تفسير سورة الطلاق

أحكام القرآن
تفسير سورة سورة الطلاق من كتاب أحكام القرآن .
لمؤلفه البيهقي . المتوفي سنة 458 هـ

قَالَ الشَّيْخُ: وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ احْتَجَّ فِي ذَلِكَ (أَيْضًا) :
بِهَذِهِ الْآيَةِ «١».
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «٢» :«قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ: ٦٥- ١). قَالَ:
وَقُرِئَتْ «٣»
:(لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ «٤» ) وَهُمَا لَا يَخْتَلِفَانِ فِي مَعْنَى «٥».». وَرُوِيَ [ذَلِكَ «٦» ] عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) :« «٧» وَطَلَاقُ السُّنَّةِ- فِي الْمَرْأَةِ: الْمَدْخُولِ
(١) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٢٠- ٣٢١) : أثر ابْن عَبَّاس، وَغَيره:
من الْأَحَادِيث والْآثَار الَّتِي تؤيد ذَلِك. وَانْظُر مَا علق بِهِ صَاحب الْجَوْهَر النقي، على أثر ابْن عَبَّاس وتأمله.
(٢) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١٦٢).
(٣) فى الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ٦٨) :«وَقد قُرِئت». [.....]
(٤) أَو: (فى قبل عدتهن) على شكّ الشَّافِعِي فى الرِّوَايَة. كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١٦٢ و١٩١).
(٥) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٢٣). وَعبارَة الْمُخْتَصر:
«وَالْمعْنَى وَاحِد».
(٦) الظَّاهِر تعين مثل هَذِه الزِّيَادَة أَي: روى الشَّافِعِي الْقِرَاءَة بِهَذَا الْحَرْف عَنهُ.
وَقد روى أَيْضا: عَن النَّبِي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَابْن عَبَّاس، وَمُجاهد. انْظُر الْأُم، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٢٣ و٣٢٧ و٣٣١- ٣٣٢ و٣٣٧).
(٧) قَالَ فى الْأُم (ج ٥ ص ١٦٢- ١٦٣) :«فَبين (وَالله أعلم) فى كتاب الله (عز وَجل) - بِدلَالَة سنة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَن طَلَاق السّنة [مَا فى الْأُم: أَن الْقُرْآن وَالسّنة. وَهُوَ محرف قطعا]- فى الْمَرْأَة الْمَدْخُول بهَا الَّتِي تحيض، دون من سواهَا:
من المطلقات.-: أَن تطلق لقبل عدتهَا وَذَلِكَ: أَن حكم الله (تَعَالَى) : أَن الْعدة على الْمَدْخُول بهَا وَأَن النَّبِي إِنَّمَا يَأْمر بِطَلَاق طَاهِر من حَيْضهَا: الَّتِي يكون لَهَا طهر وحيض.»

ثمَّ قَالَ (كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى أَيْضا: ج ٧ ص ٣٢٥) :«وَبَين: أَن الطَّلَاق يَقع على الْحَائِض لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُؤمر بالمراجعة: من لزمَه الطَّلَاق فَأَما من لم يلْزمه الطَّلَاق: فَهُوَ بِحَالهِ قبل الطَّلَاق. وَقد أَمر الله» إِلَى آخر مَا سَيذكرُ بعد.
220
بِهَا، الَّتِي تَحِيضُ «١».-: أَنْ يُطَلِّقَهَا: طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ «٢»، فِي الطُّهْرِ الَّذِي خَرَجَتْ [إلَيْهِ «٣» ] مِنْ حَيْضَةٍ، أَوْ نِفَاسٍ «٤».».
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٥» :«وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) : بِالْإِمْسَاكِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالتَّسْرِيحِ بِالْإِحْسَانِ. وَنَهَى عَنْ الضَّرَرِ.»
«وَطَلَاقُ الْحَائِضِ: ضَرَرٌ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا: لَا زَوْجَةٌ، وَلَا فِي أَيَّامِ تَعْتَدُّ فِيهَا مِنْ زَوْجٍ-: مَا كَانَتْ فِي الْحَيْضَةِ. وَهِيَ: إذَا طَلُقَتْ-: وَهِيَ تَحِيضُ.-
بَعْد جِمَاعٍ: لَمْ تَدْرِ، وَلَا زَوْجُهَا: عِدَّتُهَا: الْحَمْلُ، أَوْ الْحَيْضُ؟.»

«وَيُشْبِهُ: أَنْ يَكُون أَرَادَ: أَنْ يَعْلَمَا مَعًا الْعِدَّةَ لِيَرْغَبَ الزَّوْجُ، وَتُقْصَرُ الْمَرْأَةُ عَنْ الطَّلَاقِ: إذَا «٦» طَلَبَتْهُ.».
(١) رَاجع فى الْأُم (ج ٥ ص ١٦٣) كَلَامه فى طَلاقهَا إِذا كَانَ الزَّوْج غَائِبا وراجع أَيْضا فى الْأُم (ج ٥ ص ١٩٣) كَلَامه فى طَلَاق السّنة فى الْمُسْتَحَاضَة. فكلاهما مُفِيد جدا.
(٢) انْظُر كَلَامه فى الْأُم (ج ٥ ص ١٦٥) قبيل آخر الْبَحْث.
(٣) لَعَلَّ هَذِه الزِّيَادَة متعينة: لِأَن شَرط الْحَذف لم يتَحَقَّق فتامل.
(٤) انْظُر كَلَامه فى الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ٧٠). وراجع بَاب طَلَاق الْحَائِض، فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٣١٦- ٣١٨).
(٥) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١٦٣).
(٦) فى الْأُم: «إِن» وراجع بَقِيَّة كَلَامه فِيهَا.
221
(نَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو- قَالَا: نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «١» :«ذَكَر اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) الطَّلَاقُ، فِي كِتَابِهِ، بِثَلَاثَةِ أَسْمَاءٍ: الطَّلَاقِ، وَالْفِرَاقِ، وَالسَّرَاحِ «٢». فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ «٣» : ٦٥- ١) وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ. فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ: ٦٥- ٢) وَقَالَ لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فِي أَزْوَاجِهِ «٤» :(إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها: فَتَعالَيْنَ: أُمَتِّعْكُنَّ، وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا: ٣٣- ٢٨).».
زَادَ أَبُو سَعِيدٍ- فِي رِوَايَتِهِ-: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٥» :«فَمَنْ خَاطَبَ امْرَأَتَهُ، فَأَفْرَدَ لَهَا اسْمًا مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ. «٦» -: لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَلَمْ يُنَوَّ «٧» فِي الْحُكْمِ، وَنَوَّيْنَاهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ «٨».».
(١) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٤٠).
(٢) انْظُر الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ٧٣).
(٣) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٢١- ٣٢٢).
(٤) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٧- ٣٨) : حَدِيث عَائِشَة فى تَخْيِير النَّبِي أَزوَاجه. [.....]
(٥) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٤٠) وَقد ذكره إِلَى قَوْله: الطَّلَاق فى السّنَن الكبري (ج ٧ ص ٣٤٠).
(٦) فى الْأُم زِيَادَة مبينَة، وهى: «فَقَالَ: أَنْت طَالِق، أَو قد طَلقتك، أَو قد فارقتك أَو قد سرحتك.».
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الظَّاهِر وفى الأَصْل: «وَإِن لم يُنَوّه». وَلَعَلَّ التحريف وَالزِّيَادَة من النَّاسِخ.
(٨) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «ويسعه- إِن لم يرد بشىء مِنْهُ طَلَاقا-: أَن يمْسِكهَا.
وَلَا يَسعهَا: أَن تقيم مَعَه، لِأَنَّهَا لَا تعرف: من صدقه، مَا يعرف: من صدق نَفسه.»
.
222
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «١» :«قَالَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) فِي الْمُطَلَّقَاتِ: (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ «٢»، وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا: أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ: ٦٥- ١).»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْفَاحِشَةُ «٣» : أَنْ تَبْذُوَ «٤» عَلَى أَهْلِ زَوْجِهَا، فَيَأْتِيَ مِنْ ذَلِكَ: مَا يُخَافُ «٥» الشِّقَاقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمْ.»
«فَإِذَا فَعَلَتْ: حَلَّ لَهُمْ «٦» إخْرَاجُهَا وَكَانَ عَلَيْهِمْ «٧» : أَنْ يُنْزِلُوهَا مَنْزِلًا غَيْرَهُ «٨».». وَرَوَى الشَّافِعِيُّ مَعْنَاهُ «٩» - بِإِسْنَادِهِ- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «١٠».
(١) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢١٧). [.....]
(٢) رَاجع فى الْأُم (ج ٥ ص ٢١٦- ٢١٧) كَلَامه فى سُكْنى المطلقات: فَهُوَ مُفِيد جدا.
(٣) هَذَا إِلَى آخر الْكَلَام، غير مَوْجُود بِالْأُمِّ ونرجح أَنه سقط من نسخهَا. وَلم نعثر عَلَيْهِ فى مَكَان آخر من الْأُم وَسَائِر كتب الشَّافِعِي.
(٤) فِي الأَصْل: «تبدوا» وَهُوَ تَحْرِيف
(٥) أَي مِنْهُ وبسببه. وَكَثِيرًا مَا يحذف مثل هَذَا
(٦) أَي: للأزواج المخاطبين فى الْآيَة.
(٧) أَي: للأزواج المخاطبين فى الْآيَة.
(٨) قَالَ فى الْأُم (ص ٢١٨) :«فاذا ابذت الْمَرْأَة على أهل زَوجهَا، فجأء من بذائها مَا يخَاف تساعر بذاءة إِلَى تساعر الشَّرّ-: فلزوجها، إِن كَانَ حَاضرا: إِخْرَاج أَهله عَنْهَا فَإِن لم يخرجهم: أخرجهَا إِلَى منزل غير منزله فحصنها فِيهِ.» إِلَخ فَرَاجعه فانه مُفِيد.
(٩) بِلَفْظ: «الْفَاحِشَة المبينة: أَن تبذو على أهل زَوجهَا، فَإِذا بذت: فقد حل إخْرَاجهَا.». وَانْظُر مُسْند الشَّافِعِي (بِهَامِش الْأُم: ج ٦ ص ٢٢٠)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٣١- ٤٣٢).
(١٠) ثمَّ قَالَ- كَمَا فى الْأُم (ص ٢١٨)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ص ٤٣٢) -: «وَسنة رَسُول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) - فى حَدِيث فَاطِمَة بنت قيس- تدل: على أَن مَا تَأَول ابْن عَبَّاس، فى قَول الله عز وَجل: (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) هُوَ: الْبذاء على أهل زَوجهَا كَمَا تَأَول إِن شَاءَ الله تَعَالَى». وَانْظُر الْأُم (ج ٥ ص ٩٨)، والمختصر (ج ٥ ص ٢٧- ٢٩). وراجع قصَّة فَاطِمَة، فى السّنَن الْكُبْرَى (ص ٤٣٢- ٤٣٤)، وَفتح الْبَارِي (ج ٩ ص ٣٨٦- ٣٩٠)
255
(بِها، وَيُسْتَهْزَأُ بِها: فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ، حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) الْآيَةَ: (٤- ١٤٠).».
«الْإِذْنُ «١» بِالْهِجْرَةِ»
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٢» (رَحِمَهُ اللَّهُ) :«وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ مُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ، زَمَانًا: لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فِيهِ بِالْهِجْرَةِ مِنْهَا ثُمَّ أَذِنَ اللَّهُ لَهُمْ بِالْهِجْرَةِ، وَجَعَلَ لَهُمْ مَخْرَجًا. فَيُقَالُ: نَزَلَتْ: «٣» (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً: ٦٥- ٢).»
«فَأَعْلَمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : أَنْ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ [بِالْهِجْرَةِ «٤» ] مَخْرَجًا قَالَ «٥» :(وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً) الْآيَةَ: (٤- ١٠٠) وَأَمَرَهُمْ: بِبِلَادِ الْحَبَشَةِ «٦». فَهَاجَرَتْ إلَيْهَا [مِنْهُمْ «٧» ] طَائِفَةٌ.»
ثُمَّ دَخَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ [فِي «٨» ] الْإِسْلَامِ «٩» : فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّى الله
(١) كَذَا بِالْأُمِّ (ج ٤ ص ٨٣)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٩ ص ٩). وفى الأَصْل «الْأَذَان»، وَالزِّيَادَة من النَّاسِخ.
(٢) كَمَا فى الْأُم (ج ٤ ص ٨٣- ٨٤).
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «فَنزلت» وَالظَّاهِر أَن الزِّيَادَة من النَّاسِخ.
(٤) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(٥) فى الْأُم: «وَقَالَ» وَهُوَ عطف على قَوْله: «جعل». وَمَا فى الأَصْل:
بَيَان لما تقدم. والمؤدى وَاحِد.
(٦) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٩ ص ٩) : حَدِيث أم سَلمَة فى ذَلِك. وراجع الْكَلَام عَن هِجْرَة الْحَبَشَة: فى فتح الْبَارِي (ج ٧ ص ١٢٩- ١٣٢).
(٧) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(٨) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(٩) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ص ٩) : حَدِيث جَابر بن عبد الله فى ذَلِك.
11
قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «١» :«قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ-: مِنْ نِسائِكُمْ.-: فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ»
: ٤- ١٥).»
«فَسَمَّى اللَّهُ فِي الشَّهَادَةِ: فى الْفَاحِشَة- والفاحشة هَاهُنَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) :
الزِّنَا «٣»
.-: أَرْبَعَةَ شُهُودٍ. فَلَا «٤» تَتِمُّ الشَّهَادَةُ: فِي الزِّنَا إلَّا: بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ، لَا امْرَأَةَ فِيهِمْ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الشُّهَدَاءِ «٥» : الرِّجَالُ خَاصَّةً دُونَ النِّسَاءِ «٦».». وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي الْحُجَّةِ عَلَى هَذَا «٧».
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٨» :«قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ: فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ: ٦٥- ٢).»
(١) كَمَا فى الْأُم (ج ٧ ص ٧٥).
(٢) فى الْأُم زِيَادَة: «فَإِن شهدُوا، الْآيَة».
(٣) فى الْأُم زِيَادَة: «وفى الزِّنَا»، أَي: وفى الْقَذْف بِهِ، كَمَا فى آيَة النُّور: (٤) الْآتِيَة قَرِيبا.
(٤) فى الْأُم: «وَلَا». وَمَا فى الأَصْل أحسن.
(٥) كَذَا فى الْأُم. وفى الأَصْل «الشهد»، وَهُوَ تَحْرِيف.
(٦) قَالَ فى شرح مُسلم (ج ١١ ص ١٩٢) :«وَأَجْمعُوا: على أَن الْبَيِّنَة أَرْبَعَة شُهَدَاء ذُكُور عدُول. هَذَا إِذا شهدُوا على نفس الزِّنَا. وَلَا يقبل دون الْأَرْبَعَة: وَإِن اخْتلفُوا فى صفاتهم،».
(٧) حَيْثُ اسْتدلَّ: بآيتى النُّور: (٤ و١٣)، وَحَدِيث أَبى هُرَيْرَة، وأثرى على وَعمر، وَالْإِجْمَاع. فراجع كَلَامه، وراجع الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ٢٤٦)، وَاخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٣٤٩) وَشرح مُسلم (ج ١٠ ص ١٣١)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٢٣٠ و٢٣٤ وَج ١٠ ص ١٤٧- ١٤٨).
(٨) كَمَا فى الْأُم (ج ٧ ص ٧٦) وَانْظُر الْمُخْتَصر.
130
«فَأَمَرَ اللَّهُ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ: بِالشَّهَادَةِ وَسَمَّى فِيهَا:
عَدَدَ الشَّهَادَةِ فَانْتَهَى: إلَى شَاهِدَيْنِ.»

«فَدَلَّ ذَلِكَ: عَلَى أَنَّ كَمَالَ الشَّهَادَةِ فِي «١» الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ: شَاهِدَانِ «٢» لَا نِسَاءَ فِيهِمَا «٣». لِأَنَّ شَاهِدَيْنِ لَا يَحْتَمِلُ بِحَالٍ «٤»، أَنْ يَكُونَا إلَّا رَجُلَيْنِ «٥»
«وَدَلَّ «٦» أَنِّي لَمْ أَلْقَ مُخَالِفًا: حَفِظْتُ عَنْهُ-: مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.-
أَنَّ «٧» حَرَامًا أَنْ يُطَلِّقَ: بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ عَلَى: أَنَّهُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) : دَلَالَةُ اخْتِيَارٍ «٨». وَاحْتَمَلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الرَّجْعَةِ-: مِنْ هَذَا.- مَا احْتَمَلَ الطَّلَاقُ.».
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ، إلَى أَنْ قَالَ: «وَالِاخْتِيَارُ «٩» فِي هَذَا، وَفِي غَيْرِهِ-:
مِمَّا أَمَرَ فِيهِ [بِالشَّهَادَةِ «١٠» ].-: الْإِشْهَادُ «١١».».
(١) فى الْأُم: «على» وَكِلَاهُمَا صَحِيح.
(٢) انْظُر مَا قَالَه بعد ذَلِك.
(٣) فى الْأُم: «فيهم» وَهُوَ ملائم لسابق مَا فِيهَا: مِمَّا لم يذكر هُنَا.
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «محَال» وَهُوَ تَصْحِيف. [.....]
(٥) فى الْأُم بعد ذَلِك: «فَاحْتمل أَمر الله: بِالْإِشْهَادِ فى الطَّلَاق وَالرَّجْعَة مَا احْتمل أمره: بِالْإِشْهَادِ فى الْبيُوع. وَدلّ» إِلَى آخر مَا سيأتى.
(٦) فى الأَصْل: «وَذَاكَ» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٧) هَذَا مفعول لقَوْله: حفظت فَتنبه.
(٨) فى الْأُم زِيَادَة: «لَا فرض: يعْصى بِهِ من تَركه، وَيكون عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ: إِن فَاتَ فى مَوْضِعه.».
(٩) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «وَاخْتِيَار» وَهُوَ محرف عَمَّا ذكرنَا، أَو عَن:
«واختياري».
(١٠) زِيَادَة متعينة عَن الْأُم ذكر بعْدهَا: «وَالَّذِي لَيْسَ فى النَّفس مِنْهُ شىء».
(١١) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «بِالْإِشْهَادِ» وَالزِّيَادَة من النَّاسِخ.
131
(بِهِ ثَمَناً: وَلَوْ كانَ ذَا قُرْبى: ٥- ١٠٦) وَإِنَّمَا الْقَرَابَةُ: بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : مِنْ الْعَرَبِ أَوْ: بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الْأَوْثَانِ. لَا: بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ. وَقَوْلُ «١» [اللَّهِ] :(وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ: إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ: ٥- ١٠٦) فَإِنَّمَا يَتَأَثَّمُ مِنْ كِتْمَانِ الشَّهَادَةِ [لِلْمُسْلِمِينَ «٢» ] : الْمُسْلِمُونَ لَا: أَهْلُ الذِّمَّةِ.»
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٣» :«وَقَدْ سَمِعْت مَنْ يَذْكُرُ: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ: مِنْكُمْ: ٦٥- ٢) «٤» وَاَللَّهُ أَعْلَمُ «٥»
ثُمَّ جَرَى فِي سِيَاقِ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) أَنَّهُ قَالَ: «قُلْت لَهُ: إنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ «٦» : فِي وَصِيَّةِ مُسْلِمٍ «٧» أَفَتُجِيزُهَا: فِي وَصِيَّةِ مُسْلِمٍ
(١) فى الأَصْل: «وَقَالُوا» وَالظَّاهِر: أَنه محرف. والتصحيح وَالزِّيَادَة من الْأُم.
وفى السّنَن: «وَيَقُول الله»، وَفِيه تَصْحِيف.
(٢) زِيَادَة جَيِّدَة أَو متعينة، عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(٣) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ١٢٨).
(٤) نسب النّحاس، القَوْل بالنسخ، إِلَى زيد بن أَرقم، وَمَالك، وأبى حنيفَة: (وَإِن خَالف غَيره، فَقَالَ: بِجَوَاز شَهَادَة أهل الذِّمَّة بَعضهم على بعض.) وَالشَّافِعِيّ: وَهُوَ يُعَارض مَا سيصرح بِهِ آخر الْبَحْث. وَذكر فى الْفَتْح: أَن النَّاسِخ آيَة الْبَقَرَة: (٢٨٢) - وَلَا تعَارض- وَأَن الْقَائِلين بالنسخ احْتَجُّوا: بِالْإِجْمَاع على رد شَهَادَة الْفَاسِق وَالْكَافِر شَرّ مِنْهُ. ثمَّ رد عَلَيْهِ:
بِمَا ينبغى مُرَاجعَته. وَانْظُر النَّاسِخ والمنسوخ، وتفسيرى الْقُرْطُبِيّ (ج ٦ ص ٣٥٠) والشوكانى (ج ٢ ص ٨٢).
(٥) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى، زِيَادَة: «وَرَأَيْت مفتى أهل دَار الْهِجْرَة وَالسّنة، يفتون: أَن لَا تجوز شَهَادَة غير الْمُسلمين الْعُدُول.». وراجع فى السّنَن: تَحْقِيق مَذْهَب ابْن الْمسيب.
(٦) أَي: آيَة: (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) الَّتِي احْتج بهَا الْخصم.
(٧) فى الْأُم زِيَادَة: «فى السّفر».
146
فِي «١» السَّفَرِ؟. قَالَ: لَا. قُلْتُ: أَوْ تُحَلِّفُهُمْ: إذَا شَهِدُوا. ؟. قَالَ: لَا.
قُلْتُ: وَلِمَ: وَقَدْ تَأَوَّلْت: أَنَّهَا فِي وَصِيَّةِ مُسْلِمٍ. ؟!. قَالَ: لِأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ قُلْتُ: فَإِنْ نُسِخَتْ فِيمَا أُنْزِلَتْ فِيهِ-: فَلِمَ «٢» تُثْبِتُهَا فِيمَا لَمْ تُنْزَلْ فِيهِ؟! «٣».».
وَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) - عَنْ الْآيَةِ-: بِجَوَابٍ آخَرَ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ «٤»، وَغَيْرِهِ: فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ.
وَذَلِكَ: فِيمَا أَخْبَرَنَا «٥» أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَ: نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ «٦» :«أَخْبَرَنِي أَبُو سَعِيدٍ «٧» : مُعَاذُ بْنُ مُوسَى
(١) عبارَة الْأُم: «بِالسَّفرِ». وراجع بَيَان من قَالَ بجوازها حِينَئِذٍ-:
كَانَ عَبَّاس وأبى مُوسَى وَعبد الله بن قيس، وَشُرَيْح وَابْن جُبَير، وَالثَّوْري وأبى عبيد، وَالْأَوْزَاعِيّ وَأحمد-: فى النَّاسِخ والمنسوخ (ص ١٣١- ١٣٢)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ص ١٦٥- ١٦٦)، وَالْفَتْح. لفائدته فى شرح الْمذَاهب كلهَا.
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «ثمَّ نثبتها» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٣) أَي: فَتَقول: بِجَوَاز شَهَادَة بَعضهم على بعض. مَعَ أَنه لَا يكون- حِينَئِذٍ- إِلَّا:
من طَرِيق الْقيَاس: الَّذِي يتَوَقَّف على ثُبُوت حكم الأَصْل وَهُوَ قد نسخ باعترافك. ؟!.
والطريقية مناظرته. ثمَّ رَاجع كَلَامه فى الْأُم (ج ٧ ص ١٤- ١٥ و٢٩) : فَهُوَ يزِيد مَا هُنَا قُوَّة ووضوحا. وَانْظُر الْمُخْتَصر (ص ٢٥٣). [.....]
(٤) فى الأَصْل وَالأُم- هُنَا وَفِيمَا سيأتى-: «حبَان» وَهُوَ تَصْحِيف. انْظُر الْخُلَاصَة (ص ٣٣٠)، والتاج (مَادَّة: قتل).
(٥) ورد فى الأَصْل بِصِيغَة الِاخْتِصَار: «أَنا» والأليق مَا ذكرنَا.
(٦) كَمَا فى الْأُم (ج ٤ ص ١٢٨- ١٢٩). وَقد ذكر فى تَفْسِير الطَّبَرِيّ (ج ٧ ص ٧٦) وَذكر بعضه فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ١٠ ص ١٦٥) : بعد أَن أخرجه كَامِلا بِزِيَادَة (ص ١٦٤)، من طَرِيق الْحَاكِم بِإِسْنَاد آخر، عَن مقَاتل.
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى وَهُوَ الصَّحِيح. وفى الأَصْل: «أَبُو سعد... بكر» وَعبارَة الطَّبَرِيّ: «سعيد بن معَاذ... بكر». وَكِلَاهُمَا تَحْرِيف. انْظُر الْخُلَاصَة (ص ٤٥)، وَمَا تقدم (ج ١ ص ٢٧٥- ٢٧٦).
147
الْجَعْفَرِيُّ «١» عَنْ بُكَيْر بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ (قَالَ بُكَيْر: قَالَ مُقَاتِلٌ: أَخَذْتُ هَذَا التَّفْسِيرَ، عَنْ: مُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ، وَالضَّحَّاكِ.) -: فِي قَوْلِ «٢» اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ: مِنْكُمْ «٣» أَوْ آخَرانِ: مِنْ غَيْرِكُمْ) الْآيَةَ.-: أَنَّ رَجُلَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ: مِنْ أَهْلِ دَارِينَ «٤» أَحَدُهُمَا: تَمِيمِيٌّ وَالْآخَرُ يَمَانِيٌّ (وَقَالَ «٥» غَيْرُهُ: مِنْ أَهْلِ دَارِينَ أَحَدُهُمَا «٦». تَمِيمٌ وَالْآخَرُ: عَدِيٌّ.) -: صَحِبَهُمَا
(١) فى بعض نسخ السّنَن الْكُبْرَى. «الْجعْفِيّ».
(٢) عبارَة الْأُم: «قَوْله تبَارك وَتَعَالَى».
(٣) فى الْأُم بعد ذَلِك: «الْآيَة» وَلم يذكر فى الطَّبَرِيّ. وَذكر فى رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ الْأُخْرَى:
إِلَى هُنَا ثمَّ قَالَ: «يَقُول: شَاهِدَانِ ذَوا عدل مِنْكُم: من أهل دينكُمْ (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) يَقُول: يهوديين أَو نَصْرَانِيين قَوْله: (إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) وَذَلِكَ: أَن رجلَيْنِ... ».
(٤) هى: قَرْيَة فى بِلَاد فَارس، على شاطىء الْبَحْر. أَو: فرضة بِالْبَحْرَيْنِ يجلب إِلَيْهَا الْمسك من الْهِنْد. انْظُر معجمى الْبكْرِيّ وَيَاقُوت.
(٥) مَا بَين القوسين لَيْسَ بِالْأُمِّ وَلَا الطَّبَرِيّ وَهُوَ من كَلَام الْبَيْهَقِيّ.
(٦) عبارَة الأَصْل: «أَحدهمَا تميمى، وَالْآخر يمانى» وهى محرفة قطعا. والتصحيح عَن رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ وَالْبُخَارِيّ وأبى دَاوُد وَغَيرهم. وهما: تَمِيم بن أَوْس، وعدى بن بداء (بِفَتْح الْبَاء وَالدَّال الْمُشَدّدَة. وَذكر مُصحفا: بِالذَّالِ، فِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ) أَو ابْن زيد.
انْظُر أَيْضا تَفْسِير الْقُرْطُبِيّ (ج ٦ ص ٣٤٦)، وكتابى النَّاسِخ والمنسوخ للنحاس (ص ١٣٣) وَابْن سَلامَة (ص ١٥٧)، وَأَسْبَاب النُّزُول للواحدى [ص ١٥٩]، وَتَفْسِير الْفَخر (ج ٣ ص ٤٦٠).
148
مَوْلًى «١» لِقُرَيْشٍ فِي تِجَارَةٍ، فَرَكِبُوا «٢» الْبَحْرَ: وَمَعَ الْقُرَشِيِّ مَالٌ مَعْلُومٌ، قَدْ عَلِمَهُ أَوْلِيَاؤُهُ- مِنْ بَيْنِ آنِيَةٍ، وَبَزٍّ، وَرِقَةٍ «٣».- فَمَرِضَ الْقُرَشِيُّ: فَجَعَلَ وَصِيَّتَهُ إلَى الدَّارِيَيْنِ فَمَاتَ، وَقَبَضَ «٤» الدَّارِيَانِ الْمَالَ «٥» وَالْوَصِيَّةَ:
فَدَفَعَاهُ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ، وَجَاءَا بِبَعْضِ مَالِهِ. فَأَنْكَرَ «٦» الْقَوْمُ قِلَّةَ الْمَالِ، فَقَالُوا لِلدَّاريِّينَ: إنَّ صَاحِبَنَا قَدْ خَرَجَ: وَمَعَهُ «٧» مَالٌ أَكْثَرُ «٨» مِمَّا أَتَيْتُمُونَا «٩» بِهِ فَهَلْ بَاعَ شَيْئًا، أَوْ اشْتَرَى [شَيْئًا «١٠» ] : فَوَضَعَ فِيهِ أَوْ «١١» هَلْ طَالَ مَرَضُهُ: فَأَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ؟. قَالَا: لَا. قَالُوا «١٢» : فَإِنَّكُمَا خُنْتُمُونَا «١٣».
فَقَبَضُوا الْمَالَ، وَرَفَعُوا أَمْرَهُمَا إلَى النَّبِيِّ «١٤» (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : فَأَنْزَلَ
(١) هُوَ رجل من بنى سهم كَمَا فى رِوَايَة البُخَارِيّ وأبى دَاوُد وَغَيرهمَا.
(٢) رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ: بِالْوَاو.
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ وَغَيرهَا. وفى الأَصْل: «من بَين ابْنه وبن ورقه» ثمَّ ضرب على الْكَلِمَة الْأَخِيرَة، وَذكر بعْدهَا: «ورق» بِدُونِ وَاو أُخْرَى. وَهُوَ تَصْحِيف وعبث من النَّاسِخ. والبز: الثِّيَاب والرقة وَالْوَرق: الدَّرَاهِم المضروبة
(٤) رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ: بِالْفَاءِ [.....]
(٥) فى رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ بعد ذَلِك: «فَلَمَّا رجعا من تجارتهما: جَاءَا بِالْمَالِ وَالْوَصِيَّة» إِلَخ
(٦) فى الْأُم والطبري: بِالْوَاو. وَرِوَايَة الْبَيْهَقِيّ: «فاستنكر».
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ وَعبارَة الأَصْل والطبري وَالْبَيْهَقِيّ: «مَعَه بِمَال» وَالظَّاهِر- بِقَرِينَة مَا قبل وَمَا بعد- أَنَّهَا محرفة عَمَّا ذكرنَا، أَو عَن: «مَعَكُمَا بِمَال». فَتَأمل.
(٨) عبارَة الْبَيْهَقِيّ: «كثير» وَمَا هُنَا أحسن.
(٩) عبارَة الْأُم: «أتيتمانا» وَعبارَة الْبَيْهَقِيّ: «أتيتما» وَالْكل صَحِيح.
(١٠) زِيَادَة حَسَنَة عَن الْأُم وَغَيرهَا.
(١١) عبارَة الْبَيْهَقِيّ: «أم».
(١٢) فى الأَصْل: «قَالَ» وَهُوَ تَحْرِيف. والتصحيح عَن الْأُم وَغَيرهَا.
(١٣) فى الْأُم والطبري: «خنتمانا». وَعبارَة الْبَيْهَقِيّ: «خنتما لنا» وهى محرفة عَن: «خنتما مالنا».
(١٤) عبارَة الْأُم: «رَسُول الله».
149
اللَّهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: شَهادَةُ بَيْنِكُمْ) «١» إلَى آخِرِ الْآيَةِ «٢».
فَلَمَّا نَزَلَتْ «٣» :(تَحْبِسُونَهُما «٤» مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ) : أَمَرَ «٥» النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الدَّارِيَيْنِ فَقَامَا بَعْدَ الصَّلَاةِ: فَحَلَفَا بِاَللَّهِ رَبِّ السَّمَوَاتِ: مَا تَرَكَ مَوْلَاكُمْ: مِنْ الْمَالِ، إلَّا مَا أَتَيْنَاكُمْ بِهِ وَإِنَّا لَا نَشْتَرِي بِأَيْمَانِنَا ثَمَنًا قَلِيلًا «٦» :
مِنْ الدُّنْيَا (وَلَوْ كانَ ذَا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ: إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ). فَلَمَّا حَلَفَا: خَلَّى سَبِيلَهُمَا. ثُمَّ: إنَّهُمْ وَجَدُوا- بَعْدَ ذَلِكَ- إنَاءً «٧» : مِنْ آنِيَةِ الْمَيِّتِ فَأَخَذَ «٨» الدَّارِيَانِ، فَقَالَا: اشْتَرَيْنَاهُ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ وَكَذَبَا فَكُلِّفَا الْبَيِّنَةَ: فَلَمْ يَقْدِرَا «٩» عَلَيْهَا «١٠». فَرُفِعَ «١١» ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ «١٢» (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (فَإِنْ عُثِرَ) يَقُولُ:
(١) فى رِوَايَة الْأُم وَالْبَيْهَقِيّ، زِيَادَة: «إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت». وَحكى الْقُرْطُبِيّ إِجْمَاع أهل التَّفْسِير: على أَن هَذِه الْقِصَّة هى السَّبَب فى نزُول هَذِه الْآيَة. انْظُر تفسيرى الشوكانى (ج ٢ ص ٨٤) وَالْفَخْر (ص ٤٩٥- ٤٦٠).
(٢) قَالَ الْخطابِيّ فى معالم السّنَن (ج ٤ ص ١٧٢) :«فِيهِ حجَّة لمن رأى: رد الْيَمين على الْمُدعى.».
(٣) عبارَة الطَّبَرِيّ: «نزل».
(٤) عبارَة غير الأَصْل: «أَن يحبسا من بعد الصَّلَاة» أَي: مَا دلّ على ذَلِك. [.....]
(٥) عبارَة الْأُم والطبري: «أَمر...
فقاما»
. وَعبارَة الْبَيْهَقِيّ: «أَمرهمَا... فقاما».
(٦) هَذَا لَيْسَ فى رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ.
(٧) هَذِه عبارَة الْأُم والطبري وَالْبَيْهَقِيّ. وفى الأَصْل «انا» وَهُوَ تَحْرِيف إِلَّا: إِن كَانَ يَصح تسهيله. وَانْظُر الْمِصْبَاح.
(٨) عبارَة الْأُم: «فَأخذُوا الداريين» وَعبارَة الْبَيْهَقِيّ: «وَأخذُوا الداريين».
(٩) فى بعض نسخ السّنَن الْكُبْرَى: «يقدروا».
(١٠) هَذِه عبارَة الْأُم والطبري وَالْبَيْهَقِيّ. وفى الأَصْل: «عَلَيْهِ» وَلَعَلَّه محرف.
(١١) فى غير الأَصْل: «فَرفعُوا».
(١٢) فى الْأُم: «رَسُول الله».
150
الْمَرْءُ عَلَى وَاحِدَةٍ: وَإِنْ أَبَاحَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْهَا «١».».
(أَنَا) أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بَشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، أَنَا أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ اللُّغَوِيُّ (صَاحِبُ ثَعْلَبٍ) - فِي كِتَابِ: (يَاقُوتَةِ الصِّرَاطِ) فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (أَلَّا تَعُولُوا).-: «أَيْ: أَنْ لَا تَجُورُوا «٢» وَ (تَعُولُوا) : تَكْثُرُ عِيَالَكُمْ.».
وَرُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ- فِي هَذِهِ الْآيَةِ-: «ذَلِكَ «٣» أَدْنَى أَنْ لَا يَكْثُرَ مَنْ تَعُولُونَهُ».
(أَنْبَأَنِي) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٤» (رَحِمَهُ اللَّهُ) :«قَالَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) فِي الْمُطَلَّقَاتِ: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ «٥» : ٦٥- ٦) وَقَالَ «٦» :(وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ: فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ، حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ: ٦٥- ٦) «٧»
(١) أنظر مَا قَالَه فى الْأُم بعد ذَلِك.
(٢) هَذَا تَفْسِير باللازم. وفى الأَصْل: «تحوروا» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٣) كَذَا بالسنن الْكُبْرَى (ص ٤٦٦). وفى الأَصْل: «وَذَلِكَ». وَالظَّاهِر أَن الزِّيَادَة من النَّاسِخ.
(٤) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢١٩) وَقد ذكر بعضه فى الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ٧٨) عَليّ مَا ستعرف.
(٥) رَاجع كَلَامه عَن هَذَا، فى الْأُم (ص ٢١٦- ٢١٧). [.....]
(٦) كَذَا بالمختصر وفى الأَصْل: «الْآيَة، وَقَالَ». وَلَا معنى لهَذِهِ الزِّيَادَة كَمَا هُوَ ظَاهر. وفى الْأُم: «الْآيَة إِلَى فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ».
(٧) قَالَ فى الْمُخْتَصر، عقب ذَلِك: «فَلَمَّا أوجب الله لَهَا نَفَقَة بِالْحملِ، دلّ: على أَن لَا نَفَقَة لَهَا بِخِلَاف الْحمل.».
261
«قَالَ: فَكَانَ بَيِّنًا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) - فِي هَذِهِ الْآيَةِ-: أَنَّهَا فِي الْمُطَلَّقَةِ «١» :
لَا يَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا مِنْ قِبَل: أَنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) لِمَا أَمَرَ بِالسُّكْنَى:
عَامًا ثُمَّ قَالَ فِي النَّفَقَةِ: (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ: فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ، حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) - دَلَّ ذَلِكَ «٢» : عَلَى أَنَّ الصِّنْفَ الَّذِي أَمَرَ بِالنَّفَقَةِ عَلَى ذَوَاتِ الْأَحْمَالِ مِنْهُنَّ، صِنْفٌ: دَلَّ الْكِتَابُ: عَلَى «٣» أَنْ لَا نَفَقَةَ عَلَى غَيْرِ ذَوَاتِ الْأَحْمَالِ مِنْهُنَّ. لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ لِمُطَلَّقَةٍ: بِصِفَةٍ «٤» : نَفَقَةٌ-: فَفِي ذَلِكَ، دَلِيلٌ:
عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ «٥» نَفَقَةٌ لِمَنْ كَانَتْ «٦» فِي غَيْرِ صِفَتِهَا: مِنْ الْمُطَلَّقَاتِ.»
«وَلَمَّا «٧» لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا-: مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.- فِي أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ: الَّتِي يَمْلِكُ «٨» زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا فِي مَعَانِي الْأَزْوَاجِ «٩» -: كَانَتْ «١٠» الْآيَةُ عَلَى غَيْرِهَا:
مِنْ الْمُطَلَّقَاتِ «١١».» وَأَطَالَ الْكَلَامُ فِي شَرْحِهِ، وَالْحُجَّةُ فِيهِ «١٢».
(١) فى الْأُم زِيَادَة: «الَّتِي». وَهُوَ أحسن.
(٢) هَذَا غير مَوْجُود بِالْأُمِّ.
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «على النَّفَقَة» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «نصف» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٥) فى الْأُم: «تجب».
(٦) فى الْأُم: «كَانَ» وَهُوَ صَحِيح أَيْضا.
(٧) فى الْأُم: «فَلَمَّا» وَعبارَة الْمُخْتَصر: «وَلَا أعلم خلافًا: أَن الَّتِي يملك رَجعتهَا، فى معانى الْأزْوَاج».
(٨) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «تملك» وَلَعَلَّه محرف.
(٩) قَالَ فى الْمُخْتَصر وَالأُم- بعد ذَلِك-: «فى أَن عَلَيْهِ نَفَقَتهَا وسكناها، وَأَن طَلَاقه وإيلاءه وظهاره ولعانه يَقع عَلَيْهَا، وَأَنَّهَا تَرثه ويرثها».
(١٠) فى الْمُخْتَصر: «فَكَانَت».
(١١) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «وَلم يكن من المطلقات وَاحِدَة تخالفها، إِلَّا: مُطلقَة لَا يملك الزَّوْج رَجعتهَا.».
(١٢) أنظر الْأُم (ص ٢١٩- ٢٢٠)، والمختصر (ص ٧٨- ٧٩). وراجع فى ذَلِك السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٧١- ٤٧٥). [.....]
262
Icon