تفسير سورة يس

تفسير غريب القرآن للكواري
تفسير سورة سورة يس من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري .
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿أَغْلاَلًا﴾ جَمْعُ غُلٍّ، وَهُوَ القَيْدُ الثَّقِيلُ.
﴿فَهُم مُّقْمَحُونَ﴾ رَافِعُو رُؤُوسِهِمْ لا يَسْتَطِيعُونَ الإِطْرَاقَ، والإِقْمَاحُ: رَفْعُ الرَّأْسِ وَغَضُّ البَصَرِ، يقال: أَقْمَحَهُ الغُلُّ: إِذَا تَرَكَ رَأْسَهُ مَرْفُوعًا.
﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ أي: مِنَ الأَعْمَالِ وَالنِّيَّاتِ وغيرِها، في كتابٍ هُوَ أُمُّ الكُتُبِ وإليه مَرْجِعُ الكُتُبِ التي تكون بِأَيْدِي الملائكةِ، وهو اللوحُ المَحْفُوظُ.
﴿خَامِدُونَ﴾ مَيِّتُونَ، شبَّهَ مَوْتَهُمْ بِخُمُودِ النَّارِ، وهو انْطِفَاؤُهَا.
﴿نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ﴾ أي: نَفْصِلُ، وَسَمَّى اللهُ هذا الفصلَ سَلْخًا؛ لأنه يُشْبِهُ سَلْخَ الجِلْدِ من البهيمةِ، وهذا الانسلاخُ يأتي شيئًا فشيئًا، لَكِنْ إذا تَكَامَلَ الانسلاخُ وُجِدَتِ الظلمةُ كَامِلَةً، وفي الآية دلالةٌ عَلَى أن الأصلَ هُوَ الظلامُ، وأن النهارَ طَارِئٌ عليه.
﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا﴾ أي: دَائِمًا تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لها، قَدَّرَهُ اللهُ لها لا تَتَعَدَّاهُ ولا تُقَصِّرُ عنه، وليس لها تَصَرُّفٌ في نَفْسِهَا، ولا استعصاءٌ عَلَى قُدْرَةِ اللهِ تعالى.
﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ﴾ يَنْزِلُهَا، كُلَّ ليلةٍ يَنْزِلُ منها واحدةً، ﴿حَتَّى﴾ صَغُرَ جِدًّا.
﴿كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ﴾ العُرْجُونُ: هُوَ العودُ الَّذِي كان يَحْمِلُ عُنْقُودَ الْبَلَحِ إذا قُطِعَ عنه العنقودُ، والقديمُ: الَّذِي مضى عَلَى قَطْعِهِ سَنَةٌ فإنه يَتَقَوَّسُ وَيَنْحَنِي كالقوسِ، شُبِّهَ القمرُ به عند انتهائِه إلى آخِرِ مَنَازِلِهِ.
﴿فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ أي: يَتَرَدَّدُونَ عَلَى الدوامِ، فَكُلُّ هذا دليلٌ ظَاهِرٌ، وبرهانٌ بَاهِرٌ عَلَى عَظَمَةِ الخَالِقِ.
﴿المَشْحُونِ﴾ أي: المَمْلُوءِ رُكْبَانًا وَأَمْتِعَةً.
﴿فَلَا صَرِيخَ﴾ لا مُغِيثَ لهم، والصريخُ: صوتُ المُسْتَصْرِخِ، والصَّارِخُ والمُغِيثُ والمُسْتَغِيثُ، وَهُوَ مِنَ الأَضْدَادِ.
﴿يَخِصِّمُونَ﴾ يَخْتَصِمُونَ في أَمْرِ الدنيا مِنْ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَصَخَبٍ في الأسواقِ، وَهُمْ أَغْفَلُ ما يَكُونُونَ عَنْهَا.
﴿الْأَجْدَاثِ﴾ القُبُورِ.
﴿يَنسِلُونَ﴾ أَيْ: يَخْرُجُونَ مُسْرِعِينَ.
﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ﴾ هذا كلامُ الربِّ تعالى لأهلِ الجنةِ، وسلامُهُ عليهم، وَأَكَّدَهُ بقوله: ﴿قَوْلًا﴾ وإذا سَلَّمَ عليهم الربُّ الرحيمُ حَصَلَتْ لهم السلامةُ التامةُ من جميع الوجوهِ، وَحَصَلَتْ لهم التحيةُ التي لا تحيةَ أَعْلَى منها، ولا نعيمَ مِثْلهَا.
﴿وَامْتَازُوا﴾ يُقَالُ للمجرمين يومَ القيامةِ تَحْقِيرًا وَتَوْبِيخًا: انْعَزِلُوا بعيدًا عن المؤمنينَ الصَّالحِينَ، ولا تُخَالِطُوهُمْ فإنكم لم تكونوا معهم في الدنيا، ولن تكونوا معهم في الآخِرَةِ.
﴿جِبِلًّا﴾ خَلْقًا كَثِيرًا بسببِ إِصْغَائِكُمْ إِلَيْهِ وطاعتكم له، وجِبِلًّا: جَمْعُ جَبِيلٍ، وقيل: جمع جِبِلَّةٍ، وَالْجِبِلَّةُ: الأُمَّةُ والجَمَاعَةُ.
﴿لَطَمَسْنَا﴾ لأَعْمَيْنَاهُمْ، وَأَذْهَبْنَا أبصارَهم، كما عَمِيَتْ قلوبُهم عن الهُدَى، والطَّمْسُ: تَغْطِيَةُ شِقِّ العَيْنِ حتى تَعُودَ مَمْسُوحَةً.
﴿نُنَكِّسْهُ فِي الخَلْقِ﴾ أي: يَعُودُ إلى الحالةِ التي ابتدأَ منها، حالةِ الضَّعْفِ، ضَعْفِ العَقْلِ، وَضَعْفِ القُوَّةِ.
68
سُورة الصَّافَّاتِ
Icon