تفسير سورة الأحقاف

جهود ابن عبد البر في التفسير
تفسير سورة سورة الأحقاف من كتاب جهود ابن عبد البر في التفسير .
لمؤلفه ابن عبد البر . المتوفي سنة 463 هـ

٤٣٠- حدثنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا أبو الفتح نصر بن المغيرة البخاري، قال : قال سفيان بن عيينة في قوله-عز وجل- :﴿ أو أثارة من علم ﴾، قال : الرواية عن الأنبياء- عليهم السلام. ( جامع بيان العلم وفضله : ١/٧٥ )
٤٣١- اختلف العلماء في معنى قول الله- عز وجل- :﴿ وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ﴾، فقال منهم قائلون : ذلك في الدنيا وأحكامها نحو الاختبار بالجهاد والفرائض من الحدود والقصاص وغير ذلك. وقالوا : لا يجوز غير هذا التأويل، لأن الله قد أعلم ما يفعل به١ وبالمؤمنين، وما يفعل بالمشركين بقوله :﴿ إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ﴾٢، وقوله :﴿ إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار ﴾٣، وقوله :﴿ إن الله لا يغفر أن يشرك به ﴾٤، وقوله :﴿ إني على بينة من ربي وكذبتم به ﴾٥.
وروى وكيع عن أبي بكر الهذلي عن الحسن في قوله :﴿ وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ﴾، قال : في الدنيا٦.
وقال آخرون : بل ذلك على وجهه في أمر الدنيا وفي ذنوبه وما يختم له من عمله، حتى نزلت :﴿ ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ﴾٧، فخرج رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وقال :( هي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس )٨، وهذا يعني تفسير قتادة، والضحاك، والكلبي، وروى مثله يزيد بن إبراهيم التستري عن الحسن. ( ت : ٢١/٢٢٧ )
١ أي برسول الله –صلى الله عليه وسلم..
٢ سورة الانفطار: ١٣-١٤..
٣ سورة المائدة: ٧٤..
٤ سورة النساء: ٤٧..
٥ سورة الأنعام: ٥٨..
٦ أخرجه ابن جرير بسنده إلى الحسن البصري، انظر جامع البيان: ٢٦/٧..
٧ سورة الفتح: ٢..
٨ أخرجه الإمام البخاري في التفسير: سورة الفتح: ١. ١٨/٩٤-٩٥..
٤٣٢- قال بعض المفسرين- في قول الله عز وجل- :﴿ وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم ﴾، هو عبد الله بن سلام، وقد قيل في قول الله –عز وجل- :﴿ ومن عنده علم الكتاب ﴾١، إنه عبد الله بن سلام، وأنكر ذلك عكرمة.
قال أبو عمر- رحمه الله- : وكذلك سورة الأحقاف مكية، فالقولان جميعا لا وجه لهما عند الاعتبار ؛ إلا أن يكون في معنى قوله : فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك، وقد تكون السورة مكية، وفيها آيات مدنية كالأنعام وغيرها٢. ( الاستيعاب : ٣/٩٢٢-٩٢٣ )
١ سورة الرعد: ٤٤..
٢ قال ابن جرير: والصواب من القول في ذلك عندنا أن الذي قاله مسروق في تأويل ذلك أشبه بظاهر التنزيل، لأن قوله: ﴿قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله﴾. في سياق توبيخ الله تعالى ذكره مشركي قريش. واحتجاجا عليهم لنبيه- صلى الله عليه وسلم- وهذه الآية نظيرة سائر الآيات قبلها. ولم يجر لأهل الكتاب ولا لليهود قبل ذلك ذكر، فتوجه هذه الآية إلى أنها فيهم نزلت: ولا دل على انصراف الكلام عن قصص الذين تقدم الخبر عنهم معنى، غير أن الأخبار قد وردت عن جماعة من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بأن ذلك عنى به عبد الله بن سلام، وعليه أكثر أهل التأويل، وهم كانوا أعلم بمعاني القرآن، والسبب الذي فيه نزل، وما أريد به، فتأويل الكلام إذا كان ذلك كذلك، وشهد عبد الله بن سلام، وهو الشاهد من بني إسرائيل على مثله، يعني على مثل القرآن، وهو التوراة، وذلك شهادته أن محمدا مكتوب في التوراة أنه نبي تجده اليهود مكتوبا عندهم في التوراة. كما هو مكتوب في القرآن أنه نبي. جامع البيان: ٢٦/١٢..
٤٣٣- قال أبو عمر : ظاهر الآية يدل على أنها في الكفار. ( س : ٢٦/٣٤٩ )
٤٣٤- قال أبو عمر : في الآية الجزاء بعذاب الهون على الكفر والفسق. ( س : ٢٦/٣٥٠ )
﴿ إذ أنذر قومه بالأحقاف ﴾( ٢٠ )
٤٣٥- قال أبو عبيد : إنما سميت منازلهم بالأحقاف١، لأنها كانت بالرمال. ( ت : ٢٣/٣٤٥ )
١ الحقف من الرمل: المعوج، وجمعه أحقاف، وحقوف، وحقاف، وحقفة، واحقوقف الرمل إذا طال واعوج، واحقوقف الهلال: اعوج، وكل ما طال واعوج، فقد احقوقف كظهر البعير، وشخص القمر، اللسان مادة "حقف": ٩/٥٢..
Icon