تفسير سورة التكاثر

تفسير ابن أبي حاتم
تفسير سورة سورة التكاثر من كتاب تفسير ابن أبي حاتم المعروف بـتفسير ابن أبي حاتم .
لمؤلفه ابن أبي حاتم الرازي . المتوفي سنة 327 هـ

سُورَةُ التكاثر
١٠٢
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ
١٩٤٥١ - حَدَّثَنَا أبى، حدثنا زكريا بن يحي الْوَقَّارُ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ عَنِ ابْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ عَنِ الطَّاعَةِ، حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ حَتَّى يَأْتِيَكُمُ الْمَوْتُ «١».
١٩٤٥٢ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ هِلالٍ رضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمُّونَ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ الْمُغِيرَةَ «٢».
١٩٤٥٣ - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ حَدَّثَنِي عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ قَالَ: نَزَلَتْ فِي قَبِيلَتَيْنِ مِنْ قَبَائِلِ الْأَنْصَارِ، فِي بَنِي حَارِثَةَ وَبَنِي الْحَارِثِ، تَفَاخَرُوا وَتَكَاثَرُوا فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا: فِيكُمْ مِثْلُ فُلانِ بْنِ فُلانٍ وَفُلانٍ؟ وَقَالَ الْآخَرُونَ مِثْلَ ذَلِكَ، تَفَاخَرُوا بِالْأَحْيَاءِ ثُمَّ قَالُوا: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى الْقُبُورِ، فَجَعَلَتْ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ تَقُولُ: فِيكُمْ مِثْلُ فُلانٍ؟ يَشِيرُونَ إِلَى الْقَبْرِ وَمِثْلُ فُلانٍ؟ وَفَعَلَ الْآخَرُونَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ. حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيمَا رَأَيْتُمْ عِبْرَةٌ وَشُغُلٌ.
١٩٤٥٤ - حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا حَكَّامُ بْنُ سَلَمٍ الرَّازِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ الْحَجَّاجِ عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: مَا زِلْنَا نَشُكُّ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ حَتَّى نَزَلَتْ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ: حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ «٣».
١٩٤٥٥ - حدثنا أبى، حدثنا سلمة بن دَاوُدَ الْعَرَضِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُلَيْحِ الرَّقِّيُّ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَرَأَ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ. حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ، فَلَبِثَ هُنَيْهَةً فَقَالَ: يَا مَيْمُونُ، مَا أَرَى الْمَقَابِرَ إِلا زِيَارَةً وَمَا لِلزَائِرِ بُدُّ مِنْ أن يرجع إلى منزله «٤».
(١) ابن كثير ٨/ ٤٩٢
(٢) الدر ٨/ ٦٠٩
(٣) ابن كثير ٨/ ٤٩٣- ٤٩٤.
(٤) ابن كثير ٨/ ٤٩٣- ٤٩٤. [.....]
١٩٤٥٦ - عَنْ قَتَادَةَ رضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ قَالَ: قَالُوا: نَحْنُ أَكْثَرُ مِنْ بَنِي فُلانٍ وَبَنُو فُلانٍ أَكْثَرُ مِنْ بَنِي فُلانٍ فَأَلْهَاهُمْ ذَلِكَ حَتَّى مَاتُوا ضَلالًا «١».
١٩٤٥٧ - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ قَالَ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ «٢».
١٩٤٥٨ - عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ قَرَأَ: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ المقابر ثم قال: مَا أَرَى الْمَقَابِرَ إِلا زِيَارَةً وَمَا لِلزَائِرِ بُدُّ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مَنْزِلِهِ «٣».
قَوْلُهُ تَعَالَى: كَلا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ
١٩٤٥٩ - عَنْ قَتَادَةَ كَلا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ قَالَ: كُنَّا نُحَدِّثُ أَنَّ عِلْمَ الْيَقِينِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ بَاعِثُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ «٤».
قَوْلُهُ تَعَالَى: ثم لتسئلن يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ
قَالَ: سَائِلٌ كُلَّ ذِي نِعْمَةٍ فِيمَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ.
١٩٤٦٠ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما في قوله: ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم قال: صحة ألا بد ان وَالْأَسْمَاعِ وَالْأَبْصَارِ يسأل الله العباد فيم استعملوها وهو أعلم بذلك منهم.
١٩٤٦١ - عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قوله: ثم لتسئلن يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قَالَ: الْأَمْنُ وَالصِّحَّةُ «٥».
١٩٤٦١ - عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قوله: ثم لتسئلن يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قَالَ: عَنْ أَكْلِ خُبْزِ الْبُرِّ وَشُرْبِ مَاءِ الْفُرَاتِ مُبَرَّدًا، وَكَانَ لَهُ مَنْزِلُهُ يَسْكُنُهُ، فَذَاكَ مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي يُسْأَلُ عَنْهُ «٦».
١٩٤٦٢ - عَنْ عِكْرَمَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآية لتسئلن يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قَالَ الصَّحَابَةُ: وَفِي أَيِّ نَعِيمٍ نَحْنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ وَإِنَّمَا نَأْكُلُ فِي أَنْصَافِ بُطُونِنَا خُبْزَ الشعير، فأوحى الله إلى نبيها أَنْ قُلْ لَهُمْ: أَلَيْسَ تَحْتَذُونَ النِّعَالَ وَتَشْرَبُونَ الماء البارد؟ فهذا من النعيم «٧».
(١) الدر ٨/ ٦١١- ٦١٢.
(٢) الدر ٨/ ٦١١- ٦١٢.
(٣) الدر ٨/ ٦١١- ٦١٢.
(٤) الدر ٨/ ٦١٣.
(٥) الدر ٨/ ٦١١- ٦١٢.
(٦) الدر ٨/ ٦١١- ٦١٢.
(٧) الدر ٨/ ٦١١- ٦١٢.
3460
١٩٤٦٣ - حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْخَزَّازُ الْمُقْرِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى أبو خالدا، لخزاز حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ، عِكْرَمَةَ، عَنِ ابن عباس أنه سمع عمر بين الْخَطَّابِ يَقوُلُ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الظَّهِيرَةِ فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ في المسجد فَقَالَ: «مَا أَخْرَجَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟» قَالَ: أخرجني الذي أخرجكما قال: فقد عُمَرُ، وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُهُمَا، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ بِكُمَا مِنْ قُوَّةٍ تَنْطَلِقَانِ إِلَى هَذَا النَّخْلِ فَتُصِيبَانِ طَعَامًا وَشَرَابًا وَظِلا؟» قُلْنَا نَعَمْ. قَالَ: «مُرُّوا بِنَا إِلَى مَنْزِلِ ابْنِ التَّيْهَانِ أَبِي الْهَيْثَمِ الْأَنْصَارِيِّ» قَالَ: فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَيْدِينَا، فَسَلَّمَ وَاسْتَأْذَنَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ وَأُمُّ الْهَيْثَمِ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ تَسْمَعُ الْكَلامَ، تُرِيدُ أَنْ يَزيِدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ السَّلامِ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ خَرَجَتْ أُمُّ الْهَيْثَمِ تَسْعَى خَلْفَهُمْ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ- وَاللَّهِ- سَمِعْتُ تَسْلِيمَكَ، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَزِيدَنَا مِنْ سَلامِكَ، فَقَالَ لها رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «خَيْرًا» ثُمَّ قَالَ «أَيْنَ أَبُو الْهَيْثَمِ؟ لَا أَرَاهُ» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ قَرِيبٌ ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ الْمَاءَ، ادْخُلُوا فَإِنَّهُ يَأْتِي السَّاعَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَبَسَطَتْ بِسَاطًا تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَجَاءَ أَبُو الْهَيْثَمِ فَفَرِحَ بِهِمْ وَقَرَّتْ عَيْنَاهُ بِهِمْ، فَصَعِدَ عَلَى نَخْلَةٍ فَصَرَمَ لَهُمْ أَعْذَاقًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «حَسْبُكَ يَا أَبَا التَّيْهَانِ الْهَيْثَمُ» قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأْكُلُونَ مِنْ بُسْرِهِ وِمِنْ رُطَبِهِ وَمِنْ تَذْنُوبِهِ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بِمَاءٍ فَشَرِبُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ» «١».
١٩٤٦٤ - حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عن يحي بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قَالَ الزبير: لما نزلت: لتسئلن يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِأَيِّ نَعِيمٍ نُسْأَلُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا هُمَا الْأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ؟ قَالَ: «إِنَّ ذَلِكَ سَيَكُونُ» «٢».
١٩٤٦٥ - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الظِّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: لَمَّا أنزلت هذه الآية ثم لتسئلن يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قَالَتِ الصَّحَابَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيُّ نَعِيمٍ نَحْنُ فِيهِ، وَإِنَّمَا نَأَكُلُ فِي أَنْصَافِ بُطُونِنَا خبز
(١) ابن كثير ٨/ ٤٩٧.
(٢) ابن كثير ٨/ ٤٩٧.
3461
قوله تعالى :﴿ ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ﴾ قال : سائل كل ذي نعمة فيما أنعم عليه.
عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ﴾ قال : صحة الأبدان والأسماع والأبصار، يسأل الله العباد فيم استعملوها، وهو أعلم بذلك منهم. عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ﴾ قال : الأمن والصحة.
عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن قوله :﴿ ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ﴾ قال : عن أكل خبز البر، وشرب ماء الفرات مبردا، وكان له منزله يسكنه، فذاك من النعيم الذي يسأل عنه.
عن عكرمة قال : لما نزلت هذه الآية ﴿ لتسألن يومئذ عن النعيم ﴾ قال الصحابة : وفي أي نعيم نحن يا رسول الله ؟ وإنما نأكل في أنصاف بطوننا خبز الشعير، فأوحى الله إلى نبيه أن قل لهم : أليس تحتذون النعال وتشربون الماء البارد ؟ فهذا من النعيم.
حدثنا أبو زرعة، حدثنا زكريا بن يحيى الخزاز المقري، حدثنا عبد الله بن عيسى أبو خالد الخزاز حدثنا يونس بن عبيد، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه سمع عمر بين الخطاب يقول : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الظهيرة فوجد أبا بكر في المسجد فقال : " ما أخرجك يا ابن الخطاب ؟ " قال : أخرجني الذي أخرجكما، قال : فقدم عمر، وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثهما، ثم قال : " هل بكما من قوة تنطلقان إلى هذا النخل فتصيبان طعاما وشرابا وظلا ؟ " قلنا : نعم. قال : " مروا بنا إلى منزل ابن التيهان أبي الهيثم الأنصاري ". قال : فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أيدينا، فسلم واستأذن ثلاث مرات، وأم الهيثم من وراء الباب تسمع الكلام، تريد أن يزيدها رسول الله صلى الله عليه وسلم من السلام، فلما أراد أن ينصرف خرجت أم الهيثم تسعى خلفهم، فقالت : يا رسول الله قد- والله- سمعت تسليمك، ولكن أردت أن تزيدنا من سلامك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا، ثم قال : " أين أبو الهيثم ؟ لا أراه " قالت : يا رسول الله، هو قريب، ذهب يستعذب الماء، ادخلوا فإنه يأتي الساعة إن شاء الله، فبسطت بساطا تحت شجرة، فجاء أبو الهيثم ففرح بهم، وقرت عيناه بهم، فصعد على نخلة فصرم لهم أعذاقا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حسبك يا أبا التيهان الهيثم "، قال : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم تأكلون من بسره، ومن رطبه، ومن تذنوبه، ثم أتاهم بماء فشربوا عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا من النعيم الذي تسألون عنه ".
حدثنا أبو زرعة، حدثنا مسدد، حدثنا سفيان، عن محمد بن عمرو، عن يحيى بن حاطب، عن عبد الله بن الزبير قال : قال الزبير : لما نزلت ﴿ لتسألن يومئذ عن النعيم ﴾ قالوا : يا رسول الله، لأي نعيم نسأل عنه، وإنما هما الأسودان التمر والماء ؟ قال : " إن ذلك سيكون ".
حدثنا أبو عبد الله الظهراني، حدثنا حفص بن عمر العدني، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة قال : لما أنزلت هذه الآية ﴿ ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ﴾ قالت الصحابة : يا رسول الله، وأي نعيم نحن فيه، وإنما نأكل في أنصاف بطوننا خبز الشعير ؟ فأوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم قل لهم : أليس تحتذون النعال، وتشربون الماء البارد ؟ فهذا من النعيم.
حدثنا أبو زرعة، حدثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا محمد بن سليمان بن الأصبهاني عن ابن أبي ليلى، أظنه عن عامر، عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ لتسألن يومئذ عن النعيم ﴾ قال : الأمن والصحة.
Icon