مكية، وآياتها أربع.
ﰡ
﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) ﴾
﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ رَوَى أَبُو الْعَالِيَةِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ السُّورَةَ (٢).
وَرَوَى أَبُو ظَبْيَانِ، وَأَبُو صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ وَأَرْبَدَ بْنَ رَبِيعَةَ أَتَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عَامِرٌ: إِلَامَ تَدْعُونَا يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: إِلَى اللَّهِ، قَالَ: صِفْهُ لَنَا أَمِنْ ذَهَبٍ هُوَ؟ أَمْ مِنْ فِضَّةٍ؟ أَمْ مِنْ حَدِيدٍ؟ أَمْ مِنْ خَشَبٍ؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ فَأَهْلَكَ اللَّهُ أَرْبَدَ بِالصَّاعِقَةِ وَعَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ بِالطَّاعُونِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي سُورَةِ الرَّعْدِ (٣).
وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَقَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: صِفْ لَنَا رَبَّكَ يَا مُحَمَّدُ لَعَلَّنَا نُؤْمِنُ بِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ نَعْتَهُ فِي التَّوْرَاةِ، فَأَخْبِرْنَا مِنْ أَيِّ شَيْءٍ هُوَ؟ وَهَلْ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ؟ وَمَنْ يَرِثُ مِنْهُ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ السُّورَةَ (٤).
(٢) أخرجه الترمذي في التفسير - تفسير سورة الإخلاص - ٩ / ٢٩٩ - ٣٠٠، وأخرجه مرسلا أيضا: ٩ / ٣٠١، والإمام أحمد: ٥ / ١٣٤، وصححه الحاكم: ٢ / ٥٤٠ ووافقه الذهبي، والبيهقي في الأسماء والصفات: ١ / ٤١٩، والطبري: ٣٠ / ٣٤٢.
(٣) راجع فيما سبق: ٤ / ٣٠١.
(٤) أخرجه الطبري: ٣٠ / ٣٤٢ - ٣٤٣. وانظر الفتح السماوي: ٣ / ١١٣٥، الدر المنثور: ٨ / ٦٧١.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: الَّذِي لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ.
وَقِيلَ: تَفْسِيرُهُ مَا بَعْدَهُ، رَوَى أَبُو الْعَالِيَةِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: "الصَّمَدُ" الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ؛ لِأَنَّ مَنْ يُولَدُ سَيَمُوتُ، وَمَنْ يَرِثُ يُورَثُ مِنْهُ (٢).
قَالَ أَبُو وَائِلٍ شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ: هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي قَدِ انْتَهَى سُؤْدُدُهُ، وَهُوَ رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ السُّؤْدُدِ (٣). وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَيْضًا: هُوَ الْكَامِلُ فِي جَمِيعِ صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ. وَقِيلَ: هُوَ السَّيِّدُ الْمَقْصُودُ فِي [الْحَوَائِجِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ] (٤) هُوَ الْمَقْصُودُ إِلَيْهِ فِي الرَّغَائِبِ الْمُسْتَغَاثُ بِهِ عِنْدَ الْمَصَائِبِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: صَمَدْتُ فُلَانًا أَصْمُدُهُ صَمْدًا -بِسُكُونِ الْمِيمِ -إِذَا قَصَدْتُهُ، [وَالْمَقْصُودُ] :(٥) صَمَدٌ، بِفَتْحِ الْمِيمِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: "الصَّمَدُ" الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ خَلْقِهِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: "الصَّمَدُ" الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ أَحَدٌ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ. وَقَالَ الرَّبِيعُ: الَّذِي لَا تَعْتَرِيهِ الْآفَاتُ. قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: الَّذِي لَا عَيْبَ فِيهِ.
﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤) ﴾
﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ قَرَأَ حَمْزَةُ وَإِسْمَاعِيلُ: "كُفْؤًا" سَاكِنَةُ الْفَاءِ مَهْمُوزًا، وَقَرَأَ حَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ بِضَمِّ الْفَاءِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِضَمِّ الْفَاءِ مَهْمُوزًا، وَكُلُّهَا لُغَاتٌ صَحِيحَةٌ، [وَمَعْنَاهُ] (٦) الْمِثْلُ، أَيْ: هُوَ أَحَدٌ.
وَقِيلَ: هُوَ التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ، مَجَازُهُ: وَلَمْ يكن له أحدًا كُفُوًا أَيْ مِثْلًا.
(٢) أخرجه الطبري: ٣٠ / ٣٤٦.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في التفسير: ٢ / ٤٠٧، والطبري: ٣٠ / ٣٤٦.
(٤) ما بين القوسين ساقط من "ب".
(٥) في "ب" والمصمود.
(٦) في "ب" ومعناها.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الزناد، عن الأعراج، عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلهُ: لَنْ يُعِيدَنِي كَمَا بَدَأَنِي، وَلَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ إِعَادَتِهِ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَأَنَا الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُوًا أَحَدٌ" (٢).
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ محمد السرخسي ٢٠٥/ب أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" وَيُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ (٣).
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشُّرَيْحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَصْفَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ أَبِي الْجَعْدِ يُحَدِّثُ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ"؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ؟ قَالَ: اقْرَأُوا قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" (٤).
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَخْسِيُّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: أَقْبَلْتُ، مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فَسَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ"، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "وَجَبَتْ"، فَسَأَلْتُهُ: مَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
(٢) أخرجه البخاري في التفسير - تفسير سورة (قل هو الله أحد) -: ٨ / ٧٣٩.
(٣) أخرجه الإمام مالك في الموطأ في كتاب القرآن، باب ما جاء في قراءة (قل هو الله أحد) ١ / ٢٠٨، والبخاري في فضائل القرآن باب فضل (قل هو الله أحد) ٩ / ٥٨ - ٥٩ والمصنف في شرح السنة: ٤ / ٤٧٤.
(٤) أخرجه الطيالسي في المسند صفحة: (١٣١)، وأخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل قراءة (قل هو الله أحد) برقم: (٨١١) : ١ / ٥٥٦.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَخْبَرَنَا حَاجِبُ ابن أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُنِيبٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي أُحِبُّ هَذِهِ السُّورَةَ: "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ": قَالَ: "حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ" (٢).
(٢) أخرجه البخاري تعليقا في الأذان، باب الجمع بين السورتين في ركعة: ٢ / ٢٥٥، ووصله الترمذي من طريقه في ثواب القرآن، باب ما جاء في سورة الإخلاص: ١٨ / ٢١٢ - ٢١٣، وقال: "هذا حديث غريب من هذا الوجه"، والبيهقي في السنن: ٢ / ٦١، وفي شعب الإيمان: ٥ / ٤٨٣، وأبو يعلى في المسند: ٣ / ٣٤٨ - ٣٤٩. وأخرجه الدارمي في فضائل القرآن، باب فضل قل هو الله أحد: ٢ / ٢٣٠، وابن مندة في التوحيد: ١ / ٦٨ - ٦٩، وابن السني في عمل اليوم والليلة صفحة (٣٢٤) وابن حبان صفحة: (٣٤٩) من موارد الظمآن، والمصنف في شرح السنة: ٤ / ٤٧٥، وله شاهد عند الشيخين من حديث عائشة - رضي الله عنه - وانظر: فتح الباري: ٢ / ٢٥٥ - ٢٥٧.