيْسَ تعلم أَن الَّذِي بك من النعم مني قَالَ: قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: إلهي لَو أَن لكل شَعْرَة مني لسانين يسبحانك اللَّيْل وَالنَّهَار والدهر كُله مَا قضيت حق نعْمَة وَاحِدَة من نعمك عَليّ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا﴾ قَالَ: لم يَنْفَكّ مِنْهُم مصلٍ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما قيل لَهُم ﴿اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا﴾ لم يَأْتِ على الْقَوْم سَاعَة إِلَّا وَمِنْهُم يُصَلِّي
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطاء بن يسَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يخْطب النَّاس على الْمِنْبَر وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة ﴿اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا﴾ قَالَ: ثَلَاث من أوتيهن فقد أُوتِيَ مَا أُوتِيَ آل دَاوُد قيل: وَمَا هن يَا رَسُول الله قَالَ: الْعدْل فِي الْغَضَب وَالرِّضَا وَالْقَصْد فِي الْفقر والغنى وَذكر الله فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة
وَأخرجه ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَطاء بن يسَار عَن حَفْصَة رَضِي الله عَنْهَا مَرْفُوعا بِهِ وَأخرجه الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ من طَرِيق عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ
مَرْفُوعا بِهِ
وَأخرجه ابْن النجار فِي تَارِيخه من طَرِيق عَطاء بن يسَار عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ
مَرْفُوعا بِهِ
وَقَالَ خشيَة الله فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة وَالله أعلم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وَقَلِيل من عبَادي الشكُور﴾ يَقُول: قَلِيل من عبَادي الْمُوَحِّدين توحيدهم
681
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رجل عِنْد عمر رَضِي الله عَنهُ: اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من الْقَلِيل
فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: مَا هَذَا الدُّعَاء الَّذِي تَدْعُو بِهِ قَالَ: إِنِّي سَمِعت الله يَقُول ﴿وَقَلِيل من عبَادي الشكُور﴾ فَأَنا أدعوا الله أَن يَجْعَلنِي من ذَلِك الْقَلِيل فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: كل النَّاس أعلم من عمر
682
- قَوْله تَعَالَى: فَلَمَّا قضينا عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ مَا دلهم على مَوته إِلَّا دَابَّة الأَرْض تَأْكُل منسأته فَلَمَّا خر تبينت الْجِنّ أَن لَو كَانُوا يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب المهين
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام يَخْلُو فِي بَيت الْمُقَدّس السّنة والسنتين والشهر والشهرين وَأَقل من ذَلِك وَأكْثر وَيدخل طَعَامه وَشَرَابه فَأدْخلهُ فِي الْمرة الَّتِي مَاتَ فِيهَا وَكَانَ بَدْء ذَلِك أَنه لم يكن يَوْمًا يصبح فِيهِ الا نَبتَت فِي بَيت الْمُقَدّس شَجَرَة فيأتيها فيسألها مَا اسْمك فَتَقول: الشَّجَرَة اسْمِي كَذَا وَكَذَا
فَيَقُول لَهَا: لأي شَيْء نبت فَتَقول: نبت لكذا وَكَذَا
فيأمر بهَا فتقطع
فَإِن كَانَت نَبتَت لغرس غرسها وَإِن كَانَت نَبتَت دَوَاء قَالَت: نَبَتُّ دَوَاء لكذا وَكَذَا
فيجعلها لذَلِك حَتَّى نَبتَت شَجَرَة يُقَال لَهَا الخرنوبة قَالَ لَهَا: لأي شَيْء نبت قَالَت: نبت لخراب هَذَا الْمَسْجِد فَقَالَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: مَا كَانَ الله ليخربه وَأَنا حَيّ أَنْت الَّذِي على وَجهك هلاكي وخراب بَيت الْمُقَدّس فنزعها فغرسها فِي حَائِط لَهُ ثمَّ دخل الْمِحْرَاب فَقَامَ يُصَلِّي مُتكئا على عَصا فَمَاتَ وَلَا تعلم بِهِ الشَّيَاطِين فِي ذَلِك وهم يعْملُونَ لَهُ مَخَافَة أَن يخرج فيعاقبهم
وَكَانَت الشَّيَاطِين حول الْمِحْرَاب يَجْتَمعُونَ وَكَانَ الْمِحْرَاب لَهُ كواً من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه وَكَانَ الشَّيْطَان المريد الَّذِي يُرِيد أَن يخلع يَقُول: أَلَسْت جليداً إِن دخلت فَخرجت من ذَلِك الْجَانِب فَيدْخل حَتَّى يخرج من الْجَانِب
682
الآخر فَدخل شَيْطَان من أُولَئِكَ فَمر وَلم يكن شَيْطَان ينظر إِلَى سُلَيْمَان الا احْتَرَقَ فَمر وَلم يسمع صَوت سُلَيْمَان ثمَّ رَجَعَ فَلم يسمع صَوته ثمَّ عَاد فَلم يسمع ثمَّ رَجَعَ فَوَقع فِي الْبَيْت وَلم يَحْتَرِق وَنظر إِلَى سُلَيْمَان قد سقط مَيتا فَخرج فَأخْبر النَّاس: أَن سُلَيْمَان قد مَاتَ ففتحوا عَنهُ فأخرجوه فوجدوا منسأته - وَهِي الْعَصَا بِلِسَان الْحَبَشَة - قد أكلتها الأرضة وَلم يعلمُوا مُنْذُ كم مَاتَ فوضعوا الأرضة على الْعَصَا فَأكلت مِنْهَا يَوْم وَلَيْلَة ثمَّ حسبوا على نَحْو ذَلِك فوجدوه قد مَاتَ مُنْذُ سنة
وَهِي فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود (فَمَكَثُوا يدينون لَهُ من بعد مَوته حولا كَامِلا) فأيقن النَّاس عِنْد ذَلِك أَن الْجِنّ كَانُوا يكذبُون وَلَو أَنهم علمُوا الْغَيْب لعلموا بِمَوْت سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام وَلما لَبِثُوا فِي الْعَذَاب سنة يعْملُونَ لَهُ وَلَو كنت تشربين أَتَيْنَاك بأطيب الشَّرَاب ولكننا ننقل إِلَيْك الطين وَالْمَاء فهم ينقلون إِلَيْهَا حَيْثُ كَانَت ألم تَرَ إِلَى الطين الَّذِي يكون فِي جَوف الْخشب فَهُوَ مِمَّا يَأْتِيهَا الشَّيَاطِين شكرا لَهَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿دَابَّة الأَرْض تَأْكُل منسأته﴾ عَصَاهُ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لبث سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام على عَصَاهُ حولا بَعْدَمَا مَاتَ ثمَّ خر على رَأس الْحول فَأخذت الإِنس عَصا مثل عَصَاهُ ودابة مثل دَابَّته فأرسلوها عَلَيْهَا فَأَكَلتهَا فِي سنة
وَكَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ (فَلَمَّا خر تبينت الْإِنْس إِن لَو كَانَ الْجِنّ يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب المهين سنة) قَالَ سُفْيَان: وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود (وهم يدأبون لَهُ حولا)
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن السّني فِي الطِّبّ النَّبَوِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام إِذا صلى رأى شَجَرَة نابتة بَين يَدَيْهِ فَيَقُول لَهَا: مَا اسْمك فَتَقول: كَذَا وَكَذَا
فَإِن كَانَت لغرس غرست وَإِن كَانَت لدواء نَبتَت

فصلى ذَات يَوْم فَإِذا شَجَرَة نابتة بَين يَدَيْهِ فَقَالَ: لَهَا: مَا اسْمك قَالَت: الخرنوب


قَالَ: لأي شَيْء أنتِ قَالَت: لخراب هَذَا الْبَيْت فَقَالَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: اللَّهُمَّ عَم عَن الْجِنّ موتِي
683
حَتَّى يعلم الإِنس
أَن الْجِنّ لَا يعلمُونَ الْغَيْب فَأخذ عَصا فتوكأ عَلَيْهَا وَقَبضه الله وَهُوَ متكىء فَمَكثَ حينا مَيتا وَالْجِنّ تعْمل فَأَكَلتهَا الأرضة فَسَقَطت فَعَلمُوا عِنْد ذَلِك بِمَوْتِهِ فتبينت الإِنس
أَن الْجِنّ لَو كَانُوا يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا حولا فِي الْعَذَاب المهين
وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقْرَأها كَذَلِك فَشَكَرت الْجِنّ الأرضة فأينما كَانَت يأتونها بِالْمَاءِ
وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس
مَوْقُوفا
وَأخرج الديلمي عَن زيد بن أَرقم
مَرْفُوعا
يَقُول الله أَنِّي تفضلت على عبَادي بِثَلَاث
ألقيت الدَّابَّة على الْحبَّة وَلَوْلَا ذَلِك لكنزتها الْمُلُوك كَمَا يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة
وألقيت النتن على الْجَسَد وَلَوْلَا ذَلِك لم يدْفن حبيب حَبِيبه وأسليت الحزين وَلَوْلَا ذَلِك لذهب التسلي
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَت الْجِنّ تخبر الإِنس أَنهم يعلمُونَ من الْغَيْب أَشْيَاء وَأَنَّهُمْ يعلمُونَ مَا فِي غَد فابتلوا بِمَوْت سُلَيْمَان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَمَاتَ فَلبث سنة على عَصَاهُ وهم لَا يَشْعُرُونَ بِمَوْتِهِ وهم مسخرون تِلْكَ السّنة ويعملون دائبين ﴿فَلَمَّا خر تبينت الْجِنّ﴾ وَفِي بعض الْقِرَاءَة (فَلَمَّا خر تبينت الْإِنْس إِن لَو كَانَ الْجِنّ يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب المهين) وَقد لَبِثُوا يدأبون ويعملون لَهُ حولا بعد مَوته
وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق قيس بن سعد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت الإِنس تَقول فِي زمن سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: أَن الْجِنّ تعلم الْغَيْب فَلَمَّا مَاتَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام مكث قَائِما على عَصَاهُ مَيتا حولا وَالْجِنّ تعْمل بقيامه (فَلَمَّا خر تبينت الْإِنْس إِن لَو كَانَ الْجِنّ يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب المهين) كَانَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا كَذَلِك يَقْرَأها قَالَ قيس بن سعد رَضِي الله عَنهُ: وَهِي قِرَاءَة أُبيّ بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ كَذَلِك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لملك الْمَوْت: إِذا أمرت بِي فاعلمني فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا سُلَيْمَان قد أمرت بك قد بقيت لَك سويعة فَدَعَا الشَّيَاطِين فبنوا عَلَيْهِ صرحاً من قَوَارِير لَيْسَ عَلَيْهِ بَاب فَقَامَ يُصَلِّي فاتكأ على عَصَاهُ فَدخل عَلَيْهِ ملك الْمَوْت عَلَيْهِ السَّلَام فَقبض
684
روحه وَهُوَ متكىء على عَصَاهُ وَلم يصنع ذَلِك فِرَارًا من الْمَوْت قَالَ: وَالْجِنّ تعْمل بَين يَدَيْهِ وَيَنْظُرُونَ يحسبون أَنه حَيّ فَبعث الله ﴿دَابَّة الأَرْض﴾ دَابَّة تَأْكُل العيدان يُقَال لَهَا: القادح فَدخلت فِيهَا فَأَكَلتهَا حَتَّى إِذا أكلت جَوف الْعَصَا ضعفت وَثقل عَلَيْهَا فَخر مَيتا فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِك الْجِنّ انْفَضُّوا وذهبوا
فَذَلِك قَوْله ﴿مَا دلهم على مَوته إِلَّا دَابَّة الأَرْض تَأْكُل منسأته﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما رد الله الْخَاتم إِلَيْهِ لم يصلِّ صَلَاة الصُّبْح يَوْمًا إِلَّا نظر وَرَاءه فَإِذا هُوَ بشجرة خضراء تهتز فَيَقُول: يَا شَجَرَة أما يأكلنك جن وَلَا إنس وَلَا طير وَلَا هوَام وَلَا بهائم فَتَقول: إِنِّي لم أجعَل رزقا لشَيْء وَلَكِن دَوَاء من كَذَا
ودواء من كَذَا
فَقَامَ الإِنس وَالْجِنّ يقطعونها ويجعلونها فِي الدَّوَاء فصلى الصُّبْح ذَات يَوْم والتفت فَإِذا بشجرة وَرَاءه قَالَ: مَا أَنْت يَا شَجَرَة قَالَت: أَنا الخرنوبة قَالَ: وَالله مَا الخرنوبة إِلَّا خراب بَيت الْمُقَدّس وَالله لَا يخرب مَا كنت حَيا وَلَكِنِّي أَمُوت فَدَعَا بحنوط فتحنط وتكفن ثمَّ جلس على كرسيه ثمَّ جمع كفيه على طرف عَصَاهُ ثمَّ جعلهَا تَحت ذقنه وَمَات فَمَكثَ الْجِنّ سنة يحسبون أَنه حَيّ وَكَانَت لَا ترفع أبصارها إِلَيْهِ وَبعث الله الارضة فَأكلت طرف الْعَصَا فَخر منكباً على وَجهه فَعلمت الْجِنّ أَنه قد مَاتَ
فَذَلِك قَوْله ﴿تبينت الْجِنّ﴾ وَلَقَد كَانَت الْجِنّ تعلم أَنَّهَا لَا تعلم الْغَيْب وَلَكِن فِي الْقِرَاءَة الأولى (تبينت الإِنس أَن لَو كَانَت الْجِنّ يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب المهين)
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: بلغت نصف الْعَصَا فتركوها فِي النّصْف الْبَاقِي فَأَكَلتهَا فِي حول فَقَالُوا: مَاتَ عَام أول
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مكث سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام حولا على عَصَاهُ مُتكئا حَتَّى أكلتها الأرضة فَخرَّ
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿إِلَّا دَابَّة الأَرْض تَأْكُل منسأته﴾ قَالَ: عَصَاهُ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الأرضة أكلت عَصَاهُ حَتَّى خرَّ
685
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ ﴿تَأْكُل منسأته﴾ قَالَ: الْعَصَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن المنسأة قَالَ: هِيَ الْعَصَا وَأنْشد فِيهَا شعرًا قَالَه عبد الْمطلب: أَمن أجل حَبل لَا أبالك صدته بمنسأة قد جر حبلك أحبلا وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: المنسأة الْعَصَا بِلِسَان الْحَبَشَة
686
- قَوْله تَعَالَى: لقد كَانَ لسبإ فِي مساكنهم آيَة جنتان عَن يَمِين وشمال كلوا من رزق ربكُم واشكروا لَهُ بَلْدَة طيبَة وَرب غَفُور فأعرضوا فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط واثل وَشَيْء من سدر قَلِيل ذَلِك جزيناهم بِمَا كفرُوا وَهل نجازي إِلَّا الكفور وَجَعَلنَا بَينهم وَبَين الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا قرى ظَاهِرَة وقدرنا فِيهَا السّير سِيرُوا فِيهَا ليَالِي وأياماً آمِنين فَقَالُوا رَبنَا باعد بَين أسفارنا وظلموا أنفسهمفجعلناهم أَحَادِيث ومزقناهم كل ممزق إِن فِي ذَلِك لآيَات لكل صبار شكور
أخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن فَرْوَة بن مسيك الْمرَادِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله أَلا أقَاتل من أدبر من قومِي بِمن أقبل مِنْهُم فَأذن لي فِي قِتَالهمْ وَأَمرَنِي فَلَمَّا خرجت من عِنْده أرسل فِي أثري فردني فَقَالَ ادْع الْقَوْم فَمن أسلم مِنْهُم فاقبل مِنْهُ وَمن لم يسلم فَلَا تعجل حَتَّى أحدث إِلَيْك وَأنزل فِي سبأ مَا أنزل فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله وَمَا سبأ أَرض أم امْرَأَة قَالَ: لَيْسَ بِأَرْض وَلَا امْرَأَة وَلكنه رجل ولد عشرَة من الْعَرَب فَتَيَامَنَ مِنْهُم
686
سِتَّة وتشاءَمَ مِنْهُم أَرْبَعَة فاما الَّذين تشاءموا فلخم وجذام وغسان وعاملة
وَأما الَّذين تيامنوا فالازد والاشعريون وحمير وَكِنْدَة ومذحج وأنمار
فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله وَمَا أَنْمَار قَالَ: الَّذين مِنْهُم خثعم وبجيلة
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عدي وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن سبأ أرجل هُوَ أَو امْرَأَة أم أَرض فَقَالَ: بل هُوَ رجل ولد عشرَة فسكن الْيمن مِنْهُم سِتَّة وبالشام مِنْهُم أَرْبَعَة فَأَما اليمانيون فمذحج وَكِنْدَة والأزد والأشعريون وأنمار وحِمْيَر
وَأما الشاميون فلخم وجذام وعاملة وغسان
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ ﴿لقد كَانَ لسبإ فِي مسكنهم﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (لقد كَانَ لسبإ) بالخفض منوّنة مَهْمُوزَة (فِي مساكنهم) على الْجِمَاع بِالْألف
وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن يحيى بن وثاب أَنه يَقْرَأها ﴿لقد كَانَ لسبإ فِي مسكنهم﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ لسأ جنتان بَين جبلين فَكَانَت الْمَرْأَة تمر ومكتلها على رَأسهَا فتمشي بَين جبلين فتمتلىء فَاكِهَة وَمَا مسته بِيَدِهَا فَلَمَّا طغوا بعث الله عَلَيْهِم دَابَّة يُقَال لَهَا: الجرذ فَنقبَ عَلَيْهِم فغرقهم فَمَا بَقِي مِنْهُم الا أثل وَشَيْء من سدر قَلِيل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿لقد كَانَ لسبإ فِي مسكنهم﴾
قَالَ لم يكن يرى فِي قريتهم بعوضة قطّ وَلَا ذُبَاب وَلَا برغوث وَلَا عقرب وَلَا حَيَّة وان الركب لَيَأْتُونَ فِي ثِيَابهمْ الْقمل وَالدَّوَاب فَمَا هُوَ إِلَّا أَن ينْظرُوا إِلَى بيوتها فتموت تِلْكَ الدَّوَابّ وَإِن كَانَ الإِنسان ليدْخل الجنتين فَيمسك القفة على رأسة وَيخرج حِين يخرج وَقد امْتَلَأت تِلْكَ القفة من أَنْوَاع الْفَاكِهَة وَلم يتَنَاوَل مِنْهَا شَيْئا بِيَدِهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿بَلْدَة طيبَة وَرب غَفُور﴾ قَالَ: هَذِه الْبَلَد طيبَة وربكم غَفُور لذنوبكم
وَفِي قَوْله ﴿فاعرضوا﴾ قَالَ: بطر الْقَوْم أَمر الله وَكَفرُوا نعْمَته
687
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أهل سبأ أعْطوا مَا لم يُعْطه أحد من أهل زمانهم فَكَانَت الْمَرْأَة تخرج على رَأسهَا المكتل فتريد حَاجَتهَا فَلَا تبلغ مَكَانهَا الَّذِي تُرِيدُ حَتَّى يمتلىء مِكْتَلُهَا من أَنْوَاع الْفَاكِهَة فَأَجْمعُوا ذَلِك فكذبوا رسلهم وَقد كَانَ السَّيْل يَأْتِيهم من مسيرَة عشرَة أَيَّام حَتَّى يسْتَقرّ فِي وَادِيهمْ فَيجمع المَاء من تِلْكَ السُّيُول وَالْجِبَال فِي ذَلِك الْوَادي وَكَانُوا قد حفروه بمسناة - وهم يسمون المسناة العرم - وَكَانُوا يفتحون اذا شاؤا من ذَلِك المَاء فيسقون جنانهم إِذا شَاءُوا فَلَمَّا غضب الله عَلَيْهِم وَأذن فِي هلاكهم دخل رجل إِلَى جنته - وَهُوَ عَمْرو بن عَامر فِيمَا بلغنَا وَكَانَ كَاهِنًا - فَنظر إِلَى جرذة تنقل أَوْلَادهَا من بطن الْوَادي إِلَى أَعلَى الْجَبَل فَقَالَ: مَا نقلت هَذِه أَوْلَادهَا من هَهُنَا إِلَّا وَقد حضر أهل هَذِه الْبِلَاد عَذَاب وَيقدر أَنَّهَا خرقت ذَلِك العرم فنقبت نقباً فَسَالَ ذَلِك النقب مَاء إِلَى جنته فَأمر عَمْرو بن عَامر بذلك النقب فسد فَأصْبح وَقد انفجر بأعظم مَا كَانَ فَأمر بِهِ أَيْضا فسد ثمَّ انفجر بأعظم مَا كَانَ فَلَمَّا رأى ذَلِك دَعَا ابْن أَخِيه فَقَالَ: إِذا أَنا جَلَست العشية فِي نَادِي قومِي فائتني فَقل: علام تحبس عَليّ مَالِي فَإِنِّي سأقول لَيْسَ لَك عِنْدِي مَال وَلَا ترك أَبوك شَيْئا وَإنَّك لَكَاذِب
فَإِذا أَنا كذبتك فَكَذبنِي وأردد عليّ مثل مَا قلت لَك فَإِذا فعلت ذَلِك فَإِنِّي سأشتمك فاشتمني
فَإِذا أَنْت شتمتني لطمتك فَإِذا أَنا لطمتك فَقُمْ فالطمني
قَالَ: مَا كنت لاستقبلك بذلك يَا عَم قَالَ: بلَى
فافعل فَإِنِّي أُرِيد بهَا صلاحك وَصَلَاح أهل بَيْتك فَقَالَ الْفَتى فَلَطَمَهُ فَقَالَ الشَّيْخ: يَا معشر بني فلَان الطم فِيكُم لَا سكنت فِي بلد لطمني فِيهِ فلَان أبدا من يبْتَاع مني
فَلَمَّا عرف الْقَوْم مِنْهُ الْجد أَعْطوهُ فَنظر إِلَى أفضلهم عَطِيَّة فَأوجب لَهُ البيع فَدَعَا بِالْمَالِ فنقده وَتحمل هُوَ وَبَنوهُ من ليلته فَتَفَرَّقُوا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ فِي سبأ كهنة وَكَانَت الشَّيَاطِين يسْتَرقونَ السّمع فَأخْبرُوا الكهنة بِشَيْء من أَخْبَار السَّمَاء وَكَانَ فيهم رجل كَاهِن شرِيف كثير المَال أَنه أخبر أَن زَوَال أَمرهم قد دنا وَأَن الْعَذَاب قد أظلهم فَلم يدر كَيفَ يصنع لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ مَال كثير من عقر فَقَالَ لرجل
688
من بنيه وَهُوَ أعزهم أخوالاً: إِذا كَانَ غَدا وأمرتك بِأَمْر فَلَا تَفْعَلهُ فَإِذا نهرتك فَانْتَهرنِي فَإِذا تناولتك فالطمني قَالَ: يَا أَبَت لَا تفعل إِن هَذَا أَمر عَظِيم وَأمر شَدِيد قَالَ: يَا بني قد حدث أَمر لَا بُد مِنْهُ فَلم يزل حَتَّى هيأه على ذَلِك فَلَمَّا أَصْبحُوا وَاجْتمعَ النَّاس قَالَ: يَا بني افْعَل كَذَا وَكَذَا
فَأبى فانتهره أَبوهُ فَأَجَابَهُ فَلم يزل ذَلِك بَينهمَا حَتَّى تنَاوله أَبوهُ فَوَثَبَ على أَبِيه فَلَطَمَهُ فَقَالَ: ابْني يلطمني عليَّ بالشفرة قَالُوا: وَمَا تصنع بالشفرة قَالَ: اذبحه قَالُوا: تذبح ابْنك الطمه واصنع مَا بدا لَك فَأبى إِلَّا أَن يذبحه فأرسلوا إِلَى أَخْوَاله فاعلموهم بذلك فجَاء أَخْوَاله فَقَالُوا: خُذ منا مَا بدا لَك فَأبى إِلَّا أَن يذبحه قَالُوا: فلتموتن قبل أَن تَدعُوهُ قَالَ: اشْتَروا مني دوري اشْتَروا مني أرضي فَلم يزل حَتَّى بَاعَ دوره وأرضه وعقاره
فَلَمَّا صَار الثّمن فِي يَده وأحرزه قَالَ: أَي قوم أَن الْعَذَاب قد أظلكم وَزَوَال أَمركُم قد دنا فَمن أَرَادَ مِنْكُم دَارا جَدِيدا وجملاً شَدِيدا وسفراً فليلحق بعمان وَمن أَرَادَ مِنْكُم الْخمر والخمير والعصير فليلحق ببصرى
وَمن أَرَادَ مِنْكُم الراسخات فِي الوحل المطعمات فِي الْمحل المقيمات فِي الضحل فليلحق بِيَثْرِب ذَات نخل فأطاعه قوم فَخرج أهل عمان إِلَى عمان وَخرجت غَسَّان إِلَى بصرى وَخرجت الْأَوْس والخزرج وَبَنُو كَعْب بن عَمْرو إِلَى يثرب فَلَمَّا كَانُوا بِبَطن نخل قَالَ بَنو كَعْب: هَذَا مَكَان صَالح لَا نبتغي بِهِ بَدَلا فأقاموا فَلذَلِك سموا خُزَاعَة لأَنهم انخزعوا عَن أَصْحَابهم وَأَقْبَلت الْأَوْس والخزرج حَتَّى نزلُوا بِيَثْرِب
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿لقد كَانَ لسبإ﴾
قَالَ: كَانَ لَهُم مجْلِس مشيد بالمرمر فَأَتَاهُم نَاس من النَّصَارَى فَقَالُوا: أشكروا الله الَّذِي أَعْطَاكُم هَذَا قَالُوا: وَمن أعطاناه إِنَّمَا كَانَ لآبائنا فورثناه فَسمع ذَلِك ذُو يزن فَعرف أَنه سَيكون لكلمتهم تِلْكَ خبر فَقَالَ لِابْنِهِ: كلامك عَليّ حرَام ذَلِك ذُو يزن فَعرف أَنه سَيكون لكلمتهم تِلْكَ خبر فَقَالَ لِابْنِهِ: كلامك عَليّ حرَام إِن لم تأت غَدا وَأَنا فِي مجْلِس قومِي فتصك وَجْهي فَفعل ذَلِك فَقَالَ: لَا أقيم بِأَرْض فعل هَذَا ابْني بِي فِيهَا إِلَّا من بيتاع مني مَالِي فَابْتَدَرَهُ النَّاس فابتاعوه
689
فَبعث الله جرذاً أعمى يُقَال لَهُ الْخلد من جرذان عمى فَلم يزل يحْفر السد حَتَّى خرقه فانهدم وَذهب المَاء بالجنتين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لقد بعث الله إِلَى سبأ ثَلَاثَة عشر نَبيا فكذبوهم وَكَانَ لَهُم سد كَانُوا قد بنوه بنياناً أبدا وَهُوَ الَّذِي كَانَ يرد عَنْهُم السَّيْل إِذا جَاءَ أَن يغشى أَمْوَالهم وَكَانَ فِيمَا يَزْعمُونَ فِي علمهمْ من كهانتهم أَنه إِنَّمَا يخرب سدهم ذَلِك فارة فَلم يتْركُوا فُرْجَة بَين حجرين إِلَّا ربطو عِنْدهَا هرة فَلَمَّا جَاءَ زَمَانه وَمَا أَرَادَ الله بهم من التَّفْرِيق أَقبلت فِيمَا يذكرُونَ فَأْرَة حَمْرَاء إِلَى هرة من تِلْكَ الهرر فساورنها حَتَّى استأخرت عَنْهَا الْهِرَّة فَدخلت فِي الفرجة الَّتِي كَانَت عِنْدهَا فتغلغلت بالسد فحفرت فِيهِ حَتَّى رققته للسيل وهم لَا يَدْرُونَ فَلَمَّا أَن جَاءَ السَّيْل وجد عللاً فَدخل فِيهِ حَتَّى قلع السد وفاض على الْأَمْوَال فاحتملها فَلم يبْق مِنْهَا إِلَّا مَا ذكر عَن الله تبَارك وَتَعَالَى
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت أَوديَة الْيمن تسيل إِلَى وَادي سبأ وَهُوَ وَاد بَين جبلين فَعمد أهل سبأ فسدوا مَا بَين الجبلين بالقير وَالْحِجَارَة وَتركُوا مَا شَاءُوا لجناتهم فعاشوا بذلك زَمَانا من الدَّهْر ثمَّ إِنَّهُم عتوا وَعمِلُوا بِالْمَعَاصِي فَبعث الله على ذَلِك السد جرذاً فنقبه عَلَيْهِم فَعرض الله مساكنهم وجناتهم وبدلهم بمَكَان جنتهم جنتين خمط والخمط الاراك وَائِل الاثل الْقصير من الشّجر الَّذِي يصنعون مِنْهُ الأقداح
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿سيل العرم﴾ قَالَ: الشَّديد
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل رَضِي الله عَنهُ ﴿سيل العرم﴾ قَالَ: المنساة بلحن الْيمن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿سيل العرم﴾ قَالَ: ﴿العرم﴾ بِالْحَبَشَةِ وَهِي المنساة الَّتِي يجْتَمع فِيهَا المَاء ثمَّ ينشف
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ ﴿العرم﴾ اسْم الْوَادي
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿سيل العرم﴾ قَالَ: وادٍ كَانَ بِالْيمن كَانَ يسيل إِلَى مَكَّة
690
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وَادي سبأ يدعى ﴿العرم﴾
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿سيل العرم﴾ السد مَاء أَحْمَر أرْسلهُ الله فِي السد فشقه وهمه وحفر الْوَادي عَن الجنتين فارتفعا وغار عَنْهُمَا المَاء فيبستا وَلم يكن المَاء الْأَحْمَر من السد كَانَ شَيْئا أرْسلهُ الله عَلَيْهِم
وَفِي قَوْله ﴿أكل خمط﴾ قَالَ: الخمط الْأَرَاك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أرْسلهُ الله عَلَيْهِم
وَفِي قَوْله (أكل خمط) قَالَ: (الخمط) الْأَرَاك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿أكل خمط﴾ قَالَ: الْأَرَاك ﴿وأثل﴾ قَالَ: الطرفاء
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله ﴿أكل خمط﴾ قَالَ: الْأَرَاك قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت الشَّاعِر يَقُول: مَا معول فود تراعى بِعَينهَا أغن غضيض الطّرف من خلل الخمط وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وأثل﴾ قَالَ الاثل شجر لَا يأكلها شَيْء وَإِنَّمَا هِيَ حطب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ الخمط الاراك والاثل النضار والسدر النبق
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿لقد كَانَ لسبإ فِي مسكنهم﴾
قَالَ: قوم أَعْطَاهُم الله نعْمَة وَأمرهمْ بِطَاعَتِهِ ونهاهم عَن مَعْصِيَته قَالَ الله ﴿فأعرضوا﴾ قَالَ: ترك الْقَوْم أَمر الله ﴿فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم سيل العرم﴾ ذكر لنا ﴿العرم﴾ وَادي سبأ كَانَت تَجْتَمِع إِلَيْهِ مسايل من أَوديَة شَتَّى فعمدوا فسدوا مَا بَين الجبلين بالقير وَالْحِجَارَة وَجعلُوا عَلَيْهِ أبواباً وَكَانُوا يَأْخُذُونَ من مائَة مَا احتاجوا إِلَيْهِ ويسدون عَنْهُم مَا لم يعبؤا بِهِ من مَائه فَلَمَّا تركُوا أَمر الله بعث الله عَلَيْهِم جرذاً فنقبه من أَسْفَله فاتسع حَتَّى غَرَّقَ الله بِهِ حروثَهم وخَرَّبَ بِهِ أراضيهم عُقُوبَة بأعمالهم قَالَ الله ﴿وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط﴾
691
والخمط الْأَرَاك و ﴿أكل﴾ بربرة و ﴿وأثل وَشَيْء من سدر قَلِيل﴾ بَيْنَمَا شجر الْقَوْم من خير الشّجر إِذْ صيره الله من شَرّ الشّجر عُقُوبَة بأعمالهم قَالَ الله ﴿ذَلِك جزيناهم بِمَا كفرُوا وَهل نجازي إِلَّا الكفور﴾ إِن الله إِذا أَرَادَ بِعَبْد كَرَامَة أَو خيرا تقبل حَسَنَاته وَإِذا أَرَادَ بِعَبْد هواناً أمسك عَلَيْهِ بِذَنبِهِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الخمط هُوَ الْأَرَاك
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن وَأبي مَالك
مثله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَهل نجازي إِلَّا الكفور﴾ قَالَ: تِلْكَ المناقشة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس ﴿وَهل نجازي إِلَّا الكفور﴾ قَالَ: هُوَ المناقشة فِي الْحساب وَمن نُوقِشَ الْحساب عذب وَهُوَ الْكَافِر لَا يغْفر لَهُ
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي حَيْوَة وَكَانَ من أَصْحَاب عَليّ قَالَ: جَزَاء الْمعْصِيَة الوهن فِي الْعِبَادَة والضيق فِي الْمَعيشَة والمنغص فِي اللَّذَّة قيل: وَمَا المنغص قَالَ: لَا يُصَادف لَذَّة حَلَال إِلَّا جَاءَهُ من ينغصه إِيَّاهَا
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد ﴿الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا﴾ قَالَ: الشَّام
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة ﴿وَجَعَلنَا بَينهم وَبَين الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا﴾ قَالَ: هِيَ قرى الشَّام
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير
مثله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿وَجَعَلنَا بَينهم وَبَين الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا قرى ظَاهِرَة﴾ قَالَ: كَانَ فِيمَا بَين الْيمن إِلَى الشَّام قرى متواصلة و ﴿الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا﴾ الشَّام
كَانَ الرجل يَغْدُو فَيقبل فِي الْقرْيَة ثمَّ يروح فيبيت فِي الْقرْيَة الْأُخْرَى وَكَانَت الْمَرْأَة تخرج وزنبيلها على رَأسهَا فَمَا تبلغ حَتَّى يمتلىء من كل الثِّمَار
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أبي ملكية فِي قَوْله ﴿وَجَعَلنَا بَينهم وَبَين الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا قرى ظَاهِرَة﴾
692
قَالَ: كَانَت قراهم مُتَّصِلَة ينظر بَعضهم إِلَى بعض وثمرهم متدل فبطروا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿وقدرنا فِيهَا السّير﴾ قَالَ: دانينا فِيهَا السّير
وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَجَعَلنَا بَينهم﴾ يَعْنِي بَين مساكنهم ﴿وَبَين الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا﴾ يَعْنِي الأَرْض المقدسة ﴿قرى﴾ فِيمَا بَين مَنَازِلهمْ مساكنهم وَبَين أَرض الشَّام ﴿سِيرُوا فِيهَا﴾ يَعْنِي إِذا ظعنوا من مَنَازِلهمْ إِلَى أَرض الشَّام من الأَرْض المقدسة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله ﴿ظَاهِرَة﴾ قَالَ: قرى بِالشَّام
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿سِيرُوا فِيهَا ليَالِي وأياماً آمِنين﴾ قَالَ: لَا يخَافُونَ جوعا وَلَا ظمأ إِنَّمَا يَغْدُونَ فيقيلون فِي قَرْيَة وَيَرُوحُونَ فيبيتون فِي قَرْيَة أهل جنَّة ونهر حَتَّى ذكر لنا: أَن الْمَرْأَة كَانَت تضع مكتلها على رَأسهَا فيمتلىء قبل أَن ترجع إِلَى أَهلهَا وَكَانَ الرجل يُسَافر لَا يحمل مَعَه زاداً فبطروا النِّعْمَة ﴿فَقَالُوا رَبنَا باعد بَين أسفارنا﴾ فمزقوا ﴿كل ممزق﴾ وَجعلُوا أَحَادِيث
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿فَقَالُوا رَبنَا باعد بَين أسفارنا﴾ قَالَ: قَالُوا يَا لَيْت هَذِه الْقرى يبعد بَعْضهَا عَن بعض فنسير على نجائبنا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن يعمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (قَالُوا رَبنَا بعد بَين أسفارنا) مثقلة قَالَ: لم يدعوا على أنفسهم وَلَكِن شكوا مَا أَصَابَهُم
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْكَلْبِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (قَالُوا رَبنَا بعد بَين أسفارنا) مثقلة على معنى فعِّل
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن أبي الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (بَعُدَ بَين أسفارنا) بِنصب الْبَاء وَرفع الْعين
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (رَبنَا) بِالنّصب (باعد) بِنصب الْبَاء وَكسر الْعين على الدُّعَاء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي
693
قَوْله ﴿ومزقناهم كل ممزق﴾ قَالَ: أما غَسَّان فَلَحقُوا بِالشَّام وَأما الْأَنْصَار فَلَحقُوا بِيَثْرِب وَأما خُزَاعَة فَلَحقُوا بتهامة وَأما الأزد فَلَحقُوا بعمان
فمزقهم الله كل ممزق
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿إِن فِي ذَلِك لآيَات لكل صبار شكور﴾ قَالَ: مطرف فِي قَوْله ﴿إِن فِي ذَلِك لآيَات﴾ نعم العَبْد الصبار الشكُور الَّذِي إِذا أعطي شكر واذا ابْتُلِيَ صَبر
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَامر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الشُّكْر نصف الإِيمان وَالصَّبْر نصف الإِيمان وَالْيَقِين الإِيمان كُله
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: سَمِعت أَبَا الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله قَالَ: يَا عِيسَى بن مَرْيَم إِنِّي باعث بعْدك أمة إِن أَصَابَهُم مَا يحبونَ حمدوا وشكروا وَإِن أَصَابَهُم مَا يكْرهُونَ احتسبوا وصبروا وَلَا حلم وَلَا علم
قَالَ: يَا رب كَيفَ يكون هَذَا لَهُم وَلَا حلم وَلَا علم قَالَ: أعطيهم من حلمي وَعلمِي
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والدارمي وَابْن حبَان عَن صُهَيْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عجبا لأمر الْمُؤمن أَمر الْمُؤمن كُله خير إِن أَصَابَته سراء شكر كَانَ خيرا وَإِن أَصَابَته ضراء صَبر كَانَ خيرا
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عجبت لِلْمُؤمنِ أَن أعطي قَالَ الْحَمد لله فَشكر وَإِن ابْتُلِيَ قَالَ الْحَمد لله فَصَبر فالمؤمن يُؤجر على كل حَال حَتَّى اللُّقْمَة يرفعها إِلَى فِيهِ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَأَبُو نعيم عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نظر فِي الدّين إِلَى من هُوَ فَوْقه وَفِي الدُّنْيَا إِلَى من هُوَ تَحْتَهُ كتبه الله صَابِرًا وشاكراً وَمن نظر فِي الدّين إِلَى من هُوَ تَحْتَهُ وَنظر فِي الدُّنْيَا إِلَى من هُوَ فَوْقه لم يَكْتُبهُ الله صَابِرًا وَلَا شاكراً وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم
694
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ بلدة طيبة ورب غفور ﴾ قال : هذه البلد طيبة، وربكم غفور لذنوبكم. وفي قوله ﴿ فاعرضوا ﴾ قال : بطر القوم أمر الله، وكفروا نعمته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : كان أهل سبأ أعطوا ما لم يعطه أحد من أهل زمانهم، فكانت المرأة تخرج على رأسها المكتل فتريد حاجتها، فلا تبلغ مكانها الذي تريد حتى يمتلئ مِكْتَلُهَا من أنواع الفاكهة، فأجمعوا ذلك فكذبوا رسلهم، وقد كان السيل يأتيهم من مسيرة عشرة أيام حتى يستقر في واديهم، فيجمع الماء من تلك السيول والجبال في ذلك الوادي، وكانوا قد حفروه بمسناة - وهم يسمون المسناة العرم - وكانوا يفتحون إذا شاءوا من ذلك الماء، فيسقون جنانهم إذا شاءوا، فلما غضب الله عليهم، وأذن في هلاكهم، دخل رجل إلى جنته - وهو عمرو بن عامر فيما بلغنا، وكان كاهناً - فنظر إلى جرذة تنقل أولادها من بطن الوادي إلى أعلى الجبل فقال : ما نقلت هذه أولادها من ههنا إلا وقد حضر أهل هذه البلاد عذاب، ويقدر أنها خرقت ذلك العرم، فنقبت نقباً، فسال ذلك النقب ماء إلى جنته، فأمر عمرو بن عامر بذلك النقب فسد، فأصبح وقد انفجر بأعظم ما كان، فأمر به أيضاً فسد، ثم انفجر بأعظم ما كان، فلما رأى ذلك دعا ابن أخيه فقال : إذا أنا جلست العشية في نادي قومي فائتني فقل : علام تحبس علي مالي ؟ فإني سأقول ليس لك عندي مال، ولا ترك أبوك شيئاً، وإنك لكاذب. فإذا أنا كذبتك فكذبني وأردد عليّ مثل ما قلت لك، فإذا فعلت ذلك فإني سأشتمك، فاشتمني. فإذا أنت شتمتني لطمتك، فإذا أنا لطمتك فقم فالطمني. قال : ما كنت لاستقبلك بذلك يا عم ! قال : بلى. فافعل فإني أريد بها صلاحك، وصلاح أهل بيتك فقال الفتى : نعم. حيث عرف هوى عمه، فجاء فقال ما أمر به حتى لطمه، فتناوله الفتى فلطمه فقال الشيخ : يا معشر بني فلان الطم فيكم ؟ لأسكنت في بلد لطمني فيه فلان أبداً، من يبتاع مني. فلما عرف القوم منه الجد أعطوه، فنظر إلى أفضلهم عطية، فأوجب له البيع، فدعا بالمال، فنقده وتحمل هو وبنوه من ليلته، فتفرقوا.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان في سبأ كهنة، وكانت الشياطين يسترقون السمع، فأخبروا الكهنة بشيء من أخبار السماء، وكان فيهم رجل كاهن شريف كثير المال، أنه أخبر أن زوال أمرهم قد دنا، وأن العذاب قد أظلهم، فلم يدر كيف يصنع لأنه كان له مال كثير من عقر، فقال لرجل من بنيه وهو أعزهم أخوالاً : إذا كان غداً وأمرتك بأمر فلا تفعله، فإذا نهرتك فانتهرني، فإذا تناولتك فالطمني، قال : يا أبت لا تفعل إن هذا أمر عظيم وأمر شديد قال : يا بني قد حدث أمر لا بد منه، فلم يزل حتى هيأه على ذلك، فلما أصبحوا، واجتمع الناس قال : يا بني افعل كذا وكذا. . . فأبى، فانتهره أبوه، فأجابه، فلم يزل ذلك بينهما حتى تناوله أبوه، فوثب على أبيه فلطمه، فقال : ابني يلطمني عليَّ بالشفرة قالوا : وما تصنع بالشفرة ؟ قال : اذبحه قالوا : تذبح ابنك الطمه واصنع ما بدا لك، فأبى إلا أن يذبحه، فأرسلوا إلى أخواله فأعلموهم بذلك، فجاء أخواله فقالوا : خذ منا ما بدا لك، فأبى إلا أن يذبحه قالوا : فلتموتن قبل أن تدعوه قال : فإذا كان الحديث هكذا فإني لا أريد أن أقيم ببلد يحال بيني وبين ابني فيه، اشتروا مني دوري، اشتروا مني أرضي، فلم يزل حتى باع دوره، وأرضه، وعقاره.
فلما صار الثمن في يده وأحرزه قال : أي قوم أن العذاب قد أظلكم، وزوال أمركم قد دنا، فمن أراد منكم داراً جديداً، وجملاً شديداً، وسفراً فليلحق بعمان ومن أراد منكم الخمر، والخمير، والعصير، فليلحق ببصرى. ومن أراد منكم الراسخات في الوحل، المطعمات في المحل، المقيمات في الضحل، فليلحق بيثرب ذات نخل، فأطاعه قوم، فخرج أهل عمان إلى عمان، وخرجت غسان إلى بصرى، وخرجت الأوس، والخزرج، وبنو كعب بن عمرو، إلى يثرب، فلما كانوا ببطن نخل قال بنو كعب : هذا مكان صالح لا نبتغي به بدلاً فأقاموا، فذلك سموا خزاعة لأنهم انخزعوا عن أصحابهم، وأقبلت الأوس والخزرج حتى نزلوا بيثرب.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله ﴿ لقد كان لسبإ. . . ﴾. قال : كان لهم مجلس مشيد بالمرمر، فأتاهم ناس من النصارى فقالوا : أشكروا الله الذي أعطاكم هذا قالوا : ومن أعطاناه ؟ إنما كان لآبائنا فورثناه، فسمع ذلك ذو يزن فعرف أنه سيكون لكلمتهم تلك خبر فقال لابنه : كلامك علي حرام إن لم تأت غداً وأنا في مجلس قومي فتصك وجهي، ففعل ذلك فقال : لا أقيم بأرض فعل هذا ابني بي فيها، إلا من يبتاع مني مالي، فابتدره الناس، فابتاعوه فبعث الله جرذاً أعمى يقال له الخلد من جرذان عمى، فلم يزل يحفر السد حتى خرقه فانهدم وذهب الماء بالجنتين.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : لقد بعث الله إلى سبأ ثلاثة عشر نبياً فكذبوهم، وكان لهم سد كانوا قد بنوه بنياناً أبداً وهو الذي كان يرد عنهم السيل إذا جاء أن يغشى أموالهم، وكان فيما يزعمون في علمهم من كهانتهم أنه إنما يخرب سدهم ذلك فارة، فلم يتركوا فرجة بين حجرين إلا ربطوا عندها هرة، فلما جاء زمانه وما أراد الله بهم من التفريق، أقبلت فيما يذكرون فأرة حمراء إلى هرة من تلك الهرر، فساورتها حتى استأخرت عنها الهرة، فدخلت في الفرجة التي كانت عندها، فتغلغلت بالسد، فحفرت فيه حتى رققته للسيل وهم لا يدرون، فلما أن جاء السيل وجد عللاً، فدخل فيه حتى قلع السد وفاض على الأموال فاحتملها، فلم يبق منها إلا ما ذكر عن الله تبارك وتعالى.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في الآية قال : كانت أودية اليمن تسيل إلى وادي سبأ، وهو واد بين جبلين، فعمد أهل سبأ فسدوا ما بين الجبلين بالقير والحجارة، وتركوا ما شاءوا لجناتهم، فعاشوا بذلك زماناً من الدهر، ثم إنهم عتوا وعملوا بالمعاصي، فبعث الله على ذلك السد جرذاً فنقبه عليهم، فعرض الله مساكنهم وجناتهم، وبدلهم بمكان جنتيهم جنتين خمط والخمط الأراك ﴿ وأثل ﴾ الأثل القصير من الشجر الذي يصنعون منه الأقداح.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ سيل العرم ﴾ قال : الشديد.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عمرو بن شرحبيل رضي الله عنه ﴿ سيل العرم ﴾ قال : المنساة بلحن اليمن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ سيل العرم ﴾ قال :﴿ العرم ﴾ بالحبشة وهي المنساة التي يجتمع فيها الماء ثم ينشف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه قال ﴿ العرم ﴾ اسم الوادي.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ سيل العرم ﴾ قال : وادٍ كان باليمن كان يسيل إلى مكة.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه قال : وادي سبأ يدعى ﴿ العرم ﴾.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ سيل العرم ﴾ السد ماء أحمر أرسله الله في السد، فشقه وهدمه، وحفر الوادي عن الجنتين، فارتفعا وغار عنهما الماء، فيبستا ولم يكن الماء الأحمر من السد، كان شيئاً أرسله الله عليهم. وفي قوله ﴿ أكل خمط ﴾ قال : الخمط الأراك.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أرسله الله عليهم. وفي قوله ﴿ أكل خمط ﴾ قال :( الخمط ) الأراك.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ أكل خمط ﴾ قال : الأراك ﴿ وأثل ﴾ قال : الطرفاء.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله ﴿ أكل خمط ﴾ قال : الأراك قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم. أما سمعت الشاعر يقول :
ما معول فود تراعى بعينها أغن غضيض الطرف من خلل الخمط
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن شرحبيل رضي الله عنه في قوله ﴿ وأثل ﴾ قال ( الأثل ) شجر لا يأكلها شيء وإنما هي حطب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال ﴿ الخمط ﴾ الأراك و ( الأثل ) النضار و ﴿ السدر ﴾ النبق.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ لقد كان لسبإ في مساكنهم... ﴾. قال : قوم أعطاهم الله نعمة، وأمرهم بطاعته، ونهاهم عن معصيته، قال الله ﴿ فأعرضوا ﴾ قال : ترك القوم أمر الله ﴿ فأرسلنا عليهم سيل العرم ﴾ ذكر لنا ﴿ العرم ﴾ وادي سبأ كانت تجتمع إليه مسايل من أودية شتى، فعمدوا فسدوا ما بين الجبلين بالقير والحجارة، وجعلوا عليه أبواباً وكانوا يأخذون من مائه ما احتاجوا إليه، ويسدون عنهم ما لم يعبأوا به من مائه، فلما تركوا أمر الله بعث الله عليهم جرذاً، فنقبه من أسفله، فاتسع حتى غَرَّقَ الله به حروثَهم، وخَرَّبَ به أراضيهم عقوبة بأعمالهم قال الله ﴿ فبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط ﴾ والخمط الأراك و ﴿ أكل ﴾ بربرة و ﴿ أثل وشيء من سدر قليل ﴾ بينما شجر القوم من خير الشجر إذ صيره الله من شر الشجر عقوبة بأعمالهم قال الله. ﴿ ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور ﴾ إن الله إذا أراد بعبد كرامة أو خيراً تقبل حسناته، وإذا أراد بعبد هواناً أمسك عليه بذنبه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ لقد كان لسبإ في مساكنهم... ﴾. قال : قوم أعطاهم الله نعمة، وأمرهم بطاعته، ونهاهم عن معصيته، قال الله ﴿ فأعرضوا ﴾ قال : ترك القوم أمر الله ﴿ فأرسلنا عليهم سيل العرم ﴾ ذكر لنا ﴿ العرم ﴾ وادي سبأ كانت تجتمع إليه مسايل من أودية شتى، فعمدوا فسدوا ما بين الجبلين بالقير والحجارة، وجعلوا عليه أبواباً وكانوا يأخذون من مائه ما احتاجوا إليه، ويسدون عنهم ما لم يعبأوا به من مائه، فلما تركوا أمر الله بعث الله عليهم جرذاً، فنقبه من أسفله، فاتسع حتى غَرَّقَ الله به حروثَهم، وخَرَّبَ به أراضيهم عقوبة بأعمالهم قال الله ﴿ فبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط ﴾ والخمط الأراك و ﴿ أكل ﴾ بربرة و ﴿ أثل وشيء من سدر قليل ﴾ بينما شجر القوم من خير الشجر إذ صيره الله من شر الشجر عقوبة بأعمالهم قال الله. ﴿ ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور ﴾ إن الله إذا أراد بعبد كرامة أو خيراً تقبل حسناته، وإذا أراد بعبد هواناً أمسك عليه بذنبه.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : الخمط هو الأراك.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وأبي مالك، مثله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله ﴿ وهل نجازي إلا الكفور ﴾ قال : تلك المناقشة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن طاوس ﴿ وهل نجازي إلا الكفور ﴾ قال : هو المناقشة في الحساب، ومن نوقش الحساب عذب، وهو الكافر لا يغفر له.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي حيوة وكان من أصحاب علي قال : جزاء المعصية الوهن في العبادة، والضيق في المعيشة، والمنغص في اللذة قيل : وما المنغص ؟ قال : لا يصادف لذة حلال إلا جاءه من ينغصه إياها.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد ﴿ القرى التي باركنا فيها ﴾ قال : الشام.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ﴿ وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها ﴾ قال : هي قرى الشام.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير، مثله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ﴿ وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة ﴾ قال : كان فيما بين اليمن إلى الشام قرى متواصلة و ﴿ القرى التي باركنا فيها ﴾ الشام. كان الرجل يغدو فيقبل في القرية، ثم يروح فيبيت في القرية الأخرى، وكانت المرأة تخرج وزنبيلها على رأسها، فما تبلغ حتى يمتلئ من كل الثمار.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن أبي ملكية في قوله ﴿ وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة ﴾ قال : كانت قراهم متصلة ينظر بعضهم إلى بعض، وثمرهم متدل فبطروا.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله ﴿ وقدرنا فيها السير ﴾ قال : دانينا فيها السير.
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس في قوله ﴿ وجعلنا بينهم ﴾ يعني بين مساكنهم ﴿ وبين القرى التي باركنا فيها ﴾ يعني الأرض المقدسة ( قرى ) فيما بين منازلهم والأرض المقدسة ﴿ ظاهرة ﴾ يعني عامرة مخصبة ﴿ وقدرنا فيها السير ﴾ يعني فيما بين مساكنهم وبين أرض الشام ﴿ سيروا فيها ﴾ يعني إذا ظعنوا من منازلهم إلى أرض الشام من الأرض المقدسة.
وأخرج ابن عساكر عن زيد بن أسلم في قوله ﴿ ظاهرة ﴾ قال : قرى بالشام.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ سيروا فيها ليالي وأياماً آمنين ﴾ قال : لا يخافون جوعاً ولا ظمأ، إنما يغدون فيقيلون في قرية، ويروحون فيبيتون في قرية، أهل جنة ونهر حتى ذكر لنا : أن المرأة كانت تضع مكتلها على رأسها، فيمتلئ قبل أن ترجع إلى أهلها، وكان الرجل يسافر لا يحمل معه زاداً، فبطروا النعمة. ﴿ فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا ﴾ فمزقوا ﴿ كل ممزق ﴾ وجعلوا أحاديث.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ سيروا فيها ليالي وأياماً آمنين ﴾ قال : لا يخافون جوعاً ولا ظمأ، إنما يغدون فيقيلون في قرية، ويروحون فيبيتون في قرية، أهل جنة ونهر حتى ذكر لنا : أن المرأة كانت تضع مكتلها على رأسها، فيمتلئ قبل أن ترجع إلى أهلها، وكان الرجل يسافر لا يحمل معه زاداً، فبطروا النعمة. ﴿ فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا ﴾ فمزقوا ﴿ كل ممزق ﴾ وجعلوا أحاديث.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله ﴿ فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا ﴾ قال : قالوا يا ليت هذه القرى يبعد بعضها عن بعض، فنسير على نجائبنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن يعمر رضي الله عنه أنه قرأ « قالوا ربنا بعِّد بين أسفارنا » مثقلة قال : لم يدعوا على أنفسهم، ولكن شكوا ما أصابهم.
وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي رضي الله عنه أنه قرأ « قالوا ربنا بَعِّدْ بين أسفارنا } مثقلة على معنى فعِّل.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن أبي الحسن رضي الله عنه أنه قرأ " بَعُدَ بين أسفارنا " بنصب الباء، ورفع العين.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ ( ربنا ) بالنصب " باعد " بنصب الباء وكسر العين على الدعاء.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه في قوله ﴿ ومزقناهم كل ممزق ﴾ قال : أما غسان فلحقوا بالشام، وأما الأنصار فلحقوا بيثرب، وأما خزاعة فلحقوا بتهامة، وأما الأزد فلحقوا بعمان. فمزقهم الله كل ممزق.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ إن في ذلك لآيات لكل صبارٍ شكور. . . ﴾ قال : مطرف في قوله ﴿ إن في ذلك لآيات ﴾ نعم العبد الصبار الشكور الذي إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر.
وأخرج عن الشعبي رضي الله عنه في قوله ﴿ لكل صبار شكور ﴾ قال ﴿ صبار ﴾ في الكريهة ﴿ شكور ﴾ عند الحسنة.
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير والبيهقي في شعب الإِيمان عن عامر رضي الله عنه قال : الشكر نصف الإِيمان، والصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله.
وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء قال : سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول :«إن الله قال : يا عيسى ابن مريم إني باعث بعدك أمة إن أصابهم ما يحبون حمدوا وشكروا، وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا، ولا حلم ولا علم. قال : يا رب كيف يكون هذا لهم، ولا حلم ولا علم ؟ قال : أعطيهم من حلمي وعلمي ».
وأخرج أحمد ومسلم والبيهقي في شعب الإِيمان والدارمي وابن حبان عن صهيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« عجباً لأمر المؤمن أمر المؤمن كله خير، إن أصابته سراء شكر كان خيراً، وإن أصابته ضراء صبر كان خيراً ».
وأخرج أحمد والبيهقي عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« عجبت للمؤمن أن أعطي قال الحمد لله فشكر، وإن ابتلي قال الحمد لله فصبر، فالمؤمن يؤجر على كل حال، حتى اللقمة يرفعها إلى فيه ».
وأخرج البيهقي في الشعب وأبو نعيم عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من نظر في الدين إلى من هو فوقه، وفي الدنيا إلى من هو تحته، كتبه الله صابراً وشاكراً، ومن نظر في الدين إلى من هو تحته، ونظر في الدنيا إلى من هو فوقه، لم يكتبه الله صابراً ولا شاكراً » والله سبحانه وتعالى أعلم.
- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد صدق عَلَيْهِم إِبْلِيس ظَنّه فَاتَّبعُوهُ إِلَّا فريق من الْمُؤمنِينَ وَمَا كَانَ لَهُم عَلَيْهِ من سُلْطَان إِلَّا لنعلم من يُؤمن بِالآخِرَة مِمَّن هُوَ مِنْهَا فِي شكّ وَرَبك على كل شَيْء حفيظ
أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وَلَقَد صدق عَلَيْهِم إِبْلِيس ظَنّه﴾ قَالَ إِبْلِيس: إِن آدم خلق من تُرَاب وَمن طين وَمن حمإ مسنون خلقا ضَعِيفا وَإِنِّي خلقت من نَار وَالنَّار تحرق كل شَيْء ﴿لأحتنكن ذُريَّته إِلَّا قَلِيلا﴾ الاسراء الْآيَة ٦٢ قَالَ: فَصدق ظَنّه عَلَيْهِم فَاتَّبعُوهُ إِلَّا فريقاً من الْمُؤمنِينَ قَالَ: هم الْمُؤْمِنُونَ كلهم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يَقْرَأها ﴿وَلَقَد صدق عَلَيْهِم إِبْلِيس ظَنّه﴾ مُشَدّدَة قَالَ: ظن بهم ظنا فَصدقهُ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَلَقَد صدق عَلَيْهِم إِبْلِيس ظَنّه﴾ قَالَ: على النَّاس إِلَّا من أطَاع ربه
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَلَقَد صدق عَلَيْهِم إِبْلِيس ظَنّه﴾ ظن بهم فَوَافَقَ ظَنّه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أهبط آدم عَلَيْهِ السَّلَام من الْجنَّة وَمَعَهُ حوّاء عَلَيْهَا السَّلَام هَبَط إِبْلِيس فَرحا بِمَا أصَاب مِنْهُمَا وَقَالَ: إِذا أصبت من الْأَبَوَيْنِ مَا أصبت فالذرية أَضْعَف وَكَانَ ذَلِك ظنا من إِبْلِيس عِنْد ذَلِك فَقَالَ: لَا أُفَارِق ابْن آدم مَا دَامَ فِيهِ الرّوح أغره وأمنيه وأخدعه فَقَالَ الله تَعَالَى: وَعِزَّتِي لَا أحجب عَنهُ التَّوْبَة مَا لم يُغَرْغر بِالْمَوْتِ وَلَا يدعوني إِلَّا أَجَبْته وَلَا يسألني إِلَّا أَعْطيته وَلَا يستغفرني إِلَّا غفرت لَهُ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَمَا كَانَ لي عَلَيْكُم من سُلْطَان﴾ قَالَ: وَالله مَا ضَربهمْ
695
بعصا وَلَا سيف وَلَا سَوط وَمَا أكرههم على شَيْء وَمَا كَانَ إِلَّا غرُورًا وأماني دعاهم إِلَيْهَا فاجابوه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿إِلَّا لنعلم﴾ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ بلَاء ليعلم الله الْكَافِر من الْمُؤمن
696
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ وما كان له عليهم من سلطان ﴾ قال : والله ما ضربهم بعصا، ولا سيف، ولا سوط، وما أكرههم على شيء، وما كان إلا غروراً وأماني، دعاهم إليها فأجابوه.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ إلا لنعلم. . . ﴾ قال : إنما كان بلاء ليعلم الله الكافر من المؤمن.
- قَوْله تَعَالَى: قل ادعوا الَّذين زعمتم من دون الله لَا يملكُونَ مِثْقَال ذرة فِي السَّمَاوَات وَلَا فِي الأَرْض وَمَا لَهُم فيهمَا من شرك وَمَا لَهُ مِنْهُم من ظهير
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ ﴿وَمَا لَهُم فيهمَا من شرك﴾ يَقُول: مَا لله من شريك فِي السَّمَوَات وَلَا فِي الأَرْض ﴿وَمَا لَهُ مِنْهُم﴾ قَالَ: من الَّذين دعوا من دونه ﴿من ظهير﴾ يَقُول: من عون بِشَيْء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَمَا لَهُ مِنْهُم من ظهير﴾ يَقُول: من عون من الْمَلَائِكَة
- قَوْله تَعَالَى: وَلَا تَنْفَع الشَّفَاعَة عِنْده إِلَّا لمن أذن لهحتى إِذا فزع عَن قلويهم قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير قل من يرزقكم من السَّمَاوَات وَالْأَرْض قل الله وَإِنَّا أَو إيَّاكُمْ لعلى هدى أَو فِي ضلال مُبين قل لَا تسْأَلُون عَمَّا أجرمنا وَلَا نسْأَل عَمَّا تَعْمَلُونَ قل يجمع بَيْننَا رَبنَا ثمَّ يفتح بَيْننَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الفتاح الْعَلِيم قل أروني الَّذين ألحقتم بِهِ شُرَكَاء كلا بل هُوَ الله الْعَزِيز الْحَكِيم
أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿فزع عَن قُلُوبهم﴾ قَالَ: خلى
696
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما أوحى الْجَبَّار إِلَى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا الرَّسُول من الْمَلَائِكَة ليَبْعَثهُ بِالْوَحْي فَسمِعت الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام صَوت الْجَبَّار يتَكَلَّم بِالْوَحْي فَلَمَّا كشف عَن قُلُوبهم سئلوا عَمَّا قَالَ الله فَقَالُوا: الْحق
وَعَلمُوا أَن الله تَعَالَى لَا يَقُول إِلَّا حَقًا قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: وَصَوت الْوَحْي كصوت الْحَدِيد على الصَّفَا فَلَمَّا سمعُوا خروا سجدا فَلَمَّا رفعوا رؤوسهم ﴿قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ إِذا نزل الْوَحْي كَانَ صَوته كوقع الْحَدِيد على الصفوان فيصعق أهل السَّمَاء ﴿حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم﴾ قَالَت الرُّسُل عَلَيْهِم السَّلَام ﴿الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: ينزل الْأَمر إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا لَهُ وَقع كوقعة السلسلة على الصَّخْرَة فَيفزع لَهُ جَمِيع أهل السَّمَوَات فَيَقُولُونَ ﴿مَاذَا قَالَ ربكُم﴾ ثمَّ يرجعُونَ إِلَى أنفسهم فَيَقُولُونَ ﴿الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عَليّ بن حُسَيْن عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالِسا فِي نفر من أَصْحَابه فَرمى بِنَجْم فَاسْتَنَارَ قَالَ: مَا كُنْتُم تَقولُونَ إِذا كَانَ هَذَا فِي الْجَاهِلِيَّة قَالُوا: كُنَّا نقُول يُولد عَظِيم أَو يَمُوت عَظِيم قَالَ: فَإِنَّهَا لَا ترمى لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ وَلَكِن رَبنَا إِذا قضى أمرا سبح حَملَة الْعَرْش ثمَّ سبح أهل السَّمَاء الَّذين يلون حَملَة الْعَرْش فَيَقُول الَّذين يلون حَملَة الْعَرْش ﴿مَاذَا قَالَ ربكُم﴾ فَيُخْبِرُونَهُمْ ويخبر أهل كل سَمَاء سَمَاء حَتَّى يَنْتَهِي الْخَبَر إِلَى هَذِه السَّمَاء وتخطف الْجِنّ السّمع فيرمون فَمَا جاؤا بِهِ على وَجهه فَهُوَ محق وَلَكنهُمْ يحرفونه وَيزِيدُونَ فِيهِ قَالَ معمر: قلت لِلزهْرِيِّ: أَكَانَ يَرْمِي بهَا فِي الْجَاهِلِيَّة قَالَ: نعم
قَالَ أَرَأَيْت ﴿وَأَنا كُنَّا نقعد مِنْهَا مقاعد للسمع فَمن يستمع الْآن يجد لَهُ شهاباً رصداً﴾ الْجِنّ الْآيَة ٩ قَالَ: غلظت وشدد أمرهَا حِين بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن
697
ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا قضى الله الْأَمر فِي السَّمَاء ضربت الْمَلَائِكَة بأجنحتها خضعاناً لقَوْله كَأَنَّهُ سلسلة على صَفْوَان يفزعهم ذَلِك ﴿إِذا فزع عَن قُلُوبهم قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم﴾ قَالُوا الَّذِي قَالَ ﴿الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير﴾ فيسمعها مسترقوا السّمع ومسترقوا السّمع هَكَذَا وَاحِد فَوق آخر
وصف سُفْيَان بِيَدِهِ وَفرج وَبَين أَصَابِعه نصبها بَعْضهَا فَوق بعض
فَيسمع الْكَلِمَة فيلقيها إِلَى من تَحْتَهُ ثمَّ يلقيها الآخر إِلَى من تَحْتَهُ يلقيها على لِسَان السَّاحر أَو الكاهن فَرُبمَا أدْركهُ الشهَاب قبل أَن يلقيها وَرُبمَا أَلْقَاهَا قبل أَن يُدْرِكهُ فيكذب مَعهَا مائَة كذبة فَيُقَال: أَلَيْسَ قد قَالَ لنا يَوْم كَذَا
وَكَذَا
وَكَذَا فَيصدق بِتِلْكَ الْكَلِمَة الَّتِي سَمِعت من السَّمَاء
وَأخرج ابْن جرير وَابْن خُزَيْمَة وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن النوّاس بن سمْعَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا أَرَادَ الله أَن يوحي بِأَمْر تكلم بِالْوَحْي فَإِذا تكلم بِالْوَحْي أخذت السَّمَاء رَجْفَة شَدِيدَة من خوف الله تَعَالَى فَإِذا سمع بذلك أهل السَّمَوَات صعقوا وخروا سجدا فَيكون أول من يرفع رَأسه جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فيكلمه الله من وحيه بِمَا أَرَادَ فيمضي بِهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام كلما مر بسماء سَمَاء سَأَلَهُ ملائكتها: مَاذَا قَالَ رَبنَا يَا جِبْرِيل فَيَقُول ﴿قَالُوا الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير﴾ فَيَقُولُونَ كلهم مثل مَا قَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فينتهي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِالْوَحْي حَيْثُ أمره الله من السَّمَاء وَالْأَرْض
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ (فرغ عَن قُلُوبهم) يَعْنِي بالراء والغين والمعجمة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله عز وَجل ﴿حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم﴾ قَالَ: كَانَ لكل قبيل من الْجِنّ مقْعد فِي السَّمَاء يَسْتَمِعُون مِنْهُ الْوَحْي وَكَانَ إِذا نزل الْوَحْي سمع لَهُ صَوت كامرار السلسلة على الصفوان فَلَا ينزل على أهل سَمَاء إِلَّا صعقوا ﴿حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير﴾ وَإِن كَانَ مِمَّا يكون فِي الأَرْض من أَمر
698
الْغَيْب أَو موت أَو شَيْء مِمَّا يكون فِي الأَرْض تكلمُوا بِهِ فَقَالُوا: يكون كَذَا
وَكَذَا
فَسَمعته الشَّيَاطِين فنزلوا بِهِ على أَوْلِيَائِهِمْ يَقُولُونَ: يكون الْعَام كَذَا وَيكون كَذَا فيسمعه الْجِنّ فيخبرون الكهنة بِهِ والكهنة تخبر بِهِ النَّاس يَقُولُونَ: يكون كَذَا وَكَذَا
فيجدونه كَذَلِك فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دحروا بالنجوم فَقَالَت الْعَرَب حِين لم يُخْبِرهُمْ الْجِنّ بذلك: هلك من فِي السَّمَاء فَجعل صَاحب الإِبل ينْحَر كل يَوْم بَعِيرًا وَصَاحب الْبَقر ينْحَر كل يَوْم بقرة وَصَاحب الْغنم شَاة حَتَّى أَسْرعُوا فِي أَمْوَالهم فَقَالَت ثَقِيف: وَكَانَت أَعقل الْعَرَب: أَيهَا النَّاس أَمْسكُوا عَلَيْكُم أَمْوَالكُم فَإِنَّهُ لم يمت من فِي السَّمَاء وان هَذَا لَيْسَ بانتشاء ألستم ترَوْنَ معالمكم من النُّجُوم كَمَا هِيَ وَالشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم وَاللَّيْل وَالنَّهَار قَالَ: فَقَالَ إِبْلِيس لقد حدث الْيَوْم فِي الأَرْض حدث فائتوني من تربة كل أَرض فَأتوهُ بهَا فَجعل يشمها فَلَمَّا شم تربة مَكَّة قَالَ: من هَهُنَا جَاءَ الحَدِيث منتشراً فَنقبُوا فَإِذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد بعث
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تكلم الله بِالْوَحْي سمع أهل السَّمَاء الدُّنْيَا صلصلة كجر السلسلة على الصَّفَا فيصعقون فَلَا يزالون كَذَلِك حَتَّى يَأْتِيهم جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَإِذا جَاءَهُم جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام ﴿فزع عَن قُلُوبهم﴾ فَيَقُولُونَ يَا جِبْرِيل: مَاذَا قَالَ رَبنَا فَيَقُول ﴿الْحق﴾ فَيَقُولُونَ: الْحق
الْحق
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا تكلم الله بِالْوَحْي سمع أهل السَّمَوَات صلصلة كجر السلسلة على الصفوان فيصعقون فَلَا يزالون كَذَلِك حَتَّى يَأْتِيهم جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَإِذا أَتَاهُم جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام ﴿فزع عَن قُلُوبهم﴾ قَالُوا يَا جِبْرِيل: مَاذَا قَالَ رَبنَا فَيَقُول ﴿الْحق﴾ فينادون الْحق الْحق
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لما نزل جِبْرِيل بِالْوَحْي على رَسُول الله فزع أهل السَّمَوَات لَا نحطاطه وسمعوا صَوت الْوَحْي كأشد مَا يكون من صَوت الْحَدِيد على الصَّفَا فَكلما مر بِأَهْل سَمَاء
699
﴿فزع عَن قُلُوبهم﴾ فَيَقُولُونَ: يَا جِبْرِيل بِمَاذَا أمرت فَيَقُول: نور الْعِزَّة الْعَظِيم كَلَام الله بِلِسَان عَرَبِيّ
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: يوحي الله إِلَى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فتفزع الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام من مَخَافَة أَن يكون شَيْء من أَمر السَّاعَة فَإِذا خلى عَن قُلُوبهم وَعَلمُوا أَن ذَلِك لَيْسَ من أَمر السَّاعَة ﴿قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا الْحق﴾
وَأخرج أَبُو نصر السجْزِي فِي الابانة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رَأَيْت جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَزعم أَن إسْرَافيل عَلَيْهِ السَّلَام يحمل الْعَرْش وَأَن قدمه فِي الأَرْض السَّابِعَة والألواح بَين عَيْنَيْهِ فَإِذا أَرَادَ ذُو الْعَرْش أمرا سَمِعت الْمَلَائِكَة كجر السلسلة على الصَّفَا فيغشى عَلَيْهِم فَإِذا قَامُوا ﴿قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم﴾ قَالَ من شَاءَ الله ﴿الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة والكلبي رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم﴾ قَالَا: لما كَانَت الفترة بَين عِيسَى وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزل الْوَحْي مثل صَوت الْحَدِيد فافزع الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام ذَلِك ﴿حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم﴾ قَالُوا: إِذا جلى عَن قُلُوبهم ﴿مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم فِي الْآيَة قَالَ: زعم ابْن مَسْعُود أَن الْمَلَائِكَة المعقبات الَّذين يَخْتَلِفُونَ إِلَى أهل الأَرْض يَكْتُبُونَ أَعْمَالهم إِذا أرسلهم الرب تبَارك وَتَعَالَى فانحدروا سمع لَهُم صَوت شَدِيد فيحسب الَّذِي أَسْفَل مِنْهُم من الْمَلَائِكَة أَنه من أَمر السَّاعَة فَيَخِرُّونَ سجدا وَهَكَذَا كلما مروا عَلَيْهِم فيفعلون ذَلِك من خوف رَبهم تبَارك وَتَعَالَى
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِذا قضى الله تبَارك وَتَعَالَى أمرا رجفت السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال وخرت الْمَلَائِكَة كلهم سجدا حسبت الْجِنّ أَن أمرا يقْضى فاسترقت فَلَمَّا قضي الْأَمر رفعت الْمَلَائِكَة رؤوسهم
وَهِي هَذِه الْآيَة ﴿حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير﴾
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ ﴿حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم﴾
700
ثمَّ يفسره حَتَّى إِذا انجلى عَن قُلُوبهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة من طَرِيق آخر رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ ﴿فزع عَن قُلُوبهم﴾ قَالَ: مَا فِيهَا من الشَّك والتكذيب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله ﴿حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم﴾ قَالَ: فزع الشَّيْطَان عَن قُلُوبهم ففارقهم وأمانيهم وَمَا كَانَ يضلهم ﴿قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير﴾ قَالَ: وَهَذَا فِي بني آدم عِنْد الْمَوْت أقرُّوا حِين لَا يَنْفَعهُمْ الاقرار
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم﴾ قَالَ: كشف الغطاء عَنْهَا يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم وَالضَّحَّاك أَنَّهُمَا كَانَا يقراآن ﴿حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم﴾ يَقُولَانِ: جلى عَن قُلُوبهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه سَأَلَ كَيفَ تقْرَأ هَذِه الْآيَة ﴿حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم﴾ أَو ﴿فزع عَن قُلُوبهم﴾ قَالَ ﴿إِذا فزع عَن قُلُوبهم﴾ قَالَ: فَإِن الْحسن يَقُول بِرَأْيهِ أَشْيَاء أهاب أَن أقولها
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ حَتَّى (إِذا فزع عَن قُلُوبهم) بِالْعينِ مثقلة الزَّاي
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: ثمَّ أمره الله أَن يسْأَل النَّاس فَقَالَ ﴿قل من يرزقكم من السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿وَإِنَّا أَو إيَّاكُمْ لعلى هدى أَو فِي ضلال مُبين﴾ قَالَ ﴿إِنَّا﴾ نَحن لعلى هدى وانكم فِي ضلال مُبين
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَإِنَّا أَو إيَّاكُمْ﴾ قَالَ: قد قَالَ ذَلِك أَصْحَاب مُحَمَّد للْمُشْرِكين وَالله مَا نَحن وَأَنْتُم على أَمر وَاحِد ان أحد الْفَرِيقَيْنِ مهتد
وَفِي قَوْله ﴿قل يجمع بَيْننَا رَبنَا ثمَّ يفتح بَيْننَا﴾ أَي يقْضِي
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن
701
ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿الفتاح﴾ قَالَ: القَاضِي
702
أخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ثم أمره الله أن يسأل الناس فقال ﴿ قل من يرزقكم من السماوات والأرض ﴾.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ﴿ وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ﴾ قال ﴿ إنا ﴾ نحن لعلى هدى وإنكم في ضلال مبين.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ وإنا أو إياكم... ﴾ قال : قد قال ذلك أصحاب محمد للمشركين، والله ما نحن وأنتم على أمر واحد إن أحد الفريقين مهتد. وفي قوله ﴿ قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا ﴾ أي يقضي.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ وإنا أو إياكم... ﴾ قال : قد قال ذلك أصحاب محمد للمشركين، والله ما نحن وأنتم على أمر واحد إن أحد الفريقين مهتد. وفي قوله ﴿ قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا ﴾ أي يقضي.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ الفتاح ﴾ قال : القاضي.
- قَوْله تَعَالَى: وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا كَافَّة للنَّاس بشيرا وَنَذِيرا وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ وَيَقُولُونَ مَتى هَذَا الْوَعْد إِن كُنْتُم صَادِقين قل لكم ميعاد يَوْم لَا تستأخرون عَنهُ سَاعَة وَلَا تستقدمون
أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا كَافَّة للنَّاس﴾ قَالَ: إِلَى النَّاس جَمِيعًا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله ﴿كَافَّة للنَّاس﴾ قَالَ: للنَّاس عَامَّة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا كَافَّة للنَّاس﴾ قَالَ: أرسل الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْعَرَب والعجم فأكرمهم على الله أطوعهم لَهُ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَعْطَيْت خمْسا لم يُعْطهنَّ نَبِي قبلي
بعثت إِلَى النَّاس كَافَّة إِلَى كل أَبيض وأحمر وأطعمت أمتِي الْمغنم لم يطعم أمة قبل أمتِي ونصرت بِالرُّعْبِ بَين يَدي من مسيرَة شهر وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا واعطيت الشَّفَاعَة فأدخرتها لأمتي يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَعْطَيْت خمْسا لم يُعْطهنَّ نَبِي قبلي
بعثت إِلَى النَّاس كَافَّة الْأَحْمَر وَالْأسود وَإِنَّمَا كَانَ النَّبِي يبْعَث إِلَى قومه ونصرت بِالرُّعْبِ يرعب مني عدوّي على مسيرَة شهر وأطعمت الْمغنم وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا واعطيت الشَّفَاعَة فادخرتها لأمتي إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَهِي إِن شَاءَ الله نائلة من لَا يُشْرك لبالله شَيْئا
- قَوْله تَعَالَى: وَقَالَ الَّذين كفرُوا لن نؤمن بِهَذَا الْقُرْآن وَلَا بِالَّذِي بَين يَدَيْهِ وَلَو ترى غذ الظَّالِمُونَ موقوفون عِنْد رَبهم يرجع بَعضهم إِلَى بعض القَوْل يَقُول الَّذين استضعفوا للَّذين استكبروا لَوْلَا أَنْتُم لَكنا مُؤمنين قَالَ الَّذين استكبروا للَّذين استضعفوا أَنَحْنُ صددناكم عَن الْهدى بعد إِذْ جَاءَكُم بل كُنْتُم مجرمين وَقَالَ الَّذين استضعفوا للَّذين استكبروا بل مكر اللَّيْل وَالنَّهَار إِذْ تأمروننا أَن نكفر بِاللَّه ونجعل لَهُ أندادا وأسروا الندامة لما رَأَوْا الْعَذَاب وَجَعَلنَا الأغلال فِي أَعْنَاق الَّذين كفرُوا هَل يجزون إِلَّا مَا كَانُوا يعْملُونَ
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَقَالَ الَّذين كفرُوا لن نؤمن بِهَذَا الْقُرْآن﴾ قَالَ: هَذَا قَول مُشْركي الْعَرَب كفرُوا بِالْقُرْآنِ ﴿وَلَا بِالَّذِي بَين يَدَيْهِ﴾ من الْكتب والأنبياء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَلَا بِالَّذِي بَين يَدَيْهِ﴾ قَالَ: التَّوْرَاة والإِنجيل وَفِي قَوْله ﴿يَقُول الَّذين استضعفوا﴾ قَالَ: هم الِاتِّبَاع ﴿للَّذين استكبروا﴾ قَالَ: هم القادة وَفِي قَوْله ﴿بل مكر اللَّيْل وَالنَّهَار﴾ يَقُول: غركم اخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿بل مكر اللَّيْل وَالنَّهَار﴾ قَالَ: بل مكركم بِمَا فِي اللَّيْل وَالنَّهَار
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿بل مكر اللَّيْل وَالنَّهَار﴾ قَالَ: بل مكركم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿بل مكر اللَّيْل وَالنَّهَار﴾ قَالَ: بل مكركم بِمَا فِي اللَّيْل وَالنَّهَار يَا أَيهَا العظماء والرؤساء حَتَّى أزلتمونا عَن عبَادَة الله تَعَالَى
703
أما قَوْله تَعَالَى: ﴿وَجَعَلنَا الأغلال فِي أَعْنَاق الَّذين كفرُوا﴾
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا فِي جَهَنَّم دَار وَلَا مغار وَلَا غل وَلَا قيد وَلَا سلسلة إِلَّا اسْم صَاحبهَا عَلَيْهَا مَكْتُوب
فَحدث بِهِ أَبُو سُلَيْمَان الدَّارَانِي رَضِي الله عَنهُ فَبكى ثمَّ قَالَ: فَكيف بِهِ لَو جمع هَذَا كُله عَلَيْهِ فَجعل الْقَيْد فِي رجلَيْهِ والغل فِي يَدَيْهِ والسلسلة فِي عُنُقه ثمَّ أَدخل الدَّار وَأدْخل المغار
704
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ ولا بالذي بين يديه ﴾ قال : التوراة والإِنجيل. وفي قوله ﴿ يقول الذين استضعفوا ﴾ قال : هم الأتباع ﴿ للذين استكبروا ﴾ قال : هم القادة. وفي قوله ﴿ بل مكر الليل والنهار ﴾ يقول : غركم اختلاف الليل والنهار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ ولا بالذي بين يديه ﴾ قال : التوراة والإِنجيل. وفي قوله ﴿ يقول الذين استضعفوا ﴾ قال : هم الأتباع ﴿ للذين استكبروا ﴾ قال : هم القادة. وفي قوله ﴿ بل مكر الليل والنهار ﴾ يقول : غركم اختلاف الليل والنهار.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ﴿ بل مكر الليل والنهار ﴾ قال : بل مكركم بما في الليل والنهار.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ بل مكر الليل والنهار ﴾ قال : بل مكركم بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ﴿ بل مكر الليل والنهار ﴾ قال : بل مكركم بما في الليل والنهار يا أيها العظماء، والرؤساء، حتى أزلتمونا عن عبادة الله تعالى.
أما قوله تعالى :﴿ وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا ﴾.
أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : ما في جهنم دار، ولا مغار، ولا غل، ولا قيد، ولا سلسلة إلا اسم صاحبها عليها مكتوب. فحدث به أبو سليمان الداراني رضي الله عنه، فبكى ثم قال : فكيف به لو جمع هذا كله عليه، فجعل القيد في رجليه، والغل في يديه، والسلسلة في عنقه، ثم أدخل الدار، وأدخل المغار.
- قَوْله تَعَالَى: وَمَا أرسلنَا فِي قَرْيَة من نَذِير إِلَّا قَالَ مترفوها إِنَّا بِمَا أرسلتم بِهِ كافرون وَقَالُوا نَحن أَكثر أَمْوَالًا وأولادا وَمَا نَحن بمعذبين قل إِن رَبِّي يبسط الرزق لمن يَشَاء وَيقدر وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ
أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: كَانَ رجلَانِ شريكان خرج أَحدهمَا إِلَى السَّاحِل وَبَقِي الآخر فَلَمَّا بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب إِلَى صَاحبه يسْأَله
مَا فعل فَكتب إِلَيْهِ أَنه لم يتبعهُ أحد من قُرَيْش إِلَّا رذالة النَّاس ومساكينهم فَترك تِجَارَته وأتى صَاحبه فَقَالَ لَهُ: دلَّنِي عَلَيْهِ وَكَانَ يقْرَأ الْكتب فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إلاَمَ تَدْعُو قَالَ إِلَى كَذَا وَكَذَا
قَالَ: أشهد أَنَّك رَسُول الله قَالَ: مَا علمك بذلك قَالَ: إِنَّه لم يبْعَث نَبِي إِلَّا اتبعهُ رذالة النَّاس ومساكينهم
فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَمَا أرسلنَا فِي قَرْيَة من نَذِير إِلَّا قَالَ مترفوها﴾ الْآيَات
فارسل اليه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله قد أنزل تَصْدِيق مَا قلت
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿إِلَّا قَالَ مترفوها﴾ قَالَ: هم جبابرتهم ورؤوسهم وأشرافهم وَقَادَتهمْ فِي الشَّرّ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله ﴿إِلَّا قَالَ مترفوها﴾ قَالَ: جبابرتها
- قَوْله تَعَالَى: وَمَا أَمْوَالكُم وَلَا أَوْلَادكُم بِالَّتِي تقربكم عندنَا زلفى إِلَّا من آمن وَعمل صَالحا فَأُولَئِك لَهُم جَزَاء الضعْف بِمَا عمِلُوا وهم فِي الغرفات آمنون وَالَّذين يسعون فِي آيَاتنَا معاجزين أُولَئِكَ فِي الْعَذَاب محضرون
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿عندنَا زلفى﴾ قَالَ: قربى
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: لَا تعتبروا النَّاس بِكَثْرَة المَال وَالْولد وَإِن الْكَافِر يعْطى المَال وَرُبمَا حَبسه عَن الْمُؤمن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس أَنه كَانَ يَقُول: اللَّهُمَّ ارزقني الإِيمان وَالْعَمَل وجنبني المَال وَالْولد فَإِنِّي سَمِعت فِيمَا أوحيت ﴿وَمَا أَمْوَالكُم وَلَا أَوْلَادكُم بِالَّتِي تقربكم عندنَا زلفى﴾
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله لَا ينظر إِلَى صوركُمْ وَأَمْوَالكُمْ وَلَكِن ينظر إِلَى قُلُوبكُمْ وَأَعْمَالكُمْ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿فَأُولَئِك لَهُم جَزَاء الضعْف بِمَا عمِلُوا﴾ قَالَ: بِالْوَاحِدِ عشرا وَفِي سَبِيل الله بِالْوَاحِدِ سَبْعمِائة
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا كَانَ الْمُؤمن غَنِيا تقياً آتَاهُ الله أجره مرَّتَيْنِ
وتلا هَذِه الْآيَة ﴿وَمَا أَمْوَالكُم﴾ إِلَى قَوْله ﴿فَأُولَئِك لَهُم جَزَاء الضعْف﴾ قَالَ: تَضْعِيف الْحَسَنَة
أما قَوْله تَعَالَى: ﴿وهم فِي الغرفات آمنون﴾
أخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي الْجنَّة لغرفاً يرى ظُهُورهَا من بطونها وبطونها من ظُهُورهَا
قَالُوا: لمن هِيَ قَالَ: لمن أطاب الْكَلَام وَأطْعم الطَّعَام وأدام الصّيام وَصلى بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام
- قَوْله تَعَالَى: قل إِن رَبِّي يبسط الرزق لمن يَشَاء من عباده وَيقدر لَهُ وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه وَهُوَ خير الرازقين
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ أَنه سَأَلَ عَن قَوْله ﴿وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه﴾ النَّفَقَة فِي سَبِيل الله قَالَ: لَا
وَلَكِن نَفَقَة الرجل على نَفسه وَأَهله فَالله بخلفه
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه﴾ قَالَ: فِي غير إِسْرَاف وَلَا تقتير
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أنفقتم على اهليكم فِي غير إِسْرَاف وَلَا تقتير فَهُوَ فِي سَبِيل الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه﴾ قَالَ: من غير إِسْرَاف وَلَا تقتير
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا كَانَ لأحدكم شَيْء فليقتصد وَلَا يتأوّل هَذِه الْآيَة ﴿وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه﴾ فَإِن الرزق مقسوم يَقُول: لَعَلَّ رزقه قَلِيل وَهُوَ ينْفق نَفَقَة الموسع عَلَيْهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ ﴿وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه﴾ قَالَ: مَا كَانَ من خلف فَهُوَ مِنْهُ وَرُبمَا أنْفق الإِنسان مَاله كُله فِي الْخَيْر وَلم يخلف حَتَّى يَمُوت
وَمثلهَا ﴿وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على الله رزقها﴾ هود الْآيَة ٦ يَقُول: مَا آتَاهُم من رزق فَمِنْهُ وَرُبمَا لم يرزقها حَتَّى تَمُوت
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي
706
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل مَا أنْفق العَبْد نَفَقَة فعلى الله خلفهَا ضَامِنا إِلَّا نَفَقَة فِي بُنيان أَو مَعْصِيّة
وَأخرج ابْن عدي فِي الْكَامِل وَالْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كل مَعْرُوف صَدَقَة وَمَا أنْفق الْمَرْء على نَفسه وَأَهله كتب لَهُ بِهِ صَدَقَة وَمَا وقِي بِهِ عرضه كتب لَهُ بِهِ صَدَقَة وكل نَفَقَة أنفقها مُؤمن فعلى الله خلفهَا ضَامِن إِلَّا نَفَقَة فِي مَعْصِيّة أَو بُنيان
قيل لِابْنِ الْمُنْكَدر: وَمَا أَرَادَ بِمَا وقِي بِهِ الْمَرْء عرضه كتب لَهُ بِهِ صَدَقَة قَالَ: مَا أعْطى الشَّاعِر وَذَا اللِّسَان المتقي
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا إِن بعد زمانكم هَذَا زَمَانا عَضُوضًا يعَض الْمُوسر على مَا فِي يَده حذر الانفاق قَالَ الله ﴿وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه﴾
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ الله عز وَجل: أنْفق يَا ابْن آدم أنْفق عَلَيْك
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب كرّم الله وَجهه سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن لكل يَوْم نحساً فادفعوا نحس ذَلِك الْيَوْم بِالصَّدَقَةِ ثمَّ قَالَ: اقرؤا مَوَاضِع الْخلف فَإِنِّي سَمِعت الله يَقُول ﴿وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه﴾ إِذا لم تنفقوا كَيفَ يخلف
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن المعونة تنزل من السَّمَاء على قدر المؤونة
وَأخرج الْحَكِيم وَالتِّرْمِذِيّ عَن الزبير بن الْعَوام رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جِئْت حَتَّى جَلَست بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذ بِطرف عمامتي من ورائي
ثمَّ قَالَ: يَا زبير إِنِّي رَسُول الله إِلَيْك خَاصَّة وَإِلَى النَّاس عَامَّة أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ ربكُم قلت: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: ربكُم حِين اسْتَوَى على عَرْشه فَنظر خلقه: عبَادي أَنْتُم خلقي وَأَنا ربكُم أرزاقكم بيَدي فَلَا تتبعوا فِيمَا تكفلت لكم فَاطْلُبُوا مني أرزاقكم أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ ربكُم قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: أنْفق أنْفق عَلَيْك وأوسع أوسع عَلَيْك وَلَا تُضَيِّقَ أُضَيِّقُ عَلَيْك وَلَا تصر فأصر عَلَيْك وَلَا تحزن فأحزن
707
عَلَيْك إِن بَاب الرزق مَفْتُوح من فَوق سبع سموات متواصل إِلَى الْعَرْش لَا يغلق لَيْلًا وَلَا نَهَارا ينزل الله مِنْهُ الرزق على كل امْرِئ بِقدر نِيَّته وعطيته وصدقته وَنَفَقَته فَمن أَكثر أَكثر لَهُ وَمن أقل أقل لَهُ وَمن أمسك أمسك عَلَيْهِ يَا زبير فَكل واطعم وَلَا توك فيوكي عَلَيْك وَلَا تحص فيحصى عَلَيْك وَلَا تقتر فيقتر عَلَيْك وَلَا تعسر فيعسر عَلَيْك يَا زبير إِن الله يحب الانفاق وَيبغض الاقتار وَإِن السخاء من الْيَقِين وَالْبخل من الشَّك فَلَا يدْخل النارمن أَيقَن وَلَا يدْخل الْجنَّة من شكّ
يَا زبير إِن الله يحب السخاوة وَلَو بفلقة تَمْرَة والشجاعة وَلَو بقتل عقرب أَو حيه
يَا زبير إِن الله يحب الصَّبْر عِنْد زَلْزَلَة الزلازل وَالْيَقِين النَّافِذ عِنْد مَجِيء الشَّهَوَات وَالْعقل الْكَامِل عِنْد نزُول الشُّبُهَات والورع الصَّادِق عِنْد الْحَرَام والخبيثات
يَا زبير عظم الإِخوان وجلل الْأَبْرَار وَوقر الأخيار وصل الْجَار وَلَا تماشي الْفجار
من فعل ذَلِك دخل الْجنَّة بِلَا حِسَاب وَلَا عَذَاب هَذِه وَصِيَّة الله إليّ ووصيتي إِلَيْك
708
- قَوْله تَعَالَى: وَيَوْم يحشرهم جَمِيعًا ثمَّ يَقُول للْمَلَائكَة أَهَؤُلَاءِ إيَّاكُمْ كَانُوا يعْبدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْت ولينا من دونهم بل كَانُوا يعْبدُونَ الْجِنّ أَكْثَرهم بهم مُؤمنُونَ فاليوم لَا يملك بَعْضكُم لبَعض نفعا وَلَا ضرا ونقول للَّذين ظلمُوا ذوقوا عَذَاب النَّار الَّتِي كُنْتُم بهَا تكذبون وَإِذا تتلى عَلَيْهِم آيَاتنَا بَيِّنَات قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رجل يُرِيد أَن يصدكم عَمَّا كَانَ يعبد آباؤكم وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إفْك مفترى وَقَالَ الَّذين كفرُوا للحق لما جَاءَهُم إِن هَذَا إِلَّا سحر مُبين وَمَا آتَيْنَاهُم من كتب يدرسونها وَمَا أرسلنَا إِلَيْهِم قبلك من نَذِير وَكذب الَّذين من قبلهم وَمَا بلغُوا معشار مَا آتَيْنَاهُم فكذبوا رُسُلِي فَكيف كَانَ نَكِير
708
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قتاده رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿ثمَّ يَقُول للْمَلَائكَة أَهَؤُلَاءِ إيَّاكُمْ كَانُوا يعْبدُونَ﴾ قَالَ: اسْتِفْهَام كَقَوْلِه لعيسى عَلَيْهِ السَّلَام ﴿أَأَنْت قلت للنَّاس﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ١١٦
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿بل كَانُوا يعْبدُونَ الْجِنّ﴾ قَالَ: الشَّيْطَان
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَمَا آتَيْنَاهُم من كتب يدرسونها﴾ قَالَ: لم يكن عِنْدهم كتاب يدرسونه فيعلمون أَن مَا جِئْت بِهِ حق أم بَاطِل
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَمَا آتَيْنَاهُم من كتب يدرسونها﴾ أَي يقرؤونها ﴿وَمَا أرسلنَا إِلَيْهِم قبلك من نَذِير﴾ وَقَالَ: ﴿وَإِن من أمة إِلَّا خلا فِيهَا نَذِير﴾ فاطر الآيه ٢٤ وَلَا ينقص هَذَا هَذَا وَلَكِن كلما ذهب نَبِي فَمن بعده فِي نذارته حَتَّى يخرج النَّبِي الآخر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿وَمَا بلغُوا معشار مَا آتَيْنَاهُم﴾ يَقُول: من الْقُدْرَة فِي الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جرير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَكذب الَّذين من قبلهم﴾ قَالَ: الْقُرُون الأولى ﴿وَمَا بلغُوا﴾ أَي الَّذين كفرُوا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿معشار مَا آتَيْنَاهُم﴾ من الْقُوَّة والاجلال وَالدُّنْيَا والاموال
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قتاده رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَكذب الَّذين من قبلهم﴾ قَالَ: كذب الَّذين قبل هَؤُلَاءِ ﴿وَمَا بلغُوا معشار مَا آتَيْنَاهُم﴾ قَالَ: يُخْبِركُمْ أَنه اعطى الْقَوْم مَا لم يعطكم من الْقُوَّة وَغير ذَلِك ﴿فَكيف كَانَ نَكِير﴾ يَقُول: فقد أهلك الله أُولَئِكَ وهم أقوى وأخلد
709
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ بل كانوا يعبدون الجن ﴾ قال : الشياطين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ وما آتيناهم من كتب يدرسونها ﴾ قال : لم يكن عندهم كتاب يدرسونه، فيعلمون أن ما جئت به حق أم باطل.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله ﴿ وما آتيناهم من كتب يدرسونها ﴾ أي يقرأونها ﴿ وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير ﴾ وقال :﴿ وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ﴾ [ فاطر : ٢٤ ] ولا ينقض هذا هذا، ولكن كلما ذهب نبي فمن بعده في نذارته حتى يخرج النبي الآخر.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ وما بلغوا معشار ما آتيناهم ﴾ يقول : من القدرة في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ﴿ وكذب الذين من قبلهم ﴾ قال : القرون الأولى ﴿ وما بلغوا ﴾ أي الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم ﴿ معشار ما آتيناهم ﴾ من القوة، والإجلال، والدنيا، والأموال.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وكذب الذين من قبلهم ﴾ قال : كذب الذين قبل هؤلاء ﴿ وما بلغوا معشار ما آتيناهم ﴾ قال : يخبركم أنه أعطى القوم ما لم يعطكم من القوة وغير ذلك ﴿ فكيف كان نكير ﴾ يقول : فقد أهلك الله أولئك وهم أقوى وأخلد.
قَوْله تَعَالَى: قل إِنَّمَا أعظكم بِوَاحِدَة أَن تقوموا لله مثنى وفرادى ثمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بصاحبكم من جنَّة إِن هُوَ إِلَّا نَذِير لكم بَين يَدي عَذَاب شَدِيد
أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله
709
عَنهُ ﴿قل إِنَّمَا أعظكم بِوَاحِدَة﴾ قَالَ: بِطَاعَة الله ﴿أَن تقوموا لله مثنى وفرادى﴾ قَالَ: وَاحِد واثنين
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ ﴿قل إِنَّمَا أعظكم بِوَاحِدَة﴾ قَالَ: بِلَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جرير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿قل إِنَّمَا أعظكم بِوَاحِدَة﴾ قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله
وَفِي قَوْله ﴿أَن تقوموا لله﴾ قَالَ: لَيْسَ بِالْقيامِ على الأرجل كَقَوْلِه ﴿كونُوا قوامين بِالْقِسْطِ﴾ النِّسَاء الْآيَة ١٣٥
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي الآيه قَالَ: يقوم الرجل مَعَ الرجل أَو وَحده فيتفكر مَا بصاحبكم من جنَّة يَقُول: إِنَّه لَيْسَ بمجنون
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي امامة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول أَعْطَيْت ثَلَاثًا لم يُعْطهنَّ نَبِي قبلي وَلَا فَخر
أحلّت لي الْغَنَائِم وَلم تحل لمن كَانَ قبلي كَانُوا يجمعُونَ غنائمهم فيحرقونها
وَبعثت إِلَى كل أَحْمَر وأسود وَكَانَ كل نَبِي يبْعَث إِلَى قومه وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا أتيمم بالصعيد وأصلي فِيهَا حَيْثُ أدركتني الصَّلَاة قَالَ الله تَعَالَى ﴿أَن تقوموا لله مثنى وفرادى﴾ وأعنت بِالرُّعْبِ مسيرَة شهر بَين يَدي
710
- قَوْله تَعَالَى: قل مَا سألتكم من أجر فَهُوَ لكم إِن أجري إِلَّا على الله وَهُوَ على كل شَيْء شَهِيد قل إِن رَبِّي يقذف بِالْحَقِّ علام الغيوب قل جَاءَ الْحق وَمَا يبددئ الْبَاطِل وَمَا يُعِيد قل إِن ضللت فَإِنَّمَا أضلّ على نَفسِي وَإِن اهتديت فبمَا يوحي إِلَيّ رَبِّي إِنَّه سميع قريب
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿قل مَا سألتكم من أجر﴾ أَي من جعل ﴿فَهُوَ لكم﴾ يَقُول: لم أَسأَلكُم
710
على الإِسلام جعلا وَفِي قَوْله ﴿قل إِن رَبِّي يقذف بِالْحَقِّ علام الغيوب قل جَاءَ الْحق وَمَا يبدئ الْبَاطِل﴾ قَالَ: الشَّيْطَان لَا يبدئ وَلَا يُعِيد إِذا هلك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿يقذف بِالْحَقِّ﴾ قَالَ: ينزل بِالْوَحْي
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿جَاءَ الْحق﴾ قَالَ: جَاءَ الْقُرْآن ﴿وَمَا يبدئ الْبَاطِل وَمَا يُعِيد﴾ قَالَ: مَا يخلق إِبْلِيس شَيْئا وَلَا يَبْعَثهُ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن سعد رَضِي الله عَنهُ ﴿قل إِن ضللت فَإِنَّمَا أضلّ على نَفسِي﴾ قَالَ: اؤخذ بخيانتي
711
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٧:أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ قل ما سألتكم من أجر ﴾ أي من جعل ﴿ فهو لكم ﴾ يقول : لم أسألكم على الإِسلام جعلا. وفي قوله ﴿ قل إن ربي يقذف بالحق... وما يبدئ الباطل ﴾ قال : الشيطان لا يبدئ ولا يعيد إذا هلك.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ يقذف بالحق ﴾ قال : ينزل بالوحي.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ جاء الحق ﴾ قال : جاء القرآن ﴿ وما يبدئ الباطل وما يعيد ﴾ قال : ما يخلق إبليس شيئاً، ولا يبعثه.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عمر بن سعد رضي الله عنه ﴿ قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي ﴾ قال : اؤخذ بخيانتي.
- قَوْله تَعَالَى: وَلَو ترى إِذْ فزعوا فَلَا فَوت وَأخذُوا من مَكَان قريب
أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَلَو ترى إِذْ فزعوا﴾ قَالَ: فِي الدُّنْيَا عِنْد الْمَوْت حِين عاينوا الْمَلَائِكَة وَرَأَوا بَأْس الله ﴿وأنَّى لَهُم التناوش من مَكَان بعيد﴾ غَافِر الْآيَة ٨٤ قَالَ: لَا سَبِيل لَهُم إِلَى الإِيمان كَقَوْلِه ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بأسنا قَالُوا آمنا بِاللَّه وَحده وكفرنا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكين﴾ قَالَ: قد كَانُوا يدعونَ إِلَيْهِ وهم فِي دعة ورخاء فَلم يُؤمنُوا بِهِ ﴿ويقذفون بِالْغَيْبِ﴾ يرجعُونَ بِالظَّنِّ يَقُولُونَ إِنَّه لَا جنَّة وَلَا نَار وَلَا بعث ﴿وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون﴾ قَالَ: اشتهوا طَاعَة الله لَو أَنهم عمِلُوا بهَا فحيل بَينهم وَبَين ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَلَو ترى إِذْ فزعوا﴾ قَالَ يَوْم الْقِيَامَة ﴿فَلَا فَوت﴾ فَلم يفوتوا رَبك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿وَلَو ترى إِذْ فزعوا﴾ قَالَ فِي الْقُبُور من الصَّيْحَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَلَو ترى إِذْ فزعوا﴾ قَالَ: هَذَا يَوْم بدرحين ضربت أَعْنَاقهم فعاينوا الْعَذَاب فَلم يستطيعوا فِرَارًا من الْعَذَاب وَلَا رُجُوعا إِلَى التَّوْبَة
711
وَأخرج عبد بن حميد وَالضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَلَو ترى إِذْ فزعوا فَلَا فَوت﴾ قَالَ: هُوَ يَوْم بدر
وَأخرج عبد بن حميد عَن زيد بن أسلم مثله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ ﴿وَلَو ترى إِذْ فزعوا فَلَا فَوت﴾ قَالَ: هم قَتْلَى الْمُشْركين من أهل بدر نزلت فيهم هَذِه الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وَلَو ترى إِذْ فزعوا فَلَا فَوت وَأخذُوا من مَكَان قريب﴾ قَالَ: هُوَ جَيش السفياني قَالَ: من أَيْن أَخذ قَالَ: من تَحت أَقْدَامهم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَلَو ترى إِذْ فزعوا﴾ قَالَ: قوم خسف بهم أخذُوا من تَحت أَقْدَامهم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يبْعَث نَاس إِلَى الْمَدِينَة حَتَّى إِذا كَانُوا ببيداء بعث الله عَلَيْهِم جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فضربهم بِرجلِهِ ضَرْبَة فيخسف الله بهم فَذَلِك قَوْله ﴿وَلَو ترى إِذْ فزعوا فَلَا فَوت وَأخذُوا من مَكَان قريب﴾ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ ﴿وَلَو ترى إِذْ فزعوا فَلَا فَوت﴾ قَالَ: هم الْجَيْش الَّذين يخسف بهم بِالْبَيْدَاءِ يبْقى مِنْهُم رجل يخبر النَّاس بِمَا لَقِي أَصْحَابه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن أبي معقل رَضِي الله عَنهُ ﴿وَلَو ترى إِذْ فزعوا فَلَا فَوت﴾ قَالَ: أخذُوا فَلم يفوتوا
وَأخرج أَحْمد عَن نفيرة امْرَأَة الْقَعْقَاع بن أبي حدره رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا سَمِعْتُمْ بِجَيْش قد خسف بِهِ فقد أطلت السَّاعَة وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالْحَاكِم عَن حَفْصَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ليؤمنّ هَذَا الْبَيْت جَيش يغزونه حَتَّى إِذا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خسف أوساطهم فينادي أَوَّلهمْ آخِرهم فيخسف بهم خسفاً فَلَا ينجو إِلَّا الشريد الَّذِي يخبر عَنْهُم وَأخرج أَحْمد عَن حَفْصه رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:
712
يَأْتِي جَيش من قبل الْمشرق يُرِيدُونَ رجلا من أهل مَكَّة حَتَّى إِذا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خسف بهم فَيرجع من كَانَ أمامهم لينْظر مَا فعل الْقَوْم فيصيبهم مَا أَصَابَهُم
قلت: يَا رَسُول الله فَكيف بِمن كَانَ مستكرهاً قَالَ: يصيبهم كلهم ذَلِك ثمَّ يبْعَث الله كل امْرِئ على نِيَّته وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن صَفِيَّة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَنْتَهِي النَّاس عَن غَزْو هَذَا الْبَيْت حَتَّى يغزوه جَيش حَتَّى إِذا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خسف بأولهم وَآخرهمْ وَلم ينج أوسطهم قلت: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت الْمُكْره قَالَ: يَبْعَثهُم الله على مَا فِي أنفسهم
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عائشه رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم [] وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ام سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يعوذ عَائِذ بِالْحرم فيبعث إِلَيْهِ بعث فَإِذا كَانَ ببيداء من الأَرْض خسف بهم قلت: يَا رَسُول الله فَكيف بِمن يخرج كَارِهًا قَالَ: يخسف بِهِ مَعَهم وَلكنه يبْعَث على نِيَّته يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي سيبه وَالطَّبَرَانِيّ عَن أم سَلمَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُبَايع الرجل من أمتِي بَين الرُّكْن وَالْمقَام كعدة أهل بدر فيأتيه عصب الْعرَاق وابدال الشَّام فيأتيهم جَيش من الشَّام حَتَّى إِذا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خسف بهم ثمَّ يسير إِلَيْهِ رجل من قُرَيْش اخواله كلب فيهزمهم الله قَالَ: وَكَانَ يُقَال إِن الخائب يَوْمئِذٍ من خَابَ من غنيمَة كلب
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المحروم من حرم غنيمَة كلب وَلَو عقَالًا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَتُبَاعَنَّ نِسَاؤُهُم على درج دمشق حَتَّى ترد الْمَرْأَة من كسر بساقها
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تَنْتَهِ الْبعُوث عَن غَزْو بَيت الله حَتَّى يخسف بِجَيْش مِنْهُم وَأخرج الْحَاكِم عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذِي الْقعدَة تحارب الْقَبَائِل وعامئذ ينهب الْحَاج وَتَكون
713
ملحمة بمنى حَتَّى يهرب صَاحبهمْ فيبايع بَين الرُّكْن وَالْمقَام وَهُوَ كَارِه يبايعه مثل عدَّة أهل بدر يرضى عَنهُ سَاكن السَّمَاء وَسَاكن الأَرْض
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يخرج رجل يُقَال لَهُ السفياني فِي عمق دمشق وَعَامة من يتبعهُ من كلب فَيقْتل حَتَّى يبقر بطُون النِّسَاء وَيقتل الصّبيان فَيجمع لَهُم قيس فيقتلها حَتَّى لَا يمْنَع ذَنْب تلعة وَيخرج رجل من أهل بَيْتِي فَيبلغ السفياني فيبعث إِلَيْهِ جنداً من جنده فيهزمه فيسير إِلَيْهِ السفياني بِمن مَعَه حَتَّى إِذا صَار ببيداء من الأَرْض خسف بهم فَلَا ينجو مِنْهُم إِلَّا الْمخبر عَنْهُم
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أحذركم سبع فتن فتْنَة تقبل من الْمَدِينَة وفتنة بِمَكَّة وفتنة بِالْيمن وفتنة تقبل من الشَّام وفتنة تقبل من الْمشرق وفتنة تقبل من الْمغرب وفتنه من بطن الشَّام وَهِي السفياني
فَقَالَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: مِنْكُم من يدْرك أولهاومن هَذِه الْأمة من يدْرك آخرهَا قَالَ الْوَلِيد بن عَيَّاش رَضِي الله عَنهُ: فَكَانَت فتْنَة الْمَدِينَة من قبل طَلْحَة وَالزُّبَيْر وفتنة مَكَّة فتْنَة ابْن الزبير وفتنة الشَّام من قبل بني أُمِّيّه وفتنة الْمشرق من قبل هَؤُلَاءِ
714
- قَوْله تَعَالَى: وَقَالُوا آمنا بِهِ وأنَّى لَهُم التناوش من مَكَان بعيد وَقد كفرُوا بِهِ من قبل ويقذفون بِالْغَيْبِ من مَكَان بعيد
أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَقَالُوا آمنا بِهِ﴾ قَالَ: الله ﴿وأَنى لَهُم التناوش﴾ قَالَ: التَّنَاوُل كَذَلِك ﴿من مَكَان بعيد﴾ قَالَ: مَا كَانَ بَين الْآخِرَة وَالدُّنْيَا ﴿وَقد كفرُوا بِهِ من قبل﴾ قَالَ: كفرُوا بِاللَّه فِي الدُّنْيَا ﴿ويقذفون بِالْغَيْبِ من مَكَان بعيد﴾ قَالَ: فِي الدُّنْيَا قَوْلهم هُوَ سَاحر بل هُوَ كَاهِن بل هُوَ شَاعِر بل هُوَ كَذَّاب
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله
714
عَنهُ ﴿وأنى لَهُم التناوش﴾ الرَّد ﴿من مَكَان بعيد﴾ قَالَ: من الْآخِرَة إِلَى الدُّنْيَا
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿وأَنى لَهُم التناوش﴾ قَالَ: كَيفَ لَهُم الرَّد ﴿من مَكَان بعيد﴾ قَالَ: يسْأَلُون الرَّد وَلَيْسَ حِين رد
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن التَّيْمِيّ قَالَ: أتيت ابْن عَبَّاس قلت: مَا التناوش قَالَ: تنَاول الشَّيْء وَلَيْسَ بِحِين ذَاك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ ﴿وأَنى لَهُم التناوش﴾ قَالَ: التَّوْبَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ مثله
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (التناؤش) ممدودة مَهْمُوزَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿ويقذفون بِالْغَيْبِ﴾ قَالَ: يرجمون بِالظَّنِّ إِنَّهُم كَانُوا فِي الدُّنْيَا يكذبُون بِالآخِرَة وَيَقُولُونَ: لَا بعث وَلَا جنَّة وَلَا نَار
715
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ ويقذفون بالغيب ﴾ قال : يرجمون بالظن، إنهم كانوا في الدنيا يكذبون بالآخرة ويقولون : لا بعث، ولا جنة، ولا نار.
- قَوْله تَعَالَى: وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون كَمَا فعل بأشياعهم من قبل إِنَّهُم كَانُوا فِي شكّ مريب
أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون﴾ قَالَ: حيل بَينهم وَبَين الايمان
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون﴾ قَالَ: من مالأو ولد أَو زهرَة أَو أهل ﴿كَمَا فعل بأشياعهم من قبل﴾ قَالَ: كَمَا فعل بالكفار من قبلهم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون﴾ قَالَ: التَّوْبَة
715
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون﴾ قَالَ: كَانَ رجل من بني إِسْرَائِيل فاتحاً أَي الله فتح لَهُ مَالا فورثه ابْن لَهُ تافه - أَي فَاسد - فَكَانَ يعْمل فِي مَال أَبِيه بمعاصي الله فَلَمَّا رأى ذَلِك إخْوَان أَبِيه أَتَوا الْفَتى فعزلوه ولاموه فضجر الْفَتى فَبَاعَ عقاره بصامت ثمَّ رَحل فَأتى عينا تجاهه فسرح فِيهَا مَاله وابتنى قصراً
فَبَيْنَمَا هُوَ ذَات يَوْم جَالس إِذْ شملت عَلَيْهِ ريح بِامْرَأَة من أحسن النَّاس وجهاوأطيبهم ريحًا فَقَالَت: من أَنْت يَا عبد الله قَالَ: أَنا امْرُؤ من بني إِسْرَائِيل قَالَت: فلك هَذَا الْقصر وَهَذَا المَال قَالَ: نعم
[قَالَت] فَهَل لَك من زَوْجَة قَالَ: لَا
قَالَت: فَكيف يهنيك الْعَيْش وَلَا زَوْجَة لَك قَالَ: قد كَانَ ذَاك فَهَل لكِ من بعل قَالَت: لَا
قَالَ: فَهَل لَك أَن أتزوجك قَالَت: إِنِّي امْرَأَة مِنْك على مسيرَة ميل فَإِذا كَانَ غَد فتزود زَاد يَوْم وأتني وَإِن رَأَيْت فِي طريقك هولاً قَالَ: نعم
قَالَت: إِنَّه لَا بَأْس عَلَيْك فَلَا يهولنك
فَلَمَّا كَانَ من الْغَد تزَود زَاد يَوْم وَانْطَلق إِلَى قصر فقرع بَابه فَخرج إِلَيْهِ شَاب من أحسن النَّاس وَجها وَأطيب النَّاس ريحًا فَقَالَ: من أَنْت يَا عبد الله قَالَ: أَنا الاسرائيلي قَالَ: فَمَا حَاجَتك قَالَ: دعتني صَاحِبَة هَذَا الْقصر إِلَى نَفسهَا قَالَ: صدقت فَهَل رَأَيْت فِي طريقك هولاً قَالَ: نعم وَلَوْلَا أَخْبَرتنِي أَن لَا بَأْس عليَّ لهالني الَّذِي رَأَيْت أَقبلت حَتَّى إِذا انفرج بِي السَّبِيل إِذْ أَنا بكلبة فَاتِحَة فاها فَفَزِعت فَوَثَبت فَإِذا أَنا من وَرَائِهَا وَإِذا جروها ينْحَر على صدرها قَالَ: لست تدْرك هَذَا هَذَا يكون آخر الزَّمَان يقاعد الْغُلَام المشيخة فيغلبهم على مجلسهم ويأسرهم حَدِيثهمْ
ثمَّ أَقبلت حَتَّى إِذا انفرج بِي السَّبِيل وَإِذا بِمِائَة اعنز حفل وَإِذا فِيهَا جدي يمصها فَإِذا أَتَى عَلَيْهَا فَظن أَنه لم يتْرك شَيْئا فتح فَاه يلْتَمس الزِّيَادَة قَالَ: لست تدْرك هَذَا هَذَا يكون فِي آخر الزَّمَان ملك يجمع صَامت النَّاس كلهم حَتَّى إِذا ظن أَنه لم يتْرك شَيْئا فتح فَاه يلْتَمس الزِّيَادَة قَالَ: ثمَّ أَقبلت حَتَّى إِذا انفرج بِي السَّبِيل إِذا أَنا بشجر فاعجبني غُصْن من شَجَرَة مِنْهَا ناضر فَأَرَدْت بِرَجُل مَعَه منجل يحصد مَا بلغ وَمَا لم يبلغ قَالَ لَهُ: لَو حصدت مَا بلغ وَتركت مَا لم يبلغ قَالَ لَهُ: امْضِ
لَا تكونن مُكَلّفا سَوف يَأْتِيك خبر هَذَا
716
قطعه فنادتني شَجَرَة أُخْرَى: يَا عبد الله مني فَخذ
حَتَّى ناداني الشّجر: يَا عبد الله منا فَخذ
قَالَ: لست تدْرك هَذَا هَذَا يكون فِي آخر الزَّمَان يقل الرِّجَال وَيكثر النِّسَاء حَتَّى إِن الرجل ليخطب الْمَرْأَة فتدعوه الْعشْرَة وَالْعشْرُونَ إِلَى أَنْفسهنَّ
قَالَ: ثمَّ أَقبلت حَتَّى انفرج بِي السَّبِيل فَإِذا أَنا بِرَجُل قَائِم على عين يغْرف لكل انسان من المَاء فَإِذا تصدعوا عَنهُ صب المَاء فِي جرته فَلم تعلق جرته من المَاء بِشَيْء قَالَ: لست تدْرك هَذَا هَذَا يكون فِي آخر الزَّمَان القَاضِي يعلم النَّاس الْعلم ثمَّ يخالفهم إِلَى معاصي الله ثمَّ أَقبلت حَتَّى إِذا انفرج بِي السَّبِيل إِذا أَنا بِرَجُل يميح على قليب كلما أخرج دلوه صبه فِي الْحَوْض فانساب المَاء رَاجعا إِلَى القليب قَالَ: هَذَا رجل رد الله عَلَيْهِ صَالح عمله فَلم يقبله
ثمَّ أَقبلت حَتَّى إِذا انفرج بِي السَّبِيل إِذا أَنا بِرَجُل يبذر بذراً فيستحصد فَإِذا حِنْطَة طبية قَالَ: هَذَا رجل قبل الله صَالح عمله وأزكاه لَهُ
قَالَ: ثمَّ أَقبلت حَتَّى إِذا انفرج بِي السبيلإذا أَنا بعنز وَإِذا قوم قد أخذُوا بقوائمها وَإِذا رجل آخذ بقرنيها وَإِذا رجل آخذ بذنبها وَإِذا رجل قد ركبهَا وَإِذا رجل يحلبها فَقَالَ: أما العنز فَهِيَ الدُّنْيَا وَالَّذين أخذُوا بقوائمها فهم يتساقطون من عليتهاوأما الَّذِي قد أَخذ بقرنيها فَهُوَ يعالج من عيشها ضيقا وَأما الَّذِي قد أَخذ بذنبها فقد أَدْبَرت عَنهُ وَأما الَّذِي ركبهَا فقد تَركهَا وَأما الَّذِي يتحلبها
فبخ
بخ ذهب ذَاك بهَا قَالَ: ثمَّ أَقبلت حَتَّى إِذا انفرج بِي السَّبِيل إِذا أَنا بِرَجُل مستلق على قَفاهُ فَقَالَ: يَا عبد الله أدن مني فَخذ بيَدي واقعدني فوَاللَّه مَا قعدت مُنْذُ خلقني الله فاخذت بِيَدِهِ فَقَامَ يسْعَى حَتَّى مَا أرَاهُ فَقَالَ لَهُ الْفَتى: هَذَا عمرك فقد وَأَنا ملك الْمَوْت وَأَنا الْمَرْأَة الَّتِي أَتَيْتُك أَمرنِي الله بِقَبض روحك فِي هَذَا الْمَكَان ثمَّ أصيرك إِلَى جَهَنَّم
قَالَ فَفِيهِ نزلت هَذِه الآيه ﴿وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون﴾
وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات بِسَنَد ضَعِيف من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لَا تهتكوا سترا فَإِنَّهُ كَانَ رجل فِي بني إِسْرَائِيل وَكَانَ لَهُ امْرَأَة وَكَانَت إِذا قدمت إِلَيْهِ الطَّعَام ثمَّ قَامَت على رَأسه ثمَّ تَقول: هتك الله ستر
717
امْرَأَة تخون زَوجهَا بِالْغَيْبِ فَبعث إِلَيْهَا يَوْمًا بِسَمَكَةٍ ثمَّ قَامَت على رَأسه فَقَالَت: هتك الله ستر امْرَأَة تخون زَوجهَا بِالْغَيْبِ فقهقهت السَّمَكَة حَتَّى سَقَطت من الْقَصعَة
فعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات كل ذَلِك تقهقه السَّمَكَة وتضرب حَتَّى تسْقط من الخوان
فَأتى عَالم بني إِسْرَائِيل فَأخْبرهُ فَقَالَ: انْطلق فاذكر رَبك وكل طَعَامك واخس الشَّيْطَان عَنْك فَقَالَ لَهُ: اخف النَّاس انْطلق إِلَى ابْنه فَإِنَّهُ أعلم مِنْهُ فَانْطَلق فاخبره فَقَالَ: ائْتِنِي بِكُل من فِي دَارك مِمَّن لم تَرَ عورتهفأتاه فَنظر فِي وُجُوههم ثمَّ قَالَ: اكشف عَن هَذِه الحبشية فكشف عَنْهَا فَإِذا مثل ذِرَاع الْبكر فَقَالَ: من هَذَا أتيت
فَمَاتَ أَبُو الْفَتى الْعَالم وهتك بهتكه ذَلِك السّتْر وَاحْتَاجَ إِلَيْهِ النَّاس فَأَتَاهُ بني إِسْرَائِيل فَقَالُوا وَيحك
أَنْت كنت أعلمناوأميننا
فَلَمَّا أَن أَكْثرُوا عَلَيْهِ هرب مِنْهُم إِلَى أَن بلغ إِلَى أقْصَى مَوضِع بني إِسْرَائِيل من أَرض البلقاء فاتيح لَهُ امْرَأَة جميلَة تستفتيه فَقَالَ لَهَا: هَل لَك أَن تمكنيني من نَفسك واهب لَك مائَة دِينَار قَالَت: أوخير من ذَلِك تَجِيء إِلَى أَهلِي تتزوّجني وأكون لَك حَلَالا أبدا
قَالَ: فَأَيْنَ مَنْزِلك فوصفت لَهُ فطابت عَلَيْهِ تِلْكَ اللَّيْلَة
فَمضى فَإِذا هُوَ بكلبة تنبح فِي بَطنهَا جراؤها قَالَ: مَا أعجب هَذَا قيل لَهُ: إمضِ
لَا تكونن مُكَلّفا فَسَوف يَأْتِيك خبر هَذَا فَمضى فَإِذا هُوَ بِرَجُل يحمل حِجَارَة كلما ثقلت عَلَيْهِ وَسَقَطت مِنْهُ زَاد عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُ: أَنْت لَا تَسْتَطِيع تحمل هَذَا تزيد عَلَيْهِ قَالَ: امضِ
لَا تكونن مُكَلّفا سَوف يَأْتِيك خبر هَذَا
فَمضى فَإِذا هُوَ بِرَجُل يَسْتَقِي من بِئْر ويصبه فِي حَوْض إِلَى جنب الْبِئْر وَفِي الْحَوْض ثقب فالماء يرجع إِلَى الْبِئْر قَالَ لَهُ: لَو سددت الْجُحر استمسك لَك المَاء قَالَ: امْضِ
لَا تكونن مُكَلّفا سَوف يَأْتِيك خبر هَذَا فَمضى فَإِذا هُوَ بظبية وَرجل رَاكب عَلَيْهَا وَآخر يحلبها وَآخر يمسك بقرنيها وَآخَرُونَ يمسكون بقوائمها قَالَ: مَا أعجب هَذَا قَالَ لَهُ: امضِ
لَا تكونن مُكَلّفا سَوف يَأْتِيك خبر هَذَا فَمضى فَإِذا هُوَ بِرَجُل يبذر بذراً فَلَا يَقع على الأَرْض حَتَّى ينْبت ثمَّ مضى فَإِذا هُوَ
718
فَمضى فَإِذا هُوَ بِالْقصرِ الَّذِي وعدته وَإِذا دونه نهر وَإِذا رجل جَالس على سَرِير فَقَالَ لَهُ: كَيفَ الطَّرِيق إِلَى هَذَا الْقصر وَلَقَد رَأَيْت فِي لَيْلَتي أَعَاجِيب قَالَ: مَا هِيَ فَذكر الكلبة
قَالَ: يَأْتِي على النَّاس زمَان يثب الصَّغِير على الْكَبِير والوضيع على الشريف وَالسَّفِيه على الْحَلِيم
وَذكر لَهُ الَّذِي يحمل الْحِجَارَة قَالَ: يَأْتِي على النَّاس زمَان يكون عِنْد الرجل الأمانه فَلَا يقدر يُؤَدِّيهَا وَيزِيد عَلَيْهَا
وَذكر لَهُ الَّذِي يَسْتَقِي قَالَ: يَأْتِي على النَّاس زمَان يتَزَوَّج الرجل الْمَرْأَة لَا يَتَزَوَّجهَا لدينها وَلَا حسب وَلَا جمال إِنَّمَا يُرِيد مَالهَا وَتَكون لَا تَلد فَيكون كل شَيْء مِنْهُ يرجع فِيهَا
وَذكر لَهُ الظبيه قَالَ: هِيَ الدُّنْيَا
أما الرَّاكِب عَلَيْهَا فالملك
وَأما الَّذين يحلبونها فَهُوَ أطيب النَّاس عَيْشًا
وَأما الَّذِي يمسك بقرنيها فَمن أيبس النَّاس عَيْشًا
وَأما الَّذِي يمسك ذنبها فَالَّذِي لَا يَأْتِيهِ رزقه إِلَّا قوتاً
وَالَّذين يمسكون بقوائمها فسفلة النَّاس
وَذكر لَهُ الْبذر قَالَ: يَأْتِي على النَّاس زمَان لَا يدْرِي مَتى يتزوّج الرجل وَمَتى يُولد الْمَوْلُود وَمَتى قد بلغ
وَذكر لَهُ الَّذِي يحصد فَقَالَ: ذَاك ملك الْمَوْت يحصد الصَّغِير وَالْكَبِير وَأَنا هُوَ بَعَثَنِي الله إِلَيْك لأقبض روحك على أسوء أحوالك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ
أَنه شرب مَاء بَارِد فَبكى فَقيل لَهُ: مَا يبكيك فَقَالَ: ذكرت آيَة فِي كتاب الله ﴿وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون﴾ فَعرفت أَن أهل النَّار لَا يشتهون إِلَّا المَاء الْبَارِد وَقد قَالَ الله ﴿أفيضوا علينا من المَاء﴾ الْأَعْرَاف الْآيَة ٥٠
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿إِنَّهُم كَانُوا فِي شكّ مريب﴾ قَالَ: إيَّاكُمْ وَالشَّكّ والريبة فَإِنَّهُ من مَاتَ على شكّ بعث عليهومن مَاتَ على يَقِين بعث عَلَيْهِ
وَالله أعلم ٧
719

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

سُورَة فاطر
مَكِّيَّة وآياتها خمس وَأَرْبَعُونَ
مُقَدّمَة سُورَة فاطر
أخرج ابْن الضريس وَالْبُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزلت سُورَة فاطر بِمَكَّة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُورَة الْمَلَائِكَة مَكِّيَّة
وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن أبي ملكية قَالَ: كنت أقوم بِسُورَة الْمَلَائِكَة فِي رَكْعَة
الْآيَة ١
3
Icon