وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : نزلت سورة ﴿ قل أوحي ﴾ بمكة.
ﰡ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبد الْملك قَالَ: لم تحرس الْجِنّ فِي الفترة بَين عِيسَى وَمُحَمّد فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرست السَّمَاء الدُّنْيَا ورميت الْجِنّ بِالشُّهُبِ فاجتمعت إِلَى إِبْلِيس فَقَالَ: لقد حدث فِي الأَرْض حدث فتعرفوا فأخبرونا مَا هَذَا الْحَدث فَبعث هَؤُلَاءِ النَّفر إِلَى تهَامَة وَإِلَى جَانب الْيمن وهم أَشْرَاف الْجِنّ وسادتهم فوجدوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي صَلَاة الْغَدَاة بنخلة فسمعوه يَتْلُوا الْقُرْآن فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالَ: أَنْصتُوا فَلَمَّا قضى يَعْنِي بذلك أَنه فرغ من صَلَاة الصُّبْح ولوا إِلَى قَومهمْ منذرين مُؤمنين لم يشْعر بهم حَتَّى نزل ﴿قل أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع نفر من الْجِنّ﴾ يُقَال: سَبْعَة من أهل نَصِيبين
وَأخرج ابْن الْجَوْزِيّ فِي كتاب صفوة الصفوة بِسَنَدِهِ عَن سهل بن عبد الله قَالَ: كنت فِي نَاحيَة ديار عَاد إِذا رَأَيْت مَدِينَة من حجر منقورة فِي وَسطهَا قصر من حِجَارَة تأويه الْجِنّ فَدخلت فَإِذا شيخ عَظِيم الْخلق يُصَلِّي نَحْو الْكَعْبَة وَعَلِيهِ جُبَّة صوف فِيهَا طراوة فَلم أتعجب من عظم خلقته كتعجبي من طراوة جبته فَسلمت عَلَيْهِ فَرد عليّ السَّلَام وَقَالَ: يَا سهل إِن الْأَبدَان لَا تخلق الثِّيَاب وَإِنَّمَا يخلقها رَوَائِح الذُّنُوب ومطاعم السُّحت وَإِن هَذِه الْجُبَّة عليَّ مُنْذُ سَبْعمِائة سنة لقِيت بهَا عِيسَى ومحمداً عَلَيْهِمَا السَّلَام فآمنت بهما فَقلت لَهُ: وَمن أَنْت قَالَ: أَنا من الَّذين نزلت فيهم ﴿قل أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع نفر من الْجِنّ﴾ قَالَ: كَانُوا من جن نَصِيبين
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿تَعَالَى جد رَبنَا﴾ قَالَ: الْأَمر وعظمته
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَنه تَعَالَى جد رَبنَا﴾ قَالَ: أمره وَقدرته
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت قَول أُميَّة بن أبي الصَّلْت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: لَك الْحَمد والنعماء وَالْملك رَبنَا وَلَا شَيْء أَعلَى مِنْك جدا وأمجدا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو علمت الْجِنّ أَيَّة يكون فِي الإِنس مَا قَالُوا ﴿تَعَالَى جد رَبنَا﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله: ﴿تَعَالَى جد رَبنَا﴾ قَالَ: غنى رَبنَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿تَعَالَى جد رَبنَا﴾ قَالَ: تعالت عَظمته
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: ﴿تَعَالَى جد رَبنَا﴾ قَالَ: جلال رَبنَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَنه تَعَالَى جد رَبنَا﴾ قَالَ: ذكره وَفِي قَوْله: ﴿وَأَنه كَانَ يَقُول سفيهنا﴾ قَالَ: هُوَ إِبْلِيس
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي بِسَنَد واه عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ مَرْفُوعا ﴿وَأَنه كَانَ يَقُول سفيهنا﴾ قَالَ: إِبْلِيس
وَأخرج عبد بن حميد عَن عُثْمَان بن حَاضر مثله
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿وَأَنه كَانَ يَقُول سفيهنا على الله شططاً﴾ قَالَ: عَصَاهُ سَفِيه الْجِنّ كَمَا عَصَاهُ سَفِيه الإِنس
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَلْقَمَة أَنه كَانَ يقْرَأ الَّتِي فِي الْجِنّ وَالَّتِي فِي النَّجْم وَأَن وَأَنه بِالنّصب
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والعقيلي فِي الضُّعَفَاء وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن عَسَاكِر عَن كردم بن أبي السَّائِب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرجت مَعَ أبي إِلَى الْمَدِينَة فِي حَاجَة وَذَلِكَ أول مَا ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة فآوانا الْمبيت إِلَى راعي غنم فَلَمَّا انتصف اللَّيْل جَاءَ ذِئْب فَأخذ حملا من الْغنم فَوَثَبَ الرَّاعِي فَقَالَ: يَا عَامر الْوَادي أَنا جَار دَارك فَنَادَى منادٍ لَا ترَاهُ يَا سرحان
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي رَجَاء العطاردي من بني تَمِيم قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد رعيت على أَهلِي وكفيت مهنتهم فَلَمَّا بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرجنَا هراباً فأتينا على فلاة من الأَرْض وَكُنَّا إِذا أمسينا بِمِثْلِهَا قَالَ شَيخنَا: إِنَّا نَعُوذ بعزيز هَذَا الْوَادي من الْجِنّ اللَّيْلَة فَقُلْنَا ذَاك فَقيل لنا: إِنَّمَا سَبِيل هَذَا الرجل شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَمن أقرّ بهَا أَمن على دَمه وَمَاله فرجعنا فَدَخَلْنَا فِي الإِسلام قَالَ أَبُو رَجَاء: إِنِّي لأرى هَذِه الْآيَة نزلت فيّ وَفِي أَصْحَابِي ﴿وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ فزادوهم رهقاً﴾
وَأخرج أَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا من بني تَمِيم كَانَ جريئاً على اللَّيْل وَالرِّجَال وَأَنه سَار لَيْلَة فَنزل فِي أَرض مجنة فاستوحش فعقل رَاحِلَته ثمَّ توسد ذراعيها وَقَالَ: أعوذ بِسَيِّد هَذَا الْوَادي من شَرّ أَهله فأجاره شيخ مِنْهُم وَكَانَ مِنْهُم شَاب وَكَانَ سيداً فِي الْجِنّ فَغَضب الشَّاب لما أجاره الشَّيْخ فَأخذ حَرْبَة لَهُ قد سَقَاهَا السم لينحر نَاقَة الرجل بهَا فَتَلقاهُ الشَّيْخ دون النَّاقة فَقَالَ: [] يَا مَالك بن مهلهل مهلا فَذَلِك محجري وإزاري عَن نَاقَة الإِنسان لَا تعرض لَهَا واختر إِذا ورد المها أثواري إِنِّي ضمنت لَهُ سَلامَة رَحْله فَاكْفُفْ يَمِينك راشداً عَن جاري وَلَقَد أتيت إِلَى مَا لم أحتسب إِلَّا رعيت قَرَابَتي وجواري تسْعَى إِلَيْهِ بِحَرْبَة مَسْمُومَة أفّ لقربك يَا أَبَا اليقطاري لَوْلَا الْحيَاء وان أهلك جيرة لتمزقتك بِقُوَّة أظفاري فَقَالَ لَهُ الْفَتى: أَتُرِيدُ أَن تعلوا وتخفض ذكرنَا فِي غير مزرية أَبَا الْعيزَار متنحلاً أمرا لغيرك فَضله فارحل فَإِن الْمجد للمرار من كَانَ مِنْكُم سيداً فِيمَا مضى إِن الْخِيَار هم بَنو الأخيار فاقصد لقصدك يَا معيكر إِنَّمَا كَانَ المجير مهلهل بن وبار فَقَالَ الشَّيْخ: صدقت كَانَ أَبوك سيدنَا وأفضلنا دع هَذَا الرجل لَا أنازعك
وَأخرج الخرائطي فِي كتاب الهواتف عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا من بني تَمِيم يُقَال لَهُ: رَافع بن عُمَيْر حدث عَن بَدْء إِسْلَامه قَالَ: إِنِّي لأسير برمل عالج ذَات لَيْلَة إِذا غلبني النّوم فَنزلت عَن رَاحِلَتي وأنختها ونمت وَقد تعوذت قبل نومي فَقلت: أعوذ بعظيم هَذَا الْوَادي من الْجِنّ فَرَأَيْت رجلا فِي مَنَامِي بِيَدِهِ حَرْبَة يُرِيد أَن يَضَعهَا فِي نحر نَاقَتي فانتبهت فَزعًا فَنَظَرت يَمِينا وَشمَالًا فَلم أر شَيْئا فَقلت: هَذَا حلم
ثمَّ عدت فغفوت فَرَأَيْت مثل ذَلِك فانتبهت فَدرت حول نَاقَتي فَلم أر شَيْئا فَإِذا نَاقَتي ترْعد
ثمَّ غفوت فَرَأَيْت مثل ذَلِك فنتبهت فَرَأَيْت نَاقَتي تضطرب والتفتّ فَإِذا أَنا بِرَجُل شَاب كَالَّذي رَأَيْته فِي الْمَنَام بِيَدِهِ حَرْبَة وَرجل شيخ مُمْسك بِيَدِهِ يردهُ عَنْهَا فَبَيْنَمَا هما يتنازعان إِذْ طلعت ثَلَاثَة أثوار من الْوَحْش فَقَالَ الشَّيْخ للفتى: قُم فَخذ أَيهَا شِئْت فدَاء لناقة جاري الإِنسي
فَقَامَ الْفَتى فَأخذ مِنْهَا ثوراً عَظِيما وَانْصَرف ثمَّ الْتفت إِلَى الشَّيْخ وَقَالَ: يَا هَذَا إِذا نزلت وَاديا من الأودية فَخفت هوله فَقل: أعوذ بِاللَّه رب مُحَمَّد من هول هَذَا الْوَادي ولاتعذ بِأحد من الْجِنّ فقد بَطل أمرهَا
فَقلت لَهُ: وَمن مُحَمَّد هَذَا قَالَ: نَبِي عَرَبِيّ لاشرقي وَلَا غربي بعث يَوْم الأثنين
قلت: فَأَيْنَ مَسْكَنه قَالَ: يثرب ذَات النّخل
فركبت رَاحِلَتي حِين برق الصُّبْح وجددت السّير حَتَّى أتيت الْمَدِينَة فرآني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحَدثني بحديثي قبل أَن أذكر لَهُ مِنْهُ شَيْئا وَدَعَانِي إِلَى الإِسلام فَأسْلمت
قَالَ سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ: وَكُنَّا نرى أَنه هُوَ الَّذِي أنزل الله فِيهِ ﴿وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ فزادوهم رهقاً﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ﴾ قَالَ: كَانَ رجال من الإِنس يبيت أحدهم فِي الْجَاهِلِيَّة بالوادي فَيَقُول: أعوذ بعزيز هَذَا الْوَادي ﴿فزادوهم رهقاً﴾ قَالَ: إِثْمًا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ﴾ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ إِذا هَبَطُوا وَاديا: نَعُوذ بعظيم هَذَا الْوَادي ﴿فزادوهم رهقاً﴾ قَالَ: زادوا الْكفَّار طغياناً
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ﴾ قَالَ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا نزلُوا منزلا قَالُوا: نَعُوذ بعزيز هَذَا الْمَكَان ﴿فزادوهم رهقاً﴾ يَقُول: خَطِيئَة وإثماً
وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم ﴿وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ فزادوهم رهقاً﴾ قَالَ: كَانَ الْقَوْم إِذا نزلُوا وَاديا قَالُوا: نَعُوذ بِسَيِّد أهل هَذَا الْوَادي فَقَالُوا: نَحن لَا نملك لنا وَلَا لكم ضراً وَلَا نفعا وَهَؤُلَاء يخافونا فاحتووا عَلَيْهِم
وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس ﴿وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ فزادوهم رهقاً﴾ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: فلَان رب هَذَا الْوَادي من الْجِنّ فَكَانَ أحدهم إِذا دخل ذَلِك الْوَادي يعوذ بِرَبّ الْوَادي من دون الله فيزيده بذلك ﴿رهقاً﴾ أَي خوفًا
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِن نَاسا فِي الْجَاهِلِيَّة كَانُوا إِذا أَتَوْ وَاديا للجن نَاد مُنَادِي الإِنس إِلَى خِيَار الْجِنّ أَن احْبِسُوا عَنَّا سفهاءكم فَلم يُغْنِهِم مَا وعظوا بِهِ ﴿فزادوهم رهقاً﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الْقَوْم فِي الْجَاهِلِيَّة إذانزلوا بالوادي قَالُوا: نَعُوذ بِسَيِّد هَذَا الوادجي من شَرّ مَا فِيهِ فَلَا يكونُونَ بِشَيْء أَشد ولعاً مِنْهُم بهم فَذَلِك قَوْله: ﴿فزادوهم رهقاً﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أَبِيه قَالَ: ذهبت لأسلم حِين بعث الله حمدا مَعَ رجلَيْنِ أَو ثَلَاثَة فِي الإِسلام فَأتيت المَاء حَيْثُ يجْتَمع النَّاس فَإِذا النَّاس براعي الْقرْيَة الَّذِي يرْعَى لَهُم أغنامهم فَقَالَ: لَا أرعى لكم أغنامكم
قَالُوا: لم قَالَ: يَجِيء الذِّئْب كل لَيْلَة يَأْخُذ شَاة وصنمكم هَذَا رَاقِد لَا يضر وَلَا
أخرج عبد بن حميد فِي قَوْله: ﴿وَأَنا لمسنا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا ملئت حرساً شَدِيدا وشهباً﴾ قَالَ: كَانَت الْجِنّ تسمع سمع السَّمَاء فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا حرست السَّمَاء منعُوا ذَلِك فتفقدت الْجِنّ ذَلِك من أَنْفسهَا
قَالَ: وَذكر لنا أَن أَشْرَاف الْجِنّ كَانُوا بنصيبين من أَرض المموصل فطلبوا وصوبوا النّظر حَتَّى سقطوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ عَامِدًا إِلَى عطاظ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي دَلَائِل النُّبُوَّة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الشَّيَاطِين لَهُم مقاعد فِي السَّمَاء يَسْتَمِعُون فِيهَا الْوَحْي فَإِذا سمعُوا الْكَلِمَة زادوا فِيهَا تسعا فَأَما الْكَلِمَة فَتكون حَقًا وَأما مَا زادوا فَيكون بَاطِلا فَلَمَّا بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منعُوا مَقَاعِدهمْ فَذكرُوا ذَلِك لإِبليس وَلم تكن النُّجُوم يَرْمِي بهَا قبل ذَلِك فَقَالَ لَهُم إِبْلِيس: مَا هَذَا الْأَمر إِلَّا لأمر حدث فِي الأَرْض فَبعث جُنُوده فوجدوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِما يُصَلِّي بَين جبلي نَخْلَة فَأتوهُ فأخبروه فَقَالَ: هَذَا الْحَدث الَّذِي حدث فِي الأَرْض
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ للجن مقاعد فِي السَّمَاء يَسْتَمِعُون الْوَحْي فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذا بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فدحرت الشَّيَاطِين من السَّمَاء ورموا بالكواكب فَجعل لَا يصعد أحد مِنْهُم إِلَّا احْتَرَقَ وفزع أهل الأَرْض لما رَأَوْا من الْكَوَاكِب وَلم يكن قبل ذَلِك وَقَالَ إِبْلِيس: حدث فِي الأَرْض حدث فَأتى من كل أَرض بتربة فشمها فَقَالَ لتربة تهَامَة: هُنَا حدث الْحَدث فصرف إِلَيْهِ نَفرا من الْجِنّ فهم الَّذين اسْتَمعُوا الْقُرْآن
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لم تكن سَمَاء الدُّنْيَا تحرس فِي الفترة بَين عِيسَى وَمُحَمّد عَلَيْهِمَا السَّلَام وَكَانُوا يَقْعُدُونَ مِنْهَا مقاعد للسمع فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرست السَّمَاء شَدِيدا ورجمت الشَّيَاطِين فانكروا ذَلِك فَقَالُوا: ﴿لَا نَدْرِي أشر أُرِيد بِمن فِي الأَرْض أم أَرَادَ بهم رَبهم رشدا﴾
وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَمْرو قَالَ: لما كَانَ الْيَوْم الَّذِي تنبأ فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منعت الشَّيَاطِين من السَّمَاء ورموا بِالشُّهُبِ
وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: لم يرم بِنَجْم مُنْذُ رفع عِيسَى حَتَّى تنبأ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رمى بهَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: إِن الله حجب الشَّيَاطِين عَن السّمع بِهَذِهِ النُّجُوم انْقَطَعت الكهنة فَلَا كهَانَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَأَنا كُنَّا نقعد مِنْهَا مقاعد للسمع﴾ قَالَ: حرست بِهِ السَّمَاء حِين بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكيلا يسترق السّمع فأنكرت الْجِنّ ذَلِك فَكَانَ كل من اسْتمع مِنْهُم قذف
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الْجِنّ قبل أَن يبْعَث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَسْتَمِعُون من السَّمَاء فَلَمَّا بعث حرست فَلم يستطيعوا فجاؤوا إِلَى قَومهمْ يَقُولُونَ للَّذين لم يستمعوا فَقَالُوا: ﴿وَأَنا لمسنا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا ملئت حرساً شَدِيدا﴾ وهم الْمَلَائِكَة ﴿وشهباً﴾ وَهِي الْكَوَاكِب ﴿وَأَنا كُنَّا نقعد مِنْهَا مقاعد للسمع فَمن يستمع الْآن يجد لَهُ شهاباً رصداً﴾ يَقُول: نجماً قد أوصد لَهُ يَرْمِي بِهِ
قَالَ: فَلَمَّا رموا بِالنَّجْمِ قَالُوا لقومهم: ﴿وَأَنا لَا نَدْرِي أشر أُرِيد بِمن فِي الأَرْض أم أَرَادَ بهم رَبهم رشدا﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿يجد لَهُ شهاباً﴾ قَالَ: من النُّجُوم ﴿رصداً﴾ قَالَ: من الْمَلَائِكَة وَفِي قَوْله: ﴿وَأَنا لَا نَدْرِي أشر أُرِيد بِمن فِي الأَرْض﴾ قَالُوا: لَا نَدْرِي لم بعث هَذَا النَّبِي لِأَن يُؤمنُوا بِهِ ويتبعوه فيرشدوا أَو لِأَن يكفروا بِهِ ويكذبوه فيهلكوا كَمَا هلك من قبلهم من الْأُمَم وَالله أعلم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى :﴿ وأنه تعالى جد ربنا ﴾ قال : أمره وقدرته.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله :﴿ تعالى جد ربنا ﴾ قال : عظمته. قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم. أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت الشاعر وهو يقول :
لك الحمد والنعماء والملك ربنا | ولا شيء أعلى منك جداً وأمجدا |
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله :﴿ تعالى جد ربنا ﴾ قال : غنى ربنا.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله :﴿ تعالى جد ربنا ﴾ قال : تعالت عظمته.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله :﴿ تعالى جد ربنا ﴾ قال : جلال ربنا.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله تعالى :﴿ وأنه تعالى جد ربنا ﴾ قال : ذكره. وفي قوله :﴿ وأنه كان يقول سفيهنا ﴾ قال : هو إبليس.
وأخرج ابن مردويه والديلمي بسند واه عن أبي موسى الأشعري مرفوعاً ﴿ وأنه كان يقول سفيهنا ﴾ قال : إبليس.
وأخرج عبد بن حميد عن عثمان بن حاضر مثله.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ﴿ وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططاً ﴾ قال : عصاه سفيه الجن كما عصاه سفيه الإِنس.
وأخرج عبد بن حميد عن علقمة أنه كان يقرأ التي في الجن والتي في النجم وأن وأنه بالنصب.
وأخرج ابن سعد عن أبي رجاء العطاردي من بني تميم قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رعيت على أهلي وكفيت مهنتهم، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم خرجنا هراباً فأتينا على فلاة من الأرض، وكنا إذا أمسينا بمثلها قال شيخنا : إنا نعوذ بعزيز هذا الوادي من الجن الليلة، فقلنا ذاك، فقيل لنا : إنما سبيل هذا الرجل شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فمن أقرّ بها أمن على دمه وماله، فرجعنا فدخلنا في الإِسلام قال أبو رجاء : إني لأرى هذه الآية نزلت فيّ وفي أصحابي ﴿ وأنه كان رجال من الإِنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً ﴾.
وأخرج أبو نصر السجزي في الإِبانة من طريق مجاهد عن ابن عباس أن رجلاً من بني تميم كان جريئاً على الليل والرجال، وأنه سار ليلة فنزل في أرض مجنة، فاستوحش، فعقل راحلته، ثم توسد ذراعيها وقال : أعوذ بسيد هذا الوادي من شر أهله، فأجاره شيخ منهم، وكان منهم شاب وكان سيداً في الجن، فغضب الشاب لما أجاره الشيخ، فأخذ حربة له قد سقاها السم لينحر ناقة الرجل بها فتلقاه الشيخ دون الناقة فقال :
يا مالك بن مهلهل *** مهلاً فذلك محجري وإزاري
عن ناقة الإِنسان لا تعرض لها *** واختر إذا ورد المها أثواري
إني ضمنت له سلامة رحله *** فاكفف يمينك راشداً عن جاري
ولقد أتيت إلى ما لم أحتسب *** إلا رعيت قرابتي وجواري
تسعى إليه بحربة مسمومة *** أفّ لقربك يا أبا اليقطاري
لولا الحياء وان أهلك جيرة *** لتمزقتك بقوة أظفاري
فقال له الفتى :
أتريد أن تعلوا وتخفض ذكرنا *** في غير مزرية أبا العيزار
متنحلاً أمراً لغيرك فضله *** فارحل فإن المجد للمرار
من كان منكم سيداً فيما مضى *** إن الخيار هم بنو الأخيار
فاقصد لقصدك يا معيكر إنما *** كان المجير مهلهل بن وبار
فقال الشيخ : صدقت كان أبوك سيدنا وأفضلنا، دع هذا الرجل لا أنازعك بعده أحداً، فتركه، فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فقص عليه القصة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إذا أصاب أحداً منكم وحشة، أو نزل بأرض مجنة فليقل : أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما يلج في الأرض، وما يخرج منها، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، ومن فتن الليل، ومن طوارق النهار إلا طارقاً يطرق بخير » فأنزل الله في ذلك ﴿ وأنه كان رجال من الإِنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً ﴾ قال أبو نصر : غريب جداً لم نكتبه إلا من هذا الوجه.
وأخرج الخرائطي في كتاب الهواتف عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أن رجلاً من بني تميم يقال له : رافع بن عمير حدث عن بدء إسلامه قال : إني لأسير برمل عالج ذات ليلة إذا غلبني النوم فنزلت عن راحلتي وأنختها ونمت وقد تعوذت قبل نومي فقلت : أعوذ بعظيم هذا الوادي من الجن فرأيت رجلاً في منامي بيده حربة يريد أن يضعها في نحر ناقتي، فانتبهت فزعاً فنظرت يميناً وشمالاً فلم أر شيئاً، فقلت : هذا حلم. ثم عدت فغفوت فرأيت مثل ذلك فانتبهت فدرت حول ناقتي فلم أر شيئاً، فإذا ناقتي ترعد. ثم غفوت فرأيت مثل ذلك فانتبهت فرأيت ناقتي تضطرب، والتفتّ فإذا أنا برجل شاب كالذي رأيته في المنام بيده حربة ورجل شيخ ممسك بيده يرده عنها فبينما هما يتنازعان، إذ طلعت ثلاثة أثوار من الوحش فقال الشيخ للفتى : قم فخذ أيها شئت فداء لناقة جاري الإِنسي. فقام الفتى فأخذ منها ثوراً عظيماً وانصرف، ثم التفت إلى الشيخ وقال : يا هذا إذا نزلت وادياً من الأودية فخفت هوله فقل : أعوذ بالله رب محمد من هول هذا الوادي، ولا تعذ بأحد من الجن، فقد بطل أمرها. فقلت له : ومن محمد هذا ؟ قال : نبي عربي لا شرقي ولا غربي بعث يوم الاثنين. قلت : فأين مسكنه ؟ قال : يثرب ذات النخل. فركبت راحلتي حين برق الصبح وجددت السير حتى أتيت المدينة، فرآني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحدثني بحديثي قبل أن أذكر له منه شيئاً ودعاني إلى الإِسلام فأسلمت. قال سعيد بن جبير رضي الله عنه : وكنا نرى أنه هو الذي أنزل الله فيه ﴿ وأنه كان رجال من الإِنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ وأنه كان رجال من الإِنس يعوذون برجال من الجن ﴾ قال : كان رجال من الإِنس يبيت أحدهم في الجاهلية بالوادي فيقول : أعوذ بعزيز هذا الوادي ﴿ فزادوهم رهقاً ﴾ قال : إثماً.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن في قوله :﴿ وأنه كان رجال من الإِنس يعوذون برجال من الجن ﴾ قال : كان أحدهم إذا نزل الوادي يقول : أعوذ بعزيز هذا الوادي من شر سفهاء قومه، فيأمن في نفسه ليلته أو يومه.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ وأنه كان رجال من الإِنس يعوذون برجال من الجن ﴾ قال : كانوا يقولون إذا هبطوا وادياً : نعوذ بعظيم هذا الوادي ﴿ فزادوهم رهقاً ﴾ قال : زادوا الكفار طغياناً.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله :﴿ وأنه كان رجال من الإِنس يعوذون برجال من الجن ﴾ قال : كانوا في الجاهلية إذا نزلوا منزلاً قالوا : نعوذ بعزيز هذا المكان ﴿ فزادوهم رهقاً ﴾ يقول : خطيئة وإثماً.
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم ﴿ وأنه كان رجال من الإِنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً ﴾ قال : كان القوم إذا نزلوا وادياً قالوا : نعوذ بسيد أهل هذا الوادي فقالوا : نحن لا نملك لنا ولا لكم ضراً ولا نفعاً، وهؤلاء يخافونا فاحتووا عليهم.
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس ﴿ وأنه كان رجال من الإِنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً ﴾ قال : كانوا يقولون : فلان رب هذا الوادي من الجن، فكان أحدهم إذا دخل ذلك الوادي يعوذ برب الوادي من دون الله، فيزيده بذلك ﴿ رهقاً ﴾ أي خوفاً.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : إن ناساً في الجاهلية كانوا إذا أتوا وادياً للجن ناد منادي الإِنس إلى خيار الجن أن احبسوا عنا سفهاءكم فلم يغنهم ما وعظوا به ﴿ فزادوهم رهقاً ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : كان القوم في الجاهلية إذا نزلوا بالوادي قالوا : نعوذ بسيد هذا الوادي من شر ما فيه فلا يكونون بشيء أشد ولعاً منهم بهم، فذلك قوله :﴿ فزادوهم رهقاً ﴾.
وأخرج ابن مردويه من طريق معاوية بن قرة عن أبيه قال : ذهبت لأسلم حين بعث الله محمداً مع رجلين أو ثلاثة في الإِسلام، فأتيت الماء حيث يجتمع الناس، فإذا الناس براعي القرية الذي يرعى لهم أغنامهم، فقال : لا أرعى لكم أغنامكم. قالوا : لم ؟ قال : يجيء الذئب كل ليلة يأخذ شاة وصنمكم هذا راقد لا يضر ولا ينفع ولا يقر ولا ينكر، فذهبوا وأنا أرجو أن يسلموا، فلما أصبحنا جاء الراعي يشتد يقول : البشرى البشرى قد جيء بالذئب وهو مقموط بين يدي الصنم بغير قماط، فذهبوا وذهبت معهم فقتلوه وسجدوا له، وقالوا : هكذا فاصنع، فدخلت على محمد صلى الله عليه وسلم، فحدثته هذا الحديث فقال : لعب بهم الشيطان.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معاً في دلائل النبوة عن ابن عباس قال : كان الشياطين لهم مقاعد في السماء يستمعون فيها الوحي، فإذا سمعوا الكلمة زادوا فيها تسعاً فأما الكلمة فتكون حقاً، وأما ما زادوا فيكون باطلاً، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم منعوا مقاعدهم، فذكروا ذلك لإِبليس، ولم تكن النجوم يرمي بها قبل ذلك، فقال لهم إبليس : ما هذا الأمر إلا لأمر حدث في الأرض، فبعث جنوده فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً يصلي بين جبلي نخلة، فأتوه فأخبروه، فقال : هذا الحدث الذي حدث في الأرض.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال : كان للجن مقاعد في السماء يستمعون الوحي، فبينما هم كذلك إذ بعث النبي صلى الله عليه وسلم، فدحرت الشياطين من السماء ورموا بالكواكب، فجعل لا يصعد أحد منهم إلا احترق، وفزع أهل الأرض لما رأوا من الكواكب ولم يكن قبل ذلك، وقال إبليس : حدث في الأرض حدث فأتى من كل أرض بتربة فشمها، فقال لتربة تهامة : هنا حدث الحدث فصرف إليه نفراً من الجن فهم الذين استمعوا القرآن.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : لم تكن سماء الدنيا تحرس في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام، وكانوا يقعدون منها مقاعد للسمع، فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم حرست السماء شديداً ورجمت الشياطين، فانكروا ذلك، فقالوا :﴿ لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشداً ﴾ فقال إبليس : لقد حدث في الأرض حدث، فاجتمعت إليه الجن، فقال : تفرقوا في الأرض فأخبروني ما هذا الحدث الذي حدث في السماء ؟ وكان أول بعث بعث ركب من أهل نصيبين، وهم أشراف الجن وساداتهم، فبعثهم إلى تهامة، فاندفعوا حتى بلغوا الوادي وادي نخلة فوجدوا نبي الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الغداة، ولم يكن نبي الله صلى الله عليه وسلم علم أنهم استمعوا إليه، وهو يقرأ القرآن، فلما قضى يقول : لما فرغ من الصلاة ولوا إلى قومهم منذرين يقول : مؤمنين.
وأخرج الواقدي وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عمرو قال : لما كان اليوم الذي تنبأ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم منعت الشياطين من السماء ورموا بالشهب.
وأخرج الواقدي وأبو نعيم عن أبيّ بن كعب قال : لم يرم بنجم منذ رفع عيسى حتى تنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى بها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع ﴾ قال : حرست به السماء حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم لكيلا يسترق السمع، فأنكرت الجن ذلك، فكان كل من استمع منهم قذف.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : كانت الجن قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم يستمعون من السماء، فلما بعث حرست فلم يستطيعوا فجاؤوا إلى قومهم يقولون للذين لم يستمعوا فقالوا :﴿ إنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرساً شديداً ﴾ وهم الملائكة ﴿ وشهباً ﴾ وهي الكواكب ﴿ وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهاباً رصداً ﴾ يقول : نجماً قد أوصد له يرمي به. قال : فلما رموا بالنجم قالوا لقومهم :﴿ أنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشداً ﴾.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله :﴿ يجد له شهاباً ﴾ قال : من النجوم ﴿ رصداً ﴾ قال : من الملائكة وفي قوله :﴿ وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض ﴾ قالوا : لا ندري لم بعث هذا النبي لأن يؤمنوا به ويتبعوه فيرشدوا أو لأن يكفروا به ويكذبوه فيهلكوا كما هلك من قبلهم من الأمم والله أعلم.
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله تَعَالَى: ﴿طرائق قدداً﴾ قَالَ: المنقطعة فِي كل وَجه
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: وَلَقَد قلت وَزيد حاسر يَوْم ولت خيل زيد قدداً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿كُنَّا طرائق قدداً﴾ قَالَ: أهواء مُخْتَلفَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿كُنَّا طرائق قدداً﴾ قَالَ: مُسلمين وكافرين
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿كُنَّا طرائق قدداً﴾ يَعْنِي الْجِنّ هم مثلكُمْ قدرية ومرجئة ورافضة وشيعة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿وَأَنا ظننا أَن لن نعجز الله فِي الأَرْض﴾ الْآيَة قَالُوا: لن نمتنع مِنْهُ فِي الأَرْض وَلَا هرباً
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فَلَا يخَاف بخساً وَلَا رهقاً﴾ قَالَ: لَا يخَاف نقصا من حَسَنَاته ﴿وَلَا رهقاً﴾ وَلَا أَن يحمل عَلَيْهِ ذَنْب غَيره
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وَمنا القاسطون﴾ قَالَ: هم الظَّالِمُونَ
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَمنا القاسطون﴾ قَالَ: هم الجائرون وَفِي قَوْله: ﴿وَإِن لَو استقاموا على الطَّرِيقَة لأسقيناهم مَاء غدقاً﴾ قَالَ: لَو آمنُوا كلهم ﴿لأسقيناهم﴾ لأوسعنا لَهُم من الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَأَن لَو استقاموا على الطَّرِيقَة﴾ قَالَ: أَقَامُوا مَا أمروا بِهِ ﴿لأسقيناهم مَاء غدقاً﴾ قَالَ: معينا
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله: ﴿وَإِن لَو استقاموا على الطَّرِيقَة لأسقيناهم﴾ الْآيَة قَالَ: يَقُول لَو استقاموا على طَاعَة الله وَمَا أمروا بِهِ لأكْثر الله لَهُم من الْأَمْوَال حَتَّى يغتنوا بهَا ثمَّ يَقُول الْحسن: وَالله إِن كَانَ أَصْحَاب مُحَمَّد لكذلك كَانُوا سَامِعين لله مُطِيعِينَ لَهُ فتحت عَلَيْهِم كنوز كسْرَى وَقَيْصَر فتنُوا بهَا فَوَثَبُوا بإمامهم فَقَتَلُوهُ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وَأَن لَو استقاموا على الطَّرِيقَة﴾ قَالَ: طَريقَة الإِسلام ﴿لأسقيناهم مَاء غدقاً﴾ قَالَ: لأعطيناهم مَالا كثيرا
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: ﴿مَاء غدقاً﴾ قَالَ: كثيرا جَارِيا
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر يَقُول: تدني كراديس ملتفاً حدائقها كالنبت جَادَتْ بِهِ أنهارها غدقاً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن السّري قَالَ: قَالَ عمر ﴿وَأَن لَو استقاموا على الطَّرِيقَة لأسقيناهم مَاء غدقاً﴾ قَالَ: لأعطيناهم مَالا كثيرا
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك ﴿لأسقيناهم مَاء غدقاً﴾ قَالَ: كثيرا وَالْمَاء المَال
وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله: ﴿مَاء غدقاً﴾ قَالَ: عَيْشًا رغداً
وَفِي قَوْله: ﴿وَمن يعرض عَن ذكر ربه يسلكه عذَابا صعداً﴾ قَالَ: مشقة الْعَذَاب يصعد فِيهَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿لنفتنهم فِيهِ﴾ قَالَ: لنبتليهم حَتَّى يرجِعوا إِلَى مَا كتب عَلَيْهِم وَفِي قَوْله: ﴿عذَابا صعداً﴾ قَالَ: مشقة من الْعَذَاب
وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿يسلكه عذَابا صعداً﴾ قَالَ: جبلا فِي جَهَنَّم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿عذَابا صعداً﴾ قَالَ: صعُودًا من عَذَاب الله ل اراحة فِيهِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿عذَابا صعداً﴾ قَالَ: صعُودًا من عَذَاب الله لَا رَاحَة فِيهِ
وَأخرج هناد عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة فِي قَوْله: ﴿عذَابا صعداً﴾ قَالَ: مشقة من الْعَذَاب
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ يسلكه بِالْيَاءِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَأَن الْمَسَاجِد لله﴾ قَالَ: لم يكن يَوْم نزلت هَذِه الْآيَة فِي الأَرْض مَسْجِد إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَسْجِد إيليا بَيت الْمُقَدّس
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَعْمَش قَالَ: قَالَت الْجِنّ: يَا رَسُول الله ائْذَنْ لنا فنشهد مَعَك الصَّلَوَات فِي مسجدك فَأنْزل الله ﴿وَأَن الْمَسَاجِد لله فَلَا تدعوا مَعَ الله أحدا﴾ يَقُول: صلوا لَا تخالطوا النَّاس
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قَالَت الْجِنّ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَيفَ لنا أَن نأتي الْمَسْجِد وَنحن ناؤون عَنْك أَو كَيفَ نشْهد الصَّلَاة وَنحن ناؤون عَنْك فَنزلت ﴿وَأَن الْمَسَاجِد لله﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿وَأَن الْمَسَاجِد لله﴾ الْآيَة قَالَ: إِن الْيَهُود وَالنَّصَارَى إِذا دخلُوا بيعهم وكنائسهم أشركوا برَبهمْ فَأَمرهمْ أَن يوحدوه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَأَن الْمَسَاجِد لله فَلَا تدعوا مَعَ الله أحدا﴾ قَالَ: كَانَت الْيَهُود وَالنَّصَارَى إِذا دخلُوا بيعهم وكنائسهم أشركوا بِاللَّه فَأمر الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يخلص الدعْوَة لله إِذا دخل الْمَسْجِد
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ ومنا القاسطون ﴾ قال : هم الظالمون.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله :﴿ ومنا القاسطون ﴾ قال : هم الجائرون. وفي قوله :﴿ وأَلَّوِ استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقاً ﴾ قال : لو آمنوا كلهم ﴿ لأسقيناهم ﴾ لأوسعنا لهم من الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ وأَلَّوِ استقاموا على الطريقة ﴾ قال : أقاموا ما أمروا به ﴿ لأسقيناهم ماء غدقاً ﴾ قال : معيناً.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله :﴿ وأَلَّوِ استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ﴾ الآية، قال : يقول لو استقاموا على طاعة الله وما أمروا به لأكثر الله لهم من الأموال حتى يغتنوا بها، ثم يقول الحسن : والله إن كان أصحاب محمد لكذلك، كانوا سامعين لله مطيعين له، فتحت عليهم كنوز كسرى وقيصر، فتنوا بها فوثبوا بإمامهم فقتلوه.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ وأَلَّوِ استقاموا على الطريقة ﴾ قال : طريقة الإِسلام ﴿ لأسقيناهم ماء غدقاً ﴾ قال : لأعطيناهم مالاً كثيراً.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله :﴿ ماء غدقاً ﴾ قال : كثيراً جارياً. قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم. أما سمعت الشاعر يقول :
تدني كراديس ملتفاً حدائقها | كالنبت جادت به أنهارها غدقاً |
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك ﴿ لأسقيناهم ماء غدقاً ﴾ قال : كثيراً، والماء المال.
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس في قوله :﴿ ماء غدقاً ﴾ قال : عيشاً رغداً.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله :﴿ لنفتنهم فيه ﴾ قال : لنبتليهم حتى يرجعوا إلى ما كتب عليهم وفي قوله :﴿ عذاباً صعداً ﴾ قال : مشقة من العذاب.
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله :﴿ يسلكه عذاباً صعداً ﴾ قال : جبلاً في جهنم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ عذاباً صعداً ﴾ قال : صعوداً من عذاب الله لا راحة فيه.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله :﴿ عذاباً صعداً ﴾ قال : صعوداً من عذاب الله لا راحة فيه.
وأخرج هناد عن مجاهد وعكرمة في قوله :﴿ عذاباً صعداً ﴾ قال : مشقة من العذاب.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ «يسلكه » بالياء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش قال : قالت الجن : يا رسول الله ائذن لنا فنشهد معك الصلوات في مسجدك، فأنزل الله ﴿ وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً ﴾ يقول : صلوا لا تخالطوا الناس.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : قالت الجن للنبي صلى الله عليه وسلم : كيف لنا أن نأتي المسجد ونحن ناؤون عنك ؟ أو كيف نشهد الصلاة ونحن ناؤون عنك ؟ فنزلت ﴿ وأن المساجد لله ﴾ الآية.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله :﴿ وأن المساجد لله ﴾ الآية، قال : إن اليهود والنصارى إذا دخلوا بيعهم وكنائسهم أشركوا بربهم، فأمرهم أن يوحدوه.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله :﴿ وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً ﴾ قال : كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا بيعهم وكنائسهم أشركوا بالله، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخلص الدعوة لله إذا دخل المسجد.
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَأَنه لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً﴾ قَالَ: لما سمعُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتْلُوا الْقُرْآن كَادُوا يركبونه من الْحِرْص لما سَمِعُوهُ يَتْلُو الْقُرْآن ودنوا مِنْهُ فَلم يعلم بهم حَتَّى أَتَاهُ الرَّسُول فَجعل يقرئه ﴿قل أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع نفر من الْجِنّ﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الزبير بن الْعَوام مثله
وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَأَنه لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً﴾ قَالَ: لما أَتَى الْجِنّ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ يَرْكَعُونَ بركوعه ويسجدون بسجوده فعجبوا من طواعية أَصْحَابه لَهُ فَقَالُوا لقومهم: ﴿لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَإنَّهُ لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً﴾ قَالَ: لما قَامَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تلبدت الإِنس وَالْجِنّ على هَذَا الْأَمر ليطفئوه فَأبى الله إِلَّا أَن ينصره ويظهره على من ناوأه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن ﴿وَأَنه لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ﴾ قَالَ: لما قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله وَيَدْعُو النَّاس إِلَى رَبهم كَادَت الْعَرَب تلبد عَلَيْهِ جَمِيعًا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً﴾ قَالَ: أعواناً
وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق أبي بكر عَن أبي عَاصِم أَنه قَرَأَ ﴿يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً﴾ بِكَسْر اللَّام وَنصب الْبَاء وَفِي (لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد) (مَالا لبدا) بِرَفْع اللَّام وَنصب الْبَاء وفسرها أَبُو بكر فَقَالَ: (لبداً) كثيرا و (لبداً) بَعْضهَا على بعض
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ ﴿قل إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي﴾ بِغَيْر ألف
وَأخرج ابْن جرير عَن حضرمي
قَالَ: ذكر لنا أَن جنياً من الْجِنّ من أَشْرَافهم ذَا تبع قَالَ: إِنَّمَا يُرِيد مُحَمَّد أَن نجيره وَأَنا أجيره فَأنْزل الله ﴿قل إِنِّي لن يجيرني من الله أحد﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: انْطَلَقت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْجِنّ حَتَّى أَتَى الْحجُون فَخط عَليّ خطا ثمَّ تقدم إِلَيْهِم فازدحموا عَلَيْهِ فَقَالَ سيدهم يُقَال لَهُ وردان: الا أَرجُلهم عَنْك يَا رَسُول الله قَالَ: ﴿إِنِّي لن يجيرني من الله أحد﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿وَلنْ أجد من دونه ملتحداً﴾ قَالَ: ملْجأ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَلنْ أجد من دونه ملتحداً﴾ قَالَ: ملْجأ وَلَا نَصِيرًا إِلَّا بلاغاً من الله ورسالاته
قَالَ: هَذَا الَّذِي يملك
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فَلَا يظْهر على غيبه أحدا إِلَّا من ارتضى من رَسُول﴾ قَالَ: أعلم الله الرُّسُل من الْغَيْب الْوَحْي وأظهرهم عَلَيْهِ فِيمَا أُوحِي إِلَيْهِم من غيبه وَمَا يحكم الله فَإِنَّهُ لَا يعلم ذَلِك غَيره
وَأخرج ابْن حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿إِلَّا من ارتضى من رَسُول فَإِنَّهُ يسْلك من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه رصداً﴾ قَالَ: هِيَ مُعَقِّبَات من الْمَلَائِكَة يَحْفَظُونَهُ من الشَّيْطَان حَتَّى يبين الَّذِي أرسل إِلَيْهِم بِهِ وَذَلِكَ حِين يَقُول أهل الشّرك قد أبلغوا رسالات رَبهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿إِلَّا من ارتضى من رَسُول﴾ قَالَ: جِبْرِيل
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَبَّاس قَالَ: مَا أنزل الله على نبيه آيَة من الْقُرْآن إِلَّا وَمَعَهَا أَرْبَعَة من الْأَمْلَاك يحفظونها حَتَّى يؤدوها إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَرَأَ ﴿عَالم الْغَيْب فَلَا يظْهر على غيبه أحدا إِلَّا من ارتضى من رَسُول فَإِنَّهُ يسْلك من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه رصداً﴾ يَعْنِي الْمَلَائِكَة الْأَرْبَعَة ليعلم أَن قد أبلغوا رسالات رَبهم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿إِلَّا من ارتضى من رَسُول﴾ قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يلقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته يدنون مِنْهُ فَلَمَّا ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته أَمرهم أَن يتنحوا عَنهُ قَلِيلا ليعلم أَن الْوَحْي إِذا نزل من عِنْد الله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن سعيد بن جُبَير فَبِي قَوْله: ﴿فَإِنَّهُ يسْلك من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه رصداً﴾ قَالَ: أَرْبَعَة حفظَة من الْمَلَائِكَة مَعَ جِبْرِيل ليعلم مُحَمَّد ﴿أَن قد أبلغوا رسالات رَبهم﴾ قَالَ: وَمَا جَاءَ جِبْرِيل إِلَّا وَمَعَهُ أَرْبَعَة من الْمَلَائِكَة حفظَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله: ﴿فَإِنَّهُ يسْلك من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه رصداً﴾ قَالَ: الْمَلَائِكَة يَحْفَظُونَهُ من الْجِنّ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم فِي قَوْله: ﴿إِلَّا من ارتضى من رَسُول فَإِنَّهُ يسْلك من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه رصداً﴾ قَالَ: كَانَ الن
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿إِلَّا من ارتضى من رَسُول﴾ قَالَ: يظهره من الْغَيْب على مَا شَاءَ إِذا ارْتَضَاهُ وَفِي قَوْله: ﴿فَإِنَّهُ يسْلك من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه رصداً﴾ قَالَ: من الْمَلَائِكَة وَفِي قَوْله: ﴿ليعلم أَن قد أبلغوا رسالات رَبهم﴾ قَالَ: ليعلم نَبِي الله أَن الرُّسُل قد بلغت عَن الله وَأَن الله حفظهَا وَدفع عَنْهَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿ليعلم﴾ قَالَ: ليعلم ذَلِك من كذب الرُّسُل ﴿أَن قد أبلغوا رسالات رَبهم﴾
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
٧٣سُورَة المزمل
مَكِّيَّة وآياتها عشرُون
مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن الضريس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت ﴿يَا أَيهَا المزمل﴾ بِمَكَّة
وَأخرج ان مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله
وَأخرج النّحاس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة المزمل بِمَكَّة إِلَّا آيَتَيْنِ ﴿إِن رَبك يعلم أَنَّك تقوم أدنى﴾
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بتّ عِنْد خَالَتِي مَيْمُونَة فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي من اللَّيْل فصلى ثَلَاث عشرَة رَكْعَة مِنْهَا رَكعَتَا الْفجْر فحزرت قِيَامه فِي كل رَكْعَة بِقدر ﴿يَا أَيهَا المزمل﴾ وَالله أعلم
الْآيَة ١ - ١٠
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود قال : انطلقت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن حتى أتى الحجون فخط علي خطاً ثم تقدم إليهم فازدحموا عليه فقال سيدهم، يقال له وردان : إلا أرجلهم عنك يا رسول الله ؟ قال :﴿ إني لن يجيرني من الله أحد ﴾.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك في قوله :﴿ ولن أجد من دونه ملتحداً ﴾ قال : ملجأ.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله :﴿ ولن أجد من دونه ملتحداً ﴾ قال : ملجأ ولا نصيراً إلا بلاغاً من الله ورسالاته. قال : هذا الذي يملك بلاغاً من الله ورسالاته. وفي قوله :﴿ عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول ﴾ قال : فإنه إذا ارتضى الرسول اصطفاه، وأطلعه على ما شاء من غيبه وانتخبه.
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول ﴾ قال : أعلم الله الرسل من الغيب الوحي وأظهرهم عليه فيما أوحي إليهم من غيبه وما يحكم الله فإنه لا يعلم ذلك غيره.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ إلا من ارتضى من رسول ﴾ قال : جبريل.
وأخرج ابن مردويه عن عباس قال : ما أنزل الله على نبيه آية من القرآن إلا ومعها أربعة من الأملاك يحفظونها حتى يؤدوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم قرأ ﴿ عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً ﴾ يعني الملائكة الأربعة ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ إلا من ارتضى من رسول ﴾ قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يلقى الشيطان في أمنيته يدنون منه فلما ألقى الشيطان في أمنيته أمرهم أن يتنحوا عنه قليلاً ليعلم أن الوحي إذا نزل من عند الله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً ﴾ قال : أربعة حفظة من الملائكة مع جبريل ليعلم محمد ﴿ أن قد أبلغوا رسالات ربهم ﴾ قال : وما جاء جبريل إلا ومعه أربعة من الملائكة حفظة.
وأخرج ابن المنذر عن إبراهيم النخعي في قوله :﴿ فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً ﴾ قال : الملائكة يحفظونه من الجن.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك بن مزاحم في قوله :﴿ إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً ﴾ قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث إليه الملك بالوحي بعث معه نفراً من الملائكة يحرسونه من بين يديه ومن خلفه أن يتشبه الشيطان على صورة الملك.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله :﴿ إلا من ارتضى من رسول ﴾ قال : يظهره من الغيب على ما شاء إذا ارتضاه وفي قوله :﴿ فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً ﴾ قال : من الملائكة. وفي قوله :﴿ ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم ﴾ قال : ليعلم نبي الله أن الرسل قد بلغت عن الله وأن الله حفظها ودفع عنها.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله :﴿ ليعلم ﴾ قال : ليعلم ذلك من كذب الرسل ﴿ أن قد أبلغوا رسالات ربهم ﴾.