تفسير سورة يس

أحكام القرآن للجصاص
تفسير سورة سورة يس من كتاب أحكام القرآن المعروف بـأحكام القرآن للجصاص .
لمؤلفه الجصَّاص . المتوفي سنة 370 هـ

الله إليه
حدثنا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي خيثم عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الْعُمُرُ الَّذِي أَعْذَرَ اللَّهُ فِيهِ إلَى ابْنِ آدَمَ سِتُّونَ سَنَةً وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلُهُ مِنْ قوله تعالى وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ أَنَّ النَّذِيرَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِيَ أَنَّهُ الشَّيْبُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَائِرِ مَا أَقَامَ اللَّهُ مِنْ الدَّلَائِلِ عَلَى تَوْحِيدِهِ وَتَصْدِيقِ رُسُلِهِ وَوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ وَمَا يَحْدُثُ فِي الْإِنْسَانِ مِنْ حِينِ بُلُوغِهِ إلَى آخِرِ عُمُرِهِ مِنْ التَّغَيُّرِ وَالِانْتِقَالِ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ مِنْ غَيْرِ صُنْعٍ لَهُ فِيهِ وَلَا اخْتِيَارٍ مِنْهُ لَهُ فَيَكُونُ حَدَثًا شَابًّا ثُمَّ كَهْلًا ثُمَّ شَيْخًا وَمَا يَنْقَلِبُ فِيهِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ مَرَضٍ وَصِحَّةٍ وَفَقْرٍ وَغِنَاءٍ وَفَرَحٍ وَحُزْنٍ ثُمَّ مَا يَرَاهُ فِي غَيْرِهِ وَفِي سَائِرِ الْأَشْيَاءِ مِنْ حَوَادِثِ الدَّهْرِ الَّتِي لَا صُنْعَ لِلْمَخْلُوقِينَ فِيهَا وَكُلُّ ذَلِكَ دَاعٍ لَهُ إلَى اللَّهِ وَنَذِيرٌ لَهُ إلَيْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ فَأَخْبَرَ أَنَّ فِي جَمِيعِ مَا خَلَقَ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ وَرَادًّا لِلْعِبَادِ إلَيْهِ آخِرُ سُورَةِ فَاطِرٍ.
سورة يس

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ ابن أَبِي الرَّبِيعِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ وَهْبِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ الله ابن عُمَرَ فِي قَوْلِهِ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها قَالَ الشَّمْسُ تَطْلُعُ فَيَرَاهَا بَنُو آدَمَ حَتَّى إذَا كَانَ يَوْمَ غَرَبَتْ فَتُحْبَسُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يُقَالُ اُطْلُعِي مِنْ حَيْثُ غَرَبْتِ فَهُوَ يَوْمُ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمَانُهَا الْآيَةَ قَالَ مَعْمَرٌ وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ إذَا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الَّتِي تَطْلُعُ فِيهَا الشَّمْسُ مِنْ حَيْثُ تَغْرُبُ قَامَ الْمُتَهَجِّدُونَ لِصَلَاتِهِمْ فَصَلَّوْا حَتَّى يَمَلُّوا ثُمَّ يَعُودُونَ إلَى مَضَاجِعِهِمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَاللَّيْلُ كَمَا هُوَ وَالنُّجُومُ وَاقِفَةٌ لَا تَسْرِي حَتَّى يَخْرُجَ الرَّجُلُ إلَى أَخِيهِ وَيَخْرُجُ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ لِمُسْتَقَرٍّ لَها عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ وُقُوفَهَا عَنْ السَّيْرِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ إلَى أَنْ تَطْلُعَ مِنْ مَغْرِبِهَا قَالَ مَعْمَرٌ وَبَلَغَنِي أَنَّ بَيْنَ أَوَّلِ الْآيَاتِ وَآخِرِهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ قِيلَ لَهُ وَمَا الْآيَاتُ
قَالَ زَعَمَ قَتَادَةُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَالدَّجَّالَ وَالدُّخَانَ وَدَابَّةَ الْأَرْضِ وخويصة أَحَدِكُمْ وَأَمْرَ الْعَامَّةِ قِيلَ لَهُ هَلْ بَلَغَك أَيُّ الْآيَاتِ أَوَّلُ قَالَ
طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا يَقُولُونَ الدَّجَّالُ
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ لَا إلَهَ إلَّا الله
وروى قتادة لمستقر لها قَالَ لِوَقْتٍ وَاحِدٍ لَهَا لَا تَعْدُوهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي أَنَّهَا اسْتَقَرَّتْ عَلَى سَيْرٍ وَاحِدٍ وَعَلَى مِقْدَارٍ وَاحِدٍ لَا تَخْتَلِفُ وَقِيلَ لمستقر لها لا بعد مَنَازِلِهَا فِي الْغُرُوبِ
قَوْله تَعَالَى لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرُ عَنْ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ قَالَ ذَاكَ لَيْلَةُ الْهِلَالِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تُدْرِكُهُ فَتَسْتُرُهُ بِشُعَاعِهَا حَتَّى تَمْنَعَ مِنْ رُؤْيَتِهِ لِأَنَّهُمَا مُسَخَّرَانِ مَقْسُورَانِ عَلَى مَا رَتَّبَهُمَا اللَّهُ عَلَيْهِ لَا يُمْكِنُ وَاحِدًا مِنْهُمَا أَنْ يَتَغَيَّرَ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ لَا يُدْرِكُ أَحَدُهُمَا ضَوْءَ الْآخَرِ وَقِيلَ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ حتى يكون نقصان ضوئها كنقصانها وَقِيلَ لَا تُدْرِكُهُ فِي سُرْعَةِ السَّيْرِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ وَبَلَغَنِي أَنَّ عِكْرِمَةَ قَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سُلْطَانٌ لِلْقَمَرِ سُلْطَانُ اللَّيْلِ وَلِلشَّمْسِ النَّهَارُ فَلَا يَنْبَغِي لِلشَّمْسِ أَنْ تَطْلُعَ بالليل ولا الليل سابق النهار يَقُولُ لَا يَنْبَغِي إذَا كَانَ اللَّيْلُ أَنْ يَكُونَ لَيْلٌ آخَرُ حَتَّى يَكُونَ نَهَارًا فَإِنْ قِيلَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ الشَّهْرِ نَهَارٌ لَا لَيْلٌ لِأَنَّهُ قَالَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ فَإِذَا لَمْ يَسْبِقْ اللَّيْلُ النَّهَارَ وَاسْتَحَالَ اجْتِمَاعُهُمَا مَعًا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ النَّهَارُ سَابِقًا لِلَّيْلِ فَيَكُونُ ابْتِدَاءً الشُّهُورِ مِنْ النَّهَارِ لَا مِنْ اللَّيْلِ قِيلَ لَهُ لَيْسَ تَأْوِيلُ الْآيَةِ مَا ذَهَبْت إلَيْهِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهَا أَحَدُ الْوُجُوهِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا عَنْ السَّلَفِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إنَّ مَعْنَاهَا أَنَّ ابْتِدَاءَ الشُّهُورِ مِنْ النَّهَارِ فَهَذَا تَأْوِيلٌ سَاقِطٌ بِالْإِجْمَاعِ وَأَيْضًا فَلَمَّا كَانَتْ الشُّهُورُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَا أَحْكَامُ الشَّرْعِ هِيَ شُهُورُ الْأَهِلَّةِ وَالْهِلَالُ أَوَّلُ مَا يَظْهَرُ فَإِنَّمَا يَظْهَرُ لَيْلًا وَلَا يَظْهَرُ ابْتِدَاءَ النَّهَارِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ اللَّيْلِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ هِيَ مِنْ رَمَضَانَ وَأَنَّ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ شَوَّالٍ هِيَ مِنْ شَوَّالٍ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ ابْتِدَاءَ الشُّهُورِ مِنْ اللَّيْلِ ألا ترى أنهم يبتدئون بصلاة تراويح فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ فِيهِ الشَّيَاطِينُ
وَجَمِيعُ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ الشُّهُورِ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَقَدْ قَالَ أصحابنا
فِيمَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ شَهْرٍ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ بِهِ مِنْ اللَّيْلِ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الشُّهُورِ مِنْ اللَّيْلِ
قَوْله تَعَالَى وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ رُوِيَ عَنْ الضَّحَّاكِ وَقَتَادَةَ أَنَّهُ أَرَادَ سَفِينَةَ نُوحٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَنَسَبَ الذُّرِّيَّةَ إلَى الْمُخَاطَبِينَ لِأَنَّهُمْ مِنْ جِنْسِهِمْ كَأَنَّهُ قَالَ ذُرِّيَّةَ النَّاسِ
وقَوْله تَعَالَى وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ السُّفُنُ بَعْدَ سَفِينَةِ نُوحٍ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةٌ أُخْرَى وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ الْإِبِلَ سُفُنُ الْبَرِّ
قَوْله تَعَالَى وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ قَالَ قَتَادَةُ نُصَيِّرُهُ إلَى حَالِ الْهَرَمِ الَّتِي تُشْبِهُ حَالَ الصَّبِيِّ فِي غُرُوبِ الْعِلْمِ وَضَعْفِ الْقُوَى وَقَالَ غَيْرُهُ نُصَيِّرُهُ بَعْدَ الْقُوَّةِ إلَى الضَّعْفِ وَبَعْدَ زِيَادَةِ الْجِسْمِ إلَى النُّقْصَانِ وَبَعْدَ الجدة وَالطَّرَاوَةِ إلَى الْبِلَى قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ وَسَمَّاهُ أَرْذَلَ الْعُمُرِ لِأَنَّهُ لَا يُرْجَى لَهُ بَعْدَهُ عَوْدٌ مِنْ النُّقْصَانِ إلَى الزِّيَادَةِ وَمِنْ الْجَهْلِ إلَى الْعِلْمِ كَمَا يُرْجَى مَصِيرُ الصَّبِيِّ مِنْ الضَّعْفِ إلَى الْقُوَّةِ وَمِنْ الْجَهْلِ إلَى الْعِلْمِ وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً
قَوْله تَعَالَى وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ
حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ فِي قَوْلِهِ وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ عَائِشَةَ سُئِلَتْ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَمَثَّلُ بِشَيْءٍ مِنْ الشِّعْرِ فَقَالَتْ لَا إلَّا بِبَيْتِ أخى بنى قيس ابن طَرَفَةَ:
سَتُبْدِي لَك الْأَيَّامُ مَا كُنْت جَاهِلًا وَيَأْتِيك بِالْأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدْ قَالَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَأْتِيك مَنْ لَمْ تُزَوِّدْ بِالْأَخْبَارِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَيْسَ هَكَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إنِّي لَسْت بِشَاعِرٍ وَلَا يَنْبَغِي لِي
قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَمْ يُعْطِ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِلْمَ بِإِنْشَاءِ الشِّعْرِ لَمْ يَكُنْ قَدْ عَلَّمَهُ الشِّعْرَ لِأَنَّهُ الَّذِي يُعْطِي فِطْنَةَ ذَلِكَ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُعْطَ ذَلِكَ لِئَلَّا تَدْخُلَ بِهِ الشُّبْهَةُ عَلَى قَوْمٍ فِيمَا أَتَى بِهِ مِنْ الْقُرْآنِ أَنَّهُ قَوِيٌّ عَلَى ذَلِكَ بِمَا فِي طَبْعِهِ مِنْ الْفِطْنَةِ لِلشَّعْرِ وَإِذَا كَانَ التَّأْوِيلُ أَنَّهُ لَمْ يُعْطِهِ الْفِطْنَةَ لِقَوْلِ الشِّعْرِ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يُنْشِدَ شِعْرًا لِغَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ تَمَثَّلَ بِشَعْرٍ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ
قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: هَلْ أَنْتَ إلَّا أُصْبُعٌ دَمَيْتَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقَيْتَ
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْقَائِلَ لِذَلِكَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ وَأَيْضًا فَإِنَّ مَنْ أَنْشَدَ شِعْرًا لِغَيْرِهِ أَوْ قَالَ بَيْتًا أَوْ بَيْتَيْنِ لَمْ يُسَمَّ شَاعِرًا وَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ الشِّعْرَ أَوْ قَدْ تَعَلَّمَهُ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ
Icon