تفسير سورة سورة الجن من كتاب تفسير السمعاني
المعروف بـتفسير السمعاني
.
لمؤلفه
أبو المظفر السمعاني
.
المتوفي سنة 489 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الجن وهي مكيةﰡ
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع نفر من الْجِنّ﴾ سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة مَا روى سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس " أَن النَّبِي انْطلق فِي نفر من أَصْحَابه عَامِدين إِلَى سوق عكاظ، فَمر بالنخلة، وَقد كَانَ الشَّيَاطِين منعُوا من السَّمَاء، وَأرْسلت الشهب عَلَيْهِم، فَقَالُوا لقومهم: قد حيل بَيْننَا وَبَين خبر السَّمَاء، فَقَالُوا: إِنَّمَا ذَلِك لأمر حدث فِي الأَرْض.
وروى أَنهم قَالُوا ذَلِك لإبليس، وَأَن إِبْلِيس قَالَ لَهُم: اضربوا فِي مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا لتعرفوا مَا الْأَمر الَّذِي حدث؟ فَمر نفر مِنْهُم نَحْو تهَامَة فَرَأَوْا النَّبِي يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الْفجْر بِبَطن نَخْلَة، وَهُوَ يقْرَأ الْقُرْآن، فَقَالُوا: هَذَا هُوَ الْأَمر الَّذِي حدث، وَرَجَعُوا إِلَى قَومهمْ وأخبروهم بذلك، وَأنزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة ".
وَقد روى البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح نَحوا (من رِوَايَة) ابْن عَبَّاس.
وَذكر ابْن جريح فِي تَفْسِيره عَن أبي عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود عَن ابْن مَسْعُود " أَن النَّبِي انْطلق إِلَى الْجِنّ ليقْرَأ عَلَيْهِم الْقُرْآن ويدعوهم إِلَى الله، فَقَالَ لأَصْحَابه: من يصحبني مِنْكُم؟ وَفِي رِوَايَة: ليقمْ مِنْكُم رجل معي لَيْسَ فِي قلبه حَبَّة خَرْدَل من كبر.
فَسكت الْقَوْم.
فَقَالَ ذَلِك ثَانِيًا وثالثا، فَقَامَ عبد الله بن مَسْعُود، قَالَ ابْن مَسْعُود: فَانْطَلَقت مَعَ رَسُول الله قبل الْحجُون حَتَّى دَخَلنَا شعب أبي دب، فَقَالَ: فَخط لي خطا فَقَالَ: لَا تَبْرَح هَذَا الْخط، وَنزل عَلَيْهِ الْجِنّ مثل الحجل.
قَالَ فَقَرَأَ عَلَيْهِم
وروى أَنهم قَالُوا ذَلِك لإبليس، وَأَن إِبْلِيس قَالَ لَهُم: اضربوا فِي مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا لتعرفوا مَا الْأَمر الَّذِي حدث؟ فَمر نفر مِنْهُم نَحْو تهَامَة فَرَأَوْا النَّبِي يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الْفجْر بِبَطن نَخْلَة، وَهُوَ يقْرَأ الْقُرْآن، فَقَالُوا: هَذَا هُوَ الْأَمر الَّذِي حدث، وَرَجَعُوا إِلَى قَومهمْ وأخبروهم بذلك، وَأنزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة ".
وَقد روى البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح نَحوا (من رِوَايَة) ابْن عَبَّاس.
وَذكر ابْن جريح فِي تَفْسِيره عَن أبي عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود عَن ابْن مَسْعُود " أَن النَّبِي انْطلق إِلَى الْجِنّ ليقْرَأ عَلَيْهِم الْقُرْآن ويدعوهم إِلَى الله، فَقَالَ لأَصْحَابه: من يصحبني مِنْكُم؟ وَفِي رِوَايَة: ليقمْ مِنْكُم رجل معي لَيْسَ فِي قلبه حَبَّة خَرْدَل من كبر.
فَسكت الْقَوْم.
فَقَالَ ذَلِك ثَانِيًا وثالثا، فَقَامَ عبد الله بن مَسْعُود، قَالَ ابْن مَسْعُود: فَانْطَلَقت مَعَ رَسُول الله قبل الْحجُون حَتَّى دَخَلنَا شعب أبي دب، فَقَالَ: فَخط لي خطا فَقَالَ: لَا تَبْرَح هَذَا الْخط، وَنزل عَلَيْهِ الْجِنّ مثل الحجل.
قَالَ فَقَرَأَ عَلَيْهِم
62
الْقُرْآن وَعلا صَوته، فلصقوا بِالْأَرْضِ حَتَّى لَا أَرَاهُم " وَفِي رِوَايَة: انهم قَالُوا لَهُ: " مَا أَنْت؟ مَا أَنْت؟ قَالَ: نَبِي.
قَالُوا: وَمن يشْهد لَك؟ فَقَالَ: هَذِه الشَّجَرَة، قَالَ: فَدَعَا الشَّجَرَة فَجَاءَت تجر عروقها، لَهَا قعاقع، وَشهِدت الشَّجَرَة لَهُ بِالنُّبُوَّةِ، ثمَّ عَادَتْ إِلَى مَكَانهَا " وَفِي هَذَا الْخَبَر: " أَنهم سَأَلُوهُ الزَّاد فَأَعْطَاهُمْ الْعظم والبعر، فَكَانُوا يَجدونَ الْعظم أوقر مَا يكون لَحْمًا، والبعر علفا لدوابهم، وَنهى الرَّسُول حِينَئِذٍ الِاسْتِنْجَاء بالعظم والروث ".
قَالَ جمَاعَة من أهل التَّفْسِير: أَن أَمر الْجِنّ كَانَ مرَّتَيْنِ، مرّة بِمَكَّة وَمرَّة بِبَطن نَخْلَة، فَالَّذِي رَوَاهُ ابْن عَبَّاس هُوَ الَّذِي كَانَ بِبَطن نَخْلَة، وَالَّذِي رَوَاهُ ابْن مَسْعُود هُوَ الَّذِي كَانَ بِمَكَّة، فَأَما الَّذِي كَانَ بِبَطن نَخْلَة فَإِنَّهُم مروا بِالنَّبِيِّ وَاسْتَمعُوا الْقُرْآن، وَأما الَّذِي كَانَ بِمَكَّة فَإِن الرَّسُول انْطلق إِلَيْهِم، وَقَرَأَ عَلَيْهِم الْقُرْآن ودعاهم إِلَى الْإِيمَان، فَهَذَا هُوَ الْجمع بَين الرِّوَايَتَيْنِ.
وَقد روى أَن عبد الله بن مَسْعُود رأى بالعراق قوما من الزط، فَقَالَ: أشبههم بالجن لَيْلَة الْجِنّ.
وَفِي رِوَايَة عَلْقَمَة: أَنه قَالَ لعبد الله بن مَسْعُود: هَل كَانَ مِنْكُم أحد مَعَ رَسُول الله لَيْلَة الْجِنّ؟ قَالَ: لَا، مَا شهده منا أحد، وسَاق خَبرا ذكره مُسلم فِي كِتَابه.
وَفِي الْبَاب اخْتِلَاف كثير فِي الرِّوَايَات، وَأما مَا ذَكرْنَاهُ هُوَ الْمُخْتَصر مِنْهَا، وَيحْتَمل أَن ابْن مَسْعُود كَانَ مَعَ رَسُول الله لَيْلَة الْجِنّ إِلَّا أَنه لم يكن مَعَه عِنْد خطاب الْجِنّ وَقِرَاءَة الْقُرْآن، عَلَيْهِم، فَإِنَّهُ روى أَنه قَالَ: " خطّ رَسُول الله لي خطا وَقَالَ: لَا تَبْرَح هَذَا الْخط وَانْطَلق فِي الْجَبَل، قَالَ فَسمِعت لَغطا وصوتا عَظِيما، فَأَرَدْت أَن أذهب فِي أَثَره، فَذكرت قَول رَسُول الله: لَا تَبْرَح الْخط فَلم أذهب، فَلَمَّا رَجَعَ ذكرت لَهُ ذَلِك، فَقَالَ لي: لَو خرجت من الْخط لم ترني أبدا ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع نفر من الْجِنّ﴾ قَالَ الْفراء: النَّفر اسْم لما بَين الثَّلَاثَة إِلَى عشرَة.
وَحَكَاهُ ابْن السّكيت أَيْضا عَن ابْن زيد.
يَقُولُونَ: عشرَة نفر، وَلَا يَقُولُونَ: عشرُون نَفرا، وَلَا ثَلَاثُونَ نَفرا.
وَقد روى أَنهم كَانُوا تِسْعَة نفر، وَذكروا أَسْمَاءَهُم، وَقد بَينا.
وروى عَاصِم عَن زر أَنه كَانَ فيهم زَوْبَعَة.
قَالُوا: وَمن يشْهد لَك؟ فَقَالَ: هَذِه الشَّجَرَة، قَالَ: فَدَعَا الشَّجَرَة فَجَاءَت تجر عروقها، لَهَا قعاقع، وَشهِدت الشَّجَرَة لَهُ بِالنُّبُوَّةِ، ثمَّ عَادَتْ إِلَى مَكَانهَا " وَفِي هَذَا الْخَبَر: " أَنهم سَأَلُوهُ الزَّاد فَأَعْطَاهُمْ الْعظم والبعر، فَكَانُوا يَجدونَ الْعظم أوقر مَا يكون لَحْمًا، والبعر علفا لدوابهم، وَنهى الرَّسُول حِينَئِذٍ الِاسْتِنْجَاء بالعظم والروث ".
قَالَ جمَاعَة من أهل التَّفْسِير: أَن أَمر الْجِنّ كَانَ مرَّتَيْنِ، مرّة بِمَكَّة وَمرَّة بِبَطن نَخْلَة، فَالَّذِي رَوَاهُ ابْن عَبَّاس هُوَ الَّذِي كَانَ بِبَطن نَخْلَة، وَالَّذِي رَوَاهُ ابْن مَسْعُود هُوَ الَّذِي كَانَ بِمَكَّة، فَأَما الَّذِي كَانَ بِبَطن نَخْلَة فَإِنَّهُم مروا بِالنَّبِيِّ وَاسْتَمعُوا الْقُرْآن، وَأما الَّذِي كَانَ بِمَكَّة فَإِن الرَّسُول انْطلق إِلَيْهِم، وَقَرَأَ عَلَيْهِم الْقُرْآن ودعاهم إِلَى الْإِيمَان، فَهَذَا هُوَ الْجمع بَين الرِّوَايَتَيْنِ.
وَقد روى أَن عبد الله بن مَسْعُود رأى بالعراق قوما من الزط، فَقَالَ: أشبههم بالجن لَيْلَة الْجِنّ.
وَفِي رِوَايَة عَلْقَمَة: أَنه قَالَ لعبد الله بن مَسْعُود: هَل كَانَ مِنْكُم أحد مَعَ رَسُول الله لَيْلَة الْجِنّ؟ قَالَ: لَا، مَا شهده منا أحد، وسَاق خَبرا ذكره مُسلم فِي كِتَابه.
وَفِي الْبَاب اخْتِلَاف كثير فِي الرِّوَايَات، وَأما مَا ذَكرْنَاهُ هُوَ الْمُخْتَصر مِنْهَا، وَيحْتَمل أَن ابْن مَسْعُود كَانَ مَعَ رَسُول الله لَيْلَة الْجِنّ إِلَّا أَنه لم يكن مَعَه عِنْد خطاب الْجِنّ وَقِرَاءَة الْقُرْآن، عَلَيْهِم، فَإِنَّهُ روى أَنه قَالَ: " خطّ رَسُول الله لي خطا وَقَالَ: لَا تَبْرَح هَذَا الْخط وَانْطَلق فِي الْجَبَل، قَالَ فَسمِعت لَغطا وصوتا عَظِيما، فَأَرَدْت أَن أذهب فِي أَثَره، فَذكرت قَول رَسُول الله: لَا تَبْرَح الْخط فَلم أذهب، فَلَمَّا رَجَعَ ذكرت لَهُ ذَلِك، فَقَالَ لي: لَو خرجت من الْخط لم ترني أبدا ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع نفر من الْجِنّ﴾ قَالَ الْفراء: النَّفر اسْم لما بَين الثَّلَاثَة إِلَى عشرَة.
وَحَكَاهُ ابْن السّكيت أَيْضا عَن ابْن زيد.
يَقُولُونَ: عشرَة نفر، وَلَا يَقُولُونَ: عشرُون نَفرا، وَلَا ثَلَاثُونَ نَفرا.
وَقد روى أَنهم كَانُوا تِسْعَة نفر، وَذكروا أَسْمَاءَهُم، وَقد بَينا.
وروى عَاصِم عَن زر أَنه كَانَ فيهم زَوْبَعَة.
63
﴿فَقَالُوا إِنَّا سمعنَا قُرْآنًا عجبا (١) يهدي إِلَى الرشد فَآمَنا بِهِ وَلنْ نشْرك بربنا أحدا (٢) وَأَنه تَعَالَى جد رَبنَا﴾
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فَقَالُوا إِنَّا سمعنَا قُرْآنًا عجبا﴾ أَي: عجبا فِي نظمه وتأليفه وَصِحَّة مَعْنَاهُ، وَلَا يَصح قَوْله: ﴿إِنَّا سمعنَا﴾ إِلَّا بِالْكَسْرِ.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فَقَالُوا إِنَّا سمعنَا قُرْآنًا عجبا﴾ أَي: عجبا فِي نظمه وتأليفه وَصِحَّة مَعْنَاهُ، وَلَا يَصح قَوْله: ﴿إِنَّا سمعنَا﴾ إِلَّا بِالْكَسْرِ.
64
قَوْله: ﴿يهدي إِلَى الرشد﴾ أَي: إِلَى الصَّوَاب وَطَرِيق الْحق.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فَآمَنا بِهِ وَلنْ نشْرك بربنا أحدا﴾ أَي: لَا نجْعَل أحدا من خلقه شَرِيكا لَهُ.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فَآمَنا بِهِ وَلنْ نشْرك بربنا أحدا﴾ أَي: لَا نجْعَل أحدا من خلقه شَرِيكا لَهُ.
قَوْله تَعَالَى ﴿وَأَنه تَعَالَى جد رَبنَا﴾ قرئَ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح، فَمن قَرَأَ بِالْكَسْرِ فَهُوَ أَن الْجِنّ قَالُوا، وَمن قَرَأَ بِالْفَتْح فنصبه على معنى: آمنا وَأَنه تَعَالَى جد رَبنَا، فانتصب بِوُقُوع الْإِيمَان عَلَيْهِ، وَالْقِرَاءَة بِالْكَسْرِ أحسن الْقِرَاءَتَيْن.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿جد رَبنَا﴾ أَي: عَظمَة رَبنَا، هَذَا قَول قَتَادَة وَغَيره.
وَالْجد: العظمة، وَهُوَ البخت أَيْضا، وَهُوَ أَب الْأَب.
وَفِي حَدِيث أنس: كَانَ الرجل منا إِذا قَرَأَ الْبَقَرَة وَآل عمرَان جد فِينَا، أَي: عظم [فِينَا].
وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد " أَي: لَا ينفع ذَا البخت مِنْك بخته إِذا أردْت بِهِ سوءا أَو مَكْرُوها.
وَعَن الْحسن قَالَ: تَعَالَى جد رَبنَا أَي: غَنِي رَبنَا.
وَعَن إِبْرَاهِيم وَالسُّديّ قَالَا: جد رَبنَا أَي: أَمر رَبنَا.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿جد رَبنَا﴾ أَي: عَظمَة رَبنَا، هَذَا قَول قَتَادَة وَغَيره.
وَالْجد: العظمة، وَهُوَ البخت أَيْضا، وَهُوَ أَب الْأَب.
وَفِي حَدِيث أنس: كَانَ الرجل منا إِذا قَرَأَ الْبَقَرَة وَآل عمرَان جد فِينَا، أَي: عظم [فِينَا].
وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد " أَي: لَا ينفع ذَا البخت مِنْك بخته إِذا أردْت بِهِ سوءا أَو مَكْرُوها.
وَعَن الْحسن قَالَ: تَعَالَى جد رَبنَا أَي: غَنِي رَبنَا.
وَعَن إِبْرَاهِيم وَالسُّديّ قَالَا: جد رَبنَا أَي: أَمر رَبنَا.
64
﴿مَا اتخذ صَاحِبَة وَلَا ولدا (٣) وَأَنه كَانَ يَقُول سفيهنا على الله شططا (٤) وَأَنا ظننا أَن لن تَقول الْإِنْس وَالْجِنّ على الله كذبا (٥) وَأَنه كَانَ رجال من﴾
وَقَوله تَعَالَى: ﴿مَا اتخذ صَاحِبَة وَلَا ولدا﴾ أَي: زَوْجَة وَولدا.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿مَا اتخذ صَاحِبَة وَلَا ولدا﴾ أَي: زَوْجَة وَولدا.
65
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَنه كَانَ يَقُول سفيهنا على الله شططا﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن السَّفِيه هُوَ إِبْلِيس عَلَيْهِ اللَّعْنَة، وَهُوَ قَول مُجَاهِد، وَالْآخر: أَنه كل عَاص متمرد من الْجِنّ.
وَقَوله: ﴿شططا﴾ أَي: كذبا.
وَقيل: جورا.
وَقَوله: ﴿شططا﴾ أَي: كذبا.
وَقيل: جورا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَنا ظننا أَن لن تَقول الْإِنْس وَالْجِنّ على الله كذبا﴾ وَقَرَأَ يَعْقُوب: " أَن لن تَقول الْإِنْس وَالْجِنّ " أَي: لن تَقول، مَعْنَاهُ ظَاهر، كَأَنَّهُمْ ظنُّوا أَن كل من قَالَ على الله شَيْئا فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَأَنه لَا (يجزى) الْكَذِب على الله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَنه كَانَ رجال من الْإِنْس﴾ فَإِن قَالَ قَائِل: قد قرئَ هَذَا كُله بِالنّصب، فَمَا وَجه النصب فِيهِ؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: قد بَينا وَجه النصب فِيمَا سبق، وَبَاقِي الْآيَات نصبت بِحكم الْمُجَاورَة والعطف، أَو بِتَقْدِير آمنا أَو ظننا أَو شَهِدنَا، وَالْعرب قد تتبع الْكَلِمَة الْكَلِمَة فِي الْإِعْرَاب بِنَفس الْمُجَاورَة والعطف مثل قَوْلهم: جُحر ضَب خرب.
وَقَوله ﴿يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ﴾ فِي التَّفْسِير: أَن الرجل كَانَ يُسَافر وَالْقَوْم كَانُوا يسافرون، فَإِذا بلغُوا مَكَانا قفرا من الْبَريَّة وأمسوا قَالُوا: نَعُوذ بِسَيِّد هَذَا الْوَادي من سُفَهَاء قومه.
وَحكى عَن بَعضهم - وَهُوَ السَّائِب بن أبي كردم - أَنه قَالَ: انْطَلَقت مَعَ أبي فِي سفر ومعنا قِطْعَة من الْغنم، فنزلنا وَاديا قَالَ: فجَاء ذِئْب وَأخذ حملا من الْغنم، فَقَامَ أبي وَقَالَ: يَا عَامر الْوَادي، نَحن فِي جوارك، فحين قَالَ ذَلِك أرسل الذِّئْب الْحمل، فَرجع الْحمل إِلَى الْغنم فَلم تصبه كدمة.
فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ بِرِجَال من
وَقَوله ﴿يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ﴾ فِي التَّفْسِير: أَن الرجل كَانَ يُسَافر وَالْقَوْم كَانُوا يسافرون، فَإِذا بلغُوا مَكَانا قفرا من الْبَريَّة وأمسوا قَالُوا: نَعُوذ بِسَيِّد هَذَا الْوَادي من سُفَهَاء قومه.
وَحكى عَن بَعضهم - وَهُوَ السَّائِب بن أبي كردم - أَنه قَالَ: انْطَلَقت مَعَ أبي فِي سفر ومعنا قِطْعَة من الْغنم، فنزلنا وَاديا قَالَ: فجَاء ذِئْب وَأخذ حملا من الْغنم، فَقَامَ أبي وَقَالَ: يَا عَامر الْوَادي، نَحن فِي جوارك، فحين قَالَ ذَلِك أرسل الذِّئْب الْحمل، فَرجع الْحمل إِلَى الْغنم فَلم تصبه كدمة.
فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ بِرِجَال من
65
﴿الْإِنْس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ فزادوهم رهقا (٦) وَأَنَّهُمْ ظنُّوا كَمَا ظننتم أَن لن يبْعَث الله أحدا (٧) وَأَنا لمسنا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا ملئت حرسا شَدِيدا وشهبا الْجِنّ، وَالْجِنّ لَا يسمون رجَالًا؟ وَالْجَوَاب: قُلْنَا يجوز على طَرِيق الْمجَاز، وَقد ورد فِي بعض أَخْبَار الْعَرَب فِي حِكَايَة أَن قوما من الْجِنّ قَالُوا: نَحن أنَاس من الْجِنّ، فَإِذا جَازَ أَن يسموا أُنَاسًا جَازَ أَن يسموا رجَالًا.
وَأما قَوْله: {فزادوهم رهقا﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: إِلَّا أَن الْإِنْس زادوا الْجِنّ رهقا أَي: عَظمَة فِي أنفسهم، كَأَن الْإِنْس لما استعاذوا بالجن ازدادوا الْجِنّ فِي أنفسهم عَظمَة.
وَالْقَوْل الثَّانِي: هُوَ أَن الْإِنْس ازدادوا رقها بالاستعاذة من الْجِنّ.
وَمَعْنَاهُ: طغيانا وإثما، كَأَن الْإِنْس لما استعاذوا بالجن وأمنوا على أنفسهم ازدادوا كفرا، وظنوا أَن أَمنهم كَانَ من الْجِنّ.
وَقيل: رهقا أَي: غشيانا للمحارم.
وَقيل: مُفَارقَة اللائم.
قَالَ الْأَعْشَى:
وَأما قَوْله: {فزادوهم رهقا﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: إِلَّا أَن الْإِنْس زادوا الْجِنّ رهقا أَي: عَظمَة فِي أنفسهم، كَأَن الْإِنْس لما استعاذوا بالجن ازدادوا الْجِنّ فِي أنفسهم عَظمَة.
وَالْقَوْل الثَّانِي: هُوَ أَن الْإِنْس ازدادوا رقها بالاستعاذة من الْجِنّ.
وَمَعْنَاهُ: طغيانا وإثما، كَأَن الْإِنْس لما استعاذوا بالجن وأمنوا على أنفسهم ازدادوا كفرا، وظنوا أَن أَمنهم كَانَ من الْجِنّ.
وَقيل: رهقا أَي: غشيانا للمحارم.
وَقيل: مُفَارقَة اللائم.
قَالَ الْأَعْشَى: