تفسير سورة المائدة

أحكام القرآن
تفسير سورة سورة المائدة من كتاب أحكام القرآن .
لمؤلفه ابن الفرس . المتوفي سنة 595 هـ
سورة المائدة١
هذه السورة مدنية بلا خلاف، وروي أنها نزلت في منصرف النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية.
وقيل : إن منها ما نزل في حجة الوداع، ومنها ما نزل٢ عام الفتح، وهو قوله تعالى :﴿ ولا يجرمنكم شنئان ﴾ [ المائدة : ٢ ].
وكل ما٣ نزل من القرآن بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم فهو مدني، سواء نزل بالمدينة أو في سفر من الأسفار أو بمكة٤، وإنما يوسم٥ بالمكي ما نزل قبل الهجرة. وقد قال بعضهم : كل ما وجد٦ في القرآن :﴿ يا أيها الذين آمنوا ﴾ فهو مدني. وروي أنه عليه الصلاة والسلام٧، قال : " سورة المائدة تدعى في ملكوت السموات والأرض المنقذة " ٨، أي تنقذ صاحبها من أيدي ملائكة العذاب وفيها من الأحكام والناسخ والمنسوخ مواضع. وقد قيل : ليس فيها منسوخ٩، لأنها آخر سورة نزلت، والصحيح ما قدمناه.
١ "سورة المائدة" هذا ساقط في (ج)..
٢ في (هـ): "في عام الفتح"..
٣ في (هـ): "كلما"..
٤ في (هـ): "أو في مكة"..
٥ في كل النسخ: "وإنما يرسم بالمكي" والصواب ما أثبتناه..
٦ "وجد" ساقطة في (أ) و(ب) و(ج) و(هـ)..
٧ في (أ) و(ب) و(هـ): "عليه السلام"..
٨ الحديث لم نعثر عليه، وقد ذكره الشيخ محمد الطاهر بن عاشور نقلا عن أحكام القرآن لابن الفرس. انظر: التحرير والتنوير، ج٦، ص٦٩..
٩ في (د) و(ج): "منسوخا" وهو خطأ..

١ قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ﴾ :
اختلف في تأويل العقود :
فقيل : هي العهود التي عاهد عليها بعضهم بعضا في الجاهلية من النصرة والمؤازرة، أمروا أن يوفوا بها في الإسلام، وذلك إذا لم يكن في الوفاء بها معصية.
وذكر أن فرات بن حيان العجلي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن١ حلف الجاهلية، فقال : " لعلك تسأل عن حلف لخم٢ وتيم الله "، قال٣ : نعم يا نبي الله قال٤ : " لا يزيده٥ الإسلام إلا شدة " ٦.
وقيل : هي ما عقده المرء على نفسه من بيع وشراء وإجارة وكراء وطلاق ومناكحة ومواعدة ومصالحة وتمليك وتخيير وعتق وتدبير، وغير ذلك من الأمور مما كان غير٧ خارج عن الجنائز في الشريعة. وكذلك ما عقده على نفسه لله عز وجل من الطاعات كالحج، والصيام، والاعتكاف، والقيام، وما أشبه ذلك من طاعات٨ ملة الإسلام.
وقيل : نزلت الآية في أهل الكتاب، أمروا أن يوفوا بما أخذ عليهم من الميثاق في٩ تصديق النبي صلى الله عليه وسلم. وقد كتب بها النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل نجران.
وقيل :﴿ أوفوا بالعقود ﴾ معناه : بما أحل الله تعالى١٠ وبما حرم وبما فرض وبما حد من جميع الأشياء، ووجه القول١١ في هذا أن العقود تنقسم إلى١٢ ثلاثة أقسام : منها ما عقده الله تعالى على عبيده، ومنها ما عقده المرء١٣ على نفسه، ومنها ما عقده المرء بينه وبين غيره.
ثم هي منقسمة على خمسة أقسام١٤ : منها ما يجوز١٥ الوفاء به. ومنها ما لا يجوز الوفاء به، ومنها ما يخير المرء في الوفاء به١٦ ومنها ما يستحب الوفاء به١٧.
ولفظ العقود يقع على ذلك كله، فهل١٨ هو من قبيل المجمل الذي لا يجوز التمسك به حتى يدل دليل على١٩ المراد به٢٠، أو من قبيل العام الذي يجوز التمسك به في آحاد المسائل حتى يرد مخصص ؟
فقيل٢١ : هو من قبيل المجمل ؛ كقوله تعالى :﴿ وافعلوا الخير ﴾ [ الحج : ٧٧ ]، لا يجوز الاحتجاج به٢٢ في٢٣ وجوب الوتر ونحو ذلك.
وقيل : هو عام، فيجب أن تحمل الآية على عمومها في كل ما يقع عليه اسم عقد من النذور٢٤ والأيمان وغير ذلك إلا ما خصصه الشرع، فإذا قلنا بذلك٢٥ فمن هذه الأشياء ما اتفق عليه٢٦، ومنها ما اختلف فيه ؛ فمن ذلك النذور٢٧ اتفق على لزوم الوفاء بنذر طاعة شكرا٢٨ لله عز وجل إن كان كذا وكذا فلا خلاف أن هذا داخل تحت عموم قوله تعالى٢٩ :﴿ وأوفوا بالعقود ﴾.
واختلف في النذر المطلق الذي ليس معلقا بصفة، وفي النذر الخارج مخرج اليمين، وفي النذر في حال اللجاج والغضب، هل يلزم أم لا ؟ فعندنا٣٠ أنه يلزم لعموم٣١ قوله تعالى٣٢ :﴿ أوفوا بالعقود ﴾، وهذه عقود لا شك فيها.
واختلف في المذهب إذا قال : " لله٣٣ علي أن أفعل كذا وكذا، وأن لا أفعل كذا "، لقربة٣٤ من القرب، ولم يأت بلفظ النذر هل يلزم أم لا ؟ فعندنا فيه قولان : و٣٥ الصحيح لزومه ؛ لقوله تعالى :﴿ أوفوا بالعقود ﴾، ومن ذلك نذر فعل مباح. اختلف فيه :
فقال ابن حنبل٣٦ : إن فعله لم يكن عليه شيء وإن لم يفعله فعليه كفارة، وعندنا أنه لا يلزمه فعله ولا عليه في تركه كفارة ؛ لأن النذر الذي يلزم الوفاء به هو الذي فيه قربة، وهذا لا قربة فيه.
واختلف في الذي ينذر في الجاهلية نذرا مما يوجبه المسلمون لله تعالى٣٧، ثم أسلم.
فقال الشافعي : واجب٣٨ عليه الوفاء بنذره ومن حجته عموم الآية كما قدمناه وقال مالك : إنه٣٩ لا يجب الوفاء به.
ومن ذلك الأيمان٤٠ اتفق على وجوب٤١ الوفاء باليمين التي يعقدها الإنسان على نفسه باسم من أسماء الله عز وجل، فلا٤٢ خلاف أن هذا٤٣ داخل تحت قوله تعالى :﴿ أوفوا بالعقود ﴾، فإن حنث فيها فكفارتها ما ذكره٤٤ الله تعالى في كتابه، وسيأتي الكلام عليه. واختلف في لزوم الوفاء باليمين التي يعقدها الإنسان على نفسه بطاعة من الطاعات كالعتق والمشي إلى مكة والصدقة بالمال، ونحو ذلك.
فمنهم من لم يلزم شيئا٤٥ من ذلك باليمين٤٦، ولم ير فيه٤٧ إلا كفارة يمين٤٨. ومنهم من لم يلزم شيئا من ذلك ولا أوجب فيه كفارة يمين٤٩. ومنهم من ألزم العتق ولا يلزم سائر الطاعات. ومنهم من ألزم الحالف٥٠ بشيء من الطاعات الوفاء بها، وهو أصل مذهب مالك، وشذت له٥١ مسائل عن هذا الأصل٥٢ يجب ردها إليه. وحجتنا٥٣ على هذا القول عموم الآية أي٥٤ قوله تعالى :﴿ وأوفوا بالعقود ﴾، وهذه٥٥ كلها عقود لا شك فيها، فيجب الوفاء بها، وهذا كله فيما لله تعالى فيه طاعة، فأما ما ليس فيه طاعة فلا يجب به، إلا أنه٥٦ اختلف في الطلاق إذا خرج مخرج اليمين هل يلزم أم لا ؟ وذلك ليس مما لله٥٧ فيه طاعة. فالجمهور٥٨ على أنه يلزم٥٩، وذهب بعضهم إلى أنه لا يلزم.
ومن حجة الجمهور عموم الآية، ومن ذلك الهبة والصدقة اختلف٦٠ في جواز الرجوع فيها للأجنبي٦١ ما لم يقبضها، فأجازه الشافعي وأبو حنيفة مطلقا٦٢، وأجازه بعضهم في الهبة٦٣ ولم يجزه في الصدقة، وهذا٦٤ أحد قولي الشافعي، ولم يجزه مالك في واحد منها، والحجة له رحمة الله تعالى٦٥ عموم٦٦ قوله تعالى :﴿ أوفوا بالعقود ﴾. والعقد هو الإيجاب والقبول وهو موجود في مسألتنا، فالوفاء به واجب٦٧. واختلف فيما وهبه الأب لابنه هل له الرجوع فيه، وإن قبضه الابن، أم لا٦٨ ؟ فقال مالك : له ذلك، وبه قال الشافعي على خلاف له٦٩، ولمالك في الجد وعلى خلاف لمالك في الأم والجدة.
وقال أبو حنيفة : لا رجوع للأب ولا لذي رحم محرم فيما وهبه، وأجاز٧٠ الرجوع للأجنبي.
وحجة مالك ومن قال بقوله ما روي عن٧١ ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا يحل لأحد أن٧٢ يعطي عطية فيرجع إلا الوالد فيما يعطي ولده " ٧٣، وهو حديث صحيح، وهو نص في مسألة٧٤ الأجنبي، فالوالد مخصص٧٥ لعموم الآية.
ومن ذلك الشروط المشترطة في النكاح التي لا تفسده ولا يقترن بها٧٦ تمليك ولا عتق ولا حظ من الصداق : فعند مالك رحمه الله٧٧ أنها تلزم، و٧٨ عند ابن شهاب٧٩ وغيره٨٠ أنها تلزم٨١ من٨٢ التزمها، فمن ألزمها٨٣ رآها داخلة تحت لفظ العقود، ومن لم يلزمها خصصها من ذلك باعتبار ما فيه قربة. ومن حجة ابن شهاب وغيره قوله عليه الصلاة والسلام٨٤ : " المسلمون عند شروطهم " ٨٥، وقوله عليه الصلاة والسلام٨٦ " أحق الشروط أن توفوا به٨٧ ما استحللتم به الفروج " ٨٨.
القول في هذه الآية أشعر أو لم يشعر وهو قول الشافعي، ومن حجته٨٩ الآية على هذا التأويل، وظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم : " ذكاة الجنين ذكاة أمه " ٩٠.
ومالك يقول : إن اشعر جاز أكله إذا٩١ خرج ميتا ولا يحتاج إلى ذكاة٩٢، وعلى هذا يتأول هذا التأويل في الآية والحديث، وأبو حنيفة لا يجيز أكله إلا أن يخرج حيا فيذكى والحجة عليه ما قدمناه من الحديث والآية. والأحسن٩٣ أن يقال : إنه أراد ببهيمة الأنعام الوحش، فأراد الله تعالى أن يعلمنا بأنها٩٤ تحل لنا كما تحل الأنعام، ولذلك سماها بهيمة الأنعام، فتكون على هذا القول الأنعام٩٥ داخلة في التحليل لأن مضمون الآية التسوية بينهما في التحليل، فمن جعل بهيمة الأنعام في الآية الجنين لم يحتج إلى إضمار الذكاة في الآية. ومن جعلها الوحش أو الماشية٩٦ كما قدمنا احتاج في الآية إلى تقدير الذكاة ؛ لأن أكلها لا يجوز إلا بذكاة كأنه قال : أحلت لكم ذكية٩٧ بهيمة الأنعام ونحو ذلك. وهذا٩٨ اللفظ مما يختلف فيه٩٩ أكثر الأصوليين١٠٠ وهو قوله تعالى :﴿ أحلت لكم بهيمة الأنعام ﴾، فمنهم من يقول : هو مجمل إذ لا يدرى من هذا اللفظ ما أحل منها هل الركوب أو الأكل أو البيع١٠١ أو غير ذلك، فيجب الوقف حتى يتبين المراد بذلك. ومنهم من يقول : هو على١٠٢ العموم في جميع الأشياء إلا أن بخصّص منها شيء. والحذاق منهم يزعمون أن هذا١٠٣ نص على أنه إنما أراد١٠٤ الأكل من جميع تلك الأشياء، قالوا : إلا أن هذا لا يقتضيه وضع اللفظ، وإنما يقتضيه عرف الاستعمال. واختلف في أكل الجلالة، فعندنا فيه الكراهية١٠٥، وحرّمه ابن حنبل.
واختلف أيضا في ألبانها وأبوالها وأعراقها على ثلاثة أقوال في المذهب : الطهارة والنجاسة والفرق بين الأبوال وبين١٠٦ غيرها. والحجة لمن لا يحرم أكل الجلالة ولا شرب١٠٧ ألبانها قوله تعالى :﴿ أحلت لكم بهيمة الأنعام ﴾ يريد أكلها فعم ولم يخصص١٠٨ جلالة من غيرها. وقوله تعالى :﴿ أحلت لكم بهيمة الأنعام ﴾ دليل خطابه١٠٩ أن ما ليس من بهيمة الأنعام فلم يحل١١٠ إلا أن دليل الخطاب في القول به اختلاف. ومن يقول به تركه١١١ في بعض الأحوال لما يقتضي ذلك١١٢ عنده، وسيأتي الكلام إن شاء الله١١٣ على ما يتعلق بما أشرنا إليه. وقد اختلف في لحم القرد، فكرهته١١٤ طائفة. وقالت طائفة. أكله جائز، واحتجوا بقوله تعالى :﴿ أحلت لكم بهيمة الأنعام ﴾ ١١٥.
وقوله تعالى :﴿ إلا ما يتلى عليكم ﴾ :
قيل : أراد١١٦ ما تلى١١٧ في قوله بعد١١٨ هذا١١٩ :﴿ حرمت عليكم الميتة ﴾ [ المائدة : ٣ ] ١٢٠ الآية، وقيل : أراد الدم المسفوح من المذكاة١٢١.
قوله تعالى :﴿ غير محلي الصيد وأنتم حرم ﴾ :
استثناء بعد استثناء، فاستثنى١٢٢ تعالى أولا نوعا من المأكول فلم يجزه، ثم استثنى نوعا من المخاطبين فلم يجز لهم الصيد، وكأنه تعالى يقول إذا١٢٣ أحللنا لكم بهيمة الأنعام فلا تستحلوا أنتم الصيد وأنتم حرم، أي محرمون بحج أو عمرة كذا قال بعضهم، وعندي أن معناه : محرمون بحج أو عمرة أو داخلون في الحرم. ثم قال تعالى :﴿ إن الله يحكم ما يريد ﴾، أي يحلل ما شاء ويحرم ما شاء.
وهذه الآية قد تضمّنت خمسة أحكام : الأول : الوفاء بالعقود والثاني :﴿ أحلت لكم بهيمة الأنعام ﴾، والثالث :﴿ إلا ما يتلى عليكم ﴾، والرابع :﴿ غير محلي الصيد وأنتم حرم ﴾، والخامس : ما دلت عليه١٢٤ الآية من إباحة الصيد للحلال، وهذا من أعظم الفصاحة. وحكي أن أصحاب الكندي١٢٥، قالوا له : أيها الحكيم اعمل لنا مثل القرآن. فقال : نعم أعمل مثل١٢٦ بعضه، فاحتجب أياما كثيرة، ثم خرج فقال : " والله ما أقدر١٢٧، ولا يطيق هذا أحد إني فتحت المصحف فخرجت لي سورة١٢٨ المائدة فنظرت، فإذا هو قد أمر بالوفاء، ونهى عن النكث، وحلل تحليلا عاما، ثم استثنى استثناء بعد استثناء، ثم أخبر عن قدرته وحكمته في سطرين، ولا يستطيع أحد أن يأتي بمثل١٢٩ هذا إلا في أجلاد ". وقال بعضهم : يؤخذ من قوله :﴿ أوفوا بالعقود ﴾، ﴿ أحلت لكم بهيمة الأنعام ﴾ أن الكفار محظور عليهم ذبيح١٣٠ الأنعام ؛ لأنه تعالى إنما أباح الأنعام مجازاة١٣١ عن١٣٢ الوفاء١٣٣ بالعقود، قالوا١٣٤ : وذبيح الأنعام١٣٥ إنما عرفت١٣٦ إباحته بشرع١٣٧ نبينا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم١٣٨. وإذا أثبت ذلك فلا يباح١٣٩ ذبح البهائم١٤٠ للكفار وإن كانوا أهل الكتاب. وهذا بعيد لأنه لو لم يكن١٤١ ذبح البهائم مباحا لهم١٤٢ ما جاز للمسلمين أكل١٤٣ ذبائح أهل الكتاب. ويمكن أن يقال على هذا بأنه محرم عليهم الذبح، ولكنهم١٤٤ إذا ذبحوا أكلت ذبائحهم.
١ في (ج): "على"..
٢ في (أ) و(ب): "حلف لخيم" والصواب ما أثبتناه..
٣ في (هـ): "فقال"..
٤ في (هـ): "فقال"..
٥ في (ج):"لا يزيد"..
٦ انظر صحيح مسلم: كتاب الفضائل الصحابة، باب٥٠، ص ١٩٦١، سنن أبي داود: كتاب الفرائض، باب١٧، ص ٣٣٨. وسنن الترمذي: كتاب السير، باب٣٠، ص ١٤٦، وسنن الدارمي: كتاب السير، باب٨١، ص ٦٣٩..
٧ "غير" ساقطة في (ج) و(هـ)..
٨ في (ب) و(ج) و(د): "طاعة"..
٩ في (هـ): "وفي"..
١٠ "تعالى" ساقطة في (أ) و(هـ)..
١١ في (ب): "العقود"..
١٢ في غير (ب) و(ج): "على"..
١٣ في (هـ): "العبد".
١٤ من قوله: "منها ما عقده الله تعالى... خمسة أقسام" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
١٥ في غير (أ) و(ب) و(ج) و(د) و(هـ): "يجب"..
١٦ كلمة "ومنها ما لا يجوز الوفاء به ومنها ما يخير المرء في الوفاء به" ساقطة في (هـ)..
١٧ "ومنها ما يستحب الوفاء به" ساقط في (ج) و(د)..
١٨ في غير (هـ) سقوط كلمة "فهل"..
١٩ "على" ساقط في (ج) و(د)..
٢٠ في (هـ): "الوفاء به"..
٢١ "فقيل" ساقطة في (ب)..
٢٢ "به" ساقط في (ب)..
٢٣ "في" ساقطة في (ج)..
٢٤ في (ب) و(ج) و(د): "النذر"..
٢٥ في (أ): "ذلك"..
٢٦ من قوله: "في كل ما يقع عليه اسم... اتفق عليه" ساقط في (هـ)..
٢٧ في (ج): "النذر"..
٢٨ "شكرا" ساقط في (هـ)..
٢٩ "قوله تعالى" ساقط في (هـ)..
٣٠ في غير (هـ): "وعندنا"..
٣١ في غير (ب): "بعموم"..
٣٢ في (هـ): "لقوله تعالى"..
٣٣ في (ج): "الله"..
٣٤ في (ب): (الفدية) وف (ج): "القربة"..
٣٥ "الواو" ساقط في (ب)..
٣٦ هو الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل بن هلال الشيباني المروزي الأصل ولد ببغداد في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة، وقيل: إنه ولد بمرو وحمل إلى بغداد وهو رضيع. كان إمام المحدثين وصنف كتاب المسند وجمع فيه من الحديث ما لم يتفق لغيره. وقيل: إنه كان يحفظ ألف حديث، وكان من أصحاب الإمام الشافعي الذي قال في حقه حينما ارتحل هذا الأخير إلى مصر من بغداد، خرجت من بغداد وما خلقت بها أتقى ولا أفقه من ابن حنبل. وضرب وحبس لما دعي إلى القول بخلق القرآن فلم يجب وأصر على الامتناع وممن أخذ عنه الحديث محمد بن إسماعيل البخاري، ومسلم بن الحجاج النيسابوري، توفي صحوة نهار الجمعة لاثني عشر ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ومائتين ببغداد. انظر: وفيات الأعيان، ج١، ص١٧..
٣٧ كلمة "تعالى" ساقطة في (أ) و(ج) و(هـ)..
٣٨ في (هـ): "يجب"..
٣٩ "أنه" ساقطة في (هـ)..
٤٠ في (ج): "اليمن"، والصواب ما أثبتناه..
٤١ في (أ) و(ب) و(هـ): "لزوم"..
٤٢ في (ج): "بلا"..
٤٣ "هذا" ساقطة في (د)، وفي (ج): "أنها" وفي (ب): "أنه"..
٤٤ في (أ) و(ب) و(هـ): "ذكر"..
٤٥ في (ج): "فيها"..
٤٦ في (ب) و(ج): "في اليمين".
٤٧ في (هـ): "فيها"..
٤٨ "إلا كفارة اليمين" ساقطة كلها في (ب)..
٤٩ "يمين" ساقطة في (هـ)..
٥٠ في (ب): "الحلف"..
٥١ "له" ساقط في (هـ)..
٥٢ في (أ) و(د): "هذه الأصول" في (ب): "هذه الأصول" وفي (ج): "هذه الأصول"..
٥٣ في (ب) و(ج) و(د): "حجتها"..
٥٤ "الآية أي" ساقطة في (ب)..
٥٥ في (ب) و(د): "هذا"..
٥٦ "أنه": ساقط في (ب)..
٥٧ "الله" ساقطة في (هـ)..
٥٨ في (هـ): "الجمهور"..
٥٩ "يلزم" ساقط في (هـ)..
٦٠ "و" ساقطة في (ج) و(د)..
٦١ في (ب): "رجويح للأجنبي فيها" في (أ) وفي (هـ): "الرجوع للأجنبي فيها"..
٦٢ "مطلقا" ساقطة في غير (هـ)..
٦٣ في (هـ): "الهبة فقط"..
٦٤ في (هـ): "وهو"..
٦٥ "تعالى" ساقط في (أ) و(هـ)..
٦٦ في (هـ): "عموم الآية"..
٦٧ في (ج) و(د): "قالوا فإنه واجب" والصواب ما أثبتناه..
٦٨ "لا" ساقط في (ج)..
٦٩ في (هـ): "خلافا"..
٧٠ في (ب): "وإن جاز"..
٧١ "عن" ساقطة في (أ) و(ب)..
٧٢ "أن" ساقطة في (أ) و(ب)..
٧٣ انظر مسند الإمام أحمد ج١، ص ٢٣٧..
٧٤ في (ج): "المسألة"..
٧٥ في (ب): "فالواحد مخصوص"..
٧٦ "بها" ساقط في (ب): وفي (ج): "فيها"..
٧٧ "رحمه الله" ساقطة في غير (ب)..
٧٨ "و": ساقط في (أ) و(هـ)..
٧٩ في (ب) و(ج):"عن شهاب"، هو أبو بكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري القرشي، أحد الفقهاء والمحدثين والأعلام التابعين بالمدينة، توفي سنة ١٢٤هـ، وقيل: ١٢٥هـ، وعمره ٧٣ سنة، وقيل: مولده سنة ٥١ هـ، انظر وفيات الأعيان: ج١، ص ٤٥١ – ٤٥٢..
٨٠ "وغيره" ساقطة في غير (أ) و(هـ)..
٨١ في (هـ): "لازمة"..
٨٢ في (أ) و(ب) و (ج): "لمن"..
٨٣ في (ب): "من التزمها"..
٨٤ في (أ) و(ب) و(د): "عليه السلام" في (هـ): "صلى الله عليه وسلم"..
٨٥ انظر صحيح البخاري: كتاب الإجارة، باب١٤، ص ٥٢، واللفظ له. وسنن أبي داود: كتاب الأقضية، باب١٢، ص ٢٠..
٨٦ "عليه الصلاة والسلام" ساقطة في غير (د)..
٨٧ "به" ساقط في (ب) و(ج)..
٨٨ أخرجه البخاري في كتاب الشروط، باب٦، ص ١٧٥، واللفظ له، وفي كتاب النكاح، باب ٥٢، ص ١٢٨، كما أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب٨، ص ١٠٣٦..
٨٩ في (أ) و(ج): "حجة"..
٩٠ انظر سنن أبي داود: كتاب الأضاحي، باب١٨، ص ٢٥٣، وسنن ابن ماجه: كتاب الذبائح، باب١٥، ص ١٠٦٧، وسنن الدارمي: كتاب الأضاحي، باب١٧، ص ٤٨٠، وانظر كذلك مسند الإمام أحمد، ج٣، ص ٣١ – ٣٩ – ٤٠..
٩١ في (هـ): "وأن"..
٩٢ في (هـ): "ذكوة"..
٩٣ "والأحسن" ساقطة في (د)..
٩٤ في (ج) و(د): "بأنه" وفي (هـ): "أنها"..
٩٥ "الأنعام" ساقطة في (ج)..
٩٦ في (ج) و(هـ): "الوحش والماشية"..
٩٧ في (ب) ذكاة) وفي (ج): "ذكاته" في (د): "ذكات" "ذكية" ساقط في (هـ)..
٩٨ في (ج): "وهو"..
٩٩ في (ج): "مثله"..
١٠٠ (في (أ) و(د): "الأصوليون"..
١٠١ في (هـ): "هل الركوب أو البيع أو الأكل"..
١٠٢ في (ب): "هو"..
١٠٣ "هذا" ساقط في (ب)..
١٠٤ في (د): "على أنه المراد"..
١٠٥ في (ب) و(د): "الكراهة"..
١٠٦ "بين" ساقطة في (ب)..
١٠٧ في (ب) و(هـ): "لا أكل"..
١٠٨ في (ب) و(هـ): "لم يخص"..
١٠٩ في (أ) و(ج) و(د) و(هـ): "خطابه أن" في (ب): "دليل خطاب أن"..
١١٠ في (هـ): "لا يحل"..
١١١ في (ب) و(د) و(هـ):"قد تركه"..
١١٢ في (د): "الكلام"..
١١٣ "إن شاء الله" ساقطة في غير (ب) و(ج) و(د)..
١١٤ في (د) و(هـ): "فكرهه" في (ج): "فقد كرهه"..
١١٥ في (هـ): "واحتجوا بالآية"..
١١٦ في (هـ): "المراد"..
١١٧ في (ب): "يتلى"..
١١٨ "بعد" ساقطة في (ج) و(د) و(هـ)..
١١٩ "هذا" ساقطة في (د) و(هـ)..
١٢٠ قوله: "الميتة" ساقطة في (هـ)..
١٢١ في (ب): "الذكاة"..
١٢٢ في (ج): "فاستثناء"..
١٢٣ "إذا" ساقط في (د)..
١٢٤ "عليه" ساقط في (د)..
١٢٥ هو يعقوب بن يوسف بن إسحاق بن الصباح الكندي أبو يوسف، فيلسوف العرب والإسلام في عصره، وأحد أبناك الملوك من كنده، واشتهر بالطب والفلسفة والموسيقى والهندسة والفلك وألف وتر جم كتبا كثيرة، في علوم كثيرة مختلفة كالمنطق والفلسفة والهندسة والحساب والنجوم. انظر الفهرست لابن النديم، ص٣٧٥، والأعلام، ج٩، ص ٢٥١ – ٢٥٢..
١٢٦ كلمة "مثل" ساقطة في (ب) و(ج)..
١٢٧ في (أ) و(ب) و(هـ): "عليه"..
١٢٨ في (ب): "آية"..
١٢٩ في غير (هـ): سقوط "بمثل"..
١٣٠ في (هـ): "جميع"..
١٣١ في (ج) و(د) و(هـ): "مجازات"..
١٣٢ في (أ) و(ب) و(ج) و(هـ): "على"..
١٣٣ "الوفاء" ساقطة في (ج) و(د)..
١٣٤ في غير (ب): "قال"..
١٣٥ في (أ) و(ب) و(هـ): "البهائم"..
١٣٦ في (أ) و(هـ): "عرف"..
١٣٧ في (هـ): "بشرعنا"..
١٣٨ "نبينا محمد صلى الله عليه وسلم" ساقطة في (هـ)..
١٣٩ "قالوا وذبيح الأنعام... ذلك فلا يباح" كله ساقط في (ج) و(د)..
١٤٠ "إنما عرف إباحته... البهائم" ساقط في (ب)..
١٤١ "يكن" ساقط في (ج)..
١٤٢ "لهم" ساقط في (أ)..
١٤٣ "أكل" ساقط في (د)..
١٤٤ في (أ) و(ب) و(ج): "لكنه"..
٢ - قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ﴾ :
اختلف١ في الشعائر٢ ما هي : فقيل : هي٣ حرم الله تعالى٤ وقيل : مناسك الحج، وكان المشركون يحجون ويعتمرون ويهدون وينحرون٥ ويعظمون شعائر الله٦، فأراد المسلمون أن٧ يغيروا عليهم، فقال تعالى :( لا تحلوا شعائر الله ) وهو قول ابن عباس. وقيل : هي٨ ما حد٩ تحريمه في الإحرام وهو قول ابن عباس أيضا. وقيل : كان عامة العرب لا يعدون الصفا والمروة من الشعائر١٠ وكانت قريش لا تقف١١ بعرفات فنهوا١٢ بهذه الآية.
وقيل : شعائر الله جميع ما أمر الله تعالى١٣ به و١٤ نهى عنه. وقيل : الشعائر ست : الصفا، والمروة، والبدن، والجمار، والمشعر الحرام، وعرفة، والركن. وقيل : شعائر الله : الصفا، والمروة، والحرم، والمعنى : لا تحلوا الصيد في الحرم. واصل الشعائر من أشعرت الشيء، إذا أعلمته١٥ وهي جمع١٦ شعيرة، وهي المعلم١٧. واختلف في الشهر الحرام ما المراد به فقيل : هو اسم مفرد يدل على الجنس من جميع الأشهر الحرام، فكأنه تعالى١٨ قال : ولا الأشهر الحرم١٩، وهذا قول ابن عباس، وهي أربعة : ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم٢٠، ورجب مضر، الذي بين جمادى وشعبان. وإنا أضيف٢١ إلى مضر لأنها كانت تختص بتحريمه، وتزيل فيه السلاح، وتنزع الأسنة من الرماح. وتسميه٢٢. منصل الأسنة، ومنصل الأول، وتسميه٢٣ الأصم، لأنه كان لا يسمع فيه صوت سلاح. وكانت العرب مجمعة على تحريم ذي القعدة، وذي الحجة، ومحرم. وقيل : كانت ربيعة بأسرها تجعل رجبها رمضان وتحرمه ابتداعا منها، وكانت قريش ومن تابعها من مضر على الحق، فأقر٢٤ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك٢٥. وكانت العرب تطول عليها الحرمة٢٦ وتمنع من الغارات ثلاثة أشهر، فلذلك اتخذت النسيء٢٧ وذلك أن يحل٢٨ لها مثل نعيم ابن ثعلبة٢٩ المحرم من هذه الشهور، ويحرم٣٠ صفرا٣١ ثم كذلك في سائر الأشهر الحرم، فنهى الله تعالى عن ذلك بقوله :﴿ إنما النسيء زيادة في الكفر ﴾ [ التوبة : ٣٧ ]، وجعل المحرم أول الشهور٣٢ من حيث كان الحج والموسم غاية العام٣٣، ولذلك دون به٣٤ عمر ابن الخطاب رضي الله عنه٣٥ الدواوين، فمعنى الآية لا تحلوا هذه الأشهر بقتال ولا غارة٣٦ ولا تغيير، فإن ذلك استحلال لحرمتها٣٧. وقيل : الشهر الحرام في هذه الآية رجب، وإنما خصصه الله تعالى بالذكر٣٨ تشريفا٣٩ لأمره، لأنه كان مختصا بقريش، ثم فشا٤٠ في سائر مضر، ويدل على هذا قول الأحوص٤١ :
وشهر بني أمية والهدايا إذا حبست مضرجها الدماء٤٢
وإنما نسبه إلى بني أمية لأنها من قريش، فخصص تعالى٤٣ هذا الشهر تأكيدا له، إذ لم تكن العرب مجمعة عليه. وقيل : الشهر الحرام في هذه الآية ذو القعدة، من حيث كان أولها، كذا قال بعضهم، فالمعنى في هذه الآية٤٤ على الأقوال٤٥ كلها النهي عن استحلال هذه الشهور بالقتال فيها والتغيير لحالها٤٦. وأما٤٧ الهدي٤٨ فهو٤٩ ما أهدي إلي البيت من النعم وقصدت به القربة، فأمر الله تعالى أن لا يستحل ولا يغار عليه. وقيل : الهدي ما يتقرب٥٠ به من٥١ الأنعام ومن سائر المتمولات٥٢ على هذا اختلف فيمن نذر هديا، فقال مالك : لا يكون إلا من النعم. وقال الشافعي : يكون من كل ما يتمول، وهو قوله القديم. والصحيح ما ذهب إليه مالك، لأن عرف الشرع خصص الهدي بالنعم فقال تعالى٥٣ :﴿ هديا بالغ الكعبة ﴾ [ المائدة : ٩٥ ]، وقال٥٤ :﴿ فما استيسر من الهدي ﴾ [ البقرة : ١٩٦ ]، فوجب حمل النذر على عرف الشرع، وإن كان من حيث٥٥ اللغة لا يمتنع أن يقع على سائر المتمولات اسم الهدي. وقد قال عليه الصلاة والسلام٥٦ في ساعات الجمعة : " كالمهدي بدنة " إلى أن قال : " كالمهدي بيضة " ٥٧ فسمى البيضة هديا.
و٥٨ قد قالت العلماء : إذا قال الرجل لو في هديا٥٩ أن عليه أن يتصدق به. وقال بعضهم : وتدل الآية على تحريم الأكل من الهدي ما كان، وبه٦٠ قال الشافعي خلافا لمالك في إجازته الأكل من هدي التمتع والقران خاصة. ودليل مالك قوله تعالى :﴿ فكلوا منها وأطعموا ﴾ [ الحج : ٢٨ ]، الخ٦١ وقوله٦٢ تعالى٦٣ :﴿ فإذا٦٤ وجبت جنوبها فكلوا منها ﴾ [ الحج : ٣٦ ].
واختلف في القلائد٦٥ فقيل : هي٦٦ الهدي المقلد، وأن الهدي إنما يسمى هديا إذا لم٦٧ يقلد٦٨ فكأنه قال : ولا الهدي الذي لم يقلد ولا المقلد.
ويحتمل أن٦٩ يريد بالهدي مقلد الهدي٧٠ وغير مقلده، ثم خصص المقلد منها تأكيدا لأمره وحرمته، وقول٧١ ابن عباس محتمل لهذين٧٢ القولين٧٣، وكلاهما متأول٧٤ عليه. وقيل : القلائد ما كان الناس يتقلدون منه٧٥ لهم. قال قتادة : كان الرجل في الجاهلية- إذا خرج يريد الحج- يقلد٧٦ من السمر٧٧ قلادة فلا يتعرض له أحد بسوء، إذ٧٨ كانت تلك علامة إحرامه وحجه. وقال عطاء : بل كانوا إذا خرجوا من الحرم٧٩ في حوائج لهم تقلدوا٨٠ من شجره، و٨١ من لحائه٨٢ فيدل ذلك على أنهم من أهل الحرم أو من حجاجه فيأمنون بذلك : فنهى الله تعالى عن استحلال من يحرم بشيء من ذلك. وقيل : القلائد ما تقلده الهدايا من شجر الحرم، فنهى الله تعالى المؤمنين أن يستحلوا أخذها من شجر الحرم٨٣ كفعل الجاهلية. والآمون٨٤ البيت الحرام هم الكفار الذين يأتون البيت حجاجا، نهى الله تعالى أن يستحلوا- فيغار عليهم- بهذه الآية. واختلف في المنسوخ من هذه٨٥ الآية، فقيل : كل ما فيها من نهى عن مشرك أو مراعاة٨٦ حرمة له بقلادة أو نحو ذلك فهو منسوخ بآية السيف، قوله تعالى :﴿ فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ﴾ [ التوبة : ٥ ]، وكذلك ما في قوله تعالى :﴿ ولا آمين البيت الحرام ﴾ من٨٧ إباحة دخول المشركين البيت، قال ابن عباس : إنه٨٨ منسوخ بقوله تعالى :﴿ فلا يقربوا المسجد الحرام ﴾ ٨٩ [ التوبة : ٢٨ ]، وبقوله تعالى :﴿ إنما يعمر مساجد الله ﴾ الآية٩٠، [ التوبة : ١٨ ]، وقال مجاهد : لم ينسخ منها إلا القلائد كان الرجل يتقلد بالشيء من لحاء العرب٩١ فلا يقرب، فنسخ ذلك يريد بقوله٩٢ : عز وجل :﴿ فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ﴾ [ التوبة : ٥ ]، وقال الطبري : الصحيح٩٣ أن المنسوخ قوله :﴿ ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام ﴾ ؛ لإجماعهم على أن قتال أهل٩٤ الشرك في الشهر الحرام وغيره٩٥ جائز، وكذلك المشرك٩٦ لو تقلد ما تقلد ولم تكن له ذمة مأمور بقتله في٩٧ قوله٩٨ تعالى :﴿ فاقتلوا٩٩ المشركين حيث وجدتموهم ﴾ [ التوبة : ٥ ]، وهذا الذي قاله فيه نظر لأنه قد اختلف الناس في المائدة وبراءة أيهما١٠٠ نزلت قبل صاحبتها وإذا لم١٠١ يقطع بالمتأخرة منهما١٠٢ لم يصح النسخ.
ووجه القول في هذه الآية أن١٠٣ شعائر الله تعالى١٠٤ محارمه وحدوده، وأنه١٠٥ لا يصح بحال١٠٦ أن يستحل ما حرم الله تعالى١٠٧ منها.
وقوله تعالى :﴿ ولا الشهر الحرام ﴾ :
لا خلاف في جواز القتال فيه وأنه صار حلالا بعد أن كان حراما لكن بقيت حرمة الشهر في نفسه محرمة، وكذلك حرمة الهدي والقلائد باقية يوم القيامة ١٠٨ لكنها١٠٩، لا١١٠ تعصم أحدا ممن وجب عليه قتل أو حد.
قوله١١١ تعالى١١٢ :﴿ ولا آمين البيت الحرام ﴾ :
هذا١١٣ اللفظ عام للمؤمن١١٤ والمشرك خص منه١١٥ المشرك١١٦ فأبيح قتله، أو وجب على حسب حاله. وبقي عموم اللفظ في حق المؤمن. واختلف في سبب الآية : فقال أكثرهم : إنها نزلت في حق الحطم بن هند البكري أخي بني ربيعة١١٧ وذلك أنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما لأصحابه : " يدخل اليوم عليكم رجل من ربيعة يتكلم بلسان شيطان " ١١٨، فجاء الحطم فخلف خيله خارج المدينة ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام١١٩ عليه١٢٠ ودعاه إلى الله تعالى : قال : انظر١٢١ ولعلي أسلم وأرى في أمرك غلظة ولي من أشاور وخرج١٢٢، فقال النبي١٢٣ صلى الله عليه وسلم : " دخل١٢٤ بوجه كافر وخرج بعقب غادر "، فمر بسرح من المدينة١٢٥ فساقه وانطلق به يقول :
قد لفها الليل بسواق حطم ليس براعي إبل ولا غنم
ولا بجزار على ظهر وضم باتوا نياما وابن هند لم ينم
بات يقاسيها غلام كالزلم خدلج الساقين خفاق القدم١٢٦ ١٢٧
ثم أقبل الحطم في عام آخر حاجا١٢٨ وساق الهدي فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليه، وخف إليه أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية نهيا عن الحجاج أن يقطع سبيلهم١٢٩. وروي أن الآية نزلت عام الفتح، ورسول الله صلى الله عليه وسلم١٣٠ بمكة إذ جاء ناس من المشركين يحجون ويعتمرون، فقال المسلمون : يا رسول الله إن هؤلاء المشركون، فلن ندعهم إلا أن نغير عليهم، فنزل القرآن :﴿ ولا آمين البيت الحرام ﴾.
وقوله تعالى :﴿ يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا ﴾ :
قيل١٣١ : الربح١٣٢، وقيل : الأجر والتجارة، وقيل : الفضل والتجارة، والرضوان الحج. واستدل بعضهم بهذه الآية على جواز دخول مكة بلا١٣٣ إحرام إلا في الحج خاصة، وهو قول الشافعي خلافا لمالك رحمه الله١٣٤ في أن ذلك لا يجوز إلا١٣٥ للمترددين على مكة كالحطابين وأصحاب الفواكه.
قوله تعالى :﴿ وإذا حللتم فاصطادوا ﴾ :
أمره١٣٦ تعالى هنا بالصيد أمر إباحة بإجماع، وقد اختلف أهل الأصول الذين يقولون : الأمر للوجوب١٣٧ في الأمر إذا ورد١٣٨ بعد الحظر هل هو كما لو ورد ابتداء أم يؤثر فيه تقدم الحظر عليه فلا يكون إلا للإباحة ؟ ومن يقول بتأثير الحظر يحتج بهذه الآية. ولا حجة في ذلك١٣٩ لأن ما١٤٠ اقترن بهذا الأمر من القرائن دل١٤١ على أنه على الإباحة وإنما كلامنا فيما لم تقترن به قرينة١٤٢. ونص هذه الآية إباحة الصيد لغير المحرم. ودليل خطابها منعه للمحرم١٤٣ فأما إباحته لغير المحرم فلا خلاف فيه، إذ اصطياده ١٤٤ لحاجة إليه. وأما للهو فاختلف فيه فكرهه مالك، وأباحه محمد١٤٥ لعموم قوله تعالى :﴿ وإذا حللتم فاصطادوا ﴾. وأما اصطياد المحرم فلا أعرف خلافا في منعه، كما دلت عليه الآية.
وقوله تعالى :﴿ ولا يجرمنكم شنئان قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا ﴾ :
قوله :﴿ ولا يجرمنكم شنئان ﴾ ١٤٦، قيل : معناها لا يحملنكم، وقيل : لا يكسبنكم وقيل : لا يحنقنكم١٤٧. وقد اختلف في هذه الآية هل هي محكمة أم منسوخة ؟ فذهب مجاهد إلى أنها محكمة، وأنها نزلت في النهي عن١٤٨ الطلب بدخول الجاهلية إن أراد قوم من المؤمنين ذلك، وقد قتل١٤٩ بذلك حليف لأبي سفيان من هذيل. وقد١٥٠ قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لعن الله من١٥١ قتل بدخل من الجاهلية "، وقيل : المعنى لا يكسبنكم شنئان قوم، أي بغضهم أن تعتدوا فيهم الحق إلى الباطل، والعدل إلى الظلم. قال عليه الصلاة والسلام١٥٢ : " أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك " ١٥٣، وفيه دليل١٥٤ على١٥٥ أنه يجوز مقابلة الظلم بما يجوز أن يكون عقوبة له، وقد أذن الشرع في ذلك. وقيل : الآية منسوخة والذين قالوا ذلك اختلفوا في سببها فقال بعضهم : نزلت عام الفتح حين أراد المؤمنون أن يستطلبوا على قريش وألفافها١٥٦ من القبائل المتظاهرين على صد رسول الله صلى ا
١ في (ب) و(د): "اختلفو"..
٢ في (هـ): "شعائر الله".
٣ "هي" ساقطة في (هـ)..
٤ "تعالى" ساقطة في (أ)..
٥ في (هـ): "وينحرون و يهدون"..
٦ "الله" ساقط في (ج)..
٧ "أن" ساقطة في (د)..
٨ "هي" ساقطة في (أ) و(هـ)..
٩ في (ب): "أخذ"..
١٠ في (هـ): "من شعائر الله"..
١١ في (ج) و(ب): "لا تقفوا"..
١٢ في (ج) و(هـ): "فنهوا"..
١٣ "تعالى" ساقط في (أ) و(هـ)..
١٤ في غير (هـ): "أو"..
١٥ في (هـ): "علمته"..
١٦ في (ج): "جميع"..
١٧ في (ج) و(د): "المعلل" وفي (هـ):"المعا" وفي (و): "المعلل" والظاهر ما أثبتناه..
١٨ "تعالى" ساقطة في غير (ب)..
١٩ قوله: "فكأنه قال: ولا الأشهر الحرم" ساقط في (هـ)..
٢٠ في (ب): "المحرم"..
٢١ في (ج): "وأمنا مضيف"..
٢٢ "وتسميه" ساقط في (أ) و(هـ)..
٢٣ في (هـ): "تصميه" وهو خطأ..
٢٤ في (ج) و(د): "فأمر"..
٢٥ في (ب) و(ج) و(د) و(هـ): "على ذلك"..
٢٦ "الحرمة" ساقطة في (هـ)..
٢٧ في (ب) و(ج) و(د): "النهي"..
٢٨ في غير (ج):"يجعل"..
٢٩ في (ب): "يعمر أين" في (ج) و(د): "يعمر أبي بعلبك"..
٣٠ في (هـ): "محرم"..
٣١ في غير (أ) و(ج) و(د) و(هـ): "صفر"..
٣٢ "أول الشهور"ساقط في (ب)..
٣٣ في (ب) و(ج): "للعام"..
٣٤ "به" ساقط في غير (ب)..
٣٥ "رضي الله عنه" ساقطة في (أ) و(ب) و(هـ)..
٣٦ في غير (أ) و(ب) و(هـ): "ولا غاية"..
٣٧ في (أ) و(ب) و(هـ): "لحرمته" في (ج): "لحرمة"..
٣٨ "بالذكر" ساقط في (هـ)..
٣٩ في غير (هـ): "تشديدا"..
٤٠ في (أ) فشق في (هـ): "فش"..
٤١ في (هـ): "أخوص" والصواب ما أثبتناه. وهو عبد الله ابن عبد الله ابن عاصم الأنصاري، من بني صبيعة شاعر هجاء، من طبقة جميل بن معمر كان معاصرا لجرير والفرزدق، وهو من سكان المدينة، توفي سنة ١٠٥هـ/ ٧٢٣م. انظر الأعلام: ج٤، ص ٢٥٧..
٤٢ الوافر..
٤٣ في (ب): "الله تعالى"..
٤٤ من قوله: "ذو القعدة... هذه الأية" ساقط في (ب) و(ج) و(د)..
٤٥ في (ج): "القول"..
٤٦ في (ج) و(د): "محالها"..
٤٧ من قوله: "وقال بعضهم فالمعنى... لحالها وأما"ساقط في (هـ)..
٤٨ في (هـ): "كذا الهدي"..
٤٩ "فهو" ساقط في (ج)..
٥٠ في (هـ): "تقرب"..
٥١ "من" ساقط في (ج)..
٥٢ في (ج): "المتولات"..
٥٣ "تعالى" ساقط في (هـ)..
٥٤ في (هـ): "فقال".
٥٥ (في (هـ): "من حيث الجملة"..
٥٦ من قوله: "اللغة لا يمتنع... وقد قال عليه الصلاة والسلام" ساقط في (هـ): وفي (ب) و(ج) و(د): "عليه السلام"..
٥٧ انظر صحيح البخاري: كتاب الجمعة، باب٤، ص ٢١٣، وباب ٣١، ص ٢٢٣، وصحيح مسلم: كتاب الجمعة، باب١٠، ص ٥٨٢..
٥٨ "الواو" ساقط في (هـ)..
٥٩ في غير (هـ): "هدي"..
٦٠ "به" ساقط في (أ) و(ب) و(ج) ود) و(هـ)..
٦١ "الخ" ساقط في (أ) و(ب) و(هـ)..
٦٢ في (د): "قال"..
٦٣ "تعالى": ساقط في غير (ج)..
٦٤ في (هـ): "إذا" والصواب ما أثبتناه..
٦٥ "واختلف في القلائد" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٦٦ "فقيل هي" ساقطة في (ب) و(ج) و (هـ)..
٦٧ "لم" ساقطة في (هـ)..
٦٨ في (هـ): "قلد"..
٦٩ "أن" مكررة في (و)..
٧٠ "الهدي" ساقط في (هـ)..
٧١ في (ج) و(د): "لقول"..
٧٢ في (ج) و(د): "هذين"..
٧٣ في (هـ): "لوجهين"..
٧٤ في (أ) متول.
٧٥ في (ب) و(ج) و(د): "أمته"..
٧٦ كذا في جميع النسخ، ولعله: يتقلد..
٧٧ في (هـ): "من السم" والصواب ما أثبتناه. والسمر: من شجر صغار الورق قصار الشوك. انظر لسان العرب لابن منظور، ج٢، ص٢٠٠.
٧٨ في غير (هـ): "إذا"..
٧٩ في (هـ): "من الحجر"..
٨٠ في (ب): "تقلد" في (ج): "يقلد"..
٨١ في (ج) و(د): "قيلا"..
٨٢ في غير (أ) و(ب) و(ج) و(د) و(هـ): "ريحانه"..
٨٣ زيادة اقتضاها السياق، إذ أنها ساقطة في (و)..
٨٤ في (ب) و(ج) و(د): "الآتون"..
٨٥ في (ج) و(د): "بهذه"..
٨٦ في (أ) و(ب): "مراعاة" في (ج) و(هـ): "المراعات"..
٨٧ "من" ساقطة في (أ) و(ب) و(ج)..
٨٨ "أنه" ساقطة في (ب) و(د)..
٨٩ "الآية" ساقطة في غير (ب) و(ج) و(د)..
٩٠ "الآية" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٩١ في (د): "عن حجاب العرب" في (هـ): "السم"..
٩٢ في (ج) و(د) و(ب): "تعالى"..
٩٣ "الصحيح" ساقطة في (هـ)..
٩٤ "أهل" ساقطة في (هـ)..
٩٥ في (ب) و(ج): "غير"..
٩٦ في (ب) و(ج): "الشرك"..
٩٧ "بقتله في" ساقطة في (أ) و(هـ) في (ب) و(ج): "واو"..
٩٨ في (أ) و(هـ):"بقوله"..
٩٩ في (ب) و(ج): "واقتلوا" والصواب ما أثبتناه..
١٠٠ في (ب): "أيهما"..
١٠١ في (ج): "يكن"..
١٠٢ في (أ): "منهم"..
١٠٣ "أن" ساقطة في (ب)..
١٠٤ "تعالى": (ساقطو في (هـ)..
١٠٥ في (ج): "وهو" في (أ) و(هـ): (وهذه"..
١٠٦ في (أ): "بها"..
١٠٧ "تعالى" ساقط في (أ) و(ب) و(هـ)..
١٠٨ في (هـ): "القيمة"..
١٠٩ في (ب): "لكن"..
١١٠ في (هـ): "لم"..
١١١ في (هـ): "ولا قوله"..
١١٢ "تعالى" ساقط في (هـ)..
١١٣ في (ج) و(د): "هو"..
١١٤ في (هـ): "للمؤمنين"..
١١٥ "منه" ساقط في (ج)..
١١٦ "خص منه المشرك" ساقط في (ب)..
١١٧ في (ج) و(د): "أخي بني صمعة" في (هـ): "بني حنيفة" وفي (و): "بني ضبيعة" والصواب كما يستفاد من الحديث: "بني ربيعة"..
١١٨ انظر المسند للإمام أحمد، ج١، ص ٢٤٠ – ٢٤٧ – ٣٥٠..
١١٩ "الإسلام" كلمة ساقطة في (هـ)..
١٢٠ "عليه" ساقطة في (ج) و(ب) و(هـ)..
١٢١ في (هـ): "انظروا"..
١٢٢ في غير (هـ): "فخرج"..
١٢٣ في (هـ): "رسول الله"..
١٢٤ في (أ) و(هـ): "لقد دخل"..
١٢٥ في (ب) و(ج): "بالمدينة"..
١٢٦ هناك نصف بيت ساقط والصواب هكذا:
هذا أوان الشد فاشتدي زيم قد لفها الليل بسواق حطم
ليس براعي إبل ولا غنم ولا بجزار على ظهر وضم
باتوا نياما وابن هند لم ينم بات يقاسيها غلام كالزلم
خدلج الساقين خفاق القدم.
انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور: ج٦، ص ٨٣ – ٨٤..

١٢٧ الرجز..
١٢٨ "حاجا" ساقط في (د) و(ج)..
١٢٩ من قوله: "فنزلت هذه الآية..." إلى قوله: "سبيلهم" كله ساقط في (هـ)..
١٣٠ قوله: "وروى أن الآية نزلت عام الفتح ورسول الله صلى الله عليه وسلم" ساقط في (هـ)..
١٣١ في (ج): "مثل"..
١٣٢ في (ج) و(هـ): "الربح والتجارة"..
١٣٣ في (هـ): "بغير"..
١٣٤ "رحمه الله" ساقطة في غير(ب)..
١٣٥ "إلا" ساقط في (ج)..
١٣٦ في (ج): "أمر"..
١٣٧ في غير (هـ): "على وجوب"..
١٣٨ "إذا ورد" ساقط في (هـ)..
١٣٩ في (هـ): "فيها"..
١٤٠ في (ج) و(د): "من"..
١٤١ "دل" ساقطة في (ج)..
١٤٢ في (د): "نية"..
١٤٣ في غير (د) و(هـ):"المحرم"..
١٤٤ في (ج): "صياده" ولعل العبارة: "إذا كان اصطياده"..
١٤٥ لعله محمد بن الحسن، وهو أبو عبد الله محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني بالولاء الفقيه الحنفي، نشأ بالكوفة، فطلب الحديث وحضر مجلس أبي حنيفة ثم تفقه على أبي يوسف صاحب أبي حنيفة وصنف الكتب الكثيرة النادرة منها "الجامع الكبير" و "الجامع الصغير" وغيرهما وكان من أفصح الناس، وكان إذا تكلم خيل إلى سامعه أن القرآن نزل بلغته. مات برنبوية قرية من قرى الري في سنة تسع وثمانين ومائة، ومولده سنة خمس وثلاثين ومائة، على خلاف في التاريخ. انظر: وفيات الأعيان، ج١، ص ٤٥٣ – ٤٥٤..
١٤٦ قوله: "شنئان" ساقط في غير (ب)..
١٤٧ في (ب) و(هـ): "لا يخيفنكم"..
١٤٨ في (أ): "على"..
١٤٩ في (ب): "قال"..
١٥٠ "قد" ساقط في (ب) و(ج)..
١٥١ "من": ساقط في (ج)..
١٥٢ في (أ) و(ب): "عليه السلام" في (هـ): "قال صلى الله عليه وسلم"..
١٥٣ انظر سنن الترمذي: كتاب البيوع، باب ٣٨، ص ٥٦٤، واللفظ له. وسنن الدارمي: كتاب البيوع باب٥٧، ص ٦٦٠..
١٥٤ "دليل" ساقط في (د)..
١٥٥ "على" ساقط في (هـ)..
١٥٦ في (ب): "إلحافها" والصواب ما أثبتناه..
٣ - قوله تعالى :﴿ حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير... ﴾ ١ إلى قوله :﴿ يسألونك٢ ماذا أحل لهم ﴾ :
هذه الأشياء التي حرمها٣ الله تعالى على ثلاثة أقسام : منها ما حرمه لعدم الذكاة وهي الميتة وحدها أو الميتة٤ والمنخنقة وأخواتها، على ما يأتي من الخلاف في ذلك.
ومنها : ما حرمه لوصم٥ من الذكاة، وهي٦ ما أهل به لغير الله، وما ذبح على النصب. ومنها ما حرم لعينه لا لعدم الذكاة ولا لوصم فيها٧ وهو الدم ولحم الخنزير، ولا بد من إفراد الكلام على كل لفظة من ألفاظ هذه الآية، فإنها تتضمن أحكاما كثيرة.
فأما الميتة، فالمراد بها ما مات حتف أنفه إلا أنها على قسمين : فقسم اتفق على تحريمه بالآية، وهو كل٨ حيوان برّي له نفس سائلة مات حتف أنفه. وقسم اختلف في تحريمه على حسب الاختلاف في لفظ الآية هل يحمل٩ عليه أم لا ؟ فمن ذلك ميت صيد البحر إذا لم تكن له حياة في البر فمات بغير ١٠ ذكاة، فأجازه الأكثر ورآه مخصصا من عموم الآية. ولم يجزه أبو حنيفة وقد مضى الكلام على ذلك في سورة البقرة. ومن ذلك أيضا ميت حيوان البر إذا لم تكن له نفس سائلة ومات من غير شيء١١ صنع به١٢. اختلف فيه أيضا على قولين، وحجة من لم يحله١٣ عموم الآية. وقد مر الكلام على عظام الميتة وجلودها وشعرها في سورة البقرة. وكانت العرب تحل أكل الميتة، ولذلك نزلت فيها الآية. وأما الدم الذي حرمه١٤ الله تعالى١٥ في هذه الآية من غير تفصيل فيقتضي جميع الدماء مسفوحها وغير١٦ مسفوحها١٧ إلا أنه قد جاء في آية الأنعام تحريم الدم مقيدا بالمسفوح، فقال ابن شعبان١٨ : قوله تعالى :﴿ أو دما مسفوحا ﴾ [ الأنعام : ١٤٥ ]، ناسخ لقوله :﴿ حرمت عليكم الميتة والدم ﴾. وهذا منه غلط، لأن الأنعام مكية والمائدة مدنية، والمكي لا ينسخ المدني باتفاق. والذي ينبغي أن يقال في الآيتين أنه١٩ يحتمل٢٠ أن تكون الآية المطلقة محمولة على المقيدة، وهو مذهب أكثر الأصوليين، فلا يكون محرما بالآية إلا المسفوح ويحتمل أن لا ٢١ يحمل عليها، فتحمل المطلقة على عمومها على قول من يقول بالعموم، فيقتضي تحريم المسفوح وغير المسفوح ؟ إلا أن يخصص منها شيء بدليل آخر. ويكون تعالى قد خصص المسفوح بالذكر في آية أخرى تأكيدا لأمره، وإلى نحو هذا يذهب من لا يرى حمل٢٢ المطلق على المقيد٢٣ وكذلك الكثير من غير المسفوح٢٤ للآية المطلقة.
واختلف في اليسير مما عدا المسفوح، فقال مالك مرة : الدم كله نجس دم بني آدم والبهائم كلها ودم الحوت والبراغيث، وإذا كان عنده نجسا فهو حرام. وحجة هذا القول عموم آية٢٥ قوله تعالى :﴿ حرمت عليكم الميتة والدم ﴾، فلم يخص مسفوحا من غيره. و قال أيضا : لا تعاد الصلاة من الدم اليسير، قال عز وجل :﴿ أو دما مسفوحا ﴾ [ الأنعام : ١٤٥ ]، وقال : محمد بن مسلمة٢٦ : المحرم المسفوح، قال٢٧ : وقد جاء عن عائشة أنها قالت : " لولا أن الله سبحانه وتعالى٢٨ قال :﴿ أو دما مسفوحا ﴾ لاتبع المسلمون ما في العروق كما اتبعه اليهود ". وقد تطبخ البرمة وفيها الصفرة، ويكون في اللحم الدم٢٩ فلا يكون على الناس غسله، قال : ولو كان قليله ككثيره لكان كبعض النجاسات تقع في الطعام فلا يؤكل. وقد اختلف في الشاة إذا قطعت وظهر الدم في اللحم، فقال مالك٣٠ مرة٣١ : حرام، وجعل الإباحة فيه٣٢ ما٣٣ يظهر لأن اتباعه من العروق حرج. وقال مرة : حلال لقوله سبحانه :﴿ أو دما مسفوحا ﴾ [ الأنعام : ١٤٥ ]. واختلف في دم ما لا يحتاج إلى ذكاة٣٤ وهو الحوت، فالمشهور عن مالك أنه نجس حرام، وقال أبو الحسن القابسي٣٥ : ليس بنجس، وحمل قول مالك في غسله على الاستحسان٣٦ فعلى ذلك يكون حلالا٣٧. والقول الأول أحسن ؛ لأن الحوت كالمذكى٣٨ من حيوان البر، فلما كان الدم حراما مع وجود الذكاة كان حراما من الحوت، لعموم٣٩ قوله تعالى :﴿ والدم ﴾ ؛ لأن الدم محرم بغير علة فإن كان سائلا جاريا كما يكون في بعض الحوت كان كالمسفوح من حيوان البر، وإن كان غير سائل ولا جار جرى٤٠ الخلاف في مثله من البري٤١ ويختلف فيما كان من الدم مما٤٢ ليس له نفس سائلة من حيوان البر، فعلى القول باحتياجه إلى الذكاة يحرم من كان من دمه الذكاة، ويختلف فيما ظهر منه بعد الذكاة. وعلى القول بأنه لا يحتاج إلى ذكاة ويكون ما كان منه في حال الحياة٤٣ وبعدها سواء يختلف فيه٤٤ إذا ظهر وبان من الجسم. وكانت٤٥ العرب تستبيح الدم منه. قولهم : لم٤٦ يحر م من قصد له وكانوا يأكلون الدم بالقرا في الشدائد ويسمونه العلهز، ولذلك نزلت الآية في تحريم الدم. وأما الخنزير فإنما نص عليه تعالى٤٧ وإن٤٨ كان شحمه وجلده٤٩ مثل ذلك في التحريم، لأنه الغالب والأكثر والمعتاد في الأكل من الحيوان. وكانت العرب تحل أكل٥٠ لحم الخنزير فنزلت الآية لذلك أيضا. وقد تقدم الكلام على هذا الفصل فأغنى عن إعادته هنا. وأما ما أهل به لغير الله٥١ فقد تقدم الكلام عليه أيضا، وكانت العرب تحل أكل٥٢ ذلك.
وأما المنخنقة، فهي٥٣ التي تختنق بحبل ونحوه. وذكّر عن قتادة٥٤ : أن أهل الجاهلية كانوا يخنقون الشاة وغيرها، فإذا ماتت أكلوها.
والموقوذة المضروبة بعصا٥٥ أو نحوها٥٦، من وقذه٥٧ يقذه٥٨ وقذا إذا ضربه، وكانت العرب تفعل ذلك بها حتى تموت ويأكلونها.
وقال بعضهم : ليس الموقوذة إلا فيما ملك٥٩، فأما٦٠ الصيد فليس فيه موقوذ٦١. وعن مالك وغيره من الفقهاء : أن من الصيد أيضا موقوذا٦٢، وعلى هذا الأصل اختلفوا فيما قتل المعراض- عصا٦٣ برأسه حديد يسمى عنه العامة باللواي٦٤ - بعرضه، فالجمهور على أنه لا يؤكل. وحكي أنه يؤكل. وقال٦٥ الأوزاعي : خرق أو لم يخرق، ومما يؤيد قول الجمهور حديث عدي بن حاتم قال : قلت : يا رسول الله إني أرمي بالمعراض فأصيب، أفآكل٦٦ ؟ قال : " إذا رميت بالمعراض وذكرت الله تعالى فأصاب فخرق فكل، وإن أصاب بعرضه فلا تأكل " ٦٧، وفي رواية أخرى : " أصاب فخرق فكل وما أصاب بعرضه فقتل، فإنه وقيذ فلا تأكل " ٦٨. واختلفوا٦٩ أيضا فيما قتل بالبندقية، فالجمهور على أنه لا يؤكل، خلافا لعمار وابن أبي ليلى٧٠، وابن المسيب٧١، في إجازة ذلك. وهذا كله يدل على أن شرط ذكاة الصيد الجراحة وإسالة الدم، ولهذا قال الشافعي في قول : إذا أخذ الكلب الصيد وقتله ضغطا فإنه لا يحل أصلا كما لا يحل صيد المعراض، وبه قال أصحاب مالك. وأما ما صدمه الكلب أو نطحه فمات من غير جرح، فقال ابن القاسم٧٢ : لا يؤكل وهو قول أبي حنيفة. وعند أشهب٧٣ : يؤكل وهو٧٤ أحد قولي الشافعي، وهذا الصيد يحتمل أن يلحق بالموقوذة، ويحتمل أن يلحق بالنطيحة وكيفما كان، فالأظهر أنه٧٥ لا يؤكل.
والمتردية هي التي٧٦ تتردى من العلو٧٧ إلى الأسفل، مفتعلة من الردى وهو الهلاك، وكانت الجاهلية تأكلها. وقد اختلف في الصيد إذا جرحه السهم أو٧٨ الكلب ولم ينفذ مقاتله فسقط في ماء أو من٧٩ أعلى جبل، فقيل : إنه يؤكل، وقيل : إنه٨٠ لا يؤكل. واختلف فيه عن مالك رحمه الله٨١، فروى ابن القاسم : أنه لا يؤكل، وروى ابن وهب٨٢ : أنه يؤكل٨٣. ومن حجة من لا يرى الأكل إلحاقه بالمتردية. والنطيحة الشاة التي نطحتها الأخرى أو غير ذلك، فهي فعيلة بمعنى مفعولة. وقيل : النطيحة الناطحة ؛ لأن٨٤ الشاتين قد تتناطحان فتموتان٨٥، فهي فعيلة بمعنى فاعلة. وما أكل السبع : كل٨٦ ما افترسه ذو ناب وأظفار من الحيوان، كالأسد والنمر والثعلب والذئب والسبع ونحوها، وهذه كلها سباع. ومن العرب من يوقف اسم السبع على الأسد. وكانت العرب٨٧ تأكل أيضا، وكانت العرب لا تعتقد الميتة إلا ما٨٨ ماتت٨٩ بوجع ونحوه دون سبب يعرف. فأما هذه الأسباب فكانت عندها كالذكاة، فحضر٩٠ الشرع الذكاة إلى صفة مخصوصة وبقيت هذه كلها ميتة٩١. وقد اختلف المفسرون في المنخنقة وأخواتها التي ذكرناها٩٢ آنفا هل المراد بها٩٣ ما مات من ذلك، أو ما أشرف على الموت نفذت مقاتله أو لم تنفذ ؟ على ثلاث أقوال : فذهب جماعة إلى أن المراد بالمنخنقة وأخواتها ما مات من ذلك، وقالوا : إنما ذكر الله تعالى الميتة حتف أنفها، والتي تموت٩٤ بهذه الأسباب، فأخبر أن جميعها بمنزلة سواء في التحريم، وهذا قول ضعيف لأن الميتة اسم عام يدخل تحته الميتة حتف أنفها، والتي٩٥ تموت بهذه٩٦، فلو كان المعنى كذلك لم يكن٩٧ لذكر المنخنقة وأخواتها في الآية معنى، إلا أنه٩٨ قد٩٩ يقال : إنما ذكر الله تعالى هذه الأشياء مع الميتة لما قدمناه مما١٠٠ كانت العرب تعتقده فيها. والاستثناء على هذا القول متصل بلا خلاف. وذهب كثير من العلماء إلى ان المراد بذلك ما أشرف على الهلاك ولم ينفذ له مقتل. وذهب بعضهم إلى أن المراد بالمنخنقة وأخواتها ما أشرف على الهلاك، نفذت مقاتله١٠١ أم لا.
٣ وقوله تعالى :﴿ إلا ما ذكيتم ﴾ :
مختلف١٠٢ فيه على هذين القولين هل هو استثناء متصل أو منفصل ؟ فالذين فسروا المنخنقة وأخواتها وإن صارت بما أصابها إلى حال اليأس١٠٣ ما لم ينفذ لها مقتل١٠٤، وهو قول ابن القاسم وروايته عن مالك. وذهبت جماعة منهم أيضا إلى أنه استثناء منفصل. قالوا : فالتقدير : لكن ما ذكيتم من غير هذه الأشياء، فلم يجيزوا ذكاة هذه الأشياء إذا صارت في حد اليأس مما أصابها وإن لم ينفذ لها مقتل، وهو قول مالك في١٠٥ الروايتين عن أشهب عنه، وقول١٠٦ ابن الماجشون١٠٧ وابن عبد الحكم١٠٨ وروايته عن مالك. والذين ذهبوا إلى المنخنقة وأخواتها ما١٠٩ نفذت مقاتلها كما ذكرنا اختلفوا أيضا١١٠ في الاستثناء، فذهب الأكثر إلى أنه استثناء منفصل، والتقدير : لكن ما ذكيتم من غير هذه الأشياء، فلم يجيزوا أكلها لأنها بسبيل١١١ الميتة، وإن تحركت بعد ذلك فإنما١١٢ هي١١٣ بسبيل١١٤ الذبيحة التي تتحرك بعد الذبح. وذهب قوم١١٥ إلى أن الاستثناء متصل، وأن المنخنقة وأخواتها وإن نفذت مقاتلها بما أصابها١١٦ فما بقيت فيها١١٧ حياة بتحرك يد أو رجل، فالذكاة عاملة فيها١١٨ وهو قول١١٩ علي بن أبي طالب وابن عباس، وقد ينسب هذا القول لابن القاسم.
والاستثناء في هذه الأقوال كلها إذا كان متصلا فهو من جميع الأشياء المتقدمة، وذهب بعضهم إلى أن الاستثناء إنما هو من أكل السبع خاصة، وأحسبه١٢٠ يرجع إلى أقرب مذكور، وهو مذهب بعض الأصوليين.
قوله تعالى :﴿ وما ذبح على النصب ﴾ :
النصب حجارة تنصب١٢١، كان منها حول الكعبة ثلاثمائة وستون حجرا، وكل أهل الجاهلية يعظّمونها ويذبحون عليها لآلهتهم ولها أيضا، وتلطخ بالدماء، ويوضع عليها اللحوم قطعا قطعا ليأكل منها الناس. وكان أهل مكة يبدلون تلك الحجارة إذا رأوا أعجب منها إليهم١٢٢. وهذه النصب ليست بالأصنام١٢٣ ؛ لأن الأصنام مصورة والنصب غير مصوّرة. وقال بعضهم : ما ذبح على النصب وما أهل به لغير الله الواحد يريد- والله تعالى أعلم - أن١٢٤ ما ذبح على النصب جزء منه. وقد تقدم الكلام على حكم ما ذبح على النصب- هل يؤكل أم لا- في سورة البقرة. وبسبب ما كانت العرب تفعل من الذبح على تلك النصب نزلت آية١٢٥ :{ لن
١ في "اليتامى" ساقطة في غير (هـ)..
٢ "وآتوا" ساقط في (هـ)..
٣ في (هـ): "جمعها"..
٤ "وحدها أو الميتة" ساقطة في (ج)..
٥ "لوصم" ساقطة في (هـ)..
٦ في غير (أ) و(ب) و(هـ): "هو"..
٧ في (هـ): "في الذكوة"..
٨ "كل" ساقطة في (ج)..
٩ "يحتمل"..
١٠ في (هـ): "من غير"..
١١ "شيء" ساقطة في (هـ)..
١٢ في (ج): "له"..
١٣ في (ب): "يجعله"..
١٤ في (ب): "حرم"..
١٥ "تعالى" كلمة ساقطة في (ب)..
١٦ "وغير" ساقطة في (ب)..
١٧ "مسفوحها" ساقطة في (ب)..
١٨ هو أبو إسحاق محمد بن القاسم بن شعبان بن محمد بن ربيعة بن داود من كبار فقهاء المالكية بمصر، له تآليف كثيرة منها: "مختصر ما ليس في المختصر"، "والزاهي الشعباني"، و"أحكام القرآن"، توفي سنة ٣٥٥ هـ/ ٩٦٦م. انظر الديباج لابن فرحون، ص ٢٤٨، حسن المحاضرة، ج١، ص ٣١٣، تبصرة المنتبه، ج٣، ص ١١٦٦، طبقات المفسرين للداودي، ج٢، ص ٢٢٤ – ٢٢٥..
١٩ "أنه" ساقط في (ب)..
٢٠ في (هـ): "ينبغي"..
٢١ "لا" ساقط في (هـ)..
٢٢ من قوله: "تعالى قد خصص" إلى قوله: "يرى حمل" ساقط في (ب) و(ج) و(د)..
٢٣ في (ب) و(ج): "المتقدمة"..
٢٤ في (هـ): "الغير المسفوح"..
٢٥ في جميع النسخ: "الآية" والأولى ما أثبتناه..
٢٦ هو أبو هاشم محمد بن مسلمة المخزومي، من أفقه أصحاب مالك. توفي سنة ٢١٦ هـ/ ٨٣١م. على خلاف في ذلك. انظر الديباج لابن فرحون، ص ٢٢٧، طبقات الفقهاء للشيرازي، ص ١٤٧، ترتيب المدارك للقاضي عياض، ج٣، ص ١٣١ / ٣٣٢..
٢٧ كلمة "قال" ساقطة في غير (ج)..
٢٨ "تعالى" ساقطة في (أ) و(هـ)..
٢٩ "الدم" ساقطة في (أ) و(هـ)..
٣٠ "مالك" ساقطة في (د)..
٣١ في (ب): "فأمره"..
٣٢ في (هـ): "فيها" ولعلها: "فيما"..
٣٣ "ما" ساقطة في (هـ)..
٣٤ في (أ) و(هـ): "ذكاته"..
٣٥ هو أبو الحسن علي بن محمد بن خلف المعروف بابن القابسي، من علماء الفقه والحديث والرواية والأصول، له تآليف رائعة منها: الرسالة المفصلة لأحوال المتيقن والمعلمين، وملخص الموطأ وغيرها. توفي سنة ٤٠٣ هـ / ١٠١٣م. ودفن بتونس. انظر الديباج لابن فرحون، ص ١٩٩ – ٢٠١، شذرات الذهب لابن العماد، ج٣، ص ١٦٨، معجم المؤلفين، ج٧، ص ١٩٤ – ١٩٥..
٣٦ في (ب): "الإحسان"..
٣٧ في (ب): "خلافا"..
٣٨ في (هـ): "المذكي" بدون كاف الجر..
٣٩ "لعموم" ساقطة في (هـ)..
٤٠ في (أ): "جره"..
٤١ في (ب) و(ج): "البر"..
٤٢ في (و) غامض، في (أ) و(ب): "عما ليس" في (ج): "عما" في (هـ):"مما"..
٤٣ في (ب): "البحيرة".
٤٤ من قوله: "لا يحتاج..." إلى قوله: "يختلف فيه" ساقط في (هـ)..
٤٥ كانت ساقطة في (ج)..
٤٦ في (ج): "من"..
٤٧ "تعالى" ساقط في (هـ).
٤٨ في (ب) و(ج): "إنما"..
٤٩ "جلده" ساقط في (هـ)..
٥٠ "أكل" ساقط في (هـ)..
٥١ من قوله: "وقد تقدم..." إلى: "لغير الله" ساقطة في (ب)..
٥٢ سقطت كلمة "أكل" من (د)..
٥٣ "فهي" ساقطة في (ج)..
٥٤ هو قتادة بن دعامة بن عرنين بن عمرو بن ربيعة السدوسي البصري، من علماء التابعين. توفي سنة ١١٧ هـ/ ٧٣٥م. انظر طبقات المفسرين للداودي: ج٢، ص ٤٣ – ٤٤، وفيات الأعيان لابن خلكان، ج١، ص ٨٣٤، هدية العارفين للبغدادي، ج١، ص ٨٣٤..
٥٥ في (ب) و(ج): "عصى" والصواب ما أثبتناه..
٥٦ في (ب) و(ج): "نحوه"..
٥٧ في (ب) و(د): "وقذت"..
٥٨ في (ب) :"هذا" في (ج) و(د): "هذه"..
٥٩ "إلا فيما ملك": ساقط في (هـ)..
٦٠ في (هـ): "أما"..
٦١ ي (هـ): "موقوذة إلا ما ملك"..
٦٢ في (هـ): "موقوذا أيضا"..
٦٣ في جميع النسخ "عصى"، والصواب ما أثبتناه..
٦٤ عصا برأسه حديد ويسمى عند العامة باللواي"هذا ساقط في غير (ج)..
٦٥ ي غير (أ) و(ج): "قاله"..
٦٦ ي (هـ): "فأكل"..
٦٧ نظر فتح الباري شرح صحيح البخاري: كتاب الذبائح والصيد، باب٢، ص ٦٠٣، ومسند الإمام أحمد، ج٣، ص ٣٨٠..
٦٨ ن قوله: "وفي رواية أخرى..." إلى قوله: "فلا تأكل" ساقطة في (هـ)..
٦٩ في (هـ): "واختلف"..
٧٠ هو أبو عيسى عبد الرحمان بن أبي ليلى يسار، الأنصاري، كان من أكابر تابعي الكوفي، سمع منه عبد الرحمان الشعبي ومجاهد وعبد الملك بن عمير وغيرهم، ولد لست سنين بقين من خلافة عمر وقتل بدجيل، وقيل: غرق في نهر البصرة، وقيل: فقد في دبر الجماجم سنة٨٣هـ، في وقعة ابن الأشعث، وقيل: سنة٨٢ هـ، انظر وفيات الأعيان: ج١، ص ٢٧٥..
٧١ هو سعيد ابن المسيب المخزومي القرشي سيد التابعين وأحد الفقهاء الأجلاء بالمدينة، جمع بين الحديث والفقه والزهد والورع، توفي سنة ٩٤هـ / ٧١٣م. انظر الأعلام: ج٣، ص١٥٥، وفيات الأعيان: ج١، ص ٢٠٦..
٧٢ هو أبو عبد الله بن عبد الرحمان بن القاسم بن الخالد بن جنادة، روى عن الليث وعبد العزيز ومالك وغيرهم، وهو أخص تلاميذ مالك، وأول من دوّن مذهبه. توفي سنة ١٩١هـ / ٨٠٧م. انظر ترتيب المدارك لعياض، ج٣، ص ٢٤٤ – ٢٦١، والديباج لابن فرحون ص ١٤٦ – ١٤٧، وتهذيب التهذيب لابن حجر، ج٦، ص ٢٥٢ – ٢٥٤. .
٧٣ هو أبو عمر أشهب بن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم القيسي، روى عن مالك والليث وغيرهم. توفي سنة ٢٠٤ هـ / ٨١٩م. انظر الديباج لابن فرحون، ص ٩٨ – ٩٩، وفيات الأعيان، ص ٢٣٨ – ٢٣٩، شجرة النور الزكية لمخلوف، ص ٥٩..
٧٤ ي (هـ): "وهي"..
٧٥ ي غير (هـ): "أن"..
٧٦ لمة "التي" سقطت في (ج)..
٧٧ من العلو" ساقط في (هـ)..
٧٨ ي (أ) و(ب) و(ج) و(د): "و"..
٧٩ ي (هـ): "(في"..
٨٠ أنه" ساقط في (ب) و(هـ)..
٨١ رحمه الله" ساقطة في غير (ب) و(ج) و(د)..
٨٢ هو أبو محمد عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، صحب مالكا والليث، واخذ عنهما الفقه. من تصانيفه: "الموطأ الكبير" و "الموطأ الصغير". توفي سنة ١٩٧هـ / ٨١٣ م. انظر تهذيب ابن حجر، ج٦، ص ٧١ – ٧٤، والديباج لابن فرحون، ص ١٣٢ – ١٣٣. .
٨٣ ي (ج): "لا يؤكل"..
٨٤ ي (ب) و(ج) و(د): "أن"..
٨٥ فتموتان" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٨٦ ي (أ): "في كل"..
٨٧ العرب": ساقطة في (ج)..
٨٨ ي (د): "لما"..
٨٩ ي (و): "مات"..
٩٠ ي (ب): "فخص"..
٩١ وبقيت هذه كلها ميتة" ساقطة في (هـ)..
٩٢ ي (ج): "ذكرنا"..
٩٣ بها" ساقطة في غير (ج) و(د)..
٩٤ ي غير (هـ): "والذي يموت"..
٩٥ ي غير (هـ): "والذي"..
٩٦ ي غير (هـ): "من هذه"..
٩٧ ي (ج) و(هـ): "لما كان"..
٩٨ ي (هـ): "أن"..
٩٩ قد" ساقطة في (أ) و(ب) و(هـ)..
١٠٠ ي (أ) و(ب) و(ج) و(د): "لما"..
١٠١ مقاتلة" ساقطة في (ج)..
١٠٢ ي (هـ): "اختلف"..
١٠٣ ي (هـ): "الإياس"..
١٠٤ ي غير (ج) و(د): "ما لم ينفذ ذلك لها مقتلا"..
١٠٥ ي (ق) و(ج) و(د): "و"..
١٠٦ ي (ب) و(ج) و(د): "(وقال"..
١٠٧ هو عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله بن الماجشون، صاحب الإمام المالك، كانت وفاته سنة ٢١٢ هـ / ٨٢٧ م، خلاف في ذلك. انظر الأعلام للزركلي، ج ٤، ص ٨٠٥، ووفيات الأعيان، ج٣، ص١٦٦، وميزان الاعتدال للذهبي، ج٢، ص ٦٥٨. .
١٠٨ هو أبو عبد الله محمد بن عبد الملك، سمع من أصحاب مالك، ، له تصانيف منها: الوثائق، الشروط، أحكام القرآن، والرد على الشافعي... توفي سنة ٢٦٨ هـ / ٨٨٢ م. انظر ترتيب المدارك، ج٤، ص ١٥٧ – ١٦٥..
١٠٩ ي (ب) و(ج) و(د): "قد"، عوضا عن "ما"..
١١٠ لمة "أيضا" سقطت في (ب)..
١١١ ي (ج) و(د): "سبيل" بسقوط حرف الجر..
١١٢ فإنما" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
١١٣ ي (ب) و(ج) و(د): "وهي"..
١١٤ ي (ب) و(ج) و(د): "سبيل"..
١١٥ قوم" ساقطة في (ب) و(ج)و(د)..
١١٦ ي (ج): "أصاب"..
١١٧ ي (هـ): "فيه"..
١١٨ ي (هـ): "فيه"..
١١٩ قول" ساقطة في (ج)..
١٢٠ ن قوله: "وذهب بعضهم إلى أن الاستثناء..." إلى قوله: "(خاصة وأحسبه" ساقط كله في (أ) و(ب)..
١٢١ تنصب" ساقطة في (هـ)..
١٢٢ ي غير (هـ): "إليهم منها"..
١٢٣ ي غير (ج) و(د) و(هـ): "بأصنام"..
١٢٤ ن قوله: "وقال بعضهم... والله تعالى أعلم أن" ساقط في (هـ)..
١٢٥ آية" ساقطة في (أ) و(ب) و(ج) و(هـ)..
٤ قوله تعالى :﴿ يسألونك ماذا أحل لهم ﴾ :
اختلف في سبب نزول هذه الآية، فقيل : إن جبريل عليه السلام جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد في البيت كلبا فلم يدخل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ادخل " فقال : أنا لا أدخل بيتا فيه كلب فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب١، فقتلت حتى بلغت الموالي، فجاء عاصم بن عدي٢، وسعد بن خيثمة٣، وعويمر٤ بن ساعدة، فقالوا : يا رسول الله ماذا أحل لنا من الكلاب ؟
فنزلت الآية، وروى هذا أبو رافع وهو الذي كان تولى قتل الكلاب، وهذا الجواب على باب٥ إجابة السائل بأكثر مما سأل عنه، وهذا مثل جواب النبي صلى الله عليه وسلم في لباس المحرم٦، وذلك أنهم سألوا عما يحل لهم من الكلاب فأجيبوا عما يحل لهم من الطيبات ومن الكلاب. وقيل : إن زيد الخيل٧ وعدي بن حاتم٨ الطائيين أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالا :٩ يا رسول الله إن لنا كلابا تصيد البقر والظباء، فمنها ما ندرك ومنها ما يفوت وقد حرم الله الميتة فسكت عنهما١٠ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى :﴿ يسألونك ما أحل لهم قل أحل لكم الطيبات ﴾ الآية١١. وقد اختلف الفقهاء في الطيبات هنا، فذهب مالك إلى أنها الحلال مستلذا كان أو غير مستلذ، فجوز أكل الخشاش وشبيهها. وذهب الشافعي وأبو حنيفة إلى أن الطيبات١٢ المستلذ، وخشاش الأرض عندهما غير مستلذ، فهو عندهما محرم كالوزغ والخنافس ونحوهما من الصيد خاصة.
وقوله تعالى :( وما علمتم من الجوارح مكلبين ) الآية :
تقديره على القول بأن سبب نزول١٣ الآية السؤال عما يحل من الصيد١٤ وصيد ما علمتم من الجوارح، وتقديره على القول بأن سببها السؤال عما يحل من الكلاب، واتخاذ ما علمتم من الجوارح، ففي هذه الآية على هذا القول أن اتخاذ كلب الصيد حلال. ويجري مجرى كلب الصيد في إباحة الاتخاذ كلب١٥ الزرع، وكلب الضرع، إذ١٦ إنما أباح الله تعالى كلب الصيد١٧ لما فيه من المنفعة، وهذان الآخران أيضا فيهما من المنافع ما يعدل منفعة كلب الصيد، فجاز اتخاذهما ولا خلاف بين الفقهاء في جواز اتخاذ هذه الكلاب لما قدمناه، ولما١٨ يعضد ذلك من الحديث مثل قوله عليه الصلاة والسلام١٩ : " من اتخذ كلبا إلا كلب زرع أو غنم أو صيد نقص من أجره كل يوم قيراط " ٢٠. واختلف هل يجوز اتخاذه لحراسة الدور٢١ قياسا على ما أبيح من ذلك أم لا ؟ وكذلك اختلف العلماء هل يجوز اتخاذ كلب الصيد لمن٢٢ ليس بصائد أم لا ؟ وظاهر الآية أنه٢٣ يجوز اتخاذها٢٤ للصيد، و٢٥ من لم يكن من أهل الصيد لم يجز له اتخاذها٢٦.
ودليل خطاب الآية أن٢٧ ما عدا الكلاب الثلاثة التي قدمنا إذا لم يجز اتخاذها هل تترك أم تقتل ؟ فروي عن مالك أنها تقتل، ومن حجته٢٨ ظاهر خطاب الآية مع ما قدمنا من٢٩ أن سبب نزولها قتل الكلاب. ولما جاء من أنه عليه الصلاة والسلام٣٠ أمر بقتل الكلاب إلا كلب صيد أو غنم أو ماشية٣١.
وذهب قوم إلى أنها٣٢ لا يقتل منها إلا الأسود البهيم ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام٣٣ : " اقتلوا كل أسود بهيم " ٣٤، لما جاء عنه عليه الصلاة والسلام٣٥ من أنه شيطان٣٦، وذهب بعضهم إلى أنه لا يقتل منها شيء إلا أن يضر وفي٣٧ عطف قوله :﴿ وما علمتم من الجوارح مكلبين ﴾ ٣٨ على قوله :﴿ الطيبات ﴾ ٣٩ احتمال ظاهر وهو أن المعلم من الجوارح حلال للأكل كالطيبات٤٠. قال أبو الحسن : وذلك بعيد فإن الذي يبيح لحم الكلب إن صح ذلك عن مالك لا يخص الإباحة بالمعلم، فعلى هذا في الكلام٤١ حذف، وإن كان لا بد من الحذف فالتقدير : وصيد ما علمتهم.
وذكر بعضهم أن الآية تدل على إباحة ما علمنا من الجوارح، وذلك يوجب إباحة سائر وجوه الانتفاع من الصيد بها والبيع٤٢ لها، والإجارة ونحو ذلك.
وهذا بعيد، لأن السؤال والجواب إنما يقتضيان منفعة الصيد خاصة.
ومن حجة من قال أنها حلال أن ضد٤٣ الطيب هو الخبيث، والخبيث حرام فإذا الطيب الحلال، قال الله٤٤ تعالى :﴿ ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ﴾ [ الأعراف : ١٥٧ ]، وقال تعالى :﴿ كلوا من الطيبات ﴾ [ المؤمنون : ٥١ ] يعني الحلال.
قال أبو الحسن : ويبعد تفسيره بالحلال لأن التقدير بصير كأنه قال : يسألونك ماذا أحل لهم ؟ قال : أحل لكم ما أحل لكم، وهذا لا يليق ببيان صاحب الشريعة، مع أن هذا الحلال إنما جاء مناقضة لليهود فيما حرم عليهم ؛ لقوله تعالى :﴿ فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم ﴾ [ النساء : ١٦٠ ]، وأخذ الشافعي من هذه الآية جواز أكل الضب والثعلب، قال : لأن العرب كانت تستطيبها وكل ما تستطيبه العرب فهو حلال وإن كان لا٤٥ تشتهيه نفوس٤٦ العجم. وكرههما أبو حنيفة وأجاز٤٧ مالك أكل الضب وكره الثعلب. ولهذا موضع يذكر فيه إن شاء الله تعالى٤٨.
قوله تعالى :﴿ من الجوارح ﴾ :
اختلف في الجوارح٤٩ التي٥٠ نعلم ويؤكل صيدها ما هي بعد اتفاقهم على أن الكلب منها. فقال الجمهور : هي التي يصاد بها، وهي الكلاب والفهود والبزاة والصقور وما أشبه ذلك. وصيد هذه كلها حلال إذا علمت. وقال بعضهم : هي الكلاب خاصة، قالوا٥١ : لا يجوز أكل صيد غير صيد الكلب، واحتجوا بقوله/ تعالى :﴿ مكلبين ﴾ ٥٢. وقال بعضهم : هي الكلاب خاصة ما لم تكن سودا بهما، فصيد٥٣ السود البهم عندهم لا يجوز، كما لا يجوز صيد غير الكلب. وجوز قوم صيد الكلب٥٤ والبازي، خاصة لحديث عدي بن حاتم إذ سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البازي، فقال٥٥ : " ما أمسك عليك فكل " فكانت الجوارح البزاة والكلاب على قول هؤلاء خاصة، والقول الأول أظهر. فأما قوله تعالى :﴿ مكلبين ﴾ ٥٦ معناه٥٧ : معلمين وأصله من التكليب وهو تعليم الكلاب الاصطياد، ثم كثر ذلك حتى قيل لكل من علم شيئا من الجوارح مكلبا، فتكليبها تعليمها الاصطياد. وقيل : مكلبين أصحاب كلاب. واشتقاق الجوارح من الجرح وهو الكسب. وقال قوم٥٨ : من الجراح فهي على هذا أكل ما له ظفر أو ناب أو٥٩ مخلب لأنه لا يجرح إلا ما له شيء من ذلك. وقد اختلف في تعليم الجوارح على أربعة أقوال، أحدها : قول ابن القاسم وأشهب : أن التعليم يصح بوجهين، أحدهما : أن يفهم الإشلاء٦٠ والزجر. والثاني : أن يصح بوجه واحد وهو الإشلاء٦١. والثاني : الزجر. والثالث : الإجابة عند الدعاء، وهذا القول لابن القاسم أيضا ذكره عنه ابن الماجشون. والقول الرابع : الفرق بين الطير وغيرها فيراعي من غير الطير ثلاثة أوجه : الإشلاء٦٢ والانزجار٦٣، والإجابة٦٤ يراعي في٦٥ الطير وجهان : الإجابة٦٦ والإشلاء٦٧. قالوا : ولا يراعى فيها الانزجار٦٨ لأنه غير ممكن فهو قول ربيعة٦٩ وابن الماجشون وابن حبيب٧٠.
وقوله تعالى :﴿ مما علمكم الله ﴾ :
يريد ما طبع في٧١ الكبير منا والصغير من إنسادها٧٢ وتضريتها٧٣ على الصيد.
وقوله تعالى :﴿ فكلوا مما أمسكن عليكم ﴾ :
ظاهره : أكلت الجوارح منه أو لم تأكل، وهو مذهب مالك وجميع أصحابه وقال جماعة من أهل العلم٧٤ : إذا أكلت من الصيد فلا يؤكل، قالوا : وإذا أكلت من الصيد فلم تمسك إلا على نفسها و٧٥ لم تمسك علينا، والله تعالى٧٦ إنما أباح لنا ما٧٧ أمسكت علينا. وقال ناس : إنه لا يؤكل صيد الكلب إذا أكل منه، ولم يقولوا ذلك في سائر الجوارح، واحتجوا بحديث عدي بن حاتم عن النبي صلى الله علينا وسلم أنه قال : " إذا أكل الكلب فلا تأكل " ٧٨، فجعل هذا الحديث كأنه مخصص للآية، وهذا٧٩ الذي احتجوا به يعارضه ما٨٠ جاء في حديث آخر من٨١ أنه قال : " إذا أكل فكل " مع ما في ذلك الحديث من أوجه٨٢ تضعفه. وقال بعضهم في البازي خاصة : إذا أكل فكل ما بقي ولم ير سائر الجوارح كذلك، وهذا أضعف الأقوال. واختلف أيضا٨٣ إذ شرب من الدم هل يؤكل صيده أم لا ؟ فالجمهور على أكله لما قدمناه من ظاهر عموم الآية، وكرهه قوم منهم الثوري٨٤. والذين ذهبوا إلى اعتبار ترك الأكل من صيد الجارح في الكلب يأخذ الصيد ويمسكه على صاحبه ويؤخذ آخر فيأكل منه. ففي قول أبي حنيفة : لا يؤكل شيء من ذلك، وفي٨٥ قول الثوري : يؤكل الأول ولا يؤكل الثاني الذي أكل٨٦ منه. ودليل من يجيز الأكل في ذلك كله عموم الآية قوله٨٧ :﴿ فكلوا مما أمسكن عليكم ﴾، ولم يفرق٨٨. و٨٩ اختلفوا٩٠ في٩١ قدر ما يختبر به الكلب وحينئذ يصح صيده ؟ فقال أصحاب أبي حنيفة : إذا صاد الكلب فأمسك ثلاث مرات، فقد حصل منه التعلم٩٢. وقال بعضهم٩٣ : إذا حصل منه٩٤ ذلك مرة واحدة فهو معلم. وترك الحد في ذلك أجرى على لفظ الآية لمن ذهب مذهبهم فيها. واختلف في الرجل٩٥ يرسل كلبه أو سهمه على ما رأى وينوي ما لم ير٩٦ فيصيب ما٩٧ لم ير هل يؤكل أم لا على قولين، أحدهما : الإجازة لقوله تعالى :﴿ فكلوا مما أمسكن عليكم ﴾، ولم يخصص. واختلف فيمن أغرى كلبه وقد رأى الصيد ولم يكن في يده فصاد٩٨ بإغرائه هل يؤكل أم لا ؟ فعن مالك فيه٩٩ روايتان، والحجة للجواز قوله تعالى :﴿ فكلوا ما أمسكن عليكم ﴾.
واختلف إذا أدرك الصيد والكلاب تنهشه١٠٠ ولم تنفذ مقاتله وقدر على تخليصه أو لم يقدر فلم يذكه حتى مات هل يؤكل أم لا ؟ فذهب قوم : إلى أنه لا يؤكل، وذهب قوم : إلى أنه يؤكل. وذهب مالك : إلى أنه١٠١ إن قدر على تخليصه وتذكيته فلم يفعل هذا حتى مات فلم يؤكل، وإن لم يقدر على تخليصه وتذكيته حتى مات أكل، ومن حجة من يجيز عموم الآية ؛ إذ لم يفرق، وحجة مالك رحمه الله١٠٢ أنه١٠٣ لما١٠٤ رأى الصيد وكان١٠٥ يقدر على تخليصه رآه مثل سائر الحيوان المقدور عليه الذي١٠٦ لا يؤكل إلا بالذكاة المعروفة. واختلف في الكلاب إذا نيبت الصيد١٠٧ ولم تجرحه أو صدمته أو ضربه الرجل بسيفه ولم يدمه، فقال ابن القاسم : ليس بذكي١٠٨. وقال أشهب : يؤكل وهو مذكي١٠٩ فأجاز ذلك أشهب، لظاهر قوله تعالى :﴿ فكلوا مما أمسكن عليكم ﴾ الآية١١٠. وهذا إمساك، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لعدي : " كل ما أمسك عليك كلبك١١١ فإن أخذه ذكاة " والقول الأول أحسن ؛ لقوله تعالى :﴿ وما علمتم من الجوارح مكلبين ﴾، فالمفهوم منها ما جرح، ولأن الغالب المعتاد فيها أنها تجرح في حين الاصطياد فوجب تعليق الحكم بالغالب. واختلف في كلب المجوسي واليهودي والنصراني إذ كانوا قد علموه فصاد به مسلم، فكره ذلك جماعة، وكأنهم رأوا أن الآية لا تقتضي من الكلاب إلا ما علمه المسلمون ؛ لأن قوله تعالى :﴿ وما علمتم من الجوارح مكلبين ﴾، فالمفهوم١١٢ خطاب المسلمين. وأجازه فقهاء الأمصار، ورأوا أن المراد بذلك ما علم من الكلاب سواء علمه مسلم أو غيره إذا ولي الصيد به مسلم.
وقوله تعالى١١٣ : " واذكروا اسم الله عليه " :
هذا١١٤ أمر من الله تعالى بالتسمية على الصيد والذبائح بمنزلة الصيد، وقد اختلف الناس في التسمية عليهما١١٥، فقيل : إن١١٦ التسمية١١٧ عند الإرسال وعند الذبح فريضة فمن تركها عمدا أو سهوا لم يؤكل الصيد ولا المذبوح، وهذا قول أهل الظاهر. وذهب قوم إلى أن التسمية مندوب إليها، فإن لم يسمّ الله تعالى عمدا أو سهوا عند الإرسال أو الذبح أكل الصيد والمذبوح، وهذا قو
١ نظر سنن النسائي: كتاب الصيد والذبائح، باب١١، ص ١٨٥ – ١٨٦، ومسند الإمام أحمد، ج٦، ص ٣٣٠..
٢ هو عاصم بن عدي بن الجد بن العجلان بن حارثة بن ضبيعة البلوي العجلاني، اتفقوا على ذكره في البدريين ويقال أنه لم يشهدها بل خرج فكسر فرده النبي صلى الله عليه وسلم واستخلفه على العالية، وهذا هو المعتمد وبه جزم ابن إسحاق. توفي سنة ٤٥هـ / ٦٦٥م. انظر: الإصابة، ج٢، ص ٢٤٦، الأعلام، ج٤، ص ١٣..
٣ سعيد بن خيثمة هو سعيد بن خيثمة بن الحارث الاوسي الأنصاري، أبو عبد الله صحابي كان أحد النقباء الإثني عشر بالعقبة، واستشهد يوم بدر. انظر: الأعلام، ج٣، ص ١٣٣..
٤ ي (ج): "عوبد"، في (د): "عوايد"..
٥ ي (هـ): "على بابه"..
٦ "المحرم" ساقط في (ج)، وجواب النبي صلى الله عليه وسلم عند البخاري في صحيحه: كتاب العلم، باب ٥٣، ص ٤٢، وكتاب الصلاة، باب٩، ص ٩٦، وكتاب الحج، باب ٢١، ص ١٤٥..
٧ وهو زيد الخيلبن مهلهل بن زيد بن عبد أقصى بن كنانة بن مالك بن نائل الطائي، وفد سنة تسع، وسماه النبي صلى الله عليه وسلم: زيد الخير، كان شاعرا محسنا وخطيبا لسنا، موصوفا بالكرم، توفي سنة ٩هـ/ ٦٣٠م. انظر الإصابة، ج١، ص ٢٧٢، الأعلام، ج٣، ص ١٠١ – ١٠٢..
٨ هو عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي الطائي أسلم سنة تسع، وقيل: سنة عشر، وكان نصرانيا قبل ذلك، وثبت على إسلامه في الردة. شهد فتح العراق والكوفة، شهد صفين مع علي، ومات بعد الستين أي سنة ٦٨ هـ/ ٦٨٧ م. انظر: الإصابة، ج٢، ص ٤٦٨ – ٤٦٩، والأعلام، ج٥، ص٨..
٩ ي (ج): "فقالوا"..
١٠ ي (ج): "عنهم"..
١١ الآية" ساقطة في (ج) و(هـ)..
١٢ ي (هـ): "الطيبات عندهم"..
١٣ لمة "نزول" ساقطة في غير (هـ)..
١٤ ي غير (ب) و(ج) و(د): "السؤال عن الصيد"..
١٥ في إباحة الاتخاذ الصيد" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
١٦ إذ" ساقطة في (أ) و(هـ)..
١٧ ي (ج): "صيد الكلب"..
١٨ ي (ب): "ولا"..
١٩ ي (أ) و(ب): "عليه السلام" في (هـ): "صلى الله عليه وسلم"..
٢٠ لحديث أخرجه النسائي كتاب الصيد والذبائح، باب٩، ص ١٨٤ – ١٨٥..
٢١ ي (ج): "الدار"..
٢٢ ي (ب) و(ج) و(د): "من"..
٢٣ (أنه"ساقط في (ب)..
٢٤ ي (أ): "اتخاذهما"..
٢٥ الواو"ساقطة في (ج)..
٢٦ ي (أ): "اتخاذهما"..
٢٧ أن" ساقطة في (ج)..
٢٨ ي (هـ): (حجة).
٢٩ من" ساقطة في (أ)..
٣٠ أ) و(ب) و(هـ): "عليه السلام"..
٣١ انظر صحيح البخاري: كتاب بدء الخلق، باب١٧، ص١٧، وصحيح مسلم: كتاب الطهارة، باب٢٧، ص ٢٣٥، وسنن النسائي: كتاب الطهارة، باب ٥٣، ص ٣٤..
٣٢ ي (هـ): "أنه"..
٣٣ ي (ب) و(هـ): "صلى الله عليه وسلم"..
٣٤ لحديث أخرجه أبو داود في كتاب الصيد، باب١، ص ٢٦٦ – ٢٦٧، كما أخرجه الترمذي في كتاب الأحكام، باب٣، ص ٧٨..
٣٥ ي (أ) و(هـ): "عليه السلام"..
٣٦ نظر صحيح مسلم: كتاب الصلاة، باب٥٠، وسنن أبي داود: كتاب الصلاة، باب ١١٠، ص ٤٥٠ـ ٤٥١..
٣٧ في" ساقطة في (ج)..
٣٨ مكلبين" ساقطة في غير (هـ)..
٣٩ على قوله الطيبات" ساقطة في (هـ)..
٤٠ ي (ب): "من الطيبات"..
٤١ ي (ج): "في الطعام"..
٤٢ ي غير (هـ): "والمنع"..
٤٣ ي (د): "صيد"..
٤٤ الله" ساقطة في غير (هـ)..
٤٥ لا" ساقطة في (ج)..
٤٦ نفوس" ساقطة في (ج)..
٤٧ ي (ج): "وأجازها"..
٤٨ تعالى" كلمة ساقطة في (أ) و(ب) و(هـ)..
٤٩ "في الجوارح" ساقطة في (ج)..
٥٠ في (أ) و(ج) و(د): "الذي"..
٥١ في جميع النسخ: "قال" ولعله: "قالوا"..
٥٢ "وقال بعضهم: هي الكلاب خاصة.. مكلبين" كله ساقط في (هـ)..
٥٣ في (هـ): "لأن"..
٥٤ "وجوز قوم صيد الكلاب" ساقط في (هـ)..
٥٥ في (ب): "قال"..
٥٦ "مكلبين" ساقط في (هـ)..
٥٧ في غير (ب): "فمعناها"..
٥٨ في (ب): "بعضهم"..
٥٩ "أو" ساقطة في (ب)..
٦٠ في (هـ): "الاصطياد". والإشلاء الإغراء وأشليت الكلب دعوته أنظر مختار الصحاح مادة - ش ل ا-.
٦١ في غير (هـ): "الإنساد" والصواب ما أثبتناه. ومعنى أشلى: أشليت الكلب: دعوته. انظر لسان العرب لابن منظور، ج٢، ص ٣٥٤..
٦٢ في غير (هـ): "الإنساد"..
٦٣ في (هـ): "الازدجار"..
٦٤ "الواو" ساقطة في (هـ)..
٦٥ في (د): "من"..
٦٦ "الإجابة" ساقطة في (ج)..
٦٧ في غير (هـ): "الإنساد"..
٦٨ في (هـ): "الازدجار"..
٦٩ لعله أبو عثمان ربيعة بن أبي عبد الرحمان فروخ مولى آل المنكدر التيميين ثم قريشي المعروف بربيعة الرأي، فقيه أهل المدينة، وعنه أخذ مالك بن أنس رضي الله عنه وكانت وفاته في سنة ست وثلاثين، وقيل: سنة ثلاثين ومائة بالهاشمية، وهي مدينة بناها السفاح بأرض الأنبار. قال مالك بن أنس: ذهب حلاوة الفقه منذ مات ربيعة الرأي. انظر ابن خلكان، ج١، ص ١٨٣..
٧٠ هو أبو مروان عبد الملك بن حبيب بن سليمان بن هارون بن عباس بن مرداح القرطبي، من كبار فقهاء المالكية. من تصانيفه: "الواضحة" و "تفسير الموطأ" و "فضائل الصحابة" و "غريب الحديث". توفي سنة ٢٣٨هـ / ٨٥٢م. انظر علماء الأندلس لابن الفرضي، ج١، ص ٢٢٥ – ٢٢٦، تهذيب التهذيب لابن حجر، ج٦، ص ٣٩٠ – ٣٩١..
٧١ في (ج): "ما في طبع"..
٧٢ في (ج) و(د): "من إنشاء الجوارح"..
٧٣ في (ب) و(ج) و(د): "ومفرسها" في (أ) و(هـ): "وتطريها"..
٧٤ "العلم" ساقطة في (ج)..
٧٥ "الواو" ساقطة في (ب)..
٧٦ في (هـ): "والله تعالى أعلم"..
٧٧ "ما" ساقطة في (د)..
٧٨ انظر صحيح مسلم: كتاب الصيد، باب١، ص ١٥٣١، وصحيح البخاري، كتاب الذبائح والصيد، باب٢، ص٢١٨..
٧٩ في (ب) و(ج): "وهو"..
٨٠ في (ج): "مما" في (د): "بما"..
٨١ "من" ساقطة في (هـ)..
٨٢ في (ج): "أوجب"..
٨٣ في (ج) و(د): "أيضا في الجارح"..
٨٤ هو أبو عبد الله سفيان بن سعد الثوري الكوفي، كان إماما في علم الحديث. ولد سنة ٩٧هـ، على خلاف في ذلك، وتوفي بالبصرة سنة ١٦١هـ. انظر وفيات الأعيان، ج١، ص ٢١٠..
٨٥ "في" ساقط في (هـ)..
٨٦ في (هـ): "أكله"..
٨٧ "قوله"ساقطة في (ب)، أما في (هـ): "قوله تعالى"..
٨٨ "ولم يفرق" ساقطة في (هـ)..
٨٩ في (هـ): "وقد"..
٩٠ في (ج): "فاختلف"..
٩١ "في" ساقطة في (ج)..
٩٢ في (ج) و(د): "التعليم"..
٩٣ في (أ) و(ب): "غيرهم"..
٩٤ "منه"ساقطة في غير (هـ)..
٩٥ "في الرجل" ساقطة في (هـ)..
٩٦ في (ج): "وبنوا على من لم ير"..
٩٧ في (ب) و(ج) و(د): "من"..
٩٨ في (ب) و(د): "وصعد" في (ج): "فصاعد"..
٩٩ (فيه) ساقطة في (هـ)..
١٠٠ في (هـ): "تهشمه"..
١٠١ "أنه" ساقطة في (د)..
١٠٢ "رحمه الله" ساقطة في غير (ب)..
١٠٣ في (ب): "إنما"..
١٠٤ "لما" ساقطة في (ب)..
١٠٥ "وكان"ساقطة في (ب)، "كان" ساقطة في (ج)..
١٠٦ في (هـ): "إذ"..
١٠٧ "الصيد" ساقطة في (هـ)..
١٠٨ في جميع النسخ: "ذكى"، ولعله "مذكى"..
١٠٩ في غير (د): "ذكى" "وهو مذكى" ساقطة في (هـ)..
١١٠ "الآية" ساقطة في (هـ)..
١١١ الحديث أخرجه النسائي في كتاب الصيد والذبائح، باب١٦، ص ١٩٠ – ١٩١..
١١٢ في (ب) و(ج) و(د): "فالعموم"..
١١٣ "تعالى" ساقطة في غير (هـ)..
١١٤ في (ب) و(ج) و(د): "هنا"..
١١٥ "عليهما" ساقطة في (ب) و(د) و(ج)..
١١٦ "فقيل أن" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
١١٧ "التسمية" ساقطة في (ب) و(د)..
٥ قوله تعالى :﴿ اليوم أحل لكم الطيبات ﴾ الآية :
قوله :﴿ اليوم ﴾ إشارة إلى الزمن، والطيبات قد تقدم الكلام١ عليها.
وقوله تعالى :﴿ وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ﴾ ٢ :
اتفق على أن ذبائحهم داخلة تحت عموم قوله :﴿ وطعام الذين أوتوا الكتاب٣ حل لكم ﴾، فلا خلاف في أنها حلال لنا٤. وأما سائر أطعمتهم مما يمكن استعمال النجاسة٥ فيه كالخمر والخنزير، فاختلف فيه، فذهب الأكثر إلى أن ذلك من أطعمتهم داخل تحت قوله تعالى :﴿ وطعام الذين أوتوا الكتاب ﴾ الآية، وأن أكل كل ذلك جائز. وذهب ابن عباس إلى أن الطعام الذي أحل الله تعالى لنا ذبائحهم، فأما ما٦ خيف منهم استعمال٧ النجاسة فيه، كالخمر والخنزير وغير ذلك، فيجب اجتنابها إلا ما نشاهد منها سليما من ذلك، فعلى قول ابن عباس لا يجوز أكل شيء من أجنابهم٨ ولا يجوز أكل أطعمتهم المطبوخة دعونا إليها أم لم يدعونا ؛ لأن العلة التي٩ ذكرها موجودة في هذا كله. وعلى القول الأول١٠ أكل هذا كله غير ممنوع لعموم الآية. وإذا قلنا : إن الطعام يتناول ذبائحهم باتفاق فهل يحمل لفظه على عمومه أم لا ؟ فالأكثر على١١ أن حمل١٢ لفظ الطعام١٣ على عمومه في كل ما ذبحوه مما حل لهم أو مما١٤ حرم الله تعالى١٥ عليهم أو حرموه على أنفسهم. وإلى نحو هذا ذهب ابن وهب وابن عبد الحكم. وذهب قوم إلى أن المراد من ذبائحهم بلفظ الطعام ما أحل لهم خاصة، وأما ما حرم عليهم بأي وجه كان فلا يجوز لنا وهذا هو المشهور من مذهب ابن القاسم. وذهب إلى أن المراد :﴿ الطعام ﴾ ذبائحهم جميعا إلا ما حرم الله تعالى عليهم خاصة لا ما حرموه على أنفسهم، وإلى نحو هذا ذهب أشهب. والحجة للقول الأول ظاهر الآية وهو العموم، والذين قالوا أنه لا يجوز لنا أكل ما لا يجوز١٦ لهم أكله اختلفوا هل ذلك على١٧ جهة١٨ المنع أو الكراهة ؟ فمن قوي عنده تخصيص الآية منع، ومن تعارض عنده التأويلان١٩ جميعا كره، فيأتي على هذا فيما٢٠ فسد٢١ عندهم لحال الريبة ثلاثة أقوال : الجواز والكراهة والمنع. ويأتي أيضا في الشحوم و٢٢ في أكل٢٣ ما ذبحوه من كل ذي ظفر كالبعير ونحوه ثلاثة أقوال أيضا : الكراهة والجواز٢٤ والمنع٢٥. وهذا الخلاف كله موجود في المذهب.
واختلف أيضا فيما ذبحوه لأعيادهم وكنائسهم أو سموا عليه اسم المسيح هل هو٢٦ داخل تحت الإباحة لقوله تعالى :﴿ وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ﴾ أم لا ؟ فذهب أشهب إلى أن الآية متضمنة تحليله وأن أكله جائز وكرهه مالك وتأول قوله تعالى :﴿ أو فسقا أهل لغير الله به ﴾ [ الأنعام : ١٤٥ ]، على ذلك. ومنع غيره في المذهب من أكله تأول قوله تعالى :﴿ أو فسقا أهل لغير الله به ﴾ [ الأنعام : ١٤٥ ]، على ذلك٢٧ فعلى هذين القولين لا تتضمن الآية تحليله، وما ذبحوه أيضا لآلهتهم ففيه أيضا ثلاثة أقوال : فالجمهور قالوا بالمنع، وبعضهم أجاز٢٨، وبعضهم كره، والكلام عليه كالكلام فيما٢٩ تقدم.
وقوله تعالى :﴿ الذين أوتوا الكتاب ﴾ :
اختلف العلماء في الذين أوتوا الكتاب من٣٠ اليهود والنصارى٣١ من هم ؟ فذهب قوم إلى أنهم اليهود والنصارى٣٢ الصرحاء الذين أنزل الله تعالى عليهم التوراة والإنجيل، فمنع هؤلاء٣٣ أكل ذبائح نصارى٣٤ بني تغلب من العرب وذبائح كل من دخل في هذين الدينين، وكان علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه٣٥ ينهى عن ذبائح٣٦ بني تغلب٣٧ ويقول : أنهم لم يختصوا بشيء من النصرانية إلا بشرب الخمر. وذهب الجمهور إلى أن الذين أوتوا الكتاب في الآية : كل نصراني من بني تغلب كان أو من غيرهم، وكل يهودي، وتأولوا قوله تعالى :﴿ ومن يتولهم منكم فإنه منهم ﴾ [ المائدة : ٥١ ]، وأجازوا أكل٣٨ ذبائح أجمعهم، وكان أهل القول الأول رأوا أن من دان باليهودية٣٩ والنصرانية بعد نزول التوراة والإنجيل ليسوا ممن أتوا الكتاب، ورأى أهل٤٠ القول الثاني٤١ أنهم٤٢ ممن أوتيه، وهذا القول أظهر.
وقد اختلفوا في المجوس والصابئة والسامرة هل هم ممن أوتي كتابا أم لا ؟ وعلى هذا يختلف في ذبائحهم ومناكحتهم. ودليل خطاب هذه الآية أن طعام غير أهل الكتاب غير حلال لنا ولا أعلم فيه خلافا٤٣.
وقوله تعالى :﴿ وطعامكم حل لهم ﴾ :
هذه الآية٤٤ للمسلمين لا لأهل الكتاب ؛ لأنه قد كان يجوز أن يمنعهم من أطعمتنا ولا يحلها لهم، فأباح الله تعالى بهذه الآية للمسلمين أن يبيحوا لهم أكلها. وعلى هذا يجوز للمسلم أن يضيف الكافر ويطعمه من طعامه.
وقوله تعالى :﴿ والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ﴾ ٤٥ الآية :
هذا معطوف على الطعام المحلل.
والإحصان أصله المنع وهو في الشرع على أربعة معان : الإسلام والعفة والنكاح والحرية٤٦. فأما في هذا الموضع من القرآن فلا يكون فيه الإسلام٤٧ لأنه تعالى قد ذكر أنهن٤٨ من أهل الكتاب ولا يكون فيه النكاح أيضا٤٩ ؛ لأن ذات الزوج لا تحل لغيره٥٠. فأما العفة والحرية، فالآية محتملة٥١ لها جميعا وبحسب الاحتمال اختلف العلماء في تفسيرها : فذهب جماعة منهم إلى أن المحصنات في الآية الحرائر، ومنعوا نكاح الأمة الكتابية بدليل الخطاب. وقالت جماعة : هن٥٢ العفائف في هذه الآية أمة كانت أو حرة، فيجوز نكاح الأمة الكتابية. وقد تقدم الكلام على طرف من هذا. وقد اختلف في نكاح حرائر أهل الكتاب، فمنعه قوم. وذكر عبد الوهاب٥٣ في المذهب الجواز، وذكر غيره الكراهة، ودليل الجواز هذه الآية. وقد اختلف هل يجوز نكاح غير العفيفة، فأجازه أكثرهم، ومنعه بعضهم بدليل خطاب هذه الآية إذ٥٤ كان الإحصان عندهم في الآية العفة. وقد اختلف أيضا في نساء أهل الحرب هل يجوز نكاحهن٥٥ ؟ فأجازه قوم لعموم الآية. ومنع ابن عباس من نكاحهن. وخصص الآية بأهل الحرية٥٦. وحكى عنه أنه لم يجوز نكاح الحربيات ؛ لقوله تعالى :﴿ قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ﴾ ٥٧ [ التوبة : ٢٩ ] الآية، ولقوله تعالى :﴿ لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ]، والنكاح يوجب المودة٥٨ ؛ لقوله تعالى :﴿ خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ﴾ [ الروم : ٢١ ]، وكرهه مالك مخافة ضياع الولد أو تغيير دينه. وقال أبو الحسن : قوله تعالى :﴿ والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ﴾ يدل على جواز نكاح الكتابيات، وقوله :﴿ ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ﴾ [ البقرة : ٢٢١ ]، يمنع نكاح الكتابيات. ولما تعارضتا صار الشافعي إلى تحريم نكاح٥٩ الأمة الكتابية أخذا بعموم قوله تعالى :﴿ ولا تنكحوا المشركات ﴾ [ البقرة : ٢٢١ ]، وأباح نكاح٦٠ الحرة٦١ الكتابية أخذا بعموم قوله تعالى :﴿ والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ﴾، ورأى الجمع بينهما أولى من تعطيل إحداهما، ومنع آخرون٦٢ نكاح الكافرات كتابيات كن أو مجوسيات، وحملوا قوله تعالى :﴿ والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ﴾، على أن المراد به اللاتي٦٣ كن كتابيات ثم أسلمن، كما قال تعالى :﴿ وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم ﴾ [ آل عمران : ١٩٩ ]، وهذا بعيد فإنه تعالى قال :﴿ والمحصنات من المؤمنات ﴾ ثم قال٦٤ :﴿ والمحصنات٦٥ من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ﴾ فلا يصح٦٦ أن يعطف المؤمنات على المؤمنات لما في ذلك٦٧ من إسقاط الفائدة، والذي يحرم نكاح الحرة الكتابية يحتج٦٨ بقوله تعالى :﴿ ولا تمسكوا بعصم الكوافر ﴾ [ الممتحنة : ١٠ ]، وذلك محمول عند٦٩ من خالفهم على الحربية ٧٠ إذا خرج زوجها مسلما٧١ والحربي تخرج٧٢ امرأته مسلمة، ويدل عليه قوله تعالى :﴿ واسألوا ما أنفقتم ﴾ [ الممتحنة : ١٠ ].
وقوله تعالى :﴿ إذا آتيتموهن٧٣ أجورهن ﴾ :
الأجور : المهور، وقد اختلف هل للزوج أن يدخل بامرأته٧٤ قبل أن يقدم٧٥ لها من المهر شيئا إذا طاوعته على ذلك أم لا ؟ فانتزع جماعة من أهل العلم منهم مالك ومن تابعه من لفظ :﴿ آتيتموهن ﴾ أنه لا يجوز أن يدخل إلا بعد أن يبذل من المهر ما يستحلها٧٦ به. واختلفوا هل له أن يدخل بالهدية والرهن والحمالة والحوالة أم لا ؟ ٧٧ وظاهر الآية٧٨ أنه لا يجوز الدخول إلا بإتيان٧٩ الأجور، وذلك كله ليس من الأجور فلم يجز الدخول.
وقوله تعالى :﴿ محصنين ﴾ :
معناه : متزوجين٨٠ على السنة، والإحصان في٨١ هذا٨٢ الموضع النكاح. والمسافح : الزاني. والمخادنة : أن يكون الزانيان قد وقف كل واحد منهما نفسه على صاحبه. واختلف في هذه الآية :﴿ وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ﴾، هل هي ناسخة أم لا ؟ فقال جماعة : ناسخة٨٣ ؛ لقوله تعالى٨٤ :﴿ ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ﴾ [ الأنعام : ١٢١ ] ؛ لأنه أحل لنا طعام أهل٨٥ الكتاب وإن لم يذكر اسم الله عليه. وفي هذا القول نظر، كيف يصح فيه النسخ. وقال بعضهم : ليس بناسخ، بل هو استثناء من ذلك. وتسمية هذا استثناء ضعيف، وإنما ينبغي أن يسمي مخصصا٨٦. قال أبو الحسن : والنصارى إنما يذبحون على اسم المسيح، وقد حكم الله تعالى : بحل ذبائحهم مطلقا، ففي ذلك دليل على أن التسمية لا تشترط عند الذبح أصلا كما يقول الشافعي٨٧. وقال قوم٨٨ : ليس هو٨٩ بناسخ ولا استثناء، ولكن إذا لم يذكر الكتابي اسم الله عز وجل على ذبيحته٩٠ لم تؤكل وهو قول٩١ علي٩٢ وعائشة٩٣ وابن عمر٩٤ رضي الله عنهم٩٥. ومالك يكرهه٩٦ إذا لم يسم٩٧ ولا يحرمه، ويروى عن أبي الدرداء وعبادة ابن الصامت.
١ "الكلام" ساقطة في (ب)..
٢ "حل لكم" ساقطة في غير (ب) و(ج)..
٣ قوله: "اتفق على أن... أوتوا الكتاب" كله ساقط في (أ) و(ب) و(هـ)..
٤ "لنا" ساقطة في (هـ)..
٥ في (د): "النجاسات"..
٦ "ما" ساقطة في (ج)..
٧ في (هـ): "استعمل"..
٨ في (ج): "أخبارهم"..
٩ في (ج): "الذي"..
١٠ "الأول" ساقطة في (هـ)..
١١ في (أ) و(ب) و(ج): "إلى"..
١٢ "حمل" ساقطة في (ج)..
١٣ في (ج): "العموم الطعام"..
١٤ "مما" ساقطة في غير (ب) و(ج) و(د)..
١٥ قوله: "تعالى" ساقطة في غير (هـ)..
١٦ قوله: "هذا ذهب أشهب... ما لا يجوز" كله ساقط في (هـ)..
١٧ "على" ساقط في (ج)..
١٨ قوله: "لهم أكله اختلفوا على ذلك على جهة" ساقط في (هـ)..
١٩ في (هـ): "التأويل"..
٢٠ في (ب) و(ج): "ما"..
٢١ في (هـ): "فيصيد"..
٢٢ "و" ساقط في (ج) و(هـ)..
٢٣ في (ج) و(هـ): "كل"..
٢٤ في (هـ): "الجواز والكراهة"..
٢٥ كتب في (هـ): "ويأتي أيضا في السحوم في كل ما ذبحوه"..
٢٦ "هو" ساقط في (ج)..
٢٧ قوله: "ومنع غيره... على ذلك" ساقط في غير (ج)، وأما (هـ) فقد ورد فيها: "وفيه غيره في المذهب من أكله تأول قوله تعالى: ﴿أو فسقا أهل لغير الله به﴾ على ذلك"..
٢٨ "وبعضهم أجاز" ساقطة في (هـ)..
٢٩ في غير (ب): "على ما"..
٣٠ في (هـ): "في"..
٣١ في (هـ): "النصرى"..
٣٢ في (هـ): "النصرى"..
٣٣ (هـ): "قوم"..
٣٤ "نصارى" ساقطة في (هـ)..
٣٥ "كرم الله تعالى وجهه" ساقطة في (أ) و(هـ). وهو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هشام عبد المناف القرشي الهاشمي، ولد قبل البعثة بعشرين سنة على الصحيح، أي سنة ٢٣ ق. هـ/ ٦٠٠م، فربى في حجر النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يفارقه، وشهد معه المشاهد إلا غزوة تبوك، وتوفي سنة ٤٠هـ/ ٦٦١م. انظر الإصابة، ج٢، ص ٥٠٧، والأعلام، ج٥، ص ١٠٧ – ١٠٨..
٣٦ كلمة "ذبائح" ساقطة في (ج) وفي (د): "نصارى"..
٣٧ كلمة "بني تغلب من العرب... ينهى عن ذبائح بني تغلب" ساقطة في (ب)..
٣٨ كلمة "أكل" ساقطة في (هـ) وفي (ج): "الكل"..
٣٩ في (ج): "من كان من اليهودية"..
٤٠ في (ج): "أن أهل".
٤١ في (ج): "القول الأول".
٤٢ في (ج): "أن".
٤٣ في (أ) و(ب) و(هـ): "ولا أعلم خلافا فيه".
٤٤ في غير (ج) و(هـ): "آية"..
٤٥ "من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم" ساقطة في (أ) و(ب) و(ج) و(د): في (ب) "المحصنات" في (د): "والمحصنات"..
٤٦ في (هـ): "الحرية والنكاح"..
٤٧ "الإسلام" ساقطة في (ج)..
٤٨ في (أ) و(ج) و(د) و(هـ): و "بأنهن"..
٤٩ في (ج) و(هـ): "ولا يكون أيضا فيه النكاح".
٥٠ "لغيره" ساقطة في (أ) و(ب) و(ج) و(د) و(هـ)..
٥١ في (ج): "تحتمله"..
٥٢ في (ج): "هذا"..
٥٣ هو القاضي أبو محمد عبد الوهاب بن علي ابن نصر، من فقهاء المالكية صنف عدة مصنفات منها: "التلقين" و"الإشراف" و "المعونة" و "سر الرسالة" و "شرح المدونة" توفي سنة ٤٢٢هـ/ ١٠٣١م. انظر وفيات الأعيان، ج١، ص ٣٠٤ (من خزانة الشيخ المنيف) البداية والنهاية لابن كثير، ج١٢، ص ٣٢، المدارك لعياض، ج٢، ص ١٥٩..
٥٤ في غير (أ) و (ب): "إذا" في (هـ): "إنما"..
٥٥ في (د): "نكاحهم"..
٥٦ في (أ): "الحربية" في غير (ج) و(د): "الحرية"..
٥٧ قوله: "ولا باليوم الآخر" ساقطة في (أ) و(ب) و(ج) و(د) و(هـ)..
٥٨ ولقوله تعالى ﴿لا تجد﴾... يوجب المودة" ساقطة في (هـ)..
٥٩ "نكاح" ساقطة في (د)..
٦٠ "نكاح" ساقطة في (د)..
٦١ في (د): "الحرية"..
٦٢ في (ج) و(د): "مانعون" وفي (هـ): "مانصون"..
٦٣ في غير (ج) و(د): "اللائي".
٦٤ "والمحصنات من المؤمنات ثم قال" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٦٥ "ثم قال: والمحصنات" ساقطة في (هـ)..
٦٦ في (أ) و(ب) و(هـ): "فلا يجوز"..
٦٧ "لما في ذلك" ساقطة في (هـ)..
٦٨ في غير (هـ): "يعتصم"..
٦٩ "عند" ساقطة في (ج)..
٧٠ "على الحربية" ساقطة في (هـ)..
٧١ "مسلما" ساقطة في (هـ)..
٧٢ في (هـ): "تزوج"..
٧٣ في (أ) و(ج): "وآتيتم"..
٧٤ في غير (أ) و(د) و(ج) و(ب): "لامرته" في (هـ): "بزوجته"..
٧٥ في (أ) و(ج): "يدفع"..
٧٦ في (هـ): "شيئا يستحلها"..
٧٧ من قوله: "أنه لا يجوز أن يدخل... أم لا" ساقط في (ب) و(د)..
٧٨ "وظاهر الآية" هذا ساقط في (ب) و(د)..
٧٩ في (ج): "الإتيان"..
٨٠ في (هـ): "غير متزوجين"..
٨١ في (هـ): "وفي"..
٨٢ "هذا" ساقط في (د)..
٨٣ في (هـ): "نسخة"..
٨٤ "تعالى" ساقطة في (هـ)..
٨٥ في (هـ): "الذين أوتوا"..
٨٦ في غير (ب) و(ج): "تخصيصا"..
٨٧ "الشافعي" ساقطة في (هـ)..
٨٨ "قوم" هذه الكلمة ساقطة في (ب)..
٨٩ في (ج): "هذا"..
٩٠ في (ج): "ذبيحة"..
٩١ كلمة: "وقال قوم... وهو قول" ساقطة في (هـ)..
٩٢ هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد المناف القرشي، ولد سنة ٢٣ ق. هـ/ ٦٠٠م، وتوفي سنة ٤٠ هـ/٦٦١م. انظر الأعلام، ج٥، ص ١٠٧ – ١٠٨..
٩٣ عائشة: هي أم المؤمنين بنت أبي بكر الصديق، كانت من أكبر فقهاء الصحابة، توفيت في الخمسين سنة خمس أو سبع في رمضان ودفنت بالبقيع وصلى عليها أبو هريرة. انظر منهاج اليقين شرح أدب الدنيا والدين، ١٠٢، ط ١٤٠٠هـ / ١٩٨٠م..
٩٤ ابن عمر.
٩٥ "رضي الله عنهم" ساقطة في غير (ب)..
٩٦ في (ب) و(ج): "يكره"..
٩٧ في (ب): "يسمه"..
٦ قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لمستم النساء فلم تجدوا ماءا فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون٦ ﴾ :
هذه الآية ١ نزلت٢ بسبب انقطاع العقد لعائشة رضي الله تعالى عنها٣، وحينئذ٤ قال لها أسيد بن حضير٥ : ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر، وكان ذلك في غزوة المريسيع وهي غزوة بني المصطلق، وفيها كان هبوب الريح، وقول عبد الله بن أبي سلول٦ : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، وفيها وقع٧ حديث الإفك٨ وآية النساء إنما نزلت معها أو بعدها٩ بيسير، ولا يختلف أن هذه الآية هي التي قالت عائشة فيها فنزلت، وهي آية الوضوء. ولكن من حيث كان الوضوء ثابتا عندهم قبل ذلك لم تزدهم الآية فيها إلا١٠ التلاوة، وإنما أعطتهم الفائدة والرخصة في التيمم١١. ويستدل١٢ على حصول الوضوء بقول عائشة : فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس وليسوا١٣ معهم ماء١٤ فكان الوضوء أولا ثابتا بالسنة ثم وجب١٥ بالقرآن ولا خلاف أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل قط صلاة١٦ وهو جنب ولا١٧ على غير وضوء. روي أنه صلى الله عليه وسلم في أول ما أوحي إليه- يريد في الصلاة- أتاه جبريل فعلمه الوضوء.
وقد اختلف في أمره تعالى بالوضوء عند القيام إلى الصلاة، هل هو مخصوص بمن كان على غير طهارة، أو١٨ عام١٩ لمن كان على طهارة، أو على غير طهارة ؟ فذهب قوم إلى أنه مخصوص بمن كان على غير طهارة٢٠. واختلفوا بعد ذلك في تأويل الآية، فقيل : المأمورون بذلك المحدثون خاصة ؛ كأنه٢١ قال تعالى : إذا قمتم إلى الصلاة وقد أحدثتم، وإلى هذا ذهب الشافعي٢٢. وقيل : المأمورون بذلك القائمون من النوم. والمعنى : إذا قمتم : إذا قمتم إلى الصلاة وقد نمتم٢٣، وهو قول زيد بن أسلم، وهو٢٤ مذهب جميع أهل المدينة، وهذا القول أولى من الأول، لأن الإحداث مذكور٢٥ بعد هذا، فأغنى ذلك٢٦ عن ذكره٢٧ هنا. وأما النوم فلم٢٨ يقع له ذكر، وليس بحدث، وإنما هو سبب للحدث على الأصح في ذلك، فحمل الكلام على زيادة فائدة أولى من حمله على التكرار بغير٢٩ فائدة، فبهذا رجح جماعة من أهل العلم هذا القول. وهذا التأويل في الآية يدل على أن الوضوء واجب على من نام وهي مسألة اختلف٣٠ فيها على ثلاثة أقوال، أحدها : أن النوم حدث في نفسه ينقض الوضوء قليله وكثيره، ومن٣١ حجتهم هذا التأويل في الآية ؛ لأنه تعالى أمر بالوضوء عند القيام من النوم إلى الصلاة، ولم يخص نوما من نوم، فحملوه على ظاهره وهو قول المزني٣٢. وذهب قوم إلى أن النوم ليس بحدث ولا بسبب للحدث٣٣، فلا يجب الوضوء على من نام إلا بيقين خروج الحدث وهو قول٣٤ أبي موسى الأشعري٣٥ وغيره ويشبه٣٦ أن يكونوا صاروا إلى حديث ابن عباس٣٧ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ميمونة٣٨، فنام عندها حتى سمعت٣٩ غطيطه ثم صلى ولم يتوضأ، ويرد هذا القول الآية على قول أهل المدينة أو على قول من رآها عامة وقوله عليه الصلاة والسلام٤٠ : " العينان وكاء الأست٤١، فمن نام فليتوضأ ". ويتأول حديث ابن عباس أنه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم٤٢ قيل له٤٣ : صليت وقد٤٤ نمت ؟ فقال : " إنه تنام عيناي ولا ينام قلبي " ٤٥.
وذهب الجمهور إلى أن النوم سبب للحدث، فمنه ما٤٦ ينقض الوضوء ومنه ما٤٧ لا ينقضه. ثم اختلفوا فيما ينقض٤٨ منه مما لا ينقض٤٩ واختلافهم في ذلك يرجع إلى اختلافهم في الحال التي يكون عليها النوم، هل هي مما يغلب الظن بانتقاض الوضوء أم لا ؟
فعند الثوري وأبي حنيفة : أنه لا ينقض الوضوء إلا نوم٥٠ المضطجع خاصة. واحتجوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا وضوء إلا على من نام مضطجعا " ٥١، وهذا الحديث قد ضعّفه أبو داود وغيره والشافعي في أحد قوليه، ففرق بين النوم في الصلاة وفي غير الصلاة، فلا ينقض الوضوء في الصلاة وينقض في غيره، وعندنا في المذهب تفصيل كثير. وحجة من أوجب الوضوء في شيء من النوم عموم الآية، ولا خلاف عند القائلين المتقدمين في الآية أن أمر الله تعالى بالوضوء في الآية إيجاب. والذين ذهبوا إلى٥٢ أن الأمر بالوضوء عام لمن أحدث ولمن لم يحدث، ورأوا لكل من قام إلى الصلاة أن يتوضأ محدثا٥٣ كان أو غير محدث اختلفوا في ذلك الأمر٥٤ هل هو أمر إيجاب أو أمر ندب ؟ فذهب جماعة على أنه أمر ندب، فلم يوجبوا الوضوء على من قام إلى الصلاة وهو على وضوء، وأوجبوه٥٥ على من قام إلى الصلاة وهو على غير وضوء بغير هذه الآية. وحمل بعضهم مذهب علي بن أبي طالب على هذا، وذهب بعضهم إلى أن الأمر بالوضوء أمر إيجاب بذاته، قالوا : فيجب على كل من قام إلى الصلاة الوضوء محدثا كان أو غير محدث، ثم اختلفوا هل ذلك محكم أو منسوخ ؟
فذهب جماعة إلى أنه محكم وأوجبوا الوضوء على كل قائم إلى الصلاة، وهو قول ابن سيرين وعكرمة وعبيد بن عمير٥٦. وذكر عن ابن عمر أنه يتوضأ لكل صلاة، وحمل قوم مذهب علي بن أبي طالب على هذا.
وذهب جماعة إلى أنه منسوخ، وأجازوا الجمع بين الصلوات بوضوء واحد، وقالوا : إن الذي نسخ الآية : ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم٥٧ يوم فتح مكة في٥٨ صلاته خمس صلوات بوضوء واحد، فقال له٥٩ عمر : ما هذا يا رسول الله ؟ قال : " عمدا فعلته يا عمر " ٦٠، وما فعل النبي صلى الله عليه وسلم إذ دعته المرأة من الأنصار إلى شاة مصلية ومعه أصحابه، فصلى الظهر والعصر بوضوء واحد٦١، وهذا القول يأتي على قول من يجيز نسخ القرآن بالسنة. وقد قال بعض من ذهب إلى هذا٦٢ : أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا أحدث لم يكلم أحدا حتى يتوضأ وضوء الصلاة، فنسخ الله تعالى ذلك وأمر بالوضوء٦٣ عند القيام إلى الصلاة خاصة، ثم نسخ ذلك صلى الله عليه وسلم بفعله يوم فتح مكة.
وقوله تعالى :﴿ إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ﴾ :
قال التونسي٦٤ : فلم يذكر غسل اليدين٦٥ قبل الوضوء، وقال النبي صلى الله عليه وسلم للسائل : " توضأ كما أمر الله تعالى " ٦٦، فأحاله على ما في٦٧ القرآن، فكان في هذا٦٨ دليل على أن غسل اليدين ليس بواجب.
وقد اختلف في تأويل حديث النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه " ٦٩.
فقيل : إن ذلك على باب التنظيف لما يمكن أن يمس يده، فلو تيقن نظافة يده٧٠ لم يغسلها، ذكره أشهب. وروي عن ابن القاسم : أنه يغسل يديه وإن كان بقرب مسه الماء، وكأنه٧١ رأى ذلك عبادة. وفي حديث عبد الله بن زيد٧٢ غسل اليد، وهو دليل على ذلك. وقد اختلف في هذه الآية هل فيها تقديم و٧٣ تأخير أم لا ؟ فقيل : فيها تقديم وتأخير، تقديره :﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى٧٤ المرافق وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لمستم النساء فلم تجدوا ماءا فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ﴾، وإنما قدرها هكذا من ذهب إلى هذا التأويل وهو محمد بن مسلمة من أصحاب مالك ؛ لأن ظاهرها أن المرض والسفر حدث يوجب الوضوء كالمجيء من الغائط سواء، وذلك لا يصح بإجماع. وقال بعضهم : وهذا القول في الآية إنما يأتي على قول من رأى أن قوله تعالى :﴿ إذا قمتم إلى الصلاة ﴾ معناه من٧٥ النوم. وقيل : إن الآية على تلاوتها لا تقديم فيها ولا تأخير، ومعنى قوله تعالى :﴿ وإن كنتم مرضى ﴾ أي مرضى٧٦ لا تقدرون على مس الماء، أو عدم٧٧ من يناولكم إياه ؛ لأن المرض يتعذّر معه مس الماء، والوصول٧٨ إليه في غالب الأحوال، فاكتفى تعالى بذكر المرض، وفهم منه المراد كما فهم من قوله تعالى :﴿ فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت ﴾ [ البقرة : ٦٠ ]، و٧٩ إن٨٠ معناه فضرب فانفجرت. وكذلك قوله تعالى٨١ :﴿ أو على سفر ﴾ يريد غير واجدين٨٢ الماء٨٣، فاقتصر على ذكر السفر وفهم المراد منه ؛ لأن السفر يعدم فيه الماء٨٤ في غالب الأحوال. ثم قال :﴿ أو جاء أحد منكم من الغائط ﴾ الآية : يريد في الحضر، وقد كان قوله تعالى :﴿ إذا قمتم إلى الصلاة ﴾ يعم الحضر والسفر، لكنه لما كان الغالب في الحضر وجود الماء أعاد ذكره وصرح بذلك الشرط، فقال :﴿ أو جاء أحد منكم من الغائط أو لمستم النساء فلم تجدوا ماءا فتيمموا صعيدا طيبا ﴾، قال بعضهم : وهذا القول إنما يأتي على القول بأن معنى الآية : إذا قمتم إلى الصلاة وقد أحدثتم، وإلى أن الآية على تلاوتها ذهب مالك رحمه الله٨٥ في " المدونة " ؛ لأنه يقول فيها : إن المريض الذي لا يقدر على مس الماء يتيمم وإن كان واجدا للماء، وأن الصحيح الحاضر غير المسافر يتيمم إذا عدم الماء على التأويل الذي ذكرناه، وهو قول مجاهد٨٦، قال : وذلك مما يخفى٨٧ من تأويل القرآن.
ومن حمل الآية على التقديم والتأخير لا يجيز٨٨ التيمم للمريض مع وجود الماء، وإن لم يقدر على مسه ولا الصحيح الحاضر وإن عدم الماء ؛ لأنه بعيد من٨٩ قوله :﴿ فلم تجدوا ماء ﴾ ٩٠ على السفر والمرض٩١. وقيل في تأويل هذه٩٢ الآية أن " أو " ٩٣ في قوله تعالى :﴿ أو جاء أحد منكم من الغائط ﴾ بمعنى الواو، قال : فتبقى الآية على ظاهرها لا يحتاج فيها إلى٩٤ تقديم ولا٩٥ تأخير، ولا يفتقر إليها إلى إضمار، إلا٩٦ أنه لا يكون المريض الواجد للماء إذا لم يقدر على مسه، ولا الحاضر للعادم للماء، من أهل التيمم أيضا على ذلك التأويل. وقد مر الكلام على بعض هذا في سورة النساء. وقوله تعالى :﴿ إذا قمتم إلى الصلاة ﴾ أي٩٧ إذا أردتم القيام إلى الصلاة، مثل قوله :﴿ فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله ﴾ [ النحل : ٩٨ ]، معناه : إذا أردت قراءة القرآن، وفي تعليقه تعالى الوضوء بإرادة الصلاة دليل على أن الوضوء يراد للصلاة، وأنه شرط في صحتها، قال صلى الله عليه وسلم :﴿ لا يقبل صلاة بغير طهور ﴾ ٩٨. وفي ذلك دليل واضح٩٩ على افتقاره إلى النية لأنها١٠٠ شرط في صحة فعله لإرادة١٠١ الصلاة، فإذا فعله١٠٢ الإنسان تبردا أو تنظفا فلم يفعله على الشرط الذي شرط الله تعالى فذلك يوجب أن لا يجزيه١٠٣، وهذا هو المشهور في المذهب، أنه لا يجوز الوضوء والغسل إلا بنية لما قدمناه، وكذلك التيمم. وقد قيل : أن كل ذلك لا يحتاج فيه إلى نية، وهو قول الأوزاعي. وقيل : إنه١٠٤ لا يحتاج إلى نية١٠٥ في ذلك إلا التيمم وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، وفي المذهب رواية مثل ذلك. ودليل١٠٦ مفهوم الآية كما ذكرناه١٠٧ يرد على من لم١٠٨ يشترط النية، ومن الدليل أيضا على صحة المشهور من قول مالك قوله تعالى :﴿ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ﴾ [ البينة : ٥ ]، والوضوء من الدين، فيجب١٠٩ أن لا يجزئ بغير نية، وقال عليه الصلاة والسلام :﴿ إنما الأعمال بالنيات ﴾ ١١٠. والوضوء عمل
١ قوله: "الآية" ساقطة في (د)..
٢ في (أ) و(هـ): "هي التي نزلت"..
٣ "رضي الله تعالى عنها"ساقطة في (أ) و(ب)..
٤ في (ب) و(ج) و(هـ): "ح"..
٥ هو أسيد بن الحضير بن سماك بن عتيك بن امرئ القيس الأوسي، يكنى أبا يحيى، كان من السابقين إلى الإسلام، وكان شريفا في الجاهلية وفي الإسلام. شهد المشاهد كلها مع الرسول صلى الله عليه وسلم، توفي سنة٢٠هـ/ ٦٤١. انظر الأعلام، ج١، ص ٣٣٠، الإصابة ج١، ص٤٩..
٦ هو عبد الله بن أبي بن مالك بن الحارث بن عبيد الخزرجي، أبو الحباب المشهور بابن سلول، رأس المنافقين في الإسلام، من أهل المدينة، كان سيد الخزرج في آخر جاهليتهم، وأظهر الإسلام بعد وقعة بدر. الأعلام، ج٤، ص١٨٨..
٧ "وقع" كلمة ساقطة في (ب)..
٨ حديث الإفك أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب١٥، ص ١٥٤..
٩ "معها" ساقطة في (د)..
١٠ في (ب): "إلى"..
١١ في (هـ): "بالتيمم"..
١٢ في (هـ): "يستدلون"..
١٣ في (هـ): "ليس"..
١٤ قول عائشة..
١٥ في (هـ): "ثبت"..
١٦ في (هـ): "صلاة القط".
١٧ في (هـ): "أو"..
١٨ في (ج): "أو على"..
١٩ "عام" هذه الكلمة ساقطة في (د).
٢٠ من قوله: "أو عام لمن كان... على غير طهارة" ساقط في (هـ)..
٢١ في (ب) و(ج) و(د): "لأنه" والصواب ما أثبتناه..
٢٢ الشافعي: هو الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي أحد الأئمة الأربعة، أشهر مصنفاته كتاب "الأم" و "الرسالة". انظر الأعلام، ج٦، ص ٢٤٩..
٢٣ من قوله: "وإلى هذا ذهب الشافعي... وقد نمتم" ساقط في (هـ)..
٢٤ "هو" ساقطة في (هـ)..
٢٥ في غير (ب): "مذكورة"..
٢٦ "ذلك" ساقطة في (ب)..
٢٧ في غير (ب): "ذكرها"..
٢٨ في (ب): "فلا"..
٢٩ في (ب): "من غير"..
٣٠ في (هـ): "قد اختلف"..
٣١ كلمة "من" ساقطة في (هـ)..
٣٢ المزني: هو أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني، من الفقهاء المجتهدين، شافعي المذهب، له مصنفات منها: مختصر الترغيب في العلم، والجامع الكبير، والجامع الصغير، كانت وفاته سنة ٢٦٤هـ/ ٨٧٨. انظر معجم المؤلفين ج٢، ص ٢٩٩ – ٣٠٠، ووفيات الأعيان، ج١، ص ٢١٧ – ٢١٩..
٣٣ في (ب): "لحدث"..
٣٤ "قول" ساقطة في (هـ)..
٣٥ أبو موسى الأشعري: هو عبد الله بن قيس الأشعري الصحابي الكبير، ولاه عمر البصرة. روى عنه أنس بن مالك وابن شهاب وخلق كثير من التابعين. توفي سنة ٤٤هـ / ٦٦٥ م. انظر منهاج اليقين، ص ٢٦، الأعلام، ج٤، ص ١١٤..
٣٦ في (هـ): "وشبه"..
٣٧ ابن عباس: هو عبد الله بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حبر الأمة وترجمان القرآن. توفي سنة ٦٨ هـ / ٦٨٧ م. انظر الأعلام، ج٤، ص ٢٢٨ – ٢٢٩..
٣٨ ميمونة: هي أم المؤمنين، سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الاسم وقد كان اسمها "برة"، توفيت سنة ٤٩ هـ /٦٦٩ م. على اختلاف في ذلك. انظر الإصابة لابن حجر، ج٤، ص ٣٩٨..
٣٩ في غير (ب): "سمعنا"..
٤٠ في (ا) و(ب): "عليه السلام"..
٤١ في (أ) و(هـ): "وكاء الله" في (ب) و(ج) و(د): "وكاء الأست"، والحديث أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب٨٠، ص ١٤٠، وابن ماجه في كتاب الطهارة، باب٦٢، ص ١٦١..
٤٢ في (أ): "عليه الصلاة والسلام"..
٤٣ "له" ساقطة في (ج)..
٤٤ في (ج): "قيل"..
٤٥ انظر سنن أبي داود: كتاب الطهارة، باب٨٠، ص ١٣٩..
٤٦ في (ج): "فمنهم من"، في (د): "فمنه ما لا"..
٤٧ في (ج): "ومنهم من" في (د): "ومنه ما"..
٤٨ في (هـ): "لا ينقض"..
٤٩ في (هـ): "ينقض"..
٥٠ في (ج): "النوم"..
٥١ الحديث الذي أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب٨٠، ص ١٣٩..
٥٢ "إلى" ساقطة في (ج)..
٥٣ في (هـ): "حدثا"..
٥٤ "الأمر" ساقط في (ج)..
٥٥ في (ب): "أوجبوها".
٥٦ "عكرمة وعبيد بن عمير" كلام ساقط في (هـ)..
٥٧ في (ب): "عليه السلام"..
٥٨ في (هـ): "من"..
٥٩ "له" ساقط في (ج)..
٦٠ الحديث أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الطهارة، باب ٢٥، ص ٢٣٢، وأبو داود في سننه: كتاب الطهارة، باب٦٦، ص ١٢٠، والنسائي في سننه: كتاب الطهارة، باب ١٠١، ص ٨٥ – ٨٦، كما أخرجه الترمذي في سننه: كتاب الطهارة، باب ٦٥، ص ٨٩، وابن ماجه في سننه: كتاب الطهارة، باب ٧٢، ص ١٧٠، والدارمي في سننه: كتاب الوضوء، باب ٣، ص ١٦٩، والإمام أحمد في مسنده، ج٥، ص ٣٥٠..
٦١ انظر سنن أبي داود: كتاب الطهارة، باب ٤٥، ص ٩١..
٦٢ "هذا" كلمة ساقطة في (ب) و(د)، وأما في (ج) فقد سقطت كلمة "إلى هذا"..
٦٣ في غير (هـ): "بالطهارة"..
٦٤ هو أبو حنيفة النعمان بن أبي عبد الله محمد بن منصور بن أحمد بن حيون المغربي، كان من أهل العلم والفقه والدين والنبل وله عدة تآليف. وكان مالكي المذهب ثم انتقل إلى مذهب الإمامية، كان ملازما صحبة المعز العبيدي، ولما وصل من أفريقية إلى الديار المصرية كان معه. وصنف كتاب ابتداء الدعوة للعبيديين، توفي سنة ٣٦٣هـ. انظر وفيات الأعيان، ج٢، ص ١٦٦..
٦٥ في (ب): "اليد"..
٦٦ انظر سنن النسائي: كتاب الطهارة، باب ١٠٨، ص ٩٠ – ٩١، وسنن ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب ٥٧، ص ١٥٦..
٦٧ "ما في" ساقطة في (هـ)..
٦٨ في (هـ): "وذلك"..
٦٩ "وضوءه" ساقطة في (ب)..
٧٠ "يده" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٧١ في (هـ): "وكان"..
٧٢ عبد الله ابن زيد.
٧٣ في (هـ): "أو"..
٧٤ "إلى" كلمة ساقطة في (د)..
٧٥ "من" ساقطة في (ج)..
٧٦ "أي مرضى" ساقطة في (هـ)..
٧٧ في غير (هـ): "أو على"..
٧٨ في (هـ): "والوضوء"..
٧٩ "الواو" ساقطة في (أ) و(ج)..
٨٠ "أن" ساقطة في (ج)..
٨١ "تعالى" ساقطة في (أ) و(هـ)..
٨٢ في (أ) و(ب) و(ج) و(د): "واجد"..
٨٣ في (ج): "للماء"..
٨٤ "الماء" ساقطة في (د)..
٨٥ "رحمه الله" ساقطة في غير (ب). مالك بن أنس بن مالك الأصبحي الحميري، أبو عبد الله، إمام دار الهجرة، وأحد الأئمة الأربعة، ولد سنة ٩٣ هـ/ ٧١٢م، وتوفي سنة ١٧٩هـ / ٧٩٥م، انظر الأعلام، ج٦، ص ١٢٨..
٨٦ مجاهد: هو أبو الحجاج مجاهد بن جبر المكي المخزومي من علماء التابعين، كانت وفاته سنة ١٠٤هـ / ٧٢٣م. انظر: كميزان الاعتدال للذهبي، ج٣، ص ٤٣٩، البداية والنهاية لابن كثير، ج٩، ص ٢٢٤..
٨٧ في (ب) و(ج) و(د): "يجيء"..
٨٨ في (ج) و(د): "لا يجوز"..
٨٩ "من" ساقط في غير (هـ)..
٩٠ "ماء" ساقطة في (د)..
٩١ في (ج) و(د): "المريض"..
٩٢ "هذه" ساقطة في (ج)..
٩٣ "أو" ساقطة في (ج)..
٩٤ في (هـ): "أن"..
٩٥ "لا" ساقطة في (هـ)..
٩٦ في (هـ): "على"..
٩٧ في (أ) و(ب) و(ج) و(د) :"مفهومه"..
٩٨ في (هـ): "وضوء"، والحديث أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الوضوء، باب ٢، ص ٤٣. ومسلم في صحيحه: كتاب الطهارة، باب ٢، ص ٢٠٤. وأبو داود في سننه: كتاب الطهارة، باب ٣١، ص ٤٨ – ٤٩، كما أخرجه النسائي في سننه: كتاب الطهارة، باب ١٠٤، ص ٨٧ – ٨٨، وكتاب الزكاة، باب ٤٨، ص ٥٦ – ٥٧. وابن ماجه في سننه: كتاب الطهارة، باب ٢، ص ٢٧١ – ٢٧٢..
٩٩ "واضع" ساقط في غير (أ) و (ب)..
١٠٠ في (أ) و(ب) و(هـ): "لأنه"..
١٠١ في (أ) و(ب) و(هـ): "إرادة"..
١٠٢ في (هـ): "جعله"..
١٠٣ في (هـ)و(د): "ألا يجزيه"..
١٠٤ "أنه" ساقط في (هـ)..
١٠٥ في (هـ): "لنية"..
١٠٦ في (ب): "قيل"..
١٠٧ في (ج) و(د): "ذكره"..
١٠٨ "لم" ساقط في (هـ)..
١٠٩ في (أ) و(ب) و(ج): "فواجب"..
١١٠ انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري: كتاب بدء الوحي، باب١، ص٩..
١٣ قوله تعالى :﴿ فاعف عنهم واصفح ﴾ :
اختلف فيه هل هو منسوخ أو محكم ؟ فذهب قوم إلى أنه منسوخ، قالوا : نسخه ما١ في براءة من الأمر بالقتال حتى يؤدوا الجزية. وذهب قوم إلى أنه محكم، وأنه نزل في قوم من اليهود أرادوا الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم٢ بالعفو عنهم والصفح بعد أن لحقتهم الذلة والصغار.
١ في (هـ): "بما"..
٢ في (أ): "عليه الصلاة والسلام" وفي (ب) و(ج) و(د) و(هـ): "عليه السلام"..
٢٨ قوله تعالى :﴿ لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك ﴾ :
قيل : معناها لئن بدأتني بالقتل لم أبدأك به، لأنه لم يدفعه عن نفسه إذا١ قصد قتله. وروي أنه قتله غيلة بأن٢ ألقى عليه صخرة وهو نائم فشدخه بها٣. وقيل : كان من مذهبهم أن من أراد قتل غيره لم يكن للمقصود بالقتل دفعه بل يتركه ولا يدفعه عن نفسه٤ إلا أن في شرعنا٥ أنه يجوز دفعه٦ إجماعا. واختلف في وجوبه، والأصح وجوبه٧، لما فيه من النهي عن المنكر. ومن الحشوية قوم لا يجيزون للمصول عليه٨ الدفع. وتأولوا عليه قوله عليه الصلاة والسلام٩ لأبي ذر : " كيف بك١٠ يا أبا ذر إذا كان في المدينة قتل١١ " ؟ قال : قلت : ألبس سلاحي١٢، قال : " شاركت القوم إذا "، قال : قلت : كيف أصنع يا رسول الله ؟ قال : " إذا خشيت أن ينهزك عين الشمس فألق ناحية ثوبك على وجهك لئلا تبوء بإثمه١٣ وإثمك١٤ ". والمراد بهذا الحديث عند المتأملين١٥ ترك القتال في الفتنة، وكف اليد عن الشبهة. فأما من١٦ فعل١٧ ما١٨ استحق القتل فلا ولم يرد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، ولو جاز الإمساك عن ذلك لتعطل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واستولى الظلم. وقد يحتمل أن يجاب عن هذا بأن يقال : إنما يصح ذلك إذا كان الأمر بالمعروف لا يؤدي١٩ إلى قتال وشهرة سلاح٢٠، فأما إذا٢١ أذى إلى ذلك فلا، ويفوض المقتول أمره إلى الله تعالى لأنه إذا٢٢ أدى إلى ذلك خاف على نفسه فلم يجز له الدفع، وهذا موضع نظر واحتمال لترديد٢٣ القول.
١ في (ب) و(د): "وإنما" في (ج): "إنما"..
٢ في (ج): "قال"..
٣ "فشخده بها" كلمة ساقطة في (هـ)..
٤ "عن نفسه" كلمة ساقطة في (ب) و(د) و(ج) و(هـ)..
٥ في (ج): "إلا من شرعنا" وفي (هـ): "إلا أن من شرعنا"..
٦ في (هـ): "دفعها"..
٧ "والأصح وجوبه" ساقطة في (هـ)..
٨ في (ج): "عنه"..
٩ في (ب): "عليه السلام" في (هـ): "صلى الله عليه وسلم"..
١٠ "بك" ساقط في (د)..
١١ في (د): "إذا قتل"..
١٢ في (أ): "بسلاحي"..
١٣ في (هـ): "باتمط"..
١٤ الحديث أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الفتن والملاحم، باب٢، ص ١٠١..
١٥ في (ب) و(د): "المتأولين"..
١٦ في (ب) و(د) و(هـ): "ما" وأما في (ج) فالكلمة ساقطة.
١٧ في (ب) و(د): "قتل"..
١٨ في جميع النسخ: "من" ولعله "ما"..
١٩ سقوط "لا" في (هـ): وأما في (د) في فورد "لم يود"..
٢٠ في (أ): "وسلاح"..
٢١ في (ب): "أن..
٢٢ قوله: "فأما إذا أدى إلى ذلك... لأنه إذا"ساقط في (هـ)..
٢٣ في (ب) و(د) و(ج): "الترديد"..
٣٣ قوله تعالى :﴿ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا ﴾ :
اختلف في سبب نزولها١، فقيل٢ : إنها نزلت بسبب قوم من أهل الكتاب كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد٣، فنقضوا العهد، وقطعوا السبيل، وأفسدوا في٤ الأرض، وهو قول ابن عباس والضحاك، ويشبه أن يكون هو٥ الذي قالوه٦ في نازلة بني قريظة إذ هموا بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل : نزلت في المشركين، وهو قول عكرمة والحسن، وهو بعيد، لقوله تعالى٧ :﴿ إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ﴾ [ المائدة : ٣٤ ] ؛ إذ لا خلاف أن توبة المشرك تسقط عنه ما لزمه من الأحكام في حال كفره سواء أسلم قبل القدرة عليه أو بعدها. وقيل : إن الآية نزلت في نفر٨ من٩ عكل وعرينة١٠ أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا ثم إنهم مرضوا واستوخموا المدينة، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يكونوا في لقاح الصدقة، وقال : " اشربوا من وألبانها١١ وأبوالها " ١٢، فخرجوا إليها١٣، فلما صحوا قتلوا الراعي، واستاقوا الإبل، فجاء الصريخ إلى١٤ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، فنودي : يا خيل الله اركبي، فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم١٥ على إثرهم فأخذوا. وقال جرير : فبعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من المسلمين حتى أدركناهم وقد أشرفوا على بلادهم فجئنا بهم، قال جميع الرواة١٦ فقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم أيديهم وأرجلهم من خلاف، وسمل أعينهم، وتركهم في جانب الحرة١٧ يستسقون فلا يستقون. وفي بعض الروايات١٨ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرقهم بالنار بعد أن قتلهم١٩. قال أبو قلابة : وهؤلاء كفروا، وحاربوا الله ورسوله، وقتلوا، وأخذوا الأموال، ولم يعلم أن٢٠رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل بأحد غيرهم لا قبل ولا بعد، وهذا قول أنس ابن مالك وجرير وابن جبير وابن الزبير٢١ وابن عمر و غيرهم، وهذا القول لمخالفة٢٢حكم٢٣ رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم ما٢٤ تضمنته الآية من العقوبات مع تظاهر٢٥ الآثار بأن الآية إنما وردت بعد الذي كان من حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أولئك النفر. وقيل : إن الآية نزلت ناسخة لفعل٢٦ النبي صلى الله عليه وسلم بأولئك ورفعت٢٧ الآية هذه٢٨ الحدود. قال بعضهم : وجعلها الله تعالى عتابا لنبيه صلى الله عليه وسلم٢٩ على سمل الأعين. وحكى الطبري عن السدي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمل أعين أولئك٣٠ النفر، وإنما أراد ذلك فنزلت الآية ناهية عنه٣١. وقال بعض٣٢ من يضعف النسخ فيما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنهم سملوا٣٣ أعين الرعاء، لذلك سمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعينهم. وقيل٣٤ :- وهو أحسن ما قيل في الآية- : أنها نزلت في المحارب المؤمن أو الذمي فيتحصل من هذا أنها اختلف فيمن٣٥ وردت فيه٣٦ الآية، فقيل : في الكفار والمحاربين، وهذا ضعيف ؛ لأن الله تعالى قال :﴿ إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ﴾ [ المائدة : ٣٤ ]، والكفار لا يختلف حكمهم في زوال العقوبة عنهم بالتوبة بعد القدرة كما يسقط قبل القدرة٣٧. وقيل : إنها نزلت في المرتدين، وهذا أيضا ضعيف، لأن الله تعالى قال :﴿ إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ﴾، والكفار لا يختلف حكمهم في زوال العقوبة عنهم بالتوبة٣٨ بعد القدرة كما تسقط قبل القدرة٣٩، لأن المرتد يستحق القتل لنفس٤٠ الردة دون المحاربة٤١، والمذكور في الآية إنما هو من لا يستحق القتل، وأيضا فإن الآية فيها نفي٤٢ من لم يتب قبل القدرة عليه٤٣، والمرتد لا ينفي، وأيضا فإن المرتد لا يقطع من خلاف ويخلى٤٤/ سبيله بل يقتل إن لم يسلم، ولا يصلب أيضا. وقيل : إنها نزلت في قطاع الطريق من المسلمين. وقيل : إنها نزلت في المحاربين من المسلمين كانوا أو من أهل الذمة وهو أحسن ما قبل.
وقوله تعالى :﴿ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ﴾ :
إنما هنا للحصر، وقوله :﴿ يحاربون الله ورسوله ﴾ تغليظ على ارتكاب نهيه، وهذا مثل قوله تعالى :﴿ ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ﴾ [ الأنفال : ١٣ ]، وقال :﴿ يحادون الله ورسوله ﴾ [ المجادلة : ٥ ]، وذلك كله مستحيل على الله تعالى٤٥ ؛ إذ هو ليس بمكان فيشاق ويحاد ويحارب، وإنّما ذكر ذلك على جهة المبالغة في إظهار المخالفة، وكان يجوز أن يسمي كل عاص بهذا الاسم ولكنه لم يرد٤٦ ذلك. وقيل : التقدير يحاربون عباد الله وهذا أولى، فإن الذي يحارب رسول الله صلى الله عليه وسلم كافر، وقاطع الطريق من المسلمين ليس بكافر، وكأنه٤٧ أراد بذلك تعظيم المحاربة وإكبار قدر المعصية.
وقوله تعالى :﴿ ويسعون في٤٨ الأرض فسادا ﴾ :
تبيين للحرابة، أي ويسعون لحرابتهم٤٩، ويحتمل أن يكون المعنى٥٠ يسعون فسادا٥١مضافا إلى المحرم، والجامع لهذه الأوصاف كلها الحرابة.
وقوله :﴿ أن يقتلوا ﴾ :
هو تفعل من القتل، وقتل المحارب أن يضرب عنقه بالسيف ولا يبعث به في القتل٥٢.
وقوله تعالى :﴿ أو يصلبوا ﴾ :
ظاهر الآية٥٣ أن الصلب حد قائم بنفسه كسائر الحدود الثلاثة، لكن الجمهور على أنه مضاف إلى القتل، وليس أن يصلب ولا يقتل إلا أنه قد وقع لمالك في بعض المواقع أنه قال : يقتل، أو يصلب أو يقطع أو ينفى من الأرض٥٤ مثل ظاهر القرآن. وإذا قلنا : إنه مضاف إلى القتل فقد اختلف فيه، فقيل : إنه يقتل ثم يصلب ليذعر به أهل الفساد، وهو قول أشهب. وقيل : إنه يقتل ثم يصلب حيا ويقتل في الخشبة، وهو قول ابن القاسم وابن الماجشون، واختيار ابن بكير ؛ لأن الصلب أن يقتل مصلوبا فيسيل دمه وهو في الخشبة من قولهم : تمر مصلب إذا كان صفي٥٥ ولأن الله تعالى إنما خير في صفة قتله، ولو كان إنما خير في صلبه بعد قتله لقال٥٦ أن يقتلوا أو يقتلوا ثم يصلبوا٥٧ وعلى مذهب من يرى٥٨ أنه يقتل ثم يصلب٥٩ يصلى عليه وحينئذ٦٠ يصلب٦١.
واختلف في الصلاة عليه على مذهب من يرى أنه يصلب ثم يقتل، فقيل : لا ينزل منها٦٢ على كل٦٣ حال، ولا عليه، وقيل : يصف خلف الخشبة ويصلي عليه. والقولان لابن الماجشون. وقيل : ينزل ويصلي عليه، وهو قول سحنون. واختلف قوله : هل يعاد للخشبة ليذعر به أهل الفساد أم لا ؟ على قولين. واختلف في بقائه مصلوبا ؟ فقيل : ينزل بعد ثلاث، قال٦٤ أبو حنيفة وأصحابه، لأن إبقائه٦٥ بعد ذلك عندهم٦٦ مثلة. وقال أصبغ : لا بأس أن يخلى بينه وبين بنيه٦٧ وأهله ينزلوه٦٨ ويصلى عليه ويدفن. وحجة هذا القول أن الصلب الذي ذكره الله تعالى قد حصل وما كان٦٩ بعد ذلك فلا معنى له. والجمهور على أنه لا ينزل حتى تأكله السباع والكلاب ولا يترك أهله ليدفنه ولا يتركون أن ينزلوه، وهو ظاهر الآية.
وقوله تعالى :﴿ أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ﴾ :
معناه : أن تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى، ثم إن عاد قطعت يده اليسرى ورجله اليمنى، واختلف إن٧٠ لم تكن له اليد اليمنى، فقال أشهب : تقطع يده اليسرى ورجله اليسرى. وقال ابن القاسم، تقطع يده اليسرى ورجله اليمنى حتى يكون القطع من خلاف كما قال الله تعالى، وهذا القول أظهر على مقتضى الآية. واختلف في حد القطع من اليد، فقيل : من الرسغ. وقيل : من الأصابع وهو المروي٧١ عن علي. واختلف أيضا في القطع من الرجل، فقيل : من المفصل. وقيل : من نصف القدم، ويبقى العقب في الساق٧٢ وهو المروي٧٣ عن علي. والقول الذي عليه الجمهور أليق بأن يقع عليه اسم اليد والرجل٧٤، وإن وقع على نصف القدم أو الأصابع فيجوز حمل الآية٧٥ على ما ليس فيه تجوز أفضل.
وقوله تعالى :﴿ أو ينفوا من الأرض ﴾ :
اختلف في معناه على خمسة أقوال، فقيل : النفي والسجن وهو قول مالك في راوية مطرف عنه، وقول أبي حنيفة وأصحابه. وقيل : أن ينفى من بلد إلى بلد، وأقله ما تقصر فيه الصلاة، ويسجن فيه إلى أن تظهر توبته وهو المشهور من قول مالك. وقيل : هو أن يطلبه الإمام لإقامة الحد عليه فيفر٧٦، فلا يقدر عليه، فيكون ذلك نفيا لا أنه٧٧ ينفى بعدما٧٨ يقدر عليه، بل يقام عليه الحد إذا قدر عليه ولا ينفى. ففي٧٩ هذا القول إبطال النفي بعد القدرة وإلى نحو٨٠ هذا ذهب ابن الماجشون. وقيل : هو أن ينفى من بلد إلى بلد آخر دون٨١ أن يسجن فيه، وهو قول سعيد ابن جبير وغيره. وقيل : نفيهم إبعادهم٨٢ من بلاد المسلمين إلى بلاد المشركين، وهو قول قتادة والزهري، وذكر عن مالك بن أنس رحمه الله٨٣ نحوه، ذكره٨٤ الماوردي عنه، وذكره٨٥ بعضهم عن غير مالك، ثم قال : وقاله مالك على أن مالكا قال٨٦ : لا يضطر مسلم إلى دخول أرض الشرك. وذكر ابن قتيبة في " المشكل " ٨٧ أنه قال : نفيه من الأرض أن يقال من لقيه فليقتله٨٨، ثم قال : ومن جعل النفي٨٩ هذا أو٩٠ أن يطلب في كل أرض يكون بها٩١، فإنه يذهب٩٢ إلى أن هذا جزاؤه قبل أن يقدر عليه، لأنه لا يجوز أن يظفر الإمام به فيدع عقوبته٩٣، ثم يقول : من لقيه فليقتله أو يجده٩٤ فيتركه ثم يطلبه٩٥ في كل أرض. وإذا٩٦ كان هذا اختلفت٩٧ العقوبات، فصار بعضها لمن لم٩٨ يقدر عليه وبعضها لمن قدر عليه٩٩، وأشبه الأشياء أن تكون كلها١٠٠ فيمن١٠١ ظفر به.
وقوله تعالى :﴿ ذلك لهم خزي في الدنيا ﴾ الآية :
أشار١٠٢ بالخزي في الدنيا إلى الحدود التي تقام عليهم، وأخبر أن لهم في الآخرة مع إقامة الحدود عليهم في الدنيا عذاب عظيم. وظاهر هذا أن عقوبة المحارب١٠٣ لا تكون كفارة له كما كان تكون١٠٤ في سائر الحدود، وقد قال عليه الصلاة والسلام١٠٥ : " ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو كفارة " ١٠٦ ويحتمل أن يكون الخزي في الدنيا١٠٧ لمن عوقب والعذاب في الآخرة لمن لم يعاقب، ويجري١٠٨ ذنب الحربي١٠٩ مجرى غيره.
١ في غير (ب) و(ج) و(د): "اختلف في سبب الآية" ساقط..
٢ في غير (هـ): "قيل"..
٣ كلمة ساقطة في (هـ)..
٤ حرف الجر ساقط في (هـ)..
٥ "أن يكون هو" ساقطة في (ج) و(د) في (هـ): "أن يكون هذا"..
٦ في (د): "أن يكون"..
٧ كلمة ساقطة في (هـ)..
٨ في (أ): "النفر"..
٩ حرف الجر ساقط في (هـ)..
١٠ في (ج) و(د): "عوينة"..
١١ في (ب): "لبنها" وفي (هـ): (أبوالها وألبانها"..
١٢ صحيح البخاري: كتاب التفسير: باب ٥، ص ١٨٧ – ١٨٨، وسنن أبي داود: كتاب الحدود، باب ٣، ص ٥٣١ – ٥٣٢، وصحيح مسلم : كتاب القسامة، باب ٢، ص ١٢٩٦ – ١٢٩٧..
١٣ في (ب) و(ج) و(د): "فيها"..
١٤ "إلى" كلمة ساقطة في (ب) و(ج) و(د) و(هـ)..
١٥ "فأخبر بذلك... رسول الله صلى الله عليه وسلم" هذا ساقط في (ب) و(ج) و(د)..
١٦ في (ب) و(ج) و(د): "الروات"..
١٧ في (ب): "الحر" والصواب ما أثبتناه. والحرة مكان على باب طيبة بالمدينة. انظر الطبري: تاريخ الأمم، ج٧، ص ٨ – ١٣..
١٨ ي (ب): "الرواة"..
١٩ بعد أنقتلهم" ساقطة في (هـ)..
٢٠ أن" ساقطة في (ب) و(ج)..
٢١ وابن الزبير" ساقطة في (هـ)..
٢٢ ي (ج) و(د): "لمخالفتهم"..
٢٣ لمة ساقطة في (ج)..
٢٤ ي (ب) و (ج): "فيما".
٢٥ ي (ب): "تظافرت".
٢٦ ي (ج) و(د): "فعل".
٢٧ ي (و): "ورجعت".
٢٨ ي (ب): "هذا".
٢٩ ي (هـ): "عليه السلام".
٣٠ ي (أ): "تلك".
٣١ عنه" غامضة في (و).
٣٢ لمة ساقطة في (ج).
٣٣ ي (هـ) و (ج) "قد سلموا".
٣٤ وقيل" ساقطة في (هـ).
٣٥ ي (هـ): "فيما".
٣٦ فيه" ساقطة في (ب) و(ج) و(د).
٣٧ كما يسقط في القدرة" هذا ساقط في (هـ).
٣٨ لجار والمجرور ساقط في (ب) و(ج) و(د).
٣٩ ي (ج) و(د): "قبل القدرة عليه" وفي (هـ): "قبلها".
٤٠ ي (هـ): "بنفس".
٤١ لمة ساقطة في (أ).
٤٢ ي (هـ): "نفت".
٤٣ وله: "لأن المرتد يستحق القتل... من لم يتب قبل القدرة عليه" ساقط في (ب) و(ج) و(د)..
٤٤ ي (هـ): "ويحكى).
٤٥ لمة "تعالى" ساقطة في (هـ)..
٤٦ ي (ج) و(د): "لم ير"..
٤٧ ي (هـ): "إنما"..
٤٨ رف الجر ساقطة في (هـ)..
٤٩ ي (ج) و(د): "لحرابتهم" في (هـ): "بحرابتهم" "من حارب حرابة"..
٥٠ لمة ساقطة في (هـ)..
٥١ وله: "فسادا" ساقطة في (أ) و(ب) و(هـ)..
٥٢ وله: (وقولوا أن يقتلوا... به في القتل) ساقط في (ج) و(د).
٥٣ ي (ج): (هذه الآية).
٥٤ لجار والمجرور ساقط في غير (ب).
٥٥ ي (هـ): "صفاء" والصفي: "الخالص من كل شيء".
٥٦ لمة ساقطة في (هـ).
٥٧ ي (ب) و(ج) و(د): "يصلب".
٥٨ ي (هـ): (رءا).
٥٩ وعلى مذهب من يرى أنه يقتل ثم يصلب"هذا ساقط في (ب)..
٦٠ ي (أ) و(ج) و(هـ): "وح"..
٦١ "وحينئذ يصلب" ساقطة في (ب)..
٦٢ ي (أ): "عنها"..
٦٣ لمة ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٦٤ ي (هـ): "وقاله"..
٦٥ ي (ب): "إبقاؤه"..
٦٦ ي (ب):"عندهم في ذلك"..
٦٧ بنيه" ساقطة في (هـ)..
٦٨ ي غير (و): "أن ينزلوه"..
٦٩ ي (هـ): "وما حصل"..
٧٠ ي (هـ): "إذا"..
٧١ ي (ب) و(ج) و(د): "مروي"..
٧٢ ي (هـ): "اللسان"..
٧٣ في (ج) و(د): "مروي"..
٧٤ "والرجل" ساقطة في (أ) و(ب) و(ج) و(د) و(هـ)..
٧٥ في (أ) و(ب) و(ج) و(د) و(هـ): "حمل لفظ الآية"..
٧٦ في (ج): "فنفى"..
٧٧ في (ج) و(د): "أن"..
٧٨ في (هـ): "أن"..
٧٩ في (هـ): "ومعنى"..
٨٠ كلمة "نحو" ساقطة في (هـ)..
٨١ كلمة "دون" ساقطة في (هـ)..
٨٢ في (هـ): "نفيه إبعاده"..
٨٣ "رحمه الله" ساقطة في غير (ب)..
٨٤ كلمة "ذكره" ساقطة في (هـ)..
٨٥ في (ب): "ذكر"..
٨٦ لمة "قال" ساقطة في (ب)..
٨٧ ي (ب) و(ج) و(د): "الشكل"..
٨٨ ي (ج): "فليقتل"..
٨٩ ي (أ) و(ب) و(هـ): "أن النفي"..
٩٠ أو" ساقطة في (ج) و(د).
٩١ بها" ساقطة في (ج)..
٩٢ ي (أ) و(ج) و(هـ): "يذهب أحسب"..
٩٣ ي (د): "أن يدع قتله بل عقوبته"..
٩٤ ي (هـ): "نحوه"..
٩٥ ي (هـ): "بطلب"..
٩٦ ي (هـ): "ولذلك"..
٩٧ ي (ج) و(د): "اختلف" وفي (هـ): "فاختلفت"..
٩٨ ي (هـ): "لا"..
٩٩ لمن قدر عليه" ساقطة في (هـ)..
١٠٠ ي (هـ): "في كل"..
١٠١ ي (ن): "من"..
١٠٢ ي (د): "الإشارة"..
١٠٣ ي (هـ): "المحارب في الدنيا"..
١٠٤ ي (ب) و(ج) و(د): "لا تكون"..
١٠٥ ي (ب): "عليه السلام"..
١٠٦ خرجه الترميذي في سننه: كتاب الحدود، باب١١، ص ٤٤٧..
١٠٧ وله: "فهو كفارة... في الدنيا" ساقطة في (أ) و() و(ج) وهو بياض في (و)..
١٠٨ ي (هـ): "وأجرى"..
١٠٩ ي (هـ): "الخزي"..
٣٤ وقوله :﴿ إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ﴾ :
اختلف في تأويلها، فقيل : هذا في أهل الشرك. وقيل : في أهل الحرب من المسلمين وأهل الذمة وهو الأحسن١ كما قدمناه٢. واختلف في قبول توبة المحارب على قولين، أحدهما : أنها لا تقبل، قال ذلك من تأول الآية في غير المحاربين وهو قول الحسن٣. والثاني : أن توبته تقبل٤، قال ذلك من تأول الآية في المحاربين٥ ورأى الاستثناء مردودا عليهم وهو أحسن الأقوال كما قدمنا. والذين ذهبوا إلى أن توبته٦ تقبل٧ اختلفوا٨ في صفته على ثلاث أقوال، أحدها : أنها لا٩ تقبل منه إلا أن يخرج من دار الإسلام ويلحق بدار الحرب. والثاني : أنها لا١٠ تقبل منه إلا أن يكون قد لحق بدار الحرب. والثالث : أنها تقبل منه في جميع الأحوال، كان١١ وحده لا فئة١٢ له أو كانت له فئة١٣ ولم يلحق بدار الحرب أو كان قد لحق بدار الحرب، وهذا القول أظهر لعموم الآية ؛ إذ لم يخص محاربا من محارب١٤. واختلفوا أيضا في صفة توبته التي تقبل منه على ثلاثة أقوال، أحدها : أن توبته تكون بوجهين، أحدهما : أن يترك ما هو عليه وإن لم يأت الإمام١٥. والثاني : أن يلقي السلاح ويأتي الإمام طائعا١٦، وهو مذهب ابن القاسم. والقول الثاني : أن توبته إنما تكون بأن يترك ما هو عليه، ويجلس في موضعه، وتظهر لجيرانه. وأما إن أتى الإمام طائعا وهو مذهب ابن القاسم١٧، فإنه يقيم عليه حد الحرابة، إلا أن يكون قد أقام بموضعه حتى لو علم الإمام حاله لم يقم حد الحرابة١٨، وهذا١٩ قول ابن الماجشون. والثالث : أن توبته إنما تكون٢٠ إلى الإمام٢١ وإن ترك ما هو عليه لم يسقط ذلك عنه٢٢ حكما من الأحكام، و٢٣ إن أخذ قبل أن يأتي الإمام٢٤، وقول ابن الحسن أظهر لعموم قوله تعالى :﴿ إلا الذين تابوا ﴾، وما يصنعه٢٥ المحارب من الوجهين المذكورين فهو توبة فيجب٢٦ أن يكف عنه بها. واختلف٢٧ أيضا فيما تسقط عنه التوبة من الأحكام على أربعة أقوال، القول الأول٢٨ : أن التوبة لا تسقط إلا٢٩ حد الحرابة، ويؤخذ بما سوى ذلك من حقوق الله تعالى، ومن حقوق عباده٣٠. والثاني : أن التوبة تسقط عنه حد الحرابة٣١، وحقوق الله٣٢ والقطع في السرقة وشرب الخمر وما أشبه ذلك. ويتبع بحقوق الناس في الأموال في ذمته، وفي الدم. والثالث : أن التوبة تسقط عنه حد الحرابة، وجميع حدود الله٣٣ وما أخذ من الأموال إلا أن يوجد من ذلك شيء قائم فيؤخذ أو يكون دم فيؤخذ٣٤ به، وهي رواية ابن مسلم عن مالك. والرابع : أن توبته تسقط عنه جميع ما قبله من حقوق الله وحقوق الناس من دم أو مال، إلا أن يوجد شيء قائم بيده، وهذا القول أظهر على٣٥ لفظ الآية، لأن الله تعالى قد٣٦ قال :﴿ إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم ٣٤ ﴾، فظاهر هذا٣٧ أنهم٣٨ يغفر لهم كل شيء، ولا يطالبون به. وقد اختلف في المحارب إذا امتنع فأمنه الإمام على أن ينزل فقيل : إن له الأمان، ويسقط به٣٩ حد٤٠ الحرابة. وقيل : لا أمان٤١ له ويقام عليه الحد، وهو قول ابن الماجشون، والقول الأول أظهر ؛ لأن هذا المحارب تاب قبل أن يقدر عليه فوجب أن تقبل توبته، لقوله تعالى :﴿ إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ﴾. واختلف في القاطع في المصر٤٢ هل يكون٤٣ كالقاطع في الفيافي محاربا أم لا ؟ فعن مالك في ذلك روايتان، أحدهما : أنه محارب، والأخرى أنه٤٤ لا يعد محاربا. وحجة القول الأول٤٥ بأنه محارب عموم قوله تعالى :﴿ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ﴾ الآية، ولم يفرق. وإذا اجتمع المحاربون فقتل بعضهم، وكان بعضهم عونا، ولم يباشر القتل فإن جميعهم عندنا يقتل.
وقال الشافعي : لا يقتل إلا من باشر القتل، ودليلنا عليه عموم الآية : ولا يجوز عندنا لولي الدم أن يعفو٤٦ عن المحارب إذا أخذ٤٧ قبل التوبة خلافا لمن يحكي عنه أن عفوه جائز ؛ لقوله٤٨ سبحانه :﴿ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ﴾ ٤٩ بخطاب الآية٥٠. وقد اختلف في الذمي هل يكون بالحرابة ناقضا للعهد أم لا ؟ على قولين : الأظهر منهما : على عموم الآية أنه لا يكون ناقضا٥١. وقد اختلف في الذي٥٢ تقتضيه الآية من الأحكام في المحاربين هل هو على ترتيب أم لا ؟ فقيل : الإمام مخير فيمن لزمته الحرابة بين أن يقتل و٥٣ يصلب، وبين أن يقتل ولا يصلب، وبين أن يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وبين أن ينفيهم من الأرض، وهو قول سعيد بن المسيب وعطاء ومجاهد والنخعي، وهذا هو المشهور من قول مالك، إلا أنه إذا قتل فلا بد من قتله عنده. واستحسن فيما لم يقتل ولا أخذ مالا أن يؤخذ فيه بأيسر العقاب، وحمل من قال هذا القول " أو " ٥٤ في الآية على التخيير. ومن حجتهم أن كل ما قال الله تعالى فيه : أفعل كذا أو٥٥ كذا فصاحبه بالخيار في فعل أي ذلك شاء ؛ مثل قوله تعالى :﴿ ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ﴾ [ البقرة : ١٩٦ ]، ومثل قوله في كفارة الأيمان :﴿ فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم ﴾ ٥٦ [ المائدة : ٨٩ ]، الآية. وقيل : هي مرتبة باختلاف٥٧ صفة المحاربين، فمن كان من المحاربين٥٨ ذا رأي أو٥٩ تدبير قتله، ومن كان ذا قوة وبطش قطع يده ورجله من خلاف ومن لم يكن ذا رأي ولا بطش عزره وسجنه٦٠. وذكر الماوردي ذلك عن مالك وطائفة من أهل المدينة٦١. وقيل : هي مرتبة باختلاف أفعالهم لا باختلاف٦٢ صفاتهم، فمن قتل وأخذ المال قتل وصلب. ومن قتل ولم يأخذ المال قتل ولم يصلب. ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف. ومن كثر وخوف ولم يقتل، ولم يأخذ مالا٦٣ عزر ولم يقطع ولم يقتل٦٤، وهو قول الحسن وابن عباس وقتادة والسدي، وهو مذهب الشافعي، ونحو هذا٦٥ حكى اللخمي عن مالك. وقال أبو حنيفة : إن٦٦ قتلوا أو أخذوا المال فالإمام بالخيار٦٧ بين قتلهم وصلبهم وبين قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ثم قتلهم، ومن كان معهم مهيبا٦٨ مكثرا٦٩ فحكمه كحكمهم. وقد اختلفت٧٠ الروايات عن أبي حنيفة، ففي٧١ رواية إذا حارب وقتل٧٢ وأخذ المال قطعت يده ورجله من خلاف وقتل وصلب، فإن هو قتل ولم يأخذ المال قتل، وإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف٧٣، إذا لم يقتل ولم يأخذ المال نفي، وهذا القول يقارب الأول في زيادة قطع٧٤ اليد والرجل مضموما إلى القتل والصلب. وروى أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم في الرجل يقطع الطريق ويأخذ المال ويقتل، أن الإمام فيه بالخيار إن شاء قطع يده ورجله من خلاف وصلبه، وإن شاء صلبه، وإن شاء صلبه ولم يقطع يده ورجله، وإن شاء قتله ولم يقطع يده ورجله من خلاف ولم يصلبه، فإن أخذ مالا ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف٧٥ و٧٦ إن٧٧ لم يأخذ مالا٧٨ ولم يقتل نفي من الأرض، ونفيه حبسه. وفي رواية أخرى أوجع٧٩ عقوبة وحبس حتى يحدث خيرا، وهو قول الحسن في رواية. وقال أبو يوسف٨٠ ومحمد : إذا اقتصروا على القتل قتلوا، وإن اقتصروا على أخذ المال قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإن٨١ أخذوا المال و قتلوا فإن أبا حنيفة يقول : الإمام٨٢ مخير بين أربع جهات٨٣ : إن شاء قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف٨٤، وإن شاء قطع وصلب، وإن شاء صلب٨٥، وإن شاء٨٦ قتل٨٧ وترك القطع. ومن حجة من رتب أن قال : لما رأينا الله تعالى بدأ بالأغلظ فالأغلظ٨٨، فبدأ بالقتل ثم الصلب٨٩، ثم القطع، ثم النفي علمنا أنه أراد الترتيب، ولو قصد التخيير لبدأ بالأخف فالأخف٩٠. ألا ترى كفارة الظهار والقتل قد بدأ٩١ فيها بالأغلظ فالأغلظ لما أراد الترتيب، وبدأ في كفارة الأيمان والأذى بالأخف فالأخف لما أراد التخيير. وهذه دعوى لا دليل عليها، بل الدليل في الآية قائم بنفسه على فسادها٩٢، ألا تراه تعالى٩٣ قال :﴿ أن يقتلوا أو يصلبوا ﴾، فبدأ بالقتل وهو أخف من الصلب فكذلك يوجب التخيير على مذهبهم بين القتل والصلب، وهو لا يقولونه٩٤، وقد قال تعالى في جزاء الصيد :﴿ هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين ﴾ [ المائدة : ٩٥ ] الآية، فبدأ بالهدي وهو أغلظ من الإطعام٩٥ والصيام، وكان كذلك على التخيير لا على الترتيب. واختلف إذا كان المال الذي أخذه المحارب أقل مما يقطع السارق هل حكمه في ذلك كحكمه في أخذ٩٦ الكثير أم لا ؟ :
فذهب قوم إلى أنه لا يقطع المحارب إلا إذا أخذ ما يقطع فيه السارق ولم ير مالك ذلك، ورأى أخذه القليل كأخذه الكثير، وذلك لأن الحرابة واقع عليه٩٧ قليلا أو كثيرا، ولم يأت في الشرع حد له٩٨ فاستحب عموم الآية في المحاربين لأنه من جملتهم ؛ وقد استدل جماعة٩٩ فقهاء قرطبة في أيام هشام بن الحكم وحاجبه المنصور محمد بن أبي عامر حين كشف عن١٠٠ عبد الملك بن منذر بن سعيد البلوطي القاضي صاحب الردة وجماعة سواه فيما أرادوا من خلع هشام وقتل محمد بن أبي عامر والاستبدال من هشام بابن عمه عبد الرحمان ابن عبد الله١٠١، ووجه بذلك كتابا لعبد الملك بن منذر إلى بعض من واعده على ذلك فأحضره١٠٢ المنصور وأحضر الكتاب١٠٣ بحضرة فقهاء قرطبة وقاضيها ابن زرب، فاعترف عبد الملك بالكتاب وأنه أراد أن يفعل ذلك، فاستفتى فيه١٠٤ : فكلهم أفتى بقتله واحتج بالآية١٠٥ :﴿ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ﴾ ١٠٦ [ المائدة : ٣٣ ] الآية، إلا أبا عمر ابن المكوي١٠٧، فقال : لا أرى قتله لأنه رجل هم بمعصية ولم يفعلها ولا جرد سيفا ولا أخاف سبيلا١٠٨ مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم " ١٠٩، فأخذ هشام بفتوى غيره من الفقهاء، فقتل عبد الملك وابن عمه عبد الرحمان بن عبد الله بن الناصر لدين الله.
١ ي (هـ): "أحسن"..
٢ ي (ب) و(ج) و(هـ): "قدمناه"..
٣ ي (هـ): "الحصن"..
٤ وله: "قال ذلك من تأول... أن توبته تقبل" ساقط في (أ)..
٥ وله: "قال ذلك من تأول الآية في المحاربين" ساقط في (هـ)..
٦ ي (ب): "توبتهم"..
٧ وله: "ورأى الاستثناء... أن توبته تقبل" ساقط في (هـ)..
٨ ي (هـ): "واختلفوا"..
٩ لا" ساقطة في (د)..
١٠ لا": ساقطة في (هـ)..
١١ ي (هـ): "كانت"..
١٢ ي (ب) و(ج) و(د): "لا قبيلة"..
١٣ له أو كانت له فئة" هذا ساقط في (هـ)..
١٤ ي (ج): "عاربا من محاربا"..
١٥ لمة ساقطة في (ب) و (ج) و(د).
١٦ لمة ساقطة في (هـ)..
١٧ وهو مذهب ابن القاسم"ساقطة في غير (هـ)..
١٨ وله: "إلا ان يكون قد... حد الحرابة"ساقط في (ج)..
١٩ ي (ج) و(د): "وهو"..
٢٠ لمة "تكون" سقطت في (هـ)..
٢١ ي (ج): "الإمام"..
٢٢ ي (ب) و(ج): "عنه ذلك"..
٢٣ "الواو" ساقطة في (ب) و(ج)..
٢٤ قوله: "وإن ترك ما هو عليه... قبل أن يأتي الإمام" ساقط في (هـ)..
٢٥ في (هـ): "وما يصيغه"..
٢٦ في (هـ): "يجب"..
٢٧ في (ج) و(د) و(هـ): "(واختلفوا"..
٢٨ في (هـ): "أحدها".
٢٩ "إلا" ساقطة في (ج) و(هـ)..
٣٠ في (ج) و(د): "الناس"..
٣١ قوله: "ويؤخذ بما سوى... حد الحرابة" سقط في (هـ)..
٣٢ "تعالى في الزنا" ساقطة في (هـ)..
٣٣ في (ج) و(د) و(هـ): "حقوق الله"..
٣٤ في (ب) و(ج) و(د): "فيؤخذون"..
٣٥ في (هـ): "من"..
٣٦ "قد" ساقطة في (ب) و(ج) و(د) و(هـ)..
٣٧ في (ب) و(د): "هذه الآية"..
٣٨ في (أ): "أنه" وفي (د) و(هـ): "أن"..
٣٩ "به"ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٤٠ كلمة "حد" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٤١ في (هـ): "الأمان"..
٤٢ في (ب): "بالمصر"..
٤٣ كلمة "يكون" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٤٤ "أنه" ساقطة في (هـ)..
٤٥ كلمة "الأول"ساقطة في (أ) و(ب) و(ج) و(د)..
٤٦ في (ج) و(د): "أن يعفوا"..
٤٧ في (ب) و(ج): "أخذوا"..
٤٨ في (أ): "بقوله"..
٤٩ في (ب): "الآية"..
٥٠ في (أ): "الآ ية"، وفي (هـ): "فخاطب الأئمة بخطاب الآية" ساقطة في (ب)..
٥١ قوله: "للعهد أم لا... لا يكون ناقضا" ساقط في (هـ)..
٥٢ في (هـ): "فيما"..
٥٣ في (أ) و(ب) و(هـ): "أو"..
٥٤ في (أ): "أن لو" في (هـ): "واو"..
٥٥ في (هـ): "واو"..
٥٦ "أهليكم" ساقطة في (ب) و(ج) و(د) و(هـ)..
٥٧ في (ج): "بخلاف"..
٥٨ "فمن كان من المحاربين" هذا ساقط في (د) و(هـ)..
٥٩ في (ب) و(هـ): "واو"..
٦٠ في (أ): "حبسه" في (ب): "حبس"..
٦١ في (هـ): "وطائفة من أهل العلم بالمدينة"..
٦٢ في (ب) و(د): "لا اختلاف" في (ج): "بخلاف باختلاف"..
٦٣ قوله: "قتل ولم يصلب... ولم يأخذ مالا" ساقط في (ب)..
٦٤ في (ب) و(ج) و(هـ): "ولم يقتل ولم يقطع"..
٦٥ في (هـ): "ونحوه"..
٦٦ في (ب): "واو" في (ج) و(د): "أو"..
٦٧ في (هـ): "مخيرين"..
٦٨ في (هـ): "مهبا"..
٦٩ في (ج) و(د): "أو مكثرا"..
٧٠ في (ب) و(ج) و(د): "اختلف"..
٧١ في (هـ): "في"..
٧٢ في (أ): "فقتل"..
٧٣ قوله: "وقتل وصلب... ورجله من خلاف" ساقط في (ب)..
٧٤ في (ب) و(ج): "قتل"..
٧٥ قوله: "ولم يصلبه... من خلاف" ساقط في (ب) و(ج) و(د)..
٧٦ "الواو": ساقطة في (ج)..
٧٧ "إن"ساقطة في (ب) و(ج)..
٧٨ "مالا" ساقطة في غير (ب) و(ج) و(هـ)..
٧٩ في (ب): "أرضع"..
٨٠ في (ج): "يوسف"..
٨١ في (ب) و(ج): "فإن"..
٨٢ في (ب): "أن الإمام"..
٨٣ في (هـ): "خصال"..
٨٤ "من خلاف" ساقطة في غير (د)..
٨٥ كلمة "وإن شاء صلب" ساقطة في (ب)..
٨٦ كلمة "صلب وإن شاء" ساقطة في (ج)..
٨٧ كلمة "صلب وإن شاء قتل"ساقطة في (د)..
٨٨ كلمة "فالأغلظ"ساقطة في (ب) و(ج) و(د) و(هـ)..
٨٩ كلمة "ثم صلب" ساقطة في (ب) و(ج) و(د) و(هـ)..
٩٠ كلمة "فالأخف" ساقطة في (ب)..
٩١ كلمة "قد بدأ" بياض في (ب)..
٩٢ في (أ) و(هـ): "فساده"..
٩٣ كلمة "تعالى" ساقطة في (هـ)..
٩٤ في (هـ): "لا يقولون به"..
٩٥ في (أ) و(ب) و(ج) و(د): "الطعام"..
٩٦ كلمة "في أخذ"ساقطة في (هـ)..
٩٧ في (ب) و(ج) و(د) و(هـ): "عليه واقع"..
٩٨ في (هـ): "له حد"..
٩٩ في (هـ): "جملة"..
١٠٠ في (ب) و(هـ): "على"..
١٠١ "ابن عبد الله" ساقط في (د)..
١٠٢ في (د): "فأحضر"..
١٠٣ في (هـ): "الفقهاء"..
١٠٤ في (ب) و(ج) و(د): "فيهم"..
١٠٥ في (هـ): "واحتج بقوله تعالى"..
١٠٦ كلمة "الآية" سقطت في (هـ)..
١٠٧ في (ب): "أبو عمر ابن المكري"في (ج) و(د): "أبا عمرو المكرومي" في (هـ): "أبا عمر ابن المكوي"..
١٠٨ في (ب): "ولا خالف سبيلك"..
١٠٩ أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الحدود، باب٤، ص٥٤٠..
٣٨- قوله تعالى :﴿ والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكلا من الله ﴾ إلى قوله :﴿ فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم ﴾ :
اختلف في هذه الآية هل هي١ عامة أو مجملة ؟
فالأكثر أنها عامة، وذهب قوم إلى أنها مجملة، وقال قوم : كانت عامة فخصص منها أشياء، والعموم إذا خصص منه شيء بقي٢ مجملا. وهذا غير صحيح وفي كتب الأصول الشفاء من هذا. وإذا قلنا بالعموم فإنما يجري حكم الآية على كل من يقع عليه اسم السارق إلا أن يقوم دليل على تخصيصه.
من ذلك أن ظاهر الآية يقتضي أن يقطع السارق٣ كان مضطرا إلى السرقة من جوع٤ يصيبه أو غير مضطر إلا٥ أنه قد اتفق مالك وأصحابه أنه٦ لا يقطع من سرق على تلك الحال تخصيصا له من العموم بما دلت عليه الآيات من تحليل الميتة للمضطر. ومن٧ ذلك أن ظاهر الآية لا يقتضي أن السرقة يقطع فيها من حرز كانت أو غير حرز. وقد اختلف في ذلك : فأخذ قوم بهذا الظاهر وهم أهل الظاهر، فقالوا : من سرق ربع دينار أو قيمته فعليه القطع، سرق من حرز أو من٨ غير حرز، إذا أخذه من ملك٩ مالك لم يأتمنه عليه ؛ لأن الله تعالى أمر بالقطع السارق عموما، فبين النبي صلى الله عليه وسلم المقدار الذي يقطع فيه ولم١٠ يبين الحرز١١.
وذهب الجمهور إلى اعتبار الحرز، وقالوا : إن النبي صلى الله عليه وسلم قد نص على اعتبار الحرز، وقال : " لا قطع في ثمر معلق ولا حريسة١٢ جبل، فإذا أواه المراح أو الجرين١٣ فالقطع فيما يبلغ ثمن المجن " ١٤، وقالوا هذا مخصص١٥ لعموم الآية.
ورأى بعضهم أن الآية تدل على اعتبار الحرز، ولا يحتاج إلى خبر١٦ يخصص١٧ به العموم، وذلك أن الله تبارك وتعالى إنما أمر بقطع السارق، والسرقة مأخوذ من المسارقة، فلا يكون الرجل سارقا إلا فيما أخذ مما أخفي عنه وأحرز دونه مسارقة عن العيون وعن أهله. وأما ما أهمل بغير حرز أو ائتمن عليه، فليس آخذه سارقا وإنما هو مختلس أو خائن لصاحبه، فإذا اعتل بهذا في سقوط القطع عمن سرق من غير حرز، فالعلة فيه أنه ليس بسارق، فأمر الله تعالى بقطع يد السارق غير متناول له.
وإذا قلنا : إنه سارق وإنما أسقطنا عنه القطع بالسنة المخصصة لعموم الآية، فأمر الله تعالى متناول له بعمومه١٨، وهذا الذي قاله بعضهم ضعيف١٩، لأن المسارقة موجودة فيمن يأخذ من غير حرز إذا أخذه من غير أن يشعر به، وجمهور الناس على أن القطع لا يكون إلا على من أخرج السرقة من الحرز ؛ لأنه٢٠ ما لم يخرجها فلم يسرقها بعد. وقال الحسن بن أبي الحسن : إنه يقطع وإن أخذ من الحرز. والقول الأول أظهر لما٢١ قدمناه.
ومن ذلك أن ظاهر الآية يقتضي قطع٢٢ السارق سرق قليلا أو كثيرا. وقد اختلف في ذلك على اثني عشر قولا :
- فذهب طائفة وهم أهل الظاهر إلى إيجاب القطع في القليل والكثير على ظاهر الآية، واحتجوا لذلك أيضا بقوله عليه الصلاة والسلام٢٣ :
" لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده " ٢٤.
- وذهب قوم إلى أنها لا تقطع في أقل من ثلاثة دراهم٢٥.
- وذهب قوم إلى أنها لا تقطع في أقل من أربعة دراهم.
- وذهب قوم إلى أنها لا تقطع في أقل من خمسة٢٦ دراهم
- ومنهم من قال : لا تقطع في اقل من عشرة دراهم٢٧
- ومنهم من قال : لا تقطع في أقل من أربعين درهما.
- ومنهم من قال : لا تقطع في أقل من ربع دينار أو ثلاثة دراهم، وهذا قول مالك ومن تابعه، وهو أصح الأقوال وأجراها مع ظواهر الآثار المخصصة لما يقتضيه عموم الآية.
والحديث الذي احتج به أهل الظاهر متأول٢٨ على غير ما ر واه، وهو يحتمل٢٩ وجهين : إما أن يريد بالبيضة٣٠ بيضة الحديد، وبالحبل٣١ حبل السفينة. وإما أن يريد بقوله ذلك التحقير والتقليل٣٢ لسرقة السارق وإن كان يسرق كثيرا٣٣ كما قيل٣٤ في العقيقة : " أنها تستوجب ولو بعصفور٣٥ "، وهذا كثير في كلام العرب.
واختلف في الذمي والعبد يسرقان هل يقطعان أم لا ؟ فالجمهور على أنهما يقطعان. وذهب بعضهم٣٦ إلى أنهما لا يقطعان. وقال بعضهم : العبد الآبق لا يقطع خاصة. والحجة لقول الجمهور عموم الآية، فمن ادعى التخصيص فعليه الدليل، وقد اختلف في المختلس هل يقطع أم لا ؟ والأكثر على أنه لا يقطع، لأنه ليس بسارق، والله تعالى إنما أمر بقطع السارق خاصة. قال أبو٣٧ عمر بن عبد البر : ولا أعلم أحدا أوجب في الخلسة٣٨ القطع إلا إياس بن معاوية.
واختلف أيضا فيمن استعار شيئا فحجزه٣٩ هل يقطع أم لا ؟ والأكثر على أنه لا يقطع لأنه أيضا ليس بسارق، ولا يجب القطع إلا على سارق٤٠. وأما حديث المخزومية٤١ التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم٤٢ بقطعها فقد اضطربت الأحاديث في أمرها ففي بعضها أنها سرقت، وفي بعضها يسقط٤٣ ذلك، فلا حجة٤٤ فيه.
واختلف في نبّاش القبور، فذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يقطع٤٥، وذهب مالك إلى أنه يقطع لأنه سارق، وقد قال الله تعالى :﴿ والسارق والسارقة ﴾ الآية٤٦. وقال أبو عمر بن عبد البر : احتج٤٧ من رأى القطع بقول الله تعالى :﴿ ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا ﴾ [ المرسلات : ٢٥، ٢٦ ]، وأن النبي صلى الله عليه وسلم٤٨ سمى القبر بيتا، وليس في هذا كله ما يوجب تسليم القطع٤٩ وقد روي عن ربيعة بن عبد الرحمان أن النباش كالمحارب، وروي عن عبد الله٥٠ بن زياد أنه صلب نباشا، وليس في ابن زياد أسوة ولا أبيه قبله. واختلف فيما يوجب فيه القطع من الأموال التي تتمول ويحل بيعها فذهب أبو حنيفة إلى أنه يقطع فيها إلا٥١ فيما يسرع إليه الفساد٥٢ منها يريد الطعام. وذهب الشافعي إلى أنه يقطع أيضا٥٣ فيها كلها إلا فيما كان منها٥٤ مباح الأكل كالماء٥٥، والحطب والكلأ. وذهب مالك٥٦ رحمه الله تعالى٥٧ ومن تابعه إلى أنه يقطع فيها كلها سواء كان مما٥٨ يسرع إليه الفساد أم لا، وسواء كان مباح الأكل أم لا. وحجة مالك رحمه الله تعالى٥٩ عموم الآية :﴿ والسارق والسارقة ﴾ الآية، فلا يخص شيء منه٦٠ إلا بدليل لا يعارضه دليل أولى منه.
واختلف فيمن سرق خمر الذمي، فذهب مالك رحمه الله تعالى٦١ ومن تابعه إلى أنه لا يقطع وعليه القيمة. وذهب عبد الملك إلى أنه لا يقطع ولا يلزم٦٢ فيه٦٣ قيمة٦٤. وذهب عطاء إلى أنه يقطع، وكأنه٦٥ رأى عموم الآية يشمله.
واختلف فيمن سرق حرا صغيرا أو أعجميا كبيرا، فعن مالك٦٦ في قطعه٦٧ روايتان، وبأنه لا يقطع٦٨. قال الشافعي وأبو حنيفة : ولو كان على الصبي حلي فيه مائة مثقال لم يقطع. قال ابن المنذر : وهذا خلاف ظاهر كتاب الله تعالى٦٩، ومن ادعى القطع في شيء من ذلك فحجته عموم الآية.
وكذلك اختلفوا فيمن سرق عبدا٧٠ صغيرا، فإنه لا يقطع عند أبي حنيفة. وقال الشافعي : يقطع تعلقا بعموم الآية٧١. واختلفوا أيضا فيمن سرق مصحفا. فقال أبو حنيفة : لا يقطع، وقال الشافعي : يقطع تعلقا بعموم الآية٧٢.
واختلفوا٧٣ فيما يجوز ملكه دون بيعه٧٤ هل تقطع يد سارقه أم لا ؟ كالكلب ولحم الأضحية٧٥. فقال أشهب : تقطع. وقال ابن القاسم وأصبغ٧٦ : لا تقطع. وحجة من يرى القطع عموم الآية.
واختلف فيمن سرق قناديل المسجد أو شيئا من أستار الكعبة، فعندنا أنه لا يقطع، وهو قول أبي حنيفة. وقال بعضهم : إن سرق ليلا٧٧ قطع وإلا لم٧٨ يقطع. وقال الشافعي : يقطع أخذا٧٩ بعموم الآية.
واختلف فيمن سرق من بيت المال هل يقطع أم لا ؟ على قولين فقيل : لا يقطع لأن له فيه حظا. وقيل : يقطع تعلقا بعموم الآية.
واختلف إذا سرق مالا فقطعت يده، ثم سرق ذلك المال بعينه مرة أخرى هل تقطع رجله ؟ فقال أبو حنيفة : لا تقطع رجله٨٠ وقال مالك : تقطع تعلقا بعموم الآية.
واختلف في العبد يسرق من مال سيده أو سيدته، فالجمهور على٨١ أنه لا يقطع. وقال أبو ثور وأهل الظاهر : يقطع لظاهر قوله تعالى :﴿ والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ﴾ ٨٢، وقد جاء عن عمر رضي الله تعالى عنه ما يرد هذا، قال : خادمكم سرق متاعكم، ولم يقطع العبد، وذلك بمحضر الصحابة، ولم ينكر أحد منهم.
واتفق الجمهور فيما٨٣ علمت، على أن الأبوين لا يقطعان في سرقتهما٨٤ من مال الابن فهما٨٥ مخصصان من عموم الآية.
وذكر عن أبي ثور أنه قال : يقطع كل من سرق إلا أن يجمعوا على أحد فيسلم للإجماع٨٦. فأما الأجداد والجدات فيهما عن مالك قولان.
وأما الابن يسرق من٨٧ مال أبيه، فعند مالك وابن القاسم أنه يقطع. وعند ابن وهب وأشهب أنه لا يقطع. وحجة من لا يرى القطع في شيء من ذلك عموم الآية.
واختلف٨٨ في الزوج والزوجة، فقيل : يقطع كل واحد منهما في سرقة صاحبه٨٩ وقيل : لا يقطعان. والقولان في المذهب لمالك٩٠ وقيل : إنه يقطع الزوج ولا تقطع الزوجة، وهو أحد قولي الشافعي٩١. وحجة من يرى القطع العموم٩٢ وأما ما عدا هؤلاء من٩٣ القرابة كالأخوة والأعمام والأخوال وغيرهم. فعندنا أن القطع واجب فيهم٩٤ على من سرق. وذهب أبو حنيفة إلى أن لا قطع على من سرق من ذوي رحم محرم. والحجة عليه٩٥ عموم الآية كما قدمناه٩٦.
واختلف في السارق إذا لم توجد السرقة عنده قائمة وأقيم عليه الحد هل يتبع بها أم لا ؟ فذهب مالك رحمه الله تعالى٩٧ إلى أنه٩٨إن كان متصل اليسر ضمن قيمة السرقة، وإن كان عديما أم٩٩ أعدم في بعض المرة لم يلزمه غرمها.
أيضا لا يتبع بها في اليسر ولا في العدم، وهو قول أبي حنيفة، وقد ذكر عن مالك نحوه. وقيل : إن المسروق منه مخير بين أن١٠٠ يقطع ولا يتبع بشيء وبين أن يتبع ولا يقطع. وقد نسب هذا القول لأبي حنيفة. وقيل : يتبع في اليسر والعسر١٠١، وهو قول الشافعي ويرد هذا القول قوله تعالى :﴿ والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ﴾ ولم يوجب سوى ذلك. ويرد القول بالتخيير أيضا قوله تعالى :﴿ فاقطعوا أيديهما ﴾، ولم يجعل في ذلك خيارا لأحد وإنما هو حد من حدود الله تعالى١٠٢.
فالمسائل المتعلقة بهذه الآية لا تنحصر، وإنما ذكرت منها ما ذكرت تعريفا بمأخذ الأحكام م الألفاظ١٠٣، وليستدل١٠٤ بها على غيرها.
وقوله تعالى :﴿ فاقطعوا أيديهما ﴾ :
اليد عند العرب من الأصابع إلى المنكب، وبحسب ذلك اختلف في القطع من أين يكون ؟ فالجمهور على أنه من الكوع، خلافا لمن قال من الأصابع أو من المرافق أو الإبط، لأن اليد وإن١٠٥ كان يقع على ذلك كله فإن فعل النبي صلى الله عليه وسلم أزال ذلك الاحتمال وبين أن القطع من الكوع١٠٦. وذكر١٠٧ بعضهم : أن إطلاق اسم اليد إنما يتعارض مع الكوع، قال : وقوله تعالى١٠٨ :﴿ وأدخل يدك في جيبك ﴾ [ النمل : ١٢ ]، يدل على ذلك، لأنه ممتنع أن يدخل يده١٠٩ إلى المرفق، وإن كان يقع على ذلك كله.
وإذا قلنا : إنه يقطع من الكوع فبأي يد يبدأ اليمنى أو اليسرى ؟ فذهب الجمهور إلى أنه يبدأ باليمنى. وذهب بعضهم إلى أن الابتداء باليسرى والآية محتملة للقولين إلا أنه قد١١٠ جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ما١١١ بين المراد بذلك١١٢ وذلك أنه عليه الصلاة والسلام١١٣ ابتدأ في القطع باليمنى١١٤ ويزيد هذا وضوحا قراءة من قرأ :﴿ فاقطعوا أيمانهما ﴾ ١١٥. واختلف على القول بأن تقطع اليمنى أ
١ "هي"ساقطة في (هـ)..
٢ في (ب) و(د): "يلفى": وفي (ج): "يبقى"..
٣ قوله: "إلا أن يقوم دليل... يقطع السارق" ساقط في (هـ)..
٤ في (ب) و(ج) و(د): "الجوع"..
٥ في (ب): "إلى"..
٦ في (ب): "إلى أنه"..
٧ في (ب) و(هـ): "وفي"..
٨ حرف الجر ساقط في (ب) و(ج) و(د).
٩ كلمة "ملك" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
١٠ كلمة "لم"ساقطة في (ب)..
١١ انظر صحيح البخاري: كتاب الحدود، باب٣، ص ١٦ و ١٧، وصحيح مسلم: كتاب الحدود، باب ١، ص ١٣١٢ – ١٣١٣، وسنن أبي داود: كتاب الحدود، باب ١١، ص ٥٤٥ – ٥٤٦، وانظر كذلك سنن الترميذي: كتاب الحدود، باب ١٦، ص ٥٠، وسنن ابن ماجه: كتاب الحدود، باب٣، ص ٨٦٢، سنن الدارمي: كتاب الحدود، باب ٤، ص ٥٦٨، وسنن النسائي، كتاب قطع السارق، باب ٩، ص ٧٧ و ٧٩، ومسند الإمام أحمد، ج٦، ص ٣٦ و ٨٠..
١٢ "حريسة" بياض في (ب)..
١٣ "الجرين" بياض في (ب)..
١٤ في (أ) من "المجن" والحديث، أخرجه النسائي في سننه: كتاب قطع السارق، باب ١١ و ١٢، ص ٨٤ – ٨٥، وأبو داود في سننه: كتاب الحدود، باب ١٢، ص ٥٥٠ – ٥٥١، وابن ماجه، في سننه: كتاب الحدود، باب ٢٨، ص ٨٦٥ – ٨٦٦، والإمام مالك في موطئه، كتاب الحدو د، باب٦، ص ٨٣١..
١٥ في (هـ): "مخصوص"..
١٦ في (ج): (غير) في (د): "حين"..
١٧ في (د): "مخصوص"..
١٨ في (هـ): "لعمومه"..
١٩ في (ب) و(ج) و(د): "وهو ضعيف"..
٢٠ في (ب): "لأنها"..
٢١ في (ج): "والقول الأظهر ما"..
٢٢ كلمة "قطع" ساقطة في (هـ)..
٢٣ في (ب): "عليه السلام"..
٢٤ قوله: "ويسرق الحبل فتقطع يده" ساقط في (ب). صحيح البخاري: كتاب الحدود، الباب١٤، واللفظ له وفي صحيح مسلم: كتاب الحدود، باب١، ص ١٤١٤، وفي سنن ابن ماجه: كتاب الحدود، باب ٣، ص ٨٦٢، واللفظ له. وفي سنن النسائي: كتاب القطع السارق، باب ١، ص ٦٥..
٢٥ في (ج): "وذهب قوم إلى أنها لا تقطع في أقل من خمسة دراهم ومنهم من قال ثلاث"..
٢٦ في (هـ): "ستة"..
٢٧ قوله: "ومنهم من قال: لا تقطع في اقل من عشرة دراهم" ساقط ف (هـ)..
٢٨ في (هـ): "فتأول"..
٢٩ في (هـ): "فاحتمل"..
٣٠ الجار والمجرور ساقط في (ج) و(د)..
٣١ كلمة "وبالحبل" ساقط في (ج) و(د)..
٣٢ في (ج) و(هـ): "التقليل والتحفز"..
٣٣ في (هـ): "قليلا"..
٣٤ كلمة "قيل" ساقطة في (ب)..
٣٥ "بعصفور" ساقط في (هـ): (انظر تنوير الحوالك شرح على الموطأ مالك. كتاب العقيقة، باب العمل في العقيقة، ج٢، ص ٤٦..
٣٦ في (ج) و(د): "ونسب لبعضهم"..
٣٧ "أبو" ساقطة في (ج) و(د)..
٣٨ في (ب) و(ج) و(د): "الحليسة"..
٣٩ في (هـ): "ثم حجزه"..
٤٠ في (هـ): "السارق"..
٤١ انظر صحيح البخاري: كتاب الحدود، باب١٢، ص ١٦، وكتاب فضائل الصحابة، باب ١٨، ص ١٢٣ – ١٢٤، وصحيح مسلم: كتاب الحدود، باب٢، ص ١٣١٥ – ١٣١٦، وسنن أبي داود: كتاب الحدود، باب ٤، ص ٥٣٨ – ٥٣٩، وسنن الترمذي: كتاب الحدود، باب٦، ص ٣٧ – ٣٨، وسنن ابن ماجه: كتاب الحدود، باب٦، ص ١٨٥١، سن الدارمي: كتاب الحدود، باب٥، ص ٥٦٩، وسنن النسائي: كتاب قطع السارق، باب٥، ص ٧٠ و٧٤، ومسند ابن جبل، ج٦، ص ١٦٢..
٤٢ في (ب): "أمر الله عليه السلام" في (هـ): "أمر عليه السلام"..
٤٣ في (هـ): "بسقوط"..
٤٤ في (هـ): "ولا حجة"..
٤٥ "فذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يقطع" ساقط في (هـ)..
٤٦ كلمة "الآية" ساقط في (ب) و(هـ)..
٤٧ كلمة "احتج"ساقطة في (د) و(هـ)..
٤٨ في (هـ): "وأن الله تعالى"..
٤٩ كلمة "القطع" ساقطة في (هـ)..
٥٠ في (ج): "عبد الله"..
٥١ "فيها إلا" ساقطة في (هـ)..
٥٢ قوله: "إلا فيما يسرع إليه الفساد" ساقط في (د)..
٥٣ كلمة "أيضا" ساقطة في (هـ)..
٥٤ كلمة "منها" ساقطة في (هـ)..
٥٥ في (د): "كالملك"..
٥٦ في (ج) و(د): "نسب لمالك"..
٥٧ كلمة "تعالى" ساقطة في (هـ)..
٥٨ في (ب): (ما) وقد سقطت كلمة "مما" في (د) و(هـ)..
٥٩ كلمة "تعالى" ساقطة في (هـ)..
٦٠ في (هـ): "منها"..
٦١ كلمة "تعالى" ساقطة في (هـ)..
٦٢ في (هـ): "لا تلزمه"..
٦٣ "فيه" ساقط في (هـ)..
٦٤ في (هـ): "القيمة"..
٦٥ في (هـ): "فكأنه"..
٦٦ في (ب): "فمالك"..
٦٧ في (هـ): "فعن مالك فيه"..
٦٨ في (هـ): "لعدم القطع"..
٦٩ كلمة "تعالى" ساقطة في (ج) و(د) و(هـ)..
٧٠ في (ج): "مصحفا"..
٧١ قوله: "وكذلك اختلفوا... بعموم الآية" ساقط في (ج)..
٧٢ قوله: "واختلفوا... تعلقا بعموم الآية" ساقط في (هـ)..
٧٣ في (ب): "واختلف..
٧٤ في (هـ): "فيمن يجوز بيعه دون ملكه"..
٧٥ في (ب) و(د): "الضحية" في (ج): "أضحية"..
٧٦ كلمة "أصبغ"ساقطة في (هـ)..
٧٧ في (أ) و(ب) و(ج) و(د) و(هـ): "ذلك ليلا"..
٧٨ في (ب) و(د): "أو لم"..
٧٩ كلمة "أخذا" ساقطة في (هـ)..
٨٠ كلمة "رجله" ساقطة في (ج)..
٨١ "على" ساقطة في (هـ)..
٨٢ في (هـ): "يقطع لعموم الآية"..
٨٣ "فيما" ساقطة في (د)..
٨٤ في (ب) و(ج) و(د) و(هـ): "في السرقة"..
٨٥ في (ب) و(ج) و(د): "مجملا"..
٨٦ في (ج) و(د): "الإجماع"..
٨٧ "من" ساقطة في (د)..
٨٨ في (ب) و(ج) و(د): "واختلفوا"..
٨٩ كلمة "في سرقة صاحبه" ساقطة في (هـ)..
٩٠ في (هـ): "هي لمالك"..
٩١ كلمة "الشافعي" ساقطة في (هـ)..
٩٢ في (هـ): "عموم الآية"..
٩٣ "من" ساقطة في (ج) و(د)..
٩٤ في (أ) و(ب) و(ج) و(د): "فيهم واجب" وفي (هـ): "فيه واجب"..
٩٥ في (هـ): "عليهم"..
٩٦ في (هـ): "قدمناه"..
٩٧ كلمة "تعالى" ساقطة في (ج) و(د) و(هـ)..
٩٨ كلمة "إلى أنه" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٩٩ في (أ) و(ب) و(ج): "أو"..
١٠٠ كلمة "أن" ساقطة في (هـ)..
١٠١ في غير (هـ): "والعدم".
١٠٢ كلمة "تعالى" ساقطة في (ج) و(هـ)..
١٠٣ في (ب) و(ج) و(د):"لا من الألفاظ".
١٠٤ في (ب) و(ج): "ويستدل"..
١٠٥ في (ج): "ولو"..
١٠٦ ابن أبي شيبة من مرسل رجاء بن حيوة أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع من المفصل. فتح الباري شرح صحيح البخاري، ، كتاب الحدود، ص ٩٩..
١٠٧ في (ب) و(ج) و(هـ): "وقد ذكر"..
١٠٨ كلمة "تعالى" ساقطة في (أ)..
١٠٩ في (هـ): "بيده"..
١١٠ في (أ) و(د): "إلا أنه ما" وفي (هـ): "لا أن ما"..
١١١ "ما" ساقطة في (ج) و(د)..
١١٢ في (أ) و(ج): "بالآية" وفي (هـ): "في الآية"..
١١٣ في (ب) و(هـ): "عليه السلام"..
١١٤ في (ب): "باليسرى"..
١١٥ ورد في تعليق ابن حجر العسقلاني: "أن أول شيء يقطع من السارق اليد اليمنى وهو قول الجمهور وقد قرأ ابن مسعود: "فاقطعوا أيمانهما" فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الحدود، ص٩٩..
٣٩ وقوله تعالى :﴿ فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم ﴾ :
اختلف في توبة السارق وإصلاحه ما هما ؟ فقيل : توبته ندمه على ما مضى، وإقلاعه في المستقبل١ وإصلاحه٢ برد السرقة إن أمكنه أو بانفاقها في سبيل الخيرات٣ إن لم يمكنه، وإصلاحه أيضا في سائر أعماله، فإن الله يتوب عليه ويذهب عنه حكم السرقة فيما بينه وبينه. قال مجاهد : التوبة والإصلاح أن يقام عليه الحد٤. وقد اختلف في السارق٥ يتوب قبل أن يصير إلى الحاكم هل يسقط عنه الحد أم لا ؟ فعندنا أنه لا يسقط. وذهب الشافعي إلى أنه يسقط، وكأنه تأول هذه الآية على ذلك، وقاس توبة السارق على توبة المحارب، وليس ذلك عندنا كذلك٦ ؛ لأن ترتيب الكلام في آية السرقة وآية المحاربين يدل على ذلك لأنه تعالى أمر السارق بإقامة الحد عليه، ثم عقب بذكر التوبة٧ لا تسقط الحد وإن أسقطت عنه٨ الإثم إذا صحت توبته وذكر تعالى إقامة الحد على المحاربين ثم استثنى منهم٩ من١٠ تاب١١، فمن تاب منهم١٢ لا يقام١٣ عليه، فقال :
﴿ إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ﴾ الآية. وهاتان الآيتان أصل في أن تقبل التوبة من المرتد، ومن كل معلن١٤ بما كان عليه. ولا تقبل توبة الزنديق والساحر والزاني والشارب١٥ ومن١٦ أشبههم من المستترين١٧ بما كانوا عليه إذا كشفتهم البينة لأنهم يتهمون أن يكون ذلك منهم١٨ تحيلا لإسقاط الحدود عنهم١٩.
١ في (ب) و(ج) و(د) و(هـ): "في المستأنف"..
٢ كلمة "وإصلاحه"ساقطة في (هـ)..
٣ في (هـ): "الخير"..
٤ في (ب): "قال مجاهد: التوبة والإصلاح أنه لا يسقط أن يقام عليه الحد"..
٥ الجار والمجرور ساقط في (هـ)..
٦ في (ب): "وليس عندنا ذلك كذلك"..
٧ في (هـ): "السرقة"..
٨ "عنه" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٩ كلمة "منهم" ساقطة في (هـ)..
١٠ في (ج): "لمن" وفي (د): "بمن"..
١١ "من تلب" ساقط في ()..
١٢ قوله: "فمن تاب منهم" ساقطة في (ج) و(د) و(هـ) و"منهم" ساقطة في (ب)..
١٣ في (د): "لا يقع" وفي (هـ): "فلا يقام"..
١٤ في (ج): "معلق"..
١٥ في (ج) و(د) و(هـ): "ولا الساحر ولا الزالني ولا الشارب"..
١٦ في (ج): "وما"..
١٧ في (أ): "مستهزئين" في (ب) و(ج): "مستهزئين" في (د): "المستهترين"..
١٨ "منهم" ساقطة في (ب) و(د)..
١٩ في (هـ): "لإسقاط الحد عليهم" و"عنهم"ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٤٢ قوله تعالى :﴿ سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم ﴾ ١ الآية.
اختلف٢ في تفسير٣ السحت، فقيل : الرشاوي، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :﴿ السحت الرشوة في الحكم ﴾، ٤ وروي عن ابن مسعود أنه قال : السحت أن يقضي الرجل لأخيه حاجة فيهدي٥ إليه٦ هدية فيقبلها. وروي عن علي رضي الله تعالى عنه، قال : السحت٧ الرشوة في الحكم ومهر٨ البغي وعسيب الفحل وكسب الحجام وثمن الكلب وثمن الخمر وثمن الميتة وحلوان الكاهن والاستعجال في المعصية٩. وقال بعضهم : السحت هنا الحرام، وأصله في اللغة الاستئصال من قولهم : أسحته الله أي استأصله، وهو راجع إلى معنى الهلاك. وكذلك الحرام مهلك أهله، فأخذ الرشوة من هذا، وكذلك الهدية على الحكم، فإن الحاكم يجب عليه إظهار الحق، فما أخذ عليه فهو رشوة، ومن أجل هذا منع الشافعي الصلح على الإنكار ؛ لأن١٠ الذي ينكر إذا جعل القول قوله، فكأنه بما بذله من المال يدفع الظلم عن نفسه فهو كالرشوة على فعل واجب أو رفع ظلم. ومن هذا القبيل من يستشفع به إلى السلطان١١ يتقي شره فيدفع إليه على ذلك رشوة، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي١٢.
وقوله تعالى :﴿ فاحكم بينهم أو أعرض عنهم ﴾ :
اختلف في١٣ هذه الآية، هل هي محكمة أم منسوخة ؟ فذهب قوم إلى أنها محكمة، وأن الإمام مخير في الحكم بينهم إذا تحاكموا إليه، وهو قول مالك والمشهور من قول الشافعي. وذهب قوم إلى أنها منسوخة وأنه١٤ يحرم ترك١٥ الحكم بينهم، وأن الإمام١٦ لا يكون مخيرا في ذلك١٧. والناسخ قوله تعالى :﴿ وأن احكم بينهم بما أنزل الله ﴾ ١٨ وقوله :﴿ فاحكم بينهم بما أنزل الله ﴾ [ المائدة : ٤٨ ]، وأنه لا يجوز للإمام ردهم إلى حكامهم١٩ إذا حكموه، وإنما كان ذلك التخيير في أول الإسلام ليكون ذلك أدعى لقلوبهم وأقرب، ثم نسخ بما ذكرناه. وقد قال عمر بن عبد العزيز والزهري والشافعي في أحد قوليه في معنى٢٠ قوله تعالى :﴿ حتى يعطوا الجزية عن يد وهو صاغرون ﴾ [ التوبة : ٢٩ ]، إنه٢١ أن٢٢ تجري عليهم أحكام المسلمين فيجب أن لا يرادوا إلى حكامهم٢٣. وهذا القول في الآية. بعيد لأن النسخ حكم مبتدأ لا يكون معطوفا٢٤ على٢٥ ما قبله، فعطف هاتين الآيتين على آية التخيير يدل على أنهما غير ناسختين لآية التخيير. والذين ذهبوا إلى٢٦ القول الأول اختلفوا٢٧ في تأويل الآيتين اللتين ذكر أنهما٢٨ ناسخان. فقيل : إن قوله تعالى :﴿ وأن احكم بينهم بما أنزل الله ﴾ وقوله :﴿ فاحكم بينهم بما أنزل الله ﴾، معناه : فيما يتظالمون به بينهم. وقيل : إن المراد أن أحكم بينهم إن حكمت، فهي على ما توجبه الآية الأخرى من التخيير. وقيل : إن الآية الأولى تضمنت التخيير في الحكم، وأنه عليه الصلاة والسلام٢٩ إن اختار الحكم حكم بينهم بحكم التوراة، وهو المراد بقوله :﴿ فاحكم بينهم بالقسط ﴾ [ المائدة : ٤٢ ]، وبقوله تعالى٣٠ :﴿ وأن احكم بينهم بما أنزل الله ﴾ [ المائدة : ٤٩ ] – أي في التوراة – إن حكمت ثم نسخ ما فيها من الحكم بالتوراة بقوله عز و جل :﴿ فاحكم بينهم بما أنزل الله ﴾ [ المائدة : ٤٨ ]، معناه٣١ : بما أنزل الله عليك٣٢ في القرآن٣٣ إن حكمت. قالوا : فالآية ناسخة للحكم بالتوراة٣٤ لا للتخيير في الحكم، إذ قد أجمع٣٥ أهل العلم على أنه لا يجوز الحكم بينهم٣٦ إلا بما في القرآن. وقال أبو الحسن : يحتمل أن يكون آية الإعراض عنهم قبل ضرب الجزية عليهم ؛ لأنهم لم يكونوا حينئذ داخلين في حكم الإسلام، وإنما كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم هدنة في أن لا يتعرض لهم ولا يؤخذون بشيء٣٧ من أحكام٣٨ الإسلام، فلما أمر الله تعالى بأخذ الجزية منهم وجرت عليهم أحكام الإسلام أمرنا بالحكم بينهم، فيكون حكم الآيتين جميعا حكما٣٩ ثابتا غير منسوخ، ففرق بين أهل العهد والذمة. والأصح أنهما سواء، فيتحصل من هذا أن ما تظالموا فيه متفق على أن الإمام يحكم بينهم٤٠ فيه، وإن لم يحكموه، ويكف بعضهم عن بعض، ويكف غيرهم أيضا عنهم ؛ لأنهم إنما بذلوا الجزية على ذلك، فهو٤١ من الوفاء لهم، ولا خلاف في ذلك بين أحد من أهل العلم، وأن ما سوى ذلك من الأحكام إذا تحاكموا إلينا فيه، ففيه٤٢ قولان، أحدهما : التخيير في الحكم. والثاني : إيجاب الحكم. وإذا لم يتحاكموا إلينا بدليل أنه لا يحكم بينهم في شيء ويردون فيه إلى أهل دينهم، وقد قيل : إنه يجب أن يحكم عليهم في الحدود شاؤوا أو أبوا وإن لم يحكمونا ولا رضوا بحكمنا، وهذا القول ترده آية التخيير على ما قدمنا. ففي الحدود التي يجب على الإمام أن يحكم فيها بين٤٣ المسلمين، وإن لم يترافعوا إليه، ثلاثة أقوال في أهل الذمة، أحدها : أنه يجب على الإمام أن يحكم بينهم فيها وإن لم يحكموه، وهو قول ضعيف. والثاني : لا يجب عليه إلا أن يحكموه. وقد قدمنا وجه رده. والثالث : أن ذلك لا يجب عليه وإن حكموه، وهذا القول هو الذي تعضده آية التخيير. وفي البيوع والنكاح والمعاملات وما أشبه ذلك مما لا يجب على الإمام أن يحكم بين٤٤ المسلمين فيه إلا أن يترافعوا إليه قولان، ، أحدهما : أنه يجب عليه أن يحكم بينهم فيها إذ ترافعوا إليه ورضوا بحكمه.
والثاني : وهو مذهب مالك الذي تعضده الآية أن ذلك ليس عليه بواجب وله أن يحكم أو يترك، وإذا رضي أحد الخصمين٤٥ منهم٤٦ بحكم المسلمين وأبى٤٧ الآخر فلا يحكم بينهم بحكم٤٨ المسلمين، لأن٤٩ الله تعالى إنما قال :﴿ فإن جاءوك ﴾ يريد الخصمين، إلا أنه اختلف في العتق والطلاق إذا أبى المعتق والمطلق من تنفيذ ذلك وطلب العبد أو الزوجة التنفيذ فيه بحكم٥٠ المسلمين، فحكى سحنون عن المغيرة أن السلطان يحكم بطلاق المرأة وعتق الغلام، ذكر ذلك فيمن حلف بذلك وحنث٥١ ورفعت الزوجة والعبد٥٢ أمرهما إلى السلطان، وإذا تراضيا أن يحكم بينهما حاكم المسلمين في طلاق وقع، فإن كان ذلك على أن يحكم بينهما في ذلك كما لو كانا مسلمين حكم بصحة الطلاق، وإن كان ثلاثا منعه٥٣ منها إلا بعد زوج. وإن قالا٥٤ : احكم بما يجب على النصراني عندكم إذا طلق، فالذي يحكم به٥٥ بينهما أن ذلك ليس بطلاق، على مذهب الجمهور. وحكى ابن القصار٥٦ عن ابن شهاب والأوزاعي والثوري أن طلاقهم٥٧ طلاق واقع، وأنه إن طلق ثلاثا ثم أسلم في الحال لم يقر معها٥٨، ولا تحل٥٩ إلا بعد نكاح مستأنف، فإن قالا : احكم بيننا٦٠ بما يجب في ديننا أو كانا٦١يهوديين فقالا٦٢ : احكم بما يجب في ذلك بالتوراة٦٣، لم يحكم بينهما ؛ لأنا لا ندري هل ذلك مما غيروه أم لا، لأن ذلك منسوخ بالقرآن. وقد قيل : إن٦٤ حكم٦٥ النبي عليه الصلاة والسلام٦٦ بينهم إذ ذاك قبل أن تكون لهم ذمة.
واختلف في النصرانيين يريد أن التحاكم إلى حكم المسلمين٦٧ ويأبى ذلك الأسقف، هل لحاكم المسلمين أن يحكم بينهما٦٨ أم لا٦٩ ؟ فقال ابن القاسم : لا يحكم بينهما وقال سحنون : له أن يحكم بينهما، وقول سحنون أجرى على ظاهر الآية، لأن قوله تعالى :﴿ فإن جاؤوك٧٠ فاحكم بينهم ﴾ إنما أراد به من بتحاكم إلينا منهم، ولم يذكر رضى أسقف٧١ ولا غيره. وهذه الآية قيل : إنها نزلت في المدينة بين بني قريظة وبني النضير وذلك أن بني النضير٧٢ كان لهم شرف، فكانوا يؤدون دية كاملة، وكان بنو قريظة يؤدون نصف الدية فتحاكموا في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت الآية فحملهم على التسوية في ذلك٧٣، ولم يكن لقريظة والنضير ذمة أصلا، وقد أجلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهل الذمة لا يجوز ذلك فيهم، وهذا القول مروي عن ابن عباس، وروي عنه أيضا وعن الحسن ومجاهد والزهري : أنها نزلت في القصة المشهورة من تحكيم النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الزانيين، فحكم عليهما بالرجم٧٤.
وقد اختلف هل حكم النبي صلى الله عليه وسلم بينهما٧٥ بحكم التوراة أم بحكم الإسلام ؟ فذهب قوم إلى أنه إنما حكم بينهم بحكم التوراة٧٦ ؛ لأن حكم الإسلام في مثل هؤلاء أن لا حد عليهم، فحكم صلى الله عليه وسلم بينهم بالرجم الذي هو حكم التوراة إذ لم تكن لهم ذمة، فكان٧٧ دمهم مباحا، فإنما حكم النبي صلى الله عليه وسلم بينهم بحكم الإسلام الذي هو القتل فيمن لم تكن له ذمة٧٨ من الكفار، ووافق٧٩ حكم التوراة، وإنما نزلت آية الجزية سنة تسع من الهجرة منصرف النبي صلى الله عليه وسلم من حنين، قالوا : وقوله تعالى :﴿ فاحكم بينهم بالقسط ﴾، أي بالقتل الموافق لحكم التوراة، وإلى نحو هذا ذهب مالك. وقال بعضهم : حكم النبي صلى الله عليه وسلم بينهم بحكم التوراة الذي هو الرجم٨٠ ولم يفرقوا بين أهل الذمة وغيرهم٨١. ثم نسخ الحكم بما في التوراة، وأمر أن يحكم بما في القرآن، وقيل : حكم النبي صلى الله عليه وسلم بينهم٨٢ بما في٨٣ التوراة قبل أن تنزل آية الزنا، وأن٨٤ هذا يقتضي الحكم بالتوراة فيما لم يجيء فيه عندنا٨٥ حكم. وذهب قوم إلى أنه إنما حكم٨٦ بينهم بحكم الإسلام ؛ لأن الإسلام ليس بشرط في الإحصان، وأن اليهوديين والنصرانيين إذا زنيا حكم عليهما بالرجم إن كان ثيبين، وبالجلد إن كانا بكرين. قال الشافعي في أحد قوليه : إذا رضيا بحكم المسلمين فعلى هذا يكون قوله تعالى :﴿ فاحكم بينهم بالقسط ﴾ لا يريد به التوراة. ورجح الطبري هذا القول.
وقد قيل في مثل هذه النازلة : أنهما يجلدان ولا يرجمان، ورو ي عن أبي حنيفة وعن المغيرة من أصحاب مالك. قال أبو الحسن : وهذه الآية أيضا تدل على أن الخمر ليست بمال لأهل الذمة ولا بمضمونة على متلفها عليهم ؛ لأن إيجاب ضمانها على متلفها٨٧ حكم بموجب٨٨ أهل اليهود، وقد أمرنا بخلاف ذلك لهم، لا٨٩ نتعرض لهم في خمورهم٩٠، ولا في مناكحاتهم٩١ الباطلة. وقد فتح عمر رضي الله تعالى٩٢ عنه سواد العراق، وكان أهلها مجوسا، ولم يتعرض لمناكحاتهم الكائنة من قبل على٩٣ أخواتهم وبناتهم ولا فرق بينهم.
١ ﴿فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم﴾ كله ساقط في (هـ)..
٢ "اختلف" ساقطة في (هـ)..
٣ في (هـ): "تأويل"..
٤ "في الحكم" ساقطة في (أ)، والحديث أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الإجارة، باب١٦، ص ٥٣، واللفظ له، ومالك في الموطأ : كتاب المساقاة، باب١، ص ٧٠٣ – ٧٠٤..
٥ في (هـ): "يهدي"..
٦ في (ب): "له"..
٧ كلمة "السحت"ساقطة في (ج) و(د)..
٨ في (هـ): "معنى"..
٩ في (هـ): "بالمعصية" والحديث أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الإجارة، باب ١٦ – ٢٠، والدارمي في سننه: كتاب البيوع، باب٨٠..
١٠ في (ب) و(د): "لأنه"..
١١ في (هـ): "سلطان"..
١٢ انظر سنن أبي داود كتاب الأقضية، باب٤، ص ١٠٩، وسنن الترمذي: كتاب الأحكام، باب٩، ص ٦٢٢..
١٣ في (د): "في سبب"..
١٤ "وأنه" ساقطة في (ج) و(د) و(هـ)..
١٥ "ترك" ساقط في (أ) و(ب) و(د) و(هـ) و(ج)..
١٦ في (ج) و(د) و(هـ): "وأن يكون الإمام"..
١٧ في (ب) و(د) و(هـ): "في ذلك مخيرا"..
١٨ في (هـ): "الآية ٤٩ من السورة"..
١٩ في (ب): "أحكامهم" وفي (د): "حكامهم"..
٢٠ في (ب) و(ج) و(د) و(هـ): "ومعنى"..
٢١ "أنه" ساقط في (ب) و(ج) و(د) و(هـ)..
٢٢ "أن" ساقطة في (أ)..
٢٣ في (أ) و(ج): "أحكامهم"..
٢٤ في (ب) و(ج) و(د): "عاطفا"..
٢٥ في (ب) و(د): "عما"..
٢٦ قوله: "ما قبله... ذهبوا إلى" ساقط في (ج)..
٢٧ في (هـ): "واختلفوا"..
٢٨ في (ب): "ذكرناهما"..
٢٩ في (ب): "عليه السلام" في (هـ): "صلى الله عليه وسلم"..
٣٠ قوله: "تعالى" ساقط في (ج)..
٣١ قوله: "فاحكم بينهم بما أنزل الله" معناه: ساقط في (ب)، معناه: ساقط في (د)..
٣٢ "عليك"ساقط في (د)..
٣٣ قوله: "إن حكمت ثم نسخ... في القرآن" ساقط في (هـ)..
٣٤ في (ب) و(د): " للحكم بالتوراة"..
٣٥ في (ب) و(ج) و(د): "أجمعوا"..
٣٦ كلمة بينهم ساقطة في (هـ)قوله: "بشيء" ساقطة في (هـ)..
٣٧ قوله: "بشيء" ساقطة في (هـ)..
٣٨ في (هـ): "بحكم"..
٣٩ "حكما"كلمة ساقطة في غير (هـ)..
٤٠ كلمة "بينهم"ساقطة في غير (هـ)..
٤١ في (هـ): "فهي"..
٤٢ في (ج) و(د): "فيه"..
٤٣ في (أ) و(ب) و(ج) و(د) و(هـ): "على"..
٤٤ في (أ) و(ب) و(ج) و(د) و(هـ): "على"..
٤٥ في (أ): "أحدهما"..
٤٦ في جميع النسخ: "منهم" ولعله منهما..
٤٧ في (ب) و(ج) و(د): "أبى"..
٤٨ في (ب) و(ج) و(د): "حكم"..
٤٩ في (ب) و(ج) و(د): "فإن"..
٥٠ في (ا) و(ج) و(هـ): "من حكم"..
٥١ (أ) و(ب) و(ج): "فحنث"..
٥٢ "والعبد" ساقط في (هـ)..
٥٣ في (ب)و(ج) و(د): "معناه"..
٥٤ في (ب) و(هـ): "قال"..
٥٥ "به"ساقط في (هـ)..
٥٦ في (هـ): "القصار"..
٥٧ كلمة ساقطة في (هـ)..
٥٨ "لم يقر معها" بياض في (د) في (ب): "يقر معها" يسقوط "لم"..
٥٩ في (هـ): "لا تحل له"..
٦٠ كلمة ساقطة في (ج).
٦١ في (هـ): "كانوا"..
٦٢ قوله: "احكم بيننا بما يجب في ديننا أو كانا يهوديين فقالا" ساقط في (د)..
٦٣ في (ب) و(ج) و(د): "في التوراة"..
٦٤ "أن" ساقطة في (ب) و(ج) و (د)..
٦٥ في (ج): "أحكم"..
٦٦ في (هـ): "صلى الله عليه وسلم"..
٦٧ في (ج): "يريدون التحاكم للحاكم أي حكم المسلمين"..
٦٨ في (ب) و(ج) و(د) و(هـ): "بينهم"..
٦٩ في (ب) و(ج) و(د): "أولا"..
٧٠ "فإن جاؤوك" ساقطة في (هـ)..
٧١ (رضي أسقف) بياض في (ب).
٧٢ "وذلك أن بني النضير" ساقطة في (هـ)..
٧٣ الحديث أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الأقضية، باب ١٠، ص ١٧..
٧٤ انظر سنن أبي داود: كتاب الحدود، باب ٩، باب ما جاء في رجم أهل الكتاب..
٧٥ في (ج): "بينهما" وكلمة "بينهما"سقطت في (أ)..
٧٦ قوله: "أم يحكم الإسلام فذهب قوم إلى أنه إنما حكم بينهم بحكم التوراة" ساقط في (هـ)..
٧٧ كلمة "فكان"ساقطة في (د)..
٧٨ قوله: "فكان دمهم مباحا... فيمن لم تكن له ذمة" ساقط في (هـ)..
٧٩ في (ب) و(هـ): "ووافق ذلك"..
٨٠ كلمة "وإلى نحو هذا.... الذي هو الرجم" ساقطة في (هـ)..
٨١ في (د): "وبينهم"..
٨٢ كلمة "بينهم" ساقطة في (أ)..
٨٣ في (ج) و(هـ): "بحكم"..
٨٤ "أن" ساقطة في (ج)..
٨٥ في (هـ): "عندنا فيه"..
٨٦ في (هـ): "بحكم"..
٨٧ كلمة "على متلفها" ساقطة في (هـ)..
٨٨ في (ب) و(ج) و(د): "يوجب"..
٨٩ في (ب): "كما"..
٩٠ في (هـ): "لخمورهم"..
٩١ في غير (ج) و(د) و(هـ): "مناكحتهم"..
٩٢ كلمة "تعالى" ساقطة في (هـ)..
٩٣ "على" ساقطة في (ج)..
٤٥ وقوله تعالى :﴿ وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ﴾ الآية :
اختلف في قوله تعالى :﴿ النفس بالنفس ﴾، فقيل : هو ناسخ البقرة، وقيل : بل هو مبين لها، ومفسر. على اختلافهم في هاتين الآيتين يأتي اختلافهم في الرجل والمرأة هل بينهما قصاص أم لا ؟ فأما في النفس فالجمهور على١ أن القصاص بينهما واجب لعموم هذه الآية. وتأولوا آية البقرة على ما قد ذكرناه فيها. وذهب قوم إلى أنه لا قصاص بينهما إلا على صفة ما٢ ذكرناها في سورة البقرة. وعلى ذلك تأولوا آيتها٣. ورأيت بعضهم قد حكى الخلاف في القصاص بينهما مطلقا، فإن صح هذا القول فهو قول ثالث، وتعلقه إنما هو بظاهر آية البقرة. وأما القصاص بينهما فيما دون النفس، فالجمهور على وجوبه إلا أبا حنيفة٤، فإنه لم ير بينهما قصاصا في الجراحات بوجه. وحجة الجمهور عموم٥ قوله تعالى في هذه الآية٦ :﴿ والجروح قصاص ﴾. ومن ذلك اختلافهم في الحر والعبد هل بينهما قصاص أم لا ؟ فأما في النفس فثلاثة أقوال : المذهب كله على أنه لا يقتص من الحر للعبد الغير واجب، لعموم قوله تعالى :﴿ النفس بالنفس ﴾ ٧، ومذهب داود أن٨ الحر يقتل بعبد غيره وعبد نفسه أيضا لعموم الآية. وحجة القول الأول ما في آية البقرة من التخصيص الذي مقتضاه أنه لا يقتل الحر بالعبد ؛ لأنه تعالى قال :﴿ الحر بالحر والعبد بالعبد ﴾ [ البقرة : ١٧٨ ]، والعام محمول على الخاص، فهذه الآية مفسرة لتلك. وأما فيما دون النفس٩، فقولان : الجمهور على أنه لا يقتص من الحر للعبد١٠ في ذلك، وحجة مالك في هذا أنه١١ إذا لم يكن بينهما قصاص في النفس لما قدمناه من دليل آية١٢ البقرة، فأحرى أن يكون ذلك بينهما فيما دون النفس. وذهب النخعي والبتي١٣ إلى إيجاب القصاص بينهما فيما عدا الجراحات. ومن حجة من يقول هذا عموم قوله تعالى :﴿ والجروح قصاص ﴾ [ المائدة : ٤٥ ]. ومن ذلك المسلم والكافر هل١٤ بينهما قصاص أم لا ؟ فأما في النفس فثلاثة أقوال أحدها : أن يقتل المسلم١٥ بالكافر الذمي١٦ أو الحربي١٧ المستأمن، وهو قول أبي يوسف لعموم قوله تعالى :﴿ النفس بالنفس ﴾. والثاني : أنه يقتل المسلم بالكافر الذمي خاصة، وهو قول أبي حنيفة لعموم الآية أيضا. والثالث : أنه لا يقتل المسلم بالكافر بوجه، وهو قول مالك ومن تابعه١٨ ووجه الحجة لذلك قوله عليه الصلاة والسلام١٩ : " لا يقتل مسلم بكافر " ٢٠ فهذا الحديث مخصص مبين٢١. وأما في الجراح، فقولان : الجمهور على٢٢ أنه لا قصاص بينهما في ذلك.
وذكر٢٣ بعضهم : أن من الناس من يرى القصاص في الجراح بين الذمي والمسلم. ومن حجته عموم قوله تعالى :﴿ والجروح قصاص ﴾، ومما يعضد٢٤ قول مالك في نفي٢٥ القصاص بين العبد والحر، والمسلم والكافر أن٢٦ قوله تعالى :﴿ وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ﴾ الآية، إنما أراد بها الأحرار٢٧ المسلمين، وأن٢٨ الله تعالى لم٢٩ يخاطبنا بها في شرعنا، وإنما أخبر تعالى أنه كتبها في التوراة على قوم٣٠ موسى٣١ عليه الصلاة والسلا م٣٢، وهم ملة واحدة، و لم تكن لهم ذمة ولا عبيد، لأن الاستعباد٣٣ إنما أبيح للنبي صلى الله عليه وسلم وخص به هو وأمته من بين سائر الأمم، قال صلى الله عليه وسلم : " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي : أحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ونصرت بالرعب مسيرة شهر، وأعطيت جوامع الكلم، وبعثت إلى الناس كافة " ٣٤ لقوله٣٥ :﴿ إني رسول الله إليكم ﴾ [ الأعراف : ١٥٨ ]، وقوله في الآية بعدها :{ فمن تصدق به فهو كفارة ] [ المائدة : ٤٥ ] يدل على أن الآية إنما أريد٣٦ بها الأحرار المسلمون٣٧ ؛ لأن، العبد لا يتصدق بدمه، لأن الحق في ذلك لسيده.
والكافر لا تكفر عنه صدقته٣٨ ولو كنا٣٩ مخاطبين بها٤٠ في شرعنا لوجب أن نخص من عمومها قتل الحر بالعبد والحرة بالأمة ؛ لقوله عز وجل في سورة البقرة :﴿ كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد ﴾ [ البقرة : ١٧٨ ]، ونخص أيضا من عمومها٤١ قتل المسلم بالكافر ؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يقتل المسلم بالكافر " ٤٢. وناقض أبو حنيفة ومن تابعه٤٣ في قوله : يقتل الحر بالعبد والمسلم بالكافر، لأنه يحتج بعموم قوله تعالى :﴿ النفس بالنفس ﴾ في قتل الحر بالعبد، وهولا يقتل الحر بعبده٤٤، وفي قتل المسلم بالكافر وهو لا يقتل المسلم بالحربي المستأمن. وناقض أيضا في الجراح، لأنه قال : إنه يقتل الحر والمسلم بالعبد والكافر٤٥، ولا قصاص بينهما في الجراح، فجعل على قوله هنا أول الآية عاما وآخرها خاصا. وهذه الآية إنما يصح التفقه٤٦ فيها على قول من يرى شريعة من قبلنا لازمة لنا.
وقوله تعالى :﴿ والجروح قصاص ﴾ :
عام في كل جرح في الرأس كان أو في الجسد، إلا أنه٤٧ ليس على عمومه في العمد والخطأ ؛ لقوله تعالى :﴿ ومن قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة ﴾ [ النساء : ٩٢ ] الآية، فأوجب الكفارة والدية دون القصاص. وهذا وإن كان في النفس، فما٤٨ دون النفس٤٩ أولى، فخرج بهذا الخطاب في الجراحات من عموم قوله تعالى :﴿ والجروح قصاص ﴾، فلا قصاص فيها في الخطأ، وبقي العمد كله تحت العموم. ثم تخصص من ذلك العموم في العمد أيضا٥٠ ما٥١ يخاف التلف منه بدليل رفعه عليه الصلاة والسلام٥٢ القصاص في الجائفة والمنقلة والمأمومة٥٣، وكذلك كل ما كان في معناها من الجراح التي هي متألف مثل عظام الرقبة والصلب والصدر، وكسر الفخذ ورض الأنثيين. وما أشبه ذلك، فخصص بهذا الدليل القصاص مما٥٤ يخشى منه التلف من عموم الآية، ويخصص أيضا من ذلك عموم القصاص مما لا يمكن القصاص منه مثل ذهاب٥٥ بعض البصر والسمع والعقل، بدليل أن القصاص مأخوذ من قص الأثر أي اتباعه فهو أن يتبع الجارح بمثل الجرح٥٦ الذي جرح فيؤخذ منه دون زيادة ولا نقصان. وإذا لم يقدر على ذلك ارتفع التكليف، لقوله تعالى :﴿ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ﴾ [ البقرة : ٢٨٦ ]، فخص من عموم الآية جراح٥٧ الخطأ كلها٥٨، ومن جراح العمد ما كان مخوفا منه على النفس، وما لا يمكن القصاص فيه٥٩. وبقيت الآية على حكمها فيمن٦٠ أمكن٦١ القصاص منه من جراح العمد، ولم يخش٦٢ التلف فيه. واختلف في هذا العموم المخصص هل هو باق على عمومه أو مجمل ؟ والأصح أنه باق على عمومه٦٣. واختلف في الشجاج بين الناس، اضطراب في ترتيبها. والذي نقول : إنها عشرة، أولها : الحارضة، وهي التي تقشر الجلد قليلا، وهي الدامية. ثم الدامغة، وهي التي يسيل منها دم. وقيل : هي والدامية سواء. ثم الباضعة، وهي التي تشق اللحم شقا خفيفا. ثم المتلاحمة، وهي التي أخذت في اللحم. ثم السمحاق، وهي التي لم يبق٦٤ بينها وبين العظم إلا قشرة رقيقة، وهي أيضا الملطا والملطاة، وقد قيل : إن السمحاق هي الحارضة، ثم الموضحة، وهي التي توضح عن العظم. ثم الهاشمة، وهي التي تهشمه. ثم المنقلة، وهي التي تكشر العظم فتنقل منه العظام. ثم المأمومة٦٥ وهي أيضا الآمة٦٦ وهي التي تبلغ٦٧ أم الرأس، وهي الدماغ، فذهب قوم إلى أنه يقتص من هذه كلها، وهو قول عثمان والبتي. وروي عن ابن الزبير أنه أقاد من المأمومة، وشبهة هذا القول عموم الآية. وذهب قوم إلى أنه لا قصاص فيها كلها، وهو قول أبي عبيدة، وهذا قول ضعيف يرده عموم الآية. وذهب مالك في المشهور عنه إلى٦٨ أنه يقتص من الموضحة فما دونها، لعموم الآية، ولا يقتص مما فوقها، لأنه مخصص من العموم بالدليل الذي قدمناه. وذهب أشهب إلى أنه يقتص من الهاشمة فما دونها، ا وذهب مالك في إحدى الروايتين عنه٦٩ إلى أنه يقتص من المنقلة فما دونها، قال : ولا أرى هاشمة تكون في الرأس إلا كانت منقلة، فلم يعرف الهاشمة. وحجته في هذا أن المنقلة أكثر ما فيها رض العظم، وذلك لا يوجب التلف غالبا، فليست٧٠ كالمأمومة، وهذه الشجاج٧١ التي ذكرنا هي التي تكون في الرأس. وقد اختلف في الجائفة، وهي من جراح البدن، ما وصل إلى الجوف٧٢ ولو بدخل إبرة، فلا تكون إلا في الظهر والبطن. فذهب الجمهور إلى أنه لا قصاص فيها، وأنها مخصصة من عموم الآية بدليل الذي٧٣ قدمناه. وقال عثمان البتي : كل جرح استطيع القود منه كالجائفة٧٤، ففيه القود، ومن٧٥ حجته عموم الآية، وقد ذكر ما يبطل هذا العموم، ويضعف قول البتي، وقد اختلف في القصاص من العظام التي ليست بمتالف كالذراعين والعضدين٧٦ والقدمين والكعبين والساقين والأصابع والسن٧٧. فذهب الشافعي إلى أنه٧٨ لا قصاص في شيء من ذلك٧٩، حتى في السن. وهذا يرده٨٠ نص قوله تعالى :﴿ والسن بالسن ﴾ [ المائدة : ٤٥ ]، ظاهر قوله تعالى٨١ :﴿ والجروح قصاص ﴾ [ المائدة : ٤٥ ]. وذهب أبو حنيفة والشافعي في المشهور عنه إلى أنه لا قصاص في شيء من ذلك إلا في السن ؛ لقوله تعالى :﴿ والسن بالسن ﴾، وهذا أيضا يرده عموم قوله :﴿ والجروح قصاص ﴾. وذهب مالك رحمه الله تعالى٨٢ إلى إيجاب٨٣ القصاص في كل ذلك لعموم الآية، و٨٤ لقوله :﴿ فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ﴾ [ البقرة : ١٩٤ ]، وبنحو ذلك من الآيات. وأما العظام المتالف كالفخذ والعنق والصلب والصدر فلا أذكر فيها نص خلاف٨٥، إلا أن يتخرج على قول البتي، وهو قل ضعيف. واختلف في القود من اللسان، فالجمهور٨٦ على أنه لا يقاد منه لأنه مخوف. وذهب الليث بن سعد إلى أنه يقاد منه، وحجته عموم الآية. واختلف في٨٧ الذي٨٨ يقطع من رجل عضوا٨٩ وليس في بدن القاطع ذلك٩٠ العضو بعينه، هل يتعدى إلى مثله أم لا ؟ فذهب الجمهور إلى أنه لا قصاص في ذلك. وذهب ابن شبرمة إلى أنه تفقأ العين اليمنى باليسرى إذا لم توجد اليسرى، واليسرى باليمنى إذا لم توجد اليمنى، وكذلك الأسنان والأضراس والأيدي. وحجة الجمهور قوله تعالى :﴿ والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن ﴾ [ المائدة : ٤٥ ] الآية، فمفهوم هذه٩١ المماثلة فمن صرفه إلى غير المماثلة فعليه الدليل. واختلفوا٩٢ في نتف شعر من رأس رجل أو لحيته أو حاجبه أو أشفار عينيه، فالجمهور على أنه لا يقتص منه. وذهب الليث بن سعد إلى أنه يقتص. وحجة الجمهور قوله تعالى :﴿ والجروح قصاص ﴾، وهذا ليس بجرح فلا قصاص فيه. ومن جعله جرحا فعليه الدليل. واختلف في ولي المقتول إذا قام للقصاص فضرب، فقطع من القاتل عضوا، فالجمهور على أنه لا قصاص في ذلك٩٣. وذهب مالك رحمه الله تعالى٩٤ إلى أن القصاص فيه٩٥ واجب، وحجته عموم الآية. واختلف إذا كانت يد القاطع ناقصة أصبع، وقد قطع يد آخر، فقيل : لا شيء للمقطوع إلا القصاص. وقيل : له أن يقتص، ويأخذ دية أصبع. وحجة القول الأول ظاهر قوله تعالى :﴿ والجروح قصاص ﴾، وقوله تعالى :﴿ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ﴾ [ النحل : ١٢٦ ] الآية. واختلف في اليد الصحيحة باليد الشلاء، فالجمهور على أنه لا تقطع الصحيحة بالشلاء. وذهب داود إلى أنها تقطع بها. ودليل القول الأول قوله تعالى :﴿ والجروح قصاص ﴾ ومفهومه المماثلة، وليس هنا ما يماثل فيقطع٩٦. وعندنا أن على الجارح مع القصاص الأدب، وهو قول م
١ كلمة "على" سقطت في (هـ)..
٢ قوله: "ذكرناه فيها وذهب.. على صفة ما" ساقط في (هـ)..
٣ في (ج): "فيها"..
٤ في (هـ): "أبو حنيفة"..
٥ كلمة ساقطة في (أ)..
٦ كلمة "الآية" سقطت في (هـ)..
٧ في (ج) و(د): ﴿أن النفس بالنفس﴾..
٨ "أن" ساقط في (ج)..
٩ كلمة "النفس" ساقطة في (ج)..
١٠ في (هـ): "للحر من العبد"..
١١ "أنه" ساقطة في (هـ)..
١٢ كلمة ساقطة في (أ) و(ب) و(ج) و(د)..
١٣ "والبتي" بياض في (أ) و(ب) و(ج) و(د)..
١٤ "هل"ساقط في (ب)..
١٥ في (هـ): "الحر المسلم"..
١٦ في (ب) و(ج) و(د): "الذمي"..
١٧ "أو الحربي" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
١٨ في (ب) و(ج) و(د): "تبعه"..
١٩ في (هـ): "صلى الله عليه وسلم"..
٢٠ انظر صحيح البخاري: كتاب الديات، باب ٢٥، ص ٤٥، وباب ٣١، ص ٤٧، وسنن أبي داود: كتاب الديات، باب١١، ص ٦٦٩، سنن الترمذي: كتاب الديات، باب ١٦، ص ٢٤ – ٢٥، وسنن ابن ماجه: كتاب الديات، باب ٢١، ص ٨٨٧ – ٨٨٩، وسنن الدارمي: كتاب الديات، باب٥، ص ٥٨٦..
٢١ في (هـ): "مبين ومخصص"..
٢٢ "على" ساقطة في (د)..
٢٣ في (ج): "وذكره"..
٢٤ في (أ): "ولم يعضد"..
٢٥ في (أ) و(ب) و(ج) و(د): "نفس".
٢٦ في (أ) و(ب) و(ج) و(د): "فإن"..
٢٧ في (ب) و(د): "جميع الأحرار" في (هـ): "أحرار"..
٢٨ في (أ) و(ب) و(ج): (وأن).
٢٩ "لم" ساقطة في (د)..
٣٠ كلمة "قوم" ساقطة في () و(ج) و(د) و(هـ)..
٣١ في (أ) و(ب) و(ج) و(د) و(هـ): "موسى ابن عمران"..
٣٢ كلمة "عليه الصلاة والسلام" ساقطة في (أ) و(ب) و(ج) و(د) و(هـ)..
٣٣ في (ب) و(ج) و(د): "أن الاستعباد خاص بهذه الأمة"..
٣٤ انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري: كتاب التيمم، باب ١، ص ٤٣٦، وكتاب الصلاة، باب ٥٦، ص ٥٣٣..
٣٥ في (ب) و (ج) و(د) و(هـ): "لقول الله"..
٣٦ في (هـ): "أراد"..
٣٧ في (أ) و(هـ): "المسلمين"..
٣٨ في (هـ): "لا تكفر صدقته عنه"..
٣٩ في (هـ): "كانوا"..
٤٠ "بها"ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٤١ قوله: "قتل الحر بالعبد والحرة بالأمة... ونخص أيضا من عمومها" ساقط في (هـ)..
٤٢ أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الديات، باب ٢٥، ص ٤٥..
٤٣ في (ب): "فمن تبعه" وفي (ج) و(د): "ومن تبعه"..
٤٤ في (ب) و(ج) و(د): "في عبده"..
٤٥ قوله: "وهو لا يقتل المسلم.. بالعبد الكافر" ساقط في (هـ)..
٤٦ "التفقه" بياض في (ب)..
٤٧ "إلا أنه" ساقط في (ج) و(د)..
٤٨ في (ب) و(ج): "وما"..
٤٩ في (هـ): "دونها"..
٥٠ كلمة ساقطة في (هـ)..
٥١ في (أ): "لما" في (ج) و(د): "مما"..
٥٢ في (ب) و(هـ): "عليه السلام"..
٥٣ سنن ابن ماجه: كتاب الديات، الباب رقم ٩..
٥٤ في (أ): "لما".
٥٥ في (هـ): "كذهاب"..
٥٦ في (أ): "الجراح" و "الجرح" ساقطة في (هـ)..
٥٧ في (هـ): "جروح"..
٥٨ في (ج): "كله"..
٥٩ في (د): "منه"..
٦٠ في (ب) و(د) و(هـ): "فيما"..
٦١ في (ب) و(د): "بقي"..
٦٢ قوله: "وما كان مخوفا منه..... ولم يخش" ساقط في (ج)..
٦٣ كلمة "واختلف في هذا العموم. على عمومه" هذا ساقط في (ب)..
٦٤ في (د): "بقي"..
٦٥ في (ج): "المأمونة"..
٦٦ في (ب): "الآمة واللاطمة" وفي (ج): "الأحمة"وفي (هـ): "الآيمة" وفي (د) "اللاحمة"..
٦٧ في (ج): "لم تبلغ"..
٦٨ "إلى" ساقطة في (هـ)..
٦٩ "عنه" ساقطة في (هـ)..
٧٠ في (أ) و(ج) و(د) و(هـ): "فليس"..
٧١ في (ج) و(د) و(هـ): "الشجاش"..
٧٢ كلمة ساقطة في (هـ)..
٧٣ في (هـ): "ما"..
٧٤ في (هـ): "والجائفة"..
٧٥ "من"ساقط في (ج) و(د)..
٧٦ في (هـ): "العضويين والذراعين"..
٧٧ في (هـ): "والساقين"..
٧٨ "أنه" ساقطة في (هـ)..
٧٩ في (ج): "لا قصاص من ذلك في شيء"..
٨٠ في (أ): "يرد".
٨١ كلمة ساقطة في (هـ)..
٨٢ كلمة ساقطة في (هـ)..
٨٣ في (هـ): "إلى أنه إيجاب"..
٨٤ "الواو"ساقط في (ب) و(ج)..
٨٥ كلمة ساقطة في (ج) و(د)..
٨٦ في (هـ): "والجمهور"..
٨٧ في (هـ): "فيمن"..
٨٨ "الذي" ساقطة في (هـ)..
٨٩ في (هـ): "يقطع عضوا من غيره"..
٩٠ في (هـ): "نظير ذلك"..
٩١ في (ب): "هذا"..
٩٢ في (ب) و(هـ): "اختلف"..
٩٣ في "ذلك" ساقطة في (هـ)..
٩٤ كلمة ساقطة في (هـ)..
٩٥ "فيه" ساقطة في (ج) و(د)..
٩٦ في (ب) و(ج) و(د)و(د): "القطع فيقطع"..
٤٨ - قوله١ تعالى :﴿ فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ﴾، وقوله بعد٢ :﴿ وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم ﴾ :
قد٣ قيل في الآيتين : أنهما ناسختان لقوله تعالى :﴿ فإن جاءوك٤ فاحكم بينهم أو أعرض عنهم ﴾ [ المائدة : ٤٢ ]، وقيل : هما مثلها في المعنى على ما ذكرناه٥ فيما تقدم. وقيل : بل هما ناسختان للحكم بما في التوراة لا للتخيير في الحكم، ويحتمل أن يقال٦ : هما ناسختان للتخيير وللحكم بما٧ في التوراة ولا خلاف أن الحكم بما في التوراة لا يجوز.
وقوله تعالى :﴿ ولا تتبع أهواءهم ﴾ :
يدل٨ على بطلان قول من قال بتقويم٩ الخمر إذا استهلكت١٠ للذمي١١ لأن ذلك من أهواء الكفار، ولا يصح الاستدلال به، على أن الكفار لا يحلفون في بيعهم، ويقال : إن ذلك من أهوائهم، لأن اتباع أهوائهم إنما هو فيما ينفعهم، وهذا التحليف يضرهم فهو ضد اتباع أهوائهم.
وقوله تعالى :﴿ لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ﴾ :
استدل به قوم على أن شريعة من قبلنا غير لازمة لنا. واستدل قوم آخرون بقوله :﴿ وكيف يحكمونك وعندهم التوراة ﴾ [ المائدة : ٤٣ ]، وبقوله١٢ تعالى :﴿ وكتبنا فيها أن النفس بالنفس ﴾ [ المائدة : ٤٥ ] الآية، على أن شريعة من قبلنا لازمة لنا ما لم تنسخ.
قوله تعالى :﴿ فاستبقوا الخيرات ﴾ :
استدل به قوم على أن تقديم الواجبات أفضل من تأخيرها وهذا مما اتفق عليه في العبادات كلها، إلا في الصلاة فإنه اختلف فيها هل الصلاة في أول الوقت أفضل أم لا ؟ فالمشهور في١٣ المذهب أن أول الوقت فيها أفضل١٤. وقال بعض المالكية١٥ : الوقت كله سواء في الفضل. وقال أبو حنيفة : آخر الوقت أفضل. وأجمعوا في المغرب على١٦ أن أول الوقت أفضل. وحجة القول المشهور في المذهب الآية١٧ المتقدمة، وقوله تعالى :﴿ والسابقون السابقون١٠ أولئك المقربون١١ في جنات النعيم١٢ ) [ الواقعة : ١٠ – ١٢ ]، وقوله تعالى :{ وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنات عرضها السماوات والأرض ﴾ [ آل عمران : ١٣٣ ]، وفي الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل : أي الصلاة أفضل ؟ قال : " الصلاة لأول وقتها " ١٨. واستدل بعضهم بهذه الآية أيضا على أن الصوم في السفر أفضل من الفطر خلافا لمن رأى الفطر أفضل١٩.
١ في (ب): "وقوله"..
٢ في (ب): "بعد هذا" وفي (د) و(هـ): "وقوله تعالى بعد هذا"..
٣ "قد" ساقطة في (هـ)..
٤ "فإن جاؤوك" ساقطة في (ج) و(د)..
٥ في (ج) و(د): "فقد ذكرناه"..
٦ في (هـ): "يقول"..
٧ في (ب) و(ج): "كما"..
٨ في (ب) و(ج): "فدل"..
٩ "بتقويم" بياض في (ب) في (د): "بتقديم"..
١٠ في (أ) و(ب) و(ج) و(د): "استهلك"..
١١ في (أ) و(ب): "الذمي"..
١٢ في (ب) و(ج) و(د): "وقوله"..
١٣ في (أ) و(ب) و(ج) و(د): "من"..
١٤ في (ب) و(ج): "أفضله"..
١٥ في (ج): "المالكيين" وفي (د): "الكوفيين"..
١٦ "على" ساقطة في بقية النسخ..
١٧ "الآية" ساقطة في (ب) و(د)..
١٨ انظر صحيح البخاري: كتاب مواقيت الصلاة، باب ٥، ص ١٥٤، وكتاب الشهادات والسير، باب١، ص ٢٠٠، وكتاب الأدب، باب ١، ص ٦٩، وكتاب التوحيد، باب ٤٨، ص ٢١٢، وصحيح مسلم: كتاب الأيمان، باب ٣٦، ص ٨٦، وسنن أبي داود: كتاب الصلاة، باب٩، ص ٢٩٦، وسنن النسائي: كتاب المواقيت، باب٥١، ص ٢٩٢ – ٢٩٣، وسنن الترمذي: كتاب الصلاة، باب. ١١٣.
١٩ كلمة "أفضل" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٨:٤٨ - قوله١ تعالى :﴿ فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ﴾، وقوله بعد٢ :﴿ وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم ﴾ :
قد٣ قيل في الآيتين : أنهما ناسختان لقوله تعالى :﴿ فإن جاءوك٤ فاحكم بينهم أو أعرض عنهم ﴾ [ المائدة : ٤٢ ]، وقيل : هما مثلها في المعنى على ما ذكرناه٥ فيما تقدم. وقيل : بل هما ناسختان للحكم بما في التوراة لا للتخيير في الحكم، ويحتمل أن يقال٦ : هما ناسختان للتخيير وللحكم بما٧ في التوراة ولا خلاف أن الحكم بما في التوراة لا يجوز.
وقوله تعالى :﴿ ولا تتبع أهواءهم ﴾ :
يدل٨ على بطلان قول من قال بتقويم٩ الخمر إذا استهلكت١٠ للذمي١١ لأن ذلك من أهواء الكفار، ولا يصح الاستدلال به، على أن الكفار لا يحلفون في بيعهم، ويقال : إن ذلك من أهوائهم، لأن اتباع أهوائهم إنما هو فيما ينفعهم، وهذا التحليف يضرهم فهو ضد اتباع أهوائهم.
وقوله تعالى :﴿ لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ﴾ :
استدل به قوم على أن شريعة من قبلنا غير لازمة لنا. واستدل قوم آخرون بقوله :﴿ وكيف يحكمونك وعندهم التوراة ﴾ [ المائدة : ٤٣ ]، وبقوله١٢ تعالى :﴿ وكتبنا فيها أن النفس بالنفس ﴾ [ المائدة : ٤٥ ] الآية، على أن شريعة من قبلنا لازمة لنا ما لم تنسخ.
قوله تعالى :﴿ فاستبقوا الخيرات ﴾ :
استدل به قوم على أن تقديم الواجبات أفضل من تأخيرها وهذا مما اتفق عليه في العبادات كلها، إلا في الصلاة فإنه اختلف فيها هل الصلاة في أول الوقت أفضل أم لا ؟ فالمشهور في١٣ المذهب أن أول الوقت فيها أفضل١٤. وقال بعض المالكية١٥ : الوقت كله سواء في الفضل. وقال أبو حنيفة : آخر الوقت أفضل. وأجمعوا في المغرب على١٦ أن أول الوقت أفضل. وحجة القول المشهور في المذهب الآية١٧ المتقدمة، وقوله تعالى :﴿ والسابقون السابقون١٠ أولئك المقربون١١ في جنات النعيم١٢ ) [ الواقعة : ١٠ – ١٢ ]، وقوله تعالى :{ وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنات عرضها السماوات والأرض ﴾ [ آل عمران : ١٣٣ ]، وفي الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل : أي الصلاة أفضل ؟ قال :" الصلاة لأول وقتها " ١٨. واستدل بعضهم بهذه الآية أيضا على أن الصوم في السفر أفضل من الفطر خلافا لمن رأى الفطر أفضل١٩.
١ في (ب): "وقوله"..
٢ في (ب): "بعد هذا" وفي (د) و(هـ): "وقوله تعالى بعد هذا"..
٣ "قد" ساقطة في (هـ)..
٤ "فإن جاؤوك" ساقطة في (ج) و(د)..
٥ في (ج) و(د): "فقد ذكرناه"..
٦ في (هـ): "يقول"..
٧ في (ب) و(ج): "كما"..
٨ في (ب) و(ج): "فدل"..
٩ "بتقويم" بياض في (ب) في (د): "بتقديم"..
١٠ في (أ) و(ب) و(ج) و(د): "استهلك"..
١١ في (أ) و(ب): "الذمي"..
١٢ في (ب) و(ج) و(د): "وقوله"..
١٣ في (أ) و(ب) و(ج) و(د): "من"..
١٤ في (ب) و(ج): "أفضله"..
١٥ في (ج): "المالكيين" وفي (د): "الكوفيين"..
١٦ "على" ساقطة في بقية النسخ..
١٧ "الآية" ساقطة في (ب) و(د)..
١٨ انظر صحيح البخاري: كتاب مواقيت الصلاة، باب ٥، ص ١٥٤، وكتاب الشهادات والسير، باب١، ص ٢٠٠، وكتاب الأدب، باب ١، ص ٦٩، وكتاب التوحيد، باب ٤٨، ص ٢١٢، وصحيح مسلم: كتاب الأيمان، باب ٣٦، ص ٨٦، وسنن أبي داود: كتاب الصلاة، باب٩، ص ٢٩٦، وسنن النسائي: كتاب المواقيت، باب٥١، ص ٢٩٢ – ٢٩٣، وسنن الترمذي: كتاب الصلاة، باب. ١١٣.
١٩ كلمة "أفضل" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..

قوله تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) ١ :
تدل هذه٢ الآية٣ على أن الموالاة بين٤ المسلمين والكفار منقطعة شرعا، وأن التوارث بينهم٥ لا يصح.
وقوله تعالى في الكفار :﴿ بعضهم أولياء بعض ﴾ : يدل٦ على إثبات على الشرع٧ الموالاة بين الكفار حتى يتوارث اليهود والنصارى بعضهم من بعض، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وداود. وذهب مالك إلى أن النصراني لا يرث اليهودي، واليهودي لا يرث النصراني٨، والمجوسي لا يرث أحدا٩ منهما ولا يرثانه، ورأى هذه مللا١٠ مختلفة، واعتمد على ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يتوارث أهل ملتين " ١١. وانفصل١٢ الشافعي وأبو حنيفة وأبو داود عن هذا الحديث بأن الكفر كله ملة واحدة اليهود والنصارى والمجوس، والنبي صلى الله عليه وسلم١٣ إنما عنى بالملتين المسلمين والكافرين١٤ فيكون كقوله عليه الصلاة والسلام١٥ : " لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم " ١٦. واحتجوا بقوله تعالى :﴿ ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ﴾ [ البقر ة : ١٢٠ ]، قالوا١٧ : فجعلهم تعالى١٨ " ملة واحدة " وقال تعالى :﴿ لكم دينكم ولي دين ﴾ [ الكافرون : ٦ ]، فوحد الدين١٩ ولم يقل أديانكم. ولما اعتقد مالك رحمه الله تعالى٢٠ أنواع الكفر مللا مختلفة لم ير التوارث للحديث، ولقوله تعالى :﴿ لكل جعلنا منكم٢١ شرعة ومنهاجا ﴾. وقد قال بعض الناس أن الملل أربعة : فالسامرية واليهود ملة٢٢، والصابئون والنصارى ملة، والمجوس ومن لا كتاب لهم٢٣ ملة، والإسلام كله ملة٢٤. ويحكى هذا المذهب عن شريح٢٥ وشريك٢٦ وابن أبي ليلى. واستدل بعضهم بقوله تعالى :﴿ ومن يتولهم منكم فإنه منهم ﴾، على منع إثبات ميراث المسلمين من المرتدين، وأنه لبيت المال خلافا لمن قال : إنه لورثتهم من٢٧ المسلمين، وهو قول الأوزاعي وأحد قولي أبي حنيفة. وخلافا لمن قال : ما كسبه في إسلامه٢٨ فهو لورثته، وما كسبه في ردته٢٩ فهو للمسلمين، وهو أحد قولي أبي حنيفة. وخلافا لمن قال٣٠ : إن قتل على ردته٣١ فماله لورثته، وإن لحق بدار الحرب فماله للمسلمين، وهو قول الثوري، وخلافا لمن قال : ميراثه لأهل الدين الذين ارتد إليه، وهو قول قتادة. وفي هذه الآية أيضا والآية بعدها بقوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء ﴾ [ المائدة : ٥٧ ] الآية٣٢، دليل على منع الاستنصار بالمشركين، وهو مذهب الشافعي. وأبو حنيفة جوز الاستنصار بهم على المشركين للمسلمين، والقولان في مذهب مالك رحمه الله تعالى، وكتاب الله تعالى يدل على خلاف٣٣ ما قاله المجيزون، وقول٣٤ النبي صلى الله عليه وسلم : " لن نستعين بمشرك " ٣٥.
١ "ومن يتولهم منكم فإنه منهم" ذا ساقط في (ه) وكتب "الآية"..
٢ "هذه" ساقطة في (هـ)..
٣ كلمة ساقطة في (ج) و(هـ)..
٤ في (أ): "من"..
٥ في (ب) و(ج) و(د): "بينهما"..
٦ كلمة ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٧ كلمة "الشرع" ساقطة في (و)..
٨ في (هـ): "ولا العكس"..
٩ في (ج) و(د) و(هـ): "واحد".
١٠ في (ج): "مالا"..
١١ في (ج): "لا يتوارث بين ملتين" في (د): "لا يتوارث أهل الملتين" والحديث أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الصلاة، باب ١٠، ص ٣٢٨ – ٣٢٩، والترمذي في سننه: كتاب الفرائض، باب ١٦، ص ٣٠..
١٢ في (د): "الفصل"..
١٣ في (ب) و(ج) و(د) و(هـ): "وأنه صلى الله عليه وسلم"..
١٤ في (ج) و(د) و(هـ): "الكفار"..
١٥ في (ج): "عليه السلام" في (هـ): "صلى الله عليه وسلم"..
١٦ الحديث أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الفرائض، باب ١٠، ص ٣٢٦ – ٣٢٧، والترمذي في سننه: كتاب الفرائض، باب١٥، ص ٤٢٣، والبخاري في صحيحه: كتاب المغازي باب ٤٨، ص ٩٢..
١٧ في (أ) و(ب) و(ج) و(د): "قال"..
١٨ في (ج): "الله"..
١٩ "فوحد الدين" ساقط في (هـ)..
٢٠ كلمة "تعالى" ساقطة في (هـ)..
٢١ كلمة "منكم" ساقطة في (هـ)..
٢٢ في (ج): "ملة واحدة"..
٢٣ في (ج) و(د): "له"..
٢٤ في (ب): "ملة واحدة"..
٢٥ هو أبو أمية شريح بن الحارث الكندي: كان من كبار التابعين وأدرك الجاهلية واستقضاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الكوفة فأقام قاضيا خمسا وسبعين سنة، واستعفى الحجاج بن يوسف من القضاء فأعفاه، كان من أعلم الناس بالقضاء وكان شاعرا محسنا. وكانت وفاته سنة ٨٧ هـ، وهو ابن مائة سنة على خلاف في تاريخ الوفاة. والكندي بكسر الكاف، انظر وفيات الأعيان: ج١، ص ٢٢٤ – ٢٢٥..
٢٦ هو أبو عبد الله شريك بن عبد الله بن أبي شريك النخعي، تولى القضاء بالكوفة أيام المهدي ثم عزله موسى الهادي، وكان عالما فقيها، وكان عادلا في قضائه كثير الصواب حاضر الجواب، كان مولده ببخارى سنة ٩٥ هـ، وتولى القضاء بالكوفة ثم بالأهواز، وتوفي سنة ١٩٧، بالكوفة على خلاف في ذلك. انظر وفيات الأعيان: ج١، ص ٢٢٥ – ٢٢٦..
٢٧ "من" ساقطة في (أ) و(ب) و(ج) و(د)..
٢٨ في (ب): "لإسلامه" في (هـ): "في حال إسلامه"..
٢٩ في (هـ): "في حال ردته"..
٣٠ قوله: "أحد قولي أبي حنيفة" وخلافا لمن قال) ساقط في (ج)..
٣١ في (هـ): "على حال ردته"..
٣٢ "الآية"ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٣٣ كلمة ساقطة في (ب)..
٣٤ في (هـ): "وقال"..
٣٥ الحديث أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الجهاد والسير، باب ٥١، ص ١٤٤٩ – ١٤٥٠، والترمذي في سننه: كتاب السير، باب ١٠، ص ١١٨. وأبو داود في سننه: كتاب الجهاد، باب ١٥٣، ص ١٧٢..
٥٥ قوله تعالى :﴿ والذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ﴾ :
هذه الآية تدل على أن العمل القليل في الصلاة لا يبطلها ؛ لأن عليا رضي الله تعالى عنه تصدق بخاتمه وهو في حالة١ الركوع، وذلك لأنه٢ عمل عمله في الصلاة ولم تبطل به صلاته، وقد أثنى الله تعالى عليه بذلك. وفيها أيضا دليل على أن صدقة التطوع تسمى زكاة، ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى :﴿ وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون ﴾ [ الروم : ٣٩ ]، وذلك يتضمن٣ النفل والفرض.
١ "حاله" ساقطة في (ج) و(د)..
٢ "لأنه" ساقطة في (ج)..
٣ في (و): "ينتظم" في (هـ): "بشمل"..
٨٧ قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ﴾ الآية :
اختلف في سبب هذه الآية، فقيل : نزلت بسبب جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم١ بلغت منهم المواعظ وخوف الله تعالى إلى أن حرم بعضهم النساء، وبعضهم النوم بالليل، وبعضهم الطيب، وهم بعضهم بالاختصاء وبقطع المذاكير، وكان منهم علي٢ وعثمان بن مظعون وابن مسعود والمقداد وسالم مولى بني حنيفة رضي الله تعالى عنهم٣. قال بعضهم : ورفضوا اللحم، وأرادوا أن يتخذوا الصوامع، فلما أعلم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قال٤ : " أما أنا فأقوم٥ وأنام، وأصوم وأفطر، وآتي النساء، وأنال الطيب فمن رغب عن سنتي فليس مني " وكان فيما يتلى : " من رغب عن سنتك فليس من أمتك وقد ضل عن سواء السبيل " ٦. وقيل : إنها نزلت بسبب أن٧ عبد الله بن رواحة ضافه ضيف فأتى٨ ابن رواحة وضيفه لم٩ يتعش، فقال لزوجته : أما عشيتيه١٠ قالت١١ : كان الطعام قليلا فانتظرتك فقال : حبست ضيفي من أجلي، طعامك علي حرام إن ذقته. فقالت١٢ هي أيضا وهو١٣ علي حرام إن ذقته إن لم تذقه. وقال الضيف١٤ : هو علي حرام إن ذقته١٥ إن لم تذوقاه١٦ ١٧، فلما رأى ذلك ابن رواحة قال : قربي طعامك كلوا باسم الله، فأكلوه جميعا، ثم غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال : " أحسنت " ١٨ ونزلت الآية. وقيل : نزلت١٩ بسبب رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم٢٠، فقال : يا رسول الله إني إذا أكلت٢١ اللحم انتشرت٢٢ وأخذتني شهوتي فحرمت اللحم، فأنزل٢٣ الله تعالى هذه٢٤ الآية.
والطيبات هنا المستلذات٢٥.
وقوله تعالى :﴿ ولا تعتدوا ﴾ :
اختلف في تأويله، فقيل : هو نهي عن هذه الأمور المذكورة من تحريم ما أحل الله وشرع ما لم يأذن به فهو تأكيد لقوله :﴿ لا تحرموا ﴾. وقيل : المعنى لا تعتدوا فتحلوا ما حرم الله، فالنهيان على هذا تضمنا٢٦ الطرفين، كأنه قال : لا تحرموا حلالا ولا تحللوا٢٧ حراما. ودليل هذه الآية أن التشديد٢٨ في الأمور حتى يترك الإنسان ما أحل الله تعالى له تعبدا غير جائز، لأنه تعالى نهى عن تحريم ذلك، وليس المراد أن يلفظ بلفظ التحريم خاصة، بل أن يتركه تشديدا على نفسه، لفظ بالتحريم أو لم يلفظ به وإلا فأي معنى للمنع من اللفظ٢٩ بالتحريم إذا لم يمنع من المعنى الذي يؤدي إليه لفظ التحريم وترك المحللات على ما ذكرناه دون تلفظ٣٠ بالتحريم هو المعنى الذي٣١ يؤدي إليه٣٢ التحريم، فينبغي أن لا يجوز ذلك. وبعضهم لا يرى هذا المعنى في الآية، ولذلك اختلفوا في الزهد ما هو ؟ فقال بعضهم : ليس الزهد في شيء من الحلال، وإنما الزهد في الحرام، لأن العباد لم يؤمروا٣٣ بالزهد فيما أحل لهم بل هم مأجورون على اكتسابه٣٤ إذا تورعوا فيه، فلهم من الأجر في ذلك ما ليس لتارك الاكتساب، قالوا : ففي التمتع بالحلال خصال لا يجوز الزهد فيها، منها : الأجر على التحري والتورع في اكتسابه، والشكر لله تعالى على ذلك، ومنها٣٥ : أنه قد يكون في تمتعه بالحلال٣٦ عصمة٣٧ من الحرام، لأن من أكل الطيب ولبس اللين ثم رأى غيره، قال٣٨ : لم تدعه نفسه إلى الحسد ولا على طلب ذلك من الحرام٣٩. وقيل : الزهد فراغ القلب من الدنيا للاشتغال بالآخرة، فليس من الزهد ترك ما يشتهي العبد والقلب مشغول به٤٠ عن الآخرة، ولكن من الزهد أخذه لتفريغ القلب٤١ للآخرة٤٢. وليس ذلك من تعظيم الشهوة ولكن ليفرغ قلبه للآخرة، وقيل : الزهد إخفاء الزهد بلبس٤٣ الحسن من الثياب، واتخاذ الأمتعة في البيوت، واستعمال الطيب من الطعام لئلا ينظر إليه الخلق فيتوهمون فيه٤٤ الزهد فيحمدونه على ذلك، إذ القلب لا يمنع إذا ظهر منه التقشف والتقلل أن يرتاح لحب حمد الناس له على ذلك. وقيل : الزهد كله فيما حرم الله تعالى وما أحل فهو معونة على الطاعة، وكل ما فعله العبد وليس فيه ثواب فهو معصية وقد وجب عليه الزهد فيه. وقيل : الزهد إنما هو الجوع وترك كل لذة، ومن أخذ شيئا من اللذات أو تمتع ليستعين بذلك على طاعته كقيام الليل أو غيره فهو مخدوع، وترك ذلك العمل مع الجوع أفضل، وهذا قول ضعيف، لأنه٤٥ لا يجوز للإنسان أن يبلغ بنفسه هذا المبلغ في٤٦ التشديد كما قدمناه من معنى الآية. وأسعد هذه الأقوال بالآية القول الأول، ولذلك اختلفوا في الاتساع في المكاسب والمباني من الحلال بعد أن اتفقوا على٤٧ أنه غير محرم، فمن٤٨ كاره٤٩ ومن مبيح، والإباحة لما٥٠ قدمناه أليق.
وقد اختلف فيمن حرم على نفسه طعاما أو شرابا أو لباسا أو أمة٥١ أو شيئا من المباحات سوى الزوجة هل يلزمه٥٢ شيء أو لا ؟ بعد اتفاقهم على أنه لا يحرم عليه شيء من ذلك.
فذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه لا٥٣ يحرم عليه٥٤ وأن عليه الكفارة في الأمة خاصة بمجرد التحريم من غير حاجة إلى وطئها، ولا شيء عليه في غير ذلك مما ذكرناه. وذهب مالك رحمه الله تعالى٥٥ إلى أنه لا شيء عليه في شيء من ذلك٥٦. ولا يحرم عليه لقوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا٥٧ لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ﴾ [ المائدة : ٨٧ ]، وقوله :﴿ قل أرأيتم ما أنزل٥٨ الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون ﴾ [ يونس : ٥٩ ]، ودليل هاتين الآيتين أنه لا شيء على من حرم شيئا مما ذكرناه، لأن التحريم فيه لا ينعقد لنهي الله تعالى عنه، ولأن الله تعالى٥٩ سماه افتراء، فإذا كان كذلك ولم ينعقد لم تلزمه٦٠ كفارة، لأن الكفارة ليست إلا فيما ينعقد من الأيمان.
واختلف فيمن قال لزوجته : أنت علي حرام/ على خمسة عشر قولا أو نحوها، فقيل : هي ثلاثة ولا ينوي، وهو قول عبد الملك. وقيل : هي واحدة بائنة، ذكره ابن خويز منداد عن مالك. وقيل : هي واحدة رجعية، وهو قول عبد العزيز بن أبي سلمة، وقيل : هي التي٦١ لم يدخل بها واحدة، وللمدخول٦٢ بها ثلاثة، وهو قول محمد بن عبد الحكم. وقيل : هي ثلاث إلا أن ينوي إذا أراد٦٣ واحدة قبل الدخول ولا ينوي بعد، وهو مشهور قول مالك وابن القاسم، وهذه الأقوال تنبني٦٤ على القول بأن لفظ الحرام لا ينوي فيه، ويحمل على أنه أراد به الطلاق. وقيل : إنه ينوي في قوله : أنت علي حرام، فإن أراد به الطلاق فهو الطلاق، ويختلف فيه على ما قدمناه، وإن أراد الظهار فهو الظهار، وهو قول سحنون. وقيل : إن أراد به الطلاق فهو الطلاق، وإن أراد الظهار٦٥ فلا ينوي٦٦ إلا أن يقول في نسق عند لفظه بالتحريم أردت الظهار فيصدق، وهذا القول أيضا لسحنون. وقيل : يلزمه٦٧ الطلاق والظهار، وتطلق عليه فإن تزوجها٦٨ بعد لم يقربها حتى يكفر، وهو قول يحيى بن عمر، وهذا كله أيضا على القول بأن٦٩ التحريم محمول على الطلاق، إلا أن يراد به غير ذلك. وقيل : هو ظهار على كل حال، وهو٧٠ مروي عن عثمان، وهو قول ابن حنبل٧١. وقيل إن نوى ثلاثا فهي ثلاث، وإن نوى واحدة فهي واحدة بائنة وإن نوى يمينا٧٢ فهي يمين يكفرها، وإن لم ينو فرقة ولا يمينا فهي كفارة، وهو قول سفيان الثوري٧٣. وقيل : إن نوى ثلاثا فهي ثلاث وإن نوى اثنين فهي واحدة بائنة٧٤، وإن لم ينو٧٥ طلاقا فهي يمين وهو قول أبي حنيفة. وقيل : إن نوى طلاقا فهي تطليقه وهو٧٦ أملك٧٧ بها، وإن لم ينو طلاقا فهي يمين يكفرها٧٨، وهو قول ابن مسعود وابن عمر والنخعي وطاووس. وقيل : ليس قوله : أنت علي حرام بطلاق حتى ينو به فإن أراد به الطلاق فهو ما أراد منه، وإن قال : أردت تحريما بلا طلاق فعليه كفارة يمين، وليس بقول٧٩، وهو قول الشافعي. وقيل : إن الحرام يمين تكفر٨٠، وهو قول أبي بكر وعمر وابن مسعود وعائشة وابن عباس أيضا وابن المسيب وعطاء وطاووس والأوزاعي وأبي ثور، واحتج أبو علي أن لفظ الحرام ليس من ألفاظ الطلاق، بقوله عز وجل :﴿ يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك ﴾ [ التحريم : ١ ]، ولم يوجب به طلاقا وكان حرم على نفسه مارية٨١، ثم قال تعالى٨٢ :﴿ قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ﴾ [ التحريم : ٢ ]، وقيل : تحريم الزوجة كتحريم الماء ليس بشيء ولا فيه كفارة ولا طلاق، لقوله تعالى :﴿ لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ﴾.
روي ذلك عن الشعبي ومسروق وأبي سلمة، وقال مسروق : ما أبالي حرمت زوجتي أو حفنة من ثريد٨٣. وقال الشعبي : أنت علي حرام أهون من نعلي وقال أبو سلمة : ما أبالي٨٤ حرمتها أو حرمت الفرات. وأصح هذه الأقوال قول مالك رحمه الله تعالى٨٥ لأنه أجرى على طريق النظر وأصح من جهة النقل عن السلف. واختلف فيمن طلق من لم يملكها أو أعتق من لم يملكه، مثل أن يقول : كل امرأة أنكحها فهي طالق أو كل مملوك أملكه فهو حر. وإن تزوجت فلانة فهي طالق وإن اشتريت المملوك الفلاني فهو حر، فقال أبو حنيفة : يلزمه الطلاق والعتق سواء عم أم خص، وحجتهم أن ذلك طاعة يلزمها الوفاء بها. وذهب الشافعي إلى أنه لا يلزمه شيء من ذلك خص أو عم. وقد روي هذا القول٨٦ عن مالك وقاله٨٧ ابن وهب، قال٨٨ : نزلت بالمخزومي حلف على امرأة معينة إن تزوجها فهي طالق، فأفتاه مالك بأنه لا شيء عليه إن تزوجها، وروي عن ابن القاسم مثله، وقال ابن عبد الحكم أيضا، وإليه يذهب عامة أهل المدينة، وحجتهم قول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا نذر في معصية الله ولا فيما لا٨٩ يملك ابن آدم " ٩٠. وإذا لم يلزم النذر فاليمين أولى أن لا يلزم، قال : وأما الطلاق فإن الله تعالى٩١ لم يجعله في كتابه إلا بعد النكاح، فقال تعالى :﴿ إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن ﴾ [ الأحزاب : ٤٩ ]، و " ثم " لا توجب غير التعقيب. وقال مالك في المشهور عنه : إن خص أحدا أو عين قبيلة أو جنسا لزمه العتق والطلاق، وإن عم لم يلزمه، وحجته أن الله تبارك وتعالى٩٢ نهى عن تحريم ما أحل الله لهم ٩٣، ومن استثنى موضع الطلاق أو عتق٩٤ فلم يحرم على نفسه ما أحل الله. واختلف في الذي يصالح امرأته ويشترط عليها أن لا تتزوج حتى تفطم ولدها، فروي عن مالك أن ذلك لا٩٥ يلزمها، وإن اشترط٩٦. وقيل : يلزمها٩٧. وفي المسألة قول ثالث : أنه ليس٩٨ للمصالحة على إرضاع ولدها أن تتزوج في الحولين، وإن لم يشترط ذلك عليها، وقيل : إن كان لا يضر بالصبي، لم يحل بينها وبين التزويج٩٩، فهذه أربعة أقوال، وعلى هذا يترتب١٠٠ الخلاف في المستأجرة على الرضاع هل لزوجها وطئها١٠١ أم لا ؟ واحتج مالك أن ذلك لا يلزمه وإن اشترط عليه بقوله تعالى١٠٢ :﴿ لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا ﴾ [ المائدة : ٨٧ ]، قال : وهذا يصالحها على تحريم ما أحل الله.
١ في (ب) و(ج): "النبي عليه السلام"..
٢ في (هـ): "علي بن أبي طالب".
٣ قوله: "رضي الله تعالى عنهم"ساقطة في (ب) و(ج) و(د) و(هـ)..
٤ في (هـ): "فقال"..
٥ في (ب) و(ج) و(د): "فأنا أقوم"..
٦ انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري: كتاب النكاح، باب "الترغيب في النكاح"، ص١٠٤..
٧ "أن" ساقطة في (ج) و(د)..
٨ في (ب) و(ج) و(د): "فانقلب"..
٩ في (هـ): "فلم"..
١٠ في (ج) و(د): "أما عشيته"..
١١ في (هـ): "فقالت"..
١٢ في (هـ): "فقال"..
١٣ في (هـ): "هي وهو أيضا"، "وهو"ساقطة في (ب) و(ج)..
١٤ في (هـ): "الضيف أيضا"..
١٥ "إن ذقته" ساقطة في (ب) و(ج)..
١٦ في (ج) و(هـ): "لم تذوقوه"..
١٧ قوله: "إن ذقته... إن لم تذوقاه" ساقط في (د)..
١٨ انظر المسند للإمام أحمد بن حنبل، ج١، ص ١٩٨..
١٩ في (هـ): "نزلت الآية"..
٢٠ قوله: "فقال: أحسنت... النبي صلى الله عليه وسلم" ساقط في (ج)..
٢١ في (ج) و(د) و(هـ): "أصبت"..
٢٢ في (ب): "أنشرته"..
٢٣ في (هـ): "فأنزلت"..
٢٤ قوله: "الله تعالى هذه" ساقطة في (هـ)..
٢٥ في (ب) و(ج) و(د): "المستلذ"..
٢٦ في (د): "متضمنا" وفي (هـ): "تضمن"..
٢٧ في (ب): "لا تحرموا" وفي (هـ): "لا تحلوا"..
٢٨ في (أ): "للتشديد" وفي (ج): "التشدد"..
٢٩ في (ج) و(د): "للفظ من المنع"..
٣٠ في (ب): "لفظ"..
٣١ في (ب) و(ج) و(د): "الذي كان"..
٣٢ قوله: "لفظ التحريم... يؤدي إليه" ساقط في (هـ)..
٣٣ في "جميع النسخ": "يأمروا" ولعله "يؤمروا"..
٣٤ في (ب) و(د): "في اكتسابه"..
٣٥ في (ج): "منه"..
٣٦ في (ج) و(د) و(هـ): "من الحلال"..
٣٧ في (د): "عصمته"..
٣٨ في (هـ): "نال مثل ذلك"..
٣٩ في (ج) و(د) و(هـ): "من حرامه"..
٤٠ في (أ) و(ب): "به شغول" في (د): "به مشغول به" "به" ساقطة في (ج)..
٤١ في (أ): "القلب به"..
٤٢ قوله: "فليس من الزهد... للآخرة" ساقط في (هـ)..
٤٣ في (ب) و(ج) و(د): "بلباس"..
٤٤ "فيه" ساقطة في (ج)..
٤٥ في (ج) و(د): "أنه"..
٤٦ "في" ساقطة في (هـ)..
٤٧ "على" ساقطة في (ج)..
٤٨ في (ب) و(د): "من"..
٤٩ "كاره" بياض في (ب)..
٥٠ في (هـ): "بما"..
٥١ كلمة "أمة" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٥٢ في (أ): "يلزمهم"..
٥٣ "لا" ساقطة في (ا) و(ب) و(ج) و(د) و(هـ)..
٥٤ "عليه" ساقطة في (ب) و(د)..
٥٥ كلمة ساقطة في (هـ)..
٥٦ في (ب) و(ج): "في ذلك من شيء"..
٥٧ ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ ساقط في غير (هـ)..
٥٨ في (هـ): "رأيتم ما جعل"..
٥٩ قوله: "ولأن الله تعالى"ساقط في (هـ)..
٦٠ في (ج) و(د) و(هـ): "لم تلزمه فيه"..
٦١ في (هـ): "في التي"..
٦٢ في (هـ): "في المدخول"..
٦٣ في (ج) و(د): "الأول أنه ينوي أنه أراد"..
٦٤ "تنبني" ساقطة في (هـ)..
٦٥ قوله: "فهو الظهار... وإن أراد به الظهار"ساقط في (ج)..
٦٦ "ينوي" بياض في (ب)..
٦٧ في (هـ): "يلزم"..
٦٨ في (ب) و(هـ): "زوجها"..
٦٩ في (أ) و(ج) و(د): "على أن القول"..
٧٠ في (أ) و(ب) و(ج) و(د): "وهذا"..
٧١ في (هـ): "وهو قول ابن حنبل ويروي عن عثمان"..
٧٢ في (د): "يمين"..
٧٣ قوله: "وقيل: إن نوى... وهو قول سفيان الثوري" ساقط في (هـ)..
٧٤ في (ج) و(د): "إن نوى اثنين فهي واحدة وإن نوى واحدة فهي واحدة بائنة". وكذلك في (ب) و(هـ) مع إضافة "واو" لكلمة "أن""وإن نوى اثنين"..
٧٥ في (هـ): "لم ينوي"..
٧٦ في (ب) و(ج) و(د): "وهذا"..
٧٧ "أملك" بياض في (ب)..
٧٨ في (هـ): "ويكفرها"..
٧٩ في (ج) و(د) و(هـ): "يمول" وأظنه "بقول"..
٨٠ في (ب) و(ج) و(د): "تكفر له" "تكفر" ساقطة في (هـ)..
٨١ "مارية" ساقطة في (ب) و(هـ) و(د)، و (بياض) في (ج)..
٨٢ كلمة ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٨٣ "أو حفنة من ثريد" بياض في (ب)، "حفنة من ثريد" ساقطة في (د)..
٨٤ قوله: "حرمت زوجتي... ما أبالي"ساقط في (أ)..
٨٥ كلمة ساقطة في (هـ)..
٨٦ في (هـ): "النقل"..
٨٧ في (ب): "وقال"..
٨٨ كلمة ساقطة في (ب)..
٨٩ "اللام"ساقطة في (هـ)..
٩٠ الحديث انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري: كتاب الأدب، باب ٤٤، ص ٤٦٤ – ٤٦٥، وسنن أبي داود: كتاب الأيمان والنذور، باب "ما جاء في النذر والمعصية" ص ٢٣٢ – ٢٣٣، وسنن الترمذي: كتاب الإيمان والنذور، باب ١و٢، ص ٣٠ – ٣٢..
٩١ كلمة ساقطة في (هـ)..
٩٢ قوله: "تبارك وتعالى" ساقطة في (هـ) وفي (ج) سقطت كلمة "تبارك"..
٩٣ "لهم" ساقطة في (ج) و(هـ)..
٩٤ في (هـ): "موضع نكاح أو ملك"..
٩٥ حرف النفي "لا" ساقط في (أ) و(ب) و(هـ) و(ج)..
٩٦ في (ب) و(هـ) و(ج): "إذا اشترط عليها"..
٩٧ في (ب) و(ج) و(هـ): "وروي عنه أيضا أنه لا يلزمها وإن اشترط"..
٩٨ في (هـ): "أنه يجوز" عوض "أنه ليس"..
٩٩ في (ب): "الزوج"..
١٠٠ في غير (هـ): "يتركب"..
١٠١ كلمة ساقطة في (ج) و(هـ)..
١٠٢ كلمة ساقطة في (هـ)..
٨٨ وقوله :﴿ وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا ﴾ :
﴿ وكلوا ﴾ في هذه الآية عبارة عن تمتعوا١ بالأكل والشرب واللباس والركوب ونحو ذلك. وخص الأكل بالذكر لأنه أعظم المقصود وأخص المنافع بالإنسان. والرزق عند أهل السنة ما صح الانتفاع به. وقالت٢ : المعتزلة : كل ما صح تملكه والحرام ليس برزق، لأنه لا يصح تملكه٣، وكأنهم تأولوا ذلك على ظاهر هذه الآية، وليس كذلك بل دليل خطاب الآية أن الحرام رزق أيضا، لأن تخصيصه الحلال من الرزق يدل على أن ثم٤ منه حراما، فأمر الله تعالى٥ بأكل الحلال، وسكت عن الحرام. وأقام٦ بعضهم أن الحرام رزق من قوله تعالى :﴿ كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور ﴾ [ سبأ : ١٥ ]، قال : فذكر المغفرة مشيرا إلى أن الرزق قد يكون حراما، وهذا الاستدلال ضعيف.
١ في (هـ): "تمتع"..
٢ في (ب) و(ج): "قال"..
٣ كلمة ساقطة في (هـ)..
٤ "على أن ثم" بياض في (ب)..
٥ في (ج): "الله تعالى"..
٦ في (ج): "وقال"..
٨٩ وقوله تعالى :﴿ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ﴾ :
قد بين تعالى في هذه الآية أن المؤاخذة المذكورة في آية البقرة هي المؤاخذة بالكفارة ؛ لقوله تعالى١ :﴿ ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته ﴾ [ المائدة : ٨٩ ] الآية، لأنه تعالى إنما نفى اللغو ما أثبته لما عقدت به الأيمان. وقد اختلف العلماء في تحصيل اللغو وتحصيل ما عقدت به الأيمان٢ اختلافا كثيرا، فروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما٣ أنه قال : لما حرموا الطيبات من المآكل حلفوا على ذلك، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وأبان أن الحلف لا يحرم شيئا، فاللغو في الآية على هذا هو تحريم ما أحل الله تعالى، والمراد بقوله تعالى :﴿ بما عقدتم الأيمان ﴾، الأيمان التي حلفوا بها على ذلك التحريم، فجعل تعالى٤ في الأيمان الكفارة، ولم يجعل في التحريم شيئا. وروي عن عطاء- وقد٥ سئل عن اللغو في اليمين- فقال : قالت عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " هو٦ كلام الرجل في بيته : لا والله، وبلى والله " ٧ وروي أيضا عن عائشة رضي الله عنها٨ موقوفا أنها قالت :/ لغو اليمين : لا والله، وبلى والله. وروي مثله عن إسماعيل القاضي، فعلى هذا يكون معنى الآية :﴿ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ﴾ أي : من أيمانكم، وتكون الأيمان على هذا منها ما يؤاخذ به٩ ومنها ما لا يؤاخذ به١٠ في معنى الكفارة دون اعتبار الحلف على ماض أو مستقبل، وهو مذهب الشافعي. وذهب١١ مالك وأبو حنيفة رحمهما١٢ الله تعالى إلى أن الأيمان على ما١٣ مضى لا كفارة فيها، وأن الأيمان على ما يستقبل هي التي تتعلق بها١٤ الكفارة فيكون معنى الآية على هذا :﴿ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ﴾، أي١٥ بالكفارة في الأيمان على ما مضى ولكن يؤاخذكم بها في الأيمان المستقبلة، وتأولوا قوله تعالى :﴿ عقدتم الأيمان ﴾ ١٦ أن المراد به كل ما يتصور عليه عقد العزم١٧ في الأفعال. وبهذا لا يصح إلا في الأفعال المستقبلة، وأما الماضية فلا يتصور عقد العزم عليها. قال بعضهم : وهذا ينتقض١٨ بالحلف على فعل الغير ونحوه، وفي هذا نظر. وقال بعضهم : اللغو أن يحلف على معصية أن يفعلها فينبغي له أن لا يفعلها١٩ ولا كفارة عليه بالحنث في ذلك٢٠. وروي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليتركها، فإن تركها كفارتها " ٢١، وقد مر في سورة البقرة الكلام على٢٢ سائر التأويلات٢٣ في الآية.
وقوله :﴿ بما٢٤ عقدتم الأيمان ﴾ فيه ثلاث قراءات : عقدتم الأيمان٢٥ مخفف ومشدد، وعاقدتم. وأصله كله من عقد الحبل. والأيمان هنا جمع يمين على حذف الزائد. ولم يختلف أن المراد بالأيمان هاهنا الأيمان بالله تعالى٢٦ فأما اليمين بالطلاق٢٧ فلايلزم الحانث بها الطلاق. وكذلك اليمين بالمشي إلى مكة يلزم الحالف بها٢٨ الحانث المشي. وكذلك اليمين بصدقة المال تلزم٢٩ أيضا إن حلف على اختلاف بينهم في مقدار ما يلزم الحانث٣٠ وكذلك اليمين بالعتق٣١ يلزم الحانث بها العتق. وكذلك٣٢ سائر أفعال البر، وليس فيها لغو ولا كفارة، وهو قول الجمهور ومالك٣٣ ومن تبعه. وقيل : يكون في٣٤ اليمين بالله تعالى وبالطلاق وبغير ذلك من أفعال البر والعتق فما دونه، وليس على الحانث بها إلا كفارة يمين، وهو قول شاذ، فالأيمان بهذه الأشياء كلها على هذا القول داخلة تحت قوله تعالى :﴿ ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته ﴾، وقيل : اليمين بالله تعالى وبغيره من أفعال البر ما خلا٣٥ العتق والطلاق ليس فيها إلا كفارة. فأما العتق والطلاق فيلزم الحانث بهما٣٦ ما حلف عليه، فعلى هذا تكون الأيمان كلها داخلة تحت لفظ٣٧ الآية ما عدا اليمين بالطلاق والعتاق. وقيل : بالله تعالى٣٨ وبغيره من أفعال البر العتق فما دونه ليس فيها٣٩ إلا كفارة. وأما الطلاق فيلزم الحالف به ما حلف عليه، فعلى هذا القول الأيمان كلها داخلة تحت لفظ الآية ما عدا الطلاق. وقد روي عن ابن القاسم في المشي إلى مكة أنه ليس على الحالف بها٤٠ إلا كفارة، فهذا أيضا هو٤١ قول من يرى في اليمين بأفعال البر كلها الكفارة خاصة. ومن رأى الآية عامة في الأيمان كلها من اليمين بالله تعالى والعتق والطلاق والصدقة ونحو ذلك لزمه أن يدخلها لغو اليمين أيضا٤٢. ومن رآها خاصة لبعض٤٣ الأيمان خص اللغو به٤٤ أيضا، والإجماع من المذهب على خلاف ذلك. وحجة من يجري الأيمان كلها أو أكثرها في الكفارة واللغو مجرى واحدا عموم٤٥ ألفاظ هذه الآية، ومن خصص٤٦ شيئا منها فبدليل قام له على ذلك من قياس أو غيره، فيتحصل من هذا أن اليمين بالله تعالى٤٧ مرادة بالآية بلا خلاف، وما عدا ذلك من الأيمان، فمختلف٤٨ فيه. وقد اختلف في الأيمان٤٩ له لازمة فحنث ولا نية له، فمن رأى أن٥٠ الأيمان بغير الله تعالى٥١ لا تنعقد لم يلزم شيئا٥٢. ومن راعى عرف الشرع في الأيمان، ورأى أن إطلاق اليمين إنما تحمل٥٣ على الحلف بالله تعالى٥٤، أو رأى اليمين بالله تعالى أو بسائر الأشياء٥٥ سواء ألزم الحانث كفارة يمين، ومن جعل٥٦ الإيمان على عمومها وراعى كل يمين ومقتضاها ألزمه٥٧ الكفارة والطلاق والعتق٥٨ والصدقة والمشي والظهار، وهو قول الجمهور، إلا أن هؤلاء اختلفوا في عدد الطلاق : فمنهم من احتاط وأخذ فيه بأكثر ما يقع عليه اللفظ وهو الثلاث. ومنهم من أخذ فيه بأقل ما يقع عليه اللفظ وهي واحدة٥٩ إلا أن هؤلاء اختلفوا هل تكون بائنة أو رجعية، وهذا الخلاف كله منصوص للمتأخرين، وممنوع في مذاهب٦٠ المتقدمين فيه٦١. والكفارة مأخوذة من كفر الذراع، وكفر الذراع فوق درعه، والكافر الليل، وهذا كله أصله الستر، وسميت بذلك لأنها تستر إثم الحانث وتغطيه.
وقوله تعالى :﴿ إطعام عشرة مساكين ﴾ الآية :
تضمنت هذه الآية أن٦٢ كفارة الحانث تكون بأربعة أشياء : إطعام أو كسوة أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فصيام، وهو فيما عدا٦٣ مخير، وعلى ذلك حمل العلماء " أو " ٦٤، ولا يعلم بينهم في ذلك خلاف، فأما الصيام فلا يجوز الرجوع إليه إلا بعد العجز عن أحد تلك الأشياء لقوله تعالى :﴿ فمن لم تجد فصيام ثلاثة أيام ﴾ [ المائدة : ٨٩ ]، فشرط جواز الصيام بعدم الوجد٦٥. وقد اختلف في صنف الطعام الذي أوجبه الله تعالى على المكفر، وفي قدره، فأما صنفه ففيه ثلاثة أقوال، وهذا بخلاف على القول بأن قوله تعالى :﴿ من أوسط ما تطعمون أهليكم ﴾ ٦٦ [ المائدة : ٨٩ ]. أراد بالتوسط٦٧ التوسط٦٨ في الصنف لا في القدر، أو أراد به التوسط في الأمرين جميعا. فقيل : يتجنب٦٩ أدنى ما يأكل الناس في البلد وينحط عن الأعلى ويكفر بالمتوسط من ذلك٧٠. وقيل : يراعي في ذلك غالب عيش البلد، وهو الصنف الذي يكفر به، وهذا القول في كتاب ابن المواز، وكل يتأول٧١ قوله تعالى في الآية٧٢ :﴿ من أوسط ما تطعمون أهليكم ﴾ على قوله.
وأما٧٣ القدر ففيه اختلاف كثير، وهذا الخلاف على القول بأن المراد التوسط في القدر لا في الصنف أو التوسط٧٤ فيهما جميعا. فقيل : يطعم المكفر كل مسكين مدا من طعامه٧٥ بمد النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان، وهو قول الشافعي والفقهاء السبعة وأحمد وإسحاق، وهو قول ابن القاسم. وذكر إسماعيل القاضي أنه قال : يطعم٧٦ ما يكفي٧٧ ليومه : وقيل : إن أطعم بالمدينة أطعم مدا لكل مسكين، لأنه وسط عيشهم وإن أطعم في سائر الأمصار أطعم وسطا من عيشهم، وهو قول مالك رحمه الله تعالى٧٨. وقال الحسن بن أبي الحسن : إن جمعهم٧٩ إشباعة٨٠ واحدة، وإن أعطاهم أعطاهم مكوكا مكوكا. وقيل : يطعم نصف صاع لكل مسكين، وهو قول الثوري وأبي حنيفة. وقيل : يطعم كل مسكين نصف صاع من حنطة، وإن أعطى تمرا أو شعيرا فصاعا صاعا، وهو قول الشعبي وسائر الكوفيين. قال ابن القصار : ومن حجته٨١ على هذه المقالة قوله تعالى :﴿ فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم ﴾ ٨٢، وأوسط ما يطعم أهله٨٣ ما غلب من العرف وهو ما يغذي ويعشي ويشبع وليس في العرف أن يأخذ٨٤ الواحد صاعا من شعير أو تمر، الذي هو عندهم ثمانية أرطال، ولا نصف صاع من بر وهو٨٥ أربعة أرطال. والحكم معلق٨٦ على الغالب لا على النادر، ويجوز أن يغدي المساكين ويعشيهم عند مالك والكوفيين. وقال الشافعي : لا يعطيهم غير المكيلة٨٧ دفعة واحدة. قال ابن القصار : والجميع عندنا لا يجوز ؛ لقوله تعالى :﴿ فكفارته إطعام عشرة مساكين ﴾ ولم يخص، فإن أطعم بالغداة٨٨ والعشي فقد أطعم. وقال بعضهم : اختلف علماء السلف في التغدية والتعشية، ولذلك اختلف فيه الشافعي وأبو حنيفة. وظاهر قوله تعالى :﴿ إطعام عشرة مساكين ﴾، يدل على جواز التغدية والتعشية، على ما قاله أبو حنيفة٨٩. إلا أن الشافعي يقول : لما قال :﴿ إطعام ﴾ فمعناه٩٠ : جعل المال طعمة لا أنه٩١ فعل الإطعام الذي يتعقبه التطعم. وقد قال ابن سيرين والأوزاعي : يجزيهم أكلة واحدة، ويتعلقون بلفظ الآية. واختلف هل يجوز أن يطعم الخبز نفارا٩٢ أم لا ؟ ففي " شرح ابن مزين " أنه يجزئ، وهو الذي على أصل مالك رحمه الله تعالى٩٣. وعند ابن حبيب أنه لا يجزئ إلا بأدام وزيت أو٩٤ لبن أو لحم٩٥ ونحوه، فوجه القول بمراعاة٩٦ الأدام٩٧ قوله تعالى :﴿ من أوسط ما تطعمون أهليكم ﴾.
ولا بد من إطعام٩٨ الأهلين من أدام، والقاضي يفرضه مع الخبز باتفاق. ووجه الترك لمراعاة ذلك قوله تعالى في كفارة الظهار :﴿ فإطعام ستين مسكينا ﴾ [ المجادلة : ٤ ]. وعمومه يقتضي ما كان مأدوما وغير مأدوم، فيتحصل في قوله تعالى :﴿ من أوسط ما تطعمون أهليكم ﴾ ثلاثة أقوال، أحدها : أنه أراد بالتوسط الصنف، والثاني أنه أراد القدر، والثالث : أنه أرادهما جميعا وهو الأظهر.
واختلف في الرجل لا يقدر لزوجته على أكثر من الشعير، وأهل البلد يأكلون القمح، فقيل : ليس له أن يعطيها الشعير، وهو قول مالك في " سماع يحيى " وقيل : له أن يعطيها ذلك، وليس لها أن تمتنع منه، وهو ظاهر رواية أشهب عن مالك. ووجه القول الأول٩٩ يدل عليه قوله تعالى :﴿ من أوسط ما تطعمون أهليكم ﴾ ١٠٠، إذ قد علم أن الرجل لا يطعم أهله إلا ما يجد ويقدر عليه. واختلف في قدر الكسوة التي تلزم المكفر، فقيل : الكسوة ثوب واحد لكل مسكين، تجوز فيه الصلاة، وهو قول الحسن ومجاهد. وقيل : لا يجزئ الثوب الواحد إلا إذا كان جامعا مما قد يتزيا به١٠١ كالكساء والملحفة١٠٢. وقيل : الكسوة ثوبان لكل مسكين، وهو قول الحسن أيضا وابن سيرين وأبي موسى الأشعري، وروي عن ابن عمر وجابر ابن زيد والزهري. وقيل : الكسوة إزار وقميص ورداء، وقيل : يجزئ أقل ما يقع عليه اسم كسوة١٠٣ على الوسط، فكما يطعم الوسط كذلك يكسو١٠٤ الوسط، وهو قول أبي حنيفة. وقال قوم : يجزئ أقل ما يقع عليه اسم كسوة وهو أحد قولي١٠٥ الشافعي، وقد نسب إلى أبي حنيفة. وقال الشافعي١٠٦ : يجزئ خرقة أو قلنسوة أو تكة وما أشبه ذلك. وقال سفيان : أن١٠٧ يكسو ثوبا أو قميصا أو ملحفة أو إزارا أو عمامة. وروي عن
١ في (ج): "بقوله تعالى"..
٢ قوله: "وقد اختلف... الإيمان" ساقط في (ب) و(ج)..
٣ "رضي الله تعالى عنهما" ساقط في (هـ)..
٤ في (ب) و(ج): "تعالى ذلك"..
٥ في (هـ): "أنه"..
٦ في (أ): "وهو"..
٧ انظر تنوير الحوالك شرح على موطأ مالك: كتاب الأيمان والنذور، ج٣، ص ٣٠، وسنن أبي داود: باب "لغو اليمين" ص ٢٢٢..
٨ "رضي الله عنها" ساقطة في (ج)..
٩ في (أ) و (ب) و(ج): "بها"..
١٠ في (أ) و(ب) و(ج): "بها"..
١١ في (هـ): "مذهب"..
١٢ في (هـ): "رحمهم" وهو خطأ..
١٣ في (هـ): "فيما"..
١٤ في (هـ): "به"..
١٥ "باللغو في أيمانكم" أي ساقط في (أ) و(ب) و(ج) و(هـ)..
١٦ "الأيمان" ساقط في (ب)..
١٧ في (ب): "يتصور به عليه عقد العزم عليه" في (ج) و(هـ): "كل ما يتصور عقد العزم عليه"..
١٨ في (ج): "يقتصر"..
١٩ "فينبغي له أن لا يفعلها"هذا ساقط في (هـ) و(و)..
٢٠ "في ذلك" ساقط في (هـ)..
٢١ انظر فتح الباري، شرح صحيح البخاري: كتاب الأيمان والنذور، باب ٤٤، ص ٤٦٤. وسنن الترمذي كتاب الأيمان والنذور، باب ٤، ص ٤٢ – ٤٣..
٢٢ "الكلام على" ساقط في (هـ)..
٢٣ في (ب): "التلاوات"..
٢٤ "بما" ساقطة في (هـ)..
٢٥ "الأيمان" ساقطة في (هـ)..
٢٦ كلمة ساقطة في ( )..
٢٧ في (ب): "اليمين بالله"..
٢٨ في (أ): "يلزم بها الحانث" في (ب): "تلزمه" "الحالف بها" ساقطة في (هـ)..
٢٩ في (هـ): "يلزمه"..
٣٠ في (هـ): "الحالف"..
٣١ قوله: "وقاله ابن وهب... وكذلك اليمين بالعتق" ساقط في (د) يبدأ السقوط من (٣٧٩-ظ) إلى (٣٨١ و)..
٣٢ في (هـ): "وكذلك مثل"..
٣٣ في (ج): "وهو قول ومالك الجمهور"..
٣٤ "يكون في" ساقطة في (ج) و(د)..
٣٥ في (ب): "قال" وفي (ج) :"خلى"..
٣٦ في (ج): "بها"..
٣٧ كلمة ساقطة في (هـ)..
٣٨ كلمة ساقطة في (هـ)..
٣٩ في (أ): "فيه"..
٤٠ في (هـ): "به"..
٤١ في (ب) و(هـ): "وهي"..
٤٢ قوله: "ومن رأى الآية..... لغو اليمين أيضا" ساقط في (هـ)..
٤٣ في (ب) و(ج) و(هـ): "ببعض"..
٤٤ في (ج) و(د): "بها"..
٤٥ في (هـ): "عمم"..
٤٦ في (هـ): "خص"..
٤٧ كلمة "تعالى" ساقطة في (هـ)..
٤٨ في (ج): "فاختلف" في (د): "مختلف"..
٤٩ في (أ): "بالإيمان" في (هـ): "فيمن حلف بالأيمان" في (د): "فيمن قال بالإيمان"..
٥٠ "أن" ساقطة في (ب) و(د) و(هـ)..
٥١ كلمة ساقطة في (هـ)..
٥٢ في (أ) و(ب) و(ج) و(د): "شيء"..
٥٣ في (ج): "تحلف"..
٥٤ كلمة ساقطة في (هـ)..
٥٥ في (ج): "سائر"..
٥٦ في (ب) و(ج) و(هـ): "حمل"..
٥٧ في (ج): "لزمه"..
٥٨ في (هـ): "والعتاق"..
٥٩ في (هـ): "واحدة"..
٦٠ في (هـ): "مذهب"..
٦١ "فيه" ساقطة في (هـ) في (د): "فيه والإشارة والكفارة"..
٦٢ "أن" ساقطة في (هـ)..
٦٣ في (ب): "عدي"..
٦٤ في (د): "الآية"..
٦٥ في (هـ): "الوجدان"..
٦٦ كلمة ساقطة في (أ) و(ب) و(ج) و(د) و(هـ)..
٦٧ في (هـ): "أراد به"..
٦٨ في (ج): "أراد التوسط"..
٦٩ في (د): "يجب"..
٧٠ في (هـ): "منه"..
٧١ في (د): "يتناول"..
٧٢ الجار والمجرور ساقط في (ج) و(د)..
٧٣ في (د) و(هـ): "وأما"..
٧٤ في (أ) و(ب): "بالتوسط" في (هـ): "أو المتوسط"..
٧٥ في (هـ): "من طعام"..
٧٦ في (ج)و(د): "ليطعم"..
٧٧ في (هـ): "يكفيه"..
٧٨ كلمة ساقطة في (هـ)..
٧٩ في (ب): "أن حجهم" في (ج): "أرحخهم".
٨٠ ف (ج): "شبعه"..
٨١ في (هـ): "حجته"..
٨٢ في (هـ): "أو كسوتهم"..
٨٣ في غير (هـ): "أهلها"..
٨٤ في (د) و(هـ): "أن يأكل"..
٨٥ في (هـ): "الذي هو"..
٨٦ في (ج): "الحكم الذي""معلق" ساقط في (د) و(ج)..
٨٧ في (ج): "الكيلة"..
٨٨ في (هـ): "بالغدات"..
٨٩ قوله: "وظاهر قوله تعالى... قال أبو حنيفة" ساقط في (أ)..
٩٠ كلمة ساقطة في (ب) و(ج)..
٩١ في (ب) و(ج) و(د): "لأنه"..
٩٢ في (ب): بياض في (هـ): "مفارا"..
٩٣ "رحمه الله تعالى" ساقطة في (هـ)..
٩٤ في (أ) و(هـ): "واو"..
٩٥ "أو لحم" ساقط في (هـ)..
٩٦ في جميع النسخ: "بمراعاة" والصواب ما أثبتناه..
٩٧ في (ب) و(هـ): "الإمام"..
٩٨ في (ب): "من"..
٩٩ في (ب) و(ج) و(د): "ووجه هذا الذي"..
١٠٠ "أهليكم" ساقطة في (هـ)..
١٠١ في (ب) و(ج) و(د): "يتزين به" في (هـ): "يتزر به"..
١٠٢ في (ج) و(د): "كالكساوي الملحفة"..
١٠٣ في (هـ): "الكسوة"..
١٠٤ في (هـ): "بكسوة"..
١٠٥ في (أ): "قال"..
١٠٦ قوله: "يجزئ أقل.... وقال الشافعي" ساقط في (ج) و(د)، وقد سقط في (هـ) قوله: "وقد نسب إلى أبي حنيفة وقال الشافعي"..
١٠٧ "أن" ساقطة في (ج)..
٩٠ - قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ﴾ إلى قوله :﴿ فهل أنتم منتهون ﴾ :
اختلف في سبب نزول هذه الآية، فقيل : نزلت بسبب عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه١، فإنه ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم عيوب الخمر، وما نزل بالناس من أجلها ودعا٢ الله تعالى٣ في تحريمها، وقال : اللهم بين لنا بيانا شافيا، فنزلت. فقال عمر : انتهينا، وقيل : نزلت بسبب أن رجلا من الأنصار صنع طعاما فدعا٤ إليه جماعة فيهم٥ سعد بن أبي وقاص، فشربوا الخمر حتى انتشوا، فتفاخرت٦ الأنصار مع قريش، فقال كل فريق : نحن خير منكم، فأخذ رجل من الأنصار لحي٧ جمل فضرب به أنف سعد ففزره٨، وكان سعد أفزر الأنف فنزلت الآية. وقيل : نزلت في قبيلتين من الأنصار شربوا حتى إذا٩ ثملوا عربدوا، فلما صحوا جعل كل واحد منهم يرى الأثر في وجهه ولحيته وجسده١٠، فيقول : هذا فعل فلان، فحدثت بينهم١١ ضغائن، فنزلت الآية١٢. وقيل : نزلت بسبب حمزة ابن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه١٣، إذ قال للنبي صلى الله عليه وسلم١٤ : " هل أنتم إلا عبيد لأبي "، وهو سكران. وهذه الآية أبين آية في القرآن في تحريم الخمر ؛ لأن كل آية سواها تحتمل التحليل والتحريم١٥ للخمر١٦، وهذه الآية لا تحتمل إلا التحريم١٧، فالخمر محرمة بالقرآن عند جميع أهل السنة، إلا أنهم اختلفوا هل بنص من القرآن أم بدليل ؟ والذين ادعوا النص ادعوه في ثلاثة مواضع أحدها في هذه الآية، قالوا : لأنه تعالى أمر باجتنابها وتوعد على استباحتها١٨ وقرنها١٩ بالميسر والأنصاب والأزلام، وهذا قول ضعيف ؛ لأن ما يحتمل التأويل ليس بنص. وهذه الآية لولا ما اقترن بها من القرآن لكانت تحتمل الكراهة٢٠ والتحريم، وما كان هكذا فليس بنص، وإنما هو دليل. والثاني : أن النص على تحريمها قائم في هذه الآية وفي٢١ الأنعام :﴿ قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس ﴾ [ الأنعام : ١٤٥ ]، قالوا٢٢ : فسماها في٢٣ آية المائدة رجسا ثم نص على تحريم الرجس في آية الأنعام.
ودعوى النص على تحريمها في هذا باطل ؛ لأن الرجس مشترك والألفاظ المشتركة لا يدعى فيها ولو لم يكن لفظا مشتركا، وكان اسما لشيء واحد لما كان ذلك نصا ؛ لأنه تعالى سمى في آية المائدة الخمر وما ساق معها رجسا ثم حرم في آية الأنعام أشياء وسماها رجسا، فغاية ما في هذا أن اسم رجس يعم هذه الأشياء. ويحتمل أن يحرم الله تعالى بعض الرجس ولا يحرم بعضه. وقد يمكن أن يجعل هذا دليلا على التحريم- وهو ضعيف- وذلك بأنه جعل قوله تعالى :﴿ فإنه رجس ﴾ تعليلا٢٤ للتحريم أي حرمت هذه الأشياء لأنها رجس، فإذا كان الرجس علة التحريم فحيث وجدناها أصحبناها الحكم وهو التحري، وقد وجدناها في الخمر، لأنه تعالى قد سماها رجسا، فقد وجدت فيها العلة فينبغي أن يجري عليها هذا٢٥ الحكم. ووجه الضعف في هذا القول٢٦ أن الرجس٢٧ الذي علل به التحريم لا يقطع بأنه الذي سميت به٢٨ الخمر لأنه اسم مشترك. والثالث في آية البقرة وآية الأعراف، لأنه قال في البقرة٢٩ :﴿ قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس ﴾ ٣٠ [ البقرة : ٢١٩ ]، فجعل الخمر٣١ إثما ثم نص على تحريم الخمر٣٢ في الأعراف فقال :﴿ قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم ﴾ [ الأعراف : ٣٣ ]، ودعوى النص على التحريم٣٣ في هذا أيضا٣٤ باطل لأنه تعالى قد سماها رجسا، فقد وجدت فيها العلة فينبغي أن يجري عليها الحكم. ولم يسم الخمر في آية البقرة إثما ثم حرمه٣٥ في آية الأعراف، وإنما قال إن٣٦ في الخمر إثما فالإثم غير الخمر، فتحريم الإثم لا يلزم به تحريم الخمر، بل لو سماها٣٧ إثما ثم حرم الإثم لم يكن نصا لأن قوله " والإثم " لفظ عام يحتمل التخصيص، فالنص بعيد منه، وغاية ما في ذلك أن يكون دليلا ما، وهو ضعيف. والذين لم يروا نصا في القرآن على تحريم الخمر ورأوا أن تحريمها إنما هو بدليل منه، انتزعوا الأدلة من مواضع أثبتتها هذه الآية، لأن الأمر إذا ورد احتمل عند العلماء الوجوب٣٨ والندب والإباحة. وهذا ما لم تقترن به قرينة، فإذا٣٩ اقترنت به قرينة تدل على أحد الثلاثة الأشياء٤٠ حمل عليها بلا خلاف منهم، وهذا الأمر بالاجتناب في هذه الآية قد اقترنت به قرائن تدل على أن٤١ المراد به٤٢ إيجاب٤٣ اجتناب الخمر وهي٤٤ ما ورد بعقب الآية من ذم الرجس الذي سمى به الخمر ونسبته إلى الشيطان، والتوعد على إتيانه فيجب حمل٤٥ الأمر على الإيجاب.
وإذا كان اجتنابها واجبا كان التلبس بها حراما، فهي حرام بهذا الدليل. ومن الناس من يخفى عليه هذا الدليل ويزعم أنها ليست بمحرمة في القرآن وأنه٤٦ إنما حرمتها السنة المتواترة، ولا يصدر هذا إلا عن جهل بالأدلة. وبالجملة فتحريم الخمر معلوم من دين الأمة ضرورة إلا ما يحكم عن قوم من المجانين٤٧ والمتلاعبين بالدين : وأنهم يتعلقون بشيء يذكر عن عمرو بن معدي كرب٤٨ لا يساوي ذكره لأنهم٤٩ في هذا مخالفون٥٠ أدلة القرآن ونصوص السنة٥١ المتواترة والإجماع المنعقد. وسميت الخمر خمرا لأنها تخامر العقل، فإن قيل : فهل يسمى كل ما يخامر العقل خمرا أم لا ؟ هذه مسألة اختلف الأصوليين فيها، فمن يرى منهم القياس في الأسماء جائزا أطلق ذلك. وعلى ذلك يحمل قوله :﴿ إنما الخمر ﴾، فيرى الخمر اسما عاما لكل ما يخامر العقل ويجري عليه التحريم، إلا ما قام دليل على تخصيصه من لفظ الآية، هذا على القول بعموم ذلك اللفظ. ومن لا يرى القياس٥٢ من الأصوليين يقول : وإن٥٣ سميت الخمر خمرا٥٤ لأنها خامرت٥٥ العقل فلا نقيس ذلك ونقول : كل ما خامر العقل خمر، فهؤلاء لا٥٦ يحملون لفظ الخمر في الآية إلا على ما أوقعته العرب عليه ذلك، ويحملون الآية على ما يحمله عليها٥٧ الأولون، لأن هذا ليس بقياس يعد٥٨ وإنما هو سماع.
وقد اختلف في الخمر المحرمة ما هي اختلافا كثيرا٥٩، فذهب مالك وجمهور أهل العلم إلى٦٠ أن كل مسكر خمر كان ما كان فقليله وكثيره حرام ؛ لقوله تعالى :﴿ إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام ﴾ ٦١ الآية. وذهب قوم من أهل العراق إلى أن الخمر المحرمة هي التي٦٢ من عصير العنب إذا نش٦٣. وذهب بعض أهل٦٤ العراق أيضا إلى أنها عصير العنب إذا نش٦٥ ألقى الزبد. وذهب بعضهم إلى أنها خمر العنب والتمر خاصة على ما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : " الخمر من الكرمة والنخلة " ٦٦. وذهب بعضهم على أن الخمر المحرمة العين هي التي من عصير العنب، وأن نقع الزبيب والتمر والخمر من غير طبيخ بمنزلة الخمر في تحريم العين، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف٦٧ ومحمد وكل من خص اسم الخمر بشيء مما قدمناه، فإنه يقول : إن ما عدا ذلك حلال وإن أسكر ولكن السكر منه حرام، ولا حد على شاربه سكر منه أو لم يسكر، كشراب البيرة والشعير والذرة والعسل إلى غير ذلك. وهؤلاء المخصصون للخمر المحرمة بشيء دون شيء إن قالوا : إن اسم الخمر يقع أيضا على تلك الأشياء التي ليست بمحرمة. قيل لهم : ما هذا التحكم، واسم الخمر في الآية مطلق غير مقيد، ومثل هذا إذا أطلق فهو محمول على العموم عند جمهور الأصوليين. وإذا كان كذلك فلم خصصتم ذلك من لفظ الآية، فإن ذكروا شيئا من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم مما لا يحتمل، وهو بعيد، عورضوا بالأحاديث الدالة على العموم التي لا يشك فيها مثل قوله عليه الصلاة والسلام : " كل مسكر حرام وكل خمر حرام " ٦٨ ونحو ذلك، مع أنه٦٩ ليس لهم٧٠ حديث أظهر من التخصيص٧١ في قوله عليه الصلاة والسلام٧٢ : " الخمر من الكرمة والنخلة " ٧٣، وهو حديث محتمل للتأويل، وإنما وقع الخلاف في هذه المسألة لأن هذا الاسم خمر العنب أشهر منه في خمر غير العنب ؛ لأن غير العنب من الخمور يسمى٧٤ اسما آخر لتمييز نوع من نوع كالفضيخ والمزر والبتع٧٥ ونحو ذلك. ومع هذا فإن شراب العنب مقصود٧٦ غالبا وغيره، وإنما يشرب عند إعواز العنب٧٧، فظن قوم لأجل هذه القرائن أن الخمر هي٧٨ ما كان من العنب خاصة. ورأى آخرون أن اسم الخمر عام، ثم اختص كل شراب باسم كالفاكهة التي هي اسم عام، ثم سمي كل نوع منه باسم خاص، إلا أن هذا يجاب عنه بأن الخمر ليست كالفاكهة، فإن العنبي من الخمور ليس له اسم خاص بمشهور، وإنما يسمى خمرا مطلقا باسم الجنس بخلاف الفاكهة. والأصل الذي يعتمد عليه في هذا أن تحريم الخمر نزل وعامة أشربة المدينة ما عدا العنبي، لأن العنبي٧٩ لم يكن بالمدينة. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما٨٠ : نزل تحريم الخمر وهو الفضيخ، في حديث أنس أنه نزل تحريمها وأنه البسر والتمر وهو خمرنا٨١ يومئذ. وفي حديث أنس أيضا، قال : حرمت الخمر يوم حرمت وما نجد خمور الأعناب إلا القليل. وفي حديثه أيضا٨٢ حرمت الخمر و٨٣ هي من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير والذرة وما خمرت٨٤ من ذلك فهو خمر، وروى النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن٨٥ من الحنطة خمرا، وإن من الشعير خمرا، ومن التمر خمرا٨٦، ومن العسل خمرا " ٨٧، فقد ورد في هذه الأحاديث أن الشراب من هذه الأشياء سوى العنب يسمى خمرا. وأن التحريم نزل وخمر المدينة من غير العنب، فهذا كله يقضي٨٨ بعموم٨٩ اسم الخمر، لهذه الأشياء وما أشبهها. وقوله عليه الصلاة والسلام٩٠ : " كل مسكر حرام " ٩١ وقوله : " ما٩٢ أسكر كثيره فقليله٩٣ حرام " يرفع كل إشكال. وعندنا أن الخمر محرمة لعلة خلافا لمن يقول : إنها محرمة لعينها٩٤، وهم أصحاب أبي حنيفة. والذين٩٥ رأوا التحريم لعينها هم الذين خصوا التحريم ببعض المسكر دون بعض، وقد قدمنا مذاهبهم. فأما مالك ومن تابعه ممن رأى التحريم في كل مسكر، فالخمر عنده محرمة لعلة. ولأصحاب مالك في إثبات العلة طريقان، أحدهما : الطرد والعكس وهو أنهم رأوا التحريم٩٦ يوجد بوجود الإسكار في خمر العنب، ويفقد٩٧ بفقدها، فحكموا أن العلة في تحريم خمر العنب ذلك الشيء الذي يوجد التحريم بوجوده ويفقد بفقده وهو الإسكار، وهذا يسمونه الطرد والعكس، فلما صح عندهم أن العلة في تحريم خمر العنب ذلك طردوا، فحيث٩٨ وجدوا العلة ألزموا الحرمة٩٩. فيأتي على هذا أن كل مسكر حرام سميناه خمرا أو لم نسمه خمرا١٠٠. والطريقة الثانية في إثبات العلة استنباطها من الكتاب، فإنه تعالى قال بإثر الآية باجتناب١٠١ الخمر :﴿ إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة ﴾ ١٠٢، وهذا يسميه الأصوليون التنبيه على العلة، فنبه تعالى على أن علة تحريم١٠٣ الخمر كونها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة وتوقع العداوة والبغضاء. وهذا المعنى بعينه موجود في كل مسكر على حد سواء لا تفاضل بين الأشربة فيه، فوجب أن يكون حكم جميعها واحدا، فما تقتضيه هذه الآية من التنبيه على العلة١٠٤ دل١٠٥ على فساد قول من يرى تحريم الخمر لعينها، لأنه لو كان كذلك لما أتى الله تعالى بهذه
١ كلمة "رضي الله تعالى عنه" ساقطة في (هـ)..
٢ في غير (أ) و(ب): "فدعى"..
٣ في (ب): "إلى الله تعالى" وقوله: "تعالى" ساقط في (ج)..
٤ في (هـ): "فدعى"..
٥ في (د): "وكان فيهم"..
٦ في (ب): "فتأخرت"..
٧ "لحي" بياض في (ب) وفي (ج): "يحي" في (د): "يجبر"..
٨ "ففزره"بياض في (ب) وساقطة في (د)..
٩ "إذا" ساقطة في (ب) و(هـ)..
١٠ في (هـ): "حصده"..
١١ في (أ): "في ذلك بينهم" في (هـ): "بينهم في ذلك"..
١٢ كلمة ساقطة في (د) وفي (هـ)..
١٣ "رضي الله تعالى عنه" ساقطة في (ج) و(هـ)..
١٤ في (أ) و(ب) و(هـ): "وهو سكران"..
١٥ في (أ): "والتحريم التحريم" في (ب) و(هـ): "وتحتمل التحريم"..
١٦ كلمة ساقطة في (ج)..
١٧ "الخمر وهذه الآية لا تحتمل غلا التحريم" ساقطة في (د)..
١٨ كلمة ساقطة في (د)..
١٩ في (أ): "وقد نهى"..
٢٠ في (ب) و(ج) و(د) و(هـ): "الكراهية"..
٢١ "في" ساقطة في (أ) و(ب) و(هـ)..
٢٢ في (هـ): "فهذا"..
٢٣ "في"ساقطة في (ب)..
٢٤ في (ب): "تعليل"..
٢٥ "هذا" ساقطة في (أ) و(ب) و(ج) و(هـ)..
٢٦ في (ج) و(هـ): "ضعف هذا الدليل" وفي (د): "ضعف هذا التأويل"..
٢٧ كلمة ساقطة في (هـ)..
٢٨ "به" ساقطة في (ب)..
٢٩ في (ج): "في آية البقرة"..
٣٠ في (ج) و(ب) و(د): "ومنافع للناس"..
٣١ في (أ) و(ب) و(ج) و(د) و(هـ): "في الجمر"..
٣٢ في (ج) و(د) و(هـ): "الإثم"..
٣٣ في (ج) و(د) و(هـ): "تحريم الخمر"..
٣٤ في (أ) و(ج) و(هـ): "أيضا هذا" وكلمة "أيضا" سقطت في (ب)..
٣٥ كلمة "حرمه" مقدرة في (و)..
٣٦ "أن"ساقطة في (أ)..
٣٧ في (ب): "لو سماها بعد"..
٣٨ في (ب) و(ج): "عند العلماء إلى الوجوب"..
٣٩ في (د) و(هـ): "فإن"..
٤٠ كلمة ساقطة في (هـ)..
٤١ في (د): "أنه"..
٤٢ "به" ساقطة في (د)..
٤٣ في (د): "بإيجاب"..
٤٤ في (أ) و(ب): "وهذا"..
٤٥ في غير (ج) و(هـ): "فحمل"..
٤٦ "وأنه" ساقط في (ج)..
٤٧ في (هـ): "من المجان"..
٤٨ في (ب) و(هـ): "معد كرب"..
٤٩ كلمة ساقطة في (ب) و(ج)..
٥٠ كلمة بياض في (ب)..
٥١ في (ب) و(ج): "السنن"..
٥٢ في (هـ): "القياس في الأسماء"..
٥٣ "وإن" ساقطة في (ج) في (هـ): "إنما"..
٥٤ كلمة ساقطة في (ب)..
٥٥ في (ب) و(ج): "خمرت" في (هـ): "تخامر"..
٥٦ "لا" ساقطة في (ب) و(ج)..
٥٧ في (هـ) و(ج): "بجملها عليه"..
٥٨ كلمة ساقطة في (ب)..
٥٩ كلمة ساقطة في (أ)..
٦٠ "إلى" ساقطة في (أ) و(ج)..
٦١ ﴿والأنصاب والأزلام﴾ ساقطة في (هـ)..
٦٢ في (هـ): "التي هي الخمرة المتخذة"..
٦٣ في (ب): "قشر" في (هـ): "انشر" والصواب ما أثبتناه. ونش نشا ونشيشا النبيذ: غلى..
٦٤ كلمة ساقطة في (ج)..
٦٥ في (هـ): "أنشى"..
٦٦ الحديث أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الأشربة، باب٤، ص ١٥٧٣ – ١٥٧٤، وأبو داود في سننه: كتاب الأشربة، باب٤، ص ٨٣..
٦٧ لاسم غامض في (و)، واضح في (هـ)..
٦٨ الحديث أخرجه ابن ماجه في سننه: كتاب الأشربة، باب ١٠، ص ١١٤٠..
٦٩ في غير (د) و(هـ): "أنهم"..
٧٠ كلمة ساقطة في (أ) و(ج)..
٧١ في (هـ): "في التخصيص"..
٧٢ في (هـ): "من قوله صلى الله عليه وسلم"..
٧٣ الحديث: انظر سنن أبي داود: كتاب الأشربة، باب٤، ص ٨٣، وسنن الترمذي: كتاب الأشربة، باب٨، ص ١٩٧ – ١٩٨..
٧٤ في (هـ): "سمي"..
٧٥ ف (هـ): "التبعي"..
٧٦ في (د): "مقصوده" في (هـ): "مقصودا"..
٧٧ في (أ) و(ج): "العنبي"..
٧٨ "هي" ساقطة في غير (هـ)..
٧٩ في (د) و(ج) و(هـ): "العنب"..
٨٠ "رضي الله تعالى عنهما" ساقطة في (ج) و(هـ)..
٨١ في (ب): "خمورنا"..
٨٢ قوله: "حرمت... وفي حديثه أيضا" ساقط في (د) و(هـ)..
٨٣ "الواو"ساقطة في (أ)..
٨٤ في (أ): "حرمت"..
٨٥ في (هـ): "فإن".
٨٦ "ومن التمر خمرا" ساقطة في (أ)..
٨٧ انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري: كتاب التفسير، باب ١٠، ص ٢٧٧، وكتاب الأشربة، باب٢، ص ٣٥، وسنن الترمذي: كتاب الأشربة، باب٨، ص ١٩٧..
٨٨ في (ب) و(هـ): "يقتضي"..
٨٩ في (هـ): "تعميم"..
٩٠ في (ب): "عليه السلام"..
٩١ في (أ) و(ب) و(ج) و(هـ): "خمر" والحديث أخرجه ابن ماجه في سننه: كتاب الأشربة، باب ١٠، ص ١١٢٤..
٩٢ "وقوله ما" بياض في (ب) وفي (ج): "وقولهما"..
٩٣ في (د): "فكثيره أو قليله" والحديث أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الأشربة، باب ٥، ص ٨٧، واللفظ له. وأخرجه ابن ماجه في سننه: كتاب الأشربة، باب ١٠، ص ١١٢٤، والإمام أحمد ابن حنبل في مسنده: ج٣، ص ٣٤٣، واللفظ له..
٩٤ في (هـ): "محرمة لغير علة"..
٩٥ الذين ساقطة في (هـ)..
٩٦ من قوله: "في كل مسكر..." إلى قوله: "رأوا التحريم" كله ساقط من (هـ) وأما (ب) فقد سقطت منها كلمة "التحريم"فقط..
٩٧ "ويفقد" ساقطة في (ب)..
٩٨ في (ب): "بحيث"..
٩٩ كلمة ساقطة في (ب) و(ج) و(هـ)..
١٠٠ كلمة ساقطة في (هـ)..
١٠١ في (هـ): "في اجتناب"..
١٠٢ "وعن الصلاة" ساقطة في (ب) و(ج)، الآية ٩١ من سورة المائدة..
١٠٣ في (ب): "العلة في تحريم"..
١٠٤ في (ب) و(د) و(ج): "أن العلة"..
١٠٥ في (ب) و(ج) و(د): "تدل"..
٩٣ - قوله تعالى :﴿ ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا ﴾ إلى قوله١ :﴿ يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله ﴾ :
سببها أنه٢ لما نزل تحريم الخمر، قال قوم من الصحابة : يا رسول الله كيف بمن٣ مات منا وهو يشربها ويأكل الميسر ونحو هذا من القول، فنزلت الآية. وهذا نظير سؤالهم عمن مات على القبلة الأولى٤ فنزلت٥ :﴿ وما كان الله ليضيع إيمانكم ﴾ [ البقرة : ١٤٣ ]، فأعلم الله تعالى عباده في هذه الآية أن الذم٦ والجناح إنما يلحق٧ من جهة المعاصي، وأولئك الذين ماتوا قبل التحريم لم يعصوا بارتكاب٨ محرم، لأن هذه الأشياء لم تكن حرمت قبل. والتكرار في قوله تعالى :﴿ اتقوا ﴾ ٩ يقتضي في كل تكرارة زيادة على التي قبلها، وفي ذلك مبالغة في١٠ هذه الصفات. ثم اختلف المفسرون في تأويل التكرار، فقال قوم : الرتبة١١ الأولى هي اتقاء الشرك والكبائر، والإيمان على كماله، وعمل الصالحات. والرتبة الثانية هي الثبوت والدوام١٢ على الحالة المذكورة. والرتبة الثالثة هي انتهاء التقوى بهم١٣ إلى امتثال ما ليس بفرض من النوافل في الصلاة والصدقة وغير ذلك، وهو الإحسان. وقال قوم : الرتبة الأولى لما في الزمان، والثانية للحال، والثالثة للاستقبال. وقال قوم : الاتقاء الأول هو في الشرك والتزام الشرع، والثاني في الكبائر، والثالث في الصغائر. وهذه الآية لكل مؤمن وإن كان عاصيا أحيانا إذا كان الغالب على أمره الإحسان، فليس على هذا الصنف جناح فيما طعم مما لا يحرم عليه، هذا هو١٤ التأويل الصحيح في هذه الآية التي يذهب١٥ إليه١٦ أهل السنة. وقد تأول قدامة بن مظعون/ الجمحي من الصحابة الآية على أنها عامة فيمن طعم من المؤمنين الخمر، وإن كان بعد تحريمها. ورأى أن الجناح مرفوع عنه، ولوقوع ذلك منه حكاية طويلة تقتضيه١٧، وذلك أنه كان١٨ ختن١٩ عمر بن الخطاب رضي الله عنه خال أولاده، فولاه عمر على البحرين، فقدم٢٠ الجارود على عمر بن الخطاب من البحرين وشهد عليه بشرب الخمر هو وأبو هريرة، وأما أبو هريرة فقال : لم أره يشرب ولكنني٢١ رأيته سكران يقيء. فقال له عمر : لقد تقطعت الشهادة٢٢. ثم كتب عمر إلى قدامة، فألح٢٣ الجارود على عمر في إقامة الحد عليه حتى قال له عمر : ما أراك إلا خصما، وما شهد معك إلا رجل واحد. فقال أبو هريرة : إن كنت تشك في شهادتنا فأرسل إلى هند ابنة الوليد٢٤ واسألها، وهي امرأة قدامة رضي الله عنها٢٥، فبعث إليها فأقامت الشهادة على زوجها، فقال له عمر : إني حادك٢٦. قال : لو شربتها كما يقولون لم يكن لك أن تحدني. فقال عمر : لم ؟ قال٢٧ : لأن الله تعالى يقول :﴿ ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ﴾ الآية. قال٢٨ له عمر رضي الله عنه٢٩ : أخطأت في التأويل، إنك إن٣٠ اتقيت الله تعالى٣١ اجتنبت٣٢ ما حرم عليك، ثم حده عمر. قالوا٣٣ : ولم يحد أحدا من أهل بدر في الخمر غيره.
١ في (أ) :"إلى قوله سبحانه"..
٢ "أنه" ساقط في (ب)..
٣ في (هـ): "من"..
٤ في (ب): "على قبلته القبلة الأولى"..
٥ في (ج): "فنزلت الآية"..
٦ كلمة بياض في (د)..
٧ في (ب) و(ج): "يلزم العجز"، "يلحق" بياض في (د)..
٨ في (ب): "بارتكابه"..
٩ في (ب): "واتقوا"..
١٠ في (ب): "على هذه" في (هـ): "لهذه"..
١١ لعله: "الرتبة الأولى"..
١٢ في (هـ): "هي الدوام والثبوت"..
١٣ كلمة ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
١٤ "هو" ساقط في (د)..
١٥ في (د): "في الآية هذه الذي يذهب"..
١٦ كلمة ساقطة في (د)..
١٧ في (أ) و(ب) و(ج) و(د): "تقتضيها" أما في (هـ): "فالكلمة ساقطة"..
١٨ في (هـ): "قد"..
١٩ في (أ): "ختر" وفي (ب) بياض..
٢٠ كلمة بياض في (ب)..
٢١ في (د): "يشرب الخمر ولكنه"..
٢٢ في (أ) و(ب) و(د) و(هـ): "في الشهادة"..
٢٣ في (هـ): "ألح"..
٢٤ في (ج) و(ب): "بنت الوليد" وهي هند ابنة الوليد..
٢٥ "رضي الله تعالى عنه" هذا ساقط في (أ) و(هـ)..
٢٦ في (د): "جالدك"..
٢٧ كلمة ساقطة في (ب) و(ج)..
٢٨ في (هـ): "فقال"..
٢٩ "رضي الله تعالى عنه" ساقطة في (ج) و(د) و(هـ)..
٣٠ في بقية النسخ "إذا"..
٣١ كلمة ساقطة في (هـ)..
٣٢ في (ب) و(ج) و(د): "واجتنبت"..
٣٣ في (ب) و(د): "وقالوا قال"..
٩٤ قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ﴾ الآية :
قو له تعالى :﴿ ليبلونكم ﴾ معناه : ليختبرنكم، والمعنى في الآية١ : ليختبرنكم هل تصيدون في الحرام وأنتم حرم ؛ لأنه تعالى٢ حرم الصيد في هاتين الحالتين، وإنما أراد تعالى أن يرى في ذلك٣ طاعة العرب أو معصيتهم، وقد كان الصيد أحد معاشهم٤ وشائعا٥ في جميعهم، فابتلاهم الله تعالى٦ فيه بالإحرام والحرم كما ابتلى بني إسرائيل في٧ أن لا٨ يعدوا في السبت.
قوله تعالى :﴿ أيديكم ورماحكم ﴾ :
قال مجاهد : ما تناله الأيدي هو٩ البيض والفراخ وما لا يستطيع أن يفر١٠ وما تناله١١ الرماح كبير١٢ الصيد الذي لا يقدر على أخذه بالأيدي١٣ وإنما خص الله تعالى الأيدي بالذكر لأنها عظيمة التصرف في الصيد وفيها تدخل الحبالات والفخاخ والشباك١٤ والجوارح، وكذا خص الرماح بالذكر لأنها معظم ما يجرح به الصيد. وفيها يدخل السيف والسهم ونحو ذلك.
قوله تعالى :﴿ من الصيد ﴾ :
يحتمل أن تكون " من " فيه للتبعيض يريد البر ؛ لأن الله تعالى أحل للمحرمين صيد البحر، فقال :﴿ أحل لكم صيد البحر وطعامه ﴾ [ المائدة : ٩٦ ] الآية. ويحتمل أن تكون أيضا للتبعيض١٥، إلا أن التبعيض١٦ لا يكون في الصيد، ولكن يكون في الحال للصيد١٧، وهي حال الحرمة، فصيد هذه الحال بعض الصيد. كما١٨ أن صيد البر بعض الصيد١٩ كذا ذكر بعضهم هذين الاحتمالين. ويعني عندي أن تكون " من " للتبعيض في الحالتين جميعا، أي من صيد البر في حال الحرمة. قال بعضهم : ويجوز أن تكون لبيان الجنس. قال الزجاج : وهذا كما تقول : لأمتحننك بشيء من الورق، وكما قال تعالى :﴿ فاجتنبوا الرجس من الأوثان ﴾ [ الحج : ٣٠ ]. وقد اختلف في صيد الكتابي اليهودي والنصراني٢٠ على ثلاثة أقوال، أحدها : المنع. والثاني٢١ : الكراهة والثالث٢٢ : الجواز. والمنع٢٣ قول٢٤ مالك٢٥، واحتج بقوله تعالى :﴿ تناله أيديكم ورماحكم ﴾ يريد أن٢٦ المخاطبين٢٧ بالآية المسلمون٢٨ خاصة، فلا يجوز صيد غيرهم لذلك.
وذكر ابن المواز٢٩ عن مالك أنه كرهه. وقال أشهب وابن وهب : هو ذكي حلال. وقال ابن حبيب : كانا يريانه بمنزلة ذبائحهم، وأنه دخل في٣٠ قوله عز وجل :﴿ وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ﴾ [ المائدة : ٥ ]، وهو أحسن لأنها ذكاة كلها، ولا فرق بين تذكيتهم الإنسي٣١ والوحشي، وهو طعام لهم٣٢ داخل في عموم الآية. وأما قوله تعالى :﴿ تناله أيديكم ورماحكم ﴾ فليس المراد بها جنس الصائد٣٣، وإنما المراد ابتلاء المحرم ليعلم صيده إذا وجده ووقوفه عنه٣٤، ومخافته بالغيب٣٥ فيما يخفى له ولا يظهر عليه فيه، كما ابتلى اليهود٣٦ في الصيد يوم السبت. واختلف أيضا في صيد المجوسي. ففي المذهب أنه لا يجوز، وأجازه بعضهم. ومن حجة المنع الآية على ما قدمناه.
واختلف في الصيد يثيره إنسان ويأخذه آخر فقيل : إنه المثير. وقيل : هو بينهما٣٧. وقيل : هو٣٨ للآخذ لا للمثير٣٩. واحتج من قال ذلك بهذه الآية ؟ لأن المثير لم تنل يده ولا رمحه شيئا.
وقوله تعالى :﴿ ورماحكم ﴾ ٤٠ :
إنما يعني به ما قتله الرماح بحدها فخرقت أو بضعت، وقد اختلف في المعراض يقتل به الصيد، فقيل : إن أصابه يحده أكل، ولا يؤكل إن أصاب بعرضه٤١، وهو قول جمهور أهل العلم كما قدمناه من دليل الآية.
وحكي عن قوم منهم الأوزاعي : أنه يؤكل خرق أو لم يخرق، وكذلك لا يؤكل عند الجمهور صيد البندقية٤٢ لما قدمناه من دليل الآية، خلافا لابن أبي ليلى وابن المسيب وغيرهما ممن أجاز أكل ذلك. وكذلك لا يؤكل ما قتلته الشبكة والحبالة لما قدمناه٤٣ خلافا للحسن٤٤ في قوله٤٥ : يؤكل وهو قول شاذ.
١ قوله: "ليختبرنكم والمعنى في الآية" ساقط في (هـ)..
٢ في (ب) و(ج) و(د): "لأن الله تعالى"..
٣ "في ذلك" ساقطة في (هـ)..
٤ في (ب) و(هـ): "معايشهم"..
٥ في (ب): "وكما يصا"..
٦ كلمة ساقطة في (هـ)..
٧ حرف الجر ساقط في (ب) و(ج)..
٨ "لا" ساقطة في (هـ)..
٩ في (ب): "وهو"..
١٠ في (د): "يطير"..
١١ "وما تناله" ساقطة في (ب) و(ج)..
١٢ في (أ) و(ب) و(هـ): "كبار"..
١٣ في (ب) و(ج): "باليد" وفي (هـ): "أخذها باليد"..
١٤ "الفخاخ والشباك" ساقطة في (ج)..
١٥ قوله: "يريد الصد البر.... أيضا للتبعيض" ساقط في (د) و(هـ)..
١٦ "إلا أن التبعيض" ساقط في (د)..
١٧ في (هـ): "في حال الصيد"..
١٨ في (ج): "كما قال"..
١٩ "كما أن صيد البر بعض الصيد" هذا ساقط في (ب) و(هـ)..
٢٠ في (أ) و(ج): "واليهودي والنصراني" في (هـ): "يهوديا أو نصرانيا"..
٢١ كلمة ساقطة في (أ) و(ب) و(ج) و(د) و(هـ)..
٢٢ كلمة ساقطة في (أ) و(ب) و(ج) و(د) و(هـ)..
٢٣ في (هـ): "والمنع"..
٢٤ كلمة ساقطة في (هـ)..
٢٥ في (هـ): "لمالك"..
٢٦ "أن" ساقطة في (ج)..
٢٧ في (ج): "المخاطبون"..
٢٨ في (هـ): "المسلمين"..
٢٩ في (ج): "أبو مواز"..
٣٠ في (هـ): "تحت"..
٣١ في (هـ): "للإنسي"..
٣٢ في (هـ): "وهو عندهم"..
٣٣ في (ج) و(هـ): "الصائدين"..
٣٤ في (هـ): "عنده"..
٣٥ في (ج) و(د): "في الغيب"..
٣٦ كلمة ساقطة في (ب) و(ج)..
٣٧ كلمة "وقيل هو بينهما" ساقطة في (ج) و(هـ)..
٣٨ كلمة "هو" ساقطة في (ج) و(هـ)..
٣٩ كلمة "لا للمثير" ساقطة في (ج) و(هـ) وقد ورد في (ج) و(هـ): "قيل للآخذ وقيل بينهما"..
٤٠ في (ج) و(هـ): "رماحكم"..
٤١ في (هـ): "وإن أصاب بعرضه لا يؤكل"..
٤٢ في (هـ): "صيد البندقية عند الجمهور"..
٤٣ قوله: "من دليل الآية.... والحبالة لما قدمناه" ساقط في (أ)..
٤٤ في (ب) و(ج): "للحسين"..
٤٥ في (د): "لقوله"..
٩٥ قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ﴾ الآية :
خاطب الله تعالى بها جميع المؤمنين، وهذا النهي من الابتلاء الذي أعلم الله تعالى به في قوله :﴿ ليبلونكم الله ﴾، والصيد مصدر صاد، ولكنه موقع على الصيد، وعلى ذلك جاء في هذه الآية :
وقوله تعالى :﴿ لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ﴾ :
لفظ عام يقتضي أن لا يقتل شيء مما يصاد١، وليس المراد هنا بالصيد ما قد صيد خاصة٢، بل المراد به جنس ما يصاد. والوحش يسمى صيدا وإن لم يصد بعد، كما يقال : بئس الرمية الأرنب، ولم ترم بعد، ويقال الضحية. ولم يضح بها بعد، والذبح٣ الكبش ولم يذبح بعد. فالمعنى لا تقتلوا الصيد صيد أو لم يصد. ولا يجوز غير هذا ؛ لأنه إن جعل الصيد ما قد٤ صيد كان في ذلك دليل على إباحة مثل٥ ما لم يصد بعد٦. وذلك لا يجوز باتفاق. وكذلك يظهر من قوله تعالى :﴿ لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ﴾، وتخصيصه٧ النهي عن القتل أن الصيد دون قتل غير منهي عنه. وهذا الاحتمال يدفعه قوله تعالى :﴿ وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ﴾ [ المائدة : ٩٦ ]، فعم٨. وتحتمل الآية وجها يخرج به عن ذلك الاحتمال، وهو أن المعنى٩. لا تصيدوا فيكون منكم للصيد قتل كما قال : " على لا حب لا يهتدي بمنارة " ١٠ ١١، أي١٢ : ليس ثم منار يهتدي١٣ به، وهذا أحسن. وكيفما كان ففيه النهي عن قتل الصيد. وظاهر ما في هذه الآية من العموم أيضا يقتضي أن لا يقتل في الحرم، ولا في الإحرام من نوع ما يصاد١٤ من أي١٥ شيء١٦ كان مما يؤذي أو لا يؤذي، و١٧ مما يؤكل أو لا يؤكل، إلا أنه١٨ قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم١٩ : " خمس فواسق تقتل في الحرم٢٠ : الغراب والحدأة والعقرب والفارة والكلب العقور " ٢١ وهذه الخمس٢٢ متفق على ثلاث٢٣ منها أنها مخصصة من عموم الآية. واختلف في اثنتين : الفأرة والغراب، أما الفأرة، فالجمهور على جواز قتلها للمحرم، وأنها مخصصة من عموم الآية. وذهب النخعي إلى منع قتلها فأبقاها٢٤ تحت العموم في الآية، وهو قول مخالف للسنة التي ذكرناها. وأما الغراب، فالجمهور أيضا على جواز قتله للمحرم لما قدمناه. وذهب قوم من أهل٢٥ الخير٢٦ إلى أنه لا يقتل في الإحرام٢٧ من الغربان إلا الغراب الأبقع، وهذا قول مخالف للسنة أيضا. وذهب عطاء إلى أنه لا يقتل الغراب جملة، قال مجاهد مثل ذلك، قال : ولكن يرمي، وهذا القول أيضا مخالف للسنة. واختلف في الكلب العقور المخصص من عموم الآية، ما هو ؟ فقيل : هو الكلب المألوف، وهو قول أبي حنيفة. وقيل : كل ما يفترس من السباع، واتفق أيضا على تخصيص الحية من عموم الآية، فأخبر٢٨ قتلها لما جاء عنه عليه الصلاة والسلام٢٩ من أمره بقتلها٣٠ في غير ما حديث. وإذا قلنا بقول الجمهور فهل يقتصر على تخصيص الخمس٣١ المذكورة، والحية دون غيرها من عموم الآية أم يقاس عليه غيرها ؟ فذهب أبو حنيفة إلى الاقتصار على الخمس٣٢ المذكورة في الحديث٣٣ والحية٣٤، وذكر بعضهم والذئب. وأن ما عداها باق على حكم الآية. وذهب الشافعي إلى أنه لا يقتصر على ذلك، وأنه صلى الله عليه وسلم لم يذكرها٣٥ إلا لقياس عليها٣٦ ما شاركها العلة. قال : والعلة أن لحومها لا تؤكل، وكذلك كل٣٧ ما لا٣٨ يؤكل لحمه من الصيد مثلها. وذهب مالك رحمه الله تعالى٣٩ إلى مثل ذلك، إلا أنه رأى أن٤٠ العلة كونها مضرة، وأنه٤١ إنما ذكر الكلب العقور للتنبيه٤٢ به٤٣ على ما يضر بالأبدان على جهة المواجهة والمغالبة. وذكر العقرب لينبه بها٤٤ على ما يضر بالأبدان على جهة الاختلاس. وذكر الحدأة٤٥ والغراب لينبه بهما٤٦ على ما يضر بالأموال مجاهرة٤٧ وذكر الفأرة لينبه بها٤٨ على ما يضر بالأموال اختفاء. واختلف الذاهبون لقتل السباع العادية عامة هل تقتل ابتداء أم٤٩ حتى تبدأ بالضرر على قولين. والمذهب على٥٠ أن٥١ تقتل وإن لم تبدأ بالضرر، وظاهر الحديث يعم الوجهين فيحمل عليهما حتى يدل الدليل على تخصيص شيء من ذلك. وهل يجوز قتل الغراب والحدأة٥٢ ابتداء٥٣ أم إذا خيف منها٥٤ ؟ ففيه قولان لمالك. ووجه القول بقتلهما ابتداء ظاهر الحديث المخصص للآية كما قدمناه، وما عداهما من سباع الطير، فالمذهب على أنه لا يقتل ابتداء، وإن قتلها٥٥ فعليه الفدية لقوله تعالى :﴿ ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم ﴾ ٥٦، فإن ابتدأت هي بالضرر٥٧ فقتلها الإنسان فهل عليه جزاء أم لا ؟ فيه٥٨ قولان : والمشهور أن لا جزاء عليه. وحجة من رأى الجزاء عموم قوله تعالى :﴿ ومن قتله منكم متعمدا ﴾ الآية. وأما صغار ما يجوز قتله فهل تقتل أم لا ؟ فيها روايتان، إحداهما قول ابن القاسم أنه لا جزاء فيه٥٩، والثانية٦٠ قول أشهب أن عليه الجزاء، ووجه هذا عموم قوله تعالى :﴿ لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ﴾، تنبيه على أن ذبيحة المحرم ميتة لا يجوز أكلها لحلال ولا لحرام، لأنه تعالى سمى الذبيح٦١ قتلا إذ الذبح لا يجوز للمحرم باتفاق، فنهى تعالى عن القتل تنبيها على أن ما يفعله المحرم من الذبح إنما هو قتل لا ذبح، والمقتول ميتة باتفاق، فوجب أن يكون المذبوح كذلك سيق هذا طريق الشبهة٦٢ لأن عرف الشرع أن المذبوح يؤكل والمقتول٦٣ لا يؤكل ولو حملنا النص على ظاهره لخصصناه بالقتل. ويحتمل أن يقال أيضا : أن القتل من حيث اللغة يقع على الذبح.
فالذبح ممنوع من جهة وقوع اللفظ عليه لا من جهة التنبيه الذي ذكرناه مع أن عرف الشرع في تحليل المذبوح غير معروف، فإنا قد نجد من المذبوح ما هو محرم، فإنه تعالى يقول :﴿ وما ذبح على النصب ﴾ [ المائدة : ٣ ]، فكان ذلك المذبوح محرما. ويقتضي هذا الاستدلال على أن ذبيحة المحرم ميتة قول٦٤ مالك وأبي حنيفة٦٥ والشافعي في أحد قوليه. والقول الثاني له٦٦ : أنه ليس بميتة، بل يحل أكله لغيره، وهو القول المتصدر٦٧ عنده استدلالا بجواز٦٨ ذبحه لسائر الأنعام.
قوله تعالى :﴿ وأنتم حرم ﴾ :
جمع حرام أي : محرمون، فيحتمل أن يريد وأنتم محرمون بحجة أو عمرة. ويحتمل أن يريد٦٩ وأنتم محرمون أي٧٠ : داخلون في الحرم٧١ يقال : أحرم الرجل إذا دخل في الحرم، كما يقال : أنجد وأعرق وأتهم، ويحتمل أن يراد بذلك اللفظ الوجهان جميعا. وقد استدل أصحاب مالك بهذه الآية على أن صيد الحلال في الحرم يوجب عليه الجزاء، ولم يرد ذلك داود ورأى أن الجزاء مختص بالإحرام٧٢ لا بالحرام، كما يختص منع الطيب واللباس بالإحرام لا بالحرم٧٣ وهذا غير صحيح ؛ لأن الصيد محرم في الحرم ولو كان اللباس والطيب حل كما حلا٧٤. ودليل الخطاب في الآية أن المخطئ٧٥ لا شيء عليه. وقد اختلف في القول به، فذهب٧٦ أهل الظاهر على القول به، وقالوا : لا جزاء على٧٧ من يقتل صيدا إلا من أن يقتله متعمدا كما قال تعالى : وإلا لم يكن لتخصيص العمد٧٨ معنى. وذهب أئمة الفتوى إلى ترك دليل الخطاب هاهنا، فقالوا : على٧٩ من قتل الصيد عمدا أو خطأ الجزاء. قال الطحاوي : وذهبوا في تأويل الآية إلى أنه مردود إلى قوله تعالى :﴿ ومن عاد فينتقم الله منه ﴾ [ المائدة : ٩٥ ]، والمعنى في هذا أن هذا٨٠ الوعيد في الآية إنما يختص بالعمد دون الخطأ، لأن المخطئ لا يجوز أن يلحقه الوعيد، فخص العمد بالذكر وإن كان الخطأ والنسيان مثله٨١ ليصح٨٢ رجوع الوعيد إليه. وقال القاضي أبو إسحاق٨٣ : يثبت٨٤ حكم المخطئ بقوله تعالى :﴿ وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ﴾ [ المائدة : ٩٦ ] فعم. وقد قال الزهري : نزل القرآن في العمد وهو في الخطأ سنة. وقال بعضهم : بإلحاق الخطأ بالعمد قياسا. ولا خلاف في المتعمد الناسي لإحرامه أن عليه الجزاء. واختلف في المتعمد لقتل الصيد الذاكر لإحرامه. فذهب الجمهور و٨٥ مالك ومن تابعه إلى أن الكفارة تلزمه كما تلزم المتعمد الناسي لإحرامه، وحملوا قوله تعالى متعمدا على ذلك، فالمعنى فيه٨٦ متعمدا للقتل ناسيا لإحرامه أو ذاكرا، ومن ادعى تخصيصا في ذلك فعليه الدليل٨٧. وذهب قوم إلى أن المعنى متعمدا للقتل ناسيا للإحرام قالوا : فهذا الذي يكفر، وأما من قتله٨٨ متعمدا ذاكرا لإحرامه فهو أعظم من أن يكفر، وهذا قول ابن جريج وابن زيد٨٩ ومجاهد. قال مجاهد٩٠ وابن جريج٩١ قد حل ولا رخصة فيه. وذهب بعضهم إلى أنه قد أبطل حجته٩٢ والقول الأول أصح وأليق بألفاظ الآية.
وقوله تعالى :﴿ فجزاء مثل ما قتل من النعم ﴾ ٩٣ :
من قرأ ﴿ فجزاء مثل ﴾ بإضافة الجزاء إلى مثل٩٤، ففيه قولان : أحدهما أن التقدير فعليه جزاء ما قتل أي قضاؤه وغرمه، ودخلت لفظة مثل كما دخلت في قولهم : " أنا أكرم مثلك " وهم يريدون أنا أكرمك. وجزاء على هذا القول مصدر مضاف إلى المفعول وهو ما قتل، إلا أنه فصل بين المضاف والمضاف إليه مثل الزائدة. وقال بعضهم في هذا الوجه : أن الجزاء٩٥ اسم٩٦ لا مصدر بمعنى٩٧، مثل كأنه قال : مثل مثل٩٨ ما قتل. ومثل هذا قوله تعالى :﴿ أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ﴾ [ الأنعام : ١٢٢ ]، التقدير : كمن هو في الظلمات. وعلى هذا القول لا يكون للمثلية حكم في الآية. وهو قول ضعيف. والثاني : أن المصدر وهو الجزاء مضاف إلى المفعول وهو مثل، ومثل على هذا غير زائدة. والمعنى أن يجزي مثل ما، وإضافة المصدر إلى المفعول في القرآن والشعر كثير٩٩، قال الشاعر :
أمن١٠٠ رسم دار مريع ومصيف١٠١١٠٢
وقوله١٠٣ تعالى :﴿ لا يسئم١٠٤ الإنسان من دعاء الخير ﴾ [ فصلت : ٤٩ ] :
ومن قرأ " فجزاء مثل " بالرفع والتنوين، والرفع١٠٥ لمثل، فالتقدير١٠٦ جزاء مماثل لما قتل١٠٧. ومن قرأ " جزاء مثل " برفع الأول ونصب الثاني، فإن مثل ينتصب بجزاء مثل قوله تعالى :﴿ أو إطعام في يوم ذي مسغبة١٤ يتيما ذا مقربة ﴾ [ البلد : ١٤، ١٥ ]. وقول الشاعر :
فلولا رجاء النصر ورهبة عقابك قد صاروا لنا كالموارد١٠٨ ١٠٩
وهذا بقصد١١٠ التأويل الثاني في قراءة من قرأ : " فجزاء مثل " ١١١، ومن قرأ " فجزاؤه مثل " ١١٢ في غير السبع فالضمير يحتمل أن يعود على الصيد، ويحتمل أن يعود على الصائد القاتل. وللمثلية على هذا الوجه حكم. وقد اختلف في المماثلة ما هي ؟ فقيل : المماثلة في الخلقة والمنظر مثل أن يكون في الغزالة شاة، وفي النعامة بدنة، وفي حمار الوحش بقرة، وهذا قول مالك والشافعي وغيرهما. وقد قال١١٣ بعض المتأخرين من أصحاب مالك. اختلف في المثل، فقيل : مثله في الهيئة والخلقة، أي أشبه النعم به في ذلك، وقيل مثله في النحو والعظم١١٤ أي أقرب النعم إليه في ذلك. وقيل : المماثلة إنما هي في القيمة. يقوم الصيد١١٥ المقتول سواء١١٦ كان١١٧ للمقتول من الصيد مثل من النعم أو لم يكن. قال : والقاتل بالخيار بين أن يتصدق١١٨ بالقيمة١١٩ وبين أن يصرف القيمة في النعم فيشتريه ويهديه، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهما. قالوا : ولما لم يجز أن يراد بالقتل١٢٠ المثل من١٢١ الجنس علم أن المراد القيمة، والدليل على أن المراد القيمة قوله تعالى :﴿ لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ﴾ [ المائدة : ٩٥ ]، وهذا اللفظ عام في جميع
١ في (أ) و(ب) و(د) و(هـ): "يصاد به"..
٢ كلمة ساقطة في (هـ)..
٣ كلمة ساقطة في (أ)..
٤ "قد" ساقطة في (هـ)..
٥ في (هـ): "قتل"..
٦ "بعد" ساقطة في (هـ)..
٧ في (ب): "وتخصيص"..
٨ "فعم" ساقطة في (د) و(هـ)..
٩ في (هـ): "أن يكون المعنى"..
١٠ الطويل.
١١ نصف البيت لامرئ القيس والبيت كاملا، هو قوله:
على لا حب لا يهتدي بمنارة إذا سافه العود النباطي جرجرا
انظر ديوان امرئ القيس، ص ٩٢ قصيدة "سهابك شوق"..

١٢ في (هـ): "مع أنه"..
١٣ في (أ) و(ب): "فيهتدي"..
١٤ في (ب) و(د): "يصاد به"..
١٥ (من أي) ساقطة في (ج) و(د) و(هـ): "أي" ساقطة في (ب)..
١٦ في (هـ): "بشيء"..
١٧ "الواو" ساقطة في (ب)..
١٨ في (ج) و(د) و(هـ): "لأنه"..
١٩ في (ب): "عليه السلام" في (هـ): "صلى الله عليه وسلم"..
٢٠ في (هـ): "في الحل والحرم"..
٢١ الحديث أخرجه الترمذي في سننه: كتاب الأحكام والفوائد، باب ٢، ص ٧٦، والإمام أحمد في مسنده: ج٦، ص٣..
٢٢ في (د) و(هـ): "الخمسة"..
٢٣ في (أ) و(ب) و(ج) و(د) و(هـ): "أربعة"..
٢٤ في (ب) و(ج): "فبقاها"..
٢٥ كلمة ساقطة في (ب)، بياض في (د)..
٢٦ كلمة "الخير" بياض في (د)..
٢٧ في (د): "الحرمات"في (هـ): "فاجي" وهو غامض..
٢٨ في (ب): "في الحرمين"..
٢٩ في (ب): "عليه السلام"..
٣٠ في (ج): (في قتلها) انظر سنن الترمذي: كتاب الحدود باب في قتل الحيات ص ٢١ - ٢٢.
٣١ في (ج) و(د) و(هـ): "الخمسة"..
٣٢ في (د) و(هـ): "الخمسة"..
٣٣ في (ب) و(ج) و(د): "الموت"..
٣٤ كلمة ساقطة في (هـ)..
٣٥ في (ب) و(ج) و(د): "لم يذكر"..
٣٦ "ليقاس عليها" ساقطة في (هـ)..
٣٧ كلمة ساقطة في (هـ)..
٣٨ "ما" لا ساقطة في (ج) في (هـ): "مال"..
٣٩ كلمة ساقطة في (هـ)..
٤٠ "أن" ساقطة في (هـ)..
٤١ "أنه" ساقطة في (ب) و(ج)..
٤٢ في (أ) و(ب): "لينبه"..
٤٣ "به" ساقطة في (د)..
٤٤ في (أ) و(ب) و(ج) و(هـ): "به"..
٤٥ في (ب) و(هـ): "الحدات"..
٤٦ قوله: "وذكر االعقرب....... لينبه بهما" ساقط في (أ) و(هـ)، سقطت كلمة "بهما" في (ج) و(ب) و(هـ)..
٤٧ في (أ): "مجاهدة"..
٤٨ "بها" ساقطة في (ج) و(د) و(هـ)..
٤٩ في (ب) و(د): "أم لا"..
٥٠ "على" ساقطة في (هـ)..
٥١ في (هـ): "أنها"..
٥٢ في (هـ): "والحدات"..
٥٣ كلمة ساقطة في (ج)..
٥٤ في (هـ): "خفتها"..
٥٥ في غير (ب) و(هـ): "قتله"..
٥٦ "من النعم" ساقطة في غير (د) و(ج)، الآية ٩٥ من السورة..
٥٧ في (هـ): "الضرر"..
٥٨ في (أ) و(ب) و(ج) و(د) و(هـ): "ففيه"..
٥٩ في (أ) و(ج): "فيه" في (ب) و(د): "ففيها"..
٦٠ في (أ) و(د) و(هـ): "والثاني"..
٦١ في (ج): "الذبيح هنا"..
٦٢ في (هـ): "التنبيه"..
٦٣ في (هـ): "وأن المقتول"..
٦٤ في (ب) و(ج) و(د) و(هـ): "قال"..
٦٥ في (ج) و(هـ): "أبو حنيفة"..
٦٦ "له" ساقطة في (ج) و(هـ)..
٦٧ في (ب) و(هـ): "المتصور" في (ج): "المصور" في (د): "المشهور"..
٦٨ في (هـ): "الجواز"..
٦٩ "أن يريد" ساقطة في (هـ)..
٧٠ "أي" ساقطة في (ب) و(هـ): "محرمون أي" ساقطة في (ج)..
٧١ في (ج): "في الحرام"..
٧٢ في (د): "بالحرام"..
٧٣ في (د): "بالحرام لا بالحرم"..
٧٤ "كما حلا" بياض في (د)..
٧٥ كلمة ب￿ا￿ في (ب)￿و(د)..
٧٦ في (ب) و(ج) و(د): "وذهب"..
٧٧ في (ج): "إلا على"..
٧٨ في (ب) و(ج) و(د) و(هـ): "التعمد"..
٧٩ في (أ) و(ج) و(د) و(هـ): "فعلى"..
٨٠ "هذا" ساقط في (ب)..
٨١ "مثله" ساقط في (هـ)..
٨٢ في (د): "لا يصح"..
٨٣ القاضي أبو إسحاق.
٨٤ في (أ) و(هـ): "ثبت" في (ب) و(ج) و(د): "وثبت"..
٨٥ "الواو" ساقطة في غير (ب) و(د)..
٨٦ كلمة بياض في (ج) و(د)..
٨٧ في (د): "البيان"..
٨٨ في (د): "إن قتله"..
٨٩ في (هـ): "والحسن ابن زيد"..
٩٠ "قال مجاهد" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٩١ "الواو" ساقطة في (ج) و(هـ)..
٩٢ في غير (هـ): "حجة"..
٩٣ "من النعم" ساقطة في غير (ب)..
٩٤ في (هـ): "مثله"..
٩٥ "الجزاء" ساقطة في (هـ)..
٩٦ في (هـ): "أن اسم"..
٩٧ في (هـ): "وبمعنى"..
٩٨ كلمة ساقطة في (ج) و(د)..
٩٩ في (هـ): "كثيرا"..
١٠٠ في (هـ): "أم"..
١٠١ الشعر لم نعثر عليه.
١٠٢ الطويل.
١٠٣ في (هـ): "وقال"..
١٠٤ في (هـ): "لا يسئم"..
١٠٥ كلمة ساقطة في بقية النسخ.
١٠٦ في (هـ): "والتقدير"..
١٠٧ "لما قتل"ساقطة في (هـ)..
١٠٨ في (ب): "كالموار" في (ج): "ضلو وجاء"..
١٠٩ الطويل.
١١٠ في (د): "يعضد"..
١١١ في (ب) و(د) و(ج): "فجزاء مثل ما قتل من النعم"..
١١٢ كلمة ساقطة في (هـ)..
١١٣ في (هـ) و(ج): "قال"..
١١٤ "والعظم" ساقطة في (هـ)..
١١٥ في (هـ): "في الصيد"..
١١٦ في (ب) و(ج) و(د) و(هـ): "وسواء"..
١١٧ "كان" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
١١٨ في (ج): "يتصرف"..
١١٩ في (ج): "القيمة"..
١٢٠ في (ب) و(ج) و(د): "بالمثل" أما في (هـ): "فالكلمة ساقطة"..
١٢١ "المثل من" بياض في (د)..
٩٦ قوله تعالى :﴿ أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم ﴾ :
أحل الله تعالى١ بهذه الآية جميع صيد البحر، وهذا التحليل للحلال٢ والمحرم٣، والصيد هنا المصيد، والبحر الماء الكثير ملحا كان أو عذبا، فعلى هذا صيد الحيتان حيث كان من بحر ملح أو عذب أو نهر أو بركة أو عين، جائز للمحرم والحلال٤ لأن الآية تقتضي ذلك. وقد اختلف فيما٥ يؤكل من صيد البحر فعندنا أنه يؤكل جميع صيد البحر ما اتخذ منه وهو حي وما طفا٦ على وجه الماء ميتا وما قذفه البحر فمات٧ كان مما له شبه في البر ومما ليس به شبه٨، إلا أن مالكا كره خنزير الماء من٩ غير تحريم. وذهب أبو حنيفة إلى أنه يؤكل ما مات بسبب دون ما مات من غير سبب كالطافي وما قذفه البحر فمات. وذهب قوم إلى أنه لا١٠ يؤكل منه ما طفا١١ ويؤكل منه ما قذفه البحر فمات، وذهب الشافعي إلى الفرق بين ما له شبه١٢ وما ليس له شبه١٣. وذهب١٤ قوم إلى أنه لا يؤكل ما عدا السمك وروي نحوه عن أبي حنيفة وعن الشافعي. والحجة للقول الأول عموم قوله تعالى :﴿ أحل لكم صيد البحر ﴾ الآية. وإن خصصنا صيد البحر بما أخذ منه١٥ وهو حي، فقوله١٦ تعالى :﴿ وطعامه ﴾ ١٧ يعم الميت منه. وسيأتي الخلاف في تفسيره. ويؤكل عندنا ما صاده المجوسي وغيره من البحر، لأنه ميتة لا يحتاج إلى ذكاة. ولا يؤكل عند من يرى أنه يحتاج إلى ذكاة وحجتنا عموم الآية. ولم يخص صيد المجوسي من غيره١٨ واختلف في معنى قوله تعالى :﴿ وطعامه متاعا لكم ﴾، فقال أبو بكر وعمر وغيرهما رضي الله تعالى١٩ عنهم : هو ما قذف به وما طفا٢٠ عليه، لأن ذلك طعام ولا صيد. وسأل رجل ابن عمر عن حيتان طرحها البحر فنهاه٢١ عنها، ثم قرأ المصحف، فقال لنافع : الحقه فمره بأكلها، فإنها طعام البحر٢٢ وهذا تأويل ينظر لقول النبي صلى الله عليه وسلم٢٣ : " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " ٢٤، وإلى هذا يذهب من٢٥يجيز أكل من مات بغير سبب. وقال ابن عباس وابن جبير وغيرهما، طعامه كل ما ملح منه وبقي، وتلك صنعة تدخل فترده طعاما وإنما٢٦ الصيد القريض. وقال قوم : طعامه ملحه الذي ينعقد من مائه وسائر٢٧ ما٢٨ فيه من نبات. وقال بعض أهل التأويل٢٩ في قوله تعالى :﴿ وطعامه متاعا لكم ﴾، أن طعامه٣٠ كل ما نبت من الحبوب والثمار، لأنه إنما نبت من المطر، والمطر من البحر. واحتجوا للمطر بأنه٣١ من البحر بقوله عليه الصلاة والسلام٣٢ : " إذا نشأت بحرية ثم تشاء مت فتلك عين غديقة " ٣٣، وبدليل قول أبي ذؤيب٣٤ الهذلي :
شربن بماء البحر ثم ترفعت متى لجج خضر لهن نئيج٣٥ ٣٦
وهذا تأويل بعيد. وقال ابن عبد البر : القول بأن ما ينزل من المطر هو ماء السماء٣٧ من غير ماء٣٨ البحر هو قول أهل العلم، والذي أقول به أن تصحيح شيء من هذا والقطع به من الخوض في علم الغيب٣٩ إذ ليس في القرآن ولا شيء٤٠ من٤١ السنة٤٢ والآثار نص جلي يوقف عنده، والذي نشاهده ونعلمه بالمعاينة نزول٤٣ من السحاب، ولا ندري هل يسوقه الله٤٤ من بحور الأرض أم من بحور السماء، أو٤٥ هل يخلقه الله تعالى في السحاب عند نزوله. وكيفما كان٤٦ فالقدرة فيه عظيمة. وإلى نحو هذين٤٧ القولين يذهب من لا يجيز أكل ما مات من غير سبب، ويتأول في صيد البحر أنه ما٤٨ صيد وهو حي.
وقوله تعالى :﴿ لكم وللسيارة ﴾ :
يريد ب " لكم " حاضري٤٩ البحر، وبالسيارة المسافرين٥٠. وقال مجاهد : أهل القرى هم المخاطبون. والسيارة أهل الأمصار٥١ كأنه يريد أهل قرى البحر والسيارة، والسيارة أهل الأمصار٥٢ غير تلك القرى.
وقوله تعالى :﴿ وحرم عليكم صيد البر ما دمتم/ حرما ﴾ :
هذه٥٣ الآية حرمت على المحرم صيد البر، والصيد في كلام العرب مصدر صاد٥٤ يصيد صيدا. ويحتمل أن يكون هنا مراد٥٥ به المصدر٥٦، ويحتمل٥٧ أن يراد به الشيء المصيد٥٨ فيقع على الاسم٥٩ كما تقول : درهم ضرب الأمير، ونحو ذلك. وبسبب هذا الاحتمال اختلف المفسرون والفقهاء فيه٦٠ أيضا. فمنهم من حمله على الاصطياد، ومنهم من حمله على المصيد، ومنهم من حمله عليهما جميعا، فجعل الاسم عاما لوقوعه عليهما، فنشأ من هذا الاتفاق على أن ما صاده المحرم، فلا يحل له أكله بوجه. ونشأ منه الاختلاف فيما صاده غيره٦١ فإن كان٦٢ الصائد حلالا فقيل : لا يحل أكل الصيد للمحرم٦٣ بوجه. ونسبه بعضهم إلى مالك رحمه الله.
وذهب بعضهم إلى أنه حلال أكله للمحرم٦٤، إلا أن يكون صيد لمحرم٦٥، فلا يجوز أكله لمحرم بوجه وإن كان الذي صيد له غيره، وإلى نحو٦٦ هذا يذهب عمر بن الخطاب وهو مروي عن مالك. وسئل أبو هريرة عن هذه النازلة، فأفتى بالإباحة ثم أخبر عمر بن الخطاب٦٧ فقال له : لو أفتيت بغير هذا لأوجعت رأسك بهذه الدرة. وسأل أبو الشعثاء٦٨ ابن عمر عن هذه المسألة، فقال له : كان عمر٦٩ يأكله. قال : قلت : فأنت. قال : كان عمر خيرا٧٠ مني. وذهب قوم إلى أنه جائز للمحرم أكل جميع٧١ ما صاده٧٢ الحلال في الحل، وأنه٧٣ جائز للمحرم٧٤ وإن صيد لمحرم٧٥، إلا أن يصاد من أجله فلا يجوز له أكله. وهذا أيضا مروي عن مالك رحمه الله٧٦ قال بعضهم : والأكثر على إباحته وقد روي عن جابر أنه قال : عقر أبو قتادة حمارا وحشيا، ونحن حرم٧٧ وهو٧٨ حلال فأكلنا منه ومعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم٧٩. وروي عن جابر أيضا أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لحم صيد البحر حلال لكم وأنتم محرمون ما لم تصيدوه أو يصد لكم " ٨٠، غير أن من حرمه تعلق٨١ بظاهر الآية قوله تعالى :﴿ وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ﴾، وعمومه يتناول الاصطياد والمصيد نفسه لوقوع الاسم عليهما. ومن أباحه ذهب إلى أن الحيوان إنما يسمى باعتبار استصحاب٨٢ الاسم السابق. وقد اضطربت الروايات في حديث الصعب ابن جثامة٨٣ هل كان الذي أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرده٨٤ لحم حمار وحش أو حمار وحش حيا ؟ فروى مالك رحمه الله٨٥ أن الذي أهدي إليه حمار وحش، وروى غيره أنه كان لحم حمار فيحتمل أن يقال فيه : إنه كان٨٦ صيد من أجله ؟، ولذلك رده. وأما إن كان الصائد حراما، فذهب مالك رحمه الله تعالى٨٧ على أنه لا يجوز أكله لغيره ولا له٨٨. وذهب الشافعي إلى أنه يجوز أكله لغيره ولا يجوز له. والحجة على الشافعي في هذا عموم قوله تعالى :﴿ وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ﴾ الآية. واحتج بعضهم في ذلك بقوله تعالى :﴿ ولا تقتلوا الصيد وأنتم حرما ﴾، وقد اختلف فيمن أحرم وعنده صيد في يده أو في منزله هل يرسله أم لا ؟ فقيل : لا يرسله. وذكر عن الشافعي، وقال مالك : إن كان بيده٨٩ أرسله٩٠ وإن كان في بيته لم يرسله. وحجة الإرسال قوله تعالى :﴿ وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ﴾ ٩١، لأنه ما كان بيده أو في بيته فهو صيد له. ولا خلاف أن ما لا زوال له من الماء فهو من صيد البحر، وأن ما لا٩٢ زوال له من البر فهو من صيد البر٩٣. واختلف فيما يكون٩٤ من أحدهما وقد يعيش في الآخر٩٥. فقيل : كل٩٦ ما يعيش من دواب الماء في البر٩٧ وله فيه حياة فهو من صيد البر الذي حرمه الله تعالى، وهو قول مالك رحمه الله تعالى٩٨ وسعيد بن جبير وعطاء في إحدى الروايتين عنه، وأبو مجلز٩٩ في ذلك١٠٠ الضفادع والسلاحف والسرطانات١٠١، وروي عن مالك أن الضفادع والسلاحف١٠٢ من صيد البحر. وقيل : المراعي في ذلك أكثر عيش١٠٣ الحيوان فحيث ما عاش فهو منه١٠٤، وهذا القول مروي عن عطاء. وسئل عن ابن الماء، فقال : حيث يكون أكثر فهو منه، وحيث يفرغ فهو منه، والصحيح في ابن الماء أنه من طير١٠٥ البر١٠٦. وقد اختلف في الجرادة هل هو من صيد البحر أم١٠٧ البر، فالجمهور على أنه من صيد البر١٠٨ لا يجوز للمحرم صيده. وذهب قوم١٠٩ إلى أنه من صيد البحر. وحجتهم ما جاء عن بعضهم من أنه نثرة حوت. والدليل على ما ذهب إليه الجمهور قوله تعالى :﴿ وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ﴾. وإنما يعلم صيد البر من غيره بما يأوي إليه ويعيش فيه، والجراد إنما هو في البر، وفيه حياته ؛ فوجب أن يكون من صيد البر.
وقوله تعالى :﴿ أحل لكم صيد البحر ﴾ الآية، وقوله :﴿ وحرم عليكم صيد البر ﴾ :
مما يختلف الأصوليون فيه١١٠ هل هو من قبيل المجمل الذي لا يفهم المراد به١١١ من لفظه١١٢ إلا بدليل١١٣ غيره، أو من قبيل النص بالعرف لا بالوضع أو من قبيل العام، والذي يرتضيه المحققون أنه نص بالعرف في أن المراد به الأكل، وقد مر الكلام على١١٤ شيء من هذا في غير ما موضع.
١ "تعالى" ساقطة في غير (هـ)..
٢ في (ب): "للمحل"..
٣ في (د): "الحرام"..
٤ في (ب): "المحل"..
٥ في (هـ): "صمين"..
٦ في (ب) و(ج): "طفى"..
٧ في (د): "ومات"..
٨ في (ب) و(ج): "شبها"..
٩ في (د): "ثم"..
١٠ "لا" ساقطة في (هـ)..
١١ في (ب) و(ج): "طفى"..
١٢ في (هـ): "شبه في البر"..
١٣ في (أ): "ما لا شبيه أم لا" في (ج): "وذهب الشافعي إلى الفرق بين ما له البر أم لا"، "وذهب الشافعي إلى الفرق ما له شبه وما ليس له" بياض في (د)، وفي (هـ): "وما لا شبه له"..
١٤ في (ب) و(ج) و(د): "وذهب"..
١٥ كلمة ساقطة في (هـ) و(ج) و(د)..
١٦ في (ب) و(ج) و(د): "وقو له"..
١٧ في (ج) و(د): "'فطعامه"..
١٨ "من غيره" ساقطة في غير (ج) و(د) و(هـ)..
١٩ كلمة ساقطة في (هـ)..
٢٠ في (هـ): "طفى"..
٢١ كلمة غامضة في (و) واضحة في بقية النسخ..
٢٢ كلمة بياض في (د)..
٢٣ في (هـ): "إلى قوله صلى الله عليه وسلم"..
٢٤ الحديث أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الطهارة، باب٤١، ص ٦٤، والترمذي في سننه: كتاب الوضوء، باب ٥٣، ص ١٨٦، وكتاب الصيد باب٦، ص ٤٨٧، والنسائي في سننه: كتاب الطهارة، باب ٤٧، وكتاب المياه، باب ٤، ص ١٧٦، وكتاب الصيد والذبائح، باب ٣٥، ص ٢٠٧، والإمام أحمد في مسنده، ج٢، ص ٢٣٧، ٣٦١، وج ٥، ص ٣٦٥..
٢٥ "يذهب من" ساقطة في (هـ)..
٢٦ في (د): "وأما"..
٢٧ كلمة ساقطة في (د)..
٢٨ في (ج) و(د): "ما يرى"..
٢٩ كلمة "أهل التأوبل" ساقطة في (هـ)..
٣٠ في (هـ): "وطعامه"..
٣١ في (هـ): "يكون المطر".
٣٢ في (ب): "عليه السلام" في (هـ): "صلى الله عليه وسلم"..
٣٣ الحديث، انظر: تنوير الحوالك شرح على موطأ مالك، كتاب الصلاة، باب "الاستمطار بالنجوم" ج١، ص١٩٩..
٣٤ في (هـ): "وبقول ذؤيب".
٣٥ العجز بياض في (ب) وساقط في (د)، وأما كلمة "نئيج" في (هـ): "ثبيج"في (د): "ينتج" انظر لسان العرب، ج٢، ص ٢٨٧، الخصائص، ج٢، ص ٨٥.
شربن بماء البحر ثم ترفعت متى حبشيات لهن نئيج..

٣٦ الطويل..
٣٧ في (ج): "السحاب"..
٣٨ كلمة ساقطة في (ب) و(هـ)..
٣٩ في (ب) و(ج) و(د): "الغيوب"..
٤٠ "شيء" ساقطة في (هـ)..
٤١ في (هـ): "في"..
٤٢ في (ج) و(د): "السنن"..
٤٣ في (أ): "نزل"..
٤٤ "الله" ساقطة في غير (هـ)..
٤٥ في (أ): "واو"..
٤٦ كلمة ساقطة في (ب): بياض في (د)..
٤٧ في غير (و) "هاذين"..
٤٨ "ما" ساقطة في (أ)..
٤٩ في (هـ): "خاص في" في (هـ): "حاصر في"..
٥٠ في (ب): "المسافرون" في (ج): "السيارة المسافرون"..
٥١ في (ج): "الأنصار"..
٥٢ قوله: "كأنه يريد أهل.... أهل الأمصار" ساقط في (هـ)..
٥٣ في غير (د) و(هـ): "هذا"..
٥٤ في (ج): "أصاد"..
٥٥ في غير (ب) و(ج) و(هـ): "يراد"..
٥٦ كلمة ساقطة في (ب) و(ج).
٥٧ "مراد به المصدر ويحتمل" هذا ساقط في (د) كلمة "يحتمل" ساقطة في (هـ)..
٥٨ في (هـ): "يراد به اسم المفعول"..
٥٩ في (هـ): "المصيد"..
٦٠ "فيه" ساقطة في (هـ)..
٦١ كلمة ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٦٢ كلمة ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٦٣ في (ج) و(د) و(هـ): "المحرم"..
٦٤ في (هـ): "كالمحرم"..
٦٥ في (هـ): "المحرم"..
٦٦ كلمة ساقطة في (ب) و(د)..
٦٧ قوله: "وهو مروي عن مالك.... عمر ابن الخطاب" ساقط في (هـ)..
٦٨ أبو الشعثاء:.
٦٩ كلمة ساقط في (هـ)..
٧٠ في (هـ): "خير"..
٧١ كلمة ساقطة في (ج)..
٧٢ في (د): (صاد).
٧٣ "وأنه" ساقط في (أ) و(ب) و(هـ)..
٧٤ في (ب) و(ج): "للمحرم أكله"..
٧٥ في (هـ): "للمحرم"..
٧٦ "رحمه الله تعالى" ساقطة في (هـ)..
٧٧ كلمة ساقطة في (أ) و(ب) و(ج)..
٧٨ وهو ساقطة في (ج)..
٧٩ قوله: "وقد روي عن جابر... رسول الله صلى الله عليه وسلم" ساقط في (هـ)، فتح الباري شرح صحيح البخاري: كتاب الصيد، باب٥، ص ٢٨، كتاب الجهاد، باب ٤٦، ص ٥٨..
٨٠ الحديث: انظر صحيح البخاري: كتاب جزاء الصيد، الأبواب ٣، ٤، ٥، ص٢١٠، وكتاب الجهاد والسير، باب ٤٦، ص ٢١٦، وباب٨٨، ص ٢٣٠، وصحيح مسلم: كتاب الحج، باب٨، ص ٨٥٣ – ٨٥٥، وسنن الترمذي: كتاب الحج، باب ٢٥، ص ٢٠٣ – ٢٠٤، ومسند الإمام أحمد ج٣، ص ٣٦٢ و ٣٨٧ و ٣٨٩..
٨١ كلمة ساقطة في (ج)..
٨٢ في (ب): "واستصحاب"..
٨٣ الصعب بان جثامة ابن قيس الليثي، صحابي، شهد الوقائع في عصر النبوة، وحضر فتح فارس. توفي سنة ٢٥هـ / ٦٤٦م. انظر الأعلام، ج٣، ص ٢٩٣..
٨٤ كلمة ساقطة في (هـ)..
٨٥ "رحمه الله" ساقطة في غير (هـ)..
٨٦ كلمة ساقطة في (أ)..
٨٧ كلمة ساقطة في (هـ)..
٨٨ في (هـ): "أكله له ولا لغيره"..
٨٩ قوله: "أو في منزله.... إن كان ببلده" ساقط في (هـ)..
٩٠ من قوله: "وقد اختلف.... أرسله" مكرر في (ب)..
٩١ من "وإن كان في بيته.... حرما" مكرر في (ب)..
٩٢ اللام ساقطة في (ب)..
٩٣ في (هـ): "من صيده" وكلمة"البر" ساقطة..
٩٤ كلمة ساقطة في (د)..
٩٥ في (ب) و(ج) و(د): "الأخرى"..
٩٦ في (ب) و(د): "كان"..
٩٧ في (ب) و(د): "البر في الماء"..
٩٨ كلمة ساقطة في (هـ)..
٩٩ في (أ): "أبو مجاز" في (د): "أبو علي"..
١٠٠ "وذكر ابو مجلز في ذلك" ساقطة في (هـ)..
١٠١ في (هـ): "والسرطان"..
١٠٢ قوله: "والسرطانات.... والسلاحف" ساقط في (ب) و(ج) و(د)..
١٠٣ في (ج): "عيشا"..
١٠٤ في (ب) و(ج): "ومنه والصحيح في ابن الماء، وهذا القول"..
١٠٥ في (هـ): "صيد"..
١٠٦ في (ب) و(د): "الماء"..
١٠٧ في (ب): "أو"..
١٠٨ قوله: "وقد اختلف... من صيد البر" ساقط في (هـ)..
١٠٩ في (هـ): "آخرون"..
١١٠ في (هـ): "فيه الأصوليون"..
١١١ في (ج): "من" وفي (هـ): "منه"..
١١٢ في (هـ): "الأكل"..
١١٣ "إلا بدليل" هذا ساقط في (هـ)..
١١٤ في (هـ): "في"..
٩٧ قوله١ تعالى :﴿ جعل الله الكعبة البيت الحرام ﴾ :
الكعبة بيت مكة، وذكر الله تعالى الكعبة وهو يريدها وما والاها من الحرم لكنه خصها بالذكر تعظيما لها وتشريفا وإذا كانت هي٢ أصل التحريم و٣ موجبه.
وقوله تعالى :﴿ قياما للناس ﴾ أي أمرا يقوم للناس بالأمة٤ والمنافع. وقيل : أي موضع وجوب القيام بالمناسك والتعبدات، فضبط تعالى النفوس فيها وفي الشهر الحرام، ومع٥ الهدي والقلائد. وقوله تعالى٦ :﴿ والشهر الحرام ﴾ اسم جنس أي الأشهر الحرم وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وشهر مضر وهو رجب الأصم، وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم : " شهر الله " ٧ وكان كثير من العرب لا يراه. وقيل : إنما قيل : شهر الله لأنه تعالى سنه وشدده، لأنه٨ كان كثير من العرب لا يراه. وقوله تعالى :﴿ والهدي ﴾ : يريد أنه أمان لمن يسوقه لأنه يعلم أنه في عبادة لم٩ يأت لحرب. ﴿ والقلائد ﴾ كذلك كان الرجل إذا خرج يريد الحج تقلد من لحا الشجر١٠ شيئا، فكان ذلك١١ أمانا له، وكان الأمر في نفوسهم عظيما مكنه الله تعالى حتى كانوا لا يقدم من ليس بمحرم أن يتقلد شيئا خوفا من الله تعالى. وكذلك كانوا إذا انصرفوا تقلدوا من شجر١٢ الحرم. وقوله تعالى :﴿ للناس ﴾ : لفظ عام، وقال بعضهم : أراد العرب ولا معنى لهذا التخصيص. وقال سعيد بن جبير : جعل الله تعالى هذه الأمور للناس وهم لا يرجون جنة ولا نارا١٣ ثم شدد ذلك بالإسلام وقد تقدم الكلام على طرف من هذا المعنى.
١ في (ب): "وقوله"..
٢ "هي" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٣ "الواو" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٤ كلمة بياض في (د)..
٥ في (د): "وهو"..
٦ كلمة ساقطة في (أ) و(د)..
٧ الحديث أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الصيام، باب ٣٨، ص ٨٢١، وابن ماجه في سننه: كتاب المناسك، الباب ٧٦، ص ١٠١٥ – ١٠١٦..
٨ في (ب): "وإذ"..
٩ في (هـ): "ولم"..
١٠ في (هـ): "السمر"..
١١ في (هـ): "فكأنه" وفي (و): "ذلك"..
١٢ في (هـ): "بشيء من شجر"..
١٣ في (أ): "نارا"..
١٠١ قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ﴾ إلى قوله :﴿ عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ﴾ :
اختلف في سببها، فقيل : نزلت بسبب سؤال عبد الله بن حذافة السهمي، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر مغضبا، فقال : " لا تسألوني١ اليوم عن شيء إلا أخبرتكم "، فقام رجل، فقال : أين أنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " في النار " فقام عبد الله بن حذافة وكان يطعن في نسبه، فقال : من أبي ؟ فقال٢ : " أبوك حذافة " وفي بعض الأحاديث : فقام رجل، فقال : من أبي ؟ فقال : " أبوك سالم مولى شيبة " ٣، فقام عمر بن الخطاب، فجثا على ركبتيه وقال : رضينا بالله ربا وبالإسلام دبنا وبمحمد صلى الله عليه وسلم٤ نبيا، نعوذ بالله من الفتن. وبكى الناس من غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزلت الآية بسبب هذه الأجوبة. وقيل : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم٥ فقال٦ : " أيها الناس كتب عليكم الحج " وقرأ٧. ﴿ ولله على الناس حج البيت ﴾ الآية٨ [ آل عمران : ٩٧ ]، فقالوا : يا رسول الله، أفي كل عام ؟ فسكت، فأعادوا٩ وقال١٠ : " لا، ولو قلت : نعم لوجبت " ١١ وفي بعض الأحاديث أن الذي قال : أفي كل عام، عكاشة بن محصن. وفي بعضها محصن الأسدي١٢، وفي بعضها رجل من بني أسد. وقيل : نزلت بسبب قوم سألوا عن البحيرة والسائبة والوصيلة ونحو هذا من أحكام الجاهلية. وقيل : كانوا يسألون عن الشيء وهو حلال، ولا يزالوا يسألون١٣ حتى يحرم عليهم فإذا حرم عليهم١٤ وقعوا فيه. وروي عن سعد١٥ بن أبي وقاص أنه صلى الله عليه و سلم قال : " إن أعظم المسلمين على المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجله " ١٦. وقيل : نزلت بسبب قوم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مسائل امتحان، فقال أحدهم : من أبي ؟ وقال آخر : أين ناقتي ؟ فنهوا عن ذلك. وقيل : نزلت فيما سأله النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له، اجعل لنا الصفا ذهبا، فلم يفعل لهم ما أرادوا فكفروا١٧. وجملة الروايات ترجع إلى أنه صلى الله عليه وسلم ألحت عليه الأعراب والجهال بأنواع من السؤالات فزجر١٨ الله تعالى عن ذلك بهذه الآية.
وقوله تعالى :﴿ وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم ﴾ :
اختلف في تأويله، فقيل : المعنى لا تسألوا عن أشياء في الإخبار عنها مساءة. أم لأجل تكليف شرعي يلزمكم، وإلا لخبر يسؤكم كما قيل للذي قال أين أنا ؟ ولكن إذا نزل القرآن بشيء وابتدأكم١٩ ربكم فحينئذ٢٠ إن سألتم عن تفصيله وبيانه، بين لكم وأبدى، فالضمير في قوله : " عنها " عائد على نوع السؤالات لا٢١ على الأشياء التي نهي عن السؤال عنها، وهذا القول يرجع إلى أنه أباح لهم السؤال٢٢ عما نزل القرآن به، ونهاهم عن السؤال عما لم ينزل به القرآن. وقيل : يحتمل أن يكون هذا في معنى الوعيد، كأنه قال : لا تسألوا وإن سألتم لقيتم عيب ذلك وصعوبته، لأنكم تكلفون وتستعجلون علم٢٣ ما يسوءكم كالذي قيل له : أنت في النار.
وقوله تعالى :﴿ عفا الله عنها ﴾ ٢٤ :
معناه : ما لم يكن مذكورا٢٥ بحلال ولا حرام فهو معفو عنه فلا تبحثوا عنه٢٦ فلعله إن ظهر لكم حكمه ساءكم. وقد روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه أنه قال : الحلال ما أحله الله ولا حرام إلا ما حرمه الله وما سكت عنه فهو معفو عنه وما حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى وجه الكراهة والتنزيه٢٧. وقالت عائشة رضي الله عنها مثل ذلك. وقال القاضي إسماعيل. وقد قال الله تعالى :﴿ قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما ﴾ [ الأنعام : ١٤٥ ] الآية، ومحال أن يقول الله تعالى٢٨ ذلك فيقول النبي صلى الله عليه وسلم : أجد ولكنه صلى الله عليه وسلم يسر٢٩ للمصلحة، فنهى عن أكل السباع لأنها تقسي القلب وتغري على فعل٣٠ المحرمات، وكذلك نهى عن التوضؤ بالماء المشمس لما يحدث في البدن، والله تعالى٣١ أعلم. ولا يجوز مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ترك قبول قوله، ثم قال :﴿ قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين ﴾، فأخبر أن قوما من قبلنا قد سألوا آيات مثلها فلما أعطوها وفرقت عليهم كفروا بها، وذلك كسؤال قوم صالح الناقة، وسؤال أصحاب عيسى المائدة.
١ في (د): "لا تسألوا"..
٢ في (ب) و(ج) و(د): "فقال حق"..
٣ انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري: كتاب المواقيت الصلاة، باب١١، ص ٢١، وصحيح مسلم: كتاب الفضائل، باب ٣٧، ص ١٨٣٣ – ١٨٣٧..
٤ "صلى الله عليه و سلم" ساقطة في (هـ)..
٥ في (ب) و(ج): "الناس"..
٦ في (هـ): "وقال"..
٧ في (هـ): "فنزل"..
٨ في (هـ): "من الآية"..
٩ في (هـ): "فعادوا"..
١٠ في (ج) و(هـ): "فقال"..
١١ انظر سنن الدارمي: كتاب المناسك، باب٤، ص ٤٢٥..
١٢ في (ج): "محسن الأسدي" في (هـ): "الأسدي"..
١٣ كلمة ساقطة في (ج) و(د)..
١٤ "فإذا حرم عليهم" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
١٥ (في غير (أ) و(ب) و(هـ): "سعيد"..
١٦ الحديث أخرجه البخار ي في صحيحه: كتاب الاعتصام بالسنة، باب ٣، ص ٤٢، ومسلم في صحيحه: كتاب الفضائل، باب ٣٧، ص ١٨٣١..
١٧ في (د) و(هـ): "كفروا"..
١٨ في (هـ): "فزج"..
١٩ في (هـ): "واقتداكم"..
٢٠ في (أ) و(ب) و(ج) و(هـ): "فح"..
٢١ "اللام" ساقطة في (هـ)..
٢٢ كلمة ساقطة في (ب) و(د)..
٢٣ في (ب): "على"..
٢٤ "عنهما" ساقطة في (أ) وفي (ب): "عنها"..
٢٥ في (هـ): "مذكور"..
٢٦ في (ب): "عليه"..
٢٧ في (هـ) و(ج): "التنزه"..
٢٨ في (هـ): "الله تبارك وتعالى"..
٢٩ في (ب): "ليسر"..
٣٠ كلمة ساقطة في (هـ)..
٣١ كلمة ساقطة في (هـ)..
ت١٠١.
١٠٣ قوله تعالى :﴿ ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ﴾ الآية١ :
لما سأل قوم عن هذه الأمور التي كانت في الجاهلية هل تلحق بحكم الله تعالى في تعظيم الكعبة والحرم أخبر تعالى أنه لم يجعل شيئا من هؤلاء سنة لعباده، ولكن الكفار فعلوا ذلك كعمرو بن لحي٢ وغيره. ويقولون : إن٣ هذه قربة إلى الله وأمر يرضيه وأكثرهم لا يعقلون بل يتبعون هذه الأمور تقليدا وضلالا بغير حجة. والبحيرة فعيلة بمعنى مفعولة من بحر إذا شق وكانوا إذا نتجت الناقة عشرة٤ شقوا أذنها نصفين٥، وتركت ترعى وترد الماء، ولا ينتفع بها شيء ويحرم٦ لحمها إذا ماتت على النساء ويحل٧ للرجال. وقال ابن عباس : كانوا يفعلون ذلك إذا نتجت الناقة٨ خمسة أبطن٩. وقال بعضهم : خمسة أبطن١٠ آخرها١١ ذكر. وقال آخرون : إذا ولدت سبعا أو خمسا شقوا أذنها. وقيل١٢ : البحيرة بنت السائبة و١٣ كانوا يشقون أذنها ويخلون سبيلها١٤ ولا يركب ظهرها إلى سائر ما يفعل بأمها١٥ وقد١٦ يقال : الناقة الغزيرة اللبن : بحيرة. وأصلها مما تقدم لأنه١٧ إذا صنع بها ذلك استغزر لبنها، وعلى هذا يجيء قول ابن مقبل :
فيه من الأخرج١٨ المرباع قرقرة هدر الديافي١٩ وسط الهجمة البَحُرِ٢٠ ٢١
وروي عن أبي الأحوص عن أبيه، قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي : أرأيت إبلك الست٢٢ تنتجها مسلمة آذانها، فتأخذ الموسى فتقطع آذانها٢٣، فتقول : هذه بحر، وتقطع جلودها فتقول : هذه صرم٢٤ فتحرمها عليك وعلى أهلك٢٥ ؟ قال : نعم، قال : فإن ما٢٦ آتاك الله حل لك٢٧ وساعد٢٨ الله أشد وموسى الله أحد. والسائبة الناقة إذا تابعت بين عشر إناث ليس بينهن ذكر سبيت. وقيل أيضا. هي الناقة سيبت للآلهة. وقيل : السائبة أيضا عندهم التي ينذر الرجل إن برئ من مرضه أو٢٩ إن أصاب أمرا يطلبه أن يسيبها ولا ينتفع بلبنها ولا ظهرها ولا غير ذلك، يرون ذلك كعتق بني آدم. وقال صلى الله عليه وسلم لأكثم بن الجون الخزاعي : " يا أكثم رأيت عمرو بن يحيى بن قملة٣٠ بن جندب٣١ يجر قصبه في النار، فما رأيت أشبه به منك " قال أكثم أيضرني شبهه يا رسول الله ؟ قال : " لا، إنك مؤمن وإنه كافر، هو أول من غير دين إسماعيل ونصب الأوثان وسيب السوائب " ٣٢. وكانت العرب تعتقد أن من انتفع بهذه النوق بشيء أو أخذ منها شيئا لحقته عقوبة من الله، و٣٣ الوصيلة، الشاة إذا أقامت٣٤ عشر إناث متتابعات في خمسة أبطن ليس بينهن٣٥ ذكر جعلت وصيلة، وقالوا : قد وصلت فكان ما ولدت بعد ذلك للذكور منهم دون الإناث إلا أن يموت منها شيء، فيشتركون في أكله. وقيل : الوصيلة من الغنم التي ولدت ثلاثة بطون أو خمسة٣٦ فإن كان آخرها جديا وعناقا استحيوهما، وقالوا : هذه٣٧ العناق وصلت آخاها٣٨ فمنعته من الذبح. وأكثر الناس على أن٣٩ الوصلة لا تكون إلا في الغنم. وروي عن ابن المسيب أن الوصيلة من الإبل كانت الناقة إذا ابتكرت بأنثى ثم نشت بأخرى، قالوا : وصلت اثنتين فكانوا يجدعونها لطواغيتهم أو يذبحونها٤٠. والحامي : الفحل من الإبل إذا نتجت له عشر٤١ إناث متتابعات ليس بينهن ذكر من ظهره٤٢ لم يركب ولم يجز وبره وخلّي في الإبل لا ينتفع منه بغير٤٣ ذلك. وقيل : الحامي الفحل من الإبل إذا ضرب٤٤ في الإبل٤٥ عشر سنين. وقيل : إذا ركب ولد ولده قالوا : أحمى ظهره. قال الشاعر :
حول الوصائل في شريف حقه والحاميات ظهورها والسيّب٤٦
وجملة ما يظهر من هذه الآية٤٧ أنه تعالى جعل الأنعام٤٨ لعباده نعمة يتسعون فيها ورفقا يرتفقون به وينتفعون بما فيه من النفع. وكان الجاهليون٤٩ يحرجون على أنفسهم طرق الانتفاع ويزيلون المصلحة التي للعباد فيها، فنهى الله تعالى عن ذلك ونظير٥٠ هذا من أفعال٥١ أهل الإسلام التحبيس. وقد اختلف فيه هل يجوز أم لا ؟ فمنع منه٥٢ أبو حنيفة في المشهور عنه وأصحابه واستدلوا على ذلك بهذه الآية التي ذكرناها٥٣ لأنهم رأوا أنها تدل على تحريم قطع منافع الملك من غير نقل على مالكه، ومن أجل ذلك منع الشافعي تعطيل منافع الرهن على خلاف ما قاله أبو حنيفة، ومن أجله أيضا منع أبو حنيفة شراء الكافر المسلم في قول٥٤ ؛ لأن الشراء إذا لم يفد المقصود من الانتفاع بالشيء٥٥ المشتري كان تسييبا٥٦. وقد استدلوا أيضا على منع الحبس بقوله تعالى :﴿ وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون١٣٦ ﴾ [ الأنعام : ١٣٦ ]، وبقوله تعالى :﴿ وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهو فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم ١٣٩ ﴾ [ الأنعام : ١٣٩ ]، وبقوله تعالى :﴿ وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون١٣٨ ﴾ [ الأنعام : ١٣٨ ]، وقال في آخر القصة :﴿ أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ﴾ [ الأنعام : ١٤٤ ]. وذهب الجمهور إلى جواز الأحباس لما جاء في ذلك عن الصحابة رضي الله تعالى٥٧ عنهم ولم يروا في هذه الآية حجة لأنها إنما تقتضي التوبيخ على الذي٥٨ كانت الجاهلية٥٩ تحرمه على أنفسها من أنعامها تشرعا وتدينا٦٠ وافتراء على الله، واتّباع خطوات الشيطان فليس ذلك مما يحبسه الرجل على ولده مثلا٦١، وفي وجه من وجوه البر الذي يقترب بها إلى الله تعالى بسبيل. وامتنع المتأخرون من أصحاب أبي حنيفة من القول بإبطال الحبس. وقالوا : هو جائز ولكن لا يلزم إلا بأحد أمرين. إما أن يحكم به حاكم، أو يوصي به في مرضه أن يوقف بعد موته فيصح، فيكون٦٢ في الثلث كالوصية إلا أن يكون مسجدا أو سقاية، فإن وقف ذلك يصح ولا يحتاج إلى حكم حاكم. وهذا بعيد أيضا، لأن ما لا يجوز للرجل أن يفعله في حياته فلا يجوز أن يوصي به بعد وفاته، وما لا يحل لا يحله الحاكم، قال الله عز وجل :﴿ ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون ﴾ [ البقرة : ١٨٨ ]، وذكر ابن حزم أنهم اتفقوا على جواز إيقاف الأرض لبناء المسجد والمقبرة٦٣. واتفقوا للآية التي قدمنا أن من أعتق حيوانا غير بني آدم لا يجوز ولا يسقط به ملك٦٤. واختلف في تسييب الحيوان هل فيه أجر أم لا٦٥ ؟ وهل يزول به الملك أم لا ؟ واختلفوا فيمن قال لعبده : أنت حر سائبة٦٦، فمذهب ابن القاسم أنه حر إن أراد الحرية وولاؤه لجميع المسلمين وذلك مكروه٦٧ عنده. وقال أصبغ : ذلك جائز ولا كراهة٦٨ كالذي يعتق عبده عن٦٩ غيره فيكون الولاء للمعتق عنه ولا يكره ذلك له٧٠ وهو حر أراد٧١ الحرية أو٧٢ لم يردها. وقال ابن الماجشون : لا يجوز عتق السائبة فإن فعل فالولاء له إن عرف وإن جهل فولاؤه لجميع المسلمين، فقول ابن الماجشون مراعاة٧٣ للسائبة التي نهى الله تعالى٧٤ عنها في الآية.
١ كلمة الآية ساقطة في (هـ)..
٢ في (أ): "لعمر بن لحي" في (هـ): "كعمرو وبن لحي" في (د):"كعمر بن لحي"..
٣ "أن" ساقطة في (ج)..
٤ في (د): "بعشرة"..
٥ في (ج) و(هـ): "نصفين"..
٦ في (ب) و(د): "يخرج"..
٧ في (ب): "يحلل"..
٨ "الناقة" ساقطة في (هـ): وكتب "وكانوا" يفعلون ذلك بها أما في (ج) فقد ورد "كانوا يفعلون ذلك بها إذا نتجت الناقة"..
٩ في (ب) و(ج) و(د) و(هـ): "بطون"..
١٠ في (ب): "بطن" في (ج) و(د): "بطون"..
١١ في (ب) و(ج): "آخرهم" في (هـ): "آخر"..
١٢ في (هـ): "وقال"..
١٣ "الواو" ساقطة في (ج) و(هـ)..
١٤ في (ج) و(هـ): "مع أنها"..
١٥ في (هـ): "بأيها"..
١٦ "قد" ساقطة في (هـ)..
١٧ في (د) و(هـ): "لأنها"..
١٨ في (ب): "الأجرح". والأخرج هو الظليم ابن النعامة.
١٩ في (ج) و(د): "هذر الديان"..
٢٠ "الحجمة البحر"..
٢١ البسيط.
٢٢ في (هـ): "إلشة"..
٢٣ "فتأخذه الموسى فتقطع آذانها" ساقطة في (هـ)..
٢٤ في (ج): "حرم" في (هـ): "سرم"..
٢٥ أخرجه الإمام أحمد في مسنده، ج٣، ص ٤٧٣، وج ٤، ص ١٣٦..
٢٦ "ما" ساقطة في (ب) و(هـ)..
٢٧ في (ب): "لكل حل" في (ج): "لك حل"..
٢٨ في (هـ): "سامحك"..
٢٩ في (أ) و(هـ): "واو"..
٣٠ في (ب): "قميمة" في (د): "قمينة"..
٣١ في (ب) و(ج) و(هـ): "خندق"..
٣٢ انظر صحيح البخاري: كتاب المناقب، باب ٩، ص ١٦٠، وصحيح مسلم: كتاب الكسوف، باب٢، ص ٦٢٣، وكتاب اللجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب ١٣، ص ٢١٩٢، وسنن النسائي: كتاب صلاة الكسوف، باب١١، ص ١٣٢، ومسند الإمام أحمد، ج٢، ص ٢٩١، ج٣، ص ٢٥٣..
٣٣ في (هـ): "وقيل وصية"..
٣٤ في (ب): "أتمت" في (د): "أنتجت"..
٣٥ في (هـ): "فيهن"..
٣٦ في (هـ): "خمسة بطون"..
٣٧ في (هـ): "آخرها جديا وعناقا استحيوهما وقالوا هذه" هذا الكلام سقط في (ب) و(د)..
٣٨ في (هـ): "لضاها"..
٣٩ "أن" ساقطة في (د)..
٤٠ في (ب) و(ج): "أو يجدعونها" في (د): "ويجدعونها".
٤١ في (هـ): "عشرته"..
٤٢ في (ب) و(د): "ظهوره"..
٤٣ في (ج): "في غير"..
٤٤ في (ب): "ظهرت"..
٤٥ قوله: "لم يركب... في الإبل" ساقط في (ب) و(د)..
٤٦ اللكامل..
٤٧ في (ج): "الأشياء"..
٤٨ في (د) و(هـ): "لأشياء"..
٤٩ في (ب) و(د): "الجاهلية"..
٥٠ في (هـ): "ويظهر"..
٥١ في (ب): "أفعل"..
٥٢ كلمة ساقطة في (ب)..
٥٣ "التي ذكرناها" ساقطة في (هـ)..
٥٤ في (هـ): "أقوال".
٥٥ في (هـ): "الشيء"..
٥٦ في (ج) و(د) و(هـ): "تسييبا" ولعله الصواب..
٥٧ كلمة ساقطة في (هـ)..
٥٨ "الذي" ساقطة في (ب) و(ج) و(د) و(هـ)..
٥٩ كلمة ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٦٠ كلمة ساقطة في (هـ)..
٦١ كلمة ساقطة في (هـ)و(ب) و(ج)..
٦٢ ١ في (هـ): "ويكون"..
٦٣ في (ب) و(د): "القنطرة"..
٦٤ في (ب) و(ج): "ملكه"..
٦٥ "لا" ساقطة في (د)..
٦٦ كلمة ساقطة في (ج) و(د) و(هـ)..
٦٧ في (د): "مكرره يد فمول حجة الملك"..
٦٨ في (ج) و(د) و(هـ): "كراهية"..
٦٩ في (د): "من"..
٧٠ كلمة ساقطة في (د)..
٧١ في (د): "عن أراد"..
٧٢ في (ب) و(ج) و(د): "واو"..
٧٣ في (هـ): "مراعاة"..
٧٤ كلمة ساقطة في (هـ)..
قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ﴾ ١ :
اختلف في تأويل هذه الآية هل هي منسوخة أم لا ؟ فقيل : إنها تقتضي إصلاح المرء نفسه، وأنه ٢ لا يجب عليه إصلاح غيره بأمره بمعروف أو٣ نهيه عن منكر إلا أن هذا منسوخ بإيجاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال تعالى :﴿ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ﴾ [ آل عمران : ١٠٤ ]، وذهب قوم إلى أن الآية محكمة ورووا٤ أن أبا أمية الشعباني قال : سألت أبا ثعلبة الخشني عن هذه الآية فقال : لقد سألت عنها٥ خيرا سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ائتمروا٦ بالمعروف وانهوا عن المنكر فإذا رأيت دنيا مؤثرة وشحا مطاعا وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخويصة نفسك وذر عوامهم٧ فإن وراءك أياما٨ أجر العامل فيها كأجر الخمسين منكم " ٩، وكان أبو بكر١٠ الصديق رضي الله تعالى١١ عنه بلغه أن بعض الناس تأول الآية أنها لا يلزم معها أمر بمعروف ولا نهي عن منكر، فصعد المنبر فقال : " أيها الناس لا تغتروا١٢، يقول الله تعالى :﴿ عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل ﴾ ١٣ [ المائدة : ١٠٥ ]، فيقول أحدكم : علي بنفسي والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون١٤ عن المنكر١٥ وليستعملن١٦ عليكم شراركم فليسومونكم١٧ سوء العذاب ". وروي عن ابن مسعود أنه قال : ليس هذا بزمان هذه الآية قولوا١٨ الحق ما قبل منكم فإذا رد عليكم فعليكم أنفسكم١٩. وقيل لابن عمر في بعض أوقات الفتن : لو تركت القول في هذه الأيام فلم تأمر ولم تنه٢٠، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا : " ليبلغ الشاهد منكم الغائب " ٢١، ونحن شهداء فيلزمنا أن نبلغكم، وسيأتي زمان إذا قيل٢٢ فيه الحق لم يقبل٢٣. وحاصل هذا القول في الآية بأنها محكمة أنها إنما هي٢٤ في الوقت الذي لا يقبل فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وسيأتي الكلام على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في موضعه، ونذكر ما اختلف فيه من ذلك إن شاء الله تعالى.
وذهب قوم منهم سعيد بن جبير إلى أن معنى هذه٢٥ الآية :﴿ يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ﴾ : التزموا شرعكم بما فيه من جهاد أو أمر بمعروف أو غيره، ولا يضركم أهل الكتاب إذا اهتديتم. وذهب قوم منهم ابن زيد إلى أن المعنى :﴿ يا أيها الذين آمنوا ﴾ يريد أبناء أولئك الذين بحروا البحيرة وسيبوا السائبة٢٦ ﴿ عليكم أنفسكم ﴾ في الاستقامة على الدين لا يضركم ضلال الآباء٢٧ إذا اهتديتم. قال ابن زيد : وكان الرجل إذا أسلم قال له الكفار : سفهت آباءك٢٨ وضللتم٢٩ وفعلت وفعلت٣٠، فنزلت الآية. وذهب قوم إلى أنها نزلت بسبب ارتداد٣١ بعض المؤمنين وافتتانهم كابن أبي سرح٣٢ وغيره، فقيل للمؤمنين : لا يضركم ضلالهم. وذهب قوم إلى أن معناها لا يضركم من ضل إذا اهتديتم بعد٣٣ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقال سعيد : بن جبير : أراد بهذه الآية٣٤ أهل الكتاب الذين يقرون بالجزية على الكفر ولا يضرنا كفرهم، لأن أعطيناهم الذمة على أن نتركوهم٣٥ وما يعتقدون، ولا يسوغ لنا نقض عهدهم بإجبارهم على الإسلام فهذا٣٦ الذي لا يضرنا الإمساك عنه.
١ ﴿لا يضركم من ضل إذا اهتديتم﴾ ساقطة في (هـ)..
٢ "وأنه" ساقطة في (هـ)..
٣ في (هـ): "واو"..
٤ في (أ): "وأوا" في (ب) و"روي"..
٥ في (هـ): "قد سالت عنها" وكلمة"عنها" ساقطة في (ج)..
٦ في (د): "آمروا"..
٧ في (هـ): "عوراتهم"..
٨ في (ب) و(ج): "أيامك"..
٩ انظر سنن الترمذي: كتاب الفتن، باب٩، ص ٣١٦، وسنن أبي داود: كتاب الملاحم، باب "الأمر والنهي" ص ١٢١- ١٢٣..
١٠ في (أ):"أبا بكر"..
١١ كلمة ساقطة في (هـ)..
١٢ في (ج): "لا تعتدوا"..
١٣ ﴿لا يضركم من ضل﴾ ساقطة في غير (هـ)..
١٤ في (ب) و(ج) و(د): "لتنهين"..
١٥ الجار والمجرور ساقط في (أ)..
١٦ في (ب) و(ج): "ليستعلن"..
١٧ الكلمة بياض في (ب) في (د): "فليسومكم"، د في (هـ): "فليسومنكم"..
١٨ في (ب): "قوله"..
١٩ في (ج): "وروي عن ابن مسعود أنه قال ليس هذا بزمان هذه الأيام فلم تأمر ولم تنه"..
٢٠ قوله: "وقيل.... ولم تنه" ساقط في (ج)..
٢١ انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري: كتاب العلم، باب ٣٧، ص ١٩٧، وكتاب الحج، باب ١٣٢، ص ٥٧٣، وكتاب الأضاحي: باب ٥، ص ٧٣، وكتاب المغازي: باب ٥١، ص ٣٠، وكتاب الفتن: باب ٨، ص ٢٦، وانظر كذلك المسند للإمام أحمد، ج٤، ص ٣٢..
٢٢ كلمة بياض في (د)..
٢٣ في (أ): "لم يبلغ" في (ب) و(ج): "لم يقبل الحق" في (د): "لم يبلغ الحق"..
٢٤ "هي" ساقطة ف (ب) في (د) و(هـ): "إنما نهى" في (ج): "هي نهي"..
٢٥ اسم الإشارة ساقط في (د)..
٢٦ في (أ): "وسيبوا السائبة والسوائب"..
٢٧ كلمة بياض في (د)..
٢٨ في (هـ): "آباءك"..
٢٩ في (هـ): "وضللت"..
٣٠ "وفعلت" ساقطة في (ب) و(ج) و(د)..
٣١ في (ب): "أو ترده"..
٣٢ في أبي سرح..
٣٣ في (هـ): "قيل"..
٣٤ "بهذه الآية" ساقطة في (هـ)..
٣٥ في (ب) و(ج) و(د) و(هـ): "نخيلهم"..
٣٦ في (هـ): "فهو"..
١٠٦ قوله تعالى١ :﴿ يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت ﴾ إلى قوله :﴿ ذلك أدنى أن تأتوا بالشهادة على وجهها ﴾ ٢ :
وقد قال مكي : إن هذه الآيات٣ عند أهل المعاني أشكل ما في القرآن إعرابا وحكما ونحن نبين إن شاء الله تعالى٤ معناها وحكمها. فأما الإعراب٥، فالاشتغال به ليس مما نقصده وفيه٦ تعويل : فأول ما تقدم الكلام على سبب الآية٧ وسببها بلا خلاف أن٨ تميما٩ الداري وعدي بن برا١٠ كانا نصرانيين فسافرا إلى المدينة يريدان الشام لتجارتهما قال الواقدي : وهما اخوان، وقدم المدينة أيضا ابن أبي ماوية مولى عمرو بن العاص يريد الشام أيضا تاجرا، فخرجوا في رفقة واحدة، فمرض ابن أبي ماوية في الطريق. قال الواقدي : فكتب وصيته بيده١١ ودفنها في متاعه وأوصى إلى تميم وعدي ان يؤديا رحله فأتيا بعد مدة إلى المدينة برحله فدفعاه١٢ ووجدا١٣ أولياؤه من بني سهم وصية مكتوبة ففقدوا أشياء قد كتبها فسألوهما عنها، فقالا : ما ندري هذا الذي قبضناه له، فرفعوهما١٤ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية الأولى١٥، فاستحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد العصر فبقي الأمر مدة ثم عثر بمكة من متاعه على إناء عظيم من فضة مخوص بذهب، فقيل لمن وجده عنده : من أين لك هذا ؟ قالوا : ابتعناه من تميم وعدي، فارتفع١٦ الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية الأخرى، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين من أولياء الميت أن يحلفا. قال الواقدي : فحلف عبد الله ابن عمرو ابن العاص١٧ والمطلب ابن أبي وداعة١٨ واستحقا. وروى ابن عباس عن تميم أنه قال : برئ١٩ من هذه الآيات٢٠ غيري وغير عدي، وذكر الحكاية، لكن قال : وكان معه جام من فضة فأخذته أنا وعدي فبعناه بألف واقتسمنا ثمنه، فلما أسلمت بعد قدوم٢١ رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة تأثمت أهله٢٢ فأخبرتهم الخبر وأديت إليهم خمسمائة فوثبوا إلى عدي فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلف عمرو ابن العاص٢٣ ورجل آخر معه ونزعت من عدي خمسمائة. وفي بعض الأحاديث عن ابن عباس أن الرجل الموصي رجل٢٤ من المسلمين٢٥ من بني سهم لا مولى. وبعد القول في سببها فلنذكر٢٦ ما قيل في معناها. وقد اختلف في ذلك فقيل : معناها أن الله تعالى أخبر المؤمنين أن حكمه في الشهادة على المريض إذا حضره الموت أن يشهد على وصيته٢٧ عدلين، فإن كان في سفر فهو الضرب في الأرض ولم يكن معه مؤمن فليشهد شاهدين ممن حضر من الكفار، فإن قدما وأديا الشهادة على الوصية حلفا بعد الصلاة أنهما ما كذبا ولا بدلا٢٨، وأن ما شهد به حق ما كتما فيه شهادة الله، وحكم بشهادتهما فإن عثر بعد ذلك على أنهما كذبا أو خانا أو نحو هذا مما هو إثم٢٩ حلف رجلان من أولياء الموصي في السفر وغرم الشاهدان ما ظهر عليهما فمعنى بقوله تعالى :﴿ منكم ﴾ من المؤمنين وبقوله :﴿ من غيركم ﴾ من الكفار، وهذا أحد الأقوال في معنى الآية. والذين ذهبوا إليه اختلفوا٣٠ هل هو منسوخ أم محكم ؟ فذهب جمهور أهل العلم إلى أن هذا منسوخ وأنه لا تجوز اليوم شهادة كافر على مسلم. والذي نسخه عندهم قوله تعالى :﴿ وأشهدوا ذوي عدل منكم ﴾ [ الطلاق : ٢ ]، وقال تعالى :﴿ ممن ترضون من الشهداء ﴾ [ البقرة : ٢٧٢ ]، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم. وذهب جماعة إلى أن الآية على المعنى الذي ذكرناه محكمة، وأن شهادة الكافر على المسلم٣١ في الوصية جائزة كما جاء في الآية. وإليه ذهب ابن عباس وشريح وأبو موسى الأشعري وغيرهم٣٢. وقد قضى بذلك أبو موسى بالكوفة٣٣ على ما ذكر الشعبي عنه، وقيل : معنى الآية ما تقدم.
وقوله تعالى :﴿ منكم ﴾ ٣٤ يريد من عشيرتكم وقرابتكم، وقوله :﴿ أو آخران من غيركم ﴾ يريد من غير٣٥ القرابة والعشيرة، قالوا : فأمر الله تعالى بإشهاد عدلين من القرابة٣٦ إذ هم أحق٣٧ بحال الوصية وأدرى بصورة العدل فيها، فإن كان الأمر في سفر ولم يحضر٣٨ قرابة أشهدا أجنبيين٣٩، فإن شهدا فإذا٤٠ لم يقع ارتياب مضت الشهادة، وإن ارتيب بأنهما مالا بالوصية إلى أحد٤١ أو زادا أو نقصا حلفا بعد الصلاة٤٢ ومضت شهادتهما، فإن عثر على تبديل منهما٤٣ بعد ذلك واستحقا إثما حلف وليان من القرابة وبطلت شهادة الأولين. وفي هذين القولين أيضا من الشذوذ حلف الشاهدين مع شهادتهما. وقد اختلف أيضا في هذا٤٤ هل هو محكم أم منسوخ ؟ فذهب الحسن بن أبي الحسن وعكرمة والزهري إلى أنه محكم.
واختلف في الصلاة المذكورة ما هي ؟ فقال شريح : هي صلاة العصر. وقال الحسن : صلاة الظهر وذهب جماعة إلى أنه منسوخ وأن الشاهد لا يحلف، ويذكر هذا٤٥ عن/ مالك والشافعي وكافة الفقهاء. وقال ابن عباس : المراد بالصلاة صلاة أهل دينهما٤٦ وهذا٤٧ على القول بأن الشاهدين غير مسلمين. واختلف في٤٨ المذهب في الشاهد٤٩ يشهد٥٠ و٥١ يحلف على صدق٥٢ شهادته هل٥٣ شهادته أم لا ؟ على قولين : وقيل : إنما ألزم الشاهدان٥٤ اليمين لأنهما ادعيا أن الميت أوصاهما٥٥ بوصية. وذكر الطبري رحمه الله تعالى٥٦ أن هذا التحالف الذي في الآية إنما هو بحسب التداعي وذلك٥٧ أن الشاهدين الأولين إنما يحلفان إذا٥٨ ارتيبا، وإذا ارتيبا فقد ترتبت عليهما دعوى٥٩ فليلزمهما اليمين، لكن هذا الارتياب إنما يكون في خيانة منهما فإن عثر على أنهما استحقا إثما نظر فإن كان الأمر بينا غرما دون يمين، وإن كان بشهادة واحد أو بدلائل تقتضي خيانتهما أو ما أشبه ذلك٦٠ مما هو كالشاهد حمل٦١ على الظالم، وحلف الداعيان مع ما قام لهما من شاهد أو دليل. وهذا الذي قاله الطبري تأويل للآية يخرجان عن٦٢ أن يحلف الشاهد مع شهادته، وتكون الآية معه محكمة، فالشهادة٦٣......
١ "قوله تعالى" ساقطة في (ب)..
٢ "على وجهها" ساقطة في (هـ)..
٣ في (هـ): "إن هذه الآية مكررة"..
٤ كلمة ساقطة في (هـ)..
٥ في (هـ): "أعرابها"..
٦ في غير (أ) و(ب) و(هـ): "ففيه"..
٧ في (هـ): "سبب نزولها"..
٨ في (ج): "على أن"..
٩ في (ب): "تميمي"..
١٠ في (ج): "عدي بن يد"، في (د): "عدي بن يزيد"..
١١ في (أ): "وصية" في (ب) و(ج) و(د): "وصية بهذه".
١٢ في غير (ج) و(هـ): "فدفعاها"..
١٣ في (ج): "ووجدوا"..
١٤ في (ب): "فدفعوهما"..
١٥ كلمة ساقطة في غير (ب) و(د)..
١٦ في (هـ): "فارتفع"..
١٧ عبد الله ابن عمروا بن العاص: انظر الملحق..
١٨ المطلب بن أبي وداعة: انظر الملحق..
١٩ في (أ): "يرى"..
٢٠ في ن: "الآية"..
٢١ في (هـ): "مقدم"..
٢٢ كلمة ساقطة في (هـ)..
٢٣ في (هـ): "العاص"..
٢٤ كلمة ساقطة في (هـ)..
٢٥ في (هـ): (المؤمنين"..
٢٦ في (ب) و(ج): "لنذكر"..
٢٧ في (ب) و(ج):"وصية"..
٢٨ في (هـ): "وما بدلا"..
٢٩ في (ب) و(د): "ثم"..
٣٠ في (هـ): "اختلفوا اختلفوا إليه".
٣١ في (هـ): "على المؤمن"..
٣٢ في (أ) و(هـ): "وغيرهما"..
٣٣ في (هـ): "في الكوفة"..
٣٤ كلمة بياض في (ب)..
٣٥ "يريد من غير" ساقطة في (هـ)..
٣٦ في (ب) و(د): "القرابة منهم"..
٣٧ في (ب): "أحق"..
٣٨ في (هـ): "لم يحضروا"..
٣٩ في (ب) و(د): "أجنبي"..
٤٠ في (ج) و(د) و(هـ): "فإن"..
٤١ كلمة بياض في (د)..
٤٢ في (هـ): "الشهادة"..
٤٣ كلمة ساقطة في (هـ)..
٤٤ في (هـ): "في هذا أيضا"..
٤٥ "لا يحلف ويذكر هذا أيضا"..
٤٦ في (ب): "دينها"..
٤٧ "دينهما وهذا" مقدرة في (ج)..
٤٨ "في" ساقطة في غير (ج) و(د) و(هـ)..
٤٩ كلمة ساقطة في (هـ)..
٥٠ كلمة ساقطة في (أ) و(ب) و(د) و(هـ)..
٥١ الواو ساقطة في (هـ)..
٥٢ في (أ) و(ب) و(د) و(هـ): "صحة"..
٥٣ كلمة ساقطة في (هـ)..
٥٤ في (أ): "الشاهد"..
٥٥ في (أ) و(ب) و(ج) و(د) و(هـ): "أوصى لهما"..
٥٦ كلمة ساقطة في (هـ)..
٥٧ في (د): "وقيل"..
٥٨ في (أ) و(هـ): "أن"..
٥٩ في (هـ): "دعوة"..
٦٠ "أو ما أشبه ذلك" تقدير في (ج)..
٦١ في (ج) و(ب): "يمل"..
٦٢ في (أ) و(هـ): "على"..
٦٣ كلمة ساقطة في (هـ).
.

Icon