تفسير سورة سورة يس من كتاب تفسير الجلالين
المعروف بـتفسير الجلالين
.
لمؤلفه
المَحَلِّي
.
المتوفي سنة 864 هـ
ﰡ
﴿يس﴾ اللَّه أَعْلَم بِمُرَادِهِ بِهِ
﴿وَالْقُرْآن الْحَكِيم﴾ الْمُحْكَم بِعَجِيبِ النَّظْم وَبَدِيع الْمَعَانِي
﴿إنك﴾ يا محمد {لمن المرسلين
﴿عَلَى﴾ مُتَعَلِّق بِمَا قَبْله ﴿صِرَاط مُسْتَقِيم﴾ أَيْ طَرِيق الْأَنْبِيَاء قَبْلك التَّوْحِيد وَالْهُدَى وَالتَّأْكِيد بِالْقَسَمِ وَغَيْره رَدّ لِقَوْلِ الْكُفَّار لَهُ لَسْت مُرْسَلًا
﴿تَنْزِيل الْعَزِيز فِي﴾ مُلْكه ﴿الرَّحِيم﴾ بِخَلْقِهِ خَبَر مُبْتَدَأ مُقَدَّر أَيْ الْقُرْآن
﴿لِتُنْذِر﴾ بِهِ ﴿قَوْمًا﴾ مُتَعَلِّق بِتَنْزِيلِ ﴿مَا أَنُذِرَ آبَاؤُهُمْ﴾ أَيْ لَمْ يُنْذَرُوا فِي زَمَن الْفَتْرَة ﴿فَهُمْ﴾ أَيْ الْقَوْم ﴿غَافِلُونَ﴾ عَنْ الْإِيمَان وَالرُّشْد
﴿لَقَدْ حَقَّ الْقَوْل﴾ وَجَبَ ﴿عَلَى أَكْثَرهمْ﴾ بِالْعَذَابِ ﴿فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ أَيْ الْأَكْثَر
﴿إنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقهمْ أَغْلَالًا﴾ بِأَنْ تُضَمّ إلَيْهَا الْأَيْدِي لِأَنَّ الْغُلّ يَجْمَع الْيَد إلَى الْعُنُق ﴿فَهِيَ﴾ أَيْ الْأَيْدِي مَجْمُوعَة ﴿إلَى الْأَذْقَان﴾ جَمْع ذَقَن وَهِيَ مُجْتَمَع اللَّحْيَيْنِ ﴿فَهُمْ مُقْمَحُونَ﴾ رافعون رؤوسهم لَا يَسْتَطِيعُونَ خَفْضهَا وَهَذَا تَمْثِيل وَالْمُرَاد أَنَّهُمْ لا يذعنون للإيمان ولا يخفضون رؤوسهم له
﴿وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْن أَيْدِيهمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفهمْ سَدًّا﴾ بِفَتْحِ السِّين وَضَمّهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ ﴿فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ تَمْثِيل أَيْضًا لِسَدِّ طُرُق الإيمان عليهم
١ -
﴿وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتهمْ﴾ بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَإِبْدَال الثَّانِيَة أَلِفًا وَتَسْهِيلهَا وَإِدْخَال أَلِف بَيْن الْمُسَهَّلَة وَالْأُخْرَى وَتَرْكه ﴿أم لم تنذرهم لا يؤمنون﴾
١ -
﴿إنَّمَا تُنْذِر﴾ يَنْفَع إنْذَارك ﴿مَنْ اتَّبَعَ الذِّكْر﴾ الْقُرْآن ﴿وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ﴾ خَافَهُ وَلَمْ يَرَهُ ﴿فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْر كَرِيم﴾ هُوَ الْجَنَّة
١ -
﴿إنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى﴾ لِلْبَعْثِ
﴿وَنَكْتُب﴾ فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ
﴿مَا قَدَّمُوا﴾ فِي حَيَاتهمْ مِنْ خَيْر وَشَرّ لِيُجَازُوا عَلَيْهِ
﴿وَآثَارهمْ﴾ مَا اسْتَنَّ بِهِ بَعْدهمْ
﴿وَكُلّ شَيْء﴾ نَصَبَهُ بِفِعْلٍ يُفَسِّرهُ
﴿أَحْصَيْنَاهُ﴾ ضَبَطْنَاهُ
﴿فِي إمَام مُبِين﴾ كِتَاب بَيِّن هُوَ اللَّوْح الْمَحْفُوظ
579
﴿وَاضْرِبْ﴾ اجْعَلْ ﴿لَهُمْ مَثَلًا﴾ مَفْعُول أَوَّل ﴿أَصْحَاب﴾ مَفْعُول ثَانٍ ﴿الْقَرْيَة﴾ أَنْطَاكِيَّة ﴿إذْ جَاءَهَا﴾ إلَى آخِره بَدَل اشْتِمَال مِنْ أَصْحَاب الْقَرْيَة ﴿الْمُرْسَلُونَ﴾ أَيْ رُسُل عِيسَى
١ -
﴿إذْ أَرْسَلْنَا إلَيْهِمْ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا﴾ إلَى آخِره بَدَل مِنْ إذْ الْأُولَى ﴿فَعَزَّزْنَا﴾ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد قوينا الإثنين ﴿بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون﴾
١ -
﴿قَالُوا مَا أَنْتُمْ إلَّا بَشَر مِثْلنَا وَمَا أنزل الرحمن من شيء إن﴾ ما ﴿أنتم إلا تذكبون﴾
١ -
﴿قَالُوا رَبّنَا يَعْلَم﴾ جَارٍ مَجْرَى الْقَسَم وَزِيدَ التَّأْكِيد بِهِ وَبِاللَّامِ عَلَى مَا قَبْله لِزِيَادَةِ الْإِنْكَار فِي ﴿إنَّا إلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ﴾
١ -
﴿وَمَا عَلَيْنَا إلَّا الْبَلَاغ الْمُبِين﴾ التَّبْلِيغ الْمُبِين الظَّاهِر بِالْأَدِلَّةِ الْوَاضِحَة وَهِيَ إبْرَاء الْأَكْمَه وَالْأَبْرَص وَالْمَرِيض وَإِحْيَاء الْمَيِّت
١ -
﴿قَالُوا إنَّا تَطَيَّرْنَا﴾ تَشَاءَمْنَا ﴿بِكُمْ﴾ لِانْقِطَاعِ الْمَطَر عَنَّا بِسَبَبِكُمْ ﴿لَئِنْ﴾ لَام قَسَم ﴿لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ﴾ بِالْحِجَارَةِ ﴿وَلَيَمَسَّنكُمْ مِنَّا عَذَاب أَلِيم﴾ مُؤْلِم
١ -
﴿قالوا طائركم﴾ شؤمكم ﴿معكم﴾ بكفركم ﴿أئن﴾ هَمْزَة اسْتِفْهَام دَخَلَتْ عَلَى إنْ الشَّرْطِيَّة وَفِي هَمْزَتهَا التَّحْقِيق وَالتَّسْهِيل وَإِدْخَال أَلِف بَيْنهَا بِوَجْهَيْهَا وَبَيْن الْأُخْرَى ﴿ذُكِّرْتُمْ﴾ وُعِظْتُمْ وَخُوِّفْتُمْ وَجَوَاب الشَّرْط مَحْذُوف أَيْ تَطَيَّرْتُمْ وَكَفَرْتُمْ وَهُوَ مَحَلّ الِاسْتِفْهَام وَالْمُرَاد بِهِ التَّوْبِيخ ﴿بَلْ أَنْتُمْ قَوْم مُسْرِفُونَ﴾ متجاوزون الحد بشرككم
٢ -
﴿وجاء من أقصا الْمَدِينَة رَجُل﴾ هُوَ حَبِيب النَّجَّار كَانَ قَدْ آمَنَ بِالرُّسُلِ وَمَنْزِله بِأَقْصَى الْبَلَد ﴿يَسْعَى﴾ يَشْتَدّ عدوا لما سمع بتكذيب القوم الرسل ﴿قال يا قوم اتبعوا المرسلين﴾
٢ -
﴿اتَّبِعُوا﴾ تَأْكِيد لِلْأَوَّلِ
﴿مَنْ لَا يَسْأَلكُمْ أَجْرًا﴾ عَلَى رِسَالَته
﴿وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ فَقِيلَ لَهُ أَنْتَ على دينهم
580
فقال ﴿وَمَا لِيَ لَا أَعْبُد الَّذِي فَطَرَنِي﴾ خَلَقَنِي أَيْ لَا مَانِع لِي مِنْ عِبَادَته الْمَوْجُود مُقْتَضِيهَا وَأَنْتُمْ كَذَلِكَ ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ بَعْد الْمَوْت فيجازيكم بكفركم
٢ -
﴿أَأَتَّخِذُ﴾ فِي الْهَمْزَتَيْنِ مِنْهُ مَا تَقَدَّمَ فِي أَأَنْذَرْتهمْ وَهُوَ اسْتِفْهَام بِمَعْنَى النَّفْي ﴿مِنْ دُونه﴾ أَيْ غَيْره ﴿آلِهَة﴾ أَصْنَامًا ﴿إنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتهمْ﴾ الَّتِي زَعَمْتُمُوهَا ﴿شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونَ﴾ صِفَة آلِهَة
٢ -
﴿إنِّي إذًا﴾ أَيْ إنْ عَبَدْت غَيْر اللَّه ﴿لَفِي ضَلَال مُبِين﴾ بَيِّن
٢ -
﴿إنِّي آمَنْت بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ﴾ أَيْ اسْمَعُوا قَوْلِي فرجموه فمات
٢ -
﴿قِيلَ﴾ لَهُ عِنْد مَوْته ﴿اُدْخُلْ الْجَنَّة﴾ وَقِيلَ دخلها حيا ﴿قال يا﴾ حرف تنبيه ﴿ليت قومي يعلمون﴾
٢ -
﴿بما غفر لي ربي﴾ بغفرانه ﴿وجعلني من المكرمين﴾
٢ -
﴿وَمَا﴾ نَافِيَة ﴿أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمه﴾ أَيْ حَبِيب ﴿مِنْ بَعْده﴾ بَعْد مَوْته ﴿مِنْ جُنْد مِنْ السَّمَاء﴾ أَيْ مَلَائِكَة لِإِهْلَاكِهِمْ ﴿وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ﴾ مَلَائِكَة لِإِهْلَاكِ أَحَد
٢ -
﴿إنْ﴾ مَا ﴿كَانَتْ﴾ عُقُوبَتهمْ ﴿إلَّا صَيْحَة وَاحِدَة﴾ صَاحَ بِهِمْ جِبْرِيل ﴿فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ﴾ سَاكِنُونَ ميتون
٣ -
﴿يَا حَسْرَة عَلَى الْعِبَاد﴾ هَؤُلَاءِ وَنَحْوهمْ مِمَّنْ كَذَّبُوا الرُّسُل فَأُهْلِكُوا وَهِيَ شِدَّة التَّأَلُّم وَنِدَاؤُهَا مَجَاز أَيْ هَذَا أَوَانك فَاحْضُرِي
﴿مَا يَأْتِيهِمْ من رسول إلا كانوا به يستهزءون﴾ مُسَوَّق لِبَيَانِ سَبَبهَا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى اسْتِهْزَائِهِمْ الْمُؤَدِّي إلَى إهْلَاكهمْ الْمُسَبِّب عَنْهُ الْحَسْرَة
581
﴿أَلَمْ يَرَوْا﴾ أَيْ أَهْل مَكَّة الْقَائِلُونَ لِلنَّبِيِّ لَسْت مُرْسَلًا وَالِاسْتِفْهَام لِلتَّقْرِيرِ أَيْ عَلِمُوا ﴿كَمْ﴾ خبرية بمعنى كثيرا معمولة لما بَعْدهَا مُعَلَّقَة لِمَا قَبْلهَا عَنْ الْعَمَل وَالْمَعْنَى إنَّا ﴿أَهَلَكْنَا قَبْلهمْ﴾ كَثِيرًا ﴿مِنْ الْقُرُون﴾ الْأُمَم ﴿أَنَّهُمْ﴾ أَيْ الْمُهْلَكِينَ ﴿إلَيْهِمْ﴾ أَيْ الْمُكَذِّبِينَ ﴿لَا يَرْجِعُونَ﴾ أَفَلَا يَعْتَبِرُونَ بِهِمْ وَأَنَّهُ إلَخْ بَدَل مِمَّا قَبْله بِرِعَايَةِ الْمَعْنَى الْمَذْكُور
٣ -
﴿وَإِنْ﴾ نَافِيَة أَوْ مُخَفَّفَة ﴿كُلّ﴾ أَيْ كُلّ الْخَلَائِق مُبْتَدَأ ﴿لَمَّا﴾ بِالتَّشْدِيدِ بِمَعْنَى إلَّا أَوْ بِالتَّخْفِيفِ فَاللَّام فَارِقَة وَمَا مَزِيدَة ﴿جَمِيع﴾ خَبَر الْمُبْتَدَأ أَيْ مَجْمُوعُونَ ﴿لَدَيْنَا﴾ عِنْدنَا فِي الْمَوْقِف بَعْد بَعْثهمْ ﴿مُحْضَرُونَ﴾ لِلْحِسَابِ خَبَر ثَانٍ
٣ -
﴿وَآيَة لَهُمْ﴾ عَلَى الْبَعْث خَبَر مُقَدَّم ﴿الْأَرْض الْمَيْتَة﴾ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد ﴿أَحْيَيْنَاهَا﴾ بِالْمَاءِ مُبْتَدَأ ﴿وَأَخْرَجْنَا منها حبا﴾ كالحنطة ﴿فمنه يأكلون﴾
٣ -
﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّات﴾ بَسَاتِين ﴿مِنْ نَخِيل وَأَعْنَاب وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ الْعُيُون﴾ أَيْ بَعْضهَا
٣ -
﴿لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَره﴾ بِفَتْحَتَيْنِ وَضَمَّتَيْنِ أَيْ ثَمَر الْمَذْكُور مِنْ النَّخِيل وَغَيْره ﴿وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهمْ﴾ أَيْ لَمْ تَعْمَل الثَّمَر ﴿أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾ أَنْعُمه تعالى عليهم
٣ -
﴿سُبْحَان الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاج﴾ الْأَصْنَاف ﴿كُلّهَا مِمَّا تَنْبُت الْأَرْض﴾ مِنْ الْحُبُوب وَغَيْرهَا ﴿وَمِنْ أَنْفُسهمْ﴾ مِنْ الذُّكُور وَالْإِنَاث ﴿وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ﴾ مِنْ الْمَخْلُوقَات الْعَجِيبَة الْغَرِيبَة
٣ -
﴿وَآيَة لَهُمْ﴾ عَلَى الْقُدْرَة الْعَظِيمَة ﴿اللَّيْل نَسْلَخ﴾ نَفْصِل ﴿مِنْهُ النَّهَار فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ﴾ دَاخِلُونَ في الظلام
٣ -
﴿وَالشَّمْس تَجْرِي﴾ إلَى آخِره مِنْ جُمْلَة الْآيَة لَهُمْ أَوْ آيَة أُخْرَى وَالْقَمَر كَذَلِكَ ﴿لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا﴾ أَيْ إلَيْهِ لَا تَتَجَاوَزهُ ﴿ذَلِكَ﴾ أَيْ جَرْيهَا ﴿تَقْدِير الْعَزِيز﴾ فِي مُلْكه ﴿الْعَلِيم﴾ بِخَلْقِهِ
٣ -
﴿وَالْقَمَر﴾ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْب وَهُوَ مَنْصُوب بِفِعْلٍ يُفَسِّرهُ مَا بَعْده
﴿قَدَّرْنَاهُ﴾ مِنْ حَيْثُ سَيَّرَهُ
﴿مَنَازِل﴾ ثَمَانِيَة وَعِشْرِينَ مَنْزِلًا فِي ثَمَان وَعِشْرِينَ لَيْلَة مِنْ كُلّ شَهْر وَيَسْتَتِر لَيْلَتَيْنِ إنْ كَانَ الشَّهْر ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَيْلَة إنْ كَانَ تِسْعَة وَعِشْرِينَ يَوْمًا
﴿حَتَّى عَادَ﴾ فِي آخِر مَنَازِله فِي رَأْي الْعَيْن
﴿كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيم﴾ أَيْ كَعُودِ الشَّمَارِيخ إذَا عَتَقَ فَإِنَّهُ يَرِقّ وَيَتَقَوَّس وَيَصْفَرّ
582
﴿لَا الشَّمْس يَنْبَغِي﴾ يَسْهُل وَيَصِحّ ﴿لَهَا أَنْ تُدْرِك الْقَمَر﴾ فَتَجْتَمِع مَعَهُ فِي اللَّيْل ﴿وَلَا اللَّيْل سَابِق النَّهَار﴾ فَلَا يَأْتِي قَبْل انْقِضَائِهِ ﴿وَكُلّ﴾ تَنْوِينه عِوَض عَنْ الْمُضَاف إلَيْهِ مِنْ الشَّمْس وَالْقَمَر وَالنُّجُوم ﴿فِي فَلَك﴾ مُسْتَدِير ﴿يَسْبَحُونَ﴾ يَسِيرُونَ نَزَلُوا مَنْزِلَة الْعُقَلَاء
٤ -
﴿وَآيَة لَهُمْ﴾ عَلَى قُدْرَتنَا ﴿أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتهمْ﴾ وَفِي قِرَاءَة ذُرِّيَّاتهمْ أَيْ آبَاءَهُمْ الْأُصُول ﴿فِي الْفُلْك﴾ أَيْ سَفِينَة نُوح ﴿الْمَشْحُون﴾ الْمَمْلُوء
٤ -
﴿وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْله﴾ أَيْ مِثْل فُلْك نُوح وَهُوَ مَا عَمِلُوهُ عَلَى شَكْله مِنْ السُّفُن الصِّغَار وَالْكِبَار بِتَعْلِيمِ اللَّه تَعَالَى ﴿مَا يركبون﴾ فيه
٤ -
﴿وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقهُمْ﴾ مَعَ إيجَاد السُّفُن ﴿فَلَا صَرِيخ﴾ مُغِيث ﴿لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقِذُونَ﴾ يَنْجُونَ
٤ -
﴿إلَّا رَحْمَة مِنَّا وَمَتَاعًا إلَى حِين﴾ أَيْ لَا يُنْجِيهِمْ إلَّا رَحْمَتنَا لَهُمْ وَتَمْتِيعنَا إيَّاهُمْ بِلَذَّاتِهِمْ إلَى انْقِضَاء آجَالهمْ
٤ -
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّقُوا مَا بَيْن أَيْدِيكُمْ﴾ مِنْ عَذَاب الدُّنْيَا كَغَيْرِهِمْ ﴿وَمَا خَلْفكُمْ﴾ مِنْ عذاب الآخرة ﴿لعلكم ترحمون﴾ أعرضوا
٤ -
﴿وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين﴾
٤ -
﴿وَإِذَا قِيلَ﴾ أَيْ قَالَ فُقَرَاء الصَّحَابَة ﴿لَهُمْ أَنْفِقُوا﴾ عَلَيْنَا ﴿مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّه﴾ مِنْ الْأَمْوَال ﴿قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ اسْتِهْزَاء بِهِمْ ﴿أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاء اللَّه أَطْعَمَهُ﴾ فِي مُعْتَقِدكُمْ هَذَا ﴿إنْ﴾ مَا ﴿أَنْتُمْ﴾ فِي قَوْلكُمْ لَنَا ذَلِكَ مَعَ مُعْتَقِدكُمْ هَذَا ﴿إلَّا فِي ضَلَال مُبِين﴾ بَيِّن وَلِلتَّصْرِيحِ بِكُفْرِهِمْ مَوْقِع عَظِيم
٤ -
﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْد﴾ بِالْبَعْثِ
﴿إنْ كُنْتُمْ صادقين﴾ فيه
583
قال تعالى ﴿مَا يَنْظُرُونَ﴾ أَيْ يَنْتَظِرُونَ ﴿إلَّا صَيْحَة وَاحِدَة﴾ وَهِيَ نَفْخَة إسْرَافِيل الْأُولَى ﴿تَأْخُذهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ﴾ بِالتَّشْدِيدِ أَصْله يَخْتَصِمُونَ نُقِلَتْ حَرَكَة التَّاء إلَى الْخَاء وَأُدْغِمَتْ فِي الصَّاد أَيْ وَهُمْ فِي غَفْلَة عَنْهَا بِتَخَاصُمٍ وَتَبَايُع وَأَكْل وَشُرْب وَغَيْر ذَلِكَ وَفِي قِرَاءَة يَخْصِمُونَ كَيَضْرِبُونَ أَيْ يَخْصِم بعضهم بعضا
٥ -
﴿فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَة﴾ أَيْ أَنْ يُوصُوا ﴿وَلَا إلَى أَهْلهمْ يَرْجِعُونَ﴾ مِنْ أَسْوَاقهمْ وَأَشْغَالهمْ بَلْ يموتون فيها
٥ -
﴿وَنُفِخَ فِي الصُّور﴾ هُوَ قَرْن النَّفْخَة الثَّانِيَة لِلْبَعْثِ وَبَيْن النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ سَنَة ﴿فَإِذَا هُمْ﴾ أَيْ الْمَقْبُورُونَ ﴿مِنْ الْأَجْدَاث﴾ الْقُبُور ﴿إلَى رَبّهمْ يَنْسِلُونَ﴾ يَخْرُجُونَ بِسُرْعَةٍ
٥ -
﴿قَالُوا﴾ أَيْ الْكُفَّار مِنْهُمْ ﴿يَا﴾ لِلتَّنْبِيهِ ﴿وَيْلنَا﴾ هَلَاكنَا وَهُوَ مَصْدَر لَا فِعْل لَهُ مِنْ لَفْظه ﴿مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدنَا﴾ لِأَنَّهُمْ كَانُوا بَيْن النَّفْخَتَيْنِ نَائِمِينَ لَمْ يُعَذَّبُوا ﴿هَذَا﴾ أَيْ الْبَعْث ﴿مَا﴾ أَيْ الَّذِي ﴿وَعَدَ﴾ بِهِ ﴿الرَّحْمَن وَصَدَقَ﴾ فِيهِ ﴿الْمُرْسَلُونَ﴾ أَقَرُّوا حِين لَا يَنْفَعهُمْ الْإِقْرَار وَقِيلَ يُقَال لَهُمْ ذَلِكَ
٥ -
﴿إنْ﴾ مَا ﴿كَانَتْ إلَّا صَيْحَة وَاحِدَة فَإِذَا هُمْ جَمِيع لَدَيْنَا﴾ عِنْدنَا ﴿مُحْضَرُونَ﴾
٥ -
﴿فَالْيَوْم لَا تُظْلَم نَفْس شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إلا﴾ جزاء ﴿ما كنتم تعملون﴾
٥ -
﴿إنَّ أَصْحَاب الْجَنَّة الْيَوْم فِي شُغْل﴾ بِسُكُونِ الْغَيْن وَضَمّهَا عَمَّا فِيهِ أَهْل النَّار مِمَّا يَتَلَذَّذُونَ بِهِ كَافْتِضَاضِ الْأَبْكَار لَا شُغْل يَتْعَبُونَ فِيهِ لِأَنَّ الْجَنَّة لَا نَصَب فِيهَا ﴿فَاكِهُونَ﴾ نَاعِمُونَ خَبَر ثَانٍ لِإِنَّ وَالْأَوَّل فِي شُغْل
٥ -
﴿هُمْ﴾ مُبْتَدَأ ﴿وَأَزْوَاجهمْ فِي ظِلَال﴾ جَمْع ظُلَّة أَوْ ظِلّ خَبَر أَيْ لَا تُصِيبهُمْ الشَّمْس ﴿عَلَى الْأَرَائِك﴾ جَمْع أَرِيكَة وَهُوَ السَّرِير فِي الْحَجْلَة أَوْ الْفُرُش فِيهَا ﴿مُتَّكِئُونَ﴾ خَبَر ثَانٍ متعلق على
٥ -
﴿لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَة وَلَهُمْ﴾ فِيهَا ﴿مَا يَدَّعُونَ﴾ يتمنون
٥ -
﴿سَلَام﴾ مُبْتَدَأ ﴿قَوْلًا﴾ أَيْ بِالْقَوْلِ خَبَره ﴿مِنْ رَبّ رَحِيم﴾ بِهِمْ أَيْ يَقُول لَهُمْ سَلَام عليكم
٥ -
﴿و﴾ يقول ﴿امْتَازُوا الْيَوْم أَيّهَا الْمُجْرِمُونَ﴾ أَيْ انْفَرَدُوا عَنْ الْمُؤْمِنِينَ عِنْد اخْتِلَاطهمْ بِهِمْ
٦ -
﴿أَلَمْ أَعْهَد إلَيْكُمْ﴾ آمُركُمْ
﴿يَا بَنِي آدَم﴾ عَلَى لِسَان رُسُلِي
﴿أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَان﴾ لَا تُطِيعُوهُ
﴿إنَّهُ لَكُمْ عَدُوّ مُبِين﴾ بَيِّن العداوة
584
﴿وَأَنْ اُعْبُدُونِي﴾ وَحِّدُونِي وَأَطِيعُونِي ﴿هَذَا صِرَاط﴾ طَرِيق ﴿مستقيم﴾
٦ -
﴿وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا﴾ خَلْقًا جَمْع جَبِيل كَقَدِيمٍ وَفِي قِرَاءَة بِضَمِّ الْبَاء ﴿كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ﴾ عَدَاوَته وَإِضْلَاله أَوْ مَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ الْعَذَاب فَتُؤْمِنُونَ وَيُقَال لَهُمْ فِي الْآخِرَة
٦ -
﴿هذه جهنم التي كنتم توعدون﴾ بها
٦ -
﴿اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون﴾
٦ -
﴿الْيَوْم نَخْتِم عَلَى أَفْوَاههمْ﴾ أَيْ الْكُفَّار لِقَوْلِهِمْ وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴿وَتُكَلِّمنَا أَيْدِيهمْ وَتَشْهَد أَرْجُلهمْ﴾ وَغَيْرهَا ﴿بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ فَكُلّ عُضْو يَنْطِق بِمَا صَدَرَ مِنْهُ
٦ -
﴿وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنهمْ﴾ لَأَعْمَيْنَاهَا طَمْسًا ﴿فَاسْتَبَقُوا﴾ ابْتَدَرُوا ﴿الصِّرَاط﴾ الطَّرِيق ذَاهِبِينَ كَعَادَتِهِمْ ﴿فَأَنَّى﴾ فَكَيْفَ ﴿يُبْصِرُونَ﴾
حِينَئِذٍ أَيْ لَا يُبْصِرُونَ
٦ -
﴿وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ﴾ قِرَدَة وَخَنَازِير أَوْ حِجَارَة ﴿عَلَى مَكَانَتهمْ﴾ وَفِي قِرَاءَة مَكَانَاتهمْ جَمْع مَكَانَة بِمَعْنَى مَكَان أَيْ فِي مَنَازِلهمْ ﴿فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ﴾ أَيْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى ذَهَاب وَلَا مَجِيء
٦ -
﴿وَمَنْ نُعَمِّرهُ﴾ بِإِطَالَةِ أَجَله ﴿نَنْكُسهُ﴾ وَفِي قِرَاءَة بِالتَّشْدِيدِ مِنْ التَّنْكِيس ﴿فِي الْخَلْق﴾ فَيَكُون بَعْد قُوَّته وَشَبَابه ضَعِيفًا وَهَرِمًا ﴿أَفَلَا يَعْقِلُونَ﴾ أَنَّ الْقَادِر عَلَى ذَلِكَ الْمَعْلُوم عِنْدهمْ قَادِر عَلَى الْبَعْث فَيُؤْمِنُونَ وَفِي قِرَاءَة بِالتَّاءِ
٦ -
﴿وَمَا عَلَّمْنَاهُ﴾ أَيْ النَّبِيّ ﴿الشِّعْر﴾ رَدّ لِقَوْلِهِمْ إنَّ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الْقُرْآن شِعْر ﴿وَمَا يَنْبَغِي﴾ يَسْهُل ﴿لَهُ﴾ الشِّعْر ﴿إنْ هُوَ﴾ لَيْسَ الَّذِي أَتَى بِهِ ﴿إلَّا ذِكْر﴾ عِظَة ﴿وَقُرْآن مُبِين﴾ مُظْهِر لِلْأَحْكَامِ وَغَيْرهَا
٧ -
﴿لِيُنْذِر﴾ بِالْيَاءِ وَالتَّاء بِهِ ﴿مَنْ كَانَ حَيًّا﴾ يَعْقِل مَا يُخَاطِب بِهِ وَهُمْ الْمُؤْمِنُونَ ﴿وَيَحِقّ الْقَوْل﴾ بِالْعَذَابِ ﴿عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ وَهُمْ كَالْمَيِّتِينَ لَا يعقلون ما يخاطبون به
٧ -
﴿أو لم يَرَوْا﴾ يَعْلَمُوا وَالِاسْتِفْهَام لِلتَّقْرِيرِ وَالْوَاو الدَّاخِلَة عَلَيْهَا للعطف ﴿أنا خلقنا لهم﴾ في جملة الناس ﴿مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا﴾ عَمِلْنَاهُ بِلَا شَرِيك وَلَا مُعِين ﴿أَنْعَامًا﴾ هِيَ الْإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم ﴿فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ﴾ ضَابِطُونَ
٧ -
﴿وذللناها﴾ سخرناها
﴿لهم فمنها ركوبهم﴾ مركوبهم {ومنها يأكلون
585
﴿وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِع﴾ كَأَصْوَافِهَا وَأَوْبَارهَا وَأَشْعَارهَا ﴿وَمَشَارِب﴾ مِنْ لَبَنهَا جَمْع مَشْرَب بِمَعْنَى شُرْب أَوْ مَوْضِعه ﴿أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾ الْمُنْعِم عَلَيْهِمْ بِهَا فَيُؤْمِنُونَ أَيْ مَا فَعَلُوا ذَلِكَ
٧ -
﴿وَاِتَّخَذُوا مِنْ دُون اللَّه﴾ أَيْ غَيْره ﴿آلِهَة﴾ أَصْنَامًا يَعْبُدُونَهَا ﴿لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ﴾ يُمْنَعُونَ مِنْ عَذَاب اللَّه تَعَالَى بِشَفَاعَةِ آلِهَتهمْ بِزَعْمِهِمْ
٧ -
﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ﴾ أَيْ آلِهَتهمْ نَزَلُوا مَنْزِلَة الْعُقَلَاء ﴿نَصْرهُمْ وَهُمْ﴾ أَيْ آلِهَتهمْ مِنْ الْأَصْنَام ﴿لَهُمْ جُنْد﴾ بِزَعْمِهِمْ نَصْرهمْ ﴿مُحْضَرُونَ﴾ فِي النَّار مَعَهُمْ
٧ -
﴿فَلَا يَحْزُنك قَوْلهمْ﴾ لَك لَسْت مُرْسَلًا وَغَيْر ذَلِكَ ﴿إنَّا نَعْلَم مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ مِنْ ذَلِكَ وَغَيْره فَنُجَازِيهِمْ عَلَيْهِ
٧ -
﴿أَوَ لَمْ يَرَ الْإِنْسَان﴾ يَعْلَم وَهُوَ الْعَاصِي بْن وَائِل ﴿أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَة﴾ مَنِيّ إلَى أَنْ صَيَّرْنَاهُ شَدِيدًا قَوِيًّا ﴿فَإِذَا هُوَ خَصِيم﴾ شَدِيد الْخُصُومَة لَنَا ﴿مُبِين﴾ بَيَّنَهَا فِي نفي البعث
٧ -
﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا﴾ فِي ذَلِكَ ﴿وَنَسِيَ خَلْقه﴾ مِنْ الْمَنِيّ وَهُوَ أَغْرَب مِنْ مِثْله ﴿قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَام وَهِيَ رَمِيم﴾ أَيْ بَالِيَة وَلَمْ يَقُلْ رَمِيمَة بِالتَّاءِ لِأَنَّهُ اسْم لَا صِفَة وَرُوِيَ أَنَّهُ أَخَذَ عَظْمًا رَمِيمًا فَفَتَّتَهُ وَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَرَى يُحْيِي اللَّه هَذَا بَعْد مَا بَلِيَ وَرَمَّ فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ وَيُدْخِلك النار
٧ -
﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّل مَرَّة وَهُوَ بِكُلِّ خَلْق﴾ مَخْلُوق ﴿عَلِيم﴾ مُجْمَلًا وَمُفَصَّلًا قَبْل خَلْقه وَبَعْد خَلْقه
٨ -
﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ﴾ فِي جُمْلَة النَّاس ﴿مِنْ الشَّجَر الْأَخْضَر﴾ الْمَرْخ وَالْعَفَار أَوْ كُلّ شَجَر إلَّا الْعُنَّاب ﴿نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ﴾ تَقْدَحُونَ وَهَذَا دَالّ عَلَى الْقُدْرَة عَلَى الْبَعْث فَإِنَّهُ جَمَعَ فِيهِ بَيْن الْمَاء وَالنَّار وَالْخَشَب فلا الماء يطفيء النار ولا النار تحرق الخشب
٨ -
﴿أو ليس الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ مَعَ عِظَمهمَا ﴿بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُق مِثْلهمْ﴾ أَيْ الْأَنَاسِيّ فِي الصِّغَر ﴿بَلَى﴾ أَيْ هُوَ قَادِر عَلَى ذَلِكَ أَجَابَ نَفْسه ﴿وَهُوَ الْخَلَّاق﴾ الْكَثِير الْخَلْق ﴿الْعَلِيم﴾ بكل شيء
٨ -
﴿إنَّمَا أَمْره﴾ شَأْنه
﴿إذَا أَرَادَ شَيْئًا﴾ أَيْ خَلْق شَيْء
﴿أَنْ يَقُول لَهُ كُنْ فَيَكُون﴾ أَيْ فَهُوَ يَكُون وَفِي قِرَاءَة بِالنَّصْبِ عَطْفًا على يقول
586
﴿فَسُبْحَان الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوت﴾ مُلْك زِيدَتْ الْوَاو وَالتَّاء لِلْمُبَالَغَةِ أَيْ الْقُدْرَة عَلَى ﴿كُلّ شَيْء وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ تُرَدُّونَ فِي الْآخِرَة = ٣٧ سُورَة الصَّافَّات
مكية وآياتها ١٨٢ نزلت بعد الأنعام بسم الله الرحمن الرحيم