تفسير سورة يس

مجاز القرآن
تفسير سورة سورة يس من كتاب مجاز القرآن .
لمؤلفه أبو عبيدة . المتوفي سنة 210 هـ

قوله :﴿ يس ﴾ مجازه مجاز ابتداء أوائل السور.
﴿ لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ ﴾ أي وجب.
﴿ إِلى الأْذَقانِ ﴾ الذقن مجتمع اللحيين.
﴿ فَهُمْ مُقْمَحُونَ ﴾ المقمح والمقنع واحد، تفسيره أي يجذب الذقن حتى يصير في الصدر ثم يرفع رأسه قال بشر بن أبي خازم الأسدي :
ونحن على جوانبها قُعودٌ نَغضُّ الّطرفَ كالإبل القِماحِ
﴿ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تَنْذِرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ لها ثلاثة مواضع، لفظها لفظ الاستفهام وليس باستفهام قال زهير :
سواءٌ عليه أيَّ حينٍ أتيتَه أساعةَ نَحْسٍ تُتَّقَى أم بِأَسْعُدِ
فخرج لفظها على لفظ الاستفهام وإنما هو إخبار وكذلك قال حسان بن ثابت :
ما أُبالي أَنَبَّ بالحَزْنِ تَيْسٌ أُم لحَاني بظره غيبٍ لئيمُ
وكذلك قول زهير :
وما أدرى وسوف إخُال أدرى أقومٌ آلُ حِصْنٍ أَم نِساءُ
﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ ﴾ أي جعلناه.
﴿ فيِ إِمَام ٍمُبِينٍ ﴾ أي في كتاب مبين.
﴿ فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ ﴾ أي قوينا وشددنا قال النمر بن تولب :
كأنّ جَمْرَةَ أَو عَزَّت لها شَبهاً بالجِذع يوم تلاقَينا بإِرْمامِ
أوعزتها : أو غلبتها، يقال في المثل من عزَّ بزَّ : من قهر سلب وتفسير " بزَّ " انتزع، قال علي بن أبي طالب :
فعفَفتُ عن أَثوابه ولوَ أنْني كنتُ المُقطَّر بَزّنى أَثوابِي
﴿ قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكْمُ ﴾ أي حظكم من الخير والشر.
﴿ قَال يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا المْرُسْلَينَ ﴾ بعض العرب يقول : يا قوم، يكسرها ولا يطلق ياء الاضافة كما حذفوا التنوين من نداء المفرد قالوا : يا زيد أقبل وبعضهم ينشد بيت زهير :
تبيَّنْ خليلِ هل تَرى مِنْ ظَعائنٍ تَحَمَّلْنَ بِالَعْلياء من فوق جُرْثُمِ
﴿ اتَّبِعُوا مَنْ لا َيْسَئُلكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ " من " في موضع جميع.
﴿ وَلاَ يُنْقِذُونِ ﴾ تكف هذه الياء - كما تكف ياء الاضافة - هاهنا وفي آية أخرى ﴿ رَبِّى أكْرَمَنِ وأَمَّا إذَا مَا ابْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾ قال الأعشى :
ومِن كاشحٍ ظاهر غمِرُه إذا ما انتسبتُ له أَنْكَرَنْ
والعرب تكف الياءات المكسورات والمفتوحات من الأرداف قال لبيد ابن ربيعة :
وقبيلٌ من لُكَيْزٍ شاهدٌ رَهْطُ مرجومٍ ورَهْط ابن المَعلّ
مرجوم العصري من بني عصرٍ من عبد القيس ؛ وابن المعلى جد الجارود الجذمي.
﴿ إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴾ مثل ومجازها : اسمعوني اسمعوا مني.
﴿ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ ﴾ عمل الفعل الذي قبلها فيها ﴿ أَلَمْ يَرَوْا ﴾ إذا كانت معلقة بما قبلها فهي مفتوحة.
﴿ وإنْ كُلٌّ ﴾ إذا خففت إن رفعت بها وإن ثَقَّلتَها نصبت ﴿ لَمَّا جَميعٌ ﴾ تفسيرها : وإن كلٌّ لجميع و ﴿ ما ﴾ مجازها مجاز ﴿ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً ﴾ و ﴿ عَمَّا قَليلِ ﴾.
﴿ الأرْضُ الْمَيْتَةُ ﴾ مخففةٌ الميت والميت قال قوم : إذا كان قد مات فهو خفيف وإذا لم يكن مات فهو مثقل. وقوم يجعلونه واحداً، الأصل الثقيل وهذا تخفيفها، مجازهن مجاز " هيّن "، " ليّن " ثم يخففون فيقولون : هيْن، ليْن، كما قال ابن الرعلاء الغساني :
ليس منَ مات فأستراح بمَيْتٍ إنما الْمَيت مَيِّت الأَحْياء
فجعله خفيفاً جميعاً موضعٌ قد مات، وموضع لم يمت ثم ثقل الخفيف.
﴿ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ لِيأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ ﴾ : مجاز هذا مجاز قول العرب يذكرون الاثنين ثم يقتصرون على خبر أحدهما وقد أشركوا ذاك فيه وفي القرآن :﴿ والذَّيْنَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلاَ يُْنِفُقونَهَا في سَبِيلِ اللهِ ﴾ وقال الأزرق بن طرفة ابن العمرد الفراصي من بني فراص من باهلة :
رماني بأَمرٍ كنتُ منه ووالدي بَرِئاً ومن دَون الطَّوِىِّ رمَانِي
اقتصر على خبر واحد وقد أدخل الآخر معه وقال حسان بن ثابت :
إن شَرْخَ الشباب والشَّعَر الَأْسود ما لم يعاص كان جنوناً
ولم يقل : يعاصيا وكانا.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٤:﴿ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ لِيأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ ﴾ : مجاز هذا مجاز قول العرب يذكرون الاثنين ثم يقتصرون على خبر أحدهما وقد أشركوا ذاك فيه وفي القرآن :﴿ والذَّيْنَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلاَ يُْنِفُقونَهَا في سَبِيلِ اللهِ ﴾ وقال الأزرق بن طرفة ابن العمرد الفراصي من بني فراص من باهلة :
رماني بأَمرٍ كنتُ منه ووالدي بَرِئاً ومن دَون الطَّوِىِّ رمَانِي
اقتصر على خبر واحد وقد أدخل الآخر معه وقال حسان بن ثابت :
إن شَرْخَ الشباب والشَّعَر الَأْسود ما لم يعاص كان جنوناً
ولم يقل : يعاصيا وكانا.

﴿ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ ﴾ : نميزه منه فنجئ بالظلمة ﴿ فَإذَ هُمْ مُّظْلِمُونَ ﴾ أي : يقال للرجل : سلخه الله من دينه.
﴿ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ القَدِيمِ ﴾ هو الإهان إهان العِذْق الذي في أعلاه العَثا كِيل وهي الشَّماريخ والعذق بفتح العين النخلة.
﴿ لاَ الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَدْرِكَ القْمَرَ ﴾ مجازها : لا يكون أن تفوت.
﴿ وكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ مجاز هذا مجاز الموات الذي أجرى مجرى الناس في القرآن ﴿ رأَيَتْهُمُ ليِ سَاجِدِينَ ﴾ وفي آية أخرى ﴿ لَقَدَ عَلَمِتَ مَا هُؤُلاَءِ يَنْطِقُون ﴾.
﴿ في الفْلُكِ الْمَشْحُونِ ﴾ المملوء يقال : شحنَها عليه خيلاً ورجالاً أي ملأها، والفلك القطب الذي تدور عليه السماء، والفلك السفينة، الواحد والجميع من السفن.
﴿ لاَ صَرِيخَ لَهُمْ ﴾ لا مغيث لهم.
﴿ وَلاَ هُمْ يُنْقَذُونَ إلاّ رَحْمةً مِّنَّا ﴾ مجازها مجاز المصدر الذي فعله بغير لفظه قال رؤبة :
إنّ نِزاراً أصبحتْ نِزارا دعوةَ أبرارٍ دعوا أبرارا
وقال الأحوص :
إنّي لأمْنِحَكَ الصَّدود وإنني قَسَمَاً إليك مع الصدود لأميلُ
﴿ وَنُفِخَ في الصَّورِ ﴾ : جميع صورةٍ فخرجت مخرج بسرة وبسر ولم تحلم على ظلمة وظلم ولو كانت كذلك لقلت " صُوَرٌ " فخرجت الواو بالفتحة ومجازها كسورة المدينة والجميع سور قال جرير :
لما أَتَى خبر الزُّبيِر تواضَعَتْ سورُ المدينةِ والجبالُ الخُشَّعُ
ومنها سور المجد أي : أعاليه وقال العجاج :
فرب ذي سُرداقٍ مَحْجورِ سِرتُ إليه في أعالي السُوْرِ
﴿ مِنَ الأَجْدَاثِ ﴾ : واحدها جدثٌ وهي لغة أهل العالية، وأهل نجد يقولون ﴿ جَذَفٌ ﴾.
﴿ يَنْسِلونَ ﴾ : يسرعون، والذئب يعسل وينسل.
﴿ يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِناَ ﴾ أي من منامنا ثم جاء ﴿ هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ المُرْسَلُونَ ﴾ استئناف.
﴿ مُحْضَرُونَ ﴾ مشهدون.
﴿ فيِ شُغُلٍ فِكُهونَ ﴾ الفكه الذي يتفكه تقول العرب للرجل إذ كان يتفكه بالطعام أوبالفاكهة أو بأعراض الناس، إن فلاناً لفكهٌ بأعراض قال خنساء أو عمرة بنتها :
فَكِهٌ عَلَى حينِ العشاء إذا *** حضَر الشتاء وعَزَّت الجُزُرُ
ومن قرأها فاكهون جعله كثير الفواكه صاحب فاكهة قال الحطيئة :
ودعوتَني وزعمتَ أن *** كَ لاَبِنٌ بالصيف تامِرُ
أي ذو لبن وتمرٍ أي عنده لبن كثير وتمر كثير وكذلك عاسل ولاحم وشاحم.
﴿ في ظِلالٍ ﴾ واحدها ظلةٍ وجميع الظل أظلال وهو الكن أي لا يضحون. ﴿ عَلَى الأرائِكِ ﴾ واحدتها أريكة وهي الفرش في الحجال قال ذو الرمة وجعلها فراشاً :
خُدوداً جَفَتْ في السَّير حتى كأنما يباشِرن بالمْعزاء مَسَّ الأرائك
﴿ مَا يَدَّعُونَ ﴾ أي ما يتمنون، تقول العرب : أدع على ما شئت أي تمنى على ما شئت.
﴿ سَلاَمٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ﴾ " سلام " رفع على " لَهُم " عملت فيها. " وقولاً " خرجت مخرج المصدر الذي يخرج من غير لفظ فعله.
﴿ وَامْتَازُوا ﴾ أي تميزوا.
﴿ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلّاً ﴾ مثقل وبعضهم لا يثقل ويضم الحرف الأول ويثقل اللام ومعناهن الخلق والجماعة.
﴿ وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ ﴾ يقال : أعمى طمسٌ ومطموسٌ وهو أن لا يكون بين جفنى العين غر وهو الشق بين الجفنين والريح تطمس الأثر فلا يرى الرجل يطمس الكتاب.
﴿ عَلَى مَكَانَتِهِمْ ﴾ المكان والمكانة واحد.
﴿ رَكُوبُهُمْ ﴾ ما ركبوا والحلوبة ما حلبوا و ﴿ رُكوبهم ﴾ فعلهم إذا ضم الأول.
﴿ وَهِيَ رَميمٌ ﴾ الرفات.
﴿ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ والملك واحد.
Icon