مكية في قول الجميع إلا رواية تشذ عن ابن عباس وقتادة أنها كذلك إلا آية منها مدنية وهي " قل أرأيتم إن كان من عند الله " وقال الكلبي : بل هي " وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله١ ".
بسم الله الرحمان الرحيم
ﰡ
(وذات أثارة أكلت عليها | نباتاً في أكمته قفارا) |
أحدها : إلا بالصدق، قاله ابن إسحاق.
الثاني : إلا بالعدل، وهو مأثور.
الثالث : إلا للحق، قاله الكلبي.
الرابع : إلا للبعث، قاله يحيى.
﴿ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنه أجل القيامة، قاله ابن عباس.
الثاني : أنه الأجل المقدور لكل مخلوق، وهو محتمل.
أحدها : رواية من علم، قاله يحيى.
الثاني : بقية، قاله أبو بكر بن عياش١، ومنه قول الشاعر٢ :
وذات أثارة أكلت عليها | نباتاً في أكمته قفارا |
الثالث : أو علم تأثرونه عن غيركم، قاله مجاهد.
ويحتمل رابعاً : أو اجتهاد بعلم، لأن إثارة العلم الاجتهاد.
ويحتمل خامساً : أو مناظرة بعلم لأن المناظر في العلم مثير لمعانيه.
ومن قرأ ﴿ أَوْ أَثَرَةٍ مِّنْ عِلمٍ ﴾ ففي تأويله خمسة أوجه :
أحدها : أنه الخط، وقد رواه ابن٣ عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني : ميراث من علم، قاله عكرمة.
الثالث : خاصة من علم، قاله قتادة.
الرابع : أو بقية من علم، قاله عطية.
الخامس : أثره يستخرجه فيثيره، قاله الحسن.
٢ هو الراعي النميري..
٣ في الصحاح "أو إثارة من علم" بقية منه، وكذلك الأثرة بفتحتين ويقال سمنت الإبل على أثارة، أي بقية شحم كان قبل ذلك..
(فلا أنا بدع من حوادث تعتري | رجالاً غدت من بعد بؤسي بأسعد) |
فلا أنا بدع من حوادث تعتري | رجالاً غدت من بعد بؤسي بأسعد |
أحدها : يعني لا أدري ما يفعل بي ولا بكم في الدنيا لا في الآخرة، فلا أدري ما يفعل بي أخرج كما أخرجت الأنبياء من قبلي، أو أُقتل كما قتل الأنبياء من قبلي ولا أدري ما يفعل بكم، إنكم مصدقون أو مكذبون، أو معذبون أو مؤخرون، قاله الحسن.
الثاني : لا أدري ما يفعل بي ولا بكم في الآخرة. وهذا قبل نزول ﴿ لِيَغْفِر لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ﴾ الآية. فلما نزل عليه ذلك عام الحديبية علم ما يفعل به في الآخرة وقال لأصحابه :" لَقَدْ أَنْزَلَ عَلَيَّ آيَةً هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعِهَا " فلما تلاها١ قال رجل من القوم : هنيئاً مريئا يا رسول الله، قد بين الله ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا ؟ فأنزل الله تعالى :
﴿ لِيُدْخِلَ المُؤمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ﴾
الآية. قاله قتادة.
الثالث : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قبل الهجرة " لَقَدْ رَأَيْتُ فِي مَنَامِي أَرْضاً أَخْرُجُ إِلَيْهَا مِن مَكَّةَ٢ " فلما اشتد البلاء على أصحابه بمكة قالوا : يا رسول الله حتى متى نلقى هذا البلاء ؟ ومتى تخرج إلى الأرض التي رأيت ؟ فقال صلى الله عليه وسلم :" مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُم، أَنَمُوتُ بِمَكَّةَ أَمْ نَخْرُجُ مِنهَا " قال الكلبي.
الرابع : معناه قل لا أدري ما أؤمر به ولا ما تؤمرون به، قاله الضحاك.
٢ رواه البخاري في التعبير ١٢/ ٣٦٩ و ٣٧٠، ومسلم رقم ٢٢٧٢..
أحدها : أن أبا ذر الغفاري دعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام بمكة فأجاب واستجاب١ به قومه فأتاه زعيمهم فأسلم، ثم دعاهم الزعيم فأسلموا فبلغ ذلك قريشاً فقالوا : غفار الخلفاء لو كان خيراً ما سبقونا إليه. فنزلت، قاله أبو المتوكل.
الثاني : أن زنيرة أسلمت فأصيب بصرها، فقالوا لها : أصابك اللات والعزى، فرد الله عليها بصرها، فقال عظماء قريش : لو كان ما جاء به محمد خيرا ما سبقتنا إليه زنيرة فنزلت، قاله عروة بن الزبير.
الثالث : أن الذين كفروا هم عامر وغطفان وأسد وحنظلة، قالوا لمن أسلم من غفار وأسلم وغطفان وجهينة ومزينة وأشجع : لو كان ما جاء به محمد خيراً ما سبقتنا إليه رعاة البهم. فنزلت، قاله الكلبي.
الرابع : أن الكفار قالوا : لو كان خيراً ما سبقتنا إليه اليهود فنزلت هذه الآية، قاله مسروق.
وهذه المعارضة من الكفار في قولهم لو كان خيراً ما سبقونا إليه من أقبح المعارضات لانقلابها عليهم لكل من خالفهم حتى يقال لهم : لو كان ما أنتم عليه خيراً ما عدلنا عنه، ولو كان تكذيبكم للرسول خيراً ما سبقتمونا إليه.
﴿ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ ﴾ يعني إلى الإيمان. وفيه وجهان :
أحدهما : وإذا٢ لم يهتدوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، قاله مقاتل.
الثاني : بالقرآن.
﴿ فَسَيَقُولُونَ هَذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : فسيقولون هذا القرآن كذب قديم تشبيهاً بالتوراة القديمة تكذيبا بهما جميعا.
الثاني : فسيقولون هذا الدين كذب قديم تشبيها بدين موسى القديم، تكذيباً بهما جيمعاً.
٢ وإذ ساقطة من ك..
أحدها : ثم استقاموا على أن الله ربهم، قاله أَبو بكر الصديق رضي الله عنه.
الثاني : ثم استقاموا على شهادة أن لا إله إلا الله، قاله ابن عباس.
الثالث : على أداء فرائض الله، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
الرابع : على أن أخلصوا له الدين والعمل، قاله أبو العالية.
الخامس : ثم استقاموا عليه فلم يرجعوا عنه إلى موتهم، رواه أنس مرفوعاً.
﴿ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيهِم ﴾ يعني في الآخرة.
﴿ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ يعني عند الموت، قاله سعيد بن جبير.
أحدها : أنهم إذا أسلموا قبلت حسناتهم وغفرت سيئاتهم، قاله زيد بن أسلم يحكيه مرفوعاً.
الثاني : هو إعطاؤهم بالحسنة عشراً رواه أبو هلال.
الثالث : هي الطاعات لأنها الأحسن من أعماله التي يثاب عليها وليس في المباح ثواب ولا عقاب، حكاه ابن عيسى.
﴿ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِم فِي أَصْحَابِ الجَنَّةِ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : نتجاوز عن سيئاتهم بالرحمة.
الثاني : نتجاوز عن صغائرهم بالمغفرة.
الثالث : نتجاوز عن كبائرهم بالتوبة.
﴿ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ﴾ وعد الصدق الجنة، الذي كانوا يوعدون في الدنيا على ألسنة الرسل.
(ما يذكر الدهر إلا قلت أف له | إذا لقيتك لولا قال لي لاقي) |
﴿ وَقَدْ خَلَتْ القُرُونُ مِن قَبْلِي ﴾ فلم يبعثوا. وفيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وأمه أم رومان. يدعوانه إلى الإسلام ويعدانه بالبعث فيرد عليهما بما حكاه الله عنه، وكان هذا منه قبل إسلامه، قاله السدي.
قال السدي : فلقد رأيت عبد الرحمن بن أبي بكر بالمدينة، وما بالمدينة أَعْبَدُ منه، ولقد استجاب الله فيه دعوة أبي بكر رضي الله عنه، ولما أسلم وحسن إسلامه، نزلت توبته في هذه الآية ﴿ وَلِكُلِّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾.
الثاني : أنها نزلت في عبد١ الله بن أبي بكر، وكان يدعوه أبواه إلى الإسلام فيجيبهما بما أخبر الله تعالى، قاله مجاهد.
الثالث : أنها نزلت في جماعة من الكفار قالوا ذلك لآبائهم ولذلك قال :﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيهِم القَوْلُ ﴾ والعرب٢ قد تذكر الواحد وتريد به الجمع وهذا معنى قول الحسن. فأما ال ﴿ أُفٍّ ﴾ فهي كلمة تبرم يقصد بها إظهار السخط وقبح الرد. قال الشاعر :
ما يذكر الدهر إلا قلت أف له... إذا لقيتك لولا قال لي لاقي
وفي أصل الأف والتف ثلاثة أوجه :
أحدها : أن الأف وسخ الأذن، والتف وسخ الأنف.
الثاني : الأف وسخ الأظفار، والتف الذي يكون في أصول الأظفار٣.
الثالث : أن الأف العليل الأنف، والتف الإبعاد.
﴿ وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّه ﴾ أي يدعوان الله : اللهم اهده، اللهم اقبل بقلبه، اللهم اغفر له.
﴿ وَيْلَكَ ءَامِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ﴾ في الثواب على الإيمان، والعقاب على الكفر.
٢ في ع والقول قد تذكر..
٣ في ع الإفخاد والصواب ما أثبتناه..
﴿ وَقَدْ خَلَتْ القُرُونُ مِن قَبْلِي ﴾ فلم يبعثوا. وفيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وأمه أم رومان. يدعوانه إلى الإسلام ويعدانه بالبعث فيرد عليهما بما حكاه الله عنه، وكان هذا منه قبل إسلامه، قاله السدي.
قال السدي : فلقد رأيت عبد الرحمن بن أبي بكر بالمدينة، وما بالمدينة أَعْبَدُ منه، ولقد استجاب الله فيه دعوة أبي بكر رضي الله عنه، ولما أسلم وحسن إسلامه، نزلت توبته في هذه الآية ﴿ وَلِكُلِّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾.
الثاني : أنها نزلت في عبد١ الله بن أبي بكر، وكان يدعوه أبواه إلى الإسلام فيجيبهما بما أخبر الله تعالى، قاله مجاهد.
الثالث : أنها نزلت في جماعة من الكفار قالوا ذلك لآبائهم ولذلك قال :﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيهِم القَوْلُ ﴾ والعرب٢ قد تذكر الواحد وتريد به الجمع وهذا معنى قول الحسن. فأما ال ﴿ أُفٍّ ﴾ فهي كلمة تبرم يقصد بها إظهار السخط وقبح الرد. قال الشاعر :
ما يذكر الدهر إلا قلت أف له... إذا لقيتك لولا قال لي لاقي
وفي أصل الأف والتف ثلاثة أوجه :
أحدها : أن الأف وسخ الأذن، والتف وسخ الأنف.
الثاني : الأف وسخ الأظفار، والتف الذي يكون في أصول الأظفار٣.
الثالث : أن الأف العليل الأنف، والتف الإبعاد.
﴿ وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّه ﴾ أي يدعوان الله : اللهم اهده، اللهم اقبل بقلبه، اللهم اغفر له.
﴿ وَيْلَكَ ءَامِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ﴾ في الثواب على الإيمان، والعقاب على الكفر.
٢ في ع والقول قد تذكر..
٣ في ع الإفخاد والصواب ما أثبتناه..
أحدها : معناه أذهبتم طيباتكم في الآخرة بمعاصيكم في الدنيا.
الثاني : ألهتكم الشهوات عن الأعمال الصالحة.
الثالث : أذهبتم لذة طيباتكم في الدنيا بما استوجبتموه من عقاب معاصيكم في الآخرة.
الرابع : معناه اقتنعتم بعاجل الطيبات في الدنيا بدلاً من آجل الطيبات في الآخرة.
وروى الحسن عن الأحنف بن قيس أنه سمع عمر بن الخطاب يقول : لأنا أعلم بخفض العيش، ولو شئت لجعلت أكباداً وأسنمة وصلايا١ وصناباً وسلائق٢، ولكن استبقي حسناتي، فإن الله تعالى وصف قوماً فقال :﴿ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا ﴾. والصلاء الشواء، والصناب الأصبغة٣ والسلائق الرقاق العريض.
وقال ابن بحر : فيه تأويل خامس : أن الطيبات الشباب والقوة، مأخوذ من قولهم ذهب أطيباه أي شبابه وقوته. ووجدت الضحاك قاله أيضاً.
﴿ وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : بالدنيا.
الثاني : بالطيبات.
﴿ فَاليَوْمَ تُجْزَونَ عَذَابَ الهُونِ ﴾ قال مجاهد : الهون الهوان. قال قتادة بلغة قريش.
﴿ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيرِ الحَقِّ ﴾ يحتمل ثلاثة أوجه :
أحدها : تستعلون على أهلها بغير استحقاق.
الثاني : تتغلبون على أهلها بغير دين.
الثالث : تعصون الله فيها بغير طاعة.
﴿ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : تفسقون في أعمالكم بغياً وظلماً.
الثاني : في اعتقادكم كفراً وشركاً.
٢ المشهور في كتب التفسير أن عمر رضي الله عنه قال: صلاء: على وزن فعال كنداء ومعناه الشواء وهو مطابق لما في ك..
٣ وسلائق وردت هكذا بالأصول ثم فسرها بأنها الرقاق العريض والصواب أنها الصلائق بالصاد ولم أعثر في كتب اللغة على كلمة سلائق بالمعنى الذي ذكره ولكن معناه ما يسلق من البقول وغيرها...
(بات إلى أرطاة حقف أحقفا.......................)
أي رمل مستطيل مشرق. وفيما أريد بالأحقاف هنا خمسة أقاويل: أحدها: أن الأحقاف رمال مشرقة كالجبال، قاله ابن زيد، وشاهده ما تقدم، وقال هي رمال مشرقة على البحر بالسحر في اليمن. الثاني: أن الأحقاف أرض من حسمي تسمى الأحقاف، قاله مجاهد. الثالث: أنه جبل بالشام يسمى الأحقاف، قاله الضحاك. الرابع: هو ما بين عمان وحضرموت، قاله ابن إسحاق. الخامس: هو واد بين عُمان ومهرة، قاله ابن عباس. وروى أبو الطفيل عن علي كرم الله وجهه أنه قال: خير واد بين في الناس واد بمكة، وواد نزل به آدم بأرض الهند، وشر واديين في الناس وادي الأحقاف، ووادٍ
(وإذا نظرت إلى أسرة وجهه | برقت كبرق العارض المنهال) |
(فدعا هود عليهم... دعوة أضحوا همودا)
(عصفت ريح عليهم... تركت عاداً خمودا)
(سخرت سبع ليال... لم تدع في الأرض عودا)
وعمَّر هود في قومه بعدهم مائة وخمسين سنة.
أحدهما : لتزيلنا عن عبادتها بالإفك.
الثاني : لتصدنا عن آلهتنا بالمنع، قاله الضحاك.
وإذا نظرت إلى أسرة وجهه. . . برقت كبرق العارض المنهال٢.
وفي تسميته عارضاً ثلاثة أقاويل :
أحدها : لأنه أخذ في عرض السماء، قال ابن عيسى.
الثاني : لأنه يملأ آفاق السماء، قال النقاش.
الثالث : لأنه مار من السماء. والعارض هو المار الذي لا يلبث وهذا أشبه.
﴿ قَاُلوا هَذا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ﴾ حسبوه سحاباً يمطرهم، وكان المطر قد أبطأ عليهم.
﴿ بَل هُوَ مَا اسْتَعْجَلتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذابٌ أَلِيمٌ ﴾ كانوا حين أوعدهم هود استعجلوه استهزاء منهم بوعيده، فلما رأوا السحاب بعد طول الجدب أكذبوا هوداً وقالوا : هذا عارض ممطرنا.
ذكر أن القائل ذلك من قوم عاد، بكر بن معاوية. فلما نظر هود إلى السحاب قال : بل هو ما استعجلتم به، أي الذي طلبتم تعجيله ريح فيها عذاب أليم٣ وهي الدبور.
وروي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :« نُصِرْتُ بِالصبَا وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ٤ » فنظر بكر بن معاوية إلى السحاب فقال : إني لأرى سحاباً مُرْمِداً، لا يدع من عَادٍ أحداً. فذكر عمرو بن ميمون أنها كانت تأتيهم بالرجل الغائب حتى تقذفه في ناديهم.
قال ابن اسحاق : واعتزل هود ومن معه من المؤمنين في حظيرة ما يصيبه هو ومن معه فيها إلا ما يلين على الجلود وتلتذ الأنفس٥ به، وإنها لتمر من عاد بالظعن بين السماء والأرض.
وحكى الكلبي أن شاعرهم قال في ذلك :
فدعا هود عليهم. . . دعوة أضحوا همودا
عصفت ريح عليهم. . . تركت٦ عاداً خمودا
سخرت سبع ليال. . . لم تدع في الأرض عودا
وعمَّر هود في قومه بعدهم مائة وخمسين سنة.
٢ في ك العارضي المتهلل..
٣ ساقط من ك..
٤ رواه مسلم. انظر الحديث رقم ٤٥٠ بمختصر صحيح مسلم..
٥ به ساقطة من ع..
٦ في ك تركهم عاد..
مدنية في قول الجميع إلا ابن عباس وقتادة فإنهما قالا: إلا آية منها نزلت بعد حجة حين خرج (عليه السلام) من مكة جعل ينظر إلى البيت وهو يبكي حزناً عليه: ﴿وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك﴾ الآية. بسم الله الرحمن الرحيم
أحدها : أن أولي العزم من الرسل الذين أمروا١ بالقتال من الأنبياء، قاله السدي والكلبي.
الثاني : أنهم العرب من الأنبياء، قاله مجاهد والشعبي.
الثالث : من لم تصبه فتنة من الأنبياء، قاله الحسن.
الرابع : من أصابه منهم بلاء بغير ذنب، قاله ابن جريج.
الخامس : أنهم أولوا العزم، حكاه يحيى.
السادس : أنهم أولوا الصبر الذين صبروا على أذى قومهم فلم يجزعوا.
وروت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :« إن الله عز وجل لم يرض من أولي العزم من الرسل إلا بالصبر على مكروهها والصبر على مخبوئها ».
وفي أولي العزم منهم ستة أقاويل :
أحدها : أن جميع الأنبياء أولوا العزم، ولم يبعث الله رسولاً إلا كان من أولي العزم. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصبر كما صبروا، قاله ابن زيد.
الثاني : أن أولي العزم منهم نوح وهود وإبراهيم، فأمر الله رسوله أن يكون رابعهم، قاله أبو العالية.
الثالث : أنهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى، قاله ابن عباس.
الرابع : أنهم نوح وهود وإبراهيم وشعيب وموسى، قاله عبد العزيز.
الخامس : أنهم إبراهيم وموسى وداود وسليمان وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم، قاله السدي.
السادس : أن منهم إسماعيل ويعقوب وأيوب، وليس منهم يونس ولا سليمان ولا آدم، قاله ابن جريج.
﴿ وَلاَ تَسْتَعْجِلَ لَّهُمْ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : بالدعاء عليهم، قاله مقاتل.
الثاني : بالعذاب وهذا وعيد.
﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : من العذاب٢، قاله يحيى.
الثاني : من الآخرة، قاله النقاش.
﴿ لَمْ يَلبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِن نَّهَارٍ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : في الدنيا حتى جاءهم العذاب، وهو مقتضى قول يحيى.
الثاني : في قبورهم حتى بعثوا للحساب، وهو مقتضى قول النقاش.
﴿ بَلاَغٌ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن ذلك اللبث بلاغ، قاله ابن عيسى.
الثاني : أن هذا القرآن بلاغ، قاله الحسن.
الثالث : أن هذا الذي وصفه الله بلاغ، وهو حلول ما وعده إما من الهلاك في الدنيا أو العذاب في الآخرة على ما تقدم من الوجهين :
﴿ فَهَل يُهْلَكُ ﴾ يعني بعد هذا البلاغ.
﴿ إِلاَّ القَوْمُ الفَاسِقُونَ ﴾ قال يحيى : المشركون.
وذكر مقاتل أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، فأمره الله أن يصبر على ما أصابه كما صبر أولوا العزم من الرسل تسهيلاً عليه وتثبيتاً له، والله أعلم.
٢ ما بين الزاويتين ساقط من ع..