تفسير سورة السجدة

تفسير مقاتل بن سليمان
تفسير سورة سورة السجدة من كتاب تفسير مقاتل بن سليمان .
لمؤلفه مقاتل بن سليمان . المتوفي سنة 150 هـ
سورة السجدة مكية إلا آية واحدة نزلت بالمدينة في الأنصار
وهي قوله تعالى :﴿ تتجافى جنوبهم ﴾ [ آية : ١٦ ] الآية.
وقال غير مقاتل : فيها ثلاث آيات مدنيات، وهي قوله تعالى :﴿ أفمن كان مؤمنا ﴾ إلى قوله تعالى :﴿ يكذبون ﴾ [ آية : ١٦، ١٧، ١٨ ] وعدد آياتها ثلاثون آية كوفية

﴿ الۤـمۤ ﴾ [آية: ١] ﴿ تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ ﴾ يعني القرآن ﴿ لاَ رَيْبَ فِيهِ ﴾ يعني لا شك فيه أنه نزل ﴿ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ [آية: ٢] جل وعز، لقولهم: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ ﴾ أنه ﴿ ٱفْتَرَاهُ ﴾ محمد صلى الله عليه وسلم من تلقاء نفسه، فأكذبهم الله تعالى.
﴿ بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ ﴾ يعني القرآن ﴿ مِن رَّبِّكَ ﴾ ولو لم يكن من ربك لم يكن حقاً، وكان باطلاً ﴿ لِتُنذِرَ قَوْماً ﴾ يعني كفار قريش ﴿ مَّآ أَتَاهُم ﴾ يقول: لم يأتهم ﴿ مِّن نَّذِيرٍ ﴾ يعني من رسول ﴿ مِّن قَبْلِكَ ﴾ يا محمد ﴿ لَعَلَّهُمْ ﴾ يعني لكي ﴿ يَهْتَدُونَ ﴾ [آية: ٣] من الضلالة.
﴿ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ ﴾ يدل على نفسه عز وجل بصنعه ﴿ وَمَا بَيْنَهُمَا ﴾ يعني السحاب والرياح والجبال والشمس والقمر والنجوم ﴿ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ ﴾ قبل خلق السماوات والأرض وقبل كل شيء ﴿ مَا لَكُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ ﴾ يعني من قريب ينفعكم في الآخرة، يعني كفار مكة ﴿ وَلاَ شَفِيعٍ ﴾ من الملائكة ﴿ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ ﴾ [آية: ٤] فيما ذكر الله عز وجل من صنعه فتوحدونه. ثم قال عز وجل: ﴿ يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ ﴾ يقول: يفصل القضاء وحده ﴿ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ ﴾ فينزل به جبريل صلى الله عليه.
﴿ ثُمَّ يَعْرُجُ ﴾ يقول: ثم يصعد الملك ﴿ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ ﴾ واحد من أيام الدنيا ﴿ كَانَ مِقْدَارُهُ ﴾ أي مقدار ذلك اليوم ﴿ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ﴾ [آية: ٥] أنتم لأن ما بين السماء والأرض مسيرة خمس مائة عام، فلذلك مسيرة ألف سنة كل ذلك في يوم من أيام الدنيا.﴿ ذٰلِكَ ﴾ يعني الذي ذكر من هذه الأشياء ﴿ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ﴾ في ملكه ﴿ ٱلرَّحِيمُ ﴾ [آية: ٦] بخلقه مثلها في يس:﴿ ذٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ ﴾[الأنعام: ٩٦]، ثم قال لنفسه عز وجل: ﴿ ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾ يعني علم كيف يخلق الأشياء من غير أن يعمله أحد.
﴿ وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَانِ ﴾ يعني أدم، عليه السلام.
﴿ مِن طِينٍ ﴾ [آية: ٧] كان أوله طيناً، فلما نفخ فيه الروح صار لحماً ودماً.﴿ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ ﴾ يعني ذريةآدم عليه السلام.
﴿ مِن سُلاَلَةٍ ﴾ يعني النطفة التى نسل من الإنسان ﴿ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ ﴾ [آية: ٨] يعني بالماء النطفة، ويعني بالمهين الضعيف، ثم رجع إلى آدم في التقديم، فقال تعالى: ﴿ ثُمَّ سَوَّاهُ ﴾ يعني ثم سوى خلقه ﴿ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ ﴾، ثم رجع إلى ذرية آدم، عليه السلام، فقال سبحانه: ﴿ وَجَعَلَ لَكُمُ ﴾ يعني ذرية آدم، عليه السلام، بعد النطفة ﴿ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ ﴾ [آية: ٩] يعني بالقليل أنهم لا يشكرون رب هذه النعم في حسن خلقهم فيوحدونه، تقول العرب: إنك لقليل الفهم، يعني لا يفهم ولا يفقه.
﴿ وَقَالُوۤاْ أَإِذَا ضَلَلْنَا ﴾ يعني هلكنا ﴿ فِي ٱلأَرْضِ ﴾ وكنا تراباً ﴿ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ إنا لمبعوثون خلقاً جديداً بعد الموت، يعنون البعث، ويعنون كما كنا تكذيباً بالبعث نزلت في أبي بن خلف، وأبي الأشدين اسمه أسيد بن كلدة بن خلف الجمحي، ومنبه ونبيه ابني الحجاج، يقول الله عز وجل: ﴿ بَلْ ﴾ نبعثهم، نظيرها في ق والقرآن، ثم قال: ﴿ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ ﴾ يعني بالبعث ﴿ كَافِرُونَ ﴾ [آية: ١٠] لا يؤمنون.﴿ قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ﴾ يزعمون أن اسمه عزرائيل، وله أربعة أجنحة جناح بالمشرق، وجناح بالمغرب، وجناح له في أقصى العالم من حيث تجيء الريح الدبور، وجناح له في أقصى العالم من حيث تجيء الريح الصبا، ورجل له بالمشرق، ورجله الأخرى بالمغرب، والخلق بين رجليه ورأسه في السماء العليا وجسده، كما بين السماء والأرض، ووجهه عند ستر الحجب.
﴿ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴾ [آية: ١١] بعد الموت أحياء فيجزيكم بأعمالكم.﴿ وَلَوْ تَرَىٰ ﴾ يا محمد ﴿ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ ﴾ يعني عز وجل كفار مكة ﴿ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا ﴾ إلى الدنيا ﴿ نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ ﴾ [آية: ١٢] بالبعث. يقول الله جل ثناؤه: ﴿ وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا ﴾ يعني لأعطينا ﴿ كُلَّ نَفْسٍ ﴾ فاجرة ﴿ هُدَاهَا ﴾ يعني بيانها ﴿ وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي ﴾ يعني وجب العذاب مني ﴿ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾ [آية: ١٣] يعني كفار الإنس والجن جميعاً، والقول الذي وجب من الله عز وجل لقوله لإبليس يوم عصاه في السجود لآدم، عليه السلام:﴿ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾[ص: ٨٥]، فإذا أدخلوا النار قالت الخزنة لهم: ﴿ فَذُوقُواْ ﴾ العذاب ﴿ بِمَا نَسِيتُمْ ﴾ يعني بما تركتم الإيمان بـ ﴿ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ ﴾ يعني البعث ﴿ إِنَّا نَسِينَاكُمْ ﴾ تقول الخزنة: إنا تركناكم في العذاب ﴿ وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ ﴾ الذي لا ينقطع ﴿ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [آية: ١٤] من الكفر والتكذيب.
﴿ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا ﴾ يقول: يصدق بآياتنا، يعني القرآن ﴿ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا ﴾ يعني وعظوا بها، يعني بآياتنا القرآن ﴿ خَرُّواْ سُجَّداً ﴾ على وجوههم ﴿ وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴾ وذكروا الله بأمره ﴿ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [آية: ١٥] يعني لا يتكبرون عن السجود كفعل كفار مكة حين تكبروا عن السجود.﴿ تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ ﴾ نزلت في الأنصار ﴿ تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ ﴾ يعني كانوا يصلون بين المغرب والعشاء ﴿ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً ﴾ من عذابه.
﴿ وَطَمَعاً ﴾ يعني ورجاء في رحمته.
﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ ﴾ من الأموال ﴿ يُنفِقُونَ ﴾ [آية: ١٦] في طاعة الله عز وجل، ثم أخبر بما أعد لهم، فقال عز وجل: ﴿ فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم ﴾ في جنات عدن مما لم تر عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب قائل ﴿ مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [آية: ١٧] به.﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً ﴾ وذلك أن الوليد بن عقبة بن أبي معيط من بني أمية أخو عثمان بن عفان، رضى الله عنه، من أمه، قال لعلي بن أبي طالب، رضى الله عنه: اسكت فإنك صبي، وأنا أحد منك سناناً، وابسط منك لساناً، وأكثر حشواً في الكتيبة منك، قال له علي، عليه السلام: اسكت فأنت فاسق، فأنزل الله جل ذكره: ﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً ﴾ يعني علياً، عليه السلام.
﴿ كَمَن كَانَ فَاسِقاً ﴾ يعني الوليد ﴿ لاَّ يَسْتَوُونَ ﴾ [آية: ١٨] أن يتوبوا من الفسق، ثم أخبر بمنازل المؤمنين وفساق الكفار في الآخرة.
﴿ أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ ﴾ في الآخرة ﴿ جَنَّاتُ ٱلْمَأْوَىٰ ﴾ مأوى المؤمنين، ويقال: مأوى أرواح الشهداء ﴿ نُزُلاً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [آية: ١٩].
﴿ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ ﴾ يعني عصوا يعني الكفار ﴿ فَمَأْوَاهُمُ ﴾ يعني عز وجل فمصيرهم ﴿ ٱلنَّارُ كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ﴾ وذلك أن جهنم إذا جاشت ألقت الناس في أعلى النار، فيريدون الخروج فتلقاهم الملائكة بالمقامع فيضربونهم، فيهوى أحدهم من الضربة إلى قعرها، وتقول الخزنة إذا ضربوهم: ﴿ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ [آية: ٢٠] بالبعث وبالعذاب بأنه ليس كائناً، ثم قال عز وجل: ﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ ﴾ يعني كفار مكة ﴿ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ ﴾ يعني الجوع الذي أصابهم في السنين السبع بمكة حين أكلوا العظام والموتى والجيف والكلاب عقوبة بتكذيبهم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ﴿ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ ﴾ يعني القتل ببدر، وهو أعظم من العذاب الذي أصابهم من الجوع ﴿ لَعَلَّهُمْ ﴾ يعني لكي ﴿ يَرْجِعُونَ ﴾ [آية: ٢١] من الكفر إلى الإيمان.﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ ﴾ يقول: فلا أحد أظلم ﴿ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ﴾ يقول: ممن وعظ بآيات القرآن ﴿ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَآ ﴾ عن الإيمان ﴿ إِنَّا مِنَ ٱلْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ ﴾ [آية: ٢٢] يعني كفار مكة نزلت في المطعمين والمستهزئين من قريش، انتقم الله عز وجل منهم بالقتل ببدر، وضربت الملائكة الوجوه والأدبار، وتعجيل أرواحهم إلى النار.
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ ﴾ يقول: أعطينا موسى صلى الله عليه وسلم التوراة ﴿ فَلاَ تَكُن ﴾ يا محمد ﴿ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآئِهِ ﴾ يقول: لا تكن في شك من لقاء موسى، عليه السلام، التوراة، فإن الله عز وجل ألقى الكتاب عليه، يعني التوراة حقاً.
﴿ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى ﴾ يعني التوراة هدى ﴿ لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ﴾ [آية: ٢٣] من الضلالة.﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ ﴾ يعني من بنى إسرائيل ﴿ أَئِمَّةً ﴾ يعني قادة إلى الخير ﴿ يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ﴾ يعني يدعون الناس إلى أمر الله عز وجل ﴿ لَمَّا صَبَرُواْ ﴾ يعني لما صبروا على البلاء حين كلفوا بمصر ما لم يطيقوا من العمل فعل ذلك بهم باتباعهم موسى على دين الله عز وجل، قال تعالى: ﴿ وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا ﴾ يعني بالآيات التسع ﴿ يُوقِنُونَ ﴾ [آية: ٢٤] بأنها من الله عز وجل.﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ ﴾ يعني يقضي بينهم، يعني بني إسرائيل ﴿ يَوْمَ ٱلْقَيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ ﴾ من الدين ﴿ يَخْتَلِفُونَ ﴾ [آية: ٢٥] ثم خوف كفار مكة، فقال تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ ﴾ يعني يبين لهم ﴿ كَمْ أَهْلَكْنَا ﴾ بالعذاب ﴿ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ ﴾ يعني الأمم الخالية ﴿ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ ﴾ يقول: يمرون على قراهم، يعني قوم لوط، وصالح، وهود، عليهم فيرون هلاكهم ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ ﴾ يعني لعبرة ﴿ أَفَلاَ يَسْمَعُونَ ﴾ [آية: ٢٦] الوعيد بالمواعظ، ثم وعظهم ليوحدوا.
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ ٱلْمَآءَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلْجُرُزِ ﴾ يعني الملساء ليس فيها نبت ﴿ فَنُخْرِجُ بِهِ ﴾ بالماء ﴿ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ ﴾ [آية: ٢٧] هذه الأعاجيب فيوحدون ربهم عز وجل.
﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْفَتْحُ ﴾ يعني القضاء وهو البعث ﴿ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [آية: ٢٨] وذلك أن المؤمنين قالوا: إن لنا يوماً نتنعم فيه، ونستريح، فقال كفار مكة: متى هذا الفتح إن كنتم صادقين؟ يعنون النبي صلى الله عليه وسلم وحده، تكذيباً بالبعث بأنه ليس بكائن، فإن كان البعث حقاً صدقنا يومئذ، فأنزل الله تبارك وتعالى:﴿ قُلْ ﴾ يا محمد ﴿ يَوْمَ ٱلْفَتْحِ ﴾ يعني القضاء ﴿ لاَ يَنفَعُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِيَمَانُهُمْ ﴾ بالبعث لقولهم للنبي صلى الله عليه وسلم: إن كان البعث الذى تقول حقاً صدقنا يومئذ، فذلك قوله عز وجل: ﴿ يَوْمَ ٱلْفَتْحِ لاَ يَنفَعُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ ﴾ بالبعث، لقولهم: إن كان ذلك اليوم حقاً صدقنا ﴿ إِيَمَانُهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ ﴾ [آية: ٢٩] يقول: لا يناظر بهم العذاب حتى يقولوا، فلما نزلت هذه الآية أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يرسل إليهم فيجزيهم وينبؤهم، فأنزل الله تبارك وتعالى يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم إلى مدة.﴿ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَٱنتَظِرْ ﴾ بهم العذاب، يعني القتل ﴿ إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ ﴾ [آية: ٣٠] العذاب، يعني القتل ببدر، فقتلهم الله وضربت الملائكة وجوههم وأدبارهم وعجل الله أرواحهم إلى النار، ثم إن آية السيف نسخت الإعراض.
Icon