تفسير سورة الإنسان

تفسير الجلالين
تفسير سورة سورة الإنسان من كتاب تفسير الجلالين المعروف بـتفسير الجلالين .
لمؤلفه المَحَلِّي . المتوفي سنة 864 هـ

﴿هل﴾ قد ﴿أتى على الإنسان﴾ آدم ﴿حين من الدهر﴾ أربعون سنة ﴿لم يكن﴾ فيه ﴿شيئا مذكورا﴾ كان فيه مصورا من طين لا يذكر أو المراد بالإنسان الجنس وبالحين مدة الحمل
﴿إنا خلقنا الإنسان﴾ الجنس ﴿من نطفة أمشاج﴾ أخلاط أي من ماء الرجل وماء المرأة المختلطين الممتزجين ﴿نبتليه﴾ نختبره بالتكليف والجملة مستأنفة أو حال مقدرة أي مريدين ابتلاءه حين تأهله ﴿فجعلناه﴾ بسبب ذلك ﴿سميعا بصيرا﴾
﴿إنا هديناه السبيل﴾ بينا له طريق الهدى ببعث الرسل ﴿إما شاكرا﴾ أي مؤمنا ﴿وإما كفورا﴾ حالان من المفعول أي بينا له في حال شكره أو كفره المقدرة وإما لتفصيل الأحوال
﴿إنا أعتدنا﴾ هيأنا ﴿للكافرين سلاسل﴾ يسحبون بها في النار ﴿وأغلالا﴾ في أعناقهم تشد فيها السلاسل ﴿وسعيرا﴾ نارا مسعرة أي مهيجة يعذبون بها
﴿إن الأبرار﴾ جمع بر أو بار وهم المطيعون ﴿يشربون من كأس﴾ هو إناء شرب الخمر وهي فيه والمراد من خمر تسمية للحال باسم المحل ومن للتبعيض ﴿كان مزاجها﴾ ما تمزج به ﴿كافورا﴾
﴿عينا﴾ بدل من كافورا فيها رائحته ﴿يشرب بها﴾ منها ﴿عباد الله﴾ أولياؤه ﴿يفجرونها تفجيرا﴾ يقودونها حيث شاءوا من منازلهم
﴿يوفون بالنذر﴾ في طاعة الله ﴿ويخافون يوما كان شره مستطيرا﴾ منتشرا
﴿ويطعمون الطعام على حبه﴾ أي الطعام وشهوتهم له ﴿مسكينا﴾ فقيرا ﴿ويتيما﴾ لا أب له ﴿وأسيرا﴾ يعني المحبوس بحق
﴿إنما نطعمكم لوجه الله﴾ لطلب ثوابه ﴿لا نريد منكم جزاء ولا شكورا﴾ شكرا فيه علة الإطعام وهل تكلموا بذلك أو علمه الله منهم فأثنى عليهم به قولان
١ -
﴿إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا﴾ تكلح الوجوه فيه أي كريه المنظر لشدته ﴿قمطريرا﴾ شديدا في ذلك
١ -
﴿فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم﴾ أعطاهم ﴿نضرة﴾ حسنا وإضاءة في وجوههم ﴿وسرورا﴾
١ -
﴿وجزاهم بما صبروا﴾ بصبرهم عن المعصية ﴿جنة﴾ أدخلوها ﴿وحريرا﴾
البسوه
١ -
﴿متكئين﴾ حال من مرفوع أدخلوها المقدر ﴿فيها على الأرائك﴾ السرر في الحجال ﴿لا يرون﴾ لا يجدون حال ثانية ﴿فيها شمسا ولا زمهريرا﴾ لا حرا ولا بردا وقيل الزمهرير القمر فهي مضيئة من غير شمس ولا قمر
١ -
﴿ودانية﴾ قريبة عطف على محل لا يرون أي غير رائين ﴿عليهم﴾ منهم ﴿ظلالها﴾ شجرها ﴿وذللت قطوفها تذليلا﴾ أدنيت ثمارها فينالها القائم والقاعد والمضطجع
١ -
﴿ويطاف عليهم﴾ فيها ﴿بآنية من فضة وأكواب﴾ أقداح بلا عرى ﴿كانت قواريرا﴾
١ -
﴿قوارير من فضة﴾ أي أنها من فضة يرى باطنها من ظاهرها كالزجاج ﴿قدروها﴾ أي الطائفون ﴿تقديرا﴾ على قدر ري الشاربين من غير زيادة ولا نقص وذلك ألذ الشراب
١ -
﴿ويسقون فيها كأسا﴾ خمرا ﴿كان مزاجها﴾ ما تمزج به ﴿زنجبيلا﴾
١ -
﴿عينا﴾ بدل من زنجبيلا ﴿فيها تسمى سلسبيلا﴾ يعنى أن ماءها كالزنجبيل الذى تستلذ به العرب سهل المساغ في الحلق
١ -
﴿ويطوف عليهم ولدان مخلدون﴾ بصفة الولدان لا يشيبون ﴿إذا رأيتهم حسبتهم﴾ لحسنهم وانتشارهم في الخدمة ﴿لؤلؤا منثورا﴾ من سلكه أو من صدفه وهو أحسن منه في غير ذلك
782
٢ -
783
﴿وإذا رأيت ثم﴾ أي وجدت الرؤية منك في الجنة ﴿رأيت﴾ جواب إذا ﴿نعيما﴾ لا يوصف ﴿وملكا كبيرا﴾ واسعا لا غاية له
٢ -
﴿عاليهم﴾ فوقهم فنصبه على الظرفية وهو خبر لمبتدأ بعد وفي قراءة بسكون الياء مبتدأ وما بعده خبر والضمير المتصل به للمعطوف عليهم ﴿ثياب سندس﴾ حرير ﴿خضر﴾ بالرفع ﴿وإستبرق﴾ بالجر ما غلظ من الديباج فهو البطائن والسندس الظهائر وفي قراءة عكس ما ذكر فيهما وفي أخرى برفعهما وفي أخرى بجرهما ﴿وحلوا أساور من فضة﴾ وفي موضع من ذهب للإيذان بأنهم يحلون من النوعين معا ومفرقا ﴿وسقاهم ربهم شرابا طهورا﴾ مبالغة في طهارته ونظافته بخلاف خمر الدنيا
٢ -
﴿إن هذا﴾ النعيم ﴿كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا﴾
٢ -
﴿إنَّا نَحْنُ﴾ تَأْكِيد لِاسْمِ إنَّ أَوْ فَصْل ﴿نزلنا عليك القرآن تنزيلا﴾ خبر إن أي فصلناه ولم ننزله جملة واحدة
٢ -
﴿فاصبر لحكم ربك﴾ عليك بتبليغ رسالته ﴿ولا تطع منهم﴾ أي الكفار ﴿آثما أو كفورا﴾ أي عتبة بن ربيعة والوليد بن المغيرة قالا للنبي ﷺ ارجع عن هذا الأمر ويجوز أن يراد كل آثم وكافر أي لا تطع أحدهما أيا كان فيما دعاك إليه من إثم أو كفر
٢ -
﴿واذكر اسم ربك﴾ في الصلاة ﴿بكرة وأصيلا﴾ يعني الفجر والظهر والعصر
٢ -
﴿ومن الليل فاسجد له﴾ يعني المغرب والعشاء ﴿وسبحه ليلا طويلا﴾ صل التطوع فيه كما تقدم من ثلثيه أو نصفه أو ثلثه
٢ -
﴿إن هؤلاء يحبون العاجلة﴾ الدنيا ﴿ويذرون وراءهم يوما ثقيلا﴾ شديدا أي يوم القيامة لا يعملون له
٢ -
﴿نحن خلقناهم وشددنا﴾ قوينا ﴿أسرهم﴾ أعضاءهم ومفاصلهم ﴿وإذا شئنا بدلنا﴾ جعلنا ﴿أمثالهم﴾ في الخلقة بدلا منهم بأن نهلكهم ﴿تبديلا﴾ تأكيد ووقعت إذا موقع إن نحو إن يشأ يذهبكم لأنه تعالى لم يشأ ذلك وإذا لما يقع
٢ -
﴿إن هذه﴾ السورة ﴿تذكرة﴾ عظة للخلق ﴿فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا﴾ طريقا بالطاعة
٣ -
﴿وما تشاءون﴾ بالتاء والياء اتخاذ السبيل بالطاعة ﴿إلا أن يشاء الله﴾ ذلك ﴿إن الله كان عليما﴾ بخلقه ﴿حكيما﴾ في فعله
783
٣ -
784
﴿يدخل من يشاء في رحمته﴾ جنته وهم المؤمنون ﴿والظالمين﴾ ناصبه فعل مقدر أي أعد يفسر ﴿أعد لهم عذابا أليما﴾ مؤلما وهم الكافرون = ٧٧ سورة المرسلات
Icon