مكية عددها أربع وخمسون آية كوفية
ﰡ
﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ أبو سفيان لكفار مكة واللات والعزى ﴿ لاَ تَأْتِينَا ٱلسَّاعَةُ ﴾ أبداً، فلما حلف أبو سفيان بالأصنام حلف النبي صلى الله عليه وسلم بالله عز وجل فقال الله عز وجل: ﴿ قُلْ ﴾ يا محمد ﴿ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ ﴾ الساعة ﴿ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ ﴾ غيب الساعة ﴿ لاَ يَعْزُبَ عَنْهُ ﴾ من ﴿ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ ﴾ وزن أصغر النمل ﴿ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ ﴾ ولا أقل من ذلك المثقال ﴿ وَلاَ أَكْبَرُ ﴾ منه ولا أعظم من المثقال ﴿ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴾ [الآية: ٣] إلا هو في اللوح المحفوظ.﴿ لِّيَجْزِيَ ﴾ لكي يجزي في الساعة ﴿ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ صدقوا ﴿ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ ﴾ بالقسط بالعدل ﴿ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ ﴾ لذنوبهم ﴿ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [آية: ٤] حسناً فى الجنة.
﴿ ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْكَ ﴾ يعني النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلْحَقَّ ﴾ يعني القرآن.
﴿ وَيَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطِ ﴾ ويدعو إلى دين ﴿ ٱلْعَزِيزِ ﴾ في ملكه ﴿ ٱلْحَمِيدِ ﴾ [آية: ٦] في خلقه.﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ بالبعث أبو سفيان، قال لكفار مكة: ﴿ هَلْ نَدُلُّكُمْ ﴾ ألا ندلكم ﴿ عَلَىٰ رَجُلٍ ﴾ يعني النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ يُنَبِّئُكُمْ ﴾ يخبركم أنكم ﴿ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ﴾ يخبركم أنكم إذا تفرقتم في الأرض وذهبت اللحوم والعظام، وكنتم تراباً ﴿ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ [آية: ٧] يعني البعث بعد الموت. ثم قال أبو سفيان: ﴿ أَفْتَرَىٰ ﴾ محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً ﴾ حين يزعم أنا نبعث بعد الموت ﴿ أَم بِهِ جِنَّةٌ ﴾ يقول: أم بمحمد جنون، فرد الله عز وجل عليهم، فقال: ﴿ بَلِ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ ﴾ لا يصدقون بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال هم أكذب وأشد فرية من محمد صلى الله عليه وسلم حين كذبوا بالبعث، ثم قال جل وعز: هم ﴿ فِي ٱلْعَذَابِ ﴾ في الآخرة ﴿ وَٱلضَّلاَلِ ٱلْبَعِيدِ ﴾ [آية: ٨] الشقاء الطويل، نظيرها في آخر اقتربت الساعة. ثم خوفهم، فقال جل وعز: ﴿ أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ﴾ ثم بين ما هو، فقال جل وعز: ﴿ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ ٱلأَرْضَ ﴾ فتبتلهم ﴿ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ ﴾ يعني جانباً من السماء فنهلكهم بها ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً ﴾ يعني عبرة ﴿ لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ ﴾ [آية: ٩] مخلص بالتوحيد.
ثم ذكر ابنه سليمان، عليهما السلام، وما أعطاه الله عز وجل من الخير والكرامة فقال عز وجل: ﴿ وَ ﴾ سخرنا ﴿ وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ ﴾ يعني مسيرة شهر فتحملهم الريح من بيت المقدس إلى أصطخر وتروح بهما ذا بلستان ﴿ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ﴾ يعني مسيرة فتحملهم إلى بيت المقدس لا تحول طيراً من فوقهم ولا ورقة من تحتهم ولا تثير تراباً، ثم قال جل وعز: ﴿ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ ٱلْقِطْرِ ﴾ يعني أخرجنا لسليمان عين الصفر ثلاثة أيام تجري مجرى الماء بأرض اليمن ﴿ وَمِنَ ٱلْجِنِّ مَن يَعْمَلُ ﴾ وسخرنا لسليمان من الجن من يعمل ﴿ بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ بين يدي سليمان ﴿ بِإِذْنِ رَبِّهِ ﴾ يعني رب سليمان عز وجل ﴿ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ ﴾ ومن يعدل منهم ﴿ عَنْ أَمْرِنَا ﴾ عن أمر سليمان، عليه السلام.
﴿ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ ﴾ [آية: ١٢] الوقود في الدنيا كان ملك بيده سوط من نار من يزغ عن أمر سليمان ضربه بسوط من نار فذلك عذاب السعير.﴿ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ ﴾ يعني الجن لسليمان ﴿ مِن مَّحَارِيبَ ﴾ المساجد ﴿ وَتَمَاثِيلَ ﴾ من نحاس ورخام من الأرض المقدسة وأصطخر من غير أن يعبدها أحد، ثم قال جل وعز: ﴿ وَجِفَانٍ كَٱلْجَوَابِ ﴾ وقصاع في العظم كحياض الإبل بأرض اليمن من العظم يجلس على كل قصعة واحد ألف رجل يأكلون منها بين يدي سليمان ﴿ وَقُدُورٍ ﴾ عظام لها قوائم لا تتحرك ﴿ رَّاسِيَاتٍ ﴾ ثابتات نتخذ من الجبال والقدور وعين الصفر بأرض اليمن، وكان ملك سليمان ما بين مصر وكابل، ثم قال جل وعز: ﴿ ٱعْمَلُوۤاْ آلَ دَاوُودَ شُكْراً ﴾ بما أعطيتم من الخير، يقول الرب عز وجل: ﴿ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ ﴾ [آية: ١٣].
﴿ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ ﴾ على سليمان ﴿ ٱلْمَوْتَ ﴾ وذلك أن سليمان، عليه السلام، كان دخل في السن وهو في بيت المقدس ﴿ مَا دَلَّهُمْ ﴾ ما دل الجن ﴿ عَلَىٰ مَوْتِهِ ﴾ على موت سليمان ﴿ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ ﴾ يعني الأرضة، وذلك أن الجن كانوا يخبرون الإنس أنهم يعلمون الغيب الذي يكون في غد فابتلوا بموت سليمان ببيت المقدس، وكان داود أسس بيت المقدس موضع فسطاط موسى، عليه السلام، فمات قبل أن يبنى فبناه سليمان بالصخر والقار، فلما حضره الموت قال لأهله: لا تخبروا الجن بموتي حتى يفرغوا من بناء بيت المقدس، وكان قد بقي منه عمل سنة، فلما حضره الموت، وهو متكىء على عصاه، وقد أوصى أن يكتم موته، وقال: لا تبكوا عليّ سنة لئلا يتفرق الجن عن بناء بيت المقدس، ففعلوا، فلما بنوا سنة وفرغوا من بنائه سلط الله عز وجل عليه الأرضة عند رأس الحول على أسفل عصاه، فأكلته، فذلك قوله: ﴿ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ﴾ أسفل العصا فخر عند ذلك سليمان ميتاً، فرأته الجن، فتفرقت، فذلك قوله عز وجل: ﴿ فَلَمَّا خَرَّ ﴾ سليمان ﴿ تَبَيَّنَتِ ٱلْجِنُّ ﴾ يعني تبينت الإنس ﴿ أَن لَّوْ كَانُواْ ﴾ الجن ﴿ يَعْلَمُونَ ٱلْغَيْبَ ﴾ يعني غيب موت سليمان ﴿ مَا لَبِثُواْ ﴾ حولاً ﴿ فِي ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ ﴾ [آية: ١٤] والشقاء والنصب في بيت المقدس، وإنما سموا الجن لأنهم استخفوا من الإنس، فلم يروهم.
ثم قال: ﴿ وَمَا كَانَ لَهُ ﴾ لإبليس ﴿ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ ﴾ من ملك أن يضلهم عن الهدى ﴿ إِلاَّ لِنَعْلَمَ ﴾ لنرى ﴿ مَن يُؤْمِنُ بِٱلآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ ﴾ ليبين المؤمن من الكافر ﴿ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ﴾ من الإيمان والشك ﴿ حَفُيظٌ ﴾ [آية: ٢١] رقيب.
﴿ قُل لاَّ تُسْأَلُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [آية: ٢٥] ﴿ قُلْ ﴾ يا محمد لكفار مكة ﴿ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ﴾ في الآخرة وأنتم ﴿ ثُمَّ يَفْتَحُ ﴾ يقضي ﴿ بَيْنَنَا بِٱلْحَقِّ ﴾ بالعدل ﴿ وَهُوَ ٱلْفَتَّاحُ ﴾ القضاء ﴿ ٱلْعَلِيمُ ﴾ [آية: ٢٦] بما يقضي.﴿ قُلْ ﴾ لكفار مكة: ﴿ أَرُونِيَ ٱلَّذيِنَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ ﴾ يعني بالله عز وجل ﴿ شُرَكَآءَ ﴾ من الملائكة هل خلقوا شيئاً يقول الله عز وجل ﴿ كَلاَّ ﴾ ما خلقوا شيئاً، ثم استأنف ﴿ بَلْ هُوَ ٱللَّهُ ﴾ الذي خلق الأشياء كلها ﴿ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحْكِيمُ ﴾ [آية: ٢٧] العزيز في ملكه الحكيم في أمره. نظيرها في الأحقاف.﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ ﴾ يعني يا محمد ﴿ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ ﴾ عامة للناس ﴿ بَشِيراً ﴾ بالجنة لمن أجابه ﴿ وَنَذِيراً ﴾ من النار ﴿ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ ﴾ يعني أهل مكة ﴿ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [آية: ٢٨].
﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ ﴾ الذي تعدنا يا محمد ﴿ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [آية: ٢٩] إن كنت صادقاً بأن العذاب نازل بنا في الدنيا ﴿ قُل لَّكُم مِّيعَادُ ﴾ ميقات في العذاب ﴿ يَوْمٍ لاَّ تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ﴾ عن المعياد ﴿ سَاعَةً وَلاَ تَسْتَقْدِمُونَ ﴾ [آية: ٣٠] يعني لا تتباعدون عنه ولا تتقدمون.
فردت الضعفاء على الكبراء، فقالوا: ﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ بَلْ مَكْرُ ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ ﴾ بل قولهم كذب بالليل والنهار ﴿ إِذْ تَأْمُرُونَنَآ أَن نَّكْفُرَ بِٱللَّهِ ﴾ بتوحيد الله عز وجل ﴿ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً ﴾ يعني وتأمرونا أن نجعل له شريكاً ﴿ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ ﴾ في أنفسهم ﴿ لَمَّا رَأَوُاْ ٱْلَعَذَابَ ﴾ حين عاينوا العذاب في الأخرة ﴿ وَجَعَلْنَا ٱلأَغْلاَلَ فِيۤ أَعْنَاقِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ وذلك أن الله عز وجل يأمر خزانة جهنم أن يجعلوا الأغلال في أعناق الذين كفروا بتوحيد الله عز وجل، وقالت لهم الخزنة: ﴿ هَلْ يُجْزَوْنَ ﴾ في الآخرة ﴿ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [آية: ٣٣] من الكفر في الدنيا.
و ﴿ وَقَالُواْ ﴾ أيضاً لفقراء المسلمين أهؤلاء خير منا أم هم أولى بالله منا ﴿ نَحْنُ أَكْثَـرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴾ [آية: ٣٥]يقول الله عز وجل: ﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ ﴾ وقتر على من يشاء ﴿ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ ﴾ كفار مكة ﴿ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [آية: ٣٦] أن البسط والقتر بيد الله عز وجل.﴿ وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بِٱلَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ ﴾ يعني قرابة ﴿ إِلاَّ مَنْ آمَنَ ﴾ صدق بالله ﴿ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ جَزَآءُ ٱلضِّعْفِ بِمَا عَمِلُواْ ﴾ من الخير نجزي بالحسنة الواحدة عشرة فصاعداً، ثم قال عز وجل: ﴿ وَهُمْ فِي ٱلْغُرُفَاتِ ﴾ غرف الجنة ﴿ آمِنُونَ ﴾ [آية: ٣٧] من الموت.﴿ وَٱلَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِيۤ آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ ﴾ يقول: عملوا بالتكذيب بالقرآن مثبطين عن الإيمان بالقرآن ﴿ أُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ ﴾ [آية: ٣٨] النار.﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ ﴾ يوسع الرزق على من يشاء ﴿ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ﴾ ويقتر ﴿ وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ﴾ يقول الله عز وجل أخلفه لكم وأعطاكموه ﴿ وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ ﴾ [آية: ٣٩] مثل قوله عز وجل:﴿ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ﴾[الحديد: ٧].
﴿ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا ﴾ وإذا قرىء عليهم القرآن ﴿ بَيِّنَاتٍ ﴾ ما فيه من الأمر والنهي ﴿ قَالُواْ مَا هَـٰذَا إِلاَّ رَجُلٌ ﴾ يعنون النبى صلى الله عليه وسلم ﴿ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُكُمْ وَقَالُواْ مَا هَـٰذَآ ﴾ القرآن ﴿ إِلاَّ إِفْكٌ ﴾ كذب ﴿ مُّفْتَرًى ﴾ افتراه محمد صلى الله عليه وسلم من تلقاء نفسه ﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ من أهل مكة ﴿ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ ﴾ يعنون القرآن حين جاءهم ﴿ إِنْ هَـٰذَآ ﴾ القرآن ﴿ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾ [آية: ٤٣].
﴿ وَمَآ آتَيْنَاهُمْ ﴾ يعني وما أعطيناهم ﴿ مِّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا ﴾ يعني يقرؤونها بأن مع الله شريكاً نظيرها في الزخرف:﴿ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً ﴾[الزخرف: ٢١]، ونظيرها في الملائكة [فاطر: ٣٢] ﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ ﴾ يعني أهل مكة ﴿ قَبْلَكَ مِّن نَّذِيرٍ ﴾ [آية: ٤٤] يا محمد من رسول لم ينزل كتاب ولا رسول قبل محمد صلى الله عليه وسلم إلى العرب. ثم قال جل وعز: ﴿ وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ ﴾ يعني الأمم الخالية كذبوا رسلهم قبل كفار مكة ﴿ وَمَا بَلَغُواْ مِعْشَارَ مَآ آتَيْنَاهُمْ ﴾ وما بلغ الكفار مكة، عشر الذي أعطينا الأمم الخالية من الأموال والعدة والعمر والقوة ﴿ فَكَذَّبُواْ رُسُلِي ﴾ فأهلكناهم بالعذاب في الدنيا حين كذبوا الرسل ﴿ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴾ [آية: ٤٥] تغييري الشر فاحذروا يا أهل مكة، مثل عذاب الأمم الخالية.